| رندلى جبور |
جيدة هي الحماسة الخطابية لإعادة النازحين السوريين إلى بلادهم، بعد 13 عاماً على الأزمة التي كان “التيار الوطني الحر” أول من حذر منها.
ولا بأس بالتوصية التي خرجت من تحت قبة البرلمان، وخصوصاً في الشق المتعلق بترحيل غير الشرعيين، وضبط الحدود، وفي إعلان رئيس الحكومة المستقيلة نجيب ميقاتي التزامه بها.
ولكن ليس بالكلام والتوصيات، على أهميتها، يعود النازحون، ويتحرر لبنان من عبء اقتصادي، وخطر أمني وديمغرافي.. وحتى وجودي!
مشكلتنا أن لدينا نصوصاً كثيرة لا ننفذها، وكلاماً يملأ الشاشات، ولكن بلا أفعال إلا في ما ندر.
وهنا تُطرح أسئلة وإشكاليات عدة، مع العلم أن الضغط لا يجب أن يكون باتجاه النازحين أنفسهم، بل باتجاه من أوجد الأزمة ومن يريد إبقاءهم عندنا، وتحديداً الولايات المتحدة وأوروبا والمجتمع الدولي.
هل يتجرأ ميقاتي مثلاً على المضي في خطة العودة حتى النهاية، إذا ما هدّده الغرب بمصالحه الخاصة؟ وإذا ما لبس ميقاتي ملابس المصلحة العامة، فهل يتحمّل لبنان احتمال قطع العلاقات مع الدول الكبرى، أو منع المساعدات عنه، على قلّتها، وعلى شروطها التي تتعدى على سيادتنا؟
وهل يجرؤ قائد الجيش، المتنقّل بين الدول التي تعده بالمنّ والسلوى على صعيده الشخصي وعلى صعيد المؤسسة العسكرية، على فتح البحر ليرحل النازحون إلى أوروبا، أم أنه سيبقى حارساً للحدود الأوروبية، ولنا معه تجربة إعادة مهاجرين بالمئات من منتصف الأبيض المتوسط؟
وهل يذهب المسؤولون اللبنانيون إلى دمشق ليعيدوا النازحين مهما كلّف الأمر، ولو أن قانون قيصر يتربّع على العرش؟
وهل تطوّر الأحزاب، التي حذرت من الأساس من خطر النزوح، تحرّكاتها، وتصل مثلاً إلى حدّ المكوث أمام سفارة الاتحاد الأوروبي ومنع موظفيها من الدخول والخروج، أو إلى حدّ الضغط الذي يصل إلى إقفال السفارات مع ما يمكن أن تحمله من تبعات؟
وهل تعي الأحزاب، المستفيقة حديثاً، أن الحل ليس بضرب سوري هنا أو الدفع إلى إشكال مع سوري هناك، وأن النظام السوري هو شريك في الحل ولا تمكن معاداته بعد الآن إذا أردنا تحقيق المصلحة المشتركة، وأن الشعب السوري ليس خصماً أو عدواً بل هو ضحية كما نحن؟
نعم هو ضحية حرب كونية، وقوانين دولية جائرة، ومخططات جهنمية.
العودة إلى جذور المشكلة أساس، وإلى المسبّب الحقيقي، شرط لتتحقق العودة، وإلا فسيصبح الوجود السوري في لبنان أمراً واقعاً، تماماً كما الوجود الفلسطيني، ولو لم تصدر وثائق رسمية تعلن أن التوطين حصل وأن الدمج وقع، وفي الحالتين يبقى الغرب هو الفاعل، و”إسرائيل” هي المستفيد، والضحية هما الشعبان الفلسطيني والسوري، ومن يدفع الثمن الغالي هو لبنان.
* الآراء الواردة في المقالات تعبّر عن رأي كاتبها ولا يتحمّل موقع “الجريدة” أي مسؤولية عن مضمونها
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :