افتتاحية صحيفة البناء :
المقداد: نرحِّب بالعائدين… سفارات ستفتح قريبا ً… وحماية روسيّة للناقلات الإيرانيّة بري يواصل مسعاه… وجلسة السبت ثبّتت تكليف الحريري وتلزمه بالتوافق مع عون / نصرالله يتحدّث غداً… و"القومي" يُحيي عيد المقاومة والتحرير عند بوابات فلسطين: خيار المقاومة ينتصر /
مع تجدّد اعتداءات المستوطنين على مسجد الأقصى واستمرار حصار الاحتلال لحي الشيخ جراح، تواصلت التظاهرات الحاشدة الداعمة للشعب الفلسطيني بالتدفق على مساحة العديد من عواصم العالم، بينما تجدّد إنذار المقاومة للاحتلال ما لم تتوقف الاعتداءات والانتهاكات، وبدأت التحرّكات الدبلوماسية الأميركيّة والمصريّة كوسيطين لوقف النار لمحاولة تفادي العودة الى جولة جديدة من الحرب، بينما بدأت الاستعدادات لمواكبة يوم الاستحقاق الرئاسي في سورية كمحطة هامة على مستوى أحداث المنطقة، في ضوء ما يرافقه من تطوّرات، تحدّث عنها وزير الخارجية السورية فيصل المقداد لقناة "الميادين"، مؤكداً أن سورية تفتح الأبواب لكل النازحين للعودة الى بلدهم، وخصوصاً لمن لم يتح له الانتخاب في أي سفارة من سفارات سورية في الخارج، مشيراً الى أن أياماً وأسابيع قليلة تفصلنا عن فتح عدد من السفارات العربية والغربية في دمشق ومقابلها فتح السفارات السورية في عواصم المنطقة والعالم، كعلامة على تثبيت نصر سورية، وتسليم العالم بهذا النصر رغم محاولات الإنكار والمكابرة، قائلاً لن يبق في سورية احتلال، كاشفاً عن تقدم في مواقف الحليفين الروسي والإيراني تجاوز الدعم العسكري والسياسي وعبّر عنه التعاون بينهما لتأمين حاجات سورية من النفط، تعويضاً عن تعرّض مواردها النفطية للسرقة من الاحتلالين الأميركي والتركي.
في هذا المناخ المحكوم بمتغيرات يزداد فيها وزن محور المقاومة، يتقدم المسار التفاوضي على الملف النووي الإيراني، وتتحدث المعلومات عن نقلة نوعيّة قد نشهدها قبل نهاية الشهر الحالي، فيما لبنان لا يزال يتخبط في أزمته الحكومية، فيما تحدثت مصادر على صلة بالملف الحكومي أن رئيس مجلس النواب نبيه بري سيواصل مسعاه التوافقي لتجاوز الأزمة الحكومية، على قاعدة التوصية النيابية التي بُنيت على معادلة تثبيت تكليف الرئيس سعد الحريري بتشكيل الحكومة، وإلزامه بالتعاون مع رئيس الجمهورية ميشال عون، وهو ما كان موضوع موافقة في كلام رئيس التيار الوطني الحر، وجاء كلام البطريرك الماروني بشارة الراعي تأكيداً واضحاً عليه لجهة دعوة الحريري لتقديم تشكيلة جديدة لرئيس الجمهورية طلباً للتوافق.
بانتظار مساعي رئيس المجلس النيابي يحتفل لبنان غداً بمناسبة مرور أحد وعشرين عاماً على تحرير الجنوب، ويطل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في الثامنة والنصف مساء غد، ليرسم معادلات جديدة في الصراع مع كيان الاحتلال في ضوء الوقائع الجديدة التي حملتها الحرب الأخيرة، وما كرّسته من حقائق وفتحته من مسارات، وتحدّثت مصادر متابعة لمواقف محور المقاومة عن تضمين كلمة السيد نصرالله الموقف الرسمي للمحور الذي يمثل نصرالله أبرز قادته وأكثرهم قرباً من ساحات الصراع، ويقود أقوى حركات المقاومة فيه.
في ذكرى التحرير أحيا الحزب السوري القومي الاجتماعي العيد بوقفة على بوابة فاطمة في منطقة كفركلا شاركت فيها قوى لبنانية وفلسطينية وتحدث خلالها رئيس الحزب وائل الحسنية مؤكداً انتصار المقاومة في لبنان وفلسطين وسورية.
أكد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي وائل الحسنية على وجوب تبني مبادرة الحزب القوميّ لقيام مجلس تعاون مشرقيّ، للتآزر والتعاون والتساند الاقتصادي بما يعزّز دورة الحياة الاقتصاديّة بين كيانات الأمة ويكسرُ الحصارَ المستهدِفَ كياناتنا.
وقال على المسؤولين في لبنان الإسراعُ بتشكيل حكومة لبنانيّة جامعة تواجه التحديات الاقتصادية وقادرة على اتخاذ قرارات إنقاذيّة مصيرية لإخراج لبنان من أزماته، حكومة تحمي منجزات المقاومة وثروات لبنان النفطيّة (ذهب لبنان الأسود).
وقال في كلمة ألقاها خلال إحياء "القومي" مناسبة 25 أيار، عيد المقاومة والتحرير، بوقفة حاشدة في بلدة كفركلا عند بوابة فلسطين المحتلة من جهة لبنان: انّ ما أُنجزَ من تحرير حتى الآن كان ثمرة نضال وجهاد، ومقاومة، وسواعد أبطال واستشهاديين بذلوا دماءهم الزكيّة لطرد الاحتلال، فتحيّة إلى سناء محيدلي ووجدي الصايغ وأحمد قصير وبلال فحص وكل الشهداء والاستشهاديين الذين رسموا الخطَ البيانيَّ لإنجاز التحرير وتحقيق الانتصار التحريرُ صنعه رجالُ ونساءُ أبناء هذه القرى الذين صمدوا وصبروا وجاهدوا وانتصروا.
وصون إنجاز التحرير بالحفاظ على ثلاثيّة الجيش والشعب والمقاومة تاجاً مرصّعاً على جبين لبنان. فلترسَّخ هذه الثلاثيّة ونحصنها بوجه كل المحاولات التي تستهدفها.
وأضاف رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي: الحرب على لبنان لم تنته بعد، ومخطط تهويد القدس وكل فلسطين لم يتوقّف بعد، واستهداف الشام ما زال قائماً، فها هو المحور المعادي يشنّ علينا حرباً من نوع آخر عبر الحصار الاقتصاديّ والماليّ وضرب البنى الاجتماعيّة، وهي حربٌ أشدّ فتكاً من الحرب العسكريّة لتداخل عواملها الداخليّة والإقليميّة والدوليّة.
وتابع الحسنية أن بعض العملاء الصغار في لبنان قطعوا الطرقات على الناخبين السوريين ومارسوا ضدهم اعتداءات عنصرية، واستعادوا لغة الكانتونات المغلقة التي كلّفت لبنانَ الكثير، لذا، على الدولة اللبنانية اعتقالُ قطاعِ الطرق وزجّهم في السجون، ومنعهم من تسميمِ العلاقات مع دولة يجمعها بلبنان علاقة أخوّة وتعاون وتنسيق.
وقال: منذ دخلَ الاحتلالُ الى فلسطين في عشرينياتِ القرن الماضي اشتعلتْ نار الثورة، ومنذ ذاك الوقت لم تهدأ ولن تهدأ قبل تحريرِ آخر حبّة ترابٍ من فلسطين، كل فلسطين. وأضاف بانتفاضة شعبنا التي انطلقت من حيّ الشيخ جراح وباب العامود وعمّت كل فلسطين وبالصمود والمقاومة تحوّل الاحتلال من عدو منتشٍ بغطرسته وعدوانه، إلى عدوّ يستجدي وقفَ النار. ومن عدوٍّ كان يحقّق المكاسبَ الى عدوّ لم يستطع أن يُنجزَ أي مكسب.
وكان مجموعة من عناصر حزب الله قاموا بعرض عسكري على الحدود في سهل مرجعيون مقابل مستوطنة المطلة الإسرائيلية، وذلك احتفالاً بعيد التحرير ونصر فلسطين.
وكانت اقتحمت مجموعة من الشبان الخط الحدوديّ بين لبنان والأراضي الفلسطينية باتجاه مزارع شبعا. وعمل الجيش اللبناني على إرجاعهم.
حكومياً، وفيما غادر الرئيس المكلف سعد الحريري بيروت الى الخارج لمتابعة اتصالاته السياسية، بعدما شارك في جلسة مناقشة رسالة رئيس الجمهورية في المجلس النيابي، علمت "البناء" من مصادر رئيس المجلس النيابي نبيه بري أن الأخير سيفعّل محرّكاته بعد عيد المقاومة والتحرير مع القوى المعنيّة من أجل الإسراع في تذليل العقد وتأليف حكومة، خاصة أنه سيلقي كلمة اليوم بمناسبة عيد المقاومة والتحرير سوف تتناول فضلاً عن أهمية المناسبة وما فرضته من معادلات جديدة، ملف الحكومة والوضع الاقتصادي والمالي، وسوف يتطرق أيضاً الى ما حصل في غزة في الأيام الماضية. ورأت المصادر ان الأهمية اليوم تكمن في مسارعة المعنيين إلى تأييد مبادرة الرئيس بري التي تحظى بدعم عربي واضح. ولفتت المصادر إلى أهمية الترفع عن المكابرة والمناكفات والعمل على نقطة سواء والالتقاء للخروج من الأزمة وتأليف حكومة مع الالتزام بالدستور.
وقالت مصادر كتلة المستقبل لـ "البناء" إن الملف الحكومي رهن تراجع رئيس الجمهورية وفريقه عن فرض الشروط وعرقلة التأليف وتعطيل البلد، مشيرة الى ان الرئيس المكلف سعد الحريري فند يوم السبت مخالفات بعبدا لمسار التأليف لأسباب واضحة للجميع، معتبرة أن هناك إجماعاً من قوى اساسية في البلد على ان ما يقوم به الرئيس عون والنائب جبران باسيل هو مَا يدفع نحو انهيار البلد، لافتة الى أن الرئيس المكلف لن يؤلف حكومة ترضي طموحات باسيل وكل ما يهمه اليوم تأليف حكومة تضع حداً للانهيار، وهو يواصل جولاته الخارجية في سبيل تأمين المساعدات للبنان بعد تأليف الحكومة، معتبرة ان محاولات البعض الانقلاب على الدستور فشلت. ورأت أن الحوار مطلوب، لكن ليس الحوار من أجل الحوار. فكل اللقاءات المالية والحوارات التي عُقدت في بعبدا باءت بالفشل فهي اقتصرت على إصدار البيانات.
وأكد النائب حسن فضل الله ان دعوة حزب الله واضحة للجميع بضرورة الاتفاق على تشكيل حكومة جديدة وفق الأصول، والتي تشكل مفتاحاً للحلول، وقال لقد قمنا بالكثير في هذا المجال، بل قمنا بكل ما نقتنع أنه يسهم في المعالجة، وتابع، قائلاً فلنضع السجالات والتحديات والاستفزازات جانباً، ونفتح النوافذ والتجاوب مع المساعي المبذولة أو التي ستبذل من قبل الحريصين، كي لا يضيع المزيد من الوقت على بلدنا.
وكانت خلصت الجلسة النيابية التي خصصت لمناقشة رسالة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، إلى إصدار موقف تلاه رئيس مجلس النواب نبيه بري حيث أكد ضرورة المضي قدماً وفق الاصول الدستورية من قبل رئيس الحكومة المكلف للوصول سريعاً الى تشكيل حكومة جديدة بالاتفاق مع رئيس الجمهورية". وكان الرئيس المكلف سعد الحريري أعلن خلال جلسة المجلس النيابي المنعقدة في قصر الأونيسكو لمناقشة رسالة رئيس الجمهورية ميشال عون، أنه "لن يشكل الحكومة كما يريدها فريق الرئيس ميشال عون، ولا كما يريدها أي فريق سياسي بعينه. لن أشكل الحكومة إلا كما يريدها وقف الانهيار ومنع الارتطام الكبير الذي يتهدد اللبنانيين في أكلهم وصحتهم وحياتهم ودولتهم".
وقال: "آخر حيلة خرقاء للوصول إلى الثلث المقنع، هي بالقول إنه لا يحق لرئيس الحكومة المسلم، ان يسمّي وزراء مسيحيين… لمن يقول هذا الكلام التافه، أجيب: إن هذا الرئيس للحكومة… اللبناني، اللبناني، اللبناني… لا يريد ان يسمي أي وزير مسيحي، ولا أي وزير مسلم".
وقال: "إن فريق الرئيس عون النيابي، اعلن بصراحة انه لن يعطي الحكومة الثقة. وهذا أمر جيد، لا بل مريح ومرحَّب به. ما على فخامة الرئيس اذن إلا الافراج عن التشكيلة، لتذهب الحكومة إلى المجلس النيابي، فإذا فشلت في نيل الثقة، يكون قد تحقق له ما يريد، وتخلّص من رئيس الحكومة، وأعطى المجلس النيابي الفرصة الوحيدة التي يتيحها الدستور لإلغاء مفاعيل تسمية رئيس مكلف بتشكيل الحكومة."
وتابع :"رئيس للجمهورية يصر على مخالفة الدستور بأن يحصر بشخصه منح الثقة للحكومة، بينما ينص الدستور على أن المجلس النيابي، علاوة على انه دون سواه مَن يختار الرئيس المكلف، هو الذي يمنح الثقة او يمنعها.
وكان رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل قد شنّ هجوماً على الرئيس المكلف حول أدائه في تأليف الحكومة واختيار الوزراء ليخلص الى القول: "الهدف من كلمتي ومن رسالة الرئيس ميشال عون ليس سحب التكليف من مجلس النواب لرئيس الحكومة المكلف، لأن هذه ليست الغاية، ولأن هذا تفسير وتعديل للدستور ومكانه ليس بهذه الجلسة، والأهم أنه لا توجد أكثرية نيابية ترغب بهذا الشيء".
وأكد أن "تأليف الحكومة له منهجية وسيخضع للميثاق، حيث لا يمكن لأحد إقصاء طائفة عن هذه العملية، ولا يمكن لطائفة احتكار تأليف الحكومة. وبمجرد أن رئيس الجمهورية لديه توقيع يضعه على مرسوم التكليف، بالتالي أي تفصيل في التأليف يخضع لموافقته، وهو ليس موثقاً لعملية تشكيل الحكومة ولا مصدراً لمرسومها".
وقال البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في عظة الاحد "لم يعد هناك مبرر لبقاء نحو مليون ونصف مليون نازح، ومنافستهم اللبنانيين في كل المناطق على لقمة العيش والعمل والتسبب بجزء من فلتان الأمن والجريمة. وفي هذا الإطار نطالب الدولة السورية أن تتفهم الوضع اللبناني وتفتح جدياً باب العودة الآمنة والكريمة لمواطنيها. ونطالب الدولة اللبنانية، بأن تتخذ الإجراءات العملية لتحقيق هذه العودة الآمنة سريعاً، فلا يكفي التصريح بذلك من دون تنفيذ خطة لإعادة النازحين. ونطالب منظمة الأمم المتحدة العمل على إدارة وجودهم في لبنان وإدارة إعادتهم إلى وطنهم سورية. نرغب حقاً بعيش الأخوة الإنسانية على أساس من العدالة والحقيقة والاحترام المتبادل والسلام في كل أبعاده".
حياتياً، يبدو أن أزمة المحروقات مستمرّة وستتجدّد مطلع الأسبوع، في ظل قرار شركات المحروقات عدم التسليم صباح اليوم، بسبب عدم فتح الاعتمادات في مصرف لبنان.
في هذه الأجواء، أكد ممثّل موزّعي المحروقات فادي أبو شقرا أننا تبلّغنا من بعض الشركات المستوردة أنه سيكون هناك اجتماع اليوم وهناك شركات لا تُسلّم البنزين والتقنين وصل إلى الـ50 في المئة، وهو ما ينعكس على المواطن.
وقال أبو شقرا "نحن متفائلون ونقوم باتّصالات عدّة حتّى نصل إلى الحلّ المطلوب والمواطن يعيش في قلق كبير"، وطمأن أبو شقرا سابقاً الى أن كميات مادة البنزين متوفرة لدى الشركات حسب الاتفاقيات والعقود.
وأعلن أبو شقرا أنه أجرى "اتصالات مع المعنيين في الدولة، ومع رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، وأكدوا جميعاً أن ليس هناك من رفع للدعم في الوقت الحاضر بدون خطة بديلة".
الى هذا، أوضحت المديرية العامة للنفط في بيان، أنها ستقوم بـ"تأمين حاجات السوق في الأسبوع المقبل، وفق روزنامة التسليم المعتمدة في المنشأتين، علماً بأن باخرة مازوت متوقع وصولها نهاية الأسبوع".
وطالب عضو نقابة أصحاب المحطات في لبنان مصرف لبنان بـ"الإسراع بفتح الاعتمادات وإعطاء الموافقات للبواخر الموجودة في عرض البحر، حتى يتم تأمين حاجات السوق المحلي من بنزين ومازوت"، مشيراً الى أن "مادة البنزين متوافرة في البواخر الموجودة في عرض البحر، لكن يجب الا يتأخر المصرف بفتح الاعتمادات، حتى لا يتكرر المشهد الذي شهدنهاه في الايام الماضية من تهافت المواطنين على محطات البنزين"، مطمئناً أن "لا رفع للدعم عن المحروقات
**********************************************************************
افتتاحية صحيفة الأخبار :
مشروع بطاقة الدعم إلى "المالية": لا مصادر تمويل | هل يستقيل التيار من مجلس النواب؟
أسبوع جديد يمر من دون تقدم في أي من الملفات المُلحة. لا الجلسة النيابية التي خصصت لمناقشة رسالة رئيس الجمهورية أسهمت في تفعيل مساعي تأليف الحكومة، ولا ملف الدعم وجد له سبيلاً إلى الحلول. وحده البطريرك بشارة الراعي حمل دعوة جديدة للرئيس سعد الحريري للتقدم بتشكيلة جديدة، وإلا فليتخذ موقفاً شجاعاً يتيح تأليف حكومة. لكن الراعي نفسه لم يستطع إلا أن يؤكد أنه ليس على مسافة واحدة من الجميع. هاله مشهد ما سمّاه "الاشتباك" بين القوات والنازحين السوريين، فحسم الموقف بتحميل النازحين العزّل مسؤولية ما تعرّضوا له من اعتداءات. حجته في ذلك أنهم مرّوا على طريق نهر الكلب!
لم يستطع مجلس النواب أن يعطي أكثر مما يملكه. وهو لذلك، اكتفى في جلسة السبت التي خصصت لمناقشة رسالة رئيس الجمهورية بشأن تأخر تأليف الحكومة بالحثّ على التأليف بأسرع وقت ممكن. بعد ذلك عاد النواب إلى منازلهم، كما عاد الناس إلى همومهم المعيشية اليومية، التي لم تستطع حكومة تصريف الأعمال تخفيفها أو تقديم ما يطمئن بشأنها. حتى ملف الدعم لم تتخذ قراراً بشأنه بالرغم من عشرات الاجتماعات. وبعدما أقفل الملف منذ أسابيع وتوقف اللجنة الوزارية المعنية عن الاجتماع، بسبب رفض كتل سياسية المس بالاحتياطي الإلزامي، عمدت رئاسة الحكومة أمس إلى رمي الكرة في ملعب وزارة المالية. فقد علمت "الأخبار" أن رئيس الحكومة حوّل مشروع القانون المتعلّق بالبطاقة التمويلية إلى وزير المالية غازي وزني، ليقترح مصادر تمويل البطاقة بعدما حسم أمر عدم تمويلها من الاحتياطي، علماً بأن وزني هو عضو في اللجنة الوزارية المخصصة لمناقشة ملف الدعم، ويفترض أنه كان حاضراً أثناء مناقشات الملف.
إلى ذلك، كان لافتاً أن كل ما يتعلق بترشيد الدعم قد سحب من المشروع على اعتبار أن ذلك لا يحتاج إلى قانون لإقراره، بل يتطلب إجراءات من مصرف لبنان، يتوقع أن يلجأ إليها بعد إقرار البطاقة.
في جهة أخرى، استكمل البطريرك الماروني بشارة الراعي، في عظة الأحد أمس، مفاجآته التي تثبت يوماً بعد يوم أنه طرف منحاز إلى التفرقة بين الناس بدلاً من التقريب بينهم؛ إذ لم يتردد في تبرير الاعتداء على النازحين السوريين أثناء انتقالهم إلى السفارة السورية للمشاركة في الانتخابات الرئاسية. ولم يخجل الراعي من تحميل المسؤولية للسوريين لمجرد أنهم مرّوا على طريق نهر الكلب، معتبراً أن "سبب الإشكال هو الاستفزاز لمشاعر اللبنانيين في منطقة تعج بشهداء سقطوا في المعارك مع الجيش السوري، وفيما لا يزال ملف المعتقلين في السجون السورية عالقاً".
أما في الملف الحكومي، فلمّح الراعي إلى وجوب اعتذار الرئيس سعد الحريري في حال لم يتمكن من التأليف. فقد دعا الرئيس المكلف "إلى المبادرة، نعم إلى المبادرة، وتقديم تشكيلة محدّثة إلى فخامة رئيس الجمهورية في أسرع وقت، والاتفاق معه على الهيكلية والحقائب والأسماء على أساس من معايير حكومة من اختصاصيين غير حزبيين لا يهيمن أي فريق عليها. وإذا لم يتفقا في ما بينهما، فليستخلصا العبر ويتخذا الموقف الشجاع الذي يتيح عملية تأليف جديدة".
وفي السياق نفسه، طرحت الجلسة النيابية التي عقدت السبت مجموعة من الأسئلة المتعلقة بالخطوة المقبلة التي يمكن أن يقدم عليها التيار الوطني الحر بعدما لم تحقق الرسالة الرئاسية هدف تحريك المياه الراكدة حكومياً.
وفي التفاصيل، منذُ تلاوة رسالة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى مجلس النواب يومَ الجمعة الماضي، والتي حملَت طلباً ضمنياً بسحب التكليف من الرئيس سعد الحريري، تكثّفت الاتصالات بينَ القوى السياسية بإدارة من الرئيس نبيه برّي. اتصالات هدفَت - في الظاهر - إلى تبريد الجبهات وقطع الطريق على أي مشاحنة طائفية - سياسية تؤدي بالبلاد إلى مرحلة أكثر تشرذماً. غيرَ أن ما حصل في اليوم التالي (جلسة يوم السبت) جعل رئيس الجمهورية والتيار الوطنيّ الحرّ يشعران بأنهما "خُدعا"، خاصّة أن النائب جبران باسيل ألقى "خطاباً هادئاً"، بينما "فلت" الحريري في وجههما على عكس ما كانَ متفقاً عليه. وهذا ما سيدفع بهما، على ما تقول مصادر مطلعة "إلى المضيّ قدماً واتخاذ خطوات أخرى قد تفاجئ الجميع".
قبل انعقاد الجلسة الأولى، تحرّك الرئيس برّي لضمان عدم تدهور الأمور لغير صالح الحريري، حتى إنه استمر في محاولاته جمع الأخير مع باسيل معاً لحثّهما على تسريع التأليف، لكن الرئيس المكلف تهّرب من الأمر. وبينما تداولت معلومات عن أن حزب الله "تولّى الأمور مع رئيس تكتل لبنان القوي"، أوفد بري الى رئيس الحزب الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، النائب علي حسن خليل للتنسيق معه حول الموقف، ولا سيما مع وجود شعور بأن جنبلاط يميل الى سحب التكليف "وهو ما لم يكن وارد عنده" بحسب مصادره. حتى إن برّي طلب من الحريري الاتصال بجنبلاط بعدَ ذلك، وقد فعل ذلك "لتقديم الشكر له على موقف كتلته في الجلسة".
إلا أن الموقف الذي تبنّاه المجلس في ختام جلسة المناقشة وجدد فيه الثقة بتكليف الحريري، إذ ربطَ "أي موقف يطال التكليف وحدوده بأنه يتطلب تعديلاً دستورياً لسنا الآن في صدده"، إضافة إلى كلمة الحريري التي شنّ فيها هجوماً على عون وباسيل، حاسماً أنه لن يؤلف حكومة كما يريدها رئيس الجمهورية أو أي طرف آخر، فاجأ التيار الوطني الحر الذي قالت مصادره النيابية إن "ما حصل في الجلسة جاءَ مخالفاً للاتصالات التي جرت"، وهناك "من تقصّد أن يظهر الحريري هو الرابح في هذه الجولة، أولاً من خلال رفع سقف موقفه، وثانياً تكتل الجميع معه في مجلس النواب وإسقاط محاولة رئيس الجمهورية حثّه على التأليف، وهو ما عكسته كلمة باسيل في الجلسة".
وفي هذا السياق، قالت مصادر مطلعة إن علامات الاستفهام التي تركتها الجلسة تتمحور حول الخطوة المقبلة التي سيقوم بها عون أو باسيل، خصوصاً أن الاثنين معاً لم يستسيغا أبداً ما حصل، ويعتبران أنهما "تعرّضا لخديعة". وأشارت المصادر إلى أن "عون كانَ يعلم بأن رسالته غير دستورية وأنها لم تكُن لتؤدي الى مكان"، وبالتالي فإنها "تأتي كخطوة من ضمن خطوات لاحقة يجري البحث فيها". ولفتت المصادر إلى أن "عون وباسيل قد يذهبان الى خطوات قد تفاجئ الجميع، إذ تأكد أن الحريري فعلاً لا يريد أن يؤلف حكومة وهو محكوم بضوابط خارجية لا تسمح له باتخاذ أي خطوة". وفيما لم تفصح المصادر عن نوع الخطوات التي ستتخذ لاحقاً، لفتت الى أن "كل شيء وارد، حتى الاستقالة من مجلس النواب رداً على التعطيل وعدم تحمّل أي من الأطراف مسؤوليته". غير أن أوساط سياسية استبعدت مثل هذا الإجراء، ولا سيما أن هذا المطلب يمكن أن يدفع آخرين الى استغلال الفرصة للاستقالة من مجلس النواب، كالقوات اللبنانية التي تطالب بانتخابات نيابية مبكرة، وخاصة أن استقالة أكبر كتلتين مسيحيتين من المجلس ستفقده ميثاقيته".
************************************************************************
افتتاحية صحيفة النهار
الأزمة في مرمى بعبدا بعد الصدمة الحريرية
منذ بدء “حربها” المعلنة والمضمرة على تكليف الرئيس #سعد الحريري تشكيل الحكومة الجديدة قبل سبعة اشهر، نادراً ما صمتت بعبدا على غرار ما فعلت في الساعات الثماني والأربعين الأخيرة التي أعقبت صدمة الدفاع الهجومي الذي انبرى له الرئيس الحريري في رده على رسالة رئيس الجمهورية #ميشال عون في جلسة #مجلس النواب السبت الفائت. ولم يكن هذا الصمت دليل تسليم بالنكسة الكبيرة التي منيت بها الرئاسة الأولى وفريقها الاستشاري والسياسي في آن معاً فحسب على الأرجح، بل بدا بمثابة إعداد لخطوة الرد الآتية، لان المناخ لا يوحي بإمكان استيعاب ما احدثه رد الحريري من دوي واسع وهائل بما يتعين معه ترقب الساعات المقبلة بدقة وانشداد. والحال ان الصراع على الملف الحكومي بدا منذ اللحظة التي فرغ فيها الرئيس الحريري من تلاوة كلمته العاصفة بفتح ملف العهد العوني وما قبله سيرة الرئيس عون التعطيلية وباعه الطويل في تعطيل تشكيل الحكومات ومن ثم تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية، وكأنه دخل مرحلة محدّثة جدا من التصعيد والتوتر المفتوح على كل الاحتمالات، ولو ان ما اعقب الجلسة من لقاءات واتصالات اجراها رئيس مجلس النواب #نبيه بري ومعاونه النائب علي حسن خليل اوحت بتحرك جديد يهدف الى التوسط مجدداً بين بعبدا وبيت الوسط. غير ان المعطيات التي سادت المشهد السياسي غداة الجلسة النيابية لمناقشة رسالة عون الى المجلس، بدت شديدة التأزم والتعقيد والغموض، بل منذرة بمرحلة مختلفة من التصعيد المفتوح على مزيد من التداعيات المتفجرة سياسياً خصوصاً بعدما انكشفت الجلسة عن خسارة معنوية ثقيلة للعهد، يتعين عليه معها مراجعة متأنية لعملية تورطه او توريطه في حسابات خاطئة تماما جراء تشبثه بإرسال الرسالة الى مجلس النواب فيما أفقها #الدستوري والسياسي مقفل أساساً. ويفترض ان تتسع المراجعة لتلحظ ان معظم الكتل النيابية الأساسية على جانبي الازمة الحكومية ومن بينها “التنمية والتحرير” و”الوفاء للمقاومة” واللقاء الديموقراطي”، أيدت وتبنت مبدأ التوافق بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، بما يعني استمرار التمسك بتكليف الحريري، وجاءت صياغة القرار الذي صدر عن الجلسة لتتوج هذا الاتجاه وتقول “بالعربي الواضح”، ممنوع المغامرة بأي اتجاه نحو تعديل دستوري سيكون بمثابة لعب بنار الاستقرار. لذا باتت الكرة في الكامل في ملعب العهد ولو ان أصواتاً مؤثرة بدأت تطالب الحريري، بعدما فاجأ كثيرين برده الشامل والحاد والحاسم، بان يقدم على مبادرة جديدة لتحديث تشكيلته، ولكن لا يبدو سهلاً توقع تطور كهذا اقله في المدى المنظور.
إذن ستكون الأزمة امام منقلب جديد، الا في حال بروز مفاجأت غير محسوبة من أي من الافرقاء المعنيين بالازمة، علما ان الساعات الثماني والأربعين المقبلة قد تحمل مواقف جديدة من الازمة على هامش احياء مناسبة عيد التحرير غدا، والتي يتوقع ان يكون للمسؤولين وبعض القادة السياسيين اليوم وغدا كلمات فيها ومن بينهم الرئيس نبيه بري والأمين العام لـ”#حزب الله “ السيد حسن نصرالله.
ولعل أهمية الجلسة النيابية تمثلت في انها انتهت الى اصدار الموقف الذي استند فيه المجلس الى النص الدستوري حول اصول تكليف رئيس لتشكيل الحكومة وطريقة التشكيل وفق المادة 53 من الدستور لافتاً الى انه “لما لم يرد اي نص دستوري اخر حول مسار هذا التكليف واتخاذ موقف منه وبما ان رئيس الجمهورية قد قام باستشارات ملزمة وفق ما ورد وبعد اطلاعه رئيس مجلس النواب اتت نتيجتها تكليف الرئيس سعد الحريري بتشكيل الحكومة. وباعتبار ان اي موقف يطال هذا التكليف وحدوده يتطلب تعديلا دستوريا ولسنا بصدده اليوم… ولحرص المجلس على عدم الدخول في ازمات ميثاقية ودستورية جديدة وحرصا على الاستقرار في مرحلة معقدة وخطيرة اقتصاديا وماليا واجتماعيا… يؤكد المجلس ضرورة المضي قدماً وفق الاصول الدستورية من قبل رئيس الحكومة المكلف للوصول سريعاً الى تشكيل حكومة جديدة بالاتفاق مع رئيس الجمهورية”.
رد الحريري
واما ابرز ما تناوله الحريري في رده فكان اعتباره ان رئيس الجمهورية يقول في رسالته الى مجلس النواب “أنتم سمّيتم رئيساً للحكومة أنا لا أريده ولا أسمح له بالتشكيل فتفضّلوا خلصوني منه”. وحمل بعنف على المسار التعطيلي للعهد قائلا “نحن أمام رئيس للجمهورية يريد منا تعديل الدستور وإذا لم نفعل يريد تغيير الدستور بالممارسة من دون تعديل وبانتظار أن يكون له ما يريد يُعطّل الدستور والحياة السياسية في البلد والأخطر من ذلك يُعطّل أي أمل أمام اللبنانيين بوقف الانهيار المريع. علينا أن نعترف أن فخامة الرئيس يمتلك تجربة كبيرة، لا بل باعا طويلا في التعطيل”. واكد الحريري “ان الفريق الرئاسي يسعى الى الحصول على الثلث المعطل ليتمكن من اسقاط الحكومة متى يشاء”. واعلن جازما: “لن اشكل الحكومة كما يريدها فريق فخامة الرئيس، ولا كما يريدها اي فريق سياسي بعينه، لن اشكل الحكومة إلا كما يريدها وقف الانهيار ومنع الارتطام الكبير الذي يتهدد اللبنانيين في أكلهم وصحتهم وحياتهم ودولتهم. وختم الحريري: لن أستجيب للعنعنات الطائفية ولستُ مستعدّاً لأكون شريكاً في أي إخلال في التوازن الدستوري ولا في الاتزان الوطني ولن أسهم في تسهيل المشاريع العدمية “.
اما رئيس “تكتل لبنان القوي” #جبران باسيل فدافع بقوة عن رسالة الرئيس عون وكرر معظم المواقف التي وردت فيها واعلن تكرارا أن “الهدف هو حث الحريري على التشكيل ولا شيء آخر والهدف من كلمتي ومن رسالة الرئيس ميشال عون ليس سحب التكليف من مجلس النواب لرئيس الحكومة المكلف، لأن هذه ليست الغاية، ولأن هذا تفسير وتعديل للدستور ومكانه ليس بهذة الجلسة، والأهم أنه لا يوجد أكثرية نيابية ترغب به”. ومع ذلك عاد باسيل وطالب رئيس المجلس بطرح اقتراح التعديل الدستوري الذي قدمه تكتل لبنان القوي لتحديد مهل لتشكيل الحكومات.
#الراعي وعودة #النازحين
وبدا لافتا في الاصداء التي تركتها الجلسة ان البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي سارع امس الى دعوة الرئيس المكلف مباشرة “إلى المبادرة وتقديم تشكيلة محدثة إلى رئيس الجمهورية في أسرع وقت، والاتفاق معه على الهيكلية والحقائب والأسماء على أساس من معايير حكومة من اختصاصيين غير حزبيين لا يهيمن أي فريق عليها”.
اما الجانب الأبرز في موقف البطريرك الراعي فتمثل في مبادرته امس الى الدعوة الى عودة النازحين السوريين الى بلادهم منطلقا مما حصل أخيرا على أوتوستراد نهر الكلب بين عدد من اللبنانيين والنازحين السوريين المتوجهين إلى صناديق الاقتراع الرئاسي “وسببه الاستفزاز لمشاعر اللبنانيين في منطقة تعج بشهداء سقطوا في المعارك مع الجيش السوري، وفيما لا يزال ملف المعتقلين في السجون السورية مجهولا” . واعلن انه “ليس مقبولا أن يبقى النازحون السوريون هنا بانتظار الحل السياسي الناجز للأزمة السورية. فكما رفضنا ربط أمن لبنان بحرب سوريا، نرفض اليوم ربط مصير لبنان بالحل السياسي فيها. لسنا بلد انتظار نهاية صراعات المنطقة. فلا المنطق ولا تركيبة لبنان التعددية يسمحان بذلك. بقدر ما كان واجب لبنان احتضان النازحين السوريين أثناء الحرب، بات واجب النازحين اليوم أن يعودوا إلى بلادهم، وقد انحسرت الحرب وتوسعت المناطق الآمنة وصاروا مواطنين سوريين عاديين لا نازحين. هذا واجبهم لا تجاه لبنان فقط، بل تجاه وطنهم سوريا أساسا التي تحتاج إلى أبنائها ليعيدوا بناءها ويحافظوا على هويتها الوطنية والعربية”.
عرض للجريمة !
في غضون ذلك بدا مستهجنا للغاية ان تتفرج وزارة الداخلية والسلطات الأمنية والسياسية على احد اجنحة #الحزب السوري القومي الاجتماعي يقوم بعرض ميليشيوي في شارع الحمراء ويرفع خلاله الهتافات السافرة الممجدة لجريمة اغتيال الرئيس بشير الجميل والمحرضة على اغتيال رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع . اذا ان العراضة التي نظمها هذا الجناح في الحمراء تحت ستار احياء ذكرى التحرير في الجنوب تحولت الى استفزاز سافر وإطلاق الهتافات ورفع اللافتات الداعية الى قتل جعجع. واثارت العراضة ردود فعل مستهجنة واسعة من من بينها للنائب جبران باسيل ونواب في كتلة المستقبل ناهيك عن حزبي القوات والكتائب ونواب مستقلين في حين ردت القوات اللبنانية بعنف على هذه العراضة التي رفعت فيها لافتات وهتافات تقول “طار رأسك يا بشير جايي دورك يا سمير” ولفتت الى “تباهي هذا الحزب بإرهابه وطبيعته الاجرامية” مطالبة السلطات المعنية بسحب ترخيصه ووقف الاعتراف بوجوده وذكرت “الحزب وأسياده ومشغليه وبعض أجهزة المخابرات العربية التي يعمل لديها بمحاولاتهم مرات عدة اغتيال الدكتور جعجع باءت كلها بالفشل “ وأعلنت انها ستتقدم بدعوى امام المراجع المختصة على المسؤولين عن احتفال الامس وكل من تثبت مشاركته في المجاهرة بالقتل والدعوة الى القتل. وتبين ان وزير الداخلية رخص للتظاهرة رغم معارضة محافظ بيروت للترخيص لها .
***********************************************************************
افتتاحية صحيفة نداء الوطن
السلك الديبلوماسي “ينهار”: شغور واستدعاءات ومعاشات من الـ”Petty cash”
بكركي: لتحديث “التشكيلة” وجلاء “النازحين”
إنقضت مسرحية “الأونيسكو”، بعرضَيْ التلاوة والمناقشة، على “ضحكات صفراوية” من رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، تقصّد افتعالها أمام عدسات الكاميرات لتورية خيبة أمله بعدما أعطت رسالة رئيس الجمهورية ميشال عون مفاعيل عكسية أعادت تثبيت مقبض التكليف في يد الحريري. وإذا كان الرئيس المكلف ردّ الصاع صاعين لعون وباسيل بموقف عالي النبرة والسقف لم يخلُ من عبارات جارحة بلغت حد وصف مضمون المنهجية العونية في مقاربة تسمية الوزراء بـ”الكلام التافه” و”الحيل الخرقاء”، فإنّ ما جاء في خلاصة “نصيحته” لعون بالإقلاع عن “محاربة طواحين الهواء” من تأكيد على أنّ “لبنان يستحق محاولة جديدة”، اختزن في طياته مؤشراً واضحاً إلى اعتزام الرئيس المكلف إعادة الوصل مع بعبدا واستئناف جولة محاولاته مع رئيس الجمهورية للتوصل إلى تصوّر حكومي مشترك معه… وهو ما طالب به صراحةً أمس البطريرك الماروني بشارة الراعي، متوجهاً بالمباشر إلى الحريري بدعوته إلى “تقديم تشكيلة محدّثة من الاختصاصيين غير الحزبيين بأسرع وقت” إلى عون، والاتفاق معه “على الهيكلية والحقائب والأسماء”.
غير أنه، وإلى أهمية الشق الحكومي في عظة بكركي، برزت كذلك رسالة لا تقل أهمية في جوهر موقف الراعي حيال مجريات الأحداث الاستفزازية التي استهدفت “منطقة تعج بشهداء سقطوا في المعارك مع الجيش السوري”، يوم الاقتراع للرئيس السوري بشار الأسد، مشدداً إزاء ما حصل من إشكالات افتعلتها قوافل “النازحين” الموالين للأسد، على ضرورة جلائهم عن لبنان وإعادتهم إلى وطنهم، لا سيما وأنّ “الحرب انحسرت في سوريا وتوسعت المناطق الآمنة وصاروا مواطنين سوريين عاديين لا نازحين”.
وعلى هذا الأساس، أعرب الراعي عن “رفض ربط مصير لبنان بالحل السياسي في سوريا”، مطالباً من جهة “الدولة السورية بأن تفتح جدياً باب العودة الآمنة والكريمة لمواطنيها”، والدولة اللبنانية من جهة موازية بأن تقلع عن مجرد “التصريح من دون تنفيذ خطة لإعادة النازحين”، والمبادرة إلى اتخاذ “الإجراءات العملية لتحقيق هذه العودة الآمنة سريعاً”، مع التشديد في الوقت عينه على وجوب أن تعمل “منظمة الأمم المتحدة على إدارة وجودهم في لبنان وإدارة إعادتهم إلى وطنهم”.
وفي الغضون، تواصل تفليسة الطبقة الحاكمة تمدّدها في بنية الدولة ومؤسساتها، ويواصل “الهريان” تشعباته في أكثر من اتجاه وعلى أكثر من مستوى داخلي وخارجي وصولاً إلى السلك الديبلوماسي الذي وصل حافة “الانهيار”، حسبما حذرت مصادره عبر “نداء الوطن”، واصفةً ما يعانيه السلك من تصدعات متزايدة بـ”الكارثة الديبلوماسية على لبنان”.
ونقلت المصادر أنّ أجواء بلبلة عارمة تسود أوساط العاملين في السلك في الخارج وسط ارتفاع نسبة “الشغور في مواقع السفراء والعجز المالي الخانق في العديد من السفارات حول العالم، والاتجاه الأكيد نحو إعداد وزارة الخارجية سلة استدعاءات كبيرة منهم إلى بيروت جراء انعدام القدرة على تحمل تكاليفهم التشغيلية بالعملة الصعبة”، موضحةً رداً على ما تردد عن مبادرة وزيرة الخارجية والمغتربين بالوكالة في حكومة تصريف الأعمال زينة عكر، إلى استدعاء ما نسبته 40% من الموظفين الديبلوماسيين في الخارج للعودة والالتحاق بالوزارة في لبنان، أنّ قراراً كهذا “لم يصدر بعد لكنه قرار حتمي لا مفرّ منه في نهاية المطاف بعد عقد اجتماعات لهذه الغاية بين الوزيرة وأركان الوزارة، في سبيل بلورة تصوّر نهائي حيال مسألة الاستدعاءات ليصار بعدها إلى رفعه إلى مجلس الوزراء، خصوصاً وأنّ الموضوع قد يشمل قرارات تقضي بإقفال سفارات في بعض العواصم واللجوء إلى تقليص حجم الممثليات اللبنانية حول العالم، عبر الاعتماد على سبيل المثال على خيار إقامة سفارة واحدة في دولة محددة تتولى تأمين خدمات للمغتربين في أكثر من دولة محيطة بها”.
وإلى كرة الشغور المتدحرجة بين السفارات، حيث لا يوجد سفير أصيل في العديد من العواصم والدول، كواشنطن والكويت والدوحة وعمّان وسيراليون وأندونيسيا، فضلاً عن ارتفاع أعداد السفراء الذين تجاوزوا مدة تكليفهم وبات لزاماً عليهم العودة إلى بيروت، سردت المصادر “نماذج مؤسفة عن الحالة المأسوية التي يعاني منها السلك الديبلوماسي في الخارج”، كاشفةً أنه في بعض المقرات الديبلوماسية اللبنانية اضطر القيّمون على السفارة أحياناً إلى صرف المعاشات من الـ”petty cash” نظراً للعجز الحاصل في ميزانيتها، بينما أصبح عدد آخر من السفارات يتّكل على تبرعات من أبناء الجالية لصندوق السفارة أو ما يُعرف باسم “بيت السفير”، لتأمين استمرارية عمل السفارة والحؤول دون إيقاف خدماتها”، مع الإشارة إلى أنّ “نسبة كبيرة من مقرات السفارات اللبنانية هي مقرات مستأجرة ولا يمكن التخلف عن سداد بدل الإيجار لمالكيها بالعملة الصعبة”.
**************************************************************************
افتتاحية صحيفة الجمهورية
بعد الرسالة الرئاسية: تعويل على حركة بري ووساطة الراعي
كان الأسبوع المنصرم حافلاً بالأحداث الساخنة بدءاً من مقابلة وزير الخارجية المتنحّي شربل وهبي التي أثارت عاصفة سياسية لم تهدأ سوى بعد اعتذاره وتنحيه واستبداله، وصولاً إلى الجلسة النيابية بشقيها لتلاوة رسالة رئيس الجمهورية ميشال عون ومناقشتها، وما سبقها من مخاوف إن انقسامية طائفياً او فتحاً لباب النقاش في تعديل الدستور، ولكن الاسبوع الصاخب عاد وانتهى الى سلام، إنما من دون ان تفتح جلسة مجلس النواب لمناقشة الرسالة الرئاسية باب الحلول الحكومية، وعادت الأمور في ملف التأليف الحكومي إلى ما كانت عليه قبل هذه الرسالة.
أبرزت خلاصات الأسبوع المنصرم الصاخب ان الأوضاع في لبنان تحت السيطرة، وان «الدنيا بتهزّ بس ما بتوقع»، وأن أحدا ليس من مصلحته ان تذهب الأوضاع أبعد من ذلك، وان سقف الخلاف سيبقى محوره الحكومة من دون ان يتطور إلى انقسام طائفي ولا إلى المجاهرة بتعديل دستوري، ولكن الفراغ في حد ذاته ليس مسألة تفصيلية في اعتبار انّ استمراره يُبقي كل عوامل الانقسام قائمة في ظل التخوف من تطور هذا الانقسام، فضلاً عن استمرار التدهور المالي، الأمر الذي لا يمكن وضع حد له سوى عن طريق تأليف حكومة وفي أسرع وقت.
ولكن لا يبدو حتى الساعة انّ احتمال تشكيل الحكومة متاحا وممكنا، حيث ان جولة «جلسة الرسالة» انتهت إلى التعادل السلبي نفسه، بل زادت الأمور تعقيدا، ودلّت الى ان لا رئيس الجمهورية في وارد التنازل والتراجع وتدوير الزوايا وملاقاة رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري في وسط الطريق، ولا الأخير في وارد التراجع أيضا، بل هو رافض أي مراجعة للتشكيلة التي قدّمها لرئيس الجمهورية، ومتمسك بأن يحيلها الأخير إلى مجلس النواب ليمنحها الثقة او يحجبها عنها، ما يرفضه عون جملة وتفصيلاً، وبالتالي يعني الدوران في حلقة الفراغ نفسها.
وعلى رغم الكلام عن مساعٍ يقودها رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يصرّ على عدم إقفال باب الإيجابيات من أجل إبقاء الأمل لدى الناس في مرحلة شديدة الخطورة ماليا واقتصاديا، وإبقاء باب الأمل يشكل ترييحا للأسواق التي لم تشهد وضعا كارثيا كالذي تشهده البلاد منذ عامين إلى اليوم كحد أدنى، إلا انه من الصعوبة بمكان ان تحقق مساعي بري النتائج المرجوة في ظلّ الخلاف المستحكم بين الرئيسين، وغياب المساحات المشتركة بينهما والتي وحدها يمكن ان توصل الى الحل المنشود، فضلاً عن ان وجود انطباع وكأن المبادرات الخارجية تفرملت بعدما وجدت استحالة في كسر حالة الفراغ والتقريب بين الرئيسين.
في عين التينة
وفي عين التينة ساد ارتياح الى جلسة مناقشة رسالة رئيس الجمهورية الى مجلس النواب، حيث نقل قريبون من بري عنه ارتياحه الى المسار الذي اتخذته وبقائها تحت السيطرة بعدما كانت هناك خشية من تفجرها وتحولها ساحة اشتباك سياسي – شخصي بين الحريري وفريقه ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل وفريقه.
واشارت اوساط نيابية مطلعة الى انّ الجلسة «كانت منضبطة ومَمسوكة» على رغم من التوتر الذي سبقها، معتبرة ان الطريقة التي أدارها بري بها «كانت ناجحة وحكيمة».
ورفضت الاوساط ما ذهب اليه البعض في استنتاجاتهم من ان الجلسة أفضت إلى إعادة تثبيت تكليف الحريري، لافتة إلى ان الدستور لا يلحظ سحب التكليف وبالتالي هو لا يلحظ تثبيته مجدداً، وكل تأويل في اي من الاتجاهين ليس في محله.
وافادت الاوساط أن باسيل أبلغ إلى بري خلال لقائهما في كواليس الجلسة انه يمكن أن تكون له مساهمة أساسية في معالجة المأزق الحكومي، موضحة ان بري سيحاول ان ينطلق من مكان ما لإعادة تفعيل مساعي الحلحلة، «مع العلم أنّ كلمة باسيل في المجلس بَدت مقبولة وربما في الامكان ان يبنى عليها لإحداث خرق إيجابي».
ودعت الأوساط الى التوقف عند دلالات عظة البطريرك الماروني بشارة الراعي، أمس، معتبرة انها «توحي بأنه أصبح أقرب إلى الوقوف في الوسط بين عون والحريري بعدما كان يبدو أكثر اقتناعاً من قبل برواية الحريري لأسباب التأخير في تشكيل الحكومة».
من الأونيسكو إلى ابو ظبي
وفي الوقت الذي راهن المراقبون على نتائج الاتصالات التي قادها بري للخروج من جلسة مناقشة رسالة رئيس الجمهورية الى مجلس النواب بأقل الخسائر الممكنة، فوجئت المراجع المعنية بتوجّه الحريري من جلسة الاونيسكو الى المطار حيث غادر عائداً الى ابو ظبي في زيارة غير معلن عنها ولا عن برنامجها أو الغاية منها.
وقالت مصادر مطلعة لـ»الجمهورية» انّ «سفر الحريري او بقاءه في بيروت سيّان، فهو على تواصل مع مختلف الاطراف اللبنانيين، وانّ اي إنجاز يمكن تحقيقه ولا يصبّ في إحياء الاتصالات واللقاءات المقطوعة بينه وبين رئيس الجمهورية لا طعم له ولا لون على الإطلاق».
وعليه، تراهن المصادر على اصرار بري على استكمال اتصالاته التي كثفها في الأيام القليلة الماضية من أجل ترتيب العلاقات مجددا بين عون والحريري، من دون المرور بأي مشروع يؤدي الى لقاء تمهيدي بين الحريري ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل.
ولفتت المصادر الى ان بكركي موجودة على خط الأزمة مجدداً، وهي ستواصل تحركاتها واتصالاتها في أكثر من اتجاه خصوصا في ضوء المبادرة الجديدة التي طرحها البطريرك مار بشارة بطرس الراعي في عظة الاحد امس، والتي دعا فيها الحريري الى إعداد مشروع تشكيلة حكومية «مُستحدثة» تنطلق من تشكيلة التاسع من كانون الأول الماضي، والتي يمكن ان تشكل اساساً في شكلها ومضمونها وما حَوته من اسماء مستقلة ومن أصحاب الاختصاص.
رصد اتصالات
وعليه، دعت مصادر متابعة للاتصالات عبر «الجمهورية» الى ترقّب ما يمكن ان تحمله الايام المقبلة من تطورات للتخفيف من حال التشنج التي أعقبت جلسة السبت النيابية، خصوصاً على مستوى تهديد بعض نواب «التيار الوطني الحر» بإمكان التوجه الى استقالة نيابية جماعية في وقت قريب ما لم يتجاوب الحريري مع دعوة رئيس الجمهورية الى تشكيل الحكومة الجديدة بالتنسيق معه.
بعبدا ترحّب
وفي هذه الاجواء، لم تشأ مصادر قريبة من قصر بعبدا تقديم اي قراءة لما شهدته جلسة السبت النيابية سوى أنها أكدت عبر «الجمهورية» ارتياحها الى ما أنتجته الجلسة من دعوة للرئيس المكلف الى تشكيل الحكومة بالتعاون مع رئيس الجمهورية، وهو أمر قصده رئيس الجمهورية من هذه الرسالة، وانّ اي تفسير آخر يستند إلى «محاكمة نيات» غير موجودة سوى في أذهان من يتجه الى زرع العراقيل أمام العهد للحؤول دون تأليف الحكومة التي ينتظرها اللبنانيون ومعهم المجتمع الدولي للتوجّه الى مرحلة جديدة.
شغور في بيت الوسط
وفي «بيت الوسط» الذي بقي شاغراً خلال عطلة نهاية الاسبوع بعدما غابت عنه الحركة نتيجة سفر سيّده الى دولة الإمارات العربية المتحدة منذ السبت الماضي، أجرت مصادر مطلعة قراءة للجلسة فقالت لـ»الجمهورية» ان كلمة الرئيس المكلف امام النواب شكلت «قراءة موضوعية وجريئة لما يجري في كواليس المهمة التي كلف بها من اجل تشكيل حكومة إنقاذ، فلا تكون مطية لأحد يمكنه التمترس وراء موقف او محطة سابقة لتعطيلها في اي لحظة، وهي عملية لا تؤدي الى اعادة لبنان الى موقعه الطبيعي بين مجموعة الدول العربية وإحياء الثقة المفقودة من جانب الدول المانحة الاوروبية منها والخليجية ومجموعة الدعم من اجل لبنان».
رفض الدروس الدستورية
وقالت المصادر ان الحريري كان واضحاً في تحديده لشكل الحكومة التي يتحمل من خلالها مسؤولية إدارة البلاد، وخصوصاً في هذه المرحلة بالذات. ورفضت ما سمّته «مجموعة الدروس الدستورية» التي قدمها باسيل، وسألت عن المراجع الدستورية التي استند اليها باسيل في محاولة لتحوير مهمة الرئيس المكلف كما بالنسبة الى مهمة الحكومة وطريقة تشكيلها.
وانتهت المصادر الى التأكيد «انّ المقارنة بين كلمتي الحريري وباسيل لا تجوز، فالحريري قصدَ تناول مضمون الرسالة الرئاسية وشكلها وتوقيتها وان مواعظ باسيل لا مكان لها، وهو لم يشأ الرد عليها لانتفاء دوره في عملية التاأيف. وإن قصد البعض القول انّ باسيل كان مكلفاً من رئيس الجمهورية لتفسير الرسالة فقد جاءت مداخلته متأخرة وفي توقيت خاطىء. كما أنها جاءت بما حوَته «قراءة من خارج النص» الذي حملته الرسالة الرئاسية.
«القوات»
وفي هذا السياق، أكدت مصادر «القوات اللبنانية» لـ»الجمهورية» ان عدم تصويت تكتل «الجمهورية القوية» على توصية بري لا علاقة له بموقف أي فريق سياسي آخر من التصويت أو عدمه، فموقف كل فريق له حيثياته وأسبابه ومنطلقاته، وعدم تصويت «القوات» لم يحصل بالتنسيق مع أحد، وهذا الموقف ينسجم مع موقفها الأساسي الداعي الى انتخابات نيابية مبكرة، لأنّ تشكيل اي حكومة لا يشكّل مخرجاً من المأزق الحالي والكارثة المالية المتمادية، وبالتالي «القوات» لا تراهن على حَض الرئيسين من أجل تأليف حكومة لا ترى فيها مشروعاً إنقاذياً للبلد والناس، بل كل رهانها على إرادة الناس في صناديق الاقتراع.
مواقف
وفي المواقف من التطورات الجارية، أشار البطريرك الراعي في قداس احد العنصرة وعيد تأسيس «تيلي لوميار» إلى أنه «لم نكن لنتوقع خلاف ما تقرر من موقف في جلسة مجلس النواب أمس في شأن مناقشة رسالة فخامة رئيس الجمهورية، وهو الحَض على تشكيل حكومة بأسرع ما يمكن، لأنّ وضع لبنان واللبنانيين على خطورته الشديدة لا يتحمل أي تأخير، ويقتضي تجنّب اي كلام يزعزع الثقة ويعرقل المسيرة ويضر بالمصلحة الوطنية». ودعا الى «مباشرة دولة الرئيس المكلف إلى المبادرة، نعم إلى المبادرة، وتقديم تشكيلة محدثة إلى فخامة رئيس الجمهورية في أسرع وقت، والاتفاق معه على الهيكلية والحقائب والأسماء على أساس معايير حكومة من اختصاصيين غير حزبيين لا يُهيمن أي فريق عليها. وإذا لم يتفقا في ما بينهما، فليستخلصا العبر ويتخذا الموقف الشجاع الذي يتيح عملية تأليف جديدة».
وأسف الراعي «للاشتباك الذي حصل على أوتوستراد نهر الكلب بين بعض من اللبنانيين والنازحين السوريين المتوجهين إلى صناديق الاقتراع الرئاسي. وسببه الاستفزاز لمشاعر اللبنانيين في منطقة تعج بشهداء سقطوا في المعارك مع الجيش السوري، وفيما لا يزال ملف المعتقلين في السجون السورية مجهولاً»، وقال: «ليس مقبولاً أن يبقى النازحون السوريون هنا في انتظار الحل السياسي الناجز للأزمة السورية. فكما رفضنا ربط أمن لبنان بحرب سوريا، نرفض اليوم ربط مصير لبنان بالحل السياسي فيها. لسنا بلد انتظار نهاية نزاعات المنطقة، فلا المنطق ولا تركيبة لبنان التعددية يسمحان بذلك».
عودة
من جهته، قال متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده، خلال قداس الأحد في كاتدرائية القديس جاورجيوس في بيروت: «مرّت سنوات طوال والبلد يتخبّط في مشكلاته ومآسيه، والشعب مشلول، يدعم فقدان الأمل بحجج يظنها منطقية، كفكرة أن هذا الزعيم أو ذاك المسؤول سينتشل البلاد من الوضع الأليم، الوضع الذي لا يزال على حاله منذ عقود. يتناسون أننا، في لبنان، ليس لنا إنسان يرمينا في بقعة ضوء متى حل الظلام. زمن الهامات ولّى وأصبح كل مسؤول يبحث عن مصلحته الخاصة، أما مصلحة الشعب المقيم، أو المهاجر بسبب عدم مسؤولية المسؤولين، فلا أحد يهتمّ بها. وصل الشلل الفكري بالقيّمين على البلاد إلى حد المَس بلقمة عيش شعب هرب منهم والتجأ إلى بلدان شقيقة ليعيش ويعيل من بقي من ذويه في لبنان. لو كان مسؤولونا متحررين من التخلع العقلي، لتعلموا من بعض الدول المحيطة التي سبقتنا كيف يعمّرون بلدهم ويحولونه إلى منارة في الأخلاق والعمران والاقتصاد والسياحة، وكيف يجعلون من لبنان بلداً محترماً، ويحترم نفسه أولاً ولا يترك أي مجال، لأيّ كان، كي ينتهك كرامة البلد وأبناءه، كما حصل أخيراً مع المواطنين السوريين النازحين إلى لبنان هرباً من بلادهم، الذين جابوا الشوارع مستعرضين علم بلادهم وصور رئيسهم، الذي أعادوا انتخابه، تحت أنظار المسؤولين والمواطنين. هل يقبل إخواننا السوريون أو غيرهم من الإخوة العرب أو الأجانب أن يجوب لبنانيون شوارع مدنهم مُنشدين ما يستفزّهم، ورافعين راية بلدهم؟».
وسأل عودة: «ترى هل كنا في حاجة إلى الخضة الديبلوماسية التي أوقع لبنان فيها من يفترض به أن يكون رأس الديبلوماسية والأكثر ديبلوماسية؟ هل نحن في حاجة إلى مزيد من العزلة عن العالم وعن محيطنا الذي استقبل أبناءنا حين هجّرهم ما أوصلهم إليه الزعماء والمسؤولون؟ وهل يجوز أن ينقاد المسؤول بانفعاله؟ إرحموا البلد وأبناءه وحافظوا على ما تبقى من تلك الصورة الناصعة التي كانت للبنان. فوضى وانهيار وإخفاقات وسقطات وتعطيل مؤسسات. هل هذا هو لبنان الذي عرفناه وعرفه آباؤنا؟ أين نحن من كل هذا وقد نشبت الخلافات بين حكامنا والمسؤولين، وهدرت ثروات البلد وأموال المواطنين، وسقطت القيم والمبادىء والقوانين، فإذا الإبتزاز السياسي سيّد الموقف، والمنفعة الخاصة تعيق الإصلاحات الضرورية، وشبق السلطة والنفوذ يعطّل تأليف حكومة نحن بأمس الحاجة إليها كي تتخذ التدابير الضرورية ليستقيم الوضع؟».
قبلان
وبدوره، توجّه المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، في بيان، الى «أهل السياسة» قائلاً: «البلد منهار، الناس يأكلها الجوع والبؤس واليأس والخوف من الآتي الأعظم، والانهيار المالي النقدي المعيشي أصبح بمثابة سرطان يفتك سريعاً بجسد هذا الوطن، والحل قد يبدو معقداً، لأنّ خطوة الألف ميل تبدأ بتشكيل حكومة طوارىء رأفة بهذا الشعب الذي بات تحت خط الفقر». وقال: «نصيحتي اسمعوا صوت الشعب. إسمعوا أنين الجوعى والمرضى والبائسين والعاطلين عن العمل. إرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء. إجمعوا قلب المسيح بقلب محمد لانتشال هذا الشعب من الجوع والقهر والفقر واليأس والانتحار». وختم: «بادروا لإنقاذ هذا البلد قبل أن تتشارك الأمم جنازته وفواتير ساحاته وشوارعه، خاصة أن لبنان يشكل عقدة مصالح دولية إقليمية، والخصومة فيه وعليه وبسببه ومن أجله وأجل غيره، والحل بالتفتيش عن بَي لهذا الوطن قبل فوات الأوان، لأنّ الديك يموت وعينه على المزبلة».
كورونا
على الصعيد الصحي، أعلنت وزارة الصحة أمس في تقريرها اليومي تسجيل 300 إصابة جديدة بفيروس كورونا ليرتفع العدد التراكمي منذ 21 شباط من العام 2020 إلى 538518 اصابة، كذلك تم تسجيل 7 وفيات ليرتفع عدد حالات الوفاة إلى 7677
**************************************************************************
افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط
لبنان يحتضر… وتشكيل الحكومة في «مهب الريح»
عون قدم «خدمة» للحريري بعدم معرفته قراءة «مزاج» النواب
محمد شقير
يتدحرج لبنان نحو مزيد من الاحتضار فيما الأبواب السياسية لا تزال موصدة أمام تشكيل «حكومة مهمة». هذا ما انتهت إليه الجلسة النيابية، أول من أمس (السبت)، التي خُصصت للاستماع إلى رسالة رئيس الجمهورية ميشال عون إلى البرلمان التي يطلب فيها اتخاذ القرار المناسب للخروج من أزمة تشكيل الحكومة، وكان رد البرلمان إعادة تأكيد تكليفه الرئيس سعد الحريري بتشكيلها، وصولاً إلى تعويمه، بخلاف ما كان يتطلع إليه صاحب الرسالة الذي خسر «المنازلة» مع المجلس النيابي، في مقابل الانتصار الذي سجله رئيسه نبيه بري، بالتضامن مع الرئيس المكلف، فيما أخفق رئيس «التيار الوطني الحر»، النائب جبران باسيل، في الدفاع في أثناء مرافعته عن الرئيس عون، وبدا في الجلسة أنه يغرد وحيداً.
فامتناع كتلة نواب حزب «القوات اللبنانية» عن التصويت على قرار التوصية التي طرحها الرئيس بري، ورأى فيها أن «الخلاص الوحيد يكون في تشكيل الحكومة»، لا يعني أن الكتلة كانت على تناغم وتنسيق مع نواب «التيار الوطني» الذين امتنعوا عن التصويت عليها، وإنما لتأكيدها على أن المخرج من الأزمة يكون في الدعوة لإجراء انتخابات نيابية مبكرة لإعادة إنتاج السلطة، وبالتالي فإن تأييدها للقرار يعني حكماً أنها تراجعت عن موقفها.
لذلك، فإن تشكيل الحكومة ذهب في «مهب الريح»، وأصبح في خبر كان، ما لم تحصل تطورات غير مرئية تعيد الاعتبار لمشاورات التأليف، هذا في حال أحجم عون عن الرد على مطالعة الحريري الذي استطاع أن ينعش قاعدته الشعبية، وإن كانت وضعته أمام مهمة صعبة في التفاهم مع رئيس الجمهورية، بعد أن قطع الطريق على من يراهن على اعتذاره.
وفي هذا السياق، يقول مصدر نيابي بارز إن عون كان في غنى عن تسطير رسالته «القنبلة» إلى البرلمان، لو استجاب للنصائح التي أُسديت له، وتحديداً من بري الذي دعاه إلى صرف النظر عنها. كما أنه سبق للمدير العام للأمن العام، اللواء عباس إبراهيم، أن دخل على خط الاتصالات لثنيه عن إرسالها. وأكد المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن عون لم يحسن التصرف لأنه لم ينطلق من مراعاته لمبدأ الفصل بين السلطات، واعتقد أنه هو من يمنح الثقة للحكومة، وليس البرلمان الذي وحده له كلمة الفصل في هذا المجال.
ويلفت المصدر النيابي نفسه إلى أن عون كان وراء فتح الباب أمام اندلاع «حرب الرسائل»، عندما قرر أن يبعث برسالة إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، شارحاً فيها موقفه من تشكيل الحكومة، متهماً الحريري بالعجز عن تشكيلها.
ويكشف المصدر أن رسالة عون إلى البرلمان كانت بمثابة نسخة طبق الأصل عن رسالته الفرنسية، ويقول إن رسالته إلى البرلمان، وإن كان يصوب فيها على الحريري، فإنه فوجئ بردها من حيث أتت، مؤكداً إعادة تكليف الحريري بتشكيلها.
ويشير إلى أن بري أحسن نصب «كمين سياسي» لعون الذي كان وراء الإطاحة بمبادرته لإنقاذ عملية تأليف الحكومة بمواصفات خريطة الطريق التي رسمها ماكرون لإنقاذ لبنان ووقف انهياره، بذريعة أنه لا يستطيع القيام بدور الوسيط بسبب انحيازه للحريري الذي كان من وجهة نظره سيعتذر عن عدم تأليف الحكومة، لولا الرافعة التي يؤمنها له رئيس البرلمان.
ويقول إن مطالعة الحريري في رده على عون، التي كان لها صداها الإيجابي في البرلمان، وُضعت بتصرف القيادة الفرنسية والأطراف الدولية والإقليمية المعنية بتأليف الحكومة لأن مكتبه الإعلامي تولى ترجمتها إلى عدة لغات وصلت إلى أهل الحل والربط في المجتمع الدولي.
ويؤكد المصدر النيابي أن الفريق السياسي المحسوب على عون أخطأ في رهانه على أن فتح باب النقاش سيؤدي حتماً إلى زعزعة الجبهة النيابية المؤيدة لتكليف الحريري، وصولاً إلى خفض العدد، بذريعة أن هناك من سيعيد النظر في تسميته، وهذا ما لم يحصل لسببين: الأول يكمن في أنه كان يعتقد أن معركته محصورة بالحريري، بخلاف ما تميزت به الجلسة في ضوء الدور الذي لعبه بري؛ والثاني يعود إلى سوء تقديره لموقف رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط انطلاقاً من أن علاقته مقطوعة بالحريري.
فرئيس المجلس كان وراء إحباط رهان هذا الفريق على إمكانية لجوء جنبلاط من خلال كتلة «اللقاء النيابي الديمقراطي» إلى الاستدارة في موقفه على تكليف الحريري، وقد نجح في إيفاده لمعاونه السياسي النائب علي حسن خليل للقاء جنبلاط والحريري لتبريد الأجواء، وإعادة التواصل بينهما بمبادرة الرئيس المكلف للاتصال به. كما أن «حزب الله» أصر على التموضع في منتصف الطريق متخذاً موقفاً حيادياً يرضي الجميع، ويتجنب فيه الدخول في إشكالية مع الطائفة السنية.
وعليه، فإن الكرة الآن في مرمى عون، من دون إعفاء الحريري من مسؤوليته، لأن جميع الأطراف محشورة، وبالتالي فاللقاء العابر بين بري وباسيل فور انتهاء الجلسة اقتصر على مطالبة الأخير بإزالة العراقيل التي تعطل تشكيل الحكومة، وهذا ما تبلغه أيضاً من النائب خليل الذي دعاه للإسهام في تسهيل تشكيلها، فيما يرى المصدر النيابي أن عون أخطأ في تقديره لمزاج النواب، فقدم خدمة «مجانية» للحريري.
***********************************************************************
افتتاحية صحيفة اللواء
العهد يفتح الباب للفراغ الكبير: احتكاكات في الشارع وانهيار الأمن الاجتماعي!
الحريري يعود إلى الإمارات.. وأزمة مع دياب على خلفية مرسوم القضاة
بعد الجلسة النيابية، التي طوت قضية الرسالة المحرجة، التي بعث بها الرئيس ميشال عون إلى مجلس النواب، طالباً القيام بعمل ما رداً على تأخير الرئيس المكلف سعد الحريري تأليف الحكومة، لا يمكن ان يكون كما سبقها من أشهر واسابيع وأيام، وسط مخاوف من ان تذهب بالسنة الأخيرة من العهد من دون حكومة أو اعتذار، أو حتى حوار..
المعلومات المحيطة بالملف مع سفر الرئيس الحريري إلى دولة الإمارات، من دون حدوث أي أجندة لاجتماعات أو لقاءات أو وساطات، رجحت الذهاب بعيداً في الفراغ.
وفي السياق، نسب إلى نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي قوله: لا حكومة في ظل هذه الظروف، والفراغ مستمر حتى الانتخابات النيابية سنة 2022.
واعرب النائب ياسين جابر عن احباطه، وعن حزنه، بعد الجلسة، إذ تبيّن ان لا حكومة حتى نهاية العهد الحالي، متسائلاً: كيف يمكن حل المشكلات من المحروقات إلى المواد الغذائية وصولاً إلى العتمة الزاحفة.
ودعا الرئيس عون إلى اتخاذ مبادرة للوصول إلى حكومة، عبر حوار وطني..
وهكذا، تتركز الأنظار على نتائج مناقشة المجلس النيابي لرسالة رئيس الجمهورية ميشال عون ومفاعيلها السياسية لاسيما على مسار تشكيل الحكومة الجديدة. واستنادا الى مصادر سياسية، لا يبدو بالافق ما يشير الى بلورة مساعي او وساطات بين بعبدا و«بيت الوسط»، يمكن ان يبنى عليها لدفع مسار تشكيل الحكومة إلى الأمام، وأن كل ما يحكى او يتردد عن مساع او مبادرة لرئيس مجلس النواب نبيه بري، لم يقابل بايجابية من عون وباسيل، بل سدت الابواب امام تحركاته بشكل عام ولم يلق ما يطرحه من تجاوب وبحث ومناقشة عملية حتى اليوم. وقللت المصادر من اهمية ما تروجه بعض وسائل الإعلام عن وجود مبادرة ما لاعادة تحريك ملف تشكيل الحكومة بعد جلسة مناقشة الرسالة، نافية علمها بمثل هذه المبادرة او ان ما يروج له بهذا الخصوص بانه من أجل ابقاء الأمل قائما لدى اللبنانيين برغم كل اجواء التصعيد وتعطيل ملف تشكيل الحكومة الجديدة، مشيرة إلى أنه لو كانت مثل هذه الاخبار جدية والوسطات صحيحة، لما كان الرئيس المكلف سعد الحريري، غادر لبنان فور انتهاء جلسة مجلس النواب السبت الماضي إلى الخارج، وكان بقي في لبنان ليتابع مجريات اي حركة او تواصل ما لحل الازمة المستفحلة.
وفيما لم يصدر تعليق من قصر بعبدا على اجواء جلسة مجلس النواب فإن مصادر مطلعة قالت لـ«اللواء» أن التوصية التي صدرت من المجلس حول حث رئيس الحكومة المكلف على تأليف الحكومة بالاتفاق مع رئيس الجمهورية تشكل نوعا من التفسير بالنتيجة وتأكيد المؤكد بالتالي. وأوضحت المصادر أن الرسالة كانت واضحة والوقائع الأساسية فيها لا تزال كما هي بالتالي ولم يتم دحضها في الجواب المتوتر أو المتشنج وغير الإيجابي.
ولم تخف التأكيد انه كان هناك توقع بأن يخرج الرئيس المكلف عن النص ويتقدم بخطوة إيجابية تجاه الرئيس بري والتعاطي كرجل مؤسسات فيأتي الى منتصف الطريق ويقفز إلى نصف الكوب الملان ولاسيما بعد كلمة رئيس تكتل لبنان القوي ولكن الأمر لم يحصل.
وأشارت إلى أنه ما لم تحرك الرسالة المياه الراكدة التي قد تتحول إلى آسنة في حال طال ركودها فذلك يعد مشكلة وما من أحد يرتضي بهذا النوع من المياه للبنان.
ودعا البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الرئيس المكلف إلى تقديم تشكيل جديدة، عبر مراجعة التشكيلة القائمة.
على جبهة فريق العهد، بدا الانفعال السياسي سيّد الموقف، وسط حديث متكرر عن رسالة من رئيس الجمهورية إلى الشعب اللبناني، أو الدعوة إلى الحوار في بعبدا، أو التحضير لاستقالات جماعية من مجلس النواب، لفرض انتخابات نيابية مبكرة..
وفي أسوأ الخيارات، تتخوف مصادر نيابية معينة من ان يقحم العهد السنة الأخيرة من حكمه في الفراغ الكبير.. تمهيداً لاحداث فراغ اجتماعي، وانهيار عام، في تلبية الاحتياجات، والتحول إلى احتكاكات بين القوى السياسية في الشارع.
الجلسة النيابية
وبالعودة إلى الجلسة النيابية، لمناقشة رسالة رئيس الجمهورية ميشال عون حول تشكيل الحكومة الى ما إنتهت إليه، من حيث صدور موقف عام عن المجلس يحث المعنيين على تشكيل الحكومة لإنقاذ البلاد، وهو موقف جاء نتيجة توافقات كتل كثيرة، لكن نواب كتلتي لبنان القوي (التيار الحر) والجمهورية القوية (القوات اللبنانية) لم يصوتوا عليه، لأنهم بحسب ما قالت اوساطهم لـ «اللواء» لم يطلعوا مسبقاً على نص «موقف المجلس» ولم تتم مناقشته معهم لكنهم لم يجاهروا بالإعتراض.
إلّا ان مصادر كتلة التيار اشارت الى ان موقفهم كان نوعاً من الاعتراض لسبب آخر، وهو كلمة الرئيس المكلف سعد الحريري التي هاجم فيها بشدة الرئيس عون متهماً اياه بالتعطيل المزمن. واشارت المصادر الى ان كلمة رئيس التكتل جبران باسيل في الجلسة لم تكن مدوية ولا عنيفة بل هادئة وتوضيحية وفيها تأكيد منه على عدم التعطيل حتى لو لم يشارك التكتل بتسمية اي وزير، لكن يبدو ان الحريري كان مصرّاً على رفع السقف، وهو ما ادى الى الاعتراض على موقف المجلس. هذا الكلام يعني سياسياً ان التيار سينتظر تطورات الايام المقبلة لترقب الخطوات المقبلة لبري والحريري ويبني على الشيء مقتضاه.
هذا التوتر غير العلني في الجلسة، حاول الرئيس نبيه بري التخفيف منه بلقاء سريع مع الحريري بعد الجلسة قبل ان يغادر الاخير الى ابوظبي، وبإجتماع مع النائبين جبران باسيل وألان عون بحضور معاونه النائب علي حسن خليل، علمت «اللواء» انه ناقش معهما ما يمكن القيام به بعد الذي حصل لتسهيل تشكيل الحكومة، وابلغهما متسائلاً: «وين بعدها عالقة التشكيلة. وشو فيني اعمل للمساعدة على تشكيلها». وجرى نقاش بعض الافكار بحيث خرج المجتمعون بإنطباع عن توجّه الرئيس بري للتحرك مجدداً مع المعنيين من اجل تسهيل وتسريع التشكيل لأن البلد لم يعد يحتمل وكذلك الناس اي تأخير.
وأكد الحريري «ظاهريا نحن أمام رئيس للجمهورية يمارس حقّه القانوني بتوجيه رسالة إلى مجلس النواب ولكنّنها بالفعل أمام رئيس يقول للنواب «أنتم سمّيتهم رئيساً للحكومة أنا لا أريده ولا أسمح له بالتشكيل فتفضّلوا خلصوني منه. نحن أمام رئيس للجمهورية يريد منا تعديل الدستور وإذا لم نفعل يريد تغيير الدستور بالممارسة من دون تعديل وبانتظار أن يكون له ما يريد يُعطّل الدستور والحياة السياسية في البلد والأخطر من ذلك يُعطّل أي أمل أمام اللبنانيين بوقف الانهيار المريع. علينا أن نعترف أن فخامة الرئيس يمتلك تجربة كبيرة، لا بل باعا طويلا في التعطيل.. من تعطيل تشكيل حكومات متتالية لأشهر طويلة وأذكر منها على سبيل المثال 11 شهرا لتشكيل حكومة سلام وكلنا يذكر «كرمال عيون مين» وصولاً إلى تعطيل تشكيل حكومتي الاخيرة 7 أشهر». واكد ان الفريق الرئاسي يسعى الى الحصول على الثلث المعطل ليتمكن من اسقاط الحكومة متى يشاء، قائلا «آخر حيلة خرقاء للوصول إلى الثلث المقنع، هي بالقول انه لا يحق لرئيس الحكومة المسلم، ان يسمي وزراء مسيحيين…لمن يقول هذا الكلام التافه، اجيب: ان هذا الرئيس للحكومة… اللبناني، اللبناني، اللبناني… لا يريد ان يسمي اي وزير مسيحي، ولا اي وزير مسلم». وتابع «بمناسبة الحديث عن حقوق الطوائف والميثاقية، لم اجد فخامة الرئيس ميشال عون منزعجا من تكليف رئيس للحكومة الأخيرة، باصوات قلة فقط من الزملاء السنة، ثم بتشكيلها بثقتهم وحدهم، علما انه في المقابل لم يجد اي مانع في ان يسمي رئيسها وزراء من المسيحيين». واردف «طوال 7 اشهر، نضع الرئيس المكلف امام معادلة مستحيلة: إما أن تشكل الحكومة كما يريدها فريق رئيس الجمهورية السياسي، منتحلا ارادة فخامته وزاعما ان لا مطلب له، وإما لا حكومة»، جازما: لن اشكل الحكومة كما يريدها فريق فخامة الرئيس، ولا كما يريدها اي فريق سياسي بعينه، لن اشكل الحكومة إلا كما يريدها وقف الانهيار ومنع الارتطام الكبير الذي يتهدد اللبنانيين في أكلهم وصحتهم وحياتهم ودولتهم. وختم « الحريري: لن أستجيب للعنعنات الطائفية ولستُ مستعدّاً لأكون شريكاً في أي إخلال في التوازن الدستوري ولا في الاتزان الوطني ولن أسهم في تسهيل المشاريع العدمية.
أما النائب جبران باسيل فلم يساير الرئيس المكلف، بل اعتمد هذه للمرة تكتيك «الهجوم المباشر». ورغم نبرة رئيس تكتل لبنان القوي النائب جبران باسيل التي اتسمت بنوع من المهادنة، وقد تحاشى تسمية الحريري في كلمته، مطالبا الاخير بعدم خلق اعراف جديدة لانها ستعرقل التأليف، داحضا عن فريقه تهمة السعي وراء ثلث معطّل، ومطالبا الرئيس المكلّف بلائحة مفصلّة كاملة بالحقائب والاسماء والجهات التي اختارتها، لان من حق رئيس الجمهورية معرفتها كونه ليس باش كاتب في التأليف.. رغم المضمون هذا الذي لم يخرج عن إطار «المتوقُّع» من قِبل رئيس البرتقالي، رفع الحريري السقف عاليا، نازعا قفازاته ومتهما الرئيس عون من دون مواربة، بالتعطيل لاكثر من مرة في السنوات الماضية، وبالسعي للتخلص منه كرئيس مكلّف وبالعمل لتعديل الدستور، وإلا فتعطيله.
وكانت كتلة الوفاء للمقاومة دعت في كلمتها في الجلسة من خلال رئيسها محمّد رعد، الى التواصل بين المعنيين والتنازل لتشكيل حكومة. اما اللقاء الديموقراطي فدعا الى الذهاب نحو تسوية. وأسفت كتلة الجمهورية القوية من جهتها، لان ذهنية المحاصصة لا تزال قائمة عبر مثلا تقسيم الحصص الى «3 ثمانيات»، معتبرة ان «مَن جرّب المجرب كان عقله مخرّب». اما «المردة» فدعت بدورها الى الترفّع عن الانانيات لتسهيل ولادة الحكومة… وفي نهاية الجلسة، صدر عن المجلس النيابي موقف حمل «تثبيتا» لتكليف الحريري (قال بري انه صدر بالاجماع في حين تردد ان نواب القوات والتيار تحفظوا عنه) وجاء فيه «بعد الاستماع إلى رسالة رئيس الجمهورية حول مسار تأليف الحكومة الجديدة وبعد النقاش حولها اتّخذ المجلس النيابي الموقف وهو ضرورة المضي قدماً وفق الأصول الدستورية من قبل رئيس الحكومة المكلّف للوصول سريعاً لتشكيل حكومة جديدة بالاتفاق مع رئيس الجمهورية».
إلى ذلك، تتجه الانظار الى الكلمة المرتقبة للامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في عيد المقاومة والتحرير غداً الثلاثاء، والتي سيتطرق فيها الى الشأن المحلي السياسي والمعيشي والى تطورات الاراضي المحتلة عارضا موقف حزب الله مما آلت اليه الامور في فلسطين عموما وفي قطاع غزة خصوصا.
مرسوم الشواغر في القضاء الأعلى
وتفادياً للفراغ في مجلس القضاء الأعلى، وقعت وزيرة العدل في حكومة تصريف الأعمال ماري كلود نجم مرسوم تعيين القضاة في مجلس القضاء الأعلى، ليحظى بتوقيعه من كل من رئيسي الجمهورية وحكومة تصريف الأعمال.
واستمزجت الوزيرة نجم رأي رئيس مجلس القضاء الأعلى.
تجدر الإشارة إلى ان الرئيس دياب ليس بوارد توقيع المرسوم وتجري اتصالات لاقناعه بإمضائه.
أسواق بيروت
ووسط هذه الأجواء القائمة، عاد نبض الحياة الى العاصمة بيروت مع افتتاح «سوق البلد» في اسواق بيروت والذي اتاح فرصة اللقاء بين شرائح واسعة من محبي الوسط التجاري الذي ابتعدوا عنه قصراً بسبب جائحة كورونا وعادوا اليوم متسلحين بكماماتهم وسط اجراءات صحية ، حيث زحفت العائلات مع اطفالها الى الساحات التي كانت الى الامس القريب مقصدهم الدائم في عطلة نهاية الاسبوع.
وبمبادرة من جمعية «أرضنا» وبدعم من أسواق بيروت وبالتعاون مع شركة سوليدير، تستضيف الأسواق محطة أسبوعية دائمة تحت عنوان «سوق البلد» وذلك كل يوم سبت من الساعة الثامنة صباحاً ولغاية الثانية بعد الظهر إبتداءً من 22 أيار 2021.
وتهدف هذه المبادرة الى إحياء مظاهر السوق البيروتية وإستعادة أجواء سوق البلد التاريخي، وتقديم صيغة جديدة لفكرة الأسواق المفتوحة بحيث ستجتمع ولأول مرة، في سوق مماثلة، منتجات زراعية وحرفية ومأكولات متنوعة بالإضافة الى مجموعة من النشاطات العديدة وواحة من الأزهار والشتول.
ويضم السوق الذي تم افتتاحه السبت الماضي منتجات من مختلف المناطق اللبنانية لمنتجين وحرفيين لبنانيين ينتسبون الى جمعيات خيرية معروفة، وذلك بهدف تسليط الضوء على أعمالهم المميزة ومنحهم فرصة لعرض منتجاتهم في قلب العاصمة النابض بالحياة، بالرغم من الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد. وخصص السوق فسحة ترفيهية خاصة بالأولاد بحيث تقام نشاطات عديدة لخلق جو من التسلية والمرح.
في مقلب حياتي، حيوي آخر، تزايدت المخاوف من تجدّد أزمة المحروقات، لا سيما المازوت المادة الضرورية للمولدات، مع تزايد الإشارات إلى عتمة مقبلة الصيف المقبل إذا لم تعالج مسألة توفير السيولة لشراء الفيول أويل..
القومي.. القوات
وفي تطوّر، يبدو انه متصل بالتظاهرة المضادة للمسيرات التي قطعت نهر الكلب إلى اليرزة، لانتخاب الرئيس بشار الأسد، هتف مناصرون للحزب القومي الاجتماعي أمس في احتفال نظم في الحمراء، لمناسبة عيد المقاومة والتحرير، ضد الرئيس الراحل بشير الجميل ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع.
وردت «الدائرة الاعلامية» في «القوات اللبنانية» في بيان على هتافات بعض الحزبين القوميين باحتفال الحمراء، والتي كانت تهتف: «طار راسك يا بشير.. وجاي دورك يا سمير».. بأنها دعوة للقتل، وقالت الدائرة: «طويلة على رقبتكم ورقبة يللي أكبر منكن»، معلنة ان حزب «القوات» سيتقدم بدعوى امام القضاء ضد المسؤولين عن الاحتفال..
538518 إصابة
صحياً، اعلنت وزارة الصحة العامة عن تسجيل 300 حالة جديدة بفايروس كورونا و7 حالات وفاة، خلال الساعات الـ24 ساعة الماضية، ليرتفع العدد التراكمي إلى 538518 اصابة مثبتة مخبرياً، منذ 21 شباط 2020.
***********************************************************************
افتتاحية صحيفة الديار
دمار إقتصادي سببه صراع سياسي يعكس رغبة عمياء في الإنتقام
أم الفضائح عملية تسعير عوائد المحروقات وإستيراد البضائع المدعومة
المُخالفات بالجملة وأخطرها التهريب والتنفيع على المعابر الشرعية – جاسم عجاقة
صار الإذلال من ركائز يوميات اللبناني في كل من المستشفيات، والصيدليات، ومحطّات الوقود، إضافة الى الغذاء (السوبرماركات). هذا الإذلال ضريبة «مضافة بلا إضافة» على المواطن اللبناني. ففي حين تُدفع الأموال من دولاراته المصرفية من جهة، فهويُحرم منها بحكم التهريب والإحتكار من جهة أخرى! وهذا يعني خسارة مزدوجة يقابلها ربح مزدوج من الطرف الآخر وهو ما يعرف في علم الاقتصاد بـ (zero sum game).
لا نعلم في ظل الأنظمة الديموقراطية في العالم أجمع أن ذاق شعب ما يعيشه الشعب اللبناني بفضل السلطة الحاكمة. وحدها الديكتاتوريات طبقت هذا النوع من المعاملات من قبل السلطة تجاه شعوبها.
كارتيلات المحروقات، والأدوية والأغذية تعبث بأمن المواطن الاجتماعي؛ فهي تحتكر السلع والبضائع وتُهرّبها مُحقّقةً أرباحًا تفوق الـ 500% على ثرواتهم بالليرة اللبنانية والتي إستطاعوا تحويلها إلى الدولار الأميركي من خلال دعم مصرف لبنان ومن ثم حوّلوها إلى الخارج!!! والأنكى في الأمر أن كل هذا يحصل تحت أنظار الدولة اللبنانية الموكلة بحسب الدستور الدفاع عن المواطن وعن أمنه الغذائي، لكن هذا الأمر لا يحصل للأسف لسببين، أحدهما تقاطع المصالح والثاني شحّ المداخيل التقليدية التي كانت تُموّل أصحاب النفوذ.
إن إرغام مصرف لبنان على تقديم ما يُسمّى بـ «الدعم» للتجّار والمستوردين يطرح أسئلة عدة. فبعد أكثر من 30 عامًا من الإحتكار الذي حمته السياسة المالية للحكومات والتي موّلتها عبر آلية الإستدانة الفاحشة غير المدروسة، يستمر هذا الإحتكار بشكل مُريع متجاهلة أولى الخطوات الأساسية للتخفيف عن كاهل المواطن في هذه الأوضاع إلا وهي تحرير كل القطاعات من دون أي إستثناء من الوكالات الحصرية لاستيراد المواد الأولية الأساسية والغذائية! فهل يُعقل أن الأسعار التي تُفرض على اللبنانيين، مُرتفعة إلى هذا الحدّ؟ هل يُعقل أن ثمن صفيحة البنزين عند الشراء هي 15 ألف ليرة و40 ألفاً عند المبيع؟ هل يُعقل أن يتمّ تهريب الأدوية بهذا الشكل الفاضح؟ هل يُعقل أن تُباع المواد الغذائية المدعومة في أقاصي المعمورة؟
البيان الصادر عن مصرف لبنان بتاريخ 21 أيار 2021، يكشف بشكل مُريع منظومة تهريب الأدوية والمستلزمات الطبّية وحليب الرضّع والمواد الأولية للصناعة الدوائية القائمة. فخلال العام 2020، دعم مصرف لبنان هذا القطاع – بناءً لطلب التُجّار – بـ 1173 مليون دولارًا أميركيًا (الأجدى بنا القول إن مصرف لبنان باع هذه الدولارات لهذا القطاع على سعر الصرف الرسمي).وقد قامت منظومة التهريب القائمة الآن بطلب المزيد من الأموال واضعةً حاجات وضروريات المواطن اللبناني رهينة، لإرغام مصرف لبنان على بيعها الدولارات بالسعر الرسمي، فإرتفع الطلب على الدولارات لدعم هذا القطاع إلى 1232 مليون دولارً أميركيً في فترة لا تتعدىالخمسة أشهر من العام 2021! أي بأكثر من الضعف خلال سنة واحدة فقط!!!
أمّا المحروقات فحدّث ولا حرج! فإستخراج تركيبة الأسعار من على موقع وزارة الطاقة والمياه في تاريخ سابق (21/4/2021)، يُشير إلى أن ثمن صفيحة البنزين 95 أوكتان عند الشراء بلغ 15590 ليرة لبنانية في حين أنها كانت تُباع بـ 38395 ليرة لبنانية على محطات الوقود بفارق 22805 ليرات لبنانية للصفيحة الواحدة. والمُلفت في الأمر أن الرسوم على هذه الصفيحة تبلغ 32.46% من سعر الشراء، والعمولة الإضافية المؤقتّة تبلغ 65% من قيمة الصفيحة عند الشراء (مع العلم انه مكتوب في جدول تركيب الأسعار أنها لتغطية شراء دولارات توازي 10% من قيمة السلعة غير المدعومة من مصرف لبنان وبالتالي هي متحركة مع سعر الصرف في السوق السوداء)، وحصة شركات التوزيع 1.92%، وأجرة النقل 3.46%، وعمولة صاحب المحطّة 19.24%، إضافة إلى الضريبة على القيمة المضافة 24.41% من قيمة الصفيحة عند الشراء.
إذًا وبالنظر إلى الأرقام نرى أن عمولة الشركات المستوردة وشركات التوزيع ومحطات الوقود تصل إلى 13940 ليرة لبنانية في حين أن حصّة الدولة تصل إلى 8865 ليرة لبنانية على سلعة ثمن شرائها هو 15590 ليرة لبنانية.
وهنا نطرح الأسئلة التالية: لماذا تصل كلفة العمولة للشركات إلى 90% من ثمن كلفة الصفيحة على الشراء؟ لماذا يُطلب من مصرف لبنان تأمين الدولارات في حين يتمَ تهريب هذه المحروقات إلى الخارج؟ والأهمّ من ذلك كله لماذا لا يتمَ تحرير هذا القطاع لكي يتمّ إستيراد المحروقات من قبل شركات خارجية أو داخلية أخرى قادرة على تأمينهابأسعار أدنى؟
من الواضح أن تركيبة الأسعار هذه تُظهر أن لا تنافسية في هذا القطاع بحكم أن النظرية الإقتصادية تنصّ على أن سعر المبيع يقترب من سعر الشراء مع إرتفاع التنافسية. وبالتالي هذا الأمر يطرح العديد من الأسئلة على العلاقة المُريبة التي تربط شركات النفط مع أصحاب النفوذ وخصوصًا تقاطع المصالح التي يدفع ثمنها المواطن.
وما يحصل في المحروقات يعاد ويطبق على المواد الغذائية ولكن بطريقة مختلفة ظاهرياً… فماذا نقول عن المواد الغذائية التي يتمّ تهريبها إلى كل دول العالم؟ هذه المواد تم شراؤها واستيرادها من قبل التجّار بالدولارات علىالسعر الرسمي لشرائها وإستيرادها على أساس الحاجة المحلية، فكيف تمّ تهريبها إلى الخارج؟ الإحتمالان المُمكنان نظريًا هما: (1) تدخل هذه المواد إلى لبنان ومن ثمّ يُعاد بيعها إلى الخارج وهذا إن صحّ يكون على مرأى من السلطات الرسمية، أو (2) لا تدّخل هذه المواد إلى لبنان على الإطلاق بل يتمّ نقلها مباشرة من مكان الشراء إلى مكان البيع (خارج لبنان) وهذا إن صحّ يطرح السؤال عن دور وزارة الاقتصاد والتجارة في ملاحقة البضائع والسلع المدعومة.
وهنا يُطرح السؤال عن دور التجّار في عملية التهريب هذه؟ من هم المُشاركون؟ ولماذا المستوردون غير مطالبين بالتصريح لوزارة الاقتصاد والتجارة لمن باعوا هذه السلع والبضائع؟ وكيف خرجت الأموال من لبنان ولم يدخل مقابلها بضائع ولا أموال أخرى؟
على كل الأحوال، عارٌ على كل من يُهرّب، وعارٌ على كل من يُشارك، وعارٌ على كل من يُسهّل أو يتغاضى عن عمليات التهريب! إنها جريمةبحق المواطن اللبناني وتستحق محكمة دولية نظرًا إلى كونهاجريمة موصوفة. فالدولة، التي أعلنت إفلاسها، تفرض بالقوّة على مصرف لبنان تقديم الدعم. هذا الدعم الذي يرفضه الشعب نظرًا إلى أنه لا يستفيد منه، فهو يُؤخذ من أمواله ويتمّ تهريبه إلى الخارج تحت أنظار الأجهزة الرسمية والحكومة التي فقدت ثقة كلاً من الشعب والمُجتمع الدولي على حد سواء، لا بل أصبح السياسيون أنفسهم يجاهرون بعدم ثقتهم بالنظام الحاكم (؟!!).
إن غياب الحكومة أدّى إلى دمار إقتصادي وإجتماعي ومالي ونقدي وصار يعكس رغبة عمياء في الإنتقام من الشعب اللبناني. فاللبناني يغرق يومًا بعد يوم في الفقر من دون أن يرف جفن أهل «الحل والعقد» بضرورة تخطّي الخلافات السياسية والتوافق على حكومة قادرة على الإنقاذ. إن عدم الاتفاق على مسلّمات حول إجراءات أساسية تُخفّف من وطأة الكارثة على المواطن تطرح فرضية أن هناك أمرًا آخر يتخطّى حتى فكرة الإنتقام من الشعب اللبناني ويرسم لشيء أشد ضراوة.
في خِضَم جميع ما يحصل، يعيش المواطن اللبناني في كنف «شبه – دولة»مشلولة وعاجزة عن أبسط أنواع تطبيق للقوانين؛فصارت مكوّنات المجتمع اللبناني تتصرّف وكأنها تعيش في ظل «فراغ» أو «تعطيل» قانوني. فما يقوم به التُجّار من دون حسيب أو رقيب ومن دون تحرّك من قبل القضاء، هو أكبر دليل على نجاح مخطط تفكيك الدوّلة ومؤسساتها.
ولعل المشهد الساطع من مشاهد إنحلال الدوّلة ومؤسساتها، هو عملية تهريب المُخدّرات إلى مصرّ والتي تمّ ضبطها في صيدا. وقد يظّن القارئ أن هذا الأمر غير صحيح، نظرًا إلى أنه تمّ ضبط الشحنة من قبل الجمارك. إلا أن هناك علامات إستفهام عديدة تُطرح حول هذا الموضوع.أوليس على الدولة مسؤولية كشف وضبط هذه الأمور في منشئها؟ أوليس مجرد وصول هذه الشحنات إلى المرافئ دليل تفلت وتسيب في الداخل اللبناني؟ وماذا لو كانت هذه البضائع يتم تداولها بين المواطنين داخل الأراضي اللبنانية، أوليس ذلك عاملاً في تفكك المجتمع المنهك أصلاً؟
للأسف، لقد أصبحت المعابر الشرعية أكثر أمانًا للتهريب من المعابر غير الشرعية، وأصبحت الدوّلة بغيابها عن قمع التهريب ومُكافحته من أصله «مشاركة حكماً» في العمل ضدّ مصلحة المواطن التي يفترض بها – أي الدّولة – أن تكون مؤتمنة عليها وساهرة على تحقيقها، وإلا فعلام يدفع المواطن الضرائب ويساهم في تغطية تكاليف إدارات الدولة وعطاءات مسؤوليها المكلفين من قبل الشعب؟
لقد أصبح من الأمور الملحة وقف الدعمّ على المواد التي يتمّ تهريبها بشكل يومي ومنتظم سيما أنها خسارة مزدوجة للمواطن، وسرقة مزدوجة من قبل التجار المُفسدين، على أن يتمّ ذلك بالتوازي مع تحرير إستيراد كل البضائع والسلع، ومحاسبة المُهربين مع مفعول رجعي نظرًا إلى الضرر الإجرامي الذي طال ولا يزال المواطن اللبناني من حفنة من العصابات التي تتلطّى خلف قوانين «معطلة» وبحماية فاضحة من قبل بعض أصحاب النفوذ الذين عاثوا في الأرض فساداً.
في الختام لا يسعنا القول إلا أنه لا بد لشعب الفينيق أن ينتفض يوماً من سباته العميق ويذر رماده في عيون من خططوا وتعمدوا إحراقه.
*********************************************************************
افتتاحية صحيفة الشرق
بري ينقذ لبنان من الفتنة والمجلس يجدد الثقة بالحريري
ترأس رئيس مجلس النواب نبيه بري امس في قصر الأونيسكو، في حضور عدد كبير من النواب، الجلسة المخصصة لمناقشة الرسالة التي وجهها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، بعدما استمع المجلس أمس الى نص الرسالة.
وقال بري في مستهل الجلسة: «ونحن ما نحن فيه. لا بد من أن ننهض ونفرح بما هو لنا والينا: من نصر لفلسطين بمقاومة غزة هاشم، وقدسها وشيخ جراحها. وذكرى مجيدة لمقاومتنا الذي تجسد عيد تحرير في 25 أيار. فكيف لهذا العلى أن يطفأ في بلد الإشعاع؟ أما آن لهذا اللبنان أن يكون بمستوى أبنائه؟ الوحدة ثم الوحدة أيها الاخوة والا ستذهب ريحنا».
مداخلات
وكانت كتلة الوفاء للمقاومة دعت في كلمتها في الجلسة، الى التواصل بين المعنيين والتنازل لتشكيل حكومة. اما اللقاء الديموقراطي فدعا الى الذهاب نحو تسوية. الجمهورية القوية من جهتها، أسفت لان ذهنية المحاصصة لا تزال قائمة عبر مثلا تقسيم الحصص الى «3 ثمانيات»، معتبرة ان «مَن جرّب المجرب كان عقله مخرّب». اما «المردة» فدعت بدورها الى الترفّع عن الانانيات لتسهيل ولادة الحكومة.اما رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل فاكد ان تكتل لبنان القوي يريد ان يشكل الحريري الحكومة وان رسالة رئيس الجمهورية للمجلس هي للحق وليس لطلب سحب التكليف غير الممكن موضوعيا . وطالب بحوار وطني في بعبدا.
الحريري
الحريري قال «ظاهريا نحن أمام رئيس للجمهورية يمارس حقّه القانوني بتوجيه رسالة إلى مجلس النواب ولكنّنها بالفعل أمام رئيس يقول للنواب «أنتم سمّيتهم رئيساً للحكومة أنا لا أريده ولا أسمح له بالتشكيل فتفضّلوا خلصوني منه. نحن أمام رئيس للجمهورية يريد منا تعديل الدستور وإذا لم نفعل يريد تغيير الدستور بالممارسة من دون تعديل وبانتظار أن يكون له ما يريد يُعطّل الدستور والحياة السياسية في البلد والأخطر من ذلك يُعطّل أي أمل أمام اللبنانيين بوقف الانهيار المريع.
علينا أن نعترف أن فخامة الرئيس يمتلك تجربة كبير، لا بل باعا طويلا في التعطيل.. من تعطيل تشكيل حكومات متتالية لأشهر طويلة وأذكر منها على سبيل المثال 11 شهرا لتشكيل حكومة سلام وكلنا يذكر «كرمال عيون مين» وصولاً إلى تعطيل تشكيل حكومتي الاخيرة 7 أشهر».. إلى تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية لأكثر من سنتين، كان خلالها الموقع الماروني الاول في نظامنا شاغرا، وصلاحياته في يد مجلس الوزراء برئاسة دولة الرئيس تمام سلام. كان يمكنني في حينه أن أقول: حسنا، صلاحيات الموقع الماروني الاول باتت في يد مجلس الوزراء برئاسة الموقع السني الاول، فليبق الامر كذلك، ولاطول مدة ممكنة! لكنني قررت أنا شخصيا، انهاء الشغور، ومنع الفتنة، فقمت بعدة مبادرات، من ترشيح الصديق سليمان بك فرنجية، وصولا الى انتخاب فخامة الرئيس ميشال عون رئيسا للجمهورية،
واكد ان الفريق الرئاسي يسعى الى الحصول على الثلث المعطل ليتمكن من اسقاط الحكومة متى يشاء، قائلا «آخر حيلة خرقاء للوصول إلى الثلث المقنع، هي بالقول انه لا يحق لرئيس الحكومة المسلم، ان يسمي وزراء مسيحيين… لمن يقول هذا الكلام التافه، اجيب: ان هذا الرئيس للحكومة… اللبناني، اللبناني، اللبناني… لا يريد ان يسمي اي وزير مسيحي، ولا اي وزير مسلم».
وتابع «بمناسبة الحديث عن حقوق الطوائف والميثاقية، لم اجد فخامة الرئيس ميشال عون منزعجا من تكليف رئيس للحكومة الأخيرة، باصوات قلة فقط من الزملاء السنة، ثم بتشكيلها بثقتهم وحدهم، علما انه في المقابل لم يجد اي مانع في ان يسمي رئيسها وزراء من المسيحيين».
واضاف «طوال 7 اشهر، نضع الرئيس المكلف امام معادلة مستحيلة: إما أن تشكل الحكومة كما يريدها فريق رئيس الجمهورية السياسي، منتحلا ارادة فخامته وزاعما ان لا مطلب له، وإما لا حكومة»، جازما: لن اشكل الحكومة كما يريدها فريق فخامة الرئيس، ولا كما يريدها اي فريق سياسي بعينه، لن اشكل الحكومة إلا كما يريدها وقف الانهيار ومنع الارتطام الكبير الذي يتهدد اللبنانيين في أكلهم وصحتهم وحياتهم ودولتهم.
وختم الحريري: لن أستجيب للعنعنات الطائفية ولستُ مستعدّاً لأكون شريكاً في أي إخلال في التوازن الدستوري ولا في الاتزان الوطني ولن أسهم في تسهيل المشاريع العدمية.
خلاصة
وخلصت الجلسة النيابية التي خصصت لمناقشة رسالة رئيس الجمهورية الى إصدار موقف تلاه الرئيس بري، وجاء فيه:
«بعد الاستماع الى رساله فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون حول مسألة تشكيل الحكومة الجديدة، وبعد النقاش حولها وفق المادة 145 من النظام الداخلي، اتخذ المجلس النيابي الموقف التالي:
استنادا الى النص الدستوري حول أصول تكليف رئيس لتشكيل الحكومة وطريقة التشكيل وفق المادة 53 من الدستور ولما لم يرد أي نص دستوري اخر حول مسار هذا التكليف واتخاذ موقف منه، وبما أن فخامة رئيس الجمهورية قد قام باستشارات ملزمة وفق ما ورد وبعد اطلاعه رئيس المجلس النيابي اتت نتيجتها تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة.
وباعتبار أن أي موقف يطاول هذا التكليف وحدوده يتطلب تعديلا دستوريا ولسنا بصدده اليوم. ولأن مقدمة رسالة فخامته تشير بوضوح الى فصل السلطات وتعاونها وحتى لا تطغى سلطة على أخرى. ولحرص المجلس على عدم الدخول في أزمات ميثاقية ودستورية جديدة، وحرصا على الاستقرار في مرحلة معقدة وخطيرة اقتصاديا وماليا واجتماعيا تستوجب اعطاء الأولوية لعمل المؤسسات.
يؤكد المجلس «ضرورة المضي قدما وفق الأصول الدستورية من قبل رئيس الحكومة المكلف للوصول سريعا الى تشكيل حكومة جديدة بالاتفاق مع رئيس الجمهورية».
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :