افتتاحية صحيفة البناء :
اعتقالات شرطة الاحتلال في الشيخ جراح تحرّك واشنطن منعاً لتصعيد يفجِّر المنطقة سباق الكهرباء والعتمة… واستقراء سلوك مصرف لبنان… مؤشران على الموقف الدوليّ / التهدئة شرط برّي لاستئناف مبادرته… وحردان لحكومة سريعاً… وجنبلاط وإبراهيم إلى موسكو
إصرار رئيس الكنيست ياريف ليفين الحليف المقرّب من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، على تأجيل جلسة طرح الثقة بالحكومة الجديدة الى الإثنين المقبل، رغم طلب رئيس الحكومة الجديدة للكيان يائير لبيد على تقديمها للكنيست الخميس على أبعد تقدير، يعني برأي مصادر فلسطينية متابعة للوضع الداخلي في كيان الاحتلال، أن لدى نتنياهو أجندة يسعى لاستكمالها خلال هذا الأسبوع يراهن على نجاحها في قلب الطاولة على الحكومة الجديدة، وفيما يبدو التجاذب قد صار بين نتنياهو وواشنطن مباشرة على كسب تأييد أعضاء الكنيست مع الحكومة الجديدة وضدها، تبدو رهانات نتنياهو قد انتقلت إلى السعي للتصعيد في القدس بما يعيد التفجير الى الواجهة أملاً بقلب الطاولة في المنطقة وليس فقط داخل الكيان، ويحشد جماعة نتنياهو من داخل الشرطة والمستوطنين جهودهم على خطين، الأول هو التحضير لمسيرة الأعلام الصهيونيّة في القدس التي تم إلغاؤها بسبب تصادفها في ظل أيام الحرب، ويتمّ التحضير لجعل يوم الخميس المقبل موعداً بديلاً، فيما أعلن وزير الدفاع بني غانتس رفض المسيرة، وتضغط واشنطن لمنع حدوثها يؤكد أعضاء في الكنيست مؤيدون لنتنياهو عزمهم على المشاركة فيها ولو تم إلغاؤها أو حرمانها من موافقة الشرطة، والخط الثاني هو الضغط عبر الأجهزة الأمنية لحملات اعتقالات تصعيديّة في القدس بحق الناشطين البارزين، كما حدث مع محمد الكرد ومنى الكرد، اللذين تحوّلا خلال المواجهة الأخيرة إلى أيقونتين ترمزان لحي الشيخ جراح، وقد ترتّبت على الاعتقال حملة تضمان مئات الآلاف عبر العالم، والى ضغوط أميركيّة مباشرة لمنع تحوّل القضية الى سبب لاندلاع تظاهرات جديدة تنتهي بتصادمات وتتحوّل الى شرارة للمواجهة الجديدة، في ظل معادلة تحكم السلوك الأميركي في المرحلة الانتقالية بين الحكومتين، قوامها منع تحقق معادلة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، "القدس تعادل حرباً إقليمية".
في لبنان يدور سباق آخر، هو سباق الكهرباء والعتمة، والسباق مع انقطاع الإنترنت كما حذر مدير عام اوجيرو عماد كريدية، والسباق بين قانون الكابيتال كونترول وإجراءات مصرف لبنان البديلة، والسباق بين قراءات كانت تقول إن العامل الخارجي يمنع تشكيل الحكومة والقراءات التي صارت تقول إن لا إمكانية دون تدخل العامل الخارجية لتشكيل حكومة، ويبقى السباق الأصلي بين التصعيد بين فريق رئيس الجمهورية وفريق الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة من جهة ومساعي رئيس مجلس النواب لردم الفجوة التي لا زالت تحول دون تشكيل الحكومة الجديدة.
في الشق الاقتصادي تقول مصادر مالية إن توافر الأموال الذي ظهر فجأة لدى مصرف لبنان من خلال تعميم إعادة نسبة من الودائع بتطبيق كابيتال كونترول متأخّر، يستبق إقرار القانون الخاص في مجلس النواب، من جهة، وما يجري التداول به من معلومات عن فتح اعتمادات الفيول لكهرباء لبنان من جهة موازية، تشير الى أن هناك قراراً دولياً بتغطية مالية للوقت اللازم لتفرغ المجتمع الدولي للملفات الأشد أهمية، كمصير الاتفاق النووي مع إيران، ووقف النار في اليمن ومنع التصعيد في القدس لمنع التورط في حرب إقليمية، وتأمين بوليصة تأمين لمنع انزلاق لبنان نحو الانهيار في هذا الوقت، بعدما كان مصرف لبنان بدأ يتحدث عن توقف المصارف الدولية عن التعامل مع الاعتمادات المصرفية التي يقوم بفتحها، وهذا أمر سياسيّ، كما تقول المصادر، وتعليقه هو أيضاً أمر سياسي، داعية لمراقبة ما سيحدث خلال هذا الأسبوع في اعتمادات الكهرباء وتعميم مصرف لبنان حول سحب الودائع للتحقق من هذه النتيجة.
الوضع الدولي ذاته سيشهد حدثاً هاماً خلال عشرة أيام يتمثل بلقاء قمة روسي أميركي، يكرّس مكانة موسكو في معادلات المنطقة، ويمكن أن ينتج عنه ترسيم أدوار جديد بين واشنطن وموسكو، تستعدّ العاصمة الروسية لملاقاته بخطوات انفتاحية على جميع ملفات المنطقة ومنها لبنان، وهي تستقبل هذا الأسبوع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم.
في الداخل اللبناني استمرار للدعوات لتسريع ولادة الحكومة عبر عنه رئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي رئيس الكتلة القومية في المجلس النيابي أسعد حردان، بينما الأنظار نحو مبادرة رئيس المجلس النيابي نبيه بري، التي جمّدت مع موجة التصعيد العالية المنسوب بين بعبدا وبيت الوسط، وما أكدته مصادر تتابع المبادرة عن اشتراط بري للتهدئة لاستئناف مبادرته، التي توقفت عند آخر العقد المتمثلة بكيفية تسمية الوزيرين المسيحيين الأخيرين من 12 وزيراً في حكومة الـ24 التي تبلورت صورة الـ 22 وزير فيها تقريباً، كما تقول المصادر، التي تضيف أن مقترحاً لحل وسط يتمثل بتولي الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري إعداد لائحة أسماء بناء على اقتراحات من جميع الكتل النيابية المشاركة في الحكومة، لتسمية الوزيرين، بما في ذلك كتلتا التيار الوطني الحر وتيار المستقبل، ليقوم بمناقشة الأسماء الواردة فيها مع رئيس الجمهورية ميشال عون لاختيار الاسمين منها.
بانتظار صدور تعميم عن البنك المركزي اليوم بإعطاء المودعين جزءاً من حقوقهم لدى المصارف، فإن الأنظار تنصبّ على لجنة المال والموازنة التي تعقد جلسة ستكون الأخيرة للبت في اقتراح قانون الكابيتال كونترول الذي يبدو أنه يلاقي اعتراضاً من كتلة التحرير والتنمية، وفق ما اعلن النائب غازي زعيتر الذي أعلن تبني الكتلة لموقف النائب انور الخليل من الاقتراح، لأنه يخالف الدستور وتشوبه عثرات كثيرة.
ودعت "رابطة المودعين" الناس الى "النزول الى الشارع فوراً للضغط نحو حل مالي عادل وشامل". ودعت القضاء اللبناني الى "لعب دوره الوطني المنصوص عنه في الدستور بإحقاق العدل، حماية المودعين وتنفيذ أحكام قانون النقد والتسليف وقانون توقف المصارف عن الدفع". كما دعت "المسؤولين السياسيين ولا سيما المجلس النيابي المنتخب"، الى "الكفّ عن حماية المصارف على حساب الشعب اللبناني والدولة، ووقف هذه السياسات الإجراميّة فوراً".
وكانت النيابة المالية الوطنية في فرنسا فتحت تحقيقاً أولياً حول ثروة حاكم المصرف المركزي رياض سلامة في أوروبا، وفُتح هذا التحقيق في أواخر أيار في قضية "تآمر جنائي" و"تبييض أموال في عصابة منظمة". ويُفترض أن تسمح التحقيقات خصوصاً بتوضيح مصدر الثروة الكبيرة التي يملكها سلامة.
وبحسب صحيفة "لو تان" اليومية تتناول التحقيقات تحويلات مالية بأكثر من 300 مليون دولار، علماً ان سلامة شدد على أن أمواله كلها مصرح بها وقانونية وأنه جمع ثروته مما ورثه وعبر مسيرته المهنيّة في القطاع المالي.
حكومياً شدّد رئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان على ضرورات تحصين الأمن الاجتماعي بمواجهة الحصار والعقوبات الاقتصادية، ودعا إلى الإسراع في تشكيل حكومة في لبنان تأخذ على عاتقها معالجة الأوضاع الاقتصادية وتخفيف الأعباء والضغوط المعيشية عن كاهل المواطنين، منبهاً إلى أن تأخير تشكيل الحكومة يزيد الأوضاع تعقيداً والأزمات تفاقماً.
وأشار حردان خلال استقباله عضو مجلس الشعب السوري السابق ورئيس مجلس الأمناء للهيئة الوطنية لإحياء تراث العلامة السيد محسن الأمين الدكتور حسين راغب إلى أن المشاركة الكثيفة في الانتخابات الرئاسية السورية، لتجديد الثقة بالرئيس الدكتور بشار الأسد، شكلت احتفالية نصر على الإرهاب ورعاته، ورسالة قوية للدول والمجموعات المتطرفة التي شاركت في الحرب الارهابية الكونية على سورية، بأنه ما من قوة في العالم تستطيع النيل من سورية دوراً وموقعاً. وأكد حردان بأنّ قوى المقاومة أرست معادلة ردعيّة ثابتة بمواجهة العدو الصهيوني، وهذا العدو في مأزق حقيقيّ، لأنه فشل وحلفاءه في النيل من سورية، حاضنة المقاومة.
الى ذلك يستمر رئيس المجلس النيابي نبيه بري بمبادرته من أجل تأليف حكومة في أسرع وقت ممكن، وبحسب مصادر معنية بأجواء الاتصالات لـ"البناء" فإن الرئيس بري لن ييأس من مواصلة النقاشات والتفاوض مع المعنيين من اجل اجتراح الحلول اللازمة، لا سيما ان البلد كاد يضيع، وبالتالي فإنه سيحرك اتصالاته من جديد مطلع هذا الاسبوع فهو ينتظر الإجابات من المعنيين لإيجاد تسوية تسرّع تشكيل الحكومة، علماً أن عطلة الاسبوع لم تشهد وفق المتابعين أية حركة على الخط الحكومي.
الى ذلك يفترض ان تتحدد مواقف التيار الوطني الحر من مبادرة الرئيس بري وعقدتي الوزيرين المسيحيين وإعطاء الثقة للحكومة خلال اطلالة رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل عند السادسة من عصر اليوم، علماً أن مصادر مطلعة لـ"البناء" تشير الى ان باسيل لا يزال مصراً على عدم السماح للرئيس المكلف سعد الحريري تسمية الوزيرين المسيحيين وهو يحاول استفزاز الحريري او وضعه في مواجهة مع النائب السابق وليد جنبلاط ورئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية، عندما يقول إنه يقبل بأن يسمّي جنبلاط وفرنجية او الثنائي الشيعي الاسمين المسيحيين، مع اقتناع المصادر نفسها أن هذا الأمر ليس إلا خدعة جديدة، خاصة أن الثنائي الشيعي لا سيما الرئيس نبيه بري في حال قبل هذه المهمة، فإنه سيكون على تنسيق مع الحريري حول الاسمين المسيحيين، علماً أن المصادر نفسها تشدد على ان ما يقوم به باسيل مخالف للدستور، ولن يسلم به الحريري، هذا عطفاً عن ان باسيل يواصل فرض الشروط وفي المقابل لا يريد إعطاء الثقة للحكومة.
هذا ويطل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله يوم الثلاثاء في الذكرى الثلاثين لتأسيس قناة المنار، للحديث عن آخر المستجدات المحلية المتصلة بالملف الحكومي والاتصالات الجارية لحل العقد القائمة عطفاً على الازمة الاقتصادية والمالية والنقدية، كما سيتطرق الى التطورات الإقليمية والدولية.
وتساءل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي هل وراء الأسباب الواهية لعدم تأليف الحكومة، نية عدم إجراء انتخابات نيابية في أيار المقبل، ثم رئاسية في تشرين الأول، وربما نيّة إسقاط لبنان بعد مئة سنة من تكوينه دولة مستقلة، ظناً منهم أنهم أحرار في إعادة تأسيسه من جديد، متناسين أنه أعرق وطن، وأبهى أمة، وأجمل دولة عرفها الشرق الأوسط والعالم العربي؟ لكننا، لن نؤخذ بالواقع المضطرب والقوة العابرة. فنحن شعب لا يموت ولو أصبنا في الصميم. ولذا، لن نسمح لهذا المخطط أن يكتمل. لن نسمح بتغيير نظام لبنان الديمقراطي. لن نسمح بتزوير هوية لبنان. لن نسمح باستمرار توريط لبنان في صراعات المنطقة. فعندما لم يتم احترام: شعار لا شرق ولا غرب، ولا التحييد، ولا حتى النأي بالنفس، طرحنا إعلان نظام الحياد الناشط بكل أبعاده الدستورية. وعندما بات الإنقاذ الداخلي مستحيلاً، طالبنا بمؤتمر دولي خاص بلبنان برعاية منظمة الأمم المتحدة".
وأعلن الوزير السابق سجعان قزي أن "الجانب الفرنسي يعدل حالياً في مبادرته ويفكر بمؤتمر جديد من اجل لبنان بموازاة المؤتمر الذي يخص الجيش اللبناني. وهذا المؤتمر سيكون مؤتمراً فرنسياً أوروبياً يحضر للانتخابات النيابية المقبلة وإن لم يحدث التغيير ستكون هناك عقوبات على رجال أعمال لبنانيين".
الى ذلك يتوجه المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم الى موسكو، بالتوازي مع زيارة سيقوم بها أيضاً رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط الى روسيا، منتصف الشهر الحالي.
حياتياً ومعيشياً، تُنذر بالأسوأ الأزمات التي تلحق بقطاع الكهرباء والقطاع الصحي، فحتى الساعة لم تحل أزمة الأدوية والمستلزمات الطبية الموجودة في مستودعات المستوردين الذين ينتظرون صرف الأموال اللازمة لهم لقاء إعادة توزيع الأدوية على الصيدليات، بانتظار الاجتماع الذي سيُعقد يوم غد الثلاثاء الذي يعقده وزير الصحة العامة حمد حسن مع المعنيين في ملف الدواء.
أما على خط الكهرباء، فإن الأسبوع الطالع سيحمل انقطاعاً شاملاً للكهرباء لمدة أقلها خمس ساعات إضافية يومياً، وذلك بعدما أعلن أصحاب المولدات عن التقنين في إمداد الكهرباء في شبكة الكهرباء الموازية بسبب أزمة شحّ المازوت، علماً ان المديرية العامة للنفط أوضحت ان عدد شركات التوزيع التي تتسلم المادة هي في حدود 200 شركة موزعة على المناطق كافة، وبالسعر الرسمي الوارد في جدول تركيب الأسعار الصادر عن وزارة الطاقة والمياه ووفق نظام حصص تتم مناقشته وإقراره بناء على الطلب والعرض وحاجة السوق. كما أن كل المؤشرات المتوافرة لدينا تؤكد إشباع السوق بالمازوت، اذ أن منشآت النفط في طرابلس والزهراني وحدها زودت السوق اللبنانية كافة بعشرين مليون ليتر من مادة المازوت لهذا الأسبوع.
ورأت أن المنشآت ما زالت ضامنة لحركة السوق وتوازنه، منتهجة سياسة استهلاكية تقوم على حماية البلد استباقياً من عوامل التهريب والتخزين والسوق السوداء، وقد زوّدت وزارة الاقتصاد بالمعلومات كافة عن شركات التوزيع وحصصها وزبائنها، كما فرضت عليها جميعها توقيع تعهدات لدى كتاب العدل بالالتزام بالأنظمة والقوانين ورفع الكفالات لتحصين المال العام.
وربطاً بالأزمة الكهربائية، أعلن المدير العام لهيئة أوجيرو عماد كريدية أن الارتفاع المستمر بساعات التقنين الكهربائي يتسبب بضغط كبير على مجموعات توليد الطاقة التابعة لأوجيرو، وزيادة الطلب على المحروقات التي باتت نادرة هي أيضاً. وأوضح أن "استمرار الوضع بهذا الشكل يهدّد جدياً إمكانية أوجيرو بتقديم الخدمات".
***********************************************************************
افتتاحية صحيفة الأخبار :
"الحاكم" ينشر العتَمة: الدولارات للمازوت لا لكهرباء لبنان! رياض سلامة في خدمة المولّدات
الحكومة معلّقة. وكل المحاولات تصطدم بأزمة الثقة بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري. الطرفان صارا في قلب الانتخابات النيابية، والتعامل مع الملف الحكومي صار يقارب بمدى فائدته في حشد المناصرين. لكن إلى ذلك الحين، فإن البلد ينهار بشكل متسارع. "ترشيد الدعم" صار أمراً واقعاً، لكن ذلك يطال في طريقه الفيول الخاص بكهرباء لبنان، رغم أن القانون يوجب على مصرف لبنان فتح الاعتمادات للمؤسسة، بوصفه مصرف القطاع العام. لكن، مع ذلك، رياض سلامة لا يبالي بأن تنخفض التغذية إلى ساعتين يومياً. اللافت أنه يفضّل هدر الدولارات على دعم المازوت الخاص بالمولدات الخاصة، بالرغم من أن كلفة إنتاج الطاقة فيها أعلى، بما يزيد الأعباء على الاحتياطي وعلى المستهلكين الذين يدفعون زيادة تصل إلى عشرة أضعاف!
الأجواء الإيجابية التي تلت فترة حرب البيانات بين رئيس الجمهورية و"التيار الوطني الحر" من جهة وتيار "المستقبل" من جهة أخرى، تقتصر وظيفتها على التهدئة الإعلامية بين الطرفين. المطلوب الحد الأدنى من الهدوء، لكي يستمر الرئيس نبيه بري في مسعاه، هو الذي أكد أن "المبادرة التي أطلقها قائمة، ولن يتراجع عنها، بوصفها فرصة لن يكون مثلها، بل لن تتكرّر".
لكن هل فعلاً المبادرة قائمة؟ بحسب المعطيات المتوافرة، فإن تحركاً فرنسياً شهدته الأيام الماضية، حيث تواصل الموفد الفرنسي باتريك دوريل مع المعنيين بتشكيل الحكومة. لكن مصادر مطلعة أكدت أن اتصالاته كانت محصورة بالاستفسار عن التطورات، من دون أن يحمل أي اقتراح أو مبادرة جديدة. في المقابل، اتخذ رئيس المجلس، بالتعاون مع حزب الله، مجموعة من الخطوات لتفعيل مبادرته بعد تثبيت الهدنة بين التيارين الخصمين، من دون أن يعني ذلك زيادة التفاؤل بإمكانية إحداث أي خرق في المشهد الراهن. في الظاهر، فإن العقدة صارت محصورة بالوزيرين المسيحيين اللذين يفترض أن يكونا جزءاً من الثلث المحسوب على الحريري. كل الصيغ لتسميتهما وصلت إلى حائط مسدود، علماً بأن مصادر مطلعة أكدت أن البطريرك الماروني بشارة الراعي كان سمع من رئيس الجمهورية موافقة على صيغة تسمية الحريري لوزيرين يوافق عليهما الرئيس، لكن باسيل هو الذي رفض هذا الحل، على اعتبار أن في ذلك تثبيتاً للمثالثة التي يرفضها المسيحيون. وفي الإطار نفسه، كان نُقل عن بري عندما وصلته، عبر الخليلين (الوزير السابق علي حسن خليل، وحسين الخليل المعاون السياسي للسيد حسن نصر الله)، رسالة من الامين العام لحزب الله مفادها أنه لا يجوز ترك البلد على ما هو عليه هكذا، أبلغ الطرفين أنه سبق أن تجاوب الحريري مع مسعاه لكن باسيل لا يوافق على تسمية الحريري للوزيرين المسيحيين، طالباً العودة إلى التواصل معه مجدداً. وهو ما يفترض أن يحصل مع بداية الأسبوع.
يذكر أن باسيل كان وافق على توزيع الحقائب الذي اقترحه الحريري، باستثناء إيلاء حقيبة الطاقة إلى تيار المردة، التي أعطيت إلى حزب الله أو حركة أمل.
وعلمت "الأخبار" أن حزب الله تواصل مع كل من الحريري وباسيل، قائلاً للأول بضرورة حل مشكلة الحكومة مع عون، واعداً بأن الثنائي لن يعقّد الأمور وليس لديه مطالب غير حقيبة المال لحركة أمل، ولن تكون هناك مشكلة ببقية الأسماء. أما باسيل، فحضّه الحزب على التعامل بإيجابية مع مبادرة بري، إذ "يجب عدم ترك المناخات السلبية تتحكّم بالمشهد". من جهته، نُقِل عن بري قوله إنه أعطى "سعد وجبران مهلة أسبوع أخير، وبعدها سيكون لي حديث آخر". بدوره، وضع البطريرك الماروني بشارة الراعي مهلة 10 أيام لتأليف حكومة، قائلاً إنه يرفض أن يتحدث أحد باسمه، و"أنا لا أريد التدخل في التسميات ولن يكون لي أيّ مرشح".
وبالرغم من التهدئة الإعلامية، وبالرغم من استمرار مبادرة بري، إلا أنه بدا واضحاً بالنسبة إلى مطلعين على مسار التشكيل أن الحريري، كما باسيل، يتعاملان مع الملف الحكومي من منطلق تأثيره على الانتخابات النيابية لا من منطلق السعي جدياً إلى تشكيل الحكومة. فقد سلم الجميع بأن حكومة يرأسها الحريري في عهد ميشال عون لن تكون متاحة، بسبب أزمة الثقة التي تباعد بينهما وتجعل أي تعاون، حتى لو أُلفت الحكومة، بعيد المنال؛ بمعنى أن تأليف الحكومة حتى لو أنجز فلن يكون كافياً لتتمكن من العمل في ظل هذه الأزمة. وهذا يشير إلى أن المطلوب من الملف الحكومي حالياً هو تجميع الأوراق وصولاً للاستحقاق الانتخابي الذي سيجري في موعده، أي بعد نحو عام. الحريري يريد تعزيز شعبيته في الشارع السنّي، مقتنعاً بأن الطريق إلى ذلك هو استمرار التصعيد مع باسيل، والأخير يريد أن يعزز شعبيته في الشارع المسيحي، معتمداً على إبداء الحرص على الدور المسيحي وحماية المناصفة.
لكن هل يمكن للبلد أن يصمد لمدة عام؟ المؤشرات الأولية تشير إلى أن الانهيار الشامل الذي كثر الحديث عنه لم يعد بعيداً، وما رفع الدعم أو تقليصه إلا إحدى شراراته؛ علماً بأن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، قد بدأ عملياً تنفيذ ترشيد الدعم، لكنه بدأه بالمواد الأكثر أهمية، أي الدواء وفيول الكهرباء، بالتوازي مع اتفاقه وبري على تطيير قانون "الكابيتال كونترول"، ما يعني ترك حاكم مصرف لبنان متحكماً في مصير البلد والناس، من دون أي قيود قانونية.
وفيما لم تُحسم بعد مسألة فتح اعتمادات للأدوية التي دخلت إلى لبنان قبل أن يقرر تقليص الدعم، أدى رفض سلامة فتح اعتمادات لثلاث شحنات فيول لزوم معامل الكهرباء إلى كارثة على صعيد التغذية، حيث انخفضت التغذية خارج بيروت إلى ? ساعات، فيما لم تزد في بيروت على 7 ساعات. وكانت المشكلة قد بدأت مع طعن نواب القوات اللبنانية في قانون الاعتماد الإضافي بقيمة 300 مليار ليرة الذي أقرّه مجلس النواب لصالح مؤسسة كهرباء لبنان، والذي أوقف المجلس الدستوري تنفيذه إلى حين بتّ الطعن. حينها، جمّدت عمليات شراء الفيول، باستثناء شحنة واحدة وافق مصرف لبنان على فتح اعتماد لها، بعدما تأمنت كلفتها بالليرة بالتعاون بين وزارة المالية وكهرباء لبنان. لكن منذ 26 أيار الماضي، حين أصبح القانون نافذاً، حتى اليوم، لم يوافق مصرف لبنان سوى على فتح اعتماد باخرة واحدة من أصل أربع تم الاتفاق معها، هي باخرة فيول (Grade B)، ستكفي عملياً لتشغيل معملي الزوق والجية القديمين لنحو 15 يوماً. لكن في المقابل، فإن نقص الفيول (Grade B) والغاز أويل إدى إلى إعلان المؤسسة تخفيض معدل الانتاج في معامل الزوق والجية الجديدين والزهراني ودير عمار، بما أدى إلى تخفيض إجمالي الطاقة المنتجة على الشبكة حالياً إلى 720 ميغاواط، بعد أن جرى تخفيضها تدريجياً خلال الأسابيع الماضية. المشكلة أنه حتى هذا الحد لن تستطيع المؤسسة الحفاظ عليه، إذ أكدت مصادرها أن مخزون الفيول أويل (Grade B) لن يكفي لأكثر من أربعة أيام. بعدها ستكون مضطرة إلى إطفاء معملي الجية والزوق الجديدين، فيما مخزون الغاز أويل لن يكفي لأكثر من أسبوع. عندها، ستنخفض التغذية إلى حدود 300 ميغاواط، أي ما يعني اقتصار التغذية على ساعتين يومياً، علماً بأن ذلك سيؤثر على ثبات الشبكة الكهربائية واستقرارها، حيث ستؤدي أي صدمة كهربائية تتعرض لها إلى خروج المعامل كافة عنها، وبالتالي الوصول إلى العتمة الشاملة.
اللافت أن البديل، أي المولدات الخاصة، بدأت تشكو من عدم قدرتها على تعويض الفارق، أولاً لأنها لا يمكنها أن تعمل لفترات طويلة، وثانياً بسبب شح المازوت. ولذلك، أعلن ممثل تجمع أصحاب المولدات عبدو سعادة عن توجه للتقنين لمدة 5 ساعات يومياً. وهذا يعني أن اللبنانيين، في حال لم يقم مصرف لبنان فوراً بتحرير الاعتمادات الخاصة بالبواخر الموجودة حالياً، سيكونون حتى عير قادرين على تعويض النقص بالتغذية من المولدات الخاصة؛ علماً بأنه حتى لو أفرج مصرف لبنان عن الاعتمادات الخاصة بالشحنات الحالية، فإن استقرار التغذية لن يتحقق، إلا في حال كان لدى وزارة الطاقة خطة إمداد في الفيول على الأقل لشهرين، وهذا يحتاج إلى التزام واضح من مصرف لبنان بفتح الاعتمادات التي تحتاج إليها المؤسسة، خاصة أنه من أصل الـ200 مليون دولار التي أقرّها مجلس النواب لها، لم يفتح المصرف اعتمادات سوى بقيمة 14 مليون دولار. مصادر معنية تصف ما يفعله مصرف لبنان بالتمرد على المؤسسات الدستورية؛ إذ إنه، بصفته مصرف الدولة والمؤسسات العامة، ليس لديه خيار لرفض أو الموافقة على فتح اعتمادات للمؤسسات العامة. فهذه الاعتمادات ليست جزءاً من الدعم، وبمجرد وجود قانون يغطيها بالليرة، وجب عليه أن يحولها إلى الدولار، لأن المؤسسات والإدارات العامة لا يمكنها الحصول على العملة الأجنبية إلا من مصرف لبنان.
كذلك تستغرب المصادر أن مصرف لبنان، بالرغم من الشح النسبي في مادة المازوت، لا يزال يؤمن حاجة السوق إليها، بما يسمح بتشغيل المولدات الخاصة، فيما يحجب الأموال عن كهرباء لبنان، التي يفترض أن تكون لها الأولوية، حتى من منطلق اقتصادي؛ أولاً لأن استهلاكها للفيول أكثر فاعلية بأضعاف من المولدات، ما يوفر في استهلاك الدولارات لديه، وثانياً لأن كلفة الكيلوواط على المستهلك بالنسبة إلى كهرباء الدولة هي 106 ليرات، فيما كلفة الكيلوواط لدى المولدات تخطّت الألف ليرة، بالرغم من أن المازوت لا يزال مدعوماً. وهذا يعني أمراً من اثنين، إما أن مصرف لبنان يريد أن ينفّع كارتيل المازوت حتى لو أدى ذلك إلى هدر الدولارات المتبقية، وإما يريد أن ينفّع كارتيل المولدات، وفي الحالتين فإن المتضرر هو المستهلك والاحتياطي على السواء.
أزمة الكهرباء لا تنعكس على المستهلكين تغذية أقل فقط، بل تنعكس على كل نواحي الحياة، ومنها قطاع الإنترنت الذي حذّر المدير العام لأوجيرو عماد كريدية، أمس، من أنه يمكن أن يتوقف عن العمل، من جراء انقطاع الكهرباء. فانخفاض التغذية يتسبب في ضغط كبير على مجموعات توليد الطاقة التابعة لأوجيرو، في ظل صعوبة تأمين الاستقرار في إمداد المحطات بمادة المازوت، التي ازداد الطلب عليها.
**********************************************************************
افتتاحية صحيفة النهار
نظام الخدمات ينهار: زمن العتمة والشلل!
هل دخل لبنان واقعياً المرحلة الأشدّ قسوة وشراسة وصعوبة في معاناة اللبنانيين جراء الكارثة المتدحرجة في كل #الخدمات والبنى الحيوية الأساسية الآخذة في التراجع والتعطيل والتوقف والانحسار بما لم يشهد لبنان مثيلا له في اعتى حقبات الحروب والاجتياحات العسكرية الاحتلالية؟
لا ينطلق السؤال لا من نزعة للتضخيم ويكفي اللبنانيين ما “يقصفون” به يوميا من “خبراء” مزعومين او حقيقيين يتبارون على الشاشات في إفزاع الناس، ولا من اي معطيات مصطنعة بل يبدو أي رسم لواقع #الانهيار المتعاظم والمخيف للبنى الخدماتية اقل بكثير من حقيقة ما بلغه واقع القطاعات الخدماتية بأسرها.
في اليومين السابقين فقط كان يكفي أي راصد خارجي او داخلي لعاصفة الانهيارات الخدماتية ان يدقق في عناوين الغليان الذي انفجر عبر تحركات احتجاجية او إجراءات تقشفية او تحذيرات وإنذارات تتصل بتوقف خدمات أساسية لكي يدرك ان لبنان يهوي بسرعة مخيفة نحو واقع بلد قد تغدو فيه البنى الخدماتية كلها مهددة بالشلل غير المسبوق حتى في بلدان تعاني من الحروب.
سواء كان الامر يتصل أساساً بـ”محنة” #التمويل المتصلة بالاستيراد ب#الدولار الأميركي، او بالفوضى المخيفة المتصلة بالتسعير تبعاً لتموجات الازمة المالية والمصرفية، او بوجود مافيات لا يخفى على احد انها تحظى حالياً بزمنها الذهبي في زمن الانهيار واندثار الدولة، لأن السلطة لاهية بحرب تصفية الحسابات والإمعان في تعطيل #الحكومة التي يمكن ان تشكل خشبة خلاص وإنقاذ من الغرق النهائي … كل هذه المعطيات تصب في طاحونة واحدة أخيرة هي ان لبنان يبدو كالآلة التي تتوقف قطعة وراء قطعة، ان لم نكرر استعارة وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان في تشبيهه لبنان بسفينة التايتانيك لدى غرقها المتدرج .
لم يبق قطاع خدماتي حيوي الا وضربته عاصفة الشلل او التهديد بالشلل والتوقف . من #الكهرباء التي تنازع على حمولة آخر سفينة فيول ولن يبقى في الأيام القليلة المقبلة أي معمل انتاج الا وسيتوقف لتعمم العتمة “التاريخية” كل ربوع لبنان ومناطقه. الى قطاع مولدات الكهرباء الذي يطلق الإنذارات حيال شُح #المازوت واللجوء الى تقنين آخر مع رفع أسعار محموم . الى قطاع المحروقات حيث الفوضى تضرب في كل الاتجاهات سواء في تعطيش السوق للبنزين او في فقدان المازوت والتلاعب بهذه المادة الأساسية . الى قطاع الانترنت الأشد اثارة للقلق مع الإنذارات المتصاعدة حتى من أوجيرو نفسها والخوف من تمدد الانقطاعات الى الهاتف الخليوي أيضا. الى القطاع الاستشفائي والطبي والصيدلي وهنا الوهن الأكبر في كل ما يتصل بالصحة الفردية والعامة والاستشفائية والدوائية …
ويشار في هذا السياق الى ان وزير المال في حكومة تصريف الاعمال غازي وزني كان ارسل في 28 أيار الى مصرف لبنان طلبا بفتح أربعة اعتمادات بقيمة 62 مليون دولار لتزويد معامل انتاج الكهرباء بالفيول لكن المصرف المركزي ينتظر طلبا من الحكومة لتسديد الاعتمادات .
فماذا بعد هذه التطورات الضاغطة ؟ واذا لم يسمّ هذا انهياراً فأي صفة يحمل ؟
أسبوع فاصل؟
مع ذلك لم يلمس اللبنانيون بعد أي معطى جدي وملموس لإمكان حصول تطور استثنائي ما يخرج جمل الازمة الحكومية المستعصية من خرم إبرة التعطيل الذي يبدو الوجه الملاصق الاخر للانهيار الكبير المتدحرج بفعل متعمد ومقصود بدليل الأفخاخ التي نصبت لمبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري في الأسبوع الماضي وأدت الى ترسيخ واقع الاستنزاف الذي تتسع معه احتمالات الانهيار الأكبر.
لم يعد ممكناً في هذا السياق الركون الى أي تقديرات او رهانات متفائلة بإمكان استنقاذ هذه المبادرة ومعها آخر فرصة لتأليف الحكومة، علماً ان الفريق المعطل لم يجد أي حرج في إضافة شرطين محدثين امام المبادرة من خلال اعتباره تشكيلة الثلاث ثمانيات ترسيخاً للمثالثة كما من خلال تلويحه بخيار تقصير ولاية البرلمان.
تبعا لذلك ثمة معطيات جادة للغاية تشير الى ان الأسبوع الطالع سيكون فعلا أسبوعاً حاسماً بين آخر حظوظ مبادرة بري للإقلاع ومعها الفرصة الأخيرة لتشكيل الحكومة وفق توزيعة الـ 24 وزيرا واستنباط حل للعقدة الأخيرة (المفترضة) أي بت مشكلة تعيين الوزيرين المسيحيين، وبين مروحة “الخيارات الأخرى” التي باتت تدور حولها التكهنات بكثافة بدءاً باحتمال اعتذار الرئيس المكلف سعد الحريري مروراً برفع لواء حكومة الانتخابات وانتهاء باستقالات نواب كتل وازنة من شأنها ان تفتح الباب امام الانتخابات النيابية المبكرة . وتشير هذه المعطيات الى ان ما بدأت تشهده البلاد من تعاظم الاخطار الاجتماعية والخدماتية لم يعد يسمح بتريث او بانتظار مفتوح، لذا سيتسم الأسبوع الطالع بأهمية مميزة علما ان “حزب الله” سيكون له موقف بارز أيضا من خلال الكلمة التي سيلقيها عصر غد الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله بعد ابلاله من وعكته الصحية. وأفادت معلومات ان الاتصالات البعيدة من الأضواء استؤنفت في الساعات الأخيرة حول مبادرة بري وان لقاءات ومشاورات ذات صلة ستجري في الأيام المقبلة .
وكانت تقارير اشارت إلى أن الحريري أبلغ بري أنه يُعطي تشكيلة الـ 24 وزيرًا الموزعة وفق ثلاث ثمانيات فرصة أخيرة، وإذا لم يُقبل بها سيذهب للاعتذار واستقالته وكتلته من مجلس النواب .
وصعد المجلس السياسي في “التيار الوطنيّ الحر” شروطه بعد اجتماعه السبت اذ اعلن انه “يرفض قطعاً أي إنقلاب على الدستور بتخطي المناصفة الفعلية وتكريس أعراف جديدة بالحديث عن مثالثة مقنّعة يحاول البعض الترويج لها على قاعدة ثلاث مجموعات من ثماني وزراء يقود كلاً منها أحد المكونات الأساسية في البلاد، مع تأييده إستثنائياً لهذه المرّة، ألاّ يكون لأي فريق أكثر من 8 وزراء”. واعتبر المجلس أنه “في حال الإصرار على عدم تشكيل حكومة، وفي ضوء الإنحلال المتسارع في بنية المؤسسات، وامتناع الحكومة المستقيلة عن القيام بواجباتها في تصريف الأعمال بما تقتضيه المرحلة وأبسطها حلّ مشكلات الترابة والنفايات والمواد الأساسية، فإن خيار تقصير ولاية مجلس النواب سيصبح عملاً إجبارياً وإن كان سيتسبب بمزيد من هدر الوقت، فيما لبنان بأمسّ الحاجة للإسراع بإقرار القوانين الإصلاحية”.
#الراعي
واللافت في هذا السياق ان البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي صعد مواقفه امس بعد أيام من زيارته قصر بعبدا فقال : “يحاول المسؤولون في هذه الأيام العصيبة إنقاذ أنفسهم ومصالحهم لا إنقاذ الوطن. ويتصرفون وكأنه لا يوجد شعب، ولا دولة، ولا نظام، ولا مؤسسات، ولا اقتصاد، ولا صناعة، ولا تجارة، ولا فقر، ولا جوع، ولا بطالة، ولا هجرة… ومع هذا كله، برزت بارقة أمل صغيرة في اليومين الماضيين بتجاوب المصارف مع قرار المصرف المركزي ببدء تسديد قليل من أموال المودعين تدريجا”. وتساءل: “هل وراء الأسباب الواهية لعدم تأليف الحكومة، نية عدم إجراء انتخابات نيابية في أيار المقبل، ثم رئاسية في تشرين الأول، وربما نية إسقاط لبنان بعد مئة سنة من تكوينه دولة مستقلة، ظناً منهم أنهم أحرار في إعادة تأسيسه من جديد، متناسين أنه أعرق وطن، وأبهى أمة، وأجمل دولة عرفها الشرق الأوسط والعالم العربي؟ لكننا، لن نؤخذ بالواقع المضطرب والقوة العابرة. فنحن شعب لا يموت ولو أصبنا في الصميم. ولذا، لن نسمح لهذا المخطط أن يكتمل. لن نسمح بسقوط أمتنا العظيمة. لن نسمح بتغيير نظام لبنان الديمقراطي. لن نسمح بتزوير هوية لبنان. لن نسمح بتشويه حياة اللبنانيين الحضارية. لن نسمح بالقضاء على الحضارة اللبنانية. لن نسمح باستمرار توريط لبنان في صراعات المنطقة”.
************************************************************************
افتتاحية صحيفة نداء الوطن
باريس تمنح مبادرة برّي “فرصة أخيرة”… وإلا “حكومة انتخابات”!
الراعي يستشعر “نيّة لإسقاط لبنان”: لن نسمح بتغيير النظام
تعدّدت المصائب والانهيار واحد… لا دواء ولا فيول ولا كهرباء وقريباً لا انترنت، وما زالت سلطة “التماسيح” مستمرة في غيّها وإجرامها فارضةً إيقاع “رقصة الموت” على اللبنانيين طمعاً بكرسي وزاري بالزائد أو تحقيقاً لطموح سياسي ورئاسي، أو رغبةً بإسقاط الهيكل فوق رأس الكيان لإعادة بنائه على أسس وركائز مفصّلة على قياس “قوّة الأمر الواقع”.
وتحت سقف هذا الهاجس الكياني، طرح البطريرك الماروني بشارة الراعي بالأمس علامات استفهام وجودية وضعت الإصبع على جوهر الأزمة الحكومية، متسائلاً هل وراء “الأسباب الواهية لعدم التأليف نيّة بعدم اجراء انتخابات نيابية في أيار ثم رئاسية في تشرين الأول؟ وربما نية لإسقاط لبنان بعد مئة سنة من تكوينه ظناً منهم أنهم أحرار في إعادة تأسيسه من جديد”، مشدداً في مقابل استشعاره نوايا مبيتة في هذا الاتجاه على وجوب إحباط هذه الأجندة، قائلاً: “لن نؤخذ بالقوة العابرة ولن نسمح لهذا المخطط أن يكتمل، ولن نسمح بتغيير نظام لبنان الديمقراطي وتزوير هويّته والقضاء على الحضارة اللبنانية”.
وإذ جدد مناشدة الأمم المتحدة “التدخل لانتشال لبنان من الانهيار والافلاس”، ومنظمة الصحة العالمية “أن تضع يدها على الواقع الصحي في لبنان وتستجيب لحاجاته من أدوية ومواد طبية”، وبّخ الراعي المسؤولين الذين أوصلوا اللبنانيين إلى هذا الدرك من الانهيار، لكونهم يعملون في سبيل “إنقاذ أنفسهم ومصالحهم لا إنقاذ الوطن ويتصرّفون وكأنه لا يوجد شعب ولا دولة ولا نظام ولا مؤسسات ولا اقتصاد ولا فقر ولا جوع ولا بطالة ولا هجرة”، مبدياً العزم على عدم السماح “باستمرار توريط لبنان في صراعات المنطقة”، ومؤكداً أنّ عدم احترام شعار التحييد والنأي بالنفس، هو الذي دفع بكركي إلى طرح “إعلان نظام الحياد الناشط بكل أبعاده الدستورية”، والمطالبة بعقد مؤتمر دولي خاص بلبنان “عندما بات الإنقاذ الداخلي مستحيلاً”.
أما في مستجدات المشاورات الجارية لإنعاش مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري الحكومية، بعدما اصطدمت بجدار المواقف المتصلبة إزاء عملية تقاسم الحصص الوزارية بين رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، فإنّ أوساطاً مواكبة لهذه المشاورات أكدت عدم إحداث “أي خرق إيجابي يُعتد به خلال الساعات الاخيرة، بل على العكس من ذلك ما زالت المؤشرات تغلّب الكفة التشاؤمية حيال إمكانية إيجاد حل توافقي يتيح تعبيد الطريق أمام ولادة تشكيلة الـ24 وزيراً التي تنصّ عليها مبادرة بري، لا سيما بعدما بادر “التيار الوطني” إلى “دقّ مسمار” جديد في نعشها، عبر إعلان رفضه صيغة الـ888 باعتبارها تختزن “مثالثة مقنّعة” تنسف المناصفة بين المسلمين والمسيحيين في السلطة التنفيذية”.
وترجح المصادر أنّ يشهد الأسبوع الحالي “منعطفات مفصلية” أمام مبادرة بري، بدءاً من إطلالة الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله غداً التي ستحدد مسار الأمور في أكثر من اتجاه، سواء لناحية “الحلفاء أو الخصوم”، مروراً بما ستفضي إليه الجهود التي يبذلها رئيس المجلس النيابي بالتعاون مع البطريرك الماروني، “للدفع قدماً على الطريق نحو حلّ إشكالية تسمية الوزيرين المسيحيين الإضافيين في التشكيلة المقترحة”، ووصولاً إلى اتضاح السبل الآيلة إلى بلورة “تشكيلة مستحدثة” وتبيان ما ستفضي إليه الجهود المبذولة لحثّ الرئيس المكلف على زيارة قصر بعبدا، وتقديم مسودة تشكيلته الجديدة إلى رئيس الجمهورية ميشال عون، “حتى ولو كانت موافقة عون غير مضمونة عليها، أقلّه لتأكيد نية الحريري في ترجمة مبادرة بري عملياً ورفع مسؤولية إجهاضها عن كاهله، وليتحمّل عندها كل فريق مسؤوليته أمام الداخل والخارج”.
وفي هذا السياق، نقلت مصادر سياسية رفيعة أجواء تفيد بأنّ المجتمع الدولي بات يتعاطى مع الملف اللبناني على أنه “حالة ميؤوس منها”، وبالتالي فإنّ “الاتصالات والطروحات المتداولة بين عواصم القرار أصبحت تنحصر في البحث بكيفية تجنيب الدولة اللبنانية خطر الانهيار المؤسساتي التام، والإبقاء على الحد الأدنى من جسور الإمدادات الغذائية والطبية للشعب اللبناني”.
وفي وقت لا تزال باريس تتمسك ببصيص الأمل المتأتي من “عين التينة” بغية تشكيل حكومة المهمة الإنقاذية، غير أنّ رهان الإدارة الفرنسية على هذه المبادرة “لن يصمد طويلاً”، بحسب المصادر نفسها، لا سيما وأنّ المعلومات المستقاة من خط التواصل الفرنسي – اللبناني تفيد بأنّ المسؤولين الفرنسيين منحوا المسؤولين المعنيين “فرصة أخيرة” للتوافق على صيغة الـ24 وزيراً، وإلا فإنّ الموقف سيتبدّل باتجاه دعم طرح تأليف “حكومة انتخابات تدير المرحلة الانتقالية الفاصلة عن الاستحقاق النيابي، سواء تم بتوقيته الدستوري المقرر في أيار من العام المقبل أو جرى التوافق على تقريب موعده وإجراء انتخابات مبكّرة”.
*********************************************************************
افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط
اتهامات «غسل أموال» و«تصرف جنائي» و«فساد» تطارد حاكم «المركزي» اللبناني أوروبياً
القضاء الفرنسي يفتح تحقيقاً في ثروة سلامة
ميشال أبو نجم
ثقيلة التهم المساقة من النيابة العامة المالية الفرنسية بحق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي يشغل منصبه منذ عام 1993 ويحمل الجنسية الفرنسية، كما كثير من المسؤولين اللبنانيين.
وقطعاً، إن فتح تحقيق أولي بشأن اتهامات خطيرة من نوع «تآمر جنائي» و«غسل أموال في إطار عصابة منظمة» لا يعني أبداً ثبوت التهم باعتبار أن المبدأ المعمول به في القضاء الفرنسي هو أن «المتهم بريء حتى تثبت إدانته». ولكن مشكلة حاكم مصرف لبنان أن القضايا الجنائية آخذة بمحاصرته محلياً وأوروبياً: سويسرا أولاً واليوم فرنسا وغداً بريطانيا إضافة إلى لبنان.
ووفق مصدر مصرفي لبناني في باريس، فإن وضع سلامة أصبح اليوم «دقيقاً» قضائياً وسياسياً ومن شأنه «التأثير على ممارسة عمله كحاكم لمصرف لبنان» وهو الشخص المناط به، بسبب وظيفته، إخراج لبنان من أزمته النقدية والمالية وبالتالي فإن مصيره أصبح «مطروحاً جدياً».
وأمس (الأحد)، كشف النقاب عن فتح تحقيق رسمي «أولي» بحق رياض سلامة عقب شكويين قدمتا بحقه إلى النيابة المالية الوطنية المؤهلة للنظر بهذا النوع من الدعاوى التي لاحقت في السنوات الأخيرة مجموعة واسعة من المسؤولين الأفارقة بتهم الإثراء غير المشروع بموجب قانون يمكن ترجمة اسمه بـ«من أين لك هذا؟».
وعربياً، لوحق نائب الرئيس السوري السابق رفعت الأسد بموجب هذا القانون وحجز على ممتلكاته المنقولة وغير المنقولة وبعد سنوات من «الحرب القضائية» تمت إدانته.
أصبح معلوماً أن سويسرا كانت السباقة في فتح الملفات القضائية بحق رياض سلامة ومطالبتها القضاء اللبناني بتقديم المساعدة القضائية. وفي فرنسا، قدمت الشكوى الأولى ضد حاكم مصرف لبنان من قبل جمعية «أكونتبيليتي ناو» (المحاسبة الآن) السويسرية في 16 أبريل (نيسان) الماضي التي يمثلها المحامي الفرنسي أنطوان ميزونوف. وهذه الجمعية السويسرية معروفة بحربها ضد الإفلات من العقاب الذي تتمتع به الطبقة السياسية والمالية اللبنانية منذ عشرات السنوات.
أما الشكوى الثانية فقدمت بعد أسبوعين وجاءت من جهتين: الأولى، جمعية «شيربا» الفرنسية المتخصصة في محاربة الجرائم الاقتصادية والمالية عبر العالم، والثانية جمعية «ضحايا الممارسات الاحتيالية والجرمية في لبنان» وهي مجموعة فرنسية – لبنانية تعمل على إلقاء كامل الضوء على الفساد الذي ينخر المجتمع والاقتصاد اللبنانيين، وأسسها لبنانيون ومزدوجو الجنسية خسروا، مثل الكثير من اللبنانيين، ودائعهم الموضوعة في المصارف اللبنانية. ويمثل الجهتين المحاميان ويليام بودرون وآملي لوفيفر. والأول معروف كونه هو من أطلق جمعية «شيربا» ورأسها لعدة سنوات. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن محاميي شيربا والمجموعة اللبنانية، ترحيبهما بفتح التحقيق الرسمي، واعتبارهما أن له بعداً أوروبياً وعالمياً وقولهما إنه «سينظر في عمليات تبييض أموال ضخمة وأنه ينبغي أن تفتح جميع أدراج المافيا التي ركعت لبنان».
ومن المرجح أن يدفع التحقيق الفرنسي دولاً أوروبية أخرى إلى الاحتذاء بباريس عبر آلية توجيه طلبات للمعلومات على المستوى الأوروبي… وتتوجه الأنظار مباشرة إلى لندن حيث قدمت مجموعة «غيرنيكا» المتخصصة بمحاربة الفساد التي تضم طيفاً من المحامين، شكوى تستهدف حاكم مصرف لبنان.
الخيط الجامع بين كل هذه القضايا عنوانه الفساد وتبييض الأموال والاختلاسات. وليست الأمور محصورة بشخص الحاكم، بل تتناول الدائرة الأقرب إليه وتتكون من شقيقه رجاء وابنه نادي وابنة شقيقه ماريان حويك التي تقلبت في مناصب تنفيذية رفيعة في مصرف لبنان. وينظر إليها على أنها «الاسم المستعار» لرياض سلامة صاحب «الهندسات المالية» التي سمحت طيلة سنوات للعملة الوطنية اللبنانية (الليرة) المحافظة على قيمتها إزاء الدولار الأميركي من خلال دفع فوائد مرتفعة على ودائع الدولار كانت تزيد غالباً على عشرة في المائة. وسلامة المرشح الدائم لرئاسة الجمهورية وصل إلى حاكمية مصرف لبنان بفضل رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري الذي اغتيل ومجموعة من المقربين منه بعملية تفجير معقدة في قلب بيروت في عام 2005.
وتجدر الإشارة إلى أن التحقيق المفتوح في سويسرا يتناول غسل الأموال مختلسة من مصرف لبنان وفق آليات معقدة وتتناول ما لا يقل عن 300 مليون دولار. وحتى اليوم، ينفي سلامة بشكل قاطع التهم الموجهة إليه ويؤكد أن أمواله مصدرها شرعي. وبحسب الدعويين المقدمتين ضده في باريس، فإن ثروته المنقولة وغير المنقولة تقدر بمئات الملايين وبينها عقارات في الأحياء الأكثر بورجوازية في باريس مثل جادة الشانزليزيه وشارع مانديل إضافة إلى ممتلكات على الشاطئ المتوسطي اللازوردي. ومنذ أيام قليلة، كان سلامة في باريس التي يرتادها دورياً منذ سنوات.
تتهم الشكاوى المقدمة إلى القضاء الفرنسي ومجموعته المشار إليها بجمع ثروة ضخمة وتطالب، بالتوازي، بالتحقيق في هروب مليارات الدولارات من لبنان منذ انطلاق الأزمة الأخيرة، الأمر الذي فاقم الأوضاع ودفع بعشرات الآلاف من اللبنانيين إلى الشوارع والساحات. وما زال مصرف لبنان وحاكمه شخصياً، مستهدفين بمطالبات التحقيق.
وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية، فإن إحدى الشكويين المقدمتين إلى النيابة المالية الفرنسية، تتهم سلامة بتجميع ثروة تقارب الملياري دولار. وسبق أن نشرت معلومات في لبنان لم يتم التأكد من صحتها صادرة خصوصاً عن موقع «درج» ومنصة «مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد».
***********************************************************************
افتتاحية صحيفة الجمهورية
بري حصر العِقَد ويحاول جمع الحريري وباســيل.. وتحقيق فرنسي في حسابات سلامة
يرفض رئيس مجلس النواب نبيه بري الاستسلام للفراغ والتعطيل وإعلان وفاة مبادرته، ويصرّ على إبقاء هذه المبادرة على قيد الحياة، ويضُّخ فيها الأفكار الجديدة سعياً لإنعاشها، خصوصاً انّها المبادرة الوحيدة المتبقية وتحظى بتأييد داخلي وخارجي، وهذا ما يفسِّر العمل الجاري بتكتم، ليس فقط في الأفكار والمخارج المحتملة في العِقد المتبقية، إنما من خلال حركة الوسطاء المستمرة والبعيدة من الأضواء. فهل يمكن ان تشهد هذه المحاولة المتجدّدة خرقاً هذا الأسبوع، أم انّ مصيرها سيكون الفشل وسيضطر صاحبها في نهاية المطاف إلى إعلان وفاتها وإطفاء محركاته، كون الخلاف بين رئيس الجمهورية ميشال عون وخلفه رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل من جهة، والرئيس المكلّف سعد الحريري من جهة أخرى، غير قابل للمعالجة؟
إبقاء بري الروح في مبادرته ساهم في ترييح الأسواق، وحافظ على الأمل في إمكانية الخروج من المأزق الحكومي، لأنّه في حال انتهاء هذه المبادرة يصبح التعايش مع الفراغ قدراً محتوماً، مع انعكاساته المالية والاقتصادية. ومن الواضح انّ رئيس المجلس يريد ان يستنفد كل المحاولات، بعدما نجح في حصر النقاط او العقِد الخلافية، وفي ظل وجود أفكار- مخارج عدة يعمل على تسويقها لدى الطرفين اللذين لا يبدو انّهما في وارد تحمُّل تبعات إفشال هذه المحاولة.
ولكن تجربة المبادرات والوساطات التي سبقت لا تطمئن، وتؤشر إلى عمق الهوّة التي تفصل بين الطرفين المعنيين بالتأليف، والتي يتداخل فيها السياسي والنظرة إلى الحكومة والشخصي. وهذا ما يفسِّر السعي إلى عقد لقاء يجمع هؤلاء المعنيين، في محاولة لإحياء التجربة القديمة المعروفة بلقاءات غسل القلوب التي كانت تحصل سابقاً، وتفي بالغرض المطلوب وتؤدي إلى الهدف المنشود، حيث يبدو أنّ مراسيم التأليف لن تصدر قبل عقد جلسة غسل قلوب تؤدي إلى صفاء النيات وفتح صفحة جديدة بين الفريقين.
فهل تنجح محاولة بري لجمعهما، في الوقت الذي لم تتمكن فرنسا من ترتيب لقاء من هذا القبيل لا في بيروت ولا في باريس؟ والأكيد حتى اللحظة، انّ هذا اللقاء ما زال مستبعداً، ولكن صاحب المبادرة لم ييأس، وهو ينطلق من مبدأ ان لا شيء مستحيلاً، خصوصاً انّ شكوى البعض في مطلع العهد كانت بسبب متانة العلاقة بينهما، وبالتالي، ماذا عدا مما بدا لتتحول هذه العلاقة عداوة، فيما من الواضح انّ المعبر للتأليف يكمن في عقد جلسة غسل القلوب، كخطوة ضرورية وإلزامية تمهِّد لإصدار مراسيم التأليف؟
في غضون ذلك، لاحظت اوساط سياسية مواكبة للمساعي الحكومية، انّ بري، مدعوماً من «حزب الله»، يكاد يكون الوحيد المتمسك بمبادرته والمصرّ عليها، وسط الاستنزاف الذي تتعرّض له من الجهات المعنية بها، والتي تدعمها في الظاهر لكنها لا تتجاوب بالمقدار الكافي مع متطلبات نجاحها.
واشارت هذه الاوساط، إلى أنّ مبادرة بري تواجه معاناة، لكن صاحبها لا يزال يتمسك بها، تاركاً أبوابها مفتوحة لملاقاة اي ردود إيجابية محتملة. واشارت، الى انّ مسعى بري هو الخيط الرفيع المعلّقة به الفرصة الأخيرة، واذا انقطع فهذا سيكون مؤشراً إلى اقتراب الوقوع في محظور الارتطام الكارثي.
وأبدت الاوساط نفسها، خشيتها من ان تكون القطبة المخفية التي تؤخّر ولادة الحكومة هي خارجية، على رغم كل التأكيدات بأنّ الازمة داخلية، معتبرة انّ لا شيء يمكن ان يفسّر على المستوى الداخلي المحض، العجز المتمادي عن التشكيل، على رغم تفاقم عوارض الانهيار.
هدنة بري
وفي الوقت الذي عبر الاسبوع من دون تسجيل اي جديد على جبهة التأليف الحكومي، تلاقت مصادر عدة على التأكيد لـ«الجمهورية»، أنّ بري ينوي تسريع اتصالاته مطلع الأسبوع الجاري بحثاً عن خرق ما، وهو لا يزال يبحث في طريقة إخراجه إلى العلن، محتفظاً بما يمكن اعتباره معطيات جديدة يمكن ان تزخّم مبادرته، متسلحاً بدعم خارجي غربي، وتحديداً فرنسي وعربي تتقدّمه مصر، التي باركت المبادرة وتسعى عبر اتصالاتها في الداخل والخارج الى تسهيل التأليف.
وقالت هذه المصادر، انّ بري بعدما حقق ما يمكن تسميته «هدنة اعلامية» بين طرفي النزاع، ابدى ارتياحه الى توقف سيل البيانات وكلام المصادر الذي اشاع جواً سلبياً كبيراً، بعدما خشي ان يكون مضمونه مؤشراً سيئاً الى مستقبل مبادرته، بعدما تجاوز ما كان مطروحاً للبحث.
بعبدا ترصد
وكشفت مصادر قريبة من قصر بعبدا لـ«الجمهورية»، انّ الاتصالات مستمرة، وانّ عون تلقّى حصيلة مقبولة للإتصالات الاخيرة، لم تشر الى اي تقدّم فعلي ولكنها تأخذ منحى ايجابياً. وتحدثت عن «مقترحات تروح وتجيء» في انتظار ان يقيّمها بري للانتقال الى مرحلة مقبلة.
ورفضت هذه المصادر الحديث عن توتر بين معاون بري النائب علي حسن خليل ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل في آخر لقاء بينهما. ولفتت إلى انّ آخر اللقاءات لم يكن مقفلاً، وكل ما تبلّغته هو انّ للبحث صلة وانّ بري لن يألو جهداً في الإتجاه الذي يخدم مبادرته.
«بيت الوسط»: لا تقدّم
من جهتها، لفتت مصادر «بيت الوسط» عبر «الجمهورية»، إلى «انّ الاتصالات الاخيرة لم تأت بجديد كان يتوقعه الحريري، بعدما قدّم مزيداً من التسهيلات لخطة الرئيس بري، وخصوصاً تلك المتصلة بتشكيلة الـ 24 وزيراً وعملية توزيع الحقائب».
وقالت: «انّ المهم هو انّ نقدّم التنازلات على طاولة مبادرة الرئيس بري، وانّ ما يعبّر عنه بعض المتحدثين من مسؤولي «التيار الوطني الحر» لا يوحي بالارتياح، فكأنّهم يعيشون في زمن آخر وبلد آخر، وخصوصاً عندما يطلقون تصريحات تتجاهل ما نعرفه ويعرفه جميع اللبنانيين من حقائق».
لا زيارات سرية
وانتهت هذه المصادر الى التأكيد «انّ مبادرة بري ماضية إلى الأمام وليس هناك من شيء محدّد».
وعمّا إذا كان هناك موعد للحريري لزيارة عين التينة، قالت المصادر: «لا شيء معلناً، وإن حصلت هذه الزيارة لن تكون سرية كما يرغب البعض ان تكون زياراته سرّية وفي امكنة غير معلن عنها، في إشارة إلى مجموعة من اللقاءات التي عُقدت في مواقع رسمية كان يفترض ان تكون مخصصة للقاءات أخرى ومبادرات أخرى. فالبلد يتفكك وينهار، وهناك من يسعى الى مكاسب آنية لا تتناسب وحجم النكبة في البلاد».
الراعي ينتقد المسؤولين
وفي المواقف من التطورات الجارية، قال البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في قداس الاحد في بازيليك سيدة لبنان – حريصا لمناسبة الذكرى السنوية الثامنة على تكريس لبنان لقلب مريم الطاهر: «يحاول المسؤولون في هذه الأيام العصيبة إنقاذ أنفسهم ومصالحهم لا إنقاذ الوطن. ويتصرفون وكأنّه لا يوجد شعب، ولا دولة، ولا نظام، ولا مؤسسات، ولا اقتصاد، ولا صناعة، ولا تجارة، ولا فقر، ولا جوع، ولا بطالة، ولا هجرة. يتصارعون في ما بينهم، كأنّ السياسة هي تنظيم الاتفاق والخلاف في ما بينهم، لا تنظيم حياة المجتمع، وإدارة شؤون المواطنين، والحفاظ على المؤسسات الدستورية، وتوفير الأمن والاستقرار والتعليم والضمانات والعزة والكرامة. لا يعنيهم الشعب الذي ما عاد يحتمل الذل والقهر والعذاب».
واضاف: «نتساءل: هل وراء الأسباب الواهية لعدم تأليف الحكومة، نية عدم إجراء انتخابات نيابية في أيار المقبل، ثم رئاسية في تشرين الأول، وربما نية إسقاط لبنان بعد مئة سنة من تكوينه دولة مستقلة، ظناً منهم أنّهم أحرار في إعادة تأسيسه من جديد، متناسين أنّه أعرق وطن، وأبهى أمة، وأجمل دولة عرفها الشرق الأوسط والعالم العربي؟ لكننا، لن نؤخذ بالواقع المضطرب والقوة العابرة. فنحن شعب لا يموت ولو أُصبنا في الصميم. ولذا، لن نسمح لهذا المخطط أن يكتمل. لن نسمح بسقوط أمتنا العظيمة. لن نسمح بتغيير نظام لبنان الديموقراطي. لن نسمح بتزوير هوية لبنان. لن نسمح بتشويه حياة اللبنانيين الحضارية. لن نسمح بالقضاء على الحضارة اللبنانية. لن نسمح باستمرار توريط لبنان في صراعات المنطقة».
عودة
ومن جهته متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة، قال خلال اقامته صلاة جنائزية لراحة نفس عميد جريدة «النهار» غسان تويني: «نستذكر اليوم إنساناً استثنائياً، رجلاً كبيراً من لبنان، هامة ديموقراطية أصيلة غادرنا منذ سنوات لكن أفكاره وأقواله ما زالت تتردّد في أذن كل إنسان عرفه وشاركه حب الوطن والإخلاص له والدفاع عنه بكل جوارحه (…) غسان الذي ذاق كل أنواع الآلام، صقلت الآلام نفسه، أما هو فقد صقل شخصيته بالإيمان والمحبة والتواضع والعطاء والتضحية، وداس على قلبه من أجل وطنه، وبدل أن يغلب الحقد والإنتقام بعد إغتيال فلذة كبده. طالب بدفن الحقد واعتماد المسامحة والمحبة. هل من يسمع في أيامنا ويتعظ؟».
وسأل عودة: «أين سياسيونا من غسان وجرأته وإيمانه بوطنه وإخلاصه له؟ أين الزعماء اليوم من صدق غسان ووطنيته وتجرّده وصفاء انتمائه إلى لبنان؟ أين هم وقد تفكّكت دولتنا، وتحلّلت مؤسساتنا، ودمّرت عاصمتنا، وسرقت مدخراتنا، وذل مواطنونا، وأظلمت أيامنا وليالينا؟ ألا يستحق لبنان وقفة شجاعة وموقفاً جريئاً وقراراً سريعاً بالإنقاذ، على حساب كل المصالح والمراكز والمكتسبات الشخصية والطموحات؟ عودوا واقرأوا ما كتبه غسان تويني وما فعله من أجل لبنان، وتذكّروا مواقفه الجريئة عل الذكرى تنفع».
الانهيار المُظلم
إقتصادياً، بدأت مشاهد الانهيار التام تتظهّر اكثر فأكثر. فبالاضافة الى أزمة شح المحروقات وفقدان الادوية والمواد الغذائية، أصبح البلد على موعد اكيد مع العتمة الكاملة، في غضون 4 أو 5 أيام، كما أكّد مصدر في مؤسسة كهرباء لبنان لـ«الجمهورية».
وعلمت «الجمهورية»، انّ وزير المال غازي وزني وقّع في 28 ايار المنصرم اعتماداً للكهرباء بقيمة 62 مليون دولار وارسله الى المجلس المركزي لمصرف لبنان، ولكن الاخير رفض صرفه، طالباً الحصول على تغطية مسبقة من الحكومة وليس من وزير المال فقط.
وفي موازاة استحقاق العتمة، يبرز استحقاق آخر لا يقلّ خطورة، ويرتبط باحتمال توقف خدمات الانترنت. وهكذا يعود اللبنانيون الى العصر الحجري بالمعنى الكامل للكلمة، حيث يتعطل التعليم والعمل والتواصل، ويدخل البلد في مرحلة جديدة تشبه بسوادها قلوب طبقة سياسية تتفرج على ما يجري وكأنّ الامر لا يعنيها.
ووفق ما أكّده مصدر في الكهرباء: «أمامنا نحو 4 أيام قبل إطفاء معملي الزهراني ودير عمار. أمّا المعامل الجديدة العاملة بمحركات عكسية فستستمر بالعمل لفترة لا تتعدى الـ 15 يوماً إنما بإنتاج لن يزيد عن 300 ميغاوات بما يساوي ساعة تغذية يومياً، على ان نكون بعدها في عتمة شاملة وكاملة». لكن المصادر كشفت، انّ الشبكة لا يمكنها ان تعمل لإنتاج 300 ميغاوات فقط، فهي في هذه الحال ستعمل من دون استقرار، بما قد يسبّب صدمة للشبكة تنتج منها العتمة المطلقة، فالشبكة لا يمكنها ان تعمل بحدٍ أدنى من الاستقرار اذا كان إنتاجها يقل عن 1000 ميغاوات.
وفي موازاة ازمة كهرباء الدولة، برزت أزمة تقنين لدى المولدات الخاصة. اذ أعلن رئيس تجمع أصحاب المولدات عن التوجّه إلى التقنين ما بين الـ 4 الى 5 ساعات يومياً ابتداءً من هذا الأسبوع، عازياً ذلك الى الشح في مادة المازوت، والى اضطرار اصحاب المولدات الى شرائه من السوق السوداء في حال وجوده وبسعر يصل إلى 40 ألف ليرة لبنانية، في حين أنّ السعر الرسمي المحدّد من قِبل الدولة هو 28 ألفاً».
تحقيق في ثروة سلامة
ومن جهة ثانية، نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أمس عن مصدر قضائي قوله، إنّ السلطات القضائية الفرنسية فتحت تحقيقاً حول ثروة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
يأتي ذلك، عقب فتح الادّعاء العام اللبناني تحقيقاً بحق سلامة، بعد طلب قانوني سويسري زعم اختلاس أكثر من 300 مليون دولار من المصرف، عبر شركة مملوكة لشقيقه رجا سلامة.
وكان مكتب المدّعي العام السويسري، قال في كانون الثاني الماضي، إنّه طلب مساعدة قانونية من لبنان في ما يتعلق بتحقيق في «غسل أموال خطير» و»اختلاس محتمل»، مرتبط بمصرف لبنان.
وأكّدت وسائل إعلام لبنانية رسمية، أنّ القاضي غسان عويدات، المدّعي العام اللبناني التمييزي، أحال النتائج الأولية للسلطات السويسرية في شباط الماضي.
كما كانت النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون، ادّعت على سلامة في كانون الثاني الماضي بجرم الإهمال الوظيفي وإساءة الأمانة، وأحالته على قاضي التحقيق لاستجوابه.
وكيل سلامة
وأشار وكيل سلامة في فرنسا نقيب المحامين بيار- أوليفييه سور، في بيان، إلى «أننا علمنا صباح اليوم الأحد (أمس) عبر الصحافة، عن فتح تحقيق أولي في فرنسا ضدّ حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، عقب شكويين أثارتا ضجة إعلامية كبيرة، الأولى تقدمّت بها منظمة «شيربا»، والثانية «جمعية ضحايا الممارسات الاحتيالية والجرمية في لبنان»، واللّتان تبقى مصالحهما المباشرة وغير المباشرة في لبنان مجهولة».
واعتبر «أننا في هذه المرحلة امام عملية «إعلامية» في شكل رئيسي، لا بل سياسية، كما يتّضح من المصطلحات التي استخدمها المحامي بوردون ومحيطه، والتي ليس لها أي طابع قضائي للتحدّث عن «تحقيق ضخم» أو تحقيق «عالمي» يتعلق بـ «شخصية مكروهة» قد تبلغ ثروتها ملياري دولار – وهذا كمّ من المبالغات يُظهر مدى التلاعب».
ولفت إلى «أنّ شكوى منظمة «شيربا» تستند في شكل أساسي إلى عمل تحقيقي لمكتب محاماة بريطاني، استنتج أنّه لا وجود لأي دليل قاطع (No smoking gun)، في حين أنّ الشكوى التي قدّمتها «جمعية ضحايا الممارسات الاحتيالية والجرمية في لبنان» ترتكز إلى تقرير مكتب تحقيق فرنسي، يخضع لتحقيق أولي منذ نحو 6 أشهر لـتهمة «محاولة التحايل على القضاء» إثر دعوى تقدّمتُ بها أمام النيابة العامة في ليون بإسم سلامة».
كورونا
صحياً، أعلنت وزارة الصحة العامة في تقريرها اليومي تسجيل 134 إصابة جديدة بفيروس كورونا، توازياً مع تسجيل 5 حالات وفاة خلال الساعات الـ 24 الماضية. ولفتت الوزارة إلى أنّ عدد الإصابات الإجمالي ارتفع إلى 541557 حالة، في وقت وصل عدد الضحايا إلى 7763 ضحية. وأكّدت أنّه تمّ تلقيح 6917 شخصاً أمس، ليبلغ مجموع اللقاحات التي أُعطيت حتى الآن 1594946 لقاحاً، وتمّ تلقيح 22.9 في المئة من المقيمين.
***********************************************************************
افتتاحية صحيفة اللواء
الفئة الحاكمة تنظم الإنهيار وتنأى عنه.. وتصريحات عونية تحيي خطوط التماس!
محاولات للالتفاف على دفع الودائع بالدولار والانترنت يلحق بالكهرباء.. وبكركي تستنجد بباريس لتنظيم الانتخابات
الأنترنت على طاولة التعطيل.. الكهرباء تهدد حياة سكان العاصمة وسائر المدن والمحافظات بالموت البطيء، مع تزايد ساعات التقنين والتبشير اليومي بالعتمة، صفوف مؤلفة من السيارات تصطف على الأرصفة المؤدية إلى محطات البنزين، التي لم ترفع خراطيمها بعد.. إلى آخر أخبار السوء صبح مساء، لقطع النفس عند المواطن والحليب عن الأطفال، فضلاً عن اللقاحات، وإشغاله عن عمليات الانهيار المنظم، تحت شعارات أو ايحاءات بأن المعالجات على قدم وساق، مالياً عبر تعميم يصدر عن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي ينظم عملية دفع مبلغ الـ800 دولار، نصفهم بالدولار والنصف الآخر بالليرة على سعر منصة المركزي 12000 لكل دولار، في وقت يتعرض فيه سلامة لدعاوىٍ في فرنسا وغيرها، على خلفية بلوغ ثروته الملياري دولار.. أو سياسياً، عبر استمرار المبادرات، والاتصالات البعيدة عن الأضواء، على امل احداث خرق في الانسداد الحكومي.. أو الانهيار الشامل، والكلام للنائب في كتلة التنمية والتحرير علي حسن خليل، الذي ينشط مع شركه الحاج حسين خليل في مساعي التقريب بين المتباعدين حكومياً.
حكومياً: طريق مسدود!
حكومياً، كشفت مصادر متابعة لملف تشكيل الحكومة ان الاتصالات الجارية لتنفيذ مبادرة الرئيس نبيه بري ما تزال تراوح في دائرة رفض رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل الذي يفاوض باسم رئيس الجمهورية، تسمية الرئيس المكلف سعد الحريري للوزيرين المسيحيين، برغم كل محاولات تخطي هذه العقدة من قبل الثنائي الشيعي الذي يتولى التواصل مع باسيل بهذا الخصوص. واشارت المصادر إلى ان الاخير يرفض باستمرار اي طرح وسطي ويتقلب بشروطه، وكأنه يضع المبادرة في طريق مسدود لقطع كل الطرق امام الرئيس المكلف ليمضي قدما باتجاه التأليف. فترة يطرح ان يتولى اي طرف كان التسمية غير الحريري وتارة اخرى يطرح ان يتولى التسمية الثنائي الشيعي او غيرهما، ما يطرح اكثر من تساؤل عما اذا كان الهدف جراء ذلك التسبب بصدام بين من يقترحهم لتولي التسمية مع الرئيس المكلف او التهرب من التجاوب المطلوب. واذ رفضت المصادر اعتبار هذه المماطلة بمثابة فشل لمبادرة بري، إلا انها استدركت بالقول ان رئيس المجلس بالتعاون مع حزب الله سيواصل اتصالاته مع باسيل على امل تذليل هذه العقدة وان كان الامل بذلك يبدو ضعيفا حتى الساعة.
ولفتت مصادر سياسية مطلعة لـ»اللواء» أنه ينتظر أن تتحرك اتصالات معينة بالملف الحكومي ضمن فرصة جديدة مع العلم ان الجميع يكاد يجزم أن الأمل ضئيل بأحداث شي جديد. وقالت المصادر إن هناك استياء عبر عنه الوسطاء لعدم التجاوب مع المساعي التي انطلقت والتي كان بأمكانها أن تتطور ايجابيا بعدما لمس هؤلاء وعودا بالتجاوب مع المساعي ضمن نوع من حل وسطي.
ولاحظت أن أسئلة تطرح عن المرحلة المقبلة لجهة كيفية معالجة ملفات انقطاع الكهرباء والأدوية وقدرة المستشفيات على العمل وغير ذلك لافتة إلى أن الأجوبة معدومة ولا بد من ترقب ماهية الحلول المطروحة في حال توافرت من دون حكومة جديدة ومع حكومة تصرف الأعمال من دون مجلس وزراء حتى وإن حمل صفة المستعجل أو الطارىء.
المثالثة المقنعة
سياسياً، لا يزال العبث السياسي يتحكم بمفاصل إدارة الشأن العام والوطني، بحيث لم تعد مُقنعة أسباب تعثّر تشكيل الحكومة بأنها حول حول وزير او وزيرين مسيحيين او حقيبة او حقيبتين، في ظل عدم مبالاة المعنيين بما وصلت اليه احوال البلاد والعباد، لا سيما في مواضيع توفير اعتمادات المحروقات لمؤسسة الكهرباء التي باتت على شفير التوقف نهائياً، وعدم توافر المازوت للمولدات الخاصة التي هدد اصحابها ايضا بتقنين خمس ساعات اضافية، ما يهدد ايضا بتقنين خدمة الانترنت كل الخدمات الاخرى الضرورية ومنها الصحية والاستشفائية، عدا انقطاع الدواء وبعض اصناف الغذاء والبنزين والبلبلة في موضوع الدولار والسحوبات من المصارف.
أخطر ما في الامر بلوغ المعنيين «إختراع» اسباب إضافية لعرقلة تشكيل الحكومة، ومنها مؤخراَ ما يعلنه بعض نواب التيار الوطني الحر عن رفض صيغة الـ 24 وزيراً لأنها بنظرهم تعني الانتقال من المناصفة الى «المثالثة المقنّعة»، وما يعلنه بعض اركان تيار المستقبل من ان اصرار الرئيس سعد الحريري على شروطه ناجم عن تحليل واستنتاج سياسيين بأن هدف رئيس الجمهورية ميشال عون والتيار الوطني الحر هو إما الامساك بالحكومة من خلال الثلث الضامن بحيث يبقى قرار إقالتها بيدهم، أو إحداث فراغ حكومي ومن ثم نيابي للوصول الى تمديد ولاية الرئيس بشكل ما!
واليوم، يتحدث الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله لمناسبة الذكرى الـ32 لانطلاق قناة «المنار» كما يتحدث رئيس التيار الوطني الحر مع إحدى مواقع التواصل.
وتساءل الكاردينال الماروني البطريرك مار بشارة بطرس الراعي عما اذا كان وراء الأسباب الاهية لعدم تأليف الحكومة عدم اجراء الانتخابات النيابية في ايار المقبل، ثم رئاسية في تشرين اول .. وربما نية اسقاط لبنان بعد مائة سنة من تكوينه دولة مستقلة، وطالب الامم المتحدة التدخل لانتشال لبنان من الانهيار والافلاس.
ورأى الوزير السابق سجعان قزي انه ما لم يحصل ضغط كبير على المسؤولين الحاليين، فان الانتخابات لن تحصل، وأكد ان لا قرار بتأليف الحكومة.
وكشف ان فرنسا تعدل بالمبادرة، والتحضير لمؤتمر دعم الجيش اللبناني، والسعي إلى تنظيم الانتخابات النيابية، وتقديم مساعدات للمؤسسات غير الرسمية، كاشفاً عن عقوبات يمكن ان تشمل رجال اعمال وليس فقط على السياسيين.
ظاهرياً، جدد المجلس السياسي في التيار الوطني الحر السبت الماضي «التزام التيار بحكومة اختصاصيين وبرئاسة الحريري»، أعلن أنه يبقى منفتحا «على أي حكومة يتوافق عليها اللبنانيون»، لكنه يرفض «قطعاً أي إنقلاب على الدستور بتخطي المناصفة الفعلية وتكريس أعراف جديدة بالحديث عن مثالثة مقنعة يحاول البعض الترويج لها على قاعدة ثلاث مجموعات من ثماني وزراء، يقود كلا منها أحد المكونات الأساسية في البلاد، مع تأييده إستثنائيا لهذه المرة، ألا يكون لأي فريق أكثر من 8 وزراء».
واعتبر المجلس أنه «في حال الإصرار على عدم تشكيل حكومة، وفي ضوء الانحلال المتسارع في بنية المؤسسات، وامتناع الحكومة المستقيلة عن القيام بواجباتها في تصريف الأعمال بما تقتضيه المرحلة وأبسطها حل مشكلات الترابة والنفايات والمواد الأساسية، فإن خيار تقصير ولاية مجلس النواب سيصبح عملا إجباريا، وإن كان سيتسبب بمزيد من هدر الوقت، فيما لبنان بأمس الحاجة للإسراع بإقرار القوانين الإصلاحية».
وفي هذا الإطار طالب المجلس الكتل النيابية بـ»مناقشة اقتراح القانون الذي تقدم به تكتل لبنان القوي لترشيد الدعم وتوفير البطاقة التمويلية لتستفيد منها العائلات المحتاجة، وهذا من شأنه أن يوفر للبنانيين شروط الأمن الغذائي والصحي ويؤمن المساعدة للفقراء، وبعض الأموال المستحقة للمودعين، إضافة الى تحقيق وفر كبير في أموال الدعم».
وعلى الأرض، نفذت وحدات من الجيش اللبناني انتشاراً بين الشياح وعين الرمانة، ووضعت نقاط في محلتي المشرفية وكنيسة مارمخايل، وسيّرت دوريات في مناطق الضاحية، ووضعت حواجز ظرفية في محلتي الكفاءات والليلكي، لمنع إحياء خطوط التماس التقليدية بين أحياء الضاحيتين الجنوبية والشرقية.
وجاءت هذه الخطوة علىخلفية تصريحات لكل من النائبين زياد أسود وماريو عون، تتعلق بالحملة على رئيس مجلس النواب نبيه برّي.
الدعاوى ضد سلامة
في باريس، سجلت دعوى قضائية بحق سلامة، إذ فتحت النيابة الوطنية في فرنسا تحقيقاً دولياً حول ثروة حاكم المصرف في أوروبا.. من فرنسا إلى جنيف، مع التلميح إمكان حدوث تبييض أموال وتحويلات مشبوهة.
وسرعا ما ردّ محامي سلامة في فرنسا، معلنا: نحن الآن امام عملية إعلامية، بشكل رئيسي لا بل سياسية.
والسؤال ما الرابط بين وضع قرار المجلس المركزي لدى حاكمية مصرف لبنان والدعوى على سلامة؟ وهل ثمة صلة مع جلسة لجنة المال والموازنة النيابية للبحث بموضوع الكابيتال كونترول، والتي سيتلوها كلام مباشر لرئيس اللجنة النائب إبراهيم كنعان؟
وأشار وكيل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في فرنسا نقيب المحامين الأستاذ بيار-أوليفييه سور، في بيان، إلى أننا «علمنا صباح امس عبر الصحافة، عن فتح تحقيق أولي في فرنسا ضد حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، عقب شكويين أثارتا ضجة إعلامية كبيرة، الأولى تقدمّت بها منظمة «شيربا»، والثانية «جمعية ضحايا الممارسات الاحتيالية والجرمية في لبنان»، واللّتان تبقى مصالحهما المباشرة وغير المباشرة في لبنان مجهولة».
واعتبر أننا «في هذه المرحلة امام عملية «إعلامية» بشكل رئيسي، لا بل سياسية، كما يتّضح من المصطلحات التي استخدمها المحامي بوردون ومحيطه، والتي ليس لها أي طابع قضائي للتحدّث عن «تحقيق ضخم» أو تحقيق «عالمي» يتعلق بـ «شخصية مكروهة» قد تبلغ ثروتها ملياري دولار – وهذا كمّ من المبالغات يُظهر مدى التلاعب».
ولفت إلى «أنّ شكوى منظمة «شيربا» تستند بشكل أساسي إلى عمل تحقيقي لمكتب محاماة انجليزي استنتج أنّه لا وجود لأي دليل قاطع (No smoking gun)، في حين أنّ الشكوى التي قدّمتها «جمعية ضحايا الممارسات الاحتيالية والجرمية في لبنان» ترتكز إلى تقرير مكتب تحقيق فرنسي يخضع لتحقيق أولي منذ نحو ستة أشهر لـتهمة «محاولة التحايل على القضاء» إثر دعوى تقدّمتُ بها أمام النيابة العامة في ليون بإسم سلامة».
إلى ذلك، أكّد مصرف لبنان ان المسودة المتعلقة بالتعميم الذي سيصدر عن مصرف لبنان والذي ينضم عملية دفع مبلغ ٨٠٠$ نصفهم بالدولار والنصف الاخر بالليرة اللبنانية على سعر منصة SAYRAFA، التي عممت في دقيقة وان التعميم سيصدر وينشر للجميع نهار الاثنين ٧ حزيران ٢٠٢١. و هو يختلف عن المتداول حاليا.
وتجتمع لجنة المال والموازنة اليوم لمتابعة البحث في مواد مشروع قانون الكابيتال كونترول، على ان يُنجز خلال جلسة أو أكثر، ويحال إلى اللجان المشتركة قبل اقراره، ثمّ ارساله إلى مجلس النواب.
الانترنت يلحق بالكهرباء
وسط ذلك، بدا ان قطع الكهرباء مرشّح لأن ينعكس مباشرة على الانترنت، وغرّد مدير عام هيئة «أوجيرو« عماد كريدية عبر وسائل التواصل الاجتماعي بأنّ «الارتفاع المستمر بساعات التقنين الكهربائي يتسبب بضغط كبير على مجموعات توليد الطاقة التابعة لأوجيرو، كما زيادة الطلب على المحروقات التي باتت نادرة هي ايضا»، لافتاً إلى أن «استمرار الوضع بهذا الشكل يهدد جديا امكانية أوجيرو بتقديم الخدمات.. اللهم اني بلغت، اللهم فاشهد».
وعاد كريدية وأوضح أنّ «انقطاع الإنترنت أصبح جدياً، والهدف من كلامي إطلاق آخر جرس إنذار».
ميدانياً، نفذت مجموعات من الحراك المدني و«جبهة 17 تشرين» وقفة تحت عنوان «الشعب يقرر»، أمام مبنى الأمم المتحدة- الاسكوا، حيث دعا المعتصمون الشعب اللبناني وأهالي الشهداء والضحايا وأهالي المفقودين والمعتقلين وجميع القطاعات والنقابات والطلاب والمودعين الى «النزول الى الشارع وسحب الثقة من المنظومة الفاسدة».
وألقى وليد الأيوبي كلمة باسم المعتصمين، توجه فيها الى الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة انطونيو غوتيريس، دعا فيها: «لما أصبح النظام السياسي اللبناني في عداد النظم السياسية الأكثر تخلفا، والشعب اللبناني في عداد الشعوب الأكثر معاناة، نتيجة إمعان الحكومات المتعاقبة في احتكار السلطة والثروة، وفي تقطيع أوصال الشعب من خلال استثارة الغرائز الطائفية والمذهبية اللصيقة بالجماعات المتخلفة، ونتيجة للصراعات الإقليمية والدولية التي ترخي بآثارها المدمرة على دورة الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
أسبوع الفايزر
في مجال التلقيح، انتهت عند السادسة من مساء أمس، الحملة التي أطلقتها وزارة الصحة ليوم واحد في محافظات عكار وبعلبك- الهرمل والبقاع، لتلقيح الفئات العمرية بدءا من 60 سنة وما فوق، بلقاح «فايزر».
وقد بلغ عدد متلقي اللقاح في المراكز الثلاثة المحددة من قبل وزارة الصحة في محافظة عكار 727 شخصا.
541557 إصابة
صحياً، اعلنت وزارة الصحة العامة عن تسجيل 134 إصابة جديدة بفايروس كورونا و5 حالات وفاة، في الـ24 ساعة الماضية، ليرتفع العدد التراكمي إلى 541557 اصابة مثبتة مخبرياً، منذ 21 شباط 2020.
*************************************************************************
افتتاحية صحيفة الديار
«الكابيتال كونترول» يُبتّ اليوم.. وثغرات فيه تؤدّي الى خسائر بمليارات الدولارات
تعميم مصرف لبنان يصدر خلال ساعات… وتوقّعات بإلتزام المصارف تنفيذ دقائقه
التجّار يُسعّرون البضائع على سعر صرف 14500 ليرة… وإلغاء الدعم أصبح حتمياً
المحلل الاقتصادي
من المتوقّع أن يصدر خلال ساعات اليوم، تعميم مصرف لبنان الذي يُحدّد آلية وشروط تنفيذ قرار المجلس المركزي لمصرف لبنان والذي ينصّ على إلزام المصارف تسديد 400 دولار أميركي «فريش» شهريًا إضافة الى ما يوازيها بالليرة على سعر منصّة صيرفة للحسابات التي كانت قائمة بتاريخ تشرين الاول 2019. هذا الأمر هو بداية جيدة لإستعادة المودعين الصغار أموالهم من المصارف على أن يكون هناك خطوات أخرى تتبع وتذهب بإتجاه إستعادة الودائع لكل المودعين.
تسديد الودائع والإستقرار النقدي
التعميم المُتوقّع صدوره سيُحدّد آلية تطبيق قرار المجلس المركزي وبالتحديد المُستفيدين من هذا التعميم، وآلية الدفع، ومصادر التمويل. وبحسب البيان الصادر عن مصرف لبنان، سيستفيد من هذه العملية الحسابات التي كانت قائمة قبل تشرين الأول 2019 وكما هو الرصيد في أذار 2021. وبإعتقادنا يعود سبب تحديد تاريخ تشرين الأول 2019 للأرصدة القائمة إلى أن العديد من الحسابات تمّ تحويلها من الليرة إلى الدولار في الفترة التي إنطلقت من تشرين الأول 2021 عقب إقفال المصارف لمدة أسبوعين إذ بدأت فوضى تحويل الحسابات والإستنسابية في إعتماد سعر صرف التحويل بين الحسابات في حسابات المودعين لا سيما المحظيين منهم. وبالتالي، أدّى هذا الأمر إلى حصول الضغوطات على سعر صرف الدولار مُقابل الليرة مما شوّه السعر داخل المصرف الذي لم يعد يعكس الأسس الإقتصادية القائمة على الأرض. أضف إلى ذلك أن تجارة الشيكات راجت، أو أن شرارتها انطلقت مع انطلاق الاحتجاجات الى وقتنا الحالي، وبالتالي تمّ تحقيق أرباح تمّ تحميلها لحاملي الليرة اللبنانية والحسابات المصرفية القائمة.
وهنا يُطرح سؤال جوهري عن مصير حاملي حسابات بالليرة اللبنانية خصوصًا من وثقوا بالليرة والتي فقدت من قيمتها في السوق السوداء مُقابل الدولار الأميركي؟ في الواقع، الأمر مرهون بحجم الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية التي ستظهر نتيجة هذه العملية. فالمصرف المركزي يتوقّع أن ترتفع الكتلة النقدية ما بين 26 و27 تريليون ليرة لبنانية نتيجة هذه العملية وهو ما قد يزيد من التضخّم. هذه الكتلة النقدية آتية من الـ 400 دولار أميركي التي سيتمّ سحبها بالليرة اللبنانية على سعر صرف منصّة صيرفة. ومن المفروض أن يُحدّد التعميم المنوي إصداره إذا كان من المُمكن سحب هذه الليرات نقدًا أو سيتمّ إستخدامها فقط بواسطة وسائل الدفع الأخرى(بطاقة مصرفية، شيك…) التي تخفف وطأة تضخم الكتلة النقدية خصوصًا أن سحبها نقدًا سيدفع بالمودعين إلى الذهاب إلى السوق السوداء لتحويلها إلى دولارات وهو ما قد يزيد الضغط على الليرة اللبنانية أكثر فأكثر.
إلا أن هذا السيناريو يواجه مُشكلة جشع التجّار الذين لا يقبلون القبض إلا نقدًا! من هنا أهمية أن يتمّ فرض قبول وسائل الدفع الأخرى بالليرة اللبنانية على التجّار كي لا يتمّ تعويم السوق بالليرة وبالتالي زيادة التضخّم على أن تكون هناك إجراءات جزائية بحقّ من يرفض وسائل الدفع هذه. هذه الإجراءات قد تكون من خلال السياسة النقدية من جهة ومن القانونية من جهة أخرى.
في المُقابل فإن ضخّ الدولارات في السوق نتيجة دفع الـ 400 دولار أميركي بالعملة الصعبة نقدًا، سيؤدّي إلى لجم هذا التضخّم عملًا بمبدأ أن من يأخذ الـ 400 دولار أميركي سيعمد إلى تخزينها في المنزل أو صرفها (عدم احتمالية التحاويل الكبيرة راجع الى تدني المبلغ المجاز تحويله شهرياً). أضف إلى ذلك أن مصرف لبنان ومن خلال بيعه للدولارات على منصّة صيرفة (حيث السعر أقلّ من سعر السوق السوداء) يفرض دفع المبلغ بالليرة اللبنانية نقدًا وهو ما يؤدّي إلى إمتصاص جزء من السيولة بالليرة اللبنانية الموجودة في السوق.
تبلغ كلفة هذه العملية بحسب بيان مصرف لبنان 2.4 مليار دولار أميركي بالعملة الصعبة منها 1.2 من الإحتياطي الإلزامي (خفض الإحتياطي الإلزامي من 15% إلى 14%) و1.2 من المصارف وبالتحديد من السيولة المكوّنة عملا بالقرار الأساسي رقم 154 الذي فرض على المصارف زيادة رأس المال 20% وزيادة السيولة بنسبة 3% في المصارف المراسلة. وأما الدفع بالعملة الوطنية فستكون كلفته بين الـ 26 و27 تريليون ليرة لبنانية والتي سيتحمّلها كل الشعب على شكلّ تضخم وبالتحديد إذا ما تمّ السماح بسحب هذه الأموال نقدًا.
دخل القرار الأساسي رقم 154 حيز التنفيذ أخر شباط الفائت. وعلى هذا الأساس قامت لجنة الرقابة على المصارف بدراسة مُعمّقة لكل ملفات المصارف وكوّنت فكرة دقيقة عن الوضع المالي للمصارف. وبالتالي يأتي قرار المجلس المركزي بإلزام المصارف دفع 400 دولار أميركي كاش و400 دولار أميركي بالليرة اللبنانية على سعر صرف المنصة صيرفة، ليعكس الدراسة التي قامت بها الجهات الرقابية.
المصارف من ناحيتها، غير المُتحمّسة لهذا القرار، عبّرت من خلال جمعية المصارف عن «إستعدادها الكامل لبحث مندرجات التعميم المزمع إصداره من قبل مصرف لبنان بإيجابية تامة لما فيه المصلحة العامة». وبالتالي هذا يعني إلتزاما من قبلها مع محاولة تحسين شروط التعميم – أي سحب كمّية أكبر من الإحتياطي الإلزامي مع تخفيض النسبة التي ستدفعها المصارف من سيولتها لدى المصارف المراسلة.علمًا أن المصارف التي لن تلتزم بالتعميم الذي سيصدر، من المتوقع أن تختفي عن المشهد المصرفي من خلال وضع يدّ مصرف لبنان عليها.
بغض النظر عما ستكون عليه هيكلية التمويل، المُهمّ أن هذه الخطوة هي خطوة أولى وأساسية بإتجاه إستعادة المودعين أموالهم حيث من المتوقّع أن يحصل 800 ألف مودع (70% من المودعين) على أموالهم في العام الأول بحسب بيان المصرف المركزي. وبالتالي يتوجّب إستكمال هذه الخطوة بخطوات أخرى – أي قانون الكابيتال كونترول الذي سيُقرّ في المجّلس النيابي.
قانون الكابيتال كونترول والثغرات المُكلفة
نجاح عملية تسديد الودائع لصغار المودعين والحفاظ على الاستقرار النقدي، مرهون بوقف تحويل الدولارات إلى الخارج إلى غير المُستحقّين. لكن ماذا تعني عبارة غير المُستحقين؟وماذا عن الاقتصاد الحر؟
في الواقع مشروع الكابيتال كونترول الذي سيتمّ بتّه اليوم في اللجنة النيابية المولجة دراسته، يحوي على ثغرتين تُعاكسان مشروع مصرف لبنان الهادف إلى إعادة الأموال وتأمين الاستقرار النقدي:
أولا –التهريب: من الغريب أن مشروع قانون الكابيتال لم يأت على ذكر مُكافحة التهريب. هذا الأمر مُستغرب خصوصًا أن تعريف الكابيتال كونترول ينص على أنه مجموعة إجراءات مالية وغير مالية. وإذا كان البعض يظن أن التهريب هو مُخالف للقانون، فالواجب أقلّه إعادة التذكير بهذه المُخالفة التي تستهلك دولارات اللبنانيين بوتيرة تتراوح بين 3 و4 مليار دولار أميركي سنويًا (!) سواء في ذلك الدولارات المدعومة أو غير المدعومة.
ثانيًا – أموال التصدير: إن حجم التصدير السنوي يبلغ 3.5 مليار دولار أميركي. هذه الأموال تبقى بمعظمها في الخارج ويُحرم منها الاقتصاد مع العلم أن هذه الأموال أختصوا بها في هذه الأزمة لمصلحة المجتمع لا لمصالحهم الخاصة إذ هي غير متوافرة أو متاحة لجميع الناس! وكما يقال في فقه التشريع « ما جاز لعذر بطل عند زواله» ومعناه أنه لو لم تكن الغاية من وراء تأمين الدولار المدعوم للاستيراد لغاية تحريك عجلة الاقتصاد وتأمين مستلزمات المواطنين لما كانوا رأوا دولاراً واحدا من المركزي، لذا إن كانت الغاية من الاستيراد التهريب والاحتكار وفلتان الأسعار، فلا معنى لتمكينهم من الحصول على هذه الدولارات، وعندها يمكن مساءلة المصرف المركزي. هذا الأمر مثلاً لم يأتوا على ذكره في قانون الكابيتال لا من قريب ولا من بعيد وبالتالي فإن خروج الدولارات لشراء المواد الأولية هي خسارة للمواطنين وتُقوض إستحصالهم على ودائعهم بالدولار الأميركي.
ثالثًا – السوق السوداء: هذه السوق تُشكّل الساحة الأساسية التي يتمّ عليها المضاربة على الليرة اللبنانية وهو ما يتحمله المواطن اللبنانية على شكل تضخّم وأصحاب الودائع على شكل إنخفاض في قيمة الوديعة. وبالتالي لم يذكر قانون الكابيتال كونترول أي شيء حول موضوع مُكافحة هذه السوق التي يتمّ من خلال شراء الدولارات التي تذهب إلى خارج لبنان.
عمليًا مليارات الدولارات مرّ عليها مشروع قانون الكابيتال كونترول دون أن يذكرها وهي تُهدّد جوهريًا الوجود اللبناني خصوصًا إذا ما طالت الأزمة السياسية.
الإستعجال بقانون الكابيتال كونترول
شكّل مشروع الكابيتال كونترول سببا من الأسباب الرئيسية التي أوقفت مفاوضات لبنان مع صندوق النقد الدولي. اليوم يعود هذا القانون بسحر ساحر وبقوّة إلى الواجهة لأسباب منها ما هو سياسي ومنها ما هو نقدي. فبحسب أحد المحلّلين السياسيين «الإستقالات من مجلس النواب أصبحت وشيكة» وبالتالي يُمكن تفسير خطوة الكابيتال كونترول على أنه توجّه من قبل القوى السياسية لإقرارهذا القانون قبل هذه الإستقالات للسماح للمودعين بأخذ جزء من أموالهم خصوصًا أن القوى التي قدّ تُعطّل الكابيتال كونترول سيتم ّتحميلها المسؤولية وستدّفع الثمن في صناديق الإقتراع.
السؤال الذي لا تُجيب عليه القوى السياسية هو الهدف من إقرار الكابيتال كونترول في هذا الوقت؟ فالمعروف أن الكابيتال كونترول هو مُخالف للإقتصاد الحرّ وإقراره يأتي ضمن إجراءات حكومية تهدف إلى تصحيح الخلل في الاقتصاد على أن تكون الفترة قصيرة نسبيًا لا تتعدّى الأشهر. لكن في حالة لبنان لا حكومة في المدى المنظور، فما الهدف من هذا القانون؟
التجّار وتقويض الكيان اللبناني
مما لا شكّ فيه أن تُجّار لبنان، خصوصًا الكبار منهم، لعبوا دورًا سلبيًا جدًا في المرحلة التي تلت إحتجاجات تشرين الأول 2019. هذا الدور السلبي وصل إلى مرحلة تقويض الكيان اللبناني عبر تهديد الأمن الغذائي للمواطن اللبناني. والأصعب في الأمر أن السلطة التنفيذية وحتى القضائية لم تتخذ إلى حينه أية إجراءات بحق المخالفين الذي ثبتت مُخالفتهم (مثل بيع السلع في السوبرماركات على سعر 14500 ليرة لبنانية بحسب وزارة الاقتصاد والتجارة). هؤلاء التجّار عملوا يدًا بيد مع بعض المهرّبين وأصبحت البضائع والسلع اللبنانية منتشرة في كل دول العالم على مثال العلف المدعوم والذي تمّ شراؤه من قبل تجّار لا يملكون مواشٍ وهرّبوا هذه السلع إلى سوريا، أو مثل بعض المزارعين الذين صرّحوا بأن لديهم قطيع ماعز مؤّلفا من 27 ألف رأس في حين أن الحقيقة هو مؤلّف من 27 ألف دجاجة، أو بعض تًجار الأدوية والمُستلزمات الطبية التي يتمّ تهريبها بشكل مؤسف، أو بعض تجّار المحروقات الذين تعمل صهاريجهم ليل نهار لنقل المحروقات إلى خارج لبنان!من هنا نرى أن رفع الدعم أصبح حتميًا ونقطة إنطلاقه بدء العمل بتعميم مصرف لبنان الذي سيصدر اليوم ويحوي على آلية سدّ قسم من ودائع اللبنانيين بالدولار الأميركي.
**********************************************************************
افتتاحية صحيفة الشرق
بري ينتظر الأجوبة:لا تراجع عن المبادرة
دعا عضو كتلة التنمية والتحرير النائب غازي زعيتر الى «تشكيل حكومة انطلاقا من مبادرة الرئيس بري»، قائلا «الاخير لم ولن يتراجع عن تشكيل الحكومة من خلال المبادرة التي أطلقها، وعمله متواصل ومستمر من أجل الوصول إلى نهايات سعيدة.
واشار الى «ان الرئيس بري، يعمل على الاستفادة من المناخات الايجابية واللقاءات التي تحصل»، مضيفا «المبادرة هي من أجل بناء لبنان الحديث، وهو بانتظار الاجوبة من أجل الوصول إلى تشكيل الحكومة».
كما اشار زعيتر الى ان «ضغوطات اقتصادية ومالية تُمارس على لبنان، من أجل تقديم تنازلات بهدف الوصول إلى تسوية مع العدو الصهيوني وفي حال قدمنا التنازلات تتدفق الأموال على لبنان ويتحسن الاقتصاد لكننا سنبقى متمسكين بتحرير الأرض وبثلاثية الجيش والشعب والمقاومة مع رفضنا لاي تنازلات وسنبقى العمود الفقري الحامي لأي مقاومة».
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :