تصعيد أميركيّ على الحدود السوريّة العراقيّة … والمقاومة تقصف المقرّ الأميركيّ في حقل العمر البطاقة التمويليّة على نار حامية تمهيداً للإقرار… وشركات النفط تحقق أرباحاً خياليّة برفع السعر / الشركات الروسيّة تبدأ مباحثاتها حول المرفأ ومحطات الكهرباء ومصافي النفط… والعين مفتوحة /
خضعت إدارة الرئيس الأميركيّ جو بايدن لضغوط اللوبيات العسكرية التي كشفت رفضها للانسحاب من أفغانستان بالحفاظ على 650 عنصراً تحت تغطية حماية المقار والعناصر الدبلوماسية، وجاء التصعيد على الحدود السورية العراقية بقصف مواقع سوريّة وعراقيّة من الطيران الأميركي، تكذيباً لكل مزاعم الانسحاب من العراق ودراسة خروج آمن من سورية، تمّ ترويجها مع وصول بايدن الى البيت الأبيض، وفيما أعلنت فصائل الحشد الشعبيّ ترحيبها بالإدانة الحكوميّة العراقيّة للغارات، وعدت بردّ يتناسب مع الدماء التي سقطت خلال القصف، بينما بادرت مجموعات سوريّة مقاومة باستهداف مقرّ القوات الأميركيّة في حقل العمر النفطي الذي تتقاسم القوات الأميركيّة والجماعات الكردية المسلحة عائداته، ووفقاً لمصادر متابعة فإن الأمور تتجه نحو جولات من المواجهة التصاعدية، من الجهتين السورية والعراقيّة من الحدود بوجه القوات الأميركيّة، وسط تمسك سوريّ عراقيّ بالحفاظ على خط الحدود تحت السيطرة ورفض كل الدعوات الأميركية لوضعه تحت الرقابة بهدف قطع طريق إمداد حركات المقاومة.
في لبنان تقدّم الشأن الاقتصادي والاجتماعي على السكون السياسيّ في الملف الحكومي الذي واصل المراوحة من دون تحقيق أيّ تقدّم، بينما كان لافتاً الكلام الصادر عن رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد حول الحديث عن معطّل معلوم من الجميع يتحمّل مسؤولية عدم تشكيل الحكومة، لأنه لا يريد تشكيل حكومة يعرف نفسه، داعياً للتوقف عن الكذب والقول بأن القضية قضية وزيرين مسيحيين، بما بدا أنها أول إشارة من نوعها تصدر عن قياديّ في حزب الله نحو تحميل الرئيس المكلّف بتشكيل الحكومة سعد الحريري مسؤولية عدم تشكيل الحكومة.
اقتصادياً، حدثان بارزان، مع استمرار التدهور في الوضع الاجتماعيّ وتصاعد التحركات الاحتجاجيّة وما يرافقها من قلق على الوضع الأمنيّ، الأول هو ترشيد الدعم والبطاقة التمويليّة، حيث سجّلت مصادر ماليّة معنى توقف شركات المحروقات عن تسليم الكميات الموجودة لديها في المستودعات، بانتظار التعرفة الجديدة بهدف تحقيق أرباح خياليّة وفقاً للمصادر، من دون أن يصدر أي موقف عن الجهات الحكوميّة المعنيّة للتدخل وفرض بيع الكميات التي تمّ استيرادها على سعر دولار 1500 ليرة بالسعر المخفض للبنزين قبل التعرفة الجديدة التي سيبلغ فيها السعر ضعف السعر الحالي تقريباً ملامساً الـ 70 ألف ليرة وربما أكثر، وفقاً لتحرك سعر النفط. بالتوازي قام نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي بزيارة رئيس حكومة تصريف الأعمال بتكليف من رئيس المجلس نبيه بري، للتفاهم على تفاصيل البطاقة التمويلية الموضوعة على نار حماية، والتي يفترض أن يتم إقرارها في جلسة تشريعية يومَيْ غد وبعد غد.
الحدث الثاني كان وصول وفد من الشركات الروسية المهتمة بملفات حيوية، مثل إعمار وتطوير مرفأي بيروت وطرابلس، وتركيب محطات كهرباء لإنتاج كميات تلاقي حاجات لبنان وفقاً لخطة الكهرباء التي أقرّها مجلس الوزراء قبل عامين، وإعادة الاعتبار لتكرير النفط الخام في لبنان عبر تركيب مصفاتين للنفط واحدة لتلبية حاجات السوق المحلي من المشتقات النفطية، والثانية لإعادة لبنان الى الخريطة الإقليميّة على البحر المتوسط كواحد من مصدري المشتقات النفطية. وقد قالت مصادر مواكبة للقاءات الشركات وتحرّكها، إنها خلال أسبوع ستحصل على كافة المعطيات اللازمة الخطية والميدانية لوضع دراسات فنية يفترض أن تجهز خلال شهر، للمشاريع المقترحة، وبالتوازي تقوم مجموعات ماليّة متخصصة تابعة للمجموعة الروسية بعرض سيناريوات متعددة لكيفية الاستثمار الذي ستقوم الشركات الروسية بتمويله مقابل كفالة الدولة اللبنانية رغم الوضع المالي السيئ للبنان، على أن تستردّ الشركات قيمة تمويلها وأرباحها من الصيغة الاستثمارية التي يتم التوافق عليها من بين الخيارات المتعددة التي سيتم اقتراحها. وقالت المصادر إن الإدراك المسبق لحجم الضغوط الأميركية من جهة وتدخلات اصحاب المصالح من جهة أخرى، رافقه إصرار روسي على التعامل المهني حتى آخر لحظة مع الجهات اللبنانية الحكومية المعنيّة، وحرص على عدم فتح الباب لأي تأويل أو تذرّع بالسياسة، وتمنى الروس على بعض الجمعيات التي كانت تنوي تنظيم تحرّكات داعمة عدم القيام بأي تحرك يفتح الباب لتسييس الملف، وأنه طالما لم تظهر أي عمليات عرقلة أو تمييع فإن داعمي التوجه شرقاً ومؤيدي تنويع مصادر العلاقات الاقتصادية للبنان، يفضلون الحفاظ على مناخات من الهدوء ترافق البحث المهني، والتعامل مع كل جدية وتشدد وتحفظ لدى الجهات اللبنانية بصفته عملاً تفاوضياً مشروعاً وتعبيراً عن قيامها بواجبها في حماية المصالح اللبنانية العليا، حتى يثبت العكس.
لا تزال الساحة الداخلية تقبع تحت وطأة مسلسل الأزمات المتفاقمة ومشهد انفجار الشارع وقطع الطرقات، حيث لم تعد تُجدي الحلول الترقيعية، بل يحتاج الوضع إلى معالجة جذرية تتعدى تأليف حكومة بصناعة محليّة قد لا تكون على قدر التحدّي وحجم الكارثة، إلى تسوية إقليمية - دولية على الملف اللبناني برمّته تنتج حكومة جامعة وقوية تفتح باب الدعم المالي والاقتصادي لإنقاذ البلد وإعادة النهوض الاقتصادي، وسوى ذلك لا يعدو كونه تضييعاً للوقت واستغلال قوى وأحزاب السلطة للأزمة السياسيّة لشدّ العصب الطائفي والمذهبي للقواعد الشعبية استعداداً لخوض الاستحقاق الانتخابي المقبل.
فالمشاكل تتناسل وتنعكس سلباً على مختلف القطاعات الحيويّة التي تتعلق بالحياة اليومية للمواطنين الذين لم يجدوا وسيلة غير الشارع للتعبير عن سخطهم وغضبهم من المعاناة التي يعيشونها في ظل لامبالاة وتجاهل مريب من الحكومة والوزراء والأجهزة الرقابية والأمنية المعنية، وكذلك من الطبقة السياسية جمعاء التي لا تزال تعلق تأليف الحكومة على وزيرين، فيما البلد دخل مرحلة الانهيار الشامل ويتحضّر للانفجار الشعبي الكبير في الشارع والذي بدت مؤشراته واضحة خلال الأيام القليلة الماضية من خلال الاحتجاجات الشعبية التي عمت مختلف المناطق تخللتها أحداث أمنية واعتداءات على الأملاك العامة والخاصة على غرار ما حصل في فرع البنك اللبناني السويسري في الحمرا، حيث عمد محتجّون الى اقتحامه وتحطيم الواجهة الخارجية والدخول اليه في وضح النهار، ما دفع بالمصرف للإعلان عن إقفال كافة فروعه استنكاراً للاعتداء. وأعلنت جمعية المصارف في بيان "إقفال جميع فروع المصارف العاملة في لبنان اليوم تضامناً مع إدارة البنك اللبناني السويسري".
وإزاء هذا الواقع دعا رئيس الجمهوريّة ميشال عون، إلى اجتماع للمجلس الأعلى للدفاع اليوم في بعبدا، للبحث في الأوضاع الأمنيّة في البلاد والتطوّرات الأخيرة.
واستمرّت طوابير السيارات أمام محطات الوقود وسط حالة من الإرباك الشديد تسيطر على الأسواق لا سيما سوق المحروقات، حيث أقفل عدد كبير من المحطات بانتظار التسعيرة الجديدة التي ستصدر عن وزارة الطاقة اليوم على أساس سعر صرف 3900 ليرة، وذلك لتحقيق المزيد من الأرباح على حساب المواطن.
وأكدت المديرية العامة للنفط في وزارة الطاقة والمياه في بيانٍ، أنها "بصدد إصدار جدول تركيب الأسعار للمحروقات اليوم على سعر صرف الدولار الواحد 3900 ل. لـ". وطمأنت الى أن "الشركات المستوردة للنفط ستقوم بتسليم المحروقات لزوم السوق المحلي استناداً الى الجدول الجديد، كما أن مصرف لبنان باشر بفتح اعتمادات البواخر النفطية الراسية قبالة السواحل اللبنانية، وعليه بدأت البواخر النفطية بإفراغ حمولتها وهذا سيوفر بصورة مستدامة تأمين السوق المحلي بالمحروقات".
وفي موازاة ذلك، أعلن مصرف لبنان في بيان أنه "ابتداءً من اليوم (أمس) 28 حزيران 2021 سيقوم ببيع الدولار الأميركي للمصارف التي تتقدّم بفتح اعتمادات لاستيراد كافة أنواع المحروقات بعد أن تكون قد استحصلت على موافقة مسبقة لهذه الاعتمادات على سعر 3900 ليرة للدولار الواحد. على أن تسدّد هذه المصارف قيمة الاعتمادات مئة في المئة بالليرة اللبنانية".
وبدأ العديد من أصحاب المولدات في منطقتي البقاع الأوسط والغربي بتنفيذ دوام التقنين على التقنين، بسبب الشح في مادة المازوت وارتفاع سعر الصفيحة الى ما يزيد عن 70 ألف ليرة، كما أن التسعيرة الجديدة التي فرضت نفسها بقوة على المواطنين بسبب الغلاء، أجبر العديد منهم على الاستغناء عن الاشتراك في المولدات الخاصة وهي لم تعد متاحة أمامهم. وباشر أصحاب المولدات بالتقنين فعلياً بمعدل 6 ساعات يومياً كحد أدنى والى رفع تسعيرة المولدات.
واقتحم عدد من المحتجّين شركة كهرباء قاديشا في محلة البحصاص في طرابلس، احتجاجاً على التقنين القاسي في الكهرباء، وطلبوا من الموظفين إعادة التيار الى كل أحياء المدينة، وعلى الفور تدخلت عناصر الجيش وعملت على إخراج المحتجين من الشركة. كما دخل محتجون إلى محطّة تحويل كهرباء حلبا الرئيسيّة سلميًّا، وقاموا بتشغيل المحوّل الّذي يغذّي مدينة حلبا بالكهرباء وأناروا المدينة.
وحذّر رئيس النقابة اللبنانيّة للدواجن وليم بطرس السلطات المعنية "من كارثة كبيرة قد تقع بالقطاع جراء هذه الحال التي قد تقضي على الدجاج الحيّ الموجود في المزارع والدجاج الموجود في برادات المسالخ".
وانعكست أزمة الكهرباء والمحروقات على المرافق العامة والدوائر والإدارات الرسميّة، حيث توقفت كلّ المعاملات في مركز الأمن العام في السوديكو بسبب انقطاع التيار الكهربائي وحصول عطل في المولدات الكهربائية. كما توقفت أنظمة أجهزة الكمبيوتر التابعة لوزارة المالية في قصر عدل بيروت ما تسبّب بوقف كل معاملات استيفاء الرسوم. وفي المطار توقفت صناديق الجمارك عن قبض الرسوم بسبب عدم توافر الأوراق والمحابر، ما سيؤدي الى مشكلة في حركة الشحن.
ويبدو أن البلاد تتجه إلى عصيان إداري في مؤسسات وإدارات الدولة يواكبه عصيان مدنيّ - شعبيّ في الشارع. فقد طلبت الهيئة الإدارية لرابطة موظفي الإدارة العامة من كل العاملين في الإدارات والمؤسسات العامة "الإضراب وعدم الحضور إلى مراكز العمل ابتداء من الأربعاء المقبل ولغاية 9 تموز ضمناً".
ورأت مصادر حكوميّة أن هذا الأمر يعد مؤشراً خطيراً إضافياً على الانهيار الأكبر، وقالت لـ"البناء": "بدأنا مرحلة العصيان الإداري والمؤسسيّ سيجرّ معه عصياناً مدنياً شعبياً، وبالتالي شلل كامل في إدارات ومؤسسات الدولة ما يعني توقف كل معاملات المواطنين في الدوائر الرسمية". فيما أفادت مصادر "البناء" بأن الوحدات والقطاعات الإقليمية في قوى الأمن الداخلي تتجه للانكفاء التدريجي من الشوارع والعودة الى حماية ثكناتها كأولوية وبالتالي سيتم تكليف الجيش اللبناني الأمن في كافة الأراضي اللبنانية عند انفجار الشارع".
وأجرى رئيس الجمهورية سلسلة اتصالات شملت وزير الطاقة والمياه ريمون غجر وطلب اتخاذ إجراءات سريعة وصارمة من أجل المساهمة في التخفيف من حدة الأزمة المفتعلة، ووقف استغلال المواطنين. كذلك اتصل عون بوزير الداخلية والبلديات وعدد من القادة الأمنيين، وطلب اليهم مساعدة الأجهزة الإدارية المعنية في منع تخزين المحروقات ووضعها بتصرف المواطنين، والتشدّد في تطبيق القوانين مع المخالفين، الى حين تراجع الأزمة خلال الـ 48 ساعة المقبلة. كما طلب من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، "حثّ المجلس المركزي على اتخاذ القرار المسؤول والمناسب المتعلق باستمرار دعم الدواء، لأن هذا الأمر يتعلق مباشرة بحياة المواطنين وسلامتهم ولا يمكن التساهل به".
كما بحث عون مع وزير الصحة العامة حمد حسن في عدد من المواضيع الاستشفائية والصحية، وعلى رأسها موضوع دعم الدواء، وضرورة اتخاذ مصرف لبنان قراراً سريعاً في هذا الخصوص.
في موازاة ذلك، شهد القصر الحكومي سلسلة اجتماعات وزارية لمتابعة عدد من الملفات النقديّة والمصرفيّة والاجتماعيّة والصحيّة، فرأس رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب اجتماعاً حول منصات تسعير الدولار في السوق السوداء حضره عدد من الوزراء وحاكم مصرف لبنان والنائب العام لدى محكمة التمييز القاضي غسان عويدات. وتمّ الاتفاق "أن يتولى القضاء ملاحقة المتلاعبين بالدولار والعمل لإقفال جميع منصات تسعيره وتفعيل الإجراءات الهادفة إلى قمع التلاعب بأسعار السلع التي يتمّ استيرادها على منصة صيرفة مصرف لبنان".
واستهلّ دياب الاجتماع بكلمة تساءل فيها: "هل يعلق أن الدولة ومؤسساتها، مصرف لبنان و64 مصرفاً، وشركات ومحلات و6 ملايين نسمة، تتحكّم بهم منصة أو منصات تحدد سعر الدولار وترفعه وتخفضه، ولا أحد يعرف المعايير لارتفاع أو انخفاض سعر الدولار في السوق السوداء، وهل باتت اقوى من أجهزة الدولة؟".
واستقبل رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر على رأس وفد، وطالب الأسمر في كلمة له "بتصحيح الأجور للعمال عبر زيادة الحد الأدنى وزيادة بدل النقل والتعويضات العائلية والمنح المدرسية وحماية الضمان الاجتماعي وتعاونية الموظفين كي يتمكنوا من أداء واجبهم كاملاً في هذه الظروف الصعبة وزيادة تقديماتهم بالاستشفاء والطبابة".
وأكد الأسمر لـ"البناء" أن المؤشرات خطيرة جداً وتمهّد لانفجار شعبي كبير لا سيّما مع تدني القدرة الشرائية للمواطنين وتحديداً الفئات العمالية الدنيا. وعن موقف الاتحاد العمالي العام من الإضراب الذي دعت إليه رابطة موظفي القطاع العام، لفت الأسمر الى أن "الإضراب وقطع الطرقات لن يحلا المشكلة، لكنهما سيفاقمان الأزمات أكثر ويعطلان حياة المواطنين ويشلان عملهم؛ إضافة إلى أنّ قطع الطرقات عليهم يزيد في معاناتهم، لا سيّما في ظل تردي الظروف الاجتماعية والاقتصادية والمعيشية".
وفي زيارة لافتة تحمل أكثر من دلالة، زار نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي السراي الحكومي حيث استقبله الرئيس دياب. وتأتي هذه الزيارة بعد قطيعة دامت لسنة بين الرجلين على خلفيّة خلافهما على تعيين محافظ بيروت.
وفيما أفيد أن الفرزلي حمل رسالة من رئيس المجلس النيابي نبيه بري إلى دياب، قال بعد اللقاء: "وجدنا لدى الرئيس دياب التجاوب الكامل والتنسيق لخدمة المواطنين وتسهيلاً للأهداف المرجوة من وراء البطاقة بإقرار مبدأ الـ93 دولاراً كمعدل وسطيّ، كما أقرته اللجان المشتركة التي حددت 137 دولاراً كحد أقصى". وأكد الفرزلي لـ"البناء" أن "الورشة التشريعيّة ماضية في إقرار القوانين الحياتيّة والماليّة المطلوبة"، مشيراً الى أن "المجلس النيابيّ أنجز القاعدة التشريعيّة لمشاريع الحكومة لا سيما فيما خصّ إقرار البطاقة التمويلية".
في غضون ذلك، دعا الرئيس بري الى جلسة عامة، يومي الأربعاء والخميس المقبلين، لدرس وإقرار مشاريع واقتراحات القوانين المدرجة على جدول الأعمال، ومنها مشروع القانون المعجل الوارد بالمرسوم رقم 7797 إقرار البطاقة التمويلية وفتح اعتماد إضافي استثنائي لتمويلها.
على صعيد آخر، أفادت المعلومات أن "الوفد الروسي الذي التقى وزير الأشغال ميشال نجار طلب إذن الدخول إلى مرفأي بيروت وطرابلس لمدة 3 أيام قبل تقديم عرض نهائيّ لتوسيع المرفأين وبناء إهراءات للقمح يستفيد منها لبنان وكل المنطقة". كما كشفت أن "الوفد التقى بوزير الطاقة وقدّم عرضاً لبناء معملي كهرباء وتشغيل مصفاتي البداوي والزهراني."
في سياق ذلك، استقبل مسؤول العلاقات العربية والدولية في حزب الله عمار الموسوي السفير الروسي في لبنان الكسندر روداكوف. وأعلن الحزب في بيان انه "جرى خلال اللقاء مناقشة الأوضاع والتطورات على الساحتين المحلية والإقليمية، وكذلك تم استعراض المبادرات والخطوات على صعيد العمل لتأليف الحكومة حيث جرى التوافق على أهمية إنجاز هذا الاستحقاق وبالسرعة اللازمة".
وأكد الجانبان "ضرورة مراعاة كل الأطراف أهمية الحفاظ على الاستقرار وتجنّب ما من شأنه أن يفاقم الأوضاع ويزيد من حجم ومظاهر الفوضى".
من جهته، قدم السفير الروسي عرضاً عن الزيارة التي يقوم بها وفد من مؤسسة hydro engineering and construction الروسية الى لبنان بهدف التعاون مع الجانب اللبناني وتحديداً وزارة الأشغال والنقل في مجال البنى التحتية والمواصلات، وكذلك عرض السفير الروسي روداكوف لمشاريع العمل المشتركة بين روسيا ولبنان في المجالات المختلفة".
على صعيد ملف تأليف الحكومة، تبددت الأجواء التفاؤلية التي أشيعت أمس الأول عن صيغة حكومية قريبة، وحل مكانها المناخ التشاؤمي، وأكد مرجع سياسي ونيابي بارز لـ"البناء" أن "المشاورات الحكومية لم تتوصل الى حل للأزمة"، نافياً علمه بتسوية حكوميّة يتم الحديث عنها، مؤكداً ان المواقف على حالها وبانتظار تسهيل من رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل". فيما نفت مصادر نيابية في التيار الوطني الحر لـ"البناء" المعلومات التي تحدثت عن حل حكومي قريب، واضعة ذلك في اطار الإشاعات والحرب الإعلامية على التيار، مؤكدة أن الكرة في ملعب الحريري وليس عندنا وننتظر عودته الى بيروت.
وبرز موقف تصعيدي لافت لرئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد الذي انتقد الحريري من دون أن يسمّيه، بقوله: "نطالب البعض بأن يتوقفوا عن الكذب على اللبنانيين حينما يقولون بأن المشكلة التي تؤخر تأليف الحكومة تكمن في تسمية وزيرين، فثمة من لا يريد تشكيل حكومة، وهو يعرف نفسه وأوساط العمل السياسي تعرفه، ويريدون من الآن أن يفتحوا معركة الانتخابات النيابية، علماً أن هناك حوالي الـ10 أشهر لموعد الانتخابات، وبالتالي، لا مشكلة لديهم بأن يجوّعوا الناس ويفلسوا البلد، وأن يستدعوا كل قوى العهر في العالم ليتفرّجوا ويضحكوا علينا ويهزؤوا بنا، بانتظار أن نتنافس انتخابياً لنثبت أننا ديمقراطيون".
واضاف: "نناشدكم جميعاً أن تقدموا لبعضكم التنازلات من أجل أن تشكلوا الحكومة التي تعتبر المدخل لإجراء الانتخابات النيابية، وإذا لم تؤلّف الحكومة الآن، فلا أحد يضمن تأليفها لاحقاً".
وفي تطوّر أمنيّ بقيت ظروفه غامضة وقع إنفجار عصر أمس، داخل مكتب المحامين صخر الهاشم وبيتر جرمانوس في فرن الشباك وأحدث أضراراً كبيرة. وتمنى محامي صخر الهاشم "أن لا يكون الانفجار رسالة بشأن التحقيق حول مرفأ بيروت".
على صعيد آخر، جال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" الدكتور إسماعيل هنية، على المقار الرئاسية؛ حيث زار بعبدا والتقى الرئيس عون الذي أكد "ان التضحيات الكبيرة التي قدّمها الشعب الفلسطيني وصموده خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة وعدد من المناطق الفلسطينية، لا بد أن تثمر وأن يعود الحق لأصحابه". وشكر هنية عون على "المواقف التي يتخذها دعماً للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة". كما التقى هنية الرئيس بري في عين التينة والرئيس دياب في السراي الكبير.
***********************************************************************
أزمة البنزين "تُحلّ"... بزيادة السعر!
بحجّة السعي الى إجبار محطات البنزين على صرف مخزونها قبيل رفع سعر صفيحة البنزين، أخّرت وزارة الطاقة إصدار جدول أسعار المحروقات، فضاعفت أزمة البنزين لأن كل المحطات أغلقت أبوابها بانتظار رفع السعر لتحقيق أرباح إضافية. جرى ذلك في ظل غياب كامل لمراقبي وزارة الاقتصاد، المسؤول الأول عن مراقبة المحطات، فيما آثرت المديرية العامة للنفط إصدار بيان لا قيمة له سوى أنه يضاعف من وقع الأزمة وطوابير الذلّ على المحطات المقفلة بانتظار إصدار جدول الأسعار الجديد يوم الأربعاء، علماً بأنه تقرّر بسبب "الظروف الاستثنائية"، أن يصدر هذا الجدول مرتين في الأسبوع، الاثنين والخميس، لكن يبدو أن وزارة الطاقة لم تجد ما يدعو الى الاستعجال، فقررت العودة الى الموعد التقليدي أي يوم الأربعاء. ذلك رغم الحديث عن أن وزير الطاقة ريمون غجر عاد وقرر إصدار الجدول اليوم لـ"تخفيف وطأة الأزمة"، ما يعني الانتقال رسمياً الى مرحلة الدعم على أساس سعر صرف يوازي 3900 ليرة لبنانية للدولار وانتهاء مرحلة الـ 1500 ليرة نهائياً، في انتظار رفع الدعم نهائياً في مدة أقصاها ثلاثة أشهر. والحديث عن "تخفيف وطأة الأزمة"، ليس سوى تبشير بزيادة سعر البنزين إلى نحو 70 ألف ليرة للصفيحة الواحدة. تمكّنت السلطة من تقديم زيادة السعر كحلٍّ مرتجى من قبل الجمهور، كما لو أنه الخلاص، تماماً كما يتم التعامل مع رفع الدعم مطلقاً، وترك الأسعار أسيرة سعر صرف الدولار "الحر"، كما لو أنه المنقذ الوحيد لسكان لبنان!
تزامن ذلك مع إعلان مصرف لبنان بيعه الدولار للمصارف التي تتقدم لفتح اعتمادات لاستيراد كل أنواع المحروقات بعد أن تكون قد استحصلت على موافقة مسبقة لهذه الاعتمادات على سعر 3900 ليرة لبنانية للدولار الواحد، وضرورة تسديد قيمة الاعتمادات مئة في المئة بالليرة اللبنانية. هذا القرار لا يعني وقف نزف الدولارات، إنما هدف المصرف المركزي من جرّاء هذا القرار هو زيادة الأسعار بما يؤدي إلى الحدّ من الاستهلاك والتمهيد لمرحلة رفع الدعم نهائياً، بحيث يتم تسويق هذا الأمر على أنه الحلّ الوحيد والفعلي لوقف التهريب الى سوريا. ومن جهة أخرى، يهدف مصرف لبنان إلى سحب أكبر قدر ممكن من الليرات من السوق، بهدف خفض قدرة السكان على الاستهلاك.
حكومياً، لا يزال الطرح المقابل لـ"الثلاث ثمانات"، هو "الأربع ستات". وتشير مصادر مطلعة الى أن هذا المسعى جرى تقسيمه على الشكل الآتي: 6 وزراء بينهم 5 لحركة أمل وحزب الله وواحد كاثوليكي للحزب القومي، 5 وزراء لتيار المستقبل وواحد مسيحي من الأقليات يسمّيه المستقبل أيضاً، 6 وزراء موزعين ما بين وزيرين لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية ووزير للحزب الاشتراكي وآخر لرئيس الحزب الديموقراطي طلال أرسلان و1 مشترك بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلّف. المسعى هذا رهن بما يقرره سعد الحريري غداً لدى عودته الى لبنان، على أن مصادر التيار الوطني الحر تشير الى أنه أمام خيارين لا ثالث لهما: إما التشكيل وإما الاعتذار.
*********************************************************************
عاصفة الغضب تتفلّت “برعاية” الفراغ السياسي
لعله اليوم القياسي لاشتعال مظاهر #الغضب العارم المتجول بحيث لم يترك مدينة، ولا بلدة، ولا طريقا رئيسيا، الا وقطعت وأشعلت عندها النيران فيما تجاوزت الأمور منحى التعبير الغاضب الى بعض الصدامات مع القوى الأمنية في دلالة بالغة الخطورة على صعود حالة الاحتقان الشعبي الى مستويات باتت تنذر بالتفلت الأشد خطورة من كل الحقبات السابقة منذ اندلاع انتفاضة17 تشرين الأول 2019. يوم الغضب هذا تصاعدت احتداماته بقوة لافتة في ساعات بعد الظهر واتسعت على نطاق كبير بحيث لم يبق طريق أساسي ببيروت والضاحية وطرابلس وصيدا والبقاع ومعظم مناطق جبل لبنان الا وقطعت بالاطارات المشتعلة، فيما بدا واضحا ان المعالجات التخديرية والظرفية لأزمة المحروقات ومعها “كارثة” الاشتعالات المطردة لسعر الدولار في السوق السوداء لعبت الدور الأسوأ في تأجيج عاصفة الغضب الشعبي وتفجيره على الغارب بما ينذر بعدم إمكان السيطرة على هذه العاصفة بسهولة بعد الان. ولعل المؤشر الأكبر على الخوف من تفلت الغضب وانفجاره وربما إمكان توظيفه واستغلاله على ايدي مندسة تتربص بالبلاد، وتسعى الى تحقيق اختراقات امنية، برز في ان هذا الغضب لم يتراجع امام الإجراءات المالية والإدارية التي اطلقها #مصرف لبنان واتاحت بدء دخول بواخر المحروقات للشروع في تفريغها ايذاناً بانهاء أزمة البنزين والمازوت وإزالة الاحتقانات المتراكمة في الشارع جراء الزحمة الخانقة على محطات المحروقات. اذ ان تراكمات الازمات المترابطة بدت أكبر واكثر تعقيداً من توقع احتواء العاصفة لمجرد إصدار جدول تركيب أسعار جديد للمحروقات سيصدر اليوم على سعر صرف الدولار بـ3900 ليرة ووعد بعودة انتظام تسليم المحروقات. ولم تكن الدعوة المفاجئة التي وجهها رئيس الجمهورية ميشال عون الى المجلس الأعلى للدفاع لعقد جلسة طارئة بعد ظهر اليوم سوى دليل إضافي على ما بلغته الأوضاع من تدهور يهدد الاستقرار الأمني في ظل انعدام الأفق للحل السياسي المتمثل حصراً بتشكيل حكومة إنقاذية، بل ان الوقائع الدامغة تثبت ان احتدام عا صفة #الاحتجاجات والغضب الشعبي إنما هو النتاج الحتمي للفراغ السياسي الذي تحول المحفز الأساسي للاهتزازات المقلقة الجارية .
#ازمة المحروقات
ومع يوم الغضب الماراثوني بدت كل القطاعات تحت وطأة شح المحروقات وانقطاعها من الاسواق. ففيما استمرت الطوابير امام المحطات، اقفل جزء كبير من المؤسسات أبوابها في انتظار التسعيرة الجديدة التي ستصدر عن وزارة الطاقة صباح اليوم .
وسارع مصرف لبنان الى الإعلان، أنه ابتداء من امس بدأ ببيع الدولار الأميركي للمصارف التي تتقدّم ب#فتح اعتمادات لاستيراد كل أنواع المحروقات بعد أن تكون قد استحصلت على موافقة مسبقة لهذه الاعتمادات على سعر 3900 ليرة للدولار الواحد. على أن تسدّد هذه المصارف قيمة الاعتمادات مئة في المئة بالليرة اللبنانية. وعلى الأثر بدأ تفريغ البواخر المحمّلة بالبنزين والمازوت الراسية على الشاطئ . وانعكست الازمة على عمل عدد من المؤسسات العامة ومديريات الأمن. فمع ساعات الصباح توقفت كلّ المعاملات في مركز الأمن العام في السوديكو بسبب انقطاع التيار الكهربائي وحصول عطل في المولدات الكهربائية. كما توقفت أنظمة أجهزة الكمبيوتر التابعة لوزارة المال في قصر عدل بيروت ما تسبّب بوقف كل معاملات استيفاء الرسوم. وفي المطار توقفت صناديق الجمارك عن قبض الرسوم بسبب عدم توافر الاوراق والمحابر، ما سيؤدي الى مشكلة في حركة الشحن .
وأفيد ان رئيس الجمهورية تابع تطور أزمة المحروقات في البلاد والمعاناة التي تواجه المواطنين لاسيما امام محطات الوقود، فأجرى اتصالات شملت وزير الطاقة والمياه ريمون غجر والإدارات المعنية في الوزارة، وطلب اتخاذ إجراءات سريعة وصارمة من اجل المساهمة في التخفيف من حدة الازمة المفتعلة، ووقف استغلال المواطنين. كذلك اتصل الرئيس عون بوزير الداخلية والبلديات العميد محمد فهمي وعدد من القادة الأمنيين، وطلب اليهم مساعدة الاجهزة الإدارية المعنية في منع تخزين المحروقات ووضعها بتصرف المواطنين، والتشدد في تطبيق القوانين مع المخالفين، الى حين تراجع الازمة خلال الـ 48 ساعة المقبلة.
ووسط هذه الاجواء القاتمة، عادت حركة قطع الطرق الى الاشتداد على امتداد المناطق اللبنانية، من الشمال الى الجنوب مرورا بالعاصمة احتجاجا على تردي الاوضاع المعيشية وانقطاع التيار الكهربائي، وبلغت حركة قطع الطرق ذروتها في ساعات بعد الظهر والمساء .
مواقف من الحكومة
على الصعيد السياسي، بدا شبه مؤكد ان كل ما أثير عن تحريك لملف #تشكيل الحكومة لم يتجاوز اطار المناورات المعتادة ولم تسجل أي حركة جديدة يمكن الرهان عليها جدياً. وبدا لافتاً الموقف الذي اتخذه رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد اذ شدد على ان “حزب الله والمقاومة وشعبها أحرص على الاسراع في تأليف حكومة تستعيد بناء الدولة ونظامها الاقتصادي والمصرفي، وقدرتها على إثبات الوجود والوقوف في وجه التحديات، وعلى أن تقول رأيها الصريح، وتضحي من أجل هذا الرأي في علاقاتها الدولية وتحالفاتها وخصوماتها ومواجهة عدوها الوحيد في المنطقة، ألا وهو الكيان الصهيوني الغاصب”. ولكنه طالب البعض بأن “يتوقفوا عن الكذب على اللبنانيين حينما يقولون بأن المشكلة التي تؤخر تأليف الحكومة تكمن في تسمية وزيرين، فثمة من لا يريد تشكيل حكومة، وهو يعرف نفسه وأوساط العمل السياسي تعرفه، ويريدون من الآن أن يفتحوا معركة #الانتخابات النيابية علما أن هناك حوالي الـ10 أشهر لموعد الانتخابات، وبالتالي، لا مشكلة لديهم بأن يجوّعوا الناس ويفلسوا البلد، وأن يستدعوا كل قوى العهر في العالم ليتفرجوا ويضحكوا علينا ويهزؤوا بنا، بانتظار أن نتنافس انتخابياً لنثبت أننا ديمقراطيون”، ودعا هؤلاء إلى أن “يشكلوا الحكومة، وأن ينطلقوا في العمل، وأن يتركوا الأشهر الأخيرة الباقية من عمر الحكومة للانتخابات النيابية تحضيرا وإنجازا”، لافتا الى ان “صراعاتنا مع بعضنا البعض تستلزم أن نثير العصبيات الطائفية والمذهبية والمناطقية ليثبت كل طرف منا من سيربح في الانتخابات المقبلة، ومن سيأتي برئيس جمهورية جديد للبلاد”. وشدد على أن “العهود الرئاسية تذهب، والمجالس النيابية يذهب أعضاؤها، ولكن الوطن وأبناؤه يبقون، وبالتالي على البعض في لبنان أن يتركوا مأثرة لهم في هذا الزمن”.
اما #حركة “امل”، فقالت في بيان “البلد يكاد يصل إلى نقطة اللاعودة مع المراوحة التي تعطل تشكيل حكومة مبنية على مبادرة الرئيس بري المطروحة للحل”، مضيفة “ محاولة ابتكار بدائل غير دستورية لا يمكن أن تنقذ الوطن”، ودعت الى “الكف عن المهاترات والمعارك الوهمية وبيانات تحويل الانظار عن المشكلة الاساسية المتمثلة بتعطيل كل الحلول”.
من جهة ثانية، دعا رئيس #مجلس النواب #نبيه بري الى #جلسة عامة، تعقد عند الحادية عشرة من قبل ظهر يومي الاربعاء والخميس المقبلين، وكذلك مساء اليومين المذكورين، في قصر الاونيسكو لدرس واقرار مشاريع واقتراحات القوانين المدرجة على جدول الاعمال، ومنها مشروع القانون المعجل الوارد بالمرسوم رقم7797 إقرار البطاقة التمويلية و فتح إعتماد إضافي إستثنائي لتمويلها.
***************************************************************************
“الإتجاه شرقاً”… شركة روسية رأسمالها 150 دولاراً!
لا “دولة” ولا “اشتراك”: “Leban…OFF”
على قاعدة “لحاق 8 آذار بتدلّك على الخراب”… لا عجب بأن يلقى لبنان هذا المصير الأسود الذي وصل إليه تحت سلطة أكثرية حاكمة سوّت كرامة اللبناني بالأرض وأضرمت نيران جهنّم تحت أقدامه. العجب كل العجب ممن كان يتوسّم بصيص أمل من سلطة قائمة على النصب والنهب والاحتيال… هدمت ركائز الدولة وتدعي إعادة تقويمها، نهبت المال العام وتدعي إعادة المال المنهوب، رعت الفساد وتدعي مكافحته، تقتل القتيل وتحقّق في مقتله… هي الشرعية والمافيا في منظومة واحدة، الدولة والدويلة في قالب واحد… “العهد القوي” و”العهد الحَجَري” في آن حيث لا غذاء ولا دواء… ولا كهرباء دولة ولا حتى “اشتراك”!
فلو كانت وزارة الطاقة “وكل الطاقات” العونية، لصاحبها جبران باسيل، تعلم أنّ إعلانها الذي استغبى عقول اللبنانيين يوم وعدتهم بـ”LebanON” مضاءً 24 ساعة على 24 ساعة، سينقلب عتمةً شاملة حوّلت البلد من أقصاه إلى أقصاه “LebanOFF” على مدار الساعات الأربع والعشرين، لكانت تجنبت عرضه وتعريض نفسها أقلّه للمساءلة عن وعودها الكاذبة… إن تعذرت مساءلتها عن سياسات الهدر وسمسرات البواخر التي كبّدت الخزينة نصف دينها العام.
كأحجار الدومينو، تساقطت المؤسسات الواحدة تلو الأخرى في قبضة العتمة بالأمس، فتوقفت كلّ المعاملات في مقر الأمن العام في السوديكو، وتوقفت أنظمة أجهزة الكمبيوتر التابعة لوزارة المالية في قصر عدل بيروت، وتوقفت معاملات استيفاء الرسوم، وتوقفت صناديق الجمارك في المطار عن قبض الرسوم بسبب عدم توافر الأوراق والمحابر وتعرقلت حركة الشحن، وتوقفت الأعمال في سراي صيدا، وأطفئت المولّدات في معظم المناطق شمالاً وجنوباً، وصولاً إلى بيروت، حيث توقفت أجهزة التكييف في عدد من أقسام المستشفى الحكومي، فكانت تغريدة مأسوية بالمختصر المفيد من مدير المستشفى فراس الأبيض: “لا داعي لاستعمال المخيّلة أو التهويل نحن في جهنّم حقاً”.
والأنكى، أنّ رئيس الجمهورية ميشال عون لم يكلّ ولم يملّ بعد من استدعاء مجلس الدفاع الأعلى كلما اشتدت الأهوال وساءت الأحوال لسؤاله “شو عم يصير؟”، فيخلص إلى استعراض مستجدات وقائع الانهيار مع المجتمعين ويوعز برفع الجهوزية والتدابير… وعلى الأرجح هذا ما سيكون عليه الحال اليوم في اجتماع قصر بعبدا الذي سينتهي إلى مقررات، أقصى ما تملكه إعلان التباهي بتأمين المحروقات للناس خلال الساعات المقبلة بتمويل مباشر من جيوب المودعين، بموجب قرار الرفع الجزئي لدعم مشتريات المحروقات على سعر صرف 3900 ليرة من الاحتياطي الإلزامي المتبقي في مصرف لبنان.
وفي الغضون، تواصل الأكثرية الحاكمة شبك لبنان في “صنارة” محور الممانعة وقطع شباكه مع المجتمعين العربي والدولي، وتدفع به نحو التوغل أكثر فأكثر في سياسة “الاتجاه شرقاً”، حيث هللت خلال الساعات الأخيرة أوساط فريق الثامن من آذار لزيارة وفد روسي إلى لبنان، بوصفها زيارة مفصلية هادفة إلى إطلاق عجلة الاستثمار في مجالات الكهرباء والطاقة والمرفأ في كل من بيروت وطرابلس.
غير أنّ حسابات حقل “البروبغندا” لم تتطابق مع بيدر المعلومات الفضائحية المتصلة بالشركة الروسية المعوّل على استثماراتها اللبنانية، إذ كشفت مصادر موثوق بها أنّ شركة “hydro engineering and construction” التي تهلّل قوى 8 آذار لاستثماراتها الموعودة في لبنان، كانت قد تأسست حديثاً في 5 شباط من العام الجاري برأسمال 10 آلاف روبل أي ما يعادل 150 دولاراً أميركياً، ولم يسبق لها تنفيذ أي مشاريع كبيرة سواء متعلقة بالطاقة أو بتطوير الموانئ.
وبحسب المعلومات فقد تبيّن أنّ هذه الشركة تأسست بغرض الدخول إلى أسواق جديدة مثل لبنان نظراً لكون شركتها الأم “ستروي ترانس غاز”، مدرجة على قوائم العقوبات الأميركية ولا يمكن لأي دولة أو جهة التعامل معها خشية إخضاعها للعقوبات. وفي هذا السياق، تكشف المصادر عن “خلفيات وشبهات تحوم حول جهات نافذة في 8 آذار تعمل على خط بيروت – دمشق، لدفع وزراء في حكومة تصريف الأعمال إلى توقيع بعض التعاقدات الثنائية مع هذه الشركة الروسية الناشئة، لغايات نفعية تدرّ سمسرات على بعض الجيوب وفي الوقت نفسه توحي بدخول الروس على الساحة اللبنانية في مواجهة أميركا والأسرة الدولية، في حين أنّ الشركات الروسية العملاقة في مجالات النفط والغاز وإعادة الإعمار، والتي كانت قد أبدت استعدادها للاستثمار في لبنان خلال زيارة الرئيس المكلف سعد الحريري إلى موسكو، أبلغت المعنيين بأنها لن تقوم بأي زيارة استطلاعية إلى بيروت قبل تشكيل حكومة إصلاحية تراعي شروط المجتمع الدولي وصندوق النقد لعلمها المسبق بأنّ أي خطوة استثمارية معاكسة لهذا الاتجاه لن تُكتب لها الحياة”.
*************************************************************************
عون مدعو إلى {حشر الحريري} بتسهيل تشكيل الحكومة
تفويض رئيس الجمهورية باسيل بمشاورات التأليف يلقى استغراباً دبلوماسياً
بيروت: محمد شقير
تقول مصادر دبلوماسية، عربية وأوروبية، في لبنان إن رئيس الجمهورية ميشال عون قرر أن ينأى بنفسه عن التدخُّل في المشاورات الجارية لإخراج عملية تأليف الحكومة من التأزم المديد الذي لا يزال يحاصرها. وتنقل عن عدد من السفراء العرب والأجانب ممن يلتقونه من حين لآخر أنه يتجنب الخوض في ملف تأليفها، والأسباب التي تعيق ولادتها، وإن كان يضطر أحياناً إلى الإجابة عن أسئلتهم بمواقفه المعتادة، محملاً الرئيس المكلف سعد الحريري مسؤولية تأخيرها، متذرعاً بوجود موانع خارجية تحول دون تشكيلها.
وتوضح المصادر الدبلوماسية لـ«الشرق الأوسط» أنها توصلت إلى قناعة بأن الرئيس عون أوكل ملف مشاورات تأليف الحكومة إلى رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، بالتكافل والتضامن مع حليفه «حزب الله»، وأنه لا يتدخل إلا في حال بادر صهره للاستنجاد به للرد على الحملات التي تستهدفه، في محاولة مكشوفة لتبرئة ذمته من اتهامه بالتعطيل.
وتسأل ما إذا كان عون يتناغم باستمرار مع وريثه السياسي باسيل بتحميل الحريري مسؤولية تعطيل تشكيل الحكومة، متذرعاً بأن لديه اعتبارات إقليمية ودولية يأخذها بعين الاعتبار، ويتعامل معها بجدية، وتقف وراء تردده في حسم أمره، فلماذا لا يبادر إلى تسهيل مهمته بتأليفها للتأكد من صحة اتهامه للرئيس المكلف بتعطيل ولادتها، بدلاً من إصراره على إصدار أحكامه المسبقة على النيات، خصوصاً أنه كان من بادر إلى قطع الطريق على تكليفه، بدعوة النواب إلى تحكيم ضمائرهم، من دون أن تتجاوب معه الأكثرية النيابية؟
وفي هذا السياق، تدعو المصادر عون إلى استعادة زمام المبادرة من باسيل، ليستعيد دوره في تشكيل الحكومة، وإلا فكيف يوفق بين إصراره على الشراكة في تأليفها وتنازله بملء إرادته عن صلاحياته لباسيل، فيما يخوض معركته لاسترداد صلاحيات رئيس الجمهورية، مع أنه يدرك أن رئيس الظل هو من يصادرها، وليس الرئيس المكلف.
وتنقل مصادر سياسية مواكبة للأسباب التي أدت إلى تعليق المفاوضات بين باسيل والنائب علي حسن خليل وحسين خليل، المعاونين السياسيين لرئيس المجلس النيابي نبيه بري والأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله، عن قيادي بارز محسوب على «الثنائي الشيعي» قوله إن رئيس الجمهورية ليس موجوداً في المشاورات، وإلا لماذا فوض صهره بالنيابة عنه، وبوكالة حصرية غير قابلة للعزل أو التعديل؟
وتقول المصادر السياسية إنه لا شيء يمنع عون من أن يتخذ قراره بتسهيل مهمة الحريري بتشكيل الحكومة، بدءاً بالضغط على باسيل لإسقاط شروطه التي تؤخر تأليفها. وتؤكد أن عون لو قرر التجاوب مع الذين نصحوه بإطلاق يد المكلف بتشكيلها بلا شروط، بخلاف إرادة الفريق السياسي المحسوب عليه الذي يأتمر مباشرة بتعليمات صهره، لرمى الكرة في مرمى الحريري لاختبار مدى صوابية الذرائع التي يلصقها بالأخير لتبرير استمرار انسداد الأفق أمام تسريع ولادتها.
وتخشى المصادر المواكبة من أن يكون لإصرار الفريق السياسي المحسوب على عون وباسيل في تحميله مسؤولية التعطيل للحريري علاقة مباشرة بتعويم باسيل، باعتبار أن تعويمه يبقى البند الوحيد المُدرج على جدول أعمال عون لتأمين استمرارية إرثه السياسي بعد انتهاء ولايته الرئاسية، وتقول إن مضي باسيل في اشتباكاته السياسية التي يستهدف بها الرئيس نبيه بري والحريري يكمن في استنفاره للعصبيات الطائفية والمذهبية لاسترداد ما خسره من محازبيه ومؤيديه من جهة، وللتحريض على حزبي «القوات اللبنانية» و«الكتائب»، تحت عنوان رفضهما الانخراط في الدفاع عن صلاحيات رئيس الجمهورية.
ولا تستبعد مصادر سياسية أن عون باستهدافه الحريري وبري يريد أن يقدم خدمة مجانية لـ«حزب الله» الذي يرفض أن يستخدم نفوذه لدى باسيل لإقناعه بإسقاط شروطه التي تعيق تشكيل الحكومة، على الرغم من أنه يدعم مبادرة حليفه الاستراتيجي رئيس المجلس.
كما لا تستبعد أن يكون «حزب الله» على تناغم مع باسيل لتقطيع الوقت، بوضع تشكيل الحكومة على لائحة الانتظار، إلى حين جلاء النتائج المرجوة -من وجهة نظره- من المفاوضات الأميركية – الإيرانية حول الملف النووي، وإلا لم يعد من مبرر لتمديده المشاورات مع باسيل التي توقفت أخيراً بامتناع النائب خليل عن المشاركة فيها، مشترطاً أن يجيب باسيل عن نقطتين تتعلقان بتسمية الوزيرين المسيحيين، وحسم أمره بمنح الحكومة الثقة.
لذلك، فإن المصادر نفسها لا ترى من مبرر لإصرار «حزب الله» على مراعاته لباسيل الذي أخذ يتصرف كأن لديه من فائض القوة ما يدعوه للتمسك بشروطه، وأولها الضغط على الحريري للاعتذار عن تأليف الحكومة، علماً بأن المصادر الدبلوماسية ترفض أن تسقط من حسابها التناغم بين الحزب وباسيل لتمديد أزمة المشاورات استجابة منهما لتحسين شروط إيران في المفاوضات لعل نتائجها تأتي لمصلحة الوريث السياسي، ليوظفها في إعادة تعويم نفسه.
وعليه، فإن «حزب الله» وإن كان يميل بلسان أمينه العام حسن نصر الله لمصلحة المبادرة التي أطلقها بري، المدعومة من الحريري، فإن عدم استعداده لترجمة ما أكد عليه يعني أنه أودع موقفه لديهما، وترك قراره الحاسم في عهدة باسيل.
ويبقى السؤال: ماذا سيقول الحريري فور عودته إلى بيروت؟ وهل يبادر إلى اتخاذ موقف في ضوء اجتماعه بحليفه بري يؤدي إلى قلب الطاولة أم أنهما سيتريثان بالتنسيق مع رؤساء الحكومات السابقين وآخرين إفساحاً في المجال أمام توحيد الرؤية حول خطة المواجهة لمرحلة ما بعد اعتذاره، مع أنها ليست مطروحة على الأقل في المدى المنظور؟
***************************************************************************
9 أشهر تعطيل.. الشريكان: “لفّ ودوران”.. والفوضى على الباب!
وانقضى الأسبوع الأول من الشهر التاسع على تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة. وما جرى بينه وبين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وفريقه السياسي من خصام وصراع وصدام على مدى أشهر الحَمَل الحكومي، بدءاً من يوم تكليف الحريري في 22 تشرين الأول من العام الماضي وحتى اليوم، أعدم كلّ السبل والمحاولات والمبادرات لولادة طبيعية لهذه الحكومة، وحتى الولادة القيصرية صارت بدورها متعسّرة، فلا مسهّلاتها وأدواتها متوفرة، ولا هو متوفّر أيضاً، الجرّاح الماهر لفتح البطن السياسي المتورّم وإخراج الجنين الحكومي إلى النور!
غرف سوداء
وفي موازاة هذا الانتفاخ، وطنٌ يحصي ما تبقّى له من أيام على قيد الحياة، بعدما سُدَّت عمداً كل الأنابيب التي تمدّه بأوكسيجين الحياة. والأخطر من ذلك، أنّ إرادة تسريع الإجهاز عليه، عادت إلى الظهور، اعتباراً من نهاية الأٍسبوع الماضي، في أسوأ تجليّاتها في عملية «تخريب منظّم» ترعاها «غرف سوداء»، أوكلت إلى شياطينها افتعال الأزمات في كل مجالات حياة اللبنانيين، وتحريك السوق السوداء ودفع الدولار الى مستويات خيالية. والى غربانها، النعيق على مواقع التواصل الاجتماعي، بتغريدات تورّم الإحتقان السياسي أكثر، وتدفع إلى الفتنة بين اللبنانيّين.
المجريات التوتيريّة المتلاحقة على طول المشهد الداخلي وعرضه، تشي بأنّ تلك الغرف السوداء، تُدحرج البلد إلى فوضى لا يقوم منها، وكلّ ذلك يجري على عين تجار السلطة المتحكّمين بالزمام، والقابضين على القرار. وليس منهم من يحاسبها أو يردعها، أو يجرؤ على فضحها وكأنّها أقوى منهم، أو من صناعتهم، أو شريكة لهم في المنحى التدميري للبلد الذي ينتهجونه بالتعطيل المتعمّد لتشكيل الحكومة، التي يعتبرها القاصي والداني بأنّها الفرصة للشروع في إطفاء نار الأزمة ونقل لبنان وشعبه المنكوب إلى برّ الأمان.
باريس: تخلّف
ويأتي ذلك في موازاة اشارات فرنسية متتالية، تستعجل مختلف الاطراف تسهيل تأليف حكومة المهمّة، وهو ما كشفته مصادر ديبلوماسية من العاصمة الفرنسية، التي عكست قلقاً بالغاً لدى المسؤولين حيال تفاقم الأزمة في لبنان والمعاناة الصعبة للبنانيين. واكّدت انّ الأولوية لدى الرئيس ايمانويل ماكرون هي النجاح في تشكيل حكومة في لبنان وفق مبادرته، ولكن مع الاسف ثمة شعور بالإحباط من التعاطي المتخلّف لبعض القادة في لبنان، واصرارهم على حزبياتهم ومصالحهم الضيّقة، وتجاوز المصاعب التي يعانيها الشعب اللبناني بكل فئاته.
واشنطن: مليارات
في موقف اميركي لافت، قال رئيس فريق العمل الأميركي من أجل لبنان السفير إدوارد غابرييل لقناة الحرة، «إنّ المجتمع الدولي سيمنح مليارات الدولارات إلى لبنان إذا سهّل المسؤولون فيه تشكيل حكومة تستجيب لحاجات الشعب اللبناني».
اضاف: «لقد عُرض عليهم أكثر من 11 مليار دولار، ليس فقط بالمؤتمرات إنما من صندوق النقد الدولي، ولكن لم يقبلوا بهذه الجزرة حتى الآن، فكانت النتيجة أنّ الحكومات الآن تفرض عقوبات، وذلك على قاعدة أعطيناكم الجزرة ولم تستجيبوا، إذاً ستنالون العصا».
وكشف عن مساعدات أميركية جديدة مقررة للجيش اللبناني، بنحو 250 مليون دولار. مشيداً بقائد الجيش العماد جوزف عون «ووصفه بالقائد العظيم».
وردّاً على سؤال عما يتردّد عن مساعٍ لرفع العقوبات عن جبران باسيل، قال غابرييل: «استمعت إلى هذه التقارير، لم أرَ أي دليل على ذلك حتى الآن. إنّ الولايات المتحدة لن تتأثر بهذه المساعي لرفع العقوبات عن أفراد، هذا أمر لن يحدث. لا أعلم إذا كانت التقارير صحيحة أم لا، ولكن من يظنون أنّ باستطاعتهم الضغط على الولايات المتحدة لرفع العقوبات، يضحكون على أنفسهم».
في سياق آخر، أكّد غابرييل العمل على إبقاء لبنان أولوية لدى إدارة الرئيس بايدن، وأنّ الكونغرس مهتم بهذا الأمر، وقال: «إنّ السفيرة الأميركية دوروثي شيا التي كانت في واشنطن في الأسبوعين الماضيين، أوضحت أنّها فوجئت بالاهتمام الذي يحظى به لبنان».
لا وقت يُشترى
وفي موازاة الاستعجال الخارجي لتشكيل حكومة، يبرز الجمود الداخلي عند مربّع التعطيل، على أنّ الثابت مع هذه السلطة المتحكّمة بالبلد، والغرف السوداء الموازية لها، هو أنّ لبنان مهدّد بفقدان الأمان بالكامل، وعلى ما يؤكّد مرجع مسؤول لـ«الجمهورية»، أنّه لم يعد أمام لبنان وقت ليشتريه، وسقطت الناس في شرّ أعمال المعطّلين، وخسرت كل ما لديها، وضاعت، وضاع معها البلد، في سياسة اللف والدوران المتبعة منذ ثمانية أشهر. وقبل الحديث عن أي مبادرة او أي مسعى لحلحلة العِقد، وكسر هذه الدوامة، ينبغي توجيه سؤال حاسم ومباشر إلى الشريكين في تأليف الحكومة: هل تريدان حكومة أم لا؟ فإما تأليف أو لا تأليف، وفي ضوء جوابهما يُبنى على الشيء مقتضاه.
في انتظار الحريري
بحسب معلومات «الجمهورية»، فإنّ حركة مشاورات مكثفة جرت في عطلة نهاية الاسبوع على مستوى «حزب الله» وحركة «أمل»، وبين «حزب الله» و«التيار الوطني الحر»، وكذلك عبر الهاتف بين عين التينة والرئيس المكلّف سعد الحريري.
واذا كانت أولوية عين التينة «أن نأكل العنب الحكومي وفق مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري، بوصفها القشّة الوحيدة التي يتعلق فيها الملف الحكومي في بحر التعقيدات العميق، وجسر الخروج من الازمة الراهنة والعبور الى حكومة انقاذية»، فإنّ التشكيك المتبادل في جدّية سلوك مسار التأليف، لا يزال يطبع موقفي الرئيس المكلّف ورئيس الجمهوريّة وفريقه السياسي. إذ أنّ الرئيس المكلّف لم يلمس بعد ما يؤكّد توجّه عون وفريقه نحو تشكيل حكومة برئاسته، وفي المقابل يتهم الرئيس المكلّف بأنّه يتعمّد تضييع الوقت ويهرب من تشكيل حكومة.
ووفق معلومات «الجمهورية»، فإنّ الاتصالات التي قام بها «حزب الله» على إثر الاطلالة الأخيرة للامين العام للحزب السيد حسن نصرالله، وإبداء استعداده الى تقديم المساعدة، مع رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، ركّزت على النقطتين العالقتين، باعتبار انّ سائر النقاط التي كانت محل خلاف قد أمكن تذليلها وحُسم الاتفاق بصورة نهائية عليها:
النقطة الاولى: تسمية الوزيرين المسيحيين الماروني والارثوذكسي. حيث انّ المسعى الجديد ينطلق من أحقية الرئيس المكلّف تسمية وزراء مسيحيين، وعدم القبول بتقييده وانتزاع هذا الحق منه. وتشير المعلومات في هذا السياق، الى انّ باسيل نفى أن يكون توجّه رئيس الجمهورية وفريقه حرمان الرئيس المكلّف هذا الحق. واقترح تبعاً لذلك بأن يسمّي الرئيس المكلّف 5 اسماء لشخصيات مارونية، و5 اسماء لشخصيات ارثوذكسية، وفي الوقت نفسه يسمّي رئيس الجمهورية 5 اسماء مارونية و5 أسماء أرثوذكسية.
وتفيد المعلومات، بأنّ هذا الطرح خضع لنقاش مطوّل، خلص في نهايته ان يتولّى الرئيس المكلّف تسمية 5 شخصيات مارونية و5 شخصيات ارثوذكسية، ويعرضها على رئيس الجمهورية ليختار من بينها شخصيتين يتمّ التوافق عليهما بينه وبين الرئيس المكلّف. فإن لم يوافق على الاسماء المطروحة، يطرح الرئيس المكلّف اسماء جديدة، وهكذا دواليك، حتى يتفقان على إسمي الوزيرين، وتحلّ هذه العقدة. وتؤكّد مصادر المعلومات، أنّ رئيس الجمهورية لا يمانع هذا الطرح.
وقالت المصادر عينها، انّ هذا الطرح يُعدّ المخرج الملائم والحل الوسط لعقدة الوزيرين، وحسمه ينتظر عودة الرئيس المكلّف ليُعرض عليه والبت به سلباً ام ايجاباً.
النقطة الثانية، هي مسألة منح الثقة للحكومة، إذ تأكّد في هذه الاتصالات انّ باسيل عكس موقفه في هذا الشأن لجهة عدم منح «التيار الوطني الحر» الثقة لحكومة الحريري إن تشكّلت.
وتشير المعلومات في هذه المسألة، الى انّ النقاش حول هذه المسألة كان طويلاً ومضنياً، حيث عكس النقاش، انّ باسيل حاسم في موقفه لناحية عدم منح الثقة للحريري في اي حال من الاحوال. والنقاش في هذه النقطة معه انطلق من عدم جواز ذلك، طالما انّه مشارك في الحكومة، فكيف يكون مشاركاً في الحكومة ولا يمنحها الثقة؟ علماً انّ «التيار الوطني الحر» و»تكتل لبنان القوي» ممثلان في الحكومة عبر وزراء رئيس الجمهورية، وهو التمثيل الأعلى من سائر الاطراف، حيث ينال وحده ثلث الحكومة أي 8 وزراء من 24 وزيراً. وفي هذه الحالة لا يستطيع باسيل أن يفصل نفسه عن رئيس الجمهورية.
وبدا من النقاش، أنّ المسألة في هذا الجانب، بقدر ما هي سياسية، فهي بقدر أعلى شخصية. ومن هنا، فإنّ باسيل شخصيّاً، مصرٌ على عدم منح الثقة للحريري. وإزاء ذلك، طُرح مخرج على طاولة النقاش، يقول بأن يبقى باسيل على موقفه لناحية عدم منح الثقة، ولكن في الوقت نفسه، يعطي لنواب «تكتل لبنان القوي» حرية التصويت بمنح الثقة او حجبها.
الارتطام المدمّر
الى ذلك، أكّدت مصادر معنيّة بالاتصالات الجارية لـ«الجمهورية»، انّ خلاصة هذه الاتصالات يفترض ان تتبلور نتيجتها ضمن فترة لا تتجاوز نهاية الاسبوع الجاري، ما يعني أنّ هذا الاسبوع هو الذي ستتحدّد فيه وجهة البوصلة الحكومية، اما في اتجاه التأليف، وهذا معناه وضع لبنان على سكة الخروج من الأزمة، وإما في اتجاه عدم التأليف، مع ما سيرافق ذلك من تعميق اضافي للحفرة التي سقط فيها، واشعال اكبر للأزمة وما يترتب عنه من فلتان سياسي واقتصادي ومالي وربما أمني، وفوضى عارمة في الشارع، تسرّع في الإرتطام المدمّر للبنان.
ولدنة… وانتخابات
ما ذهبت اليه المصادر المذكورة، يتقاطَع مع توصيف قاس لمسؤول سياسي كبير، حيث اعتبر الاشتباك السياسي الحاصل بين شريكي التأليف وفريقيهما السياسيين بمثابة «ولدنة تلهو بمصير البلد ستؤدي الى نتائج كارثية»، كذلك يتقاطع مع قراءة تشاؤمية لموقفي الشريكين في تأليف الحكومة، توردها مصادر سياسية وسطية، تخلص فيها إلى أنّ الطرفين لا يريدان تشكيل حكومة، وكلاهما يتعمّدان، من خلال ذرائع مختلقة، المماطلة وتضييع الوقت، وهذا الامر يبدو انه سيستمر حتى شهر أيلول او تشرين الاول المقبلين. عندها تقصر المسافة الزمنية الفاصلة عن موعد الانتخابات النيابية في ايار من العام المقبل، وتختلف الاولويات، فبدلَ ان تكون الحاجة لحكومة إنقاذ وإصلاح تصبح الحاجة والاولوية لحكومة انتقالية يترأسها أيّ كان ولها وظيفة محددة ومحصورة بإجراء الانتخابات النيابية.
واوضحت المصادر أنّ كلا الطرفين يتعاطيان مع ملف التأليف انتخابياً، واعتمدا البَدء في عملية شد عصب مفضوحة، فالتيار الوطني الحر، ومن خلفه عون، يعتبر انّ تصلّبه في هذه المرحلة يربّحه ويمكّنه من استرداد بعض التراجع التي لحق به امام سائر القوى المسيحية، وتحديداً القوات اللبنانية. والحال نفسها مع تيار المستقبل ومن خلفه الرئيس الحريري، الذي يرى في معركته مع عون وباسيل أنها تمكّنه من إعادة تثبيت وضعه السياسي وتعزيز وضعه الشعبي، ويحقق من خلالهما فوزاً في الانتخابات يعيده على حصان أبيض الى رئاسة الحكومة.
على انّ السؤال الذي تطرحه المصادر الوسطية على الطرفين يفيد بأنّ من حقهما ان يشتغلا انتخابات من الآن وفي أي وقت، ولكن في حالة لبنان الكارثية التي يمر بها، هل يعتقدان انّ لبنان سيصمد من الآن وحتى موعد الانتخابات، لا بل هل سيبقى لبنان حتى ذلك الحين؟
الى ذلك، حذّرت حركة «أمل» من «أنّ البلد يكاد ان يصل إلى نقطة اللاعودة مع استمرار المراوحة والمكابرة السياسية التي تعطّّل تشكيل حكومة مبنية على مبادرة الرئيس بري المطروحة للحل، في الوقت الذي يجوع فيه المواطن ويتجرّع كأس الذل للحصول على احتياجاته الأساسية ما يهدّد بانفجار الأمن الاجتماعي في ظل غياب المعالجات الاقتصادية والمالية والاجتماعية والصحية، وعدم وضع حلول للأزمات المتوالدة من بعضها البعض، والتي يتعاطى معها المسؤولون من باب رفع العتب بدلاً من طرح خطط أساسية تكون بوابة الخروج من الازمة والاتجاه إلى رفع المعاناة عن اللبنانيين».
ودعت الحركة، في بيان لمكتبها السياسي أمس، إلى «الكَف عن المهاترات والمعارك الوهمية وبيانات تحويل الانظار عن المشكلة الاساسية المتمثلة بتعطيل كل الحلول ومحاولة ابتكار بدائل غير دستورية لا يمكن أن تنقذ الوطن، والمطلوب في ظل تعطيل السلطة السياسية دعوة الكتل النيابية للإسراع بإقرار القوانين المتعلقة بحياة الناس ومعيشتهم لا سيما البطاقة التمويلية».
رعد
وفي موقف لافت للانتباه لـ«حزب الله»، عبّر عنه رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، قال فيه ان «لا أحد يتوقع في لبنان أن تتشكّل حكومة ملائكية، فنحن نعرف النوعية القادمة في أي حكومة ستشكّل، وهي لن تستطيع أن «تشيل الزير من البير»، وإذا لم تكن الحكومة معقد آمال أحد من الناس، فعلى ماذا تتخاصمون؟ ولماذا لا يتنازل بعضكم للبعض الآخر؟».
ودعا إلى أن «يتوقفوا عن الكذب على اللبنانيين حينما يقولون إن المشكلة التي تؤخّر تأليف الحكومة تكمن في تسمية وزيرين، فثمة من لا يريد تشكيل حكومة، وهو يعرف نفسه وأوساط العمل السياسي تعرفه، ويريدون من الآن أن يفتحوا معركة الانتخابات النيابية ولا مشكلة لديهم بأن يجوّعوا الناس ويفلسوا البلد، وأن يستدعوا كل قوى العهر في العالم ليتفرجوا ويضحكوا علينا ويهزأوا بنا، بانتظار أن نتنافس انتخابياً لنثبت أننا ديمقراطيون».
وقال: «إنّ صراعاتنا مع بعضنا البعض تستلزم أن نثير العصبيات الطائفية والمذهبية والمناطقية ليثبت كل طرف منّا من سيربح في الانتخابات المقبلة، ومن سيأتي برئيس جمهورية جديد للبلاد». واشار الى أنّ «العهود الرئاسية تذهب، والمجالس النيابية يذهب أعضاؤها، ولكنّ الوطن وأبناءه يبقون. وبالتالي، على البعض في لبنان أن يتركوا مأثرة لهم في هذا الزمن، وأن يسارعوا إلى تأليف الحكومة». وأضاف: «نحن من موقع فجيعتنا التي أتت في سياق كل هذه الأزمات التي تتوالى علينا في هذا البلد، نناشدكم جميعاً أن تقدموا لبعضكم التنازلات من أجل أن تشكلوا الحكومة التي تعتبر المدخل لإجراء الانتخابات النيابية، وإذا لم تؤلّف الحكومة الآن، فلا أحد يضمن تأليفها لاحقاً».
أزمة المحروقات تنتظر
وسط هذه الاجواء القاتمة، يبدو انّ الكلمة عادت الى الشارع، احجاجاً على تردي الاوضاع المعيشية وانسداد افق الأزمة وانعدام المعالجات، وتمدّدت حركة الاحتجاجات من بيروت الى سائر المناطق اللبنانية مع اعتصامات وقطع طرقات وإحراق إطارات السيارات. وفيما استمرت طوابير الاذلال امام محطات المحروقات طوال يوم امس، توقعت مصادر نفطية أن تبدأ الحلحلة في الأزمة اعتباراً من اليوم بعدما أعلن مصرف لبنان أنه «ابتداءً من 28 حزيران 2021 سيقوم ببيع الدولار الأميركي للمصارف التي تتقدّم بفتح اعتمادات لاستيراد كافة أنواع المحروقات بعد أن تكون قد استحصلت على موافقة مسبقة لهذه الاعتمادات على سعر 3900 ليرة للدولار الواحد».
وعليه، من المتوقع بدء تفريغ البواخر المحمّلة بالبنزين والمازوت الراسية على الشاطئ اللبناني في الساعات القليلة المقبلة فَور جهوز الملفات المطلوبة وفتح الاعتمادات المصرفية.
الى ذلك، تبقى الانظار شاخصة نحو جدول تركيب اسعار المحروقات المتوقع ان يصدر خلال الـ48 ساعة المقبلة، وكشفت المصادر لـ»الجمهورية» انّ سعر صفيحة البنزين سوف يتراوح وفق التسعيرة الجديدة ما بين 65 و70 ألفاً والمازوت ما بين 45 الى 47 الفاً، متأثرة فقط بسعر برميل النفط عالمياً الذي ارتفع الى حدود 75 دولاراً للبرميل.
مشهد سوريالي
على انّ الصورة البائسة تتجلى في الفاقة التي ضربت البلد من أقصاه الى أدناه، فقد فاقم شح المازوت الاضرار الاقتصادية والحياتية، ما دفع بعض المتاجر والمصانع الى العمل بدوام جزئي، الّا انّ هذا الخيار غير متاح لبعض القطاعات مثل القطاع الاستشفائي والفندقي والمطعمي وتخزين الاطعمة التي تواجه أزمة وجودية.
وفي المرافق العامة، بدأ المشهد يصبح سوريالياً. ففي المطار، توقفت الجمارك عن تحصيل الرسوم بسبب نقص في القرطاسية. وفي الامن العام، توقف تسيير المعاملات بسبب انقطاع الكهرباء… وبما انّ الكهرباء «مقطوعة» فالمياه أيضاً «مقطوعة»، وقد أعلنت مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان أنّ التقنين القاسي يعود إلى التقنين الحاصل في الكهرباء وشح مادة المازوت، حيث تسلّمت المؤسسة ربع الكمية التي تحتاج إليها لتشغيل المحطات والمولدات.
والوضع في المستشفيات الحكومية مماثل وأخطر، حيث اعلن مدير مستشفى رفيق الحريري الجامعي فراس أبيض «انّ وضع تغذية الكهرباء للمستشفى غير مقبول، فهناك انقطاع لأكثر من ٢١ ساعة في اليوم. الفيول غير متوفر، واذا توفّر، فإننا نعاني مشاكل سيولة. المرضى لا يستطيعون تغطية الفروقات. أخذنا قراراً بإيقاف اجهزة التكييف، إلّا في الاقسام الطبية، رغم موجة الحر. لا داعي لاستعمال المخيلة او للتهويل، نحن في جهنم حقاً».
هكذا يبدو المشهد في البلد، وكأن لا دولة ولا سلطة ولا من يرعى شؤون الناس، المتروكين لمصيرهم بكل معنى الكلمة.
الأعلى للدفاع
وفي خطوة مفاجئة، وجّه رئيس الجمهورية الدعوة الى اجتماع للمجلس الاعلى للدفاع يُعقد عند الواحدة من بعد ظهر اليوم، للبحث في الوضع الامني والتطورات الاخيرة التي رفعت منسوب التوتر في الشارع وعمليات قطع الطرق من وقت لآخر.
وفي معلومات «الجمهورية» انّ رئيس الجمهورية أصرّ على عقد الاجتماع من اجل استباق أي رد فعل محتمَل نتيجة رفع اسعار المحروقات بشكل غير مسبوق ابتداء من صباح اليوم، وانّ هناك مخاوف من ردات فعل قد تنعكس على الأرض.
ولفتت المصادر الى انّ رئيس حكومة تصريف الاعمال سيشارك في الاجتماع بعدما قاطعَ عدداً من الإجتماعات مؤخراً لاعتقاده انها ليست بديلاً من ضرورة السعي الى تشكيل حكومة جديدة، وكان آخرها مقاطعته للاجتماع الوزاري – المالي الخاص الذي عقد في بعبدا من اجل معالجة ملف استيراد المشتقات النفطية الذي أفضى الى رفع سعر الدولار المدعوم من مصرف لبنان من 1500 ليرة الى 3900 ليرة.
****************************************************************************
بيروت ومدن لبنان منكوبة.. والأمن لمواجهةالاحتجاجات بدل الحكومة!
جلسة تشريعية مالية في دولة مفلسة.. وغلاء معيشة للعسكريين فقط.. وإضراب للمصارف
بدت بيروت مع هبوط الليل مدينة منكوبة، وكدلالة على نكبتها يمكن القول ان طرابلس وصيدا وصور والنبطية وجبيل وبعلبك وجونيه وكل مدن لبنان في وضع مماثل: الشلل، اليأس، البطالة، فقدان السلع الأساسية، ومقومات الحياة، من الكهرباء والمحروقات، والانترنت، وسائر الخدمات التي تبدو ضرورية وحيوية في وقت واحد.
الشوارع شبه خالية، ما خلا مستوعبات النفايات المبعثرة، بما فيها شبان على الدراجات في مسيرات احتجاجية لوقف العبث بالمصير الوطني كلّه، كرمى لاوهام حقوق، وصلاحيات، لا طعم لها ولا لون، في بلد يحترق، ويبدو انه محاصر، ويكاد اليأس يقتله، فيما الطبقة السياسية، تتصرف وكأن لا شيء يحصل.
اليوم، بيروت ولبنان بلا مصارف، إضراب تضامني مع مصرف تعرض لاقتحام على خلفية إغلاق حساب يرجع لاحدى الجمعيات، عملاً بقوانين العقوبات الأميركية التي تلتزمها المصارف اللبنانية، وموظفو الإدارة العامة يبدأون اليوم اضراباً، وهيئة التنسيق النقابية تتوقف عن العمل الخميس، بهدف معالجة «مشكلة تدني القيمة الشرائية للرواتب بكل الوسائل الممكنة»، في وقت تتصاعد فيه الدعوات للاضراب والعصيان المدني بدءاً من 1 تموز.
ومن الممكن ان يتفاقم الموقف إذا ادرك العاملون في القطاع العام من المدنيين ان المجلس النيابي في جلسته غداً وبعد غد امامه اقتراح قانون لإعطاء بدل غلاء معيشة، فالبند 57 من جدول الأعمال يتضمن: منح دفعة على غلاء المعيشة لضباط وعناصر الجيش وقوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة وشرطة مجلس النواب والضابطة الجمركية والعسكرية.
في هذا الوقت، قررت اتحادات ونقابات قطاع النقل البري الإضراب العام في 7 تموز، إذا لم يتم التوصّل إلى معالجة سريعة لأوضاع القطاع، بعد اجتماع، حذر خلاله رئيس الاتحاد العمالي العام من ان يكون رفع الدعم بمثابة كارثة على صعيد النقل والمستشفيات والسوبرماركت والمولدات.
البلد كلّه في الشارع، والحاكم عى عناده وشروطه، من دون السماح بالتقدم قيد أنملة على صعيد البدء بعملية وقف الانهيار عبر حكومة متحررة من القيد الحزبي، وطغيان الطبقة السياسية الفاسدة.
وبدل وضع الحل على السكة، تمعن هذه الطبقة بمحاولات تقسيم الموظفين بين عسكريين تدرس اغراءهم بزيادات على معاشاتهم دون المدنيين، والتلويح بإجراءات لئلا يتفلت الشارع من جرّاء الحركة الاحتجاجية.
وأكدت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن اجتماع المجلس الأعلى للدفاع اليوم يناقش أكثر من ملف مرتبط بالوضع الراهن والتخوف من تفلت الأمور بفعل التحركات الاحتجاجية على الواقع القائم والذي ينذر بمضاعفات خطيرة.
وأعلنت المصادر نفسها أن المجلس سيناقش الإجراءات الواجب اتخاذها من أجل المحافظة على الاستقرار ومنع أي تدهور جراء تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية والمالية.
وتوقعت أن تكون مواقف تتصل بهذا الواقع فضلا عن قضايا آخرى ذات الصلة.
حكومياً، بقي التيار الوطني الحر، يبث المخاوف تحت أوهام دستورية، لا أساس لها على أرض الواقع.. فتارة الكلام على الصلاحيات، والمعايير، واخرها التحذير من المثالثة، مع العلم ان البحث انتقل إلى 4 ستات (4×6)= 24 وزيراً لتجاوز عقدة المثالثة التي طالب بها النائب جبران باسيل، ويتنكر لها اليوم، ولم تسجل أي حركة ذات تأثير، وقالت المصادر الأمور مرهونة بخواتيمها أو نتائجها العملانية.
وتشير مصادر متابعة لملف تشكيل الحكومة الى استمرار الدوران في دوامة العقد والشروط التعجيزية التي يتلطى وراءها رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل ولم يتم التوصل الى حلحلتها أو تجاوزها، برغم كل ما يتسرب من معلومات واخبار عن حلحلة ما، تمهد الطريق لتشكيل الحكومة الجديدة. وقالت المصادر ان مسار الاتصالات والتواصل بخصوص تشكيل الحكومة متوقف تقريبا على المستويات المعهودة سابقا باستثناء تواصل هاتفي محدود. ومايزال البحث يتركز على النقاط الاساسية الواردة في مبادرة الرئيس نبيه بري والتي تبناها حزب ألله بالنقاش مع رئيس التيار الوطني الحر، كمرتكز للتوصل الى تفاهم مشترك لتشكيل الحكومة العتيدة برغم التحفظات التي ابداها الاخيرعليها.
واشارت المصادر إلى ان تكتما يفرض على نقاط الخلاف المتبقية من قبل الجهات المعنية الا انها اعربت عن اعتقادها، بانها اصبحت محصورة بنقطتين، الأولى الخلاف على تسمية الوزيرين المسيحيين وقد عرضت اكثر من صيغة مقبولة من بري لمعالجتها،في حين تبقى نقطة مشاركة كتلة التيار الوطني الحر بالحكومة من عدمه وعما إذا كانت ستمنح الحكومة العتيدة الثقة ام لا.
فقد توقفت الاتصالات نهائياً خلال الايام الماضية حول تشكيل الحكومة، وعلمت «اللواء» ان حزب الله توقف من حيث انتهت آخر اللقاءات مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل «لأن مواقف الاطراف لا زالت على حالها بالنسبة لحل عقدة تسمية الوزراء المسيحيين». فيما تردد ان هناك ليونة في موقف باسيل لجهة منح الثقة للحكومة، وانه «من غير المنطقي اذا تشكلت الحكومة ونال رئيس الجمهورية حصته منها ألّا نعطيه الثقة لكن ليس قبل معرفة برنامج الحكومة وتوجهاتها الاصلاحية» كما قالت مصادر التيار.
بالمقابل، افادت مصادر تيار المستقبل انه طالما يستمر الرئيس عون والنائب باسيل في تعطيل الحلول عبر طلب الحصول على ثمانية وزراء فلن تكون هناك حلول، لكنها لم تستبعد ان يعمل الرئيس المكلف سعدالحريري بعد عودته من الخارج على تقديم صيغة حكومية من 24 وزيراً الى الرئيس عون بعد التوافق مع الرئيس نبيه بري. لكن الصيغة المطروحة حالياً لحكومة الـ 24 وزيراً وفق تركيبة 3 ثمانات تعني منح الرئيس عون وحده مع فريقه السياسي قوة التعطيل، إذ لا يوجد اي فريق من الحكومة يملك وحده 8 وزراء، وهذا ما ليس مقبولاً.
الجلسة التشريعية
تشريعياً، ينعقد مجلس النواب على مدى يومين في جلسات تشريعية عامة، وعلى جدول أعمالها 73 بنداً، أبرزها إقرار البطاقة التمويلية، وفتح اعتماد استثنائي لتمويلها، مع بنود مالية كثيرة، في دولة مفلسة.
ومن أبرز ما هو مطروح على جدول الاعمال:
– مشروع القانون المعجل الوارد بالمرسوم رقم7797 إقرار البطاقة التمويلية وفتح إعتماد إضافي إستثنائي لتمويلها.
– اقتراح قانون الشراء العام.(المناقصات).
– إقتراح القانون المعجل المكرر الرامي إلى تسديد القروض وفوائدها بالليرة اللبنانية.
– إقتراح القانون المعجل المكرر الرامي إلى حماية المقترضين من البنود التعسفية في عقود القروض الشخصية.
– إقتراح القانون المعجل المكرر الرامي إلى إنزال عقوبات مشددة على مهربي السلع المدعومة.
– إقتراح القانون المعجل المكرر الرامي إلى تحديد سقف الدعم عن بعض الأدوية.
– إقتراح القانون المعجل المكرر الرامي إلى تعديل في صرف التعويضات المالية للصرف ونهاية الخدمة.
– إقتراح القانون المعجل المكرر الرامي إلى إعفاء المواطنين من الرسوم البلدية على الأبنية في بيروت.
– إقتراح القانون المعجل المكرر الرامي إلى إخضاع كل المستفيدين من دعم الحكومة للدولار الأميركي أو ما يوازيه بالعملات الأجنبية للتدقيق الجنائي الخارجي.
– إقتراح القانون المعجل المكرر المتعلق بالإيجارات السكنية.
– إقتراح القانون المعجل المكرر الرامي إلى تعديل المادة 50 من قانون العمل الصادر بتاريخ 23/9/1946 المتعلقة بالصرف التعسفي.
– إقتراح القانون المعجل المكرر المتعلق بتمديد مهلة تسديد رسوم السير. (راجع ص 2)
وعشية الجلسة زار نائب رئيس المجلس النيابي ايلي الفرزلي السرايا الحكومية، والتقى رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، للبحث بالبطاقة التمويلية، وقال الفرزلي: الرئيس دياب يحاول قدر الإمكان تسهيل الشؤون، استناداً إلى المراسيم الاستثنائية التي يوقعها.. وتبقى القضية المركزية تشكيل حكومة.
تسعيرة المحروقات
على صعيد ازمة المحروقات، اعلن مصرف لبنان في بيان، أنه «ابتداءً من 28 حزيران 2021 (امس)، سيقوم المصرف ببيع الدولار الأميركي للمصارف التي تتقدّم بفتح اعتمادات لإستيراد كافة أنواع المحروقات، بعد أن تكون قد استحصلت على موافقة مسبقة لهذه الاعتمادات على سعر 3900 ليرة للدولار الواحد. على أن تسدّد هذه المصارف قيمة الاعتمادات مئة في المئة بالليرة اللبنانية.
إثر ذلك توقعت مصادر معنية بالملف بدء تفريغ البواخر المحمّلة بالبنزين والمازوت الراسية على الشاطئ اللبناني في الساعات القليلة المقبلة فور جهوز الملفات المطلوبة وفتح الاعتمادات المصرفية.
وجاء بيان المصرف المركزي عقب بيان المديرية العامة للنفط الذي اعلنت فيه «عن جملة تدابير قبيل صدور جدول اسعار المحروقات على السعر الجديد، لبيع وتصريف مخزون المشتقات النفطية الحالي المتوافر في السوق المحلي، وذلك على اساس سعر الصرف الرسمي المدعوم 1514 ليرة للدولار الواحد، كخطوة احترازية لعدم تحقيق ارباح على حساب المواطن.
وبإنتظار توفير المادة في السوق الخميس المقبل، بدأت القطاعات الاستشفائية والغذائية والأساسية للمواطنين واصحاب المولّدات الكهربائية رفع الصوت تحذيرا من انقطاع المادة نهائياً وتوقف كل خدماتها حتى بعض مديريات ومؤسسات الدولة التي نفذ منها مازوت المولدات فتوقفت اعمالها، اضافة الى مخاطر وآثارارتفاع ثمن المازوت في جدول تركيب أسعار المحروقات المرتقب اليوم، ما يؤدي حتماً إلى رفع أسعار النقل وبالتالي السلع الاساسية.
واتصل الرئيس ميشال عون بوزير الداخلية محمّد فهمي طالباً إليه مساعدة الأجهزة الإدارية في منع تخزين المحروقات ووضعها بتصرف المواطنين والتشدد في تطبيق القوانين، على أمل ان تتراجع الأزمة خلال الـ48 ساعة المقبلة.
وتوقع ممثّل موزعي المحروقات فادي أبو شقرا ان يصل البنزين إلى جميع المحطات بشكل عادي اعتباراً من الغد، مشيراً إلى انه «لا رقم معنياً لسعر صفيحة البنزين، والتسعيرة التي ستصدر غداً ستكشف ذلك».
واعرب عن أمله في ان ينتهي مشهد الطوابير، ونأمل ان تنتهي الأزمة القائمة.
ويأتي هذا التطور، حسب عضو نقابة أصحاب المحطات جورج البراكس، بعد صدور التسعيرة الجديدة والبنزين سيكون متوفراً.
وفي إطار حياتي متصل، كشف وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن ان الرئيس عون اتصل بحاكم مصرف لبنان، وحث المجلس المركزي على اتخاذ القرار المسؤول والمناسب، لأن هذا الموضوع له أهميته وحيويته، داعياً لأن يكون الحاكم والمصرف المركزي على مستوى المسؤولية، واعداً بخبر سار في موضوع الدواء.
اقفال المصارف
مصرفياً، أعلنت جمعية المصارف الاقفال التام اليوم في 29 حزيران لجميع الفروع، تضامناً مع إدارة البنك اللبناني السويسري وموظفيه، واحتجاجاً على ما وصفوه بالاعتداء على فرعه في الحمراء.
ويأتي الإضراب استنكاراً وتضامناً مع موقف إدارة البنك اللبناني السويسري بوجه مجموعة تابعة لاحدى الجمعيات اعتدت على مقر المصرف واقتحمته.
وعلى خط موازٍ، استمر قطع الطرقات على امتداد الاراضي اللبنانية، من الشمال الى الجنوب مرورا بالساحل الشمالي والجنوبي والعاصمة احتجاجا على تردي الاوضاع المعيشية وانقطاع التيار الكهربائي، في وقت حذر النائب فيصل كرامي من دار الفتوى من ان «هناك من يسعى الى زعزعة الاستقرار والبدء بفتنة كبيرة من مدينة طرابلس».
رسالة متفجرة
امنياً، انفجرت عبوة ناسفة في مكتب المحامي صخر الهاشم، في فرن الشباك ماتسبّب بدمارٍ كبير في المكتب الذي كان خالياّ على ما يبدو فلم تقع اصابات في الارواح.
القوى الأمنيّة حضرت على الفور إلى المكان وباشرت التحقيقات لمعرفة الهدف من وراء ذلك.
وبعد الحادث، تفقد الهاشم الأضرار في مكتبه. وفي حديثٍ تلفزيوني له، قال: نتمنى أن لا يكون الانفجار رسالة بشأن التحقيق حول مرفأ بيروت.
ووصف الهاشم الإنفجار بـ«الضخم جدا»، وآمل «ألا يكون رسالة لنا فأنا أعمل في ملفات كبيرة بينها ملفّ مرفأ بيروت لكنني أعمل في القانون وليس في السياسة.
544520 إصابة
صحياً، أعلنت وزارة الصحة في تقريرها اليومي عن تسجيل 66 إصابة جديدة بفايروس كورونا في الساعات الـ24 الماضية وحالتي وفاة، ليرتفع العدد التراكمي إلى 544520 إصابة مثبتة مخبرياً منذ 21 شباط 2020.
****************************************************************************
الولايات المتحدة تعطل مبادرة فرنسية جديدة: لا تسوية قبل نهاية الصيف !
المخاوف الامنية جدية وحزب الله في دائرة استهداف “العمليات الجراحية”
فوضى عارمة ومؤسسات الدولة تتهاوى… حل مؤقت للمحروقات يبدأ اليوم؟ – ابراهيم ناصرالدين
لم يعد احد مقتنعا ان ما يجري في البلاد مجرد “حماقة” او “سوء تدبير”، الفوضى الممنهجة التي يدفع اليها اللبنانيون، ليست بريئة، والانهيار المتمادي في كل القطاعات يبدو دون “كوابح”، وما يحصل من تفلت لسعر الدولار، والاجراءات الترقيعية والمربكة التي سببت “طوابير اذلال” غير مسبوقة على محطات الوقود بالامس، تعكس العجز الفاضح، وربما “التآمر” على دولة لم تعد موجودة، وقد اقر رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب بان منصات تسعير الدولار اقوى من الجميع، وتحدث عن “مؤامرة” لضرب الموسم السياحي الموعود عبر التحركات في “الشارع”، لكنه لم يخبر اللبنانيين من هم المتخاذلون والمتآمرون، ونسي انه مسؤول ولا يكفي اخبارنا بما نعرفه… في هذا الوقت يترقب الوسط السياسي رد فعل “الشارع” على بدء رفع الدعم بتحرير أسعار المحروقات بدءا من اليوم على وقع تحرك “الشوارع”حيث سيكون هذا القرار “بروفة” لقرارات لاحقة في سياق الرفع غير المعلن للدعم، وسط تحذيرات امنية من “فوضى” اجتماعية عنفية غير محدودة. واذا كانت نقطة التحول في الازمة المالية تمثلت بالامس بنجاح اعضاء جمعية “بنين” في اجبار البنك اللبناني السويسري على تحويل اموال الجمعية بالقوة الى تركيا بعد اقتحام نحو مئة من اعضائها لفرعها الرئيسي، فان نقطة التحول الخارجية لاجبار السياسيين في لبنان على تحمل مسؤولياتهم وتشكيل الحكومة لم تكتمل بعد، فوسط انسداد الافق حكوميا على المستوى الداخلي، لم تبد الولايات المتحدة الاميركية اي رغبة جدية بمساعدة فرنسا في مسعاها الجديد لتشكيل حكومة انتخابات، وارجأت الحديث عن “تسوية” الى نهاية الصيف، تزامنا مع تفاهمات اميركية – اسرائيلية على توسيع استراتيجية “المعركة بين الحروب”، لتشمل حزب الله مباشرة ضمن ما يعرف بالعمليات “الجراحية” الدقيقة وسط مخاوف جدية من توسيع رقعة الاشتباك الذي بدأت ملامحه بالامس في العراق!
لا تسوية قبل نهاية الصيف؟
وفي هذا السياق، لم يترجم اللقاء الفرنسي – الاميركي الاخير الى اي شيء جدي وملموس، ولم تتجاوز النقاشات بين وزير خارجية فرنسا جان ايف لودريان ونظيره الاميركي انطوني بلينكن الاسبوع الماضي الخطوط العريضة دون الولوج الى التفاصيل، اما الحديث العلني عن وجود تقييم واحد للوضع بشأن الانهيار في لبنان، فكان كلاما دبلوماسيا، بحسب اوساط دبلوماسية غربية كشفت ان الجانب الاميركي رفض الدخول في تفاصيل محددة حيال كيفية اخراج لبنان من ازمته، وتم الاتفاق على تاجيل البحث الى الشهر المقبل حيث يتحضّر لودريان للقيام بزيارة رسمية الى واشنطن منتصف تموز، لكن التفاهمات على كيفية مقاربة الوقائع لن تكون متاحة قبل نهاية الصيف عند زيارة الرئيس افرنسي ايمانويل ماكرون الى العاصمة الاميركية حيث سيكون الملف اللبناني على “طاولة” البحث مع الرئيس الاميركي جو بايدن.
“اخفاق” لودريان
ووفقا للمعلومات، اخفق لودريان في اقناع بلينكن بدعم جهود بلاده في الانتقال الى “الخطة باء”، بعدما باتت باريس مقتنعة بان المبادرة الفرنسية فشلت ولا وجود لاي امكانية للخروج راهنا من الحلقة المفرغة الا بتبني الذهاب الى تشكيل حكومة انتخابات نيابية تدير الازمة بأقل الخسائر الممكنة دون ان يكون مطلوبا منها الذهاب الى اصلاحات، لكن وزير الخارجية الاميركية لم يكن متحمسا للفكرة طالبا المزيد من الوقت لدراستها، لكنه شجع الادارة الفرنسية على الدفع قدما بتحويل العقوبات الاوروبية الى امر واقع على المعرقلين في لبنان.
استياء فرنسي
وفي اشارة الى “الاستياء” الفرنسي من عدم تقديم واشنطن الدعم المطلوب لتحركاتها لبنانيا، نقل زوار السفارة الفرنسية في بيروت عن السفيرة آن غريو تاكديها ان الدعم الأميركي للمبادرة الفرنسية يبقى كلاما في “الهواء” وقالت “لم نلمس شيئاً من هذا القبيل على ارض الواقع، وشددت على ان بلادها لا تعرف حقا ما يريده الاميركيون”.
“جس نبض” حكومي
وكان الفرنسيون قد بدؤوا عملية “جس نبض” لاحتمال تنحي الرئيس الحريري مقابل ان يشارك في تسمية المرشح البديل لادارة حكومة الانتخابات، تحظى في المقابل بموافقة رئيس الجمهورية ميشال عون وتياره السياسي، لكن حتى الان لا يزال التردد هو سيد الموقف في “بيت الوسط”، وقد فسرت مصادر مطلعة هذه “المراوغة” برغبة الحريري “شراء الوقت” كي يتمكن من تسييل اعتذاره في الانتخابات المقبلة، وفي الوقت نفسه استنزاف العهد حتى آخر” رمق”. في المقابل لم تبد اوساط بعبدا انفتاحا على نقاش مماثل وطلبت اولا موافقة الحريري على التخلي عن احتجاز “ورقة التكليف” في “جيبه” وإذّاك “يبنى على الشيء مقتضاه”.
اسرائيل “واليوم التالي”؟
في هذا الوقت، ما لم يفهمه الفرنسيون من الاميركيين، جاءت الاجابة عليه من اسرائيل التي تريد الاستفادة من الفوضى اللبنانية لاضعاف حزب الله، واللافت بالامس، توقعات الصحيفة الناطقة باسم رئيس الحكومة السابق بنيامين نتانياهو “اسرائيل اليوم” حصول الانهيار الكبير في لبنان، وتساءلت عما اذا كانت الحكومة الاسرائيلية مستعدة لمواجهة “اليوم التالي” لهذا الانهيار. ولم تخف الصحيفة فرحتها لان الخطاب الأخير للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، لم يكد يذكر فيه إسرائيل، اوالكفاح في سبيل القدس. ولم يكن مهتما بالنووي او بالصواريخ، بل “بقسائم الغذاء”، وباستئناف تيار الكهرباء وبتوريد المياه وتخصيص الوقود والمازوت، التي يصعب على الدولة اللبنانية توفيرها لمواطنيها…!
انهيار لبنان تحد لحزب الله!
وحسب زعم الصحيفة فان انهيار الدولة اللبنانية، يطرح تحدياً حقيقياً أمام السيد نصر الله، وبرايها فان هذا الامر يقيد قدرة حزب الله على المناورة وهو بات ملتزما بمواصلة الحفاظ على الهدوء على طول الحدود في الجنوب، لكن برأيها ثمة تهديد مركزي على إسرائيل، يتعلق باستمرار العمل على تطوير الوصاريخ الدقيقة، والامل هو باستمرار 15 سنة من الهدوء على الحدود الشمالية، وأن تصدأ صواريخ حزب الله. ولكن، يجب التحضير لليوم التالي للانهيار في لبنان، وبذل كل الجهد للتخريب على هذا المشروع وعرقلته.
تطور خطر
هذه الحملة الاسرائيلية الممنهجة لتقليص قدرات حزب الله الصاروخية تزامنت مع الهجوم الاميركي الجوي على مواقع الحشد الشعبي العراقي على الحدود العراقية- السورية، ووصفت مصادر مطلعة تعليقات وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن على “الاعتداء” بالقول إن الهجمات كانت “ضرورية ومدروسة لتوجيه رسالة ردع واضحة لا لبس فيها”، في إشارة منه إلى إيران، الى انها بداية مسار خطر في المنطقة، خصوصا ان هذه الهجمات جاءت عقب “صمت” الولايات المتحدة على هجوم طائرات “مسيرة” من نوع “كودكوفتر” على مشروع لانتاج اجهزة الطرد المركزي في ايران وهو اعتداء يشبه الهجوم الفاشل الذي نفذ بواسطة طائرات صغيرة مشابهة في منطقة معوض في ضاحية بيروت الجنوبية في آب 2019
تخطيط طويل الامد.
وفي هذا السياق، اكدت صحيفة “يديعوت احرنوت” الاسرائيلية أن عملية من هذا النوع هي نتيجة تخطيط امتد لأشهر وسنوات طويلة، لكن بنيامين نتانياهو اوقف تنفيذها واختار نفتالي بينيت تنفيذها بهذا التوقيت، ومثل هذه العملية التي قد يكون لها تداعيات عسكرية ودولية واسعة، تستوجب إقراراً مبدئياً للتنفيذ من رئيس الوزراء، وإقراراً قبل التنفيذ، لفحص ما إذا كانت الظروف قد تغيرت، والموقع الذي تعرض للهجوم يندرج في قائمة المواقع التي عرضتها إسرائيل في بداية 2020 على قادة كبار في إدارة ترامب، بمن فيهم وزير الخارجية مايك بومبيو، ورئيسة السي.اي.ايه جينا هسبل.
استهداف حزب الله؟
ووفقا لمصادر دبلوماسية، ليس واضحاً بعد كم من الضرر لحق بمصنع إنتاج أجهزة الطرد المركزي. ولكن الواضح أن أمر بينيت بتنفيذ الهجوم يعبرعن نهج حازم جديد في اسرائيل بالاتفاق مع الاميركيين لان الحكومة الاسرائيلية ليست في صدد المخاطرة إذا ما فسرت العملية بانها احرج كبير للاميركيين في ذروة المفاوضات الجارية مع إيران في فيينا، خصوصا ان ثمة معلومات جدية عن وجود تفاهمات اميركية- اسرائيلية حصلت في واشنطن خلال زيارة رئيس الاركان الاسرائيلي افيف كوخافي على القيام بعمليات عسكرية محدودة لا تتسبب بمواجهات واسعة في المنطقة، ويبدو ان حزب الله لن يكون بعيدا عن هذا الاستهداف بعمليات “جراحية” منتقاة لا تسبب حربا واسعة، وبحسب تلك المصادر ثمة خشية ان يكون بينيت معنيا باثبات نفسه كقائد صارم وحاسم ضد “اعداء اسرائيل”، وهذا ما يثير القلق من توسيع استراتيجية “المعركة” بين الحروب لتشمل مواقع حساسة للحزب، في ظل قناعة “خاطئة” داخل اسرائيل بان حزب الله في موقع ضعيف بعد الانهيار الاقتصادي في لبنان…!
مخاوف امنية
وامام هذه التحديات الخارجية، وفي ظل غياب الحلول الجذرية للازمات المتفاقمة داخليا ، فان ما حصل ويحصل في اكثر من منطقة، وتحديداً في طرابلس، يؤشر ايضا بحسب مصادر سياسية مطلعة إلى خطورة الاوضاع، لان القوى الامنية قد تصبح عاجزة عن مواجهة انتفاضة وأعمال شغب واسعة خصوصا اذا كانت تحمل عناوين معيشية ومطلبية، ولفتت تلك الاوساط الى ان تحذيرات رئيس حكومة تصريف الاعمال من فوضى مقصودة على ابواب الصيف “الواعد”، ليست تحليلا بل مخاوف مستقاة من تقارير امنية وضعت على مكتبه خلال الساعات القليلة الماضية تشير الى ان التحركات ليست وليدة الصدفة، ولا تحمل خلفيات معيشية.
“استياء” “برتقالي” من رعد!
في هذا الوقت، لم يسجل اي تحرك جدي على مسار المساعي لتشكيل الحكومة، وفيما لا يزال الرئيس المكلف سعد الحريري خارج البلاد، ورئيس تكتل “لبنان القوي” على “شروطه”، ظلت المراوحة سيدة الموقف دون اي مؤشرات على خروقات جدية يمكن البناء عليها، وقد استعاض “الثنائي الشيعي” عن التحركات باطلاق الدعوات “التوافقية”، وقد توقفت اوساط سياسية مطلعة عند كلام رئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد، ولفتت الى انها اثارت “تحفظات” شديدة لدى التيار الوطني الحر، خصوصا انه شمل الجميع بالتعطيل “وغمز” من قناة باسيل من خلال سؤاله “لماذا لا يتنازل بعضكم للبعض الآخر”، مطالبا البعض بأن “يتوقفوا عن الكذب على اللبنانيين حينما يقولون إن المشكلة التي تؤخر تأليف الحكومة تكمن في تسمية وزيرين، وقال” ثمة من لا يريد تشكيل حكومة، وهو يعرف نفسه وأوساط العمل السياسي تعرفه، ويريدون من الآن أن يفتحوا معركة الانتخابات النيابية علما أن هناك حوالى الـ10 أشهر لموعد الانتخابات، وبالتالي، لا مشكلة لديهم بأن يجوّعوا الناس ويفلسوا البلد” … من جهته اكد المكتب السياسي لحركة امل ان البلد يكاد يصل إلى نقطة اللاعودة مع المراوحة التي تعطل تشكيل حكومة مبنية على مبادرة الرئيس بري المطروحة للحل”، واضاف ” محاولة ابتكار بدائل غير دستورية لا يمكن أن تنقذ الوطن”، ودعا الى “الكف عن المهاترات والمعارك الوهمية وبيانات تحويل الانظار عن المشكلة الاساسية المتمثلة بتعطيل كل الحلول”.
بلبلة وفوضى المحروقات؟
في غضون ذلك، تسببت “البلبلة” في تطبيق الاتفاق على تسعيرة جديدة لاستيراد المحروقات بفوضى عارمة امام محطات الوقود، فيما ادى الشح في المحروقات الى تعطيل الكثير من المؤسسات الامنية والادارية والصحية… ففيما استمرت الطوابير امام المحطات، وأقفل جزء كبير منها “أبوابه”، اعلن مصرف لبنان أنه “ابتداءً من 28 حزيران 2021 سيقوم ببيع الدولار الأميركي للمصارف التي تتقدّم بفتح اعتمادات لاستيراد كل أنواع المحروقات بعد أن تكون قد استحصلت على موافقة مسبقة لهذه الاعتمادات على سعر 3900 ليرة للدولار الواحد. على أن تسدّد هذه المصارف قيمة الاعتمادات مئة في المئة بالليرة اللبنانية”. وهكذا ستبدأ البواخر المحمّلة بالبنزين والمازوت الراسية قبالة الشاطئ بتفريغ حمولتها في الساعات القليلة المقبلة بعد جهوز الملفات المطلوبة وفتح الاعتمادات المصرفية. وبعد بيان المصرف المركزي، اعلنت المديرية العامة للنفط عن صدور جدول اسعار المحروقات اليوم.
تهاوي مؤسسات الدولة
وبدات “الفضيحة” مع ساعات الصباح الاولى حين توقفت كلّ المعاملات في مركز الأمن العام في السوديكو بسبب انقطاع التيار الكهربائي وحصول عطل في المولدات الكهربائية. كما توقفت أنطمة أجهزة الكمبيوتر التابعة لوزارة المالية في قصر عدل بيروت ما تسبّب بوقف كل معاملات استيفاء الرسوم. وفي المطار توقفت صناديق الجمارك عن قبض الرسوم بسبب عدم توافر الاوراق والمحابر، ما سيؤدي الى مشكلة في حركة الشحن.
“جهنم” استشفائي
اما مدير مستشفى الحريري د. فراس ابيض فأعلن أن وضع تغذية الكهرباء للمستشفى غير مقبول. وقال “انقطاع لاكثر من ٢١ ساعة في اليوم. الفيول غير متوافر، واذا توافر، نعاني مشاكل سيولة. المرضى لا يستطيعون تغطية الفروقات. اخذنا قرارا بايقاف اجهزة التكييف الا في الاقسام الطبية رغم موجة الحر. لا داعي لاستعمال المخيلة او للتهويل، نحن في جهنم حقا. من جهة اخرى، طلب رئيس الجمهورية من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، حث المجلس المركزي على اتخاذ القرار المسؤول والمناسب المتعلق باستمرار دعم الدواء، لأن هذا الامر يتعلق مباشرة بحياة المواطنين وسلامتهم ولا يمكن التساهل به.
اقتحام مصرف؟
في غضون ذلك، وفي اول تطور من نوعه منذ امتناع المصارف عن تسديد اموال المودعين بالدولار او تحويلها الى الخارج، اقتحم نحو مئة عضو في جمعية “بنين” مبنى الادارة العامة لمصرف اللبناني السويسري واجبروا مديري المصرف على تحويل مبلغ بنحو200 الف دولار الى تركيا، قد اعلن المصرف اقفال ابوابه حتى اشعار آخر، فيما اعلنت جمعية المصارف التضامن بالاقفال اليوم. وفيما اكد ناطق باسم الجمعية ان المصرف اقفل حسابات الجمعية دون مسوغ قانوني مع العلم انها من التبرعات ورفض الافراج عنها، اكد بيان للمصرف انه قام بذلك بناء على تعميم من مصرف لبنان، واشار الى ان حوالى مئة رجل تابعين لجمعية بنين “احتلوا” مبنى الادارة العامة معتدين على الموظفين بالضرب حيث جرح ثلاثة منهم. كما أجبر المديرون تحت ضغط الضرب والعنف على إجراء تحاويل نقدية إلى تركيا. إزاء ذلك المشهد المزري نعتذر من عملائنا الكرام لقرار إقفال مصرفنا بالكامل إستنكارا لهذا العمل الشائن إبتداًء من اليوم إلى أن يتسنى لموظفينا ممارسة أعمالهم بشكل سليم وآمن . من جهتها، طالبت جمعية المصارف الأجهزة القضائية والأمنية المختصّة بملاحقة المعتدين ومحاكمتهم وبتوفير كافة الشروط اللازمة لضمان حسن سير عمل القطاع المصرفي اللبناني وسلامة موظفيه وزبائنه…
*************************************************************************
لهيب المحروقات يصيب الدولة ومصرف لبنان يتدخل للحل
«أمل» لوقف المهاترات وجلسة تشريعية للبطاقة التمويلية
لم يكن ينقص لبنان واللبنانيين في جهنمهم الموعودة سوى موجة الحر التي تضرب البلاد لتكتمل رسميا فصول الانضمام اليها. موجة في عز ازمة الكهرباء والمحروقات التي حرمتهم نعمة «التكييف»، فيما بدأ التعطيل يصيب شرايين الدولة ومؤسساتها الامنية والادارية والصحية بفعل شح المازوت وتعطل المولدات.
الانهيار شامل وكامل، وقد بتنا في قلبه ولم نعد نقف على مشارفة. امس تهاوت القطاعات كلّها تحت وطأة شح المحروقات وانقطاعها من الاسواق. ففيما استمرت الطوابير امام المحطات، اقفل جزء كبير منها «أبوابه» منتظرا التسعيرة الجديدة التي ستصدر عن وزارة الطاقة في اليومين المقبلين على اساس سعر صرف 3900 ليرة، فيما افيد عن قرار بمنع تعبئة البنزين للدراجات النارية لأنّ أصحابها يعملون على إفراغها في غالونات لاحقاً بهدف بيعها في السوق السوداء.
اعتمادات»المركزي»
مصرف لبنان سارع الى ارساء الحل فأعلن في بيان، أنه «ابتداءً من اليوم 28 حزيران 2021 سيقوم ببيع الدولار الأميركي للمصارف التي تتقدّم بفتح اعتمادات لاستيراد كافة أنواع المحروقات بعدما تكون قد استحصلت على موافقة مسبقة لهذه الاعتمادات على سعر 3900 ليرة للدولار الواحد. على أن تسدّد هذه المصارف قيمة الاعتمادات مئة في المئة بالليرة اللبنانية». على الاثر، توقعت مصادر في قطاع الطاقة بدء تفريغ البواخر المحمّلة بالبنزين والمازوت الراسية على الشاطئ اللبناني في الساعات القليلة المقبلة فور جهوز الملفات المطلوبة وفتح الاعتمادات المصرفية. وجاء بيان البنك المركزي عقب بيان المديرية العامة للنفط تحدثت فيه عن جملة تدابير قبيل صدور جدول اسعار المحروقات.
اين الجدول؟
وكان رئيس تجمّع أصحاب المولّدات الخاصة عبدو سعادة رفع الصوت موضحا انه «يضع وزير الطاقة أمام مسؤوليّاته في شأن عدم توقيع جدول أسعار المحروقات حتى اليوم محذرا من كارثة من اليوم حتى الأربعاء فإمّا يوقّع الجدول اليوم أو فليطلب من الشركات والتجار تسليمنا المازوت».
تهاوي المؤسسات
حبلُ الأزمات وصل إلى أعناق المؤسسات العامة ومديريات الأمن. فمع ساعات الصباح توقفت كلّ المعاملات في مركز الأمن العام في السوديكو بسبب انقطاع التيار الكهربائي وحصول عطل في المولدات الكهربائية. كما توقفت أنطمة أجهزة الكمبيوتر التابعة لوزارة المالية في قصر عدل بيروت ما تسبّب بوقف كل معاملات استيفاء الرسوم. وفي المطار توقفت صناديق الجمارك عن قبض الرسوم بسبب عدم توافر الاوراق والمحابر، ما سيؤدي الى مشكلة في حركة الشحن.
.. والمستشفيات
اما مدير مستشفى الحريري د. فراس ابيض فأعلن أن وضع تغذية الكهرباء للمستشفى غير مقبول. وقال «انقطاع لاكثر من 21 ساعة في اليوم. الفيول غير متوفر، واذا توفر، نعاني مشاكل سيولة. المرضى لا يستطيعون تغطية الفروقات. اخذنا قرارا بايقاف اجهزة التكييف الا في الاقسام الطبية رغم موجة الحر. لا داعي لاستعمال المخيلة او للتهويل، نحن في جهنم حقا».
.. والسوبرماركت
بدوره، أعلن نقيب أصحاب السوبرماركت نبيل فهد امس ان «السوبرماركت ستفتح أبوابها اليوم ولن نقفل إلا في حال وجود قوة قاهرة لناحية عدم وجود المازوت لتأمين الكهرباء». وتابع «نتوقّع تسليم مادة المازوت لبعض المحال حتى تستمرّ بفتح أبوابها وهناك وعد بأن تُحلّ مشكلة المازوت بين اليوم وغداً». وفي حديثٍ اذاعي»، قال «الأسبوع الماضي جرى رفع الأسعار لحدود الـ15 ألف ليرة ونتوقع اليوم رفعاً جديداً للأسعار مواكبة لارتفاع سعر صرف الدولار». وأشار الى أن «سنشهد ارتفاعَيْن للأسعار في السوبرماركت بسبب رفع الدعم عن المحروقات وارتفاع سعر الدولار».
عون يتابع
في الاثناء، تابع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون منذ الصباح الباكر، تطور أزمة المحروقات في البلاد والمعاناة التي تواجه المواطنين لاسيما امام محطات الوقود، فأجرى اتصالات بالمعنيين، كما طلب من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، حث المجلس المركزي على اتخاذ القرار المسؤول والمناسب المتعلق باستمرار دعم الدواء.
الشارع يغلي
وسط هذه الاجواء القاتمة، عادت حركة قطع الطرق لتشتد على امتداد الاراضي اللبنانية، من الشمال الى الجنوب مرورا بالعاصمة احتجاجا على تردي الاوضاع المعيشية وانقطاع التيار الكهربائي، في وقت حذر النائب فيصل كرامي من دار الفتوى من ان «هناك من يسعى الى زعزعة الاستقرار والبدء بفتنة كبيرة من مدينة طرابلس».
الحزب للتنازل
في المقابل، لا حركة سياسية حكومية وكأن البلاد بألف خير. وفي انتظار عودة الرئيس المكلف سعد الحريري من الخارج، أكد رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد أن «لا أحد يتوقع في لبنان أن تتشكل حكومة ملائكية، فنحن نعرف النوعية القادمة في أي حكومة ستشكل، وهي لن تستطيع (أن تشيل الزير من البير)، وإذا لم تكن الحكومة معقد آمال أحد من الناس، فعلى ماذا تتخاصمون، لماذا لا يتنازل بعضكم للبعض الآخر».
للكف عن المهاترات
اما حركة امل التي من غير المستبعد ان يزور الحريري رئيسَها فور عودته الى بيروت، فقالت في بيان «البلد يكاد يصل إلى نقطة اللاعودة مع المراوحة التي تعطل تشكيل حكومة مبنية على مبادرة الرئيس بري المطروحة للحل»، مضيفة « محاولة ابتكار بدائل غير دستورية لا يمكن أن تنقذ الوطن»، ودعت الى «الكف عن المهاترات والمعارك الوهمية وبيانات تحويل الانظار عن المشكلة الاساسية المتمثلة بتعطيل كل الحلول».
البطاقة التمويلية
من جهة ثانية، دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري الى جلسة عامة، تعقد عند الحادية عشرة من قبل ظهر يومي غد وبعد غد الاربعاء والخميس، وكذلك مساء اليومين المذكورين، في قصر الاونيسكو لدرس واقرار مشاريع واقتراحات القوانين المدرجة على جدول الاعمال، ومنها مشروع القانون المعجل الوارد بالمرسوم رقم 7797 إقرار البطاقة التمويلية وفتح إعتماد إضافي إستثنائي لتمويلها.
اجتماع المجلس الأعلى
للدفاع اليوم في بعبدا
دعا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى اجتماع للمجلس الاعلى للدفاع اليوم الثلاثاء في قصر بعبدا، الأولى ظهرا، للبحث في الأوضاع الأمنية في البلاد والتطورات الأخيرة.
***********************************************************************
يتحضر اللبنانيون غدا الأربعاء الى الأسوأ، الى مرحلةٍ جديدةٍ من حياتهم على وقع قرع طبول رفع الدعم الذي ذاقوا معه الأمرّين مع تفلت الدولار وغلاء الأسعار وفشل الحكومة في إدارة هذه الأزمة غير المسبوقة، وترك المواطن اللبناني فريسة التجار والمحتكرين والمهربين والمنصات المشبوهة، فبلغ سعر صرف الدولار عتبة الـ20 ألفاً ورئيس حكومة تصريف الأعمال يسأل: "هل يمكن لمنصة مجهولة أن تتحكم بمصير بلد بكامله، ولا نقدر أن نطالها أو نحاسبها؟".
إنطلاقاُ من هذه الصورة القاتمة يمكن إستخلاص معالم المرحلة المقبلة، وأمام هذا المشهد دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى عقد جلسة تشريعية يومي الأربعاء والخميس، وعلى جدول أعمالها مناقشة مشروع البطاقة التمويلية والبحث عن مصادر تمويلها، فهل ينجح النواب بإقرار البطاقة بعد فشل الحكومة بمعالجة الأزمة الإقتصادية وإجراء إحصاء دقيق للعائلات الأشد فقراً في لبنان؟ وهل ما يحصل في الأيام الماضية من تجمعات وقطع طرقات وإحتجاجات أمام محطات المحروقات مقدمة لإنفجار إجتماعي؟ أم ستكون البطاقة التمويلية إكسير الحياة الذي يتنظره اللبنانيون منذ أكثر من سنتين؟.
الجواب على هذا السؤال يبقى رهن بما سوف يقرره المجلس النيابي بخصوص هذه البطاقة وتجنب إعتمادها كبطاقة إنتخابية أو رشوة إنتخابية كما حصل بالنسبة لسلسلة الرتب والرواتب في الإنتخابات الماضية.
الخبير الإقتصادي أديب طعمة توقع "حصول إضطرابات في أكثر من منطقة إحتجاجاُ على قرار رفع الدعم في غياب الحل الذي يساعد الناس على الصمود، فالناس لم تعد تستطيع تحمل كل هذه الأعباء، وهذا سيقود الى ضغط خارجي قد يؤدي إلى إنهيار الطبقة السياسية بعد تنفيذ سلسلة عقوبات أوروبية ضدها، ما قد يساعد على فلتان الشارع من جديد".
طعمة استبعد عبر "الأنباء" الإلكرونية "أي محاولة لإنقاذ الوضع لأن من بيدهم أمر الحل والربط فقدوا شرعيتهم وأضاعوا هامش الحل، فإذا كان الفرنسي والأميركي يتهموهم بالسرقة، فكيف يمكن إستعادة ثقة الناس بهم؟"، قائلا: "حتى لو تشكلت حكومة جديدة، لن تكون أفضل من حكومة حسان دياب وستكون أمام خيارين، إما محاسبة الفاسدين أو تغطيتهم"، متوقعاً أن يصل سعر صفيحة البنزين الى ما بين الـ150 ألف و200 ألف ليرة".
وقال طعمة: "لقد أصبحنا في مرحلة العد العكسي وفي مرحلة الوقت الضائع، فالأمور إنتهت، لا كهرباء ولا مياه، وإذا تم إستيراد البنزين من إيران فالعقوبات بإنتظارنا"، ملمحاً الى إعطاء الجيش دوراً كبيراً في ضبط الأمن أو الذهاب الى الفوضى والفوضى نهاية لبنان".
في هذه الأثناء، دخل قرار تسعير المحروقات وفق سعر 3900 حيّز التنفيذ، ولكن الى أي مدى سيستطيع مصرف لبنان الاستمرار بالدعم حتى وفق هذه الالية؟ مصادر مصرف لبنان أوضحت "أن الحكومة المستقيلة قررت الإستدانة من مصرف لبنان لدعم المحروقات لمدة 90 يوماً، أي طوال أشهر الصيف وتحديداً لآخر أيلول، وقد يصار الى تمديد الفترة"، مشيرة الى أن "هذا الحل مؤقت وليس مستداماً، فالحل السليم يفرض أن تعطي الناس مساعدات مباشرة بالدولار الأميركي من خلال البطاقة التمويلية، فالدعم سيتوقف إذا لم تتشكل حكومة تأخذ على عاتقها تأمين وسائل التمويل وتذهب للتفاوض مع صندوق النقد".
المصادر لفتت عبر جريدة "الأنباء" الالكترونية الى "أن مهمة مصرف لبنان في الوقت الحاضر تتركز على مساعدة الناس، ففي حال تم رفع الدعم كلياً تصبح صفيحة البنزين بـ200 ألف ليرة"، واصفة الإقتراض من مصرف لبنان بالحل القانوني بموجب قانون النقد والتسليف رقم 91.
وقالت المصادر: "إن لبنان ملزم بإعطاء قرض مشروط يجب تسديده لأن غايته تأمين سيولة على سعر 3900 ليرة".
وعن طريقة تسديد الدين والحكومة مفلسة، أحالت المصادر الجواب على الحكومة مقدرةً إستحالة رد الأموال، مضيفة "الحكومة لا تستطيع تسديد الدين منذ أن توقفت عن تسديد سندات الخزينة أو ما يعرف باليوروبوند فالمصارف لم ترد الودائع للناس لأنها إدانتها للدولة، والدولة توقفت عن تسديد الدين، والسؤال هو كيف أدانت المصارف دولة مدينة؟ ولكن الحق ليس على المصارف بقدر ما هو على الدولة".
نسخ الرابط :