الرد الايراني حقق هدفه...والأهم انه أنهى معادلة الردع القديمة التي حمت اسرائيل من المحاسبة

الرد الايراني حقق هدفه...والأهم انه أنهى معادلة الردع القديمة التي حمت اسرائيل من المحاسبة

 

Telegram

 

*نسيم بو سمرا

حين يعلن وزير دفاع العدو الا سرائيلي بيني غانتس، ان اسرائيل ستتصرف بحكمة استراتيجية وستردّ على إيران بالمكان والزمان والطرق المناسبة"، نلمس بكل وضوح التغير في الذهنية الاسرائيلية التي بدأت تتأقلم مع المتغيرات على الساحة الدولية، لا فقط مع تبدل المعادلات في منطقتنا، وكما يقول المثل:
عاشر القوم أربعين... ونحن محظوظون اننا نعيش في زمن اصبح العدو يردد جملة اشتهر فيها العرب طوال ال 75 سنة الماضية في صراعهم مع كيان العدو نتيجة عجزهم وضعفهم في مواجهة المعتدي، الى ان جاء اليوم من يضرب العدو بعقر داره، وجاء الزمن الذي تحسب فيه اسرائيل الف حساب قبل ان ترد على هجوم استهدفها مباشرة وأوجعها وغير المعادلات في الشرق الاوسط، بعيدا من كلام الاغبياء وتحليلاتهم وجهلهم لطريقة تفكير الايرانيين كما للواقع الجيو- سياسي الجديد، الذي ساد في المنطقة بعد انتصار سوريا على تنظيم داعش بدعم القيصر الروسي فلاديمير بوتين.
فإيران اولا، لا ترغب في الدخول بحرب مع العدو وحلفائه في المنطقة والعالم وغير مستعدة لأن تنجر الى حرب وفق توقيت العدو، ولذلك تقصدت بضربتها ان لا تحدث دمارا في كيان العدو، فحصرت بنك اهدافها في قواعد وثكنات عسكرية ومطارات حربية .
بمراجعة الحراك الايراني الذي بدأ منذ ضرب القنصلية الايرانية في دمشق قبل اسبوعين من ردها، واستشهاد ضباط كبار في الحرس الثوري، والذي تدرج سياسيا ودبلوماسيا لانتزاع ولو ادانة دولية لهذا الهجوم غير المسبوق على هدف مدني يمس سيادة الدول، مثل السفارة والقنصلية، وهي بهذه المدة الطويلة، أقلقت العدو ووضعته باستنفار شامل، فحققت هدفها الاول قبل ان تنفذ ردها، ما أظهر بوضوح ان الضربة الايرانية ليل السبت الأحد جاءت بعد استنفاذ كافة الطرق الدبلوماسية وبالتالي لم يعد امام ايران سوى استخدام الحل العسكري لردع العدو، ولذلك ابلغت السعودية عن قصد قبل 72 ساعة من الضربة عن حصولها، لتصل هذه المعلومات الى الولايات المتحدة حليفة اs رائيل، وكذلك فعلت بالتكتيك العسكري لعملية الهجوم، فارسلت عن قصد طائرات من دون طيار تحتاج للتحليق تسع ساعات لتصل الى هدفها، بينما كان بامكانها مباغتة العدو بصواريخ كروز وباليستية او كان من الاسهل لها اطلاق صواريخ قصيرة المدى من سوريا او اليمن، لو كان هدف الضربة هو التدمير والقتل وبالتالي الدخول في حرب شاملة.
غير ان هدف ايران كان غير ذلك وقد نجحت في تحقيقه:
1-    افهام العدو وحليفه كما المطبعين مع العدو ان ايران لا تسكت عن الاعتداء عليها وعلى المس بأمنها القومي
2-    ان ايران لن تسمح بتعريض مصالحها الحيوية للخطر في منطقة الشرق الاوسط برمتها
3-    ان ايران لن تسمح بمحاولات تطويقها وبقطع أذرعها بالمنطقة
4-    وان ايران لن تترك العدو يحقق أهدافه في غزة حتى لو اضطرت الى التدخل مباشرة بالصراع هناك
5-    كسر هيبة العدو بضرب أراضيه وانهاء معادلة الردع القديمة التي ابقته حتى يومنا هذا فوق القانون وبعيدا عن المحاسبة .

بالمحصلة، كان عرض قوة من ايران، ورسالة مفادها انها لا تملك فقط حلفاء في المنطقة يدافعون عنها او يدورون بفلكها، بل هي تملك القوة لتضرب والشجاعة لتعلن ذلك علنا (طالما ان الضربة جاءت من أراضيها) كما ان ترسانتها من الصواريخ والطائرات المسيرة التي ولاول مرة منذ تصنيعها استخدمت بهذا الشكل ضمن أسراب، والتي كان من الممكن ان تحدث تدميرا هائلا لوحدها، حتى من دون ارسال صواريخ لاكمال المهمة، فضلا عن ان هذه الطائرات استنفذت قدرة القبة الحديدية، ما سمح للصواريخ باصابة اهدافها بدقة، وليس صحيحا انه تم تدمير 99 بالمئة منها، فالرقم اذا تمت المبالغة فيه، يمكن ان يتصدى ل 80 الى 85 بالمئة كحد اقصى من الصواريخ المتجهة الى أهدافها، وهذا ما حدث بهذه الضربة الايرانية، على الرغم من مساعدة الاقمار الصناعية الاميركية التي رصدت الاهداف قبل ساعات وبتشغيل سلاح جو أقوى دولتين في حلف الناتو هما بريطانيا وفرنسا الى جانب الطيران الحربي الاميركي، للتصدي للاهداف المغيرة، ومع ذلك حقق الهجوم الايراني أهدافه وأصاب أكبر قاعدتين عسكريتين تنطلق منهما أحدث الطائرات الحربية وأكثرها تطورا في العالم، (ف 35) فأصاب مدارجها وألحق خسائر مادية لا يستهان فيها، كما عطل مركز المعلوماتية فيها لأيام عدة.

فاذا، الجمهورية الاسلامية في ايران هي دولة مؤسسات تخطط وتنفذ لاهداف بعيدة الأمد وتنظر الى مصالحها الحيوية من باب عقيدتها كما قناعاتها القومية، وتضع قضية فلسطين أولوية في روزمانتها الوطنية ، أما كل مقهور ومظلوم في المنطقة والعالم فله عندها مكانا وتحسب له حسابا، متحالفة لأجل نصرة المستضعفين مع الدول التي تقارع الولايات المتحدة وتتصدى لمشاريعها الاستعمارية وتفرض نفسهاعلى الخارطة العالمية بقوة الحق، وهي نجحت الى حد كبير في كسر الأحادية لصالح تعدد الأقطاب في نظام عالمي جديد يستند الى العقل والحقوق والعدالة.

*باحث وصحافي

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram