افتتاحية جريدة البناء
بو صعب: رسائل الغاز نهاية الشهر… وفياض: حصة نوفاتك لقطر… وقاسم: رئاسة التحدّي بلا أفق حزب الله وأمل في إحياء ذكرى مجزرة الطيونة: القضاء مسيّس ولن تمرّ محاولات التمييع الأمن العام يبدأ بتنظيم قوافل العودة الطوعية للنازحين… وحملة دولية للتعطيل… رغم الكوليرا
ثروات الغاز والنفط من جهة والرئاسة من جهة موازية يتصدران المشهد اللبناني، وتتناوب حولهما المواقف المحلية والخارجية، حيث اعتبرت وزيرة الدولة الفرنسية للشؤون الخارجية في ختام زيارتها للبنان، أن «الصداقة مع لبنان تسمح لنا أن نقول إنه لا يستطيع أن يتحمل الفراغ وعلى المسؤولين أن يكونوا على قدر المسؤولية». وشددت كولونا على أن «الاتفاق التاريخي الذي عقده لبنان مع «إسرائيل» في موضوع ترسيم الحدود البحرية لن يحلّ مكان الإصلاحات التي تبقى أولوية ويجب تطبيق الاتفاق مع البنك الدولي. وهذا الخيار الوحيد لإرسال رسالة ثقة إلى المستثمرين والإتيان بالتمويل الذي يحتاج إليه لبنان».
في وقائع الملفات، أعلن نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب كمسؤول عن متابعة العلاقات اللبنانية الأميركية في ملف النفط والغاز أن الرسائل الرسمية لإنجاز الملف ستوجه في نهاية الشهر الحالي، بينما قال وزير الطاقة وليد فياض إنه تبلغ رغبة قطرية بالاستحواذ على حصة شركة نوفاتك الروسية في الائتلاف المعني بالتنقيب والاستخراج من البلوكين اللبنانيين البحريين 4 و9، بعدما انسحبت الشركة الروسية، وجرت مباحثات أميركية قطرية قادها عاموس هوكشتاين لشراء قطر حصة الشركة الروسية والمشاركة في الصندوق الجانبي الذي سيموله القطريون شركة توتال لسداد الأموال التي اتفق عليها الأميركيون مع حكومة الاحتلال لقاء تسويق القبول بالاتفاق، بصفتها تعويضاً عن حصتها من حقل قانا، ورفض لبنان أن يؤثر ذلك على حقوقه الخالصة بموجب العقد مع الشركات المشغلة.
في الملف الرئاسي كلام لنائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، حسم من خلاله استحالة مرور رئيس التحدي، بقوله «لا مجال لنجاح رئيس جمهورية بالتحدي والاستفزاز حتى لو اجتمع مع هؤلاء كل دول العالم، لأن المطلوب أن نبحث في لبنان عن قواسم مشتركة من أجل الاتفاق على رئيس يُطمئن ولا يكون منحازًا للدول الأجنبية».
الملف اللبناني الذي حضر بقوة في المراجعات الخارجية والاهتمام الداخلي كان ملف عودة النازحين السوريين، حيث بدأ الأمن العام اللبناني بتنظيم قوافل العودة الطوعية، التي قال عنها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم إنها لا تنتظر الضوء الأخضر من أحد، وجاءت الحركة الأوروبية التي عبرت عنها وزيرة الشؤون الخارجية الفرنسية بربط العودة مجدداً بالحل السياسي في سورية، بينما خرجت منظمة العفو الدولية ببيان يندّد بالخطوة اللبنانية، من دون أن يكلف أحد من هؤلاء ومن يمثلون، نفسه عناء السؤال عن مصير الأموال التي يقومون بإنفاقها تحت شعار دعم بقاء النازحين، بينما تفتك بهم الكوليرا بسبب فساد الآليات المتبعة في إنفاق الأموال ودور الجمعيات المعتمدة لذلك وفقاً لحسابات سياسية صرفة، بينما الاستجابة لطلب لبنان وسورية بتحويل هذه الأموال للعائدين الى سورية، يوفر لهم حياة لائقة ويجنبهم متاجرة تجار الموت المتعددي الصفات، سواء الذين ينهبون المساعدات أو الذين يدبّرون لهم رحلات المخاطرة بالزوارق المهترئة بوهم الهجرة.
بالتوازي حضرت ذكرى مجزرة الطيونة، عبر إحياء المناسبة على مستوى قيادتي حزب الله وحركة أمل، حيث تكلم كل من رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين ورئيس الهيئة التنفيذية في حركة أمل مصطفى فوعاني، وقال صفي الدين «بعد كل هذه المتابعة، إن كنا نشك في يوم من الأيام بمسار تحقيقي بهذه القضية، نحن اليوم لا نشك بل على جزم ويقين أن من يتولى هذه القضية ليس قاضياً نزيهاً بل مسيّس، ويستمع للتدخلات السياسية ويحسب حسابات سياسية ويقايض». ولفت إلى أن «عدداً كبيراً من المستجوبين والمطلوبين لم يأتوا إلى التحقيق، ثم حصلت مماطلة بالادعاء، مع أن مفوض الحكومة طلب من المحقق ذلك الا أنه لم يفعل، واشترط أن يحيد البعض، وهذا ليس قضاء بل تسييس وإستهتار بالحادثة، فالقاضي الذي يريد أن يستخفّ بدماء شهدائنا لا يمكن أن نسكت عنه مهما كان الأمر، والذي لا يملك شجاعة اتخاذ الموقف القضائي المطلوب فليجلس في البيت».
ولا يزال ملف ترسيم الحدود الاقتصادية الحدث الأبرز الذي يطغى على المشهد الداخلي، في ظل واقع الركود الذي يسيطر على الملفين الرئاسي والحكومي على مسافة أسبوعين من نهاية ولاية رئيس الجمهورية. وبعد إعلان الرئيس ميشال عون موافقة لبنان على الصيغة الأميركية النهائية للترسيم خلال كلمته أمس الأول، تتجه الأنظار الى المراحل والخطوات المقبلة لهذا الملف، إذ توقع نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب، تسليم الرسائل الموقعة من لبنان والعدو الاسرائيلي بحسب الآلية التي وضعت في آخر أسبوع من شهر تشرين الأول.
واعتبر بوصعب أن «حاجة القارة الأوروبية بالفعل لأي مصدر بديل للغاز الروسي سهلت إتمام الاتفاق ومنح لبنان فرصة كبيرة لإنجاز هذا الاتفاق وللحصول على كامل حقوقه وفي المقابل الجانب الإسرائيلي يدرك أنه استفاد من خلال هذا الاتفاق بعد أن بات قادراً على إنتاج الغاز بمجرد أن منح لبنان حقه في إنتاج غازه». وبحسب بوصعب، والدراسة التي أجرتها توتال «يوجد في حقل قانا 1.7 تريليون متر مكعب من الغاز، مقابل 2.2 تريليون في كاريش، إلا أن هذه الأرقام تبقى مجرد احتمال إلى أن يبدأ الحفر».
وكان ميقاتي عقد اجتماعاً مع وزير الطاقة والمياه وليد فياض وأعضاء هيئة ادارة قطاع البترول. وكشف فياض «عن رغبة قطرية في الدخول إلى التحالف للتنقيب عن النفط في البلوكين 4 و9. وقال: «لقد وردت الرغبة القطرية عبر رسالة من وزير النفط القطري سعد الكعبي أعلن فيها نيات دولة قطر الشقيقة بمشاركة لبنان بالدخول الى التحالف الذي سينقب في البلوكين 4 و9 لتصبح قطر الشريك الثالث لشركتي «توتال» «وأيني» في هذين الحقلين، وهذا أمر مهم جداً، لأننا نعرف قدرة قطر الاستثمارية ورغبتها التي أعلنت عنها عبر زيارات مختلفة لسفيرها للوزارة للاستثمار في النهوض الاقتصادي للبنان في قطاع النفط والغاز، في التنقيب وإنتاج الطاقة».
وعلمت «البناء» أن فياض ومسؤولين آخرين تلقوا سلسلة اتصالات من شركات أجنبية وعربية أبدت عزمها واستعدادها للاستثمار في لبنان في قطاع الطاقة والكهرباء.
وبعد انفراج ملف الترسيم وتوقعات جذب الاهتمام الخارجي الى لبنان وتحقق فورة نفطية ونهضة اقتصادية خلال السنوات القليلة المقبلة، عاد قانون «إنشاء الصندوق السيادي» الخاص بالنفط والغاز الى الواجهة، وأفادت معلومات «البناء» عن إحياء اللجنة النيابية الفرعية لهذا الملف والتي توقف عملها في العام 2020 برئاسة رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان، لدراسة ودمج أكثر من مشروع قانون لهذه الغاية».
وسيجري تقسيم عائدات النفط التي تُعدّ بمثابة أصول الدولة كالذهب الى جزءين: ثمانون في المئة ادخار و20 في المئة مساهمة لاستعادة الاستقرار الاقتصادي، وبالتالي تدخل الأموال في الموازنة لكن لن تكون مهمة الصندوق لإطفاء الخسائر وسد العجز.
وأشار كنعان في حديث تلفزيوني إلى أنه سيدعو لجنة المال إلى جلسة الاسبوع المقبل إن كانت هناك إمكانية، «لنجتمع بشأن الصندوق السيادي، ولا بد أن يكون قانونًا عصريًا وعلميًا». مشدداً على ضرورة وجود إدارة وحوكمة رشيدة ومستقلة من خلال سياسة لا ترتكز على إطفاء دين وتغطية هدر وعجز موازنات بل على الادخار كما يحصل في كل الصناديق السيادية في العالم ونحافظ على الأصول لتنمية اقتصادية واجتماعية»، موضحاً أنه يمكن إدخال بعض عائدات الصندوق في الموازنة لكن لن يكون الصندوق ضمن الموازنة.
لكن الإشكالية تكمن بالجهة التي ستمارس الوصاية على الصندوق.. وزارة المال أو رئيس الجمهورية، بحسب أحد مقترحات القانون، ويشير كنعان الى أن الصندوق سيكون تحت مبادئ «سانتياغو» التي وضعها صندوق النقد الدولي كما في أغلب دول العالم، أي المساءلة والرقابة والشفافية والحوكمة والإشراف وطبعاً من خلال المؤسسات السيادية اللبنانية ضمن سياسات نقدية ومالية مستقلة».
في المواقف الدولية، رأى المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك – في بيان بأن اتفاق الترسيم «يمكن أن يعزز الاستقرار المتزايد في المنطقة، ويعزز الرخاء للشعبين اللبناني والإسرائيلي».
وبعدما فشل حزبي القوات والكتائب اللبنانية وتكتل نواب التغييريين الـ13 بمحاولة تشويه إنجاز تفاهم الترسيم الاقتصادي وتظهيره على أن تنازلاً من قبل الحكومة ورئيس الجمهورية بتغطية من حزب الله، عمدوا الى التشكيك بهذه الاتفاقية وتطبيقها ونقلوا المعركة الى مجلس النواب من خلال مطالبتهم بإحالة الاتفاقية الى المجلس لمناقشتها وإبرامها.
في المقابل يرفض ثنائي حركة أمل وحزب الله وتحالفهما وأيضاً كتلة اللقاء الديموقراطي ولبنان القوي وتكتل نواب عكار مناقشتها وإبرامها في مجلس النواب لكونها ليست اتفاقية ولا معاهدة ولا تتطلب إقراراً في مجلس الوزراء ولا إبراماً في البرلمان.
وفيما أكد النائب غسان سكاف لـ»البناء» ضرورة إبرامها في مجلس النواب، يرفض النواب المستقلون الثلاثة عبد الرحمن البزري وأسامة سعد وشربل مسعد ذلك. كما سيلتزم نواب التيار الوطني الحر بموقفهم رفض إبرامها في المجلس وفق خطاب رئيس الجمهورية الذي أكد بأن التفاهم ليست اتفاقية ولا معاهدة أو ترسيم حدود بحرية وبالتالي ليست تطبيعاً مع العدو.
وحذرت مصادر نيابية عبر «البناء» من توجه بعض الكتل النيابية المعارضة لجر المجلس الى مناقشة الاتفاقية وإبرامها لتظهير أنها تطبيع اقتصادي وحدودي مع العدو الإسرائيلي، الأمر الذي يخدم العدو. وشدّدت على أن «نص الوثيقة الأميركية يصب في مصلحة لبنان بعكس ما يحاول البعض تصويره على أنه تنازل للعدو من تحت الطاولة، وأكدت المصادر أن لبنان نال حقوقه كاملة وما كان يطالب به في حقل قانا والخط 23 ولم يعترف بخط الطفافات البحري الذي رسمته «إسرائيل» وحاولت تحويله الى خط حدود بحري، كما لم يلتزم بأي شراكة اقتصادية أـو نفطية أو امنية مع «إسرائيل»، كما نص التفاهم على أن لا علاقة للبنان بأي تفاهم بين شركة توتال والعدو بما خص تعويضات مالية بحقل قانا».
وملأت جولة وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا السريعة على المسؤولين اللبنانيين، فراغ الساحة السياسية، ودعت الى «انتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل انتهاء هذا الشهر»، مشيرةً الى أنّ «الرسالة التي أحملها اليوم هي وجوب احترام الاستحقاق الدستوري وهذه ضرورة أساسية للبنان وهو لا يحتمل خطر الفراغ في السلطة». وأكدت في مؤتمر صحافي من مطار بيروت الدولي في ختام جولتها أنّ «انتخاب الرئيس اللبناني المقبل يعود إلى اللبنانيين وحدهم، وعليهم اختيار رئيس يستطيع أن يرأس الشعب ويعمل مع اللاعبين الإقليميين والدوليين لتخطّي الأزمة الحالية لضمان استقرار وأمن وسلامة لبنان».
كما لفتت الى أنّ «الاتفاق التاريخي الذي عقده لبنان مع «إسرائيل» في موضوع ترسيم الحدود البحرية لن يحلّ مكان الإصلاحات التي تبقى أولوية».
كما التقت الوزيرة الفرنسية، رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في السراي الحكومي، والتقت رئيس المجلس النيابي نبيه بري في عين التينة.
على الصعيد الحكومي، نفى مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية ما بثته محطة «ام تي في « في نشرتها مساء أمس من كلام لرئيس الجمهورية حول الملف الحكومي نسبتها الى مصادر رئاسة الجمهورية. وأشارت أوساط مواكبة للحراك الحكومي لـ»البناء» الى أن الاتصالات شبه مجمدة، مرجحة انتهاء العهد بفراغ مزدوج رئاسي وحكومي عبر حكومة تصريف الأعمال. واتهمت مصادر التيار الوطني الحر عبر «البناء» الرئيس ميقاتي بأنه لا يريد تأليف حكومة في ما تبقى من العهد لكي يتفرد بالحكم في فترة الشغور.
وفيما أظهرت جلسة انتخاب الرئيس الأخيرة بأن الفراغ سيكون سيد الموقف لأشهر مقبلة، أشار النائب غسان سكاف لـ»البناء» الى أن «الأجواء ملبدة، هناك اتصالات مكثفة تجري في موضوع الرئاسة لتحديد من سيكون الرئيس التوافقي. وهذا ما أعمل شخصياً لتحقيقه لكوني مستقلاً وأتواصل مع كل الفرقاء. تأليف الحكومة سيكون مستحيلاً قبل نهاية العهد، خصوصاً ان الاندفاع لتأليف الحكومة سيضخم ظروف إرساء الفراغ».
من جهته، أشار نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، خلال احتفال في صيدا، الى أنّه «لا مجال لنجاح رئيس جمهورية بالتحدي والاستفزاز حتى لو اجتمع مع هؤلاء كل دول العالم، لأن المطلوب أن نبحث في لبنان عن قواسم مشتركة من أجل الاتفاق على رئيس يُطمئن ولا يكون منحازًا للدول الأجنبية».
بدوره، لفت رئيس الهيئة التنفيذية في حزب الله السيد هاشم صفي الدين، في الذكرى السنوية الأولى لأحداث الطيونة، «أن من يتولى هذه القضية ليس قاضياً نزيهاً بل مسيّساً، ويستمع للتدخلات السياسيّة ويحسب حسابات سياسية ويقايض».
ولفت صفي الدين في كلمة له بالمناسبة الى أن «عدداً كبيراً من المستجوبين والمطلوبين لم يأتوا الى التحقيق، ثم حصلت مماطلة بالادعاء، مع أن مفوّض الحكومة طلب من المحقق ذلك الا أنه لم يفعل، واشترط أن يحيّد البعض، وهذا ليس قضاء بل تسييس واستهتار بالحادثة، فالقاضي الذي يريد أن يستخفّ بدماء شهدائنا لا يمكن أن نسكت عنه مهما كان الأمر، والذي لا يملك شجاعة اتخاذ الموقف القضائي المطلوب فليجلس في البيت». وأكد أننا «سنتابع هذا الملف حتى النهاية في القضاء ولن نسلم على الإطلاق لهذه النتائج الواهية الاولية والقضاء يجب ان يتحمل مسؤوليته، واذا كان أحد في هذا البلد يعتقد ان هذه الدماء ستذهب هدراً نقول لهم: نحن الذين لم نقبل ان تذهب دماء شهدائنا هدراً والحق يجب أن نصل اليه وسنصل اليه».
----------------------------------------------------------------------------------------
افتتاحية جريدة الأخبار
رياض سلامة: الليرة بخير!
تفاقم «داء» الإنكار وتعظيم الذات لدى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إلى مرحلة تفوق الوصف. ففي لقاءين عقدهما في اليوم نفسه مع هيئات أصحاب العمل ومجلس إدارة جمعية المصارف، كرّر حرفياً: «الليرة بخير، والودائع بخير، طولو بالكن شوي». كلام ملهم جداً من الرجل الذي حفّز موجات التضخّم السريع والحاد لمدّة ثلاث سنوات متتالية من أجل إطفاء خسائر النظام المالي الذي أداره لمدّة 28 عاماً متواصلة
يبدو أن مرض الإنكار بلغ مرحلة متقدّمة مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. فمنذ فترة وجيزة، التقى سلامة على حدة، بممثلي هيئات أصحاب العمل وممثلي جمعية أصحاب المصارف، في اليوم نفسه، وقال لهم بكثير من الجديّة كلاماً «عجيباً» ينطوي على الكثير من «تعظيم الذات» وإظهار عقد الطفولة. فقد تفاخر أمام الجميع بأنه الرجل الذي يحرّك وزير المال، وأنه لا يزال يتحكّم بكل المفاصل المتعلقة بدورة الحياة الاقتصادية مهما كان شكلها ونوعها.
-----------------------------------------------------------------------------
الاتفاق لم يبرم ولم يُصادق عليه... واحتمالات الحرب لم تنتفِ بعد
يفترض أن يُعرض اتفاق ترسيم الحد البحري بين لبنان و«إسرائيل» للتصويت الحاسم على طاولة الحكومة الإسرائيلية في 26 الجاري، وهو الإجراء الأخير بعد التصويت عليه في المجلس الوزاري المصغر، وبعدما أودع في الكنيست لإطلاع أعضائه عليه، لينتهي مسار المصادقة العملية على الاتفاق من ناحية تل أبيب.
في السجالات التي لا تنتهي في لبنان و«إسرائيل»، وإن بمستوى أقل، تغيب واحدة من أهم نتائج الاتفاق المتبلور، وهي الحرب التي كانت احتمالاتها عالية جداً. أحسنت «إسرائيل» الرسمية لنفسها في أنها تجنبت الحرب بتنازلات نسبية عن جزء مما كانت تدّعي أن لها حقاً راسخاً فيه، وكذلك عبر رفع الفيتو الأميركي عن التنقيب عن الغاز في المياه الاقتصادية اللبنانية. لكن، هل تجنبت «إسرائيل» الحرب حقاً؟
ليس السؤال هامشياً، ولا هو في غير وقته، باعتبار أن الطرفين يتجهان لإبرام الاتفاق. بل هو نتيجة طبيعية لتعقيدات مرحلة اليوم الذي يلي المصادقة النهائية، والمرحلة التي تسبق ذلك وإن كانت أياماً فقط. إذ توجد جملة عراقيل تسبق المصادقة في «إسرائيل»، ولا يقين كاملاً إزاءها. وهناك عراقيل ستكون «إسرائيل» معنية بها إن استطاعت، في مرحلة ما بعد التوقيع وبدء التنفيذ وطوال مراحله اللاحقة.
-----------------------------------------------------------------------------------------
افتتاحية صحيفة النهار
انزلاق مالي جديد… وكولونا: احذروا الفراغv
لم تبدل أيام “الحفاوة” المتصاعدة باتفاق #ترسيم الحدود البحرية بين #لبنان وإسرائيل حرفا في الانعكاسات الفورية على الأقل على المسار المالي المأزوم والاخذ في شد الخناق على اللبنانيين. فلم يكف اللبنانيين “القصاص” الذي تنزله بهم المصارف “بالجملة ” عبر اقفال أبوابها وحتى معظم صرافاتها الالية منذ اكثر من أسبوع، حتى اقفل أسبوع الحفاوة باتفاق الترسيم بسقف قياسي جديد غير مسبوق في تدهور سعر الليرة اللبنانية امام الدولار الأميركي الذي اخترق امس للمرة الأولى سقف ال40 الف ليرة في السوق السوداء. بدا واضحا بذلك ان التطور “التاريخي” على أهميته ودلالاته الاستثنائية الذي تمثل في اتفاق الترسيم الحدودي ، لم يسقط بردا وسلاما بدوره على معطيات مالية واقتصادية وسياسية داخلية اخذة في التأزم المتدحرج ما دامت صورة الدولة وواقعها متجهين نحو مرحلة شديدة الخطورة في ظل ما بات شبه حتمي من شغور رئاسي وغموض خطير في الواقع الحكومي. وعلى مقربة الأسبوعين الأخيرين من العهد العوني، باتت ترتسم معالم حقبة تصعيدية في الاستحقاق الرئاسي ترجمها التصرف الفاقع في نمط تعامل معظم قوى “محور الممانعة” بقيادة “حزب الله” باسقاط نصاب جلسات الانتخاب الرئاسية بحيث سيغدو متعذرا توقع انعقاد أي جلسة أخرى قبل نهاية ولاية الرئيس ميشال عون في 31 تشرين الأول الحالي ، وتحت شعار اشتراط التوافق لانتخاب الرئيس المقبل سيجري زج لبنان في حقبة فراغ رئاسي ومؤسساتي يعرف الجميع موعد بدايتها ولا يعرف احد تاريخ نهايتها.
#كولونا
ولذلك اكتسبت الزيارة الخاطفة التي قامت بها وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا لبيروت منذ مساء الخميس حتى عصر الجمعة طابع نقل التحذيرات الأشد صرامة وجدية وحزما من فراغ لم يعد لبنان يتحمله وستكون لارتداداته عواقب وخيمة للغاية . اذ ان كولونا التي نقلت هذا التحذير الشديد النبرة الى كل من الرؤساء عون ونبيه بري ونجيب ميقاتي، شددت علنا أيضا على أنه “يجب انتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل انتهاء هذا الشهر” مشيرةً الى أنّ “الرسالة التي أحملها هي وجوب احترام الاستحقاق الدستوري وهذه ضرورة أساسية للبنان وهو لا يحتمل خطر الفراغ في السلطة”. واكدت في مؤتمر صحافي من مطار بيروت الدولي في ختام جولتها على القيادات اللبنانية أنّ “انتخاب الرئيس اللبناني المقبل يعود إلى اللبنانيين وحدهم، وعليهم اختيار رئيس يستطيع أن يرأس الشعب ويعمل مع اللاعبين الإقليميين والدوليين لتخطّي الأزمة الحالية لضمان استقرار وأمن وسلامة لبنان”. كما لفتت الى أنّ “الاتفاق التاريخي الذي عقده لبنان مع إسرائيل في موضوع ترسيم الحدود البحرية لن يحلّ مكان الإصلاحات التي تبقى أولوية”، مشددة على أنه “يجب تطبيق الاتفاق مع البنك الدولي وهذا الخيار الوحيد لإرسال رسالة ثقة إلى المستثمرين والإتيان بالتمويل الذي يحتاج إليه لبنان” . وأضافت أن “من غير المقبول أن يستمر الشعب اللبناني بتحمّل عواقب أزمة هو غير
مسؤول عنها ونحن ندعم هذا الشعب ونساعده طالما يُساعد نفسه”، مشيرةً الى أنه “بعد عامين من انفجارات مرفأ بيروت ينتظر اللبنانيون العدالة بعيدا من أي نفوذ سياسي”. ورأت كولونا أنّ “الشعب اللبناني قادر أن يتّحد عندما يُريد ذلك، وبعد انتخاب رئيس جديد ستكون في المستقبل حكومة تمارس عملها بالكامل”. وعن موضوع النازحين السوريين ، كشفت أنّ “الإتحاد الأوروبي تمكّن من جمع مبالغ للغاية لمساعدة النازحين، وهي مأساة إنسانية يتحملها لبنان ومفتاح هذا الوضع يتعلق بتحسن الأوضاع في سوريا”.
ومع ذلك ظل اتفاق ترسيم الحدود البحرية في واجهة الاهتمامات والمواقف والترددات الخارجية ايضا . وفي هذا السياق رحب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بالاتفاق، وعبر المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك – في بيان وزعه فجر امس عن “الاعتقاد القوي للأمين العام بأن هذا التطور المشجع يمكن أن يعزز الاستقرار المتزايد في المنطقة، ويعزز الرخاء للشعبين اللبناني والإسرائيلي”. وأكد “استمرار التزام الأمم المتحدة بمساعدة الطرفين، والتزامها بدعم التنفيذ الفعّال لقرار مجلس الأمن 1701 (2006) والقرارات الأخرى ذات الصلة، والتي أشار إلى أنها تظل أساسية لاستقرار المنطقة”.
مشاركة قطر
اما في التطورات الإجرائية البارزة المتصلة بالاتفاق فعقد الرئيس ميقاتي امس اجتماعا مع وزير الطاقة والمياه وليد فياض واعضاء هيئة ادارة قطاع البترول كشف بعده فياض عن رغبة قطرية في الدخول إلى التحالف للتنقيب عن النفط في البلوكين 4 و9. وقال “لقد وردت الرغبة القطرية عبر رسالة من وزير النفط القطري سعد الكعبي أعلن فيها نوايا دولة قطر الشقيقة بمشاركة لبنان بالدخول الى التحالف الذي سينقب في البلوكين 4 و9 لتصبح قطر الشريك الثالث لشركتي ” توتال” “وأيني” في هذين الحقلين، وهذا أمر مهم جدا، لأننا نعرف قدرة قطر الاستثمارية ورغبتها التي أعلنت عنها عبر زيارات مختلفة لسفيرها للوزارة للاستثمار في النهوض الاقتصادي للبنان في قطاع النفط والغاز، في التنقيب وانتاج الطاقة”.
العودة “الطوعية”؟
وسط هذه الأجواء بدات التحركات والمواقف الرسمية اللبنانية المتصلة بمسألة إعادة اعداد من النازحين السوريين الى سوريا تثير التباسات مع الجهات الخارجية المعنية بازمة النازحين السوريين . وامس شدد عون مجددا امام كولونا على “أهمية عودة النازحين السوريين الى بلادهم، خصوصاً وان العودة آمنة في ظل الاستقرار الذي تنعم به معظم المناطق السورية”، مجدداً “رفض لبنان القاطع لدمج النازحين في لبنان”، معتبراً ان “اللبنانيين جميعاً يقفون ضد هذه الخطوة لما تحمل من سلبيات للشعبين السوري واللبناني على حد سواء”.
ولاحقا دعت منظمة العفو الدولية السلطات اللبنانية إلى “وقف تنفيذ خطة لإعادة اللاجئين السوريين بشكل غير طوعي إلى بلادهم” بعد تصريحات لمسؤولين عن استئناف ترحيلهم على دفعات بدءاً من الأسبوع المقبل.
وتقدّر السلطات وجود أكثر من مليون ونصف مليون نازح سوري على أراضي لبنان بينما يبلغ عدد المسجلين منهم لدى الأمم المتحدة أكثر من 830 ألفاً.
في هذا الإطار قالت نائبة مديرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالإنابة ديانا سمعان إنّ “السلطات اللبنانية توسّع نطاق ما يُسمّى بعملية العودة الطوعية (…) بينما ثبت جيداً أن اللاجئين السوريين في لبنان ليسوا في موقع يسمح لهم باتخاذ قرار حرّ” حول عودتهم، بسبب إجراءات تتخذها الحكومة السورية تقيّد “تنقلهم ومكان إقامتهم”، فضلاً عن تعرضهم “للتمييز وعدم تمكنهم من الوصول إلى الخدمات الأساسية”. وأضافت أنّه “من خلال تسهيلها بحماسة عمليات العودة هذه، تعرّض السلطات الللبنانية، عن قصد، اللاجئين السوريين لخطر المعاناة من انتهاكات شنيعة والاضطهاد عند عودتهم إلى سوريا”.
وكان المدير العام للأمن العام عباس ابرهيم قال الخميس إنّ استئناف عملية إعادة اللاجئين ستتم وفق الآلية نفسها المتبعة سابقاً، مشيراً إلى أنّ الدفعة المقبلة ستضم 1600 شخص. وأوضح أنّ الجانب اللبناني لا يزال ينتظر رد السلطات السورية للبتّ بمواعيد إعادتهم. ويُرسل الجانب اللبناني قوائم بأسماء اللاجئين إلى السلطات السورية التي بدورها تمنح موافقتها الأمنية والقضائية على الأسماء المسموح بعودتها.
**********************************************
افتتاحية صحيفة نداء الوطن
كولونا تنبّه المسؤولين اللبنانيين: الترسيم لا يعفيكم من الإصلاح
رسالة باريس “باسم الشركاء”: الرئاسة أولاً ثم الحكومة
بعدما بيّنت الجولة الرئاسية الثانية بشكل فاقع وفاضح أنّ السلطة تسير بخطى ثابتة نحو فرض الشغور في سدة الرئاسة الأولى، وأنّ دعوات رئيس المجلس النيابي نبيه بري لإنجاز الاستحقاق ما هي سوى “لزوم المشهد” بانتظار انقضاء المهلة الدستورية، أتت زيارة وزيرة أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسية كاترين كولونا إلى بيروت لتضع الإصبع على مخطط الاستنزاف الممنهج للاستحقاق الرئاسي، فعكّرت مزاج الطبقة الحاكمة بتحريكها المياه الرئاسية والإصلاحية الراكدة، ناقلةً “رسالة سهلة” حسبما وصفتها، تشدد على وجوب “احترام الاستحقاق الدستوري لأنّ لبنان لم يعد يستطيع تحمّل خطر الفراغ”.
وإذ نبّهت إلى أنّ الظروف اختلفت عن العام 2014 “فالوضع تدهور اقتصادياً واجتماعياً ولبنان لا يستطيع في العام 2022 أن يسمح بفراغ دستوري” كما كان يحصل في السابق، حرصت الوزيرة الفرنسية تكراراً ومراراً خلال المؤتمر الصحافي الذي عقدته في ختام زيارتها اللبنانية على التأكيد على كون الرسالة التي نقلتها إلى المسؤولين “ليست فقط باسم فرنسا إنما هي رسالة من فرنسا ومن شركائنا في الاتحاد الأوروبي وأصدقاء لبنان الذين تجمعوا حوله لمساعدته في الآونة الأخيرة”، مشددةً في جوهر هذه الرسالة على أولوية إنجاز الاستحقاق الرئاسي ضمن المهل الدستورية على قاعدة أنّ لبنان قادر على تخطي مشاكله من خلال “انتخاب رئيس جديد وبعد ذلك يكون هنالك حكومة بالمستقبل تمارس مهامها بالكامل”.
وفي معرض تشديدها على أهمية الاستحقاق الرئاسي، حذّرت كولونا من أنّ هذا الموقف لا ينطلق من مجرد ضرورة “احترام المهل فقط”، بل أيضاً في سبيل “تجنّب العواقب الاقتصادية والمالية”، داعيةً المسؤولين اللبنانيين إلى “اليقظة” لأنّ باريس و”الشركاء والأصدقاء متّحدون” حول الرسالة التي حملتها معها إلى بيروت لأنّ “ما تغيّر الآن هو أنّ الوقت قد مرّ والوضع قد تدهور ولم يعد لدينا وقت كافٍ للتحرّك… وبالتالي يجب ألا نضيّع الوقت من الآن وصاعداً”.
ولم تتردد رأس الديبلوماسية الفرنسية في تحديد مكمن “الخطر والتحدي” في هذه المرحلة وهو “تجنّب أي فراغ رئاسي بعد انتهاء مدة الرئيس الحالي”، مجددةً التشديد على أنّ الموقف الذي تعبّر عنه “واضح وأنقله بكل بساطة وهو موقف نشاركه مع كل أصدقاء لبنان في أوروبا والعالم”، لكنها ومقابل التأكيد على أنه “يعود للبنانيين وحدهم اختيار رئيسهم” وضعت المواصفات المرتقبة لرئيس الجمهورية اللبنانية الجديد من المنظار الفرنسي والأوروبي والدولي، بحيث يجب أن يكون رئيساً “يستطيع ان يرأس الشعب اللبناني ويعمل مع اللاعبين الإقليميين والدوليين لتخطي الأزمة الحالية لضمان استقرار وازدهار وأمن وسلامة لبنان”.
وبالتوازي مع دعوتها المسؤولين اللبنانيين إلى اعتماد “الديناميكية نفسها التي ظهرت حول التوافق على الترسيم الحدودي البحري مع إسرائيل” في مقاربة الاستحقاق الرئاسي، نوّهت كولونا بـ”الاتفاق التاريخي” بين لبنان واسرائيل حول ترسيم الحدود البحرية للبلدين، لافتةً الانتباه إلى أنّ فرنسا “عملت بقوة لإنجاز هذا الاتفاق إلى جانب الأميركيين”، لكنها سارعت إلى قطع الطريق أمام أي محاولة من جانب أركان السلطة اللبنانية للتملّص من الإصلاحات المطلوبة دولياً من لبنان تحت غطاء اتفاق الترسيم البحري، جازمةً بصريح العبارة على مسامع المسؤولين بأنّ هذا الاتفاق لن يعفيهم من مسؤولية الإصلاح لأنه “لن يحلّ مكان الاصلاحات الاقتصادية والمالية التي تبقى ضرورية”، مع الإشارة في هذا المجال إلى أنّ “الأولوية بالتأكيد هي لتطبيق الاتفاقية التي تم التوصل إليها مع صندوق النقد الدولي العام المنصرم، وذلك هو الخيار الوحيد لارسال رسالة ثقة إلى المستثمرين من القطاع الخاص والإتيان لهذا البلد بالتمويل الذي يحتاجه لمواجهة تدهور الخدمات العامة والقيام بالإصلاحات الضرورية للنظام الاقتصادي والمالي”.
وكانت وزيرة الخارجية الفرنسية قد جالت على الرؤساء الثلاثة ميشال عون ونبيه بري ونجيب ميقاتي، ناقلةً رسالة موحّدة من باريس وشركائها تشدد في عناوينها العريضة على وجوب “انتخاب رئيس جديد للجمهورية وإقرار الإصلاحات الضرورية للنهوض الاقتصادي”، مؤكدةً أهمية “إتمام الاستحقاقات الدستورية في موعدها واستكمال الاصلاحات الضرورية للانتقال إلى التوقيع النهائي لاتفاق لبنان مع صندوق النقد”، مع التشديد على كون “المجتمع الدولي ككلّ” يتطلع إلى إتمام الاستحقاق الرئاسي لأنّ “حصول الفراغ من شأنه أن يضعف الموقف اللبناني في إدارة عمليات التفاوض (مع الصندوق) لحل أزماته ومعالجة ملفاته الضرورية”.
**********************************************
افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط
رئيس الوفد اللبناني في مفاوضات الحدود يشكك في مكاسب اتفاق الترسيم
نذير رضا
أشعل تصريح لرئيس الوفد اللبناني، المُفاوض في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، العميد بسام ياسين، بشأن الاتفاق الحدودي الأخير، جدلاً واسعاً عندما قارن بين ما حصل عليه لبنان أخيراً، وما كان يمكن أن يحصل عليه بموجب معاهدة 17 أيار 1983 بين لبنان وإسرائيل من مكاسب حدودية، ما أثار ردوداً عليه.
ومعاهدة 17 أيار هي معاهدة أمنية بين لبنان وإسرائيل، توصل إليها الطرفان وأقرّها المجلس النيابي في عام 1983، تشبه بعيد اتفاقية سلام، لكن إقرارها فجّر الخلافات اللبنانية، ما دفع المجلس النيابي لإلغائها في عام 1984.
وتوقّف ياسين عند ما ورد في القسم الأول الفقرة «ب» من الاتفاق الأخير وينص على: «يتفق الطرفان على إبقاء الوضع الراهن بالقرب من الشاطئ على ما هو عليه، بما في ذلك على طول خط العوامات البحرية الحالي وعلى النحو المحدَّد بواسطته».
وقال ياسين، في منشور له في «فيسبوك»، إن اتفاق 17 أيار في هذه النقطة كان أفضل. وأضاف مفسراً البند في الاتفاقية الجديدة: «هذا يعني الموافقة على إبقاء هذه المنطقة (منطقة العوامات التي تمتد إلى حوالي 5 كلم من الشاطئ) تحت الاحتلال الإسرائيلي وإعطائها حرية دخول مراكبها العسكرية إليها، كما هي الحال الآن، وبالتالي اعتبارها منطقة أمنية لها بامتياز».
وأضاف: «مقارنة مع اتفاق 17 أيار ووفقاً للإحداثيات المبيَّنة في هذا الاتفاق عام 1982 (أقرّ في 1983) والموضَّحة على الخريطة، يتبين أن هذه المنطقة بكاملها لا بل منطقة إضافية تقع إلى الجنوب منها، أي جنوب الخط 23، كانت تحت السيطرة الأمنية اللبنانية».
وتابع: «باختصار، اتفاق 17 أيار كان أفضل من هذا الاتفاق بخصوص هذه المنطقة الحساسة. أضف إلى ذلك أبقى اتفاق هوكشتاين الحالي نقطة رأس الناقورة ونقطة الـB1 والنفق السياحي تحت الاحتلال الإسرائيلي، وتم تأجيل البحث بها إلى أجل غير مسمّى، حيث لن تأتي فرصة سانحة أخرى لحل هذه المعضلة كما هي الحال الآن، والسبب حاجة إسرائيل المُلحة لاستخراج النفط والغاز حالياً من حقل كاريش الذي كان لن يحصل بسبب تهديد المقاومة وأصبح اليوم حقاً مكتسباً للعدو بعد هذا الاتفاق».
وإثر الجدل الذي توسَّع والقول إن الاتفاق السابق أعطى لبنان مساحة بحرية ضمن الخطين: (23) الذي اعتمد في الاتفاق الأخير، و(29) الذي طالب به الوفد اللبناني المفاوض، نفى العميد بسام ياسين، لـ«الشرق الأوسط» أن يكون اتفاق 17 أيار أعطى لبنان حقوقاً في منطقة الخط 29، قائلاً إن الاتفاق السابق «أعطى البحرية اللبنانية مساحة للتحرك في منطقة ساحلية تمتد من رأس الناقورة إلى صور بعمق 6 كيلومترات، ومن ضمنها خط العوامات الذي بقي بموجب الاتفاق الأخير منطقة أمنية تحت الاحتلال الإسرائيلي».
وأضاف ياسين، الذي قاد 5 جولات من التفاوض غير المباشر في الناقورة بين عامي 2020 و2021: «كي لا يُثار أي لبس، تلك هي النقطة الوحيدة التي أتحدث فيها عن اتفاق 17 أيار؛ وهي الاعتراف للبنان بسيادته على تلك المنطقة (خط العوامات)، كما اعترف بنقطة رأس الناقورة الحدودية، رغم أنه أبقاها ضمن منطقة أمنية». وإذ أشار إلى أنه سيوضح موقفه بالتفصيل يوم الأحد المقبل، قال: «اتفاق 17 أيار كان إيجابياً بهذه النقطة الحساسة حصراً؛ لاعترافه بنقطة رأس الناقورة، كونه أعطانا مساحة أطول جنوباً، وهي الزاوية التي أتحدث فيها حصراً».
وخط العوامات، الذي بقي بموجب الاتفاق الأخير منطقة حدودية غير محسومة وتطالب بها تل أبيب كمساحة أمنية، تنطلق من نقطة رأس الناقورة البرية الحدودية، بعمق 5 كيلومترات إلى البحر.
وأثار التصريح التباساً؛ كون اتفاق 17 أيار ينص على إنشاء منطقة عازلة تبدأ من رأس الناقورة الحدودي جنوباً حتى مصب نهر الليطاني جنوباً في منطقة القاسمية، وهي مسافة تتخطى الـ30 كيلومتراً، كما ينص على إنشاء منطقة أمنية بحرية من رأس الناقورة حتى مدينة صور (نحو 20 كيلومتراً) بعمق 6 كيلومترات، تكون تحت سيادة الجيش اللبناني أمنياً حيث تمنع «البحرية اللبنانية» الملاحة البحرية فيها، وتتصدى خلالها لأي مراكب مشبوهة، وتستعين بـ«البحرية الإسرائيلية» حين تحتاج إلى ذلك.
وقال الباحث في «الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين، وهي المؤسسة التي نشرت بنود اتفاق 17 أيار بالكامل، إن اتفاق 17 أيار «لم يرسم الحدود البحرية ولم يتحدث عن ذلك، بل اعترف بالحدود الدولية المرسمة مع فلسطين، ثم جرى تثبيتها في اتفاق هدنة 1949 مع إسرائيل، ومن ثم فإن الترسيم البحري لم يكن قائماً قط»، مشدداً، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، على أن اتفاق 17 أيار «لم يأتِ على ذكر ترسيم الحدود البحرية، بل على العكس اعتبر أن هناك منطقة أمنية عازلة حتى 20 كيلومتراً إلى صور، ومن ثم لم يكن الترسيم قائماً».
وينص اتفاق 17 أيار على أن يتعهد كلّ من الفريقين «باحترام سيادة الفريق الآخر واستقلاله السياسي وسلامة أراضيه، ويعتبر أن الحدود الدولية القائمة بين لبنان وإسرائيل غير قابلة للانتهاك».
**********************************************
افتتاحية صحيفة الجمهورية
“الجمهورية”: باريس تستعجل الاستحقاقات.. وقلق عربـــي من الفراغ.. والداخل صدامات مفتوحة
إذا كان التفاهم على ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل، قد أضاء في الأفق اللبناني بصيص أمل بانفراج اقتصادي ومالي مؤجّل، فلا أمل يُرجى من حقل التعقيدات الداخلية، الذي أطفأت انقسامات مكوناته السياسية وأحقادها على بعضها البعض، أي بارقة أمل في بلوغ حلّ معجّل، لبلد تخنقه الأزمات في كل مفاصله.
إحتفالية توقيع اتفاق الترسيم، وكما هو مرسوم لها، ستتمّ في مقر قوات «اليونيفيل» في الناقورة وتحت علم الأمم المتحدة وبرعايتها، وفي حضور الوسيط الاميركي طبّاخ هذا الاتفاق، تقابلها في الداخل حاجة أكثر من ملحّة لإعادة ترسيم الواقع السياسي المريض، وكسر الحدود الفاصلة بين مكوناته المحكومة بعداوات بلا حدود، لا يجمع بينها سوى إرادات إلغائية ورغبات اقصائية وصراع أجندات وحسابات سياسية وحزبية.
وسط هذه الصورة، يتبدّى المسلسل الحكومي، الفاشل او بمعنى أدق، المفشّل عمداً، والمحبط لكل جهود الوسطاء العاملين على إخراج الحكومة من قبضة الشروط والمزاجيات والمبالغات، وكسر إرادة رمي البلد في فراغ في سلطته التنفيذية وإفقاده قدرة اتخاذ القرار والمبادرة إلى خطوات علاجية باتت اكثر من مستعجلة لبلد ينازع. وجديد هذا الملف كما يقول أحد الوسطاء لـ»الجمهورية»: «انّ فرصة تأليف الحكومة باتت في أضيق حدودها، وحتى الآن لم يحصل اي تقدّم ملموس، واكثر من ذلك وخلافاً لما نسمعه من بعض الاطراف، لم نلمس حتى الآن إرادة جدّية بتشكيل حكومة، ومع ذلك امامنا فرصة ضيّقة جداً لمحاولة أخيرة لتوليد الحكومة، سقفها نهاية الاسبوع الجاري».
ورداً على سؤال عن الشروط المطروحة، قال في إشارة إلى رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل: «ثمة من لا يزال مصرّاً على فرض خلطة حكومية جديدة بتغيير واسع في تشكيلتها، مقابل الطرح المعروف بتغيير محدود يطال اربعة او خمسة وزراء على الاكثر. وأكشف هنا، اننا تلقينا وعداً بالتجاوب مع الجهود القائمة، في غضون الساعات الثماني والاربعين المقبلة. وبناءً على ذلك ليس علينا سوى الانتظار».
رغبات.. ولا إمكانيات
وعلى الخط الموازي، يتبدّى المسلسل الرئاسي الذي بات مؤكّداً أن لا نهاية منظورة له، والنافر فيه، انّ هروب المكونات السياسية والنيابية من التوافق على رئيس جديد للجمهورية، وفشلها في العبور بالاستحقاق الرئاسي إلى برّ الأمان السياسي الذي يجنّب لبنان السقوط في محظور الفراغ في سدّة الرئاسة الاولى، تتمّ تغطيته ببهلوانيّات سياسيّة تُمارس على حلبة الجلسات الانتخابية، تعمّق الشرخ القائم. وبتحدّيات فارغة ترفض سلوك سبيل التوافق، وعنتريات استعراضية تزرع الأوهام والأحلام الرئاسية لدى هذا وذاك من المرشحين، دون ان يملك اصحابها ولو الحدّ الأدنى من إمكانية إيصالهم الى عرش الرئاسة.
اللافت في هذا السياق، ما يقوله مسؤول كبير لـ»الجمهورية»: «المشكلة الأساس التي يعاني منها هذا البلد تتجلّى في بعض النفوس الحاقدة على البلد، وترغب في ان تراه مشتتاً، على ما هو الحال في الملف الحكومي، وإصرار البعض على الذهاب إلى فراغ حكومي وإيقاع البلد في مشكلة وسجالات، وكذلك الحال في الملف الرئاسي وإمعان البعض في تغليب لغة التحدّي ومحاولة ورفض السير في التوافق على رئيس جديد، وهو أمر لا مفرّ منه في نهاية المطاف».
ويضيف: «أصحاب هذه العقليات تريد إسقاط البلد في مشكلة معقّدة، ظناً منهم انّ هذه المشكلة قد تخلق ظروفاً خارجية تغلّبهم على الآخرين، وهذا بالتأكيد وهم، فالمحظور إن وقع، سيدفع ثمنه البلد، وبالتأكيد سيكون الجميع خاسرين. ومن يدفع البلد إلى هذه المشكلة قد يكونون أكثر الخاسرين. ولذلك ودرءاً للخطر القادم، ما نؤكّد عليه هو انّ سلوك التوافق ممكن الآن، ولنذهب اليه قبل فوات الأوان».
ويلفت المسؤول عينه إلى أنّ رئيس المجلس النيابي نبيه بري دعا إلى جلسة انتخاب الخميس المقبل، ومصيرها محسوم سلفاً بالفشل، وسيليها تحديد بري لجلسة جديدة. وفي ظلّ الجو السياسي المريض، لو بقينا على هذا المنوال مئة سنة، فلن نتمكن من انتخاب رئيس. فما نشهده هو اننا امام صدامات مفتوحة، ورغبات لهذا الطرف او ذاك بإيصال اشخاص معينين إلى رئاسة الجمهورية، ولكن هذه الرغبات تصطدم بعدم توفر الإمكانيات والقدرة على إيصال هؤلاء. هذا هو الصراع القائم بين الرغبات الموجودة والإمكانيات المعدومة، وتبعاً لذلك فلا مفرّ عاجلاً او آجلاً، من حوار رئاسي مسؤول بين المكونات الداخلية للتوافق في ما بينها، فدون هذا الحوار لا مجال على الاطلاق للعثور على مفتاح الاستحقاق الرئاسي.
نصيحة عربية
في هذه الأجواء، كشفت مصادر ديبلوماسية عربيّة لـ «الجمهورية»، انّ الجامعة العربية تشعر بارتياح إزاء الإنجاز الذي تحقق في التفاهم على ترسيم الحدود بين لبنان واسرائيل، بما يرسخ الأمن والاستقرار في المنطقة ويفتح مجالات الازدهار والانتعاش، وخصوصاً للبنان، بما يمكنه من تجاوز الأزمة الصعبة التي يعانيها. وفي المقابل يعتريها القلق من تفاقم الخلافات السياسية والفشل في إتمام الاستحقاقات الدستورية، وهو الامر الذي يخشى منه ان يؤدي إلى فراغ في سدّة المسؤولية في لبنان، من شأنه أن يرتد بأضرار اضافية على هذا البلد، والتي يمكن تجنّبها في مسارعة اللبنانيين الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وتشكيل حكومة جديدة تستجيب لمتطلبات الأزمة وعلاجاتها، وتؤمّن الرفاه للبنانيين. وكشفت انّ رسائل بهذا المعنى تمّ نقلها إلى كبار المسؤولين اللبنانيين.
باريس: الإصلاحات والاستحقاقات
في هذه الأجواء، لفت الحضور الفرنسي المباشر على الخط اللبناني في الزيارة القصيرة التي قامت بها وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا الى بيروت ولقائها كبار المسؤولين. ووصفت مصادر ديبلوماسية في باريس زيارة الوزيرة الفرنسية بأنّها واحدة من المحطات الفرنسية التي ستتوالى في لبنان في المرحلة المقبلة، دعماً للبنان في إتمام استحقاقاته.
وأبلغت مصادر سياسية واسعة الاطلاع إلى «الجمهورية» قولها: «انّ زيارة وزيرة الخارجية الفرنسية على جانب كبير من الأهمية. فالوزيرة كولونا حرصت على الحضور مباشرة الى بيروت كتأكيد على الاهمية البالغة التي يوليها الايليزيه والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون للبنان، ومساعدته في تجاوز محنته».
ولفتت المصادر إلى انّ الوزيرة الفرنسية أعربت عن الارتياح حيال إتمام ملف الترسيم، مع الإشارة إلى الدور الفرنسي الفاعل والدافع لإنجاحه. وكذلك وجّهت رسالة مباشرة الى اللبنانيين، تؤكّد فيها من جهة على إنجاز الاستحقاقات الدستورية في لبنان وتوافق اللبنانيين حيالها، أكان في ما خصّ تشكيل حكومة، وهو الامر الذي تحث عليه باريس سريعاً، لتولّي هذه الحكومة مهمّتها المنتظرة في اتخاذ الاجراءات العلاجية والخطوات الاصلاحية الجذرية التي لا بدّ منها لخروج لبنان من أزمته، او في ما خصّ الاستحقاق الرئاسي الذي ترى باريس ان يتمّ انتخاب الرئيس اللبناني الجديد ضمن المهلة الدستورية، وهنا تقع على المكونات السياسية في لبنان مسؤولية التواقق في ما بينها، مع استعداد باريس القيام بأي دور مساعد في هذا السبيل.
مؤتمر صحافي
وبعد لقائها الرؤساء الثلاثة ميشال عون ونبيه بري ونجيب ميقاتي، عقدت الوزيرة كولونا مؤتمراً صحافياً قبل مغادرتها بيروت، قالت فيه:
«البرلمان اللبناني ينبغي له الإجتماع قبل نهاية هذا الشهر لانتخاب رئيس جديد، وهذه لحظة مهمّة للغاية للبنان».
اضافت: «الرسالة التي أحملها اليوم سهلة، يجب احترام الاستحقاق الدستوري، وهذه ضرورة أساسية للبنان، وهذه رسالة منا من بلد صديق ومخلص وكان دوماً إلى جانب لبنان في ساعات السعادة وفي الأوقات الصعبة، وهو يحمل للشعب اللبناني صداقة عميقة كانت دائمة ومستقرة، وهذه الصداقة تسمح لنا بالقول انّ لبنان لم يعد يستطيع ان يتحمّل خطر فراغ في السلطة. وعلى كل القادة اللبنانيين ان يكونوا على مستوى مسؤولياتهم الدستورية، لأنّ الوضع يفرض ذلك. وقد قلت ذلك في أوائل ايلول، لا احب ان اكرّر نفسي عادة، ولكن ينبغي ان نقوم بذلك مجدداً، لأننا نرى انّ لبنان لم يعد يستطع تحمّل الأزمة الاقتصادية التي لا سابق لها، ومن دون أي تحرّك فإنّ الانهيار في لبنان سيستمر».
ولفتت الى انّه «تمّ انتخاب برلمان جديد في لبنان ضمن المِهل الدستورية، ويجب ان تكون المسألة نفسها بالنسبة لانتخاب رئيس الجمهورية، والخطر والتحدّي هو في تجنّب اي فراغ رئاسي بعد انتهاء مدة الرئيس الحالي». وقالت: «انّ خيار الرئيس اللبناني المقبل يعود للبنانيين وحدهم ويعود اليهم ان يختاروا رئيسهم، رئيس يستطيع ان يرأس الشعب اللبناني ويعمل مع اللاعبين الاقليميين والدوليين لتخطّي الأزمة الحالية لضمان استقرار وازدهار وأمن وسلامة لبنان. هذا موقف فرنسا، لكنه ايضاً موقف موحّد لكل الشركاء وكل اصدقاء لبنان».
أضافت: «الوضع العالمي والدولي ولبنان لا يستطيع في العام 2022 ان يسمح بفراغ دستوري، وعلى الدولة ان تعمل، وقد شجعت على تعزيز تشكيل حكومة تمارس عملها بالكامل وتستطيع ان تعمل لمصلحة البلد ولمصلحة كل اللبنانيين. البلد يمرّ في وضع صعب للغاية، لذلك فإنّ الوقت مهمّ ويجب اليقظة، لأنّ ذلك ملّح وضروري ولكنه ممكن، وقد أثبت لبنان وظهر ذلك عندما أنجز اتفاقاً تاريخياً مع اسرائيل حول ترسيم الحدود البحرية للبلدين، وفرنسا تحيي هذه الاتفاقية التاريخية او الاتفاق التاريخي الذي كما تعرفون اننا عملنا بقوة لإنجازه إلى جانب الاميركيين. هذه رسالة احملها لكم اليوم، انّ السلطات اللبنانية مشتركة قادرة على اتخاذ قرارات لازمة تفرض نفسها، وبالتأكيد هذا الاتفاق لن يحلّ مكان الاصلاحات الاقتصادية والمالية التي تبقى ضرورية. والأولوية بالتأكيد لهذه النقطة هي تطبيق الاتفاقية التي تمّ التوصل اليها مع البنك الدولي العام المنصرم».
ولفتت الى انّ «المجتمع الدولي وفرنسا هنا تدعم الشعب اللبناني. وكل اصدقاء لبنان سيساعدونه طالما هو سيساعد نفسه».
وعن موضوع النازحين قالت: «هذا الموضوع نتابعه مع السلطات اللبنانية. والمفتاح الأساسي لهذه المشكلة التي تشّكل مأساة إنسانية وصعوبة اضافية يتحمّلها لبنان، يبقى في تحسّن وحل الوضع الداخلي في سوريا».
وعن المساعي التي بذلها الرئيس الفرنسي في السابق تجاه لبنان، قالت: «المستقبل سوف يجيبكم عن ذلك ولست انا. انّ الوقت قد مرّ، والوضع قد تدهور اكثر ولم يعد لدينا وقت كافٍ للتحرّك، ونحن ندعو الى يقظة المسؤولين اللبنانيين، وهذا امر ضروري وهم باستطاعتهم القيام بذلك. اذاً، هي رسالة امل ويجب ألّا نضيّع الوقت من الآن وصاعداً».
الرؤساء
وخلال لقاء الوزيرة كولونا مع رئيس الجمهورية، طالب عون بمساعدة باريس على حل موضوع النازحين، واكّد «العمل من اجل انجاز الاستحقاق الرئاسي، فضلاً عن سعيي الى تشكيل حكومة جديدة، لا سيما وانّ الوقت لا يعمل لمصلحة لبنان، في ظلّ الأوضاع الصعبة التي يعيشها، وانّه من المهم جداً التوافق على رئيس جديد للجمهورية يتولّى مهامه ويضمن استمرار عمل مؤسسات الدولة واستكمال عملية مكافحة الفساد».
بدوره شكر الرئيس بري الوزيرة الفرنسية على «الدور الذي لعبته وتلعبه لمساعدة لبنان في تجاوز ازماته منذ زيارة رئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون الأولى للبنان، ودورها في ما يتعلق بترسيم الحدود البحرية اللبنانية الجنوبية، وتلبية شركة «توتال» لمطالب لبنان في البدء بأعمال الحفر والتنقيب». وكان بري قد دعا الى عقد جلسة عامة في تمام الساعة 11 من قبل ظهر يوم الثلاثاء الواقع في 18 تشرين الاول 2022، وذلك لانتخاب اميني سر، وثلاثة مفوضين واعضاء اللجان النيابيه، وستلي هذه الجلسة جلسة تشريعية.
من جهته، جدّد الرئيس ميقاتي «شكر فرنسا على وقوفها الدائم الى جانب لبنان ودعمها له على الصعد كافة، وعلى العلاقة الخاصة بين فرنسا والشعب اللبناني، والتي يعبّر عنها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في كل المحافل الدولية». وطلب مؤازرة بلادها لبنان في حلّ ازمة النازحين السوريين على أرضه واعادتهم الى بلادهم.
منظمة العفو والنازحون
على صعيد ملف النازحين السوريين، وغداة الاعلان عن بدء اعادة النازحين من لبنان، اصدرت منظمة العفو الدولية امس بياناً دعت فيه السلطات اللبنانية إلى وقف تنفيذ خطة لإعادة اللاجئين السوريين بشكل غير طوعي إلى بلادهم.
وقالت نائبة مديرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالإنابة، ديانا سمعان، في بيان «إنّ السلطات اللبنانية توسّع نطاق ما يُسمّى بعملية العودة الطوعية، بينما ثبت جيداً أنّ اللاجئين السوريين في لبنان ليسوا في موقع يسمح لهم باتخاذ قرار حر حول عودتهم، بسبب إجراءات تتخذها الحكومة السورية تقيّد تنقلهم ومكان إقامتهم، فضلاً عن تعرّضهم للتمييز وعدم تمكنهم من الوصول إلى الخدمات الأساسية..».
وأضافت: «من خلال تسهيلها بحماسة عمليات العودة هذه، تعرّض السلطات اللبنانية، عن قصد، اللاجئين السوريين لخطر المعاناة من انتهاكات شنيعة والاضطهاد عند عودتهم إلى سوريا».
غوتيريش يرحب بالترسيم
من جهة ثانية، رحّب الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش باتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل. وقال المتحدّث الرّسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، في بيان بشأن «حلّ النّزاع الحدودي البحري بين لبنان وإسرائيل»، إنّ «الأمين العام يرحّب بالإعلانات الّتي تفيد بأنّ حكومتَي لبنان وإسرائيل قد اتّفقتا رسميًّا على تسوية نزاعهما على الحدود البحريّة، بوساطة الولايات المتحدة الأميركية».
ولفت إلى أنّه «يعتقد بشدّة أنّ هذا التّطوّر المشجّع، يمكن أن يعزّز الاستقرار المتزايد في المنطقة والرّخاء للشّعبين اللّبناني والإسرائيلي»، مؤكّدًا أنّ «الأمم المتحدة لا تزال ملتزمة بمساعدة الجانبين، على النّحو المطلوب». وذكرت أنّ «الأمين العام جدّد تأكيد التزام الأمم المتحدة بدعم التّنفيذ الفعّال لقرار مجلس الأمن 1701 (2006)، والقرارات الأخرى ذات الصّلة الّتي تظلّ أساسيّةً لاستقرار المنطقة».
**********************************************
افتتاحية صحيفة اللواء
تحذير فرنسي للمنظومة من تكرار الشغور الرئاسي
نقاش في بعبدا حول مغادرة الرئيس.. و«التيار العوني» يُواجه المأزق «برسائل طمأنة»
في أول أحد يلي السبت الأخير من ت1 الجاري، موعد التوقيت الشتوي، بتأخير الساعة ساعة واحدة، ينقل عن أن الرئيس ميشال عون قد يغادر قصر بعبدا أو يتأخر الى منتصف ليل الاثنين 31 ت1، وفقاً لسنوات الولاية الست بسنوات والأشهر والأسابيع والأيام والليالي.
وفي السياق، سربت معلومات بأن منظمي برنامج مغادرة رئيس الجمهورية للقصر الجمهوري ببعبدا يوم الأحد في الثلاثين من الشهر الجاري، عدلوا عن تنظيم موكب رئاسي سيّار، يوم الأحد الى منزل عون الجديد بالرابية، يمر عبر سلسلة بشرية للتيار من مختلف المناطق، لأسباب أمنية، وخشية من ان يندس البعض وسط الجمهور ويرشق الموكب الرئاسي بالبيض والبندورة، او حتى الحجارة، ورجحت الاستعاضة عنها، بانتقال عون بطائرة هليكوبتر عسكرية، إلا أن هذا الاحتمال لا يزال يدرس.
وبانتظار هذا التاريخ، يكون قد بقي من عهد رئيس الجمهورية الحالي أسبوعان، لا غير، ينصحه مقربون على بذل ما أمكن لتحقيق مكاسب، وإن لم تكن الحكومة واحدة منها، مع الإشارة الى ان العهد يشعر بمرارة أنه لم يبق له بالحكومة المكلفة تصريف الأعمال سوى وزير الطاقة والمياه وليد فياض، بعد الغضب اللاحق بوزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري خوري لعجزه أو فشله في فرض ارادة النائب جبران باسيل على مجلس القضاء الأعلى.
ولأن الحكومة باتت بحكم المتعذرة لأسباب معروفة، إلا إذا حدثت «المعجزة»، فإن الرسالة الفرنسية التي حملتها من الرئيس ايمانويل ماكرون وزيرة الخارجية كاترين كولونا الى الرؤساء الثلاثة: عون، ونبيه بري، ونجيب ميقاتي أن الأولوية الآن لانتخاب رئيس جديد للجمهورية في المهلة الدستورية المنصوص عنها في المادة 73 من الدستور.
وعلمت «اللواء» أن الرسالة التي نقلتها الوزيرة الفرنسية من الرئيس ماكرون إلى رئيس الجمهورية أكدت وقوفه الى جانب لبنان. وفي المعلومات أن الوزيرة كولونا أبدت حرص الدول الأوروبية على إنجاز الاستحقاق الرئاسي في موعده الدستوري، لاسيما أن هذه العملية تمنح المزيد من الثقة بلبنان ومن شأنها أن تدفع الدول إلى الوقوف إلى جانب لبنان إذ كيف يمكن طلب أية مساعدة وما من رئيس للبلاد وما من حكومة، كما أعربت عن قلقها من الشغور الرئاسي، وأشارت إلى أن الدول الأوروبية متمسكة بضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية وإن الشغور الذي حصل سابقا كان خطأ ولا يجوز تكراره.
وقالت الوزيرة الفرنسية أن لبنان سيكون دائما على جدول اعمال الحكومة الفرنسية في المواضيع التي تهم العلاقة بين البلدين ودعت إلى بذل المساعي من أجل تشجيع هذه المساعدة.
وركزت على أهمية وجود المؤسسات الدستورية وأكدت أن أصدقاء لبنان حاضرون للمساعدة كما علم أنها تحدثت عن قلق المجتمع الدولي بالنسبة إلى الأحداث الحاصلة بين أوكرانيا وروسيا ولا بد بالتالي من قيام شعور بالراحة بالنسبة إلى لبنان كي يبقى الأهتمام قائما به . وكررت التأكيد على الوقوف إلى جانب لبنان.
وفي موضوع النازحين السوريين، أكدت أن هناك تفهما لموقف لبنان، وقالت : لسنا ضد عودة النازحين السوريين من لبنان والدول المجاورة، إنما هناك معطيات مقلقة على صعيد سلامة النازحين بسبب الوضع في سوريا وانه ما لم يتحسن الوضع السياسي في سوريا فإنه من الصعوبة بمكان حصول عودة كثيفة للنازحين ، ولفتت إلى ان لا موقف مسبقا في هذا الموضوع.
ولدى تأكيد رئيس الجمهورية رفض دمج النازحين في المجتمعات المضيفة، أوضحت أن موضوع الدمج محور متابعة دون الإشارة إلى أي موقف.
الحكومة في الكوما
حكومياً، قالت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن لا جديد حكوميا ولم يرصد حتى أي تحرك من شأنه وضع ملف التأليف على السكة الصحيحة.
وقالت أن المساعي في اجازة والاتصالات المباشرة بين المعنيين وإن تمت فإن موضوع الحكومة لا يحضر وكأن أبواب الحل قد أوصدت، وإن الكلام عنه غاب باستثناء ما قاله رئيس الجمهورية أمام وزيرة خارجية فرنسا لجهة تأكيده السعي لتأليف حكومة جديدة لا سيما أن الوقت لا يعمل لمصلحة لبنان في ظل الأوضاع الصعبة التي يعيشها.
وهنا رأت المصادر أنه ليس معروفا متى تطلق شارة إعادة الحياة إلى الملف في حال كان الأمر ممكنا.
وطمأنت مصادر قيادية في الثنائي الشيعي بأن الفشل في تأليف الحكومة لن يؤدي الى زعزعة الاستقرار، جازمة بأن الوضع الامني ممسوك ولا تخوُّف من الفوضى، والرئيس عون سوف يسلم صلاحياته لحكومة تصريف الأعمال، ولكن هذا لا يلغي حتمية دخول البلد في سجال دستوري حول صلاحيات الرئيس ودور الحكومة.
واعتبرت المصادر ان التيار الحر لن يسلم بسهولة ولكنه وجه رسائل طمأنة الى جهات دولية حول حرصه على الاستقرار وتطبيق الدستور.
وتسبب الكلام حول الملف الحكومي الى تسريب معلومات من خلال مصادر mtv ثم نفاها مكتب الاعلام في الرئاسة الاولى، ووصفها بـ«المعلومات المختلقة».
وكانت الـmtv نقلت عن مصادر رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي بأنه لن «يقدم تشكيلة جديدة للحكومة فهو سبق انه قدم صيغة فما النفع من تقديم تشكيلة جديدة؟».
كما نقلت عن مصادر رئيس الجمهورية قولها بأن «وزير الخارجية عبد الله بو حبيب صار عند ميقاتي! وميقاتي عيطلو من 3 أسابيع: «كيفك فخامة الرئيس؟» فدغدغت مشاعره وانتقل من السرب العوني الى السرب الميقاتي.
واضافت المصادر: «ميقاتي لا يريد تشكيل حكومة لأنه يريد ان يكون الحاكم بأمره فور خروج الرئيس عون من بعبدا والحكومة كلها صارت لميقاتي» فهو استولى عليها وجميع الوزراء باتوا عنده من وزير العدل الى وزير الشؤون الاجتماعية ووزير السياحة وغيرهم.
سياسيا، قالت مصادر قريبة من التيار الوطني الحر ان التيار دعا جمهوره الى احتفال يقيمه اليوم السبت، بمناسبة ذكرى ١٣ تشرين، في الفوروم دي بيروت،بدلا من سيدة القلعة،ومن المرتقب ان يلقي رئيس التيار النائب جبران باسيل كلمة وصفت بالمهمة،يتناول فيها مختلف الاوضاع ويسلط فيها الضوء على الإنجاز الذي حققه العهد بالاتفاق مع إسرائيل على ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، ومصير ملف تشكيل الحكومة والانتخابات الرئاسية.
وتوقعت المصادر ان يتناول باسيل بالتفاصيل، موضوع اتفاقية الترسيم، من خلال كيفية نجاح العهد بالتعاطي مع هذا الملف المهم عندما تولاه بالكامل،من اوله إلى يائه، والنتائج الايجابية التي حققها، بينما تعطل قرابة عشر سنوات عندما، كان بعهدة رئيس المجلس النيابي نبيه بري، ما يظهر بوضوح مكمن عرقلة وتعطيل مسار العهد والدولة والخطط والمشاريع، في الكهرباء وغيرها،خلافا لكل ما يروج من اكاذيب تتناول العهد ورئيس الجمهورية.
اما النقطة الثانية في كلمة باسيل، فتتناول موضوع ملف تشكيل الحكومة الجديدة، وموقف التيار منها، وسيستغل المناسبة، ليرفع من منسوب اتهاماته لرئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي، بانه يحاول تشكيل حكومة بمفرده متجاهلا شراكة رئيس الجمهورية الدستورية ورفض كل الصيغ المطروحة لتعطيل التشكيل والابقاء على الحكومة المستقيلة الفاقدة للشرعية الدستورية كما يدعي، الاستئثار بصلاحيات رئيس الجمهورية في حال عدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية، منتقدا القوى السياسية الداعمة لموقف ميقاتي ولاسيما الرئيس بري. وتوقعت المصادر ان يتناول باسيل ملف الانتخابات الرئاسية، منبها،من تجاهل موقف التيار باختيار الرئيس الجديد، وموجها سهاما غير مباشرة لمرشحين من وراء الواجهة، ويعني بذلك قائد الجيش العماد جوزيف عون.
ملف الرئاسة
حسب المصادر المتابعة، فإن النقاش الجدي حول ملف الرئاسة الأولى، بدأ بعد الاتفاق على ملف ترسيم الحدود البحرية، وكانت زيارة الوزيرة كولونا اول الغيث.
وكانت كولونا أكدت بعد جولة لها على رؤساء الجمهورية والمجلس النيابي والحكومة، أنه «يجب انتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل انتهاء هذا الشهر، مشيرةً الى أنّ الرسالة التي تحملها هي وجوب احترام الاستحقاق الدستوري وهذه ضرورة أساسية للبنان وهو لا يحتمل خطر الفراغ في السلطة.
وأعلنت خلال مؤتمر صحافي من مطار بيروت الدولي في ختام جولتها على القيادات اللبنانية أنّ «انتخاب الرئيس اللبناني المقبل يعود إلى اللبنانيين وحدهم، وعليهم اختيار رئيس يستطيع أن يرأس الشعب ويعمل مع اللاعبين الإقليميين والدوليين لتخطّي الأزمة الحالية لضمان استقرار وأمن وسلامة لبنان».
كما اشارت الى «أنّ الاتفاق التاريخي الذي عقده لبنان مع إسرائيل في موضوع ترسيم الحدود البحرية لن يحلّ مكان الإصلاحات التي تبقى أولوية، مشددة على أنه يجب تطبيق الاتفاق مع البنك الدولي وهذا الخيار الوحيد لإرسال رسالة ثقة إلى المستثمرين والإتيان بالتمويل الذي يحتاج إليه لبنان».
أضافت وزيرة خارجية فرنسا: أنه من غير المقبول أن يستمر الشعب اللبناني بتحمّل عواقب أزمة هو غير مسؤول عنها، ونحن ندعم هذا الشعب ونساعده طالما يُساعد نفسه، وبعد عامين من انفجارات مرفأ بيروت ينتظر اللبنانيون العدالة بعيدا عن أي نفوذ سياسي.
ورأت كولونا أنّ «الشعب اللبناني قادر أن يتّحد عندما يُريد ذلك، وبعد انتخاب رئيس جديد ستكون في المستقبل حكومة تمارس عملها بالكامل».
وعن موضوع النازحين السوريين ، كشفت أنّ «الإتحاد الأوروبي تمكن من جمع مبالغ لمساعدة النازحين، وهي مأساة إنسانية يتحملها لبنان ومفتاح هذا الوضع يتعلق بتحسن الأوضاع في سوريا» .
وطلب الرئيس عون والرئيس ميقاتي من الوزيرة كولونا، «مساعدة فرنسا للبنان في موضوع إعادة النازحين السوريين الى بلادهم، بعدما بات عددهم يفوق المليوني شخص في لبنان، والذين يعيشون في ظروف صعبة ايضاً بسبب عدم قدرة لبنان على تأمين الاحتياجات اللازمة لهم، وقد ظهرت اخيراً إصابات «الكوليرا» في عدد من مخيمات ايوائهم، إضافة الى المشاكل الاقتصادية والمعيشية والأمنية التي يسببها هذا العدد الضخم من النازحين».
اما كولونا فقالت خلال اللقاء مع عون: ان اجراء الإصلاحات اللازمة واحترام المواعيد الدستورية سيكون بمثابة رسالة إيجابية للدول التي تعاني بدورها من أزمات باتت معروفة، كي تبدأ في المبادرة للمساعدة، مشددة ايضا على «دور مجلس النواب في إقرار القوانين الإصلاحية اللازمة» .
واضافت: بعد انتهاء مفاوضات الترسيم، وبعد موافقة لبنان ستبدأ شركة «توتال» عملها في الكشف والتأكد من نوعية النفط الموجود، وان الأمور ستسير على الطريق الصحيح.
وبعد عطلة نهاية الاسبوع واستعداداً للاسبوع المقبل، ينتظر لبنان تحديد موعد وآلية توقيع وتنفيذ تفاهم ترسيم الحدود البحرية حيث عُلم ان اي قرار او اتصال لم يحصل لتحديد الموعد والآلية، وانتظار الجلسة الثالثة لإنتخاب رئيس للجمهورية الخميس المقبل، وبينهما انتظار التفاهم على تشكيل الحكومة، فيما بلغ سعرُ صرف الدولار في السوق السوداء عصر امس 40 الف ليرة، وسجل إرتفاعاً جديداً حيث تراوح ما بين 39900 ليرة لبنانية للشراء و40000 ليرة لبنانية للمبيع مقابل الدولار الواحد.
وقد وجّه الرئيس بري دعوة إلى النواب جاء فيها:»يعقد مجلس النواب جلسة في تمام الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر يوم الثلاثاء الواقع فيه 18 تشرين الأول 2022، وذلك لانتخاب أميني سرّ وثلاثة مفوضين وأعضاء اللجان النيابية، وسيلي هذه الجلسة جلسة تشريعية.
يُذكر ان الرئيس بري وجه دعوة ايضا لعقد جلسة هي الثالثة يوم الخميس المقبل في 20 الشهر الحالي لإنتخاب رئيس للجمهورية.
وعلمت «اللواء» ان جدول اعمال جلسة التشريع تتضمن خمسة بنود هي: اعادة القانون المتعلق بتعديل قوانين السرية المصرفية والنقد والتسليف والاجراءات الضريبية (الذي رده رئيس الجمهورية الى المجلس).
– تعديل المادة 35 من قانون الدفاع الوطني.
– تعديل المادة 17 من قانون نظام الكلية الحربية.
– طلب الموافقة على اتفاقية قرض من البنك الدولي بقيمة 150 مليون دولار لتنفيذ مشروع الاستجابة الطارئة لإمدادات القمح.
– طلب الموافقة على اتفاقية قرض من البنك الدولي لمشروع تعزيز إستجابة لبنان لجائحة كورونا.
ترحيب دولي واستثمار قطري
وكان اتفاق ترسيم الحدود البحرية موضع اهتمام دولي، حيث رحب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش به. وعبر المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك – في بيان وزعه امس، «عن الاعتقاد القوي للأمين العام بأن هذا التطور المشجع يمكن أن يعزز الاستقرار المتزايد في المنطقة، ويعزز الرخاء للشعبين اللبناني والإسرائيلي».
وأكد «استمرار التزام الأمم المتحدة بمساعدة الطرفين، والتزامها بدعم التنفيذ الفعّال لقرار مجلس الأمن 1701 (2006) والقرارات الأخرى ذات الصلة، والتي أشار إلى أنها تظل أساسية لاستقرار المنطقة».
لكن التطور الجديد في موضوع الاستثمار النفطي جاء ن قطر، حيث اعلن وزير الطاقة وليد فياض بعد اجتماع مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي «عن رغبة قطرية في الدخول إلى التحالف للتنقيب عن النفط في البلوكين 4 و9». وقال: لقد وردت الرغبة القطرية عبر رسالة من وزير النفط القطري سعد الكعبي أعلن فيها نوايا دولة قطر الشقيقة بمشاركة لبنان بالدخول الى التحالف الذي سينقب في البلوكين 4 و9 لتصبح قطر الشريك الثالث لشركتي « توتال» «وأيني» في هذين الحقلين، وهذا أمر مهم جدا، لأننا نعرف قدرة قطر الاستثمارية ورغبتها التي أعلنت عنها عبر زيارات مختلفة لسفيرها للوزارة للاستثمار في النهوض الاقتصادي للبنان في قطاع النفط والغاز، في التنقيب وانتاج الطاقة.
البنك الدولي والامن الغذائي
على صعيد الامن الغذائي، وفي إطار مشاركته في اجتماعات البنك الدولي وصندوق النقد السنوية، إجتمع وزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام بحضور نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي والوفد اللبناني، بنائب رئيس مجموعة البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فريد بلحاج ورئيس مجلس الادارة والمدير التنفيذي الدكتور ميرزا حسن، في مقر الرئيسي للبنك الدولي في واشنطن. وتم البحث بمشاريع البنك الدولي في لبنان لاسيما بموضوع الامن الغذائي وبرنامج شبكة الامان الاجتماعي، كما ملف استيراد القمح، بالاضافة الى ملف الطاقة.
ولمس الوزير سلام من البنك الدولي» كل الايجابية في دعم الأمن الغذائي، حيث قدم البنك التزاماً للوزير لبدء وضع دراسة شاملة حول استراتيجية الأمن الغذائي في لبنان وامكانية تمديد برامج شبكة الامان الاجتماعي، كما متابعة سائر الملفات الاخرى.
رفض دولي لعودة النازحين
على صعيد آخر، دعت منظمة العفو الدولية السلطات اللبنانية إلى وقف تنفيذ خطة لإعادة اللاجئين السوريين بشكل غير طوعي إلى بلادهم، بعد تصريحات لمسؤولين عن استئناف ترحيلهم على دفعات بدءاً من الأسبوع المقبل.
وقالت نائبة مديرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالإنابة ديانا سمعان إنّ «السلطات اللبنانية توسّع نطاق ما يُسمّى بعملية العودة الطوعية (…) بينما ثبت جيداً أن اللاجئين السوريين في لبنان ليسوا في موقع يسمح لهم باتخاذ قرار حرّ» حول عودتهم، بسبب إجراءات تتخذها الحكومة السورية تقيّد «تنقلهم ومكان إقامتهم»، فضلاً عن تعرضهم «للتمييز وعدم تمكنهم من الوصول إلى الخدمات الأساسية».
وأضافت: من خلال تسهيلها بحماسة عمليات العودة هذه، تعرّض السلطات الللبنانية، عن قصد، اللاجئين السوريين لخطر المعاناة من انتهاكات شنيعة والاضطهاد عند عودتهم إلى سوريا.
وكان رئيس الجمهورية أعلن الأربعاء الماضي أن «إعادة النازحين السوريين إلى بلدهم» ستبدأ الأسبوع المقبل.
بدوره، قال المدير العام للأمن العام عباس ابراهيم الخميس إنّ استئناف عملية إعادة اللاجئين ستتم وفق الآلية نفسها المتبعة سابقاً، مشيراً إلى أنّ الدفعة المقبلة ستضم 1600 شخص. وأوضح أنّ الجانب اللبناني لا يزال ينتظر رد السلطات السورية للبتّ بمواعيد إعادتهم.
وكان موضوع عودة النازحين مدار بحث بين وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب مع سفيرة الولايات المتحدة الاميركية لدى لبنان دوروثي شيا.
وطلب بوحبيب من السفيرة شيا المساعدة في تزويد لبنان بالأدوية التي يحتاجها خصوصا أدوية معالجة مرض السرطان. كما جرى عرض للتطورات والخطوات التي يتخذها لبنان في ملف النازحين لتسريع العودة الآمنة لهم، والحد من استغلال المساعدات المخصصة لهم من قبل بعض الأشخاص غير المستحقين.
**********************************************
افتتاحية صحيفة الديار
عون استعار مطرقة برّي للتصديق على اتفاقية الترسيم والاخير وضع الكرة في ملعب بعبدا
«رهجة» الاستحقاقين الرئاسي والحكومي تتراجع امام الاجراءات المرتقبة في الناقورة
تحذير فرنسي من فراغ يُضعف الموقف اللبناني في ادارة عمليات التفاوض لحل ازماته… – صونيا رزق
مع إعلان رئيس الجمهورية ميشال عون الموافقة، على اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان و»إسرائيل»، قبل إحالته على مجلس الوزراء للتصديق عليه، وعلى مجلس النواب لمناقشته واقراره، على الرغم من توزيع النسخ على الوزراء والنواب، بعد مطالبة العديد منهم الاطلاع عليه، لانه مسألة هامة جداً تتطلب المناقشة وليس الاسراع في الموافقة، إلا انّ الرئيس عون استعار مطرقة رئيس المجلس النيابي نبيه بري، للتصديق سريعاً وفق العبارة الشهيرة:» صُدّق… صُدّق».
وهكذا يكون الرئيس بري قد لبّى مطالب النواب بتوزيع النسخ عليهم، وفي الوقت عينه وضع الكرة في ملعب بعبدا، مع ما يتبع ذلك من» ملامة « من قبل المعارضين.
الى ذلك بدأ مؤيدو الاتفاقية بنشر تداعياتها الايجابية، وابرزها وفق ما نقلوه عن دبيلوماسيين غربيين، أنّ مرحلة الاستقرار الامني بين لبنان و»اسرائيل»، ستكون طويلة الامد من الان فصاعداً، لانّ للطرفين مصلحة ببقاء الوضع هادئاً، بهدف استخراج النفط والغاز، خصوصاً انّ الضوء الاخضر اتى من الاميركيين والايرانيين للمضي بهذا الاتفاق، في انتظار الاجراءات المتممة التي ستنقل الملف الى مقر اليونيفيل في الناقورة، حيث يفترض ان تتم عملية تبادل الوثائق الموقعة بين الجانبين اللبناني والاسرائيلي، وايداعها الادارة الاميركية تمهيداً لنقلها الى الامم المتحدة.
المعارضون لاتفاق الترسيم:
فيه تنازل عن بعض حقوق لبنان
وعلى خط آخر، ثمة انتقادات داخلية للطريقة التي اعتمدت في الموافقة، بعدما علت اصوات نيابية وقانونية عديدة، طالبت بمناقشة المسودة في المجلس النيابي وفقاً لما ينص عليه الدستور، لكن اتى تبرير الرئيس بري، بأنه لا يحتاج الى نقاش في المجلس النيابي ، لانه ليس اتفاقاً مع «اسرائيل»، الامر الذي رفضه المعارضون لانهم كانوا يفضّلون عدم الانتهاء من هذا الملف، قبل نهاية ولاية الرئيس عون، لانّه سيساهم اكثر في تشدّد «التيار الوطني الحر» حيال الاستحقاق الرئاسي وفرض الشروط، كذلك الامر بالنسبة الى تشكيل الحكومة، اذ رأوا باتفاق الترسيم تنازلاً عن بعض حقوق لبنان، لانهم يتمسكون بالخط 29، مذكّرين بالمادة 52 من الدستور التي تشير الى»انّ رئيس الجمهورية يتولى التفاوض في عقد المعاهدات الدولية وإبرامها، بالاتفاق مع رئيس الحكومة، ولا تصبح مبرمة إلا بعد موافقة مجلس الوزراء، كما تطلع الحكومة مجلس النواب عليها، أما المعاهدات التي تنطوي على شروط تتعلق بمالية الدولة والمعاهدات التجارية وسائر المعاهدات، التي لا يجوز فسخها سنة فسنة، فلا يمكن إبرامها إلّا بعد موافقة مجلس النواب».
الترسيم من إنجازات العهد؟
مع اقتراب نهاية ولاية الرئيس عون، سارع مناصرو العهد الى اعتبارالاتفاق المذكور إنجازاً هاماً، ومسيرة طويلة من العمل الشاق، بدأت مع توليّ رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل وزارة الطاقة في العام 2010، محاولين توظيف اتفاقية الترسيم لمصلحتهم دون غيرهم، متناسين جهود الحكومات السابقة، وواضعين مسؤولية التأخير على عاتق الخلافات السياسية، التي كان يقوم بها الفريق الاخر، فيما الحقائق تشير وفق المعارضين، الى انّ الجميع يعلم هوية المعرقل الاول، الذي قام بدور سلبي لتعطيل مسار استخراج الثروة البحرية تحت حجج غير مقنعة.
يضاف الى ذلك إعلانهم عن إنجاز آخر ستبدأ مفاعيله بالظهور قبل انتهاء العهد، على الرغم من انتهائه بعد اسبوعين، وهو البدء بإعادة النازحين السوريين الى بلادهم.
تحذير فرنسي من الفراغ الرئاسي
هذا وانهت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا زيارتها المقتضبة الى لبنان، بعد لقائها رئيس الجمهورية ميشال عون، ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، ثم عقدت قبل مغادرتها بيروت مؤتمراً صحافياً في مطار رفيق الحريري الدولي، دعت خلاله الى ضرورة انتخاب رئيس جديد للجمهورية، قبل انتهاء الشهر الحالي، وقالت: «الرسالة التي أحملها اليوم هي وجوب احترام الاستحقاق الدستوري، وهذه ضرورة أساسية للبنان وهو لا يحتمل خطر الفراغ في السلطة».
واشارت كولونا الى انّ انتخاب الرئيس المقبل يعود الى اللبنانيين وحدهم، وعليهم اختيار رئيس يستطيع العمل مع المسؤولين الإقليميين والدوليين، لتخطّي الأزمة الحالية لضمان استقرار لبنان وأمنه وسلامته ، محذرة من الفراغ الرئاسي الذي قد يضعف الموقف اللبناني، في ادارة عمليات التفاوض لحل ازماته ومعالجة الملفات الضرورية.
ورأت على خط آخر، أنّ اتفاق ترسيم الحدود البحرية القائم بين لبنان وإسرائيل، لن يحلّ مكان الإصلاحات التي تبقى أولوية، ودعت الى تطبيق الاتفاق مع البنك الدولي، لانه الخيار الوحيد لإرسال رسالة ثقة الى المستثمرين وجلب التمويل، الذي يحتاج إليه لبنان، معتبرة انه من غير المقبول أن يستمر الشعب اللبناني في تحمّل عواقب أزمة هو غير مسؤول عنها.
وعن موضوع النازحين السوريين، لفتت كولونا الى انّ الاتحاد الأوروبي تمكن من جمع مبالغ لمساعدة النازحين، واصفة هذه القضية بالمأساة الانسانية التي يتحملها لبنان، والحل يتعلق بتحسن الأوضاع في سوريا.
ماذا طلب الرؤساء الثلاثة من كولونا؟
وكان رئيس الجمهورية قد اعتبر خلال لقائه الوزيرة كولونا، أنّ موافقة لبنان على الترسيم، تشكل مدخلاً لمواجهة الازمة الاقتصادية والمالية، طالباً مساعدة فرنسا في موضوع إعادة النازحين السوريين، مُجدِداً رفض لبنان القاطع لدمجهم في المجتمع اللبناني.
الرئيس بري بدوره شكر الدور الذي تؤديه فرنسا لمساعدة لبنان على تجاوز ازماته لا سيما منذ زيارة رئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون الأولى للبنان، والدور الذي أدته أيضا في ملف ترسيم الحدود البحرية، وتلبية شركة «توتال» لمطالب لبنان، في البدء بأعمال الحفر والتنقيب في أسرع وقت ممكن.
كما طلب الرئيس ميقاتي من الوزيرة الفرنسية مؤازرة بلادها للبنان، في حل ازمة النازحين السوريين على أرضه وإعادتهم الى بلادهم.
الاستحقاق الرئاسي يراوح مكانه … والحكومة الى انفراج؟
بعد جلستين لانتخاب رئيس للجمهورية لم تطلقا العنان حتى للاتفاق على اسم مرشح واحد ، لا عند الفريق الممانع، ولا عند الفريق المعارض، توحي الاجواء بأنّ الاهتمام الان ينصّب في اتجاه الناقورة، وليس في اتجاه ساحة النجمة او القصر الجمهوري، فالملف اُرجئ الى ما بعد العام المقبل، في حين ستتواصل المسرحيات والسيناريوهات المعروفة، التي ستتنقل بين الاوراق البيضاء والملغاة وغياب النصاب، الى حين «تستوي الطبخة»، ويصل الرئيس المرتقب على اجنحة الخارج بهدوء، مع تسوية ترضي الجميع، في ظل معلومات نقلتها لـ «الديار» ليلاً مصادر وزارية سابقة، على اطلاع بما يجري على الساحة الدولية المهتمة بلبنان، بأنّ اتفاق الترسيم سيساهم بعد فترة وجيزة في وصول التسوية الرئاسية، وسوف يكون حاضنة لها، كما ألمحت الى إمكان تأليف الحكومة فجأة، وقبل الخامس والعشرين من الجاري، وفق ما سمعت من ديبلوماسي غربي طمأن بأنّ الحلول تقترب جداً.
الدولار لامس الاربعين الف ليرة… لا تندهي ما في حدا!
على الرغم من الاجواء الايجابية التي خيّمت في الايام القليلة الماضية، بعد الاتفاق على ملف الترسيم، فإن الدولار الاميركي لم يعرف طريقاً سالكاً نحو خط الايجابية، بل تواصل في خرق العملة الوطنية، وإيصالها الى درب وعر جداً، قابل للتعرّج اكثر وفق المعطيات، بعد وصول سعر الصرف الى الاربعين الف ليرة، مع ما يرافق ذلك من تداعيات سلبية على حياة المواطنين، الذين باتوا يشترون السلع والمواد الغذائية الضرورية فقط وعلى سعر دولار يوازي الخمسين الف ليرة بسبب جشع التجار، من دون اي رادع وسط غياب فاضح لرقم الهاتف الساخن في وزارة الاقتصاد، الذي لا حرارة فيه على ما يبدو، ما يجعل المواطن اللبناني يتخبّط بمفرده وكأن لا دولة مسؤولة عنه…!
**********************************************
افتتاحية صحيفة الشرق
رسالة فرنسية رئاسية حازمة في زمن تطيير جلسات الانتخاب
ترحيب أممي بالاتفاق ورغبة قطرية بالانضمام الى تحالف التنقيب
بضع ساعات هي المسافة الفاصلة بين تطيير الجلسة الثانية لانتخاب رئيس جمهورية وايفاد باريس وزيرة خارجيتها الى بيروت مدججة برسائل “رئاسية” حازمة وصارمة ابلغتها الى الرؤساء امس قبل ان تعود ادراجها.
ليس التعويل كبيرا على الحزم والصرامة الفرنسيين، فقبل كاترين كولونا حضر رئيسها ايمانويل ماكرون الى بيروت مرتين. كان اكثر شدة، حذّر ووبخّ، ولكن “على من تقرأين مزاميرك يا باريس؟” خفة واستخفاف، كيدية ونكايات، مصالح ضيقة لا تعلو فوقها مصلحة وطن يمعنون في اغراقه. تلك هي سياسة المنظومة ولا يبدو ان ثمة ما يغيّرها في انتظار “اوامر سلطات المحور العليا”.
حزم فرنسي
ملأت جولة الوزيرة كولونا السريعة على المسؤولين اللبنانيين والرسائلُ الحازمة التي نقلتها اليهم، رئاسيا وحكوميا واصلاحيا، الساحة المحلية امس.
لرئيس هذا الشهر! هي شددت على أن “يجب انتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل انتهاء هذا الشهر”، مشيرةً الى أنّ “الرسالة التي أحملها اليوم هي وجوب احترام الاستحقاق الدستوري وهذه ضرورة أساسية للبنان وهو لا يحتمل خطر الفراغ في السلطة”.
ترحيب اممي
وكان اتفاق ترسيم الحدود البحرية بقي متقدما امس. في السياق، رحب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش به. وعبر المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك – في بيان وزعه فجر الجمعة – عن الاعتقاد القوي للأمين العام بأن هذا التطور المشجع يمكن أن يعزز الاستقرار المتزايد في المنطقة، ويعزز الرخاء للشعبين اللبناني والإسرائيلي. وأكد استمرار التزام الأمم المتحدة بمساعدة الطرفين، والتزامها بدعم التنفيذ الفعّال لقرار مجلس الأمن 1701 (2006) والقرارات الأخرى ذات الصلة، والتي أشار إلى أنها تظل أساسية لاستقرار المنطقة.
رغبة قطرية
الى ذلك، عقد ميقاتي اجتماعا مع وزير الطاقة والمياه وليد فياض واعضاء هيئة ادارة قطاع البترول. وأعلن فياض بعد الاجتماع “عقدنا لقاء اليوم مع الرئيس ميقاتي بمعية أعضاء هيئة إدارة البترول، بعد زيارة قمت بها لرئيس الجمهورية لتهنئته بالإنجاز التاريخي بشأن ترسيم الحدود وترسيخ حق لبنان بالمباشرة منذ الآن، بأعمال الاستكشاف في حقل قانا وسائر البلوكات في مياه البحر عندنا”. وكشف فياض “عن رغبة قطرية في الدخول إلى التحالف للتنقيب عن النفط في البلوكين 4 و9. وقال “لقد وردت الرغبة القطرية عبر رسالة من وزير النفط القطري سعد الكعبي أعلن فيها نوايا دولة قطر الشقيقة بمشاركة لبنان بالدخول الى التحالف الذي سينقب في البلوكين 4 و9 لتصبح قطر الشريك الثالث لشركتي “ توتال” و”أيني” في هذين الحقلين، وهذا أمر مهم جدا، لأننا نعرف قدرة قطر الاستثمارية ورغبتها التي أعلنت عنها عبر زيارات مختلفة لسفيرها للوزارة للاستثمار في النهوض الاقتصادي للبنان في قطاع النفط والغاز، في التنقيب وانتاج الطاقة”.
تشريع الثلاثاء
في الغضون، وبينما حلقت اسعار المحروقات من جديد اليوم على وقع ملامسة الدولار عتبة الـ40 الفا، دعا الرئيس بري الى عقد جلسة عامة قبل ظهر يوم الثلاثاء وذلك لانتخاب اميني سر وثلاثة مفوضين واعضاء اللجان النيابية على ان تلي هذه الجلسة جلسة تشريعية.
لا للتسوية
في الشأن الرئاسي، غداة الاخفاق في الانتخاب امس بفعل تطيير فريق 8 آذار النصاب، اعتبر رئيس حزب “القوّات اللبنانيّة” سمير جعجع، ان “ما يطرح من توافق وتسوية حول هوية الرئيس العتيد يعني أن الحلول لن تكون متاحة بالنسبة للأزمة التي نعيشها وسيبقى الوضع على ما هو عليه من انهيار وفشل وأزمات، وهذا مردّه لسبب بسيط وهو أن نظرة من يطالبون بالتوافق، بالنسبة لكيفيّة قيام الرئيس بإدارة الدولة والمواصفات التي يملكها، تتناقض تماماً مع نظرتنا. فنحن نريد رئيساً يملك الحد المقبول من القرار الحر والمستقل ويؤمن إيماناً راسخاً بسيادة الدولة على كامل أراضيها ومؤسساتها، رئيسا نظيف الكف وغير فاسد ولديه ارادة صلبة لمحاربة الفساد والشروع في الاصلاحات وبناء مؤسسات حديثة”. اضاف: إن الأولوية في الوقت الراهن هي تغيير السلطة المسؤولة عن إفلاس وانهيار البلاد سياسياً واقتصادياً وضرب علاقات لبنان العربية والدولية، أي الثنائي حزب الله-التيار الوطني الحر وحلفائهما.
“العودة” في الخارجية
وبالعودة الى ملف النزوح، فقد اجتمع وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب مع سفيرة الولايات المتحدة الاميركية لدى لبنان دوروثي شيا. وطلب بوحبيب من السفيرة شيا المساعدة في تزويد لبنان بالأدوية التي يحتاجها خصوصا أدوية معالجة مرض السرطان كما جرى عرض للتطورات والخطوات التي يتخذها لبنان في ملف النازحين لتسريع العودة الآمنة لهم، والحد من استغلال المساعدات المخصصة لهم من قبل بعض الأشخاص غير المستحقين. كما استقبل بوحبيب سفيرة كندا لدى لبنان شانتال شاستناي وتم البحث في المستجدات السياسية وملف النزوح السوري. كما هنأت شاستناي بوحبيب على انجاز اتفاق ترسيم الحدود البحرية.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :