افتتاحية صحيفة البناء :
بايدن يجيب بنعم ولا على أسئلة حول الاتفاق النوويّ … وإلغاء التصنيف الإرهابيّ لأنصار الله 15 شباط بدء العدّ التنازلي لانطلاق المسار الحكوميّ ... وامتحان تخفيض الإقفال اليوم 6 شباط: احتفالات لـ"أمل"... و"القومي": سقوط الأسرلة... و"التيار الحر" لمراجعة "التفاهم"
تناقلت وسائل الإعلام الأميركية الطريقة التي أجاب بها الرئيس الأميركي جو بايدن على أسئلة حول الاتفاق النوويّ طرحت عليه خلال حوار تلفزيوني حيث لم يبادر للتحدث عن خطة للعودة للاتفاق النوويّ، مكتفياً بشرح مخاطر قرارات الرئيس السابق بالانسحاب من الاتفاق وما نتج عنها لجهة اقتراب إيران من امتلاك مقدرات كافية لإنتاج سلاح نووي، ما دفع الى سؤاله هل سترفع العقوبات لتعود إيران الى الاتفاق فاكتفى بقول لا. ثم في سؤال آخر هل تربط رفع العقوبات بوقف إيران للتخصيب، فأجاب بنعم، وقرأت مصادر دبلوماسية متابعة لما يجري على مسار العودة للاتفاق النووي أن طريقة تصرّف بايدن تعبر عن درجة التحفظ التي يفرضها التفاوض، خصوصاً أن الجوابين بنعم ولا غير كافيين لاستخلاص خريطة الطريق الأميركية للعودة إلى الاتفاق، طالما أن إيران قد رسمت بديلاً للعودة وهو الخروج مما تبقى من الاتفاق ما لم ترفع العقوبات، وواشنطن تصرّح بأنها لا تملك بديلاً، وأن الأسابيع المقبلة ستكون كافية لبلوغ إيران مرحلة امتلاك مقدرات إنتاج سلاح نووي، مشيرة الى ما نشرته وكالة بلومبيرغ حول إشارة أميركيّة لصندوق النقد الدولي للإفراج عن قرض بخمسة مليارات دولار لإيران لشراء أدوية ومعدّات تتصل بمواجهة وباء كورونا، بينما أعلنت الخارجية الأميركية أنها أبلغت الكونغرس برسالة رسمية عزمها إلغاء تصنيف أنصار الله على لوائح الإرهاب.
داخلياً، أحيت حركة أمل ذكرى انتفاضة 6 شباط 1984 التي أنجزت إسقاط اتفاق 17 أيار وإخراج المارينز وفتح طريق بيروت الى الجنوب ودمشق، عبر احتفالات طالبية وشبابية في لبنان والمغتربات، مؤكدة على الدور القيادي التاريخي لرئيس مجلس النواب نبيه بري، بينما أصدر رئيس الحزب السوري القومي الإجتماعي وائل الحسنية بياناً في ذكرى الانتفاضة معتبراً أنها أنجزت إنهاء مشروع أسرلة لبنان وربطه بمحور الخضوع للهيمنة الأميركية الإسرائيلية، مندداً بغرف العمليات الإعلامية المخصصة للنيل من قوى المقاومة، خصوصاً الاتهامات التي تستهدف حزب الله في قضية مقتل الناشط لقمان سليم، فيما أصدر التيار الوطني الحر بيانين بمناسبة توقيع تفاهم مار مخايل بين التيار وحزب الله في 6 شباط 2006 معتبراً أن التفاهم فشل في ما يخصّ مشروع بناء الدولة داعياً لمراجعة نقدية لبنوده.
في الشأن الداخلي يختبر لبنان اليوم أول أيام تخفيض إجراءات الإقفال في ظل مخاوف من فلتان ناشئ عن كثرة الأذونات، والاستثناءات، بما يضيع أسابيع الإقفال التي بدأت تؤتي ثمارها أمس، مع أول انخفاض مرشح للتحسن أكثر في عدد الوفيات الذي بلغ 54 حالة، والإصابات التي سجلت 2094 حالة، بينما تحدثت مصادر سياسية عن استمرار الجمود الحكومي حتى منتصف الشهر موعد بدء العد التنازلي لمسار استيلاد الحكومة التي ثمة توافق خارجي على ضرورة تشكيلها مع نهاية شهر شباط لمنع الانهيار الذي يتحوّل معه لبنان إلى ثقب أسود وبؤرة تفجير، ما يهدد كل الترتيبات الجارية على قدم وساق لتعميم التهدئة على ساحات التوتر والاشتباك.
في الذكرى السابعة والثلاثين لانتفاضة السادس من شباط، أكد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي وائل الحسنية أن بإسقاط اتفاق 17 أيار الخياني، أسقطنا مشروع تحويل لبنان إلى محمية "إسرائيلية"، وأننا بالإرادة الوطنية حسمنا خيارات لبنان وثوابته، وبالمقاومة كرّسنا معادلة قوة لبنان في قوته لا في ضعفه. وهذه الإنجازات لا يمكن لنا أن نتهاون في صونها، بل يجب علينا تحصينها أكثر عبر تعزيز كل عناصر قوة لبنان.
وأشار الحسنيّة إلى أنّ الغرف النائمة السوداء عادت لتنشط في توزيع الأدوار على خلاياها الإعلامية والسياسية، في إطار تصعيد الحملة المسعورة ضد أحزاب وقوى المقاومة. وإن الاتهامات التي سيقت ضد حزب الله على خلفية جريمة اغتيال الناشط لقمان سليم، معدّة سلفاً، وأن مَن يتبنى هذه الاتهامات لبنانياً، يخدم عن قصد أو عن غير قصد، المشروع المعادي الذي يستهدف وحدة لبنان وعناصر قوته.
ودان الحسنية بشدّة جرائم القتل والاغتيال وطالب الأجهزة الأمنية بإجراء التحقيقات الموضوعيّة والشفافة بغية توقيف المجرمين ليصار إلى إخضاعهم لمحاكمة عادلة وإنزال أشد العقوبات بهم. وفي الوقت ذاته فإن الذين يطلقون الاتهامات جزافاً يتحملون مسؤولية حرف الأنظار عن المجرمين الحقيقيين، بهدف الاستثمار في الجرائم تنفيذاً لأجندات مشبوهة تسعى لتحقيق أهداف معادية لبلادنا.
وتابع قائلاً: إن الاتهامات الجاهزة، معزوفة قديمة جديدة، واللبنانيين باتوا يدركون ما تستبطنه وترمي إليه، خصوصاً عندما تتقاطع داخلياً مع مثيلاتها خارجياً، وهذا ما يستدعي التنبه إلى ما يحضر للبلد وأهله، وما يستهدف عناصر صمود لبنان، لا سيما المقاومة التي شكلت عنصر القوة الحاسمة في مواجهة العدو الصهيوني.
وشدّد على أن أخطر الجرائم وأكثرها بشاعة، عندما يوضع لبنان على رأس قائمة الاستهداف المعادي. لذلك ندعو إلى الوقف الفوري للاتهامات المضللة، وأن تضع مؤسسات الدولة حداً للتفلت الحاصل، وأن يتحرك القضاء عفواً لاستدعاء مطلقي الاتهامات والتحقيق معهم واتخاذ الإجراءات المناسبة بحقهم، تحصينا لوحدة لبنان واستقراره، وحفاظاً على ما يتمتع به من عناصر قوة، بمواجهة الاحتلال الصهيوني والإرهاب.
يتوقع المعنيون أن تتحرّك الاتصالات على الخط الحكوميّ هذا الأسبوع مع عودة الرئيس المكلف سعد الحريري من باريس بعد زيارته تركيا والإمارات ومصر، لكن ذلك لا يعني ان الاتصالات سوف تثمر سريعاً إذ تتجه الأنظار الى الكلمة التي سيلقيها الرئيس الحريري في 14 آذار ليبنى على الشيء مقتضاه بعده، ولذلك يؤكد مصدر معنيّ لـ"البناء" ان لا حكومة في المدى المنظور وأن مواقف الحريري في 14 شباط ستؤكد تمسكه بمواقفه التي من شأنها أن تعزز شعبيته في شارع، فضلاً عن انه سوف يبعث برسائل إلى الخارج قبل الداخل. واعتبرت المصادر ان العقدة محلية بالدرجة الاولى وتتمثل بالصراع بين الرئيس ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري يعمل لتأمين مظلة عربية وإقليمية ودولية له تجبر في النهاية الرئيس عون على التسليم بتشكيلة الحريري ولو بعد الحين.
وقالت مصادر التيار الوطني الحر لـ"البناء" إن لا حكومة ستتشكل إلا وفق معايير موحّدة تسري على الجميع، لافتة الى ان محاولة الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري تجاوز الرئيس العماد ميشال عون لا يمكن أن تمر على الاطلاق، وهذا ما يعرفه الجميع، ويعني أن على الحريري إذا كان يريد فعلاً تأليف حكومة مهمة إنقاذية أن يتفاهم أولاً وأخيراً مع الرئيس عون والالتزام بما نص عليه الدستور لا التلطي بالمبادرة الفرنسية، خاصة أن هذه المبادرة الجميع متمسك بها، واعتبرت المصادر ان ما يجري اليوم من توجيه السهام نحو بعبدا عند كل محطة او استحقاق سواء من الحريري أو من غيره من القوى السياسية الأخرى يأتي في سياق مترابط، فهؤلاء جميعاً يصبون في النهاية في الخندق نفسه ولو انهم ليسوا حلفاء في الظاهر، ومع ذلك فإن الرئيس عون الذي لم يتنازل يوماً لا يمكن ان يخضع لضغوط هؤلاء وعلى الجميع ان يدرك ذلك.
وكان التيار الوطني الحر كرّر إثر اجتماعه الدوري إلكترونيًا برئاسة النائب جبران باسيل، أن تفاهم مار مخايل "لم ينجح في مشروع بناء الدولة وسيادة القانون"، واعتبر المجلس أن "تطوير هذا التفاهم باتجاه فتح آفاق وآمال جديدة أمام اللبنانيين هو شرط لبقاء جدواه اذ تنتفي الحاجة إليه إذا لم ينجح الملتزمون به في معركة بناء الدولة وانتصار اللبنانيين الشرفاء على حلف الفاسدين المدمّر لأي مقاومة أو نضال".
الى ذلك عاد السجال الى الواجهة مجدداً بين كتلة التحرير والتنمية من جهة والتيار الوطني الحر من جهة أخرى، في سياق الاشتباك السياسي ضن مساحة الخلاف، وبعد مبادرة الرئيس نبيه بري التي لم تنجح في إحداث الخرق المطلوب، وفيما لفت عضو كتلة "التنمية والتحرير" النائب أنور الخليل، إلى أنّ "بعد تأكيد رئيس مجلس النواب نبيه بري مبادرته لتأليف الحكومة العتيدة، وتفاهم الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا على ضرورة التأليف، فلبنان أمام حَلَّين: إمّا تلقّف مبادرة بري الّتي أكّد متابعتها لنهايتها، أو قد يُفرَض الحلّ تحت البند السابع لميثاق الأمم المتحدة. ردّ الوزير السابق سليم جريصاتي على كلام الخليل بالقول: "الى الشيخ الجليل أنور، ما يستحق التدويل، تحت أي فصل، هو ملف التحاويل المشبوهة من لبنان الى الخارج، من قبل السياسيين وأصحاب النفوذ المصرفي في فترة الريبة". أضاف: "فهلّا، طالبت، أم أنك معنيّ، لا سمح الله، بمثل هذه التحاويل؟ إرفع السرية عن حساباتك علّ الشعب المحروم يعرف مَن هو نائبه".
وفيما يزور وفدٌ من التيّار الوطني الحر يضمّ نوّاباً ومسؤولين بكركي اليوم للقاء البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، أعلن الأخير في عظة قداس الأحد ان كل المبادرات والوساطات اللبنانيّة والعربيّةِ والدوليّة استُنفدت من دون جدوى وكأن هناك إصرارًا على إسقاط الدولة بكل ما تمثل من خصوصية وقيم ودستور ونظام وشراكة وطنية. مهلاً، مهلًا أيّها المسؤولون!".
وطالب البطريرك بطرح قضية لبنان في مؤتمر دوليّ خاص برعاية الأمم المتّحدة يثبّت لبنان في أطره الدستوريّة الحديثة التي ترتكز على وحدة الكيان ونظام الحياد وتوفير ضمانات دائمة للوجود اللبنانيّ تمنع التعدّي عليه، والمسّ بشرعيّته، وتضع حدًّا لتعدّديّة السلاح، وتعالج حالة غياب سلطة دستوريّة واضحة تحسم النزاعات، وتسدّ الثغرات الدستوريّة والإجرائيّة، تأمينًا لاستقرار النظام، وتلافيًا لتعطيل آلة الحكم أشهرًا وأشهرًا عند كلّ استحقاق لانتخاب رئيسٍ للجمهوريّة ولتشكيل حكومة. وأعلن أنّنا "نطرح هذه الأمور للحفاظ على الشراكة الوطنيّة والعيش المشترك المسيحيّ - الإسلاميّ في ظلّ نظام ديمقراطيّ مدنيّ. لقد شبعنا حروبًا وفتنًا واحتكامًا إلى السلاح".
على خط آخر، أعلنت السفارة الألمانية في بيروت انتهاء عملية معالجة 52 حاوية تضمّ مواد كيميائية شديدة الخطورة كانت موجودة في مرفأ بيروت منذ أكثر من عقد من الزمن، على أن يتم شحنها الى ألمانيا. ويأتي ذلك في وقت بحث فيه رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب مع الوزير ميشال نجار والمدير العام لإدارة واستثمار مرفأ بيروت باسم القيسي، أوضاع المرفأ.
من جهة ثانية، تعود البلاد اليوم ولو تدريجياً، الى الحياة شبه الطبيعية، في حيت ان الاصابات والوفيات من جراء فيروس كورونا لا تزال مرتفعة، ففي الساعات الـ 24 الماضية، اعلنت وزارة الصحة تسجيل 2081 اصابة جديدة بفيروس كورونا، و54 حالة وفاة. وليس بعيداً ارتفعت أمس، صرخة التجار والمؤسسات مطالبة باستثنائها من الإقفال، فيما استمر قطع الطرقات في بعض المناطق احتجاجاً على تردي الاوضاع المعيشية والفقر والجوع الذي تعاني منه الأسر الأكثر فقراً. ومن هنا ينتظر اللبنانيون، المساعدات التي أعلنت عنها حكومة الرئيس حسان دياب لا سيما التي قدّمها قرض البنك الدولي الذي وقّعه وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني، ورفع إلى مجلس النواب بانتظار أن يُقرّه ليصبح نافذاً وتبدأ عمليّة صرفه على العائلات المستحقّة.
وفي السياق نفسه، أوضح الوزير رمزي مشرفية أنّ "قيمة القرض هي 246 مليون دولار، لمشروع التكافل الاجتماعي لمدّة عام. هذا القرض سيغطّي 147 ألف أُسرة لبنانيّة مستحقّة من ناحية التقديمات الماليّة، و87 ألف طالب في المدارس الرسمية من ناحية تقديمات الرسوم، بالإضافة إلى تقديمات إلى مراكز الشؤون الاجتماعيّة". تناقلت وسائل الإعلام الأميركية الطريقة التي أجاب بها الرئيس الأميركي جو بايدن على أسئلة حول الاتفاق النوويّ طرحت عليه خلال حوار تلفزيوني حيث لم يبادر للتحدث عن خطة للعودة للاتفاق النوويّ، مكتفياً بشرح مخاطر قرارات الرئيس السابق بالانسحاب من الاتفاق وما نتج عنها لجهة اقتراب إيران من امتلاك مقدرات كافية لإنتاج سلاح نووي، ما دفع الى سؤاله هل سترفع العقوبات لتعود إيران الى الاتفاق فاكتفى بقول لا. ثم في سؤال آخر هل تربط رفع العقوبات بوقف إيران للتخصيب، فأجاب بنعم، وقرأت مصادر دبلوماسية متابعة لما يجري على مسار العودة للاتفاق النووي أن طريقة تصرّف بايدن تعبر عن درجة التحفظ التي يفرضها التفاوض، خصوصاً أن الجوابين بنعم ولا غير كافيين لاستخلاص خريطة الطريق الأميركية للعودة إلى الاتفاق، طالما أن إيران قد رسمت بديلاً للعودة وهو الخروج مما تبقى من الاتفاق ما لم ترفع العقوبات، وواشنطن تصرّح بأنها لا تملك بديلاً، وأن الأسابيع المقبلة ستكون كافية لبلوغ إيران مرحلة امتلاك مقدرات إنتاج سلاح نووي، مشيرة الى ما نشرته وكالة بلومبيرغ حول إشارة أميركيّة لصندوق النقد الدولي للإفراج عن قرض بخمسة مليارات دولار لإيران لشراء أدوية ومعدّات تتصل بمواجهة وباء كورونا، بينما أعلنت الخارجية الأميركية أنها أبلغت الكونغرس برسالة رسمية عزمها إلغاء تصنيف أنصار الله على لوائح الإرهاب.
داخلياً، أحيت حركة أمل ذكرى انتفاضة 6 شباط 1984 التي أنجزت إسقاط اتفاق 17 أيار وإخراج المارينز وفتح طريق بيروت الى الجنوب ودمشق، عبر احتفالات طالبية وشبابية في لبنان والمغتربات، مؤكدة على الدور القيادي التاريخي لرئيس مجلس النواب نبيه بري، بينما أصدر رئيس الحزب السوري القومي الإجتماعي وائل الحسنية بياناً في ذكرى الانتفاضة معتبراً أنها أنجزت إنهاء مشروع أسرلة لبنان وربطه بمحور الخضوع للهيمنة الأميركية الإسرائيلية، مندداً بغرف العمليات الإعلامية المخصصة للنيل من قوى المقاومة، خصوصاً الاتهامات التي تستهدف حزب الله في قضية مقتل الناشط لقمان سليم، فيما أصدر التيار الوطني الحر بيانين بمناسبة توقيع تفاهم مار مخايل بين التيار وحزب الله في 6 شباط 2006 معتبراً أن التفاهم فشل في ما يخصّ مشروع بناء الدولة داعياً لمراجعة نقدية لبنوده.
في الشأن الداخلي يختبر لبنان اليوم أول أيام تخفيض إجراءات الإقفال في ظل مخاوف من فلتان ناشئ عن كثرة الأذونات، والاستثناءات، بما يضيع أسابيع الإقفال التي بدأت تؤتي ثمارها أمس، مع أول انخفاض مرشح للتحسن أكثر في عدد الوفيات الذي بلغ 54 حالة، والإصابات التي سجلت 2094 حالة، بينما تحدثت مصادر سياسية عن استمرار الجمود الحكومي حتى منتصف الشهر موعد بدء العد التنازلي لمسار استيلاد الحكومة التي ثمة توافق خارجي على ضرورة تشكيلها مع نهاية شهر شباط لمنع الانهيار الذي يتحوّل معه لبنان إلى ثقب أسود وبؤرة تفجير، ما يهدد كل الترتيبات الجارية على قدم وساق لتعميم التهدئة على ساحات التوتر والاشتباك.
في الذكرى السابعة والثلاثين لانتفاضة السادس من شباط، أكد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي وائل الحسنية أن بإسقاط اتفاق 17 أيار الخياني، أسقطنا مشروع تحويل لبنان إلى محمية "إسرائيلية"، وأننا بالإرادة الوطنية حسمنا خيارات لبنان وثوابته، وبالمقاومة كرّسنا معادلة قوة لبنان في قوته لا في ضعفه. وهذه الإنجازات لا يمكن لنا أن نتهاون في صونها، بل يجب علينا تحصينها أكثر عبر تعزيز كل عناصر قوة لبنان.
وأشار الحسنيّة إلى أنّ الغرف النائمة السوداء عادت لتنشط في توزيع الأدوار على خلاياها الإعلامية والسياسية، في إطار تصعيد الحملة المسعورة ضد أحزاب وقوى المقاومة. وإن الاتهامات التي سيقت ضد حزب الله على خلفية جريمة اغتيال الناشط لقمان سليم، معدّة سلفاً، وأن مَن يتبنى هذه الاتهامات لبنانياً، يخدم عن قصد أو عن غير قصد، المشروع المعادي الذي يستهدف وحدة لبنان وعناصر قوته.
ودان الحسنية بشدّة جرائم القتل والاغتيال وطالب الأجهزة الأمنية بإجراء التحقيقات الموضوعيّة والشفافة بغية توقيف المجرمين ليصار إلى إخضاعهم لمحاكمة عادلة وإنزال أشد العقوبات بهم. وفي الوقت ذاته فإن الذين يطلقون الاتهامات جزافاً يتحملون مسؤولية حرف الأنظار عن المجرمين الحقيقيين، بهدف الاستثمار في الجرائم تنفيذاً لأجندات مشبوهة تسعى لتحقيق أهداف معادية لبلادنا.
وتابع قائلاً: إن الاتهامات الجاهزة، معزوفة قديمة جديدة، واللبنانيين باتوا يدركون ما تستبطنه وترمي إليه، خصوصاً عندما تتقاطع داخلياً مع مثيلاتها خارجياً، وهذا ما يستدعي التنبه إلى ما يحضر للبلد وأهله، وما يستهدف عناصر صمود لبنان، لا سيما المقاومة التي شكلت عنصر القوة الحاسمة في مواجهة العدو الصهيوني.
وشدّد على أن أخطر الجرائم وأكثرها بشاعة، عندما يوضع لبنان على رأس قائمة الاستهداف المعادي. لذلك ندعو إلى الوقف الفوري للاتهامات المضللة، وأن تضع مؤسسات الدولة حداً للتفلت الحاصل، وأن يتحرك القضاء عفواً لاستدعاء مطلقي الاتهامات والتحقيق معهم واتخاذ الإجراءات المناسبة بحقهم، تحصينا لوحدة لبنان واستقراره، وحفاظاً على ما يتمتع به من عناصر قوة، بمواجهة الاحتلال الصهيوني والإرهاب.
يتوقع المعنيون أن تتحرّك الاتصالات على الخط الحكوميّ هذا الأسبوع مع عودة الرئيس المكلف سعد الحريري من باريس بعد زيارته تركيا والإمارات ومصر، لكن ذلك لا يعني ان الاتصالات سوف تثمر سريعاً إذ تتجه الأنظار الى الكلمة التي سيلقيها الرئيس الحريري في 14 آذار ليبنى على الشيء مقتضاه بعده، ولذلك يؤكد مصدر معنيّ لـ"البناء" ان لا حكومة في المدى المنظور وأن مواقف الحريري في 14 شباط ستؤكد تمسكه بمواقفه التي من شأنها أن تعزز شعبيته في شارع، فضلاً عن انه سوف يبعث برسائل إلى الخارج قبل الداخل. واعتبرت المصادر ان العقدة محلية بالدرجة الاولى وتتمثل بالصراع بين الرئيس ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري يعمل لتأمين مظلة عربية وإقليمية ودولية له تجبر في النهاية الرئيس عون على التسليم بتشكيلة الحريري ولو بعد الحين.
وقالت مصادر التيار الوطني الحر لـ"البناء" إن لا حكومة ستتشكل إلا وفق معايير موحّدة تسري على الجميع، لافتة الى ان محاولة الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري تجاوز الرئيس العماد ميشال عون لا يمكن أن تمر على الاطلاق، وهذا ما يعرفه الجميع، ويعني أن على الحريري إذا كان يريد فعلاً تأليف حكومة مهمة إنقاذية أن يتفاهم أولاً وأخيراً مع الرئيس عون والالتزام بما نص عليه الدستور لا التلطي بالمبادرة الفرنسية، خاصة أن هذه المبادرة الجميع متمسك بها، واعتبرت المصادر ان ما يجري اليوم من توجيه السهام نحو بعبدا عند كل محطة او استحقاق سواء من الحريري أو من غيره من القوى السياسية الأخرى يأتي في سياق مترابط، فهؤلاء جميعاً يصبون في النهاية في الخندق نفسه ولو انهم ليسوا حلفاء في الظاهر، ومع ذلك فإن الرئيس عون الذي لم يتنازل يوماً لا يمكن ان يخضع لضغوط هؤلاء وعلى الجميع ان يدرك ذلك.
وكان التيار الوطني الحر كرّر إثر اجتماعه الدوري إلكترونيًا برئاسة النائب جبران باسيل، أن تفاهم مار مخايل "لم ينجح في مشروع بناء الدولة وسيادة القانون"، واعتبر المجلس أن "تطوير هذا التفاهم باتجاه فتح آفاق وآمال جديدة أمام اللبنانيين هو شرط لبقاء جدواه اذ تنتفي الحاجة إليه إذا لم ينجح الملتزمون به في معركة بناء الدولة وانتصار اللبنانيين الشرفاء على حلف الفاسدين المدمّر لأي مقاومة أو نضال".
الى ذلك عاد السجال الى الواجهة مجدداً بين كتلة التحرير والتنمية من جهة والتيار الوطني الحر من جهة أخرى، في سياق الاشتباك السياسي ضن مساحة الخلاف، وبعد مبادرة الرئيس نبيه بري التي لم تنجح في إحداث الخرق المطلوب، وفيما لفت عضو كتلة "التنمية والتحرير" النائب أنور الخليل، إلى أنّ "بعد تأكيد رئيس مجلس النواب نبيه بري مبادرته لتأليف الحكومة العتيدة، وتفاهم الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا على ضرورة التأليف، فلبنان أمام حَلَّين: إمّا تلقّف مبادرة بري الّتي أكّد متابعتها لنهايتها، أو قد يُفرَض الحلّ تحت البند السابع لميثاق الأمم المتحدة. ردّ الوزير السابق سليم جريصاتي على كلام الخليل بالقول: "الى الشيخ الجليل أنور، ما يستحق التدويل، تحت أي فصل، هو ملف التحاويل المشبوهة من لبنان الى الخارج، من قبل السياسيين وأصحاب النفوذ المصرفي في فترة الريبة". أضاف: "فهلّا، طالبت، أم أنك معنيّ، لا سمح الله، بمثل هذه التحاويل؟ إرفع السرية عن حساباتك علّ الشعب المحروم يعرف مَن هو نائبه".
وفيما يزور وفدٌ من التيّار الوطني الحر يضمّ نوّاباً ومسؤولين بكركي اليوم للقاء البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، أعلن الأخير في عظة قداس الأحد ان كل المبادرات والوساطات اللبنانيّة والعربيّةِ والدوليّة استُنفدت من دون جدوى وكأن هناك إصرارًا على إسقاط الدولة بكل ما تمثل من خصوصية وقيم ودستور ونظام وشراكة وطنية. مهلاً، مهلًا أيّها المسؤولون!".
وطالب البطريرك بطرح قضية لبنان في مؤتمر دوليّ خاص برعاية الأمم المتّحدة يثبّت لبنان في أطره الدستوريّة الحديثة التي ترتكز على وحدة الكيان ونظام الحياد وتوفير ضمانات دائمة للوجود اللبنانيّ تمنع التعدّي عليه، والمسّ بشرعيّته، وتضع حدًّا لتعدّديّة السلاح، وتعالج حالة غياب سلطة دستوريّة واضحة تحسم النزاعات، وتسدّ الثغرات الدستوريّة والإجرائيّة، تأمينًا لاستقرار النظام، وتلافيًا لتعطيل آلة الحكم أشهرًا وأشهرًا عند كلّ استحقاق لانتخاب رئيسٍ للجمهوريّة ولتشكيل حكومة. وأعلن أنّنا "نطرح هذه الأمور للحفاظ على الشراكة الوطنيّة والعيش المشترك المسيحيّ - الإسلاميّ في ظلّ نظام ديمقراطيّ مدنيّ. لقد شبعنا حروبًا وفتنًا واحتكامًا إلى السلاح".
على خط آخر، أعلنت السفارة الألمانية في بيروت انتهاء عملية معالجة 52 حاوية تضمّ مواد كيميائية شديدة الخطورة كانت موجودة في مرفأ بيروت منذ أكثر من عقد من الزمن، على أن يتم شحنها الى ألمانيا. ويأتي ذلك في وقت بحث فيه رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب مع الوزير ميشال نجار والمدير العام لإدارة واستثمار مرفأ بيروت باسم القيسي، أوضاع المرفأ.
من جهة ثانية، تعود البلاد اليوم ولو تدريجياً، الى الحياة شبه الطبيعية، في حيت ان الاصابات والوفيات من جراء فيروس كورونا لا تزال مرتفعة، ففي الساعات الـ 24 الماضية، اعلنت وزارة الصحة تسجيل 2081 اصابة جديدة بفيروس كورونا، و54 حالة وفاة. وليس بعيداً ارتفعت أمس، صرخة التجار والمؤسسات مطالبة باستثنائها من الإقفال، فيما استمر قطع الطرقات في بعض المناطق احتجاجاً على تردي الاوضاع المعيشية والفقر والجوع الذي تعاني منه الأسر الأكثر فقراً. ومن هنا ينتظر اللبنانيون، المساعدات التي أعلنت عنها حكومة الرئيس حسان دياب لا سيما التي قدّمها قرض البنك الدولي الذي وقّعه وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني، ورفع إلى مجلس النواب بانتظار أن يُقرّه ليصبح نافذاً وتبدأ عمليّة صرفه على العائلات المستحقّة.
وفي السياق نفسه، أوضح الوزير رمزي مشرفية أنّ "قيمة القرض هي 246 مليون دولار، لمشروع التكافل الاجتماعي لمدّة عام. هذا القرض سيغطّي 147 ألف أُسرة لبنانيّة مستحقّة من ناحية التقديمات الماليّة، و87 ألف طالب في المدارس الرسمية من ناحية تقديمات الرسوم، بالإضافة إلى تقديمات إلى مراكز الشؤون الاجتماعيّة".
*******************************************************************
افتتاحية صحيفة الأخبار :
لبنان أهدر أكثر من 2600 كلم2 لحساب الجزيرة: عدِّلوا المرسوم 6433 وافرضـوا التفاوض على قبرص!
ليس العدو الإسرائيلي وحده من استولى على مياه لبنانية في المنطقة الاقتصادية البحرية الخالصة، نتيجة سوء إدارة لبنان للمعركة، كما عدم إعداده لها بالصورة المطلوبة. فإضافة إلى المنطقة الجنوبية المسروقة من قبَل "إسرائيل"، في المنطقة الغربية، تنازل لبنان عن أكثر من 2600 كلم مربّع لقبرص! تنازل يوجب إعادة القضية إلى بداياتها، وتعديل مرسوم تحديد المنطقة الاقتصادية الخاصة بلبنان، وفتح التفاوض مجدداً مع الجزيرة الجارة
يبدو أن حقيقة مؤلمة تغيب عن ذهن معظم اللبنانيين، ولا سيّما المسؤولين الرسميين، تتمثّل في أن الوفد اللبناني المفاوض على ترسيم الحدود الجنوبية حمل إلى طاولة المفاوضات في الناقورة خريطة لا قيمة دستورية لها. فهذه الخريطة، وإنْ كانت بإحداثيات مختلفة عن النقطة 23 التي سبق أن حددتها لجنة شكّلها مجلس الوزراء في عام 2008 وأنهت أعمالها في 2009، وإنْ كانت أيضاً متقدمة نسبياً على سابقتها من عام 2009، إلّا أنها لم تُمهر بتوقيع أي مؤسسة دستورية، لكونها غير صادرة بمرسوم عن مجلس الوزراء، ولا تحمل توقيع رئيس الجمهورية، فضلاً عن أنها لم تنل، على ما يبدو، تأييد الكتل النيابية في مجلس النواب. هذه الخريطة التي حملها الوفد، بناءً على توجيه من رئاسة الجمهورية، تنطلق من مقاربة جديدة للنقطة الأساس من الشاطئ اللبناني المسماة B1، وتفرض تعاملاً مختلفاً مع النتوء الصخري المسمى "تيخيليت". لكن بالطبع كان بإمكان الوفد اللبناني تأبّط خرائط أخرى تزيد من المساحة التي يقدّرها لبنان ذاتياً لتكون منطقته الاقتصادية الخالصة.
المشكلة التي تواجه المفاوض اللبناني اليوم، وبعض المسؤولين في الدولة، سببها أن المفاوض الإسرائيلي، أو الوسيط الأميركي، وبكل بساطة، قد يُشكِل على الوفد بالقول إن الخريطة والمقاربة اللتين يقدّمهما لا تأييد دستورياً لهما. بل وإن الطرح بذاته مخالف لما وافقت عليه المؤسسات الدستورية اللبنانية: المرسوم 6433/2011، والخرائط المرفقة به، ورسائل الخارجية اللبنانية للأمم المتحدة في عام 2010 و2011. وهو للأسف، إشكال صحيح، إلى حد يؤرّق الجميع، وبطبيعة الحال، الوفد اللبناني المفاوض.
انقر على الصورة لتكبيرها
لقد اتصل الوفد بجهات سياسية، مطالباً بتعديل موقعه التفاوضي عبر تعزيزه دستورياً، وتمكينه ليكون أوسع قدرة في الدفاع عن حقوق لبنان، وفق تصوّر متطوّر، أكثر تحقيقاً للمصلحة الوطنية، وأرقى من الذي جرى اعتماده في 2009، أيام حكومة الرئيس فؤاد السنيورة.
باحثَ الوفد اللبناني تلك الجهات الرسمية، عارضا حاجته إلى استصدار مرسوم يعدّل المرسوم 6433/2011، ويحدد من جديد إحداثيات المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان، لكنّ بعض الجهات السياسية لن توافق على استصدار مرسوم، معلّلة رفضها بأن مرسوماً من هذا النوع يمكن أن يحكم لبنان سلفاً، إذ إنه سيكون قد وضع حدوداً تقرّ بوجود منطقة اقتصادية خالصة للكيان الإسرائيلي. في الواقع، هذا الكلام الذي يواجَه به الوفد ليس دقيقاً، وقد يجاب عنه بالقول إن ما يقوم به لبنان هو ترسيمٌ ذاتيٌ لحدود منطقته الاقتصادية الخالصة، من دون أن يأتي على ذكر المنطقة التي تقابله.
المدهش أيضاً، هو ادعاء آخرين بأنه ليس من داع لوجود مرسوم يحدد منطقة اقتصادية خالصة للبنان، إذ يغيب عن بال هؤلاء أن مجلس الوزراء أصدر عام 2011 المرسوم الرقم 6433 الذي يحدد المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان، جاعلاً النقطة 23 نقطة ثلاثية البعد مع قبرص وفلسطين المحتلة. لذلك، فإن القول بألّا داعي لإصدار مرسوم جديد، يُردّ عليه بأن لدى لبنان حقيقةً مرسوماً يرسّم حدوده بافتئات على حقوقه الأصيلة. الجدير ذكره أيضاً، أنّ سجالاً دار خلال ترسيم خريطة عام 2009 بين وجهتَي نظر. الأولى تتمثل بوزارة الأشغال ومديرية الشؤون الجغرافية في الجيش اللبناني، تتمسك بأن النقطة التي تحقّ للبنان هي النقطة الـ 23، في حين أن وجهة النظر الأخرى، التي عبّر عنها ممثل الخارجية اللبنانية داخل اللجنة، تقول بإمكانية الذهاب جنوبي هذه النقطة بما يضيف بين 1300كلم2 و1700كلم2 تقريباً على مساحة المنطقة الاقتصادية الخالصة. لكن، ومع الأسف، سادت وجهة النظر الأولى، لأسباب غير مفهومة ومحلّ تساؤل وشبهة.
مقاربة ثالثة مختلفة قدّمها خبراء في القانون الدولي وشؤون الطاقة (الخريطة المرفقة)، تعطي لبنان حقوقه. فالنقطة الـ 23 لا يصحّ اعتمادها، لكونها قد حدّدت بعد إزاحة الخط البحري شمالاً بسبب ما يسمى أثر جزيرة تيخيليت ــــ التسمية التي أطلقها الإسرائيليون على النتوء الصخري هناك. بينما، في الحقيقة، ليس من جزيرة، بل مجرد صخرة كبيرة لا تأبه لها الاتفاقية الدولية لقانون البحار، بدليل أحكام دولية كثيرة صادرة لم تأخذ بعين الاعتبار "جزراً" تضمّ 60 ألف نسمة.
يضيف هؤلاء الخبراء أنه حين جرى رسم الخط، لم تكن الحكومة قادرة على الوصول إلى النقطة B1، لأنها تحت الاحتلال الإسرائيلي، وأن نقطة B1 حتى ولو وضعت وفقاً لترسيم خط الهدنة، فإنها تبقى مخالفة لنص اتفاقية الهدنة، القائل بوجوب أن يتطابق خط الهدنة مع الخط الحدودي بين لبنان وفلسطين المحتلة المحدد وفقا لاتفاقية بولي-نيوكومب " Paulet-Newcombe" عام 1923. لذا كان ينبغي على نقطة B1 أن تكون في نهاية وادي كركرة، الذي يبعد 1.8 كلم عن النقطة B1 بحسب خط الهدنة عام 1949. ما حصل في ذلك العام، هو أن المفاوض الاسرائيلي دفع بالمفاوض اللبناني إلى القبول بتأخير النقطة B1 شمالاً، أي باتجاه لبنان، ما أتاح للكيان القدرة على تقاسم رأس الناقورة الذي سمّاه من جهته "روش هانكيرا Rosh HaNikra"، متجاوزاً بذلك حدود خط الهدنة. وكما هو معلوم في ألف باء الهندسة، فإن فَرقَ أمتار على الشاطئ يتسع داخل البحر ليشكل مساحة واسعة.
وفي المجال التشريعي، إن الاعتراض بأنه لا يمكن تعديل المرسوم 6433/2011 لأنه قد سبق أن جرى إبلاغ الأمم المتحدة به، فمردود على قائله، لأن المرسوم ذاته، وفي مادته الثالثة، نصّ على ما يأتي: "يمكن مراجعة حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة وتحسينها، وبالتالي تعديل لوائح إحداثياتها، عند توافر بيانات أكثر دقة، ووفقاً للحاجة في ضوء المفاوضات مع دول الجوار المعنية".
إذن، صار واضحاً أن المفاوض اللبناني ليس في استطاعته الاستمرار في التفاوض وهو مكشوف دستورياً وقانونياً وسياسياً. فلا بد إذاً من تعديل المرسوم 6433، آخذاً في الاعتبار آليات جديدة لرسم المنطقة الاقتصادية الخالصة وفق أدق المعطيات وأفضل المقاربات التي ستؤدي إلى زيادة الحقوق.
مع قول ما تقدم، لا نستطيع سوى أن نستحضر واقع أن الخطأ الذي ارتكبته حكومة الرئيس السنيورة في عام 2009، لم يصحّح الخطيئة الكبرى التي ارتكبتها حكومته أيضاً عام 2007، حين وقّعت يوم 17/1/2007 اتفاقية تحديد الحدود مع قبرص، التي تراجع فيها الجانب اللبناني، بحسب قول المدير العام للنقل البري والبحري عبد الحفيظ القيسي، آنذاك، أميالاً إلى الوراء التزاماً بما تنصّ عليه الاتفاقية الدولية لقانون البحار، أي إلى النقطة 1. هذا التراجع يعتبر كارثة وطنية. فعلى أي أساس أو منطق قد يذهب وفد لبناني إلى التفاوض في 2007 من دون امتلاكه خريطة ذاتية تحدّد منطقته الاقتصادية الخالصة؟ المضحك والمبكي في آن واحد هو الوفد اللبناني - حينذاك - الضئيل حجماً والضعيف تقنياً، والذي كان مؤلفاً من المدير العام للنقل البري والبحري عبد الحفيظ القيسي، ومساعده حسن شعبان فقط، من دون وجود مندوب لوزارة الخارجية لتدوين محاضر الجلسات التفاوضية أو مندوب للجيش حتى! في الوقت الذي كان الوفد القبرصي يضم ثمانية خبراء في مجالات الجيولوجيا والقانون الدولي والتنقيب عن النفط وغيرها. ما حصل آنذاك، شكّل كارثة وطنية وفضيحة إدارية، لم تصحّح كما ينبغي في خريطة 2009. ففي المحصلة، خسر لبنان مساحة تفوق 2600 كلم2 لحساب قبرص (المساحة الواقعة بين الخط الأسود والخط الأحمر على الخريطة المرفقة).
لم يعد جائزاً بقاء المرسوم 6433/2011 كمادة يعتمد عليها لبنان في مفاوضاته، بل حتى في غير حالة التفاوض. فالحاجة إلى التعديل قائمة بذاتها، غير مرتبطة بأي أمر آخر، لتحصين موقع لبنان وتدعيمه. وبعد انسداد أفق المفاوضات، قد يُدفع بلبنان إلى خيارين، إما أن يقبل بتقاسم المنطقة الاقتصادية الخالصة مع العدوّ المفاوض، وهذا تنازل خياني وغير مقبول عن الحقوق الوطنية و الثروات، وإما بأن يستمر في التفاوض غير المجدي والخطر مع العدو الإسرائيلي، مع خوف ينشأ من أن يعمد حليفه، الوسيط الأميركي، إلى ممارسة ضغوط لإرغام اللبنانيين على التنازل. وقد سبق للولايات المتحدة أن أرغمت الجانب اللبناني، مكرهاً، على الذهاب إلى مفاوضات الناقورة، عارفاً بأن لا نتيجة منها، لكونه قد سبق أن فاوض لمدة عشر سنوات عبر فريدريك هوف وغيره من الموفدين الأميركيين، ليحصل على أقل من 600 كلم2 تقريباً من المنطقة التي تسميها اتفاقية القانون الدولي للبحار الآن المنطقة الاقتصادية المتنازع عليها، علما بأن المنطقة الواقعة بين ما يسمّى خط هوف والنقطة 23، هي المنطقة الأكثر واعدية في احتوائها للموارد، بحسب ما بيّنت الصور الزلزالية الثلاثية البعد.
يفرض انتساب لبنان إلى الاتفاقية الدولية لقانون البحار عليه مشكلة، حيث إنه، بحسب الاتفاقية (الكيان الإسرائيلي لا ينتسب إليها)، ملزم في حال حصول نزاع بينه وبين طرف موقّع آخر عليها حول المنطقة الاقتصادية الخالصة، بالامتناع عن القيام فيها بأي عمل، وهذا ما حصل في الـ 865 كلم2 التي تعتبرها الأمم المتحدة منطقة متنازعاً عليها. انطلاقاً من هذه المشكلة، وبناءً عليها، يمكن للبنان اجتراح حل من شأنه خلق موقع متقدم له في المفاوضات، يتيح له استرجاع حقوقه التي جرى التراجع عنها من قبل وفد الرئيس السنيورة إلى قبرص بقرار واضح بدا في الفقرة المتعلقة بإخلاء المسؤولية Disclaimer في النسخة القبرصية لمحضر جلسة التفاوض (نظراً إلى عدم وجود نسخة لبنانية للمحضر كما ذكرنا أعلاه): إن النقاط الأخيرة للخط الوسطي (نقطة 1و 6) تم التراجع بها عن النقطتين الثلاثيتَي البعد اللتين تم احتسابهما في الشمال والجنوب، للسماح بحصول مفاوضات مستقبلية مع الدول المجاورة.
بدون هذا الطرح، وكما ذهب لبنان إلى التفاوض مرغماً، علماً بأنه كان عليه وباستطاعته تفاديها، سيذهب مجدداً، ومع الأسف، من دون ذخيرة دستورية وقانونية وسياسية كافية لإعداد ملف صلب ومتماسك. فتعديل المرسوم 6433 سيمكن لبنان من الاستناد إلى أفضل القواعد التي تؤدي إلى أخذه حقوقه، بعيداً عن العقلية الانهزامية والتنازلية التي سيطرت على لجنة الـ 2009، بانتظار أن يأتي الزمان الذي يناقش فيه كيف أنها فرضت، ومَن وراءها، النقطة 23 بدل التوسع جنوباً باتجاه فلسطين المحتلة، كيف أنها تصدّت لكل محاولة داعية لذلك.
لماذا التفاوض مع قبرص؟
أولاً، لأن التفاوض مع العدوّ الإسرائيلي غير مجد، وذو خطورة لواقع أنه قد يستخدم عصا حليفه الأميركي لدفع لبنان نحو التنازل عن جزء من 865 كلم2 المصنّفة "متنازعاً عليها". ثانياً، لأن المشكلة بدأت في أصلها باتفاقية تحديد الحدود مع قبرص، حين قبل لبنان التراجع إلى حدود النقطة الرقم 1. وبالتالي، ليصحح لبنان هذا الخطأ، عليه أن يتفاوض مجدداً مع الجانب القبرصي لتحديد حدود جديدة، وخاصة أن الاتفاقية لم تبرم، إذ لم تحل إلى المجلس النيابي ليقرّها، فمن حق لبنان إذاً أن يطلب إعادة التفاوض حولها. ثالثاً، قبرص دولة منتسبة إلى الاتفاقية الدولية لقانون البحار كما لبنان، وبالتالي، فإن ما ينطبق على لبنان ويلزمه ينطبق عليها ويلزمها أيضاً، فبعد أن يبلغ لبنان الأمم المتحدة بإحداثيات منطقته الاقتصادية الخالصة ضمن المرسوم الجديد والخريطة المرفقة، التي تعتمد النقطة 62 بدلاً من 23، فإن المنطقة بين النقطة 1 و62 ستصبح منطقة متنازعاً عليها، وعلى القبارصة الامتناع عن القيام بأي عمل فيها، ما سيضطر قبرص حينها، حفاظاً على مصالحها، إلى التفاوض مع لبنان والتوصل إلى تسوية تطيح النقطة الرقم 1 أساس المشكلة. رابعاً، على فرض أنه لم يتم التوصل إلى تسوية، فبحسب الاتفاقية الدولية لقانون البحار، بإمكان لبنان الذهاب إلى خيار التحكيم. ولمّا كانت المحاكم تعتمد في أحكامها مبدأ الإنصاف، فمن المرجّح أن يكون الحكم لمصلحة لبنان، إذ ليس من الإنصاف أن يطبق على لبنان وساحله الواحد ما يطبق على قبرص الجزيرة مع ما لها من شواطئ. خامساً وأخيراً، بعد أن يطيح لبنان النقطة الرقم 1، سيكون قد أطاح في الوقت عينه الاتفاق القبرصي ــــ الإسرائيلي وأسقط ادّعاءات العدو، من دون الولوج في مفاوضات عبثية وخطرة ولا طائل منها مع الكيان الإسرائيلي.
*******************************************************************
افتتاحية صحيفة النهار
المؤتمر الدولي ونزع السلاح ذروة مواقف بكركي
لم يعد غريباً ان يشهد الواقع ال#لبناني المتوغل نحو سقوف إضافية من التداعيات المأسوية للازمات السياسية والصحية والاقتصادية والمالية والاجتماعية بداية صعود لافت لدعوات الى تدويل الازمة اللبنانية برمتها على غرار ما كانت تشهدها حقبات الحروب والهدنات الهشة التي تفصل بين جولة قتالية وجولة أخرى. ذلك ان الغياب الفادح لاي تحرك داخلي مؤثر نحو انهاء “ازمة العصر” المتمثّلة بتعطيل #تشكيل الحكومة الجديدة ومنع أي استجابة جدية وحقيقية للمبادرة الفرنسية اليتيمة المطروحة على الطاولة، كما للمبادرة الداخلية وعلى رأسها تحرك بكركي ومن بعده مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري، أدى الى تفجير اليأس المتحكم لدى الكثير من الجهات الناشطة في اتجاه الدفع بالبلد نحو حقبة انقاذية يبدو واضحا ان السلطة المتحكمة بالبلد الآن تمعن في وضع العراقيل أمامها. وما زاد طين التعطيل والمكابرة والمعاندة السلطوية التي تحول دون الافراج عن حكومة لن يمد العالم يدا للبنان لدعمه ومساعدته على الخروج من كارثته قبل ولادتها، الحدث الترهيبي الاجرامي باغتيال الكاتب والناشر والناشط السياسي #لقمان سليم الامر الذي استحضر مع ظروفه الترهيبية ظروفا مماثلة لتلك التي أعقبت انفجار مرفأ بيروت في آب الماضي. انكشفت مع حادث الاغتيال مجددا حالة الانهيار المخيفة التي آلت اليها السلطة امام عودة الاغتيالات والتسيب المخيف في توقيت تزامن مع مرور ستة اشهر عقيمة كاملة بعد انفجار مرفأ بيروت وسط تعطيل وتعثر التحقيقات القضائية، الامر الذي جعل لبنان مكشوفا امام العالم بأسوأ صور الانكشاف. في إزاء هذه الوقائع الدراماتيكية يمكن القول ان طلائع المواقف التي بدأت تدعو الى التوجه الى الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بل حتى الى استدراج وصاية دولية على لبنان باتت مفهومة ومبررة وبديهية سواء كانت قابلة للتنفيذ الواقعي ام اصطدمت بعقبات دولية وداخلية تحول دون ترجمتها الى إجراءات ملموسة. واذا كانت الأصوات المنادية بالاحتكام الى الأمم المتحدة بدأت ترتفع مع التحركات المنتفضة على لقمان سليم، كما مع مواقف لنواب وشخصيات سياسية وتنظيم عرائض تطالب بتحقيق دولي في الاغتيال، فان ابرز ما سجل امس على المستوى الداخلي تمثل في مواقف جديدة للبطريرك الماروني #الكاردينال بشارة بطرس الراعي يمكن وصفها موضوعيا بانها شكلت ذروة مواقف بكركي الصارخة والبارزة من الازمة بكل وجوهها. وقد اكتسبت مواقف البطريرك الراعي دلالات مهمة ليس لجهة تصعيد نبرته الغاضبة حيال السلطة وإجهاض كل المبادرات لتشكيل الحكومة والتلويح بعودة الثورة فحسب، وانما أيضا لإطلاقه مطلبا واضحا وبارزا يكمل موقفه من حياد لبنان بعقد اجتماع دولي حول لبنان برعاية الأمم المتحدة، كما قرن ذلك في مجال ادانة اغتيال جريمة لقمان سليم بالدعوة الى وضع حد للسلاح المتفلت.
في موضوع الحكومة قال “كنا نعول بثقة على تأليف حكومة مهمة وطنية انقاذية، كبداية محاولة لردم الهوة. لكن الآمال خابت بسبب تغلب المصالح الشخصية والفئوية وعجز المسؤولين عن التلاقي والتفاهم… شعبنا يحتضر والدولة ضمير ميت. جميعُ دول العالم تعاطفت مع شعب لبنان إلا دولته. فهل من جريمة أعظمُ من هذه؟ نادينا فلم يسمعوا. سألنا فلم يُجيبوا. بادرنا فلم يتجاوبوا. لن نتعب من المطالبة بالحق. وشعبنا لن يرحل، بل يبقى هنا. سينتفضُ من جديد في الشارع ويطالبُ بحقوقه، سيثورُ، ويحاسب…مهلا، مهلا أيها المسؤولون! فلا الدولة ملككم، ولا الشعب غنم للذبح في مسلخ مصالحكم وعدم إكتراثكم “. وأعتبر “إن وضع لبنان المنهار يستوجب أن تطرح قضيته في مؤتمر دولي خاص برعاية الأمم المتحدة يثبت لبنان في أطره الدستورية الحديثة التي ترتكز على وحدة الكيان ونظام الحياد وتوفير ضمانات دائمة للوجود اللبناني تمنع التعدي عليه، والمس بشرعيته، وتضع حداً لتعددية السلاح، وتعالج حالة غياب سلطة دستورية واضحة تحسم النزاعات، وتسد الثغرات الدستورية والإجرائية، تأمينا لإستقرار النظام، وتلافيا لتعطيل آلة الحكم عدة أشهر عند كل إستحقاق لإنتخاب رئيس للجمهورية ولتشكيل حكومة” . وقال “لقد أدمى قلبنا وقلوب الجميع في اليومين الأخيرين استشهاد الناشط لقمان محسن سليم، ابن البيت الوطني، والعائلة العريقة. إن اغتياله هو اغتيال للرأي الآخر الحر، ودافع جديد لوضع حد لكل سلاح متفلت يقضي تدريجيأ على خيرة وجوه الوطن.”
بدوره متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران #الياس عودة حمل بشدة على المسؤولين لافتا الى ان “الموت طال معظم بيوت وطننا إما بسبب كارثة 4 آب أو بسبب الجائحة أو الفقر والعوز، لكن مسؤولينا منشغلون بأنفسهم يعيثون فسادا وحقدا. اللبنانيون مقهورون، والحكام همهم الحصص والمكاسب والثلث المعطل، ألا يكفي تعطيل تشكيل الحكومة، وتعطيل حركة البلد وشلها؟ كم بيت يجب أن يهدم بعد؟ كم شاب وشابة يجب أن يهاجرا بعد؟… بعد إغتيال العاصمة ها نحن نشهد سلسلة اغتيالات كان آخرها منذ يومين. لم إسكات الناس؟ لم كم الأفواه؟ وهل إخماد الأصوات الحرة يطفئ جذوة الحرية ويخنق صرخات الناس؟ ليس بالقتل وإسكات المفكرين وقادة الرأي تتم الغلبة. الغدر دليل ضعف. واجهوا الآخر بالفكر، قارعوا الحجة بالحجة. إن حرية الرأي حق كفله الدستور، والحوار أفضل طريق للاقناع”.
يشار في هذا السياق الى ان مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا السابق، ديفيد شينكر، نعى الناشط لقمان سليم، قائلاً: “ارقد بسلام صديقي لقمان. حزب الله هدّدك ولكن كلّما كانوا يحاولون ذلك لم يُخيفوك. أخذوا حياتك ولكنّهم لن يأخذوا صوتك ورسالتك. لبنان للبنانيين وإنقاذ بلدهم أمرٌ يعود لهم”.
الحريري الى باريس
على الصعيد السياسي أفادت معلومات ان الرئيس المكلف تشكيل الحكومة #سعد الحريري الموجود في ابوظبي بعد زيارته الأخيرة لمصر سينتقل الى باريس في اليومين المقبلين للقاء الرئيس الفرنسي ايمانويل #ماكرون. واشارت الى ان الحريري سيضع الرئيس ماكرون في نتائج اتصالاته الداخلية والخارجية وما يعيق مسار تشكيل حكومة الانقاذ الى جانب التطورات الدراماتيكية المتتالية في بيروت كما سيطلع منه على اجواء اتصاله برئيس الجمهورية العماد ميشال عون الاسبوع الماضي. ومن المتوقع ان يعود الحريري الى لبنان قبيل نهاية الاسبوع.
في غضون ذلك يبدأ صباح اليوم تنفيذ المرحلة الأولى من خطة تخفيف #الاقفال العام في بعض القطاعات لفترة أسبوعين على ان تليها ثلاث مراحل أخرى ما لم يجر التمديد لاي من المراحل تبعا لتقويم اعداد الإصابات في نهاية كل مرحلة . ومع ان انخفاضا نسبيا سجل في عدد #الوفيات والإصابات في اليومين الأخيرين فان الوضع الوبائي لا يزال خطيرا ومقلقا نظرا الى استمرار الاختناقات في المستشفيات وتجاوز نسب الفحوص الإيجابية المعدلات العالمية . وسجل تقرير وزارة الصحة امس 2081 إصابة و54 حالة وفاة.
***********************************************
افتتاحية صحيفة نداء الوطن
تراشق عون – بري يتصاعد… وصيغ تسووية “قيد الدرس”
بكركي “تنتفض”: التدويل مقابل التعطيل!
في سياق متدرّج من النداءات والعظات، يسير البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي بخطى ثابتة على درب تحرير البلد من قيود التعطيل والتنكيل بالدستور والدولة، عاقداً العزم واللواء على خوض معركة الحفاظ على الهوية والكيان في مواجهة ما يتهددهما من أهواء شخصية وفئوية هدّامة. فبعد سلسلة من المواقف التصعيدية المتصاعدة تأنيباً لأصحاب السلطة الذين أمعنوا في تغليب “مصالحهم وحساباتهم وحصصهم” على المصلحة الوطنية، ويتصرّفون على أساس أنّ الدولة “ملك لهم” والشعب “غنم للذبح” في مسلخ مصالحهم، سلكت بكركي بالأمس منعطفاً جديداً في انتفاضتها الوطنية بلغت حدّ وضع معادلة سيادية تقوم على المطالبة بتدويل القضية اللبنانية، في مقابل المعادلة السياسية القائمة على منع لبننة الحلول داخلياً.
وإزاء خيبة الأمل التي أصابت الراعي “بسبب عجز المسؤولين عن التلاقي والتفاهم” على تأليف حكومة مهمة إنقاذية، وبعدما “لم يتجاوبوا” مع مبادرته التقريبية لوجهات النظر، ما أوصل لبنان إلى “مرحلة خطيرة تحتم الموقف الصريح والقرار الجريء”، جاهر البطريرك الماروني بالمطالبة بطرح القضية اللبنانية “في مؤتمر دولي خاص برعاية الأمم المتحدة يثبت لبنان في أطره الدستورية الحديثة، التي ترتكز على وحدة الكيان ونظام الحياد وتوفير ضمانات دائمة للوجود اللبناني تمنع التعدي عليه، والمسّ بشرعيته، وتضع حدًّا لتعدّدية السلاح وتعالج حالة غياب سلطة دستورية واضحة تحسم النزاعات، وتسدّ الثغرات الدستورية والإجرائية، تأميناً لاستقرار النظام، وتلافياً لتعطيل آلة الحكم أشهراً وأشهراً عند كل إستحقاق لإنتخاب رئيس للجمهورية ولتشكيل حكومة”.
وقطعاً لدابر التخوين وتحوير المرامي الوطنية لطرحه، شدد الراعي على كونه طرحاً نابعاً من “الحرص على كل لبنان والحفاظ على الشراكة والعيش المشترك في ظلّ نظام ديمقراطيّ مدنيّ”، مطلقاً صرخة مدوية في وجه استمرار نهج “الحروب والفتن والاحتكام إلى السلاح”، ومحذراً في الوقت عينه من أنّ “الشعب سينتفض من جديد في الشارع ويطالب بحقوقه، وسيثور ويحاسب”، انطلاقاً من قناعته بأنّ سلبية المسؤولين لن تولّد إلا مزيداً من السلبية من جانب الناس الذين يدفعهم الاستخفاف بمآسيهم “عنوةً نحو خيارات قصوى”.
وعلى المقلب السياسي من المشهد، تتصاعد حدة التراشق السياسي بين جبهتي بعبدا وعين التينة والذي بلغ مستويات متقدمة خلال الساعات الأخيرة، وصل إلى حد تحميل عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب أنور الخليل رئيس الجمهورية ميشال عون مسؤولية المجازفة بفرض حل على اللبنانيين بقوة “البند السابع” من ميثاق الأمم المتحدة، جراء الإيغال بالسياسة التعطيلية لتأليف الحكومة. الأمر الذي استفزّ دوائر القصر الجمهوري فاستنفر المستشار الرئاسي سليم جريصاتي مصوّباً على الخليل من زاوية اتهامه بالإثراء في ملف “التحاويل المشبوهة”.
وتوازياً، ساد تبادل الاتهامات بالفساد بين نواب كتلتي “أمل” و”التيار الوطني الحر” النيابية، وبرز في هذا الإطار كلام للنائب محمد خواجة وضع فيه تكتل “لبنان القوي” في خانة “المتاجرة بشعارات إصلاحية”، مذكراً برفض التكتل تطبيق سلسلة من القوانين التي تكافح الفساد وهدر المال العام، ليرد عليه النائب سيزار أبي خليل باتهامه بـ”الهلوسة والمزايدة بالعفة” والاستفادة من تعطيل إقرار قانون “الكابيتال كونترول”، لتحويل مليارات الدولارات إلى الخارج. فكان رد من خواجة على الرد، مضيئاً على دور أبي خليل في الهدر في وزارة الطاقة وقال: “يبدو أنّ تناول ملف الكهرباء قد أصاب منه مقتلاً”.
وفي خضمّ هذه الأجواء القاتمة، لا تزال مؤشرات الملف الحكومي مستغرقة في سبات عميق وسجال عقيم تحت وطأة احتدام صراع الصلاحيات الرئاسية. وبينما يواصل الرئيس المكلف سعد الحريري جولته الخارجية التي ستقوده إلى باريس خلال الأيام المقبلة، جددت دوائر بعبدا أمس التشديد على تمسك رئيس الجمهورية بأن ينال حصة رئاسية من 6 وزراء بمعزل عن وزير “الطاشناق” في الحكومة “منعاً لاستئثار الحريري بقرارها”.
ورغم أنه لم يطفُ على سطح المشهد حتى الساعة أي حل توفيقي يشي بإمكانية تلاقي الطروحات بين عون والحريري، غير أنّ مصادر مواكبة لخط الوساطات الحكومية، أكدت لـ”نداء الوطن” أنّ الجهود لم تتوقف والآمال لم تنقطع بالقدرة على إحداث خرق ما في جدار التصلب بالمواقف، متحدثة عن صيغ تسووية “قيد الدرس” لكنها تحتاج إلى مزيد من البحث والوقت لبلورتها. وأبرز هذه الصيغ، يرتكز إلى محاولة وضع إطار حل عملي لمعضلة التسميات في حقيبتي العدل والداخلية، بحيث تكون إحداهما من حصة رئيس الجمهورية والثانية من حصة رئيس الحكومة، فيتبادل كل منهما لائحة بثلاثة أسماء مرشحين لتولي هذه الحقيبة أو تلك على أن يختار الآخر إسماً منها للتوزير.
وعن مسألة الثلث المعطل، رأت المصادر أنّ هذا الموضوع لم يعد مطروحاً بعدما لم يلقَ قبولاً، لا داخلياً ولا خارجياً، وبالتالي فإنّ حصة “التيار الوطني الحر” ورئيس الجمهورية لن تتعدى ستة وزراء ضمن تشكيلة الـ18.
***********************************************
افتتاحية صحيفة الجمهورية
الداخل ينتظر حراك الخارج.. باريس: 3 أسابيع حاسمة
يبدو انّ الشعرة التي كانت لا تزال توصل بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وتياره السياسي، وبين رئيس المجلس النيابي نبيه بري، قد انقطعت، وصعدت العلاقة بينهما الى ذروة التصعيد، وصارت معلّقة على سلك توتر حارق.
ولعلّ المقدّمة النارية الليلية، التي أوردتها قناة الـ «ان بي ان» ضدّ «التيار الوطني الحر» والعهد، رداً على مقدّمة عنيفة لمحطة «او تي في» ضدّ رئيس المجلس، تؤشر الى مرحلة من التخاطب ومن دون قفازات، وبعبارات من تحت الزنار السياسي. حيث صوّبت الـ «ان بي ان» على من سمّتهم «الوطنجيون الجدد». وجاء فيها: «الوطنجيون الجدد»، عبارة دخلت الى القاموس السياسي اللبناني في مرحلة «الرجعة» عام 2005، كمصطلح لجماعة توسلّت الوصاية لإستصدار قرار أممي مع ناظر له، ضدّ أبناء بلدها من المقاومين. والمفارقة أننا نجدها اليوم تعاير بالسيادة من حرّر الأرض واسترجع سيادة الوطن المسلوبة وأسقط إتفاقية الإذعان… بئس الزمن هو… لا بل نكد الدهر.
أضافت: لقد وصلت وقاحة هؤلاء منذ يوم الجلوس على العرش، عبر ركوب الموجة الاقليمية والدولية، في بيع وشراء وفق أسعار سوق سياسية سوداء، بلغت حدّ الحديث عن السلام مع إسرائيل وبيع عميل. وهذا كله طمعاً بورث لوكيل…
ومضت المقدمة: في هذه العصفورية اتخذ أفراد العائلة مناصب متعدّدة .الّا أنّ أياً منها لم يكن في يوم عوناً للوطن… بل على العكس، فرضت على الناس معاناة من قبيل ع-ف أو عتمة – فساد و س-س سرقة سمسرات و ج-ه أو جوع – هجرة والأبجدية تطول.
اضافت: هؤلاء لم يتعلّموا حتى اللحظة لفظ حرف من معنى الشراكة، ثم يأتون ويسألون: ماذا ينفع الإنسان اللبناني اذا ربح العالم كله وخسر شريكه في الوطن…ونقول لهم، اللّهم لا شماتة بمرض إنفصامكم… نتمنّى لكم الشفاء العاجل من العِقَد النفسية والنزعة الإستئثارية والثلث المعطل… ورحمة الله على شراكة تدّعونها».
وخلصت الى القول: «الوطنجيون الجدد»، عبارة تبدو الحاجة ملحّة اليها اليوم، للدلالة الى جماعة الفساد التي طغت في أرض الوطن أكثر من فرعون. فيما نراها تسارع الى إدّعاء العفاف عند كل محطة وموقف وبيان… وإدارة المناقصات تشهد على الناقصين ومناقصات الترضية للحاشية والتراضي لجيوبهم…هم كل حروف علّة لبنان…زاد الله في غبائهم…وأنقص من بواخر شفافيتهم… وللحديث تتمة».
وكانت الـ «او تي في» قد قدّمت مقدمة نارية في اتجاه الرئيس بري، من دون ان تسمّيه، قالت فيها: «السياديون الجدد» عبارة دخلت الى القاموس السياسي اللبناني في مرحلة انسحاب الجيش السوري من لبنان عام 2005 كمصطلح يُستخدم للتعريف عن مجموعة من الشخصيات والقوى السياسية التي والت الوصاية في عزّ نفوذها، وانقلبت عليها لمّا بدأ نفوذها بالأفول.
وقد وصلت مغالاة هؤلاء يومها في ركوب الموجة الاقليمية والدولية الجديدة، حدّ المطالبة باستبدال الوصاية المنقضية بأخرى اقليمية- دولية، اتخذت من أحرف الأبجدية اسماء متعدّدة لها، كالالف-سين الى والسين سين وسواهما، من دون ان يتعلّم هؤلاء حتى اللحظة، انّ ماذا ينفع الانسان اللبناني اذا ربح العالم كله وخسر شريكه في الوطن».
اضافت: «اما «الإصلاحيون الجدد»، فعبارة تبدو الحاجة ملحّة اليها اليوم للدلالة الى مجموع الشخصيات والقوى السياسية الفاسدة او التي غطّت الفساد، التي تسارع الى اعتماد التنكّر السياسي سبيلاً للهرب من الحساب الآتي لا محال، في ضوء المتغيّرات الداخلية والخارجية التي كشفت ارتكاباتهم بجرم السرقة المشهود، وتطالب بالتدقيق الجنائي من ضمن المبادرة الفرنسية، لتلتقي بذلك مع مطلب رأس الدولة والفريق السياسي المؤيّد له. هكذا، صرنا نرى الذئب متنكّراً بزي الحمل، والقحباء السياسية تحاضر بالعفة. كلهم باتوا اصلاحيين، والاصلاحي الوحيد اصبح في نظرهم الفاسد الوحيد».
فرض الدخول الفرنسي على الخط الحكومي انكفاء منصّات السجال حول الحصص والمعايير الى الخلف، وأخضَع المتساجلين لاستراحة إلزامية تسكت فيها لغة الصدام التي كانت سائدة بين القصر الجمهوري وبيت الوسط، وذلك في خطوة بَدت انّها محاولة إزالة اي معطّلات او منغّصات من شأنها أن تعيق او تشوّش على المسعى الفرنسي المتجدد لتوليد الحكومة.
وفيما لا يلحظ في تطورات المشهد الداخلي أي أمل بفتح كوة في الجدار الحكومي في ظل المناكفات المتواصلة على أكثر من جبهة داخلية، إلّا أن الصورة الخارجية مخالفة لهذه الأجواء، ذلك أنّ المعطيات المتوافرة حول المسعى الفرنسي، وعلى ما تؤكد مصادر سياسية لـ”الجمهورية”، تؤشّر الى أن الملف الحكومي يقترب شيئاً فشيئاً من نقطة الحسم، خصوصاً أنّ قوة الدفع الفرنسية في هذا الاتجاه قطعت شوطاً مهماً في تعبيد الطريق المؤدية الى ولادة حكومة المبادرة الفرنسية.
العد التنازلي
تؤكد ذلك مصادر ديبلوماسية من باريس، كشفت لـ«الجمهورية» انّ المقاربة الفرنسية للملف اللبناني بدأت توحي بأنّ العد التنازلي الفرنسي لتشكيل الحكومة في لبنان قد بدأ، وانّ هناك توجّهاً حاسماً وأكثر من جدّي لدى الاليزيه لإحداث خرق نوعي في جدار الملف الحكومي المعطّل في لبنان، يُفضي إلى ولادة «حكومة المبادرة الفرنسية» في فترة قريبة جداً، وضمن مهلة لا تتعدّى نهاية الشهر الجاري، على أن تلي ذلك مباشرة زيارة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الى بيروت في آذار المقبل.
وعلى هذا الاساس، تضيف المصادر، فإنّ الحركة الفرنسية تجاه لبنان ستشهد في الايام المقبلة تزخيماً ملحوظاً، يَتواكب مع موقف فرنسي واضح تجاه لبنان سيصدر قريباً، ربما من الايليزيه، وذلك بالتوازي مع الحركة الفرنسية في اتجاهات دولية مختلفة، لفتح الباب اللبناني على ايجابيات، حيث فتح الإيليزيه قنوات التواصل مع الولايات المتحدة الاميركية وايران ومصر ودولة الامارات العربية المتحدة، وكذلك مع السعودية التي قد يزورها ماكرون في وقت قريب سعياً بالدرجة الأولى الى إقناع المسؤولين في المملكة بحضور سعودي مباشر وداعم للحكومة ورئيسها، والانخراط في الجهود الرامية الى إيجاد حلّ للمعضلة اللبنانية.
وتشير المصادر الى انّ ما حملته القنوات الفرنسية مع هذه الدول، جعل الفرنسيين يتفاءلون بإمكان تحقيق إنجاز في الملف اللبناني يضع المبادرة الفرنسية المعطلة منذ اعلانها أواخر آب الماضي حيّز التنفيذ، وتشكيل حكومة برئاسة سعد الحريري وفق مندرجاتها. مع الاشارة في هذا السياق الى ما بدأ الفرنسيون يسمّونه تكاملاً في الموقفين الأميركي والفرنسي تجاه لبنان وهدفاً مشتركاً في تأليف حكومة في لبنان وفق متطلبات المجتمع الدولي التي تلبّي مطالب وتطلعات الشعب اللبناني بمكافحة الفساد وإجراء إصلاحات تُشرّع الباب نحو تدفّق المساعدات الدولية الى لبنان.
نصيحة عربية
وفي موازاة الحراك الفرنسي، كشفت مصادر مسؤولية لـ«الجمهورية» انّ الحضور العربي على خط الازمة اللبنانية، يشهد زخماً ملحوظاً في هذه الفترة، خلافاً لما كان عليه في منذ فترة طويلة، وفي هذا السياق يندرج الحضور المصري الفاعل، الى جانب الحضور الاماراتي. على أن اللافت للانتباه في هذا السياق انّ هذا الحضور العربي يحتضن بشكل لافت المبادرة الفرنسية، وثمة نصائح أُسديت في الآونة الاخيرة للمسؤولين اللبنانيين المعنيين بالملف الحكومي بالتجاوب مع هذه المبادرة، على اعتبار أنها الفرصة الوحيدة المتوفرة للانقاذ، وهذا يوجِب على المسؤولين عن الملف الحكومي تحمّل مسؤولياتهم في عدم تفويت هذه الفرصة مرة ثانية، وملاقاة الاندفاعة الخارجية لمساعدة لبنان بتسهيل تأليف الحكومة بما ينسجم مع حاجة لبنان الملحة الى تشكيل حكومة تنصرف الى التصدي للأزمات المتفاقمة فيه.
في هذا السياق، يأتي موقف وزير الخارجية المصرية سامح شكري خلال لقائه في القاهرة وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبه أمس، حيث أكد الوزير المصري «دفع بلاده لعدم التأخر في تأليف حكومة لبنانية مع الاستعداد لوضع إمكانات مصر في هذا الصدد».
حكومة اختصاصيين
الى ذلك، قالت مصادر معنية بملف التأليف لـ«الجمهورية» انه على رغم أنّ الاجواء المحيطة بالحراك الفرنسي حول لبنان توحي ببعض الإيجابيات، الا أنه من السابق لأوانه الحكم عليها او التسليم بأنها ستحقق الغاية المنسشودة منها، خصوصاً انها ما زالت في السياق النظري، ما يعني ضرورة انتظار ترجمتها العملية، التي يخشى أن تصطدم بالعقلية المعطلة في الداخل التي اطاحت بكل الوساطات والمبادرات، وبحرب المعايير المتصادمة بين رئيس الجمهورية ومن خلفه «التيار الوطني الحر»، وبين الرئيس المكلف، التي أعدمت إمكانية تأليف حكومة وكسرت العلاقة بين شريكي التأليف وذهبت بها الى نقطة اللاعودة والطلاق النهائي بينهما.
معايير المبادرة فقط
وفي هذا السياق، كشفت مصادر موثوقة لـ«الجمهورية» ان المعطيات المتوافرة على الخط الحكومي تؤكد أن الحراك الذي تقوده باريس هذه المرة، يتجاوز العلاقة التصادمية بين المعنيين بالملف الحكومي، خصوصاً بين عون والحريري، لبلورة صيغة حكومية يلتحق بها الجميع، تضم شخصيات موثوقة من اللبنانيين ومن المجتمع الدولي، وقائمة على المعايير التي حددتها المبادرة الفرنسية، والتزام الاطراف اللبنانيين بها، والاساس فيها أنها متكافئة ولا غلبة لطرف فيها على آخر. وليس مستبعداً ان يكون لباريس دور فاعل هذه المرة في اختيار بعض الأسماء لبعض الوزارات الحساسة، على ان يكون هؤلاء، «الوزراء الملوك» في الحكومة.
شكل الحكومة
وتؤكد المصادر انّ المسعى الفرنسي يهدف الى تشكيل حكومة تحظى بدعم وموافقة المجتمع الدولي عليها، وبالتالي فإنّ المتداوَل حول هذه الحكومة عبر القنوات الديبلوماسية والسياسية، يرجّح أن تأتي وفق ما يلي:
اولاً، حكومة اختصاصيين بالكامل من غير الحزبيين والسياسيين.
ثانياً، لا ثلث معطلاً في الحكومة لأي طرف كان. وهذا الامر لا يقبل به الفرنسيون، ولا سائر المجتمع الدولي.
ثالثاً، مهمة الحكومة إنقاذية تضع لبنان على سكة الحلول، مع إعطاء الاولوية للاصلاحات ومكافحة الفساد، واتخاذ الاجراءات الصارمة في المجالات الاقتصادية والمالية، اضافة الى الجانب الامني.
رابعاً، ان تكون تسمية الوزراء بطريقة موضوعية وتوافقية لا خلافية (على سبيل المثال ان يسمّي رئيس الجمهورية الوزراء المسيحيين بذات الطريقة التي تمّت فيها تسمية الجهات الاخرى لوزرائهم)، وهناك مخرج في هذا السياق وَفّرته مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري.
خامساً، الاولوية لحكومة مصغرة من 18 وزيراً. الّا ان حجم الحكومة قد لا يكون نهائياً، إذ إنّ رفعها الى 22 وزيراً قد يكون احد المخارج الاساسية للتعجيل بتشكيلها، حيث ان حكومة الـ22 قد تلبّي طلب عون وفريقه السياسي بالتمثيل الصحيح عبر 7 وزراء، وهي نسبة لا تشكل الثلث المعطل، خلافاً لحكومة من 18 او 20 حيث تشكّل هذه النسبة ثلثاً معطلاً، وهو ما يرفضه الرئيس المكلف وغالبية القوى السياسية.
وبحسب المصادر نفسها فإنّ اي حكومة تتشكّل خارج هذه المعايير لن تفتح باب المساعدات الى لبنان على الاطلاق، وبالتالي بدل أن تكون هذه الحكومة حكومة حل للأزمة ستكون حكومة مفاقمة للأزمة، وسيدفع من خلالها اللبنانيون ثمناً كبيراً في وضع مأساوي على كل المستويات.
الحريري
الى ذلك، وفي الوقت الذي ينتظر اللبنانيون نهاية الجولة التي يقوم بها الحريري الموجود في ابو ظبي – كما قالت مصادر بيت الوسط لـ«الجمهورية» – منذ يوم السبت بعدما قصَدها من القاهرة، كشفت مصادر سياسية مطلعة انّ الإتصالات التي تعني اللبنانيين او تنعكس على مجرى حياتهم اليومية ومساعي تشكيل الحكومة باتت محكومة بنتائج الزيارة، وتحديداً عند اكتمالها بانتقال الحريري الى العاصمة الفرنسية بعد تحديد مواعيد له على مستويات دبلوماسية وسياسية فرنسية رفيعة المستوى، قد تصل الى موعد سيحدد له في الساعات المقبلة مع قصر الإليزيه للقاء الرئيس ايمانويل ماكرون.
وتلاقت هذه المصادر في توقعاتها مع ما كشفته مصار مقرّبة من بعبدا، التي قالت لـ«الجمهورية» انه بات من الضروري انتظار عودة الحريري الى بيروت لمعرفة حصيلة المشاورات الجارية على اكثر من مستوى إقليمي ودولي لاستئناف البحث في مساعي تأليف الحكومة.
وفي المعلومات انّ الحريري سيكون في بيروت يوم الجمعة المقبل او السبت على أبعد تقدير، لأنه مضطر لأن يكون في بيروت في 14 من الشهر الجاري ليوجّه كلمة بمناسبة مرور 16 عاماً على اغتيال والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
ولفتت المصادر الى انه في المقابل، فإنّ المراجع الدبلوماسية ترصد التحضيرات الفرنسية لزيارة ماكرون الخليجية المتوقعة في بداية منتصف الشهر الجاري، بعدما تبين أنها ستبدأ في عاصمة الامارات العربية المتحدة ابو ظبي، قبل التوجّه الى الرياض في موعد أقصاه ما بين 19 و21 شباط الجاري، بانتظار تأكيد المعلومات الرسمية التي ستصدر عن قصر الإليزيه بداية الأسبوع الجاري.
وقالت المعلومات انّ ماكرون يستكمل هذه الجولة للوقوف على آخر المواقف التي ستلاقي نتائج زيارة موفده الى طهران، خصوصاً انه يبحث في كيفية تسويق خطته التي عرضها على الجانب الاميركي ليؤدي دور الوسيط في انضمام الممكلة العربية السعودية ومعها الامارات العربية المتحدة الى هذه المفاوضات حول مستقبل الملف النووي الايراني، وهو ما يفرض البحث بما يعني الازمة اللبنانية وموقعها في هذه الخطة.
الراعي
في هذا الوقت، واصَل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي حملته على معطّلي الدولة والغائبين عن أولويات الناس، وتوجّه في عظة الأحد امس الى المسؤولين قائاًل: “لا الدولة ملككم ولا الشعب هو غنم للذبح في مسلخ مصالحكم وعدم اكتراثكم”.
واكد الراعي “أنّ شعبنا يحتضر والدولة ضمير ميت وكل دول العالم تعاطفت مع شعب لبنان إلا دولته”. متسائلاً: “هل من جريمة أعظم من هذه؟”. وقال: “نادَينا فلم يسمعوا. سألنا فلم يُجيبوا. بادَرنا فلم يَتجاوبوا”، مؤكداً «أننا لن نتعب من المطالبة بالحقّ وشعبنا لن يرحلَ، بل يبقى هنا. سيَنتفض من جديد في الشارع ويطالب بحقوقه، سيثور، ويحاسب. سلبيّتُكم تَدفعُه قسراً نحو السلبيّة، إستخفافُكم بآلامه ومآسيه يدفعه عنوة نحو خيارات قصوى”.
وأضاف: “فوق ذلك استُنفدت كل المبادرات والوساطات اللبنانيّة والعربيّة والدوليّة من دون جدوى، وكأنّ هناك إصراراً على إسقاط الدولة بكل ما تمثّل من خصوصية وقيم ودستور ونظام وشراكة وطنية. مهلاً، مهلاً أيّها المسؤولون!”.
وطالبَ الراعي بـ”طرح قضية لبنان في مؤتمر دوليّ خاص برعاية الأمم المتّحدة يثبّت لبنان في أطره الدستوريّة الحديثة التي ترتكز على وحدة الكيان ونظام الحياد وتوفير ضمانات دائمة للوجود اللبناني تمنع التعدّي عليه، والمَسّ بشرعيّته، وتضع حدّاً لتعدّدية السلاح، وتعالج حالة غياب سلطة دستوريّة واضحة تحسم النزاعات، وتسدّ الثغرات الدستوريّة والإجرائيّة، تأميناً لاستقرار النظام، وتلافياً لتعطيل آلة الحكم أشهراً وأشهراً عند كلّ استحقاق لانتخاب رئيس للجمهوريّة ولتشكيل حكومة”.
وأعلن أنّنا «نطرح هذه الأمور لحرصنا على كلّ لبنانيّ وعلى كلّ لبنان، نطرحها للحفاظ على الشراكة الوطنيّة والعيش المشترك المسيحيّ – الإسلاميّ في ظلّ نظام ديمقراطيّ مدنيّ. لقد شبعنا حروباً وفتناً واحتكاماً إلى السلاح».
عودة
بدوره، سأل متروبوليت بيروت وتوابعها للرومالأرثوذكس المطران الياس عوده، خلال ترؤسه قداس الأحد في كاتدرائية القديس جاورجيوس في بيروت أمس: «هل في بلدنا، بين المسؤولين، من يعمل للمصلحة العامة؟»… وقال: «لا نرى أمامنا سوى متقاعسين في المحبة، ومُستميتين في القهر والتنكيل ونشر البؤس واليأس. الوباء متفش بين الشعب، لكنّ مرضاً خبيثاً آخر يفتك به، يدعى الأنا، أنا الحكام التي تتحكّم بمصير شعب ورزقه وحياته وصحته. الشعب جائع، لكن التشبّث بالرأي والتعلق بالمصلحة ونَشر البيانات والبيانات المضادة أهم بالنسبة إلى حكامنا من إشباع البطون الخاوية».
أضاف: «الموت طال معظم بيوت وطننا، إمّا بسبب كارثة 4 آب أو بسبب الجائحة أو الفقر والعوز، لكنّ مسؤولينا منشغلون بأنفسهم يعيثون فساداً وحقداً. اللبنانيون مقهورون، والحكام همّهم الحصص والمكاسب والثلث المعطّل. ألا يكفي تعطيل تشكيل الحكومة، وتعطيل حركة البلد وشلها؟ كم بيت يجب أن يهدم بعد؟ كم شاب أو شابة يجب أن يهاجرا بعد؟ كم جريمة يجب أن تقترف بعد؟ كم من الوقت المهدور أو الفرص المهدورة أو كم مواطن ينتحر أو كم طفل يقهر يلزمنا بعد لتتحرّك ضمائر المسؤولين وتدفعهم إلى عمل إنقاذي سريع؟ لبنان جريح وليس من يضمد جراحه لأنّ حكامه لا يريدون القيام بأي شيء لنجدته. هم لا يرحمون لبنان ولا يريدون رحمة الله عليه، لأن تعنّتهم يمنع أي مساعدة خارجية له».
وتابع عوده: «الرئيس، أي رئيس، والمسؤول، أي مسؤول هو للوطن لا لجزء منه. على الرئيس أن يكون أكبر من الرئاسة، يُغنيها بأخلاقه وحكمته وثقافته ونزاهته وأمانته، ولا يستغلها من أجل مصلحته الخاصة أو مصلحة طائفته أو عشيرته أو حزبه أو عائلته. كذلك المسؤول، أي مسؤول، هو خادم للوطن يبذل قصارى جهده من أجل القيام بواجبه بنزاهة وأمانة وتضحية، مُتخطياً مصالحه وعلاقاته وارتباطاته، لا يستغل مركزه من أجل جني الأرباح أو تحقيق المكاسب أو التشفي والإنتقام. أين نحن من هذا؟
ورطة رفع الدعم
في موازاة ورشة العمل الناشطة على خط تحديث لوائح العائلات المحتاجة تمهيداً لبدء توزيع المساعدات المالية عبر القرض الذي حصل عليه لبنان من البنك الدولي، تنشط الاتصالات لتوسيع دائرة المساعدات المالية لتشمل حوالى 600 ألف عائلة أصبحت في حُكم المحتاجة. وبالتوازي أيضاً، لا تزال النقاشات المتعلقة باعتماد خطة لترشيد الدعم تدور في حلقة مفرغة.
هذه الورش القائمة حتى الآن على طريقة «طحيش وطبيش وطحين ما فيش»، تطرح علامات استفهام وتثير المخاوف، خصوصاً انّ كرة النار المرتبطة برفع الدعم لم تلق بعد جهة تتبنّاها وتوافق على التقاطها بصدرها. وهناك إشكاليات عديدة ترافق هذا الوضع، من أهمها:
اولاً – كيف السبيل الى ضمان توزيع عادل وشفاف للمساعدات، ما دامت القوى السياسية القابضة على الكراسي تريد حصة لتوزيعها على الأزلام والمحاسيب؟
ثانياً – ماذا سيكون رد فعل موظفي القطاع الخاص، في حال تقرر، كما يتردّد في الكواليس، منح المساعدات الاضافية الى موظفي القطاع العام، خصوصاً ان الهدف سيكون إرضاء الأجهزة العسكرية والأمنية التي ترتفع الاصوات مطالبة بإنصافها لكي تتمكّن من تأدية واجباتها في حماية المجتمع في هذه الظروف الصعبة التي يكثر فيها الاجرام والتفلّت من تطبيق القوانين.
ثالثاً – من اين سيتم تأمين الاموال بالليرة؟ وهل سيتم اللجوء الى طباعة المزيد من العملة الورقية الوطنية، الأمر الذي سيقود حتماً الى انهيار اضافي في سعر الصرف. ويأكل التضخّم قيمة المساعدات، في حين يجوع من لم يحظ بهذه المساعدات لسبب او لآخر.
رابعاً – ما مصير بقية الطبقة الوسطى التي لن تصلها مساعدات مالية وستتحمّل اعباء رفع الدعم عن كل السلع الحياتية أو معظمها؟
هذه التساؤلات والاشكاليات مطروحة بقوة، ولو أنّ البعض يعتبر ان حكومة تصريف الاعمال هي أضعف من اتخاذ أي قرار حاسم، وبالتالي سيبقى الوضع على ما هو عليه بانتظار حكومة جديدة قد لا ترى النور في وقت وشيك.
كورونا
من جهة ثانية، وفي موازاة الاجراءات المتخذة لناحية تمديد قرار الاقفال العام، نُظمت أمس تحركات اعتراضية لبعض القطاعات السياحية والمحال التجارية على القرار في بعض المناطق، في وقت سجّل عداد كورونا امس2081 اصابة و54 حالة وفاة، ما يرفع العدد الاجمالي للاصابات الى 319917 وعدد الوفيات الى 3016.
***********************************************
افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط
الراعي يدعو إلى طرح قضية لبنان «المنهار» في مؤتمر دولي
لتثبيت وحدة الكيان ونظام الحياد ووضع حد لتعددية السلاح
طرح البطريرك الماروني بشارة الراعي «تدويل الملف اللبناني»، في أول دعوة من نوعها بعد تعثر تشكيل الحكومة اللبنانية، وتفاقم الأزمات المعيشية والاقتصادية، قائلاً إن «وضع لبنان المنهار يستوجب أن تطرح قضيته في مؤتمر دولي خاص برعاية الأمم المتحدة»، في وقت حذر فيه نائب لبناني من أن «لبنان أمام خيارين: إما تشكيل الحكومة وإما فرض الحل تحت البند السابع لميثاق الأمم المتحدة».
وتحدث الراعي، في عظة أمس (الأحد)، عن هوة عظيمة بين السلطة السياسية الغنية والشعب المسكين، وأضاف: «كنا نعول بثقة على تأليف حكومة مهمة وطنية إنقاذية، كبداية محاولة لردم الهوة، لكن الآمال خابت بسبب تغلب المصالح الشخصية والفئوية، وعجز المسؤولين عن التلاقي والتفاهم».
ورأى الراعي أن «شعبنا يحتضر والدولة ضمير ميت»، مضيفاً: «لن نتعب من المطالبة بالحق، وشعبنا لن يرحل، بل يبقى هنا. سينتفضُ من جديد في الشارع ويطالبُ بحقوقه، سيثورُ ويحاسب»، وقال: «استُنفدت جميع المبادرات والوساطات اللبنانية والعربية والدولية من دون جدوى، وكأن هناك إصراراً على إسقاط الدولة، بكل ما تمثل من خصوصية وقيم ودستور ونظام وشراكة وطنية».
وعليه، أكد الراعي أن «وضع لبنان المنهار، وهو بحسب مقدمة الدستور عضو مؤسس عامل ملتزم في جامعة الدول العربية، وعضو مؤسس عامل ملتزم في منظمة الأمم المتحدة (فقرة ب)، يستوجب أن تطرح قضيته في مؤتمر دولي خاص برعاية الأمم المتحدة، يثبت لبنان في أطره الدستورية الحديثة التي ترتكز على وحدة الكيان ونظام الحياد وتوفير ضمانات دائمة للوجود اللبناني تمنع التعدي عليه والمس بشرعيته، وتضع حداً لتعددية السلاح، وتعالج حالة غياب سلطة دستورية واضحة تحسم النزاعات، وتسد الثغرات الدستورية والإجرائية، تأميناً لاستقرار النظام، وتلافياً لتعطيل آلة الحكم عدة أشهر عند كل استحقاق لانتخاب رئيس للجمهورية ولتشكيل حكومة».
وقال الراعي: «إننا نطرح هذه الأمور لحرصنا على كل لبناني، وعلى كل لبنان، وللحفاظ على الشراكة الوطنية والعيش المشترك المسيحي – الإسلامي في ظل نظام ديمقراطي مدني». وأضاف: «لقد شبعنا حروباً وفتناً واحتكاماً إلى السلاح. لقد شبعنا اغتيالات. وقد أدمى قلبنا وقلوب الجميع في اليومين الأخيرين استشهاد الناشط لقمان محسن سليم، ابن البيت الوطني والعائلة العريقة».
وشدد الراعي على أن اغتيال سليم «هو اغتيال للرأي الآخر الحر، ودافع جديد لوضع حد لكل سلاح متفلت يقضي تدريجياً على خيرة وجوه الوطن. وإذ نعزي عائلته وأصدقاءه، ندعو الدولة إلى الكشف عن ملابسات اغتياله، وعن الجهة المحرضة على هذه الجريمة السياسية النكراء».
وتأتي دعوة الراعي لتدويل القضية اللبنانية في ظل تعثر في تشكيل الحكومة اللبنانية، وتفاقم الأزمات، واختلاط الأوراق السياسية، وانهيار التحالفات. وذهب عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب أنور الخليل، أمس، إلى مضمون التدويل، محذراً من أنه خيار في حال لم تُشكل حكومة. وقال متوجهاً إلى الرئيس اللبناني ميشال عون: «بعد تأكيد الرئيس بري مبادرته لتأليف الحكومة العتيدة، وتفاهم أميركا وفرنسا على ضرورة التأليف، لبنان أمام حلين: إما تلقف مبادرة الرئيس بري التي أكد متابعتها لنهايتها، أو قد يفرض الحل تحت البند السابع لميثاق الأمم المتحدة». وخاطب عون: «فخامة الرئيس، اعقد العزم، وسر بالحل الذي يحفظ كرامة لبنان».
وأثار التلويح بالتدويل مخاوف، عبر عن بعضها عميد «المجلس العام الماروني» الوزير السابق وديع الخازن، محذراً في بيان من أن «يؤخذ لبنان إلى الفصل السابع»، مطالباً بـ«الخروج من حال التردد، والسير بطروحات البطريرك بشارة الراعي بعد الإنذار الذي وجهه عبر عظته»، وقال: «الحد الفاصل في هذه اللحظة إما الذهاب رأساً إلى الحلول المنقذة التي يكررها البطريرك الراعي، وآخرها الإنذار الذي وجهه رغم كل التحفظات الداخلية، وإما فإنه لا مجال؛ سائرون إلى الانهيار الشامل».
وفي ظل الانغلاق في المساعي لتشكيل الحكومة، رأى النائب ياسين جابر أن «الفوضى الأمنية المنتشرة في كل المناطق يجب أن تعجل في تشكيل الحكومة الجديدة»، محذراً من أن «الانهيار يتسارع، وما نعيشه يفرض على المسؤولين أن يستيقظوا قبل فوات الأوان. أما الزيارات الخارجية التي يقوم بها الرئيس المكلف فمهمة جداً، ولكن المطلوب تحريك الملف من الداخل قبل الخارج لأن الجمرة لا تحرق إلا محلها».
وعد جابر، في حديث إذاعي، أن «الدخول إلى مفاوضات الحكومة من باب الحصول على الثلث المعطل يطيح بالتوازن والشراكة، ويعرقل كل الجهود المبذولة»، مشدداً على أن «رئيس الجمهورية يجب ألا يكون طرفاً، لأنه رئيس البلاد، وعليه المبادرة والتواصل مع الرئيس سعد الحريري للوصول بالبلد إلى بر الأمان، ووقف الانهيار المتسارع، فهناك ضرورة لتشكيل حكومة من وزراء مستقلين، تملك مشروعاً واضحاً وتفويضاً لتطبيق الإصلاحات المطلوبة، لأن لبنان اليوم أمام مفترق طرق، فإما يواصل انزلاقه نحو الانهيار أو يقرر تغيير طريقة العمل لكي يحصل على الدعم الخارجي».
***********************************************
افتتاحية صحيفة اللواء
تراشق عنيف بين عون وبري.. والراعي لمؤتمر دولي حول «لبنان المنهار»
عودة السفير السعودي إلى بيروت… والألمان على خط التحقيق بقضية سليم
يختبر فريق مكافحة كورونا، الرسمي والطبي، بلجانه المتعددة، بدءاً من اليوم، المرحلة الأولى من إعادة فتح البلد أو التخفيف التدريجي لإجراءات الاقفال التام والشامل، والتي تمتد من اليوم 8 شباط إلى الأحد في 21 شباط، على ان تبدأ المرحلة الثانية، بكل تفصيلاتها، بشرط تقليل عدد الإصابات، وانخفاضها دون الألف إصابة يومياً، فضلا عن عودة الوفيات إلى حدود ما كانت عليه، أو أقل، قبل بدأ الاقفال منتصف كانون الثاني الماضي.
في هذا الوقت، تشهد الساحة السياسية، حملات، واستقطابات، الكتل والقوى والتيارات السياسية، ويتوجه وفد من التيار الوطني الحر إلى بكركي اليوم، والتي دعت على لسان البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي إلى طرح قضية «لبنان المنهار» في مؤتمر دولي خاص، برعاية الأمم المتحدة يثبت لبنان في اطره الدستورية الحديثة التي ترتكز على وحدة الكيان ونظام الحياد وتوفير ضمانات دائمة للوجود اللبناني تمنع التعدّي عليه، والمس بشرعيته، وتضع حداً لتعددية السلاح، وتعالج حالة غياب دستورية واضحة تحسم النزاعات، وتسد الثغرات الدستورية والإجرائية، تأمينا لإستقرار النظام، وتلافيا لتعطيل آلة الحكم عدة أشهر عند كل إستحقاق لإنتخاب رئيس للجمهورية ولتشكيل حكومة، مسبوقاً، أي وفد التيار، بانتقادات مباشرة لهذا الموقف، عبر تغريدة تنتقد تغطية الفاسدين، أو وعظ، يهدف إلى الشعبوية.
على أن البارز، دبلوماسياً، عودة سفير المملكة العربية السعودية وليد بخاري إلى بيروت أمس، بعد غياب في إجازة إمضاها مع عائلته في بلاده.
وضعت عودة السفير بخاري حداً للإشاعات والتكهنات التي راجت طوال فترة غيابه حول مزاعم عن سحب الرياض للسفير الناشط في بيروت لأسباب سياسية، كثرت التفسيرات والأقاويل حولها. وتعتبر عودة السفير بخاري إلى بيروت في هذه المرحلة بالذات، بمثابة تأكيد جديد لإهتمام القيادة السعودية بما يُعانيه لبنان من أزمات إقتصادية ومالية، وإستمرار الإلتزام السعودي بتقديمات مؤتمر سيدر، حيث بلغت حصة السعودية نصف مليار دولار، وبلغت مساهمتها في مؤتمر دعم لبنان الذي ترأسه الرئيس الفرنسي ماكرون ربع مليار دولار، مع الإشارة إلى زن الرياض ملتزمة بشروط مؤتمر سيدر لتقديم الدعم للبنان، وفي مقدمتها تحقيق الإصلاحات المالية والإدارية التي تعهدت بها الحكومة اللبنانية أمام الموتمر.
ويُباشر السفير بخاري الذي وصل بيروت خلال «الويك إند» نشاطه المعتاد اليوم.
وتتجه الأنظار، إلى ما ستسفر عنه الحركة الفرنسية المستجدة، مع الكلام عن تنشيط هذه الحركة المفتوحة على اتصالات داخلية، لاحتواء التدهور بين التيار الوطني الحر، ضد حركة «امل» ورئيسها، وتيار «المستقبل» ورئيسه الرئيس المكلف تأليف الحكومة.
واوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن لا معطيات في القصر الجمهوري تشير إلى إمكانية الاستفادة من أي مبادرة خارجية سوى المبادرة الفرنسية التي تعد مبادرة انقاذية اقتصادية بامتياز، ولفتت إلى أن لا دلائل عن تحرك خارجي يمكن أن ينتج عن تأليف الحكومة في المدى المنظور لكنها أملت في أن يأتي الداخل والذي قيل أن الإشكالية لديه برئيس الحكومة المكلف إلى قصر بعبدا محررا من القيود وإن تشكل الحكومة اما أن يأتي الخارج بمؤازرة في التأليف فهذا أمر لا يمكن رفضه مؤكدة أن الأمر أصبح ملحا لتأليف الحكومة وانه إذا كانت المشكلة في الداخل على ما يقول الرئيس بري فذاك يعني ان حله في الداخل وليس الثلث المعطل على الإطلاق لأنه لا يمكن أن يجول الرئيس المكلف على الدول من أجل الثلث المعطل. وأوضحت أن إشارة الرئيس بري كانت كافية للدلالة على مكامن التعطيل مشيرة إلى أن الاشكال في مكان آخر والرئيس الحريري يسعى إلى الحلول واذا اطمئن قلبه عاد وأطلق موقفا في مناسبة ١٤ شباط يساعد على التأليف وإن لم يستكن قلبه إلى الضمانات فعندها تكون المشكلة لدى الحريري واذا اراد أن يشاطره رئيس الجمهورية مخاوفه فاهلا وسهلا به فالرئيس عون مستعجل لتأليف الحكومة وإن لم يرغب في ذلك فليعجل في اقتراح توليفة حكومية التي تتوافق مع معايير القبول الدستوري ليس أكثر .
وقالت المصادر: إذا سار الأمر على ما يرام فكان به واذا لم يسر فيجب أن يخلص إلى الخلاصات التي يجب أن يخلص إليها كل مسؤول مخلص لوطنه وشعبه.
وتوقفت مصادر سياسية عند البيان الأخير للتيار الوطني الحر الذي يلقي التيار مسؤولية التعثر والاهتراء وتهالك الدولة في عهد رئيسه «القوي»على زمرة الفساد ويذهب الى تنزيه ممارساته وكأن من يمثلونه بالسلطة منذ أكثر من عشر، لم ينغمسوا بالفساد وسرقة المال العام. اما قمة التكاذب والهروب من مسؤولية رئيس الجمهورية في تعطيل تشكيل الحكومة الجديدة، فهي دعوة الرئيس المكلف سعد الحريري إلى احترام روح الميثاق والدستور والشراكة والى ما هنالك من تعابير، كان الاجدى التزامها نصا وروحا في المشاورات الاخيرة لتشكيل الحكومة من قبل رئيس الجمهورية تحديدا والامتناع عن تعطيل تشكيلها تحت حجج وذرائع ملتوية لا تمت إلى صلاحيات الرئيس بصلة، حتى بات الجميع يعترف علنا بمسؤوليته المباشرة والمكشوفة بتعطيل التشكيلة الحكومية لغايات ومصالح شخصية وخاصة وبعيدة كل البعد عن المصلحة الوطنية العليا للبنانيين، ناهيك عن التجاوزات المستمرة للدستور من قبل رئاسة الجمهورية في الممارسات شبه اليومية المخالفة للدستور وإدارة الدولة ،ان كان بالاحتجاز غير المبرر لمراسيم المباراة الوظيفية لغير الفئة الاولى منذ سنوات او الابقاء على مرسوم التشكيلات القضائية الموجود في رئاسة الجمهورية منذ حوالي السنة.
اشتباك القناتين
وفي السياق، وقع اشتباك اعلامي قوي.
وتحدثت، الـ «OTV» عمّا اسمته «السياديون الجدد» الذين والوا الوصاية في عز نفوذها، وانقلبت عليها لما بدأ نفوذها بالأفول.
وفي إشارة إلى فريق المجلس النيابي، اضافت الـ «OTV»: وقد وصلت مغالاة هؤلاء يومها في ركوب الموجة الاقليمية والدولية الجديدة حد المطالبة باستبدال الوصاية المنقضية بأخرى اقليمية- دولية، اتخذت من احرف الابجدية اسماء متعددة لها، كالالف- سين الى والسين سين وسواهما، من دون ان يتعلم هؤلاء حتى اللحظة ان ماذا ينفع الانسان اللبناني اذا ربح العالم كله وخسر شريكه في الوطن.
اما «الاصلاحيون الجدد»، فعبارة تبدو الحاجة ملحة اليها اليوم للدلالة الى مجموع الشخصيات والقوى السياسية الفاسدة او التي غطت الفساد، التي تسارع الى اعتماد التنكر السياسي سبيلا للهرب من الحساب الآتي لا محال، في ضوء المتغيرات الداخلية والخارجية التي كشفت ارتكاباتهم بجرم السرقة المشهود، وتطالب بالتدقيق الجنائي من ضمن المبادرة الفرنسية، لتلتقي بذلك مع مطلب رأس الدولة والفريق السياسي المؤيد له.
ولم تتأخر محطة NBN الناطقة بلسان حركة «امل» من الرد على ما جاء في الـOTV، فجاء في ردها:
«الوطنجيون الجدد» عبارة دخلت الى القاموس السياسي اللبناني في مرحلة «الرجعة» عام 2005 كمصطلح لجماعة توسلت الوصاية لإستصدار قرار أممي مع ناظر له ضد أبناء بلدها من المقاومين والمفارقة أننا نجدها اليوم تعاير بالسيادة من حرر الأرض واسترجع سيادة الوطن المسلوبة وأسقط إتفاقية الإذعان… بئس الزمن هو… لا بل نكد الدهر، في إشارة إلى حماقة التيار الوطني.
واضاف: وصلت وقاحة هؤلاء منذ يوم الجلوس على العرش, عبر ركوب الموجة الاقليمية والدولية في بيع وشراء وفق أسعار سوق سياسية سوداء, بلغت حد الحديث عن السلام مع إسرائيل, وبيع عميل, وهذا كله طمعاً بوراثة لوكيل.
في هذه العصفورية اتخذ أفراد العائلة مناصب متعددة الا أن أياً منها لم يكن في يوم عوناً للوطن… بل على العكس فرضت على الناس معاناة من قبيل ع-ف أو عتمة – فساد وس-س سرقة سمسرات وج-هـ أو جوع – هجرة والأبجدية تطول.
هؤلاء لم يتعلموا حتى اللحظة لفظ حرف من معنى الشراكة ثم يأتون ويسألون: ماذا ينفع الانسان اللبناني اذا ربح العالم كله وخسر شريكه في الوطن…ونقول لهم اللهم لا شماتة بمرض إنفصامكم… نتمنى لكم الشفاء العاجل من العقد النفسية والنزعة الإستئثارية والثلث المعطل… ورحمة الله على شراكة تدعونها.
«الوطنجيون الجدد» عبارة تبدو الحاجة ملحة اليها اليوم للدلالة الى جماعة الفساد التي طغت في أرض الوطن أكثر من فرعون.
سجال مصرفي
مصرفياً، اندلع سجال قوي بين جمعية المصارف ورابطة المودعين إذ ردّت الرابطة على بيان أمين عام جمعية مصارف لبنان بتاريخ ٦/٢/٢٠٢١، معتبرة انه تضمن مغالطات قانونية، وحقوقية، وأمعن بالتضليل واستغباء الرأي العام، وموضحة ما يلي:
أولا، تؤكد على عدم قانونية التعريفات والتسميات والمصطلحات التي أتى على ذكرها البيان والآتية من نسيج مخيّلة المنظومة المصرفية وترفضها رفضا قاطعا، وتعتبرها مخالفة للقانون والدستور شكلا ومضمونا.
ثانيا: ترفض الرابطة التمييز غير المبرر قانونيا ولا أخلاقيا، ما بين المال القديم والـ fresh money، وتعتبر هذا التصنيف ليس إلا هرطقة قانونية لتبرير السطو على أموال الناس.
ثالثا: تؤكد الرابطة على أن الإجراءات التي تم فرضها تشكّل سطوا على أدنى حقوق المودعين من قبل إدارات المصارف.
رابعا: ان قانون النقد والتسليف في ما يخص الإيفاء بالليرة اللبنانية لا يميّز بين أنواع القروض، كما يعترف بسعر صرف واحد محدد من المصرف المركزي على سعر ١٥١٥ ليرة لبنانية. وبالتالي مثل هذه التصنيفات لا تعني المقترض لا من قريب ولا من بعيد.
خامسا: نؤكد مجددا على رفض كافة المواقف والتعاميم التي تشرع أسعار صرف مختلفة للدولار مقابل الليرة وتهدف لتعويم النظام المصرفي على حساب الاقتصاد الوطني.
وحذرت رابطة المودعين من التعاضد بين جمعية المصارف وبين مصرف لبنان وبين كافة المنظومة السياسية التي تؤدي الى صرف كافة الاحتياطات على تغطية المواد المدعومة، بغياب أي خطة اقتصادية ومالية واضحة.
وجاء في تعميم صادر انه «في خضم الأوضاع السياسية والاقتصادية القاسية التي زادها انتشار جائحة كورونا صعوبة وتعقيدا، وتوضيحا للتساؤلات الصادرة عن بعض اللجان الممثلة للمودعين (كجمعية المودعين اللبنانيين وغيرها) حول الإجراءات المنسوبة للمصارف، توصي جمعية المصارف الأعضاء بما يلي:
أولا: معالجة إقفال حسابات المودعين بالمرونة المطلوبة في هذه الظروف الصعبة وبالتشاور مع أصحابها، وكذلك الحفاظ لا بل توسيع حسابات المواطنين، خصوصا تلك العائدة لموظفي القطاعين العام والخاص، ما يسهّل عملية قبض رواتبهم وسائر التعويضات النقدية التي يتلقونها.
ثانيا: بالنسبة الى الأموال الجديدة (Fresh money)، وكما سبق أن عمّمت الجمعية استنادا الى تعاميم مصرف لبنان ذات الصلة، تلتزم المصارف بحرية أصحاب هذه الحسابات في التصرف بها سحبا وتحويلا بذات عملة الإيداع، بما فيها استعمال بطاقات الإئتمان والتحاويل للطلاب في الخارج، دون أي اقتطاع منها باستثناء العمولات المتعارف عليها في مثل هذه العمليات المصرفية.
امتحانات رسمية
تربوياً، كشف وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال طارق المجذوب، ان الامتحانات الرسمية ستجري في لبنان، الا إذا جاء طارئ أو حادث صحي كبير.
وأكد ان «الامتحانات الرسمية ستجري هذا العام، ولا إفادات، مؤكدا ان «لن يكون ترفيع تلقائي».
وقال لـ«الجديد»: انه «سيتم التعويض عن الأساتذة المتعاقدين عن تخفيض ساعات التدريس»، مشيرا إلى ان «جميع السياسيين زرعوا موظفين بوزارة التربية».
السرّ في الهاتف
انحصرت، قضية التحقيقات التي يقوم بها فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي، في جريمة اغتيال الباحث والناشط السياسي لقمان سليم، بمصير هاتفه الخليوي، المجهول مصيره، مع العلم ان نظارات سليم وجدت على مقربة من المنزل الذي كان فيه، وذهبت شقيقته رشا الأمير إلى إعلان ان حماية الحديقة، جاءت بطلب من السفيرة الالمانية، على ان يدقق في حديقة العائلة في الضاحية الجنوبية بعد عودة شقيقه من الخارج.
وفي المعلومات ان الطرف الالماني، دخل على خط التحقيقات، لا سيما ما خص الاتصالات الهاتفية.
التحركات الميدانية
ميدانياً، قام أمس عدد من من المحتجين بقطع الطريق تحت جسر الكولا باتجاه المدينة الرياضية وعلى الطريق الممتدة من الكولا باتجاه الاونيسكو قرب محطة الزهيري في وطى المصيطبة، بالاطارات المشتعلة ومستوعبات النفايات، «رفضا للواقع الاقتصادي والمعيشي الذي تشهدهما البلاد، وتنديدا بكم الافواه من خلال الاعتقالات التي تطال الناشطين، وعملية الاغتيال الاخيرة التي استهدفت الناشط لقمان سليم».
كما قام عدد من المحتجين بقطع طريق الرينغ، بالإطارات المشتعلة.
وكذلك الحال، في الشمال والجنوب والبقاع.
المرحلة الأولى
على صعيد التخفيف التدريجي لقيود الاغلاق، و«تنفيذا للقرار رقم 96/م ص تاريخ 2021/2/6 المتعلق بتحديث إستراتيجية مواجهة فيروس كورونا اصدرت غرفة العمليات الوطنية في السرايا الكبيرة لائحة مفصلة تبين القطاعات المشمولة بالمرحلة الأولى من إعادة الفتح ودوام عملها وآلية تقديم طلب الأذونات مع التشدد على وجوب وضع الكمامة بصورة إلزامية تحت طائلة تسطير محاضر ضبط بحق المخالفين. ومنع الخروج والولوج إلى الشوارع والطرق إعتبارا من الساعة الخامسة من صباح يوم الإثنين الموافق في 2021/2/8 ولغاية الساعة الخامسة من صباح يوم الإثنين الموافق في 2021/2/22 حيث يحصر التجوال خلال هذه المدة بالأشخاص الذين تم إستثناؤهم بموجب القرار وفقا للشروط المحددة في متنه وللأشخاص الذين لا يشملهم الإستثناء الخاضعين لقرار الإغلاق بعد حصولهم على إذن تنقل من خلال الرابط covid.pcm.gov.lb ( إستمارة للأشخاص الخاضعين لقرار الإغلاق ) أو من خلال إرسال رسالة قصيرة SMS على الرقم 1120.
على ان يتم الإستحصال على إذن تنقل للأشخاص المستثنين من قرار الإغلاق الكامل المذكورين أدناه من خلال covid.pcm.gov.lb ( إستمارة للأشخاص المستثنين من قرار الإغلاق الكامل).
وأعلنت السياحة انه يسمح للمطاعم بالعمل 24 ساعة، وذلك من خلال خدمتي التوصيل إلى المنازل فق (Delivery)، مع الإبقاء على الصالات مقفلة، وعدم استقبال الزبائن.
319917 إصابة
وسجلت وزارة الصحة في تقريرها اليومي إصابة 2081 بالفايروس و54 حالة وفاة في الـ24 ساعة الماضية، ليرتفع العدد التراكمي إلى 319917 إصابة منذ 21 شباط الماضي.
***********************************************
افتتاحية صحيفة الديار
أيـن ذهـبــت دولارات المودعـيـن في المصارف اللـبـنـانـية؟ هـل تـمّ استهلاكها؟
المصارف أخطأت في استثماراتها ويجب أن تتحمّلّ مسؤولياتها تجاه المودعين
الخروج مــن الأزمة واستعادة الـودائـع مُمــكن ضمن خّـــطـّة حكومية شاملـة
بروفسور جاسم عجاقة
الأزمة الإقتصادية التي بدأت معالمها في الظهور منذ إقرار سلسلة الرتب والرواتب في العام 2018 مع زيادة العجز في الموازنة والإنكماش الحاد في القروض المصرفية وإرتفاع نسبة الفوائد، تُرجمت في النصف الثاني من عام 2019 بسبق من قبل المودعين لسحب ودائعهم من المصارف اللبنانية خوفاً على شقى عمرهم. بالطبع ترافق هذا الواقع مع قيود خارجية من قبل المجتمع الدولي، وخاصة الولايات المُتُحدة الأميركية، على قدوم الدولارات إلى لبنان مما زاد الضغط على كمية الدولارات في القطاع المصرفي.
أداء المصارف اللبنانية
رأى كثيرون أن أداء المصارف اللبنانية لم يكن على مستوى الأزمة، أقلّه في التعاطي مع المودعين! فقد شهدنا العديد من ردّّات الفعل غير المؤاتية لموظفين في قطاع مشهود له بالحرفية وصُنّفّت مصارفه على لائحة المصارف الخمسمائة الأولى في العالم. وكثرت الأصوات التي نددّّت بالأخطاء التي شابت عمل المصارف وقرارات القيمين عليها نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر قرارالإقفال في الأسبوعين الأولين من إنطلاق موجة الإحتجاجات في 17 تشرين الأول عام 2019 وهو ما خلق تهافتاً غير مسبوق على الودائع، لا يستطيع أي قطاع مصرفي في العالم تلبيته. الجدير ذكره أنه في عزّ الحرب، لم تُقفل المصارف اللبنانية أبوابها، حتى خلال عدوان تموز 2006، إذ أقفلت المصارف أبوابها فقط ثلاثة أيام ثم أعادت فتح أبوابها.
ومما يركزّ عليه أهل الإقتصاد، مخاطر التركيز التي إرتكبتها المصارف في قراراتها الإستثمارية، وإذا كان من المعروف في النظرية المالية أن الإستثمار في سندات الخزينة هو الأقل خطراً، إلا أن ذلك خاص في العملة الوطنية لا العملات الأجنبية، هذا من جهة، وأما من جهة أخرى فإن المصارف اللبنانية كانت تعرف مسُبقاً بواسطة مديريات المخاطر لديها أن المخاطر الإئتمانية للدولة اللبنانية كانت ترتفع مع الوقت إرتفاعاً مريبا. وعلى الرغم من ذلك إستمرّتّ هذه المصارف بإقراض الدولة ضاربة بعرض الحائط نصائح مديري المخاطر مع تجاهل شبه كامل لتمويل الشق الإستثماري من الإقتصاد أي تمويل الشركات. على هذا الصعيد، ومما يذكر في هذا المجال أن أحد مدراء المصارف المعروفة قال عام 2008 لمن عرض عليه القيام بإستثمارات في بعض القطاعات، «لماذا تُريدني أن آخذ مخاطر في القطاع الخاص أو في الأسواق المالية، ما دام الإستثمار في سندات الخزينة يؤمّن لي 7% عائدات مع ضمانة الإستثمار»!
وعلت خلال هذه الأزمة صرخات تتهم المصارف اللبنانية بإتباع سياسة تعامل إستنسابية وأنها لا تزال تتبعها إلى الآن إلى جانب إمتناع المصارف الأخرى إتباع أسلوب الشفافية خلال الأزمة مع موديعها مما أدّّى بموظفيها إلى الهروب من وجه المودعين لعدم وجود أجوبة مُقُنعة لديهم لما يحصل فعلياً! وعليه علت النقمة على القطاع المصرفي بكامله مدعومة
بتجييش إعلامي كبير من تيارات فكرية مُناهضة للنظام المصرفي خاصة وللرأسمالية عامة.
أداء المودعين
غالب المودعين لا يفقهون العلم المصرفي، وجل ما يعرفه البعض أنه إئتمن المصرف على أمواله وبالتالي يُرُيد إستعادتها نظراً لقدسيتها بالنسبة إليه. هذه القدسية المضمونة في الدستور اللبناني، دفعته إلى سحب الأموال ووضعها في المنازل حيث أخذ الطلب على الدولار الأميركي في الإرتفاع بشكل غير مسبوق .س حب الودائع بدأ عمليًاً بالليرة اللبنانية والدولار الأميركي قبل بدء الأزمة ببضعة أشهر ويُضُاف إلى ذلك تحويل الليرة إلى دولار أميركي خارج القطاع المصرفي مما خلق سوقًاً سوداء فرضت نفسها بوجود الطلب من قبل المودعين والتجار والعرض من المضاربين.
أداء السلطات الرسمية
لم يكن أداء السلطات الرسمية على قدر مستوى الأزمة هو أيًضًا، فقد تأّخّر قانون الكابيتال كونترول الذي كان يتوّجّب فرضه منذ اللحظات الأولى من الأزمة ولفترة محدودة وذلك بهدف تهدئة النفوس ومنع المضاربة وتهريب الأموال. إلا أن ذلك لم يحصل حتى الساعة وهذا ما سمح ـ ويسمح إلى وقتنا هذا ـ لبعض أصحاب النفوذ تهريب الأموال إلى الخارج ويسمح أيضا للمصارف بالتعاطي مع المودعين بإستنسابية مُرُيبة وللمضاربين بإستكمال أعمال المضاربة بكل حرّية .
ودائع المودعين بالعمّلة الصعبة
أين ودائع اللبنانيين بالعمّلّة الصعبة؟ هل تبخّرّت كما يُقال؟ وهل سيتمكّنّ المودعون من إستعادتها؟ هذا ما سنُحُاول الإجابة عليه في هذا المقال.
أرقام مصرف لبنان تشُير إلى أن الودائع بالعملات الصعبة (مُعُظمها بالدولار الأميركي) إرتفعت من 106.9 مليار دولارأميركي في كانون الثاني 2017 لتصل إلى أعلى مُسُتوى لها في شهر آب 2019 مع 3.123 مليار دولار أميركي، لتخفض بعد بدء الأزمة إلى 111.5 مليار دولار أميركي في تشرين الثاني 2020 أي أنها إنخفضت بقيمة 11.8 مليار دولار أميركي في فترة 14 شهراً.
السؤال المطروح للفترة التي سبقت الأزمة:أين تمّ توظيف هذه الأموال؟
تشُير الأرقام أن وضعية المصرف المركزي بالعملات الأجنبية بتاريخ 2019/12/31 كانت على النحو التالي:
– الذهب: 13.939 مليار دولار أميركي
– الإحتياط من العملات الأجنبية: 37.267 مليار دولار أميركي
– «Overdraft» لوزارة المال: 15.446 مليار دولار أميركي
– الإحتياطي الإلزامي: 19.313مليار دولار أميركي
– قروض للمصارف 5.451 مليار دولار أميركي
– ودائع وشهادات إيداع: 79.920 مليار دولار أميركي.
في المقابل بلغت قيمة الودائع بالعمّلّة الأجنبية في المصارف التجارية في 2019/12/31 أي ما يُقُارب الـ 119.86 ملياردولار أميركي منها: 80 مليار دولار أميركي موّظّفة من قبل المصارف التجارية في مصرف لبنان. أضف إلى ذلك قروض للدولة اللبنانية على شكل سندات يوروبوندز بقيمة 19.9 مليار دولار أميركي، كما أن مجموع القروض إلى القطاع الخاص بلغت 59.56 مليار دولار أميركي (بالليرة اللبنانية والدولار الأميركي). و بما أن الأرقام غير متوافرة عن كيفية توزيع هذه القروض بين الليرة والدولار، وبفرضية أن 70% منها هو بالدولار الأميركي (أي ما يوازي 41.69 دولار أميركي)، فإن المجموع يُظُهر إنكشافاً بقيمة 31.36 مليار دولار أميركي. الجدير ذكره أن المصارف اللبنانية كانت تمتلك ما يُقُارب العشرين مليار دولارأميركي في المصارف المراسلة.
إذًاً من أين أتت المصارف التجارية بـ 31.36 مليار دولار أميركي لإقراضها؟ الجواب على هذا السؤال يستدعي توضيحًاً عن كيفية إستهلاك الدولارات في لبنان.
أين تذهب الدولارات؟
المسح التقني للطلب على الدولار يُظهر أن دولارات مصرف لبنان كانت تغُّطّي القطاعات التالية:
أولاً ـ إستيراد السلع: في العام 2019، بلغ حجم الإستيراد من الخارج ما يُقُارب العشرين مليار دولار أميركي (19.64بالتحديد). هذه الدولارات كانت تأتي من قبل المصارف على شكل إعتمادات بالدرجة الرئيسية. في المُقُابل بلغ حجم التصدير3.73 مليار دولار أميركي (قسم كبير منها لا يعود إلى لبنان خصوًصًا بعد أزمة تشرين 2019) مما يعني أن الفارق هو خروج الدولارات بقيمة 19.15 مليار دولار أميركي .
ثانياً ـ السياحة الخارجية: في العام 2019، بلغ عدد السائحين اللبنانيين إلى الخارج ما يوازي الـ 500 ألف شخص، وهو ما يعني خروج للدولارات بقيمة لا تقّلّ عن 2.5 مليار دولار أميركي.
ثالثاً ـ دين الدولة بالعملة الصعبة: مدخول الدولة اللبنانية هو بالليرة اللبنانية وبالتالي فإن سداد كل القروض بالعملات الصعبة يأتي من مصرف لبنان الذي يدفع الفوائد ورأس المال من إحتياطاته. وقد بلغ متوّسّط خروج الدولارات إلى خارج لبنان ما يُقارب المليار ونصف مليار دولار أميركي (على أساس 11 مليار دولار أميركي سندات ممسوكة من الخارج بالإضافة إلى إستحقاقات الدين الثنائية والمتُعددة ضمن مؤتمرات باريس).
رابعاً ـ تثبيت سعر صرف الليرة مُقابل الدولار الأميركي والذي قّدّرته الخطة الحكومية بـ 48 مليار دولار أميركي على فترة الثتبيت أي ما يوازي المليار ونصف مليار دولار أميركي سنوياً.
خامساً ـ القروض للقطاع الخاص: في كلّ مرّة كان يتم ّ إقراض القطاع الخاص، كانت عملة القرض بالدولار الأميركي بإستثناء الإسكان وبعض القروض البسيطة. وقد بلغ حجم القروض بالدولار الأميركي في العام 2019، 41.69 مليار دولار أميركي. وهذه القروض كان يتم ّ دفعها بالليرة اللبنانية. وقد يقول البعض أنها بقيت في القطاع المصرفي (وهذا حّقّ)، إلا أن مايتوّجّب معرفته أن هذه القروض كانت تُستخدم في الإستيراد أي أن خروجها كان فعليًاً من الدورة المصرفية .
سادًسًا ـ التحاويل إلى الخارج: بُعُيد إقرار سلسلة الرتب والرواتب، قام العديد من المودعين الكبار بتحويل أموالهم إلى الدولارالأميركي والعملات الصعبة والعديد منهم قام أيضا بتحويل قسم كبير من هذه الأموال إلى الخارج. وقد خرجت إلى العلن صيحات تندد بتحويل بعض المودعين النافذين أموالاً إلى الخارج في حين كان يمنع على المودعين الأخرين سحب أموالهم في المصارف مما يضع المصارف أمام مخالفة قانونية تتمثّلّ بالإستنسابية.
سابعاً ـ إستهلاك القطاع العام: هناك نوعان أساسيان لإستهلاك الدولارات في القطاع العام. يتمثّلّ الأول بشراء السلع والبضائع مثل فيول كهرباء لبنان الذي إستهلك ما يُقُارب الـ 1.5 مليار دولار أميركي سنويًاً ولـكن أيًضًا الخدمات التي كانت تطلبهاالدولة اللبنانية من شركات إستشارية خارجية، بالإضافة إلى رحلات السفر والتنقل وغيرها. ويتمثّلّ الإستهلاك الثاني للدولارات في القطاع العام، في دفع أجور وُمُخصصات البعثات الديبلوماسية الموجودة في الخارج.
ثامنًاً ـ سحوبات المودعين: قسم كبير من اللبنانيين وخصوصا في الفترة الممتدة من آب 2019 إلى كانون الأول 2019، قاموا بسحب ما إستطاعوا من دولارات من المصارف. كذلك قام العديد منهم بسحب كميات كبيرة من الأموال التي وضعوها في صناديق آمنة في المصارف (Safe-box)، وهذه الأرقام لا يمُكُن التهاون بها.
تاسعاً ـ تهريب الدولارات إلى خارج الحدود وهو أمر يأخذ شكلين، الأول من خلال السلع والبضائع التي يتم ّتهريبها، والثاني من خلال نقل دولارات بهدف بيعها وتحقيق أرباح عالية.
من كل ما ورد أعلاه، يظهر أن إستهلاك الدولار الأميركي (خصوًصًا الإستيراد) فاق كل الودائع بالدولار الأميركي. فهل إختفت الودائع؟
الجواب على هذا السؤال يبدأ من الدستور الذي يضمّنّ حق الملـكية والمحافطة عليها وبالتالي لا يُمُكُن القبول بعبارة «إختفت الودائع»! إذاً كيف يُمُكن إعادة الأموال إلى المودعين إذا كان لا يوجد دولارات؟
في الواقع، الطلب على الودائع آت من جميع ما ورد أعلاه. فلو كان المودع مطمئناً إلى أن أمواله محفوظة وحتى لو لم تكن متوافرة الآن، فإن الطلب حتمًاً سيخف على هذه الودائع. لذا ـ ولا مفر من ـ إعادة تكوين هذه الدولارات من خلال النشاط الإقتصادي. هذا الأمر يفرض خّطّة حكومية تعمل بالتوازي على عدة جبهات:
أولا – دعم الصناعة والزراعة اللذان يعدان العامود الفقري للنهوض الإقتصادي. وهذا الأمر يتطلّبّ من الدولة وضع أراض من أملاكها (نهرية وغير نهرية) لخلق مدن صناعية ومساحات زراعية تسمح بتلبية الطلب الداخلي والبدء بالتصدير وهو ما سيؤدّّي إلى دخول الدولارات إلى السوق المحليّ.
ثانياً ـ دعم القطاع السياحي من خلال الذهاب إلى الإغتراب اللبناني. على هذا الصعيد، يتناسى البعض أن هذا الإغتراب كان يدر على لبنان أكثر من 15 مليار دولار أميركي (7.9 مليار تحاويل و7.5 مليار إنفاقاً سياحياً)، لذا من الواجب تنفيذ ما إقترحته ماكنزي في خطتها في ما يخصّ الشق السياحي.
ثالثًاً ـ خلق مدن تكنولوجيا من خلال وضع الجامعات والشركات الخاصة في مدن تكنولوجية تكون ملكاً للدولة اللبنانية وتسمح للقطاع الخاص بتمويل أبحاث جامعية ذات طابع تطبيقي قد تتحول إلى منتوجات لبنانية.
رابعاً ـ إعادة هيكلة القطاع العام من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص. هذا الأمر يتم ّ من خلال تحويل موظفين من الدولة إلى هذه الشركات مع كل تلزيم بحيث يُصُبح هؤلاء موظفين في هذه الشركات ويستمرون في أداء مهامهم. أيًضًا يتوّجّب إقفال أكثر من 90 مؤسسة غير ُمُجدية تزيد كلفة القطاع العام. أما المؤسسات التي لا يُمُكُن إلغاؤها مثل شركة الـكهرباءأو الإتصالات أو المرفأ، فيتوجب القيام بعملية شراكة مع القطاع الخاص نظراً إلى فعالية القطاع الخاص.
خامساًـ إعادة هيكلة القطاع المصرفي بطريقة تسمح بتفادي تكرار القرارات الجائحة وأخطاء الإستثمارات والتي عجزت لجنة الرقابة على المصارف عن تفاديها.
سادًسا ـ إقرار والعمل على ضمان إستقلالية القضاء الذي يُعُتبر العنصر الأساس في إستعادة الثقة ومحاربة الفاسدين في أي منصب كانوا ومهما كانت حولهم مما يسُمىّ «خطوط حمر»! وهذا الأمر يمر حتماً بالتدقيق الجنائي تحت رقابة هذا القضاء المسُتقّلّ.
سابعًاً ـ التفاوض مع صندوق النقد الدولي بهدف دعم مالية الدولة وإعفائها من ملاحقات قانونية نتيجة التخلّفّ عن دفع السندات، إضافة لإستعادة ثقة المُسُتثمرين. وهذا الأمر يفرض إقرار قوانين عّدّة وعلى رأسها الكابيتال كونترول .لـكن هنا يجب الإنتباه إلى خطورة التحرير الكامل لسعر صرف الليرة والذي قد يؤذي بشكل كبير المجُتُمع اللبناني، ويخلق فوضى يصعب الخروج منها.
ثامنًاً ـ وضع سلّةّ من القوانين تتضمّنّ السياسة الجمركية، والتنافسية، والضرائب، والسياسة النقدية، والسياسة الإقتصادية وغيرهامن القوانين التي تُسُاعد مناخ الأعمال.
بالطبع هناك العديد من الخطوات الأخرى التي من الواجب القيام بها وعلى رأسها تأمين شبكة أمان إجتماعي للمواطن اللبناني المهُّدّد بأزمة أخطر من الأزمة الحالية.
ختامًاً لمن يقول أن الخروج من الأزمة مُسُتحيل، نضع بين يديه مثالاً حياً ألا وهو أن شركة كشركة مايكروسوفت الأميركية والتي تفوق قيمتها التريليون دولار أميركي، أصولها الأساسية هي برامج كومبيتر، فكيف حال دولة مع أصول عديدة مثل الدولة اللبنانية؟ ألا يُمُكنها أن تكون في وضع أفضل؟ بلى، هذا ممكن، شرط نفي الفساد غير الممكن.
***********************************************
افتتاحية صحيفة الشرق
الراعي: لمؤتمر دولي خاص لنزع السلاح
ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس أحد تذكار الموتى في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي، بمشاركة لفيف من المطارنة والكهنة.
بعد الانجيل المقدس، ألقى الراعي عظة مما جاء فيها: السلطة السياسية تتمثل بذاك الغني، والشعب بلعازر المسكين. يوجد بين الفريقين هوة عظيمة. فأصحاب السلطة في مكان مع مصالحهم وحساباتهم وحصصهم، والشعب في مكان آخر مع عوزهم وحرمانهم وجوعهم. كنا نعول بثقة على تأليف حكومة مهمة وطنية انقاذية، كبداية محاولة لردم الهوة. لكن الآمال خابت بسبب تغلب المصالح الشخصية والفئوية وعجز المسؤولين عن التلاقي والتفاهم.
تجب المجاهرة بأن وضع لبنان بلغ مرحلة خطيرة تحتم الموقف الصريح والكلمة الصادقة والقرار الجريء. السكوتُ جُزء من الجريمة بحق لبنان وشعبه، وغسلُ الأيادي اشتراك في الجريمة. لا يجوز بعد اليوم لأي مسؤول التهربُ من المسؤولية ومن الواجبات الوطنية التي أنُيطت به تحت أي ذريعة.إن الوضع تخطى الحكومة إلى مصير الوطن. وعليه ،كلُ سلطة تتلاعب بهذا المصير وتتخلى عن الخيار الوطني التاريخي تفقدُ شرعيتها الشعبية.
شعبنا يحتضر والدولة ضمير ميت. جميعُ دول العالم تعاطفت مع شعب لبنان إلا دولته. فهل من جريمة أعظمُ من هذه؟ نادينا فلم يسمعوا. سألنا فلم يُجيبوا. بادرنا فلم يتجاوبوا. لن نتعب من المطالبة بالحق. وشعبنا لن يرحل، بل يبقى هنا. سينتفضُ من جديد في الشارع ويطالبُ بحقوقه، سيثورُ، ويحاسب. سلبيتُكم تدفعُه قسرا نحو السلبية. استخفافُكم بألآمه ومآسيه يدفعُه عنوة نحو خيارات قصوى. وفوق ذلك استُنفدت جميع المبادرات والوساطات اللبنانية والعربية والدولية من دون جدوى وكأن هناك إصرارا على إسقاط الدولة بكل ما تمثل من خصوصية وقيم ودستور ونظام وشراكة وطنية. مهلا، مهلا أيها المسؤولون! فلا الدولة ملككم، ولا الشعب غنم للذبح في مسلخ مصالحكم وعدم إكتراثكم.
إن وضع لبنان المنهار، وهو بحسب مقدمة الدستور، عضو مؤسس وعامل ملتزم في جامعة الدول العربية، وعضو مؤسس وعامل ملتزم في منظمة الأمم المتحدة (فقرة ب)، يستوجب أن تطرح قضيته في مؤتمر دولي خاص برعاية الأمم المتحدة يثبت لبنان في أطره الدستورية الحديثة التي ترتكز على وحدة الكيان ونظام الحياد وتوفير ضمانات دائمة للوجود اللبناني تمنع التعدي عليه، والمس بشرعيته، وتضع حدا لتعددية السلاح، وتعالج حالة غياب سلطة دستورية واضحة تحسم النزاعات، وتسد الثغرات الدستورية والإجرائية، تأمينا لإستقرار النظام، وتلافيا لتعطيل آلة الحكم عدة أشهر عند كل إستحقاق لإنتخاب رئيس للجمهورية ولتشكيل حكومة.
إننا نطرح هذه الأمور لحرصنا على كل لبناني وعلى كل لبنان. نطرحها للحفاظ على الشراكة الوطنية والعيش المشترك المسيحي/الإسلامي في ظل نظام ديموقراطي مدني. لقد شبعنا حروبا وفتنا واحتكاما إلى السلاح. لقد شبعنا اغتيالات، وقد أدمى قلبنا وقلوب الجميع في اليومين الأخيرين استشهاد الناشط لقمان محسن سليم، ابن البيت الوطني، والعائلة العريقة. إن اغتياله هو اغتيال للرأي الآخر الحر، ودافع جديد لوضع حد لكل سلاح متفلت يقضي تدريجيا على خيرة وجوه الوطن. وإذ نعزي عائلته وأصدقاءه، ندعو الدولة إلى الكشف عن ملابسات اغتياله وعن الجهة المحرضة على هذه الجريمة السياسية النكراء.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :