ريتا الصيّاح
أشهر طوال والحرب تعبث بجنوبنا، جنوب لبنان، جنوب هذا الوطن، جنوب العشرة ألاف وأربعمئة واثنين وخمسين كيلومتراً مربعا.
الـ"عشرة ألاف وأربعمئة واثنين وخمسون"، هذا الشعار الذي رفعه الجميع، ونسيَ الكثيرون أنّه لا يتحقّق بدون الجنوب، فغابت قضية الجنوب عنهم... وغابت كاميراتهم عن أحداثه وغابت أقلامهم عن مآسيه.
بئس هذا الزمن... بئس زمن من يقدّم الشهداء مُنتقدٌ... ومن نسيَ تاريخ بلاده ومجازر العدو بحقّه تُفتح له المنابر وأستوديوهات القنوات، ليحاضر بأهل الشهداء والمؤتمنين على الدماء.
بئس زمن يُعتبر فيه من يدافع عن أرض الوطن، خائنًا وعميل "أجنداتً خارجيّة، ومن يستقبل موفدًا ويودّع سفيرًا ويزور الدول الداعمة للعدوان يصبح وطنيًا.
بئس زمن يخرج فيه من يطالبنا بالوقوف على الحياد من قتل الأطفال واغتصاب النساء، من يطالبنا بغضّ البصر عن عورة الضمائر، عن حرب إبادة لا يرضاها مؤمن ولا كافر، ولو كان من إله تعبدونه ويطالبنا بالصمت عمّا يحدث، ففي الإلحاد به قمّة الإيمان.
عار على هذا العالم الذي يدّعي أنّه حر أن يصمت وهناك طفل أو أم أو أب قتلوا وهم يسألون فتات خبز لطفل يبكي في غزّة أو رفح،.
عار على هذا العالم، والدول "أمّ الديمقراطية" والمتشدّقة بها أن ترضى بـ"رمي" المساعدات لأهل غزّة. فلكرامتكم، لا لأجل كرامة أهل غزة -فهم يوزعون كرامة وفخرًا على شعوب العالم- لأجل كرامتكم وكبريائكم، كي تقفوا متصالحين أمام أنفسكم، كان عليكم أن تكسروا الحصار؟ لا بل كان عليكم إنهاء الحرب.
المضحك - المبكي، أمام ما يحصل، هو خروج دول تنادي بإدخال المساعدات، بإخراج بعض المصابين، من وإلى القطاع! ولكن قليلة هي الأصوات التي تنادي بإنهاء "الإبادة" (عار علينا إلّا أن ندعوها باسمها الحقيقي "إبادة").
يتحدّثون فوق المنابر عن الحرب، عن خوفهم على المدنيين، عن ألمهم عما يحصل، يدينون "إسرائيل"... وأسلحتهم ومحاصيلهم وموادهم الغذائية تنهمر نعمَا على آلة الحرب... وأطفال فلسطين يهتفون "جعنا... أكلنا حمّيض... مرمر تمنا".
أيّ زمن هو هذا الذي نعيش فيه؟
أين سيختبئ هذا العالم من عار صمته وحياده؟
من يمسح عن يديه دم الشهداء؟
يومًا ما... دماء أطفال غزة ستغرقكم... ستغرقكم بالعار... وستموتون غرقًا مثقلين ببؤسكم...
وستنتصر فلسطين.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
نسخ الرابط :