لماذا صنعت الدول الكبرى أبشع المجاعات التي أهلكت الملايين؟

لماذا صنعت الدول الكبرى أبشع المجاعات التي أهلكت الملايين؟

 

Telegram

نحن الآن في العام 1870، عام الحصار والجوع في العاصمة الفرنسية باريس. لقد فرضت القوات الألمانية حصارًا رهيبًا على المدينة، وقطعت خطوط السكك الحديدية، مانعة وصول المؤن وشحنات الطعام والإمدادات، لدرجة أن الباريسيين أكلوا لحوم القطط والكلاب والجرذان بسبب الجوع. وفي الوقت الذي خلف فيه قصف المدينة زهاء 400 قتيل، فتكت المجاعة بأرواح 42 ألف باريسي في غضون عدة أشهر.
 
لم تكن مجاعة باريس الناجمة عن حصار "العام الرهيب" بحسب وصف الأديب الفرنسي الشهير فيكتور هوغو، سوى نقطة البداية لسلسلة من المجاعات الجماعية حول العالم أهلكت على مدار قرن ونصف قرن تقريبا أكثر من 140 مليون إنسان، بحسب مؤسسة السلام العالمي، وهي حصيلة كارثية ناجمة عن مزيج بين الإخفاقات النظامية والصراعات والحروب والممارسات السياسية السيئة.
بشكل أكثر تفصيلا، وخلال الفترة من عام 1870 إلى منتصف القرن 20، شهد العالم قرابة 5 نوبات مجاعة جديدة كل عقد، بمعدل نوبة واحدة كل عامين. وانخفض هذا المعدل بعد عام 1950، ليصل إلى حوالي 4 أزمات جديدة كل عقد.
وحتى في السنوات الأخيرة، ورغم التقدم المحرز في مجالات الزراعة، والمساعدات العالمية، والإنذار المبكر والاستجابة، لا تزال المجاعات تتكرر، وربما تزداد تواترًا. الفارق أنه منذ السبعينيات انخفض معدل الوفيات بسبب المجاعة عالميا، حيث سُجِّلت قرابة 9 ملايين حالة وفاة حتى عام 2022، رقم لا يزال هائلا في عالم لا يبدو أن قطاعا واسعا من سكانه يعاني قلقا كبيرا بشأن وفرة الطعام.
 
تقودنا هذه الملاحظة إلى التساؤل: لماذا تحدث المجاعات أصلا؟ وعلى من تقع مسؤولية وقوع المجاعة؟ لقرون طويلة جرى تصوير المجاعات باعتبارها نتاجا لظواهر الطبيعة القاسية التي تتحدى إرادة الإنسان، مثل البراكين والزلازل والفيضانات، لكن التاريخ وعلوم الاجتماع والسياسة ربما لديهم رأي آخر، فالمجاعة التي أهلكت الباريسيين واضطرتهم لأكل لحوم حيواناتهم الأليفة، لم تكن نتيجة كارثة طبيعية، بل تسبب فيها الحصار، والدافع كان كسر مقاومتهم وإجبارهم على فتح أبواب مدينتهم للألمان.
إننا أمام تحول كبير يسقط أحيانا من دفاتر التاريخ، لم تعد فيه الطبيعة مسؤولة وحدها عن المجاعات، التي تحولت إلى "علم" و"نظم" من السياسات والإجراءات تمارسها الأنظمة الكبرى الاستعمارية بوعي ضد أعدائها. لم يكن حصار باريس ورقة عابرة في تاريخ الحروب، بل بداية سجل جديد لنمط مخيف من الإبادات، تسلط فيها قساوة البيئة بتعمدٍ وتخطيط على أجساد البشر بغرض إفنائهم.
 
الحقيقة المفزعة هي أن الكثير من المجاعات التي تراها وتسمع عنها ويعاني على إثرها ملايين البشر، تكمن خلفها هندسة بيولوجية، تقودها دول وقوى "إبادية" تريد أن ترث أراضي خالية من سكانها.
الكثير من المجاعات التي تراها وتسمع عنها ويعاني على إثرها ملايين البشر، تكمن خلفها هندسة بيولوجية
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram