افتتاحية صحيفة البناء:
مقتل لقمان سليم يتحوّل منصة تستعيد مناخات الاغتيالات والاتهامات السياسيّة بايدن يدعو لوقف السعوديّة والإمارات حربهما على اليمن... ويتجاهل "إسرائيل" وإيران بيان فرنسيّ أميركيّ حول لبنان: لحكومة ذات مصداقيّة وتجاهل نظريّة "حكومة المهمّة"
شغل مقتل الناشط المناهض للمقاومة لقمان سليم المشهد اللبناني مع تساؤلات حول الجهة المستفيدة من الجريمة، التي بدأت الأجهزة الأمنية والقضائية التحقيق فيها، وسط استعادة للمشهد الذي أعاد اللبنانيين إلى أيام الاغتيالات والاتهامات السياسية، التي انطلقت من كل الفريق المناهض للمقاومة موجهة سهام الاتهام إلى حزب الله، الذي أصدر بياناً أدان فيه الجريمة داعياً القضاء إلى تسريع كشف المجرمين وسوقهم أمام العدالة لينالوا قصاصهم العادل، بينما تحدّثت مصادر سياسية وأمنية عن مخاطر المرحلة الانتقالية التي تمر بها المنطقة بعد تولي الإدارة الأميركية الجديدة مسؤولياتها، وبدء ظهور سياساتها وما تحمله من تغيير، خصوصاً لجهة العزم على العودة الى الاتفاق النووي مع إيران في ظل غضب إسرائيلي سعودي تعبر عنه المواقف، وتترجمه المشاهد المتفجّرة في العراق وسورية، وربما عمليات من نوع ما شهده لبنان من استغلال لغضب الجوع في طرابلس أو لجريمة الأمس، سواء لتوجيه رسائل عابرة للعواصم تحذّر من تجاوز موقع السعودية وإسرائيل كشريكين في السياسات على مستوى المنطقة وقدرتهما على التعطيل، أو لمحاولة خلق مناخات من الفوضى، أو لشيطنة حزب الله ومن خلفه إيران في ملفات لها حساسية خاصة لدى إدارة الرئيس بايدن كقضايا حقوق الإنسان، والناشطين تحت عنوان منظمات المجتمع المدني المحسوبين كأصدقاء علنيين لواشنطن.
السياسة الأميركية في العالم والمنطقة كانت موضوع كلمة متلفزة للرئيس الأميركيّ جو بايدن رسم فيها خطته لإحياء الدبلوماسيّة، التي توّجها بإعلان عن مبادرة عملية واحدة، هي الإصرار على وقف الحرب على اليمن وتحميل السعودية والإمارات مسؤولية استمرارها، ترجمه الإعلان عن وقف صفقات السلاح للدولتين الخليجيتين، ووصف الحرب كمصدر لأكبر كارثة إنسانية، والدعوة لوقف فوري لإطلاق النار وبدء مساعي الحل السياسي، وتكليف مبعوث خاص لليمن، بينما كان لافتاً لأسباب مختلفة تجاهل كل من إيران و"إسرائيل". فتجاهل إيران مرده كما تقول مصادر إعلامية أميركية هو ترك التفاوض غير المباشر الذي يديره مفوض السياسة الخارجية الأوروبية جوزيب بوريل بين وزيري الخارجية الأميركية والإيرانية، ويسعى الرئيس الفرنسي أمانويل ماكرون للعب دور محوري فيه، بينما تجاهل "إسرائيل" فيشكل سابقة تضاف إلى تجاهل الاتصال الروتيني الذي يجريه الرؤساء الأميركيون برئيس حكومة كيان الاحتلال، وما يعنيه الأمران من رسالة واضحة لبنيامين نتنياهو بأن لا تنسيق في الملف النووي الإيراني، وأن لا نسيان للدور الذي لعبه نتنياهو في الحملة الانتخابية للرئيس السابق دونالد ترامب.
في اليوم ذاته أمس، كان البيان المشترك لوزيري الخارجية الأميركية والفرنسية حول لبنان، يكمل صورة المبادرات التي تتصدر الاهتمام الأميركي، ليفاجئ الأميركيون حلفاءهم الفرنسيين بتجاهل مطلب دائم تقليديّ في البيانات عن لبنان، يشير الى حزب الله كمصدر للمشاكل اللبنانية السياسية والاقتصادية والأمنية، وهو ما خلا منه البيان، بينما خلا البيان الذي جاء بمناسبة مرور ستة شهور على انفجار مرفأ بيروت، وهو عذر شكلي لإصدار بيان مشترك، من دعوات التحقيق الدولي في انفجار المرفأ، والاكتفاء بحثّ القضاء اللبناني على الإسراع بتحقيق شفاف يكشف الحقائق حول التفجير، والأمر الأهم في البيان استبدال الدعوة لحكومة اختصاصيين او حكومة مهمة، كما دأبت البيانات الفرنسيّة على التأكيد، بالدعوة إلى حكومة ذات مصداقية وفعالة، ما يعني وفقاً لمصادر إعلامية فرنسية الجمع في تشكيل الحكومة بين مواصفات الوزراء الشخصية في الخبرة والنزاهة، وبين حيازتهم على التغطية السياسية والنيابية التي تتيح لهم إقناع الجهات الدولية بقدرة الحكومة على تنفيذ التزاماتها، وعدم ربط عمر الحكومة بمهمة تنتهي بعدها.
وبقي الملف الحكومي في دائرة الجمود بانتظار عودة الرئيس المكلف سعد الحريري من جولته الخارجية، وأفيد أن الحريري توجّه من مصر إلى باريس على أن يزور الإمارات أيضاً.
وفي موقف مشترك يعبّر عن تطوّر في الموقف الأميركي حيال الوضع في لبنان، أكّد وزيرا الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان والأميركية أنطوني بلينكن في بيان مشترك أنّه "بعد ستة أشهر من الانفجار الذي وقع في 4 آب في مرفأ بيروت، والذي تسبب بسقوط مئات الضحايا وأضرار كبيرة، تؤكد فرنسا والولايات المتحدة دعمهما الكامل الذي لا لبس فيه للشعب اللبناني".
وقال الطرفان في بيانهما المشترك: "كما فعلنا منذ الانفجار، بما في ذلك مع الأمم المتحدة وشركائنا والمجتمع المدني اللبناني في مؤتمري الدعم في 9 آب و2 كانون الأول، ستواصل فرنسا والولايات المتحدة تقديم المساعدة العاجلة للشعب اللبناني، بما في ذلك الصحة والتعليم والإسكان والدعم الغذائي". ولفتا إلى أنّ "فرنسا والولايات المتحدة توقعتا نتائج سريعة في التحقيق في أسباب الانفجار، مؤكدتين انتظام العدالة اللبنانية يجب أن يعمل بشفافية بعيداً عن أي تدخل سياسي".
ولفتت مصادر "البناء" إلى أن "البيان الأميركي - الفرنسي يأتي استكمالاً للاتصال بين الرئيسين جو بايدن وإيمانويل ماكرون الأسبوع الماضي، لكنه بقي في العموميات ولم يترجم على أرض الواقع لجهة تأليف الحكومة ما يعني بأن التفاهم على تأليف الحكومة لم يتبلور بعد".
وفيما ترفض أوساط تيار المستقبل استباق نتائج جولة الرئيس الحريري العربية والفرنسية وانعكاسها على الملف الحكومي، فضلت انتظار عودة الحريري للبناء على الشيء مقتضاه. أشارت مصادر في التيار الوطني الحر لـ"البناء" إلى أن "الحريري يحاول أن يدوّل الأزمة الحكومية ويستدرج الضغوط الخارجيّة على رئيس الجمهورية ميشال عون والتيار الوطني الحر، وهو يعلم أن الحل هو في التفاهم الداخلي"، ولفتت المصادر إلى أننا "لم نسمع خلال الاتصالات الدولية مع رئيس الجمهورية أي طلب مباشر لتلبية مطالب الرئيس الحريري وتحديداً الرئيس الفرنسي الذي لا يثق بالطبقة السياسية كما عبر في أكثر من محطة". ورأت المصادر أن "كل الحديث عن خلافات على الحصص والحقائب لا يعبر عن حقيقة خلفيات الأزمة الحكومية، فالمشكلة تدور حول إصرار رئيس الجمهورية والتيار على موضوع التدقيق الجنائي الذي يرفضه بعض الشركاء الآخرين وبالتالي التدقيق الجنائي هو عائق أمام تأليف الحكومة فضلاً عن أنه مطلب للمجتمع الدولي وبند أساسيّ في المبادرة الفرنسية كمدخل للدعم المالي الخارجي للبنان". وشدّدت المصادر على أن الرئيس عون "مصرّ على أن يكون التدقيق الجنائي أولوية الحكومة المقبلة وتكريسه في البيان الوزاري".
على صعيد ملف التحويلات من مصرف لبنان إلى سويسرا، أرسل مدّعي عام التمييز القاضي غسان عويدات إلى المدعي العام السويسري النسخة الإلكترونية من مضمون إفادة سلامة وشقيقه وإفادات شهود ومستندات وتمّ أيضاً إرسال نسخة ورقية عن طريق وزارتي العدل والخارجية.
وطلب القاضي عويدات في المقابل تزويده بالمستندات المتوفرة لديهم على أن يتم، إلحاقاً تزويد الجهة المطالبِة بالمستندات من مصرف لبنان والهيئات المصرفية، على أن "ينصرف النائب العام التمييزي الى درس كل المستندات المتوافرة، وما قد يرده من السلطات السويسرية وفقاً لطلبه وما قد تتضمنه من أدلة كافية لإجراء تحقيق محليّ مع المعنيين".
وأشارت مصادر لـ"البناء" إلى أن "مساعدة "الحاكم" ماريان الحويك لم يتمّ استجوابها لوجودها خارج لبنان". ولفتت إلى أن "الحويك ليست موظفة عادية، بل هي الساعد الأيمن للحاكم والمديرة التنفيذية في المصرف المركزي منذ العام 2007 حتى 2018. وبعدما أُثير ملف التحويلات بادر سلامة إلى تعيينها مستشارته الأولى عام 2020". وكشفت المصادر أن "سلامة أدلى بإفادته كاملة أمام عويدات وتضمنت إجابات على كل التساؤلات التي طلبها القضاء السويسري". وأفادت المصادر أن "إفادة سلامة تمحورت حول الكثير من الأسئلة والاستيضاحات حول موضوع التحويلات المالية من مصرف لبنان إلى مصارف سويسرية، لكن التركيز كان على مصادر التحويل، وإذا كان ناتجاً عن مالٍ عام وعلاقته بالإثراء غير المشروع، أم مالٍ خاص وكيفية تكوينه وإذا كان ثروة عائلية أو ميراث وكيف تراكمت وما إذا كان حجم المبالغ المحوّلة يتناسب مع تراكم هذه الثروة عبر عقود من الزمن". وتحدثت أوساط مقربة من الحاكم لـ"البناء" أنه "مثُل أمام القضاء اللبناني من موقع الاستماع إلى إفادته وليس من موقع المُدّعى عليه أو المتهم وأنه مستعد للمثول أمام القضاء السويسري".
وأوضح رئيس مؤسسة "جوستيسيا" الدكتور بول مرقص لـ"البناء" أنه وفقاً للاستنابة القضائية السويسرية يُرسل المُدعي العام مضمون الإفادة ويمكن أن يرفقها بأي إضافات قد يطلبها القضاء السويسري". ولفت مرقص إلى أن "تقديم سلامة إفادته أمام القضاء اللبناني لا يعني أنه لن يمثُل أمام القضاء السويسري، لا بل إن سلامة استعمل حق الخيار بأن يمثل حضورياً أمام القضاء السويسري بعد تقديم إفادته أمام المدّعي العام اللبناني". ولفت إلى أن "هذا الأمر من شأنه تسريع الإجراءات التي تستغرق عادة شهوراً وأعوام، ومن جهة ثانية تمنح الحاكم قوة دفع باتجاه تبديد الشبهة التي تحوم حول التحويلات بمجرد مثوله وتقديم التبريرات وتدعيمه بمستندات عن مصدر الأموال ومشروعيتها في حال كانت مشروعة".
وفي تطور أمني يؤشر إلى عودة مسلسل الاغتيالات في لبنان، أثار اغتيال الكاتب والناشط السياسي لقمان سليم في بلدة العدوسية في الجنوب جملة تساؤلات عن الجهات المسؤولة عن الاغتيالات ومدى ارتباطها بعودة النشاط الإرهابي إلى لبنان واكتشاف الأجهزة الأمنية أكثر من شبكة إرهابية خلال الأسابيع الماضية فضلاً عن اكتشاف العميل الإسرائيلي أحمد عبد الحسين ضاهر، الملقب بـ "ابو شهاب ضاهر" في عربصاليم. ما يوجه أصابع الاتهام إلى العدو الإسرائيلي الذي له سوابق في عمليات كهذه.
وبحسب المعلومات فقد عثر على سليم مقتولاً بأربع رصاصات في الرأس والظهر داخل سيارته في منطقة النبطية جنوب لبنان وذلك بعد ساعات على اختفائه وفقدان الاتصال به عقب زيارة كان يقوم بها مع شخص آخر في بلدة نيحا الجنوبية.
وكلف المدعي العام في الجنوب القاضي رهيف رمضان فرع المعلومات بإجراء مسح كامل للكاميرات لمعرفة المسار الذي سلكته سيارة لقمان سليم قبل اغتياله وبتفريغ داتا هاتفه الخلوي وتحليلها.
وتوقفت مصادر مراقبة أمام حملة الاستغلال السياسي لجريمة القتل وتحميل حزب الله المسؤولية واستباق التحقيق ما يدعو للتساؤل عن دور هذه الأصوات في المساهمة بتحقيق هدف الجريمة وإثارة الفتنة والتحريض ضد حزب الله.
وأثارت عملية الاغتيال سيلاً من ردود الفعل والإدانة، إذ استنكر حزب الله في بيان قتل الناشط السياسي لقمان سليم، وطالب الأجهزة القضائيّة والأمنيّة المختصة بالعمل سريعاً على كشف المرتكبين ومعاقبتهم، ومكافحة الجرائم المتنقلة في أكثر من منطقة في لبنان وما يرافقها من استغلال سياسي وإعلامي على حساب الأمن والاستقرار الداخلي.
رسمياً، طلب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات، إجراء التحقيقات اللازمة لمعرفة ملابسات جريمة اغتيال سليم التي وقعت في منطقة العدوسية في الجنوب. وشدد الرئيس عون على ضرورة الإسراع في التحقيق لجلاء الظروف التي أدت الى وقوع الجريمة والجهات التي تقف وراءها. من جانبه، كلف رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي "الايعاز الى الاجهزة الامنية الإسراع في تحقيقاتها لكشف ملابسات جريمة اغتيال سليم، وملاحقة الفاعلين والقبض عليهم وإحالتهم الى القضاء في أسرع وقت". وشدّد على أن هذه الجريمة النكراء يجب الا تمرّ من دون محاسبة، وأن لا تهاون في متابعة هذه التحقيقات حتى النهاية".
وكانت لافتة المواقف الخارجية إزاء اغتيال سليم، إذ قالت سفيرة فرنسا في لبنان آن غريو على "تويتر": "تلقيت بحزن عميق وبقلق شديد نبأ اغتيال لقمان سليم. أتقدّم بأحر التعازي لعقيلته، وأسرته وأقاربه". وطالب سفير الاتحاد الأوروبي في لبنان رالف طراف "السلطات المعنية بإجراء التحقيق المناسب". وأبدى منسق الأمم المتحدة الخاص في لبنان يان كوبيش، انزعاجه للغاية "من الخسارة المأساوية للقمان سليم الناشط والصحافي المحترم، والصوت المستقل الصادق الشجاع". وطلب عبر "تويتر"، من السلطات التحقيق في هذه المأساة بشكل سريع وشفاف واستخلاص النتائج اللازمة".
على صعيد صحيّ، أعلن مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الصحية وليد خوري أن "اجتماعات متتالية ستعقد اليوم لاتخاذ القرار النهائي بشأن مصير الإقفال العام مع ترجيح التوجه نحو الفتح التدريجي للبلد اعتباراً من الثامن من شباط". وقال: "يجب إيجاد طريقة ما لإعادة فتح البلد لأن الوضع لا يمكن أن يستمر على هذا النحو". وأعرب خوري عن "قلقه من ارقام الوفيات بفيروس كورونا ومن المؤشرات التي لا تظهر أي تراجع فيها مع محافظتها على نسبة إصابات تبلغ 22 في المئة من مجموع الفحوص".
بدوره، كشف رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاصم عراجي أن "هناك توجهاً لتمديد الإقفال حتى 15 شباط المقبل مع بعض الاستثناءات خلال اجتماع اللجنة الوزارية لمتابعة إجراءات كورونا خلال اجتماعها اليوم".
ولفت عراجي الى أنه "مع الإقفال لمدة أسبوع نظراً للواقع الصحي والمؤشرات الموجودة على أرض الواقع يجب الأخذ بها من قبل اللجنة الوزارية، شرط تقديم المساعدات للناس لتحمل مدة الإقفال إضافة الى فتح البلد بشكل منظم وليس بشكل عشوائي".
*****************************************************************
افتتاحية صحيفة الأخبار:
اختُطِف من نيحا وعُثر على جثّته على بُعد 36 كلم: اغتيال لقمان سليم
في لحظة تستدعي الأسئلة الكبيرة، لناحية التوقيت والمكان والطريقة، اغتيل الناشط السياسي لقمان سليم في منطقة الزهراني، ولم تُظهر التحقيقات الأولية أي تفاصيل تشير إلى الجناة، بالرغم من حملة سياسية وإعلامية شنّها خصوم حزب الله متّهمين إياه بالوقوف خلف الاغتيال ربطاً بكون سليم كان من أشدّ معارضي الحزب. وكان من الشخصيات الشيعية البارزة التي عملت إلى جانب خصوم الحزب المحليين والإقليميين والدوليين.
اغتيال سليم الذي أعاد إلى الواجهة القلق من موجة الاغتيالات السياسية لن يقف عند حدود الجريمة الأمنية. المغدور، له موقعه وعلاقاته ونفوذه في أوساط محلية وإقليمية ودولية. والمناخ السياسي الداخلي يسمح باستغلال الجريمة لأجل تسعير الخلافات، أو لاستنهاض الحملات ضد المقاومة بشكل رئيسي. لكن اللافت هو أن خصوم المقاومة، وكما جرت العادة، يرفضون انتظار أي نتائج للتحقيقات، ويعلنون سلفاً عدم ثقتهم بكل ما يمكن أن يصدر عن الجهات القضائية اللبنانية، ويصرّون على اتهام حزب الله.
وإذا كان من الصعب احتواء هذه الموجة المسعورة من الاتّهامات السياسية، فإن أصل الموضوع سيكون بنداً دائماً على جدول أعمال اللبنانيين، حيث تبدو عمليات الاغتيال وسيلة مرفوضة ومعبّرة عن ضعف جديّ لمن يلجأ إليها في مواجهة خصومه، كما هو الحال في ملاحقة السلطات لمعارضيها بالاعتقال التعسفيّ أو الترهيب.
على أنّ من المفيد الإشارة إلى أن استغلال الجريمة لأجل ترهيب خصوم الفريق الذي عمل معه سليم، من أجل وقف أي نقاش ديمقراطي حول سياسيات ومواقف ونشاط الفريق اللبناني الحليف للسعودية وأميركا لهو عملية اغتيال لن تنفع في السكوت على كل من يقوم بعمل يستهدف النيل من المقاومة فقط لعدم توافقه مع أهدافها وآلية عملها، أو لكونه يريد فرض الوقائع الأميركية والسعودية على لبنان.
التحقيق الجنائي
قبل أن يعمّ خبر فقدان الاتصال بلقمان سليم منذ ليل الأربعاء، بعد زيارته لأصدقاء له في محلة نيحا قرب بلدية صريفا الجنوبية (قضاء صور)، كشَفت شمسُ أمس عن مصيره. جثة في سيارته على طريق بين بلدتَي العدوسية وتفاحتا في الزهراني (الطريق الأقصر بين نيحا والعدوسية يمتدّ لأكثر من 36 كيلومتراً). بعيد السابعة صباحاً، تنبّه أحد المارة إلى سيارة مركونة إلى جانب طريق فرعية محاذية للمسلك الشرقي لأوتوستراد صور الزهراني. حضرت القوى الأمنية وكشفت على السيارة السوداء المستأجرة، فوجدت سليم ممدّداً على وجهه بين مقعد السائق والمقعد الجانبي. الكشف الأوّلي على الجثة، أظهر إصابته بخمس رصاصات في الرأس ورصاصة سادسة في الظهر، إضافة إلى وجود كدمات في الوجه، تدلّ على احتمال تعرضه للضرب قبل قتله.
لم تظهر أي علامات تكسير على السيارة أو بعثرة في محتوياتها. بقع دماء على المقعد الجانبي حيث مال سليم برأسه، كيس أغراضه الشخصية في أسفل المقعد الأمامي. وعلى المقعد الخلفي، كتاب "بنيامين نتنياهو: عقيدة اللا حل"، للكاتب الفلسطيني أنطوان شلحت.
الغموض لا يزال يكتنف أسرار مسار سليم إثر خروجه من منزل أصدقائه الواقع في مزرعة نيحا المجاورة لصريفا عند الثامنة من ليل الأربعاء. بعد ساعات قليلة، وجّهت شقيقته وزوجته نداء عبر وسائل التواصل الاجتماعي للمساعدة في "الوصول إلى لقمان الذي لا يجيب على هاتفه". لم تتقدم العائلة بإخبار للقوى الأمنية، لكنها استخدمت تقنية العثور على هاتفه عن بُعد، فوُجِد على بُعد نحو 500 متر من المنزل الذي خرج منه. بحسب الأهالي، اعتاد سليم زيارة نيحا وصريفا بشكل مستمر. وبينما كان يمضي نهاره عند الأصدقاء، لاحظ الجيران حركة غريبة لسيارة من نوع (تويوتا كامري) بدأت تتجول في محيط الحي منذ الواحدة من بعد ظهر الأربعاء وكان يستقلها شخص واحد، من خارج المنطقة. وعندما حل المساء، لحقت بها سيارة رباعية الدفع كان يستقلها شخصان أو ثلاثة. استعاد الأهالي السيارتين الغريبتين إثر شيوع خبر مقتل سليم وأبلغوا القوى الأمنية التي كشفت على كاميرات المراقبة في محيط المنزل. أما في محيط موقع العثور على السيارة في الزهراني، فقد تنبّه أحد المارة عند الساعة الحادية عشرة من ليل الأربعاء إلى وجودها، لكنه لم يعر أهمية للأمر لأن العديد من الشبان يعتادون ركن سياراتهم في المكان المحاط بالبساتين، إما للصيد أو تناول الكحول.
وفيما رجّح الطبيب الشرعي أن تكون الوفاة الناتجة من إصابة سليم بالطلقات النارية قد وقعت بين منتصف الليل والساعة الثانية فجراً، رجّح مطّلعون على التحقيق أن يكون سليم قد اختُطِف من نيحا، بسيارته، إلى العدوسية، حيث أطلِقت الرصاصات عليه. التحقيقات التي يجريها بصورة خاصة فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي، تركّز على إفادات الشهود أولاً، وعلى الاتصالات الهاتفية وحركة الهواتف الخلوية ثانياً، وعلى كاميرات المراقبة ثالثاً. لكن البند الأخير يعاني من صعوبتين: وجود عشرات الطرق التي يمكن سلوكها للوصول من نيحا إلى العدوسية (في الساعات الأولى بعد وقوع الجريمة، أحصى المحققون أكثر من 30 احتمالاً لطرق يمكن استخدامها للوصول من المكان الذي يُرجّح أن يكون قد اختُطف فيه سليم إلى مكان العثور على جثته)، وقلّة كاميرات المراقبة في عدد كبير من تلك الطرق.
من هو لقمان سليم... سياسياً؟
غالبية الذين عرفوا لقمان سليم في بداية التسعينات، عند تأسيسه لدار الجديد، ومساهماته في الحقلَين الثقافي والسياسي منذ تلك الفترة لا يعلمون أنه بدأ نشاطه السياسي في أواخر السبعينات نصيراً لأحد فصائل اليسار الجذري في لبنان، حزب العمل الاشتراكي العربي. كان الحزب، الطامح للتحول إلى حزب شيوعي عربي، والمرتبط بعلاقات تنظيمية وثيقة في تلك المرحلة مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، هو الإطار الذي اجتذب لقمان والعديد من شبان منطقة الغبيري والشياح.
أحد الذين عرفوه في ذلك الزمان يذكر جيداً ولعه بالنقاشات الفكريّة والنظريّة و"مكتبته الغنية"، وحديثه المستمر عن التجارب الثورية في بقاع العالم المختلفة وضرورة استلهامها. تمرّد الشاب على خيارات والده، النائب محسن سليم، المعروف بصلاته الوطيدة مع كميل شمعون. سافر لقمان إلى باريس في أوائل الثمانينات للدراسة الجامعية وعاد بعدها إلى لبنان حاملاً قناعات فكرية ومواقف سياسية نقيضة لتلك التي دافع عنها في ريعان الشباب. والواقع هو أن الاجتياح الإسرائيلي للبنان شكّل منعطفاً فكريّاً وسياسيّاً في مسار مجموعة من المثقفين اليساريين، رأوا فيه هزيمة نهائية وحتمية لخياراتهم السابقة وشرعوا في عملية "نقد ذاتي" مستدامة، للبنى الثقافية والمعرفية والاجتماعية العربية، التي حالت دون ولوج المنطقة عصر الحداثة والفهم "الصحيح" للعالم المعاصر. بكلام آخر، فإن هؤلاء اعتبروا أن المآزق والانسدادات التي تعانيها شعوب الإقليم ليس مردّها الحروب المستمرة التي تُشنّ عليها من الخارج، والتي استعرت بعد نهاية الثنائية القطبية في أوائل التسعينات، بل هي نتاج لعوامل داخلية فاقمت من آثارها السلبية مشاريع التغيير الثورية، اللاعقلانية والشمولية، والتي لن تقود في حالة انتصارها سوى إلى المزيد من الاستبداد والفشل الذريع في التنمية الاقتصادية وفي تعميق الانقسام المجتمعي وصولاً إلى الاحتراب الأهلي. انحاز لقمان سليم إلى هذا الرأي وأصبح أحد أكثر مروّجيه حماسة سواء عبر إصداراته في دار الجديد، أو في مداخلاته وأنشطته العلنيّة. وقد بلغت به الجرأة حدّ الإجهار برهانه، في مقابلة مع إذاعة فرنسا الدولية في برنامج "الكيوسك العربي" في أيلول 2005، على حرب بوش الابن على "الإرهاب" لإسقاط النظام في سوريا والخلاص من حزب الله في لبنان.
أحصى المحقّقون أكثر من 30 احتمالاً لطرق يمكن استخدامها للوصول من نيحا إلى العدوسية
لم يتردّد أيضاً، في نفس المقابلة، في تسويغ معتقل غوانتنامو، وهو ما قوبل باستهجان من مقدّم البرنامج الفرنسي، على قاعدة أن للديمقراطية الحق في الدفاع عن نفسها باستخدام الوسائل "المناسبة" في مقابل أعداء لا يعترفون بمرجعياتها القيمية والأخلاقية. لم يمنع اندثار مسار التسوية وما رافقه من وعود براقة، وفشل الحروب الأميركية في تحقيق أهدافها، مضي لقمان في معركته ضد حزب الله، الذي رأى فيه تجسيداً لكلّ ما يناهض ويكره. وهو قد دعا في مداخلة عبر سكايب في ندوة نظمها معهد واشنطن لدراسات الشرق الأوسط، بوق اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة، إلى أن "تحرير لبنان من سطوة حزب الله" قد يتطلب الاستعداد لزعزة استقراره نسبياً. بل هو ذهب، خلال مشاركته في حلقة نقاشية عُقدت في الإمارات تحت عنوان "تفكيك شيفرة حزب الله" إلى الحض على محاصرة حزب الله عسكرياً وإلحاق نكبة، لا أقل، بقاعدته الاجتماعية لدفعها للانفضاض عنه. استلهم سليم أطروحات المحافظين الجدد التي استُخدمت لتبرير غزو العراق وتدميره وكذلك ليبيا، على قاعدة أن القوى "الشمولية" لا يمكن هزيمتها من الداخل بل من خلال تدخل عسكري خارجي، بمعزل عما يترتب من أكلاف وخسائر بشرية ومادية على مثل هذا التدخل.
********************************************************************
افتتاحية صحيفة النهار
لقمان سليم شهيداً: يقظة الترهيب
لا مغالاة اطلاقاً ان تخوف الكثير من اللبنانيين من ان يكون اغتيال لقمان سليم تتويجاً للشرور اللاحقة بهم بل نذيراً لـ”يقظة” الترهيب الدموي في نسخة منقحة ومحدثة عن حقبة الاغتيالات التي هبت أعاصيرها في خريف 2004 وشتاء 2005 وظلت حلقاتها متتابعة في تصيد الرموز والشخصيات الاستقلالية والسيادية حتى 2013 مع الشهيد محمد شطح.
لا شك في ان لقمان سليم الذي انضم في ليل التآمر الدموي الاجرامي عليه في الجنوب، الى لائحة شهداء الترهيب الدموي، شكل في مسيرته وسيرته وافعاله ومواقفه ومراسه المهني والوطني والثقافي والفكري والبحثي النموذج الأكثر شجاعة وإقداماً وايمانا بنهج تعددي تحرري يرفض الديكتاتورية الفكرية والأثرة المسلحة والسطوة الأحادية الإرهابية على المجموعات اللبنانية بدءا ببيئته. معروفة وقائع سيرة لقمان سليم في تصدر المراس الفكري للانتفاضة والخيمة الأشهر التي أدار فيها ندوات النقاش الحيوي الحر المتجرئ ورفع الصوت المتحدي للترهيب الى ان أحرقت الخيمة وأطلقت صليات التهديد الكثيفة للقمان مقترنة باللغة البائدة للتخوين وإلصاق الاتهامات الجاهزة بالصهينة والأمركة والتجسس وتقديم الخدمات لكل أعداء “المقاومة” و”حزب الله”. اغتيال لقمان سليم استهدف بكل وضوح احد أبرز وأشجع رموز الثقافة المتحررة الاستقلالية وأحد أبرز المنخرطين في العمل الفكري التحرري وأحد الناشطين الكبار في حركة الثورة اللبنانية الاجتماعية والفكرية. لقمان سليم انضم امس الى قافلة الشهداء الكتاب والصحافيين والمثقفين من حقبة تصفية سليم اللوزي ورياض طه ومن قبلهما وبعدهما الى رعيل الشهداء الذي استهدفته حرب الاغتيالات من سمير قصير الى جبران تويني الى محمد شطح كذلك. والأخطر الأخطر ان ترسم عملية تصفيته ملامح عودة الترهيب سلاحا ووسيلة لإخماد التنوع السياسي في بلد يتخبط بكوارث متدحرجة تضعه على حافة نهاية النهايات الدراماتيكية. لم يكن أدل على الخشية من بداية دموية لمرحلة متبدلة تنذر بتنفس الصراعات والرسائل الدامية عبر الساحة اللبنانية من ردود الفعل الداخلية والخارجية الواسعة التي عكست من ضمن ما عكسته التوجس الكبير الذي اثارته الجريمة الإرهابية الترهيبية.
الجريمة والردود
استفاق اللبنانيون على خبر اكتشاف اغتيال الناشط والكاتب لقمان سليم بقتله بخمس رصاصات في رأسه وظهره في سيارة مستأجرة، بعدما فُقد الاتصال به منذ الثامنة من مساء الاربعاء بينما كان يقوم بزيارة عائلية في بلدة نيحا الجنوبية. وأشعل اغتياله موجة واسعة من ردود الفعل الرافضة لعودة الاغتيالات والتصفيات والمتخوفة من دلالات الجريمة التي ذكرت بمرحلة الاغتيالات التي ذهب ضحيتها رموز من انتفاضة 14 آذار. ومع ان ردود الفعل الداخلية حاذرت بمعظمها توجيه اتهامات مباشرة وحضت الدولة وأجهزتها على استعجال التحقيقات لكشف الجناة فان بعض المواقف اتسمت بتحميل “حزب الله ” تبعة كشف الجناة او تحميله المسؤولية وتمثل ابرز هذه المواقف في بيان لقاء عدد من الشخصيات والناشطين في “لقاء سيدة الجبل” اعلنه النائب السابق فارس سعيد الذي لفت الى ان “الشهيد اغتيل في منطقة نفوذ حزب الله وبالتالي هو المتهم الأساس، فإما أن يخبر اللبنانيين كيف حصلت هذه الجريمة أو يتحمل المسؤولية المباشرة عنها. فلبنان تحت حكمين، الاول ورقي دستوري يتمثل بشخص رئيس الجمهورية، اما الآخر أمني عسكري يتمثل بشخص أمين عام حزب الله وكلاهما مسؤول”.
وأصدر “حزب الله” مساء بيانا دان فيه “قتل الناشط السياسي لقمان سليم وطالب الأجهزة القضائية والأمنية المختصة بالعمل سريعا على كشف المرتكبين ومعاقبتهم ومكافحة الجرائم المتنقلة في اكثر من منطقة في لبنان وما يرافقها من استغلال سياسي واعلامي على حساب الامن والاستقرار الداخلي”.
الأصداء الدولية
اما في الردود الديبلوماسية الدولية حول اغتيال لقمان سليم فكان ابرزها بيان للسفيرة الأميركية دوروثي شيا التي وصفت اغتياله بانه “بربري” وأضافت : “لقد قال لقمان سليم سرا وعلانية أنه كانت هناك تهديدات لحياته، ومع ذلك استمرّ، بشجاعة، بالدفع من أجل العدالة والمساءلة وسيادة القانون في لبنان . هذا الاغتيال، لم يكن مجرد اعتداء وحشيا على فرد، بل كان هجومًا جبانًا على مبادئ الديموقراطية وحرية التعبير والمشاركة المدنية.إنه أيضا هجوم على لبنان نفسه.إن استخدام التهديد والترهيب كوسيلة لتخريب حكم القانون وإسكات الخطاب السياسي هو أمر غير مقبول”.
واكدت “ضرورة إجراء تحقيق سريع في هذه الجريمة وغيرها من عمليات القتل الحديثة التي لم يتم حلها حتى يتمّ تقديم مرتكبي هذه الأعمال إلى العدالة. في بلد يحتاج بشدة إلى التعافي من الأزمات المتعددة التي يواجهها، ترسل الاغتيالات السياسية إشارة جد خاطئة إلى العالم حول ما يمثله لبنان “.
وأعربت نائبة المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان والمنسقة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانية نجاة رشدي عن صدمتها وحزنها لاغتيال لقمان سليم. وحثت على “إجراء تحقيق وملاحقة قضائية شاملة وسريعة وشفافة لتطبيق العدالة بحق جميع المسؤولين عن هذا العمل الشائن”. واضافت أن “الشعب اللبناني يستحق قضاءً مستقلاً وفعالاً للوصول إلى نتائج بالسرعة المطلوبة ولضمان المساءلة وللحد من التفلت من العقاب في لبنان.”
ودانت الخارجية الفرنسية “قتل الناشط اللبناني لقمان سليم ورأت ان اغتياله “يشكل جريمة بشعة” وطالبت بتحقيق شفاف .
البيان المشترك
وإذ تشاء المفارقة ان يتزامن اغتيال لقمان سليم مع ذكرى مرور ستة اشهر على انفجار مرفأ بيروت سجل تطور بارز في هذا السياق تمثل في صدور اول بيان مشترك حول لبنان في ظل إدارة الرئيس جو بايدن عن وزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن جاء فيه : “بعد مرور ستة أشهر على وقوع انفجار الرابع من آب في مرفأ بيروت الذي أودى بحياة مئات الأشخاص وأسفر عن أضرار مادية فادحة، تؤكّد فرنسا والولايات المتحدة الأميركية مجددًا دعمهما الكامل والتام للشعب اللبناني. وستواصل فرنسا والولايات المتحدة تقديم المساعدات في حالات الطوارئ للشعب اللبناني، ولا سيّما في قطاعات الصحة والتعليم والسكن والمساعدات الغذائية، وذلك مثلما فعلنا منذ وقوع الانفجار، بمعية الأمم المتحدة وشركائنا والمجتمع المدني اللبناني على وجه الخصوص، في إطار مؤتمرَي دعم لبنان اللذين عُقدا في 9 آب 2020 و2 كانون الأول 2020. وتترقب فرنسا والولايات المتحدة صدور نتائج التحقيقات الجارية بشأن الأسباب التي أدّت إلى وقوع الانفجار بسرعة. ويتعيّن على القضاء اللبناني العمل بشفافية تامة بمنأى عن كلّ التدخلات السياسية. وتسلّط ذكرى مرور ستة أشهر على وقوع هذه الفاجعة الأليمة الضوء على الحاجة الماسة والضرورية إلى أن يَفي المسؤولون اللبنانيون أخيرًا بما التزموا به وأن يشكّلوا حكومة ذات صدقية وفعّالة وأن يعملوا على تحقيق الإصلاحات الضرورية، بما يتماشى وتطلعات الشعب اللبناني. وتبقى هذه الخطوات العملية ضرورة حتمية لكي تلتزم فرنسا والولايات المتحدة وشركائهما الإقليميين والدوليين بتقديم دعم إضافي وبنيوي وطويل الأجل للبنان”.
*****************************************
افتتاحية صحيفة نداء الوطن
فرنسا وأميركا: لتسريع تحقيق المرفأ وتشكيل الحكومة
كلُّ حرّ “لقمان”
هل تعود الاغتيالات إلى المشهد الداخلي؟ هل يتجه لبنان إلى نموذج “العرقنة” في تصفية النشطاء وقادة الرأي والتعبير؟ من التالي على قائمة التصفيات؟ وغيرها من علامات الاستفهام والترقب طرحتها عملية اغتيال الناشط السياسي لقمان سليم فجر الخميس. وإذا كانت أصابع الاتهام السياسي اتجهت تلقائياً مع شيوع الخبر نحو “حزب الله” بالوقوف خلف تصفية سليم، باعتباره مناهضاً شرساً لسطوة “الحزب” على الدولة، وربطاً بكون العملية وقعت ضمن نطاق نفوذه الحيوي في الجنوب، لكن على الأرجح ستبقى المعادلة هي نفسها إزاء كل عمليات الاغتيال السياسي التي حصلت وستحصل في لبنان، بحيث تبقى الأدلة والقرائن الدامغة “في ذمة” الأجهزة الأمنية والقضائية الواسعة، فيضيع الحق ولو وراءه مليون مطالب… ليضاف في محصلة المشهد الدموي الجديد، إسم لقمان سليم، إلى قائمة الشهداء الذين ستبقى قضيتهم في ذمة “حزب الله” من دون أي إشعار قضائي آخر يثبت العكس.
هذا في الاتهام السياسي للجريمة، أما في مفعولها السيادي وانعكاساتها على أرضية المشهد الوطني، فإن الأكيد أنّ كل عمليات الاغتيال التي طالت قياديين وصحافيين ومفكرين وأصحاب الرأي الحر في لبنان لم تؤدّ غرض قمع الناس وكمّ الأفواه وترهيب السياديين، حتى بدا جلياً للقاتل أمس وهو يشاهد ردود الفعل على جريمته أنّ رصاصات غدره لم تستطع أن تخترق كل رؤوس الأحرار في البلد، بل زاد بجبنه شجاعتهم، وبضعفه عزيمتهم، وبتواريه إصرارهم على استكمال مسيرة الحق والحرية والمواجهة التي لطالما تقدم صفوفها سليم، ولا يزال يسير في ركبها قافلة من الشجعان، كل حرّ فيها “لقمان” آخر.
وعلى خط ثورة 17 تشرين التي كان سليم ناشطاً فاعلاً في حراكها الفكري والنضالي، فقد تداعت مجموعاتها الوازنة أمس إلى عقد اجتماع طارئ حذرت فيه من عودة “ميليشيا الارتهان إلى كمّ الأفواه بالاغتيال”، مناشدةً المجتمع الدولي “حماية اللبنانيين من الإبادة الجماعية التي يتعرضون لها على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والصحية والاجتماعية والأمنية”. وتوالت ردود الفعل الديبلوماسية والدولية في معرض التنديد بهذا الاغتيال “البربري”، كما وصفته واشنطن على لسان السفيرة الأميركية دوروثي شيا، بينما أعربت باريس عن إدانتها “بأشد الحزم لهذا العمل الشنيع”، مطالبة في بيان للخارجية الفرنسية بكشف الحقيقة، ومشددةً في هذا المجال على أنّ “فرنسا تنتظر من السلطات اللبنانية والمسؤولين اللبنانيين أن يسمحوا للقضاء بأن يعمل بفعالية وبشفافية كاملة من دون تدخل، لأنّ التعددية وحرية التعبير هي من الأنماط الأساسية التي يتمسك بها اللبنانيون وفرنسا تقف إلى جانبهم لصيانتها”.
وكذلك دعت جامعة الدول العربية إلى الإسراع في الكشف عن ملابسات الجريمة ومعاقبة مرتكبيها، محذّرةً من “انزلاق لبنان إلى منعطف خطير وحالة من الانفلات والعودة به الى مسلسل الاغتيالات المشين”. لكن وبموازاة إعلان رئاستي الجمهورية والحكومة عن الإيعاز للقضاء والأجهزة المعنية بإجراء التحقيقات اللازمة في الجريمة، جاءت معظم التعليقات والمواقف السياسية والديبلوماسية لتعرب عن تخوفها من أن يلحق التحقيق في اغتيال لقمان سليم بنمط التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، “الذي بقي بعد ستة أشهر غير حاسم ومن دون محاسبة ومن دون أن يعرف الناس الحقيقة”، كما عبّر المنسق الخاص السابق للأمم المتحدة في بيروت يان كوبيتش.
وفي السياق نفسه، استرعى الانتباه إصدار وزيري الخارجية الفرنسي والأميركي، جان إيف لودريان وأنتوني بلينكن، بياناً مشتركاً أمس عبّرا فيه “بعد مضي ستة أشهر على انفجار 4 آب الذي أودى بمئات الضحايا وتسبب بأضرار كبيرة”، عن دعم فرنسا والولايات المتحدة الكامل “الذي لا لبس فيه للشعب اللبناني”، وقالا: “كما فعلنا منذ الانفجار، بما في ذلك مع الأمم المتحدة وشركائنا والمجتمع المدني اللبناني في مؤتمري الدعم في 9 آب و 2 كانون الأول، ستواصل فرنسا والولايات المتحدة تقديم المساعدة العاجلة للشعب اللبناني، بما في ذلك الصحة والتعليم والإسكان والدعم الغذائي”.
ولفت لودريان وبلينكن إلى أنّ فرنسا والولايات المتحدة تتوقعان “نتائج سريعة في التحقيق في أسباب الانفجار”، مؤكدَين أنّ “نظام العدالة اللبناني يجب أن يعمل بشفافية بعيداً من أي تدخل سياسي”، مع تأكيدهما على “الحاجة الملحة والحيوية لأصحاب المصلحة اللبنانيين، للعمل بشكل نهائي على الالتزامات التي تعهدوا بها لتشكيل حكومة ذات مصداقية وفعالة، وتمهيد الطريق لتنفيذ الإصلاحات اللازمة”.
وكانت “هيومن رايتس ووتش” قد أضاءت في تقريرها لمناسبة مرور ستة أشهر على “الانفجار الكارثي في مرفأ بيروت” على “تقاعس السلطات اللبنانية عن إحقاق العدالة”، لافتةً إلى أنّ “محاولات الزعماء السياسيين وقف التحقيق تعزز الحاجة إلى تحقيق دولي مستقل”.
وفي مقابل “التدخل السياسي وتعطيل التحقيق” وأمام “عناصر الجريمة العابرة للحدود على ما يبدو، فضلاً عن افتقار فريق التحقيق القضائي إلى القدرة الفنية”، رأت المنظمة الدولية أنّ هناك “ضرورة لإجراء تحقيق دولي، مثل لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة لكشف الحقيقة”، مشددةً في الوقت عينه على وجوب “أن يمرر لبنان على وجه السرعة مشاريع قوانين لضمان استقلالية القضاء وتوافق الإجراءات الجنائية مع المعايير الدولية”.
*****************************************
افتتاحية صحيفة الجمهورية
تفويض أميركي لماكرون قد يولّد الحكومة… والجميع ينتظر الحريري
فيما استفاقت البلاد على جريمة اغتيال الناشط السياسي لقمان سليم وما لاقته من ردود فعل مستنكرة إزداد معها الوضع الداخلي اضطراباً على وقع الانهيار الاقتصادي المالي المتفاقِم في ظل انعدام التوافق على تأليف الحكومة الجديدة، صدر أمس ما يشبه «أمر عمليات» للتأليف عن وزيري الخارجية الاميركي والفرنسي لمناسبة مرور 6 اشهر على انفجار مرفأ بيروت، دَعيا فيه «المسؤولين اللبنانيين» الى «تنفيذ التزامهم في شكل نهائي تشكيل حكومة ذات صدقية وفعالية، والعمل على تنفيذ الإصلاحات اللازمة بما يتماشى مع تطلعات الشعب اللبناني». وأكدا «انّ هذه الإجراءات الملموسة ضرورية للغاية لفرنسا والولايات المتحدة ولشركائهما الإقليميين والدوليين، لالتزام تقديم دعم إضافي وهيكلي وطويل الأمد إلى لبنان». وبرز هذا الموقف الاميركي ـ الفرنسي في ضوء وجود الرئيس المكلف تأليف الحكومة سعد الحريري في الخارج، وينتظر الجميع عودته لاستئناف العمل على جبهة إنجاز الاستحقاق الحكومي. وقالت مصادر مطلعة لـ»الجمهورية» انّ الحريري، الباحث عن دعم خارجي، تُشكِّل لقاءاته الخارجية عامل قوة يسجّل في خانته ومصلحته، وبما يمكنه من تظهير دوره لحلفائه وخصومه بأنه ضرورة في هذه المرحلة التي يحتاج فيها لبنان لدعم الخارج من أجل الخروج من مأزقه المالي. وفي انتظار عودته، حلّ التبريد السياسي مكان التسخين على خط بعبدا – بيت الوسط، إلّا ان الأنظار ستبقى شاخصة الى ما بعد عودة الحريري، وما إذا كانت الوساطات قد أثمرت لفتح باب زيارة له إلى بعبدا تشكل مدخلاً لصدور مراسيم التأليف.
وكان الحدث السياسي البارز امس الاعلان المشترك لوزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان ونظيره الأميركي أنتوني بلينكن، الذي وزّعته السفارة الفرنسية في لبنان وتضمّن الآتي: «بعد 6 أشهر من انفجار 4 آب في مرفأ بيروت الذي خلف مئات الضحايا وأضرارا مادية جسيمة، تؤكد فرنسا والولايات المتحدة دعمهما الكامل للشعب اللبناني. وكما فعلنا منذ الانفجار، لا سيما مع الأمم المتحدة وشركائنا والمجتمع المدني اللبناني في إطار مؤتمرات الدعم في 9 آب و2 كانون الأول، ستواصل فرنسا والولايات المتحدة تقديم المساعدة الطارئة إلى الشعب اللبناني، لا سيما في قطاعات الصحة والتعليم والإسكان والمساعدات الغذائية. كما تنتظر فرنسا والولايات المتحدة الحصول على نتائج سريعة في التحقيق في أسباب الانفجار، ويجب على العدالة اللبنانية أن تعمل بشفافية بعيداً عن أي تدخل سياسي. إنّ مرور ذكرى 6 أشهر على هذا الحدث المأسوي يؤكد الحاجة الملحّة والحيوية المطلوبة من المسؤولين اللبنانيين لتنفيذ التزامهم بشكل نهائي تشكيل حكومة ذات صدقية وفعالية، والعمل على تنفيذ الإصلاحات اللازمة بما يتماشى مع تطلعات الشعب اللبناني. وتظل هذه الإجراءات الملموسة ضرورية للغاية لفرنسا والولايات المتحدة ولشركائهما الإقليميين والدوليين، لالتزام تقديم دعم إضافي وهيكلي وطويل الأمد إلى لبنان».
موقف فرنسي
وترافق هذا الاعلان مع موقف عبّرت عنه السفيرة الفرنسية في لبنان آن غريو لمناسبة ذكرى مرور 6 أشهر على انفجار مرفأ بيروت، وقالت فيه: «بعد مرور 6 أشهر على الانفجار، من غير المقبول أن يكون لبنان لا يزال من دون حكومة للاستجابة للأزمة الصحية والاجتماعية، وللبدء بتطبيق الإصلاحات الهيكلية الضرورية لتعافي البلاد واستقرارها. فالالتزامات التي تم اتخاذها أمام رئيس الجمهورية ما زالت حبراً على ورق». وتوجهت غريو الى اللبنانيين قائلة: «أصدقائي اللبنانيين الأعزاء. الفرنسيون لم ينسوكم ولن ينسوكم، فهم باقون إلى جانبكم، إلى جميع القادة اللبنانيين. أود أن أجدد لكم القول إن مسؤوليتكم الفردية والجماعية أساسية. تحلوا بالشجاعة اللازمة للعمل، وفرنسا ستساعدكم».
تفويض ماكرون
وعلمت «الجمهورية»، من مصادر مواكبة لحركة تشكيل الحكومة، انّ خطوط التواصل بين فرنسا ولبنان عادت الى حرارتها بعد اتفاق اميركي فرنسي على تفويض ماكرون الملف اللبناني، ولا سيما منه تشكيل الحكومة. والى الزيارة المرتقَبة للحريري الى فرنسا، تُرصد اتصالات بين الفرنسيين والمسؤولين في لبنان اضافة الى حركة السفيرة الفرنسية في لبنان. لكن، وبحسب المصادر، فإنّ كل هذه المعطيات «لا تعني ان الفرج قريب، إنما يمكن التعويل على حراك حكومي بدفعٍ خارجي لكسر الجمود والمراوحة القاتلة».
عودة الاغتيالات
وكان اغتيال الناشط لقمان سليم قد طغى أمس على ما عداه من أحداث سياسية، حيث ضجّ البلد بالاستنكارات بعدما استفاق على هول الجريمة المروعة التي أودت بناشط معروف بمواقفه السياسية السيادية، وتوجّهه الوطني الواضح. ولم يكتف القاتل برصاصة واحدة، بل أجهَز عليه بـ5، إمّا ليتأكد من مقتله المحتّم، وإمّا ليثأر وينتقم منه، علماً انّ سليم كان مسالماً، وسلاحه الوحيد هو المنطق والفكر والقلم، والقوة التي كان يستند إليها هي قوة الإقناع لا قوة الرصاص والقتل.
وقد فاقَم مقتل سليم المخاوف من عودة الاغتيالات السياسية، وإذا كان مقتلا العقيد منير أبو رجيلي وجو بجاني، على رغم عدم كشف ملابسات مقتلهما بعد، قد أثارا بدورهما المخاوف والتساؤلات، ولكن لم يتم تصنيف مقتلهما في الإطار السياسي لانتفاء نشاطهما على هذا المستوى، خلافاً لسليم المعروف بنشاطه وهويته السياسية، فإنّ الخشية هي من ان يكون لبنان قد دخل في مرحلة جديدة بعنوانٍ أمني.
وقد تزامنَ مقتل سليم مع ذكرى مرور 6 اشهر على جريمة المرفأ التي هزّت لبنان وحَرّكت العالم، ولكنها لم تحرِّك همّة المسؤولين المعنيين بتأليف الحكومة التي ما زالت تراوح في دائرة الفراغ والبيانات المتطايرة بين بعبدا وبيت الوسط، فيما الأنظار كانت مشدودة على الجولة الخارجية التي يجريها الرئيس المكلف سعد الحريري، والتي كان قد بدأها من مصر سعياً إلى حاضنة عربية وغربية لحكومته، فيدخل السرايا محصّناً بدعم خارجي.
ردود فعل مستنكرة
وكان قد عُثر على سليم أمس مقتولاً بإطلاق نار في رأسه داخل سيارته في بلدة العدوسية في الجنوب لبنان، بعدما كانت عائلته قدأبلغت عن اختفائه مساء الأربعاء، مشيرة الى أنه غادر مزرعة نيحا وكان يفترض به أن يعود الى بيروت.
وأوضح مصدر أمني في وقت لاحق أنّ «سليم كان يزور صديقاً له في الجنوب»، مشيراً إلى أن القوى الأمنية لم تعثر على أوراقه الثبوتية، وقد تعرّف قريبون منه إليه، وكشف عليه الطبيب الشرعي وتبيّن أنّه قُتل بـ4 رصاصات في الرأس و1 في الظهر»، مرجّحاً حدوث الوفاة عند الساعة الثانية فجر أمس. ولم تتمكن الجهات الأمنية بعد من تحديد ظروف الجريمة.
إلّا أن شقيقته رشا الأمير، وقبل الإعلان عن وفاته، ربطت اختفاءه بمواقفه السياسية. وقالت لـ»فرانس برس» انّ «لديه موقفاً، وإلّا لماذا يمكن أن يخطفوه؟».
وطلب رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب «الاسراع» في التحقيقات لكشف ملابسات الاغتيال، الذي وصفه بأنه «جريمة نكراء».
وغرد رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري على تويتر كاتباً: «لقمان سليم شهيد جديد على درب حرية لبنان وديموقراطيته، واغتياله لا ينفصل عن سياق اغتيالات من سبقه». وأضاف: «لقمان سليم كان واضحا أكثر من الجميع، ربما في تحديد جهة الخطر على الوطن».
وأصدر «حزب الله» بياناً دانَ فيه قتل سليم، وطالب الأجهزة القضائية والأمنية المختصة بالعمل سريعاً على كشف المرتكبين ومعاقبتهم، ومكافحة الجرائم المتنقلة في أكثر من منطقة في لبنان وما يرافقها من استغلال سياسي واعلامي على حساب الأمن والاستقرار الداخلي».
واستنكرت السفيرة الاميركية دوروثي شيا اغتيال سليم، وقالت:»إننا ننضمّ إلى أصدقاء لبنان الآخرين وقادة البلد الذين قاموا بإدانة هذه الجريمة المروّعة، وندعو جميع القادة من مختلف الأطياف السياسية إلى القيام بالشيء ذاته. ونؤكد أيضاً ضرورة إجراء تحقيق سريع في هذه الجريمة وغيرها من عمليات القتل الحديثة التي لم يتم حلها، حتى يتمّ تقديم مرتكبي هذه الأعمال إلى العدالة».
وعبّر المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيش عن حزنه «لخسارة لقمان سليم المأسوية»، ووصفه بأنه «الناشط المحترم» و»الصوت المستقل والصادق». ودعا السلطات للتحقيق بـ»سرعة وشفافية» في الاغتيال، مشدداً على ضرورة ألّا يشبه ما يحصل في التحقيق المستمر في انفجار مرفأ بيروت. وأضاف كوبيش: «الناس يجب أن يعرفوا الحقيقة».
وأعرب سفراء فرنسا وسويسرا والاتحاد الأوروبي عن «حزنهم العميق» و»صدمتهم» إزاء الاغتيال.
وقالت نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية لين معلوف، في بيان، «كان لقمان سليم في طليعة المناضلين ضد الإفلات من العقاب في لبنان ما بعد الحرب» الأهلية.
وأضافت: «اليوم، لقمان سليم هو ضحية هذا النمط من الإفلات من العقاب الذي استمر لعقود»، مشيرة إلى أن مقتله يثير «مخاوف خطيرة من العودة إلى عمليات القتل المستهدفة، وتزداد هذه المخاوف في ظل تقاعس الدولة عن تحقيق أي عدالة في قضايا مروعة ومماثلة سابقاً».
ودعت منظمة العفو، وكذلك منظمة هيومن رايتس ووتش، إلى تحقيق «مستقل وشفاف» في القضية.
عويدات وسويسرا
من جهة ثانية، أحال النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، عبر الطرق الديبلوماسية، النتيجة الأولية لطلب المساعدة القضائية المقدمة من السلطات القضائية السويسرية، في قضية تبييض الأموال المقامة من قبل النائب العام السويسري في وجه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وشقيقه رجا سلامة ومساعدته ماريان الحويك، وذلك بعد أن زوّد الجهة الطالبة المعطيات بموجب رسائل إلكترونية.
وفي المقابل، طلب القاضي عويدات تزويده المستندات المتوافرة لديهم على أن يتم، إلحاقاً، تزويد الجهة المطالبِة المستندات من مصرف لبنان والهيئات المصرفية، على أن ينصرف النائب العام التمييزي الى درس كل المستندات المتوافرة، وما قد يَرِده من السلطات السويسرية وفقاً لطلبه، وما قد تتضمنه من أدلة كافية لإجراء تحقيق محلي مع المعنيين.
كورونا
وعلى الصعيد الصحي، أعلنت وزارة الصحة العامّة في تقريرها اليومي حول مستجدات فيروس كورونا أمس تسجيل3107 إصابات جديدة (3101 محلية و6 وافدة)، ليصبح العدد الإجمالي للإصابات 312269. كذلك اعلنت تسجيل 82 حالة وفاة جديدة، ليصبح العدد الإجمالي للوفيات 3397.
إضراب جامعي
على صعيد آخر، طالبت الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية، بعد اجتماع طارئ عن بُعد برئاسة د. يوسف ضاهر وحضور الأعضاء، «باستثناء الجامعة اللبنانية وأهلها من المواد الواردة في مشروع الموازنة المقدّم إلى رئاسة الحكومة، حيث أنّ هذه الموازنة ستؤسّس لزوال القطاع العام من خلال المواد: (٩٣، ٩٩، ١٠٢، ١٠٣، ١٠٦، ١٠٧ و١٠٨)، ومن خلال تخفيض الموازنة».
كذلك «طالبت الهيئة بزيادة هذه الموازنة لكي تستطيع الجامعة الاستجابة لحاجاتها والعمل سريعاً على تفرّغ الأساتذة المتعاقدين المُستَوفي الشروط، بالإضافة إلى إدخال الأساتذة المتفرغين والمتفرغين المتقاعدين إلى الملاك، وإعادة العمل بمجلس الجامعة بكامل صلاحياته».
وأعلنت «الاستمرار بالإضراب الشامل في الجامعة اللبنانية خلال الأسبوع القادم (٨-١٤ شباط). وسوف تعلنه إضراباً مفتوحاً، إذا لم يتم حذف المواد المذكورة أو استثناء الجامعة نهائياً منها».
*****************************************
افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط
اغتيال باحث معارض لـ«حزب الله» يثير صدمة في الأوساط اللبنانية
التحقيق يستقصي ظروف قتله… وعون يطالب القضاء بالإسراع فيه
أسفرت عملية اختطاف معقّدة عن مقتل الناشط السياسي والاجتماعي المعارض لـ«حزب الله» لقمان سليم في جنوب لبنان، حيث عُثر على جثته في سيارة استأجرها قبل أيام، ما أثار صدمة واسعة في الأوساط اللبنانية.
وأبلغت شقيقته عن اختفاء أثره، مساء الأربعاء، بعد خروجه من زيارة إلى منزله صديقيه في مزرعة نيحا الواقعة بين بلدتي صريفا ودير كيفا في قضاء صور، في جنوب لبنان، قبل أن يُعثر على هاتفه بعيداً نحو 350 متراً عن المنزل، الذي كان يزوره، ويُعثر على جثته في طريق فرعية غير مأهولة في منطقة العدوسية في قضاء الزهراني.
وقالت مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط» إن سليم، كان في زيارة إلى صديقيه محمد وشبيب الأمين، في مزرعتهما بقضاء صور، قبل أن يخرج من منزلهما، في الساعة الثامنة مساء، لافتة إلى أنه كان يستقل سيارة يستأجرها، منذ مطلع الشهر الحالي. وقالت إنه بعد الإبلاغ عن اختفاء أثره، عُثر على جثته في السيارة مقتولاً بخمس رصاصات أصابت رأسه، ورصاصة سادسة اخترقت صدره من جهة ذراعه اليسرى. ووسط رفض عائلته لتشريحه، كشف عليه الطبيب الشرعي الذي قدّر أن يكون قد تعرَّض للقتل في منتصف ليل الأربعاء – الخميس.
وكانت عائلة الناشط والباحث السياسي أبلغت عن اختفائه، مساء الأربعاء، مشيرة إلى أنه غادر قرية جنوبية، وكان يفترض أن يعود إلى بيروت. ولم تعثر القوى الأمنية على أوراقه الثبوتية، وقد تعرف مقربون منه عليه.
وتوصلت التحقيقات الأولية إلى أن سليم كان يخضع للمراقبة والملاحقة، وقد تعرَّض للخطف قبل قتله، وأشار المصدر الأمني إلى أن السيارة سلكت طرقات فرعية غير رئيسية، واستقرت في منطقة العدوسية (10 كيلومترات جنوب صيدا) في طريق غير مأهول، مستغلين حظر التجول والإقفال التام، والمنطقة النائية التي كان يزورها في الليل.
وقال المصدر إن قوى الأمن الداخلي استمعت إلى إفادات صديقيه، وتستقصي معرفة من رمى هاتفه غير بعيد عن المنزل الذي كان يزوره، وما إذا كان الهاتف قد رُمي فوراً؛ ما يعني أنه اختطف من مكان قريب من المزرعة، أو أنه رُمِي في المكان بعد قتله بغرض تضليل التحقيق.
وفيما كشف المصدر عن أن السيارة التي كان يستقلها لا تتضمن نظام تتبع جغرافي (جي بي إس)، أشار إلى أن التحقيقات تسلك ثلاثة خطوط متوازية، أولها جمع الكاميرات، وثانيها رفع البصمات ومقارنتها مع بصمات في قاعدة البيانات الشخصية للسلطات اللبنانية، وثالثها تتبع خريطة الاتصالات. فشعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي التي تتولى التحقيق، تحلل «داتا» الاتصالات في الفترة التي كان يوجَد فيها، وتحليل خريطة الاتصالات لمعرفة الجناة من اتصالاتهم.
وسليم باحث وناشط مدافع عن حقوق الإنسان، وملتزم التوعية الثقافية والسياسية حول مواضيع المواطنة والحريات، وناقد في مقالاته وإطلالاته التلفزيونية لـ«حزب الله»، القوة السياسية والعسكرية الأكثر نفوذاً في لبنان.
وطلب الرئيس اللبناني ميشال عون من المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات، إجراء التحقيقات اللازمة لمعرفة ملابسات جريمة اغتيال سليم. وشدد عون على ضرورة الإسراع في التحقيق لجلاء الظروف التي أدَّت إلى وقوع الجريمة والجهات التي تقف وراءها.
من جانبه، كلف رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي «الإيعاز إلى الأجهزة الأمنية الإسراع في تحقيقاتها لكشف ملابسات جريمة اغتيال سليم، وملاحقة الفاعلين والقبض عليهم وإحالتهم إلى القضاء بأسرع وقت ممكن». وشدد دياب على أن «هذه الجريمة النكراء يجب ألا تمرّ من دون محاسبة، وألا تهاون في متابعة هذه التحقيقات حتى النهاية». وأكد أن «الدولة ستقوم بواجباتها في هذا الصدد». وأدان وزير الداخلية اللبناني محمد فهمي في حديث لقناة محلية قتله، واصفاً ما حدث بأنه «جريمة مروعة ومدانة».
وفيما لم تتمكن الجهات الأمنية بعد من تحديد ظروف الجريمة، أثار مقتل لقمان سليم صدمة في الأوساط السياسية اللبنانية. وربطت شقيقته رشا الأمير، وقبل الإعلان عن وفاته، اختفاءه بمواقفه السياسية. وقالت لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «لديه موقف؛ لماذا ممكن أن يخطفوه؟». وتحدثت عن ليلة صعبة عاشتها مع زوجة سليم بانتظار أن يصل إليهما خبر عنه، قائلة: «لم ننَم كل الليل، ونحن نتصل بأشخاص علَّ أحدهم يعلم شيئاً، ذهبنا إلى المستشفيات واتصلنا بالصليب الأحمر، خشينا أن يكون تعرض لحادث سير». وقالت: «حزني كبير، أحاول أن ألملم نفسي، لا نعرف ماذا نفعل… لا أصدق أنني لن أرى أخي وصديقي مرة أخرى».
وتابعت: «كنت أسأله ألا تخاف يا لقمان أن تعبّر عن رأيك بهذا القدر من الحرية؟ كان يجيبني: (الموت لا يخيفني)». وأضافت: «لقد قتلوا شخصاً نادراً واستثنائياً».
وكان سليم (58 عاماً) يدير مركز «أمم» للأبحاث والتوثيق في جزء من منزله، في حارة حريك بالضاحية الجنوبية لبيروت، معقل «حزب الله»، الأمر الذي كان يُنظر إليه على أنه تحدّ للحزب الشيعي. وينتمي لقمان إلى الطائفة الشيعية، لكنه رافض بشدة للطائفية، ويعتبرها إحدى أكبر مشكلات لبنان.
*****************************************
افتتاحية صحيفة اللواء
اغتيال سليم هل يفتح «باب التنازلات» لتأليف حكومة قبل فوات الأوان؟
مطالبة أميركية وفرنسية مشتركة بكشف أسباب انفجار المرفأ والإسراع بوزارة «ذات مصداقية»
هزّت جريمة اغتيال لقمان محسن سليم (58 عاماً) المجتمع والرأي العام في لبنان، وسط امتدادات لردود الفعل، كان لها ارتدادات دولية، أميركية وأوروبية، من شأنها ان ترفع من منسوب حركة الاعتراضات أو الفيتوات، على الرغم من ان القضية باتت بانتظار ما ستفسر عنه التحقيقات والتي من شأنها ان تساهم في احتواء التشنج الداخلي، والانقسامات المترتبة، على مناخ الاغتيالات السياسية، وتأثيراتها على المسار السياسي العام في البلد، الذي يشهد أسوأ أزماته الصحية والنقدية والمالية والاجتماعية والاقتصادية، فضلا عن الأزمة السياسية المفتوحة، على خلفية الخلاف الحاد.
والسؤال بانتظار جلاء، ما يمكن جلاؤه من نقاط، تسمح بكشف الفاعلين، هل تسرّع الجريمة بالذهاب إلى حكومة عن «منتصف التنازلات»، بحيث يحترم الرؤساء ما تمّ الإلتزام مع الرئيس ايمانويل ماكرون، حسب السفيرة الفرنسية في بيروت آن غريف، مع التحلي بمرونة، تعيد فتح التشاور، قبل فوات الأوان.
وأشارت مصادر مطلعة لـ«اللواء» إلى أن الأنظار متجهة إلى الحراك الخارجي في موضوع تأليف الحكومة بعد ما اظهرت التحركات الداخلية عدم جدواها مشيرة إلى أنه لا بد من ترقب الحركة الخارجية بعد تحرك الرئيس الفرنسي.
وأكدت المصادر إنه يفترض أن يستتبع هذا الحراك اتصالات سواء مباشرة أو غير مباشرة من أجل متابعة الملف موضحة أن الواقع يفيد أنه لم يعد في الامكان التعويل على مبادرات أو وساطات داخلية. وأفادت أن الحراك الخارجي ينتظر المزيد من الجولات في المشاورات قبل أن تتضح الصورة بالشكل النهائي لأنه حتى الآن هناك خطوات تسبق الوصول إلى أي خلاصة معينة يترجم بحل للملف الحكومي.
وفيما يواصل الرئيس الحريري تحركه الخارجي، وترقب وصوله الى الإمارات او الرياض او باريس، شدد كل من وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن ونظيره الفرنسي جان إيف لودريان على «الضرورة الملحة» لتشكيل حكومة ذات مصداقية في لبنان. ودعا الوزيران لإعلان النتائج سريعا في أسباب انفجار مرفأ بيروت بعيدا عن التدخل السياسي.
وتقول مصادر قريبة من بعبدا ردا على سؤال حول ما اذا كان البحث عاد الى تركيبة 6-6-6: أن هذا الطرح موجود أصلا ولم يغب عن طاولة البحث، ولكن تمسك الرئيس المكلف سعد الحريري باعتبار الوزير الارمني من ضمنه، وتاليا من حصة رئيس الجمهورية هو ما يعيق الامور، لأن الرئيس عون يعتبر أن من حق الطائفة الارمنية أن تسمي هي من يمثلها، من هنا كانت الدعوة الى اعتماد وحدة المعايير في عملية التشكيل، وان كل ما يقال عن تمسك رئيس الجمهورية بالثلث المعطل غير صحيح.
واكد الوزيران لو دريان وبلينكن في بيان مشترك لمناسبة مرور ستة أشهر على انفجار 4 آب في مرفأ بيروت، والذي تسبب في سقوط مئات الضحايا وأضرار كبيرة ، «ان فرنسا والولايات المتحدة مستمران بدعمهما الكامل الذي لا لبس فيه للشعب اللبنان، وسيواصلان كما فعلا منذ الانفجار مع الأمم المتحدة وشركائنا والمجتمع المدني اللبناني في مؤتمري الدعم في 9 آب و 2 كانون الاول الماضي، تقديم المساعدة العاجلة للشعب اللبناني في مجالات الصحة، التعليم والإسكان والدعم الغذائي.
وجاء في البيان: وفيما تنتظر فرنسا والولايات المتحدة نتائج سريعة للتحقيق في أسباب الانفجار، ترى وجوب سير العدالة في لبنان بشفافية بعيدًا عن أي تدخل سياسي.
واضاف البيان: تؤكد الذكرى النصف سنوية لهذا الحدث المأساوي، على الحاجة الملحة والحيوية لأصحاب المصلحة اللبنانيين للعمل بشكل نهائي على الالتزامات التي تعهدوا بها لتشكيل حكومة ذات مصداقية وفعالة، وتمهيد الطريق لتنفيذ الإصلاحات اللازمة وفقًا لتطلعات اللبنانيين. وتظل مثل هذه الإجراءات الملموسة بالغة الأهمية لمشاركة فرنسا والولايات المتحدة وشركائهم الإقليميين والدوليين في تقديم دعم بنيوي إضافي طويل الأجل للبنان.
اغتيال سليم
صحا المجتمع السياسي، والشعبي اللبناني، باكراً على خبر مقتل الناشط السياسي لقمان سليم، داخل سيارته بخمس رصاصات، أربع في الرأس وواحدة في الصدر، بعد اختفائه لساعات، بعد مغادرته منزل بعض اصدقائه في قرية نيحا قضاء صور، حيث أمضى ليلته، وغادر وحيداً، عن الثانية فجر اليوم، ليتعرض إلى عملية خطف (ينتظر ان تحدد التحقيقات كيف حدثت)، وليعلن انه وجد جثة على طريق فرعية في محيط بلدة العدوسية، القريبة من الخط الساحلي صور- بيروت.
وبناء على إشارة النائب العام الاستئنافي في الجنوب القاضي رهيف رمضان، نقلت جثة الناشط لقمان سليم الى مستشفى صيدا الحكومي، بعدما أنهى الطبيب الشرعي الدكتور عفيف خفاجة الكشف عليها، وتبين انها مصابة بخمس طلقات نارية، اربع في الرأس وواحدة في الظهر. وبوشرت التحقيقات لكشف ملابسات الجريمة.
وأعلن القاضي رمضان أنه لم يعثر مع الجثة على اي بطاقة تعريف.
وكلّف القاضي رمضان على الفور الادلة الجنائية والطبيب الشرعي الدكتور عفيف خفاجة للكشف على الجثة والسيارة وبوشرت التحقيقات لكشف الملابسات.وفعلاً تمت إزالة البصمات وكل الأدلة بما فيها هاتف المغدور من مسرح الجريمة. كما كلف القاضي رمضان فرع المعلومات بإجراء مسح كامل للكاميرات لمعرفة المسار الذي سلكته سيارة لقمان سليم قبل إغتياله وبتفريغ داتا هاتفه الخلوي وتحليلها.وتم الاستماع في مخفرجويا الى إفادة صديقه محمد الامين.
وأفادت مصادر امنية أنّ «هاتف الناشط لقمان سليم عثر عليه على بعد نحو 300 متر من المنزل حيث كان سليم في بلدة نيحا قضاء صور، قبل ان يتم اختطافه واغتياله في احدى الشوارع الفرعية من بلدة العدوسية قرب النبطية التي تبعد قرابة 40 كلم عن نيحا. وان الناشط لقمان سليم استأجر السيارة في 30 الشهر الماضي وهو يتعامل مع الشركة نفسها منذ مدة. واضافت ان الشركة عادة ما ترسل السيارة إلى منزله وفي 29 الشهر الماضي سلمته الشركة سيارة مستأجرة الا انه قام بتبديلها شخصيا من مكتب الشركة الواقع في خلدة بعد يوم نظرًا لوجود خلل فيها. وبحسب المعلومات فان السيارة التي استاجرها سليم لا تمتلك جهاز تعقب وقد تم التواصل مع الشركة من قبل العناصر الأمنية لأول مرة اليوم عند الساعة السابعة صباحا بعد العثور على السيارة في بلدة العدوسية.
وأثار اغتياله موجة انتقادات على وسائل التواصل الاجتماعي، وحلّ اسمه أولاً على قائمة الهاشتاغ المستخدمة في لبنان.
وطلب رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب «الاسراع» في التحقيقات لكشف ملابسات الاغتيال الذي وصفه بأنه «جريمة نكراء».
وكتب رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري على تويتر قائلاً «لقمان سليم شهيد جديد على درب حرية وديموقراطية لبنان، واغتياله لا ينفصل عن سياق اغتيالات من سبقه» في بلد شهد لفترة بعد العام 2005 موجة اغتيالات طالت شخصيات سياسية أولها رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري الذي أدانت محكمة دولية خاصة بلبنان أحد عناصر حزب الله في قضية مقتله.
وأضاف الحريري «لقمان سليم كان واضحا أكثر من الجميع ربما في تحديد جهة الخطر على الوطن».
وفي بيان مقتضب مساء امس، دان حزب الله «قتل الناشط السياسي لقمان سليم»، مطالباً «الأجهزة القضائية والأمنية المختصة بالعمل سريعاً على كشف المرتكبين ومعاقبتهم».
وعبّر المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيش عن حزنه «لخسارة لقمان سليم المأسوية»، ووصفه بأنه «الناشط المحترم» و»الصوت المستقل والصادق».
ودعا السلطات للتحقيق بـ«سرعة وشفافية» في الاغتيال، مشدداً على ضرورة ألا يشبه ما يحصل في التحقيق المستمر في انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب والذي لم ينتج عنه شيء حتى الآن. وأضاف كوبيش «الناس يجب أن يعرفوا الحقيقة».
وقال متحدث باسم الخارجية الأميركية لـ «الحرة»، إن الولايات المتحدة تدين «الاغتيال البشع للناشط الشيعي البارز لقمان سليم»، داعيا إلى تقديم الجناة للعدالة.
وأضاف أن «من الجبن للغاية وغير المقبول تماما أن يلجأ أي شخص أو أي كيان إلى العنف والتهديدات والتخويف كوسيلة لتخريب حكم القانون أو إسكات الخطاب السياسي والنشاط المدني».
وادانت باريس «بأشدّ العبارات» الاغتيال «الشنيع» لسليم، مطالبةً «بتوضيح الحقائق» المرتبطة بقتله.
وشجبت أيضاً السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي وليامز في بيان «هجوماً جباناً على الديموقراطية وحرية التعبير».
وكان سفراء فرنسا وسويسرا والاتحاد الأوروبي أعربوا عن «حزنهم العميق» و»صدمتهم» إزاء الاغتيال.
وقالت لين معلوف، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية، في بيان «كان لقمان سليم في طليعة النضال ضد الإفلات من العقاب في لبنان ما بعد الحرب» الأهلية.
وأضافت «اليوم، لقمان سليم هو ضحية هذا النمط من الإفلات من العقاب الذي استمر لعقود»، مشيرة إلى أن مقتله يثير «مخاوف خطيرة من العودة إلى عمليات القتل المستهدفة، وتزداد هذه المخاوف في ظل تقاعس الدولة عن تحقيق أي عدالة في قضايا مروعة ومماثلة سابقاً».
ووصفت منظمة هيومن رايتس ووتش التي دعت إلى تحقيق «مستقل وشفاف» في القضية، سليم بـ»المدافع الدؤوب عن قيام دولة عادلة وديمقراطية في لبنان»، معتبرةً أن «لبنان يحتاج إلى إنهاء ثقافة الإفلات من العقاب» القائمة منذ عقود.
بعد مرور دقائق عدة على اعلان خبر العثور على جثة سليم ، غرد نجل الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله، جواد نصرالله في حسابه الخاص عبر تويتر: «خسارة البعض هي في الحقيقة ربح ولطف غير محسوب بلا أسف». ليعود ويضيف في خانة التعليقات: «هلاء كذا حذا بعتلي، كتبتها قبل ما اصلا شوف الخبر. ثم اعلن عن حذف التغريدة.
وفيما لاقت الجريمة إدانة واسعة من كل الجهات الرسمية والمعارضة والحزبية، قالت رشا شقيقة الناشط سليم في حديث إلى إحدى القنوات: إن المسؤول عن اغتيال شقيقها معروف ولا حاجة للتكرار. سبق وأن هددونا منذ عدة أشهر، وقد حمّل شقيقي قوى الأمر الواقع والدولة اللبنانية مسؤولية ما قد يحدث في منشور نشره على صفحات التواصل الإجتماعي.
وذكرت قناة العربية، أن «عائلة سليم ستسلّم هاتفه المحمول لجهات دولية». فيما استنكر آل سليم في حارة حريك ببيان، «جريمة اغتيال لقمان محسن سليم، رافضين استغلالها من قبل بعض أبواق الفتنة، الذين استبقوا التحقيقات بتوجيه التهم يمينا وشمالاً. مطالبين بأن «تكون الكلمة الفصل للأجهزة الأمنية والقضائية المُطَالَبة بالتحقيق السريع فيها وكشف ملابساتها».
وليلاً، أصدر حزب الكتائب وحركة الاستقلال، وثوار 17، والجهة الوطنية المدنية، والمجتمع اللبناني في فرنسا، وخط أحمر، نبض الجنوب ينتفض بياناً، جاء فيه: «عادت ميليشيا الارتهان إلى كم الأفواه بالاغتيال فأسقطت لقمان سليم شهيداً».
وطالب البيان المجتمع الدولي بحماية اللبنانيين من الإبادة الجماعية التي يتعرّض لها على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والصحية والأمنية، على ايدي «منظومة فاسدة مرتهنة مجرمة».
في المجال القضائي، احال النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، عبر الطرق الديبلوماسية، النتيجة الأولية لطلب المساعدة القضائية المقدمة من السلطات القضائية السويسرية، في قضية تبييض الأموال المقامة من قبل النائب العام السويسري في وجه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وشقيقه ومساعدته، وذلك بعدما زود الجهة الطالبة بالمعطيات بموجب رسائل إلكترونية. وطلب القاضي عويدات في المقابل تزويده بالمستندات المتوفرة لديهم على أن يتم، إلحاقا تزويد الجهة المطالبِة بالمستندات من مصرف لبنان والهيئات المصرفية، على أن ينصرف النائب العام التمييزي الى درس كل المستندات المتوافرة، وما قد يرده من السلطات السويسرية وفقا لطلبه وما قد تتضمنه من أدلة كافية لإجراء تحقيق محلي مع المعنيين».
إضراب الجامعة مستمر اسبوعاً اضافياً
نقابياً، وفي خضم تفتت وحدة نقابات القطاع العام، في ضوء الخلاف بين رئيس رابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية الدكتور يوسف ظاهر، الذي يستعد لتسليم رئاسة الرابطة إلى رئيس يجري التوافق عليه داخل مجلس المندوبيين، ورئيس رابطة التعليم الثانوي نزيه جباوي، اجتمعت الهيئة التنفيذية برئاسة ظاهر، وطالبت وزارة المال باستثناء الجامعة اللبنانية من المواد الواردة في مشروع الموازنة للعام 2021، لأنها تؤسس لزوال القطاع العام، وأعلنت الاستمرار وبالاضراب اسبوعاً جديداً (من 8 شباط إلى 14 شباط) ملوحة بالإضراب المفتوح. (راجع ص 6).
312269 إصابة
صحياً، أعلنت وزارة الصحة العامة في تقريرها اليومي عن تسجيل 3107 اصابات جديدة بالكورونا، و82 حالة وفاة خلال الـ24 ساعة الماضية، ليرتفع العدد التراكمي إلى 312269 إصابة مثبتة مخبرياً منذ 21 شباط الماضي.
وفي السياق، أعلن مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الصحية وليد خوري « ان اجتماعات متتالية ستعقد لاتخاذ القرار النهائي بشأن مصير الاقفال العام مع ترجيح التوجه نحو الفتح التدريجي للبلد اعتبارا من الثامن من شباط». وقال «يجب إيجاد طريقة ما لاعادة فتح البلد لان الوضع لا يمكن ان يستمر على هذا النحو». وأعرب خوري عن «قلقه من ارقام الوفيات بفيروس كورونا ومن المؤشرات التي لا تظهر أي تراجع فيها مع محافظتها على نسبة إصابات تبلغ 22 في المئة من مجموع الفحوص».
*****************************************
افتتاحية صحيفة الديار
عودة الاغتيالات السياسية «تكشف» لبنان أمنياً : بداية الانزلاق الى الفوضى؟
إسرائيل مربكة بعد استهداف طائراتها .. تآكل الردع في مواجهة حزب الله
بداية تنسيق أميركي ــ فرنسي لا يكسر الجمود الحكومي.. إتجاه لتمديد الإقفال
التاريخ يعيد نفسه على الساحة اللبنانية، المشهد نفسه يتكرر عند كل مفترق طرق اقليمي ودولي، هذه المرة دفع الناشط السياسي لقمان سليم حياته ثمنا لعملية اغتيال مشبوهة في «الزمان والمكان» تم ترتيبها على «قياس» محدد يسمح باستغلالها لاطلاق حملة ادانة ممنهجة من قبل خصوم وأعداء حزب الله في مرحلة شديدة التعقيد والخطورة تشهد «شد حبال» دولياً واقليمياً، وتصعيداً اسرائيلياً، وانسداداً للافق داخليا، في السياسة، والاقتصاد، والصحة. وفي انتظار جمع «خيوط» التحقيقات الاولية والادلة للوصول الى نتائج واضحة، ولو لمرة واحدة في بلد تبقى الحقيقة فيه اكبر الضحايا، تثير عملية الاغتيال الكثير من علامات الاستفهام وترفع منسوب القلق من انفلات امني ممنهج يهدف الى اثارة الفوضى، وخلط الاوراق داخليا، خصوصا ان اكثر من جهة استخباراتية خارجية سبق وحذرت من عودة الاغتيالات، كما ذكرت «الديار» بالامس، وهذا يعني ان البلاد قد تكون امام مرحلة خطرة في ظل تراكم الجرائم الغامضة التي تحتاج الى تكثيف التعاون الامني بين الاجهزة لتعزيز الامن الاستباقي، لان اهدافها قد تكون مقدمة لاسقاط آخر الهياكل التي تحمي الدولة من السقوط الى غير الرجعة. في هذا الوقت، لا تزال ارقام وفيات «كورونا» مرتفعة قبل ساعات من التوجه الى تمديد جديد للاقفال الى 15 الجاري مع استثناءات، ورفع تدريجي للاقفال بدءا من الثامن من الجاري، وسط قلق جدي من انفلات اجتماعي يؤدي الى تضييع نتائج الاقفال العام. وفيما الملف الحكومي لا يزال مجمدا دون اي بوادر جدية لاحداث خرق قريبا، بانتظار نتائج الحراك الخارجي الذي توج بالامس على نحو لافت ببيان اميركي – فرنسي مشترك يمكن ان يكون مؤشرا على تعاون ثنائي كان مفقودا ابان ادارة الرئيس دونالد ترامب، عكس الاعلام الاسرائيلي ارباك القيادة العسكرية والسياسية في التعامل مع استهداف حزب الله للطائرة الاسرائيلية المسيرة قبل يومين واعتبرت عدم الرد تآكلا للردع الاسرائيلي.
البحث عن الادلة
فوسط انهيار على كافة المستويات، دخل العامل الامني على الخط من جديد اثر العثور على الكاتب والناشط لقمان سليم صباح امس مقتولا في سيارته بعدما فُقد الاتصال به منذ الثامنة من مساء أمس الاول حينما كان يقوم بزيارة عائلية في بلدة نيحا الجنوبية، وبعد العثور على جثته في سيارته المستأجرة في منطقة الزهراني، تم نقلها بناء لاشارة النائب العام الاستئنافي في الجنوب القاضي رهيف رمضان، الى مستشفى صيدا الحكومي، بعدما انهى الطبيب الشرعي الكشف عليها، وتبين انها مصابة بخمس طلقات نارية اربع في الرأس وواحدة في الظهر في وقت تتواصل التحقيقات لكشف ملابسات الجريمة، وكلف رمضان فرع المعلومات إجراء مسح كامل للكاميرات لمعرفة المسار الذي سلكته سيارة لقمان سليم قبل اغتياله وبتفريغ داتا هاتفه الخلوي وتحليلها. ووفقا للمعلومات، فإن التحقيقات تتركز الان على تفريغ «داتا» الكاميرات على الطرق المحتملة لمسار سليم من نيحا الى منطقة الزهراني وهي تمتد الى نحو 40 كيلومترا، كما تعول جهات التحقيق على «داتا» هاتفه الخلوي الذي وجد على بعد 300 متر من منزل اصدقائه في بلدة نيحا، بعدما تمكنت عائلته من العثور عليه عبر أحد التطبيقات، ويجري التركيز على معرفة ماهية الهواتف التي كانت الى جانبه عند خطفه وقبل رمي هاتفه.
ما هو موقف حزب الله؟
وفيما صدرت ادانات اميركية، وفرنسية ومن الامم المتحدة لعملية الاغتيال، وسط دعوات للكشف عن منفذي الجريمة، طلب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات، اجراء التحقيقات اللازمة لمعرفة ملابساتها، وكلف رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي «الايعاز الى الاجهزة الامنية الاسراع في تحقيقاتها لكشف الملابسات.
في المقابل، استغل خصوم حزب الله في الداخل الجريمة، واطلقوا اتهامات سياسية دون ادلة بحق الحزب، فيما استنكرت القوى والاحزاب المعارضة والصديقة لسليم، الجريمة، وقد اصدر حزب الله بيانا دان فيه قتل سليم وطالب الاجهزة القضائية والامنية المختصة بالعمل سريعا على كشف المرتكبين ومعاقبتهم، ومكافحة الجرائم المتنقلة في اكثر من منطقة في لبنان وما يرافقها من استغلال سياسي واعلامي على حساب الامن والاستقرار الداخلي. ودعا التيار الوطني الى عدم استغلال هذه الجريمة لإثارة الفتنة، خاصّة ان مصطادي الدماء الاعتياديين بدأوا بعملية الاستثمار السياسي، كما استنكر المكتب الإعلامي المركزي لحركة امل جريمة الاغتيال مطالبا بإجراء التحقيق الأمني والقضائي بالسرعة الممكنة توصلا لكشف الفاعلين ومعاقبتهم.
علامات استفهام!
وفي هذا السياق، دعت مصادر مطلعة الى عدم استباق نتائج التحقيق، وعدم توظيف الجريمة في زواريب السياسة اللبنانية، خصوصا ان علامات استفهام كبيرة تدور حول ظروف عملية الاغتيال، حيث عمدت الجهة المرتكبة الى اختيار ساحة الجريمة بعناية فائقة لتوجيه الاتهام الى جهات بعينها، وهي ادلة ظرفية مثيرة «للسخرية» في دلالاتها، ولذلك من المهم الوصول الى نتائج سريعة للتحقيق، لمعرفة خلفية الاستهداف وظروفه، وعدم تحويل الجريمة الى مادة جديدة للعبث السياسي والامني في البلاد.
بعبدا لن ترضخ «للاستقواء» بالخارج!
في هذا الوقت، لا تزال «طريق» بعبدا – بيت الوسط مقطوعة، بل ومزروعة «بالالغام»، كما تشير اوساط مطلعة على مسار التفاوض الحكومي، خصوصا ان زيارات الرئيس المكلف سعد الحريري الخارجية، لا تصب في اطار تأمين الدعم المطلوب لاي حكومة مفترضة، وانما للاستقواء على موقف رئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه السياسي. هذا ما تعتقده الرئاسة الاولى التي ترى ان الحريري ما يزال يحاول الدخول الى القصر الجمهوري من «الباب الخاطىء»، فالتفاهم اولا مع الرئيس عون هو «مفتاح» الحل للمعضلة المنهجية في عملية التشكيل والتي كبل الرئيس المكلف نفسه بها، ولا يعرف كيفية التراجع عنها، وهو يأمل في خلق مناخ خارجي ضاغط على رئيس الجمهورية لاجباره على الموافقة على معادلاته التي لا تستقيم مع المعايير الموحدة الملزمة لولادة الحكومة، ولهذا فهو يهدر وقته اذا ما كان يظن انه قادر على الاستقواء «بعضلات» القوى الخارجية، فالرئيس عون لن «يطلق النار» على نفسه او على فريقه السياسي، لا اليوم ولا غدا، لان المطلوب منه الانتحار والتسليم بنهاية عهده مبكرا، وهذا لن يحصل، ولا حل الا بالعودة الى الشركة الكاملة في السلطة، وغير ذلك سيبقى الجميع في حلقة مفرغة من التمييع وهدر الفرص.
«صمت» الحريري الى متى؟
في المقابل، سيكسر الرئيس الحريري صمته في ذكرى استشهاد والده في 14 شباط، ووفقا لاوساطه ليس في نيته الاعتذار حتى الان، بعدما يصارح اللبنانيين بطبيعة العقبات التي تحول دون تشكيل الحكومة، لكنه سيعمد الى رفع «السقف» مع العهد، ورئيس التيار الوطني الحر، دفاعا عن موقعه الدستوري وصلاحيات الرئاسة الثالثة. كما ترفض اوساطه الحديث عن الاستقواء بالخارج وتشير الى انه يتحرك في «الوقت الضائع» لتأمين استعادة علاقات لبنان الخارجية والتي ستشمل الامارات وفرنسا بعد زيارته مصر، فيما لا يوجد على جدول اعماله حاليا اي موعد لزيارة السعودية.
الرياض على موقفها
ووفقا للمعلومات، لا شيء تغير في الرياض في ما يتعلق بعودة الحريري الى رئاسة الحكومة، ولا تزال المملكة غير معنية بالملف اللبناني، وترى فيه شخصية غير قادرة على مواجهة حزب الله، وتواصل تقديم التنازلات له، ويفترض ان يتبلور الموقف السعودي على نحو اكثر وضوحا عقب زيارة مفترضة للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون للمملكة والامارات، قبل نهاية الشهر الجاري، وقد يتم استبدالها باتصالات مع قياداتها بسبب تفشي كورونا.
اضاعة الفرصة
وفي هذا السياق، ترى اوساط دبلوماسية في بيروت ان اللبنانيين اضاعوا فرصة جديدة في «تهريب» تشكيل حكومة جديدة بعيدا عن ربطها «بمخاض» التفاوض الاميركي – الايراني على الملف النووي، لكن الامور باتت اليوم اكثر تعقيدا في ظل محاولات حلفاء واشنطن في المنطقة زيادة ضغوطهم لمنع اي تسوية لا تتناسب مع مصالهم، وهذا قد يطيل عملية التفاوض، ما يبقي الوضع اللبناني معلقا، الا اذا نجح الرئيس الفرنسي في تحويل الساحة اللبنانية الى مسرح لاختبار النيات الحسنة، لكن المشكلة تبقى في ماكرون نفسه حيث يبدو «متخبطا» في دبلوماسيته التي تعقد الامور ولا تساهم في حلها.
تنسيق اميركي ـ فرنسي
في هذا الوقت، دعا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ونظيره الفرنسي جان-ايف لودريان لبنان إلى المسارعة في تشكيل حكومة، وهو الشرط المسبق لتوفير دعم هيكلي وطويل الأمد من المجتمع الدولي لبيروت. وفي بيان مشترك، شدد الوزيران على الضرورة الملحة والحيوية لأن يقوم المسؤولون اللبنانيون أخيراً بتنفيذ التزاماتهم بتشكيل حكومة ذات مصداقية وفاعلية وبالعمل على تحقيق إصلاحات ضرورية تتوافق مع تطلعات الشعب اللبناني… وقال الوزيران «تبقى تلك الإجراءات الملموسة ضرورةً مطلقة لكي تلتزم فرنسا والولايات المتحدة وشركاؤهما الإقليميون والدوليون تقديم دعم إضافي وهيكلي وطويل الأمد إلى لبنان. وبمعزل عن الدعم الهيكلي الطويل الأمد، واكد البيان ان فرنسا والولايات المتحدة ستستمران في تقديم دعم طارئ للشعب اللبناني. كما دعا البيان الى اصدار نتائج سريعةً للتحقيق في أسباب انفجار المرفأ، داعيين القضاء اللبناني إلى العمل بشفافية وبعيداً عن أي تدخل سياسي. ووفقا لاوساط مطلعة فإن باريس وواشنطن مطالبتان بتقديم المزيد من الادلة حول ما وقع في المرفا، لانه حتى الان لا مساعدات جدية في ظل عدم تقديم صور الاقمار الصناعية التي طلبتها الدولة اللبنانية.
اسرائيل «مربكة»
في هذا الوقت، عكس الاعلام الاسرائيلي حجم الارباك والحرج الذي تسبب به حزب الله للقيادة العسكرية والسياسية من خلال استهداف احدى طائرات الاستطلاع في الجنوب، والخلاصة التي وصل اليها الاسرائيليون، تشير الى ان حزب الله يعمل على تغيير قواعد الاشتباك لمصلحته، فيما تبدو اسرائيل مكبلة وهي تواجه اليوم معضلة شديدة الصعوبة.
وفي هذا السياق، اكدت صحيفة «اسرائيل هايوم» الناطقة باسم رئيس حكومة العدو بنيامين نتانياهو ان إطلاق النار نحو مُسيرة سلاح الجو، وضع إسرائيل في معضلة: فمن جهة، سيؤدي غياب الرد إلى تآكل الردع، ومن جهة أخرى ثمة رغبة في عدم التصعيد على الحدود الشمالية.
ولفتت الصحيفة الى ان هذه ليست المرة الأولى التي يحاول فيها حزب الله ضرب طائرات إسرائيلية تعمل في لبنان. لكن اليوم جاء إطلاق النار ظاهراً من اللامكان. صحيح أن سلاح الجو عمل في الأيام الأخيرة بكثافة في سماء لبنان، ولكنها كانت أعمال جمع معلومات عادية وليس خطوة هجومية!
تآكل الردع
ووفقا للصحيفة الاسرائيلية يريد حزب الله ردع إسرائيل، تنفيذا لتعهد السيد حسن نصر الله بضرب الطائرات الإسرائيلية، وتعتقد القيادة العسكرية ان إطلاق النار نحو المُسيرة «زيك» تم من بطاريات مضادات طائرات روسية الصنع. وقد استخدمها حزب الله بقدر طفيف حتى الآن، كي تبقي هذه الوسيلة الاستراتيجية ليوم بارد، وكيلا تتعرض للاستهداف. والسؤال الملح برأي «اسرائيل هيوم» هو سبب امتناع سلاح الجو عن تدمير البطارية التي أطلقت النار، مثلما يفعل على نحو متواتر في الهجمات المنسوبة إليه في سوريا. مع العلم ان اي سلاح مضاد للطائرات يعتبر «كاسرا للتوازن» بالمفهوم العسكري، وتبذل إسرائيل جهداً هائلاً في منع نقله إلى حزب الله، فالحزب نفذ عملية هجومية تشذ عن كل ما هو مسلم به. والامتناع عن الرد الحاد سيطلق إشارة له بأن العملية كانت مقبولة، وسيعمل مرة أخرى. وهذا امر خطر سيؤدي الى تآكل الردع وستكون إسرائيل في نهايتها مطالبة برد قاس أكثر بكثير وقد يؤدي إلى تصعيد واسع.
وفي تعبير واضح عن العجز الاسرائيلي، خلصت الصحيفة الى القول ان حزب الله لا يريد التصعيد ولكنه «يلدغ» إسرائيل، ويصمم قواعد اشتباك جديدة في المنطقة، وعلى الجيش الإسرائيلي أن يرد على الرسائل التي تنقل له ليس بالكلام بل بالصواريخ.
خطر «الاشتعال» ؟
من جانبها حاولت صحيفة «يديعوت احرنوت» تبرير عدم الرد الاسرائيلي بالقول» لو كان الصاروخ الذي أطلقه حزب الله نحو الطائرة الإسرائيلية المسيرة في سماء جنوب لبنان أصابها وأسقطها، لأمرت القيادة السياسية الجيش الإسرائيلي بمهاجمة لبنان رداً على ذلك. فسلاح الجو كان سيعمل ضد البطارية التي نفذت إطلاق النار أو ضد أهداف مشابهة لحزب الله، وكانت الحدود الشمالية قد تتدهور إلى تبادل شديد لإطلاق النار. وهذا يشير الى ان «الحدود الهادئة» في الشمال هي الأكثر تفجراً والأسهل على الاشتعال. ولفتت الصحيفة الى ان كل طرف يريد ردع الآخر، وإسرائيل تبذل جهداً جباراً بألا تمس برجال حزب الله ولا تهاجم علنًا القدرات العسكرية للمنظمة في لبنان. ولكن كل هذه الأقوال جيدة حتى النقطة التي يقرر فيها أحد ما شد الحبل.
تمديد الاقفال واستثناءات؟
صحيا، استمر عداد «كورونا» في الارتفاع مسجلا لليوم الثالث رقما قياسيا مرعبا في الوفيات، مع استقرار في عدد الاصابات، حيث سجلت 3107 اصابة جديدة، فيما سجلت 82 حالة وفاة، في هذا الوقت كشف رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاصم عراجي عن وجود توجه لتمديد الإقفال حتى 15 شباط المقبل مع بعض الإستثناءات، شرط تقديم المساعدات للناس لتحمل مدة الإقفال إضافة الى فتح البلد بشكل منظم وليس بشكل عشوائي. وعلمت «الديار» انه سيتم الابقاء على منع التجول وحصره بالمنصة، وفتح بعض الصناعات، فيما ستبقى المطاعم مقفلة. وفي شأن ازدياد عدد الوفيات في الأيام الماضية، أشار عراجي الى أن «ليس بالضرورة أن تكون الوفيات مرتبطة بالإقفال بل يمكن أن تكون الحالات منذ ما قبل الإقفال وموجودة في غرف العناية الفائقة. من جهته أعلن مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الصحية وليد خوري ان التوجه هو نحو الفتح التدريجي للبلد اعتبارا من الثامن من شباط». واعرب عن قلقه من ارقام الوفيات بفيروس كورونا ومن المؤشرات التي لا تظهر أي تراجع فيها مع محافظتها على نسبة إصابات تبلغ 22 في المئة من مجموع الفحوص.
قضية سلامة في سويسرا
قضائيا، ارسل مدعي عام التمييز غسان عويدات ملفه الى مكتب المدعي العام السويسري، وهو يتضمن كل الاجابات عن الاسئلة المتعلقة بحاكم مصرف لبنان رياض سلامة وشقيقه ومعاونته في ملف تحويل وتبييض واختلاس أموال. وينتظر عويدات ايضا المزيد من المعلومات والمستندات من حاكمية مصرف لبنان ومن هيئة التحقيق الخاصة ولجنة الرقابة على المصارف ومفوض الحكومة لدى مصرف لبنان وجمعية المصارف. ووفقا للمعلومات، لا يملك عويدات اي ادلة تسمح له بفتح تحقيق لان المستندات والأجوبة الأولية التي طلبت من لجنة الرقابة على المصارف لم تظهر حتى الان ما هو مخالف للتعاميم والقرارات المتخذة من قبل مصرف لبنان. وقد تضمن الملف الأولي المرسل الى القضاء السويسري إفادتي سلامة وشقيقه وإفادات عدد من الشهود ومستندات، ولا تتضمن أي إفادة لمساعدة سلامة ماريان حويك التي طلب منها الحضور ثلاث مرات، ولكنها كانت في فرنسا وأبلغت القاضي عويدات انها تفضل الإدلاء بإفادتها لدى المدعي العام السويسري.
*****************************************
افتتاحية صحيفة الشرق
5 رصاصات أنهت حياة لقمان سليم «اللهم إني بلغت» قالها ورحل
مواقف مندّدة : اغتياله في الجنوب رسالة للشيعة المعارضين لحزب الله
استفاق اللبنانيون على خبر العثور على الناشط والمفكر والمعارض لقمان سليم مقتولا في سيارته في منطقة النبطية وذلك بعد ساعات على اختفائه وفقدان الإتصال به عقب زيارة كان يقوم بها مع شخص آخر في بلدة نيحا الجنوبية بحسب ما أعلنت شقيقته رشا الأمير.
وكانت عائلة سليم قد تمكنت عبر أحد التطبيقات من إيجاد هاتف سليم من دون العثور عليه أو على سيارته، وعلى الأثر تواصلت مع المستشفيات والمخافر من دون التوصل إلى نتيجة، لتطلق بعدها نداء استغاثة لأي شخص يعرف عنه شيئا، في وقت رجح أصدقاؤه وقوع عملية خطف.
5 رصاصات
قضائيا، تابع النائب العام الاستئنافي في الجنوب القاضي رهيف رمضان جريمة قتل الناشط سليم، وكلف على الفور الادلة الجنائية والطبيب الشرعي عفيف خفاجة للكشف على الجثة والسيارة وبوشرت التحقيقات لكشف الملابسات. وبعدما أنهى الطبيب الشرعي الدكتور عفيف خفاجة الكشف عليها، تبين أنها مصابة بخمس طلقات نارية من مسافة قريبة أطلقت من مسدس حربي، أربع في الرأس وواحدة في الظهر، في وقت تتواصل التحقيقات لكشف ملابسات الجريمة. وبناء لإشارة القاضي رمضان ُنقلت جثة الناشط لقمان سليم، إلى مستشفى صيدا الحكومي، فيما أجرى عناصر الأدلة الجنائية الكشف على السيارة التي كان يقودها وتبين أنها مستأجرة من شركة لتأجير السيارات.
إلى ذلك كلف القاضي رمضان فرع المعلومات بإجراء مسح كامل للكاميرات لمعرفة المسار الذي سلكته سيارة لقمان سليم قبل إغتياله وبتفريغ داتا هاتفه الخلوي وتحليلها. وكانت كشفت مصادر ان سليم قتل داخل سيّارة مستأجرة، وقد عُثر على هاتفه على بعد نحو 300 متر من المنزل حيث كان يقوم بزيارة مع شخص آخر في بلدة نيحا قبل ان يتم اختطافه واغتياله في احد الشوارع الفرعية من بلدة العدوسية.
سلام: وفي السياق، قال الرئيس تمام سلام «مرة جديدة تمتد يد الغدر لتسكت صوتا حرا كان على الدوام من دعاة قيام دولة القانون الحرة والسيدة والمستقلة في لبنان، ولتعيد الى الاذهان مسلسل الاغتيالات المشؤوم الذي استهدف شخصيات وطنية وقادة رأي».
السنيورة: كما استنكر الرئيس فؤاد السنيورة الاغتيال ،واعتبر في بيان «ان الجريمة ا هذه، وفي هذا التوقيت بالذات تحمل دلالات معبرة وتؤشر الى اتجاهات قديمة ومستجدة في لبنان في هذه الظروف».
وتابع:»اذا لم يجر تحقيق سريع وحر وفعال لكشف هذه الجريمة النكراء، فان الادانة والاتهامات ستكون واضحة، وتحديدا لمن يسيطر بالسلاح على الجنوب وقراه».
الحسيني: وقال الرئيس حسين الحسيني، في البيان الآتي: «من حق كل إنسان أن يحظى على محاكمة عادلة تمكنه من ممارسة حق الدفاع عن النفس الذي يكفله الدستور.
إن الاعتداء على حياة الدكتور سليم مدان بكل المقاييس، ويهدد الأمن والاستقرار في البلاد.
جعجع: إلى ذلك، غرد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع عبر «تويتر»: «لقمان سليم شهيد الرأي الحر. إذا كان للشرّ جولة، فسيكون للخير والحقّ ألف جولة وجولة».
موسى: أما عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب ميشال موسى فكتب على «تويتر»: «ندين بشدة الاغتيال ونطالب الاجهزة الامنية والقضاء بكشف ملابسات الجريمة باقصى سرعة حفاظا على الحريات العامة وتحاشيا للفتنة».
أبو الحسن: الى ذلك، كتب أمين سر كتلة اللقاء الديموقراطي النائب هادي أبو الحسن عبر «تويتر»: «من غير المقبول عدم كشف جريمة سليم ومن غير المقبول ان تضاف هذه الجريمة البشعة والمستنكرة الى غيرها من الجرائم الغامضة، كل التضامن مع الأسرة المفجوعة ومع آل سليم الكرام».
معوض: وغرد النائب المستقيل ميشال معوض عبر «تويتر»: «الاغتيال يحمل كل عناصر الجريمة السياسية المنظمة ويعيدنا إلى مسلسل الاغتيالات التي عشناها في لبنان وعجزت الأجهزة الأمنية أن تكشف حقيقتها فتأكدنا من وراءها».
يعقوبيان: من جهتها، اعتبرت النائبة السابقة بولا يعقوبيان أن «اغتيال سليم، هو اغتيال للعقل وللفكر وللحوار في لبنان» واصفة الجريمة بـ«الخطيرة طالما هي لم تطل لقمان وعائلته فقط، بل هي إنذار واضح لكل من يريد التحرر من سطوة السلاح والقمع، وهي تهديد مباشر لكل فكر حرّ على مساحة الوطن».
حماده: وسال النائب المستقيل مروان حماده في تصريح، «ألم يحن الوقت لنضع حدا لهذا الاجرام ولنحرك ونوسع عمل المحاكم الدولية لكي تشمل كل الجرائم المقترفة حتى اليوم؟». وختم: «بانتظار ذلك، فلتسقط دولة القمع وشماعة العهد القوي».
السبع: أما النائب السابق باسم السبع فقال: «اغتيال الناشط لقمان سليم، رسالة مباشرة لكل الناشطين والكتاب والسياسيين من ابناء الطائفة الشيعية الذين يتحركون وينشطون ويعبرون عن أفكارهم خارج المدار السياسي لحزب الله».
تيار المستقبل: وصدر عن تيار المستقبل الآتي: «اغتيال الباحث والناشط السياسي لقمان سليم في احدى قرى الجنوب جريمة مدانة برسم الدولة والقوى المحلية المعنية بأمن القرى الجنوبية. اننا في تيار المستقبل اذ نستنكر بأشد عبارات الاستنكار هذه الجريمة النكراء، ونحذر من مخاطر العودة الى مسلسل الاغتيالات واستهداف الناشطين، نطالب الجهات المختصة الامنية والقضائية الشرعية العمل على جلاء الحقيقة بأسرع وقت».
الكتائب: واكد حزب الكتائب اللبنانية في بيان أن اغتيال لقمان سليم لن يزيده إلا تمسكا بدولة الحق، حيث لا سلاح فوق السلاح الشرعي، ولا سلطة فوق السلطة الشرعية، وحيث الحريات مقدسة ومصانة في الدستور والقوانين،
التقدمي: واستنكر الحزب التقدمي الإشتراكي بشدّة ويشجب ويدين جريمة قتل الناشط سليم، التي تستدعي من القوى والأجهزة الأمنية أقصى درجات الملاحقة والمتابعة والتحقيق الفعلي والشفاف لكشف المرتكبين وسوقهم إلى القضاء بأسرع وقت، وإنزال القصاص الذي يستحقون.
أمل: وإستنكر المكتب الإعلامي المركزي لحركة «أمل» في بيان، «جريمة اغتيال الناشط السياسي والباحث لقمان سليم»، مطالبا بـ»إجراء التحقيق الأمني والقضائي بالسرعة الممكنة توصلا لكشف الفاعلين ومعاقبتهم».
كما صدرت مواقف منددة من شخصيات وهيئات سياسية ومدنية لبنانية ودولية.
حزب الله احضر نيترات الأمونيوم
وكان لقمان سليم معارضاً من الصف الأول. وعلى رغم تعرّضه للكثير من التهديدات وحملات التخوين إلا أنه كان يتسلّح دائماً بالكلمة والموقف الحر وظلّ معارضاً شرساً لسياسة حزب الله ومنطق السلاح، ومدافعاً عن سيادة الدولة.وفي آخر لقاء إعلامي له، أطل الكاتب والناشط السياسي على قناة الحدث للتعليق على مقال نشرته صحيفة الغارديان والتي جاء فيها أن رجلي أعمال سوريين وروسيين يقفان خلف إحضار نيترات الأمونيوم إلى المرفأ. واشار (المغدور) سليم في حديثه إلى أن «في 14 تشرين الاول 2013 وقّع النظام السوري على معاهدة الانضمام للحد من الأسلحة الكيميائية والصدفة أنه في 23 تشرين الثاني وصلت الى بيروت السفينة روسوس محمّلة بأطنان نيترات الأمونيوم، وبالصدفة أيضاً بدأ العام 2014 وتتالى على تصاعد في وتيرة الغارات بالبراميل المتفجّرة لم يُسبق أن سُجّل في 2012 و 2013».
وتابع «نحن امام أحجية تكتمل تفاصيلها، اليوم بتنا نعرف من استورد ولكن نريد أن نعرف من خزّن ولمصلحة من كان يتم إخراجها شيئاً فشيئاً إلى الأراضي السورية حيث كانت تصنّع ليتم استخدامها فوق رأس الشعب السوري».
وتابع رداً على سؤال «أن المتهم الأكبر هو صاحب الدالة الكبرى أعني ميليشيا حزب الله التي تملك ليس فقط السيطرة على المرافئ بالمعنى الجغرافي والتقني للكلمة بل تملك الدالة السياسية على اللبنانيين وكل من يتعاطى الشأن العام، وتملك قدرة التخويف لأن خوف اللبنانيين حتى من معارضي حزب الله عن الإشارة اليه بأصبع الإتهام هو جزء من الجريمة التي وقعت بحق اللبنانيين وقبلهم السوريين.»
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :