عائلة الرحباني: سيمفونيةٌ لا تُقاسُ بالزمنِ.. من صمتِ العزاءِ إلى أبديّةِ الأغنية

عائلة الرحباني:   سيمفونيةٌ لا تُقاسُ بالزمنِ.. من صمتِ العزاءِ إلى أبديّةِ الأغنية

 

Telegram

 

 

كتب رشيد حاطوم

وداعٌ يكتبُ الخلود

عندما وقفت فيروز تشيّعُ ابنها زياداً  في صيفِ 2025، لم يكن المشهدُ مجردَ نهايةٍ، بل كان بدايةَ أسطورةٍ جديدةٍ : أسطورةِ عائلةٍ حوّلتْ ألمَ الأرضِ العربيةِ إلى أغانٍ تتنفسُ بيننا إلى الأبد. هنا.. حكايةُ منارةٍ ثقافيةٍ لم تُطفئها الرياح.

 

> "فيروز التي غنّت للفرحِ والدموع، تعلّمنا اليومَ أنَّ الصمتَ أعمقُ أغاني الرحابنة."

 

---

 البدايات.. حيث تُولدُ المعجزاتُ من تراب الوطن

في زمنٍ كان الفنُّ العربيُّ يبحثُ عن هويته، خرجَ من شوارع بيروت:  

- الأخوان رحباني (عاصي ومنصور): شابّانِ حوّلا التراثَ الشعبيَّ إلى مسرحٍ غنائيٍّ أسطوري، وكأنهما ينسجانِ خريطةً جديدةً للعالم العربي.  

- لقاء المصير : في كنيسةٍ صغيرة، سمع عاصي صوتَ نهاد حداد (فيروز) يترنمُ بالصلاة.. فكانت الولادةُ الثانيةُ للجمال.  

- أولى التحف: قدّموا مسرحياتٍ مثل "بياع الخواتم" و"موسم العز"، مزجوا فيها بين حكايات القرية وأساطير المدن، وصنعوا لفيروز تاجاً من نور.

 

> "لم يقدّموا أغاني.. بل قدّموا وطناً نسمعُ نبضَهُ في كلّ لحن."

 

---

 

 فيروز.. صوتٌ يسبحُ فوق الزمن

صارت ظاهرةً فوق الجغرافيا والتاريخ:  

- صوتٌ يوحّدُ المحطّمين : في سنواتِ الحربِ الأهلية اللبنانية، كانت أغانيها  كالماءِ بين النار ، يجتمعُ حولها المسلمُ والمسيحيُّ كأنهم أبناءُ بيتٍ واحد.  

- ثورةٌ فنيةٌ صامتة : مزجت ألحانُها  بين البيانو والعود ، وكلماتُها بين لهجةِ القريةِ وفصاحةِ الشعر، حتى صارت مدرسةً تُدرَّسُ في العالم.  

- الأمُّ التي توزّعتْ بين الفنّ والبيت : عاشت صراعاً مريراً بين أن تكون "عصفورة الشرق" وأن تكونَ أمّاً لزياد.. فخلّفتْ وراءها جرحاً غنّته بصمت.

 

---

 

 زياد.. الوريثُ الثائرُ الذي سبحَ ضدّ التيار

المتمردُ الذي حوّلَ الألمَ إلى ضحكةٍ مريرة :  

- موسيقى تُقلبُ الطاولة: قدّم في ألبوم "بوسطة" موسيقى هجينةً (جاز + فانك + موشحات) هزّت أركانَ المحافظين، وكأنه يقول: "كفانا نوستالجيا!".  

- مسرحُ السخريةِ السوداء: في أعمالٍ مثل "شو صار؟" و"فيلّو فيلو"، سخِرَ من السياسةِ والدينِ والطبقاتِ الاجتماعية، فكان صوتَ جيلٍ يرفضُ الزيف.  

- الابنُ الذي عاشَ في ظلِّ أسطورةٍ : قال يوماً: "أمي صنعتْ جنّةً للمستمعين.. وأنا أردتُ أن أريهم أنَّ الجنةَ فيها ثعابين!".

 

> "زياد لم يكسر تابوهات الفن.. بل كسرَ فكرةَ أنَّ الفنَّ يجبُ أن يكونَ جميلاً فقط!"

 

---

 

 الرحيل.. عندما يسقطُ آخرُ عمالقة السيمفونية

- عاصي: رحلَ في عزّ عطائه، تاركاً ألحاناً تذكّرنا أنَّ الحبَّ هو البقيّة الباقية.  

- منصور: الشاعرُ الذي حوّلَ المطرَ والزيتونَ إلى صلواتٍ، رحلَ وكلماتهُ مازالت تُنبِتُ في وجداننا.  

- زياد: مات المتمرّدُ الأخير، فصرنا أيتاماً على مائدتِهِ الساخرة.  

---

 

 لماذا يبقى الرحابنة؟ سرُّ الخلود الفني:

لأنهم:  

1. لم يغنّوا للسلطة: بل غنّوا للفلاحِ والبائعِ والعاشقِ المحطّم.  

2. حوّلوا المسرحَ إلى هيكلٍ مقدسٍ: حيث تصبحُ الكورسُ أغنيةً جماعيةً تُصلّي من أجلِ الإنسان.  

3. خلقوا لغةً فنيةً جديدةً: مزجوا بين الكلمةِ البسيطةِ والرمزِ العميق (الشتا، الأرض، القمر).  

4. فيروزُ.. الذاكرةُ الحية: صوتُها مازالَ يشدّ أجنحةَ الزمنِ كي لا يطير.  

 

---

 

ترانيمُ ما بعد الوداع

اليوم، وقد أغلقَ الرحابنةُ بابَ عالمهم الذهبي..  

نكتشفُ أنهم لم يرحلوا..  

بل صاروا هواءً نتنفسه في كلِّ أغنيةٍ تبحثُ عن معنى،  

ونوراً في عتمةِ أيامنا..  

لأنَّ من يموت منهم يتركُ لنا إرثاً بلا تواريخ..  

إرثاً يُغنّي:  

>"ما فينا نموت..  

> إحنا إذا متنا..  

> نرجع نغنّي".  

 

 

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram