"المرحلة الثانية على حافة الانفجار: هل تصمد مفاوضات صفقة غزة قبل لحظة الحسم؟"

 

Telegram

 

تنبئ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بإمكانية تحول حقيقي في مسار الأزمة، فهي تمثل نقطة انعطاف يمكن أن تعيد الأمل إلى المدنيين المتضررين وتفتح الباب أمام إعادة إعمار القطاع وإطلاق الأسرى المتبقين. من أبرز ملامح هذه المرحلة انسحاباً إسرائيلياً من ممر محدد بالكامل وتوفير مساكن مؤقتة للنازحين، ما سيكون خطوة مهمة نحو تخفيف المعاناة الإنسانية وإعادة بناء البنية التحتية المتضررة بشدة.

 

حماس أعلنت رسمياً عن بدء محادثات المرحلة الثانية، مؤكدة استعدادها الكامل للتفاوض مع الأطراف الدولية حول قضايا حيوية مثل الإغاثة والإعمار وضمان وصول المساعدات. من جانبها، عبر الوسطاء عن أجواء إيجابية يمكن أن تمهّد لانطلاقة فعلية لهذه المحادثات، مما يعكس إرادة دولية لدعم تحقيق تقدم نحو هدنة أوسع ومستدامة.

 

وبينما تلوح الآمال بتحول جذري، ثمة من يرى أن هذه المرحلة يمكن أن تمثل بداية لإنهاء النزاع، إذا ما توفرت ضمانات واضحة ومتعهدات من جميع الأطراف المعنية. هذه المرحلة مفصلية يجب استثمارها لحماية حياة المدنيين وبناء مستقبل دون عنف، وهي تمثل فرصة حقيقية لترجمة التفاهمات إلى واقع ملموس على الأرض.

 

مخاطر التأجيل والشروط المتشابكة

 

رغم هذا التفاؤل الحذر، هناك تحديات كبيرة تقف في طريق بدء المرحلة الثانية بفعالية. فإسرائيل تضع شروطاً صعبة للغاية من وجهة نظر حماس، بينها نزع سلاح الحركة بالكامل وإبعاد قادتها من القطاع. هذه المطالب تعكس مخاوف تل أبيب الأمنية والسياسية، لكنها في الوقت ذاته توتر المفاوضات وقد يؤدي إلى تعطيل الانتقال للمرحلة الثانية.

 

وتزامن ذلك مع اتهامات بأن بعض الأطراف الإسرائيلية يسعون إلى عرقلة المفاوضات لحماية مصالح سياسية داخلية، خاصة من أطراف يمينية تخشى أن يؤدي الانسحاب إلى تراجع نفوذها. كما تُمارس ضغوط داخلية من عائلات الأسرى للإفراج الفوري عن من تبقى منهم، مما يزيد من الضغط على الحكومة لإظهار التزام حقيقي بالاتفاق.

 

أما من وجهة نظر حماس، فرفضها لمقترحات تمديد المرحلة الأولى ما لم يتم بدء المرحلة الثانية يعكس قناعة بأن هذه المرحلة هي الطريق الوحيد لتحقيق تبادل أسرى جوهري ووقف دائم لإطلاق النار، وربما انسحاب نهائي للقوات الإسرائيلية. ولكن هذا الموقف يواجه صعوبة إذا لم يتم التوصل إلى تفاهمات حول الضمانات والسياسات المستقبلية.

 

الضغوط الدولية والدور الوسيط

 

الوسيط القطري والمصري والولايات المتحدة يضغط بشدة لدفع المفاوضات إلى الأمام، فهذه الدول ترى في المرحلة الثانية فرصة حقيقية لتحقيق هدنة موسعة وربما تأسيس إطار أوسع لسلام طويل الأمد. المبادرات المقترحة تضمنت جدولاً لتبادل الأسرى الكامل وإخراج القوات، مما يعطي أبعاداً إنسانية واستراتيجية للمرحلة المقبلة.

 

غير أن التوترات الداخلية في إسرائيل تمثل عقبة كبيرة، فقد هناك خضوع لبعض المسؤولين للضغط من اليمين المتشدد الذي يرفض فكرة الانسحاب أو التقهقر من المواقع الأمنية، مما يجعل من الصعب إجراء تنازلات كبيرة. في الوقت نفسه، يرى مراقبون أن غياب وضوح في التفويض الممنوح لفريق التفاوض الإسرائيلي يثير تساؤلات حول مدى الجدية في الاستمرار نحو تنفيذ المرحلة الثانية.

 

واقع ميداني وإنساني متأرجح

 

في ميدان غزة، يسوده أمل من الجانب المدني ببدء المرحلة الثانية، وهو أمل ينبع من الحاجة الماسّة إلى إعادة الإعمار والمساعدة الإنسانية. ومع ذلك، فالمطلوب ليس مجرد هدنة مؤقتة، بل تحقيق تفاهمات تضمن خروجاً تدريجياً وآمناً للقوات، وهو ما تعتبره حماس من أولوياتها.

 

لكن الواقع لا يخلو من معوقات، فبعض التقديرات تشير إلى أن موقف إسرائيل قد يتراجع إذا لم يتم تقديم تنازلات ملموسة مثل الإفراج الكامل عن الأسرى واستعادة السيطرة على المعابر وتنسيق إداري معين لإدارة غزة بعد التهدئة.

 

السيناريوهات المحتملة والمسار المستقبلي

 

إذا نجحت هذه المفاوضات، فإن المرحلة الثانية يمكن أن تصبح نقطة تحول تاريخية، عابرة لوقف دائم للنزاع وإعادة تأسيس الظروف المعيشية في غزة بما يسمح بإعمار حقيقي وتحسين حياة السكان.

 

من جهة أخرى، إذا فشلت، فإن التأجيل أو التراجع قد يعيد الأوضاع إلى المربع الأول، وربما يؤدي إلى تجدد القتال أو مزيد من التصعيد، خاصة إذا استمر الخلاف على بنود شائكة مثل نزع السلاح وعودة السيطرة الإسرائيلية.

 

في كل الأحوال، المرحلة الثانية هي أحد أبرز محاور مستقبل غزة الآن، وهي اختبار حقيقي لإرادة الأطراف لتحقيق استقرار وإعادة بناء، وسط ترقب المجتمع الدولي لما إذا كان هذا الفصل الجديد من الصفقة سيترجم إلى واقع أو يظل حلمًا بعيد المنال.

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) .اضغط هنا

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram