افتتاحية صحيفة البناء:
بلينكين يعلن رفع اسم أنصار الله من لوائح الإرهاب… رغم الاعتراض السعوديّ
الحريريّ في بعبدا: كسر جليد وربط نزاع... وكلمة بسقف عال الأحد
نصرالله يتحدّث الثلاثاء... واللقاح يصل اليوم... واعتصام المحكمة العسكريّة مستمرّ
في ظل تفاوت المواقف الأميركية من مسار الملف النووي الإيراني بين خشية على الحلفاء من تداعيات ما بعد العودة الى الاتفاق النووي مع إيران، وخشية من امتلاك إيران لسلاح نووي إذا طالت المدة الفاصلة عن العودة للاتفاق وخضعت واشنطن للارتباك، تستمرّ محاولات التميز الأميركية عن المواقف السعودية رغم الكلام الصادر عن التمسك بالحلف مع السعودية، وجديدها إعلان وزير الخارجية الأميركية توني بلينكن رفع اسم أنصار الله عن لوائح الإرهاب الأميركية يوم الثلاثاء المقبل.
لبنانياً، بينما يستمر اعتصام أهالي الموقوفين في أحداث طرابلس أمام المحكمة العسكرية، وقد شهد أمس مواجهات بين القوى الأمنية والمعتصمين، وفيما ينتظر لبنان وصول الدفعات الأولى من اللقاح بفايزر ضد كورونا الى بيروت اليوم، كانت الأنظار مشدودة الى بعبدا حيث خرقت الزيارة المفاجئة والقصيرة للرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري جمود العلاقة بين الحريري ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون، بعد الفيديو المسرّب عن حديث للرئيس عون يتهم فيه الرئيس الحريري بالكذب، بينما جاء الكلام الصادر عن الحريري وإعلام قصر بعبدا متطابقاً لجهة اللهجة والمضمون بالإشارة الى أن المسار لا يزال معقداً وأن الخرق في الشكل كان يغطّي جفافاً متبادلاً في العلاقات الرئاسية، حيث أشار بيان بعبدا الى أن اللقاء تمّ يطلب من الحريري في إشارة الى أن عون لم يلبّ طلبات دعوة الحريري التي أطلقها البطريرك الراعي ولم يعتذر، كما اشترطت بيانات المستقبل، بينما صرّح الحريري بأن لا تقدّم، مؤكداً تمسكه بحكومة اختصاصيين من 18 وزيراً ومن غير الحزبيين وليس فيها ثلث معطل.
مصادر تتابع الملف الحكوميّ وضعت الزيارة في إطار خطوة في مسار، لا يمكن توقع أن تخرج بنتائج مباشرة بعد قطيعة في ظروف ملتبسة، مشيرة الى أن الحريري بموافقته على مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري، يكون قد وافق على تسمية رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر لخمسة وزراء من الـ18، أسوة بسائر الأطراف وضمن المعايير ذاتها، بينما تأكيد بعبدا لعدم المطالبة بالثلث المعطل، يلاقي مبادرة بري، لينحصر البحث بثلاث نقاط خلافية، أن يحتسب وزير حزب الطاشناق، داخل الحصة الرئاسية أم خارجها، ولمن ستكون وزارتا العدل والداخلية، وعدد الوزراء بين حكومة من 18 وحكومة من 20 وزيراً. وقالت المصادر إن اللافت هو أن الوزير المسيحي السادس الذي يطالب به رئيس الجمهورية ويسعى رئيس الحكومة لتسميته، هو الوزير المفترض أن يمثل الحزب السوري القومي الاجتماعي، والذي يتحقق عبر إعادته الى أصحابه تخطي عقدة حقيقيّة ناشئة عن محاولة وضع اليد من الرئاستين عليه على حساب تمثيل القومي، وعندها تصير الموازنة بين القضيتين الباقيتين، فمن ينال حصة أوفر في وزارتي الداخلية والعدل يتخلّى عن شروطه في عدد الوزراء.
بعدما انتظر اللبنانيّون أن يعود الرئيس المكلف سعد الحريريّ إلى بيروت بأخبارٍ حكوميّة سارة تُشفي غليلهم وتبدّد الأجواء التشاؤميّة التي تسود في البلد، أتتهم الصدمة من بعبدا بعدما تبيّن أن الحريريّ عاد بخفي حنين وخالي الوفاض من أي حلول للأزمة الحكوميّة، حيث التقى الرئيسان ميشال عون والحريري على أن لا تقدّم على صعيد تأليف الحكومة.
وقد بدت علامات الغضب والتشاؤم والارتباك واضحة على وجه الحريري بعد خروجه من اللقاء مع رئيس الجمهوريّة، وتحدّث بلهجة تصعيديّة محملاً المسؤولية للرئيس عون بشكلٍ غير مباشر. وصرّح الحريري بعد اللقاء قائلاً: "بعد الزيارات التي قمت بها إلى تركيا ومصر وخاصة خلال زيارتي الأخيرة لفرنسا حيث لمست حماساً لتشكيل الحكومة من خلال خريطة الطريق التي وضعها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والتي وافقنا عليها في قصر الصنوبر لإنقاذ لبنان ووقف التدهور وإعادة إعمار مرفأ بيروت، وكل ذلك جاهز". وأضاف: "المشكل اليوم أنه لطالما، لا حكومة من الاختصاصيين غير التابعين لأحزاب سياسية، لا يمكننا القيام بهذه المهمة، واذا كان هناك مَن يعتقد انه إذا ضمت هذه الحكومة أعضاء سياسيين، فإن المجتمع الدولي سيبدي انفتاحاً حيالنا او سيعطينا ما نريده فنكون مخطئين، ومخطئ كل مَن يعتقد ذلك. الفكرة الأساسية هي تشكيل حكومة تضمّ وزراء اختصاصيّين لا يستفزون أي فريق سياسي ويعملون فقط لإنجاز المشروع المعروض امامهم. تشاورت مع فخامة الرئيس وسأتابع التشاور، لم نحرز تقدماً ولكني شرحت له أهمية الفرصة الذهبية المتاحة أمامنا، لذا يجب علينا الإسراع في تشكيل هذه الحكومة وعلى كل فريق سياسي ان يتحمل مسؤولية مواقفة من الان وصاعداً". وأكد الحريري رداً على سؤال أن "موقفي ثابت وواضح وهو حكومة من 18 وزيراً جميعهم من الاختصاصيين ولا ثلث معطلاً فيها وهذا ما لن يتغيّر لديّ".
وبعد مغادرة الحريري قصر بعبدا، أعلن مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية في بيان: "استقبل الرئيس عون الرئيس الحريري بطلب منه وتشاور معه في موضوع تشكيل الحكومة العتيدة بعد الجولات التي قام بها الرئيس الحريري الى الخارج، حيث تبين أن الرئيس المكلّف لم يأت بأي جديد على الصعيد الحكومي".
وأفيد أن الحريريّ عاد وقدّم لعون التشكيلة التي قدّمها سابقاً من دون تعديلات وبشكلٍ مطبوع ورئيس الجمهورية أعادها إلى الرئيس المكلف بعدما اطّلع عليها قائلاً "الأمور هيك ما بتمشي". وأشارت المعلومات الى أن فرنسا نصحت الحريري بزيارة عون لكسر الجليد.
وبحسب معلومات "البناء" فإن الحريري رفض مطلب عون زيادة عدد وزرائه الى سبعة للحؤول دون حصوله على الثلث المعطل وبالتالي سقط اقتراح توسيع الحكومة إلى 20 وزيراً، كما طالب عون لتمثيل النائب طلال أرسلان.
وأتبعت بعبدا بيانها الرسمي بحملة تسريبات عبر صفة مصادر تحمل رسائل شديدة اللهجة باتجاه بيت الوسط. حيث انتقدت مصادر مقرّبة من بعبدا بشدّة قول الحريري "ليتحمل كل فريق مسؤولية مواقفه"، مشدّدة على أن "لا طابات في ملعب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وطرحه ما زال هو نفسه ولم يعدّل في موقفه". وأعربت المصادر عن أسفها حيال "بقاء الحريري على موقفه بعد كل الجولات والزيارات التي قام بها الى العديد من العواصم ومنها عواصم ساهمت في إيجاد حلول للبنان كباريس ولقائه بالرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون". واضافت: لم يظهر أن أوجاع الناس وانتظاراتها وآمالها قد فعلت فعلها في قرار الرئيس الحريري أو في تغيير مقاربته للأمور، لا سيما أن الجميع سمع التصريح المتشنج من القصر الذي لم يحمل جديداً أو طرحاً يمكن البحث فيه". وتابعت المصادر: "قد يكون الأمر في ان العجز المقيم عند الحريري ما زال كما هو، وبالتالي ليس أمامه الا ان يبقي على طرحه الامر الذي سيأتي بالثمار ذاتها أي الرفض من قبل العهد"، مذكرة بأن "الحريري لم يقبل بمبدأ المعايير الواحدة ولم يحترم المادة 95 من الدستور التي تنصّ على "تمثل الطوائف بصورة عادلة في تشكيل الوزارة". وختمت: "للأسف اعتقدنا أن الترياق قد يأتي من هذه الأسفار المتتالية للحريري".
وأشارت مصادر مطلعة على المسار الحكومي إلى أن "زيارة الرئيس المكلف لقصر بعبدا لم تظهر أي تبدل في سلوكه، لا بل سجّل سابقة غير مقبولة بروتوكوليّا ولا تليق برجل دولة. إذ لا يزال يُصرّ على انه هو من يشكل الحكومة لوحده وأن دور رئيس الجمهورية يقتصر على التوقيع". وتابعت: "ان تصرف الحريري بهذا الشكل والعرقلة التي يمارسها دليل على ان التدقيق الجنائي هو السبب الرئيسي، خاصة أن سلوكه الاستفزازي يهدف الى نسف أي فرصة لتشكيل حكومة، أولى مهامها وفق المبادرة الفرنسية إجراء التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان".
في المقابل، رفضت مصادر تيار المستقبل التعليق على بيان بعبدا ومصادره المسرّبة المقرّبة والبعيدة، وفضلت انتظار ما سيقوله الحريري في كلمته الأحد في ذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
وإذ لفتت مصادر "البناء" إلى أن الحريري يتّجه الى تصعيد الموقف في كلمته الأحد ضدّ رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل وبعبدا من دون كسر الجرّة مع رئيس الجمهورية. أكدت مصادر تيار المستقبل لـ"البناء" أن لا أحد سوى الحريري يعرف ماذا سيقول في 14 شباط". مشيرة إلى أن الرئيس المكلف سيسمي الأسماء والأشياء بأسمائها وسيستعرض كل ما حصل معه في المرحلة الماضية منذ تكليفه حتى الآن". وأوضحت أن الحريري بادر الى زيارة بعبدا لكي يؤكد بأنه تجاوز مسألة الفيديو المسرّب وأن الخلاف مع عون ليس شخصياً بل يتعلق بمقاربة التشكيلة الحكومية"، إلا أنه يبدو أن عون وباسيل بحسب مصادر المستقبل لا يريدان الحريري في رئاسة الحكومة ويعملان بكافة الطرق لتهشيله ودفعه للاعتذار. مذكرة بأن "عون وباسيل رفضا الحريري منذ البداية تحت حجة تأليف حكومة من رئيس ووزراء تكنوقراط وكأن رئيس الجمهورية هو رئيس تكنوقراط". ولا تستبعد المصادر أن "يستمرّ عون بإغلاق باب التأليف الحكومي، فمن وصف الحريري بالكاذب يفعل كل شيء لضمان مصلحته الشخصية ولو على حساب مصلحة البلد".
وأكدت المصادر بأن الحريري لن يعتذر ولو استمر التعطيل لأشهر طويلة طالما أنه يقوم بواجبه الدستوري بتقديم التشكيلة الى رئيس الجمهورية.
وعكست أجواء عين التينة تشاؤماً وامتعاضاً مما آل اليه الوضع الحكومي. وأشارت أوساط مقرّبة من عين التينة لـ"البناء" إلى أن "رئيس المجلس النيابي نبيه بري كان ينتظر أن تعيد زيارة الحريري إلى بعبدا الحرارة إلى العلاقة بين عون والحريري والانطلاق بجولة مشاورات جديدة تؤدي إلى تأليف الحكومة وفق ما نصت عليه المبادرة التي طرحها رئيس المجلس، لكن يبدو أن الأجواء لم تكن إيجابية ومخيبة للآمال وأن الثلث المعطل لا يزال يفرض نفسه على المعادلة الحكومية".
وفور مغادرة الحريري بعبدا سجل سعر صرف الدولار ارتفاعاً لامس الـ9000 ليرة مع توقع خبراء في الاقتصاد أن يقفز الدولار عن عشرة آلاف ليرة في الأيام القليلة المقبلة.
على صعيد آخر، وفي ما تصل الدفعة الأولى من اللقاحات إلى بيروت اليوم يبدأ التلقيح للمستفيدين من الفئة الأولى من المرحلة 1- ألف يوم الأحد في السراي الحكومي عبر مؤتمر صحافي لوزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن بعد اجتماع للجنة الوزارية لمتابعة وباء كورونا برئاسة الرئيس حسان دياب. حيث يبدأ التلقيح في بيروت الأحد على أن يبدأ في كل لبنان الاثنين.
وأعلنت وزارة الصحة العامة عن "إعادة العمل بالخط الرباعي الساخن 1214 على الشبكة الثابتة وشبكتي الهاتف الخلويّ "ألفا" و"تاتش"، وتخصيصه للقاح، للإجابة عن استفسارات المواطنين حول اللقاح والمساعدة على الولوج إلى منصة التسجيل للفئات التي تحتاج إلى ذلك.
بالتوازي مع بدء حملة التلقيح واستمرار العمل وفق خطة إعادة فتح البلد في مراحلها الأربع، تعمل الحكومة على تنفيذ خطة الدعم الاجتماعي للحد من الآثار السلبية لإقفال البلد ولإنجاح خطة مواجهة الوباء. وأعلن وزير الشؤون الاجتماعيّة والسياحة في حكومة تصريف الاعمال رمزي مشرفيّة إلى أن "لدى الوزارة برنامج يشابه برنامج مساعدة الأسر الأكثر فقراً، وهو يخدم حاليًّا 15 ألف عائلة، ونعمل على زيادة العدد إلى 50 ألف عائلة". وقال إن "البنك الدولي سيساعد على تقوية الشركات الصغيرة والمتوسطة"، وأعلن أنه "لم يُقرّر بعد ما إذا كانت ستوزع أموال قرض البنك الدولي بالليرة اللبنانية أم الدولار، ولكن تمّ التواصل بين وزير المال غازي وزني وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة في هذا الخصوص".
في غضون ذلك شهد محيط المحكمة العسكرية في بيروت توتراً بين المحتجين على توقيف ناشطين شاركوا في تظاهرات طرابلس الأخيرة، وبين القوى الأمنيّة. ورمى المحتجون القوى الأمنية بالحجارة، وردت الأخيرة بالقنابل المسيلة للدموع ورش المياه ودفعتهم إلى التراجع باتجاه البربير وكورنيش المزرعة، ثم توجّه المحتجون إلى وسط بيروت. وشددت القوى الأمنية إجراءاتها، وقطعت كل الطرقات المؤدية باتجاه المحكمة العسكرية وتمّ توقيف بعض الأشخاص. وأفيد أن قاضي التحقيق العسكري مارسيل باسيل استجوب اثنين من الموقوفين خلال أحداث طرابلس وحوّل الملف الى مفوّض الحكومة لإبداء الرأي.
وفيما تحول هاتف لقمان سليم إلى لغز، وبعد أسبوع على مقتله أكدت مصادر قضائية أن هاتف سليم سُلّم الى الأجهزة المختصة. ولفتت المصادر الى أن العمل جار على تحديد حركة الهواتف في مسرحَيْ الاختطاف والجريمة، اضافة الى العمل على الاستمرار بتحليل كاميرات المراقبة.
*******************************************************************
افتتاحية صحيفة الأخبار:
اجتماع بعبدا: لزوم ما لا يلزم
لم يكن توافق رئيس الجمهورية والرئيس المكلف بعد الاجتماع الخامس عشر البارحة على أن لا تقدم في تأليف الحكومة، سوى تأكيد أن أيّاً منهما ليس في وارد التخلّي عن شروطه، كما أن التعويل على زيارة باريس كان في غير محلّه.
مقدار ما بدا مفاجئاً الاجتماع الخامس عشر بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري، وأوحى بجرعة أمل طارئة في تأليف الحكومة، أتى ردّاهما السلبيان على أثره أكثر تعبيراً عن الأوهام المستعجلة. وصل الحريري الى قصر بعبدا بلا تحضير مسبق، فأسقط للتوّ تداعيات الفيديو الذي وصفه فيه عون بأنه "كاذب". كان قد شاع منذ بثّ الفيديو في 11 كانون الثاني الفائت أن الحريري لن يذهب الى قصر بعبدا، ما لم يعتذر رئيس الجمهورية عما عُدّ "إهانة" لحقت به. بلا اعتذار مسبق حضر البارحة، وطوى الصفحة العابرة.
أما فحوى الاجتماع الخامس عشر، الأول منذ 23 كانون الأول المنصرم، فهزيل للغاية. أتى الرئيس المكلف حاملاً معه المسودة نفسها، بالأسماء والحقائب بما فيها الحصة المسيحية، التي كان قد سلّمها الى عون في اجتماعهما الرابع عشر وأصرّ عليها فرفضها الرئيس، ودخلا مذذاك في قطيعة. أكد الحريري تمسكه بمسودته هذه على أنه الرئيس المكلف الذي يؤلف الحكومة، مع اشتراطه نفسه أن تكون 18 وزيراً. رد فعل رئيس الجمهورية بعدما قرأها، أن أعادها إليه.
انطباع عون على أثر اللقاء كان سلبياً بعبارة مقتضبة: الحال مش ماشي.
من ثم كان بيان رئاسة الجمهورية بمثابة رد على ما صرّح به الحريري لدى مغادرته، ومغزاه في عبارته الأخيرة أن على فريق أن يتحمّل مسؤولية مواقفه. بإلقائه التبعة على رئيس الجمهورية، يبرّر سلفاً النبرة العالية المتوقعة في الكلمة التي سيلقيها في ذكرى اغتيال والده الأحد 14 شباط.
بذلك عزز اجتماع لزوم ما لا يلزم أمس الاشتباك الدائر بين الرئيسين. كلاهما متصلّب في شروطه دونما إبداء استعداده للتنازل عن أي منها، في الوقت نفسه يسلّمان ضمناً بأنهما شريكان فعليان في تأليف الحكومة، فلا تصدر بلا موافقة الآخر، ولا يسع أحدهما فرضها على ندّه. المهم المعبَّر عنه في هذا الاجتماع، إقرارهما الضمني أيضاً بأن ما يحدث بينهما مشكلتهما في بُعديها الشخصي والسياسي فحسب.
ترجمة لذلك فُسّرت حصيلة اجتماع الحريري بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مساء الأربعاء (10 شباط) بأنها غير مثمرة، وأخفقت في إحداث أي تطور على الخلاف الرئاسي. ساهم في تبرير هذا التفسير أن باريس ــــ المعتادة على إبراز مراسم الاحتفاء به لدى دخوله وخروجه ــــ لم تتبنَّ استقبال الرئيس المكلف ولا التحدث عن عشاء الأربعاء، متجاهلة إياه تماماً. فإذا حدث ــــ خلافاً لكل التطبيل الذي أُعطي لها ورافق قبلاً الجولة الأخيرة للحريري منذ الأعياد ــــ مماثل لزياراته أبو ظبي وتركيا ومصر، من دون أن يعثر بعد على منفذ إلى الرياض الموصدة الأبواب في وجهه حتى إشعار آخر، بما في ذلك ــــ هو الحامل جنسيتها ــــ السماح له بدخول أراضيها، وإن من شقّ الباب.
منذ مطلع هذا الأسبوع، تقاطعت المعلومات التي وصلت الى المسؤولين الرسميين حيال موقف باريس من مأزق تأليف الحكومة، عشية اجتماع الحريري بماكرون وغداته، وتمحورت حول بضعة معطيات لا تشير الى تحوّل جدي ملموس أكثر مما هو معلوم عنها، وخصوصاً في ظل الغموض الذي لا يزال يحوط بزيارة ثالثة محتملة لماكرون لبيروت أو إرسال موفد له، الأمر الذي عنى، حتى إشعار آخر، ترك تأليف الحكومة بين يدي صانعَيها الاثنين المستعصي تفاهمهما:
1 - يسيء باريس أن الأفرقاء اللبنانيين جميعاً تنصّلوا من المبادرة الفرنسية، وأخلّوا بالتعهدات التي قطعوها للرئيس الفرنسي في زيارته الثانية لبيروت، وكانوا قد أكدوا له التزامهم تنفيذ بنود مبادرته قبل أن يكتشف لاحقاً أنهم خدعوه. مذذاك لم يطرأ لدى هؤلاء الأفرقاء أي استعداد معاكس، وثابروا على إنكار المبادرة، بدءاً بأبرز بنودها وهو تأليف حكومة اختصاصيين منذ إطاحة مصطفى أديب الذي صار الى تكليفه عشيّة وصول ماكرون الى بيروت في زيارته الثانية في 31 آب، ثم أُبعد بعد أقل من شهر.
2 - ما يثير استغراب باريس، في ضوء تواصلها مع الأفرقاء اللبنانيين، أنهم يغرقون أنفسهم في أوهام أن أحداً ما، أو قوة دولية، ستنقذهم في اللحظة الأخيرة قبل الانهيار الشامل. بين هؤلاء ــــ يقول الفرنسيون ــــ مَن يعتقد أن المشكلة تنتهي من تلقائها، ولذا يتمسكون بشروطهم ولا يبدون أي استعداد لأدنى تنازل.
3 -لا يفاجئ الفرنسيين ما يعرفونه عن اللبنانيين، على مرّ عقود العلاقات التاريخية بين البلدين، كما في أزمات محنهم وأزماتهم، أنهم أخبر من يُعوِّل على عاملَي الوقت والانتظار، ويتعمّدون ربط مشكلاتهم الداخلية بالملفات الإقليمية والدولية الشائكة. يرى الفرنسيون أن الأفرقاء المعنيين بالأزمة الحكومية الحالية يلتقون على هذين العاملين، لكنّ كلاً منهم يدرجه في جدول أعمال مختلف: ينتظر حزب الله والدائرون في فلكه نتائج المفاوضات الأميركية ــــ الإيرانية واحتمال العودة الى الاتفاق النووي الذي من شأنه تحسين شروطه في الداخل، عوض تقديم تنازلات مكلفة حيال موقعه في المعادلتين المحلية والإقليمية، ويعزّز موقعه التفاوضي بإزائهما. في المقابل، يربط الأفرقاء الآخرون، كالحريري ووليد جنبلاط والنائب جبران باسيل وسمير جعجع، هذه المفاوضات بانعكاسها على الانتخابات النيابية والرئاسية السنة المقبلة، على أن تصل هذه القوى الى هذين الموعدين قادرة على فرض شروطها متسلّحة بموقف تفاوض قوي بدوره. لذا يسهل فهم الشروط التي يتبادلها هؤلاء جميعاً حيال تأليف حكومة يفترض أن تكون قائمة قبل حلول الاستحقاقات المهمة تلك: تداعيات الاتفاق النووي المحتمل والانتخابات الدستورية اللبنانية المتوالية.
4 -منذ زيارته بيروت، لم تتغيّر الرسائل المباشرة التي وجّهها الرئيس الفرنسي مباشرة، أو موفده أو سفيره في بيروت، الى الأفرقاء اللبنانيين جميعاً بلا استثناء، وهو أن لا حل للمشكلة اللبنانية إلا بمباشرة الإصلاح الاقتصادي والنقدي فوراً وعلى نحو عاجل. أوفت فرنسا بكل ما تعهدت به الى الآن، من غير أن تلقى يداً مُدّت إليها تؤكد الشروع في تنفيذ مبادرتها، وأولها تأليف حكومة جديدة.
5 -لا مبادرة فرنسية جديدة، ولا تعديل في بنود المبادرة الحالية، بل إصرار عليها على نحو وضعها أمام المسؤولين والقيادات اللبنانية حينما جمعهم الرئيس الفرنسي في قصر الصنوبر في الأول من أيلول. الأهم في ما تصرّ عليه باريس، أن على الأفرقاء اللبنانيين أن لا يقلعوا عن التفكير في أن تنصّلهم من المبادرة من شأنه أن يحمل ماكرون على تقديم عروض بديلة. لا حلّ للأزمة إلا وفق ما اقترحه وهو تأليف حكومة تعكف على إقرار الإصلاحات التي أوردها مؤتمر سيدر عام 2018 وما أوصى به صندوق النقد الدولي.
**********************************************************************
افتتاحية صحيفة النهار
عون يتصلّب في التعطيل والحريري لن يتراجع
لم تبدّل الزيارة المفاجئة التي قام بها الرئيس المكلف سعد الحريري لقصر بعبدا غداة عودته من باريس وعقده الاجتماع الخامس عشر مع رئيس الجمهورية ميشال عون في اطار اجتماعات مسار تشكيل الحكومة صورة الازمة الحكومية، وربما زادتها قتامة، ولكن ذلك لم يحجب الدلالات البارزة التي تركها هذا التطور.
ذلك انه اذا كان الحريري نفسه صارح الرأي العام بعد نحو نصف ساعة استغرقها الاجتماع مع عون بعد طول انقطاع بينهما بان أي تقدم لم يتحقق في تذليل العقبات امام ولادة حكومته، فان ذلك استدعى تساؤلات فورية عما اذا كانت الازمة تحولت الى كباش مكشوف حول استمرار رعاية الوساطة الفرنسية بقرار من الفريق المعطل للتشكيل أي العهد و”التيار الوطني الحر” بدعم ضمني من “حزب الله”، وهل يملك هذا الفريق قرارا واضحا وتوقيتا واضحا للافراج عن الحكومة وبأي شروط وبأي معايير إقليمية بعدما صارت قصة المعايير التي يرفعها اشبه بواجهة شكلية ملبننة لاهداف إقليمية لم تعد محجوبة على احد. والواضح في هذا السياق ان الرئيس المكلف في زيارته لقصر بعبدا غداة عودته من جولة خارجية شملت مصر ودولة الإمارات وفرنسا وعشية احياء الذكرى الـ16 لاغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري غدا، أحدث تحريكا للمستنقع السياسي والحكومي من خلال اثباته الرغبة في كسر الجليد مع عون وإظهار احترامه لموقع الرئاسة باطلاعه على الأجواء التي توافرت له خلال جولته. ولكن الدلالة الأبرز تمثلت في تمسك الحريري بموقفه الثابت من التشكيلة التي قدمها الى عون في الاجتماع السابق وعاد امس الى تأكيدها بعدد وزرائها وتوزيع حقائبها الامر الذي عكس عودته بدعم واضح من الفرنسيين كما من مصر والإمارات في هذا الاتجاه.
اذاً لم تأت زيارة الرئيس المكلف سعد الحريري الى بعبدا بأي جديد، بل زادت حدة المواقف المتباعدة بينه ورئيس الجمهورية الذي اصر على اعتماد وحدة المعايير في تمثيل الكتل النيابية والتمثيل المسيحي في الحكومة.
وخلافا لما تردد علمت “النهار” ان الرئيس الحريري لم يحمل الى اجتماعه الخامس عشر مع رئيس الجمهورية تشكيلة جديدة او تشكيلة معدلة بل تمسك بالتشكيلة السابقة التي كان وضعها امام رئيس الجمهورية في زيارتيه السابقتين المتتاليتين في 22 و23 كانون الاول الماضي.
بعد القطيعة
وعلم ان الحريري بادر عقب زيارته باريس الى الاتصال برئيس الجمهورية وطلب الموعد للقائه بعد قطيعة بينهما استمرت شهرين الا اسبوع، لكسر الجليد وخطا باتجاه قصر بعبدا، بهدف المصالحة والمصارحة والبحث عن قواسم مشتركة في عملية التأليف، لكنه فوجئ بمزيد من التصلّب لدى رئيس الجمهورية. وعندها أكد كل منهما تمسكه بوجهة نظره وباعتباراته التي تدفعه الى عدم التراجع.
فالرئيس عون يعتبر ان تراجعه يعني تنازلاً عن صلاحياته التي تعطيه حق الشراكة في تسمية كل وزراء الحكومة وليس فقط الوزراء المسيحيين، وهذا ما لن يسجله على عهده. وبالنسبة اليه ان حكومة اختصاصيين مستقلين لا ترأسها شخصية سياسية ولا يجوز ان يتفرد بتسمية وزرائها، فضلاً عن انه بحكومة الـ18 وزيراً يعطي وزراء حقيبتين لا يمكن لأحد ان يجمع اختصاصاً في كليهما كالخارجية والزراعة على سبيل المثال.
اما الرئيس الحريري فينطلق من ان الاهم من تأليف الحكومة هو قبولها من الدول والجهات المانحة التي تشترط ابعاد السياسيين عنها لتمنحها الثقة ولتقدم لها المساعدات المطلوبة في عملية الانقاذ. فإذا جاءت هذه الحكومة على صورة الحكومات السابقة من ممثلين عن الاحزاب والقوى السياسية فلن يساعدها احد ولن يدفع للبنان فلس واحد. لذلك، يصرّ الرئيس الحريري على التشكيلة التي كان قدمها ويعتبر ان الاسماء التي اختارها لا تخص أحداً وهي من شخصيات مستقلة لا يمكن لأحد ان يسجل عليها ملاحظة. فالأهم بالنسبة اليه هو المجيء بحكومة قادرة على تنفيذ خريطة طريق الاصلاحات التي نصت عليها المبادرة الفرنسية والتي التزم بها جميع الاطراف السياسية في لبنان، خلال اللقاء مع الرئيس ايمانويل ماكرون. وقد تيقّن الحريري من خلال رحلاته الخارجية واللقاءات التي عقدها ولاسيما لقاؤه الاخير مع الرئيس ماكرون ان المبادرة الفرنسية هي مبادرة الانقاذ الوحيدة المدعومة اوروبياً واميركياً وحتى عربياً وهي مشروطة بتنفيذ ورقة الاصلاحات كمدخل وحيد لأي مساعدة من الدول والجهات المانحة. وسعى الرئيس المكلف في الوقت المستقطع داخلياً الى تحريك صداقاته والتحرك باتجاه الدول الداعمة للبنان للتحضير والحشد لمؤتمر الدعم المنتظر عقده من اجل مساعدة لبنان ما ان تشكل الحكومة، وازداد اقتناعا بأن برنامج الحكومة يتقدّم على اي شيء آخر، وهو لن يقبل بحكومة قد تعمّق الازمة وقد تقضي على اي أمل بالنهوض.
ولم يخف عن وجه الحريري وهو يغادر المكتب الرئاسي استياءه لاسيما عندما اعلن ان لا تقدم في عملية التأليف. وكانت لافتة عودته الى المنبر بعد ان ابتعد عنه امتاراً ليقول إن الحكومة التي يتمسك بها هي من 18 وزيراً ولا ثلث معطلاً فيها لأحد.
التشنج نفسه سرعان ما عكسه ايضاً بيان مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية، الذي قال “إن رئيس الجمهورية استقبل رئيس الحكومة المكلف بطلب منه وتشاور معه في موضوع تشكيل الحكومة العتيدة بعد الجولات التي قام بها الرئيس الحريري الى الخارج، حيث تبين ان الرئيس المكلف لم يأت بأي جديد على الصعيد الحكومي”.
امام هذا الافتراق على الصعيدين الشخصي والحكومي بين شريكي التأليف، اقفلت ابواب التسوية الحكومية داخلياً ويبدو واضحاً ان الأمل بالحل تطاير كورقة في مهب رياح التحوّلات الاقليمية والدولية. واستوقف المراقبين قول الحريري “المشكل اليوم انه طالما لا حكومة من الاختصاصيين غير التابعين لاحزاب سياسية، فلا يمكننا القيام بهذه المهمة، واذا كان هناك من يعتقد انه اذا ضمت هذه الحكومة أعضاء سياسيين، فان المجتمع الدولي سيبدي انفتاحا حيالنا او سيعطينا ما نريده فنكون مخطئين، ومخطئ كل من يعتقد ذلك. الفكرة الأساسية هي تشكيل حكومة تضم وزراء اختصاصيين لا يستفزون أي فريق سياسي ويعملون فقط لانجاز المشروع المعروض امامهم. تشاورت مع فخامة الرئيس وسأتابع التشاور، لم نحرز تقدما ولكني شرحت له أهمية الفرصة الذهبية المتاحة امامنا”. واكد رداً على سؤال ان “موقفي ثابت وواضح وهو حكومة من 18 وزيرا جميعهم من الاختصاصيين ولا ثلث معطلا فيها وهذا ما لن يتغير لدي”.
وسط هذه الأجواء تتجه الأنظار غدا الى مضمون الكلمة التي سيلقيها الحريري في مناسبة ذكرى اغتيال والده. واعلنت المفوضية الأوروبية، في بيان امس “أننا لا نستطيع دعم لبنان من دون حكومة قوية وقادرة على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة”.
من جهته، حاول “حزب الله” تبرئة ساحته من تهمة التعطيل، فأعلن رئيس المجلس السياسي في الحزب السيد ابرهيم أمين السيد ان “الجميع يعلم حرص الحزب على تشكيل الحكومة وفي أسرع وقت ممكن”، رافضا “ربط عملية التأليف بالاتفاق النووي الإيراني”، واضعا ذلك “في إطار المبالغة”، واعتبر أن “الانتظار لا معنى له وهو يدلل على فشل بعض السياسيين الراغبين برمي المسؤولية على الآخرين” .
**************************************
افتتاحية صحيفة نداء الوطن
عون بعد “نظرة سريعة” على طرح الحريري: ما بيمشي الحال
“حكومة المهّمة” احترقت بنار “جهنم”: إرحلوا قبل فوات الأوان
تخطى الفريق الحاكم عقدة نقصه وتصالح مع صورة “العاجز” عن إنقاذ اللبنانيين، ولم يعد يجد حرجاً في القتال بلحمهم الحي على أرض معاركه الداخلية والخارجية، ناسفاً كل مبادرة إنقاذية تلوح في الأفق لا تراعي شروطه السلطوية ومعاييره التحاصصية، حتى باتت كل دروب البلد تقود إلى “جهنم”، لا سيما بعد أن احترقت “حكومة المهمة” بنارها أمس، في ضوء إجهاض لقاء بعبدا مفاعيل لقاء الإليزيه.
وفي ظل ما بدا واضحاً من أنّ رئيس الجمهورية ميشال عون لن يفرج عن مراسيم ولادة أي تشكيلة اختصاصية مستقلة قادرة على الإصلاح والتقاط “الفرصة الذهبية” بفتح باب المساعدات الدولية أمام لبنان، وبما أنه حسم قراره بعدم التوقيع على مراسيم تأليف حكومة لا يكون له ولتياره فيها حصة “الثلث المعطل” بمعزل عن كل مسرحيات الشراكة ولعب دور البطولة على خشبة الصلاحيات الدستورية، بات ملحاً الخروج من نظرية ان تأليف الحكومة يمكن ان يشكل مدخلاً الى الانقاذ ويتوجب على كل الفريق الحاكم عدم اطالة عذابات اللبنانيين فيبادر الرئيس المكلف الى الاعتذار، ويستخلص رئيس الجمهورية ان عهده انتهى الى خراب وآن أوان الرحيل، ويدرك كل أركان المنظومة ان الخدمة الحقيقية التي يقدمونها الى اللبنانيين هي الاستقالة وفتح الباب أمام التغيير.
يبقى السؤال: هل سيبقى رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري على رهانه بأن ثمة فرصة للإنقاذ مع هذا العهد؟ أما أنه سينأى بنفسه عن المصير الجهنمي المحتوم الذي ينتظر اللبنانيين تحت إدارة الفريق الحاكم، فيستعيد مقولة الرئيس الشهيد رفيق الحريري بأن “يستودع الله هذا البلد الحبيب” ويحدث “الصدمة” المطلوبة في 14 شباط بإعلان اعتذاره وترك هذا الفريق يتخبط في دوامة الفشل والتعطيل؟
حتى الساعة لا تزال المؤشرات تشي بأنّ الحريري ليس في وارد التراجع عن مهمة التكليف والتأليف، وزيارته قصر بعبدا أمس أتت في إطار ترسيم حدود المعركة الحكومية تحت شعار “فليتحمّل كل طرف مسؤوليته” أمام البلد والناس. فبعد لقاء دام لنحو عشرين دقيقة، ظهَّر الرئيس المكلف مكمن العطل في ولادة حكومة المهمة، مع التأكيد في المقابل على ثبات موقفه لناحية عدم التراجع عن تشكيل حكومة من 18 وزيراً اختصاصياً ليس فيها تمثيل حزبي ولا ثلث معطل. وكشفت مصادر رفيعة مقربة من رئيس الجمهورية لـ”نداء الوطن” أنّ الحريري عاد وقدّم لعون أمس “الطرح السابق نفسه” فألقى الأخير “نظرة سريعة” عليه ثم أعاده إليه قائلاً: “هيك ما بيمشي الحال”.
وإذ رأت أنّ “الحريري لا يريد حكومة وكل ما في الأمر أنه يعد خطاباً نارياً ليوم الأحد وبالتالي يريد رمي تهمة التعطيل على رئيس الجمهورية”، شددت المصادر على أنّ موافقة عون السابقة على تشكيلة الـ 18 لم تعد سارية بعد اليوم و”رئيس الجمهورية بات يريدها من 20 وزيراً على الأقل”، هذا عدا عن أنّه “ما زال يطالب لغاية الساعة باعتماد المداورة الشاملة في كل الحقائب بما فيها المالية”.
وأمام هذا الموقف العوني المتصلب، ترى مصادر سياسية أنه بات من الأجدى بالرئيس المكلف “أن يكون على ثقة تامة بأنه لن ينجح في تغيير ذهنية التعطيل المستحكمة بأداء العهد ومن يقف خلفه، وعليه أن يدرك يقيناً أنّ من أسقط المبادرة الفرنسية بحلتها الأولى سيسقط كل مبادرة لا تتناسب مع دوره ونفوذه ومصالحه”، معربةً عن قناعتها بأنّ “الزيارات الخارجية لن تجعله في موقع قوة مع فريق يتكئ على قوة الأمر الواقع”.
ومن هذا المنطلق، لفتت المصادر إلى أنّ الأزمة الحكومية لن تنتهي خارج إطار معادلة “6 و6 مكرر” بالنسبة للفريق الحاكم، بينما الأزمة المعيشية والمالية والاقتصادية والاجتماعية ستنتهي إلى انفجار حتمي من مصلحة الحريري ألا يكون شريكاً فيه وأن يسارع إلى القفز من مركب المسؤولية عما ستؤول إليه الأمور، ليتحمّل بالتالي العهد العوني وحليفه “حزب الله” مسؤولية الفراغ وتجويع اللبنانيين وحدهما، فتتم تعريتهما أمام الداخل والخارج من دون أن يكون لهما أي ستار يتلطيان خلفه تهرباً من هذه المسؤولية ومن مواجهة حقيقة أنّ سياساتهما هي التي أوصلت لبنان إلى درك الانهيار الشامل.
**************************************
افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط
زيارة الحريري لعون بلا إيجابيات
أزمة حكم مفتوحة على كل الاحتمالات
بيروت: محمد شقير
اصطدمت المحاولة الأخيرة التي قام بها الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري، لإخراج عملية التأليف من التأزم الذي يحاصرها، برفض قاطع من رئيس الجمهورية ميشال عون، الذي أحجم عن إفساح المجال أمامه للبحث في مخارج يمكن أن تُحدث صدمة إيجابية تدفع باتجاه التسريع في ولادة الحكومة، كما تقول مصادر مواكبة للأجواء التي سادت الجولة الخامسة عشرة لمشاورات التأليف التي قد تكون الأخيرة، مع أنها كانت أقصرها، بخلاف سابقاتها، ولم تستغرق أكثر من عشرين دقيقة، وهذا ما سيضع البلد على حافة الدخول في أزمة حكم مفتوحة على كافة الاحتمالات.
وكشفت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن الحريري تجاوز الاعتبارات الشخصية واتهام عون له بالكذب، وقرر التوجه إلى بعبدا للقاء الأخير لتمرير رسالة إلى اللبنانيين بعدم مقاطعته لرئيس الجمهورية، وأنه جاد بتشكيل الحكومة، لئلا تضيع على البلد الفرصة الذهبية المتوافرة الآن لإنقاذه، وقالت بأنه تجاوب مع رغبة الرئيس الفرنسي ماكرون بمعاودة التواصل من دون أن يتنازل عن الثوابت التي التزم بها، والمستمدة من خريطة الطريق التي رسمتها المبادرة الفرنسية، والتي تحظى بدعم دولي، والتي من شأنها أن تُسهم في توفير الدعم المالي والاقتصادي للبنان لانتشاله من الهاوية التي هو فيها الآن.
ولفتت إلى أن عون لم يبدل من شروطه، ويصر على أن تتشكل الحكومة من 20 وزيراً، على أن يسمي هو 6 وزراء من المسيحيين من دون الوزير المحسوب على حزب «الطاشناق»، إضافة إلى الوزير الدرزي الثاني، ما يتيح له الحصول على «الثلث الضامن»، وقالت إنه بشروطه أوصد الأبواب في وجه تشكيل حكومة مهمة تحاكي الإطار العام للمبادرة الفرنسية.
ورأت أن الحريري لم يبالغ بقوله في نهاية اللقاء بعدم حصول أي تقدم، وقالت بأن الكرة الآن في مرمى رئيس الجمهورية الذي لم يبدل من شروطه، وأن توزيعه للوزراء المسيحيين يُثبت بالملموس، وبخلاف ما يدعيه، أنه يشترط حصوله على الثلث الضامن، وبطريقة حسابية باتت مكشوفة، ولا يبدل نفيه الدائم لشروطه هذه واقع الحال بخصوص توزيع الحقائب.
واعتبرت المصادر نفسها أن مجرد قيام الحريري بلقاء عون قوبل بعدم ارتياح على الأقل في شارعه السياسي، لكنه أقدم على خطوته هذه لإنقاذ البلد وقطع الطريق على تدحرجه نحو المجهول، وكان يراهن على ترفع رئيس الجمهورية عن الحسابات السياسية الضيقة لإعادة تعويم وريثه السياسي رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، لأن لديه مصلحة في إنقاذ الثلث الأخير من ولايته الرئاسية للتعويض عن إخفاقه في تحقيق ما تعهد به. وسألت عن الأسباب الكامنة التي تقف عائقاً أمام عون لإنقاذ عهده من جهة، وليعيد تواصله مع القوى السياسية الرئيسة انطلاقاً من أن موقعه الرئاسي يتطلب منه لعب دور الجامع بين اللبنانيين والساعين بلا ملل للتوفيق بين الأطراف المتنازعة بطرح الحلول الوسطية للانتقال بالبلد من مرحلة التأزم إلى الانفراج؟
وقالت إن مشكلة عون تكمن في أنه يصر على تبنيه للأجندة السياسية لباسيل بدلاً من أن يكون له أجندته الخاصة للتصالح مع القوى السياسية أو معظمها على الأقل، وهذا ما يظهر من خلال لقاءاته اليومية التي تقتصر على ما تبقى من «أهل البيت» ممن كانوا على تحالف معه.
وتابعت: «إن من يواكب النشاط السياسي اليومي لعون سرعان ما يكتشف بأن لديه مشكلة مع معظم حلفائه السابقين، في الوقت الذي هو في أمس الحاجة إلى التواصل مع الخصوم والحلفاء بحثاً عن الحلول لإنقاذ البلد، خصوصاً أن رمي المشكلة على الآخرين لن يقدم أو يؤخر، وبالتالي لن يُصرف سياسياً على الصعيدين المحلي والخارجي».
وأبدت المصادر السياسية مخاوفها حيال استجابة عون لنصائح فريقه السياسي الذي يتبع سياسة الإنكار والمكابرة في تجاهله لارتفاع منسوب التأزم السياسي، وما يترتب عليه من انهيار اقتصادي ومالي، وكأنه يعيد البلد إلى ما كان عليه إبان توليه رئاسة الحكومة العسكرية التي زادت في حينها من الانقسامات، وقالت بأن البلد لا يدار بحكم الرأس الواحد.
لذلك، فإن معاودة الحريري التشاور مع عون، هذا إذا سمحت الظروف قبل غدٍ الأحد، لن تتجاوز حدود رفع العتب في حال أصر على شروطه، وبالتالي سيكون الرئيس المكلف على موعد مع اللبنانيين ليصارحهم لمناسبة مرور 16 عاماً على اغتيال والده رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري في 14 فبراير (شباط) 2005.
فخطاب الرئيس الحريري بهذه المناسبة لن يكون عادياً، وستسبقه مروحة من الاتصالات، تشمل العدد الأكبر من القيادات السياسية، على رأسهم رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورؤساء الحكومات السابقون ومرجعيات روحية لوضعهم في الأجواء التي كانت وراء انسداد الأفق أمام الإسراع في تشكيل الحكومة في ضوء ما انتهت إليه المشاورات مع عون.
في هذا السياق، علمت «الشرق الأوسط» أن مصارحة الحريري للبنانيين لا تعني أبداً تهربه من المسؤولية الملقاة على عاتقه، وإنما تنم عن إصراره على تحملها، وستكون كلمته مقرونة هذه المرة بتأكيده على الثوابت، وعدم التفريط فيها وصولاً إلى وضع النقاط على الحروف، بلا مسايرة، مع احتمال مكاشفة جمهوره بأسماء الوزراء الذين يُفترض أن تتشكل منهم حكومة مهمة، ليكون في وسعهم إصدار الأحكام عليهم، ما إذا كانوا من أصحاب الاختصاص ومستقلين ومن غير الحزبيين، ومن بينهم من اختارهم رئيس الجمهورية.
**************************************
افتتاحية صحيفة الجمهورية
لقاء بعبدا: الى الصفر.. عون: المعاييــر.. الحريري لحكومة تَحكُم ولا تُحكَم
يبدو أنّ صورة المشهد الحكومي لن تشهد أي تبدّل في المدى المنظور، بعدما ثبت بالملموس أنّ كل الحراك الداخلي والخارجي لانتشال الحكومة من قعر الخلاف المستحكم بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري، قد باء بالفشل، ولم يستطع ان يقود الرئيسين المتناقضين الى مساحة مشتركة يبنيان عليها حكومة بالتفاهم بينهما.
وعلى ما تؤكّد المصادر المحيطة بملف التأليف، فإنّ أي حراك جديد سواء على مستوى الداخل او الخارج، محكوم بالفشل المسبق، ربطاً بالأفق المسدود بين عون والحريري، وتمترس كلّ منهما خلف موقف قاطع لا تراجع عنه من قبلهما، ويتمثل في أنّ كل رئيس يريد حكومته، ويريد أن يُلزم الرئيس الآخر بها، ورفض كلّ منهما التنازل او التقدّم خطوة في اتجاه الآخر.
تثبيت الخلاف
هذه الصورة عادت لتتمظهر بسوداويتها في لقاء الأمس، بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف، بعد نحو سبعة اسابيع من انقطاع التواصل بينهما، والذي بدا، من حيث شكله ومضمونه، وكأنّه محطة جديدة لتبادل كرة تعطيل تأليف الحكومة، وعلى ما يؤكّد مطلعون على ما جرى في اللقاء لـ»الجمهورية»، فإنّ اجواءه كانت متأثرة الى حدٍ بعيد بالسجال المكهرب بينهما خلال الاسابيع الاخيرة، والنقاش القصير لأقل من نصف ساعة، بين عون والحريري، كان فاتراً في مجمله، ولم يحصل فيه أيّ عتاب حول ما قاله كل منهما في حق الآخر في محطات السجال المتتالية بينهما، بل جرى الدخول مباشرة، وبكلام «جدّي» في الموضوع، وأعاد كل منهما تكرار موقفه السابق أمام الآخر، مع فارق انّ الرئيس الحريري كان مشدّداً في اللقاء على ضرورة الاستفادة من الفرصة المتاحة لتشكيل حكومة انقاذية سريعاً، تعجّل بفتح باب المساعدات الخارجية للبنان.
وبحسب المطلعين على أجواء اللقاء، فإنّ شريكي التأليف لم يقدّما في لقاء بعبدا أمس، ما يؤشر الى قبول أي منهما بحلول وسط، من شأنها أن تُحدث خرقاً إيجابياً في جدار الخلاف بينهما. بل العكس، فإنّ لقاء الامس بينهما جاء ليؤكّد من جديد على جوهر الخلاف بينهما، وثبات كل منهما على شروطه و»معاييره» لتأليف الحكومة. ومعنى ذلك، انّ المراوحة السلبية في ملف التأليف ستبقى هي الطاغية لفترة طويلة، في انتظار ظروف محلية او خارجية تحرّكها وتحرف مسارها نحو الإيجابية.
وفيما لوحظ انّ لا عون ولا الحريري أشارا الى توافق بينهما على لقاء جديد، افترضت مصادر سياسية، انّ هذا اللقاء ممكن، وخصوصاً انّ لقاء الامس، كسر القفل، وصار باب اللقاءات مفتوحاً، خلافاً لما كان عليه الحال قبل، وإبّان، وبعد، أزمة «الفيديو المسرّب» وما قاله عون بحق الحريري. فضلاً عن أنّ لقاء الأمس، أنهى مرحلة تقاذف الكرة بين قائل: «لن ازور بعبدا إلّا بدعوة من عون»، وبين قائل: «إنّ اراد الحريري زيارة القصر الجمهوري فبابه مفتوح لاستقباله».
الّا أنّ مصادر مواكبة لزيارة الحريري الى بعبدا أمس، وبناء على نتائج لقاء الأمس بين عون والحريري، لا ترى في الأفق القريب إمكان عقد لقاء ثانٍ بينهما. فالواضح أنّ مبادرة الحريري الى طلب موعد لزيارة رئيس الجمهورية تمّت بنصيحة، كان للفرنسيين الثقل الأساس في اسدائها، بالشراكة مع اطراف سياسية في الداخل، بهدف ابلاغ رئيس الجمهورية بالأسباب الموجبة للتعجيل بتشكيل حكومة مهمّة متوازنة، لا يملك اي طرف فيها قدرة تعطيلها او التحكّم بها بثلث معطل او بأي مرادفات او عناوين اخرى لهذا الثلث المعطل.
وتبعاً لذلك، فإنّ المصادر نفسها تؤكّد أنّ لقاء الامس بين عون والحريري، اقرب ما يكون الى الاجتماع الاخير الذي عقداه قبل عيد الميلاد، وجرّ بعده ما يزيد عن سبعة اسابيع من انقطاع التواصل بينهما، ما يعني أنّ الامور ما زالت عند نقطة الصفر، فالحريري في زيارته بعبدا أمس، جاء ليلقي الحجة على عون، ويرمي كرة تسهيل التأليف في ملعبه، ويؤكّد له مواجهة بأنّ مسوّدة حكومته التي قدّمها له في لقاء ما قبل عيد الميلاد ما زالت تشكّل الصيغة الحكومية الملائمة للمرحلة الإنقاذية المقبلة. وهو ما لم يقبل به رئيس الجمهورية، مع تشديده على المعايير التي سبق وحدّدها لتشكيل الحكومة، فسارع الى ردّ الكرة الى ملعب الحريري والقول انّه، اي الحريري، لم يأتِ بأيّ جديد على صعيد الملف الحكومي.
على انّ اللافت في الكلام الرئاسي، بحسب المصادر نفسها، كان تعمّد مكتب اعلام رئاسة الجمهورية الاشارة الى أنّ زيارة الحريري الى بعبدا امس تمّت بناءً على طلب الحريري، وليس بناءً على دعوة رئيس الجمهورية. وهو امر فُسّر على انّ عون لا يريد ان يسري الاعتقاد بأنّ زيارة الحريري تمّت بدعوة منه، ولكي لا تُفسّر الزيارة على انّها نقطة تراجع من قِبل رئيس الجمهورية.
اللقاء
وكان الحريري، العائد من فرنسا بعد «العشاء الباريسي» مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، قد زار امس، القصر الجمهوري في بعبدا، وعقد لقاء قصيراً لأقل من نصف ساعة مع رئيس الجمهورية. وقال بعد اللقاء: «تشاورت مع رئيس الجمهورية، وسأكمل التشاور، ولا تقدّم في تشكيل الحكومة، ولكن شرحتُ للرئيس عون الفرصة الذهبيّة التي نحن فيها وكلّ فريق يتحمّل مسؤوليّة مواقفه منذ اليوم».
واضاف: «خلال زيارتي الى فرنسا، لمستُ حماساً لتشكيل الحكومة اللبنانية، والمشكلة تكمن في تأليف حكومة مكوّنة من اختصاصيين، ولذلك لا يمكن القيام بأيّ مهمّة إصلاحيّة». وتابع الحريري: «موقفي ثابت وواضح، وهو تشكيل حكومة من 18 وزيراً جميعهم اختصاصيون وهذا ما لن يتغيّر لديّ».
مكتب الرئاسة
وبعد كلام الحريري، صدر عن مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية بيان مقتضب جاء فيه: «انّ رئيس الجمهورية، استقبل رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري بطلب منه، وتشاور معه في موضوع تشكيل الحكومة العتيدة بعد الجولات التي قام بها الرئيس الحريري الى الخارج، حيث تبيّن انّ الرئيس المكلّف لم يأتِ بأي جديد على الصعيد الحكومي».
«المستقبل» يردّ
بعد صدور بيان مكتب الاعلام في القصر الجمهوري، نشر موقع «مستقبل ويب» التابع لـ «تيار المستقبل»، خبرًا تحت عنوان: «بيان بعبدا : «بيّي أقوى من بيّك»! ونسبه إلى متابعين».
وجاء في الخبر: «لاحظ متابعون أنّ بيان رئاسة الجمهورية الذي صدر عقب زيارة الرئيس المكلّف سعد الحريري لبعبدا، تضمّن ملاحظة وُصفت بأنّها «خفيفة»، من خلال الاشارة الى انّ الزيارة حصلت بطلب من الرئيس الحريري ، وذلك على طريقة « بيي اقوى من بيك».
واشنطن وباريس
الى ذلك، أعاد لقاء الامس بين عون والحريري ترسيم مواقف الاطراف الداخليين المتباينة والمتصادمة على حلبة التأليف. وبالتوازي مع مواقف الاطراف الخارجيين، حيث فصّلتها مصادر واسعة الاطلاع لـ»الجمهورية» بالتأكيد بداية على معطيات ابلغها الفرنسيون لعدد من المسؤولين في لبنان، تؤكّد أنّ موقف الادارة الاميركية من ملف تأليف الحكومة في لبنان، بات محسوماً بأنّه يقف بقوة الى جانب فرنسا في مقاربة هذا الملف.
وتشير المصادر عينها، الى انّ الموقف الفرنسي متقدّم جداً، وثمة «محطة لبنانية جديدة» للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بعد فترة قريبة في السعودية، يعوّل عليها أن تكون رافداً داعماً بقوة للمبادرة الفرنسية.
وتجزم المصادر، وفق ما تبلّغه بعض المسؤولين من الفرنسيين، بأنّ زيارة ماكرون الى بيروت قائمة، انما لم يتمّ تحديد موعدها، فباريس، التي حسمت موقفها الى جانب الشعب اللبناني، والتمسّك بالمبادرة الفرنسية كفرصة نهائية ووحيدة لحلّ الأزمة في لبنان، تربط اي تحرّك حاسم وفاعل لها في هذا السياق، بخطوة ايجابية تنتظرها من القادة اللبنانيين بالتفاهم سريعاً على تشكيل حكومة وفق مندرجات المبادرة، وتلبّي مطالب الشعب اللبناني ومتطلبات المجتمع الدولي، بطرح ملف الاصلاحات على طاولة التنفيذ سريعاً. وعلى هذا الاساس قد تكون الزيارة المرتقبة لماكرون زيارة للتهنئة بوضع لبنان عجلات ازمته على سكة الإنقاذ.
في هذا السياق، قالت مصادر ديبلوماسية من العاصمة الفرنسية لـ»الجمهورية»، انّ باريس مرتاحة الى موقف الرئيس المكلّف، وخصوصاً لناحية تشكيل حكومة مصغّرة من اختصاصيين بالكامل غير الحزبيين، ولا ثلث معطلاً فيها لأي طرف. وهي مؤيّدة بالكامل ايضاً للمبادرة التي اطلقها رئيس المجلس النيابي نبيه بري في الآونة الاخيرة حول حكومة بلا ثلث معطل لأي طرف، ومن وزراء اختصاصيين لا سياسيين، لا مع ولا ضد. فهذه المبادرة يقاربها الفرنسيون بوصفها مرتكزاً صالحاً لما يجب ان تكون عليه حكومة تلاقي المبادرة الفرنسية.
الموقف الرئاسي
وعلى مستوى الداخل، ابلغ مطلعون على الموقف الرئاسي إلى «الجمهورية» قولهم، بأنّ لا مؤشرات ايجابية على خط التأليف، ورئيس الجمهورية لم يتلق من الرئيس المكلّف ما يمكن البناء عليه لحصول تقدّم.
وبحسب هؤلاء المطلعين، فإنّ موقف رئيس الجمهورية ثابت عند تأكيده التقيّد بأحكام الدستور في عملية التأليف التي تؤكّد شراكته الكاملة فيها، ورفضه أي محاولة للقفز على صلاحياته، وحقه في تسمية وزراء وابداء الرأي في الوزراء الآخرين. وكذلك عدم مطالبته بالثلث المعطل في الحكومة، ولكن مع تأكيده على اعتماد المعايير الموضوعية في تأليف الحكومة، بما يؤدي الى تمثيل صحيح، وهذا لا يتأمّن مع حكومة مصغّرة من 18 وزيراً، بل في حكومة من 20 وزيراً على الاقل. ومن هنا يأتي رفضه المتجدد امس، لمسوّدة الحريري القائمة على معادلة الثلاث ستات.
وعلى ما يقول المطلعون، فإنّ الأجواء الرئاسية تشي بعدم الارتياح من مواقف القوى الداخلية الحاضنة للحريري وتصلّبه في وجه رئيس الجمهورية، كما من مواقف بعض الخارج التي يُقال انّها تتناغم مع الرئيس المكلّف وما يطلبه، في اشارة الى ما يُنقل عن الموقف الفرنسي على وجه الخصوص. كما انّ الاجواء الرئاسية، وفي اشارة الى زيارات الحريري الى تركيا، ودولة الامارات ومصر وفرنسا، تعكس انّ أي تحرّكات خارجية في اي اتجاه عربي او اقليمي او دولي، لن تأتي بأي نتيجة من شأنها ان تُحدث تغييراً في ما هو ثابت، ذلك أنّ الكلمة الفصل في نهاية الامر هي لدى من يحمل قلم توقيع مراسيم تشكيل الحكومة.
ثوابت الحريري
في المقابل، تعرض اوساط قريبة من بيت الوسط تطورات الملف الحكومي، من التأكيد بداية على الجهد الذي يبذله الرئيس الحريري في سبيل تأليف الحكومة، مشيرة في هذا السياق الى ما سمّتها الزيارات الخارجية الناجحة التي قام بها في الايام الاخيرة، وعكست حرصاً على لبنان، وتشكيل حكومة في اسرع وقت ممكن لبدء عملية الإنقاذ والإصلاح.
وربطاً بما استجد حول ملف التأليف، وصولاً الى الزيارة التي قام بها الرئيس المكلّف الى القصر الجمهوري، أعادت الاوساط القريبة من بيت الوسط عرض ما سمّتها «مجموعة ثوابت»، كما يلي:
– أولاً، لا اعتذار عن تأليف الحكومة، بل إصرار على الاستمرار في تولّي هذه المسؤولية. وموقفه هذا مؤيّد، لا بل يشدّد عليه اطراف في الداخل، مثل الرئيس بري، وكذلك من قِبل الفرنسيين والمصريين الذين اكّدوا عليه الثبات على التكليف.
– ثانياً، انّ المسودة التي قدّمها الى رئيس الجمهورية، وأعاد التأكيد عليها، تشكّل الاساس الصالح للحكومة الجديدة.
– ثالثاً، في موازاة الحديث في اوساط سياسية متحمسة للتعجيل بتأليف الحكومة، عن ليونة في ما خصّ تسمية الوزراء، أكّدت الاوساط القريبة من بيت الوسط رفض الحريري القاطع ان يحظى رئيس الجمهورية وفريقه السياسي بالثلث المعطل، وموقف الرئيس المكلّف هذا مؤيّد من سائر الاطراف السياسية.
وتؤكّد معلومات «الجمهورية» في هذا السياق، أنّ اطرافاً سياسية بارزة ابلغت الى الحريري، أنّه حتى ولو قبل هو بالثلث المعطل لعون وفريقه فهم لن يقبلوا بذلك، ولن يكونوا شركاء في اي حكومة يحظى فيها طرف بعينه على ثلث معطل فيها. وتجدر الاشارة هنا الى الموقف المتصلّب من الثلث المعطّل الذي عبّر عنه الرئيس نبيه بري في مبادرته الاخيرة. وكذلك الكلام الصادر عن رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط.
– رابعاً، إنّ الرئيس الحريري كان ولا يزال يؤكّد على حكومة شراكة بالكامل بحكومة من 18 وزيراً، وهذا يؤمّنه التوازن فيها وفق معادلة 6-6-6.
– خامساً، إنّ الهدف الاساس لدى الرئيس المكلّف هو تشكيل حكومة «تَحكُم»، تكون مطلقة اليد في مقاربتها للملفات الداخلية على اختلافها وترتيب الاولويات وفق متطلبات الأزمة ومعالجتها، وليس حكومة «تُحكَم»، بمزاجية طرف سياسي يريد ان يديرها في الاتجاه الذي يخدم مصلحته. والتركيز على اولويات الغاية منها الثأر الشخصي او السياسي من أطراف آخرين.
– سادساً، إنّ الاولوية الاساس لدى الرئيس المكلّف، هو تشكيل حكومة لا تكون محاصرة عربياً ودولياً على غرار ما حصل مع حكومات سابقة، وان تحمل هذه الحكومة معها مفتاح المساعدات الخارجية للبنان، وكذلك مفتاح اعادة ترتيب علاقات لبنان مع الخارج، وخصوصاً مع الدول العربية وعلى وجه الخصوص دول الخليج. وهو ما اكّد عليه بالامس في اللقاء مع رئيس الجمهورية.
**************************************
افتتاحية صحيفة اللواء
«حكومة المهمة» في المأزق الكبير .. واتهامات متبادلة بين عون والحريري
سلامة يطالب وزني وغجر بتمويل الكهرباء لتجنب العتمة.. وطلائع اللقاحات اليوم
ربما هي واحدة من المرات القليلة التي يخرج فيها الرئيس المكلف سعد الحريري من اجتماع مع رئيس الجمهورية ميشال عون، ويتحدث بمثل الصراحة إذ أوضح، بصورة مختصرة وميسرة، حقيقة الوضع الحكومي، ومراوحته في مكانه، إذ قال: تشاورت مع فخامة الرئيس وسأتابع التشاور، لم نحرز تقدماً، ولكني شرحت له أهمية الفرصة المتاحة امامنا، لذا يجب علينا الإسراع في تشكيل هذه الحكومة، وعلى كل فريق سياسي ان يتحمل مسؤولية مواقفه من الآن وصاعداً..
وبصرف النظر عن إعلان الرئيس المكلف ثباته على موقفه في ما خص الحكومة: 18 وزيراً، من الاخصائيين، ولا ثلث معطلاً، وهذا «لما لا يتغيّر لدي» والكلام للرئيس الحريري، فإن ما أعلن من بعبدا لم يرق، لا للفريق الرئاسي والمستشارين، فسارع المكتب الإعلامي لبيان كشف فيه نقطتين، وصفت بأنهما جاءتا بمثابة ردّ على «إخراج رئيس الجمهورية: النقطة الأولى ان الرئيس عون استقبل الرئيس الحريري «بطلب منه» (أي ان الرئيس المكلف طلب زيارة بعبدا). والنقطة الثانية: «حيث تبين أن الرئيس المكلف لم يأتِ بأي جديد على الصعيد الحكومي».
ولاحظت مصادر سياسية ان زيارة الرئيس الحريري الى بعبدا بعد القطيعة الطويلة مع الرئيس عون حملت في مضمونها عدة رسائل ومؤشرات مهمة، ابرزها، تصرف الحريري بمثابة رجل الدولة المسؤول، متعاليا على اساءة الفيديو الفضيحة واتهامه زورا بالكذب وذلك في سبيل إنقاذ البلد من ازمته المتدحرجة نحو الأسوأ.
وثانيا استمرار التزامه بتشكيل حكومة الإنقاذ من اخصائيين استنادا للمبادرة الفرنسية بكل مضمونها وتمسكه بالتشكيلة الوزارية التي سلمها الى رئيس الجمهورية شكلا ومضمونا برغم كل التهويلات ومحاولات الابتزاز التي يمارسها الفريق الرئاسي مباشرة ومواربة، مدعوما بتاييد ملموس من معظم الاطراف السياسيين بالداخل والدول الشقيقة والصديقة التي زارها مؤخرا وفي مقدمتها فرنسا و تأكيد مسؤولية رئيس الجمهورية مجددا امام الرأي العام بالداخل والخارج بعرقلة وتعطيل تشكيل الحكومة واخيرا عدم استعداده للاعتذار عن تشكيل الحكومة الجديدة برغم كل محاولات العرقلة وقطع الطريق على مهمته.
وتعتبر المصادر ان كلام الحريري من بعبدا اعطى توصيفا دقيقا لنتائج لقائه مع عون بدون مجاملة او تغطية لوضع اللبنانيين بخلاصة هذا اللقاء غير الناجح، ومؤكدا بوضوح عن استمرار المبادرة الفرنسية ووجود فرصة فريدة ورغبة حقيقية لمساعدة لبنان ليتمكن من المباشرة بحل الأزمة التي يعانيها ولافتا بشكل غير مباشر الى ان من يعطلها، هو نفسه من يعطل تشكيل الحكومة العتيدة ومشددا بلهجة حادة انه ملتزم بتشكيل الحكومة العتيدة حتى النهاية.
واعتبرت المصادر ان التكتم عل تفاصيل ما دار في اللقاء بين عون والرئيس المكلف من قبل اوساط الاخير انه سيتطرق في الكلمة التي سيلقيها يوم غد لمناسبة الذكرى السنوية لاغتيال والده رفيق الحريري ويتطرق فيها الى ملف تشكيل الحكومة الجديدة ويضع فيها النقاط على الحروف بمسؤولية من يتولى التعطيل بصراحة وبسقف مرتفع من الكلام السياسي الحاد وما يتسبب به التعطيل المتعمد من فراغ سياسي مدمر ونتائج وتداعيات كارثية علىالشعب اللبناني، إلا انها استبعدت ان يصل الحريري في كلمته إلى حد القطيعه النهائية وقطع الجسور كلها مع الرئيس عون، باعتباره مستمرا بمعاودة التواصل معه مجددا لاستكمال التشاور حول عملية تشكيل الحكومة الجديدة برغم كل ما حصل.
وأوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن زيارة الرئيس الى بعبدا والتي اتت بتمن فرنسي ادخلت الملف الحكومي في نفق مجهول اذ ما من تقدم أو حتى إمكانية تليين المقاربات المختلفة في تأليف الحكومة وهذا ما عكسه الحريري في تصريحه في حين اكتفى بيان قصر بعبدا بالأشارة إلى أن ما من شيء جديد.
اما مصادر مطلعة على موقف رئيس الجمهورية فأشارت إلى أن البيان الصادر من قصر بعبدا كاف وواف مؤكدة أن الزيارة عقيمة، إذ عاد الرئيس المكلف وفق هذه المصادر إلى طرحه الأول المرفوض ورفضه رئيس الجمهورية وكأن الحريري لم يسافر لا إلى القاهرة ولا إلى الأمارات ولا إلى فرنسا ولم بعد منها بعد عشاء ويطلب الموعد في الصباح الباكر لزيارة رئيس الجمهورية فيعطى. وكان الأمل أنه آت بشيء جديد وفق المصادر شيء يراعي وحدة المعايير بين الطوائف والمكونات السياسية طالما أن هناك من يسمي مشيرة إلى أنه يبدو أن المشكلة في مكان آخر ولم يستطع من نقلها إلى قصر بعبدا.
وتكرر القول أن المشكلة لدى الرئيس المكلف أنه لا يزال عاجزا على تأليف الحكومة أي أن الضوء الاخضر لم يأتيه بعد وهو اسير شروطه وقيوده وسقوفه.
وقالت هذه المصادر إن الرئيس الحريري بعث برسائل للمعنيين ودعا كل فريق سياسي إلى تحمل مسؤولية مواقفه من اليوم فصاعدا، رافضة اعتبار ذلك بمثابة تهديد لأن الرئيس المكلف يدرك أن مهمة حكومته انقاذية وليس هناك من أي سبب يحول دون تأليفها وفق هذا العنوان بالذات لافتة إلى أن اشارته إلى أنه سيستكمل مشاوراته اوحى أن الباب غير مقفل إنما انطلاقا من السقف الذي وضعه في التأليف أي لناحية العدد والأختصاص من دون ثلث معطل.
وتؤكد أن ما قاله سيكون له تتمة في ذكرى الرابع عشر من شباط وعندها يرصد التحرك المقبل له على صعيد تشكيل الحكومة.
إذاً بعد إنقطاع منذ اللقاء الاخير بينهما في 23 كانون الاول الماضي، زار الرئيس الحريري قبل ظهر امس، قصر بعبدا بعد اتصال هاتفي، حيث التقى الرئيس عون وعرض معه اخر المستجدات المتعلقة بالملف الحكومي، لكن بدا واضحاً من نتيجة اللقاء ومواقف الحريري والقصر الجمهوري بعده ان لا جديد على صعيد التشكيل وان الامور عادت الى المربع الاول، بل الى نقطة الصفر، حيث أصر كل طرف على موقفه من التشكيلة الحكومية التي سبق وقدمها الحريري قبل شهر وعشرين يوماً. وبدل ان يكسر اللقاء الجليد بين الرئيسين اقام جداراً جديداً من الصعب معرفة كيفية اختراقه ومن الذي سيتولى مهمة تحطيمه.
وافادت المعلومات عن لقاء بعبدا ان الحريري عرض على عون تشكيلة حكومية هي ذاتها تقريباً التي عرضها سابقاً فرفضها رئيس الجمهورية لأنها لم تراعِ الملاحظات التي سبق وقدمها له والمتعلقة بوحدة المعايير والتوازنات، سواء لجهة توزيع الحقائب أو تسمية الوزراء المسيحيين. وأن الحريري اصر على الاحتفاظ بحقيبتي الداخلية والعدل وبالمقابل وافق على ان يختار عون مجموعة أسماء مسيحية للتوزير، ولكن الحريري رفض أي نقاش أو تداول في كامل التشكيلة. وثمة من قال ان عون رد التشكيلة قائلا: «هيك ما بتمشي الامور».
كما نقلت بعض المعلومات عن مصادرقصربعبدا انه «لم يظهر ان الترحال والتجوال اتى باي فائدة على صعيد تأليف الحكومة»، وانتقدت بشدة قوله «ليتحمل كل فريق مسؤولية مواقفه»، مشددة على ان لا كرة في ملعب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وطرحه ما زال هو نفسه ولم يعدّل في موقفه».
ودعت مصادر بعبدا الى ترقب كلمة الرئيس الحريري يوم غد الاحد لمناسبة استشهاد والده الرئيس رفيق الحريري لتبيان تفاصيل موقفه وليُبنى على الشيء مقتضاه لجهة مسار الخطوات اللاحقة.
واثر الاجتماع قال الرئيس الحريري: بعد الزيارات التي قمت بها الى تركيا ومصر وخاصة خلال زيارتي الأخيرة لفرنسا، حيث لمست حماسا لتشكيل الحكومة من خلال خارطة الطريق التي وضعها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والتي وافقنا عليها في قصر الصنوبر لإنقاذ لبنان ووقف التدهور وإعادة اعمار مرفأ بيروت، وكل ذلك جاهز.
واضاف: المشكل اليوم انه لطالما، لا حكومة من الاخصائيين غير التابعين لأحزاب سياسية، لا يمكننا القيام بهذه المهمة، واذا كان هناك من يعتقد انه اذا ضمّت هذه الحكومة أعضاء سياسيين فإن المجتمع الدولي سيبدي انفتاحا حيالنا او سيعطينا ما نريده فنكون مخطئين.
وبعد مغادرة الحريري، صدر عن المكتب الاعلامي في رئاسة الجمهورية بيان جاء فيه: استقبل رئيس الجمهورية في قصر بعبدا، رئيس الحكومة المكلف بطلب منه، وتشاور معه بملف تشكيل الحكومة بعد الجولات التي قام بها الحريري الى الخارج، حيث تبين ان الرئيس المكلف لم يأت بأي جديد على الصعيد الحكومي».
وأكدت المفوضية الأوروبية في بيان، أننا «لا نستطيع دعم لبنان من دون حكومة قوية وقادرة على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة. كما دعمت تجربة تونس التي تواجه صعاب شديدة مرتبط بتنفيذ الإصلاحات الضرورية».
وكشف أمين عام تيار المستقبل أحمد الحريري أن «الذي قاله الرئيس الحريري أمس في قصر بعبدا هو غيضٌ من فيض من الذي سيقوله في ذكرى 14 شباط»، لافتًا الى أن «الشيئ الثابت في خطاب الحريري هو أنه مهما اشتدت الضغوط والطرق المتعددة لـ»تطفيشه» من تشكيل الحكومة لن تتحقق، فالرئيس الحريري لن يَقفِز من المركب بينما هو يغرق».
وأكمل، «خطة الحريري الحكومية مُعدّة مسبقًا وهي بإنتظار توقيع رئيس الجمهوية ميشال عون وإلتزامه بالمادة 53 من الدستور».
واستغرب من العرقلة التي يمارسها التيار الوطني الحر في ملف تشكيل الحكومة، قائلًا «التيار هو قائد الحملة التي تشن ضد تشكيل الحكومة، وحتى أنهم لم يصوتوا للرئيس الحريري، فعلى أي أساس يطالبون بالحصص؟».
وحسب الـ«O.T.V» وما اسمته أوساط مطلعة على مسار التأليف، فإن «زيارة رئيس الحكومة لم تظهر تبدلاً في سلوكه، لا بل سجلت سابقة غير مقبولة بروتوكولياً، ولا تليق برجل دولة».
وقالت: «اذ لا يزال الحريري، أسير فكرة انه هو من يُشكّل الحكومة، فيما دور رئيس الجمهورية يقتصر على التوقيع، وإذا امتنع فهو متهم بالعرقلة».
وقالت أوساط الـ«O.T.V» أن «الحريري دخل على الرئيس عون بطرح، ورفض أي نقاش أو تداول في كامل التشكيلة. ثم خرج مطلقاً مواقف استفزازية، مما يدل انه لا يريد التعاون من أجل تشكيل الحكومة».
وعزت الأوساط الرئاسية السبب إلى «التدقيق الجنائي»، هو وراء التصعيد والسلوك الاستفزازي لنسف فكرة تشكيل الحكومة.
أزمة كهرباء: مسؤولية مَنْ؟
وبعيداً عن هذا المناخ المثقل بالترقب الحذر، وقبل انتهاء عقد صيانة إحدى الشركات بدأت طلائع ازمة كهرباء تلوح في الأفق، مع الانقطاع المتكرر للتيار، لا سيما في احياء بيروت، حيث انقطعت الكهرباء لمرات عدّة 5(-7 مرات يوم أمس).
وفي الوقت الذي حركت فيه شركة كهرباء لبنان أعمال الجباية، بعد توقف لاشهر، لفت أنظار المراقبين البيان الذي بعث به مصرف لبنان إلى وزارة المال ووزارة الطاقة في إطار البحث عن التمويل، والمصادر التي يعملان عليها، بعدما وصل احتياطي المركزي إلى وضع حسّاس.
وجاء بيان المصرف بعد طلبات شركة كهرباء لبنان والوزارات المعنية بالدعم، وطلبات المستوردين للمواد المدعومة، ليكشف عن كتاب ارسله الىالوزير غازي وزني في 12 شباط (أمس)، وفيه مطالبة الوزير بالاجابة بالسرعة الممكنة، نظراً لحساسية الوضع، وجاء فيه:
– ضرورة تحديد الاجراءات التي ستتخذها الحكومة لتأمين العملات الأجنبية اللازمة للمصاريف والمستوردات الأساسية.
– يقترح مصرف لبنان على وزير المالية غازي وزني بالتعاون مع وزير الطاقة ريمون غجر ومدير عام شركة الكهرباء وضع دراسة شاملة على كل العقود الموقعة من قبل شركة كهرباء لبنان تشرح فيها طريقة إختيار الشركات المتعاقدة والتأكد من عدم وجود وسائل بديلة لتخفيض التكاليف، وهذا ما كان قد اقترحه مصرف لبنان مرارا خلال اجتماعات الاشهر الماضية مع وزير الطاقة وشركة الكهرباء، وعلى أن تكون هذه الدراسة علنية ومتوفرة للعموم لفسح أوسع مجال للمشاركة في هذه المسؤوليّة الوطنية.
– ضرورة أن يكون هناك موافقة خطية على كل الفواتيرالمعروضة للدفع من شركة كهرباء لبنان وكافة الوزارات المعنية والمستوردين المعتمدين، من قبل مركزية واحدة تقررها الحكومة. على أن تحدد الحكومة الاولويات وتؤكد مع المركزية على احترام آلية الدفع المتفق عليها مع مصرف لبنان وتحمل مسؤولية كلفة الدعم بالعملات الاجنبية وأي هدر أو سوء استعمال ينتج عنها.
على صعيد آخر، اعلن مصرف لبنان انه وفقاً للاصول القانونية قد ارسل كتابا الى وزير المالية يؤكد فيه إلتزامه بكامل أحكام القانون رقم 200 تاريخ 29/12/2020، وتعاونه مع شركة ألفاريز ومارسال إيجابيا بالنسبة للأسئلة المطروحة من قبلها. وشدد على ضرورة التزام الشركة المعنية بالموجبات كافّة التي تفرضها عليها القوانين ومعايير الـ General Data Protection Regulation GDPR على البيانات والمعلومات التي قد تستحصل عليها منعا من تكرار واقعة تسريب قائمة المعلومات المقدمة من قبل مصرف لبنان في احدى الصحف العالمية.
وصول اللقاحات
وفي ما يتعلق بعمليات التلقيح، فعند الرابعة من بعد ظهر اليوم، تصل الشحنة الأولى من اللقاحات إلى مطار رفيق الحريري الدولي.
وستبدأ وفقاً لمستشار وزير الصحة الدكتور محمّد حيدر، عملية التلقيح، بعد غد الاثنين في كل لبنان، على ان يكون غداً الأحد تلقيح في منطقة بيروت وذلك، في مستشفى رفيق الحريري ومستشفى الروم ومستشفى الجامعة الأميركية.
واجتمعت لجنة متابعة التدابير والاجراءات الوقائية لفيروس كورونا برئاسة الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء الركن محمود الأسمر أمس بحضور نقولا شماس وجهاد التنير وعدنان المال كممثلين عن جمعية تجار بيروت وباسم كافة الجمعيات واللجان والنقابات التجارية واتحاد غرف التجارة والنصاعة والزراعة في لبنان حيث جرى تقييم خطة اعادة الفتح ودراسة المعطيات العلمية والاحصائية وتأثيرها على وافع القطاع التجاري في البلاد. وصدر عن الاجتماع عدد من التوصيات.
صدر عن الاجتماع التوصيات التالية:
1- تعديل البروتوكول الصحي الوقائي المقترح من قبل ممثلي الهيئات المذكورة أعلاه وفقا لم تم الاتفاق عليه كما يلي:
أ- القيام بفحص «pcr» دوري لجميع الموظفين العاملين في هذا القطاع عند إعادة فتحه.
ب- التأكيد على وجوب حيازة جميع الزبائن على إذن إنتقال رسمي من المنصة IMPACT وذلك قبل قيامهم بالتسوق.
ت- تشكيل فريق عمل مؤلف من السيّد نبيل رزق الله كممثل عن متابعة التدابير والاجراءات الوقائية لفيروس كورونا وممثلين عن جمعية تجار بيروت والجمعيات واللجان والنقابات التجرية واتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنان لوضع آلية تنفيذية للبروتوكول المقترح والاطار الزمني لنطبيقها.
وأعلنت وزارة الصحة العامة عن تسجيل 49 حالة وفاة و2934 إصابة جديدة في الـ24 ساعة الماضية، ليرتفع العدد التراكمي إلى 334086 إصابة مثبتة مخبرياً منذ 21 شباط.
فضيحة السلع المدعومة
في مجال حياتي آخر، تحرت وزارة الاقتصاد بعد تقارير إعلامية عن وجود كميات من السلع والمواد الغذائية التي يجري تفريغها واعادة تعبئتها بأكياس من النايلون الشفاف، لتُباع بسعر اعلى من السعر المدعوم، وداهمت بعض مراكز التخزين في الشمال وبيروت، وسطرت محاضر ضبط بحق أصحاب المستودعات، فتعهدوا بالافراج عن السلع وتوزيعها على السوبرماركات.
هذا التحرك انعكس ايجاباً على نقاط البيع، إذ أُغرقت المتاجر والسوبرماركات في بعض مناطق الشمال وفي بيروت سريعاً بالسلع المدعومة، ولوحظ امتلاء الرفوف بالحبوب والسكر وسائر المواد الغذائية المدعومة. كما شهدت المتاجر اقبالاً كثيفاً من قبل المواطنين الذين توافدوا لشراء حاجاتهم.
وفي هذا السياق، أوضح المدير العام لوزارة الاقتصاد محمد أبو حيدر «أن الوزارة قامت بواجبها في هذا الصدد، وتحركت بعدما سلطت وسائل الإعلام وخصوصاً الـLBCI، الضوء على ما يجري»، وكشف عن اقفال بعضها بالشمع الأحمر.
التحقيق.. والمحكمة
قضائياً، وبعد مرور أسبوع على اغتيال الناشط لقمان سليم، تسلمت الأجهزة الأمنية هاتفه، لتحديد حركة الاتصالات، وماذا حدث بين مسرح الاختطاف ومكان الجريمة.
وفي سياق قضائي – أمني – سياسي آخر، نفذ عدد من المحتجين اعتصاما أمام المحكمة العسكرية في بيروت اعتراضا على استمرار توقيف عدد من الاشخاص نتيجة أحداث طرابلس، وذلك وسط انتشار امني وتعزيزات لوجستية في محيط المحكمة، وحدثت عمليات كر وفر بين القوى الأمنية والناشطين.
**************************************
افتتاحية صحيفة الديار
ترقب لزيارة ماكرون للرياض وانعكاسها على الساحة اللبنانية
الأزمة الحكومية مرشحة للاستمرار والراعي متخوف من تسوية على حساب لبنان ومسيحييه
– نور نعمة
كل الانظار تترقب زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى الرياض، كون هذه الزيارة ستشكل منعطفا اساسيا على مستوى المنطقة، خاصة في ظل الانفتاح الخليجي على ماكرون، وكأن هنالك نوعاً من انقلاب في الادوار، اذ ان التعويل الخليجي كان في زمن دونالد ترامب على الولايات المتحدة. اما اليوم فباتت دول الخليج تعول على فرنسا. وفي هذا الاطار، قالت مصادر مطلعة للديار ان تحولاً كبيراً حصل، فقد تحول ماكرون الى ترامب للدول العربية وتحديدا الخليجية والرئيس الاميركي جو بايدن تحول الى ماكرون في القيام بالادوار على الساحة السياسية في المنطقة. ذلك ان المصالح هي المحرك الاساسي للدول في ظل وعود استثمارات سعودية واسعة في فرنسا، وهذا ما سيجعل الموقف الفرنسي اكثر تشددا لجهة الدور السعودي المتوازي مع الدور الايراني. وتابعت هذه المصادر المطلعة ان فرنسا ستتمسك بأن تكون الرياض على طاولة المفاوضات الدولية النووية مع ايران، وهذا الموقف واجهته طهران برفض صريح. في الوقت ذاته، اوضحت هذه المصادر ان واشنطن لن تتخلى عن المملكة العربية السعودية بل ستظل حليفة لها، وأكبر دليل هو موقف وزير الخارجية الاميركي الذي ندد بقيام الحوثيين باستهداف مطار أبها في السعودية، وقال بشكل واضح ان اميركا لن تسمح بالاعتداء على حلفائها في المنطقة، مشددا على التحالف الاستراتيجي بين واشنطن والرياض.
وعليه، اليوم تبعا لما سيحصل من تطورات بين العلاقة الفرنسية – السعودية، سيكون لبنان الساحة التي ستظهر نتائج هذه العلاقة وتداعياتها.
وفي نطاق متصل، الرئيس الحريري من خلال جولته الخارجية، وخاصة الى مصر وفرنسا ومن خلال بياناته المتكررة استنكارا وادانة للاعتداءات الحوثية على السعودية، يحاول فتح الباب لزيارة له للملكة العربية السعودية. وهنا، كل الاحتمالات مطروحة، فقد تتم هذه الزيارة وقد لا تتم ايضا. وبموازاة ذلك هناك سعي مصري وفرنسي لفتح الابواب للحريري الى الرياض بما ان هذه الابواب اصبحت مغلقة لفترة طويلة امامه.
واذا نجحت المساعي المصرية في ترطيب الاجواء بين الحريري والسعودية، هل سيتمكن الرئيس المكلف من اقناع السعودية بدعم حكومته وبمساندة فرنسا ومصر؟
ذلك ان الحريري، وإن زار السعودية كتعويض معنوي هو بأمس الحاجة اليه، لا يبدو ان الاخيرة ستبدل موقفها تجاه لبنان. وهذا لن يساعد لبنان في ازمته المالية، خاصة انه بحاجة الى مساعدة مالية فورية لانقاذه من الانهيار الكامل، والدول الاوروبية لن تؤمن هذا المبلغ دون اصلاحات حقيقية، بل وحدها الدول الخليجية القادرة على توفير مليارات دولار لاعادة التوازن على الصعيد المالي والاقتصادي. وتعقيبا على ذلك، السعودية ودول خليجية اخرى لا تعتزم تقديم المساعدات للبنان ما دامت تعتبره منصة عدائية لها وفقا للرياض ودول عربية اخرى.
ويشار الى ان موقف الوزير القطري واضح ان لا مساعدات للبنان قبل تشكيل حكومة وتطبيق رزمة الاصلاحات. اما الجانب الفرنسي، فصحيح ان الرئيس ماكرون يسعى جاهدا ان يقايض الموقف السعودي عبر وضع الرياض على طاولة المفاوضات الدولية مع ايران، ولكن في المقابل فرنسا بحاجة للاستثمارات السعودية، ولذلك لن تتمكن من الطلب اكثر من ذلك اذا كانت الرياض متمسكة بموقفها تجاه لبنان.
وتوازيا، تسعى فرنسا ومصر الى تسويق استراتيجية ترتكز على معادلة واضحة المعالم بأن الاولوية لدى باريس والقاهرة بأن لا ينتقل الواقع في لبنان من الانهيار الى الانفجار. ولذلك المساعي مستمرة للحؤول دون تدهور الامور اكثر. وعليه، هذه المعطيات والاجواء لا تشجع الحريري على تشكيل حكومة بما انه على علم مسبق بموقف الرياض، ولا يريد المغامرة بحكومة لن تحظى بمساعدات مالية سعودية، ولا يحظى ايضا هو بدعم معنوي من الرياض.
الخلافات مستمرة بين الرئاستين الاولى والثالثة
داخليا، الامور مكشوفة، ولم يعد أي شيء مخفياً ذلك ان هنالك «بلوك» سياسي داخلي لم يتزحزح حتى الان، ولم تنجح الجهود الفرنسية الاخيرة في تغييرها، رغم ما ذكر من جرعات دولية مساندة للمبادرة الفرنسية.
وفي مستهل الكلام، اللقاء بين الرئيس المكلف سعد الحريري ورئيس الجمهورية ميشال عون كان يجب ان يفتح ثغرة في الجدار ويرطب الاجواء، انما كانت الاجواء عكس ذلك. والحال ان بيان قصر بعبدا كرس الجمود الحكومي حتى اشعار اخر وزاد الطين بلة من خلال العبارات المستخدمة فيه، والتي تبعث على الاعتقاد بان الازمة الحكومية مرشحة للاستمرار في المدى المنظور. وفي هذا المجال، قالت مصادر وزارية للديار انه صحيح ان المحاولات ستستمر، ولكن المقترحات تكاد تكون مستنفدة بما ان كل طرف متمسك بمواقفه وشروطه، لا بل ان الاجواء الملبدة بين عون والحريري تدل الى ان كل واحد منهما لا يريد التعاون مع الاخر ولا يريد ان يتساهل في ما يسمى الثوابت التي رسمها كل من الطرفين في شأن التشكيلة الحكومية. واضافت انه بات واضحا ان النقطتين الخلافيتين الاساسيتين هما الثلث المعطل وخلاف على تصنيف الوزير اللاحزبي، عدا الخلاف على العدل والداخلية الذي قيل ان باريس مستعدة للمساعدة في معالجة هذا الموضوع. واعربت هذه المصادر عن خشيتها ان يكون السبب الاساسي هو القطيعة بين الحريري ورئيس كتلة لبنان القوي النائب جبران باسيل، وهي التي تعرقل ولادة الحكومة والتي من الصعب جدا معالجتها في هذه الاجواء المتشجنة جداً.
من جهة اخرى، تؤكد اوساط واسعة الاطلاع في «الثنائي الشيعي» لـ «الديار» ان اللقاء بمجرد حصوله، ولو كان بروتوكولياً، فإنه يؤكد ان لا بديل عن التفاهم بين عون والحريري لولادة الحكومة. وتكشف الاوساط ان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون أكد للحريري انه يريده رئيساً اصيلاً للحكومة، وكذلك تشاركه عواصم كبيرة دولية واقليمية وخليجية هذا الشعور. وهذه العملية لن تتم بنجاح الا بتلاقي بعبدا وبيت الوسط.
وتقول هذه الاوساط ان الامور انطلقت، والضوء الاخضر للتشكيل انطلق فرنسياً واميركياً وبغطاء اقليمي وعربي، بينما توافق ايران وعلى عكس ما تتهم وحزب الله على ما توافق عليه حارة حريك، وان حزب الله يريد الحكومة ويسعى اليها ومتضرر مثل العهد والحريري والبلد والاقتصاد من تعثر التشكيل.
وتتوقع الاوساط ان يزور الحريري بعبدا مجدداً مطلع الاسبوع المقبل، كما تكشف ان زيارة الحريري الهادئة امس الى بعبدا، تؤشر الى ان خطابه في ذكرى اغتيال والده الـ 16 لن يكون تصعيدياً، وأن التهدئة ستحكم العلاقة بين عون والحريري من الآن وصاعداً.
اوساط مقربة من حزب الله للديار : نعول على القضاء في محاربة الفساد
اوضحت اوساط سياسية مقربة من حزب الله ان المقاومة في مكافحتها للفساد تعول على القضاء، وقد تقدمت بعدة ملفات وإخبارات انما حتى اللحظة لم يصل القضاء الى نتيجة. واعتبرت ان القضاء على غرار لبنان يمر ايضا بأزمة بما انه جزء لا يتجزأ من مؤسسات الدولة.
وحول العلاقة مع التيار الوطني الحر، اشادت هذه الاوساط بالعلاقة الجيدة والوطيدة بين حزب الله والوطني الحر.
وحول المعلومات التي تتكلم عن محاولة ماكرون اشراك السعودية في المفاوضات الدولية مع ايران حول ملفها النووي، قالت المصادر المقربة من حزب الله انه من المبكر التعليق على هذا الموضوع بما ان المفاضوات لم تبدأ بعد. واضافت ان الاتفاق حصل بين الولايات المتحدة وبين الجمهورية الاسلامية الايرانية، مشيرة الى ان هناك دولاً تستفيد منه ودولاً تتضرر منه، واذا استؤنفت المفاوضات ستكون لذلك انعكاسات على المنطقة في المدى البعيد.
التيار الوطني الحر : تشكيل لجان لدراسة اتفاق مار مخايل
كشفت اوساط التيار الوطني الحر انه تم تشكيل لجان من الجهتين بين حزب الله والوطني الحر لبحث اسباب عدم تطبيق كل مندرجات اتفاق مار مخائيل والذهاب الى تطبيقه بشكل كامل.
من جهة اخرى، وعن بيان رئاسة الجمهورية الذي ذكر ان الرئيس المكلف سعد الحريري اتى بطلب منه الى قصر بعبدا، اوضحت اوساط الوطني الحر انه من الطبيعي ان يتضمن البيان ذلك لان قصر بعبدا قال ان ابوابه مفتوحة للجميع، وهو توصيف لا اكثر وليس استقواء ولا عرض عضلات، ويندرج في اطار حسم اي تحليل من قبل اي جهة سياسية او اعلامية. واضافت انه من واجب رئاسة الجمهورية مصارحة الرأي العام بأن الحريري لم يأت بأي فكرة او طرح جديد، وبعبارات اخرى ان طرح الحريري قبل الجولة العربية والفرنسية هو ذاته ما بعد جولة الحريري العربية والفرنسية.
اما من يتهم رئاسة الجمهورية بالتعطيل، فرأت اوساط التيار الوطني الحر ان هذا الاتهام يجب ان يوجه للرئيس المكلف المتمسك بإقصاء فريق مسيحي قوي على غرار التيار الوطني الحر والعودة الى ما قبل 2005، اي تحكم الحريرية بزمام السلطة.
القوات اللبنانية : اربعة اشهر على تسمية الحريري ولا حكومة لليوم ولا من يحزنون
بدورها، قالت مصادر في القوات اللبنانية للديار ان هذا الفريق الحاكم لا يمكن التعاون معه، وتبين ان القوات كانت على حق. وخير دليل على ذلك ان الرئيس سعد الحريري كلف في 22 تشرين الاول، وها نحن اليوم في 13 شباط ولا حكومة ولا من يحزنون. ووصفت قصة التأليف بقصة ابريق الزيت، مشيرة الى الخلاف حول الثلث المعطل، والخلاف حول وزارة الداخلية والعدل والى ما هنالك من تفاصيل، بينما الشعب اللبناني يجوع ويفقر والامور تذهب الى مزيد من التدهور. وتساءلت المصادر القواتية : هل يعقل انه في وقت يعيش لبنان اسوأ ازماته نرى اهل السلطة لا يأخذون بالاعتبار هذا الواقع المزري والمأسوي؟
وشددت مصادر القوات اللبنانية على ان الواقع يستدعي تأليفاً سريعاً وقياسياً لحكومة خلافا لما يحصل اليوم، مشيرة الى ان لا تأليف للحكومة المرتقبة للأسف قبل ان يتمكن كل فريق من ان يلوي ذراع الاخر. وأضافت ان فريقاً يطالب بحكومة مؤلفة من عشرين وزيرا وفريقاً آخر يتمسك بحكومة من 18 وزيرا. هذا يريد وزارة الداخلية وذلك يريد وزارة العدل. هذا يريد الثلث المعطل وذاك لا يريد منحه هذا الثلث. وبين هذا وذاك، يعيش اللبناني ازمة معيشية واجتماعية قاهرة، ولا يأبهون لمطالب اي فريق سياسي، بل جل ما يريدون حكومة قادرة على وقف الانهيار واخراج لبنان من القعر. وعليه، رأت المصادر القواتية ان لا حل للخروج من هذه الدوامة، واشارت الى ان القوات نصحت الرئيس المكلف، ونكررها اليوم بالاعتذار عن التكليف، وليترك هذا الفريق يتدبر شؤون البلد بنفسه.
وردا على من يقول ان اعتذار الحريري سيزيد الطين بلة وان الوضع سيسوء بشكل اكبر، قالت مصادر القوات اللبنانية ان الامور يجب ان تقارب بخطوات كبرى ومواقف جريئة لان الاستمرار في هذه المرواحة ادى ويؤدي الى مزيد من التدهور.
وعلى صعيد الحالة المعيشية والاجتماعية والمالية، اعربت القوات اللبنانية عن خشيتها من مزيد من تدهور اوضاع اللبنانيين، ولا حل مع هذا الفريق لان التجربة اثبتت ان لبنان غير قادر على الخروج من ازمته المستعصية في ظل الاكثرية الحاكمة، سواء تألفت الحكومة أم لم تتألف، وسيظل الوضع سيئاً ما دام فريق السلطة ممسكاً بزمام الامور.
الحزب التقدمي الاشتراكي : عدم تأليف الحكومة يزيد من التدهور والترهل المؤسساتي
بدوره، رأى امين سر الحزب التقدمي الاشتراكي ظافر ناصر ان عدم تشكيل الحكومة سيأتي بتداعيات خطرة على لبنان، منها التردي بشكل كبير على المستوى المالي والاقتصادي والمعيشي، اضافة الى المزيد من الترهل في كل مؤسسات الدولة والمزيد من التفلت الامني.
واشار الى ان التعطيل في تأليف الحكومة يعود الى أسباب داخلية وخارجية، لانه من غير الواضح في الافق ما ستحمله المرحلة السياسية المقبلة على مستوى المنطقة، لافتا الى ان لبنان ليس اولوية عند الولايات المتحدة ولا حتى لدى اي دولة اخرى. واعرب ظافر عن اسفه لوجود مسؤولين غير مؤهلين لادارة شؤون البلد ولإنجاز اتفاق بمعزل عن الظروف الاقليمية.
وتابع : ان عدم تشكيل الحكومة هو سبب تعنت البعض وتمسكه بشرط الثلث المعطل، لان الهدف من ذلك الإمساك بقرار الحكومة في المرحلة المقبلة في حال لم تتم الانتخابات الرئاسية المقبلة.
لبنان تحت الفصل السابع :هل هو طرح واقعي؟
الى ذلك، تندرج الدعوات بوضع لبنان تحت الفصل السابع في خانة الدعوات غير الواقعية والتي لا تستند الى أجواء اقليمية ودولية ولا داخلية، وفي حال حصل، فإن ذلك سيؤدي الى «اشعال» البلد والمنطقة بأسرها. فمن مصلحته احراق لبنان ؟ هذا المطلب مستحيل لان التوازنات الاقليمية والداخلية لا تمهد الى هذا الاطار، كما ان التدويل للازمة اللبنانية غير قابل للتنفيذ لان الجو الداخلي لا يتلاءم مع هذه الدعوات التي اتت في اطار الضغوط لا اكثر.
من جهتها، شددت مصادر التيار الوطني الحر للديار على رفضها التام لطرح فكرة وضع لبنان تحت الفصل السابع، واصفة هذا الطرح بالمشبوه، واعتبرت ان السياديين والوطنيين يجب ان يجدوا الحل داخليا وليس عبر اتفاق يفرضه الخارج. ولفتت الى ان اتفاق الطائف واتفاق الدوحة الذي فرضته جهات خارجية لم يأتيا بأي فائدة على لبنان، لذلك الحلول الداخلية هي الاكثر ملاءمة للوضع السياسي اللبناني.
وفي السياق نفسه، رأت اوساط مسيحية للديار ان المسألة المتعلقة بالقرارات الدولية ووضع لبنان تحت الفصل السابع هي مجرد طروحات سياسية غير قابلة للتطبيق، ذلك ان قرار 1559 لم يضع تحت الفصل السابع وكذلك المحكمة الدولية، وقد رأى اللبنانيون ما وصلت اليه من نتائج في التحقيق. انطلاقا من ذلك، اعتبرت الاوساط المسيحية ان المجتمع الدولي ليس في صدد تطبيق ذلك على الدولة اللبنانية، وان القرارات الدولية ذات الصلة بالقضية اللبنانية لا تطبق بدءاً من اتفاق الطائف وصولا الى القرار 1701 مرورا بالقرار 1559. وبالتالي الجميع يدرك ان المسألة اللبنانية لا تتعلق بقرارات دولية. اما دعوة البطريرك الراعي الى مؤتمر دولي فهدفه حفظ حق لبنان في المرحلة المقبلة لان البطريركية المارونية على معرفة بما يحصل في الكواليس لناحية ان المنطقة مقبلة على مفاوضات وتسويات، وبالتالي هناك مخاوف بطريركية من حصول تسويات على حساب لبنان. والحال انه في ظل المقايضات بين الدول يمكن ان يكون لبنان ساحة ترضية لهذا الفريق او ذاك، وبالتالي موقف البطريرك الراعي وطني بامتياز وهو يدعو المجتمع الدولي لعدم التفريط بلبنان وبشعبه. ويشار الى ان البطريرك الراعي تلقى جرعة دعم من الفاتيكان بضرورة منع ضرب الوجود المسيحي فيه.
في المقابل، قالت اوساط سياسية ان الدعوات لوضع لبنان تحت الفصل السابع نابعة من اليأس والاحباط الذي وصل اليه البعض من الطبقة الحاكمة والمسؤولين اللبنانيين الذين لم يظهروا أي وطنية وأي ضمير حي تجاه شعبهم ووطنهم. ولذلك لجؤوا الى حل دولي ربما يأتي بالخير على لبنان.
****************************************
افتتاحية صحيفة الشرق
الحريري: لا حكومة بثلث معطل… ونقطه على السطر
غداة عودته من باريس ولقائه الرئيس إيمانويل ماكرون، زار رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري قصر بعبدا حيث التقى رئيس الجمهورية ميشال عون وعرض معه اخر المستجدات المتعلقة بالملف الحكومي.
وأصدر المكتب الإعلامي للرئيس الحريري بيانا اشار الى البحث خلال اللقاء تناول المستجدات المتعلقة بالملف الحكومي.
واثر الاجتماع قال الرئيس الحريري: بعد الزيارات التي قمت بها الى تركيا ومصر وخاصة خلال زيارتي الأخيرة لفرنسا حيث لمست حماسا لتشكيل الحكومة من خلال خارطة الطريق التي وضعها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والتي وافقنا عليها في قصر الصنوبر لإنقاذ لبنان ووقف التدهور وإعادة اعمار مرفأ بيروت ، وكل ذلك جاهز.
والمشكل اليوم انه لطالما، لا حكومة من الاختصاصيين غير التابعين لاحزاب سياسية، لا يمكننا القيام بهذه المهمة، واذا كان هناك من يعتقد انه اذا ضمت هذه الحكومة أعضاء سياسيين، فان المجتمع الدولي سيبدي انفتاحا حيالنا او سيعطينا ما نريده فنكون مخطئين، ومخطئ كل من يعتقد ذلك. الفكرة الأساسية هي تشكيل حكومة تضم وزراء اختصاصيين لا يستفزون أي فريق سياسي ويعملون فقط لانجاز المشروع المعروض امامهم.
تشاورت مع فخامة الرئيس وسأتابع التشاور، لم نحرز تقدما ولكني شرحت له أهمية الفرصة الذهبية المتاحة امامنا، لذا يجب علينا الإسراع في تشكيل هذه الحكومة وعلى كل فريق سياسي ان يتحمل مسؤولية مواقفة من الان وصاعدا.
+ هلا لاتزال متمسكا بحكومة من 18 وزيرا؟
ـ «موقفي ثابت وواضح وهو حكومة من 18 وزيرا جميعهم من الاختصاصيين ولا ثلث معطلا فيها وهذا ما لن يتغير لدي».
وعلى الأثر، صدر عن مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية البيان الآتي: «استقبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري بطلب منه وتشاور معه في موضوع تشكيل الحكومة العتيدة بعد الجولات التي قام بها الرئيس الحريري الى الخارج، حيث تبين ان الرئيس المكلف لم يأت بأي جديد على الصعيد الحكومي».
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :