افتتاحية صحيفة البناء :
قمة العقبة: العودة للتنسيق الأمني… سمو تريتس: لن نوقف الاستيطان ليوم واحد / الأسد يستقبل رؤساء البرلمانات العربية… وسامح شكري اليوم في دمشق / فرع المعلومات يجهض فتنة قتل الشيخ الرفاعي… والمصارف تعود بوعود قضائية حكومية
تفادياً لخطر داهم ومتصاعد تراه الأوساط الأميركية آتياً من البوابة الفلسطينية مع شهر رمضان المقبل، في ظل انسداد الأفق أمام الحلول السياسية للقضية الفلسطينية، دعت واشنطن ورعت اجتماعاً إسرائيلياً ومصرياً وأردنياً وفلسطينياً في مدينة العقبة الأردنية بهدف العودة الى التنسيق الأمني الإسرائيلي الفلسطيني، مقابل وعود للفلسطينيين بتجميد السياسات الاستيطانية وتخفيف القبضة الأمنية الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس، وقبل أن يجفّ حبر بيان العقبة كان المتطرفون في حكومة بنيامين نتنياهو، بجناحيهما، ايتمار بن غفير وبتسلائيل سمو سترتش، يعلنون أن لا مجال لوقف الاستيطان ولو ليوم واحد، ويقودان جماعات المستوطنين لهجوم على مدينة حوارة قرب نابلس وإحراق بيوت الفلسطينيين فيها.
في المنطقة أيضاً زيارة هامة لرؤساء البرلمانات العربية الى دمشق والرئيس السوري بشار الأسد يستقبل الزوار الذين يتصدّرهم رؤساء برلمانات مصر والعراق والأردن والإمارات وفلسطين، ويتحدث عن أهمية الزيارة وما تمثله من معانٍ للسوريين حول أن الوضع العربي لا يزال بخير، وأن هناك مؤسسات عربية لا تزال قابلة للحياة، بينما أعلنت القاهرة عن زيارة وزير الخارجية المصرية سامح شكري لدمشق اليوم، وهي أول زيارة لوزير الخارجية المصري الى دمشق منذ بدء الحرب على سورية قبل أكثر من عشر سنوات.
لبنانياً، جاء اكتشاف فرع المعلومات لتفاصيل جريمة قتل الشيخ أحمد الرفاعي في عكار، واعتقاله للمجرمين وكشفه أسباب الجريمة واتصالها بأسباب عائلية ومالية، ليجنب لبنان خطر فتنة كانت تهدّد الاستقرار مع الشائعات التي تمّ ترويجها عن وقوف حزب الله وراء خطف الشيخ الرفاعي وقتله، بينما تعود المصارف اليوم الى العمل ضمن هدنة الأسبوع التي تم الاتفاق عليها مع رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي بأن تجري معالجة المسار القضائي المصرفي تحت سقف وقف الملاحقات التي بدأتها القاضية غادة عون.
يعقد مجلس الوزراء، جلسةً عند السّاعة التّاسعة من صباح اليوم في السّراي الحكومي، وعلى جدول أعمالها 8 بنود أبرزها إقرار تحصيل الواردات، وصرف النفقات على القاعدة «الإثني عشرية»، لحين إقرار موازنة العام الجديد، وتخصيص موارد مالية لاستكمال أعمال مسح الأبنية المتصدّعة وغير القابلة للسكن نتيجة الهزة الأرضية، أو العوامل الطبيعية من قبل البلديات.
كما يشمل جدول الأعمال، تأمين سلفة بقيمة 100 مليار ليرة لبنانية بدل إيواء للوحدات التي توصي لجان الكشف بإخلائها، وعلى أن يحدّد بدل الإيواء بقيمة 30 مليون ليرة لبنانية عن مدة ثلاثة أشهر وتشمل كل وحدة سكنيّة مأهولة ومتضرّرة ومصنفة غير صالحة للسكن، إضافة إلى الطلب من الإدارات العامة الكشف عن المنشآت التابعة لها وإيداع تقرير مفصل بالموضوع لدى الهيئة العليا للإغاثة، إضافة لبندين بمشروعي مرسومين لزيادة أجور العاملين في القطاع العام للدولة والعسكريين.
الى ذلك تعود المصارف إلى العمل اليوم بعد قرارها تعليق إضرابها لمدة أسبوع، ويأتي ذلك، بحسب مصدر مطلع لـ”البناء” نتاج للمساعي التي قام بها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي والتي أفضت الى تعليق المصارف لإضرابها بانتظار ان تتم معالجة الأمور جذرياً خلال الاسبوع الحالي لا سيما في ما خص تلك الدعاوى الصادرة ضد عدد من المصارف بتهم تبييض الأموال. وهذا الامر من شأنه ان يشكل ضربة قاضية للقطاع المصرفي ويزيد الأمور سوءاً على المستوى النقدي وعلى المودعين، ولذلك من المرجح أن ينشط الحراك السياسي والقضائي والمصرفي في الايام المقبلة من اجل ان تعود الامور الى ما كانت عليه قبل إضراب المصارف.
وأفادت صحيفة “زونتاغستسايتونغ” الأسبوعية السويسرية، أمس، بأن جزءاً كبيراً من مبلغ 300 إلى 500 مليون دولار، يُتّهم حاكم “مصرف لبنان، رياض سلامة، باختلاسه، أُودع ضمن حسابات في 12 مصرفاً سويسرياً.
ولفت البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الى أنه “مهما طال الشغور لا بدّ وأن تجري الانتخابات انطلاقاً من آلية اقتراع في المجلس النيابي”. من جهة أخرى، رأى الراعي أنه “في ظل الصراعات الشخصية والسياسية التي تنذر بنتائج عكسية تطيح بالأخضر واليابس في نظام المصارف وتقضي على سمعة لبنان الخارجية فيصبح لبنان دولة خارج النظام العام المالي وحينها لا فائدة من أي علاج”. وحذّر من “المساس بأموال الشعب وبالنظام المصرفي”. وأضاف، “نتساءل لماذا يسعى الأطراف في لبنان الى آليات غير دستورية طالما لدينا آلية دستورية واضحة تغنينا عن أبحاث لا طائلة منها”. وعبّر عن “خشيته من أن تطول مدة الشغور كما تشير غالبية المعطيات”.
وجدد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد ما كان أكده الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله “اننا لا نقبل أن يملي الخارج إرادته على استحقاقاتنا الوطنية، وان يسمّي رئيس جمهوريتنا. ولا نقبل ان يرهن الخارج مصيرنا السياسي ومستقبل أجيالنا، نتيجة سياسة عقوبات وحصار ظالم منفرد تقوم به دولة نافذة خلافاً للقانون الدولي، وتمردا على مجلس الامن والامم المتحدة”. ودعا الى “اعادة النظر بجسمنا القضائي وسلطتنا القضائية، وبالقوانين التي تتعاطى مع الفساد”.
وأمس، شيعت بلدة القرقف الشيخ احمد الرفاعي وسط حالة من الغضب عمت البلدة، بعدما كانت القوى الأمنية تمكنت من سحب الجثة من المكان الذي كانت فيه قرب بحيرة البارد وتمّ نقلها إلى المستشفى الحكومي في طرابلس قبل أن ينطلق موكب التشييع الى القرقف.
وكانت شعبة المعلومات تمكنت من القبض على مدبري الجريمة وهم خمسة أشخاص، معظمهم من آل الرفاعي قاموا بتنفيذ عملية الخطف والقتل والدفن بعد تقسيم الأدوار فيما بينهم ضمن خطة قام رئيس بلدية القرقف الشيخ (ي. ر.) ونجله (ع. ر.) بإعدادها ميدانياً ولوجستياً منذ حوالى الشهر، بعدها تمّت الاستعانة بـ/3/ أشقاء من اقاربهما وهم: (ع. ر.)، (ي. ر.)، (ا. ر.) لتنفيذ عملية الخطف. فيما تبيّن أن باقي الموقوفين وهم اللبنانيون: (م. م.)، (خ. ر.)، (م. ر.) نجل رئيس بلدية القرقف، (و. ب.) ليسوا على علاقة أو علم بالجريمة، وتم إخلاء سبيلهم بناء على إشارة القضاء المختص. من جهة أخرى، كانت شعبة المعلومات توصّلت إلى تحديد مكان جثة المغدور في منطقة الريحانية القريبة من بحيرة البارد تستخدم كمكب للنفايات، كما تبيّن ان الجثة قد دفنت في حفرة عمقها حوالى /3.5/ أمتار، الأمر الذي دفع الى استقدام جرافة للحفر، بعد وضع سيارته قرب مستشفى الهيكلية. ورمى هؤلاء الجثة تحت كومة من التراب قرب مكب للنفايات في عيون السمك القريبة من القرقف. واعلنت انه وبتفتيش منزل رئيس بلدية القرقف، عُثر على مستودع يحتوي على كمية كبيرة من الأسلحة المتوسطة والقذائف والذخائر والصواعق والقنابل والمتفجرات من نوع “اي ان اي” تمّت مصادرتها تمهيداً لإجراء التحقيق بشأنها بالتنسيق مع القضاء المختص”.
وقال رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي: “هذا الملف قيد المتابعة من قبلنا مع المراجع القضائية والأمنية المختصة، وهناك بعض المعطيات الجديدة التي تجري متابعتها، ومن شأنها كشف الملابسات الكاملة لهذه القضية”.
ودعا مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان أجهزة الدولة الأمنية والقضائية إلى “الإسراع في إنهاء التحقيقات وكشف ملابسات مقتل الشيخ الرفاعي ومعاقبة المجرم وإنزال القصاص العادل بحق الذين ارتكبوا هذه الجريمة النكراء. لنا ملء الثقة بالدولة ومؤسساتها المعنية بمعالجة آثار وتداعيات هذه الجريمة، وندعو كل المواطنين إلى التزام القوانين والأنظمة المرعية الإجراء. ونشكر الأجهزة الأمنية التي سارعت لكشف الجناة ودرء الفتنة ووضع حد للشائعات التي رافقت هذا الحدث الجلل”.
وبحسب مصادر سياسية لـ”البناء”، فإن شعبة المعلومات أثبتت مجدداً أنها ركيزة اساسية من الركائز المتبقية في الدولة الى جانب الأجهزة الأمنية والعسكرية التي لا يزال المواطن يراهن عليها، مشيرة الى ان كشف الحقيقة سريعاً في جريمة مقتل الشيخ الرفاعي أنقذ الشمال من مواجهة وتوتر، بعد ان تمّ توجيه الاتهامات الى الأمن العام.
وأمنياً أيضاً، حقق الجيش اللبناني ومديرية المخابرات إنجازاً نوعياً تمثل بتحرير الشاب ميشال مخول تحت وطأة عمليات عسكرية وأمنية بدأت من لحظة الاختطاف في كسارة وصولاً الى بلدة بريتال، حيث تمّت عملية التحرير حيث سيطرت قوة من مخابرات الجيش على سيارة المرسيدس التي كان بداخلها مخول وخاطفيه ونتج عن العملية إصابة وتوقيف ثلاثة من الخاطفين فيما يستمر الجيش اللبناني بملاحقة أفراد آخرين.
*******************************
افتتاحية صحيفة الأخبار :
مساعي الخارج يحرّكها تهديد نصر الله بعد فشل لقاء باريس: وقائع من الحصار الأميركي
في آب 2021، في ذكرى مرور عام على تفجير مرفأ بيروت، فشلت محاولة جادّة للولايات المتحدة وعواصم غربية وعربية لإعادة إشعال الحراك الشعبي، لكن في مواجهة حزب الله حصراً. يومها، خُطّط لكثير من الفعاليات والاحتفالات ولاحتجاجات لاحقة تصبّ غضبها على الحزب وتحمّله مسؤولية التفجير وخراب لبنان. في الرابع من آب 2021، كانت السفارة الأميركية في بيروت تنتظر نتائج البرنامج الذي أُعدّ بالتعاون مع عدد كبير من الجمعيات غير الحكومية والتجمّعات والأطر السياسية التي ولدت على هامش حراك 17 تشرين 2019. لكن العودة الى أرشيف ذلك العام تعيدنا الى الصدمة الكبيرة التي واجهت الأميركيين ومعهم دول أوروبية بارزة وعواصم عربية، نتيجة أمرين:
الأول، أن إحياء الذكرى جُعل حصراً للمسيحيين، ولم يتم إشراك مؤسسات دينية إسلامية في المناسبة.
الثاني، فشل كل حلفاء أميركا في حشد أكثر من ثلاثة آلاف مواطن حضروا لساعات، ثم غادروا الساحات والطرقات وكأنّ شيئاً لم يكن.
عقب المناسبة مباشرة، طلبت السفيرة الأميركية دوروثي شيا من مساعديها استدعاء ممثّلي هذه الجمعيات الى مكتبها. وقامت بعملية توبيخ شهيرة لـ 16 منهم على الأقل، قبل أن تبلغهم أن الرقابة على أعمالهم صارت مسبقة جراء فشلهم، لكنها أكّدت لهم أن المعركة يجب أن تبقى مفتوحة في وجه حزب الله، وأن كل الضغوط على لبنان هدفها تحميل حزب الله المسؤولية، وتخيير الشعب اللبناني بين الخراب والجوع وبين التخلّص من المقاومة وسلاحها.
لم يكن الإحباط الأميركي سبباً وراء وصول الرئيس إيمانويل ماكرون الى لبنان، وإطلاق برنامج عمل مكثّف قال الفرنسيون إنه منسّق تماماً مع الأميركيين، وبصورة أقلّ مع السعوديين. ومع انطلاق المحاولة الفرنسية القائمة على «التعامل بواقعية مع عناصر الأزمة اللبنانية»، كان الأميركيون يواصلون برنامجهم الهادف الى مزيد من الضغوط السياسية والاقتصادية والمعنوية على لبنان ومؤسساته. وحتى موعد الانتخابات النيابية، جهد الأميركيون، مع السعودية، لتنظيم جبهة تحصل على غالبية نيابية واضحة في البرلمان تسمح بتشكيل حكومة مختلفة، ثم انتخاب رئيس جديد للبلاد لا يحظى برضى حزب الله. وكان الأميركيون يمارسون كل الضغوط لعزل المقاومة، وعملوا من دون توقف على فك تحالفها مع التيار الوطني الحر، كما رفعوا من سقف السجال مع آخرين مثل وليد جنبلاط وقيادات قريبة من سعد الحريري، وأنفقوا مع السعوديين والإماراتيين مبالغ لا بأس بها لتعزيز الخطاب الخاص بهم إعلامياً، حتى باتوا يسيطرون على القسم الأكبر من المؤسسات الإعلامية بكلّ صنوفها، وساد خطاب شيطنة المقاومة وإلصاق كل موبقات الذين تعاقبوا على الحكم والقوى الحليفة لأميركا بالحزب. وكان الهاجس عندهم أن يسقطوا من وعي الناس أن هناك حصاراً أو ضغطاً أميركياً مباشراً على لبنان. وحتى عندما أحرجتهم المقاومة بقرارها الإتيان بالمازوت من إيران، عمدوا الى أبشع عملية احتيال سوّق لها كل عملائهم من سياسيين وإعلاميين ورجال دين، وأوهموا الجميع بأن المساعدات النفطية ستصل قريباً الى لبنان، من دون أن يلمس أحد شيئاً على الأرض.
إلا أن الاستراتيجية الأميركيةاستمرت على حالها، على أساس أن الضغط الاقتصادي على لبنان لا بد أن يصيب حزب الله وبيئته، وينهكه ويجرّه الى تنازلات كبيرة. وكان الأميركيون يرفضون الاستماع حتى الى آراء حلفائهم من اللبنانيين ممّن كانوا يعرضون نتائج الضغط والحصار عليهم وعلى مناصريهم، ويحاولون أن يشرحوا للأميركيين كيف أن حزب الله يقود أكبر عملية تكافل ودعم ساعدته على حفظ دعم بيئته له، وفتحت له الباب للوصول الى قواعد شعبية من خارج بيئته الطائفية أو السياسية.
الاميركيون ومعهم أوروبا بمعاونة لبنانيين من داخل الدولة وخارجها نجحوا في تعطيل كافة مؤسسات الخدمات المدنية الرسمية وحصروا الدعم بالجيش وقوى الأمن والاجهزة الامنية
بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، حاول الفرنسيون القيام بمقاصّة مع السعودية والولايات المتحدة في سياق محاولة باريس لإبرام صفقة جديدة في لبنان يكون عنوانها الاتفاق على رئيس جديد. لكن الفرنسيين سرعان ما اكتشفوا أن واشنطن والرياض ليستا مهتمّتين بتسوية مع حزب الله، بل تريدان مواصلة الضغط عليه من خلال الضغط على اللبنانيين. وهو ما عطّل محاولة أولى جرت الخريف الماضي، وكانت تهدف الى تسوية تأتي برئيس يمكن اعتباره من حصة حزب الله، مقابل الإتيان برئيس للحكومة يعدّ من حصة خصومه، وهو ما عرف يومها بتسوية سليمان فرنجية - نواف سلام. والمفارقة أن حزب الله لم يعارض مبدأ التسوية، لكنه كان يبحث عن عناصر دعم داخلية أقوى لها، وخصوصاً مع حلفائه، واصطدم سريعاً بموقف التيار الوطني الحرّ الرافض لتولّي سليمان فرنجية رئاسة الجمهورية، ما أفقد الفريق الداعم لفرنجية الغالبية النيابية المطلوبة، وأعاد الأمور الى النقطة الصفر. وهذه النقطة كانت تعني للأميركيين استغلال الخلاف المستجدّ بين الحزب والتيار، لإطاحة فرنجيّة والإتيان بقائد الجيش العماد جوزيف عون رئيساً للبلاد. وجرت محاولات استمرت أسابيع عدة، انتهت الى الخلاف في اجتماع باريس الأخير بين ممثلي أميركا وفرنسا والسعودية ومصر وقطر، وهو خلاف ترافق مع تطورات لبنانية عدة؛ من بينها:
أولاً: اضطرار الأميركيين إلى القبول بالصيغة اللبنانية لتفاهم الحدود البحرية مع العدو. وهو تفاهم تمّ في ظل الضغط المباشر للمقاومة التي هدّدت بشنّ حرب على إسرائيل إذا لزم الأمر.
ثانياً: واصل الأميركيون معارضة وصول أيّ دعم لقطاع الطاقة في لبنان، فواصلوا مع البنك الدولي تعطيل صفقة جرّ الغاز من مصر والكهرباء من الأردن، وهددوا لبنان بعقوبات إن قبل بأيّ دعم نفطي من إيران، ثم منعوا الكويت وقطر والإمارات من تقديم أيّ هبات نفطية للبنان.
ثالثاً: ممارسة نوع مختلف من الضغوط الهادفة الى إسقاط جميع المؤسسات الرسمية في لبنان. وجاء الانهيار المتسارع لسعر صرف الليرة ليزيد مأزق المالية العامة في لبنان، ويعزّز الفوضى في السوق النقدية. وبينما كان يفترض معالجة الأمر عبر تغيير الفريق المسؤول عن السياسة النقدية ممثلاً برياض سلامة وآخرين، عمدت الولايات المتحدة الى توفير الغطاء الكامل له. ولولا أن التحقيقات التي جرت في قضّيته انتقلت من لبنان الى أوروبا ثم عادت الى لبنان، لمنع الأميركيون أحداً من الإتيان على ذكر سلامة بكلمة سوء. وخلال هذه الفترة، واصل الأميركيون الضغط عبر العقوبات من جهة، وعبر التضييق على الشركات المالية من جهة ثانية، ما جعل لبنان معطلاً بصورة كاملة مالياً ونقدياً.
رابعاً: تعزّز التدخل الغربي، الأميركي منه والأوروبي (الألماني على وجه الخصوص) في السلطة القضائية، وجرت، ولا تزال، محاولات لاستخدام القضاء من أجل ترهيب المسؤولين اللبنانيين، وخصوصاً من خلال تسييس التحقيق الجاري في تفجير مرفأ بيروت، أو من خلال ترهيب القضاة أنفسهم بالتهويل عليهم بفرض عقوبات إن هم خالفوا التوجّهات الغربية، وقدّموا مغريات لبعضهم بأنّ حظوظهم في أدوار سياسية أكبر مرتبطة بسلوكهم الآن، وخصوصاً رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود. لكن ما حصل، عند تعطيل التحقيقات في ملف سلامة وبقيّة مصارف لبنان، أضيف الى قيام السلطة الحاكمة بتعطيل أي محاولة قضائية للتحقيقات في المخالفات، من خلال عرقلة التحقيق الجنائي من جهة، أو منع سريان العمل القضائي في ملفات كبيرة، كملف سوليدير الذي لا تقلّ الجريمة والفضيحة فيه عمّا يجري اليوم تناوله في قصّة حاكم مصرف لبنان. وكانت النتيجة تعطيل القضاء.
خامساً: أصرّ الأميركيون ومعهم دول غربية، على التعامل مع الدولة اللبنانية على أنها «دولة فاشلة»، وجاهروا بأنهم لن يتعاملوا مع الدولة في أيّ مشاريع دعم أو تطوير، وفرضوا على لبنان القبول مسبقاً بكامل شروط صندوق النقد الدولي، كما فرضوا رقابة شبه يومية على مؤسسات وإدارات رسمية عدّة، بينما أطلقوا العنان لماكينتهم القائمة على المنظمات غير الحكومية، ومنعوا مساءلة هذه المجموعات عمّا تقوم به. هل يعرف اللبنانيون، مثلاً، الحجم الفعلي للمساعدات التي أتت بعد تفجير المرفأ، وما الذي حلّ بها وأين هي وكيف أنفقت؟
سادساً: انطلاق جماعة أميركا والسعودية في لبنان بخوض معركة الفساد بطريقة مقلوبة، مستغلّين الانهيار من جهة، وحاجة الجمهور الى بطولات من جهة أخرى، وأطلقوا العنان لعمليّات أمنية استهدفت مؤسسات تخصّ شؤون الناس مباشرة، حتى وصلنا خلال شهور قليلة الى نتيجة واحدة مفادها: ننتظر الفرج حتى نحصل على جوازات السفر، تتوقف النافعة عن عملها، ثم تقفل الدوائر العقارية، وتتعطّل حتى الوحدات الخاصة بالضريبة في وزارة المالية، ويترافق ذلك مع توقف التعليم في المدارس الرسمية، وتعثّره في الجامعة اللبنانية، بينما يتولّى مصرف لبنان والمصارف ابتزاز الموظفين في القطاع العام شهرياً.
سابعاً: اعتبار عملية الضغط ناجحة، وبدء إعداد العدّة لاحتمال حصول انفجار اجتماعي كبير، وحصول توترات أمنية في مناطق مختلفة من البلاد. ومع إدراك الأميركيين أنّ واقع لبنان لا يسمح بقيام قوة قادرة على مواجهة المقاومة أو جرّها الى حرب أهلية، وإزاء تعطّل خيار الحرب الإسرائيلية أو الأميركية على المقاومة في لبنان، كان لا بدّ من استراتيجية جديدة تقوم على تحييد القوى العسكرية والأمنية عن عمليات التدمير الممنهج لبقية مؤسات الدولة.
وفي هذا السياق، طُلب من القطريين، مثلاً، إهمال ملف دعم الجامعة اللبنانية والتعليم المدرسي الرسمي، وتخصيص ملايين لدعم مصلحة الجيش اللبناني، وعمد الأميركيون أنفسهم الى فتح حسابات خاصة للجيش اللبناني تغذّى بالدولارات من دون علم الحكومة أو وزارة الدفاع، وترك لقائد الجيش حصراً حرية التصرف بها، ليتبيّن لاحقاً أنّ الدعم المالي والعسكري للجيش وقوى الأمن هدفه إبقاء هذه المؤسسات وحدها العاملة، بعد إخضاع قياداتها لإمرة جديدة. وفي هذا السياق، فتح مسؤول الاستخبارات العسكرية الأميركية في لبنان خزائنه في سفارة عوكر، وصرف ملايين الدولارات على الأجهزة الأمنية كافة، ضمن برنامج مساعدات للمساعدة على الصمود. ووصل الأمر مع الوقت إلى أن تسلّم الأميركيون، ومعهم دول أخرى، داتا العاملين في المؤسسات العسكرية والأمنية لتلبية دعمهم بالمال المقطّر مباشرة، وجعلهم رهائن هذه «المكرمة الشهرية» التي لا تتجاوز المئة دولار!
ثامناً: العودة الى خوض معركة توطين النازحين السوريين في لبنان، واعتمد الأميركيون، ومعهم الأمم المتحدة والدول الأوروبية وحتى العربية، الضغط المباشر على الحكومة لمنع أيّ تنسيق عملاني مع الحكومة السورية. ثم طالبوا لبنان رسمياً (فعل ذلك السفير الألماني بكل صفاقة) بمنح هؤلاء حقوق الإقامة الدائمة في لبنان على غرار ما فعلته بلاده مع نحو مليون سوري هاجروا إليها خلال العقد الماضي. وفي الوقت نفسه، تولّت المنظمات والجمعيات غير الحكومية الناهبة لحقوق لبنان والنازحين على حدّ سواء، مهمة ترهيب هؤلاء النازحين، وإقناعهم بأن عودتهم الى سوريا غير آمنة، وأنهم سيعانون الجوع الى جانب القهر إن عادوا الى دولة منهارة، ثم قدّموا روايات من نسج الخيال عن عائدين سجنوا أو تعرّضوا للاضطهاد من قبل الدولة السورية بعد عودتهم الطوعية الى قراهم.
إلى جانب كل ما سبق، يواصل الأميركيون تهديد اللبنانيين بأنّهم إن لم يقرّوا بطلبهم الثورة على حزب الله، فإن موجات الضغط ستزداد يوماً بعد يوم. وكل المؤشرات الاقتصادية والمالية تشير الى ذلك، وأن مداولات باريس السابقة أو اللاحقة على الاجتماع الرسمي تشير الى أن فرنسا تحاول من جديد إعادة تعويم مبادرتها الأولى بمقايضة رئاسة الجمهورية برئاسة الحكومة. لكن الفكرة لم تلقَ قبولاً سعودياً أو قطرياً، ولم تباركها الولايات المتحدة التي يبدو أنها تواصل من أبواب أخرى العمل على ممارسة نوع جديد من الضغوط لإجبار حزب الله على التراجع. وقد تمّ جمع الكثير من المعطيات الأمنية والسياسية والاقتصادية التي تقود الى موجة أقصى من الضغوط على لبنان، ولعلّ هذا ما يفسّر الغضب الكبير الذي اعترى وجه السيد حسن نصر الله وهو يحذّر الأميركيين (وأتباعهم في لبنان) من أن الذهاب نحو الفوضى بقصد فرض قائد الجيش رئيساً، أو جرّ حزب الله الى حرب أهلية، دونه الأهوال التي تنتظر الأميركيين وعملاءهم في لبنان، ونار تلهب إسرائيل... وهو تحذير بدأ يؤتي مفعوله.
مرة جديدة، لنصبر وننتظر
******************************
افتتاحية صحيفة النهار
“الخماسي” يضغط للانتقال إلى الحسم الرئاسي
بكثير من الاضطراب والشكوك، يشكل الأسبوع الطالع مهلة لتفحص مدى تبريد المواجهة الثلاثية الاضلاع بين “بعض #القضاء” و#المصارف ورئاسة الحكومة في ظل التطورات التي شهدتها أخيرا هذه المواجهة وهددت بتداعيات اشد خطورة وضررا على مجمل البلاد. ولكن الأولوية التي يكتسبها ترقب مآل هذه المواجهة، والإجراءات التي يفترض اتخاذها للحؤول دون تدهور الوضع مجددا، لم تحجب الأنظار عن المشهد الأمني والطبيعة الغامضة التي رافقت كشف بعض ملابسات جريمة مقتل الشيخ احمد شعيب الرفاعي امام مسجد القرقف وخطيبه الذي شيع امس في القرقف وسط جموع حاشدة، وحال كشف الطابع الشخصي والعائلي للجريمة دون تداعيات ومضاعفات امنية كان يمكن ان تنجم عن مقتله بما فوت على المنطقة شبح اضطرابات تخوف منها كثيرون. ونجحت الإجراءات السريعة والفعالة التي حققتها شعبة المعلومات في توقيف المتهمين بالجريمة وكشف مكان إخفاء جثّته في منطقة عيون السمك. واعلنت شعبة المعلومات امس توقيف جميع المتورطين، وعددهم 5 أشخاص، جميعهم من عائلة الرفاعي، قاموا بتنفيذ عملية الخطف والقتل والدفن بعد تقسيم الأدوار في ما بينهم ضمن خطة قام رئيس بلدية القرقف ونجله بإعدادها ميدانياً ولوجستياً منذ نحو الشهر، بعدها تمت الاستعانة بـ3 أشقاء من أقاربهما، لتنفيذ عملية الخطف. وتبيّن أن باقي الموقوفين ليسوا على علاقة أو علم بالجريمة، وتم اخلاء سبيلهم بناء على اشارة القضاء المختص. وبعد تفتيش منزل رئيس بلدية القرقف، عُثر على مستودع يحتوي على كمية كبيرة من الأسلحة المتوسطة والقذائف والذخائر والصواعق والقنابل والمتفجرات تمت مصادرتها تمهيداً لإجراء التحقيق بشأنها بالتنسيق مع القضاء المختص، وفق ما أفادت قوى الأمن الداخلي.
وفي الوقت نفسه حصل حادث امني أخر في البقاع حيث حرر الجيش مساء الشاب ميشال ايلي مخول الذي خطف من زحلة الى بريتال بعدما طاردت قوة من الجيش خاطفيه واشتبكت معهم عند مدخل بلدة الخضر، وأوقعت إصابات في صفوفهم. ثم حصل اشتباك لاحقا بين الجيش ومطلوبين في عين الجوزة بين بريتال وحورتعلا لتحرير الشاب ميشال مخول.
الانسداد السياسي
اما في المشهد السياسي وفيما تتخبط البلاد بتداعيات الازمات المترابطة ماليا ومصرفيا واجتماعيا وسياسيا يثقل مرور الشهر الرابع من الشغور الرئاسي على مجمل الواقع الكارثي الذي يرزح تحته لبنان من دون افق او نقطة ضؤ متاحة للرهان على امكان فتح المسالك المسدودة امام انتخاب رئيس الجمهورية العتيد . وفي معطيات لـ”النهار” تتصل بما تركه تحرك مجموعة الدول الخماسية حيال لبنان بعد اجتماع ممثليها في باريس، فان ممثلي المجموعة اعتقدوا بانهم يمكن ان يمارسوا ضغوطا على المسؤولين مع الاقرار بان الضغط الخارجي لن يكون كافيا وحده ولا بد من ملاقاته في ضغوط داخلية ايضا على خلفية ان الستاتيكو القائم غير مقبول ولا يحتمل البلد استنزافا طويلا إضافيا من اجل انتخاب رئيس للجمهورية. واتفق المجتمعون بناء على ذلك على انه سيكون هناك انعكاسات سلبية على المعرقلين لعملية الانتخاب. ولكن لم يجر بحث في صفقة تشمل الى انتخاب رئيس، الاتفاق مسبقا على رئيس الحكومة المقبل وعلى تشكيلة الحكومة. وتضيف هذه المعطيات انه حين جال وفد سفراء مجموعة الدول الخمس المعنية على المسؤولين اللبنانيين ابلغوهم بوضوح أمورا عدة في مقدمها ان هناك مرشحين معلنين او من يدعم مرشحين معينين لا يملكون في الواقع الاصوات الكافية للفوز، ولذلك على هؤلاء التنحي جانبا لان الوضع لم يعد يحتمل ترف حصول المزيد من المسرح بعد اربعة اشهر من التعطيل والذي يندرج تحته التصويت بورقة بيضاء او بشعارات مختلفة ويتعين عليهم استخلاص النتائج والذهاب الى مرحلة أخرى. ( ص 2 و 3).
ووسط هذه المناخات تسود حالة ترقب للأسبوع الطالع لتبين وجهة التطورات في ملف المواجهة القضائية المصرفية بعد ان تعاود المصارف فتح أبوابها من اليوم ولكن تحت وطأة اشتراطها معالجة مسألة الادعاءات على المصارف على يد القاضية غادة عون خلال هذا الأسبوع . كما ان الأنظار ستتجه الى ملف الادعاء على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وشقيقه رجا باعتبار ان قاضي التحقيق المحال عليه التحقيق مع المدعى عليهم سيباشر مهمته في الأسبوع الطالع .
وعشية هذه التطورات جدد الرئيس ميقاتي دعوة السلطات القضائية المختصة الى “الاسراع في معالجة ما اعترى المسار القضائي من تجاوزات وشطط، تأمينا لحُسن سَير العدالة”.وقال أمام زواره : “ليكن واضحا للجميع، أن الموقف الذي اتخذته، عبر الكتاب الموجّه الى وزير الداخلية بسام مولوي، كان الهدف منه وقف مسار خطير في استخدام القضاء والقانون لتصفية حسابات سياسية، ولم يكن القصد أبدا حماية أحد او تأمين الغطاء لمخالفات أحد.وهذا الموقف الواضح أبلغته لوفد جمعية المصارف عندما جاءني الاسبوع الفائت لعرض أسباب الاضراب الذي نفذه القطاع المصرفي، وقد كررت الموقف ذاته بالامس خلال لقاء الوفد”.أضاف: “هدفنا حماية القطاع المصرفي لكونه ركيزة أساسية من ركائز الاقتصاد، وليس حماية اي مصرفي او اي مصرف يخالف القوانين. ومن خلال ما نعمل عليه ايضا فاننا نضع اولوية أساسية قبل اي أمر آخر، وهي اعادة أموال المودعين ووقف التحايل عليهم باجراءات تخالف القوانين والنظم ذات الصلة”.وقال رداً على سؤال: “ليس صحيحا أننا نأخذ طرف المصارف على حساب المودع، وما نقوم به من اجراءات وخطوات بالتعاون مع مجلس النواب وصندوق النقد الدولي،هدفه الاساس اعادة حقوق الناس ضمن خطة واضحة ومبرمجة. ومن هنا، فاننا نجدد الدعوة الى وقف التشويش السياسي واقتناع الجميع بأن لا حل الا بالتعاون بين مختلف المكوّنات السياسية للنهوض بهذا الوطن”. ورداً على سؤال يتعلق بتشدده في موضوع مخالفات القاضية غادة عون وتساهله مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة قال: “هذا الكلام غير صحيح، فأنا ادعو الى تطبيق القوانين على الجميع، وليقل القضاء كلمته في كل الملفات، والقانون هو الحكم. في موضوع مصرف لبنان هناك اصول تحدد كيفية التعيين والاعفاء واتخاذ القرارات داخل المجلس المركزي للمصرف. وفي الواقع الجديد الذي استجد بموضوع الادعاء القضائي على الحاكم، هناك قواعد قانونية واضحة سيجري اتباعها حتماً”.
تقدم لاستجرار الغاز
وعلى صعيد اخر افادت معلومات ديبلوماسية “النهار” ان هناك تقدما يحرز على خط استجرار #الغاز المصري بناء على الاجتماع الذي عقد بين وزير الطاقة وليد فياض ومدير عام مؤسسة كهرباء لبنان كمال حايك وجان كريستوف كاريه المدير الاقليمي لدائرة المشرق لدى البنك الدولي مع السفيرة الاميركية في لبنان دوروثي شيا قبل اسابيع قليلة من اجل اقفال بعض الثغرات وتنفيذ بعض الاجراءات التي يطلبها البنك من لبنان . اذ ظهر ان هناك خطة وضعت قيد التنفيذ وقد خطت وزارة الطاقة في اتجاه الاعلان عن ذلك خارجيا وليس على الصعيد المحلي ما اكسبها صدقية . فيما ينتظر البنك الدولي تنفيذ خطوات اخرى غير رفع التعرفة وجبايتها وتعميم هذه الجباية والامور تقترب على ما يبدو من نقطة يبدو فيها التصويت في مجلس المديرين في البنك الدولي ممكنا او محتملا . وقد ابلغت واشنطن المعنيين ان ارضاء البنك الدولي سيتيح اطلاق التمويل منه ما يمهد لارسال الاتفاق بين لبنان والبنك الدولي الى وزارة الخزانة الاميركية التي تصدر عندئذ قرارا يعفي من الاتهامات بخرق قانون قيصر . وفهم ان الاميركيين لا يزالون يدفعون بقوة في هذا الاتجاه ويظهرون ارتياحا للتقدم الذي بدأ يحرز على هذا الصعيد .
*********************************
افتتاحية صحيفة نداء الوطن
“قرار أميركي” بعدم عزل لبنان عن النظام المالي الدولي
تحقيق في جنيف: سلامة يورِّط 12 مصرفاً عالمياً ولبنانياً في “التبييض”
في سياق مطابق للمعلومات الديبلوماسية التي توقعت عبر “نداء الوطن” استعصاء الحلول الرئاسية في الأمد المنظور، لم يُخفِ البطريرك الماروني بشارة الراعي هواجسه وخشيته أمس من “أن تطول مدة الشغور كما تشير غالبية المعطيات”، مجدداً التصويب في عظة الأحد على مخطط “ضرب رأس الدولة” ضمن إطار أجندة “مشاريع تورّط لبنان وانتخاب رئيسه أكثر فأكثر في اللعبة الإقليمية والدولية”، ليكثف في المقابل جهوده الهادفة إلى لبننة الاستحقاق ومحاولة جسر الهوة في توجهات الكتل الرئيسية الرئاسية. إذ علمت “نداء الوطن” أنّ راعي أبرشية أنطلياس المارونية المطران انطوان أبو نجم بصدد القيام بجولة ثانية على القيادات المسيحية ناقلاً اقتراحات من البطريرك الماروني تأسيساً على نتائج جولة أبو نجم الأولى التي استمع خلالها إلى مواقف هذه القيادات ومقاربة كل منها للأزمة الرئاسية والنظرة إلى سبل الخروج منها.
وفي سياق معاكس لرياح “الهندسات” السياسية والمالية وراء خطوة الادعاء اللبناني على حاكم المصرف المركزي رياض سلامة وشقيقه رجا ومساعدته ماريان حويك، لا يبدو مركب التحقيقات الأوروبية الذي انطلق في قضية اتهام الأخوين سلامة وآخرين بعمليات تبييض أموال تقدّر قيمتها بما بين 300 و500 مليون دولار بصدد الانكفاء أو التراجع، سيّما في ظل ما عكسته المعطيات التي نقلتها صحيفة سويسرية ناطقة بالألمانية وأكدتها مصادر منظمة “المحاسبة الآن” لـ”نداء الوطن”، لناحية “البدء في التحقيق مع 12 مصرفاً في سويسرا يشتبه بتورطها في عمليات التبييض هذه”.
وأشارت المعلومات في هذا الملف إلى مصرفين لبنانيين في جنيف (عوده وبنك ميد) ضمن الدعوى التي رفعتها المنظمة، وبدأت سلطات الرقابة المالية السويسرية التحقيق فيها، بالإضافة إلى بنوك أخرى مدعى عليها، من بينها “أتش اس بي سي” العالمي، “يوليوس بير” السويسري، “يو بي اس”، “كريدي سويس”، “أي اف جي” و”بيكتيت”.
وفي التفاصيل، تبيّن أن هناك تتبعاً دقيقاً لمرور تحويلات مالية هي نتاج عقد شركة “فوري” التي تدور حولها شبهات في القضية (كاستخدامها من آل سلامة لاختلاس مال عام، وهذا ما ينفيه حاكم مصرف لبنان)، وتجري بشأن هذه العمليات والتحويلات تحقيقات أوروبية ولبنانية، مع احتمال انضمام دول أخرى لاحقاً إلى التحقيق “لأن ثمة شبكة عابرة للقارات متصلة ببعضها تستوجب تعاوناً قضائياً دولياً بكل ما للكلمة من معنى” وفق مصادر مطلعة على مجريات القضية.
وترقبت مصادر أخرى مواكبة للملف ظهور “مفاجأة” خلال الأيام المقبلة “تحسم كل النقاط العالقة بالوثائق الدامغة، وتضع المشتبه بهم في خانة المتهمين فوراً”، وهو ما سيضاف إلى تداعيات الجولة الجديدة للمحققين الأوروبيين العائدين إلى بيروت الشهر المقبل… إلا إذا رفض القاضي اللبناني شربل ابو سمرا (الذي أحيل إليه ملف الادعاء) التعاون بحجة أنّ القضاء اللبناني ادعى على سلامة وآخرين وقضي الأمر “لتأخذ العدالة مجراها محلياً فقط!”، علماً أن هناك محاولات تجري في المقابل لتنحية أبو سمرا عن القضية، بالنظر إلى وجود “تضارب مصالح في مكان ما، وعلاقة قربى مصرفية ليست في مصلحة حيادية التحقيق”، بحسب المعترضين.
على صعيد آخر، تفتح المصارف أبوابها اليوم وتعلّق إضرابها مدة أسبوع نزولاً عند “تمني” رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بعدما طلب من الضابطة العدلية عدم التعاون في تلبية متطلبات قضية مرفوعة ضد 7 مصارف متهمة بتبييض الأموال.
وعلمت “نداء الوطن” أنّ جهات مصرفية محلية تلقّت “تطمينات أميركية لجهة بقاء بنوك مراسلة تتعامل مع بنوك لبنانية، وتفتح لها اعتمادات للاستيراد”. وقالت مصادر مطلعة لـ”نداء الوطن” إنّ جمعية المصارف في بياناتها الأخيرة “كانت تمارس التهويل، عندما حذرت زوراً وتضليلاً من خطر قطع البنوك المراسلة الأجنبية علاقتها مع بنوك لبنان، لمجرّد أن مصرفين وجهت إليهما اتهامات تبييض أموال”، مؤكدةً أنّ “في لبنان أكثر من 40 مصرفاً يمكنها الاستمرار في علاقات فتح الاعتمادات مع البنوك المراسلة”، موضحةً أنّ “قطع لبنان عن العالم المالي ليس بالبساطة التي تهوّل بها جمعية المصارف “لغاية في نفس يعقوب”، وعلى الجمعية والجميع أن يعلموا أنّ ما بقي من بنوك مراسلة قليلة جداً هو بأمر سياسي أميركي، وهذا الأمر مستمر في التسهيل رغم إفلاس القطاع المصرفي اللبناني، ورغم القضايا المرفوعة ضده في الداخل والخارج”.
مالياً، توقعت مصادر نقدية أن يحاول مصرف لبنان الاستجابة لما طلبه ميقاتي لجهة خفض سعر صرف الدولار أو ضبطه في أضعف الإيمان، لكنّها شددت على كون “قدرة البنك المركزي باتت محدودة جداً، لأن ما بقي لديه من أموال أجنبية يشكل جزءاً اساسياً من صيغ الحل المطروحة لردّ ودائع لصغار المودعين، وبالتالي جلّ ما يستطيعه، نزولاً عند رغبة السياسيين، هو زيادة طلب الدولار من السوق ليعيد ضخه على منصة “صيرفة” لزوم تلبية السحوبات وفق تعميمي 158 و 161، بيد أن هذه العملية قد تؤدي إلى رفع سعر الدولار “إذا كان لا بد من الاستجابة للضغوط السياسية الخاصة بتكريس زيادة إفادة موظفي القطاع العام من دولار المنصة المدعوم، الذي هو حالياً أقلّ بما نسبته 45% عن سعر السوق الموازية”.
********************************
افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط
الراعي يخشى شغوراً رئاسياً طويلاً
تحدث عن «البرص السياسي» الذي يشكل خطراً على الهوية اللبنانية
عبّر البطريرك الماروني بشارة الراعي عن خشيته من أن «تطول مدة الشغور الرئاسي كما تُشير غالِبيّةُ المعطيات»، متحدثاً عن «البرص السياسيّ» في لبنان الذي يشكل خطراً على الهويّة اللبنانيّة والكيان، و«السبب الأساسيّ هو ضرب رأس الدولة برفض المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهوريّة ضنّاً بالمصالح الفرديّة والفئويّة، وحفاظاً على مشاريع تورّط لبنان وانتخاب رئيسه أكثر فأكثر في اللعبة الإقليميّةِ والدولية».
وجاءت مواقف الراعي في ما يعرف بـ«أحد الأبرص» عند الطائفة المارونية، حيث تطرق إلى الحوادث الأمنية التي تقع في لبنان في الفترة الأخيرة، ومنها مقتل 3 طلاب الأسبوع الماضي على طريق الشمال إثر حادث سير، واختطاف واغتيال الشيخ أحمد الرفاعي، مؤكداً أنه «لا يمكن متابعة العيش في هذا الجوّ من الفلتان الأمنيّ».
وتحدث الراعي عن «البرص السياسي» الذي قال إنه «يشوّه كرامة السلطة السياسيّة… هذا البرص يتآكل روح المسؤوليّة والضمير، ويصل بالمواطنين إلى أوخم النتائج: إلى العوز الاقتصاديّ والبؤس الاجتماعيّ، وإلى امتهان كرامتهم وقهرهم بحرمانهم حقوقهم. وهو يصبح أكثر فأكثر خطراً على الهويّة اللبنانيّة والكيان، والسبب الأساسيّ هو ضرب رأس الدولة برفض المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهوريّة ضنّاً بالمصالح الفرديّة والفئويّة، وحفاظاً على مشاريع تورّط لبنان وانتخاب رئيسه أكثر فأكثر في اللعبة الإقليميّةِ والدولية. فلا يأتي الرئيس الجديد تعبيراً عن إرادةِ الشعب اللبناني، إنما تعبيراً عن مشاريعَ متناثرةٍ في الشرقِ الأوسط الذي لا يَعرف أحدٌ حقيقتَها وأين ستستقِرّ رغم جميع المفاوضاتِ بشأنه منذ ثلاثين سنة». وحذّر: «هذا هو الخطر الكبير على مصير الأمّةِ اللبنانيّة ودولةِ لبنان»، آملاً «أن تُثمرَ المفاوضاتُ الجاريةُ في هذه الأثناء بين أصدقاءِ لبنان عن حلٍّ يأخذُ مصلحةَ لبنان بشكل مستقل عن تسوياتِ الشرق الأوسط».
وسأل: «لماذا يسعى الأطرافُ اللبنانيّون إلى آليّات غيرِ دستوريّةٍ وغيرِ لبنانيّةٍ طالما لدينا آليةٌ دستوريّةٌ تُغنينا عن أبحاثٍ لا طائلَ منها؟ فمهما طالَ زمنُ الشغورِ الرئاسي – شهوراً أو سنواتٍ – لا بد من أن تجري العمليّة الانتخابيّة لرئاسةِ الجُمهوريّة من خلال آليّةِ الاقتراع في المجلس النيابي. فلماذا الانتظار؟ المشكلةُ هي أنَّ كلَّ فريقٍ يَرفض أيَّ تنازلٍ لتسهيلِ انتخابِ الرئيس؛ لأنه يَظنُّ نفسَه هو الذي سينتصرُ من خلال (خارج الدستور) والمؤتمرات. وحين يَظنُّ الجميعُ أنَّ كلَّهم منتصرون يَعني أنَّ كلَّهم مهزومون، والخاسرُ هو لبنان وشعبه». وعبّر الراعي عن خشيته من إطالة الفراغ الرئاسي قائلاً: «هناك انتصارات وهميّةٌ لها طعمُ الهزائمِ أكثر من الهزائم الفعليّةِ. إذا استمر هذا المنطق، الخالي من روحِ المسؤوليّةِ ومن صوتِ الضميرِ ومن نداءِ الواجبِ الوطنيِّ، نخشى أن تطولَ مدّةُ الشغورِ الرئاسي كما تُشير غالِبيّةُ المعطيات».
وتطرق الراعي أيضاً إلى أزمة المصارف وأموال المودعين، قائلاً: «هناك وجه آخر من البرص السياسيّ بادٍ في طريقة معالجة موضوعي المصارف والمودِعين في ظلِّ الصراعات الشخصيّة والسياسيّة التي تنذر بنتائجَ عكسيّةٍ تُطيحُ بالأخضرِ واليابسِ في نظامِ المصارف وتَقضي على سُمعةِ لبنان النقديّةِ الخارجيّة، فيصبح لبنان دولةً خارجَ النظامِ الماليِّ العالمي، وحينها لا فائدةَ من أيِّ علاج». من هنا اعتبر أن «الشعوبيّة والحِقد أخطرُ سلاحين في وضعِنا الماليِّ الحالي»، محذراً مِن «المس من جهةٍ بأموالِ الشعب، ومن جهة أخرى بالنظامِ المصرفي اللبناني، لا سيّما مصرفِ لبنان المركزيّ الذي هو الرابط بين لبنان والنظام المالي الدوليّ. إنَّ موضوعاً بهذه الأهميّةِ لا يُعالج بمثلِ هذه الظروف، حيث لا يُعرفُ الخيطُ القضائيُّ من الخيطِ السياسيِّ ومن الخيط الشخصي».
واعتبر الراعي أن «البرص الاجتماعي بادٍ كذلك في الأزمة الاجتماعية والمعيشية والطبيّة»، وأوضح أن «غالِبيّةَ الموادّ التي يُدّعى أنها مفقودة ويُعمَلُ على استيرادها، موجودة في لبنان وقيد الحجز لدى العديد من المستوردين، ولا يوزعونها على الأسواق إلا مع رفعِ الدعم عنها وارتفاعِ سعر الدولار». ودعا أجهزة الدولة إلى التحرك؛ «لأن هناك أناساً يموتون – بكل معنى الكلمة -بسبب حجب هذه الموادّ عنهم، وبخاصةٍ المواد الطبيّة»، سائلاً: «هل الضميرُ مفقودٌ لدى جميعِ المعنيّين بكلِّ قطاعاتِ الحياة في لبنان؟».
*********************************
افتتاحية صحيفة الجمهورية
“الجمهورية”: إستحقاقات أمام ثلاثة مآزق .. واستمارة خطيرة لتوطين اللاجئين والنازحين
ينطلق الاسبوع بجلسة رابعة لمجلس الوزراء في أجواء خالية من اعتراضات لافتة، وتعاود المصارف عملها بعد تعليقها الاضراب أسبوعاً على امل اتخاذ الاجراءات التي توقف المواجهة الدائرة بينها وبين القضاء، فيما يدور في الاوساط حديث عن تسوية للاستحقاق الرئاسي تطبخ في الدوائر والعواصم المعنية ولن يطول الوقت للبدء بترجمتها فور نضوجها. في الوقت الذي سقبع لبنان في النفق مع تزايد الازمات الاقتصادية والمالية والنقدية والمعيشية استفحالاً نتيجة تأخّر الحلول المطلوبة للأزمة الرئاسية، ما ينعكس عدم استقرار ومخاوف من حصول فوضى ما تزال حتى الآن تحت السيطرة بالحد الأدنى المتاح الى أجل غير معلوم.
يعقد مجلس الوزراء جلسته الرابعة منذ خلو سدة الرئاسة عند التاسعة صباح اليوم وعلى جدول أعمالها ثمانية بنود مالية وإدارية تعني موظفي القطاع العام في الوزارات والمؤسسات العامة والأسلاك العسكرية، ومنها مشروع مرسوم يرمي الى تعديل تعويض بدل النقل الشهري المقطوع للعسكريين في الجيش وقوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة والجمارك وشرطة مجلس النواب. كذلك بالنسبة الى ما هو مطروح لمعالجة رواتب الموظفين والإجراءات المعتمدة لتأمين بدل الانتقال الذي يرضي الموظفين ودوام العمل الأسبوعي. ويتضمن جدول الاعمال ايضاً طلب وزير المال ان تتم الجباية والصرف على أساس «القاعدة الاثني عشرية» في انتظار صدور قانون موازنة 2023.
وعلى رغم من الضجيج الذي رافق الجلسات الثلاثة السابقة تعقد الجلسة اليوم وسط صمت مُطبق. وباستثناء الحملات التي خصّصت لها وسائل التواصل الاجتماعي وبعض التصريحات النيابية لم يصدر اي موقف خاص بهذه الجلسة التي يبدو أن رئيس الحكومة لم يحدد موعدها قبل أن يضمن موافقة النصاب القانوني لها بموافقة الوزراء، الذين ضمنوا حضورهم بعد لحظات من توزيع جدول أعمالها الجمعة الماضي قبل ان يحدد موعد انعقادها اليوم.
ميقاتي على موقفه
وقالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» انّ ميقاتي متمسّك بالموقف الذي اتخذه على صعيد حل أزمة المصارف في مواجهة اجراءات المدعي العام لجبل لبنان غادة عون في حق بعض المصارف، فهذا الموقف أراد منه وقف النزيف وضمان تماسك المؤسسات. فهو ليس دفاعاً عن مصرف او مصارف يمكن ان يكون بعضها او بعض اصحابها قد ارتكب اخطاء، وإنما دفاعاً عن القطاع المصرفي برمّته امام تكرار البعض لأزمة «تبييض الاموال» التي من شأنها ان تضرب القطاع بكامله والذي بات يتّكِل على مصرف او مصرفين مراسلين يتعاملان معه في الخارج، فإذا توقف هذا التعامل يتعرض القطاع عندها لأزمة كبرى.
واضافت المصادر انّ ميقاتي يتعامل مع هذه الازمة من موقع المسؤولية الوطنية لحماية المؤسسات، ووجد انّ واجبه هو ان يبادر في هذا الصدد، فيما المبادرة كانت مطلوبة ولا تزال من وزير العدل ومجلس القضاء الاعلى والمدعي العام التمييزي لمعالجة هذا الامر.
ثلاثة مآزق
في غضون ذلك، قالت اوساط معارضة لـ«الجمهورية» ان لبنان «دخل في نفق مظلم في ظل انهيار متواصل وغياب القدرة على الحلول والمعالجات وتوافق الجميع على أنّ المدخل لبداية هذه المعالجات يكون من خلال انتخاب للجمهورية، وتكليف رئيس للحكومة وتشكيل حكومة، وما لم تبدأ هذه المسألة بانتخابات الرئاسة سيبقى الوضع اللبناني يشهد مزيداً من الانهيارات المتتالية فصولاً».
واضافت هذه المصادر انّ «المشكلة تكمن في انّ هناك عملياً ثلاثة مآزق اساسية:
ـ المأزق الاول: أن قوى الداخل غير قادرة على الوصول الى انتخاب رئيس للجمهورية بسبب تعطّل الآليات الدستورية الديموقراطية وامتناع فريق الموالاة عن الرضوخ لنتيجة الآلية الدستورية الديموقراطية بجلسات انتخابية متتالية ومفتوحة وإصراره على مرشّحه تحت عنوان «إمّا هذا المرشح وإمّا الفوضى»، وعدم قدرة المعارضة على توحيد كل صفوفها وصولاً الى تبنّي مرشحها من قبل 65 نائباً. وبالتالي، هناك المأزق الداخلي في ظل عدم قدرة الموالاة والمعارضة على تجاوز عتبة الـ 65 والتعطيل المتبادل الذي يبقي الرئاسة في حالة شغور.
– المأزق الثاني يتمثّل في ان المجتمع الدولي غير قادر، وقد أظهر الاجتماع الخماسي في باريس انه غير قادر على إخراج لبنان من الشغور وغير قادر على ممارسة الضغوط، وغير قادر على فرملة الواقع الانهياري، وبالتالي المجتمع الدولي عاجز عن فعل اي شيء.
– المأزق الثالث: انه لا يكفي إجراء مُطلق أي انتخابات رئاسية. فالانتخابات الرئاسية في هذه المرحلة وفي هذه الآونة لها شروطها ومن ابرزها انتخاب رئيس سيادي اصلاحي ورئيس حكومة سيادي اصلاحي وحكومة اصلاحية سيادية، لأن الانهيار الذي وصل اليه لبنان لم يعد بالامكان معالجته عن طريق سلطات عادية وفق النمط السابق في تشكيل الحكومات وانتخاب الرؤساء».
وختمت المصادر المعارضة: «نحن امام مرحلة استثنائية تستدعي سلطات دستورية استثنائية، وللأسف الموالاة ليست في وارد إقرار استثنائية الوضع. وبالتالي، امام المأزق الداخلي والمأزق الخارجي ومأزق توليد السلطة، لبنان يتجه فصولاً نحو مزيد من الانهيار، ولا خلاص ولا حل سوى من خلال انتخابات رئاسية سريعة في ظل سلطات متجانسة ومتكاملة سيادية إصلاحية تطلق ورشة لإنقاذ لبنان».
المصارف
وعلى الصعيد المصرفي تدخل البلاد اليوم «تجربة أسبوعية» لعودة العمل الى المصارف قبل أن تقرّر تمديدها او وقفها، في خطوة وصفت بأنها ردّ على ما عبّر عنه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الداخلية بسام المولوي من حسن نية، عندما أدّت إجراءاتهما الاسبوع الماضي الى وقف المؤازرة الأمنية لمدعي عام جبل لبنان القاضي غادة عون تجاه بعض المصارف ونتيجة خروجها على صلاحياتها المكانية وارتكابات أخرى وصفت بأنها «خارج ما هو مألوف».
ولفتت مصادر مصرفية عبر «الجمهورية» انّ المصارف لم تتوقف من خلال عملها الإداري الداخلي طوال الأسابيع الثلاثة الاخيرة عن تسيير أمور الدولة والمؤسسات والشركات، بحيث انّ معاملاتهم كانت سارية المفعول وأن الموظفين لم يغادروا المصارف بعد أن اقتصرت الخدمات المصرفية على الصرافات الآلية في التعاطي مع زبائنها.
وانتهت هذه المصارف الى تأكيد مضمون البيان الرسمي الصادر عن جمعية مصارف لبنان من أنّ العمل سيستمر طوال أيام الأسبوع، في انتظار مزيد من الإجراءات لوقف الملاحقات بالنحو الجاري ضد بعض المصارف واصحابها ورؤساء واعضاء مجالس ادارتها قبل ان تقرر استكمال فتح ابوابها او إقفالها مجدداً.
إجراءات مُستغربة
وفي هذه الظروف لجأت بعض المصارف الى إجراءات إدارية ومالية مستغربة، طلبت فيها من بعض العملاء وأصحاب المدّخرات الموجودة لديهم بتوفير وتسديد فواتير الهاتف الخلوية والكهرباء نقداً عبر الصرافات الآلية، مُتجاهلة ما في حساباتهم من مبالغ تفيض عن قيمة الفواتير التي تطلب تسديدها، وهو أمر رفضه بعض العملاء في انتظار معرفة ردات فعل المصارف.
… وكهربائية إجبارية
على صعيد آخر، أقدمت بعض الشركات التي تمتلك امتيازات كهربائية على إلغاء معاملات التوطين للمشتركين لديها في بعض المصارف لقاء فواتير الكهرباء بعد عشرات السنوات على اعتمادها. وحاولت إجبار المواطنين على دفع الفواتير المليونية الجديدة نقداً وعداً لجباتها ضمن مهل لا تسمح لبعض المواطنين الانتقال اليها، خصوصاً من يمتلكون مقرات او شاليهات صيفية بعيدة عن مقر سكنهم.
الأموال المختلسة
وعلى صعيد الملاحقة القضائية لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، أفادت صحيفة «زونتاغستسايتونغ» الأسبوعية السويسرية، امس، أنّ جزءاً كبيراً من مبلغ 300 إلى 500 مليون دولار، اتُهم حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة باختلاسه، أودع حسابات في 12 مصرفاً سويسرياً.
ويأتي ذلك في أعقاب دعاوى قضائية جديدة رفعها القاضي اللبناني رجا حاموش الخميس الماضي ضدّ رياض سلامة، الذي تستهدفه تحقيقات قضائية عدّة في البلاد، على خلفية الانهيار المالي.
ونقلت وكالة «فرانس برس» عن مصدر قضائي لبناني قوله إنّ سلامة وشقيقه رجا ومساعدته ماريان الحويك، يُلاحَقون بجرائم «اختلاس الأموال العامة» و«تبييض الاموال».
ويُعدّ ذلك الإدعاء الأول في لبنان الذي يطاوِل سلامة في التحقيق المحلي الذي يجري على خلفية التحقيقات الأوروبية، إلا أنه ليس أول ادّعاء محلي ضده في قضايا أخرى تتعلق بالإثراء غير المشروع وتهريب أموال إلى الخارج، كما أصدرت قاضية قراراً بمنع السفر في حقه.
ولطالما نفى سلامة الاتهامات الموجهة إليه، معتبراً أن ملاحقته تأتي في سياق عملية «لتشويه» صورته.
ورغم الشكاوى والاستدعاءات والتحقيقات ومنع السفر الصادر في حقه في لبنان، لا يزال سلامة في منصبه الذي يشغله منذ العام 1993، ما جعله أحد أطول حكام المصارف المركزية عهداً في العالم. ومن المفترض أن تنتهي ولايته في أيار المقبل.
وبحسب الصحيفة السويسرية، فقد تمّ إيداع 250 مليون دولار في حساب رجا سلامة الشخصي لدى فرع «اتش. إس. بي. سي» في جنيف.
وأودعت مبالغ أخرى في «يو بي اس» و«كريدي سويس» و«جوليوس باير» و«أي اف جي» و«بيكتيت»، وفقاً للصحيفة.
وأوضح المصدر نفسه أنّ التحويلات تمّت عبر شركة خارجية مسجّلة في الجزر العذراء باسم «فوري اسوشياتس» تمّ إنشاؤها في العام 2001. وبعد ذلك، تمّ نقل «مبالغ كبيرة» لشراء عقارات في عدّة دول أوروبية.
وكان مكتب المدعي العام الفدرالي السويسري قد بدأ إجراءات جنائية للاشتباه في غسل الأموال في تشرين الأول 2020 وما زالت الإجراءات قائمة.
وأشارت الصحيفة السويسرية إلى أنه تمّ تجميد ملايين الدولارات من الأموال، لكن مكتب المدعي العام الفدرالي لم يُدلِ برقم محدّد.
كذلك، تُجري السلطة الضابطة لأسواق المال (فينما) تحقيقات أولية «منذ عدّة أشهر» مع 12 مصرفاً سويسرياً. وأكد متحدث رسمي لـ«زونتاغستسايتونغ» أنه تم الشروع في إجراءات قضائية ضد مؤسّستين ماليّتين في «السياق اللبناني». ولم يتم الإعلان عن أسماء المصارف.
إستمارة خطيرة
من جهة ثانية عُلم انّ ما يُعرف بجمعية المساعدات الشعبية للإغاثة والتنمية (PARD)، بتمويل من المؤسسة الألمانية للتعاون الدولي وتحت مظلة برنامج UN – Habitat، ستقوم بإجراء مسح لما تُسمّى «حقوق السكن والأرض والملكية» للاجئين والنازحين في لبنان.
وحذرت أوساط مطلعة من انّ المشروع يهدف إلى تأكيد حق اللاجئين والنازحين داخل لبنان في ضمان الحصول على ممتلكات (السكن والأرض) في مناطقهم الأساسية، على أن يتم ذلك من خلال أداة «ملكية الحيازة الإجتماعية».
وأوضحت هذه الاوساط لـ«الجمهورية» انه نُظّمت استمارة خطيرة جداً تسعى لإحصاء ملكية الحيازة الإجتماعية التي هي الحق في السيطرة على الشيء على رغم عدم امتلاكه، أي «وضع اليد» حينما لا يكون هناك معوق قانوني (مشاع بلدي، سكن مجاني، ناطور، سكن في أرض زراعية…) وهذا يصبح نوعاً من المصادرة.
وقد طُلب من المخاتير عدم التجاوب مع هذا المسح وتلك الإستمارة نظراً للشبهة في مجال توطين اللاجئين والنازحين. كذلك جرى تبليغ أصحاب الأراضي التي تأوي لاجئين ونازحين بعدم التجاوب مع هذا الأمر.
مواقف
وفي المواقف السياسية الجديدة أشار البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، في عظة الاحد لمناسبة «أحد شفاء الأبرص»، الى انّ «البَرص السياسيّ عندنا في لبنان يصبح أكثر فأكثر خطرًا على الهويّة اللبنانيّة والكيان، والسبب الأساسيّ هو ضرب رأس الدولة برفض المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهوريّة ضَنّاً بالمصالح الفرديّة والفئويّة، وحفاظاً على مشاريع تورّط لبنان وانتخاب رئيسه أكثر فأكثر في اللعبة الإقليميّة والدولية».
وسأل الراعي: «لماذا يسعى الأطرافُ اللبنانيّون إلى آليّات غير دستوريّة وغير لبنانيّة طالما لدينا آلية دستوريّة تُغنينا عن أبحاثٍ لا طائلَ منها؟». وقال: «مهما طالَ زمنُ الشغورِ الرئاسي شهورًا أو سنوات لا بد من أن تجري العمليّة الانتخابيّة لرئاسةِ الجُمهوريّة من خلال آليّةِ الاقتراع في المجلس النيابي. فلماذا الانتظار؟». واعتبر الراعي أن «المشكلة هي أنَّ كلَّ فريقٍ يَرفض أيَّ تنازلٍ لتسهيل انتخاب الرئيس لأنه يَظنُّ نفسَه هو الذي سينتصرُ من خلال «خارج الدستور» والمؤتمرات. وحين يَظنُّ الجميعُ أنَّ كلّهم منتصرون يَعني أنَّ كلَّهم مهزومون، والخاسرُ هو لبنان وشعبه».
وحذّر مِن «المسِ من جهةٍ بأموالِ الشعب، ومن جهة أخرى بالنظامِ المصرفي اللبناني، لا سيّما مصرفِ لبنان المركزيّ الذي هو الرابط بين لبنان والنظام المالي الدوليّ»، مشيراً الى «انَّ موضوعًا بهذه الأهميّة لا يُعالج بمثلِ هذه الظروف حيث لا يُعرفُ الخيطُ القضائيُّ من الخيطِ السياسيّ ومن الخيطِّ الشخصي».
ماذا ينتظرُ نوّابُنا؟
وسأل متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة في عظة الاحد: «ماذا يمنعُ انتخابَ رئيس؟ ولِمَ يُعَطِلُ المُعَطِّلون؟ ولِم لا يَتَّفقُ رافضو التعطيل على شخصٍ يرون فيه الكفاية والنزاهة ومَلَكَةَ القيادةِ وينتخبونَه؟ وهل حَسَنٌ أن يبقى البلد بلا رئيس هو بِحُكْمِ الدستور «رَمْزُ وحدةِ الوطن، يَسهر على احترام الدستور والمحافظة على استقلالِ لبنان ووحدته وسلامةِ أراضيه؟».
وقال: «لقد فَقَدَ لبنانُ حضورَه السياسيّ والدبلوماسيّ في العالم، وخَسِرَ مُقَوِّماتِه كدولةٍ مسؤولة وقادرة على إسماعِ صوتِها. خَسِرَ دورَه ومكانَتَه وحضورَه ولم يبقَ منه إلاّ صورةَ الفساد والتناحر والتعطيل. الدولُ المحيطةُ بنا تُحلِّقُ عالياً ونحن نتدحرجُ إلى أسفل. ماذا ينتظرُ نوّابُنا؟ لِمَ لا يَتحرَّكون؟ ولِمَ لا يُحاسِبُ الشعبُ نوّابَه على تقاعُسِ بعضِهم، وقِلة مسؤوليّةِ بعضهم، وسوءِ تَصرُّفِ آخرين؟ هل انتخَبَهم للتعطيل أم للعمل والإنتاجِ؟ وهل مِن وقتٍ للعمل أنسب مِن هذه الأوقات العصيبة؟».
مرحلة معقدة
وحذّر المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، في بيان، من أنّ «البلد بلغ مرحلة معقدة من الانهيار، ولا بد من مبادرة أنصاف حلول»، معتبراً انّ «انتظار الرياح الدولية هو بمثابة إنهاك للبلد وقراره السياسي، والانتظار المفتوح لا مصلحة فيه للبلد بل خطر عليه، وما بين فلتان نقدي وأمني واقتصادي ومعيشي، يتحول النزوح إلى كارثة اقتصادية وجنائية وديمغرافية ومهنية، ولا بد من حل سريع للنزوح».
ولفت الى أن «بعض السفارات الأوروبية تلعب دور إبليس للتوطين»، وقال: «المشكلة ليست بالمجلس النيابي بل بالانقسام السياسي والبورصة الدولية والسماعين لها، وآلية الاقتراع بالمجلس النيابي ضمانة لجَمع لبنان لا لتفريقه، ما نريده آلية حوار وطني لحماية لبنان لا آلية اقتراع سياسي على حساب لبنان».
********************************
افتتاحية صحيفة اللواء
تحريض مسيحي على «تسوية فرنجية – سلام».. وعكار تخنق الفتنة
سلامة يرفض سعر صيرفة متدنٍ للقطاع العام.. وعودة المصارف علی محك إجراءات القضاء
فيما فشلت محاولات إحداث فتنة جديدة عبر الاستثمار في جريمة خطف وغدر امام مسجد بلدة القرقف العكارية الشيخ احمد الرفاعي على يد اقرباء له في البلد، كشفها فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي، أحدثت المعلومات التي نشرتها «اللواء» في عددها الصادر السبت الماضي 25/2/2023 ارتجاجاً في الاوساط النيابية المسيحية المعادية لوصول مرشح مدعوم من «الثنائي الشيعي» وقوى 8 آذار، ضمن تسوية تقضي بوصول القاضي والدبلوماسي نواف سلام الى رئاسة الحكومة من ضمن تسوية تلعب فرنسا دور «المحرك» لها، على خلفية المداولات التي جرت في لقاء باريس الخماسي اوائل الشهر الجاري.
وبدا الارباك حاضراً لدى الكتلتين المسيحيتين الاكبر في البرلمان: تكتل لبنان القوي الذي يقف على رأسه النائب جبران باسيل، وكتلة الجمهورية القوية التي تعمل بتدبير من رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، ففيما سارعت «القوات» الى نفي معلومات «اللواء» عن التسوية لجهة ان حزب جعجع سيؤمن النصاب لانتخاب فرنجية، جازمة بأن موقفها رافض نهائياً ولا يقبل الرجوع، لأي مرشح رئاسي لحزب الله، مشددة على ان موقفها هذا يسري على مرشح الممانعة السيد سليمان فرنجية.
وجاء هذا الموقف بمنزلة فرصة نادرة لتيار باسيل، الذي بدا انه ينتظر جعجع على الكوع، محرضاً اياه على عدم التراجع، استناداً الى وقائع تاريخية بدءاً من اتفاق الطائف الى مفاوضات انتخاب العماد ميشال عون رئيساً عام 2016.
وللذاكرة فقط، فمصادر قواتية نقلت عن كتلة «الجمهورية القوية» انها لن تعطل نصاب جلسة انتخاب النائب فرنجية ولن تعطل البلد (24/1/2023).
بالتزامن، تعقد حكومة تصريف الاعمال جلسة رابعة قبل ظهر اليوم، بجدول اعمال مالي، يؤمل معه فك اضراب الادارة العامة والقطاع التعليمي الرسمي، مع بدء العد التنازلي لمخاطر فعلية تهدد العام الدراسي والامتحانات الرسمية، ما لم يتوقف الاضراب، الذي تأمل الروابط في المرحلتين الابتدائية والثانوية في ان يتوقف، مطالبين مجلس الوزراء بانصاف القطاع التعليمي، ولا سيما لجهة تثبيت سعر صيرفة على 20 او 30 الفاً، ليتمكن هؤلاء من قبض رواتبهم بما يسهل معالجة لاحقة لاعادة النظر بالرواتب، في ضوء فقدان الليرة ما يزيد عن 90% من قدرتها الشرائية.
وحسب معلومات «اللواء» فإن هذا المطلب يتعذر الأخذ به، نظراً للوضع المالي الصعب لمصرف لبنان، حيث ابلغ الحاكم رياض سلامة من يعنيه الأمر، سواء وزير المال او رئيس الحكومة، انه ليس بوارد القبول بهذا المطلب وأن السحوبات بالدولار لرواتب المعلمين والعسكريين وسائر موظفي القطاع العام لن تكون الا على سعر صيرفة، من دون اي تعهد او ضمانة بعدم ارتفاعه الى عتبة الـ50 الفاً، مما يفقد الموظف، بالحد الادنى، ما لا يقل عن 100 دولار شهرياً.
وعلى سيرة الرواتب والمساعدات التي تحول دفعة واحدة الى المصارف بدءا من يوم غد 28 شباط (آخر الشهر) للعسكريين والمدنيين والمتقاعدين في الاسلاك كافة، فان الانظار تتجه الى معاودة البنوك عملها، ولو على نحو مؤقت، لدفع الرواتب، واختبار مدى التعهد بامكان وضع حد لتصرفات ودعاوى النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون ضد المصارف بتهمة مختلفة، اخطرها تهمة «تبييض الاموال»، الأمر الذي يهدد دورها كأداة وصل بين لبنان المقيم والمغترب على صعيد التحويلات المالية.
اذا الجلسة الحكومية تنعقد في ظل اجواء مصرفية محفوفة بالترقب، واجواء تربوية وادارية توحي بأن الاضراب مرشح للاستمرار، وان كانت المكاتب التربوية تضغط لفك اضراب الثانويات والمتوسطيات، من أجل توفير فرصة لتلامذة المدرسة الرسمية من التقدم الى امتحانات الشهادة المتوسطة والشهادة الثانوية بفروعها الاربعة.
وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» ان الجلسة ستقر اليوم بدل الانتاجية والنقل لموظفي القطاع العام وأساتذة التعليم الرسمي من دون معرفة ما اذا كانت هذه البنود قد تشكل مدخلاً لترتيب تسوية تتصل بمطالب موظفي هذه الادارة والاساتذة، ولا سيما ان الواقع المالي للدولة اللبنانية وفق الدراسات الموضوعية قد لا يسمح بالقفز فوق ارقام محددة على ان المطالبة باعتماد منصة صيرفة لرواتب الاساتذة تعد اساسية بالنسبة لهم.
وتوقعت المصادر ان تمر هذه البنود بسلاسة في الجلسة من دون التطرق الى ملفات اخرى، مشيرة الى مخاوف من رفض قرارات الحكومة مما يعني مواصلة الاضراب، داعية الى انتظار ما قد يخرج عن الجلسة وردود الفعل عليها.
على الصعيد السياسي، ثمة إجماع على ان لا حلول قريبة مرتقبة برغم الحديث عن مساعٍ سياسية مستجدة قد يقوم بها الرئيس نبيه بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وفرنسا، لتليين المواقف والتوافق على مخارج للازمات.
ومع ذلك فالحراك السياسي لم يتوقف على امل التوصل الى شيء ما، ويُرتقب ان يشهد الاسبوع الحالي والذي يليه حركة اتصالات ولقاءات جديدة حول الاستحقاق الرئاسي، وحول معالجة بعض الازمات الطارئة كإضراب المصارف والدعاوى القضائية وخفض سعر الدولار الاسود وضبط السوق ولو بحدود دنيا، وتلبية بعض المطالب النقابية. وهوما سيظهر لاحقاً في حركة الحكومة المرتقب ان تعقد جلسة لها صباح اليوم ، وفي حركة مجلس النواب سواء على صعيد هيئة مكتب المجلس التي تبحث اليوم امكانية عقد جلسة تشريعية، او اللجان النيابية التي ستواصل درس مشاريع واقتراحات القوانين الاصلاحية المرتبطة بشكل مباشر بقانون الكابيتال كونترول، مثل قانون هيكلة المصارف وإعادة تصحيح الوضع المالي للدولة… وسواها من قوانين.
اما النتائج المرتقبة لهذا الحراك السياسي والحكومي والنيابي فلا يمكن التكهن بها، بل ان التشاؤم يسيطر على التوقعات من ان تنتج ايجابيات سريعة، طالما ثمة من يرفض عقد اي جلسة تشريعية للمجلس قبل انتخاب رئيس الجمهورية، برغم علمه بصعوبة إن لم يكن إستحالة ذلك في هذه الاجواء، عدا عن ان الحراك الخارجي عبر لقاءات باريس لم يتوصل الى نتيجة حاسمة او الى اي توافق على عناوين الحلول اللبنانية، وبخاصة حول انتخاب رئيس للجمهورية يكون المدخل للخطوات الاخرى المطلوبة، بغض النظر عمّن يتقدم في سباق المرشحين الذين باتوا محصورين بأسماء قليلة يجري التداول بها، منها المعروف ومنها المجهول القابع في الظل.
لكن مصادر اخرى تعتبر ان الحلول قد تأتي فجأة، في حال تصاعدت الازمة المعيشية وانفلت الوضع اللبناني اكثر وتحرك الشارع بشكل يثير اضطرابات يصعب السيطرة عليها، ما قد يؤدي الى حال من الفوضى الشاملة، وهو امر لا يخدم توجهات دولية واقليمية تعتبر استقرار لبنان اولوية.
الراعي: لماذا الانتظار؟
وحذر البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي من المس بالنظام المصرفي وأموال الشعب، وتساءل: لماذا الانتظار، مع علم الاطراف ان الانتخابات الرئاسية ستجري طال زمن الشغور، شهور او سنوات من خلال آلية الاقتراع في المجلس.
واعتبر ان «المشكلة هي ان كل فريق يرفض اي تنازل لتسهيل انتخاب الرئيس لانه يظن نفسه هو الذي سينتصر من خلال «خارج الدستور» والمؤتمرات. وحين يظن الجميع ان كلهم منتصرون يعني ان كلهم مهزومون، والخاسر هو لبنان وشعبه. هناك انتصارات وهمية لها طعم الهزائم اكثر من الهزائم الفعلية. إذا استمر هذا المنطق، الخالي من روح المسؤولية ومن صوت الضمير ومن نداء الواجب الوطني، نخشى ان تطول مدة الشغور الرئاسي كما تشير غالبية المعطيات.
وفي وقت علقت المصارف اضرابها لمدة اسبوع تجاوبا مع المساعي والخطوات الحكومية، جدد الرئيس نجيب ميقاتي دعوة السلطات القضائية المختصة «الى الاسراع في معالجة ما اعترى المسار القضائي من تجاوزات وشطط، تأمينا لحُسن سَير العدالة». وقال أمام زواره امس الاول السبت: ليكن واضحا للجميع، أن الموقف الذي اتخذته، عبر الكتاب الموجّه الى وزير الداخلية بسام مولوي، كان الهدف منه وقف مسار خطير في استخدام القضاء والقانون لتصفية حسابات سياسية، ولم يكن القصد أبدا حماية أحد او تأمين الغطاء لمخالفات أحد. وهذا الموقف الواضح أبلغته لوفد جمعية المصارف عندما جاءني الاسبوع الفائت لعرض أسباب الاضراب الذي نفذه القطاع المصرفي.
أضاف: هدفنا حماية القطاع المصرفي لكونه ركيزة أساسية من ركائز الاقتصاد، وليس حماية اي مصرفي او اي مصرف يخالف القوانين. ومن خلال ما نعمل عليه ايضا فاننا نضع اولوية أساسية قبل اي أمر آخر، وهي اعادة أموال المودعين ووقف التحايل عليهم باجراءات تخالف القوانين والنظم ذات الصلة.
وقال رداً على سؤال: ليس صحيحا أننا نأخذ طرف المصارف على حساب المودع، وما نقوم به من اجراءات وخطوات بالتعاون مع مجلس النواب وصندوق النقد الدولي،هدفه الاساس اعادة حقوق الناس ضمن خطة واضحة ومبرمجة. ومن هنا، فاننا نجدد الدعوة الى وقف التشويش السياسي واقتناع الجميع بأن لا حل الا بالتعاون بين مختلف المكوّنات السياسية للنهوض بهذا الوطن.
وحول تشدده في موضوع مخالفات القاضية غادة عون وتساهله مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، قال: هذا الكلام غير صحيح، فأنا ادعو الى تطبيق القوانين على الجميع، وليقل القضاء كلمته في كل الملفات، والقانون هو الحكم. في موضوع مصرف لبنان هناك اصول تحدد كيفية التعيين والاعفاء واتخاذ القرارات داخل المجلس المركزي للمصرف. وفي الواقع الجديد الذي استجد بموضوع الادعاء القضائي على الحاكم، هناك قواعد قانونية واضحة سيجري اتباعها حتماً.
وسُئل عن موقف مجلس القضاء الاعلى المُعترض على كتابه الموجه الى وزير الداخلية؟ فقال: مع احترامي الشديد للمجلس واعضائه، على المجلس ان يقوم بدوره الكامل في معالجة الوضع القضائي لاحقاق الحق والعدالة على الجميع، ووقف الشطط والمخالفات التي تحصل والبت بالمراجعات الكثيرة التي تقدم بها متضررون. وعلى كل معترض ان يقرأ نص كتابي بحرفيته، قبل اطلاق الاعتراضات والمواقف بخلفيات سياسية.
عون تدَّعي على حواط
وكشفت القاضية عون انها ستدعي على النائب زياد حواط مشيرة الى انها سبق وادعت على اشخاص في التيار الوطني الحر.
وكان حواط قال في «الأحد مع ماريو» على محطة L.B.C.I انه لا يمكن ابقاء النظام المصرفي برمته تحت رحمة مزاجية قاضية، ونحن مع التحقيق مع المصارف من قبل قضاء عادل ونزيه، مشيرا الى ان المخالفات التي تقوم بها عون في موضوع المصارف ستدمر المصارف.
جلسة سلامة والمعلومات السويسرية
قضائياً، وعشية تحديد قاضي التحقيق الاول في بيروت شربل ابو سمرا موعدا لاستجواب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في ملف الـ 300 مليون دولار اميركي التي يشتبه باختلاسها من المصرف المركزي.يتزامن الموعد المنتظر مع معلومات نشرتها صحيفة «زونتاغستسايتونغ» الاسبوعية السويسرية، بأن جزءاً كبيراً من مبلغ 300 الى 500 مليون دولار، يتهم حاكم «مصرف لبنان» رياض سلامة، باختلاسه، اودع حسابات في 12 مصرفاً سويسرياً.
ووفق الصحيفة، فقد تم ايداع 250 مليون دولار في حساب رجا سلامة (شقيق رياض) الشخصي لدى فرع «اتش اس بي سي» في جنيف. واودعت مبالغ اخرى في «يو بي اس» و»كريدي سويس» و»جوليوس باير» و»اي اف جي» و»بيكتيت» وفقاً للصحيفة.
وتجري السلطة الضابطة لاسواق المال (فينما) تحقيقات اولية «منذ عدة اشهر» مع 12 مصرفاً سويسرياً.
يذكر ان القضاء اللبناني طلب مساعدة من النائب العام السويسري في التحقيقات حول حركة اموال تفوق 320 مليون يتهم سلامة وشقيقه رجا بالضلوع بها.
عكار تتجاوز قطوع الفتنة
وتمكن الشمال وعكار وعموم المسلمين من احتواء الجريمة البشعة والمخيفة التي ادت الى مقتل الشيخ احمد الرفاعي بعد كشف خيوط الجريمة وتوقيف المتورطين، ولعب مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان دوراً حاسماً في تهدئة الخواطر وإفساح المجال امام العمل الجاد لقوى الامن، ولا سيما فرع المعلومات لكشف الجناة، وهذا ما حصل، مما افسح في المجال لمعالجة هادئة وموضوعية للوضع الخطير، الذي اعقب عملية الاختطاف ثم الاغتيال.
قضية الشيخ الرفاعي
عُثر فجر امس، على جثة الشيخ أحمد الرفاعي مدفونة على عمق 3 أمتار تحت كومة من التراب بالقرب من مكان ترمى فيه النفايات في منطقة تقع فوق عيون السمك وقريبة من بلدة القرقف ، وتردد ايضا ان الجثة كانت مدفونة تحت شلال النهر البارد. ونحو الثالثة والربع فجراً ، سحبت القوى الأمنية الجثة بعد استقدام جرافة للمساعدة في الحفر، وعملت فرق الإسعاف على نقلها إلى المستشفى الحكومي.
وقبيل تشييع الشيخ الراحل الرفاعي عصرا في بلدته وسط حشد شعبي كبير، أصدرت عائلته الرفاعي بياناً، نعته فيه وناشدت الجميع عدم إطلاق الرصاص كي لا يتعرّض أي أحدٍ لأذى.
كذلك، فقد دعت العائلة الجميع إلى التحلّي بروح الصبر وعدم الإنجرار وراء الفتنة وردات الفعل الجاهلية، شاكرة المسؤولين والقوى الأمنية على جهودهم في كشف الحقيقة وتوقيف الجناة والفاعلين.
وكانت المعلومات قد افادت عن تمكّن شعبة المعلومات من كشف كافة ملابسات القضية بالاستناد على معطيين أساسيين، الاول: تتبع حركة الاتصالات وتنقل هاتف الضحية منذ خروجه منذ منزله في بلدة القرقف حيث رُصد هاتفه بداية في مستشفى حلبا بعد تقديمه مساعدة مالية لأحد المرضى، لينتقل بعدها إلى مسجد البركة في البداوي حيث أدى صلاة المغرب لينتقل بعدها الى شارع الميناء في طرابلس خلف مبنى الجامعة العربية في تمام الساعة 6:40 مساء ثم تكون الوجهة التالية منطقة البحصاص عند مدخل مدينة طرابلس في تمام الساعة 6:45 مساء، قبل الانتقال الى منطقة رأس مسقا في الكورة وتحديداً عند وادي هاب الذي يصل الكورة بمنطقة أبي سمراء.
والثاني: العثور على قناع وقفازات يد عليها اثار دماء خلف الجامعة العربية واكتشاف مصدرها.
بناء على هذين المعطيين تحرّكت القوة الضاربة في فرع المعلومات باتجاه بلدة القرقف منتصف ليل الجمعة، حيث داهمت منزل رئيس البلدية الشيخ يحيى الرفاعي، وأوقفته هو وابنه محمد وابن شقيقه عبد الكريم محمد الرفاعي.
ثم تمكّن فرع المعلومات من توقيف نجل يحيى الرفاعي المدعو علي في بلدة ببنين، حيث تمّ نقل الجميع للتحقيق، فأفرج مساء عن رئيس البلدية قبل أن يعود ويتم توقيفه صباح السبت. خلال التحقيقات اعترف علي الرفاعي بقيامه بقتل الشيخ أحمد بمعاونة ابن عمه عبد الكريم، لتتواصل معهم التحقيقات لمعرفة مكان الجثة، وهو ما استلزم بعض الوقت خاصة مع محاولة علي عرقلة التحقيق بداية عبر الارشاد الى مكان سيارة الشيخ أحمد، والتي وجدت قرب مستشفى هيكل في الكورة، ثم عبر محاولة التراجع عن افادته صباح السبت ليعود بعد ذلك الى الاقرار بكافة التفاصيل، ومنها مكان وجود الجثة في عيون السمك، وهو أمرٌ نفته مصادر أخرى، مشيرة إلى أنّ الجثة تمّ رميها بالقرب من مخيم نهر البارد.
وامس، أعلنت الشعبة عن توقيف جميع المتورطين، وعددهم 5 أشخاص، جميعهم من عائلة الرفاعي، قاموا بتنفيذ عملية الخطف والقتل والدفن بعد تقسيم الأدوار في ما بينهم ضمن خطة قام رئيس بلدية القرقف الشيخ (ي. ر.) ونجله (ع. ر.) بإعدادها ميدانياً ولوجستياً منذ نحو الشهر، بعدها تمت الاستعانة بـ3 أشقاء من أقاربهما، وهم: (ع. ر.)، (ي. ر.)، (ا. ر.) لتنفيذ عملية الخطف.
وتبيّن أن باقي الموقوفين وهم اللبنانيون: (م. م.)، (خ. ر.)، (م. ر.) نجل رئيس بلدية القرقف، (و. ب.) ليسوا على علاقة أو علم بالجريمة، وتم اخلاء سبيلهم بناء على اشارة القضاء المختص.
وبعد تفتيش منزل رئيس بلدية القرقف، عُثر على مستودع يحتوي على كمية كبيرة من الأسلحة المتوسطة والقذائف والذخائر والصواعق والقنابل والمتفجرات نوع (إي أن إي)، تمت مصادرتها تمهيداً لإجراء التحقيق بشأنها بالتنسيق مع القضاء المختص، وفق ما أفادت قوى الأمن الداخلي.
وترددت معلومات امس، أن إمرأة إستدرجت المغدور الشيخ أحمد الرفاعي، حيث قامت بالاتصال به طلباً لمساعدة اجتماعية ملحّة وطارئة، محدّدة له الشارع الخلفي لمبنى الجامعة العربية على أوتوستراد الميناء مكاناً للقائه كي يسلّمها المساعدة المطلوبة، وعندما حضر كان علي وعبد الكريم الرفاعي وشخص ثالث بانتظاره، فانهالوا عليه بالضرب وقاموا بتكبيله ونقله بسيارته إلى رأسمسقا في الكورة، حيث أطلقوا عليه النار ففارق الحياة، وبعدئذ وضعوا سيارته بالقرب من مستشفى “الهيكلية”، فيما نقلوا الجثة الى منطقة “القيطع الميتة” في قضاء عكار بمساعدة آخرين.
وبناء على هذه الاعترافات التي قدمها رئيس بلدية القرقف يحيى الرفاعي، عمدت شعبة المعلومات إلى توقيف كلّ المشاركين في الجريمة، سواء المرأة التي استدرجته بالاتصال الهاتفي أو من ساعدوا على نقل الجثّة وإخفائها.
هذا وكانت قد حصلت مخابرات الجيش اللبناني على تسجيل بصوت الشيخ أحمد الرفاعي، يذكر فيه أن تهديدات بالقتل قد وُجهت اليه من بعض الموقوفين قبل أيام من الجريمة.
*********************************
افتتاحية صحيفة الديار
اجتماعات الحكومة تتحول أمراً واقعاً وسط رفض مسيحي
التسعير بالدولار يسري هذا الاسبوع واضراب المصارف معلق ولكن…استبعاد ميقاتي عن رئاسة الحكومة المقبلة يفتح شهية أخصامه – بولا مراد
تدخل البلاد التي تجنبت في الساعات الماضية فتنة كانت بغنى عنها بعد نجاح شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي بالقاء القبض على قتلة الشيخ أحمد الرفاعي وكشف خلفيات الجريمة العائلية-الثأرية، أسبوعا آخر من الاستنزاف على المستويات كافة. فرغم قرار المصارف فتح أبوابها ابتداء من اليوم لتسيير أمور الناس ورواتبهم نهاية الشهر، لا يبدو ان قرار العودة عن الاضراب نهائي. فهي بحسب معلومات «الديار»، ستبقى تضغط بورقة الاضراب لتصحيح المسار القضائي الذي تسلكه الدعاوى بحقها، وقد تعود لاقفال أبوابها الاسبوع المقبل في حال لم يكن هناك تجاوب مع المساعي التي يبذلها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي والتي تصطدم معظمها برفض المراجع القضائية اقحام نفسه بهذا المسار وخاصة بعد المذكرة الاخيرة التي ارسلها الى وزارة الداخلية طالبا منها عدم التجاوب مع القاضية غادة عون.
وتشير المعلومات الى ان رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود يبدو متشددا حيال تدخل ميقاتي الأخير بعمل القضاء، ما يوحي بأن الصراع المصرفي- القضائي- السياسي مستمر من دون أفق واضح.
اجتماعات أمر واقع؟!
في هذا الوقت، تعقد حكومة تصريف الأعمال اليوم جلسة جديدة، هي الرابعة لها منذ شغور سدة الرئاسة، رغم اعتراض القوى المسيحية الرئيسية وابرزها البطريركية المارونية وأحزاب «التيار الوطني الحر « و»القوات» و» الكتائب». ولم يغير جدول الأعمال المصغر والذي قرر ميقاتي الا يتجاوز الـ ٨ بنود من الموقف المسيحي الرافض لاستمرار اجتماعات مجلس الوزراء وكأن شيئا لم يكن. وقالت مصادر سياسية مطلعة على الملف لـ «الديار»: «بات الجميع متأقلما مع هذه الاجتماعات، لا بل يتعاطى معها كأمر واقع، وابرزهم «التيار الوطني الحر» الذي بات مقتنعا بأنه غير قادر على التأثير على المسار الحالي للامور بعدما فك ارتباطه بكل القوى السياسية وآخرها حزب الله، فهو لا يستطيع مواصلة التصعيد لعلمه بأن الفراغ الرئاسي طويل وبالتالي من الواجب تسيير أمور الناس بالتي هي أحسن، ولا مصلحة له بالتراجع خطوة الى الوراء من خلال اعطاء الضوء الاخضر لوزرائه للعودة للمشاركة بهذه الجلسات لانه سيجل فشلا اضافيا على لائحة طويلة من الاخفاقات».
وفيما تطغى على جدول الاعمال البنود ذي الابعاد المالية، لم يُعرف ما اذا كان سيتم طرح موضوع التمديد لمدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم من خارج جدول الاعمال خاصة بعدما باتت المهل داهمة مع بلوغ ابراهيم سن التقاعد في ٢ آذار المقبل ووجوب حسم مصيره قبل يوم على الاقل من هذا التاريخ. وتقول مصادر معنية بالملف لـ «الديار: «الطابة اليوم في ملعب ميقاتي».
حماسة على رئاسة الحكومة
ومع تراجع الآمال بخرق قريب في الملف الرئاسي رغم بعض الاجواء التي تتحدث عن مساع فرنسية جديدة في هذا المجال، نشطت النقاشات بمصير رئاسة الحكومة ولمن ستؤول مع انتخاب رئيس جديد للجمهورية بعدما بات واضحا ان المملكة العربية السعودية تعارض اعادة تعيين ميقاتي، هي التي كانت تعارض اصلا تعيينه عام 2021 لكنها كانت بوقتها منسحبة تماما من الساحة اللبنانية. لكن اليوم، وبحسب معلومات «الديار»، «اختلفت الامور كليا وباتت الرياض معنية بوضع فيتو على اسماء للرئاسة الاولى كما الثالثة». وسُجل مؤخرا محاولة اكثر من شخصية سنية ترى نفسها مرشحة لدخول السراي الحكومي بدلا عن ميقاتي، تعويم أسهمها وابرزها فؤاد مخزومي وفيصل كرامي، بعدما أبلغ رئيس الحكومة السابق سعد الحريري من التقاهم في زيارته الاخيرة الى بيروت ان عطلته السياسية طويلة وتمتد لسنوات.
التسعير بالدولار هذا الاسبوع
ووسط هذا الاستعصاء السياسي، يتواصل انهيار سعر صرف الليرة الذي بقي خلال عطلة الاسبوع فوق عتبة الـ ٨٠ ألفا، رغم ان مرجعيات سياسية ومالية كانت تتوقع ان ينخفض السعر تلقائيا مع اعلان المصارف تعليق اضرابها. وعن هذا قالت مصادر مطلعة لـ «الديار» ان «سعر الصرف يفترض ان يشهد تراجعا طفيفا هذا الاسبوع مع تدخل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عبر اعادة تحريك منصة صيرفة، الا ان ما نخشاه ان ينعكس بدء التسعير بالدولار في السوبرماركات سلبا على هذا المسار». اذ قالت مصادر وزارية لـ «الديار» انه «يفترض ان يبدأ التسعير بالدولار في السوبرماركات في الاول من شهر آذار، اي يوم الاربعاء المقبل، بعد انجاز معظم المحال الكبيرة ترتيباتها وابرزها وضع شاشات تحدد سعر الصرف بشكل دائم طوال ساعات اليوم».
وبدا لافتا تراجع الاعتراضات على هذا القرار حتى ان القسم الاكبر من اللبنانيين بات متحمسا لانطلاق العمل به نظرا لفلتان الاسعار بالليرة وترقب ما اذا الوضع سيكون افضل وممسوكا في حال التسعير بالدولار.
********************************
افتتاحية صحيفة الشرق
المصارف عادت والحكومة تعالج الملفات المالية.. واحتمال التمديد لإبراهيم
وسط حال المراوحة، والتجاذب السياسي- القضائي- المصرفي المستفحل، يسعى رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي لتسييير ما تيسر من شؤون الدولة فدعا الى جلسة لمجلس الوزراء اليوم لاقرار جدول اعمال الضرورات القصوى من دون ان يتضمن صيغة التمديد لمدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم الذي يحال الى التقاعد بعد خمسة ايام بالتمام، لكن الصيغة المخرج المتداولة ستطرح من خارج الجدول بحسب المعلومات.
حماية القطاع المصرفي
في وقت علقت المصارف اضرابها لمدة اسبوع تجاوبا مع المساعي والخطوات الحكومية، جدد الرئيس ميقاتي دعوة السلطات القضائية المختصة الى الاسراع في معالجة ما اعترى المسار القضائي من تجاوزات وشطط، تأمينا لحُسن سَير العدالة. وقال أمام زواره اول امس: «ليكن واضحا للجميع، أن الموقف الذي اتخذته، عبر الكتاب الموجّه الى وزير الداخلية بسام مولوي، كان الهدف منه وقف مسار خطير في استخدام القضاء والقانون لتصفية حسابات سياسية، ولم يكن القصد أبدا حماية أحد او تأمين الغطاء لمخالفات أحد.وهذا الموقف الواضح أبلغته لوفد جمعية المصارف عندما جاءني الاسبوع الفائت لعرض أسباب الاضراب الذي نفذه القطاع المصرفي، وقد كررت الموقف ذاته بالامس خلال لقاء الوفد».
أضاف: «هدفنا حماية القطاع المصرفي لكونه ركيزة أساسية من ركائز الاقتصاد، وليس حماية اي مصرفي او اي مصرف يخالف القوانين. ومن خلال ما نعمل عليه ايضا فاننا نضع اولوية أساسية قبل اي أمر آخر، وهي اعادة أموال المودعين ووقف التحايل عليهم باجراءات تخالف القوانين والنظم ذات الصلة».
وقال رداً على سؤال: «ليس صحيحا أننا نأخذ طرف المصارف على حساب المودع، وما نقوم به من اجراءات وخطوات بالتعاون مع مجلس النواب وصندوق النقد الدولي،هدفه الاساس اعادة حقوق الناس ضمن خطة واضحة ومبرمجة. ومن هنا، فاننا نجدد الدعوة الى وقف التشويش السياسي واقتناع الجميع بأن لا حل الا بالتعاون بين مختلف المكوّنات السياسية للنهوض بهذا الوطن».
ورداً على سؤال يتعلق بتشدده في موضوع مخالفات القاضية غادة عون وتساهله مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة قال: «هذا الكلام غير صحيح، فأنا ادعو الى تطبيق القوانين على الجميع، وليقل القضاء كلمته في كل الملفات، والقانون هو الحكم. في موضوع مصرف لبنان هناك اصول تحدد كيفية التعيين والاعفاء واتخاذ القرارات داخل المجلس المركزي للمصرف. وفي الواقع الجديد الذي استجد بموضوع الادعاء القضائي على الحاكم، هناك قواعد قانونية واضحة سيجري اتباعها حتماً».
وعن موقف مجلس القضاء الاعلى المُعترض على كتابه الموجه الى وزير الداخلية قال: «مع احترامي الشديد للمجلس واعضائه، على المجلس ان يقوم بدوره الكامل في معالجة الوضع القضائي لاحقاق الحق والعدالة على الجميع، ووقف الشطط والمخالفات التي تحصل والبت بالمراجعات الكثيرة التي تقدم بها متضررون. وعلى كل معترض ان يقرأ نص كتابي بحرفيته، قبل اطلاق الاعتراضات والمواقف بخلفيات سياسية».
كيل بمكيالين
من جهته، اعلن عضو تكتل الجمهورية القوية النائب جورج عقيص، العزم على تقديم اخبار الاسبوع المقبل إلى النيابة العامّة التمييزيّة بشأن القرض الحسن، مؤكدا «اننا لن نسكت عن الأمر بعد الآن». واعتبر في حديث عبر «ام تي في» ان السلطة القضائية تتّخذ إجراءات بحقّ القاضية غادة عون، ولكن حتى الآن لم تُنفّذ كل هذه الملاحقات والإجراءات، إلا أنّ هذا لا يبرّر التدخّل السياسي في القضاء وهناك كيل بمكيالين داخل العدلية بشكل غريب جدًّا.
الاحتكام للقانون
في المقلب الرئاسي، قال رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد: لا نقبل ان يسمي الخارج رئيس جمهوريتنا، لا نقبل ان يرهن الخارج مصيرنا السياسي ومستقبل اجيالنا نتيجة سياسة عقوبات وحصار ظالم منفرد تقوم به دولة نافذة خلافا للقانون الدولي وتمردا على مجلس الامن وسلطة الامم المتحدة لانها تشعر انها هي الاقوى في هذا العالم».أضاف: «يستطيعون ان يلحقوا أذى وألما بنا وبشعبنا ولكن لا يستطيعون ان يكملوا المشوار في هذا الامر، لاننا سرعان ما نبتدع الاسلوب الذي يوجعهم ويؤلمهم ويدفعهم الى ان يكفوا اذاهم عن بلدنا وعن شعبنا وهذا ما اشار اليه وألمح اليه سماحة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطابه الاخير. صحيح اننا في الداخل نريد بناء دولة والآن نعير كيف لا نحاسب المفسدين كما نحاسب اعداءنا، وكأن المطلوب ان نستخدم القوة والسلاح لمحاسبة من اخطأ وافسد وأوقع البلد في كارثة اقتصادية استجابة لمصالحه الشخصية او الفئوية او الانانية، لكن هو بالنهاية ابن بلدنا، نتعامل مع المفسد بالاحتكام الى القانون من اجل ردعه ومن اجل محاسبته ومعاقبته، ومن اجل الضغط حتى لا يتجرأ احد غيره على مخالفة القانون، لكن للاسف اسمحوا لي ايضا ان اكون صريحا، ربما هناك من يتواطأ على القانون في بلدنا من اكثر من جهة بحيث يضيع المرتكب ولا تستطيعون محاكمته».
توقيف بزي
في مجال آخر،اعتقلت السلطات الرومانية محمد إبراهيم بزي (58 عاماً) أحد أبرز ممولي حزب الله ، حسب ما أعلنت واشنطن. واعتقل بزي، المصنف على لائحة الإرهاب الأميركية منذ 2018، لدى وصوله إلى مطار بوخاريست. وهو يحمل الجنسيتين اللبنانية والبلجيكية. وكانت واشنطن رصدت مكافأة قدرها 10 ملايين دولار مقابل معلومات عن مكان تواجد بزي الذي ساهم بجمع ملايين الدولارات لصالح حزب الله على مدى سنوات. وقال المدعي العام الأميركي في بروكلين بريون بيس: «اعتقد محمد بزي أن بإمكانه نقل مئات آلاف الدولارات سراً من الولايات المتحدة إلى لبنان دون أن تنتبه له أجهزة إنفاذ القانون»، مضيفاً أن «اعتقاله اليوم يبرهن أن بزي كان مخطئاً». وسيتم ترحيل بزي، بالإضافة لمواطن لبناني آخر يدعى طلال شاهين ويبلغ من العمر 78 عاماً، من رومانيا إلى الولايات المتحدة.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
نسخ الرابط :