التنافس السياسي بين الوحدة والتقسيم: قراءة في مسارات المشهد السوري الراهن

التنافس السياسي بين الوحدة والتقسيم: قراءة في مسارات المشهد السوري الراهن

 

Telegram

 

إن المشروع اليساري الديمقراطي الذي كُلّف الدكتور هيثم منّاع بتنسيقه وتسويقه من ناحية المبدأ فكرة جيدة ولكن لا يمثل معارضة الداخل التي كانت شريكة بالخلاص من الرئيس الأخوت فهي لم تدعَ له.

 

لماذا؟ لأنّه لا يمكن لأي موقف سياسي وثقافي أن يكون علمانيا ديمقراطيّا وليبراليا اجتماعيا دون أن يكون وطنيّا، وأيّة وطنية تلك  التي تسوّغ لأصحابها بحسن نية او  غير ذلك  تحت يافطات  الديمقراطية  الوقوف في خنادق  التقسيم او السير على مقرع طبل جبهة التقسيم كل ذلك توافق كمصادفة غير بريئة مع مؤتمر صحفي بدمشق يوم  الخميس ١٣ شباط ٢٠٢٥ وفي لحظة تاريخية فارقة  تُعلن السيدة هدى  الأتاسي عضو اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني عن انطلاق الأعمال التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني وذلك بعد تأخّر أكثر من شهر عن الموعد الأوّل لبدء أعمال المؤتمر الوطني التأسيسي.

 

التساؤل الذي طالما طرح نفسه على الرأي العام: لماذا تمّ تأجيل موعد انعقاد المؤتمر وماهي الحيثيات والعوامل التي حددت طبيعة المؤتمر الجديد وتوقيته ؟

 

ومن الجدير بالذكر أنّ انعقاد المؤتمر يطرح رؤى سوريّة تشاركية و يضع آليات وطنية لإدارة المرحلة الانتقالية التشريعية والتنفيذية كان حاضرا بقوّة في جميع اللقاءات الصحفية التي سعى من خلالها احمد الشرع كرئيس للمرحلة الجديدة ورئيس سوريا المكلّف في المرحلة الانتقالية توضيح الملامح العامة لبرنامجه ورؤيته السياسية وقد شرح في مقابلة مع العربية ٢٩ ديسمبر أسباب تلك الأهميّة التي يوليها على انعقاد المؤتمر وطبيعة النتائج التي يعوّل عليها عندما أوضح أن هناك قرارات اعتاد الناس على اتخاذها بعد الثورات وأن تكون من خلال السلطة المنتصرة التي  تحكم بالقوّة العسكرية.

 

" انا أريد أن أنزّه سوريا عن هذا المشهد. لا اريد ان تخرج قرارات ثقيلة كحل الدستور والبرلمان عن شخص واحد فقط أريد أن أعطي فرصة لأن تشارك سوريا، و أكّد، أنّ المؤتمر الوطني سيكون جامعا وشاملا لعدد كبير من مكوّنات المجتمع السوري".

 

نحن في هذا المؤتمر سنشرح القضية السورية نشرح كلّ المعطيات التي تكلمنا في بعضها ثمّ نترك القرار عند المؤتمرين الذين يصوّتون على القضايا الهامّة والحساسة التي ستؤسس للمرحلة الانتقالية، اذا ما الذي قطع مسار انعقاد المؤتمر الوطني التأسيسي كما سعى إليه أحمد الشرع وغيّر في محتواه ودوره؟

 

أعتقد جازما وفقا للمعطيات الموضوعية  أنّ أبرز العقبات التي حالت دون انعقاد مؤتمر تأسيسي يقوم بوظائف برلمان سوري ويجنّب العملية السياسية ضرورة الاستعانة بشرعية العسكر الثورية التي تمثّلت برفض قيادة قسد التجاوب مع إجراءات وزارة الدفاع السورية وما نتج عنه من عدم الاتفاق حول مشاركة وتمثيل قسد والكرد الذين ينادون مثل معارضة الداخل بالعلمانية والديموقراطية والليبرالية لكنهم  يطالبون بها ضمن مجتمع انعزالي اثني وليس سوري محض ويؤكدون على انه يجب ان يضمن الدستور انعزاليته تحت حجة واهية هي الخصوصية عن البقية من السوريين وهو ما وجّب  تأجّيل المؤتمر الوطني العام مرارا على أمل إزالة عقبة قسد وعقد اجتماع سري معها بقاعدة الضمير وما يرتبط بعدم التوافق معها من ضغوط وباستمرار وجودها مع كيانات عسكرية في الجنوب بدرعا والسويداء وتمنع التمثيل الشامل  للسوريين عوضا عن العمل على التوافق من منظور شروط وزارة الدفاع  السورية الجديدة وموجّبات بناء مؤسسات الدولة الوطنية الموحّدة خاصة على صعيد مؤسسة الجيش وتنسيق المشاركة الفاعلة في المؤتمر التأسيسي وذهبت قيادة قسد في حوارات شراء الوقت وشروط مضادة  مستحيلة وعلى أكثر من مستوى سعيا لتحقيق هدف مركزي بالتشكيك  بشرعية السلطة الجديدة التي رغم مآخذنا عليها تبقى الامل الوحيد لنا كمعارضة داخل وام الصبي لاستعادة الدولة التي يفضلون ان تبقى منحلة تسهيلا للتقسيم والتقاسم وتصغير قائد المرحلة المؤقّتة وتحشيد قوى وأوراق تفشيل جهودها تمهيدا لإسقاطها بهدف اسقاط وتفشيل الدولة السورية لصالح مشروع تقسيم سوريا الذي تعمل عليه قسد تحت شعارات اللامركزية الديمقراطية السياسية اي الفدرالية على الوزن العراقي وبدعم من طيف واسع من النخب غير المدركة للمستقبل الذي يهيأ للبلد كما وحكومات  الدول الغربية الديمقراطية.

 

ولتحقيق هذا الهدف المركزي عملت قيادة قسد سياسيّا على أكثر من صعيد ومستوى سوريّا وإقليميّا ودوليّا وأمريكّيّا، وعملت على التواصل مباشرة مع فريق ترامب واستخدام أوراق ضغط اللوبي القسدي في واشنطن من أجل التأكيد على ضرورة إلتزام ترامب بالوعود التي قطعتها إدارته خلال ٢٠١٩ لمنع تركيا من مهاجمة مناطق الإقليم وإسقاط سلطة قسد والحصول على دعم وحضور عسكري خاصة في معركتها على منطقة كوباني وتعهّدات جديدة بعدم انسحاب القوات الأمريكية التي تشكّل مظلّة الحماية الرئيسية رغم رغبات ترامب وعلى الصعيد الأوروبي استنفر  اللوبي الديمقراطي السوري الناشط على امتداد ساحات وعواصم أوروبا وهو مجموعة تيارات و أحزاب وشخصيات سورية عملت  لصالح مشروع قسد للعمل على مستويات حكومية وأهلية من أجل تحشيد موقف حكومي أوربي ورأي عام سوري داعما لمشروع قسد الفيدرالي على النغم العراقي ويعمل على وضع ضغوط على قيادة أحمد الشرع من أجل القبول بشروط قسد والعمل على إضعاف مشروعيتها الوطنية والسياسية لدى طيف واسع من الرأي العام السوري لتفشيل الدولة السورية وليس النظام كما جرى تماما  بالعهد البائد وكان احد عوامل سقوطه.

 

ولا يخرج عن هذا السياق ما بذلته حكومات ألمانيا وفرنسا من جهود تجاه القيادة الجديدة وشروط رفع العقوبات الأوربيّة والأمريكية وقد غطّت حقيقة هدفها المركزي حماية مشروع قسد وضرورة إعطائه الشرعية الدستورية بحرصها على نجاح العملية السياسية والدفاع عن حقوق الأقليات والمكونات في مواجهة المشروع الإسلامي الإقصائي وعلى الصعيد السوري حملات إعلامية مركّزة تسعى لإقناع العلويين بانّهم مُستهدفين كطائفة وتدعوهم لطلب الحماية إضافة إلى ذلك ثمّة مساع حثيثة لقيادة قسد من أجل التشبيك مع شركاء في الساحل وقد عُقدت عدّة لقاءات مع البعض لتنسيق الجهود المشتركة.

 

وفي ضوء عوامل سياق وحيثيات الصراع على سوريا في هذه الفترة التي تمحوَرت حول الصراع بين إرادة وجهود قسد التقسيميّة وبين جهود الإدارة الجديدة لشرعية وتثبيت سلطتها الداخلية والخارجية  خاصة على مساري دمج الفصائل  في هيكلة  جيش سوري، وإعادة توحيد الجغرافيا من الموضوعي أن ندرك أوّلا طبيعة الإجراءات المضادة التي اتخذتها قيادة الإدارة الجديدة في مواجهة جهود قسد وما رافقها من ضغوط وإملاءات أوروبيّة وأمريكيّة من أجل تعزيز شرعية سلطتها والعمل على تحقيق أهداف وخطوات برنامجها السياسي للمرحلة الانتقالية اذا صدقت النوايا ونفهم ثانيا طبيعة الدور السياسي الذي يقوم به المعارضون مثلنا ضد سلطة الأسدين و افتراقنا كمعارضة داخل في ضرورة عدم مواجهة  جهود السلطة الجديدة على إطلاق مؤتمر حوار وطني ولذا تقود مسد وقسد من خلف الكواليس وبواجهات ديمقراطية معروفة جهود عقد مؤتمر حوار وطني مواز بنفس آليتها السابقة لتشكيل جسم  ديمقراطي سوري أوسع وأكثر تمثيلا  لمشروع تقسيم سوريا الراهن وقد كان من الطبيعي الاستنجاد بجهلة المخططات الخبيثة من السياسيين بالخارج لما يحوزونه من خبرة ومزايا وقدرة  ستضلل الرأي العام السوري خاصة تلك الشريحة من قوى وتيارات وشخصيات اليسار السوري التي رفعت رايات الديمقراطية في محطّات متتالية منذ ٢٠٠٢، وكان من الطبيعي أن يسعون للدفاع عن دورهم بعيدين تماما عن مصالح معارضة الداخل وتغييب طبيعة الوظيفة التي يقومون بها في إطار مشروع قسد وبتواطؤ أوروبي  أمريكي مركّزين على عدّة نقاط للتغطية:

 

أ- إنّ ما يقومون به ليس مؤتمر في مواجهة جهود رئيس سوريا المكلّف لعقد مؤتمر وطني بل هو مجرّد لقاء جرى الاتفاق على انعقاده قبل قرابة شهر بين عديد المنظمات الحقوقية والسياسية وجّبه سلوك السلطة الإقصائي تجاه القوى والشخصيات المدنية والسياسية الديمقراطية وضرورة مواجهة نهج أسلمة الدول المتورط به النظام الجديد.

ب- التعمية على إنّ ما يقومون به غير مرتبط بمسد رغم حضورهم الكبير في التحضير والمشاركة

ت- تجاهل إن ما يقومون به  لا يرتبط بتاريخ علاقاتهم مع مسد وانه قد جرى اختيارهم لكونهم يعيشون في اوروبا و جنيف الأمر الذي يساعد في التسهيلات اللوجستية للاجتماع ولا يتعدّى دورهم المعنى الحرفي الذي يرتبط بضرورات تنظيم وترتيب أمور نجاح هذا الاجتماع متناسين الدور الرئيسي الذي لعبه بعضهم في تشكيل مسد ٢٠١٥  وكانوا  من اوّائل رؤساء قسد وتحت  شعارات خلابة مثل سيادة الدولة والمواطنة المتساوية والكرامة الإنسانية وإحياء شعارات الثورة السورية الكبرى الدين لله والوطن للجميع و اعتماد التنمية الاقتصادية المستدامة من أجل إعادة البناء والقول بانه تبدأ اليوم  أعمال  لقاء التحضير لتأسيس  جسم سياسي مدني ديموقراطي يُراد منه أن يشكّل  برلمانا  موازيا  ولا يخرج  عمليا و واقعيا  في الآليات وطبيعة المشاركين عن كونه نسخة مُحدّثة  اوجّبها مواجهة الأخطار المُحدقة التي باتت تهدد كانتون قسد بعد إسقاط سلطة الراعي والشريك الأسدي وذلك في الثامن من ديسمبر ٢٠١٥ اسقاطه عن  الجسم الديمقراطي السوري الذي تمّ الإعلان بتدخل قسدي عن تأسيسه في مؤتمر بروكسل  ٢٥- ٢٦ أكتوبر ٢٠٢٤ في  سياق جهود مستمرة أطلقتها وقادتها مسد الواجهة السياسية لقسد على نموذج الجبهة الوطنية التقدمية بدعم أوروبي لوجستي منذ ما قبل نهاية ٢٠١٩ لتشكيل جسم ديمقراطي سوري يطرح نفسه كممثّل للديمقراطيين السوريين المنسلخين عن معارضة الداخل ونضالها وهمومها ويقدّم كلّ ما يساعد على تغييب وقائع وحقائق طبيعة المشروع على الصعد السورية والخارجية ويُضلل الرأي العام السوري ويشرع بالنهاية الانفصال الدستوري على الوزن العراقي.

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram