موسكو مع "لا غالب ولا مغلوب" في تأليف الحكومة

موسكو مع

 

Telegram

 


ينتظر وزراء حكومة الرئيس حسان دياب بفارغ الصبر مغادرة السرايا والعودة الى منازلهم نتيجة الضغوط والأعباء الملقاة عليهم في ظل الازمات المالية والمعيشية المتلاحقة. لكن واقع الامور والمسار الجامد للاتصالات بين الافرقاء، ولا سيما بين الرئيس ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري اللذين ما زالا على موقفيهما، لا توحي بأي تطور بعدما قدم كل منهما ما عنده حيال مقاربة التأليف وتوزيع الحقائب واسقاط الاسماء عليها. وسيستمر الرجلان في لعبة تحسين الشروط، علما انه لم تُحسم بعد مسألة ما اذا كانت الحكومة المنتظرة من 18 عضواً ولا سيما من جهة عون، وان الامور قد تتجه في النهاية الى الرقم 20 واعتماد طرح الرئيس نجيب ميقاتي، أي الإتيان بستة وزراء دولة من السياسيين و14 من التكنوقراط وتكون للحريري الكلمة الفصل في اختيارهم. في غضون ذلك، تسيطر مناخات التشاؤم على المشهد وبات المعنيون يدركون ان مراسيم التأليف لن تبصر النور في نهاية السنة الجارية، حتى ان دياب أبلغ فريقه الوزاري بضرورة شد الأحزمة والصمود أقله الى شباط المقبل، مع تلويح البعض بان تصريف الاعمال سيطول أكثر نتيجة جملة من التعقيدات الداخلية والخارجية.

هذه المعطيات باتت مثار قلق في الداخل والخارج الى درجة دفعت رئيس مجلس النواب نبيه بري الى الاستغراب والقول ان "السياسة ماتت في البلد ولا أحد يتحدث مع الآخر". وفي هذه اللحظة لم يبق امام الطبقة السياسية الا تبادل الاتهامات والمشاركة في فحص شياطين الفساد والهدر التي ساهمت في هروب شركة "الفاريز ومارسال" من البلد حفاظاً على سمعتها وصدقية اسمها في العالم.

وتراقب العواصم المعنية حقيقة ما يحصل في لبنان، ومعاينتها نقاط الضعف والتباعد بين الافرقاء دفعت نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف الخبير المخضرم في سياسات لبنان والمنطقة منذ الثمانينات، الى الاستعانة بالمقولة الشهيرة للرئيس الراحل صائب سلام ان لا حل في لبنان الا وفق نظرية "لا غالب ولا مغلوب"، وان ثمة خصوصيات في لبنان لا يمكن الابتعاد عنها والتي تقضي بعدم سيطرة فريق على آخر، وان من الافضل للافرقاء اللبنانيين عدم فرض حلول او خيارات بعضهم على بعض. وينظر الروس الى لبنان على اساس انه بلد فريد من نوعه، وان لا مسار امام شعبه الا اتباع طريق التوافق. ولولا القواعد الديبلوماسية المعهودة لأقدموا على القول "ان حكم الموالاة والمعارضة لا يصلح في لبنان".

وفي المناسبة تؤيد موسكو وصول الحريري الى السرايا ونجاحه في تشكيل حكومة جديدة. وتطلق الادارة الروسية مثل هذا الموقف في الصالونات الديبلوماسية الضيقة، ليس من باب التدخل في الشؤون اللبنانية انما من زاوية رؤيتها لمصلحة لبنان، وان من الأجدى لرئيس الجمهورية والرئيس المكلف استمرار اللقاءات بينهما وتجاوز الشروط المسبقة للطرفين من اجل الوصول الى الحكومة المنتظرة والتي اصبحت حاجة اساسية لكل اللبنانيين. واذا ما استمر هذا النوع من الخلافات واطلاق الشروط من هنا وهناك، فلن يكون موعد ولادة الحكومة قريباً.

ومعلوم ان موسكو لم تخفِ موقفها عند تشكيل حكومة الرئيس دياب، وانها لن تستطيع ان تحقق انجازات موعودة لانها كانت ترى مكوناتها من لون واحد واستبعاد جهات فاعلة ومؤثرة عن المشاركة في اتخاذ القرار. ولذلك لم تكن حكومته منتجة. وكانت موسكو، بحسب معلومات ديبلوماسية، قد ابلغت صديقتها طهران بهذه الخلاصة حيال الحكومة الحالية. وعن تأثير الخارج على الحكومة لا يرى الروس مفرا من حصول تواصل بين لبنان وسوريا وان لا تقتصر هذه المهمة على الدور الذي يقوم به اللواء عباس ابرهيم، على أهمية المهمات الناجحة التي يتولاها في هذا الشأن، لكن دوره لا يكفي هنا وخصوصا في موضوع النازحين السوريين المقيمين على الاراضي اللبنانية. واذا كان العالم، ولبنان جزء منه، يراقب ما سيقدم الرئيس الاميركي دونالد ترامب على فعله حتى 20 كانون الثاني المقبل موعد تنصيب منافسه الديموقراطي جو بايدن وتسلمه مفاتيح الادارة في البيت الابيض، ترى الديبلوماسية الروسية ان المنطقة تشهد تعقيدات كبيرة، وان ترامب قد يقدم على تصرفات غير متوقعة في منطقة الشرق الاوسط، لكن الامور لن تصل الامور الى حافة التفجير والحرب.

رضوان عقيل -"النهار"

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram