أن تتمنى رئيسًا للجمهورية كأن تحلم بأن تختار الأصل الذي تأتي منه، والدًا مسؤولًا، حنونًا، كريمًا يمنحك الأمن والسلام.. ورئيس الجمهورية في أفكاري هو والد للوطن بأكمله، الأمن والأمان...
لم أترعرع في كنف عائلة مخضرمة بالسياسة ولم أبلغ من الكبر عتيّا في عالم الإعلام والصحافة ولكن -وقد تغلبني عاطفتي- مذ كنت مراهقة اخترت سليمان بك فرنجية رئيسًا للجمهورية ولطالما صلّيت كي يسطع نجمه في القصر الرئاسي...
لم تنظر عينيّ يومًا إلى شخص رئيس تيار المردة والرجل اللبناني الأول نظرة مواطن إلى سياسيّ بل ارتبطت دومًا بنظرة ضائع في متاهات الزمن إلى قائد وقدوة تشعر بكلامه قبل أن يخاطبك وتنصت لخفايا حروفه دون أن تسمعه وتلجأ له دون أن يعلم أصلًا بوجودك!
هو رجل المبادئ الذي يلوّن الكون بالأبيض والأسود.. الحق والباطل.. الخير والشرّ فلا وجود للرماديّة أو الضبابية في وجوده.. فتختفي ألوان الخريف والربيع والصيف المرتدية زيّ الفصول، كلّ وفق مصلحته... هنا للحقيقة لون واحد، بيضاء وسامية كأنها مرسلة من السماء بين يدي ملاك قدّيس...
هو الحاضن يوم الكرب، وإن قسي الدهر وإن اشتدّت حلكة الليالي ، بشفافية.. لا أستطيع أن أحصي عدد الليالي التي أمضيتها خلال العدوان وأنا أفكّر في عبثية هذا الوجود، تغتالني صور الشهداء والرحى ويؤرق ليلي أصاوات غارات وذكرى حرب واحتلال حفرت في أنواتي وبصيص أمل في رجل في القسم الآخر من لبنان، أشبه بزورفان، ضجّ الكون بيده الطيبة، وهزّ الكون بصدى صوته وارتسمت آلاف الإبتسامات على وجود المحتمين به.
هو الموقف الذي لا تثنيه مصلحة، ولا تشوب دروبه شائبة، تسير بمأمن وأنت ممسك يده، مرافقًا إياه في حرب الأيام وظلم السياسة والتاريخ والوجدان .. يبقى وإن رحل الجميع، يتلقّى سهمًا بصدره فلا يرى مكروهًا يحلّ بك.. إن سار أمامك كان خير دليل وإن سار إلى جانبك كان خير صديق وإن سار خلفك كان الأمن والحمى وإن تلقّى صخور سيزيف... وهو وإن تلقّى ألف طعنة سيساندك حتى الوصول إلى اليقين المحتمل بهدوء ذاتك في أهوال وطن ممزّق!
حرّ الضمير، تحيا به أسمى أسباب الوجود، كمن أضحى عمرًا يدرس في المختبرات تلك الكينونة للعظمة السابحة في هيبة لامتناهية موشّحة برقّة الأطفال وعظمة الرجال وهدوء الرسل ولسان موسى وسحر يوسف يرمي بظلاله على المحيطين به فيرفع ظلمًا هنا ويلبّي نداء ملهوف هناك ويرسم حاضرًا ومستقبلًا آمنًا لتلك الطفلة وذاك الشاب..
لربّما لن يستجيب الله لصلاتي بأن أبصر بك رئيسًا لكلّ لبنان، بل ولعلّ الواقع يفرض بأن يرفض الوجود بأسره أن يكون الرئيس شامخًا مثلك!
ولكنّي، وأمتلك اليقين بأنّه لن يكون هناك رئيسًا سواك! يقين شبيه بيقيني بأنّي لن ألقاك يومًا بل وأكثر عمقًا!
أنت الرئيس في نظرات الناس إلى عليائك، أنت الرئيس في طموحنا للقصر، في تهافت القلوب عليك حين لقياك، في البهة التي رأيتها في كل خطوة وطأتها فكأنها مرّة منفردة، أنت الرئيس في أملنا بلبنان..
وأوّلًا وآخرًا! أنت الرئيس في عينيّ ولا رئيس لي سواك!
زينب شومان
نسخ الرابط :