الكلمات عند سعاده واضحة المدلول و المعنى لا تقبل التأويل و لا الجدل في مراميها ان من الناحية العلمية بصفته عالم اجتماع او من غير نواحي كالسياسة و الادب و الفن على عكس الساسة المحليّين او الدوليين الذين يستعملون المفردات دون مدلول واضح , اما جهلا او بقصد التعمية و الخداع كاستعمالهم لمقولات المجتمع الدولي , حقوق الانسان , الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني... كلها ذات معان غير محددة و قابلة للجدل الى حد انها فارغة المضمون تستعمل للتعمية . اما استعمال كلمة الوطن و كلمة الامة على لسان معظم الساسة في بلادنا تدل على جهل بمعانيها و عدم وضوح بمقاصدها مثل ذلك ان تسمع في نفس الخطاب: الامة العربية و الامة الاسلامية .
القومية العربية وهم.
المنادون بالقومية العربية يعتمدون بذلك على اللسان العربي اي عربي من ينطق باللغة العربية و هم يعتبرون الاكراد و السريان و الاشوريين و ... قوميات. و لنأخذ الموضوع دون الدخول بالتعقيدات العلميّة او الفلسفيّة ان "أرتين" الذي هجره "الخليفة" الى الشام انجب "هاغوب" الذي عاشر "عربا" و دخل الى مدرسة بالشام و تعلّم العربية بطلاقة و ربما اسلم ايضا , هل "هاغوب" هذا اصبحت جذوره من الزبير او حمير او ابي لهب ام هاغوب ابن أرتين ؟
حين وصل العرب الى سورية من حوالي 1400 سنة و هو وقت قصير نسبيا بعمر الحضارة السورية, كانت مأهولة بالسكان الآرميين و الكلدان و الاشوريين و الكنعانيين و غيرهم و كانت ضمن الامبراطورية البيزنطية . اهل سورية لم يقاوموا العرب بل تعاونوا معهم و تم طرد البيزنطيين و في حدود الاربعين عام اصبحت دمشق عاصمة الاراميين هي عاصمة الخلافة و السوريون شركاء بالسلطة حتى ان الدواوين كتبت بالأرامية قبل الامر بالتعريب .
هنا بدأ الامتزاج و اقبل الكثير من السوريين الى الاسلام و بقي بعضهم على المسيحية لكن مع الوقت تكلمت الغالبية باللسان العربي.ليس هذا ما حدث بالاندلس حيث تم طرد العرب بل كل المسلمين و لا هو ما حدث في افغنستان و تركمنستان و ... حيث وصلت سلطة الدولة و الدين و انتقل السكان الى الاسلام و لم تصل الهجرات العربية و لم تنتشر اللغة العربية .
القول بان السوريين عربا يفصل بينهم و بين تاريخهم الطويل و سورية مهد الحضارات معلمة الانسانية الاولى حكما ليس سورية العربية. ام تكن الأبجدية الاولى عربية و لا النقوش على العمران في بدايته و لا القانون الاول و لا الصلاة الاولى.
القول بالقومية السورية لا يعتمد لا على لغة و لا على دين. انه منطق ينطلق من الحقيقة و هي التفاعل بين مكونات الشعب فيما بينهم من جهة و بين هذا الشعب و الارض من جهة ثانية حيث تطبعه بيئتها و يطبعها بارادته .
القومية السورية ليست ضد العروبة . العرب جزء اساسي من النسيج السوري لكنها حامية لكل ما يسمّى اقليات فجمعيهم سوريون .
القومية السورية لا تتخلى عن اللغة العربية و لا عن الاسلام (كلنا مسلمون لرب العالمين) لكنها ايضا تتمسّك بالتاريخ الحضاري و الثقافي لسورية .
القومية السورية جامعة و العروبة هي التي خلقت المسألة الكردية و المسألة اللبنانية و هي المسؤولة عن تقسيم السودان و عن كل النزاعات الاثنية .
الاسلام ليس هوية.
المسلم هو من اعتنق الاسلام دينا, و قد يكون من الصين او نيوزلاندا او سوريا. هو مسلم لربّه و يحمل هوية قومه .القول بأن السلام هوية و ان اي مسلم يستطيع ان يكون عضوا بالدولة الاسلامية على طريقة داعش و النصرة هو الوسيلة التي استعملها اعداؤنا باستقدام كل هؤلاء المتوحشين من الشيشان و الاتراك و ابناء العربة لتدمير سورية .
في التاريخ كان هناك امبراطوريات دينية مسيحية و محمدية و كانت رقعة الدولة حيث تمد سلطاتها .من المستحيل تسمية ارض الدولة وطنا . كيف للوطن ان يتمدد او يتقلّص؟ هل الاندلس هي جزء من وطن المسلمين؟
مع سقوط الخلافة العثمانية سقطت آخر هذه الامبراطوريات و ساهم السوريون المسلمون بطردهم من "ارض المسلمين" و اعلنوا دولتهم مملكة سورية بعد المؤتمر السوري العام بدمشق بقيادة الملك فيصل.
المسلمون في بنغلادش انفصلوا عن دولة باكستان المسلمة. المسلمون الاكراد في العراق و سوريا يتعاونون مع اميركا الكافرة بل مع اليهود ضد المسلمين في العراق و سوريا اصحاب الولاء العربي.
نحن في عصر القوميات و طوى الزمان عصر الخلافات و المواطن في اي دولة هو مواطن, لا احد يعيش في كنف احد. كل الارض لكل الامة و ليست لفئة تسمح للآخرين ان يعيشوا بكنفها . الدولة المغتصبة "اسرائيل" على ارض فلسطين في جنوب سورية تدّعي انها دولة دينية فهل المسلمون تحت الاحتلال اصحاب ارض ام يعيشون في كنف اليهود؟
حاول العروبين لصق العروبة بالاسلام.
استفادوا بضم التاريخ الاسلامي الى ما اسموه الامة العربية. فلا صلاح الدين و لا المماليك و لا العثمانيين كانوا عربا. هذا الربط خدم بجانب و خرّب في جانب آخر. لا الاثنيّات الغير عربية قبلت العروبة و لا المسيحيون العرب قبلوا بالقومية على اساس الاسلام.
بينما تقدم العقيدة السورية القومية الاجتماعية حلّا واضحا لكل هذه العقد .
الوطن السوري هو البيئة المحددة جغرافيا بعوامل الطبيعة و الشعب السوري هو الذي امتزج و تفاعل مع وطنه و الاسلام المحمدي و المسيحي هو دين السوريين.
عميد الاذاعة و الثقافة
الامين مأمون ملاعب
نسخ الرابط :