قضية عودة بهاء الحريري إلى المسرح السياسي، لا تختلف كثيراً عن القصة الشهيرة بين جحا وحمار الوالي. جحا الذي قبل شرط الوالي بتعليم الحمار أحرف الهجاء العربية مقابل مكافأة مالية عندما سأل: “هل يمكن للحمار أن يتعلّم؟” أجاب بثقة بلهاء: “إمّا أن يموت الحمار، أو الوالي، أو أنا”.
بالنسبة لبعض الصحافيين المأجورين، بهاء نموذج عن القصة أعلاه. كل ما في الأمر أنهم وجدوا وسيلة يقتاتون منها: مقال مأجور، فيديو دعائي، أو زيارة صحافية هزيلة لأفراد معروف وزنهم ومستوى مصداقيتهم.
بهاء نفسه يظن – أو أُقنع – بأنه قادر على خطف المقعد السني في صيدا، ووراثة إرث رفيق الحريري، وأن الصيداويين سيهرعون لانتخابه. الحقيقة؟ من زرع الفكرة في رأسه قبض الثمن بالدنانير على مبدأ “لن يتعلم وسنبقى نخطف الاموال” تاركينه يواجه أزمة جديدة ستدفعه إلى الخروج مجدداً من لبنان.
هذا هو الرجل الذي أهان عمته وأخرجها من دارة مجدليون، متوهماً أن جلوسه على كرسي آل الحريري سيحوّله تلقائياً زعيم عليهم. لكنه حقده قضى عليه ساعة أمر جنده بإزالة صورة شقيقه وإلى جانبه والده الذي تذكره أخيراً بفتاحة.
بهاء الذي يوزّع الأموال ليس على الاطفال بل إلى من سيؤمن له الأطفال لتصويرهم في طريقه إلى بيته في بيروت أو إلى قبر والده، بات البيارتة ينظرون إليه على أنه “حج أولاد”. يظن أن شراء البراءة سيجعله نائباً أو زعيماً. في الحقيقة، ما يشتريه هو ازدراء الناس لا أصواتهم.
والأدهى، أن بهاء يظن نفسه مرشّحاً طبيعياً لرئاسة الحكومة أو أنه رئيسها المقبل ما بعد إنتخابات 2026 النيابية –أو هكذا زرع طالبي المال في رأسه-، فيغضب من نواف سلام ويتهمه بسرقة مشروعه! أي مشروع؟ وأي أفكار؟
المشكلة مع بهاء ليست في أنه يشتري الذمم فقط، بل في أنه يحاول تقمّص شخصية زعيم سياسي بينما هو في الواقع نسخة سياسية مشوّهة، تجمع بين الغرور والفراغ. لا مال العالم ولا إعلام العالم قادر على إصلاح صورته، بل حتى مقابلات وليد عبود على تلفزيون لبنان لم تفعل سوى تثبيت انطباع أن الرجل مصاب بـ”البَلَه السياسي”، وأنه تائه بين الحسابات ولا يستطيع التفريق بين رقمين أو قرارين، ويتعامل مع السياسة كأنها إعلان تسويقي فاشل.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :