جلسات الحوار بين الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي يمكن أن تتحول إلى ما يشبه حوار الطرشان، إذا إستمرت أجواء التشكيك والإنتقاد الصريح والمبطن، وغابت الثقة عن العلاقة بين الرجلين.
لم يعد ينفع ترداد القول بأن أوضاع البلد تتطلب حسم الملف الحكومي في أسرع وقت ممكن، لأن مسار الإنهيارات مستمر بوجود حكومة كاملة الصلاحيات الدستورية، أو حكومة تصريف الأعمال في أضيق نطاق ممكن، بعدما أثبتت مرارة السنتين الأخيرتين، أن أهل الحكم أعجز من وقف الإنحدارات المتلاحقة، وأن سياسة تعطيل القرارات الحاسمة مازالت تمثل نهج المتشاركين في السلطة، مع إستمرار الصراعات المعهودة على الصفقات ومغانم الحكم.
الأجواء المحيطة بالرئيسين توحي بأن التباعد بينهما من تركيبة الحكومة وهويتها السياسية أو التكنوقراطية، يُقاس بالمسافات الفضائية، دون أن يظهر بصيص أمل حول إمكانية التوصل إلى حل وسط، يُراعي إستمرار الحد الأدنى من حسن العلاقة بينهما، بما يؤمن إتخاذ القرارات الصعبة المتبقية للإتفاق مع صندوق النقد الدولي، وإتمام عقود تأمين الكهرباء، على الأقل.
الواقع أن تداعيات مثل هذه الخلافات يتحمل مضاعفاتها البلد وناسه المعترين، بعدما فقدوا أبسط مقومات الحياة البشرية: من مياه وكهرباء ورغيف ودواء، ولا يتمكنون من تأمين حاجياتهم اليومية والإستشفائية لأن أموالهم حبيسة المصارف، التي يتفنن أصحابها بتنفيذ أحكام قراقوشية، للحؤول دون حصول المودعين على ما يكفي قوتهم اليومي مع عيالهم، أو على الأقل ما يستطيعون شراء الأدوية الضرورية لمرضى الأمراض المزمنة، بعدما إستقالت وزارة الصحة من مسؤوليتها، وقطعت الدولة «يدها وراحت تشحذ عليها»، كما يقول المثل الشعبي.
ماذا يعني مرضى السرطان، والمضطرين لعمليات غسل الكلى، والمبتلين بالأمراض المزمنة من ضغط وسكري وضعف في القلب، إذا كانت الحكومة العتيدة من صنع ميقاتي، أو أن عون له اليد الطولى في تشكيلها، طالما أن الحكم والحكومة غارقان في وديان الفشل والعجز، ولم يستطيعوا إتخاذ خطوة واحدة فقط بإتجاه الإصلاح والإنقاذ، بل طالما أن الأوضاع تتدهور من سيىء إلى أسوأ، في ظل دولة عاجزة ووجود مافيات فاعلة!
نسخ الرابط :