بين ليلة وضحاها، “ركب” تفاهم إقليمي ودولي للمنطقة، وكانت ترجمته في لبنان انتخاباً لجوزاف عون وتسمية لنواف سلام، وحكومة يمكن أن تكون ولادتها قريبة.
وهذا التفاهم أتى بعد اتفاق وقف النار في لبنان، وقبيل اتفاق وقف النار في غزة.
وبتشريح سريع يمكن القول:
أولاً ـ إن الزمن الآن لم يعد للحرب، بل للنفوذ السياسي والقيامة الاقتصادية.
ثانياً ـ إن المقاومات لم تخسر بمجرد أنها لم تنتهِ، وهي ستكون في صلب المعادلة وفي قلب التفاهمات.
ثالثاً ـ إن الولايات المتحدة الأميركية التي نصّبت دونالد ترامب رئيساً، دفعت تكاليف باهظة من جيبها في حروب أوكرانيا وغزة ولبنان. وصحيح أن ترامب ـ كما جميع الرؤساء الأميركيين ـ يهمهم “إسرائيل” أولاً، ولكن يفضّل الرئيس الجديد التطبيع العربي مع “إسرائيل” لا مواجهتها عربياً، وهذا لا يمكن أن يحصل إلا في “السلم”. كما يعنيه عودة النفوذ الأميركي والنهوض الاقتصادي في بلاده، وهذا ما لا يحصده بالحرب، وقد نرى في عهده نهاية لحرب أوكرانيا وتهدئة مع إيران رغم أنه مَن فَرَط الاتفاق النووي معها سابقاً.
رابعاً ـ إن الكيان الإسرائيلي، وبعد الأثمان الباهظة التي دفعها، اقتصادياً وعسكرياً وسياحياً واجتماعياً وانقساماً داخلياً مع عدم تحقيق أي من أهدافه، صار يحتاج إلى “ضربة افرام” لكي يعيد ترميم ذاته.
فالكلفة التي دفعها وتخطت السبعين مليار دولار، والهجرة المعاكسة، وقلق المستوطنين، وإقفال آلاف الشركات، مؤلمة له، وهو لأول مرة يدفعها في تاريخه. كما أن ورقة البحر الأحمر التي استخدمها اليمنيون بجرأة وبثبات وانعكاسها على التجارة الاميركية والبريطانية والاسرائيلية، مع الخشية من تمدّد الصين التي استمرت في إدخال سفنها عبر هذا الممر الاستراتيجي، ورقة ذات آثار عالية لا يمكن أن يتحمّلها الغرب أكثر.
خامساً ـ إن سقوط نظام الأسد وتوسّع الاتراك من خلال “سوريا الجديدة”، كان جرس إنذار للسعودية التي تخشى انعدام نفوذها في المنطقة، فاختارت العودة من الساحة اللبنانية من دون مواجهة مع إيران أو أي من أصدقاء طهران، خصوصاً أن المملكة تريد نفوذاً إقليمياً كما تريد تنفيذ رؤية 2030 الاقتصادية وإتمام مشروع “نيوم”، وهذه الرؤية والمشروع لا تناسبهما المواجهات.
سادساً ـ إن من يعتقدون في الداخل اللبناني أنهم منتصرون، ليسوا كذلك، لأنهم مجرد أدوات في التفاهم الجديد، ووحدهم اللاعبون الأساسيون من مختلف الجهات سيكون لهم مطرح في المستقبل القريب.
سابعاً ـ إن خريطة سوريا الآتية لم تتضح ولم تُحسم بعد، فهل ستكون موحدة أو مقسمة.. أو موزعة بين عدة نافذين؟ لا جواب بعد ولكن الأكيد أنها فقدت دورها كلاعب وصارت ملعوباً بها.
ثامناً ـ مجرد وجود “إسرائيل” في المنطقة يعني أن الاستقرار الدائم لن يكون، هو استحالة.
تاسعاً ـ إن إيران تحتاج هي أيضاً إلى فترة من التفاهمات، لتخفيف الحصار، والحفاظ على الذات، والمضيّ قدماً من دون الكثير من الضغوطات.
وأخيراً، هي مرحلة تحتاج إلى ذكاء للبقاء، والشاطر من يحافظ على وجوده في التفاهم وفي المواجهة!
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :