بعلبك - الهرمل: معركة المقعد الماروني والقوات مُهدّدة بـ«لا حاصل»

بعلبك - الهرمل: معركة المقعد الماروني والقوات مُهدّدة بـ«لا حاصل»

 

Telegram

 

تكاد المعركة في البقاع الشمالي تنحصر على المقعد الماروني. «يكافح» حزب القوات للاحتفاظ بالمقعد الذي اقتنصه في 2018 بأصوات تيار المستقبل والنائب السابق يحيى شمص، فيما يحاول ثنائي أمل حزب الله رفع الحاصل الانتخابي للفوز بلائحة «مسكّرة» يستعيد فيها، إلى المقعد الماروني لحلفائه، المقعد السني العرسالي أيضاً

ضرب تعليق سعد الحريري عمله السياسي حلفاءه في الصميم. المستقبليون المتمردون على رئيسهم قلة، وغالبيتهم بلا حيثيّة شعبية تتيح لهم أن يكونوا أحصنة رابحة. هذا تحديداً ما يحصل في بعلبك - الهرمل. هنا الغلبة للصوت الشيعي إذ يشارك منه في الانتخابات نحو 75% عادةً، أي 170 ألف ناخبٍ من أصل 341 ألفاً ينتخب منهم نحو 205 آلاف ناخبٍ.

مبكراً حسم ثنائي حزب الله وحركة أمل أمورهما. المرشحون الشيعة الستة صاروا في الجيب تقريباً. ابتعاد «التيار الأزرق» عن المعركة فتح الباب أمام «الثنائي» لجوجلة أسماء المرشحين السنّة واختيار الأفضل عددياً. هكذا اختير على لائحة الثنائي مرشحان سنيان من أكبر العائلات تمثيلاً في بعلبك (صلح) وعرسال (الحجيري). وعليه، ثمة فرصة أمام الثنائي لاستعادة المقعد السني الذي خسره في انتخابات 2018 لمصلحة مرشح المستقبل العرسالي بكر الحجيري.

بكر الحجيري التزم بقرار «الشيخ سعد» وانكفأ عن المشهد. فيما بحثت القوات طويلاً بين المرشحين السنة عمن يملك حاصلاً مؤكّداً. استنجدت بـ «السادات تاور». ولأن الرئيس فؤاد السنيورة لا يرفض لسمير جعجع طلباً، عمل «بيديه ورجليه» لسحب المرشحين السنة «العراسلة» لصالح زيدان الحجيري. استقبلهم تباعاً في بيروت وأقنعهم بالانسحاب باستثناء سميح عز الدين الذي أصر على الترشح قبل أن ينسحب قبيل ساعات قليلة من إقفال اللوائح. لعبة السنيورة واضحة: تثبيت زيدان الحجيري على لائحة القوات يوجّه «ضربة» للثنائي الشيعي بعدم تجيير آل الحجيري أصواتهم لمرشح «الحزب» ملحم الحجيري بل تقسيمها بينه وبين زيدان.
 

قبل البحث عن المرشحين السنة، بدأت القوات من الشيعة. محاولتها الأولى كانت مع النائب السابق يحيى شمص الذي ترشّح معها (أو ترشحت على لائحته) عام 2018 ونال أكثر من 6500 صوت تفضيلي. كان شمص حاجةً لجعجع كونه يملك قاعدةً شعبية تؤمّن «نصف حاصل» يرفع من حظوظ لائحته.


تتعدّد الروايات حول عدم قبول شمص الترشّح. البعض يشيع أن حزب الله تمكّن من إقناعه بالعدول عن الترشح مع «القوات»، وتُوّج ذلك باستقبال لافت له من قبل الأمين العام السيد حسن نصرالله. لا ينفي شمص هذا اللقاء الذي حصل منذ حوالي الشهر، وإن كان يضعه في إطار التحدّث عن ملفات داخلية وإنمائية تخص منطقة بعلبك - الهرمل، مؤكداً أن الأمر غير مرتبط بالانتخابات لا من قريب ولا من بعيد. ويضيف: «اتخذت قراري منذ 8 أشهر بعدم الترشح لأنني لن أتمكّن من فعل أي شيء لمنطقتي في ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة»، موضحاً أن «تحالفي في 2018 كان مع الحريري وليس مع سمير جعجع، والأخير لم يطرح معي موضوع الانتخابات هذا العام».


خسرت «القوات» أصوات شمص، فانتقلت سريعاً للبحث عن شخصيّة تملك رصيداً، ولو قليلاً، في دائرة البقاع الثالثة تقيها خسارة المقعد الماروني الذي يحتله النائب أنطوان حبشي. مسح «حزب جعجع» الغبار عن المعارضين للثنائي الشيعي. وبعد مفاوضات مع أكثر من شخصيّة، وقع الاختيار على الشيخ عباس الجوهري. كان التوجّه بأن يكون مع الجوهري أيضاً علي صبري حمادة. ولكن حصل خلاف على من سيرأس اللائحة، الجوهري أو حمادة، إضافة إلى رفض «البيك» زيارة جعجع مكتفياً بزيارةٍ للسنيورة في حضور الوزير السابق جمال الجراح والمرشح حبشي. لم تستمر المفاوضات طويلاً بعدما رفض حمادة الانضمام إلى اللائحة ما لم يكن رئيسها. فيما جنحت القوات باتجاه الجوهري بسبب حساباتها الخاصة بأنه سيكون أفضل من «ابن البيك».
 

تؤكد مصادر عدة أن عدداً لا بأس به من المرشحين الشيعة رفضوا الاتفاق مع «القوات» بسبب قلة «إغراءاتها» المادية أمام ما يُحكى عن إنفاق المال السعودي بغزارة في دوائر أُخرى، مشيرين إلى أن جعجع لم يُقدّم أكثر من 800 ألف دولار للائحة الكاملة ما اعتبر بعض المرشحين أنه «مش كافي».


يرفض الجوهري «هذه الاتهامات»، ويؤكّد لـ«الأخبار» أنه يعمل على تشكيل لائحته بنفسه من دون أي تدخّل من القوات أو من السنيورة، ولو أن الأخير اتصل به أمس لـ«شكره» على جهوده في سحب سميح عز الدين بهدف توحيد الصف السني - العرسالي. ويقول: «عملت مع العائلات والعشائر لاختيار المرشحين الشيعة مع الأخذ في الاعتبار الصوت السني الوازن والصوت المسيحي الوازن. ولأن القوات تملك أكبر قاعدة جماهيرية مسيحية في البقاع الشمالي، اخترتُ أن يكون حبشي مرشحاً على المقعد الماروني على لائحتي، كما طلبتُ من القوات أن تُسمي أيضاً المرشح عن مقعد الروم الكاثوليك».


وعن الإنفاق المالي في ظل ما يُحكى عن توزيعه رشاوى انتخابية تصل إلى مليون ليرة شهرياً على بعض العائلات المحتاجة، يشدّد رئيس «لائحة بناء الدولة» على أن «المعنيين يعلمون باسم المتبرّع لحملتي الانتخابيّة. في حين أن المساعدات الرمضانية تُقدم من قبل أحد رجال الأعمال منذ أكثر من 10 سنوات وهي لا تدخل في إطار الإنفاق الانتخابي». ويؤكّد أنه لم يتلقَ أي دعم مالي من جعجع، «علماً أنه من الطبيعي أن يدفع حبشي لوازم الحملة الانتخابية»، معتبراً أنّ «ما يقدّمه حزب الله من رشاوى انتخابية تتعدى مبلغ مليوني دولار شهرياً». ويؤكد أنّ لائحته «مقلعة بثلاثة نواب، لأن الناس موجوعة وتريد أن تبحث عن الأمان فيما النواب الحاليون لم يتمكّنوا من تحسين الوضع الإنمائي في أكثر المناطق حاجةً». بالتالي، يراهن الجوهري على ترك الناخبين للثنائي الشيعي و«الركض» نحوه.


حشد مسيحي

ما يقوله الجوهري يكاد يكون مزحةً إذا ما وصل إلى آذان الثنائي الشيعي الذي يعتبر أنه ربما يكون قادراً على إيصال لائحة «الأمل والوفاء» بمرشحيها العشرة إلى مجلس النواب. 9 من 10 يكادوا أن يكونوا محسومين. المعركة الوحيدة هي على المقعد الماروني بين حبشي ومرشح التيار الوطني الحر عقيد حدشيتي. التكتيكات الانتخابية واضحة بين الفريقين وتتمحور حول نسبة الاقتراع التي يُحاول تحالف الجوهري - القوات خفضها بالإيحاء للناخبين بأن المعركة محسومة لصالح الثنائي الشيعي، فيما يعمل «الحزب» و«الحركة» على الحشد لرفع الحاصل الانتخابي. وفي حال نجحت خطّة الثنائي برفع الحاصل إلى 20 ألفاً كما في عام 2018، فهذا يعني عدم تمكّن لائحة جعجع من الحصول على حاصلٍ واحد. كلّ ذلك يستند إلى أرقام 2018 حينما فاز حبشي بحوالي 15 ألف صوت بفعل تحالف حزبه مع تيار المستقبل وشمص. أما اليوم، فإن «القوات» ترمي بثقلها لرفع نسبة إقبال المسيحيين على صناديق الاقتراع بعدما خسرت الثقل السني. هذا ما يبدو واضحاً من إعلامها. موقع القوات اللبنانية، مثلاً، خصّص مقالةً كاملة منذ أيام للحديث عن «مناضل قوي شجاع، لا يهاب، لا يتردد، لا يرضخ للتهديدات، مناضل في القوات اللبنانية من تلك المنطقة البقاعية المقاومة، دير الأحمر، واسمه أنطوان حبشي»، مشيرةً إلى أنّها «معركة مشاركة في الوجود هناك. ليس أقل من ذلك على الإطلاق». واعتبرت أنّ «حزب الله يرفض أن يبقى المقعد الماروني في المنطقة، للقوات اللبنانية ولأي قوى سيادية مشابهة، فأطلق إنذاره الأول، وبدأ يطبّق التهديد على الأرض».

 

بنظر «حزب جعجع»، فإنّ التيار الوطني الحر والحزب السوري القومي الاجتماعي لا يملكان قاعدة جماهيرية في المنطقة تصل إلى الرقم الذي يملكه، ما سيقود «الحزب» إلى تجيير الأصوات الشيعيّة لصالح مرشحي حليفيه على المقعدين الماروني الكاثوليكي. وهذا يعني أنه «في حال فاز حدشيتي والكاثوليكي سامر التوم، فإن ذلك يكون بالصوت الشيعي وليس المسيحي»، على حد تعبيرهم. أما المعركة المسيحية بامتياز فستكون في القاع حيث يتنافس مرشحان منها على المقعد الكاثوليكي، أي التوم وإيلي البيطار المدعوم من القوات. في حين يشير كثيرون إلى أن «حزب جعجع» لن يتمكّن من تجيير أصواته لصالح مرشحين اثنين على اعتبار أن أولويته هي الحفاظ على مقعد حبشي، ما يرفع حظوظ التوم على حساب البيطار.


في المقابل، ثمة من يشير إلى أن كثرة أعداد اللوائح التي وصلت إلى 6 هدفها أيضاً رفع الحاصل. يعتقد هؤلاء أنّ «همس الحزب» للبعض أفضى إلى كثرة المرشحين. فيما يشير آخرون إلى أن هذه الطفرة تعني امتعاض الناخبين من الأداء النيابي للثنائي الشيعي. لذلك، خرج كثيرون من «عباءة الحزب» وأعلنوا ترشحهم ضده، وهذا ما دفع الثنائي الشيعي إلى الضغط على بعض العائلات والعشائر لسحب مرشحين من اللوائح.

من جهة أخرى، فشلت قوى التغيير في تشكيل لائحة موحدة تمكنها من تأمين ولو حاصل واحد. يعزو المنسحبون الأمر إلى «التعاطي باستخفاف مع هذا الاستحقاق والشخصانية التي تطبع أداء معظم المجموعات، ناهيك عن الخلافات في الدوائر الأخرى بين المجموعات والتي انسحبت على فض التحالف في بعلبك - الهرمل». «مواطنون ومواطنات في دولة» رفضت الانضمام للائتلاف، فيما كان الحزب الشيوعي اللبناني أوّل المنسحبين بعدما اعترض على التصويت ضد ترشيح ريما كرنبي، ثم تبعته «لحقي» و«منظمة العمل الشيوعي» و«المرصد» و«لقاء الهرمل المطلبي»..


في المحصلة، فإن اللاعب الأقوى في دائرة البقاع الثالثة سيكون لائحة «الأمل والوفاء» التي تضم: علي المقداد، غازي زعيتر، حسين الحاج حسن، إبراهيم الموسوي، جميل السيد وإيهاب حمادة عن المقاعد الشيعية الستة، عقيد حدشيتي عن المقعد الماروني، سامر التوم عن مقعد الروم الكاثوليك، ينال صلح وملحم الحجيري عن المقعدين السنيين.


وتتنافس لائحة الثنائي الشيعي متحالفةً مع التيار الوطني الحر والحزب السوري القومي الاجتماعي مع لائحة «بناء الدولة» المدعومة من القوات والتي تضم: رشيد عيسى، هيمن مشيك، رامز قهمز، حسين رعد، رفعت المصري وعباس الجوهري عن المقاعد الشيعية، أنطوان حبشي عن المقعد الماروني، إيلي بيطار عن مقعد الروم الكاثوليك، صالح الشل وزيدان الحجيري عن المقعدين السنيين.


«القومي» يخسر البقاع الشمالي


لم تكن ولادة لائحة «الأمل والوفاء» سهلة. عانى الثنائي كثيراً خلال المفاوضات. طبعاً، كان يتمنى إدخال التغييرات على أسماء مرشحيه - نوابه الحاليين إلا أنه لم يكن يريد الدخول في «كباش» مع العائلات والعشائر. بالتالي، كان إبقاء القديم على قدمه «أريَح راس» بالنسبة له، ولو أنه على يقين أن ترشيحهم من جديد سيسبّب له الإحراج لأن غالبيتهم موضع انتقاد.


وما عاناه بالنسبة لمرشحيه، عاناه أيضاً خلال المفاوضات مع حلفائه، بعدما أصر رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل على ترشيح عوني على المقعد الكاثوليكي وسحبه من يد الحزب السوري القومي الاجتماعي لعلمه أن المقعد الماروني «بخطر». في البداية، رفض الثنائي طلب باسيل قبل أن يربط الأخير الترشيح عن المقعد الكاثوليكي بالمقعد الشيعي في دائرة جبيل - كسروان، مما حتّم سحب المرشح القومي. ويُحكى أن الطرفين كانا موافقين على ترشيح كاهن رعية القاع الأب اليان نصرالله الذي يملك حيثية شعبية في المنطقة، إلا أن الحملة ضدّه من قبل بعض القوى السياسية دفع الكنيسة الكاثوليكية إلى التمني عليه بالانسحاب.
حاول «الحزب» إرضاء «القومي» بمرشّح عن المقعد الماروني. ولكن ظهرت عقدة أُخرى بكون المرشّح من آل جعجع مما قد ينتج منه تكتل قواتي ضده. و«بالمونة» انسحب جعجع، ولم يتبق أمام «القوميين» إلا بقبول ترشيح عميد حدشيتي مع علمهم أنه ينتسب إلى «التيار»، شرط أن يكون ضمن تكتلهم في حال فاز بالانتخابات.

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram