افتتاحية صحيفة البناء:
انفجار مستودع للأسلحة الكيميائية قرب تل أبيب… والرقابة العسكرية تمنع نقل الأخبار والتصوير لودريان يسأل بكركي عن رعاية الحوار ويستعرض مواقف الأطراف من الأسماء والسلة الكاملة البخاري يستضيف حشداً دبلوماسياً يضمّ القائم بالأعمال السوري… والسفير الإيراني يشيد ويستبشر
بينما الكيان يعيش حال الارتباك في كيفية التعامل مع الأوضاع المتفجرة في الضفة الغربية والعجز عن احتوائها، يتصاعد الوضع في الجولان ويجلب استنفاراً شعبياً على الحدود مع سورية ولبنان، يحدث انفجار لم تتضح أسبابه في منطقة هرتسليا قرب تل أبيب، قالت وسائل إعلام إسرائيلية أنه في مصنع للمواد الكيميائية، وقالت يديعوت أحرونوت إن الانفجار القوي الذي سمع في المنطقة الوسطى مصدره منشأة لشركة صناعات عسكرية في هرتسليا، حيث تصاعد دخان من منطقة الانفجار وأفاد السكان برائحة بارود قوية وشعورهم بحروق في أعينهم، وفرضت الرقابة العسكرية الحظر على مكان الانفجار ومنعت المراسلين من تناقل الأخبار ومن التصوير في المنطقة، وتحدّثت عن تحقيق فصيلي يجري حول أسباب الانفجار.
في لبنان، واصل المبعوث الرئاسي الفرنسي وزير الخارجية السابق جان ايف لودريان جولاته ولقاءاته، وكان أبرزها لقاء البطريرك بشارة الراعي وما نقل عن استكشاف استعداده لرعاية الحوار الوطني، حيث قالت مصادر مقربة من البطريرك انه قال بانه لا يريد تكريس المرجعيات الطائفية فيرعى رئيس الطائفة الحوار المتصل برئيس ينتمي إلى الطائفة ذاتها، وانه اذا كان لا بد من حوار فيمكن أن يجري في المجلس النيابي، وهو ما رأت فيه مصادر نيابية تمهيداً لطرح استضافة الحوار في الخارج، دون أن يتضح من هي الجهة التي ستبادر للدعوة إلى الحوار، فرنسا او السعودية او قطر.
في لقاءات لودريان التي شملت كتلة الوفاء للمقاومة والتيار الوطني الحر والقوات اللبنانية والمرشح سليمان فرنجية، كان واضحاً من تعليق رئيس القوات سمير جعجع حول أن الأمر لا يستدعي حلاً خارجياً أن جعجع لم يكن مرتاحاً لطرح لودريان، بينما أعرب فرنجية عن ارتياحه للقاء لودريان، وقالت مصادر نيابية مواكبة للقاءات لودريان إنه يحاول أن يستكشف مواقف الأطراف من عناوين مثل الحوار وأسماء المرشحين ومفهوم السلة المتكاملة التي تضم اتفاقاً على رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والحكومة ومناصب الدولة الأساسية مثل حاكم مصرف لبنان وقائد الجيش.
على ضفة موازية كانت دعوة العشاء التي وجّهها السفير السعودي وليد البخاري لحشد دبلوماسي تستقطب الاهتمام، بعدما ضمت للمرة الأولى السفير الإيراني والقائم بالأعمال السوري، وعلق السفير الإيراني مجتبى أماني بتغريدة على حسابه في تويتر، بقوله، “احترامي وتقديري لسعادة السفير وليد بخاري على دعوته الكريمة. نستبشر خيراً بما يجري من حراك وتطورات، ونأمل أن تظلّل في وقت قريب أجواء الوفاق والتلاقي العلاقات بين جميع بلدان المنطقة، لما فيه خير ورفاه أمتنا وشعوبنا”.
وواصل وزير الخارجية الفرنسي السابق جون إيف لودريان جولته على المسؤولين اللبنانيين لليوم الثاني على التوالي، لكن اللقاء الذي جمعه برئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، حمل دلالات سياسية، لكون الدعوة إلى مأدبة غداء كانت استثنائية وخاصة لفرنجية دون بقية المرشحين.
ولبّى فرنجية دعوة المبعوث الرئاسي الفرنسي الى مأدبة غداء في قصر الصنوبر بحضور السفيرة الفرنسية آن غريو والنائب طوني فرنجية.
وبعد اللقاء لفت سليمان فرنجية، عبر حسابه على مواقع التواصل الاجتماعي، الى أن “اللقاء كان إيجابياً وجرى حوار بناء للمرحلة المقبلة».
كما التقى الوزير الفرنسي رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل في البياضة، واستقبل الوزير السابق زياد بارود في السفارة الفرنسية. وأشارت أوساط مقربة من التيار الى أن “رئيس التيار شرح وجهة نظره التي تقوم على ضرورة التحاور بين جميع المكونات اللبنانية للتوافق على اسم الرئيس وعلى الخطوط العريضة لبرنامج تنفذه طبعاً الحكومة، والذي على أساسه يتم طلب الدعم الخارجي، وقد شرح باسيل للموفد الفرنسي أن الرئيس لا يمكن له أن ينجح ما لم يحظَ بدعم داخلي واسع إن لم يكن شاملاً، بدليل ما جرى من تفشيل لعهد الرئيس عون نتيجة مواقف قوى فاعلة في الدولة عارضت مجيئه من الأساس وتوعّدت بإفشاله”.
كما التقى لودريان وفداً من حزب الله برئاسة رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد.
وزار الصرح البطريركي في بكركي حيث التقى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، ترافقه السفيرة الفرنسية، وقال بعد اللقاء: “سأتواصل مع كل الفرقاء اللبنانيين للخروج من الأزمة وسأسعى إلى وضع أجندة إصلاحات توفّر الأمل لإخراج لبنان من أزمته ولا أحمل أي طرح، لكنني سأستمع الى الجميع والحل في الدرجة الأولى يأتي من اللبنانيين”. أضاف: “هي زيارة أولى ستلحقها زيارة أخرى الى لبنان للخروج من المأزق والحل يأتي من اللبنانيين وفرنسا ستبقى حاضرة دائماً».
وشددت مصادر مطلعة على أجواء بكركي، بعد اللقاء على رفضها تكريس المرجعيات الطائفية. وقالت “اذا كان لا بد من حوار فليحصل في المجلس النيابي وليتم الاحتكام الى الدستور”.
وذكرت مصادر إعلامية أنه من جملة الأسئلة التي طرحها لودريان على بعض من التقاهم أسئلة تتعلّق بالموقف من قائد الجيش واحتمال التحاق باسيل بقافلة داعمي فرنجية مُشدّداً على ضرورة التوافق. ولفتت الى أن “لودريان نبّه الى أنّ صورة لبنان تدهورت عالمياً وكثرٌ لم يعودوا راغبين بدعمه على اعتبار أنه على اللبنانيّين تدبّر أمورهم ولكن فرنسا لا يُمكن أن تترك لبنان”.
ومن المتوقع أن يعقد لودريان اجتماعات اليوم مع سفراء اللقاء الخماسي الدولي في لبنان.
وبرز تصريح للسفير الإيراني مجتبى أماني على وسائل التواصل الاجتماعي وقال: “احترامي وتقديري لسعادة السفير السعودي وليد بخاري على دعوته الكريمة، نستبشر خيراً بما يجري من حراك وتطورات، ونأمل أن تظلّل في وقت قريب أجواء الوفاق والتلاقي العلاقات بين جميع بلدان المنطقة، لما فيه خير ورفاه أمتنا وشعوبنا”.
ولخصت أوساط مواكبة لجولة الوزير الفرنسي لـ”البناء” نتائج الزيارة حتى الساعة بالتالي:
استطلع مواقف وآراء كافة الأطراف السياسية التي التقاها على أن يلتقي بقية القوى السياسية اليوم.
لم يقدم أي مبادرة للحل أو طرح عمليّ ومحدد للأزمة الرئاسية، بل كان أغلب الوقت مستمعاً ويطرح الأسئلة أكثر من طرح الحلول أو الإجابات على الأسئلة التي طرحت عليه.
لم يرفض أي اقتراح أو مرشح معين، وأكد بأن فرنسا لا تطرح مرشحاً معيناً ولا تضع فيتو على أي اسم، لكنها تضع خارطة طريق للوضع اللبنانية عموماً وإن كانت تفضل مرشحاً على آخر يمكنه تطبيق خريطة الطريق ويملك علاقات إقليمية ودولية تسهل ذلك.
جدّد التأكيد على أهمية الإصلاحات السياسية والمالية والاقتصادية والنقدية كمعبر للدعم الدولي بعد التفاوض مع صندوق النقد الدولي.
حثّ الأطراف على الحوار للتوصل الى قواسم مشتركة تسمح بتأمين انتخاب الرئيس، ودعاهم إلى عدم الاتكال على الخارج وأن يعتمدوا على أنفسهم بانتخاب رئيس يحقق إرادة ومصالح اللبنانيين، وحذرهم من أن لبنان سيذهب الى مزيد من الانهيار وسيتحمل السياسيون مسؤولية تداعيات ذلك، كما نقل المسؤول الفرنسي الى كل من التقاهم أجواء المجتمع الدولي والجهات المانحة واللقاء الخماسي حيال لبنان.
شدّد على أن الحوار هو السبيل الوحيد لحل المشكلات اللبنانية التي تبدأ من انتخاب الرئيس.
وأكد لودريان أخيراً أن فرنسا مستمرة بمساعيها الحثيثة حتى التوصل الى حل للأزمة الرئاسية وأنها لن تترك لبنان.
وكان لودريان استهل جولته أمس، من السراي، حيث استقبله رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بحضور سفيرة فرنسا آن غريو.
وفي خلال الاجتماع جرى عرض مفصل للوضع في لبنان وللمساعي التي تقوم بها فرنسا لحل الأزمة السياسية، حيث شدّد رئيس الحكومة على “أن المدخل الى الحل يكمن في انتخاب رئيس جديد”. وأشار الى “ان الحكومة أنجزت المشاريع الإصلاحية المطلوبة ووقعت الاتفاق الأولي مع صندوق النقد الدولي، وان إقرار هذه المشاريع في مجلس النواب يعطي دفعاً للحلول الاقتصادية والاجتماعية المرجوة”. أما الموفد الفرنسي لودريان فأكد “أن الهدف من زيارته الأولى للبنان استطلاع الوضع سعياً للمساعدة في إيجاد الحلول للأزمة التي يمر بها لبنان والبحث مع مختلف الأطراف في كيفية إنجاز الحل المنشود”.
كما التقى الوفد الفرنسي في معراب رئيس حزب “القوّات اللبنانيّة” سمير جعجع الذي لفت عقب الاجتماع إلى أن “الجلسة مع الموفد الفرنسيّ كانت استطلاعية 100/100 فالضيف الفرنسي طرح العديد من الأسئلة حول الملف الرئاسي وكانت لنا أجوبة في هذا السياق”.
وإذ شدّد على أن لودريان “لا يحمل في جعبته اقتراحاً للاستحقاق الرئاسي، أكد جعجع أن “الحوار تطرّق الى الاقتراحات المتاحة في هذا الاتجاه كما وجّه الموفد الفرنسي بعض الأسئلة حول جلسة 14 حزيران بالإضافة إلى أين نحن ذاهبون في ظل الفراغ الرئاسيّ”. بعد أن رحّب رئيس القوات بزيارة لودريان الى لبنان، رأى أن “قصة الرئاسة تتعلق بـ128 نائباً، ففي المرة الماضية “لو شدوا حالن شوي كان صار عنا رئيس وكنا خلصنا”، باعتبار أن أحد المرشحين كان سينال 65 صوتاً، وبالتالي كان على الكتل النيابية أن تصوت مع هذا المرشح أو ذاك، من دون تعطيل النصاب كما فعلوا، ولولا الخطوة التعطيليّة لما كنا بحاجة لأميركا وفرنسا والسعودية وإيران».
ولفتت أوساط قواتية لـ”البناء” الى أن لودريان لم يحمل أي جديد واقتصرت جولته على الاستطلاع ومناقشة الاقتراحات، ما يؤشر الى وجود تعقيدات داخلية تتعلق برفض أطراف سياسية أساسية في البلد مسيحية وغير مسيحية لمرشح الثنائي سليمان فرنجية، اضافة الى عقبات خارجية بغياب مقاربة دولية موحدة حيال الملف اللبناني، اضافة الى لامبالاة خارجية للوضع اللبناني بسبب أداء الطبقة السياسية وطريقة إدارة البلد والسياسات المالية المتبعة والفساد.
وشدّدت أوساط سياسية لـ”البناء” الى أن “الظروف الإقليمية والدولية لم تنضج بعد لانتخاب رئيس للجمهورية”، كاشفة عن خلاف بين دول اللقاء الخماسي على طريقة حل الملف اللبناني”، موضحة أن الملف اللبناني لم يكن بنداً أساسياً على جدول أعمال اللقاء بين الرئيس الفرنسي وولي العهد السعودي، بل طرح على هامش القمة التي تزدحم بملفات استراتيجية كبيرة تتعلق بالدولتين لا سيما بمشروع السعودية 2030 وبالوضع على الساحتين الإقليمية والدولية، متوقعة أن يطول أمد الفراغ الرئاسي الى ما أواخر العام الحالي.
وشددت الأوساط على أن الحل الرئاسي يرتبط بملفات المنطقة وبمسار الحوارات في الإقليم وعلى الخط الأميركي – الإيراني، لكن العامل الحاسم في لبنان هو السعودي الذي يعمل مع الفرنسي والسوري والإيراني والاميركي لبلورة اتفاق يسهل على اللبنانيين انتخاب الرئيس.
وجدّدت كتلة “الوفاء للمقاومة” التأكيد أنّ التفاهم الوطني بين اللبنانيين هو المعبر الإلزامي لإنجاز الاستحقاق الرئاسي، وأنّ هذا التفاهم المطلوب لا سبيل إلى التوصّل إليه إلا عبر تنحية الفرقاء لشروطهم المسبقة، والتوجّه لمباشرة الحوار مع بعضهم بغية تقريب وجهات النظر وصولاً إلى الاقتناع المشترك بالخيار المناسب الذي تتقاطع عنده الرؤى والمصالح».
وشددت الكتلة بعد اجتماعها الدوري برئاسة النائب محمد رعد، على “وجوب تداعي اللبنانيين للحوار فيما بينهم وتفترض أنهم المعنيون أساساً بمباشرة ذلك بغية التوصل إلى جوامع مشتركة تضع حدّاً لأزمة الشغور الرئاسي في البلاد، وأنّ الدور الذي يمكن أن يؤديه بعض الأصدقاء للبنانيين، سواء كانوا إقليميين أم دوليين، هو في الحقيقة دورٌ مساعدٌ ننظر إليه بإيجابيّة، خصوصاً حين يعبّر عن حرصٍ واضحٍ على المصالح المشتركة مع لبنان والتي لا بدّ من تفاهم اللبنانيين وتشاركهم لتحقيقها وتطويرها”.
على صعيد آخر، بقي ملف النزوح محل متابعة واهتمام المسؤولين، في ضوء نتائج مؤتمر بروكسيل الذي شارك فيه لبنان، حيث جاءت مواقف الدول الأوروبية والغربية ومقرراته مخيّبة لآمال الدولة اللبنانية، ولم يتم التجاوب مع مطالب الحكومة اللبنانية رغم التداعيات الخطيرة لأزمة النزوح على لبنان.
وعلمت “البناء” من مصادر مشاركة في المؤتمر، أن الوفد اللبناني لمس استمرار المؤامرة الغربية على لبنان من خلال قرار بعدم عودة النازحين الى سورية وإبقائهم في لبنان ودمجهم في المجتمع اللبناني تحت عناوين وهميّة. وشدّدت المصادر على أن لا حل لأزمة النزوح إلا بتجاهل القرار الغربي واتخاذ قرار حكومي بالتواصل مع سورية ووضع خطة عملية بين الحكومتين لإعادة النازحين تدريجياً، لكن المصادر تكشف عن ضغوط أممية وأوروبية على الحكومة اللبنانية من جهة وعلى النازحين من جهة ثانية عبر تخويفهم من العودة، فضلاً عن استمرار الأمم المتحدة بدفع المساعدات للنازحين في لبنان لا في سورية، متخوفة من القرار الأممي الأخير بدولرة المساعدات المالية للنازحين.
وشنّ رئيس التيار “الوطني الحر” جبران باسيل، هجوماً عنيفاً على ميقاتي، ولفت خلال مؤتمر حول النزوح السوري في جبيل، الى أن “لبنان هو الأول في العالم من حيث كثافة النزوح ومن حيث هجرة أبنائه وهذا وضع لا يحتمله بلد مجتمعه وموارده مثل لبنان”. وأوضح باسل، أن “ازمتنا في موضوع النزوح صحيح أنها وجودية وكيانية لكن آثارها اجتماعية واقتصادية وسكانية وآخر ما يكون هو المعيار الطائفي فالمناطق المسيحية متأثرة أقل بكثير من المناطق الأخرى لكن هل هذا يعني ألا نطلق صرختنا الإنسانية في هذا الموضوع؟».
ولفت الى أن “النازح السوري ضحية والمضيف اللبناني ضحية، وبالتالي لن نتخلى عن شعبين لكن الأزمة بداية تتطلب معالجة من عندنا ومن الخطأ ترقب الحلول من الخارج فقط”، مضيفاً “في عهد رئيس الجمهورية السابق ميشال عون عاد 450 الف نازح سوري لكن لا أحد يتحدث عن الموضوع”.
ورأى باسيل، أن “المأساة الكبيرة في ملف النزوح هي في لبنان. فالحكومة بشخص رئيسها نجيب ميقاتي عام 2011 واليوم هي أكبر متواطئ على لبنان واللبنانيين بملف النزوح من خلال الانصياع الكامل للإرادة الخارجية”، مضيفاً “هم يتحدثون بالأمر ليخلقوا حالة ضياع عند الناس، بيحكوا منيح بس شو عملوا؟”.
*************************************************
افتتاحية صحيفة الأخبار:
لودريان مستمعاً و«داعية حوار»... وتباين في تفسير موقف باريس: هل طوت فرنسا الصفحة السابقة؟
فاق شكل زيارة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان مضمونها أهمية. التوقّعات المرتفعة التي سبقت الزيارة لم تتطابق مع ما حمله الرجل بعدما تبيّن، «مبدئياً»، أن هدفها هو عبّر عنه لودريان: «استطلاعية لمساعدة لبنان على الخروج من أزمته»، وهو ركّز خلالها على توجيه «نصيحة» إلى الأطراف اللبنانية بالحوار. وفي ظل الإجماع على أن الموفد الفرنسي «كان مستمعاً»، تباينت التفسيرات لهذه المقاربة «الإصغائية»، بين من وصفها بأنها محاولة لمسح المواقف المحلية تمهيداً للتقدم بـ«شيء جديد»، ومن رأى فيها إشارة إلى ثبات باريس على مبادرتها بتسوية سليمان فرنجية - نواف سلام.
والتقى لودريان أمس رئيس الحكومة نجيب ميقاتي والبطريرك الماروني بشارة الراعي ورئيس حزب «القوّات» سمير جعجع ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل. وكان أطول لقاءاته (نحو ساعتين) مع وفد من حزب الله ضم رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد ومسؤول العلاقات الخارجية في الحزب عمار الموسوي، أكّد خلاله الوفد «التمسك بترشيح فرنجية شارحاً أسباب موقفه».
وفيما وصفت مصادر مطّلعة اللقاء مع باسيل بـ«الإيجابي والودود جداً جداً»، علماً أن بين الرجلين «صداماً» سابقاً يعود إلى الموقف من الحرب في سوريا عندما كان لودريان وزيراً للخارجية، قالت مصادر في الفريق المعارض لترشيح رئيس تيار المردة إن الموفد الفرنسي «بدا مسلّماً بأن المرحلة السابقة قد طُويت، وبأن المرحلة المقبلة لن يكون فيها فرنجية مطروحاً فرنسياً، بعدما لمس حجم المعارضة له».
في المقابل، أكّدت مصادر مطّلعة أن فرنجية الذي استضافه لودريان إلى الغداء في قصر الصنوبر، بحضور السفيرة الفرنسية آن غريو والنائب طوني فرنجية والوزير السابق روني عريجي، «لم يسمع ما يدل على تراجع الفرنسيين عن مبادرتهم»، مشيرة إلى أن «باريس تتعامل معه كمرشح رئاسي وليس فقط كمسؤول سياسي مسيحي». وأكّدت أن «كل الأجواء الغربية تؤكد أن الفرنسيين لم يبدلوا موقفهم لاقتناعهم باستحالة وصول رئيس لا يوافق حزب الله عليه»، وأن «لودريان مكلّف بمتابعة المهمة، ومحاولة إقناع الأطراف اللبنانية الرافضة بصوابية الطرح الفرنسي، وإن بأسلوب جديد». ولفتت إلى أنه رغم «اعتراض بعض القوى الخارجية على السياسة الفرنسية، إلا أن أحداً منها لا يضع لبنان ضمن أولوياته، على عكس الفرنسيين».
وأشارت المصادر إلى أنّ «ما نتج عن جلسة 14 حزيران ثبّت وقائع جديدة في المشهد الرئاسي أهمّها سقوط ورقة المرشح جهاد أزعور، إذ لم يُسجّل بعد الجلسة إصرار أي من المتقاطعين عليه، سوى موقف مُعلن من جعجع». وقالت إن «المشهد في بيروت يرسّخ القناعة بأنّ الرئيس الفرنسي لم يتنازل عن دعم فرنجية، فيما يُسجّل صمت سعودي متواصل، وضعته المصادر في إطار «التريّث» الذي يبديه ولي العهد محمد بن سلمان قبل اتخاذ القرار النهائي في الشأن اللبناني، وهو قرار له متعلقات تتصل بالعلاقة الآخذة في التطور مع إيران وسوريا.
وتقاطعت المعلومات على أن المسؤول الفرنسي «كان داعياً للحوار والتوافق من أجل الخروج من الأزمة». وهو، وبحسب مصادر سياسية بارزة، أكّد ذلك في اجتماعه الأول مع رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي «قدّم شرحاً مطوّلاً عن أسباب دعم الثنائي لفرنجية، وعن مسار جلسات الانتخاب». وهو ردّ على دعوة لودريان له إلى المبادرة بالدعوة للحوار، أنه «سبقَ أن فعلت ذلك سابقاً عندما كانت كتلتي النيابية تصوّت بورقة بيضاء، لكنني اليوم أصبحت طرفاً». ونقل زوار بري عنه أن الموفد الفرنسي «أكد الحاجة إلى «توافق فعلي» وأن الأمر لا يتعلق بالرئاسة فقط، بل بكل الملفات العالقة في لبنان، وأنه سيعود إلى بيروت مجدداً وستكون له زيارات متعددة.
وفيما يبدو حزب الله كمن يتعامل مع الملف الرئاسي «على البارد» مراهناً على تبدّل مواقف بعض المتردّدين أو «المتقاطعين السابقين»، أكّدت مصادر مطّلعة على موقف الحزب، أنه لا «يعتبر أي دعوة إلى الحوار مسبوقة بشروط معينة من قبيل تخليه عن دعم فرنجية، قائمة أو جدية، وبالتالي فهو لن يتجاوب معها باعتبارها لزوم ما لا يلزم». إلا أن الحزب لا يوفّر أي فرصة لفتح قنوات اتصال وحوار مع أي طرف داخلي، سواء أكان من النواب المستقلين أم المتقاطعين أم غيرهم، بغية شرح موقفه وموجبات تمسّكه بدعم ترشيح زعيم «المردة»، وهذا ما يعكف عليه منذ ما بعد جلسة 14 حزيران. وتشير المصادر إلى أن الحوار الحاصل مع الجميع لا يتضمن «شرط» البحث عن التخلي عن دعم فرنجية، بل في القواسم المشتركة التي قد يتم التوصّل إليها في الملف الرئاسي، خصوصاً أن نقطة التحوّل في مشهد الاصطفافات الداخلية قد تبدأ من كتلة اللقاء الديمقراطي (8 نواب) والنواب المحسوبين على رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري (8 نواب)، وهؤلاء ينتظرون قراراً سعودياً واضحاً.
وبينما تضمن جدول أعمال لودريان أمس لقاء مع النائب فيصل كرامي ممثلاً تكتل «التوافق الوطني»، أعلن النائب سجيع عطية أن النائب أحمد الخير سيلتقي لودريان ممثلاً كتلة «الاعتدال» واللقاء النيابي المستقل. وعلمت «الأخبار» أن هذا الموضوع سبّب إشكالية بعدَ أن طلب الفرنسيون النائب الخير بالاسم، لكن أعضاء الكتلة اعترضوا وطلبوا أن يضم الوفد أكثر من نائب، بينما أصرّ الجانب الفرنسي على أن يكون هناك نائب وحيد. وعُلِم أن لودريان لن يلتقي نواب «التغيير» معاً، إنّما حدّد لكل منهم موعداً لمدة نصف ساعة، والجميع أكّد حضوره. ووفق مصادرهم «كان لهذا الترتيب وقعه الإيجابي على معظمهم، لجهة تفضيل لقاء الرجل على انفراد، للتحدّث بحرّية»، خاصة أنّهم باتوا في صورة أنّ اللقاء هو للاستماع إلى وجهات النظر المختلفة، وأن لودريان سيكون مستمعاً فقط».
إلى ذلك لفت غياب الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عن جدول أعمال لودريان، وهو أمر أعادته مصادر مطّلعة إلى علاقة متوترة مع الرجل. وكشفت المصادر أن «جنبلاط استاء كثيراً من لودريان الذي زار بيروت في تموز 2020 ولم يدرجه على برنامج الزيارات بينما التقى مسؤولين في المجتمع المدني»، ولعلّ هناك من نصح المسؤول الفرنسي بعدم طلب لقاء هذه المرة بسبب موقف جنبلاط والاكتفاء بالاجتماع مع كتلة «اللقاء الديمقراطي» برئاسة تيمور جنبلاط.
***********************************************
افتتاحية صحيفة النهار
مهمة لودريان “الطويلة”: الصفحة السابقة طويت
لم ينتظر المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الوزير السابق #جان ايف لودريان تصنيفات الساسة اللبنانيين والاعلام اللبناني لتثبيت مواصفات مهمته “الاستثنائية” التي يبدو واضحا انها ستطول، فسارع بنفسه غداة وصوله الى بيروت الى تأكيد الطابع الاستطلاعي لجولته الراهنة واعدا بزيارات أخرى مما يبقي الباب مفتوحا على توقع الانتقال من الاطار “الاستطلاعي” الى طرح خطة او وساطة فرنسية جديدة .
وإذ بدا لافتا اختيار لودريان لمحطة بكركي وحدها، من دون كل المحطات الأخرى في لقاءاته السياسية حتى قصر الصنوبر نفسه، لاطلاق تصريحه الأول والوحيد حتى الان، فربما تشكل التأكيدات التي نقلت عنه بان المرحلة السابقة طويت وأن مرحلة جديدة بدأت من خلال جولته وان الاساس يبقى الحوار اللبناني اللبناني، ابرز الانطباعات التي شكلت خلاصات اليوم الثاني الماراثوني من لقاءاته وجولته الممتدة حتى ساعات الليل.
وتكشف أوساط مطلعة على محطات عدة من لقاءات لودريان لـ”النهار” ان الموفد الفرنسي لم يناقش فكرة انعقاد طاولة حوارية برعاية فرنسية حتى اللحظة، لكنه طرح نقاطا محدّدة وسط أسئلة منطلقة من مقاربة الخيارات الممكنة. وهو لم يتحدث مباشرة عن دعم مرشح معيّن بل تطرّق إلى الاصطفافات السياسية القائمة وضرورة الوصول إلى حلول ناجعة. وأوضح لمن التقاهم انه جاء في إطار زيارة استطلاعية بهدف طرحه للأسئلة والاستماع إلى أجوبة لمعرفة الآراء وإلى أي مدى هناك إصرار على مواقف معينة من القوى السياسية، مع الاستماع إلى سبل الحلّ على مستوى رئاسة الحكومة، وماذا يمكن أن تفعله، وأنه يتوجب بداية انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل مجلس للوزراء كامل الصلاحيات مع التأكيد على قيام الحكومة بواجباتها رغم أنها لا تتمتع بالصلاحية الشاملة. وقد كان لودريان مستمعاً أكثر منه متحدّثاً، وأكّد أنه سيعود بعد شهر بهدف جوجلة الأفكار والطروحات التي يناقشها. وطرح لودريان مجموعة أسئلة معبراً عن معرفته بكيفية انقسام البلاد على مستوى الرئاسة.
“الحل يأتي من اللبنانيين”
وقد استهل لودريان يومه الثاني من السرايا مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في حضور سفيرة فرنسا آن غريو وجرى عرض مفصل للوضع في لبنان وللمساعي التي تقوم بها فرنسا لحل الازمة السياسية، حيث شدد ميقاتي على “أن المدخل الى الحل يكمن في انتخاب رئيس جديد”. واشار الى”ان الحكومة انجزت المشاريع الاصلاحية المطلوبة ووقعت الاتفاق الاولي مع صندوق النقد الدولي، وان اقرار هذه المشاريع في مجلس النواب يعطي دفعا للحلول الاقتصادية والاجتماعية المرجوة”. أما الموفد الفرنسي فاكد “أن الهدف من زيارته الاولى للبنان استطلاع الوضع سعيا للمساعدة في إيجاد الحلول للأزمة التي يمر بها لبنان والبحث مع مختلف الاطراف في كيفية انجاز الحل المنشود”. وفي الصرح البطريركي في بكركي حيث التقى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي شكل الصرح المحطة الوحيدة التي تحدث فيها لودريان للاعلام فقال انه “سيتواصل مع كل الفرقاء اللبنانيين للخروج من الأزمة وسأسعى إلى وضع أجندة إصلاحات توفّر الأمل لإخراج لبنان من أزمته ولا أحمل أي طرح لكنني سأستمع الى الجميع والحل في الدرجة الأولى يأتي من اللبنانيين”. وأشار الى ان “هذه زيارة اولى في اطار مهمته وستلحقها زيارة اخرى الى لبنان للخروج من المأزق والحل يأتي من اللبنانيين وفرنسا ستبقى حاضرة دائما. وشددت مصادر مطلعة على أجواء بكركي على رفضها تكريس المرجعيات الطائفية. وقالت “اذا كان لا بد من حوار فليحصل في المجلس النيابي وليتم الاحتكام الى الدستور”. وعقب زيارة الموفد الفرنسي لمعراب، اشار رئيس حزب “القوّات اللبنانيّة” سمير جعجع إلى أن الجلسة “كانت استطلاعية مئة في المئة فالضيف الفرنسي طرح العديد من الأسئلة حول الملف الرئاسي وكانت لنا أجوبة في هذا السياق”. وإذ شدّد على أن لودريان “لا يحمل في جعبته اقتراحاً للاستحقاق الرئاسي”، أكد جعجع أن “الحوار تطرق الى الاقتراحات المتاحة في هذا الاتجاه كما وجّه الموفد الفرنسي بعض الأسئلة حول جلسة 14 حزيران بالإضافة إلى أين نحن ذاهبون في ظل الفراغ الرئاسيّ”. ورأى جعجع أن “قصة الرئاسة تتعلق بـ128 نائباً، ففي المرة الماضية “لو شدوا حالن شوي كان صار عنا رئيس وكنا خلصنا” باعتبار أن أحد المرشحين كان سينال 65 صوتاً، وبالتالي كان على الكتل النيابية أن تصوت مع هذا المرشح أو ذاك، من دون تعطيل النصاب كما فعلوا، ولولا الخطوة التعطيليّة لما كنا بحاجة لأميركا وفرنسا والسعودية وإيران .. اما في ما خص طرح الحوار فهو “بالمظهر” جيد، ولكن الانتخابات الرئاسية لا تكون عبر الحوار، مع العلم أننا طرحنا على بعض الأفرقاء أسماء عدة وبعض الطروحات رهن أجوبتهم، ولكن منذ اللحظة الأولى، هم مصرون على اسم سليمان فرنجيّة، فعلى ماذا يطلبون منا الحوار؟ وهم يريدون إقناعنا بمرشحهم من خلال الحوار”. ولفتت اوساط معراب الى ان ” لا افضليات لفرنسا في الملف الرئاسي وهي مستعدة للقيام بوساطة بين الافرقاء اللبنانيين لكن الحل يجب ان يكون لبنانيا والموفد الفرنسي مدرك لصعوبة المهمة”.
واستقبل لودريان فرنجية في قصر الصنوبر الى مائدة غداء أشار بعدها فرنجية الى “حوار جيد للمرحلة المقبلة “، ثم اجتمع الى رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل في البياضة، كما استقبل عصرا في قصر الصنوبر النائب محمد رعد والتقى مساء الوزير السابق زياد بارود، ثم مجموعة من “المجتمع المدني” على ان يواصل اجتماعاته اليوم التي ستشمل النائبين سامي الجميل وتيمور جنبلاط ونواب مستقلين وسفراء مجموعة “الخماسي الدولي” في لبنان .
وعلم ان مرشح فريق المعارضة و”التيار الوطني الحر” ل#رئاسة الجمهورية الوزير السابق جهاد ازعور تلقى اتصالا لتحديد موعد اجتماع مع لودريان الموجود في بيروت ، فابلغ ازعور الجهة الفرنسية انه خارج لبنان، وهو الان في واشنطن وتم الاتفاق على تحديد موعد لاحق بين الطرفين. ويأتي طلب لقاء ازعور من ضمن العزم الفرنسي على الاجتماع بالمرشحين لرئاسة الجمهورية ممن نالوا اصواتا في الجلسة الانتخابية الأخيرة.
مأدبة بخاري
الى ذلك اقام السفير السعودي في بيروت #وليد بخاري مأدبة عشاءً مساء امس في فندق فينيسيا تحت عنوان “الديبلوماسية المستدامة” دعا إليها حشدا من سفراء الدول العربية والإسلامية، من ضمنهم السفير الايراني مجتبى أماني والقائم بأعمال السفارة السورية علي دغمان، كما حضره وزير الخارجية عبد الله بو حبيب. ونفت الأوساط القريبة من السفارة السعودية أي صلة للعشاء بتداول الاستحقاق الرئاسي في لبنان وادرجته في اطار تحصين الانفتاح الحاصل في العلاقات الإقليمية .
وفي سياق سياسي اخر شن رئيس “التيّار الوطني الحرّ” النائب جبران باسيل هجوما عنيفا جديدا على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وقال خلال مؤتمر حول النزوح السوري في جبيل: “لبنان هو الأوّل في العالم من حيث كثافة النزوح ومن حيث هجرة ابنائه وهذا وضع لا يحتمله بلد مجتمعه وموارده مثل لبنان”. وأضاف: “الحكومة بشخص ميقاتي أكبر متواطئ على لبنان واللبنانيين بملف النزوح في لبنان لانها منصاعة للخارج وقسم من المجتمع الدولي متواطئ والقسم الثاني عاجز أو متفرّج وأحد شروط تسليم “الداتا” من مفوضية اللاجئين هو إعطاء إقامة لكل النازحين السوريين في لبنان.
وتابع: “في عهد الرئيس ميشال عون عاد 450 الف نازح سوري لكن لا احد يتحدث عن الموضوع ولم يصدر اي تقرير حول اسم او واقعة تعرضوا لها هناك وهذا ما اطرحه على كل سفير يسألني عن الموضوع”.
**********************************************
افتتاحية صحيفة نداء الوطن
خصّ بكركي بلفتة… وسيسعى لدى طهران لـ”الإفراج” عن الانتخابات
لودريان يتقصّى أسماء الوسطيّين
لم يكن الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان أمس، أي خلال اليوم الثاني من زيارته لبنان في حاجة الى أن يقول لمن التقاهم إنّ صفحة المبادرة الفرنسية القائمة على مقايضة تتضمّن مرشح الممانعة سليمان فرنجية قد طويت كلياً. فالسؤال الذي طرحه على محاوريه كان كافياً للتأكيد أنّ الدور الفرنسي دخل مرحلة جديدة لا صلة لها بمبادرة أصبحت من الماضي. أما السؤال فهو: “ما هي أسماء المرشحين الوسطيين الذين ترونهم يتلاءمون مع مرحلة إنتخاب رئيس جديد للجمهورية؟”.
ولأنّ “المكتوب يُقرأ من عنوانه”، تأكد للذين التقاهم لودريان، وهم غالبية القيادات المسيحية، وعلى رأسهم البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، أنّ ضيفهم لم يحمل مبادرة، إنما طرح أسئلة تتمحور على سبل الخروج من ازمة استحقاق الانتخابات الرئاسية المعطّلة منذ نحو 8 أشهر.
ووفق معلومات “نداء الوطن”، إنطلق موفد الرئيس الفرنسي في مداخلاته مع القيادات بسؤال عما يمكن عمله لإخراج لبنان من الانسداد الذي يسيطر على الانتخابات الرئاسية؟ كما سأل عن تأثير عدم التوصل الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية على لبنان، في ظل الازمات التي غرق فيها على كل المستويات؟ وانتهى الى توجيه سؤال مباشر الى مضيفيه: “هل ترون ان المرشح الوسطي هو الحل”؟.
بعض من التقاهم لودريان، شرحوا له ما انتهى اليه السباق الرئاسي في الجلسة 12، فقال إنّ الوزير السابق جهاد أزعور كان يتمتع فعلياً بمواصفات “المرشح الوسطي”. وعليه، فإن لبنان مرّ في 14 حزيران الحالي بتجربة مثل هذا المرشح الذي نال 59 صوتاً، لكن مرشح “الثنائي الشيعي” الذي تنطبق عليه صفة المرشح الطرف، جاء في مرتبة تالية، بنيله 51 صوتاً. وعلى الرغم من هذا الفارق، الذي يؤكد تبنّي الغالبية البرلمانية المرشح الوسطي، ما زال “الثنائي” على موقفه الفئوي.
ومع تشعب الطروحات، دخل لودريان في تفاصيل وأسماء تتصل بمرشحين معلنين وغير معلنين، وبينهم وزراء سابقون ونواب حاليون وقائد الجيش العماد جوزاف عون، وهل يمكن تصنيفهم “وسطيين”. وتجاوب عدد من القيادات فطرح أسماء، فيما تريث آخرون من أجل تقييم كل من هؤلاء المرشحين على حدة. أما المحسوبون على “الثنائي”، الذين اجتمع بهم لودريان، فرشح عنهم قولهم إنّ الجانب الفرنسي مستمر في العمل وفق “الحل المتكامل”، ما يعني ان ورقة فرنجية لم تسقط بعد. لكن “نداء الوطن” علمت من اوساط شخصيات التقت لودريان انه لم يتكلم في موضوع “السلة” أو ما يشبهها، وأنه خرج من عند الرئيس نبيه بري بانطباع أن فرنجية لا يزال مرشحه لكن البحث مفتوح.
وما ميّز اليوم الثاني أيضاً، هو إختيار لودريان منصة بكركي لشرح مهمته التي أوكلها اليه ماكرون، بعدما اعلنت سابقاً السفارة الفرنسية ان لودريان لن يعقد مؤتمراً صحافياً. وبدت هذه الاطلالة الاعلامية والوحيدة حتى الآن من الصرح البطريركي، بمنزلة تأكيد فرنسي على متانة العلاقات مع المرجعية المارونية الروحية، بعد الاهتزاز الذي تعرضت له بسبب مبادرة الإليزيه المنحازة الى خيارات “الثنائي”. وخلال محادثات لودريان مع البطريرك الراعي التي سبقت الاطلالة الاعلامية، علمت “نداء الوطن” أنّ الجانب الفرنسي أكد على انتخاب رئيس إصلاحي ووضع خطة طريق إنقاذية وعدم تكريس الإنتخابات الرئاسية لتغليب فريق على آخر، ووعد لودريان بتكثيف الجهود الفرنسية مع الخارج، خصوصاً مع طهران للإفراج عن الإنتخابات الرئاسية وعدم عرقلة الفريق الموالي لها الإستحقاق الرئاسي.
وكان اليوم الثاني من لقاءات الموفد الفرنسي بدأ بالسراي حيث التقى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ثم انتقل الى بكركي، ومنها الى معراب حيث التقى رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، فالبياضة حيث اجتمع مع رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل. وبعودته الى قصر الصنوبر حيث أجرى لقاءات مع عدد من المرشحين، إلتقى رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد.
وعلم أنّ أزعور تلقى اتصالاً فرنسياً لتحديد موعد اجتماع بالموفد الفرنسي، فأبلغ المتصّل انه في واشنطن، فتمّ الاتفاق على اللقاء الأسبوع المقبل.
ويختتم لودريان اليوم زيارته الاولى للبنان بلقاءات تشمل رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب تيمور جنبلاط ورئيس حزب “الكتائب” النائب سامي الجميّل ومستقلين وتغييريين، على ان تكون له لاحقاً أكثر من زيارة، كما أوضح ذلك.
**********************************************
افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط
لودريان يستمع إلى مواقف القوى اللبنانية ولا يحمل خياراً
التقى مرشحين للرئاسة… وغموض حول فرص فرنجية
بيروت: نذير رضا
لم تنجح لقاءات الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان «الاستطلاعية» مع ممثلي القوى السياسية اللبنانية في بيروت، بتحقيق خرق في جمود الملف الرئاسي، لكنها أشارت إلى أن الملف «غير متروك دولياً»، ووعد لودريان بأنه سيعود إلى بيروت في زيارة أخرى في حال تبلور تطور جديد.
وأجرى لودريان لقاءات في بيروت، الخميس، مع مسؤولين في إطار جهود تقودها باريس لإنهاء أزمة الشغور الرئاسي، في مهمة تبدو صعبة جراء الانقسامات السياسية المزمنة، والتقى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، والبطريرك الماروني بشارة الراعي، ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، ورئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، غداة لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري الأربعاء.
واللافت في الزيارة «الاستكشافية»، كما وصفها لودريان، أنه استمع إلى مختلف القوى السياسية من غير أن يقدم أي طرح بديل، حسب ما قالت مصادر لبنانية مواكبة للزيارة، وشملت اللقاءات مرشحين محتملين للرئاسة، هما فرنجية، والوزير الأسبق زياد بارود، فيما لم يتضمن جدول لقاءاته، حتى مساء الخميس، موعداً مع قائد الجيش العماد جوزيف عون. وقالت مصادر مواكبة إن نصائح قُدمت للموفد الفرنسي بعدم لقاء قائد الجيش بعد لقاء مرشحين آخرين، كيلا تُفهم الزيارة على أن قيادة الجيش جزء من الصراع السياسي، أو يعدّ البعض قائد الجيش طرفاً، حفاظاً على الجيش ودوره.
لودريان: لا أحمل خياراً
وبقيت الزيارة في إطار «الاستكشاف»، حيث استطلع مواقف القوى اللبنانية ومقاربات أحزابها للاستحقاق الرئاسي، «سعياً للمساعدة في إيجاد الحلول للأزمة التي يمر بها لبنان، والبحث مع مختلف الأطراف في كيفية إنجاز الحل المنشود»، كما قال بعد لقائه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، مؤكداً أنه لا يحمل أي طرح للأزمة.
وفي مقر البطريركية المارونية في بكركي، التقى البطريرك الراعي، وقال لودريان إثر اللقاء إن زيارته الأولى هدفها «الاستماع وإجراء المشاورات الضرورية مع كافة الأطراف للخروج فوراً من المأزق السياسي ثم النظر في أجندة إصلاحات من أجل أن يستعيد لبنان الحيوية والأمل». وأضاف: «لا أحمل أي خيار، بل سأستمع للجميع»، مشيراً إلى أنه ستكون هناك زيارات أخرى. وتابع: «الحل يبدأ من اللبنانيين». وقال إنه سيتواصل مع كل الفرقاء اللبنانيين للخروج من الأزمة، وسيسعى إلى وضع أجندة إصلاحات توفّر الأمل لإخراج لبنان من أزمته.
ورغم أنه كان مستمعاً في لقاءاته، تضاربت المعلومات حول مصير المبادرة الفرنسية السابقة التي قضت بانتخاب فرنجية رئيساً للجمهورية، كمقرب من «حزب الله» و«حركة أمل»، في مقابل تسمية رئيس للحكومة «يطمئن الفريق المعارض لوصول فرنجية»، ويكون بعيداً عن «أمل» و«حزب الله»، وذلك في «تسوية حفاظاً على التوازنات اللبنانية».
وفيما أكد جعجع وباسيل أن صفحة المبادرة «طُويت»، اكتفى فرنجية بالقول إن «اللقاء كان إيجابياً والحوار بناءً للمرحلة المقبلة». وقالت مصادر قريبة من «تيار المردة» لـ«الشرق الأوسط» إن نتائج اللقاء مع فرنجية كانت إيجابية، مؤكدة أن «المبادرة لم تمت، وهناك إصرار على إعطاء فرصة لنجاحها»، نافية أن تكون الخطة الثانية جرى تفعيلها، قائلة: «لا خطة بديلة للمبادرة، وداعمو فرنجية أبلغوا لودريان ذلك»، مضيفة أن الأصوات الـ51 التي أحرزها فرنجية في الجلسة الانتخابية «هي البداية، بينما أصوات منافسه جهاد أزعور الـ59 كانت ذروة ما يستطيع تحصيله».
ولا تشير هذه المعطيات إلى تحقيق خرق في أزمة انتخابات الرئاسة، وسرت تقديرات في الأوساط السياسية والحكومية اللبنانية أن «الاستعصاء الماثل يؤكد أن انتخاب الرئيس لن يكون قبل سبتمبر (أيلول) المقبل». وشرحت مصادر وزارية مطلعة على أجواء الزيارة الواقع بالإشارة إلى أن لودريان سيحمل خلاصة محادثاته إلى باريس، ويعود لاحقاً، وهذا أمر سيستغرق وقتاً.
وعلى ضفة موازية، قالت مصادر نيابية مواكبة للزيارة إن الاستعصاء الماثل «يثبت أن العقدة اللبنانية لن تُحل إلا بتدخل من الخارج»، بمعنى نقل المقترحات من الاتفاق بالداخل وإبلاغ الخارج بها، وانتظار ضغوطات من الخارج للسير بمرشح. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «كل فريق قادر على التعطيل، وليس هناك أي دافع أو سبب يمهد لحوار أو تفاهم داخلي، بعدما فشلت الضغوط الكنسية والسياسية والشعبية».
لقاءات لودريان
وافتتح لودريان لقاءاته الخميس باجتماع مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي. وخلال الاجتماع، أجرى الطرفان عرضاً مفصلاً للوضع في لبنان وللمساعي التي تقوم بها فرنسا لحل الأزمة السياسية، وشدد رئيس الحكومة على «أن المدخل إلى الحل يكمن في انتخاب رئيس جديد». وأشار إلى «أن الحكومة أنجزت المشاريع الإصلاحية المطلوبة، ووقعت الاتفاق الأولي مع صندوق النقد الدولي، وأن إقرار هذه المشاريع في مجلس النواب يعطي دفعاً للحلول الاقتصادية والاجتماعية المرجوة». وفي معراب، التقى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، الذي أشار إلى أن «الجلسة مع الموفد الفرنسيّ كانت استطلاعية 100 بالمائة». وبعد أن رحّب رئيس القوات بزيارة لودريان إلى لبنان، رأى أن «قصة الرئاسة تتعلق بـ128 نائباً»، معتبراً أنه «لولا الخطوة التعطيليّة لما كنا بحاجة لأميركا وفرنسا والسعودية وإيران». وإذ رفض جعجع الحوار حول فرنجية، قال إن المبادرة الفرنسية «باتت من الماضي»، وإنها «صفحة وطويت»، مضيفاً أن الموفد الفرنسي «لم يأتِ أبداً لإقناعنا بفرنجية أو بمرشح آخر». وشدّد جعجع على «ضرورة أن ينصب الجهد من قبل مختلف القوى اللبنانية، وليس من الفرنسيين»، آملاً من «كل الكتل النيابيّة إعادة النظر بمواقفها الأخيرة والذهاب إلى جلسة انتخابية جديدة، وليربح من يربح».
وبعد لقاء باسيل، كشفت قناة «أل بي سي» أن رئيس التيار تبلّغ من لودريان أن المرحلة السابقة طويت، وأن مرحلة جديدة بدأت من خلال جولته، وأن الأساس يبقى الحوار اللبناني اللبناني. بدوره، شرح رئيس «التيار» أن إنتاج رئيس لا يمكن أن يكون إلا نتيجة توافق بين جميع اللبنانيين حول الشخص والبرنامج، على أن يتم لاحقاً طلب الدعم الدولي لتنفيذ البرنامج. وقالت إن لودريان توقف بإيجابية عند ما قاله باسيل.
**********************************************
افتتاحية صحيفة الجمهورية
الجمهورية : لودريان يسأل وكلٌّ يُفسِّر على هواه: لا عاقل مع رئيس تحدِّ
لليوم الثاني على التوالي ظلت مهمة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الاستطلاعية محور الاهتمام والمتابعة لدى كل الاوساط السياسية، لكنّ الرجل، وفي ضوء استطلاعاته، وجد نفسه محاصراً بِكمّ هائل من التفسيرات للأسئلة التي يطرحها، والتي على اساس الاجوبة التي تلقّاها عليها سيَصوغ تقريره الى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ليبنى على الشيء مقتضاه لجهة ما يمكن ان تتخذه فرنسا من خطوات، بالتعاون مع السعودية وبقية دول مجموعة الخمسة العربية والدولية، تساعد على حل الازمة اللبنانية بدءاً بانتخاب رئيس للجمهورية وتكوين سلطة جديدة تتولى ورشة الانقاذ.
بالفرنسية استطلاع، وبلغة السياسة اللبنانية رسائل وإشارات…
هكذا أراد كل فريق تفسير مواقف الموفد الفرنسي جان ايف لودريان على رغم من انتقائه الكلمات استِشعاراً منه بدقة وحساسية المرحلة وحساسيتها. لكن مصدرا سياسيا رفيعا اطلع على أجواء غالبية اللقاءات واستطلع فحواها اكد لـ«الجمهورية» ان هذا الديبلوماسي الفرنسي المحنّك والعتيق كان سائلاً اكثر منه مُجيباً ومُطلِقاً مواقف.
واشار الى ان لودريان لم يحمل معه فكرة او طروحات انما كان واقعيا فتحدث اكثر عن البرامج والمواصفات متجنّباً الانحياز الى الاسماء، فالدولة التي تصنّف نفسها حالياً «ام الصبي» في الاستحقاق الرئاسي والتي تقود تفويضاً ظلها في مساعدة المسؤولين في لبنان على انجاز الاستحقاق لا تخوض حربا كونية و«تنفخ على اللبن لأن الحليب كاويها»، فرئيسها ايمانويل ماكرون بنفسه زار لبنان عام 2020 مرتين ولم يستطع التوصّل الى تشكيل حكومة، فكيف سيتمكن الان من انتخاب رئيس؟
من هنا يقول المصدر ان نصيحة المبعوث الفرنسي للجميع عموما كانت التفكير بعقل وللمسيحيين خصوصا بعدم الذهاب برئيس تحد والاتفاق مع الثنائي الشيعي وليضعوا الشروط والضمانات التي يريدون، خصوصاً ان الاصطفاف المسيحي الذي تجلى في جلسة ١٤ حزيران لم يصل الى نتيجة، بل على العكس كرَّس الشرخ. ولذلك لا تستطيع فرنسا ان تتبنى هذا الاصطفاف، و في كل الحالات سيرفع لودريان تقريره الى الاليزيه ويعود في تموز لاستكمال البحث.
مرحلة طُويِتَ
وعلمت «الجمهورية» من مصادر «التيار الوطني الحر» ان زيارة لودريان لرئيس التيار النائب جبران باسيل في منزله استمرت ساعة وربع ساعة، سمعَ خلالها الاخير منه انه في ضوء أزمة الرئاسة لا بد من البحث عن حلول جديدة، وأنّ هناك مرحلة طُويت ومرحلة جديدة بدأت وأن فرنسا لا تملك حلولاً معلبة ولا اجوبة مسبقة.
وتقاطَعت وجهة نظر باسيل مع رأي لو دريان على أن الرئيس اللبناني المنتظر لا يمكن أن يكون إلا نتاج حوار لبناني ـ لبناني. وشرح رئيس التيار وجهة نظره التي تقوم على ضرورة التحاور بين جميع المكونات اللبنانية للتوافق على اسم الرئيس وعلى الخطوط العريضة لبرنامج تنفذه طبعاً الحكومة، والذي على أساسه يتم طلب الدعم الخارجي. كذلك شرحَ باسيل للموفد الفرنسي أن الرئيس لا يمكن له أن ينجح ما لم يحظَ بدعم داخلي واسع إن لم يكن شاملاً، بدليل ما جرى من تفشيل لعهد الرئيس ميشال عون نتيجة مواقف قوى فاعلة في الدولة عارضت مجيئه من الاساس وتوعدت بإفشاله.
واشارت مصادر «التيار» الى انّ وجهات نظر باسيل ولودريان تلاقت في اكثر من نقطة، وفُهم ان زيارة الموفد الفرنسي للبنان ستتكرر قريبًا.
المبادرة مستمرة
في غضونِ ذلك توقفت مصادر مواكبة لزيارة لودريان عند دعوته فرنجية الى لقاء وغداء في قصر الصنوبر، فقالت لـ«الجمهورية» انّ فرنجية «مميز دائماً بالنسبة الى الفرنسيين إذ تربطه بهم علاقة مميزة قوامها الثقة في أدائه السياسي. ولو لم يكن كذلك لما ارتكزت المبادرة الفرنسية على ان يكون هو رئيساً للجمهورية. ومن هنا كانت دعوة لودريان له الى الغداء في قصر الصنوبر، ودامَ اللقاء بينهما نحو ساعتين.
ولفتت المصادر الى ان كل من التقى لودريان لمسَ ان فرنسا لم تخرج عن مبادرتها اذ ان هذه المبادرة لا تختصر برئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة فقط، وانما تتصل ببرنامج عمل لاحق من شأنه تسيير الامور ومنع التعطيل الذي عاشه لبنان في الفترات السابقة ما ضرب اقتصاده في العمق.
كما ان كل مَن التقى لودريان لمسَ منه عدم التراجع عن المبادرة الفرنسية كونها الاكثر واقعية والاكثر سرعة في التنفيذ، بحسب مقتضيات البيان الذي صدر في ختام القمة بين ماكرون وبن سلمان التي دعت الى الاسراع التام في انجاز الاستحقاق الرئاسي في لبنان، وانّ اي عودة عن هذه المبادرة من شأنها تأخير انجاز هذا الاستحقاق بينما البقاءعليها و»تكحيلها» من شأنه الاسراع في اجراء الانتخابات الرئاسية.
واكدت المصادر المواكبة نفسها ان كل مَن التقاهم لودريان من رافضي المبادرة الفرنسية خرجوا بانطباع سلبي. وهذا ما عكسه رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع الذي دعا بصورة لافتة الى عدم انتظار الخارج والذهاب الى انتخاب رئيس ضمن اطار اللعبة الداخلية، داعياً الى اجراء الانتخابات بالمرشحين فرنجية وازعور ومن يربح يربح. اما ما تم تسريبه عن لسان باسيل بعد لقائه لودريان من ان فرنسا قد تخلت عن كل مواقفها السابقة فهو غير صحيح لأن الموفد الفرنسي، وبحسب ما اكد جميع من التقاهم، كان مستمعاً ومصغياً الى كافة المداخلات من دون ان يبدي اي رأي حول اي مرشح.
كذلك كان اللافت تغريدة فرنجية بعد لقائه ماكرون حيث اتسمت بالايجابية، اذ كتبَ فيها: «نشكر وزير الخارجية الفرنسي السابق جان إيف لودريان وسفيرة فرنسا لدى لبنان آن غريو على دعوتهما الكريمة. اللقاء كان إيجابياً والحوار بناءً للمرحلة المقبلة».
جولة لودريان
وكان لودريان قد جال في اليوم الثاني من مهمته على كل من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي والبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ورئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سميرجعجع، والتقى رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية في قصر الصنوبر وتخلل اللقاء غداء عمل، قبل ان يُلبّي مساءً دعوة السفير السعودي وليد البخاري الى عشاء اقامه في فندق «فينيسيا» على شرف سفراء ورؤساء بعثات الدول العربية والأجنبية. وهو تقليد سنوي تقوم به كل سفارة في لبنان، فتولم على شرف بقية السفارات. وقد حضر هذا العشاء ايضا السفير الإيراني مجتبى أماني والقائم بأعمال السفارة السورية. فيما غابت السفيرة الاميركية دوروثي شيا لوجودها خارج لبنان.
واذ شدد رئيس الحكومة خلال لقائه مع لودريان على « أن المدخل الى الحل يكمن في انتخاب رئيس جديد». اكد لودريان «أن الهدف من زيارته الاولى للبنان استطلاع الوضع سعيا للمساعدة في ايجاد الحلول للازمة التي يمر بها لبنان والبحث مع مختلف الاطراف في سبل انجاز الحل المنشود».
وفي بكركي قال لودريان: «طلبَ مني الرئيس ماكرون أن اقوم بمهمة التشاور والاستماع الى المعنيين بطريقة تساعد هذا البلد على الخروج من ازمته السياسية». واضاف: «انا هنا لهذا الغرض ولن افوت اي فرصة وسأستمع الى الجميع في هذه الزيارة التي ستتبعها زيارات اخرى لمرافقة اللبنانيين للخروج من هذه الأزمة. انا لا أحمل أي طرح لكنني سأستمع الى الجميع والحل في الدرجة الأولى يأتي من اللبنانيين».
أما جعجع فقال بعد استقباله لودريان في معراب انّ «الجلسة مع الموفد الفرنسيّ كانت استطلاعية 100/100، فالضيف الفرنسي طرح العديد من الأسئلة حول الملف الرئاسي وكانت لنا أجوبة في هذا السياق». وإذ شدّد على أن لودريان «لا يحمل في جعبته اقتراحاً للاستحقاق الرئاسي».
وأكد جعجع أن «الحوار تطرق الى الاقتراحات المتاحة في هذا الاتجاه كما وجّه الموفد الفرنسي بعض الأسئلة حول جلسة 14 حزيران بالإضافة إلى أين نحن ذاهبون في ظل الفراغ الرئاسيّ».
واستبعد جعجع إبرام اتفاق دولي جديد كإتفاق الطائف، وشدّد على «ضرورة أن ينصب الجهد من قبل مختلف القوى اللبنانية وليس من الفرنسيين»، آملاً من «كل الكتل النيابيّة إعادة النظر بمواقفها الأخيرة والذهاب الى جلسة انتخابية جديدة، وليربح من يربح».
ورأى أن «قصة الرئاسة تتعلق بـ128 نائباً، ففي المرة الماضية «لو شَدّوا حالن شوي كان صار عنّا رئيس وكنا خلصنا»، باعتبار أنّ أحد المرشحين كان سينال 65 صوتاً، وبالتالي كان على الكتل النيابية أن تصوت مع هذا المرشح أو ذاك، من دون تعطيل النصاب كما فعلوا، ولولا الخطوة التعطيليّة لما كنّا بحاجة لأميركا وفرنسا والسعودية وإيران». وقال: «طرحنا كان واضحاً لجهة احترام العمل الديموقراطي للمؤسسات من خلال فتح دورات انتخابية متتالية داخل المجلس النيابي، الى حين انتخاب رئيس جديد للبلاد»، شارحاً «أهمية إجراء دورات متتالية في تعديل الآراء».
المعبر الالزامي
ومن جهتها، أكدت كتلة «الوفاء للمقاومة»، خلال اجتماعها الاسبوعي امس برئاسة رئيسها النائب محمد، أنّ «التفاهم الوطني بين اللبنانيين هو المعبر الإلزامي لإنجاز الاستحقاق الرئاسي، وأنّ هذا التفاهم المطلوب لا سبيل إلى التوصّل إليه إلا عبر تنحية الافرقاء لشروطهم المسبقة، والتوجّه لمباشرة الحوار بعضهم مع بعض بغية تقريب وجهات النظر وصولاً إلى الاقتناع المشترك بالخيار المناسب الذي تتقاطع عنده الرؤى والمصالح».
وشددت على «وجوب تداعي اللبنانيين للحوار في ما بينهم وتفترض أنهم المعنيون أساساً بمباشرة ذلك بغية التوصّل إلى جوامع مشتركة تضع حدّاً لأزمة الشغور الرئاسي في البلاد»، مشيرة الى أن «الدور الذي يمكن أن يؤديه بعض الأصدقاء للبنانيين، سواء كانوا إقليميين أم دوليين، هو في الحقيقة دورٌ مساعدٌ ننظر إليه بإيجابيّة، خصوصاً حين يعبّر عن حرص واضح على المصالح المشتركة مع لبنان، والتي لا بدّ من تفاهم اللبنانيين وتَشاركهم لتحقيقها وتطويرها».
**********************************************
افتتاحية صحيفة اللواء
مهرجان الصيف الرئاسي: لودريان يبحث عن الإصلاحات والمتغيِّرات
بكركي تبلِّغ الموفد الفرنسي رفض رعاية الحوار.. ومصير مرحلة ما بعد سلامة بمتابعة الخزانة الأميركية
أربع جمل مفتاحية تختصر وتضيء على مهمة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان في بيروت، والتي سجلت يوماً ثابتاً، حفل باستعراض فضفاض للمواقف، بدءاً من السراي الكبير، حيث التقى الرئيس نجيب ميقاتي، إلى بكركي حيث اختلى مع الكاردينال الماروني مار بشارة بطرس الراعي، الى معراب حيث عرين رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، فإلى البياضة حيث كشف رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل ان صفحة التسوية التي تبنتها فرنسا وقضت بترئيس الوزير السابق سليمان فرنجية وتخصيص رئيس الحكومة للقاضي في المحكمة الدولية نواف سلام قد سقطت، والباقي كان في قصر الصنوبر، اذ هناك اولم على شرف فرنجية، والتقى رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد ونواب ورؤساء الخ..
الجمل الأربع هي:
1 – لا احمل مبادرة فرنسية.
2 – مهمتي استشكافية استطلاعية.
3 – أحضّر لسلة من الاصلاحات.
4 – الحل بيد اللبنانيين.
وبتفصيل كل جملة، تكون الخلاصة ان لا جديد في المشهد، سوى تعبئة الفراغ، او الدخول في مشاهدة مهرجان (Festival) الصيف الرئاسي، حيث يحلّ لودريان زائرا لمرات ومرات بحثاً عن الاصلاحات التي يعكف على إعدادها، او البحث عن المتغيرات والتحولات، سواء في ما خصَّ هوية الرئيس وما يسميه، وامكانية السير بفترة استرضاء طويلة، مع حكومة تصريف الاعمال، قبل العثور على تقاطعات دولية، بدءاً من اللجنة الخماسية الدولية الى الكتل المتخاصمة، والرافضة الالتقاء عند منتصف الطريق، مع قرب انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلام، ومَن سيتولى قيادة الجيش عند احالة العماد جوزاف عون الى التقاعد حكماً، ما لم يصر الى التمديد له او استدعائه من الخدمة في ظل عدم وجود رئيس للاركان يتولى قيادة الجيش، وهو بحاجة الى ملء هذا المركز الشاغر، مع اعضاء في المجلس العسكري، حتى يكتمل عدده.
وفي هذا الاطار، تحدثت مصادر عن اجتماع قريب للمجلس المركزي في مصرف لبنان للبحث في مصير التعاميم 151 و161 و158، وكيفية احتساب الـ400 دولار باللبناني، وفقا للتعميم الأخير، وذلك بحضور سلامة لإيجاد قواعد عمل تكمل ما بدأه سلامة او تسير في اجواء اخرى، مع الخلاف الحاصل داخل المجلس، والذي كان يضبط وقائعه سلامة، لا سيما في ما خص سعر «صيرفة» او بقاء المنصة او إلغائها مع السعي الى توحيد سعر الصرف انسجاماً مع رغبة صندوق النقد الدولي..
وعلمت «اللواء» ان التحضيرات الجارية لمرحلة ما بعد رياض سلامة تتم بمتابعة وزارة الخزانة الاميركية، بما في ذلك تعزيز العلاقة مع نائب الحكم الاول وسيم منصوري، الذي ينص قانون النقد والتسليف بتولي صلاحيات الحاكم في حال شغور منصبه.
واشارت مصادر سياسية إلى أن خلاصة لقاءات لودريان مع المسؤولين والسياسيين الذين التقاهم حتى الان، بأنه لا يحمل اي مبادرة او طروحات فرنسية جديدة او بديلة عن المبادرة التي تم فيها دعم ترشيح فرنجية للرئاسة وسلام لرئاسة الحكومة، ولفتت الى انه لم يتطرق الى المبادرة المذكورة، لا من قريب اوبعيد، وحرص في بداية كل لقاء على طرح سؤال واحد على من يلتقيهم، وهو كيف يمكن الخروج من الازمة الخطيرة التي يتخبط فيها لبنان حاليا، وما هي الحلول الممكن مقاربتها، وتلقى قبولا من كافة الاطراف، لان البديل لحل الازمة، مزيد من انهيار وضعف المؤسسات والادارات العامة، وبالتالي تزداد الامور سوءا، ويصعب على الدول والمؤسسات المالية الدولية مساعدة لبنان للخروج من ازماته.
وشددت المصادر على ان اسئلة عديدة تتفرع من السؤال الوحيد الذي يطرحه لودريان على محدثه، ومن هذا السؤال تتفرع باقي الأسئلة التي تغطي كافة جوانب الاوضاع والازمة الراهنة، وكان حريصا على تدوين كل الملاحظات والافكار التي سمعها، واكد أكثر من مرة ان مهمته هي للتأكيد على حرص فرنسا على مساعدة لبنان، وان تشارك كل الاطراف من دون استثناء في صياغة الحلول المطروحة ضمن القواسم المشتركة التي تجمعها، والتي برأيه كفيلة في تقريب وجهات نظر الاطراف السياسيين من بعضهم البعض،برغم الانقسام الحاصل حاليا.
ونفت المصادر ان يكون الموفد الفرنسي قد طرح اسما معينا لاحد المرشحين للرئاسة، ولكنه استمزج بعض من التقاهم، عن مواصفات الشخصية التي يمكن ان تلاقي قبولا من معظم الاطراف السياسيين ، ويتم التحاور حولها، للخروج من مأزق الفراغ الرئاسي، ملمحا مرارا على وجوب ان يكون حل الازمة متكاملا، ولكنه لم يتطرق الى موضوع تنظيم مؤتمر جديد على غرار مؤتمر الدوحة او ما شابه،بل كان تركيزه منصبا على تحديد القواسم المشتركة والتي من خلالها تحل الكثير من المشاكل، ويمكن ايضا التحاور بين اللبنانيين انفسهم في وقت لاحق للمباشرة بالخروج من الازمة الحالية.
واعتبرت المصادر ان باكورة مهمة الموفد الفرنسي، هي في قول جعجع، ان الحوار ضروري ونحن مستعدون للاتفاق على مرشح، ما يعني التخلي عن ترشيح الوزير السابق جهاد ازعور، بينما كان باسيل قد مهد لهذا الطرح قبل ايام، وتكون النتيجة استعمال ترشيح ازعور من قبل الطرفين للعبور إلى الطرح الجديد، وليس إلى انتخابه رئيسا للجمهورية.
بكركي ترفض
وفي تطور متصل بموضوع الجهة التي سترعى الحوار، في حال تم التوصل الى التفاهم حوله، كشف مصدر مطلع على موقف بكركي ان البطريرك الراعي ابلغ الموفد لودريان، في الخلوة بينما انه لن يقبل دعوة الرئيس بري لرعاية الحوار، وبالتالي فالحوار يجب ان يجري داخل مجلس النواب، الذي يتعين عليه انتخاب رئيس الجمهورية.
لودريان في اليوم الثاني
وفي اليوم الثاني، لمهمته في بيروت، استأنف الموفد الرئاسي الفرنسي لودريان لقاءاته في بيروت امس، والتقى الرئيس ميقاتي وعدداً من رؤساء الاحزاب والكتل النيابية والمرشح الرئاسي المعلن رئيس تيار المردة سليمان فرنجية والمرشح غير المعلن رسمياً الوزير الاسبق زياد بارود. وتكشفت بعض المعلومات عن «اللقاءات الاستطلاعية» التي اجراها لمعرفة سبب وصول الإستحقاق الرئاسي الى حدّ الاستعصاء من دون ان يحمل مبادرة او مشروع حل لأزمة الشغور الرئاسي كما لم يحمل اسماء مرشحين تقترحهم للرئاسة.. وبدا من النتائج الاولية لتحرك الدبلوماسي الفرنسي ان لا بوادرحل قريب لا سيما وان لودريان وعد بالعودة الى بيروت بعد نحو شهر، ما يعني إطالة ازمة الشغور الى ما بعد المشاورات التي سيجريها لودريان في باريس وبعد اجتماع «اللقاء الخماسي العربي-الدولي في تموزالمقبل.
وأكد مطلعون على تحرك لودريان لـ «اللواء»، انه خلال لقاءاته مع ميقاتي والبطريرك الراعي ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل وفرنجية لم يحمل افكاراً جديدة ولا خطة عمل واضحة ومفصّلة ولا اسماء محددة لرئاسة الجمهورية، لكنه استمع الى ما لدى مضيفيه من اراء وشرح وتحليل للوضع وتبادل معهم الاراء حول سبل الخروج من ازمة الشغور الرئاسي. وطرح عدة اسئلة حول مجريات جلسة المجلس الانتخابية يوم الاربعاء الماضي، واسباب عدم حصول حوار او توافق، والمواقف من المرشحين للرئاسة.
واوضحت المصادر ان لودريان لم يطرح حلولاً واضحة في زيارته الحالية لبيروت، لكنه سيقوم بزيارة اخرى خلال شهر او زيارتين يطرح خلالها خطة عمل او خريطة طريق للخروج من الازمة، بعد التشاور مع القيادة الفرنسية و«بعد تحريك المياه الراكدة» حسبما اكدت المصادر. واشارت الى أن الزيارات كانت للإستماع الى المواقف مباشرة من اصحابها برغم من ان السفيرة غريو تعرف كل التفاصيل وتضع الرئاسة والخارجية الفرنسية في صورتها تباعاً، وبهذا المعنى فزيارة لو دريان لم تكن استطلاعية بالمعنى الحرفي للكلمة.
وفي خلال الاجتماع جرى عرض مفصل للوضع في لبنان وللمساعي التي تقوم بها فرنسا لحل الازمة السياسية، حيث شدد رئيس الحكومة على «أن المدخل الى الحل يكمن في انتخاب رئيس جديد».
واشار الى ان الحكومة انجزت المشاريع الاصلاحية المطلوبة ووقعت الاتفاق الاولي مع صندوق النقد الدولي، وان اقرار هذه المشاريع في مجلس النواب يعطي دفعا للحلول الاقتصادية والاجتماعية المرجوة».
أما الموفد الفرنسي لودريان فأكد «أن الهدف من زيارته الاولى للبنان استطلاع الوضع سعيا للمساعدة في إيجاد الحلول للأزمة التي يمر بها لبنان، والبحث مع مختلف الاطراف في كيفية انجاز الحل المنشود».
ومن السراي، انتقل لودريان الى الصرح البطريركي في بكركي للقاء الراعي، ترافقه السفير الفرنسية.وقال بعد اللقاء: أنّ الرّئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مصرّ على تقديم المساعدة المطلوبة للبنان. وسأتواصل مع كل الفرقاء اللبنانيين للخروج من الأزمة، وسأسعى إلى وضع أجندة إصلاحات توفّر الأمل لإخراج لبنان من أزمته، ولا أحمل أي طرح لكنني سأستمع الى الجميع، والحل في الدرجة الأولى يأتي من اللبنانيين.
اضاف: هي زيارة اولى ستلحقها زيارة اخرى الى لبنان للخروج من المأزق والحل يأتي من اللبنانيين وفرنسا ستبقى حاضرة دائما.
كما التقى جعجع لودريان في المقر العام للحزب في معراب، ترافقه غريو في حضور النواب ستريدا جعجع، جورج عقيص وبيار بو عاصي، رئيس جهاز العلاقات الخارجيّة في الحزب الوزير السابق ريشار قيومجيان.
وقال جعجع بعد لقائه لودريان: جولة الموفد الفرنسي استطلاعية مئة بالمئة، ولودريان لا يحمل في جعبته اقتراحاً للاستحقاق الرئاسي، والحوار تطرق الى الاقتراحات المتاحة في هذا الاتجاه كما وجّه الموفد الفرنسي بعض الأسئلة حول جلسة 14 حزيران بالإضافة إلى أين نحن ذاهبون في ظل الفراغ الرئاسي . وهو مُرحّب به مثل أي موفد أجنبي آخر، لكنّ المسألة الرئاسية مرتبطة بالداخل والنواب والكتل في البرلمان.
وعن إمكانية إحياء المبادرة الفرنسية التي رشحت سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية؟ قال جعجع أن هذه المرحلة باتت من الماضي، وأنها صفحة وانطوت، كما أن الموفد الفرنسي لم يأتِ أبداً لإقناعنا بفرنجية أو بمرشح آخر.
وذكرت اوساط شاركت في اجتماع معراب ان «لا افضليات لفرنسا في الملف الرئاسي وهي مستعدة للقيام بوساطة بين الافرقاء اللبنانيين، لكن الحل يجب ان يكون لبنانيا والموفد الفرنسي مدرك لصعوبة المهمة».
واستقبل لودريان فرنجية في قصر الصنوبر على مائدة غداء، بحضور السفيرة الفرنسية آن غريو والنائب طوني فرنجيه والوزير السابق روني عريجي وكان اللقاء إيجابيا وجرى حوار بناء للمرحلة المقبلة.
وكتب فرنجية عبر حسابه على تويتر: نشكر وزير الخارجية الفرنسي السابق جان إيف لودريان وسفيرة فرنسا لدى لبنان آن غريو على دعوتهما الكريمة. اللقاء كان إيجابياً والحوار بناء للمرحلة المقبلة.
كما اجتمع الى رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل عند الرابعة في البياضة، وكشفت عضو تكتل لبنان القوي النائبة ندى البستاني: ان اللقاء دام اكثر من ساعة والأجواء جيدة وهو جاء مستطلعاً، وأن المرحلة السابقة طويت. وان لودريان سمع من باسيل أن انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان لا يكون إلا نتيجة توافق بين المكونات السياسية.
وذكرت أنّ رئيس التيار تبلّغ من لودريان «أن المرحلة السابقة طويت وأن مرحلة جديدة بدأت من خلال جولته، وان الاساس يبقى الحوار اللبناني- اللبناني».
بدوره أكد باسيل «ان انتاج رئيس لا يمكن ان يكون الا نتيجة توافق بين جميع اللبنانيين حول الشخص والبرنامج، على ان يتم لاحقا طلب الدعم الدولي لتنفيذ البرنامج. وقد توقف لودريان بايجابية عند ما قاله باسيل».
واستقبل لو دريان الوزير السابق زياد بارود مساء في السفارة الفرنسية، ووفدا من حزب الله برئاسة رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد.
ويواصل لودريان اجتماعاته اليوم بلقاءات مع كتل ونواب مستقلين. ومنهم كتلة اللقاء الديموقراطي بعد الظهر، و«كتلة الاعتدال الوطني»، ورئيس «تيار الكرامة» النائب فيصل كرامي مساء الجمعة، ممثّلاً تكتّل «التوافق الوطني»، والتكتل الوطني المستقل»، وكتلة تجدد الساعة العاشرة صباحاً. على ان تكون هناك لقاءات فردية وأخرى جماعية، وقد تشمل سفراء « اللقاء الخماسي العربي- الدولي» في لبنان.
لكن علمت «اللواء» ان الدعوة لم توجه الى كل نواب «مجموعة التغيير» ومنهم النائبان ملحم خلف ونجاة صليبا برغم اعتصامهما 155 يوما في قاعة المجلس والمواقف التي يعلنانها، بل الى عددٍ منهم وسيكونون الساعة الواحدة من ظهر اليوم الى مائدة غداء لودريان.(اعتذر النائب مارك ضو عن الحضور بسبب سفره خارج لبنان).
وقالت النائبة «في مجموعة التغييير» بولا يعقوبيان لـ«اللواء»: ان نصف اعضاء المجموعة او اكثر سيلتقوا لودريان (في موعد واحد)، وبرأيي ان الزيارة لم تكن استطلاعية لأن لفرنسا سفارة كبيرة ونشيطة في لبنان و«لبنانيون كثر يتبرعون بإرسال التقارير اليها»، وهي بالتالي ليست بحاجة الى معرفة مواقف الاطراف عبر موفد رئاسي. لكن فرنسا تحاول البحث عن حل ما، واعادة العلاقة الى طبيعتها مع بعض الاطراف التي رفضت المبادرة الفرنسية السابقة (فرنجية مقابل نواف سلام) وابدت عتبها على باريس.
وكشفت عن ان مرشح فريق المعارضة والتيار الوطني الحر لرئاسة الجمهورية الوزير السابق جهاد ازعور تلقى اتصالا فرنسياً لتحديد موعد اجتماع مع لودريان الموجود، فابلغهم ازعور انه خارج لبنان، وهو الان في واشنطن، وبناء عليه، تم الاتفاق على تحديد موعد لاحق بين الطرفين.
وكان من ابرز المواقف السياسية امس، ما قالته كتلة «الوفاء للمقاومة» في بيان اثر اجتماعها الدوري من «وجوب تداعي اللبنانيين للحوار في ما بينهم وتفترض أنهم المعنيون أساساً بمباشرة ذلك، بغية التوصل إلى جوامع مشتركة تضع حدّاً لأزمة الشغور الرئاسي في البلاد. وإنّ الدور الذي يمكن أن يؤديه بعض الأصدقاء للبنانيين، سواء كانوا إقليميين أم دوليين، هو في الحقيقة دورٌ مساعدٌ ننظر إليه بإيجابيّة، خصوصاً حين يعبّر عن حرصٍ واضحٍ على المصالح المشتركة مع لبنان والتي لا بدّ من تفاهم اللبنانيين وتشاركهم لتحقيقها وتطويرها .
عشاء البخاري
على صعيد متصل، اقام السفير السعودي في بيروت وليد بخاري عشاءً تحت عنوان «الديبلوماسية المستدامة»،مساء امس في فندق «فينيسيا:، دعا إليه عدداً من سفراء الدول العربية والإسلامية، من ضمنهم السفير الايراني مجتبى أماني والقائم بأعمال السفارة السورية علي دغمان. في الإطار، لبَّى وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب دعوة سفير المملكة العربية السعودية وليد البخاري إلى عشاءٍ حضره أكثر من 60 رئيس بعثة دبلوماسية عربية وأجنبية وممثلي منظمات، بما في ذلك سفير روسيا والقائم الاعمال الاوكراني.
وفي هذه المناسبة، ألقى الوزير بوحبيب كلمة تناول فيها العلاقة التاريخية بين لبنان والمملكة السعودية.
قال فيها: «في البداية الشكر لسعادة سفير المملكة العربية السعودية وليد البخاري على هذه الدعوة الكريمة وهذه اللفتة الطيبة. انها تكريم للبنان، وبالأخص لوزارة الخارجية والمغتربين، كما أرحّب وأشكر الزملاء رؤساء البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية الحاضرين وكافة الزملاء الدبلوماسيين والأصدقاء».
الى ذلك، أكدت مصادر في السفارة السعودية ان «لا علاقة لحفل العشاء بزيارة لودريان الى لبنان، ولا بالموضوع الرئاسي لا من قريب ولا من بعيد؛.
التجديد للطوارئ
من جهة ثانية، اجرى وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بوحبيب سلسلة لقاءات ديبلوماسية حيث بحث على التوالي مع كل من سفيرة سويسرا لدى لبنان ماريون ويشلت، وسفير الصين تشيان مين جيان العلاقات الثنائية إضافة الى موضوع التجديد المرتقب لعمل قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان (اليونيفيل) خصوصا وان الوزير بو حبيب سيبعث برسالة الى مجلس الامن يطلب فيها تجديد مهام اليونيفيل لسنة جديدة حتى نهاية العام 2024.
تربوياً، سجل قرار الحكومة امس الاول الغاء امتحانات البريفية تفاعلاً خطيراً، ووسط حديث عن قطبة مخفية خلف القرار، أشار الأمين العام للمدارس الكاثوليكية الأب يوسف نصر الى أن وزير التربية لم يكن على علم بقرار إلغاء امتحانات الشهادة المتوسطة بحيث تم اعلام المدارس في اجتماع قبل يومين بأن الامتحانات ستحصل في موعدها، مؤكدًّا ان من الواجب التوقف على تداعيات هذا الغاء، ومعرفة الحقيقة التي دفعت مجلس الوزراء الى هذا القرار. وقال «لم نكن على اطلاع بتفاصيل واقع المراقبين والواقع المرير الذي تمرّ به الوزارة، ولكن نرفض اخذ هذا الموضوع حجة لإلغاء الإمتحانات».
وقال الوزير عباس حلبي: من طرح جدول الاعمال وبغض النظر عن اي اعتبار تربوي، قيل لنا ان القوى الامنية قد لا تكون جاهزة لتأمين هذه العملية، متسائلاً كيف يمكن ان لا يتأمن أمن شهادة البريفية، فيما تستطيع القوى الامنية تأمين شهادة الثانوية العامة؟
**********************************************
افتتاحية صحيفة الديار
استنتاجات متناقضة في اليوم الثاني من زيارة لودريان: الجميع خرج رابحاً!
الجولة الفرنسية تقييمية وتؤسس لمرحلة تفاهم اقليمي دولي حول الملف اللبناني
مزارع شبعا «نار تحت رماد» التوتر الاسرائيلي – ابراهيم ناصرالدين
خرج الجميع رابحا من جولة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان، فكل من زاره او التقاه في قصر الصنوبر، سرب عبر مصادر، او صرح، قائلا «بانه مرتاح والاجواء ايجابية». «بنشعي» مرتاحة و«معراب» ايضا «البياضة» كذلك، وقبلها بكركي «وعين التينة»، وحزب الله. رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل يؤكد ان المبادرة الفرنسية طويت،واصبحت من الماضي، في المقابل لم يشعر رئيس تيار المردة سليمان فرنجية انه تم التخلي عنه فرنسيا، على عكس ما استشفت «معراب» من اللقاء مع لودريان. كل «يغني على ليلاه»، فاما يترجم هؤلاء ما يقوله المبعوث الفرنسي كما يناسبهم، او ربما يتقصد لودريان «المستطلع» اسماع كل طرف ما يطربه في غياب مبادرة فرنسية واضحة المعالم. ولهذا كل الاطراف ترى نفسها «رابحة» في هذه الجولة التي ستكرس الانقسام اللبناني على اوضح وابهى صوره، وسيعود لودريان الى بلاده وهو على قناعة تامة بانه لن يستطيع بالدبلوماسية الناعمة اقناع احد بتغيير موقفه، والمهمة التي سبق ووصفها دبلوماسي فرنسي بانها شبه مستحيلة تبدو مستحيلة بعدما تبين للفرنسيين انه اذا بقيت المعطيات الراهنة على حالها ولم تتغير مواقف الدول المؤثرة على الساحة اللبنانية وتتخذ قرار التدخل على نحو مباشر لفرض تسوية، فان فرص النجاح تبقى ضئيلة. هذه الاجواء المعقدة تتناقض مع المشهد في فندق فينسيا حيث نظم السفير السعودي الوليد البخاري مساء امس عشاء ديبلوماسيا، تحت عنوان «خلق شبكة امان دولية للبنان»، حيث جلس السفير الايراني على طاولته وحضرالقائم بالاعمال السوري، في «رسالة» بالغة الدلالة بالشكل والتوقيت..في هذا الوقت، ارتفعت الاصوات داخل دولة الاحتلال الاسرائيلي منتقدة العجز الفاضح للحكومة في مواجهة حزب الله الذي يزعم الجيش الاسرائيلي انه نصب خيمتين داخل مزارع شبعا المحتلة متجاوزا «الخط الازرق»، دون رد فعل اسرائيلي على الارض، مع تحذير من اي خطوة متهورة في منطقة «النار» فيها تحت «الرماد» وقابلة للاشتعال فيما بات يعرف بتوحد الساحات.
تقييم محبط واجتهاد في غياب النص!
بالعودة الى جولة لودريان، رات مصادر ديبلوماسية ان اسباب التضارب بقراءة الموقف الفرنسي يعود الى «اجتهاد» لبناني في غياب «النص» الفرنسي، لان باريس لم تقل «كلمتها» عبر مبعوثها الرئاسي، بل جاء في هذه الزيارة ليستطلع لا لكي يضع اي طرح على «الطاولة»، ولهذا فان عدم حديثه عن «المقايضة» فسره خصوم فرنجية لصالحهم فيما اعتبر الاخير ان عدم وجود طرح مغاير يعني عدم وجود تغيير في الموقف الفرنسي!؟ وفي الخلاصة لا توجد مبادرة فرنسية او دولية-اقليمية للحل، ما يقوم به لودريان جولة استطلاعية دون طرح اي مبادرة للخروج من المأزق، هو اعلن ان للبحث الفرنسي في بيروت صلة حيث أعلن انه سيعود الى لبنان قريبا، مشيرا الى ان اي حل يجب ان ينطلق من الجانب اللبناني.. ولا تخفي المصادر ان التعقيدات الحالية تبدو عصية على الحل الداخلي ومن الصعب التوصل الى ارضية مشتركة بين مختلف القوى التي تعرض المشكلات ولا تقدم حلولا او مخارج، ولان المكتوب يقرا من عنوانه، فان تقرير لودريان الى الرئيس ايمانويل ماكرون ووزيرة الخارجية كاترين كولونا، سيكون «محبطا» ويعكس التعقيدات الكبيرة في المشهد اللبناني، ولهذا سيقدم لودريان توصية بضرورة اشراك اللجنة الخماسية بجدية في الحل ووضع واشنطن والسعودية وايران امام مسؤولياتهم لتحريك الجمود «القاتل» بخطوات عملية يجب ان تستبق جولة لو دريان الثانية، لانه بات على قناعة بان باريس وحدها غير قادرة على مساعدة اللبنانيين بالخروج من المأزق، وحتى ذلك الحين سيكون الملف اللبناني في «ثلاجة» الانتظار في ظل انسداد المخارج المحلية وانقطاع التواصل بين «الخصوم».
بكركي «تغسل يديها» من الحوار
وكان الموفد الرئاسي الفرنسي، بدا، جولاته على المسؤولين اللبنانيين صباحا من السرايا الحكومية حيث التقى رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، في حضور سفيرة فرنسا آن غريو. وتمّ خلال الاجتماع عرض مفصّل للوضع في لبنان وللمساعي التي تقوم بها فرنسا لحلّ الأزمة السياسية، ومن بكركي أوضح لودريان أنّ الهدف من زيارته الأولى للبنان استطلاع الوضع سعياً للمساعدة في إيجاد الحلول للأزمة التي يمرّ بها لبنان والبحث مع مختلف الأطراف في كيفية إنجاز الحل المنشود. وقد «غسلت» بكركي يديها من ما اسمته مصادر مقربة منها محاولة لتوريط الصرح بطروحات غير مجدية مشددة على رفضها تكريس المرجعيات الطائفية، مشيرة انه اذا كان لا بد من حوار فليحصل في المجلس النيابي وليتم الاحتكام الى الدستور من خلال جلسات مفتوحة حتى انتخاب رئيس للجمهورية…
اجواء متضاربة بين معراب – بنشعي- والبياضة؟!
انتقل لودريان إلى معراب حيث بدأ من هناك تضارب المعلومات، واختلط حابل التمنيات بالوقائع، رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، قال، بعد اللقاء «إنّ موضوع الرئاسة بحاجة إلى 128 نائباً، والملف لا يتطلّب تدخلاً دولياً». ووصف جولة الموفد الفرنسي بالـ«استطلاعية»، لافتًا إلى أنّه «طرح أسئلة عن مختلف الأمور، وليس لديه أيّ مقترح لطرحه». وأضاف: «كل ما نبحث فيه أن يكون النواب في موقع صحيح بطريقة العمل ومع محبتي لفرنسا لا نريد تدخلها ولا تدخل إيران ونريد قراراً سيادياً داخلياً. نريد فقط انتخاب رئيس إنّما البعض للأسف عطّل فيما كان من الممكن أن تكون النتيجة حاسمة ويريدون أن يديرونا لانتخاب الوزير السابق سليمان فرنجية وهذا لن يحصل». ورأى أنّ «الحوار ضروري ونحن على جهوزية للاتفاق على مرشح، لكن ليس وفق الطريقة القائمة حالياً، وخصوصاً وسط تمسّك محور الممانعة بترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية. وعن إمكانية إحياء المبادرة الفرنسية التي رشحت سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، لفت جعجع إلى أن «هذه المرحلة باتت من الماضي، وأنها صفحة وانطوت، كما أن الموفد الفرنسي لم يأتِ أبداً لإقناعنا بفرنجية أو بمرشح آخر». ولفتت اوساط شاركت في اجتماع معراب الى ان «لا افضليات لفرنسا في الملف الرئاسي وهي مستعدة للقيام بوساطة بين الافرقاء اللبنانيين لكن الحل يجب ان يكون لبنانيا والموفد الفرنسي مدرك لصعوبة المهمة.
من جهتها اكدت اوساط «بنشعي» بعد لقاء لودريان ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية على مائدة الغداء في قصر الصنوبر، ان الاجتماع كان ايجابيا، والمبادرة الفرنسية لا تزال قائمة. ولفتت الى ان الفرنسيين يبحثون عن حل متكامل للازمة يشارك فيها جميع الافرقاء، ولفتت الى ان فرنجية لم يشعر بان هناك رجوعا عن المبادرة الفرنسية، بل كان الجو اكثر من ايجابي. وقد استمع لودريان بعناية شديدة لراي فرنجية في الاستحقاق الرئاسي وقد جرى حوار بناء للمرحلة المقبلة. في المقابل، وبعد اللقاء مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في البياضة قالت مصادر التيار الوطني الحر ان لودريان ابلغ باسيل أن المرحلة السابقة حول ترشيح فرنجية قد طويت وبدات مرحلة جديدة مع زيارته. لودريان سمع من باسيل أن انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان لا يكون إلا نتيجة توافق بين المكونات السياسية. واكدت تلك الاوساط، ان الاجتماع دام ساعة وربع الساعة والأجواء جيدة وهو جاء مستطلعا.
ايجابية حزب الله
ومساء، التقى لودريان وفد حزب الله برئاسة رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، وعضوية مسؤول العلاقات الخارجية عمار الموسوي في قصر الصنوبر، ووفقا للمعلومات، كان اللقاء وديا وايجابيا في ظل التقاء الطرفين على اكثر من قاسم مشترك ابرزها ضرورة الحوار للوصول الى مخرج للازمة الراهنة. وكانت كتلة «الوفاء للمقاومة» قد استبقت اللقاء بالتاكيد على وجوب تداعي اللبنانيين للحوار فيما بينهم لأنهم المعنيون أساساً بمباشرة ذلك بغية التوصل إلى جوامع مشتركة تضع حدّاً لأزمة الشغور الرئاسي في البلاد. وقالت إنّ الدور الذي يمكن أن يؤديه بعض الأصدقاء للبنانيين، سواء كانوا إقليميين أم دوليين، هو في الحقيقة دورٌ مساعدٌ ننظر إليه بإيجابيّة، خصوصاً حين يعبّر عن حرصٍ واضحٍ على المصالح المشتركة مع لبنان والتي لا بدّ من تفاهم اللبنانيين وتشاركهم لتحقيقها وتطويرها. كما استقبل الوزير السابق زياد بارود مساء في السفارة الفرنسية، ويواصل لودريان اجتماعاته اليوم حيث قد تشمل اجتماع مع سفراء «الخماسي الدولي» في لبنان، كما سيجمع مختلف الكتل النيابية التي لم يلتق بممثليها بالامس، وبينهم النائب تيمور جنبلاط مساء اليوم الجمعة على ان تكون هناك لقاءات خاصة وأخرى جماعية، فيما لم تتم دعوة عدد من النواب التغييريين بينهم نجاة صليبا وملحم خلف!.
العشاء السعودي
وفي توقيت وحضور لافتين، اقام السفير السعودي في بيروت وليد البخاري عشاءً تحت عنوان «الديبلوماسية المستدامة»، مساء امس، دعا إليه أكثر من 50 رئيس بعثة دبلوماسية عربية وأجنبية وممثلي منظمات، من ضمنهم السفير الايراني مجتبى أماني والقائم بأعمال السفارة السورية علي دغمان، ووفقا لمصادر مطلعة لا تسمح طبيعة اللقاء باي مناقشة للملف الرئاسي اللبناني، لكن طبيعة الحضور هذه المرة تعكس اجواء التلاقي في المنطقة التي ستنعكس آجلا او عاجلا على لبنان.
مزارع شبعا «نار تحت الرماد»؟
في غضون ذلك، ارتفعت حدة التوتر على الحدود الجنوبية مع اصرار قوات الاحتلال الاسرائيلي على تضخيم الاحداث في مزارع شبعا، بعدما تحدثت عن اختراق لحزب الله في المنطقة، وفيما وصفت مصادر مطلعة ان ما يجري في المنطقة «نار تحت الرماد»، محذرة من اي خطوة اسرائيلية قد تدفع المنطقة الى تصعيد خطير. ارتفعت الاصوات المنتقدة في اسرائيل لما اسمته ضعف رد فعل الحكومة ازاء مواجهة ما اسمته تحديات حزب الله «الاستفزازية» في المزارع ، وذلك بعد ساعات على الكشف عن ما اسمته قوات العدو،اختراق مزارع شبعا من قبل عناصر من الحزب الذي وضع مؤخراً خيمتين وفيهما مقاتلون، من خلال انزلاق متعمد لبضعة أمتار داخل منطقة تحت سيطرة إسرائيل. وقالت صحيفة «هآرتس» ان الجيش الإسرائيلي والحكومة يعرفان عن هذا التجاوز، وتابع الجيش بشكل دائم ما يحدث في المكان، لكنه أمر لم يتم إبلاغ الجمهور عنه حتى أمس الاول. واشارت الى ان حزب الله ثبت حقائق على الأرض في مزارع شبعا في المنطقة التي هي تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي والتي يحظر دخول المدنيين إليها. لكن المستوى السياسي والجيش قررا الامتناع عن استخدام القوة، واختارا نقل رسائل تهديد عبر قنوات ديبلوماسية بواسطة قوة «اليونيفيل» وبعض الدول الغربية. لكن التهديدات لم تثمر أي نتائج حتى الآن، على الرغم من التهديد بالقيام بالإخلاء بالقوة. وهي خطوة قد تؤدي إلى تصادم عنيف بشكل أوسع مع حزب الله.
لا يجب التصعيد
ووفقا للصحيفة، ثمة إغراء كبير ومبرر لانتقاد الحكومة بسبب سلوكها على الحدود اللبنانية. فمن جهة، تتبجح الحكومة اليمينية المطلقة وتهدد باستمرار بضرب الأعداء بكل قوة، ومن جهة أخرى تضبط نفسها إزاء «استفزازات» حزب الله الصارخة، بل وحاولت إخفاء ذلك عن المواطنين. مع ذلك، من الأفضل للمعارضة عدم حث الحكومة على فعل المزيد، بالتحديد في هذا المجال. ويبدو أن الأمر الأخير الذي تحتاجه إسرائيل الآن هو التصعيد على جبهة أخرى، أمام حزب الله. خصوصا ان هناك ميلا لتوحد الساحات المختلفة من أجل عمل موحد.
حزب الله والتحدي المحسوب
ووفقا للإذاعة الإسرائيلية، فإن إسرائيل توجهت فقط إلى قوات الأمم المتحدة المتواجدة في لبنان، وأطلعت دولاً معيّنة بشأن موضوع الخيمتين، «من دون أن تطلب مساعدة في إزالتها من هذه الدول»؛ إذ هدفت إلى تمرير رسالة مفادها بأنها على دراية بما يجري في الحدود، عسى أن تلتقط هذه الدول الإشارة وتوجه بدورها رسالة لحزب الله ولبنان عبر القنوات الدبلوماسية. وبرأي «هآرتس» فان ما حصل الجبهة الشمالية شكل مفاجأة، ولفتت الى ان التحدي المحسوب لحزب الله هو جزء من خطة مبرمجة يعمل عليها في مواجهة قيام إسرائيل في السنتين الأخيرتين بتحسين الخطط الدفاعية على الحدود مع لبنان . فهي تبني جداراً على مقاطع على الحدود المعرضة للاختراق. حزب الله يتهمها بخرق سيادة لبنان في عدة نقاط على طول الحدود. وفي الوقت نفسه، نشر معظم الوحدات من قوة النخبة «الرضوان» قرب الحدود في جنوب لبنان، وأقام عشرات مواقع المراقبة على طول الجدار تحت غطاء مواقع لحماية الطبيعة.
ضعف حكومة نتانياهو
ولا تقف الامور عند هذا الحد،حالة الوهن الاسرائيلية، تتظهر بحسب مصادر امنية في كيان العدو بأحداث على ثلاث ساحات حدثت خلال بضع ساعات، أبرزت عدم السيطرة على الأمور في الفترة الحالية. وقالت للصحيفة، في الضفة الغربية قام مئات المستوطنين بأعمال الشغب وأحرقوا بيوتاً وسيارات لفلسطينيين انتقاماً على عملية إطلاق النار التي قتل فيها أربعة إسرائيليين. أما في هضبة الجولان فأصيب خمسة مواطنين بإصابات بالغة في مواجهات عنيفة بين الشرطة وأبناء الطائفة الدرزية على خلفية معارضتهم إقامة مزارع الرياح. وعلى الحدود اللبنانية في مزارع شبعا تبين بشكل متأخر أن حزب الله قد اخترق المنطقة التي هي تحت سيطرة إسرائيل وأقام هناك خيمتين ووضع فيهما نشطاء مسلحين – الجيش الإسرائيلي لم يعمل على إبعادهم بالقوة. يبدو أن هذه الساحات الثلاث غير مرتبطة بشكل مباشر بعضها ببعض. مع ذلك، ثمة قاسم مشترك بين المواجهات الثلاث؛ وهو ان السلطة المركزية في اسرائيل آخذة في الضعف.
**********************************************
افتتاحية صحيفة الشرق
إفرام: أسعى للرئاسة وأحمل مشروعاً للتغيير
كشف النائب نعمة افرام خلال حديث إلى برنامج «مع وليد عبود» عبر تلفزيون لبنان، أنّه صوّت في جلسة 14 حزيران لصالح الوزير السابق جهاد أزعور، لأنّه اختار كمسيحي من كسروان الانحياز إلى الاصطفاف المسيحي.
وشرح أنه «يسعى للوصول إلى رئاسة الجمهورية لأنّه يتقن إدارة التغيير ويعرف أولويات الإنقاذ»، واعتبر أنّ «رئيس الجمهورية عليه أن يأتي من عالم المستقبل»، ولفت إلى أنّه «أضرب رئيس إذا لم يكن الزمن زمن إصلاح».
وفي ما يتعلق بالمقارنة بينه وجهاد أزعور، قال افرام: «إنّ صندوق النقد الدولي ليس أكثر من مقبّلات، وفي حال وصوله إلى سدّة الرئاسة، سيضع نصب عينيه استقطاب رؤوس الأموال اللبنانية المهاجرة بهدف توظيفها في مشاريع منتجة، كما سيسعى إلى استقطاب أموال من البنك الدولي والدول الموظّفة، وإلى تثمير أصول الدولة»، مؤكداً أنّ «هذا المشروع يعيد الودائع، وأنّ الانهيار المالي أكبر فرصة لتدمير الدولة العميقة».
وبالنسبة إلى عدم تبنّيه رئاسياً، قال افرام: «لا مشكلة لدي مع القوات اللبنانية، مشكلتي مع صديقي السابق النائب جبران باسيل».
واعتبر أنّ «مؤسسات الدولة هي المشروع الوحيد الذي يجمع المكونات اللبنانية المتباينة على مساحة مشتركة، وانتقد التنظير الذي لا يشبه الواقع المعيوش، وقال: «عم نكذّب ع بعض باللامركزية، والقانون الحالي شلنالو ضفيرو وعيونو وسنانو».
على الصعيد الخارجي، توقع افرام لسوريا أن تشهد نهضة، ورأى أنها «قادمة على زمن جديد»، واعتبر أن «على لبنان الانتساب إلى مشروع نهضة الشرق الذي أطلقه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان».
مطالعة رئاسيّة مفصّلة: نحن أمام امتحان التاريخ
أعلن رئيس المجلس التنفيذيّ لـ«مشروع وطن الإنسان» النائب نعمة افرام في مقاربة له تطرّق خلالها إلى مختلف المواضيع المطروحة أنّه:»إذا لم يكن الزمن هو للإصلاح والبناء فلست الرجل المطلوب. وإذا كانوا يبحثون عمّن يحرس الوضع الراهن لستّ سنوات أخرى، فأنا لست معنيّاً بالرئاسة. كما لا أسعى أن أعمل رئيس جمهوريّة تسلّل، فلن أتمكّن من العمل إذا كنت على خلاف مع نصف النوّاب في المجلس».
وأشار إلى أنّ «الهدف ليس أن اصبح رئيساً بل أن أخرج من الرئاسة مع المواطن والوطن بنجاح. وأجد إنّ الأولويّة اليوم للإنقاذ، ويجب ترتيب الأولويّات والإنصراف إلى إدارة التغيير، وفي هذا الإطار أعتبر نفسي مؤهّلاً كي أدير هذه العمليّة كرئيس للجمهوريّة نظراً لما أملك من خبرة في مواضيع الاقتصاد وبناء المؤسّسات وإدارة التغيير».
أضاف: «في لحظة تأمّل عميق عندما أفكّر ماذا سيحدث إن أصبحت رئيساً أقول «أبعد عنّي هذا الكأس»، وفي الوقت عينه أقول «لتكن مشيئتك». فالرئاسة مهمّة مشرّفة جدّاً، فإذا نجحت أكون أدّيت واجبي مع العلم إنّ احتمالات الفشل في بلد مثل لبنان كبيرة جداً».
عن الهواجس والمساحة المشتركة
وحذر من «الخطر الكياني الكبير على لبنان الذي من الممكن له أن يغيّر جوهره ومعناه إلى غير رجعة مع مشهد الانهيار المأسوي الكامل للمؤسّسات»، وقال: «أنا نعمة افرام المارونيّ ابن كسروان، لا أريد أن أحمل هواجس الموارنة فقط، بل السنّة والشيعة والدروز وكافة المكوّنات المجتمعيّة، وعلى الآخرين أن يفعلوا الشيء نفسه».
واستطرد: «شخصيّاً، لقد لبست شخصيّات ووجدان العائلات الروحيّة اللبنانيّة، ووضعت لائحة بهواجس الكلّ، وبتّ على دراية واسعة عن مكامن الحذر والألم عند الجميع. ما يجمع اليوم هو الوجع المشترك الذي يفوق كلّ احتمال. ولا سبيل لمعالجته إلاّ من خلال المساحة المشتركة الجامعة والمشروع المشترك المتمثّل ببناء الدولة الحديثة بين المكوّنات الأربع الأساسيّة، التي تكمن بالعقد الاجتماعيّ كمقّدمة، من أجل إعادة بناء الثقة وبناء مؤسّسات الدولة مع قياس خدماتها للمواطنين جميعاً بأعلى المستويات والشروع بالانقاذ الاقتصاديّ والحياتيّ».
أضاف: «نحن أمام فرصة حقيقيّة انبثقت من الانهيار الماليّ لتدمير الدولة العميقة، هذه الدولة العميقة على عهد دولار الـ ١٥٠٠ كانت هي الملكة وكنّا جميعاً موظفين تحت إمرتها».
وأكمل: «قبل انتخابات ٢٠١٨ مثلاً وفي بلد يعاني من عجز في ميزان المدفوعات وعجز في الميزان التجاريّ، قرّرت الدولة العميقة زيادة رواتب موظفيها ٣٠% في خطوة شعبويّة خدمة للانتخابات. اليوم لم يعد ممكناً تطبيق هذا الأمر، فالذخيرة نفدت، لذا الآن هو التوقيت السليم والفرصة المؤاتية لإحداث التغيير البنيويّ. وعندما ندخل مرحلة الإنتاجيّة من خلال القرارات المثمرة، نستطيع الدخول إلى العقد الوطنيّ لنعالج الإشكاليّات المطروحة. هكذا تؤهّل المساحات المشتركة لتثبيت العقد الاجتماعيّ وترسيخ الثقة في سبيل مقاربة سلسة للإشكاليّات في العقد الوطنيّ».
أولويّات الإنقاذ
واشار الى ان «هذا هو الفرق بين العقل البراغماتيّ العمليّ وبين أصحاب الإيديولوجيّات والمواقف السياسيّة فقط. مع الثاني يموت الناس من الجوع ويحتضر الوطن في الوقت الذي يختلف فيه الأفرقاء حول جنس الملائكة من دون حلول. ألم نتعلّم بعد من كلّ التجارب السابقة التي أبقتنا في مكاننا من دون نتيجة؟ علينا تغيير قوانين اللعبة جوهريّاً، ما يعني أن الاقتصاديّ الاجتماعيّ هو الأولويّة مع ما يتطلّبه من مواكبة ضروريّة في السياسة. أليس هذا هو الزمن الجديد الذي نشهده في المنطقة؟ لقد سبقنا الجميع، وعلى لبنان الدخول في مشروع نهضة الشرق اقتصاديّاً واجتماعيّاً الذي أطلقه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. وها هي العلاقة الايرانيّة السعوديّة تتماهى مع هذا الزمن كما أنّ إيران في صلبه، وتنطلق تأثيراته الإيجابيّة ناحية العراق ومصر وستصل إلى سوريا «.
وتابع: «في الماضي كنّا نتذرّع أنّ هناك فريقاً مرتبطا مع محور خارجيّ، وفريق آخر متورطا مع محور خارجيّ ثان، والمحورين متصارعان ونحن غارقون في الوسط. الآن الصورة مختلفة، المحاور تتّفق رويداً رويداً، وعلينا أن نستغل الفرصة وعلى الأرجح مطلوب منا أن نبادر».
وشرح: «أنا أرى أنّ الواجب هو إطعام الناس ومدّهم بمقوّمات الحياة وتأمين الحماية الاجتماعيّة لهم ليصمدوا حتّى انتهاء الجراحة. الوضع كّلنا نعرفه والأرقام صادمة. وفيما العالم مقبل نحو مواكبة التطوّر والحداثة والوثبة التكنولوجيّة والذكاء الاصطناعيّ، نحن نغادر ميزاتنا ونعود أدراجنا إلى الوراء».
«أولويّة الإنقاذ تبدأ ها هنا» يضيف افرام، «في المساحة المشتركة المتمثّلة بالعقد الاجتماعيّ، نستخدمها لإعادة بناء الثقة، وعند نجاح المشروع في بناء مؤسّسات الدولة، في الاقتصاد والماليّة والمصارف وفي الكهرباء والاتصالات والبنى التحتيّة…، يعني ذلك نجاح مشروع متكامل بين المكوّنات الأربعة، وعندها ندخل إلى العقد الوطنيّ لنناقش فيه الاستراتيجيّة الدفاعيّة، السياسة الخارجيّة، وفي تطبيق الطائف من اللامركزيّة دون مواربة إلى الدولة المدنيّة عبوراً بإلغاء الطائفيةّ السياسيّة فإنشاء مجلس الشيوخ، وجعل ميثاقنا العيش المشترك شرط أن يكون منتجاً وفعّالاً، كما النظر في سدّ الثغرات في الطائف وتطويره».
يكفينا «شحادة»
واكد «أهمّية الاتفاق مع صندوق النقد الدوليّ كممرّ لإعادة وصل لبنان مع المؤسّسات الماليّة الدوليّة» يقول: «هذا الاتفاق هو بداية وأساس ولكنّه برأيي لا يتخطّى عتبة «المقبّلات». وكفانا «شحادة» واستجداء من الدول ومن المؤسّسات الدوليّة المانحة. المرحلة تقتضي استقطاب الأموال من البنك الدوليّ وغيره ومن الشركات الكبرى، والتوظيف والاستثمار، أي التوظيف الذكيّ في مشاريع بمردود عال وسريع، ونحن نستطيع ذلك. هناك مثلاً الاوتستراد البحريّ ومشاريع الجزر الاصطناعيّة في البحر. وهناك مشروع جعل لبنان مركز تزلّج إقليميّ ودوليّ في الشرق الاوسط. هذا يتطلّب سلّة قوانين ضروريّة على رأسها استقلاليّة القضاء الذي يوفّر الأمان والثقة للمستثمر، كما بيئة حاضنة لضمان الاستثمار تتلخّص طبعاً بانتخاب رئيس مهمّة ومشروع وتسميّة رئيس حكومة وتشكيل فريق وزاريّ كفوء وببيان وزاريّ وصلاحيات استثنائيّة. ولا ننسى من ناحية استقطاب رؤوس أموال اللبنانيين في العالم وتشجيعهم على الاستثمار في لبنان، ولا الإمكانات الكبرى الموجودة لدى الدولة اللبنانيّة من ناحية ثانية من مشاعات وممتلكات ومؤسّسات التي يجب وضعها ضمن مشروع تثمير أصول الدولة، وهذه لا تعيد الودائع فحسب لأصحابها بل تدرّ على الخزينة أضعافاً مضاعفة عمّا يمكن أن يقّدمه صندوق النقد الدوليّ».
امتحان التاريخ
وقال: «لا أتحدّث مع أحد من تحت الطاولة، وأقول الأمور كما هي. أتفاعل مع الجميع وفي لحظة الحقيقة هذا أنا وهذا هو مشروعي. لا أظنّ أنّ النموّ الاقتصاديّ وتطوير البلد وازدهاره ودخول لبنان في القرن الـ٢١ من مصراعيه هو ضد حزب الله أو أيّ حزب آخر أو كتلة أو تيّار، ولم أتلمسّ حتى الساعة أن طرحي هذا يتعارض مع الحزب أو مع غيره. وأقولها بصراحة، في حال العكس أظنّ لن يكون هناك بلد، وأنا عندها غير معنيّ بالرئاسة، وفي النتيجة لا أريد أن أكون سياسيّاً بل رجل دولة».
وختم قائلاً: «نحن جميعا أمام امتحان التاريخ، ويجب أن لا نضيّع فرصة الأزمة من أجل تحقيق التغيير. أنا خائف من أن يتخلّى عنّا الجميع في النهاية، فللمجتمع الدوليّ والاقليميّ انشغالات كثيرة غير لبنان، وعندها يمكن ألاّ نرى ترجمة للتقارب السعوديّ – الإيرانيّ على الساحة اللبنانيّة. لبنان مدعو أن يكون جزءاً من مساحة الانفراجات شرط أن نكون على قدر المسؤوليّة، وهذا ما يجب أن يكون عليه الرئيس المقبل. أن يتحدّث باسم الأجيال الصاعدة، وألاّ يأتي من عالم الماضي بل أن يملك الرؤية للأجيال الآتيّة، وتغيير الجوهر ليصبح الإنسان أوّلاً، وإلاّ سندخل التاريخ كجيل استفاد حتى الثمالة على دولار الـ ١٥٠٠، سرق واستدان وسجل الكمبيالات على أولاده وقبل أن يموت أفلس وترك إرثاً ثقيلاً للأجيال خلفه… واحتضار الوطن».
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
نسخ الرابط :