افتتاحية صحيفة البناء :
نهاية الدور الإقليميّ للكيان والانتقال إلى خلف الجدران… وبلينكن يرحّب بحكومة بدون نتنياهو / اجتماع دار الفتوى وسجال باسيل خليل يعقّدان المشهد الحكومي ّ المعقّد… وبرّي يمدّد المهل الدولار يقفز فوق الـ 15000 ومنصة سلامة على الورق… وشكوى الحليب والدواء تتصاعد
بينما كان الرئيس الأميركي جو بايدن يبحث في قمة السبعة الكبار عن وصفة لمواجهة الصين، كاشفاً القلق من خطة الحزام والطريق، لتخرج القمة بمواجهة الأفعال بالأقوال، عبر التنديد ببيع الصين لمنتجاتها بأسعار رخيصة، وعدم الأخذ بمعايير الغرب لتصنيف الدول وفق سلم استحقاق التنمية، تحت شعار النفاق السياسي المسمّى بمعايير حقوق الإنسان، التي يصير بموجبها كيان الاحتلال في طليعة الأنظمة المستحقة، رغم مواجهته عشرات الدعاوى بجرائم حرب وجرائم بحق الإنسانية أمام المحاكم الأوروبية والمحكمة الجنائية الدولية التي أنزل بها رئيس أميركيّ العقوبات، كان وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن يحتفل بأول إنجازاته، مع رحيل بنيامين نتنياهو من رئاسة حكومة الكيان بفارق صوت واحد، مع نيل حكومة الثنائي نفتالي بينيت ويائير لبيد ثقة الكنيست بـ 60 صوتاً مقابل 59، بعدما أنتجت معركة سيف القدس فراغاً أمنياً وعسكرياً استدعى طلب الحماية الأميركيّة، مع تسليم الجيش والاستخبارات في الكيان بالعجز عن تثبيت معادلة الردع في مواجهة غزة وحدَها، والقلق من معادلة الحرب الإقليميّة التي كشف عنها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، كردّ على أي تهديد لهوية القدس وعبث بمقدساتها، وبعدما أثبتت حرب الأيام العشرة فشل القبة الحديديّة في صدّ صواريخ المقاومة التي تهاوت على تل أبيب ومدن الكيان، وسحب خيار الحرب البريّة من التداول مع ظهور صواريخ الكورنيت في الأيام الأولى للمعركة، وظهرت عنتريات نتنياهو ورئيس الأركان افيف كوخافي خالية من أية قدرات حقيقية، وبدا أن هدف كل تصعيد وتهديد هو توريط واشنطن بحرب حماية للكيان يقرّرها حكامه.
مع نتنياهو فقد الكيان استقلاله وانتهى زمن ملوك "بني إسرائيل" ودخل الكيان عهد الانتداب الأميركي، وهذا ما قاله نتنياهو في ردّه على خطاب بينيت، مشيراً الى ان واشنطن ذاهبة للعودة للاتفاق النووي مع إيران وللضغط لوقف الاستيطان، وهما أمران لا تملك حكومة بينيت ليبيد التمرّد على واشنطن فيهما، لكن نتنياهو لم يقل إن فشله كان السبب، وإن المبالغة بمزاعم قدرة الكيان على لعب دور إقليميّ تباهى به نتنياهو، أدت الى خسارة هذا الدور كلياً، ودفعت بالكيان وراء الجدران وحوّلت حكوماته الى حكومات تصريف أعمال تهتم بشؤون المعيشة الداخلية وتخفيض سقوف التوتر، التي أعلن نتنياهو العزم على تصعيدها طلباً للعودة للحكم، خشيّة الزج به في السجن جراء ملاحقته بدعاوى فساد.
يوم غدٍ الثلاثاء سيكون أول امتحان داخلي للفريقين، الحكومة ونتنياهو، مع موعد مسيرة الأعلام الصهيونيّة في القدس، ودعوة لجنة المتابعة الوطنية في الأراضي المحتلة عام 48 للتعبئة الشاملة لمواجهة المسيرة ودعوتها لقوى المقاومة في غزة ولبنان للاستنفار تحسباً للمستجدات.
في لبنان المشهد الحكومي المعقد الى المزيد من التعقيد، بعد اجتماع دار الفتوى الذي رسم إطاراً مذهبيا لموقع رئاسة الحكومة وربط به أي تكليف وتأليف، وما أشيع عن نيات الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري الذهاب للاعتذار عن تأليف الحكومة، ثم تراجعه نزولاً عند رغبة رئيس مجلس النواب نبيه بري، بينما رأت مصادر سياسية في الاجتماع وما رافقه من حشد لخطباء الجمعة والمجلس الشرعي للطائفة رسالة للسعوديّة بمثل ما هي رسالة لرئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه السياسيّ عنوانها، أن الحريري مرشح وحيد لرئاسة الحكومة، وجاء السجال بين رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، والمعاون السياسي لرئيس مجلس النواب النائب علي حسن خليل ليزيد على التعقيد تعقيداً، ما استدعى من رئيس مجلس النواب تمديد المهل أملاً باستعادة مناخ التهدئة لاستئناف مساعيه.
على المستوى المالي تجاوز سعر صرف الدولار الـ 15000 ليرة، بينما بقيت المنصة التي أعلن عنها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة حبراً على ورق، وفي ظل انفراجات مرتقبة في ملفات الكهرباء والمحروقات، تفاقمت أزمة فقدان الأدوية وحليب الأطفال من الصيدليات، بينما كان وزير الصحة حمد حسن الذي نجح بتنظيم مارتون التلقيح للمرة الثانية، قد نجح بمداهمات لمستودعات معدّات طبية أظهر معها التسعير المتضمن أرباحاً فاحشة للتجار، وإخفائهم البضائع في مستودعاتهم.
طُويت صفحة اعتذار الرئيس المكلف سعد الحريري، بعدما روّجت أوساط مقربة للتيار الوطني الحر هذا الخبر مرفقة إياه بالترويج لاحتمال تكليف إحدى الشخصيات السنية الطرابلسية تأليف الحكومة، وفي المعلومات فإن رئيس مجلس النواب نبيه بري تمنى على الحريري عدم الاعتذار عن التأليف خاصة أنه مستمر في مبادرته التي يأمل أن تصل الى خواتيم سعيدة. وبحسب معلومات "البناء"، فإن الرئيس بري لن يقف مكتوفي الأيدي، ففي حال استجاب المعرقلون لمبادرته وجرى الاتفاق على تأليف حكومة برئاسة الحريري كان به وإن بقيت الأمور على ما هي عليه، فعندما سيضع رئيس المجلس الأمور عند نصابها خاصة وإن للصبر حدوداً. ولفتت المصادر الى ان التيار الوطني الحر وعلى عكس ما يصرّح رئيسه النائب جبران باسيل أنه جاهز للتعاون مع الرئيس الحريري، يتعاطى مواربة مع ملف التأليف ويواصل وضع العراقيل وطرح صيغ من شأنها أن تعطيه الثلث الضامن.
في المقابل، تؤكد اوساط التيار الوطني الحر لـ "البناء" ان النائب باسيل أعطى الرئيس المكلف الكثير من الفرص، مشيرة الى ان مواقف باسيل ورئيس الجمهورية في شأن التأليف تنطلق أولاً وأخيراً من ضرورة تطبيق الدستور وعدم تجاوزه واحترام الميثاقية والشراكة الوطنية التي للأسف يحاول الحريري مدعوماً من قوى سياسية تجاوزها والقفز فوقها وهذا ما لا يمكن السماح به.
أما على خط تيار المستقبل، فإن الأمور على حالها، وتشير إلى أن الرئيس المكلف لن يعتذر في الوقت الراهن لا سيما وأنه يحظى بغطاء سني واسع ومن ثنائي حزب الله وحركة أمل، لافتة إلى أن الحريري قدم كل ما لديه وأكثر وباتت الكرة في ملعب العهد الذي عليه أن يلاقي الرئيس الحريري ومبادرة الرئيس بري في منتصف الطريق بدل الاستمرار في سياسة المكابرة والتعديل التي تضرّ جميعاً. واعتبرت المصادر أن تيار المستقبل لن يقبل المسّ بصلاحيات رئيس الحكومة المكلف معتبرة أن محاولات البعض اللعب على وتر النعرات الطائفية لن تنفع، فالجميع على دراية أن العهد لن يحقق أي إنجاز يبنى عليه في حين أن الأزمات من كل حدب وصوب والبلد يكاد يصل إلى الفوضى وهو يواصل النكايات السياسية ولا يريد تسهيل تأليف الحكومة إلا مقابل تسوية جديدة توصل باسيل إلى رئاسة الجمهورية بعد انتهاء ولاية الرئيس عون.
وفيما وصل إلى بيروت الوسيط الأميركي John De Rosher امس، ليستأنف المحادثات المتصلة بمفاوضات الترسيم البحرية مع المعنيين بالملف، نصح مساعد وزير الخارجية الأميركية السابق دايفيد شنكر لبنان أن يكون ليناً في ملف ترسيم الحدود. وأكد أن رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل "يريد الثلث المعطل لطموحات رئاسية وتحديداً ليعزز حظوظه للانتخابات الرئاسية المقبلة". وشدد شينكر أنه "يجب البدء بتشكيل حكومة في لبنان ويبدو أن لا نية لذلك، والبلاد اقتربت من الانهيار المحتم، والإدارة الأميركية الجديدة برئاسة جو بايدن أطلقت حملة عقوبات على الفساد لمكافحته، وآمل أن تفرضها على قادة فاسدين في لبنان". واشار الى أن "لبنان بوضع اقتصادي حرج وترسيم الحدود سيغيب أرباحاً ضخمة، وعلى ما يبدو أن السياسيين لم يروا مصلحة لهم لذلك لا يتساهلون بالمفاوضات".
ودعا البطريرك الماروني بشارة الراعي الدولة إلى التحرّك نحو الدول الشقيقةِ والصديقة وتتفاوض معها لمساعدةِ لبنان اليومَ قبل الغد. وقال: لقد حان الوقت لخروج الدولةِ من لعبةِ المحاورِ الإقليميّة، وتعيدَ النظرَ بخِياراتها التي أثبتَت التطوّراتُ أنّها لا تَصبُّ في مصلحةِ البلادِ والاستقلالِ والاستقرارِ والوِحدةِ والازدهار، وأنّها قَضَت على عَلاقاتِ لبنانَ العربيّةِ والدوليّة. لقد ضَربت هذه الجماعةُ السياسيّةُ سُمعةَ لبنان الدوليّة، فيما كان اسمُ لبنانَ رمزَ الإبداعِ والنهضةِ والازدهارِ في بلاد العربِ والعالم.
وأضاف هناكَ من يَمنعون تنفيذَ الحلولِ كما يمنعون تأليفَ الحكومة. هناك مَن يريدُ أن يُقفلَ البلاد ويَتسلَّمَ مفاتيحَه. هذه رهاناتٌ خاطئة، معتبراً أن لبنان يحتاج إلى قيادةٍ حكيمةٍ وشجاعةٍ ووطنيّة تُحبُّ شعبَها. وإذا لم تتوفّر هذه القيادة، فمسؤوليّةُ الشعبِ أن يَنتظمَ في حركةٍ اعتراضيّةٍ سلميّةٍ لإحداثِ التغييرِ المطلوب، ولاستعادةِ هوّيةِ لبنان وحياده الناشط ومكانه في منظومةِ الأمم، وصداقاته، والدورةِ الاقتصاديّةِ والحضاريّةِ العالمية، ودوره في الإبداع والسلام".
الى ذلك يبدأ اليوم توزيع المحروقات على كل المحطات بالتزامن مع اجتماع سيعقده موزّعو المحروقات اليوم للبحث في الحلول المطروحة لأزمة المحروقات.
وقال ممثل موزعي المحروقات فادي أبو شقرا إلى أنه: "على الدولة أن تحسم أمرها برفع الدعم أو ترشيده"، معتبراً أنهم "لم يعد باستطاعتهم كأصحاب محطات وموزعين تحمل هذه الأزمة أكثر من ذلك". وكان عضو نقابة أصحاب محطات المحروقات جورج البراكس تمنى أن يكون توزيع مادة البنزين اليوم الاثنين من قبل الشركات المستوردة الى السوق المحلي بكميات كافية لتباشر بتخفيف الطوابير امام المحطات للتوصل الى الانتهاء منها. ولكن يبقى المطلب الرئيسي ان تصل هذه الكميات فعلاً الى المحطات، لان البنزين لن يصل الى المواطن إلا من خلال المحطات. وطلب تأمين وصول هذه المادة الى محطات الأطراف وخاصة في الجنوب وعكار والبقاع المحرومين منها بالتوازي مع إجراءات صارمة للتأكد من وصول هذه الكميات الى خزانات المحطات وإلا لن نصل الى حل لهذه الأزمة.
********************************************************************
افتتاحية صحيفة الأخبار :
منسوب الغضب الشعبي يرتفع الحريري يتريّث في الاعتذار… وبرّي "لن يُسلّم البلد لعون وباسيل"
تتسِع التحركات الاحتجاجية المتفرقة في المناطق مع ارتفاع منسوب الغضب الشعبي من حجم الأزمة، من دون أن تبرز حتى الساعة أي حلول للحدّ من الانهيار الذي يقع على رؤوس اللبنانيين دفعة واحدة. القوى السياسية لا تزال تتصرف وكأن شيئاً لم يكن وتُدير ملف الحكومة كمعركة انتخابية
دخلَت البلاد في مدار الفوضى على كل الأصعِدة. لم تنتهِ ثلاثية الحوار بينَ الثنائي الشيعي ورئيس التيار الوطني الحرّ بشأن مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه برّي إلى "لا شيء"، وحسب. لو اقتصرت على ذلِك، لكانَ الأمر أسهل. أفضَت المداولات إلى أبواب جديدة للتعقيدات، بدلاً من التمهيد لفتح نافذة أمام حلول للأزمة الحكومية. لا تتطلّب وقائع الأمور عناءً كبيراً لاستخلاص أن الفشل لا علاقة له بوزيرين واسمين وحقيبتين، بقدر ما هو نتيجة لمحاولات طرفيْ الصراع الأساسييْن استيلاد نمط حكم جديد وقواعد سياسية جديدة تعيد ترسيم نفوذهما. وعليه، فإن فائضاً من التشاؤم ساد في الساعات الأخيرة، بعدَ أن ثبت بالمعطيات أن الرئيس المكلّف سعد الحريري حسمَ قراره بالاعتذار، قبل أن ينقل قراره إلى حالة "وقف التنفيذ" بناءً على طلب رئيس المجلس الذي "صارَ مقتنعاً بأن لا فرصة متاحة تسمح للحريري بالتشكيل، خارجياً أو داخلياً"، بانتظار "الاتفاق على بديل". ولو أن مؤشرات مستجدة برزت تقول إن الحريري، ورغم أن فكرة الاعتذار لا تزال تراوده، إلا أن حركته نهاية الأسبوع الماضي هدفت إلى تكريس صورته كزعيم أوحد للطائفة السنية من خلال اجتماعه مع دار الفتوى، واللقاءات التي عقدها مع شخصيات سنية، حتى إن بعضها غير مقرّب منه، وأنه تقصّد فعل ذلك للتخفيف من جدية الأجواء التي سُرّبت عنه أخيراً في ما خص الاعتذار. مردّ هذه المفارقة، وما تضمره من تحول سريع في "تكتيك" الرئيس المكلف، أن الظروف المتوافرة التي تمنع اعتذاره لا تقل عن تلكَ التي تمنعه من التأليف.
صحيح أن الحريري مُنيَ بنكسة جديدة بعدَما أطيحت مبادرة عين التينة التي عوّل كثيراً عليها كفرصة أخيرة، لكن مصادر معنية بالمفاوضات الحكومية أعادت تريّثه من جديد إلى أسباب عديدة. أبرزها:
أن الرئيس برّي طلبَ اليه ذلِك، وهو يُصرّ على ربط الاعتذار بالتوافق مع الحريري على بديل، على أن يحظى البديل بغطاء الطائفة السنية لئلا تتكرّر تجربة الرئيس حسّان دياب. كما أن رئيس المجلس، على ما تقول المصادر، "لا يريد تسليم البلاد لميشال عون وجبران باسيل"، ولا إعطاءهما فرصة للظهور بمظهر المنتصر. كما لا يريد أن يكون البديل واحداً من الأسماء التي اقترحها عون وباسيل، فيكونان قد حققا مبتغاهما وفرضا ما يريدانه. حتى إن بري يعتبر، بحسب المصادر، أن الحل لا يُمكن أن يكون بتسمية رئيس حكومة من فريق 8 آذار لا يحظى بالتوافق والغطاء السنيّ الكامل، لأن هذا الأمر لن يساعد في إخراج البلد من الأزمة، لا بل سيزيدها تعقيداً.
ثم إن الحريري الذي كانَ قد كشف أمام من التقاهم من مسؤولين وشخصيات سنية أن خيار الاعتذار وارد، فوجئ بمعارضة واسعة لم يكُن يتوقعها، على اعتبار أن "هذا القرار لا يُمكن أن يتخذه وحده، وأن هذه الخطوة هي بمثابة إعلان هزيمة أمام عون وباسيل وتراجع لحساب ما يريدانه، وهو ما سيفتح أمامهما الطريق لتنفيذ مشروعهما للسيطرة على رئاسة الحكومة".
وفي هذا الإطار، علمت "الأخبار" أن ثلاثي رؤساء الحكومات السابقين من أشد المعارضين لقرار الاعتذار، لكن أعضاءه لم يحضروا اللقاء في دار الفتوى، لأنهم، وفقَ ما أفادت المصادر، حرصوا على عدم "إعطاء صبغة طائفية للخلاف، وكأن هناك انقساماً بطابع سنّي - ماروني".
وفيما لم تُسجل في الأيام الماضية أي اتصالات على صعيد الملف الحكومي، خاصة بعدَ السجال الإعلامي بينَ باسيل والنائب علي حسن خليل الذي عكس التوتر بينَ عين التينة والبياضة، لفتت مصادر مطلعة إلى أن برّي منزعج من طريقة التعامل مع مبادرته، بينما سيتسغلّ الحريري الدعم الذي حظي به سنياً لتحصين نفسه من محاولات انتزاع التكليف منه، طوعاً، ووضع عوائق أمام أي شخص يطمح إلى خلافته، حتى لو عاد واعتذر.
التريّث في الاعتذار، عكسته تصريحات شخصيات في تيار المستقبل، ومنهم النائب السابق مصطفى علوش الذي أشار إلى أن "خيار الاعتذار مؤجل، وأن المزاج الشعبي عند تيار المستقبل 90 في المئة يعارضه". حتى الحريري نفسه، ظهرَ في مقابلة مع صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية أنه يتمهّل، وقال إنه "لن ينفرد باتخاذ أي خيار من هذه الخيارات، سواء في استمراره في مهمته التي استمدها من البرلمان أو في الاعتذار عن التأليف من دون العودة إلى رئيس المجلس النيابي نبيه بري والمجلس الشرعي الإسلامي ورؤساء الحكومات السابقين". وكانَ لافتاً في كلام الحريري تشديده على علاقته الممتازة برئيس المجلس، قائلاً "سعد الحريري يعني نبيه بري، ونبيه بري يعني سعد الحريري". وقال عن برّي: "إنه الشخص الوحيد الذي وقف إلى جانبي منذ اللحظة الأولى لتكليفي بتشكيل الحكومة؛ لم يتركني أبداً، ولم أسمع منه أو يُنقل عنه أي حرف أو كلمة توحي بأنه تخلى عني". وفي هذا الإطار، فسّرت أوساط سياسية كلام الحريري وكأنه "موجّه ضد وليد جنبلاط، لأن الحريري يعتبر أن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي لم يقف إلى جانبه كما ينبغي".
في جميع الأحوال، يُمكن تلخيص حصيلة الأسبوع الماضي بتأكيد أن البلاد ستكون على موعد مع أسابيع ملتهبة، وهناك خشية من أكثر من عامِل تقاطعت عندَ رسم أفق قاتِم: استعصاء الولادة الحكومية. تجدد الانقسام الحاد بين بري - الحريري من جهة وعون وباسيل من جهة أخرى، بعدَ أن حاول رئيس المجلس أن يلعب مؤخراً دور الوسيط. موقف حزب الله الذي على ما يبدو أنه سيكون محرجاً ما بينَ ضغط بري و"عناد" باسيل، فضلاً عن ارتفاع منسوب الغضب في الشارع على وهج استمرار الدولار بالتحليق فوق عتبة 15 ألف ليرة في السوق، ومعه أسعار غالبية السلع، مع احتمالية انفجاره قريباً.
*************************************************************************
افتتاحية صحيفة النهار
لبنان إلى “عهد” الإدارة الدولية للانهيار؟
عشية أسبوع يبدو مثقلاً أكثر بكثير مما طواه الأسبوع الماضي من تداعيات تسببت بها سلسلة الازمات المعيشية والخدماتية والصحية، ناهيك عن الارتفاعات النارية المحلقة مجدداً لسعر الدولار في السوق السوداء هازئاً بمنصة التسعير التي أنشأها مصرف #لبنان، لا يقف السؤال الكبير عند حصيلة الحركة الاستثنائية التي قام بها الرئيس المكلف سعد ال#حريري في الأيام الأخيرة بل تتجاوزها الى السيناريو القاتم الأبعد من احتمال اعتذاره عن تشكيل ال#حكومة.
لعلّه من مؤشرات اقتراب العد العكسي لدومينو انهياري مخيف يحدق بلبنان في ظل سلسلة الازمات التي تطبق على انفاس اللبنانيين، ان صعّد احد ابرز القادة الروحيين اللبنانيين متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس #المطران الياس عودة امس نبرة مخاطبته المباشرة الى رئيس الجمهورية ميشال #عون في موقف شديد الوطأة والتأثير، لا ندري كم اخترق جدران العهد والحكم والسلطة خصوصا ان الرسالة المدوية للمطران عودة بدأت بالرئيس واستتبعته بكل المراجع الرسمية المعنية بمعالجة الكارثة.
في هذه الرسالة المدوية، قال المطران عودة مخاطبا الرئيس عون:”أستحلفك بأحفادك الذين ترى الحياة في عيونهم أن إنزل إلى الشارع واستمع إلى شعبك وعاين الذل الذي يعيشه. هل تقبل أن يموت إنسان جوعاً أو مرضاً في عهدك؟ هل تقبل أن يعاني طفل في عهدك؟ هل تقبل أن يهان مواطن في عهدك؟ هل تقبل أن يضمحل لبنان في عهدك؟ والدعوة عينها موجهة إلى رئيس الحكومة المستقيل منذ أشهر طويلة ولم يقم مع حكومته بأدنى واجبات الحكومة، ولم ينفطر قلبه وجعاً على حال اللبنانيين، وإلى الرئيس المكلف المطلوب منه التعالي عن الأحقاد والخصومات، والإسراع في تأليف الحكومة رحمة بالوطن والمواطنين، وإلى رئيس مجلس النواب ونواب الأمة ربما يدركون حجم الكارثة”.
جاءت هذه الرسالة وسط ظروف تنذر بانزلاق البلاد بسرعة كبيرة نحو مرحلة محفوفة بأخطار غير مسبوقة لجهة تفاعل الازمات المعيشية والمالية والصحية والاجتماعية خصوصا ان مشهد بيروت والضواحي والبلدات الكبيرة وقد تحولت الى مرائب عملاقة وخانقة لطوابير السيارات بفعل ازمة البنزين تمادت وطالت بما يعني انها قد تغدو نمطاً دائماً مع كل ما يعنيه الامر من تداعيات متفجرة.
الاعتذار المعلق
واذا كان مشهد الازمات الخدماتية والمعيشية الخانقة بدأ يشكل جرس الإنذار الأشد اثارة لقلق الناس، فان المقلب الاخر من المشهد السياسي يبدو اكثر اثارة للغموض والخشية من مرحلة قد تحمل نهاية دراماتيكية لأزمة تعطيل الحكومة بما لا يبدو اطلاقا ان الفريق المعطل يدرك حجم وخطر ما سيتسبب به إمعانه في التعطيل.
ذلك انه صار شبه ثابت ان الرئيس الحريري الذي كان له حركة دائرية واسعة من اللقاءات والمشاورات والاتصالات المعلنة والمكتومة في الأيام الأخيرة يقيم على قرار ضمني يجعل اعتذاره الجدي معلقاً فقط فيما تخضع كل الخيارات للدرس.
ولم يكن أدل على هذه الجدية من الاستنفار السياسي الاستثنائي الذي برز عبر المشاركة النادرة للحريري في اجتماع #المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى في دار الفتوى السبت والذي اصدر بيانا اتسم بنبرة حادة وحازمة في مواجهة استهداف صلاحيات الرئيس المكلف وإعلان دعمه التام للحريري، ومن ثم اجتماع الحريري عصرا في بيت الوسط مع رؤساء الحكومة السابقين فؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي وتمام سلام وتداولهم اخر تطورات الازمة والاتجاهات المحتملة للحريري حيالها.
اما بيان المجلس، فحمل دعماً مطلقاً للحريري وأشار المجلس الى أنه “في الوقت الذي توشك فيه السفينة على الغرق، فان “بعض المسؤولين لا يرفّ له جفن، ولا يتحرك لديه ضمير أو حسّ وطني أو إنساني. إن هذا البعض غارق في “الأنا” وفي نرجسياتهم الوهمية، وكأن الأخطار التي تحدق بسفينة الوطن لا تعنيهم من قريب أو بعيد. إنهم يرفضون حتى أن يمدّوا أيديهم الى الأيدي الممدودة من وراء الحدود لإنقاذهم من أنفسهم، ومن الغرق في دوامة الفوضى والانهيار”. واكد المجلس أنه “لا يمكن السماح بالمس بصلاحيات رئيس الحكومة المكلف، معتبراً أن اي سعي الى إعراف جديدة فيما يتعلق بالدستور أو باتفاق الطائف أمر لا يمكن القبول به تحت أي حجة من الحجج. وأكّد المجلس أيضاً دعم الرئيس المكلف وصلاحياته ضمن اطار الدستور المنبثق من وثيقة الوفاق الوطني، محملاً مسؤولية التأخير في التأليف الى من يحاول ان يبتدع طرقا ووسائل وأساليب تلغي مضمون وثيقة الوفاق الوطني التي هي مكان إجماع القيادات اللبنانية الحريصة على استقلال لبنان ووحدته وسيادته وعروبته. وشدد المجلس على أهمية ضرورة استمرار مفاعيل المبادرات التي قدمت من قبل فرنسا ورئيس مجلس النواب نبيه بري، املا ان تثمر حلا قريبا للخروج من النفق المظلم الذي وضع فيه لبنان، ودعا المجلس القيادات السياسية للعمل مع الرئيس المكلف للخروج بحكومة تنقذ لبنان مما هو فيه وتعيده الى الطريق القويم “.
هذا الموقف ترجم كما أفادت المعلومات في رفض واسع لاعضاء المجلس لاي اعتذار يقدم عليه الحريري، كما ان رؤساء الحكومات السابقين ابلغوا الحريري بدورهم ضرورة استمراره وعدم الاعتذار فيما بدا الحريري عملياً راغباً بإعطاء مهلة إضافية قد تكون قصيرة لاختبار ما اذا كان فريق العهد وتياره سيستجيب لمبادرة الرئيس بري الذي لا ينفك الحريري يشيد بموقفه وبوحدة الحال بينهما حيال هذا الاستحقاق.
ابعد من الآلية
ولعل الأخطر من كل ما سبق هو ما بدأت أوساط سياسية وديبلوماسية مطلعة تتداوله لجهة السيناريو الذي قد يواجهه لبنان في حال استعصاء تشكيل حكومة جديدة واعتذار الحريري وربما نشوء ازمة تكليف أخرى عقب تداعيات الاعتذار. تربط الأوساط تداول هذا الاحتمال بما اعلنه الأسبوع الماضي الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لجهة نية فرنسا قيادة جهد دولي لإنشاء آلية تمويل طارئ دولي للخدمات الأساسية في لبنان في حال حصول انهيار واسع بحيث لا يترك البلد فريسة الفوضى والعوز. وتلفت الأوساط الى ان هذا الاتجاه الذي لم يتبلور بعد تفصيلياً كشف النقاب عنه عمداً لحمل السياسيين والمسؤولين اللبنانيين يتحملون تبعات انقاذ البلاد في اللحظة الحاسمة وإزالة العوائق من طريق الحكومة الانقاذية لئلا يبدأ الانزلاق نحو إدارة دولية للانهيار على قاعدة إنسانية في المقام الأول. وليس من باب المصادفات، وفق الأوساط نفسها، ان يأتي الكشف عن هذا الاتجاه قبيل المؤتمر الدولي الذي تنظمه فرنسا أيضا لحشد المساعدات للجيش اللبناني منعاً لتأثره بقوة بالازمة المالية بما يضعفه ويؤثر سلباً على كونه ركيزة الاستقرار الأساسية فيما البلاد تقف عند مشارف مرحلة لعلها الأخطر في تاريخ نشأة لبنان.
**************************************************************************
افتتاحية صحيفة نداء الوطن
باسيل “يتمرجل” على الناس… وعون “لا يترجّل كي لا يتبهدل”
مهلة نصرالله “المفتوحة” سقطت: “يا أبيض يا أسود”!
“هناك من يمنع تشكيل الحكومة ويريد أن يقفل البلد ويتسلّم مفاتيحه”… رسالة واضحة من البطريرك الماروني بشارة الراعي كادت أن تسمي الأشياء بأسمائها لجهة اتهام الشريحة الأكبر من اللبنانيين “حزب الله” بأنه “المايسترو” الأساس لعرقلة التأليف من خلف “بارافان” العهد العوني وتياره. وبهذا المعنى جاء تصويب الراعي أمس على “سياسة الشعب المحروق” التي ينتهجها أهل الحكم “الغارقون في لعبة جهنمية”، وربطه المباشر بين “قهر وإذلال” اللبنانيين وبين “لعبة المحاور الإقليمية التي قضت على علاقات لبنان العربية والدولية وضربت سمعته”، ليضع بذلك الإصبع على مكمن الاستنزاف الحقيقي للدولة ومقدراتها، بعد اتساع رقعة القناعة الوطنية بكون “حزب الله” هو من يقف خلف إجهاض الحلول وترسيخ الانهيار الشامل على أرضية الجمهورية الثانية، توصلاً إلى غرس “اللبنة الأولى” على أنقاضها لمشروع “المؤتمر التأسيسي” الرامي إلى إقامة جمهورية ثالثة تتسلم فيها الدويلة القائمة مقاليد الدولة القادمة.
وليس بعيداً عن هذه القناعة، تُدرج أوساط مواكبة للملف الحكومي رفض الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله في إطلالته الأخيرة تقييد عملية تأليف الحكومة بسقف زمني محدد وتشديده على وجوب ابقاء المهلة “مفتوحة” أمام محاولة إنجاح مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري، في خانة السعي إلى “إتاحة أوسع مجال ممكن أمام رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل للاستمرار في سياسة التصدي لمحاولات التأليف”. غير أنّ كلام نصرالله هذا، بحسب الأوساط نفسها، أدى إلى “رد فعل عكسي” لدى كل من عين التينة وبيت الوسط، سرعان ما أسفر عن إسقاط مناورة “المهل المفتوحة”، تحت وطأة مسارعة بري إلى شنّ هجمة سياسية وإعلامية مرتدّة ضد العهد وتياره، وإدارة الرئيس المكلف سعد الحريري محركات “الاعتذار” فارضاً بذلك مهلة زمنية محددة لا تتجاوز أيام هذا الأسبوع ليحسم “حزب الله” خياره “يا أسود يا أبيض” من عملية التأليف.
وعلى هذا الأساس، رأت المصادر أنّ الأسبوع الجاري سيكون بمثابة “المحطة المفصلية” لمبادرة بري ولتكليف الحريري على حدّ سواء، لا سيما وأنّ “خيط الاعتذار بات مرتبطاً عضوياً بانتهاء هذه المبادرة وإعلان فشلها”، موضحةً أنّ “الرئيس المكلف يبدو في مجالسه مقتنعاً بعدم جدوى الرهان على إحداث أي تغيير في ذهنية التعطيل المستحكمة بأداء عون وباسيل”، ومن هذا المنطلق كثف مشاوراته مع المجلس الشرعي الأعلى ورؤساء الحكومات السابقين لوضعهم في أجواء خياراته ورسم معالم خطواته اللاحقة.
وفي الغضون، استرعى الانتباه أمس توجّه المطران الياس عودة بالمباشر إلى رئيس الجمهورية فاستحلفه “بأحفاده” أن ينزل إلى الشارع ومعاينة “الذل الذي يعيشه الشعب”، سائلاً إياه: “هل تقبل أن يموت إنسان جوعاً أو مرضاً في عهدك؟ هل تقبل أن يعاني طفل في عهدك؟ هل تقبل أن يهان مواطن في عهدك؟ هل تقبل أن يضمحل لبنان في عهدك؟”… غير أنّ أوساطاً نيابية معارضة أسفت لكون دعوة عودة على أهميتها لن تلقى آذاناً رئاسية صاغية، وسألت: “من لم يدفعه انفجار كيماوي هدّم بيوتاً فوق رؤوس قاطنيها في 4 آب على النزول إلى الشارع وتفقّد شعبه هل سيدفعه أي شيء آخر للإقدام على هكذا خطوة”، مضيفةً: “على الأرجح سيبقى الرئيس ميشال عون متحصناً خلف أسوار قصر بعبدا حتى نهاية عهده، ولن يترجّل لمواجهة الناس في الشارع كي لا يتبهدل كما حصل مع باسيل في عقر داره” أمس.
وكان باسيل قد عاين غضب الناس ميدانياً، حين اصطدم لدى تناوله الغداء في أحد المطاعم على شاطئ البترون بالشابة ياسمين المصري التي فجّرت غضبها في وجهه، فما كان من حرّاسه إلا أن اعتدوا عليها بالضرب وعمدوا إلى تحطيم هاتفها الخلوي منعاً لتصوير الحادثة وتوثيق اللحظة أثناء مسارعة باسيل إلى مغادرة المكان، كما نقل شهود عيان على الإشكال.
ولاحقاً، أصدر رئيس “التيار الوطني الحر” بياناً بدا فيه كمن “يتمرجل” على الناس ويتوعدهم بالمزيد من المواجهات في الشارع، ليس فقط من خلال تفاخره بما قام به مرافقوه في مواجهة المواطنة الشجاعة وإقدامهم على “إسكاتها”، بل كذلك في تحريضه الصريح لمناصريه وكل المسؤولين والمنتسبين إلى “التيار” على مواجهة أي مواطن معترض و”عدم السكوت إطلاقاً والرد بما يناسب على أي اعتداء كلامي أو معنوي أو جسدي يتعرض له أي شخص منهم”.
************************************************************************
افتتاحية صحيفة الجمهورية
“الجمهورية”: إتصالات ومشاورات في كل الإتجاهات.. وحـديث عن حكومة هذا الأسبوع
للمرة الأولى منذ تكليف الرئيس سعد الحريري يتقدّم خيار الاعتذار على خيار الاستمرار في التكليف، وبدأ النقاش الجدّي في إيجابيات كل من الخيارين وسلبياته، خصوصاً مع وصول معظم المعنيين إلى إقتناع بأنّ العهد يفضِّل استمرار الفراغ مع حكومة تصريف الأعمال على تأليف حكومة مع الحريري، وكل العِقد القديمة والمُحدَثة تؤكّد ان لا رغبة في تأليف حكومة، وانّ الرئيس المكلّف أمام خيارين: الاستمرار في التكليف على رغم ضغط الوضع المالي والشعبي والسياسي والمرشّح إلى التصاعد مع تفاقم الأزمة المالية، او الاعتذار وترك العهد يتخبّط بأزمته ويتحمّل مسؤولياته، لأنّه حاول الخروج من هذه الأزمة من خلال الحكومة المستقيلة وفشل، واي محاولة جديدة لن تختلف عن سابقاتها. ولكن، في مقابل هذين الخيارين، سادت امس معطيات عن احتمال انكشاح العراقيل، بما يؤدي الى ولادة الحكومة هذا الاسبوع. وذلك في ضوء اتصالات ومشاورات ناشطة يجريها رئيس مجلس النواب نبيه بري في كل الاتجاهات.
يتعامل الحريري مع خياري الاستمرار او الاعتذار على انّهما ليسا ملكه وحده، ولن يلجأ إلى الاعتذار قبل التشاور مع حلفائه، وفي طليعتهم رئيس مجلس النواب نبيه بري، لأنّ لكل خيار تداعياته السياسية في موازاة الوضع المالي الحرج جداً، وذلك في ظل وجود وجهة نظر لا تحبِّذ ان يضع العهد يده على آخر حكومة في ولايته، ويواصل من خلالها إمساكه بمفاصل السلطة بعد انتهاء هذه الولاية، الأمر الذي يجعله في موقع القادر على ابتزاز الجميع ومقايضتهم، ويتحوّل سلطة القرار الوحيدة في البلد، ومن هنا أهمية التأليف مع الحريري لإدارة مرحلة الفراغ الرئاسية، التي تؤكّد كل المؤشرات انّها طويلة ومتشعبة.
فالتأليف لا يصطدم فقط في عِقَد الحقائب والتسميات والتوازنات، إنما يصطدم في شكل أساسي بدور هذه الحكومة في ثلاث محطات أساسية:
ـ دورها أولاً في الانتخابات النيابية في حال حصولها ولَم تؤجّل.
ـ دورها ثانياً في الانتخابات الرئاسية في حال استمرت بفعل التمديد النيابي.
ـ دورها ثالثاً في مرحلة الفراغ الرئاسي وانتقال السلطات التنفيذية إليها.
ويُضاف دور رابع له علاقة بالإصلاحات والخطوات التي ستعتمدها الحكومة.
ومن هنا أهمية الحكومة العتيدة التي لا يمكن ان تؤلّف من دون اتفاق سياسي على دورها، ومن دون لقاء يجمع الرئيس المكلّف ورئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، ولكن الحريري ليس في وارد اللقاء مع باسيل ولا إبرام تسوية معه حول دور الحكومة العتيدة في الاستحقاقات الدستورية التي يعتبرها باسيل مفصلية لمستقبله السياسي. ولذلك، إما ان يستمر الفراغ مع كل انعكاساته السلبية مالياً وشعبياً، وإما ان يعتذر الحريري، فاتحاً الباب أمام مرحلة جديدة إن في دوره، او في مسار الحكومة.
هذا الاسبوع
وفي هذه الاثناء، قالت مصادر قريبة من الحريري لـ«الجمهورية» أمس، انّه خلافاً لما يُشاع، فإنّ الرجل ليس في وارد الاعتذار، وانه يعوّل على المساعي التي يبذلها رئيس مجلس النواب، والتي ستنشط اليوم، من اجل تذليل العقَِد التي تعترض ولادة الحكومة، خصوصاً لجهة تسمية الوزيرين المسيحيين، ومنح تكتل «لبنان القوي» برئاسة النائب جبران باسيل الثقة للحكومة.
واكّدت هذه المصادر، انّ الحكومة ستصدر مراسيمها هذا الاسبوع، وعلى الارجح بعد غد الاربعاء. وخصوصاً بعدما تبين للمعنيين انّ اعتذار الحريري سيزيد الاوضاع السياسية تعقيداً، وستنعكس سلباً على العلاقات بين مختلف القوى المعنية بالاستحقاق الحكومي، وكذلك سيزيد الازمة الاقتصادية والمالية تدهوراً.
وتعليقاً على محاولات دفع الحريري الى الاعتذار، قال بري لـ«الجمهورية»: «من هو البديل عنه؟ هل لديهم بديل مقنع وحقيقي قادر على مواجهة تداعيات الازمة الاقتصادية والاجتماعية ومخاطر الانهيار؟».
ولفت بري الى «انّ مسألة تغيير الرئيس المكلّف هي أكثر تعقيداً مما يفترض البعض»، مضيفاً: «عليهم ان يقنعوني بالبديل، ويقنعوا أيضاً الأخ السيد حسن نصرالله والمجلس الشرعي الإسلامي والمجلس الاسلامي الشيعي الاعلى ورئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط ورئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية ونائب رئيس المجلس ايلي الفرزلي».
وأكّد بري انّ مبادرته ستستمر، مشدّداً على أنّ «لا خيار سواها. وبالتالي انا متمسك بها».
تريث
ولكن في رواية أخرى، قالت مصادر مطلعة، انّه على مسافة أيام قليلة من الحديث عن إمكان اعتذار الحريري، فرملت أحداث ليل الجمعة ـ السبت ويوم السبت الخطوة من دون ان تلغيها. فبعد تمني بري بداية ليل الجمعة على الحريري تأجيل خطوته الحاسمة لثلاثة ايام، تلاحقت المواقف التي تناغمت مع هذه الرغبة من دون اي تنسيق مسبق.
وقالت هذه المصادر لـ«الجمهورية»، انّ ما شهده اجتماع المجلس الاسلامي الشرعي الاعلى برئاسة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان وحضور الحريري، شكّل محطة إضافية لدعوة الحريري الى التريث في خطوة اعتذاره قبل الإعلان عن انتهاء مبادرة بري. فبعد ساعة ونصف الساعة على المناقشات التي تلت مداخلة الحريري، الذي استهل بها اللقاء بعد كلمة للمفتي دريان وشرحه للظروف التي املت مشاركة الحريري فيه شخصياً، انتهت الى فرملة خطوات الرئيس المكلّف من دون ان تلغيها نهائياً، وهو ما تجدّد في اللقاء الذي جمعه في «بيت الوسط» بعد ظهر اليوم عينه مع رؤساء الحكومات السابقين.
خطوات مشتركة
وفي معلومات «الجمهورية»، انّ الاتصالات لم تتوقف في الساعات الماضية بين «بيت الوسط» و«عين التينة». ولا يُستبعد ان يُعقد اجتماع بين بري والحريري في الساعات المقبلة، يمكن ان يشكّل بوصلة المرحلة المقبلة، وخصوصاً انّ هناك من يتحدث عن سيناريو التزامن بين إعلان بري انتهاء مبادرته ويلاقيه الحريري باعتذاره في اول ترجمة لها.
لقاء دار الفتوى
واستند اصحاب هذا السيناريو الى مضمون كلمة الحريري في اجتماع المجلس الشرعي، حيث شدّد على «أنّ كل الخيارات مطروحة على الطاولة، وأنّه لن ينفرد باتخاذ أي خيار من هذه الخيارات، سواء باستمراره في مهمته التي استمدها من البرلمان، أو بالاعتذار عن التأليف من دون العودة إلى رئيس المجلس النيابي نبيه بري والمجلس الشرعي الإسلامي ورؤساء الحكومات السابقين»…
وما شجع على هذا الاعتقاد، انّ الحريري افاض في حديثه عن التعاون مع بري لمواجهة سلسلة العراقيل التي يمكن ان تنهي مبادرته، لتلقى مصير المبادرات السابقة، حتى تلك التي حملتها الديبلوماسية الفرنسية على مدى الأشهر الثمانية الماضية. فهو اكّد في اللقاء عينه على انّ بري هو «الشخص الوحيد الذي وقف إلى جانبي منذ اللحظة الأولى لتكليفي بتشكيل الحكومة؛ لم يتركني أبداً، ولم أسمع منه أو يُنقل عنه أي حرف أو كلمة توحي بأنّه تخلّى عني». كما لفت الى لقاء قريب معه لاستعراض المراحل السابقة التي جعلته يتراجع عن تركيبة الـ 18 وزيراً الى الـ 24، بهدف تذليل العقبات، ولكن ما طرحه باسيل من شروط لاحقاً أدّت الى ما نحن فيه اليوم».
وانتهى الحريري في مداخلته الى التحذير مما يمكن ان تصل اليه البلاد، وسط استعدادات لمعارضيه، اعاقوا تشكيل حكومة «تحاكي مطالب المجتمع الدولي وخريطة الطريق الى اعادة الاعمار والإنقاذ»، بأنّهم يسعون الى تحميله المسؤولية، متناسين انّهم هم المسؤولون ومعهم حكومة تصريف الاعمال. واي محاولة لتحميل الرئيس المكلّف تشكيل حكومة لم تولد بعد، امر لا يستجدي الصدق والمنطق من اي مكان.
الشعب المحروق
وفي المواقف، توجّه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في عظة الاحد الى «المسؤولين الذين يعطلون تأليف الحكومة ونهوض الدولة»، قائلاً: «لقد عرفنا سياسة الأرض المحروقة، لكننا نرى في هذه الأيام سياسة الشعب المحروق. العالم كله ينتظرنا لكي يتمكن من مدّ يد المساعدة من أجل إنهاض الدولة. أما أنتم فغارقون في لعبة جهنمية، في الأنانيات والأخطاء، في سوء التقدير وسوء الحوكمة، في المحاصصة والمكاسب، وفي السير عكس أماني شعبنا». واضاف: «هذه البلاد ليست ملكية خاصة لكي تسمحوا لأنفسكم بتفليسها وتدميرها. هذه الدولة هي ملك شعبها وتاريخها وأجيالها الطالعة. أمام عدم معالجة الأمور العامة الحياتية، نتساءل إذا ما كنتم مكلفين بتدمير بلادنا، وإلّا لِمَ هذا الجمود فيما فرص المعالجة متوافرة، ونحن في زمن فيه حلول لكل شيء؟». ودعا الدولة إلى «التحرك نحو الدول الشقيقة والصديقة وتتفاوض معها لمساعدة لبنان اليوم قبل غد». وقال: «لقد حان الوقت لخروج الدولة من لعبة المحاور الإقليمية، وتعيد النظر بخياراتها التي أثبتت التطورات أنّها لا تصبّ في مصلحة البلاد والاستقلال والاستقرار والوحدة والازدهار، وأنّها قضت على علاقات لبنان العربية والدولية». واضاف: «رغم فداحة الأزمة، الحلول موجودة وسبل الإنقاذ متوافرة، لكن هناك من يمنعون تنفيذ الحلول كما يمنعون تأليف الحكومة. هناك من يريد أن يقفل البلاد ويتسلّم مفاتيحها. هذه رهانات خاطئة. هذا بلد لا تُسلّم مقاليده لأحد ولا يستسلم أمامَ أحد. جذوة النضال في القلوب حيّة. بلادنا تمتلك، رغم الانهيار، جميع طاقات الإنقاذ، لكنها تحتاج إلى قيادة حكيمة وشجاعة ووطنية تحب شعبها».
عودة
وتوجّه متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة خلال قداس الأحد في كاتدرائية القديس جاورجيوس في بيروت الى رئيس الجمهورية ميشال عون قائلاً: «فخامة الرئيس، أستحلفك بأحفادك الذين ترى الحياة في عيونهم أن تنزل إلى الشارع واستمع إلى شعبك وعاين الذلّ الذي يعيشه. هل تقبل أن يموت إنسان جوعاً أو مرضاً في عهدك؟ هل تقبل أن يعاني طفل في عهدك؟ هل تقبل أن يُهان مواطن في عهدك؟ هل تقبل أن يضمحل لبنان في عهدك؟». ودعا الرئيس المكلّف «التعالي عن الأحقاد والخصومات، والإسراع في تأليف الحكومة رحمة بالوطن والمواطنين، وإلى رئيس مجلس النواب ونواب الأمة ربما يدركون حجم الكارثة». وتوجّه «الى جميع المسؤولين والزعماء»، قائلًا: «إذا أردتم أن تتقاتلوا أو تتنازعوا وتتشاتموا فأنتم أحرار، إنما قوموا بذلك بعيداً من حياتنا ومستقبل أولادنا، واتركونا نعيش في سلام وكرامة، وإلّا تناسوا خصوماتكم وادفنوا أحقادكم وقوموا بواجبكم، ألا يستحق لبنان تنازلاً وتضحية؟ هل بسبب وزير أو حقيبة يُدمّر وطن ويُنحر شعب؟ هل تقبلون أن يموت عزيز عليكم جوعاً أو مرضاً أو يأساً وأنتم تتقاتلون على ملك زائل؟ كفى اغتيالاً لهذا البلد الجميل وهذا الشعب العزيز». وختم عودة سائلاً: «أين الدولة من قرار فردي لرئيس حزب يُلزم الدولة كلها، وماذا تفعل الدولة إذا قرّر كل رئيس حزب التفرّد بقراراته والتطاول على هيبة الدولة؟ ألم يحن الوقت بعد لتحزم الدولة أمرها وتستعيد قرارها وتفرض هيبتها على الجميع؟».
الترسيم البحري
وفي هذه الأجواء، قفز ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل الى الواجهة بشكل مفاجئ، لمجرد وصول رئيس الوفد الأميركي الراعي لمفاوضات الناقورة السفير دون دوروشيه الى بيروت عصر امس.
وقالت اوساط عليمة بالتحضيرات التي رافقت الزيارة لـ «الجمهورية»، انّ دوروشيه سيزور رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اليوم، قبل ان يلتقي رئيس وأعضاء الوفد اللبناني المفاوض في اليرزة، حيث من المقرّر ان يحضر الجديد الذي يحمله دوروشيه.
وقالت مصادر مطلعة على موقف لبنان، انّ الوفد جاهز لمناقشة اي عرض جديد يستند الى ما تقول به اتفاقية قانون البحار، وما انتهى اليه الوفد اللبناني في المراحل السابقة من ترسيم للخط البحري الذي تجاوز الخطوط السابقة بعد التوصل الى الخط 29، والذي ما زال ينتظر تعديل المرسوم 6433، وهو ما لم يحصل حتى اليوم، على الرغم من معرفة جميع الأطراف بحجم الضرر اللاحق بمتانة الموقف اللبناني وثباته على طاولة المفاوضات.
كورونا
صحياً، أعلنت وزارة الصحة العامّة في تقريرها اليومي امس حول مستجدات فيروس كورونا تسجيل 81 إصابة جديدة (65 محلية و16 وافدة) ليصبح العدد الإجمالي للإصابات 542604. كذلك سجّلت 4 حالات وفاة جديدة، ليصبح العدد الإجمالي للوفيات 7798.
*********************************************************************
افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط
الحريري يدرس التقدُّم بتشكيلة وزارية كواحد من خياراته
بري يتمسك به رئيساً للحكومة لبقاء لبنان و{الطائف}
بيروت: محمد شقير
يقول مصدر سياسي لبناني مواكب عن كثب للأجواء التي سادت لقاء رؤساء الحكومات السابقين نجيب ميقاتي، وفؤاد السنيورة، وتمام سلام، بالرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري، المعطوفة على المداولات التي تخللت الاجتماع الدوري للمجلس الإسلامي الشرعي، إن تأكيد الحريري على أن جميع الخيارات مطروحة على الطاولة لا يعني في المطلق أن اعتذاره عن تأليفها سيكون على رأس أولوياته، وإن كان لا يزال واحداً من الخيارات ما لم يبادر «رئيس الظل» للجمهورية، زعيم «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل إلى إعادة النظر في أولوياته، بدءاً بوقف رهانه على انهيار البلد كشرط يعيد تأسيس نفسه سياسياً.
ويؤكد المصدر السياسي لـ«الشرق الأوسط» أن ما يشاع حول جنوح الحريري للاعتذار هذا الأسبوع عن تشكيل الحكومة ليس في محله، وهذا ما ينسحب على استعداد نواب كتلة «المستقبل» للاستقالة من البرلمان، ويقول إنه لن يقدّم اعتذاره على طبق من فضة لباسيل ما لم يأت في سياق خطة سياسية متكاملة، لأن الاعتذار لن يحل المشكلة، وبالتالي لن يؤدي إلى إخراج البلد من المأزق السياسي الذي يتخبط فيه؛ خصوصاً أن باسيل في اتباعه سياسة الهروب إلى الأمام أوقع نفسه في أزمة مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري بلا أي مبرر.
ويكشف المصدر نفسه أن لدى الحريري خيارات أخرى غير الاعتذار على الأقل في المدى المنظور، ولن يتردد في السير فيها لحشر الرئيس ميشال عون في الزاوية، ولا يستطيع أن يقاوم هذه الخيارات بالمكابرة أو بالعناد، علماً بأن الرئيس المكلف قدّم كل ما لديه من تضحيات قوبلت بالرفض من التيار السياسي المحسوب على باسيل الذي حوّل أحد الأجنحة في القصر الجمهوري إلى «غرفة أوضاع» يدير فيها بغطاء من عون معركته ضد عودة الحريري إلى رئاسة الحكومة التي توسّعت أخيراً لتشمل رئيس البرلمان.
ولم يستبعد المصدر السياسي أن يبادر الحريري إلى التقدُّم من عون بتشكيلة وزارية جديدة بنفس المواصفات والشروط التي التزم بها عندما تقدم بتشكيلته الأولى، وإن كان يعتقد بأن لا شيء نهائياً في هذا الخصوص، كاشفاً أنها واحدة من الأفكار التي طُرحت سابقاً في لقاء رؤساء الحكومات السابقين بالرئيس المكلف.
ويضيف أن مجرد موافقته على أن يتقدم بهذه التشكيلة الوزارية يعني أنه باقٍ على التزامه بالمبادرة الفرنسية التي سعى بري لإنقاذها، لكنه اصطدم برفض باسيل الذي افتعل اشتباكاً سياسياً معه، فيما يلوذ عون بالصمت بعدما أوكل إلى وريثه السياسي مهمة الإطاحة بالحريري لمنعه من تشكيل الحكومة.
ويؤكد المصدر أن باسيل قرر أن يشتبك مع بري ليس لصرف الأنظار عن تحميله مسؤولية تأخير تشكيل الحكومة فحسب، وإنما لأنه يصرّ على فتح ثغرة في الأفق المسدود ليعيد الاعتبار للمبادرة الفرنسية، وهذا ما لا يروق لباسيل ومن خلاله عون، وينقل عن قطب نيابي قوله إن بري يتمسك بالحريري رئيساً للحكومة لأنه يتمسك في المقابل ببقاء لبنان واتفاق الطائف.
ويرى أن باسيل لا يخفي انزعاجه من بري الذي بات يشكل رافعة لتشكيل الحكومة من جهة ويُطبق عليه الحصار السياسي من جهة ثانية، وإلا لماذا تذرّع بتأخّر البرلمان عن إقرار البطاقة التموينية، مع أنه لم يتردد فور إرسال مشروع القانون الموقّع من عون ورئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب في هذا الخصوص بطلب إحالته على اللجان النيابية المشتركة لدراسته.
ويلفت إلى أن بري استخدم «الخط العسكري» في إرساله لمشروع القانون هذا، مع أن تمويل كلفة سريان مفعول البطاقة ليستفيد منها مستحقوها سيتم من «حواضر البيت» أي مما تبقى من الاحتياط لدى مصرف لبنان في ظل تلكؤ من يعنيهم الأمر عن الدخول في مفاوضات جدية مع صندوق النقد الدولي.
ويعتبر أن «العهد القوي» لم ينفك عن الخوض في المزايدات الشعبوية لتلبية احتياجات السواد الأعظم من اللبنانيين، مكتفياً بالبيانات الإعلامية اليومية لمكافحة الجوع الذي يدق أبواب اللبنانيين ويهددهم بلقمة عيشهم، ويقول إن «التيار الوطني» دخل على خط المزايدات وأعد اقتراح قانون في هذا الخصوص بعد أيام من تسلم رئاسة المجلس مشروع القانون، وما كان من بري أن ألحقه به وطلب إحالته على اللجان.
لذلك، فإن الاعتذار في حال حصوله سيأتي كخيار أخير من الخيارات المطروحة وسيتلازم مع وضع خطة تحرك ستكون بمثابة بدء معركة مفتوحة مع العهد ووريثه يراد منها رسم الخطوط الحمر لما بعد الاعتذار لا يمكن تجاوزها وتحديداً من قبل من يقدّمون أنفسهم لخلافة الحريري بتشكيل الحكومة، وهم على علاقة مع باسيل.
كما أن الخطة، التي ستُدرج على جدول أعمال المناوئين لـ«العهد القوي» الذي أطاح بالمرجعية التي أمّنها له الدستور ليكون الجامع بين اللبنانيين، ستضع من يطمح لخلافة الحريري في موقع انتحاري إذا ما وجد نفسه في مواجهة مع مرشح بديل يتبنى المواصفات التي تمسك بها الرئيس المكلف؛ خصوصاً أن الرهان على اللقاء التشاوري النيابي كمعارض للحريري لا يعكس الواقع السياسي الراهن بعد انفتاح الأخير على النواب عبد الرحيم، وجهاد عبد الصمد، وعدنان طرابلسي ممثل جمعية المشروعات الخيرية (الأحباش) في البرلمان.
وعليه، فإن إحياء لقاء البياضة الذي جمع المعاونين السياسيين لرئيس البرلمان النائب علي حسن خليل، والأمين العام لـ«حزب الله» حسين خليل، بباسيل، لم يعد ممكناً، بعد أن أقحم الأخير نفسه في اشتباك سياسي غير مسبوق مع بري، قوبل بأعنف هجوم لا مثيل له من قبل قيادات حركة «أمل» وانضمت إليهم لاحقاً المحطة التلفزيونية «الشبكة اللبنانية للإرسال» التابعة لبري في مقدمة نشرتها الإخبارية، مساء أول من أمس، التي شنّت هجوماً من العيار الثقيل.
ويبقى السؤال؛ كيف سيتصرف «حزب الله»؟ وهل تصلح أدواته السياسية السابقة التي كان يستخدمها لإصلاح ذات البين بين حليفين؛ خصوصاً أن إصراره على التموضع في منتصف الطريق يعني أنه ماضٍ بلعب دور «شيخ صلح» بينهما، علماً بأن البادئ في فتح النار على رئيس البرلمان كان باسيل؟
فـ «حزب الله» بات محشوراً في الزاوية، لأنه لا يستطيع أن يرأب الصدع بين حليفيه اللذين لم تعد بينهما كيمياء سياسية يمكن التعويل عليها لإنهاء الخلاف الذي بدأ بالتباين حول تشكيل الحكومة، ولن ينتهي إلا بتوفير الشروط لولادتها.
*************************************************************************
افتتاحية صحيفة اللواء
«الإنهيار» على طاولة بايدن – ماكرون.. وسحب الإعتذار من التداول!
الكنيسة الأرثوذكسية تنتفض.. وبكركي لحركة اعتراضية .. وباسيل يتوعد
مع منتصف حزيران، وفي الأسبوع الثالث رست الصورة السياسية على تفاهم بين الوسيط المحلي الرئيس نبيه برّي والرئيس المكلف سعد الحريري على تنسيق ميعاد الاعتذار، إذا تقرر السير فيه، ليس بوصفه خطوة مجردة، بل خطوة في سياق خطوات متدرجة، تهدف الى فتح باب إعادة بناء الحكومة، وان كان ليس من بوابة «الاستشارات الملزمة» من بعبدا.
والاهم في المشهد، ان الرئيس الحريري، الذي وضع كل الخيارات على الطاولة، قال إنه لن يقدم على أي خطوة، قبل التشاور مع الرئيس برّي.
وتوقعت مصادر متابعة لعملية تشكيل الحكومة ان يعقد لقاء بين الرئيس الحريري والرئيس بري خلال الساعات المقبلة لجوجلة حصيلة الاتصالات التي جرت خلال الأسبوعين الماضيين لتنفيذ مبادرة الرئيس بري وتعثرت بفعل المواقف الرافضة لرئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل التجاوب معها وكيفية مقاربة المرحلة المقبلة، وعما اذا كان توجه الرئيس المكلف الاعتذار عن التشكيل يشكل حلا للازمة ام يزيد من حدتها وتفاعلاتها السلبية. وقالت المصادر ان بري لا يوافق الحريري على الاعتذار لانه لا يشكل الحل للازمة بل يفاقمها ولا يصب في صالح تنفيذ المبادرة الفرنسية. وقد ابلغ الحريري بموقفه مؤكدا انه مستمر بدعم مهمته لتشكيل الحكومة العتيدة برغم كل محاولات العرقلة والتعطيل المتعمد لهذه المهمة.
الانهيار بين بايدن وماكرون
والوضع اللبناني، الذي شارف على الانهيار حضر بين الرئيسين الأميركي جو بايدن والفرنسي ايمانويل ماكرون، فضلا عن احتمال ادراج هذا الوضع على قمّة بايدن والرئيس الروسي فلاديمير بوتين غداً.
دعم إسلامي للحريري
فالأسبوع الطالع مفصلي بعدما تأكد استمرار تنفس مبادرة الرئيس بري برغم عملية الخنق التي تعرضت لها، فيما حصل الرئيس المكلف على جرعة دعم اضافي من المجلس الشرعي الاسلامي الاعلى الذي اجتمع امس الاول السبت بحضور الحريري، وغياب رؤساء الحكومات السابقين.
وعلمت «اللواء» من مصادر موثوق بها، ان الرئيس الحريري لم يطرح خلال اجتماع المجلس الشرعي بشكل مباشر وواضح مسألة اعتذاره عن التشكيل لا من قريب ولا من بعيد خلافاً لما تردّد عبر الاعلام، ولم يَرِدْ ذكر موضوع الاعتذار ابداً خلال الاجتماع، لكن الحريري اشار الى عبارة «كل الاحتمالات واردة» من دون توضيح ما هي الاحتمالات. وشرح بالتفصيل مسار مفاوضات التشكيل والمبادرات التي طُرحت، واتهم الرئيس ميشال عون والنائب جبران باسيل بالعرقلة نتيجة الشروط والمعايير التي يفرضانها، بينما أكد امام المجتمعين ان الرئيس نبيه بري هو الداعم الاكبر وربما الوحيد له، وان مبادرته ما زالت قائمة برغم كل العراقيل.
واضافت المصادر: ان الحريري اكد للحضور بناء على هذه المعطيات انه «مستمر في التضحية من اجل انقاذ البلد وايجاد الحلول للمشكلات القائمة»، ولكنه حذّر بالمقابل من «ان الوضع العام في البلاد سيدخل مرحلة صعبة جداَ اذا استمر تعطيل تشكيل الحكومة»، مشدداً على كلمة «اذا استمر التعطيل»، لكنه اكد ايضاً ان المساعي قائمة وسننتظر ما سيظهر مجدّداً من نتائج.
وحصل الحريري على تأييدٍ بشبه الإجماع من الحاضرين لتكليفه «ولإستمراره في المسيرة في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها البلد». وقد عبّر بيان المجلس عن هذا التوجه بشكل واضح، حيث ورد فيه: «أكّد المجلس على دعم الرئيس المكلف وصلاحياته ضمن اطار الدستور المنبثق من وثيقة الوفاق الوطني، محمّلاً مسؤولية التأخير في التأليف الى من يحاول ان يبتدع طرقاً ووسائل وأساليب تلغي مضمون وثيقة الوفاق الوطني، التي هي مكان إجماع القيادات اللبنانية الحريصة على استقلال لبنان ووحدته وسيادته وعروبته».
اضاف المجلس: أنه في الوقت الذي توشك فيه السفينة على الغرق، فان بعضا من هؤلاء المسؤولين (أو الذين يُفترض أن يكونوا مسؤولين)، لا يرفّ له جفن، ولا يتحرك لديه ضمير أو حسّ وطني أو إنساني. إن هذا البعض غارق في «الأنا» وفي نرجسياتهم الوهمية، وكأن الأخطار التي تحدق بسفينة الوطن لا تعنيهم من قريب أو بعيد. إنهم يرفضون حتى أن يمدّوا أيديهم الى الأيدي الممدودة من وراء الحدود لإنقاذهم من أنفسهم، ومن الغرق في دوامة الفوضى والانهيار.
وشدد المجلس «على أهمية ضرورة استمرار مفاعيل المبادرات التي قدمت من قبل فرنسا ورئيس مجلس النواب نبيه بري، آملاً ان تُثمر حلاً قريبا للخروج من النفق المظلم الذي وضع فيه لبنان، ودعا القيادات السياسية للعمل مع الرئيس المكلف للخروج بحكومة تنقذ لبنان مما هو فيه وتعيده الى الطريق القويم».
واوضحت المصادر ان التصريح المقتضب والعام للحريري بعد الاجتماع، كان هدفه إبقاء الباب مفتوحاً امام المبادرات والافكار والحلول، ولمنع حصول اي سجال في ما لو اطال التصريح وشرح التفاصيل المتعلقة بتأخير التشكيل، وتجنّباً للسين والجيم.
وبعد اجتماع المجلس الشرعي، اجتمع الحريري عصر السبت في بيت الوسط برؤساء الحكومات السابقين فؤاد السنيورة وتمام سلام ونجيب ميقاتي، ووضعهم في اجواء اجتماع المجلس الشرعي وتطورات مفاوضات تشكيل الحكومة والاحتمالات القائمة في حال تم التوصل الى حلول معينة او تعرقل التشكيل مجدداً، ولم يصدر عن المجتمعين اي موقف، تجنّباً ايضاً لمزيد من التشنج حسبما قالت اوساط المجتمعين.
وعُلم ان الرؤساء الاربعة اتفقوا على بقاء باب التشاور مفتوحاً بينهم، «نظراً لأن مساعي الرئيس بري مازالت قائمة، وربما يحصل شيء جديد يدفع الامور قدماً». لكن المصادر اكدت ان لا شيء نهائياً وواضحاً بعد، لذلك ترك الحريري الباب مفتوحاً امام كل الاحتمالات بانتظار ما سيحصل هذا الاسبوع.
وعلى هذا سيتابع الحريري هذا الاسبوع الاتصالات واللقاءات للخروج بموقف وقرار حاسمين، بموازاة تحرك الرئيس بري الذي طلب اياماً اضافية لمعالجة العقد الحكومية الباقية.
من جهة اخرى، ردّت قناة «أن.بي.أن» على كلام النائب جبران باسيل، في مقدمة نشرتها المسائية السبت، وجاء فيها: «الناس لا زالت تنتظر العدالة فيما تعطلون مرسوم التشكيلات القضائية، ولا زالت تنتظر مكافحة الفساد فيما لم تطبقوا القوانين التي أقرها مجلس النواب، وتنتظر توقيع ما يحفظ حق لبنان في ثروته النفطية فيما جف حبر القلم عن مرسومها». وأضافت: «مش ناطرين شي، لأن من ينتهج التعطيل لا يمكن ان ينجح في ايصال البلد الى ضفة الانقاذ».
وكان باسيل قد غرّد أمس كاتبًا: «ذلّ المواطنين امام محطات البنزين وعلى ابواب المستشفيات والصيدليات ما بكفّي حتى يعقد مجلس النواب جلسات طارئة ومتواصلة ليل نهار؟ هيدي مسؤولية كان لازم يتحملها الجميع من اكتر من سنة… شو ناطرين بعد؟».
عودة: فخامة الرئيس انزل إلى الشارع!
وهذا الوضع المأساوي حضر في عظات الأحد الكنسية، وسأل متروبوليت بيروت للارثوذكس المطران الياس عودة: «ألا يزعج أحدا مشهد الذل المتنقل في كل مكان؟ عند محطات المحروقات، في الأفران والصيدليات والسوبرماركت؟ لقد وصل اليأس بالشعب إلى حد القرف. الهراطقة اعتمدوا قديما على جهل الناس بالإيمان، فقاموا ببث سمومهم، إلى أن جاء الآباء القديسون وثقفوا الشعب إيمانيا، عندئذ استتبت الأوضاع في الكنيسة. اليوم، لدينا من يسمم حياة الشعب، ونحن بحاجة إلى من يرفع الظلم عنهم ويبث فيهم روح التفاؤل والأمل لئلا يضيع الناس وقد ضاع البلد. لذا أدعو المسؤولين إلى التجول في شوارع العاصمة ليلمسوا حقيقة ما وصل إليه اللبنانيون من تعاسة وضيق وقرف. طوابير السيارات حول المحطات، المرضى يستعطون الدواء، مرضى غسيل الكلى مهددون بالموت، الأطباء يستغيثون، المستشفيات مهددة بالإغلاق، ونحن على أبواب كارثة صحية، وفي المقابل هناك من لا سيارة لديه، ولا سقف، ولا قيمة لصحته لأنه يفتش في القمامة على ما يسد به رمقه».
أضاف: «فخامة الرئيس، أستحلفك بأحفادك الذين ترى الحياة في عيونهم أن انزل إلى الشارع واستمع إلى شعبك وعاين الذل الذي يعيشه. هل تقبل أن يموت إنسان جوعا أو مرضا في عهدك؟ هل تقبل أن يعاني طفل في عهدك؟ هل تقبل أن يهان مواطن في عهدك؟ هل تقبل أن يضمحل لبنان في عهدك؟ والدعوة عينها موجهة إلى رئيس الحكومة المستقيل منذ أشهر طويلة ولم يقم مع حكومته بأدنى واجبات الحكومة، ولم ينفطر قلبه وجعا على حال اللبنانيين، وإلى الرئيس المكلف المطلوب منه التعالي عن الأحقاد والخصومات، والإسراع في تأليف الحكومة رحمة بالوطن والمواطنين، وإلى رئيس مجلس النواب ونواب الأمة ربما يدركون حجم الكارثة».
الراعي: تدمير البلد ولحركة اعتراضية
وتساءل البطريرك الماروني الكاردينال مار بطرس بشارة الراعي عمّا إذا كان المسؤولون مكلفين بتدمير بلادنا، داعيا حكومة تصريف الأعمال للقيام بواجباتها بحكم الدستور والقانون.
وختم الراعي: «رغم فداحة الأزمة، الحلول موجودة وسبل الإنقاذ متوافرة، لكن هناك من يمنعون تنفيذ الحلول كما يمنعون تأليف الحكومة. هناك من يريد أن يقفل البلاد ويتسلم مفاتيحه. هذه رهانات خاطئة. هذا بلد لا تسلم مقاليده لأحد ولا يستسلم أمامَ أحد. جذوة النضال في القلوب حية. بلادنا تمتلك، رغم الانهيار، جميع طاقات الإنقاذ، لكنها تحتاج إلى قيادة حكيمة وشجاعة ووطنية تحب شعبها. وإذا لم تتوافر هذه القيادة، فمسؤولية الشعب أن ينتظم في حركة اعتراضية سلمية لإحداث التغيير المطلوب، ولإستعادة هوية لبنان وحياده الناشط ومكانه في منظومة الأمم، وصداقاته، والدورة الاقتصادية والحضارية العالمية».
باسيل تبرير الاعتداء
وتفاعلت قضية الشابة البترونية ياسمين مصري، التي اقدم عناصر من التيار الوطني الحر من مرافقي النائب جبران باسيل على ضربها، بعدما تعرّضت لباسيل وهو في أحد المطاعم في البترون، وبصقت بوجهه بكلمة تفوه، فما كان من الحراس إلإ ان هجموا على الفتاة، وقال لها احدهم: اخرسي، بعد ان بصق عليها، وتعرضوا لها بالضرب.
وأعرب النائب السابق وليد جنبلاط عن تضامنه مع الشابة مصري، وإدانته لما تعرّضت له.
ووصف باسيل ما حصل من اعتداء مرافقيه «برد فعل طبيعي وسلمي وحضاري».
وأكّد مكتبه الإعلامي انه طلب من المناصرين والمسؤولين والمنتسبين إلى التيار الوطني الحر عدم السكوت اطلاقا والرد بما يناسب على أي اعتداء كلامي أو معنوي أو جسدي يتعرّض له أي شخص منهم على يد بعض النّاس الذين لا يقيمون للكرامة وزنا. انتهى زمن الشتيمة من دون جواب.
تحريك المفاوضات
ومع ولادة حكومة جديدة في إسرائيل، برئاسة نفتالي بينيت، الذي حصل على ثقة الكنيست، مزيحاً بنيامين نتنياهو عن المشهد في إسرائيل والشرق الأوسط، من الممكن العودة إلى ملف التفاوض في الترسيم البحري، مع وصول الوسيط الأميركي جون دي روشر إلى بيروت أمس، لإعادة تحريك المحادثات مع المعنيين لا سيما الرؤساء الثلاثة والوفد العسكري اللبناني المفاوض.
مصير الدعم
مالياً، بداية، خارج منطق المنصات، و«صيرفة»، الصرافين، وحتى «صيرفة» المصرف المركزي، معرفة مصير رفع الدعم، وليكن عن المحروقات، والبنزين، والمازوت، والغاز، والمشتقات، لإنهاء محنة توافر البنزين، وتحريره من السوق السوداء، حيث بلغ مستويات غير ثابتة، لا تقل عن 70 ألف أو مائة ألف ليرة.
المحروقات.. بداية انفراج
على صعيد أزمة المحروقات، بشر ممثّل موزعي المحروقات فادي أبو شقرا انه بدءاً من اليوم سيتم توزيع المحروقات على المحطات كافة.
ولاحقا يواكب موزعو المحروقات ما يجري باجتماع للبحث بالاجراء، تمهيدا لوضع آلية مستمرة، وليست مؤقتة، بدءا من القرار الكبير بإعلان الدولة رفع الدعم ليبنى على الشيء مقتضاه.
حسن يتهم سلامة
صحياً، أتهم الوزير حمد حسن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بعدم الشفافية، فهو لم يكشف عن نواياه.. فتارة يتحدث عن توفير 100 مليون دولار شهرياً لدعم النظام الصحي..
وكشف عن اجتماع منتصف هذا الأسبوع، ليحث الوضع المالي مع المصرف المركزي وكيفية توفير الدعم.
استشفائيا، تبلورت ملامح حل مؤقت، أو ظرفي لمسألة الهيئات الضامنة، وكيفية توفير الدواء والمستلزمات الطبية للمرضى.
وترأست نائب رئيس مجلس الوزراء ووزيرة الدفاع ووزيرة الخارجية والمغتربين بالوكالة في حكومة تصريف الأعمال زينة عكر، اجتماعاً طارئاً في وزارة الدفاع الوطني للمعنيين في القطاع الصحي في لبنان في ظل الانهيار الحاصل حيث جرى البحث في الواقع الصحي المتردي بعد ان دخلت البلاد في المحظور وفي مرحلة خطيرة جدا من الناحية الإنسانية، تركز على آليات وقف الانيهار في القطاع وتقديم ما يلزم للاستمرار بتقديم الخدمات.
الكتلة الثورية
على صعيد التحضير للتحركات جدد المشاركون في مؤتمر عام للكتلة الثورية اهمية إسقاط المنظومة السياسية التي اوصلت الاوضاع الاقتصادية والمالية الى ماهي عليه الان بسبب انتشار الفساد.
ودعا المشاركون الثوار والمجموعات الثورية الى توحيد صفوفهم قبيل الاستحقاق الانتخابي النيابي.
وأكدت المداخلات ان الكتلة الثورية بدأت عندما قرّر الشعب اللبناني النزول إلى الشارع في 17 تشرين الثاني، ليبدأ كتابة تاريخ لبنان الحديث مشددة على ان الثورة لن تنجح الا بالتنظيم، ولا بدّ من توحيد الجهود لبلورة جسم واحد صلب لديه مشروع سياسي واضح، واهداف علنية وذلك لاقناع الرأي العام الداخلي والخارجي بأحقية الأهداف، التي تصبو إليها الثورة للوصول إلى لبنان الدولة.
وفي الماراتون الثالث للتلقيح في بيروت والمناطق،توافد المواطنون والمُقيمون، منذ ساعات الصباح خلال يومي المارثوان، الذي تنظمه وزارة الصحة العامة، إلى مراكز التلقيح في مختلف المحافظات اللبنانية.
فمن بيروت إلى المتن فالاتجاه شمالاً صوب جبيل، طرابلس، الكورة، عكار، ثم تغيير البوصلة نحو الجنوب، من صيدا وصور، النبطية، فعاليه وبعلبك والهرمل، كان إقبال كثيف ولافت، خصوصاً من «أصحاب الهمم (ذوي الاحتياجات الخاصة)»، الذين تلقوا اللقاح دون أي رهبة، في ظل انسياب في عملية التلقيح والتنظيم والتراتبية في مختلف المناطق، دون الإشارة إلى أي حدث سلبي.
وتعقيباً، غرد وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال الدكتور حمد حسن عبر حسابه الخاص عبر «تويتر»، عصر أمس: «جو من البهجة والطمأنينة ترسمها الأطقم المشاركة في ماراثون اليوم على وجوه المواطنين رغم كل الإحباط الذي نعيش؛ وللغد لنا نضال آخر وآخر مع شرف المواجهة رغم هول الضجيج، الآن تخطينا 17500 لقاح … مبروك».
542604 إصابة
صحياً، اعلنت وزارة الصحة العامة عن تسجيل 81 إصابة جديدة بفايروس كورونا و4 حالات وفاة، خلال الساعات الـ24 ساعة الماضية، ليرتفع العدد التراكمي إلى 542604 اصابة مثبتة مخبرياً، منذ 21 شباط 2020.
*****************************************************************
افتتاحية صحيفة الديار
الوجه الآخر للبنان : الفساد يُحوّل لؤلؤة الشرق الى دولة فاشلة
ساعة الحقيقة دقّت… ما هو دور الجيش في المرحلة المُقبلة ؟
الرئيس الفرنسي يدرس آلية لضمان استمرار الخدمات العامة – جاسم عجاقة
شقَّ الوضع الكارثي والمأسوي الذي وصل إليه لبنان، طريقه إلى المراجع الدولية بقيادة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي أعلن العمل مع شركاء دوليين بهدف «إنشاء آلية تضمن استمرار الخدمات العامّة اللبنانية الرئيسية»، بعد فشل السلطة في تأمين العيش الكريم بحدّه الأدنى لمواطنيها.
هذا الإعلان يُعد تصريحا تمهيديا للمجتمع الدولي بتحول لبنان إلى دولة فاشلة و»هيئة سياسية تفككت إلى درجة لم تعد فيها الشروط والمسؤوليات الأساسية لحكومة ذات سيادة تعمل بشكل صحيح» إذ عجز نظام الحكم القائم عن تأمين أبسط الحاجات الأساسية لمواطنيه.
يُحدّد صندوق الـ « Fund for Peace» الدولة الفاشلة بالخصائص الآتية:
أولا – فقدان السيطرة على أراضيها، أو فقدان احتكار الاستخدام المشروع للقوة– أي عدم قدرة الحكم على بسط سلطته على أراضي الدولة وتطبيق القوانين المرعية الإجراء؛
ثانيًا – تآكل السلطة الشرعية في اتخاذ القرارات الجماعية؛
ثالثًا – عدم القدرة على تقديم الخدمات العامة؛
رابعًا – عدم القدرة على التفاعل مع الدول الأخرى كعضو كامل العضوية في المجتمع الدولي.
ويُضيف صندوق الـ Fund for Peace أن الخصائص المشتركة للدولة الفاشلة تشمل أيضًا «حكومة مركزية ضعيفة أو غير فعالة لدرجة أنها لا تستطيع جبي الضرائب أو تقديم أي دعم آخر، وليس لديها سيطرة عملية تذكر على الكثير من أراضيها، وبالتالي هناك عدم توفير للخدمات العامة». من هنا يؤسّس فشل الدولة لوجود أرضية خصبة «للفساد والإجرام على نطاق واسع، وتدخل الجهات الحكومية وغير الحكومية، وظهور اللاجئين والحركة غير الطوعية للسكان، والتدهور الاقتصادي الحاد، والتدخل العسكري من داخل وخارج الدولة المعنية».
ومع مرور الوقت وتطوّر الأبحاث الأكاديمية، ظهر إلى العلن مقاييس كمّية تسمح بوصف أكثر دقة للدول الفاشلة نتج منها مؤشر للدول الفاشلة (Failed States Index) المكون من المؤشرات الآتية:
إجتماعية: تصاعد الضغوط الديموغرافية والصراعات القبلية والعرقية و/أو الدينية؛ نزوح جماعي داخلي وخارجي للاجئين، وخلق حالات طوارئ إنسانية شديدة؛ انتشار المظالم الجماعية الساعية للانتقام؛ وهجرة بشرية مزمنة ومستمرة.
إقتصادية: تفشي الفساد؛ تفاوت إقتصادي مرتفع؛ التنمية الاقتصادية غير المتكافئة على طول خطوط المجموعة؛ وتدهور إقتصادي حاد.
سياسية: نزع الشرعية عن الدولة؛ تدهور الخدمات العامة، تعليق القانون أو التطبيق التعسفي؛ إنتشار إنتهاكات حقوق الإنسان، عمل قوات الأمن «كدولة داخل دولة» في كثير من الأحيان مع الإفلات من العقاب؛ صعود النخب المنقسمة؛ وتدخل الوكلاء السياسيين الخارجيين والدول الأجنبية.
ولعل المتأمل لهذه التوصيفات يرى أنها تكاد تطابق الواقع اللبناني إلى حد كبير ولكن تحت مسميات أخرى في بعض منها لا سيما في الشق الاجتماعي.
مؤشر هشاشة الدولة اللبنانية بحسب تصنيف الـ Failed State Index يُشير إلى أن لبنان مرّ بمرحلة خطرة في العام 2008 – خلال أحداث 7 أيار 2008 – حيث احتل المرتبة 18 على 179 دولة (المرتبة الأولى أي 1 تكون للدولة الأكثر فشلا)، ليُعاود المؤشر تراجعه ويحتل لبنان المرتبة 40-46 حتى العام 2020. وفي العام 2021، إحتل لبنان المرتبة 34 بناء على التقرير الصادر في أيار 2021، والجدير ذكره أنه يتوقع لمؤشر العام الحالي أن ينخفض بشدة عن العام الماضي والتقرير يتم نشره في أيار من كل عام.
هذا المؤشر يُعطي لمحة عن واقع الدولة ويتمّ وضعه في سلسلة زمنية تسمح بملاحقة تطوّر الأمور كما يظهر على الرسم.
من هنا يأتي إعلان الرئيس الفرنسي ماكرون كإستباق لتردّي الوضع خلال هذا العام وبحسب توقّعاتنا، فإن لبنان سيكون في المراتب العشر الأولى في العام المُقبل من ناحية الفشل حيث سيكون هناك عجز شبه كامل للدولة على كل الأصعدة وعلى رأسها الشؤون المالية والضريبية والخدمات العامة. والأصعب في الأمر أن عجز الحكومة سيشمل الأجهزة العسكرية والأمنية التي تسعى بعض الدول مثل فرنسا وإيطاليا وغيرهما من الدولة إلى دعمها بمساعدات من خلال مؤتمر دولي لدعم الجيش اللبناني (بالدرجة الأولى).
على كل الأحوال، فشل الدولة سيُترجّم بانخفاض كبير في مستوى المعيشة (Social Dumping) وحتى الوصول إلى العجز عن تأمين المواد الغذائية والأدوية والخدمات الطبية والكهرباء والمحروقات وهنا لُبّ المبادرة الفرنسية.
بالطبع كل هذا يعود إلى الفساد الذي ومنذ اتفاقية الطائف عام 1989 والتي وضعت حدّا للحرب الأهلية، سُمح لأمراء الحرب بوضع «بيضهم» في القطاع العام وأصبحت الدّولة العميقة بين أيديهم تعمل بحسب أجنداتهم، وتُسيّر الدولة كما يشاؤون ولعل أقوى مثال على ذلك، الصرف على أساس القاعدة الإثني عشرية مدّة 12 عامًا مع اعتمادات من خارج الموازنة أو إقرار الموازنات من دون قطوعات حساب!
ولقد انطبق هذا الأمر على جميع المؤسسات العامة بلا استثناء، وما نشهده اليوم حصادا لزرع الأمس، ولعل أبرز ثمارها بروز دولة التجار الفاسدين في حصونهم ودولتهم المالية الاحتكارية التي حرّمتها الأخلاق والأديان! أولم يرد في الحديث الشريف، «الجَالِبُ مَرْزُوقٌ وَالمُحْتَكِرُ مَلْعُونٌ»؟
فرنسا.. الأم الحنون
فرنسا وبعلاقاتها التاريخية والثقافية مع لبنان، تنظر بقلق إلى انسداد الأفق السياسية التي تمنع تشكيل حكومة والقيام بإصلاحات مُموّلة من المُجتمع الدولي، وبالتالي يأتي تحرّك الرئيس الفرنسي من منطلق هذا الدور التاريخي. ويعتبر إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مؤشراً خطراً لما ستؤول إليه الأمور في المرحلة المُقبلة مع تحرير كامل لسعر صرف الليرة مُقابل الدولار الأميركي – وهو ما يُسمّى بـ «رفع الدعم» – حيث من المتوقّع أن ترتفع الكلفة على المواطن اللبناني بشكل مُطرد ومعها سترتفع نسبة الفقر إلى 90% ويتأكد بذلك القضاء على الطبقة التي تقبع في الفقر المُدّقع! أضف إلى ذلك، قد تشهد المرحلة المقبلة تزايدا في رفض بعض المصارف المراسلة فتح إعتمادات للمصارف اللبنانية لأسباب مالية (تراجع الكتلة النقدية بالدولار الأميركي) أو سياسية (ضغوطات خارجية).
في خضم هذه الصورة القاتمة، السؤال المطروح هو: ما هي الآلية المالية التي يعمل عليها الرئيس الفرنسي مع شركاء دوليين لضمان استمرار تأمين الخدمات العامّة؟
عمليًا فرنسا وشركاؤها الدوليون، سيقومن بعملية «دعم» بكل ما للكلمة من معنى، أي سيدفعون من موازنات دولهم لمساعدة المواطنين اللبنانيين في الحصول على الخدمات الأساسية وعلى رأسها المواد الغذائية، الأدوية، الكهرباء والمحروقات. لكن السؤال: ألن يقوم التجّار بتهريب المواد كما يفعلون الآن؟
بالطبع أثبت التجّار جشعهم المُفرط مع غياب المحاسبة (إهمالاً أو تواطؤاً) حيث أظهرت المداهمة التي قام بها وزير الصحّة أن تجار المُستلزمات الطبية يشترون مثلا قطعة مُعينة بسعر 27 دولارا أميركيا ويبيعونها بسعر 600 دولار أميركي وهو ما يُمثل أكثر من 2000% أرباحًاعن غير وجه حق! هذه النسبة هي قبل احتساب أرباح فروقات سعر الصرف على سعر السوق ناهيك بالتهرّب الضريبي المتمثّل بقبض الثمن نقدًا وهو ما لا يُمكن لوزارة المال كشفه! مثال أخر صارخ لغياب المحاسبة والرقابة على عمل التجار، الاتهام الذي وجّهه مصرف لبنان لأحد مستوردي المحروقات بقبضه 28 مليون دولار أميركي لاستيراد محروقات لم تصل حتى الساعة إلى لبنان.
بالطبع، فرنسا والشركاء الدوليون يعرفون كل هذه الألاعيب، وبالتالي لن تُعطى الأموال للتجّار بحكم أنهم فشلوا فشلا كاملا وخانوا ثقة الشعب والمُجتمع الدولي. من هذا المُنطلق تعمل فرنسا على آلية تسمح بإيصال الخدمات للشعب اللبناني من دون المرور بالطريق التقليدي. وباعتقادنا، إن هذه الآلية قد تكون من الأمور التي تمّ طرحها مع قائد الجيش العماد جوزف عون خلال زيارته الأخيرة لفرنسا، نظرًا إلى الثقة الدولية بالجيش حيث سيكون له دور محوري في المرحلة المُقبلة.
إقتراح لألية دعم خارجية
أظهرت التجربة الماضية أن التهريب شمل 50 إلى 70% من الدعم الذي قدّمه مصرف لبنان للتجّار! أضف إلى ذلك أن هؤلاء قاموا ببيع السلع والبضائع الباقية على سعر دولار السوق السوداء وأحيانًا أعلى من سعر السوق السوداء (حالة السوبرماركات التي كانت تبيع على سعر 14500 في حين أن السعر في السوق كان 12000 ليرة للدولار الواحد والمواد المدعومة كانت على سعر 3900 ليرة للدولار الواحد!). هذا الأمر شمل بالتحديد المواد الغذائية والمُستلزمات الطبّية. أما في ما يخص المحروقات والأدوية في الصيدليات، وبسبب فرض سعر رسمي، فقد قام التجّار بتهريب قسم كبير منها أو احتكارها لحين إرتفاع الأسعار من جديد.
إذًا هناك قيود يتوجّب فرضها على الآلية نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
أولا – تخصيص المواطنين اللبنانيين بهذا الدعم من خلال منصّة يتمّ تسجيل العمليات عليها وتسمح بمُعدّل استهلاكي لكل عائلة من المواد الغذائية الأساسية والمحروقات، والأدوية، والكهرباء. هذا الأمر ليس بعنصرية ضد أي نازح أو لاجئ لكون النازحين واللاجئين على الأرض اللبنانية يستفيدون من برامج دعم دولية، سيما أن إحصاء هذه الأعداد ورصد المعونات إليهم من صلب عمل هذه الجمعيات من جهة، ومن جهة أخرى لتجنب ازدواجية الاستفادة لدى هؤلاء بحيث يصير النزوح عملية ربحية لا حاجة إنسانية؛
ثانيًا – يتمّ الدفع للتجّار على أساس حجم السلع والبضائع المدعومة التي تمّ شراؤها وطرحها في الأسواق خلال الشهر؛
ثالثًا – توقّع المتاجر المُهتمّة ببيع المواد المدعومة عقدًا مع الجيش يتمّ على أساسه الإشتراك بالمنصّة وتسمح بتسجيل العملية عند حصولها؛
رابعًا –تجري مواكبة السلع والبضائع المدعومة من قبل غرفة مُشتركة بين الجيش والأجهزة الأمنية على أن يتمّ التأكّد من عدم وجود احتكار وتهريب؛
خامسًا – يتمّ تحويل الأموال إلى التاجر من خلال مصرف لبنان ومصرف التاجر؛
سادسًا – تُنشأ وحدة خاصة مُشتركة بين الجيش ومصرف لبنان تكون مُهمّتها مراقبة عمل المنصة وإجراء المُقتضى في حال المُخالفة؛
هذه الإجراءات الأولية تسمح بإيصال المواد الغذائية، والأدوية، والمُستلزمات الطبّية، والمحروقات، والكهرباء إلى اللبنانيين بحدّها الأدنى دون السماح للتجّار بالإحتكار أو التهريب تحت رقابة وطيدة من قبل الجيش اللبناني.
ويبقى السؤال الأهم في هذه العُسرة: ماذا ستكون ردة فعل أهل السلطة إذا ما تم تطبيق هذه الإجراءات؟ وهل سيبقى توظيفهم في الدولة اللبنانية نافذا، وعلى أي أساس؟ وما حكم رواتبهم ومخصصاتهم العالية غير المنتِجة؟
*************************************************************************
افتتاحية صحيفة الشرق
الحريري مستمر بقوة المجلس والشعب: أنا وبرّي واحد
تمر عملية تشكيل الحكومة خصوصا، والبلادُ عموما، في ساعات مفصلية. بعد اصطدام مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري بشروط العهد وصهره، وتجاوزِ الاوضاع المعيشية الخطوطَ الحمراء على الصعد كافة، واجرى الرئيس المكلف سعد الحريري ورشة اتصالات موسّعة لدرس خياراته وسيخرج منها بقرار حاسم خلال ساعات: اما يريد الاستمرار في مهمّة التكليف مع علمه انه لن يتمكّن من التأليف، وهو الخيار المرجّح حتى الساعة، أو انه سيعتذر ويترك العهد يتحمّل مسؤولية ما «اقترفته يداه» بعدما استخدم الفريقُ الرئاسي، على مرّ الاشهر الماضية، كلَّ الوسائل المتاحة، للتخلّص من الحريري، وليتولَّ الآن مهمة ايجاد رئيس مكلّف جديد وليشكّل حكومة تنتشل لبنان من «جهنم» التي يتخبط فيها.
في البيت الاسلامي
بداية هذه الورشة، كانت من داخل البيت الاسلامي. فقد اجتمع المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى في دار الفتوى برئاسة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان في حضور الحريري وتدارس المجلس في الشؤون الإسلامية والوطنية وآخر المستجدات على الساحة اللبنانية، واستهلت الجلسة بكلمة لمفتي الجمهورية ثم استمع الى الحريري الذي اطلع الأعضاء «على اخر التطورات السياسية والعقبات التي تعترض تشكيل الحكومة والخطوات التي قام بها لتجاوزها من اجل مصلحة الوطن».
واستمع الحريري الى وجهة نظر المجتمعين من مسألة استمراره في التشكيل او الاعتذار عن عدمه. وقد تجاذب الحاضرون وجهتا نظر: الاولى طالبت الحريري بعدم الاعتذار. وفي المقابل، كان موقف آخر يدعو الحريري الى الاعتذار، ومن بعدها «فليقلّع العهد شوكو بإيدو»، وليجد شخصية قادرة على تأمين غطاء سنّي «اذا وجد الى ذلك سبيلا»، وليتحمّل مسؤولية كل ما فعله منذ 7 اشهر ومسؤولية إصراره على إخراج الحريري من المعادلة.
النرجسية والصلاحيات
هذا في الكواليس. اما بيان المجلس، فحمل دعما مطلقا للحريري من دون ان يحدّد دعمه في اي خيار: اعتذارا ام استمرارا في التكليف. وأشار المجلس الى أنه «في الوقت الذي توشك فيه السفينة على الغرق، فان بعضا من هؤلاء المسؤولين (أو الذين يُفترض أن يكونوا مسؤولين)، لا يرفّ له جفن، ولا يتحرك لديه ضمير أو حسّ وطني أو إنساني. إن هذا البعض غارق في «الأنا» وفي نرجسياتهم الوهمية، وكأن الأخطار التي تحدق بسفينة الوطن لا تعنيهم من قريب أو بعيد. إنهم يرفضون حتى أن يمدّوا أيديهم الى الأيدي الممدودة من وراء الحدود لإنقاذهم من أنفسهم، ومن الغرق في دوامة الفوضى والانهيار. واكد المجلس الشرعي أنه لا يمكن السماح بالمس بصلاحيات رئيس الحكومة المكلف، معتبراً أن اي سعي الى إعراف جديدة فيما يتعلق بالدستور أو باتفاق الطائف أمر لا يمكن القبول به تحت أي حجة من الحجج.
يهمّنا البلد
وقال الرئيس المكلف لدى مغادرته دار الفتوى: جئت الى الدار واجتمعت بالمجلس الشرعي وشرحت لسماحة المفتي وللمجلس ما جرى معي خلال الأشهر السبع الماضية وجرى حوار بناء ومهم خلال الاجتماع. البلد يشهد تدهورا سياسيا واقتصاديا كل يوم. عيني على البلد وكذلك عين سماحة المفتي والمجلس ، وما يهمنا هو البلد في نهاية المطاف. هذا فحوى ما دار خلال اجتماع المجلس وان شاء الله نعود ونتكلم لاحقا.
رؤساء الحكومة
عقد الحريري اجتماعا في «بيت الوسط» مع رؤساء الحكومة السابقين نجيب ميقاتي، فؤاد السنيورة، وتمام سلام، تم خلاله التداول بآخر المستجدات السياسية والأوضاع العامة في البلاد، لا سيما ما يتعلق منها بمسار تشكيل الحكومة الجديدة.
التشاور مع بري
وأكد الرئيس الحريري في حديث صحافي، أن كل الخيارات مطروحة على الطاولة، وأنه لن ينفرد باتخاذ أي خيار من هذه الخيارات، سواء باستمراره في مهمته التي استمدها من البرلمان أو بالاعتذار عن التأليف من دون العودة إلى رئيس المجلس النيابي نبيه بري والمجلس الشرعي الإسلامي ورؤساء الحكومات السابقين، وجدد تمسكه بمبادرة رئيس البرلمان المستمدة من روحية المبادرة الإنقاذية التي طرحها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والتي «تأخذ البلد إلى الخلاص من أزماته».
في المواقف
اعتبر البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ان الحلول موجودة لكن هناك من يمنع تنفيذها وهذا البلد لا تسلم مقاليده لاحد ولا يستسلم امام احد.
وطالب متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده، رئيس الجمهورية ان ينزل إلى الشارع ويستمع إلى الشعب ويعاين الذل الذي يعيشه. وسأله: هل تقبل أن يهان مواطن في عهدك؟ هل تقبل أن يضمحل لبنان في عهدك؟
طوابير وعتمة
معيشيا، لاتزال البلاد تنتظر وصول شحنات الفيول من العراق علّها تساهم في التخفيف من حدة التقنين الكهربائي، الا ان هذه العملية تحتاج اياما وفق ما اعلن المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، ما يعني ان العتمة مستمرة حتى الساعة. هذه المعاناة تُضاف الى معاناة اللبنانيين على محطات الوقود. فطوابير الذل لا تزال على حالها رغم الاعلان عن حلحلة مرتقبة في اليومين المقبلين، الا ان عامل الثقة بات مفقودا تماما لدى اللبنانيين. كل ذلك يحصل فيما الدواء لايزال مفقودا والصيدليات تواصل اضرابها. اما الدولار، فعلى عتبة الـ15 الف ليرة.
الرئيس المكلّف: نبيه بري وسعد الحريري واحد دعمني ولم يتخلّ عني.. وسألتقيه قريباً
أكد الرئيس الحريري في حديث صحافي، أن كل الخيارات مطروحة على الطاولة، وأنه لن ينفرد باتخاذ أي خيار من هذه الخيارات، سواء باستمراره في مهمته التي استمدها من البرلمان أو بالاعتذار عن التأليف من دون العودة إلى رئيس المجلس النيابي نبيه بري والمجلس الشرعي الإسلامي ورؤساء الحكومات السابقين، وجدد تمسكه بمبادرة رئيس البرلمان المستمدة من روحية المبادرة الإنقاذية التي طرحها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والتي «تأخذ البلد إلى الخلاص من أزماته».
وقال: «إن سعد الحريري يعني نبيه بري، ونبيه بري يعني سعد الحريري، والمشكلة تكمن بمن يضع العقبات التي تؤخر تشكيل الحكومة، رغم أنني والرئيس بري حاولنا تجاوزها لإحداث تقدم يمكن التعويل عليه للمضي في عملية التأليف». وأجمع المفتي دريان وأعضاء المجلس الشرعي على الوقوف إلى جانب الرئيس المكلف، رافضين مجرد تفكيره بالاعتذار.
ولفت الحريري إلى أنه كاشف المجلس الاسلامي الشرعي الاعلى بكل شاردة وواردة منذ اللحظة الأولى لتكليفه بتشكيل الحكومة، واضعاً المفتي دريان وأعضاء المجلس في تفاصيل العقبات التي اعترضته، مازالت، وانسحبت لاحقاً على بري الذي يحاول جاهداً تذليلها، مبدياً كل مرونة وانفتاح من دون أن يلقى حتى الساعة أي تجاوب، في إشارة إلى السلبية التي يتعاطى بها رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل مع مبادرته.
وتوقف الحريري مطولاً أمام علاقته ببري، وقال: «إنه الشخص الوحيد الذي وقف إلى جانبي منذ اللحظة الأولى لتكليفي بتشكيل الحكومة؛ لم يتركني أبداً، ولم أسمع منه أو يُنقل عنه أي حرف أو كلمة توحي بأنه تخلى عني».
وأكد الحريري أنه على تواصل مستمر مع بري، وأنه سيلتقيه قريباً، فيما نقل عنه عدد من أعضاء المجلس قوله إنه طرح فور تكليفه بتشكيل الحكومة أن تتشكل من 18 وزيراً من المستقلين والاختصاصيين غير المحازبين، وعاد ووافق لتذليل العقبات على أن تتشكل من 24 وزيراً، لكن «هناك من بادر (في إشارة إلى باسيل) إلى وضع مزيد من العراقيل».
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :