افتتاحية جريدة البناء
جلسة اليوم الرئاسية بلا التيار وبلا رئيس… ونشر الاتفاق يبرز انتزاع لبنان شروط الترجيح / لبنان والكيان نحو إبرام الاتفاق… والمعارضة «الإسرائيلية» واللبنانية تتفقان على وصفه بالهزيمة / نواب الـ 13 يرفضون إضافة شرط التراجع عن اتفاق الترسيم على مواصفات الرئيس الجديد /
اليوم رئاسيّ بنكهة ترسيم، بعدما بات واضحاً أن لا الترسيم ترسيم ولا الرئاسة رئاسة، ففي كل منهما من السياسة ما يطغى على حرفية النص. فالرئاسة عالقة حتى يوم 31 تشرين الأول الذي تنتهي معه المهلة الدستورية لرئاسة الرئيس العماد ميشال عون ومعها المهلة الدستورية للمجلس النيابي لانتخاب رئيس جديد، وحتى ذلك اليوم الرئاسة عالقة عند نجاح المساعي في تذليل عقدة تفاهم المرشح سليمان فرنجية مع رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، على أسس وضمانات تؤمن تصويت نواب التيار لصالح رئاسة فرنجية، بما يمنحه فرصة الفوز بـ 65 صوتاً، هي كناية عن 61 صوتاً لتحالف يجمع قوى الثامن من آذار وفي قلبه ثنائي حركة أمل وحزب الله مع أصوات نواب التيار الوطني الحر، وأربعة أصوات يسهل انضمامهم سواء عبر علاقات فرنجية مع عدد من نواب الشمال، أو عبر مواقف لنواب مستقلين يعتقد الثنائي أنه يستطيع جذبهم لترشيح فرنجية عند تذليل عقدة باسيل – فرنجية، وحتى ذلك التاريخ يتموضع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي عند ترشيح النائب ميشال معوض، مع فرضيات انضمامه للتصويت لصالح فرنجية اذا وجد فوزه ممكناً بدون أصواته، والذين يقفون وراء ترشيح معوض باستثناء وليد جنبلاط، يتصرفون على قاعدة أن ميشال معوض مرشح على أمل أن يحل تاريخ 31 تشرين الأول دون أن يتفاهم باسيل وفرنجية، فيصير الحديث عن سقوط المهل الدستورية من جهة وعن فشل المعادلة النيابية والسياسية في إنتاج رئيس من داخل اللعبة التقليدية، من جهة أخرى، أسباباً موجبة لبدء التداول بترشيح قائد الجيش العماد جوزف عون علناً، ويراهنون على تنامي حظوظ انتخابه كلما مر المزيد من الوقت بعد التاريخ الفاصل الذي يمثله 31 تشرين الأول بالنسبة للاستحقاق الرئاسي داخلياً وخارجياً، واليوم ينعقد المجلس النيابي في جلسة مخصصة لانتخاب رئيس دون حضور نواب التيار الوطني الحر، لتزامن الموعد مع ذكرى 13 تشرين الأول، ما يعني ان الجلسة حكماً ستنتهي دون رئيس.
الرئاسة بلا رئاسة، واتفاق الترسيم ليس اتفاقاً ولا هو بترسيم، وهذان إنجازان كبيران يسجلان للبنان ووفده المفاوض، بعدما أتاح نشر نص المشروع الأميركي الاطلاع على تفاصيل البنود، حيث نجح لبنان بجعل الاتفاق لبنانياً أميركياً وإسرائيلياً أميركياً، لا اتفاق لبنانياً إسرائيلياً، ولا هو اتفاق لبناني أميركي إسرائيلي، حيث لا توقيع مشترك على وثيقة واحدة بين لبنان وكيان الاحتلال، ما يعني مستوى أكثر تقدماً من اتفاقية الهدنة، حيث توقيع لبناني واسرائيلي على وثيقة واحدة، والنص واضح، لبنان تلقى عرضاً أميركياً يتناول تقاسم المصالح الاقتصادية في حقول النفط والغاز بين لبنان وكيان الاحتلال، الذي تلقى نسخة من العرض نفسه، وعند الموافقة سيذيل كل من الطرفين موافقته للجانب الأميركي، ويوجه رسالة منفصلة بالإحداثيات للأمم المتحدة، وفي النص أيضاً أن ترسيم الحدود البحرية سيتم لاحقاً، خصوصاً في منطقة “الطفافات”، التي يملك كل طرف نظرة قانونية مختلفة نحوها، بينما يرجح النص ايضاً مكاسب لبنان القانونية بإزالة اي شبهة تطبيع مباشر او غير مباشر في صيغة الاتفاق الجانبي بين الكيان والشركة المشغلة، حيث لا تتأثر حقوق لبنان ولا يتأثر عمل المشغل وعقده والتزاماته مع لبنان، بأي تعاقد أو تأزم تعاقدي بين المشغل والكيان.
بغياب الرئاسة ستشهد جلسة الانتخاب سجالاً ترسيمياً، حيث نواب معترضون، يتصدّرهم نواب الـ13 الذين طالبهم ناشطون من حراك 17 تشرين ترشيح الدكتور عصام خليفة للرئاسة، واشتراط منح تصويتهم لأي مرشح بتعهده بإلغاء الاتفاق، فتهرّبوا خشية إغضاب الأميركي الذي يريد منهم نفي صفة الإنجاز والانتصار عن الاتفاق، لإضعاف فرص الاستثمار الايجابي للاتفاق من فريق الرئيس ميشال عون والتيار الوطني الحر، وفريق رئيس مجلس النواب نبيه بري وحركة أمل، ومن خلفهما حزب الله الذي كانت قوته العامل الحاسم في تحقيق المكاسب اللبنانية، لكن الأميركي لن يتسامح مع الذهاب الى التشويش على الاتفاق وتهديده بالخطر.
في بيروت وتل أبيب خطى حثيثة بمتابعة أميركية عن كثب لبلوغ ساعة الانتهاء من ترتيبات إبرام الاتفاق، ومقابل سهولة المسار اللبناني تعقيدات اسرائيلية تم تجاوز بعضها عبر إقرار الاتفاق في المجلس الوزاري المصغر، بينما تنتظره محطات لاحقة، وبالتوازي في بيروت وتل أبيب معارضة للاتفاق تصوّره هزيمة، المعارضة الإسرائيلية تقول إن الحكومة تسببت بهزيمة “إسرائيل” أمام المقاومة، وفرطت بمصالحها. والمعارضة اللبنانية تقول إن الحكم فرط بحقوق لبنان، وإن المقاومة قدمت التغطية لهذا التفريط. وذهب البعض للقول إن “إسرائيل” ربحت لأنها الأقوى، بينما يلتقي مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق الذي لعب دور الوسيط بالملف ديفيد شنكر والسفير السابق لأميركا لدى الكيان ديفيد فريدمان يقولان إن لبنان نال 100% و”إسرائيل” نالت 0% من المناطق المتنازع عليها.
في وقت تخطف ساحة النجمة اليوم الأضواء المحلية، مجدداً بجلسة ثانية للمجلس النيابي لانتخاب رئيس للجمهورية، بقي الاهتمام الرسمي منصباً على ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، بعد موافقة لبنان وحكومة الاحتلال الإسرائيلي على الصيغة الأميركية النهائية للتفاهم على تقاسم المساحة الاقتصادية في المياه الإقليمية.
وأشارت مصادر سياسية واكبت مفاوضات الأيام الأخيرة للتفاهم لـ»البناء»، الى أن «موقف لبنان كان صلباً بدرجة عالية، ورفض الكثير من الطروحات الإسرائيلية والألغام التي حاول العدو زرعها في متن التفاهم. وكاد الخلاف حول عبارات ومفاهيم ينسف الاتفاق، لكن الوسيط الأميركي أنقذ الموقف أكثر من مرة، حتى تم إخراج الصيغة النهائية الى العلن». ولفت المصادر الى أن «الاتفاق جاء حصيلة تقاطع مصالح أميركية – أوروبية بالدرجة الأولى مع مصلحة لبنانية وإسرائيلية باستثمار المنطقة الاقتصادية أكان في لبنان أو في فلسطين المحتلة، لكن المقاومة لعبت دوراً بارزاً في تظهير هذا الاتفاق لمصلحة حصول لبنان على كامل حقوقه وخطوطه التي حددتها الدولة»، لذلك ترى الجهات أن «الحاجة الأوروبية الماسة للغاز بسبب الحرب الروسية الأوكرانية دفع بالأميركيين الى تأمين بدائل من البحر المتوسط والعمل على حصار روسيا اقتصادياً تمهيداً لتطويعها سياسياً».
لكن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله لم يخفِ مخاوفه في إطلالته أمس الأول من حصول مفاجآت غير متوقعة قبل التوقيع النهائي على الاتفاق وفي مراحل تنفيذه، كأن يقدم العدو على خرق بنود التفاهم أو محاولة جهات خارجية منع الشركات من استكمال التنقيب، لذلك أعلن السيد نصرالله أن المقاومة تراقب ومستعدّة للتدخل لأي أمر قد يعرقل الاتفاق.
وكشفت المصادر أن لبنان تلقى ضمانات أميركية وفرنسية بأن «إسرائيل» ستوقع الاتفاق في الناقورة ولن تتراجع، وكذلك ضمانات بالتزامها تنفيذ بنود التفاهم. ولفتت أيضاً الى أن الوثيقة النهائية للاتفاق اضافة الى ترسيم المنطقة الاقتصادية من الناحية التقنية والقانونية، ستتضمن تعهداً من الطرفين اللبناني والإسرائيلي الالتزام بالتنفيذ الذي يشمل بشقه الأول السماح لـ»إسرائيل» بالعمل في حقل كاريش، وفي شقه الثاني السماح للشركات الأجنبية استكمال التنقيب والاستخراج في الحقول اللبنانية، وبالتالي أي إخلال من قبل الشركات بهذا البند سيسمح للمقاومة بتعطيل الشق الأول من الاتفاق. وما وجود وفد شركة توتال الفرنسية في لبنان بالتزامن مع توقيع التفاهم وقبل إطلالة السيد نصرالله بساعات إلا دليل على ذلك.
في المواقف الرسمية اعتبر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن «إنجاز اتفاقية الترسيم سينتشل لبنان من الهاوية التي أُسقِط فيها». وقال أمام زواره: «إنجاز الاتفاقية سيتبعها ابتداءً من الأسبوع المقبل، بدء إعادة النازحين السوريين الى بلدهم على دفعات».
بدوره، قال رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة رداً على كلمة مبروك «الهنا مشترك».
وأكدت أوساط في فريق المقاومة لـ»البناء» أن «لبنان لم يتنازل عن حقوقه المكتسبة لا في الامن ولا الحدود ولا الأرض براً ولا البحر». وأوضح خبراء قانونيون وعسكريون لـ»البناء» أن «التفاهم الذي حصل ليس باتفاقية ترسيم حدود ولا معاهدة، لان الاتفاقية تخضع لقواعد لم يحترمها هذا الاتفاق، لذلك التسمية القانونية هي تفاهم تقاسم ثروة يجري إنجازه عبر الرسائل الذي سيوقعها الطرفان بالناقورة ثم إرسالها الى الأمم المتحدة، وبالتالي لن تتضمن أي شكل من أشكال التطبيع أو العلاقة المباشرة مع العدو الإسرائيلي».
وفي سياق ذلك، أكد نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب في حديث لقناة «الجزيرة»، أن «ما تحقق هو إنجاز ولكن اتفاق الترسيم لا يعني تطبيع العلاقات مع إسرائيل». وشدد بوصعب على أن «لبنان لديه مصلحة للمحافظة على الأمن والهدوء لاستخراج الغاز»، كاشفاً ان «الرئيس الأميركي جو بايدن أعطى ضمانة بأن اتفاق الترسيم مع «إسرائيل» سيحترم». واعتبر ان «الضامن الأكبر لاتفاق الترسيم هو الحاجة الاقتصادية لدى الطرفين للاستقرار».
وكانت حكومة العدو الإسرائيلي صادقت بأغلبية كبيرة على مبادئ الاتفاق مع لبنان وعلى مقترح رئيس وزراء الاحتلال يائير لابيد بعرضه في الكنيست. وأعرب أعضاء الحكومة عن تأييدهم «لأهمية الاتفاق البحري مع لبنان ولضرورة التوصل إليه في هذه الفترة وسيتم اطلاع جميع النواب عليه وعرضه في لجنة الشؤون الخارجية والأمن التابعة للكنيست».
وفي حين دخل لبنان الى نادي الدول النفطية، لفت وزير الطاقة وليد فياض من بعبدا الى أن «الإنجاز التاريخي ليس فقط ترسيم الحدود إنّما الأهمية تكمن في الالتزام بالتنقيب والمباشرة به لأننا بحاجة إلى ذلك وسنتابع آليات التنفيذ في المرحلة المقبلة بالتعاون مع «توتال» والشركاء الدوليين والمهتمّين بقطاع الغاز». وأوضح فياض أن عملية استخراج النفط ستمر بمراحل عدة منها التنقيب والحفر ثم تحديد مكان وجود كميات الغاز والنفط ثم الاستخراج والتصدير. وهذا يتطلب بين 4 و6 سنوات، لكن لبنان تحوّل الى مقصد للشركات الأجنبية للاستثمار في لبنان، كاشفاً عن اتصالات من شركات أجنبية ومنها قطريّة أبدت نيتها الاستثمار في سوق الطاقة في لبنان.
واضاف فياض: «النفط الإيراني سيكون هبة ولذلك لا تترتّب عليه أيّ عقوبات ونرغب في متابعة هذا الموضوع وقد حصلنا على تطمينات بالسير به ونحن في طور صياغة اتفاقية والطرف الإيراني هو الذي يُعدّ التفاصيل».
ففي حين وصف السيد نصرالله التفاهم بالإنجاز الوطني، اختلف المشهد على الضفة الأخرى، فقد تحوّل تفاهم الترسيم الى الخبر الأول لدى وسائل إعلام العدو ومحور المواقف واللقاءات السياسية لدى المسؤولين في الكيان ومحل انقسام سياسي داخلي، والى مادة للسجال الحاد بين الموالاة والمعارضة، التي تبادلت الاتهامات، ففي حين دافعت حكومة يائير لابيد عن الاتفاق مدعية أنها حقق كل مصالحها الأمنية والاقتصادية وأبعدت خطر حزب الله عن الحدود ومنعته من الاستفادة من عائدات الثروة الغازية والنفطية، اتهمت المعارضة الحكومة بأنها خضعت لتهديدات حزب الله وأمينه العام وبأنه وإيران سيستخرجان الغاز على مقربة من حدود فلسطين المحتلة.
وتناوب المسؤولون الإسرائيليون على شرح بنود الاتفاق وأهميته بالنسبة للكيان لتسويقه بين المستوطنين لإقناعهم ولكسب أصواتهم في الانتخابات المقبلة، فقد ادعى رئيس وزراء حكومة الاحتلال يائيير لابيد أن «إسرائيل ستحصل على 17 بالمئة من عائدات حقل قانا وحزب الله لن يحصل على أي من عائدات الغاز»، معتبراً أن «ترسيم الحدود مع لبنان إنجاز كبير لاقتصاد وأمن «إسرائيل» ورفضنا التعديلات اللبنانية الأخيرة».
بدوره، أعلن وكيل وزارة الطاقة في كيان الاحتلال «اننا سنتعاقد مع توتال حول حصتنا بحقل قانا قبل التصديق النهائي على اتفاق الترسيم». وزعم وزير جيش الاحتلال،بيني غانتس، أن «اتفاق ترسيم الحدود المائية يقلص تأثير إيران على لبنان«.
وكشف رئيس مجلس الأمن القومي في كيان الاحتلال إيال حولتا، أن «إسرائيل تنازلت عن 10 كيلومترات من مياهها الإقليمية في إطار الاتفاق مع لبنان».
وسرّبت نسخة عن الاتفاق الذي سلّمه الوسيط الاميركي عاموس هوكشتاين للبنان وحكومة الاحتلال.
ومما جاء فيه: «يتّفق الطرفان على إنشاء خط حدودي بحري («خط الحدود البحرية»). ويشتمل ترسيم خط الحدود البحرية على النقاط التالية الموضَّحة في الإحداثيّات الواردة أدناه. وتتّصل هذه النقاط ببعضها البعض، وفقاً لبيانات النظام الجيوديسي العالمي WGS84، بواسطة خطوط جيوديسيّة:
حدّد هذه الإحداثيات الحدود البحرية على النحو المتّفَق عليه بين الطرفين لكلّ النقاط الواقعة باتجاه البحر من أقصى نقطة شرقي خط الحدود البحرية، ودون أيّ مساس بوضع الحدود البريّة. وبهدف عدم المساس بوضع الحدود البريّة في المستقبل، فإنّه من المتوقَّع قيام الطرفين بترسيم الحدود البحرية الواقعة على الجانب المواجِه للبرّ من أقصى نقطة شرقي خط الحدود البحرية في سياق ترسيم الحدود البريّة أو في الوقت المناسب بعد ترسيم الحدود البريّة. وإلى أن يحين الوقت الذي تُحدَّد فيه تلك المنطقة، يتّفق الطرفان على إبقاء الوضع الراهن بالقرب من الشاطئ على ما هو عليه، بما في ذلك على طول خط العوّامات البحرية الحالي وعلى النحو المحدَّد بواسطته، على الرغم من المواقف القانونية المختلفة للطرفين بشأن هذه المنطقة التي لا تزال غير محدَّدة.
في حال كان الحفر في المكمَن المحتمَل ضرورياً جنوب خط الحدود البحرية، فيتوقّع الطرفان من مشغّل البلوك رقم 9 طلب موافقة الطرفين قبل المباشرة بالحفر؛ ولن تمتنع «إسرائيل»، دون مبرر، عن منح موافقتها على الحفر الجاري وفقًا لأحكام هذا الاتفاق.
يدخل هذا الاتفاق حيّز التنفيذ في التاريخ الذي تُرسل فيه حكومة الولايات المتحدة الأميركية إشعارًا يتضمّن تأكيداً على موافقة كلّ من الطرفين على الأحكام المنصوص عليها في هذا الاتفاق، وذلك استناداً إلى النص الوارد في المرفق (د) لهذه الرسالة».
وتوالت المواقف الدولية المرحّبة بالاتفاق. فقد اعتبر وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن أن «هذا الإنجاز بداية حقبة جديدة من الازدهار والاستقرار في الشرق الأوسط وسيوفر الطاقة الأساسية لشعوب المنطقة والعالم. كما يوضح قوة التعاون الإقليمي لمواجهة التحديات المشتركة في الشرق الأوسط وخارجه ويبرز القوة التحويلية للدبلوماسية الأميركية».
في غضون ذلك، تعقد اليوم جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية في ساحة النجمة. وفيما يقاطع تكتل لبنان القوي الجلسة، علمت «البناء» أن كتلة الوفاء للمقاومة ستتخذ قرارها قبيل الجلسة بقليل آخذة بعين الاعتبار مواقف مختلف الكتل ومن بينها مقاطعة كتلة اساسية هي «لبنان القوي»، بسبب انعقاد الجلسة في ذكرى 13 تشرين.
وعلمت «البناء» أن كتلتي التنمية والتحرير والوفاء للمقاومة في حال مشاركتها ستصوتان بورقة بيضاء وكذلك الحلفاء كما الجلسة السابقة، اما كتل القوات والاشتراكي وكتلة تجدد والكتائب فسيصوتون للمرشح النائب ميشال معوض مع احتمال تصويت الكتائب الى مرشح آخر. اما تكتل نواب عكار فلن يصوت لمعوض بعد فشل رئيس القوات سمير جعجع بإقناعه بالتصويت له، وبالتالي سيصوّت لاسم آخر.
اما كتلة نواب الـ 13 التغييريين، فينقسمون الى قسمين وفق معلومات «البناء» الأول سيصوت لوزير الخارجية الأسبق ناصيف حتي، والثاني لاسم آخر، فيما حاول تكتل التغيير إقناع نواب صيدا المستقلين أسامة سعد وعبد الرحمن البزري وشربل مسعد بالتصويت لحتي، رفض المستقلون بسبب عدم معرفتهم به وإقامته خارج لبنان وعدم اتصاله بالنواب. وفيما أشارت أجواء عين التينة لـ»البناء» أن الجلسة قائمة حتى يتبين النصاب من عدمه، توقعت مصادر نيابية لـ»البناء» أن يتأمن النصاب وتنعقد الجلسة الأولى ويتكرر سيناريو الجلسة الماضية وتكون الورقة البيضاء نجمة الجلسة التي سترفع فور فقدان النصاب.
--------------------------------------------------
افتتاحية جريدة الأخبار
إسرائيل تستعجل الاتفاق قبل نهاية العهد
بعد مصادقة حكومة العدو على أوراق التفاهم مع لبنان حول حدود المناطق الاقتصادية في البحر، يتوقع أن يعلن لبنان رسمياً موافقته على الأمر، من دون أن يتأكد ما إذا كان الرئيس ميشال عون سيوجه رسالة إلى اللبنانيين في هذا الشأن. النقاش الصاخب في إسرائيل حول التفاهم لم يكن له ما يشبهه في لبنان، حيث اقتصر الأمر على «النكد» السياسي لخصوم الرئيس عون والمقاومة ممن يعملون بوحي أميركي، لتأكيد أن الاتفاق ثمرة قرار أميركي وليس للبنان أو المقاومة دور فيه.
وإذا كان الجدال الإسرائيلي يدور على خلفية السجال الانتخابي، فإنه في لبنان يتعلق برغبة فريق سياسي بعدم منح الرئيس عون والتيار الوطني الحر أي إنجاز ولو في نهاية العهد. ولذا يتوقع أن يعود هؤلاء، وبينهم من هو في الحكم، إلى العودة إلى السجالات حول الملفات الداخلية فوراً، وسط ضباب يحيط بملف الانتخابات الرئاسية وتراجع الحديث عن تشكيل الحكومة خلال ما بقي من ولاية رئيس الجمهورية.
خارجياً، اهتم الأميركيون والفرنسيون بتسويق فكرتهم بأن مسار التفاوض يقود إلى تحقيق نتائج لمصلحة لبنان. لكن السؤال اليوم هو حول ما إذا كانت الولايات المتحدة ستفرض على البنك الدولي تسريع خطوات إقرار برنامج التمويل لصفقة جر الغاز والكهرباء من مصر والأردن، فيما لا تزال عقبات فنية تعيق وصول الهبة الإيرانية لتعزيز ساعات التغذية في التيار الكهربائي.
وكان ملف الترسيم الشغل الشاغل للإسرائيليين على مستويات الحكم والمعارضة والإعلام الذي بادر إلى نشر مسودة الاتفاق باللغتين الإنكليزية والعبرية، قبل أن يتم تسريب النسخة العربية منه في بيروت. وحصلت مناقشات على ضوء ما ورد في المسودة من مواد وبنود وأفكار. لكن السائد في كيان الاحتلال أن الحكومة تدافع عما تعتبره «الحل الضروري لمنع حصول حرب»، بينما حرص أهل الحكم في لبنان على تأكيد الإنجاز الذي تحقق بانتزاع حقوق لبنان من العدو.
وفي إسرائيل باشر رئيس الحكومة يائير لابيد الخطوات التنفيذية التي تستهدف كسب الوقت ليتمكن من توقيع التفاهم قبل نهاية الشهر الجاري، بناء على نصيحة المؤسسة الأمنية الإسرائيلية وتوصيات وزارة الخارجية الأميركية، حيث هناك خشية من أن فراغاً دستورياً يمكن أن يحصل في لبنان آخر الشهر سيكون من الصعب بعده إيجاد من يوقع التفاهم.
--------------------------------------------------------------
التيار والقوات وريثا الثنائيات المتخاصمة
حفل تاريخ الموارنة بثنائيات سياسية تخاصمت في معظم الأحيان، من بشارة الخوري - إميل إده إلى فؤاد شهاب - كميل شمعون وبيار الجميل - ريمون إده وسليمان فرنجية - ريمون إده، وثنائية كميل شمعون - بيار الجميل في الجبهة اللبنانية وثنائيات سمير جعجع مع كل من إيلي حبيقة وأمين الجميل وميشال عون... لكنّ الرئاسة الأولى كانت القاسم المشترك الذي سعى إليه جميعهم. في استحقاق 2022 ثنائية تكاد تصبح تاريخية هي التيار الوطني الحر - القوات اللبنانية من دون أن يتقدم أحدهما حتى الآن على الآخر، في صناعة الحدث الرئاسي
أوصلت القوات اللبنانية قائدها بشير الجميل إلى رئاسة الجمهورية، وأوصل التيار الوطني الحر رئيسه العماد ميشال عون إلى الرئاسة. بفارق 34 عاماً، تغيّرت ظروف القوات ونضجت ظروف التيار العوني الذي أصبح التيار الوطني الحر. وكلاهما يحاولان تكرار التجربة بإيصال رئيس للجمهورية، مع اختلاف المشهد الإقليمي والتسويات والشركاء.
التيار الوطني الحر هو المشروع الذي بدأ عام 1989 ووصل إلى ذروته عام 2016 بانتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية. التيار الصاعد في نهاية الثمانينيات لم يتح له خوض معركة الرئاسة كمرشح، لكنه خاضها من ناحية فرض شروط رافقت اتفاق الطائف وعلاقة عون بنواب مجلس عام 1972، وأدت إلى صراعات داخلية ومسيحية متتالية. خصوم عون يتهمونه، منذ أن كان رئيساً لحكومة انتقالية، بأنه معرقل مزمن لانتخابات الرئاسة وليس مسهّلاً لها. ما لم تصل إليه لن تكون لغيره. لم يعترف بانتخاب الرئيس رينيه معوض وعارض انتخاب خلفه الرئيس الياس الهراوي، وعلى الطريق كانت حرب الإلغاء والتحرير ومن ثم نفيه إلى فرنسا. أول احتكاك لعون مع رئاسة الجمهورية جاء عن طريق معارضة انتخاب رئيسَي الطائف الذي وقف ضده بشدة. ولم يكن أكثر ليونة مع انتخاب الرئيس إميل لحود رغم أنه آت من قيادة الجيش، المكان الأحبّ إلى قلب الجنرال. ظل القصر الجمهوري حلم رئيس الحكومة الانتقالية وقائد الجيش السابق، وحين عاد إلى بيروت عام 2005، بدأت خيوط اللعبة الرئاسية تتشابك. ما فعله عون منذ أن عاد، كان يعرف خاتمته: قصر بعبدا ولا شيء يمكن منعه من تحقيق ذلك. وصل إلى بعبدا عام 2016. بعدما عرقل مسار الانتخابات إلى أن نضجت التسوية مع حزب الله والرئيس سعد الحريري والقوات اللبنانية. لكنّ المعركة لم تنته بالنسبة إلى التيار.
-----------------------------------------------------
افتتاحية صحيفة النهار
إبرام “الاتفاق” قريباً: حل دائم للنزاع البحري
لعل المفارقة اللافتة، بل والغريبة، التي سيعاينها ال#لبنانيون اليوم “حسيا” تتمثل في ان “اتفاقا” كامل المواصفات بين لبنان وإسرائيل امكن التوصل اليه وسيجري ابرامه في وقت وشيك، فيما يتعذر على قواه السياسية وكتله النيابية الى حد الاستحالة، “التفاهم” على تحويل الأيام المتبقية من المهلة الدستورية الى فرصة حاسمة لجلسات نيابية يومية وترك اللعبة الديموقراطية تأخذ كامل مجراها لانتخاب الرئيس الرابع عشر للجمهورية اللبنانية والحؤول تاليا دون جعل الشغور الرئاسي “قدرا جديدا” من صنع الطبقة السياسية.
اذ انه حتى الجلسة الثانية لانتخاب رئيس الجمهورية المقررة اليوم تواجه احتمال عدم الانعقاد لان نصاب الثلثين لانعقادها ليس مضمونا بفعل الخلاف الذي تفجر مجددا بين “التيار الوطني الحر” ورئيس مجلس النواب نبيه بري لاصرار الأخير على تحديد موعد الجلسة اليوم متزامنا مع ذكرى عملية 13 تشرين الأول 1990 التي أطاحت فيها القوات السورية الحكومة العسكرية برئاسة العماد ميشال عون. ولكن المشهد الداخلي ظل عشية هذه الجلسة تحت وطأة ترددات التوصل الى اتفاق #ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، فيما سارعت #الحكومة الإسرائيلية غداة تسلمها النسخة الأميركية النهائية للاتفاق الى المصادقة عليها الامر الذي سيقابله لبنان بإعلان رسمي في الساعات المقبلة على لسان رئيس الجمهورية ميشال عون بالموافقة النهائية على الاتفاق. ويفترض في ظل اعلان موافقة كل من البلدين ان يتم التوقيع بين الجانبين اللبناني والاسرائيلي في الأيام المقبلة في الناقورة برعاية #الولايات المتحدة والأمم المتحدة بحيث يصبح الاتفاق ساري المفعول بعد ذلك وتبدأ عمليات التنقيب اواستخراج الغاز على جانبي الحدود المرسمة.
ويمكن القول ان نشر نص الاتفاق بعد “تسريبه” امس في كل من إسرائيل ولبنان أتاح للمراقبين ومراجعي النص معاينة الأهمية الجوهرية وليس الشكلية فقط لـ”الاتفاق” من زوايا مختلفة لم تكن واضحة قبل ذلك. اذ انه نص “مرجعي” جديد كاتفاق دائم بين البلدين وسيكون هو المعتمد لدى الأمم المتحدة مكان الوثائق التي سبق لكل من لبنان وإسرائيل ان اودعاها المنظمة الدولية لرعاية حال الحدود بين البلدين. كما يؤكد الاتفاق التفاهم على بقاء الوضع الراهن للحدود على ما هو الى ان يتم ترسيم الحدود البرية.
وينص الاتفاق في هذا السياق على الآتي :”تحدّد هذه الإحداثيات الحدود البحرية على النحو المتّفَق عليه بين الطرفين لكلّ النقاط الواقعة باتجاه البحر من أقصى نقطة شرقي خط الحدود البحرية، ودون أيّ مساس بوضع الحدود البريّة. وبهدف عدم المساس بوضع الحدود البريّة في المستقبل، فإنّه من المتوقَّع قيام الطرفين بترسيم الحدود البحرية الواقعة على الجانب المواجِه للبرّ من أقصى نقطة شرقي خط الحدود البحرية في سياق ترسيم الحدود البريّة أو في الوقت المناسب بعد ترسيم الحدود البريّة. وإلى أن يحين الوقت الذي تُحدَّد فيه تلك المنطقة، يتّفق الطرفان على إبقاء الوضع الراهن بالقرب من الشاطئ على ما هو عليه، بما في ذلك على طول خط العوّامات البحرية الحالي وعلى النحو المحدَّد بواسطته، على الرغم من المواقف القانونية المختلفة للطرفين بشأن هذه المنطقة التي لا تزال غير محدَّدة”.
وينص ايضا :”تحلّ الإحداثيات الواردة في مراسلة كلّ من الطرفين إلى الأمم المتحدة، والمشار إليها في القسم 1(ج) محلّ (أولًا) الإحداثيات الواردة في المذكّرة التي رفعتها إسرائيل إلى الأمم المتحدة بتاريخ 12 تموز/يوليو 2011 بشأن النقاط المحدَّدة 34 و35 و1 الواردة في المذكرة و(ثانيًا) الخريطة والإحداثيات التي تضمّنتها المذكّرة المرسَلة من لبنان إلى الأمم المتحدة بتاريخ 19 تشرين الأول/أكتوبر 2011 بشأن النقاط المحدَّدة 20 و21 و22 و23 الواردة في المذكّرة ذات الصلة. ولا يجوز أن يقدّم أيّ من الطرفين مستقبلًا إلى الأمم المتحدة أيّ مذكّرة تتضمّن خرائط أو إحداثيات تتعارض مع هذا الاتفاق (المشار إليه فيما يلي بـ “الاتفاق”) ما لم يتّفق الطرفان على مضمون مثل هذه المذكرة”.
…”يتّفق الطرفان على أنّ هذا الاتفاق، بما في ذلك ما هو موضَّح في القسم 1(ب)، يُرسي حلًا دائمًا ومنصفًا للنزاع البحري القائم بينهما”. ( راجع النص الكامل للاتفاق ص 5 ).
باريس
وفي باريس (النهار) وصفت #الرئاسة الفرنسية اتفاق ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل بالتاريخي، وانه يعني ان دولتين دون علاقات ديبلوماسية واحداهما لا تعترف بالآخرى، عزمتا على التوصل الى الاتفاق عبر التفاوض. هو اتفاق يساهم في تخفيض التوتر في المنطقة اذ انه يكشف ان جميع اللاعبين بما فيهم “حزب الله” فضل التفاوض على المواجهة . وقالت الرئاسة عبر مسوؤل فيها ان هذا الاتفاق يساهم في استقرار وامن البلدين، وله تأثير أساسي اقتصادي. وعلى صعيد الطاقة سيتيح التنقيب عن احتياط الغاز في البحر اللبناني والإسرائيلي وسيساهم في انتعاش شعبي الدولتين وسيسمح بوصول كميات من الغاز الى أوروبا بحسب الكميات التي ستتوافر بعد التنقيب. وشرح المسؤول في الرئاسة الفرنسية مسار التوصل الى هذا الاتفاق و الدور الفرنسي الذي قام به الرئيس ايمانويل ماكرون والديبلوماسي باتريك دوريل مستشاره للشرق الأوسط. ووصف الوسيط الاميركي اموس هوكشتاين بانه قام بعمل كبير منذ سنتين وهو طلب من الرئيس ماكرون ان تتدخل فرنسا للمساعدة من جانب رئيس الحكومة الإسرائيلي يائير لابيد.
وقال ان الخارجية الفرنسية وسفيرة فرنسا في بيروت والسفير الفرنسي في إسرائيل تابعوا الملف مع المفاوض الاميركي لتسهيل الاتفاق وباتريك دوريل بطلب من ماكرون استمر في الاتصالات مع هوكشتاين بشكل مستمر لدفع المفاوضات. وتحركت فرنسا على شقين احدهما مشروع الاتفاق بين السلطات الإسرائيلية والسلطات اللبنانية وإعطاء الجانبين الرسائل المتبادلة حول الخطوط الحمراء لكل منهما وإعطاء الرسائل لـ”حزب الله” لان وحدها فرنسا لديها علاقات مع الحزب. اما الشق الآخر فهو تقني وأساسي ومرتبط بـ”توتال انرجي” المسؤولة عن التنقيب والإنتاج في قانا وقد سعى الرئيس الفرنسي الى العمل معها لكي تكون مستعدة للتنقيب في قانا في اسرع وقت. واعتبر ان هذا الاتفاق يؤكد ان اختيار “حزب الله” التفاوض افضل من خيار العنف والمواجهة. فحزب الله، ونصرالله نفسه، اكد انه اختار التفاوض. وردا على سؤال “النهار” حول توقيت بدء توتال بحفر الآبار، قال المسوؤل الرئاسي انه ينبغي أولا جلب المنصة ثم البدء بالحفر ثم التنقيب وهذا يحتاج الى بضعة اشهر وتوتال تعرف ذلك ولكن الرئيس طلب من توتال الإسراع قدر الممكن.
موافقة إسرائيل
وعصر امس اعلن ان الحكومة الإسرائيلية صادقت في جلسة خاصة وبأغلبية ساحقة على اتفاق ترسيم الحدود مع لبنان. ونقل عن رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد قوله إن الحكومة الإسرائيلية وافقت بأغلبية كبيرة على مبادئ الاتفاق مع لبنان. واكد “اننا سنبدأ باستخراج الغاز من حقل كاريش وأي هجوم عليه يعتبر اعتداء على إسرائيل”.
وفي هذا السياق اعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت التصويت لصالح الموافقة على صفقة ترسيم الحدود البحرية مع لبنان بعد فترة من التردّد. ورأى بينيت أنّه “من المناسب الموافقة على الصفقة في أسرع وقت ممكن على الرغم من أنّ الحكومة الحالية هي حكومة موقتة”. وأشار إلى أنّ الصفقة “ليست انتصارًا ديبلوماسيًا تاريخيًا، لكنها أيضًا ليست اتفاقية استسلام”. وأضاف: “ليس كلّ ما هو جيّد للبنان سيّء لإسرائيل، فيمكن أحيانًا الوصول إلى نتيجة إيجابية للطرفين”.
اما في لبنان فاعتبر الرئيس عون ان “انجاز اتفاق الترسيم سينتشل لبنان من الهاوية التي أُسقِط فيها”. وقال امس امام زواره ان “انجاز الاتفاق سيتبعه ابتداءً من الأسبوع المقبل، بدء إعادة النازحين السوريين الى بلدهم على دفعات”.
من جانبه، وبعد زيارته لعين التينة امس ولقائه الرئيس نبيه بري، قال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لدى مغادرته ردا على كلمة مبروك “الهناء مشترك”. وكان ميقاتي بحث في السرايا مع السفيرة الفرنسية آن غريو، في التطورات الحاصلة عشية الزيارة التي ستقوم بها وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا لبيروت بدءا من غد الجمعة .
الجلسة الثانية
ووسط هذه الاجواء، تعقد اليوم جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية في ساحة النجمة. وعلم ان “كتلة الوفاء للمقاومة” ستتخذ صباح اليوم قرارها في ما خص طريقة التعاطي مع الجلسة آخذة في الاعتبار مواقف مختلف الكتل ومن بينها مقاطعة “تكتل لبنان القوي” الجلسة بسبب تزامنها وذكرى ١٣ تشرين. وافيد ان التواصل استمر بين “كتلة الاعتدال الوطني” ونواب “تكتل التغيير” حول امكان التوافق على اسم او التصويت بورقة تحمل شعارا موحدا.
وفي المقابل أكد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع امس مشاركة كتلة القوات في الجلسة اليوم والاقتراع للنائب ميشال معوض وإذ نفى أي علاقة بين ملف الترسيم والاستحقاق الرئاسي قال “أننا نفضل رئيسا مدنيا لكن لا نضع فيتو على تولي قائد الجيش العماد جوزف عون رئاسة الجمهورية واذا حصلت تقاطعات وايدته الأكثرية فلا مشكلة لدينا”. وكرر اتهام “حزب الله والتيار الوطني الحر بانهما يعطلان الانتخابات الرئاسية”. وقال:”هناك إصرار دولي وعربي على إجراء الانتخابات الرئاسية والأوروبيون قد يفرضون عقوبات على من يعرقلها”. وفي موضوع ترسيم الحدود البحرية، اعتبر جعجع، أن “الاتفاق جاء متأخرا وما حدث كان أفضل الممكن” مشيرا إلى أن “ترسيم الحدود جاء نتيجة مصالح أميركية وأوروبية التقت مع مصالح لبنان وإسرائيل”. كما رأى أن “تدخل حزب الله أسهم بتأخير الإتفاق وما يصفها بمعادلة الردع هي للإستهلاك المحلي”.
وبدوره اعلن “اللقاء الديموقراطي” مشاركته في الجلسة اليوم والتصويت للنائب ميشال معوض .
*******************************************
افتتاحية صحيفة نداء الوطن
لابيد يحيل اتفاقية الترسيم إلى الكنيست: سنحصل على 17% من عائدات “قانا”
“جولة الرئاسة” 2: المعارضة على مرشّحها و”حزب الله” على “خاطر باسيل”!
بمثابة “كمالة عدد” ستكون الجولة الثانية من الاستحقاق الرئاسي لتمرير الوقت و”تمريك” جلسة جديدة في سجلّ عدّاد دعوات رئيس المجلس النيابي نبيه بري إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية بانتظار انقضاء المهلة الدستورية والعبور نحو الشغور. ولعل الفائدة الوحيدة من هذه الجولة أنها ستسقط “الأوراق البيضاء” التي يواري رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل خلفها عورة العرقلة الرئاسية لألف حجة وحجة وآخرها التحجج بذكرى 13 تشرين للدفع باتجاه تطيير نصاب انعقاد جلسة الانتخاب الثانية، الأمر الذي رجحت مصادر نيابية أن تجاريه فيه قيادة “حزب الله” عبر إيعازها إلى كتلتها النيابية بالوقوف “على خاطر باسيل” ومؤازرته في لعبة تطيير النصاب، لكن لحسابات تتصل في جوهرها بعدم رغبة “الحزب” في المشاركة بجلسة انتخاب يغيب عنها نواب “التيار الوطني” وستفضي بنتيجتها إلى تقليص “Score” الورقة البيضاء في صندوق الاقتراع مقابل ارتفاع حاصل أصوات مرشح المعارضة.
وإذ بدت معظم التقديرات السياسية مساءً تصب في خانة ترجيح فقدان النصاب اللازم لانعقاد الهيئة العامة اليوم، أكدت المعلومات على ضفة كتل وتكتلات قوى المعارضة أنها ستشارك بكامل عديدها النيابي في الجلسة الرئاسية الثانية “بمن في ذلك النواب الأربعة الذين اضطروا إلى التغيّب في الجلسة الأولى”، لترتفع حصيلة الأصوات لصالح مرشح المعارضة النائب ميشال معوّض إلى 40 صوتاً، على أن تبقى الأنظار متجهة إلى إمكانية رفع هذه الحصيلة في ضوء ما سيقرره عدد من النواب السنّة الذين تم التواصل معهم بغية نيل تأييدهم لترشيح معوّض، سيّما وأنّ الاتصالات والمشاورات التي جرت مع “النواب التغييريين” بيّنت أنهم حسموا خيارهم بعدم التوافق مع المعارضة على التصويت له.
أما في مستجدات اتفاقية الترسيم البحري مع إسرائيل، وفي الوقت الذي بدأت فيه عملية تسريب نص الاتفاقية المبرمة “بين الجمهورية اللبنانية ودولة إسرائيل” كما ورد في مقدمتها، فنقلت وكالة “رويترز” أنّ الجانبين اللبناني والإسرائيلي “سيرسلان في وقت واحد قائمة تحتوي على الإحداثيات الجغرافية ذات الصلة بترسيم الحدود البحرية بينهما”، في حين بدأت الحكومة الإسرائيلية أمس أولى خطواتها التنفيذية باتجاه إقرار اتفاقية الترسيم، فصادقت بأغلبيتها المطلقة عليها وأحالتها إلى الكنيست “للإطلاع” على مضمونها من قبل النواب من دون عرضها على التصويت.
وبموازاة ذلك، سعى رئيس الحكومة يائير لابيد إلى محاولة استمالة الرأي العام الإسرائيلي عبر التشديد في مؤتمر صحافي عقده في القدس أمس على أنّ اتفاقية الترسيم البحري التي جرى التوصل إليها مع لبنان “تبعد إمكانية المواجهات المسلحة مع “حزب الله”، وإذا كان تجنّب الحرب ممكناً فمن مسؤولية الحكومة القيام بذلك”، موضحاً في الوقت عينه أنّ “إسرائيل حافظت على حقل كاريش تحت سيادتها وستحصل على نحو 17% من عائدات حقل قانا اللبناني حين يدخل مرحلة الانتاج”، مع تأكيده البدء قريباً في “استخراج الغاز من كاريش” على أن لا تتردد حكومته “لحظة واحدة في استخدام القوة للدفاع عن هذا الحقل” باعتبار أنّ “أي هجوم عليه سيكون هجوماً على إٍسرائيل”.
في المواقف الخارجية، وبالتوازي مع تكرار وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن الإضاءة على أهمية التوصل إلى اتفاقية الترسيم البحري بين لبنان وإسرائيل بوصفه “إنجازاً يعد ببداية حقبة جديدة من الازدهار والاستقرار في الشرق الأوسط ويبرز القوة التحويلية للديبلوماسية الأميركية” في المنطقة، أعرب الاتحاد الأوروبي بدوره عن الترحيب بالإعلان عن هذه الاتفاقية، مشيداً “بالروحية البناءة لكل من الطرفين اللبناني والإٍسرائيلي وبالدور الذي اضطلعت به الولايات المتحدة”، وأضاف في بيان: “الاتفاق الذي توصل إليه الطرفان يشكل إنجازاً مهماً، وسيساهم تنفيذه في استقرارهما وازدهارهما وكذلك في استقرار المنطقة وازدهارها (…) ويبقى الاتحاد الأوروبي مستعداً لمتابعة تطوير شراكاته مع لبنان وإسرائيل ودعم الجهود الآيلة إلى تحقيق التعاون الإقليمي لصالح الجميع”.
عربياً، برز ترحيب مصر بالتوصل إلى اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، فأعربت أمس عبر وزارة خارجيتها عن تطلع القاهرة إلى “أن يسهم هذا الاتفاق في تمكين لبنان من الاستفادة من موارده للإسهام في تحسين الوضع الاقتصادي بالبلاد، وترسيخ المزيد من أطر ومجالات التعاون في منطقة المتوسط”، مؤكدةً “دعم مصر الكامل لاستقرار لبنان وسيادته وتحقيق تطلعات الشعب اللبناني الشقيق”.
*******************************************
افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط
واشنطن تتوقع «لحظات صعبة» خلال تنفيذ الاتفاق اللبناني ـ الإسرائيلي
يدخل حيز التنفيذ بعد تأكيد الطرفين موافقتهما على أحكامه
علي بردى
غداة توصل لبنان وإسرائيل إلى مسودة اتفاق وصف بأنه «اختراق تاريخي» لتسوية نزاع حدودي بحري عمره عقود حول السيطرة على الموارد على امتداد الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، أقر مسؤولون أميركيون كبار بأنهم يتوقعون «لحظات صعبة أخرى» خلال تنفيذ هذا الاتفاق، مؤكدين أن المفاوضات لم تجر «في ظل تهديدات (حزب الله)»، ولم تتضمن مشاورات مع التنظيم المدعوم من إيران.
ووفقاً للنص النهائي للمسودة المؤرخة في 10 أكتوبر (تشرين الأول) 2022 والتي سربت عبر صحافي إسرائيلي، «يدخل هذا الاتفاق حيز التنفيذ في التاريخ الذي تُرسل فيه حكومة الولايات المتحدة إشعاراً يتضمن تأكيداً على موافقة كل من الطرفين على الأحكام المنصوص عليها في هذا الاتفاق». وفي اليوم الذي يرسل فيه هذا الإشعار، سيرسل لبنان وإسرائيل في الوقت ذاته إحداثيات متطابقة إلى الأمم المتحدة تحدد موقع الحدود البحرية، على أن يبقى الوضع الراهن قرب الشاطئ على ما هو عليه، بما في ذلك على طول خط العوامات البحرية الحالي.
وأوضح مسؤول أميركي رفيع لمجموعة من الصحافيين أن الوساطة التي قادتها الولايات المتحدة في شأن النزاع على الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل «بدأت منذ أكثر من عشر سنين» في عهد الرئيس باراك أوباما ونائب الرئيس آنذاك جو بايدن، ولم تؤد إلى أي نتيجة حتى عام 2020 حين «اتخذت منعطفاً تمثل بتوقف الطرفين عن التفاوض». ولكن إدارة الرئيس جو بايدن عاودت وساطتها في خريف 2021 وأوائل عام 2022، «في إطار السعي إلى (…) تحول نموذجي من شأنه أن يسمح بتحقيق اختراق» تمثل خلال الأسابيع القليلة الماضية باتفاق كل من الحكومتين الإسرائيلية واللبنانية مع الولايات المتحدة «على إنهاء هذا النزاع». وشدد على أن هذا الاتفاق «ليس ثنائياً» بين لبنان وإسرائيل، بل من خلال الولايات المتحدة. لكنه «يرسم حداً يسمح لكلا البلدين بمتابعة مصالحهما الاقتصادية من دون نزاع».
– لا اتفاق مباشراً
هذا ما كشفه مصدر أميركي آخر عندما أوضح أن ما حصل هو «اتفاقان منفصلان»، الأول بين الولايات المتحدة وإسرائيل والثاني بين الولايات المتحدة ولبنان، «عوض الاتفاق المباشر» بين إسرائيل ولبنان.
وإذ أشار المسؤول الأميركي الرفيع إلى الاتصالين اللذين أجراهما الرئيس بايدن الثلاثاء مع رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد والرئيس اللبناني ميشال عون، فقد أكد أن ما حصل سيكون لمصلحة لبنان الذي «يعاني أزمة اقتصادية كبيرة – تشمل كل قطاعات الاقتصاد»، مضيفاً أنه «من دون معالجة أزمة الطاقة والكهرباء، يستحيل رؤية أي أمل في التعافي الاقتصادي». وأكد أن هذا الاتفاق سيوفر للبنان «إمكانات جديدة للاستثمار الأجنبي المباشر»، ولا سيما في قطاع الطاقة، فضلاً عن «البدء في استكشاف الموارد الهيدروكربونية في البحر الأبيض المتوسط باعتبارها الدولة الوحيدة في البحر الأبيض المتوسط التي لم تفعل ذلك بعد».
وكذلك لفت إلى أن إسرائيل «نجحت للغاية» في تطوير موارد غاز وموارد هيدروكربونية كبيرة في البحر الأبيض المتوسط، والاتفاق مع لبنان «سيوفر لها نوعاً من الأمن والاستقرار»، علما بأن التصدير يجعلها «جزءاً من الحل العالمي والأوروبي لأزمة الطاقة». وأكد أن «المفاوضات لم تكن سهلة»، متوقعاً أن «تكون هناك لحظات صعبة أخرى» خلال تنفيذ هذا الاتفاق، موضحاً أن الولايات المتحدة «ستواصل تقديم مساعدتها في تسهيل أي مناقشات في المستقبل».
ورداً على سؤال حول أثر التهديدات التي أطلقها الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله على المفاوضات والاتفاق، قال المسؤول الأميركي الرفيع إن «حقل كاريش ليس في المنطقة المتنازع عليها»، مشدداً على أن «المفاوضات لم تجر في ظل (…) التهديدات»، علما بأن الولايات المتحدة «دعمت دائماً حق إسرائيل في تطوير كاريش»، على أن يكون حقل قانا ضمن الحدود البحرية اللبنانية. وتوقع توقيع البلدين على الاتفاق ودخوله حيز التنفيذ «في أسرع وقت ممكن». وأكد أن «المفاوضات التي أجريت بوساطة أميركية لم تتضمن مناقشات مع (حزب الله)».
– مستثنى من العقوبات
وسئل عن اتفاق خط الغاز العربي، فأجاب أن المسؤولين الأميركيين يعتقدون أن «استيراد الغاز من مصر عبر الأردن، وصولاً إلى لبنان، هو تطور إيجابي بالنسبة لبنان» الذي «لا يزال عليه اتخاذ بعض الخطوات»، بالإضافة إلى «خطوات البنك الدولي بعد ذلك». وقال: «سنقوم بإجراء مراجعة نهائية في الولايات المتحدة للتأكد من أنها تتماشى مع العقوبات الأميركية»، في إشارة إلى «عقوبات قيصر» ضد سوريا، معبراً عن «ثقته بأنه يمكننا توصيل الغاز إلى لبنان على أساس سريع إلى حد ما إذا اتخذت بالفعل خطوات الإصلاح التي التزمها لبنان».
ويأمل المسؤولون الأميركيون في أن تمنح الصفقة، التي توسط فيها المبعوث الأميركي الخاص آموس هوكستاين، إسرائيل مزيداً من الأمن، على أن تتيح للبنان مجالاً أكبر في المستقبل لتخفيف أزماته المتعلقة بالطاقة، وتزويد أوروبا بمصدر جديد محتمل للغاز وسط النقص الناجم عن الغزو الروسي لأوكرانيا. ووصف الرئيس بايدن الاتفاق بأنه «اختراق تاريخي في الشرق الأوسط»، لأنه «يمهد الطريق لمنطقة أكثر استقراراً وازدهاراً، وتسخير موارد الطاقة الحيوية الجديدة للعالم».
ويحدد الاتفاق فقط الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، وليس الحدود البرية التي يبلغ طولها 80 كيلومتراً والتي لا تزال محل نزاع وتخضع لمراقبة دوريات القوة المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان، (اليونيفيل).
وتأتي الصفقة في الوقت الذي تعيد فيه اكتشافات الغاز رسم خريطة الطاقة في البحر الأبيض المتوسط فيما تبحث أوروبا عن مصادر طاقة بديلة عقب غزو روسيا لأوكرانيا. ويمكن لدبلوماسية الغاز أن تؤدي أيضاً إلى إذابة الجليد في العلاقات المتوترة بين إسرائيل وتركيا، حيث يسعى البلدان إلى إحياء خطط جرى التخلي عنها منذ فترة طويلة لبناء خط أنابيب يمر عبر تركيا إلى أوروبا.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن «هذا الاختراق يعني بداية حقبة جديدة من الازدهار والاستقرار في الشرق الأوسط»، لأنه «سيوفر الطاقة الحيوية لشعوب المنطقة والعالم». واعتبر أن الإعلان «يوضح قوة التعاون الإقليمي لمواجهة التحديات المشتركة في الشرق الأوسط وخارجه». وشدد على أنه «من الأهمية بمكان الآن أن تقوم كل الأطراف بوضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق بسرعة والوفاء بالتزاماتها للعمل نحو التنفيذ لصالح المنطقة والعالم».
*******************************************
افتتاحية صحيفة الجمهورية
“الجمهورية”: الوسطاء يسعون لكسر المناكفات.. الرئاسة من تأجيل الى تأجيل.. الترسيم الى التوقيع
ما يزال الملف الحكومي خاضعاً لمحاولات حثيثة من قبل الوسطاء لإخراج الحكومة من عنق زجاجة المناكفات السياسية والمكايدة الشخصية، ولكن من دون ان يبدو في أفقه ما يؤشّر الى اختراق ايجابي حتى الآن. فهذا الملف، وفق المواكبين لحركة الاتصالات الجارية في شأنه، أشبَه بالمدّ والجزر، يتقدّم تارة ويتراجع تارة اخرى، الامر الذي حيّر الوسطاء الذين ما ان يسدّوا ثغرة في مكان حتى تفتح ثغرة جديدة في مكان آخر، وعلى نحو بَدوا فيه وكأنهم يدورون حول أنفسهم.
وعلى الرغم من انّ هذا التأرجّح السلبي لا يبشّر استمراره بإمكان فتح الافق الحكومي، الا انّ الوسطاء مصرّون على حفر جبل التعقيدات الماثلة في طريق تأليف الحكومة ولو بإبرة، وعلى ما يقول احد الوسطاء لـ«الجمهورية» فإن المفاجآت واردة في اي لحظة، واحتمال التأليف قائم في غضون ايام قليلة، خصوصا انّ عامل الوقت، على مسافة 18 يوما من انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، بات ضاغطا على الجميع، والجميع كما يؤكدون بكل صراحة انهم يتهيّبون سقوط البلد في المحظور. ومن هنا فإنّ كل الاطراف المعنية بتأليف الحكومة امام واحد من خيارين؛ امّا النزول عن اشجار الشروط الى الواقعية والتوافق على حكومة سريعا، واما الاستعداد اعتبارا من أوّل تشرين الثاني المقبل، لمرحلة يتأرجح فيها البلد في مهبّ اشتباكات سياسية ودستورية يخشى ان تؤسّس لإرباكات مفتوحة وشديدة الصعوبة وتداعيات غير محمودة على كل المستويات.
وفي انتظار ما ستُسفر عنه جهود الوسطاء وسعيهم الى تحقيق انفراج حكومي ضمن سقف زمني لا يتجاوز اياماً قليلة، يحتوي الازمة المنتظرة قبل السقوط في الفراغين الحكومي والرئاسي في آن معاً، يشهد المجلس النيابي اليوم واحدة من حلقات المسلسل الرئاسي العقيم، مع الجلسة الانتخابية التي حددها رئيس مجلس النواب نبيه بري اليوم الخميس لانتخاب رئيس الجمهورية، والتي باتت مؤكدة مقاطعتها من قبل تكتل لبنان القوي، والتي لن تأتي بأكثر من عرض مكرر لجلسة 29 ايلول والفشل في انتخاب رئيس، وسباق بين النائب المرشح ميشال معوض المؤيد من تكتل الجمهورية القوية واللقاء الديموقراطي، وبين الورقة البيضاء التي يقودها الثنائي ثنائي حركة امل و«حزب الله» مع حلفائهما. فيما يغرّد نواب التغيير نحو اسم من بين ناصيف حتي وزياد بارود وصلاح حنين، ويتجه نواب الاعتدال نحو التصويت مجدداً للبنان.
على انّ الانسداد الداخلي في ما خص الاستحقاق الرئاسي، وفي ظل الافتراق الكلي بين المكونات الداخلية وابتعادها، حتى الآن، عن مسار التوافق الذي يفضي الى تمرير هذا الاستحقاق بما ينتج رئيساً بإجماع او شبه اجماع عليه، لا يبدو انه سيشهد انفراجاً في المدى المنظور، خصوصاً انّ مكونات الداخل باتت مسلّمة سلفاً بالفراغ في سدة الرئاسة، وانها جميعها باتت تتحضّر للتعايش مع هذا الفراغ، ولفترة غير محددة، في انتظار نضوج الظروف الموضوعية بل والدافعة الى انتخاب رئيس جديد.
واذا كانت كل طرق الاستحقاق الرئاسي مقفلة داخلياً، فإنّ ذلك يوجّه البوصلة الرئاسية تلقائياً نحو الخارج، وترقّب مبادرة ما، تدفع الى إتمام هذا الاستحقاق في المدى المنظور. الّا ان افق المبادرات التي من شأنها ان تجنّب لبنان السقوط في فراغ رئاسي مديد، لا يبدو مفتوحاً حالياً على اكثر من توجيه دعوات تقليدية، خصوصا من قبل الفرنسيين والاميركيين، الى اللبنانيين لإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها الدستوري.
وعلى ما ينقل ديبلوماسيون فإنّ الصورة الخارجيّة لا تعكس استعجالا او توجها نحو اية مبادرات مرتبطة بالملف الرئاسي اللبناني. وتؤكد ذلك معطيات توفّرت لمراجع مسؤولة، وتؤكد ان لا اولوية على الاطلاق للاميركيين والفرنسيين في هذه المرحلة تتقدم على اولوية الملف الاوكراني وتداعياته على المجتمع الدولي. وتبعا لذلك، فإن الملف اللبناني، في شقه الرئاسي، يتموضَع، وحتى اشعار آخر، على خط التمني الاميركي والفرنسي على اللبنانيين التوافق على انتخاب رئيس.
في هذا الاطار، وقفت «الجمهورية» على خلاصة للموقف الاميركي من ملف الرئاسة في لبنان، من شخصية سياسية عادت مؤخراً من زيارة الى الولايات المتحدة الاميركية، وكانت لها سلسلة لقاءات على مستويات مختلفة في الادارة الاميركية، عكست، كما تقول تلك الشخصية ان لبنان رئاسياً ليس مُدرجاً في اجندة اولويات الادارة الاميركية، وقد لا يدرج قريبا، لأن العناية الاميركية مركزة على الحرب في اوكرانيا التي حصرت الاهتمام الاميركي بها وحدها، من دون اكتراث بأي من الملفات الاخرى الدولية والاقليمية، ما خلا ملف ترسيم الحدود بين لبنان واسرائيل باعتباره باباً لاحتواء تداعيات تلك الحرب على حلفاء واشنطن، وتعويض امدادات اوروبا من الغاز».
وبحسب تلك الشخصية، فإنّ على اللبنانيين الّا يتوقعوا في هذه المرحلة التدخل المباشر في الاستحقاق الرئاسي، حيث ان اكثر ما هو منتظر من الادارة الاميركية حالياً هو بيانات تقليدية تستعجل فيها اللبنانيين إجراء الانتخابات الرئاسية.
وعلى ما تنقل تلك الشخصية، فإنّ الاميركيين يُشعرون محدّثيهم في هذه الفترة بأنهم على الحياد، وانهم مع انتخابات رئاسية من صنع لبناني حيث يتفق اللبنانيون فيما بينهم على انتخاب رئيسهم. ويتجنب الاميركيون طرح اي اسم مفضّل لديهم لرئاسة الجمهورية، كما لا يضعون أي «فيتو» على اي اسم من الاسماء المتداولة».
وتنقل الشخصية المذكورة شخصية اعلامية اميركية وصفتها بالمرموقة والقريبة من مركز القرار الاميركي قولها ما حرفيته: «أولوية ادارة الرئيس جو بايدن هي ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل، الذي يخرج المنطقة من كونها منطقة متفجرة، الى منطقة استقرار وهدوء، حيث انه يرفع عنها خطر الانفجار والتصعيد، وفي ذلك فائدة امنية واقتصادية للبنان واسرائيل. كما ان لها اولوية الحفاظ على استقرار لبنان ولن تسمح بانهياره او ترك احد يعبث به، ولذلك رهانها الدائم على الجيش والقوات المسلحة الرسمية وستوفّر الداعم اللازم وكل متطلبات حماية لبنان».
اما فيما خص انتخابات الرئاسة في لبنان، فينقل عن الشخصية الاعلامية الاميركية قولها: الادارة الاميركية تتابع الوضع في لبنان، وتعرف ماذا يحصل فيه، واي رئيس جديد للبنان لن يأتي بمعزل عن واشنطن، فللولايات المتحدة رأيها في هذا الرئيس، ولها كلمتها في الانتخابات الرئاسية، لكنها لم تقلها بعد، او بالاحرى لم يحن الاوان لكي تقولها».
الترسيم: الى التوقيع
على صعيد ملف ترسيم الحدود، ينتظر صدور الموقف اللبناني الرسمي حيال الموافقة تبعاً للمشاورات التي يجريها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، فيما كان هذا الملف محل بحث بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي في لقائهما في مقر رئاسة المجلس في عين التينة امس. فيما اعلن الرئيس عون امس ان «إنجاز اتفاقية الترسيم سينتشل لبنان من الهاوية التي أُسقِط فيها». وقال امام وفد من نقابة المهن البصرية: «انجاز الاتفاقية سيتبعه ابتداءً من الأسبوع المقبل، بدء إعادة النازحين السوريين الى بلدهم على دفعات».
واما على الضفة الاسرائيلية، فقد لوحِظ التسارع في البت بهذا الملف، وتجلّى ذلك في اعلان الحكومة الاسرائيلية موافقتها على الاتفاق مع لبنان وفق الطرح الاميركي الذي قدمه الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين.
فقد أُعلن في اسرائيل امس ان مجلس الوزراء الاسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينيت) وافقَ بالاغلبية على مسودة اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع لبنان».
وقال مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي في بيان: انتهت جلسة المجلس الوزاري المصغر لشؤون الامن القومي، وفي ختامها صوّت أعضاؤه على ملخص رئيس الوزراء يائير لابيد.
وأضاف: «هناك أهمية وضرورة ملحّة للتوصل إلى الاتفاق البحري مع لبنان في هذه الفترة».
وتابع: أعربَ اعضاء «الكابينيت» عن دعمهم لدفع اجراءات المصادقة على الاتفاق قدماً من قبل الحكومة.
وقال: «نتائج التصويت: أيّد جميع أعضاء الكابينت النص بالإجماع، ما عدا الوزيرة (الداخلية) أيليت شاكيد التي امتنعت عن التصويت».
وقد صادقت الحكومة الاسرائيلية في جلسة خاصة على المسودة واحالتها الى الكنيست للاطلاع من دون عرضها على التصويت، باعتبار ان الحكومة هي الجهة الوحيدة المخوّلة المصادقة عليها. واعلن رئيس الكنيست عن جلسة ااستثنائية الاربعاء للاطلاع على المسودة النهائية لاتفاق الترسيم.
ونقل عن رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد قوله إن الحكومة الإسرائيلية وافقت بأغلبية كبيرة على مبادئ الاتفاق مع لبنان.
واعتبر رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي إيال حولتا أنّ «اتفاق ترسيم الحدود المائية لا يتناسب مع مصالح إيران في لبنان»، مشيرا الى انّ «هنالك مصلحة أمنية مطلقة لإسرائيل في اتفاق ترسيم الحدود المائية مع لبنان».
ولفت حولتا الى «ان الاتفاق يقلّص تعلق الحكومة اللبنانية بـ«حزب الله». فيما قال رئيس الموساد الاسرائيلي ديدي برنيع، بحسب ما نقل موقع «والا» الاسرائيلي عن مصدرين، إنّ «من يدعي أن الاتفاق على الحدود البحرية إنجاز لـ«حزب الله» لا يفهم الوضع في لبنان»، وأفاد الموقع بأنّ رئيس الأركان الاسرائيلي أفيف كوخافي اتفق مع رئيس الموساد خلال اجتماع مجلس الوزراء الاسرائيلي المصغر وقال: إن الاتفاق ليس في صالح «حزب الله».
واعتبر برنيع أنّ «الاتفاق ليس في صالح «حزب الله»، لأنه يشكل اعترافًا فعليًا بإسرائيل، وهو تصريح يعارضه «حزب الله»، مشيرًا إلى أنّ «هذا الحزب بدأ التعامل مع قضية اتفاق الحدود البحرية بشكل جدي فقط في أيار الماضي، عندما اعترف بأن الرأي العام في لبنان يدعم الاتفاق»، موضحًا أنّ «حزب الله لم يكن يريد اتفاقا مع إسرائيل، لكنه أدرك أنه في ظل الأزمة السياسية الداخلية في لبنان، لديه فرصة لكسب نقاط في الرأي العام».
وفيما ذكرت وكالة «رويترز» نقلاً عن مجلس الامن القومي في اسرائيل «اننا في طريقنا الى اتفاق تاريخي مع لبنان»، مشيرة الى ان «لبنان وإسرائيل سيرسلان في وقت واحد قائمة تحتوي على الإحداثيات الجغرافية ذات الصلة بترسيم الحدود البحرية بين الجانبين»، أفادت قناة «الحدث» بأنّ «المحكمة الإسرائيلية العليا ترفض إصدار أمر احترازي ضد اتفاق الترسيم البحري مع لبنان».
وفي السياق، اعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت في وقت سابق التصويت لصالح الموافقة على صفقة ترسيم الحدود البحرية مع لبنان بعد فترة من التردّد. ورأى بينيت أنّه «من المناسب الموافقة على الصفقة في أسرع وقت ممكن على الرغم من أنّ الحكومة الحالية هي حكومة موقتة».
وأشار إلى أنّ الصفقة «ليست انتصارًا دبلوماسيًا تاريخيًا، لكنها أيضًا ليست اتفاقية استسلام». وقال: «ليس كلّ ما هو جيّد للبنان سيّئ لإسرائيل، فيمكن أحيانًا الوصول إلى نتيجة إيجابية لكلا الطرفين».
بلينكن
الى ذلك، اعتبر وزير الخارجية الاميركية أنتوني ج. بلينكن انه «بعد سنوات من الوساطة الأميركية، أعلنت حكومتا إسرائيل ولبنان اليوم التوافق على اتفاقية تاريخية لإنشاء حدود بحرية دائمة بين البلدين. ويَعِد هذا الإنجاز ببداية حقبة جديدة من الازدهار والاستقرار في الشرق الأوسط وسيوفّر الطاقة الأساسية لشعوب المنطقة والعالم. يوفّر هذا الإعلان فوائد هائلة للشعبين اللبناني والإسرائيلي، كما يوضح قوة التعاون الإقليمي لمواجهة التحديات المشتركة في الشرق الأوسط وخارجه ويُبرز القوة التحويلية للدبلوماسية الأميركية».
وقال: «يحمي هذا الاتفاق المصالح الاقتصادية والأمنية لكل من إسرائيل ولبنان ويكتب فصلا جديدا لسكان المنطقة. أشكر قادة إسرائيل ولبنان على استعدادهم للتفاوض لما فيه مصلحة شعبيهما، وأشكر المنسّق الرئاسي الخاص آموس هوكستين وفريقه على عملهم الدبلوماسي الدؤوب لجمع الطرفين وإبرام هذه الصفقة. ومن الأهمية بمكان أن يقوم الطرفان بوضع اللمسات الأخيرة على الاتفاقية بسرعة والوفاء بالتزاماتهما للعمل نحو تنفيذ الاتفاق لما فيه مصلحة للمنطقة والعالم».
الاتحاد الاوروبي
ورحّب الاتحاد الأوروبي، في بيان، بـ»الإعلان عن الاتفاق بعد المفاوضات بين لبنان وإسرائيل بشأن ترسيم حدودهما البحرية»، مشيداً بـ»الروحية البنّاءة لكل من الطرفين في هذه المهمة، وكذلك بالدور الذي اضطلعت به الولايات المتحدة».
وأشار إلى أن «الاتفاق الذي توصّل إليه الطرفان إنجاز مهم، وسيساهم تنفيذه في استقرارهما وازدهارهما، وكذلك في استقرار المنطقة وازدهارها». وقال: «نشجع الأطراف على متابعة عملها البناء، بما في ذلك باتجاه التعاون في مجال الطاقة والتنمية الإقليميين، وهذا الأمر أساسي في أوقات التحديات الأمنية الدولية وأزمة الطاقة العالمية».
ولفت إلى أنه «سيبقى مستعداً لمتابعة تطوير شراكاته مع لبنان وإسرائيل ودعم الجهود الآيلة إلى تحقيق التعاون الإقليمي لصالح الجميع».
من جهته، غرّد سفير بريطانيا في لبنان هاميش كاول عبر حسابه على تويتر، كاتبًا: «يسرّني التوصل إلى اتفاق بشأن الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل. تهانينا للولايات المتحدة وآموس هوكشتاين على جهود الوساطة وتهانينا للمعنيين جميعاً». وأضاف: «هذه بشرى سارة للبنان وللاستقرار والازدهار في المنطقة».
ترحيب مصري
وفي بيان لها، رحبت وزارة الخارجية المصرية بالتوصل الى اتفاق ترسيم الحدود بين لبنان واسرائيل، مؤكدة «دعمها الكامل لاستقرار لبنان وسيادته».
نيويورك تايمز: إختراق كبير
في السياق نفسه، كتبت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية: «في اختراق دبلوماسي كبير بين جارتين لا تزالان من الناحية الفنية في حالة حرب وليس بينهما علاقات دبلوماسية مباشرة، وافق كل من لبنان وإسرائيل على حل النزاع المستمر منذ عقود بشأن ترسيم الحدود البحرية في مياه البحر الأبيض المتوسط الغنية بالغاز».
وبحسب الصحيفة «إذا تمّت المصادقة عليها من قبل الحكومتين، فمن المتوقع أن تتجنب الصفقة التهديد الفوري للصراع بين «حزب الله» وإسرائيل، بعد مخاوف من التصعيد إذا انهارت المفاوضات، وأن تُسهّل على شركات الطاقة استخراج الغاز من الأجزاء الشرقية من البحر الأبيض المتوسط. ويأمل المسؤولون والمحللون أن تخلق الصفقة مصادر جديدة للطاقة والدخل لكلا البلدين، مما يمنح لبنان مساحة أكبر في المستقبل لتهدئة أزماته المالية وازمته الخانقة، ويوفّر لأوروبا مصدرًا جديدًا محتملاً للغاز وسط نقص الطاقة الناجم عن الغزو الروسي لأوكرانيا».
وتابعت الصحيفة «إن هذا الاتفاق، الذي توسطت فيه الولايات المتحدة وضمنته، محدود أكثر بكثير من صفقات التطبيع الكاسحة التي أقامت علاقات دبلوماسية كاملة بين إسرائيل وثلاث دول عربية في عام 2020، بعد سنوات من العزلة الإسرائيلية في الشرق الأوسط. وفقًا لمسؤول غربي كبير ومسؤول إسرائيلي كبير مطّلع على شروط الاتفاقية، لم يقم لبنان وإسرائيل بعد بتكوين علاقات دبلوماسية وسيتخذ اتفاقهما شكل اتفاقيتين منفصلتين مع واشنطن – واحدة بين إسرائيل والولايات المتحدة والأخرى بين الولايات المتحدة ولبنان – بدلاً من اتفاق مباشر بين لبنان وإسرائيل. ونتيجة لذلك، فإنّ الترتيب لا يكرّس موقع الحدود البحرية في وثيقة ثنائية ملزمة، تاركًا هذه الخطوة النهائية لمفاوضات أوسع في المستقبل. ومع ذلك، مثّلت الصفقة اختراقًا مهمًا لدولتين لديهما تاريخ طويل من الصراع.
وقال محللون إنّ الصفقة قدّمت الأمن لإسرائيل وبصيص أمل طويل الأمد للبنان الذي يعاني أزمة سياسية واقتصادية عميقة تسبّبت في نقص كبير في الطاقة وأدّت إلى انقطاع التيار الكهربائي. وتابعت الصحيفة «إن الاتفاق يدعم سعي الحكومات الأوروبية لإيجاد بدائل طويلة الأجل للغاز الروسي، ويبعث برسالة بالغة الأهمية إلى روسيا. أما في الداخل الإسرائيلي، فلا يزال من الممكن أن تتعثّر الصفقة إذا قرّر لابيد طرحها للتصويت في البرلمان، حيث فقدت الحكومة أغلبيتها».
*******************************************
افتتاحية صحيفة اللواء
ميقاتي للراعي: التحرّك في الشارع يدفعني إلى المغادرة
لا توقيع رئاسياً «للإتفاقية البحرية».. ومشهد الجلسة محكوم بالنصاب والمشاورات المفتوحة
اكتمل مشهد القرار السياسي في ما خص اتفاق الترسيم البحري، بمصادقة الحكومة الاسرائيلية مساء امس على اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع لبنان بـ«أغلبية موصوفة» وأحيل الى الكنيست للاطلاع على تفاصيله، ليطرح مجدداً بعد اسبوعين على حكومة يائير لبيد. (النص المسرّب منشور على موقع «اللواء» الإلكتروني).
بالتزامن كان الرئيس ميشال عون، يعتبر ان اتفاقية الترسيم ستمكن لبنان من استخراج النفط والغاز، مما سينتشل لبنان من الهاوية التي اسقط فيها، فاتحاً الباب امام خطوة اعادة النازحين السوريين بدءاً من الاسبوع المقبل، باعتباره «قضية مهمة بالنسبة إلينا» على حدّ تعبيره.
مَنْ يوقّع
وبانتظار استكمال الترتيبات على مستوى استئناف المفاوضات في الناقورة او مع الشركات المرشحة بعد شركة توتال أنيرجي للدخول في دورة التراخيص الثانية، بدأ النقاش يتطور داخل المجالس الرسمية حول الجهة المرشحة للتوقيع على اتفاقية الترسيم.
وفي الاطار، اكد مصدر رفيع ومقرب من مفاوضات الترشيم لـ«اللواء» ان رئيس الجمهورية لا يوقع اتفاقاً بالمباشر مع اسرائيل نعم يحصل تبادل تحت راية الامم المتحدة وبوساطة اميركية لا تزال نزيهة بدليل الانجاز.
اما حكومياً، وفي حال لم تشكل الحكومة من جديد، فقد كشف مصدر رفيع من السراي الكبير لـ«اللواء» ان الرئيس نجيب ميقاتي لن يتفرد بالتوقيع، وهو سيطلب عقد جلسة لمجلس الوزراء، حتى لو كانت الحكومة في مرحلة تصريف الاعمال، ويطلب اذا اقتضى الامر توقيع جميع الوزراء، دون استثناء على الاتفاقية.
ولئن كانت المشاغل موزعة بين الاحتفال وتبادل التهاني بانجاز الاتفاق البحري بين الجانبين اللبناني والاسرائيلي، فإن موضوع الحكومة، ما يزال مدار اهتمام واسئلة: هل تتألف، وكيف ومتى، وماذا بعد؟
معلومات «اللواء» من المصادر المعنية مباشرة ان لا حكومة تستجيب لرغبات او مطالب النائب جبران باسيل، وما كان متعذراً بلوغه بالضغوطات المختلفة، لن يكون مقبولاً في آخر ايام العهد لانه مخالف للمنطق والدستور والتوازن النيابي والسياسي.
وكرر مرجع حكومي كبير لـ«اللواء» قوله ان حكومة تصريف الاعمال قادرة على تولي صلاحيات رئيس الجمهورية وملء الشغور في الرئاسة الاولى، بانتظار انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وكشفت المصادر القريبة من المرجع الحكومي ان الرئيس ميقاتي، ابلغ البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ان التهويل بالشارع لن يفيد الاستقرار، وفي حال، دفع باسيل بأنصاره الى الشارع، فإن الرئيس المكلف يتجه لترك البلد، وليتحمل فريق باسيل ومن يسانده المسؤولية عن فلتان الامور، وترك البلد بلا سلطة مسؤولة..
وسمع – حسب المصادر – الرئيس ميقاتي من البطريرك الراعي ان بكركي التي تشدد على احترام الاستحقاقات الدستورية، وانتظام عمل المؤسسات، تعارض بشدة اية دعوات للتحرك في الشارع، او خلق اية «فوضى دستورية» باعتراض واضح ومباشر على نواب التيار الوطني الحر ورئيسه.
وفي السياق، أعربت مصادر سياسية عن اعتقادها أن موضوع تشكيل الحكومة طوي نهائياً، بالرغم من بعض المواقف الداعية للتشكيل ظاهرياً.
ولم تنف المصادر ما تردد مؤخرا من معلومات عن جهود بذلها أكثر من وسيط، كان اخرها طرح بتعويم الحكومة المستقيلة والاكتفاء بتغيير اربعة وزراء فقط وزير الاقتصاد، وزير المهجرين، وزير الشباب والرياضة ووزير المال، الا ان هذا الطرح الذي كاد ان يسوق سقط بسبب رفض الفريق الرئاسي له، وتمسكه بسلة المطالب والشروط التعجيزية التي طرحها سابقا. كما لم تنف المصادر ان الاهتمام بانتخاب رئيس الجمهورية، تقدم بالنقاش خلال الزيارة الاخيرة لرئيس الحكومة المكلف مع البطريرك الماروني بشارة الراعي.
وكشفت المصادر عن تحضيرات لاقامة احتفال رسمي في بعبدا، يحضره الرؤساء الثلاثة، بعد التوقيع على اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل في الناقورة قريبا، بعد تشكيل الوفد اللبناني المؤلف من ضباط وفنيين واداريين. وينتظر ان يلقي عون كلمة بالمناسبة، يضيء فيها على أهمية هذا الإنجاز، ويحاول من خلاله التغطية على اخفاقات العهد العوني وفشله.
واشارت المصادر الى ان الفريق الرئاسي يضع الترتيبات النهائية لمغادرة رئيس الجمهورية قصر بعبدا نهاية الشهر الجاري، ويجري التحضير ليكون يوم المغادرة، استنادا إلى ما يتم تداوله بين المحازبين، يوم الاحد في الثلاثين من الشهر الجاري، بدلاً من يوم الاثنين في الواحد والثلاثين منه، ليتسنى مشاركة أكبر عدد من جمهور التيار كونه يوم عطلة، بموكب رئاسي، وضمن سلسلة بشرية الى مقر اقامته بالرابية احتفال بالمناسبة.
من جهة ثانية، كشفت المصادر ان رئيس الجمهورية ميشال عون قام خلال الأسبوع الماضي، بزيارة تفقدية لمنزله الذي شيد حديثا بالرابية، واطلع على تجهيزاته والترتيبات والإجراءات الامنية المتخذة، تمهيدا لانتقاله آليه نهاية ولايته، آخر الشهر الجاري.
جلسة الانتخاب
نيابياً، عاد الاهتمام الى جلسة انتخاب رئيس للجمهورية اليوم، وسط تقديرات متفاوتة حول حجم التصويت ونوعيته وكيف سيطير نصاب الجلسة وعبر أي كتل؟
وعلمت «اللواء» من مصادر نيابية مستقلة ان التواصل استمر قائماً امس، بين كتلة «الاعتدال الوطني» و«نواب التغيير» وبعض المستقلين كالنائبين الدكتور عبد الرحمن البزري والدكتور اسامة سعد، وقد ينضم اليهم النائب نعمة افرام وزميله جميل عبود، في محاولة للتوافق على اسم او التصويت بورقة تحمل شعاراً معيناً اذا لم يحصل التوافق، حيث يتم التداول بشعار «لبنان الجديد»، مع إن نواب التغيير اعلنوا ان لديهم ثلاثة مرشحين هم زياد بارود وناصيف حتّي وصلاح حنين، فيما ما زالت كتل اللقاء الديموقراطي والجمهورية القوية والكتائب وبعض المستقلين متمسكة على ما تقول بحضور الجلسة وتوفير النصاب وبالتصويت للنائب ميشال معوض. ولكن بعض التقديرات تشير الى احتمال زيادة التصويت لمعوض بحيث يحصل على اكثرمن 36 صوتاً ويتجاوز41 صوتا مع حضور بعض النواب الذين غابوا الجلسة الماضية مثل ستريدا جعجع وغيرها. كما سيقل عدد الاوراق البيضاء نحو 20 صوتاً بغياب كتلة التيار الوطني الحر (18 نائبا) من دون الطاشناق (3 نواب). كما عُلم ان النائبين في مجموعة التغيير الدكتور الياس جرادة ووضاح الصادق سيغيبان عن الجلسة بداعي السفر. وقد يغيب غيرهم من النواب المستقلين والتغييريين» بعذر المرض».
وقال عضو كتلة الجمهورية القوية النائب ملحم رياشي لـ «اللواء»: بالتأكيد سنحضر الجلسة وسنصوّت لميشال معوض.
كما اعلنت كتلة اللقاء الديموقراطي بعد اجتماعها امس، «مشاركتها في جلسة انتخاب رئيس للجمهورية والتصويت للمرشح الرئاسي ميشال معوض، وحثّت مختلف الكتل على المشاركة لانتخاب رئيس إلتزاماً بهذا الاستحقاق الدستوري ومنعا للشغور الرئاسي».
وتركت كتل اخرى قراراها الى صباح يوم الجلسة لا سيما مع قرار كتلة التيار الوطني الحر مقاطعتها بسبب رمزية توقيتها بالنسبة للتيار.
وبقي السؤال هل ستبقى الورقة البيضاء وورقة «لبنان» هي الغالبة، ام قد يتراجع عدد الاوراق البيض لمصلحة اسم أو شعار معين؟ لكن كل الكتل النيابية تعي انها ذاهبة الى جلسة لا انتخاب وبعضها يقول ان الفراغ الرئاسي حتمي. وثمة تقديرات لدى بعض المصادر النيابية والمرشحين للرئاسة بأن يستمر الى نهاية الربع الاول من العام المقبل.
وتشير المصادر الى ان حصول الفراغ الرئاسي لا سيما اذا طال امده، وسقوط المهل اذا عاد الرئيس نبيه بري الى اعتماد فتوى الوزير الاسبق بهيج طبارة، يعززان حظوظ قائد الجيش العماد جوزاف عون. وقد يستدعي الامر تدخلاً عربياً – دولياً لعقد تسوية كبيرة ما كما حصل في تسوية الدوحة عام 2014. وقد يتم الاتفاق على مرشح تسوية آخر كزياد بارود او من يشبهه.
فيول العراق
على الصعيد الحياتي، أفاد مصدر في وزارة الطاقة والمياه للوكالة «المركزية» بفوز شركة «أوكيو» العمانية في مناقصة استبدال الفيول العراقي الأسود بفيول مطابق لمعامل «كهرباء لبنان»، وكشف أن الشحنة الأولى منه ستصل إلى لبنان قبل أواخر تشرين الأول الجاري.
وهذه الشحنة لن تكون الحل طبعاً، بل ستؤجّل العتمة الشاملة إلى حين إحداث خرق على خطّ البحث عن مصادر جديدة لتأمين الطاقة، إما من الأردن ومصر، أو من خلال اتفاقات استيراد الفيول عبر شركات جزائرية أو غيرها… فالخيار الأوّل مرتبط بتأمين التمويل من البنك الدولي واستثناءات «قانون قيصر»، والثاني يترقب جولة من المفاوضات يُجريها لهذه الغاية وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال وليد فيّاض مع الجزائر والكويت.
الى ذلك، غادر قائد الجيش العماد جوزف عون لبنان متوجّهاً إلى جمهورية العراق حيث يلبّي دعوة وزير الدفاع جمعة عناد سعدون، وذلك لبحث سبل التعاون بين جيشَي البلدين وكيفية دعم المؤسسة العسكرية.
المصارف: الإقفال مستمر
واستمرت المصارف بإجراءاتها لجهة احكام الاقفال بوجه المواطنين والذين لديهم ودائع او حسابات في المصارف، ودفعت بنقابة الموظفين الى الشارع، حيث نفذ اتحاد نقابات موظفي المصارف اعتصاماً في ساحة رياض الصلح، تحت شعار «أمن وسلامة المصرفيين خط أحمر»، مطالباً الدولة بتوفير الحماية، حاملاً على المودعين الذين «حاولوا الحصول على اموالهم بالقوة».
بالمقابل، أعلن تحالف «متحدون»، في بيان، عن أنّه «في ضوء التطورات الأخيرة لعمليات دخول المودعين للمصارف لاستيفاء ودائعهم بالذات وما واكبها من إجراءات مصرفية وقضائية في حقهم، يهم محامو تحالف «متحدون» أن يوضح طبيعة الملابسات الحاصلة: إن المودع هو صاحب حق ثابت يخوّله استيفاءه، بعد عجز القضاء والسلطات المختصة عن إنصافه، بموجب «حق الدفاع المشروع» سندا الى المادة 184 من قانون العقوبات، والتي تتحدث عن حق الدفاع «عن النفس أو المال أو مال الغير»، معطوفة على المادة 229 من القانون نفسه، والتي تتحدث عن «موانع العقاب في حال الضرورة»، مما يفتح الطريق أمام المودع لدخول المصرف عفواً وعنوة لتحصيل ما هو حقه وما هو له. يبقى من الأفضل والضروري، وقبل دخول المصرف، التنسيق مع محامٍ متمرّس في سبل تطبيق حق الدفاع المشروع لتوفير الحماية القانونية الصحيحة للمودع.
8 اصابات بالكوليرا
صحياً، سجلت وزارة الصحة عداداً جديداً للكوليرا، فأشارت الى 8 اصابات رفعت العدد التراكمي للحالات المثبتة الى 26 في المناطق الشمالية مع تسجيل حالة وفاة واحدة.
*******************************************
افتتاحية صحيفة الديار
استياء سعودي من واشنطن لاستبعادها عن ملف الترسيم بين لبنان و«إسرائيل»
هل استجابت بيروت للضغوط الاميركية الاوروبية بالتصويت ضد موسكو في الامم المتحدة ؟
اتصالات التأليف مُتوقفة منذ اسبوع والرئاسة تنتظر التسويات الكبرى البعيدة – رضوان الذيب
حدثٌ مفصلي يشكل الطريق الوحيد والممر الالزامي لخروج لبنان من أزماته الاقتصادية والمالية، والكهربائية والصحية والبيئية، ويقطع الطريق نهائيا على الانهيار والفوضى وحروب الازقة والشوارع، وينقل البلد من ضفة الى ضفة، وينهي طوابير الذل والقهر والجوع والموت على أبواب المستشفيات، ويشكل مناخا جيدا لبدء تدفق الاستثمارات والشركات العاملة في البنى التحتية، وبابا للدول لتقديم القروض في ظل الضمانات التي يوفرها قطاع الغاز للذين يريدون تقديم المساعدات.
هذا الحدث هو لكل اللبنانيين الذين قابلوه بارتياح في كل المناطق رغم القلق من ضياع هذه الثروة في زواريب الهدر والفساد مع انتشار معلومات عن بدء التحضير لانشاء عشرات شركات الغاز الوهمية من ابناء كبار القوم والمافيات الذين نهبوا البلد خلال الطائف ولم يشبعوا ؟ ولكن رغم هذا القلق والتساؤلات المشروعة في ظل تجارب اللبنانيين المريرة، فان ما جرى يشكل بديلا عن رهن البلاد لصناديق النقد الدولية والشركات الخارجية والقروض ومعالجة الدين بالدين، وبناء الحجر دون البشر، والاعتماد على سياسات المصارف والفوائد المرتفعة التي طيرت أموال اللبنانيين؟
انزعاج سعودي من مفاوضات الترسيم
اتفاق الترسيم البحري سيسلك طريقه الى التوقيع خلال اسبوعين، وبعد ذلك يتم ارسال الورقتين اللبنانية والاسرائيلية بعد توقيعهما الى واشنطن، وايداع النسختين لدى الامم المتحدة، فلبنان رحب حسب ما أعلنه الرؤساء الثلاثة بالاتفاق الذي حفظ حقوقه كاملة في قانا بالاضافة الى دفع شركة توتال من أرباحها التعويضات للعدو، فيما أعلنت صحيفة يديعوت أحرونوت، ان جميع أعضاء مجلس الوزراء الاسرائيلي المصغر «الكابينت» صوتوا على دعم الاتفاق، وامتنعت وزيرة الداخلية عن التصويت ؤأعرب الوزراء عن دعمهم لتعزيز أجراءات الموافقة على الاتفاقية من قبل الحكومة بشكل سريع، كما أعلنت الحكومة الاسرائيلية الموسعة موافقتها باغلبية ساحقة على ان تحال بعدها الى الكنيست للنقاش وليس للتصويت، ويعطى فترة ١٥ يوما للانتهاء من النقاشات، ثم تعاد الى الحكومة للمصادقة النهائية عليها، قبل الانتخابات بايام، وقد تم تسريب الاتفاقية باللغة العربية بعد ان قامت حكومة العدو بتسريبها بالانكليزية واطلاع كل القوى السياسية على مضمونها، وحسب المعلومات، فان شركة توتال ستبدأ عملها بعد شهر، فيما أعلن أحد الوزراء السابقين للنفط، ان عملية الاستخراج تبدأ بعد ١٨ شهرا، اذا تم تسريع وتيرة العمل، والامر لا يحتاج الى ٥ سنوات كما يشيع البعض .
وقد حظي الاتفاق بدعم دولي شامل، لكن البارز حسب ما سرب من معلومات، ان السفير السعودي في لبنان وليد البخاري أبدى عتبه وامتعاضه وانزعاجه خلال لقاءاته مع سنة ٨ اذار من استبعاد واستثناء وتجاهل الرياض من مفاوضات الترسيم من قبل واشنطن والمسؤولين اللبنانيين الذين لم يضعوا السفارة السعودية في أجواء ما جري من اتصالات متعلقة بمثل هذا الملف الحساس والكبير بتداعياته على لبنان والمنطقة والمتعلق بالغاز واستخراجه، واقتصر الامر على المسؤولين الفرنسيين الذين وضعوا المملكة بالاجواء الايجابية ونجاح المفاوضات، علما ان البخاري يعتبر ما حصل ليس الا محاولة تقليص دور الرياض في لبنان وابعادها عن الملفين الاقتصادي والمالي اللذين تولت ادارتهما منذ الطائف، وتضع بعض المرجعيات تحركات البخاري تجاه سنة ٨ اذار بمثابة الرسائل للجميع بأن الورقة السنية لا يمكن لأي دولة سحبها من تحت سلطة السعودية ومن رابع المستحيلات اضعاف ألاوراق التي تمتلكها السعودية في لبنان.
رئاسة الجمهورية
الجلسة الثانية التي دعا اليها رئيس مجلس النواب نبيه بري لانتخاب رئيس للجمهورية ستكون على «شاكلة» سابقتها لجهة التصويت للبنان، والورقة البيضاء وزيادة نائبين او ثلاثة لميشال معوض، وربما خروج سليم ادة من السباق الرئاسي مع تعدد اتجاهات التغييريين، في حين يغيب نواب التيار الوطني عن الجلسة احتجاجا على تحديد موعدها من قبل بري يوم خروج رئيس الحكومة العسكرية آنذاك، العماد ميشال عون من بعبدا وما يعنيه هذا اليوم للعونيين، وحسب المتابعين لأجواء ألاتصالات، فان ما جرى يعكس مدى الخلاف بين بري وباسيل وسقوفه العالية، وبالتالي فان الفراغ الرئاسي شبه حتمي، ولن تعبد طريق بعبدا دون تسوية خارجية بمشاركة أميركية سعودية سورية فرنسية ايرانية مستحيلة حاليا في ظل الاشتباك السعودي الاميركي حول قرار اوبك، وتعثر مفاوضات الملف النووي، ويبقى القلق الاكبر من المعلومات المسربة من شمال سوريا عن امكان انتقال التوتر الاميركي الروسي الى اراضيها، والخوف من حادثة ما تؤدي الى تدحرج الاوضاع نحو الاشتباك المباشر بين الجنود الاميركيين والروس نتيجة تصاعد العمليات العسكرية ضد القوات الاميركية في التنف وبالقرب من حقول النفط «كونيكو» في دير الزور واعلان القوات الاميركية في بيانات رسمية عن تعرضها للاعتداءات، مقابل تنفيذ الطائرات الاميركية عمليات انزال في المناطق الخاضعة للجيش السوري للمرة ألاولى منذ دخولها الى سوريا متزامنة مع عودة الاشتباكات اليومية الى أدلب و الغارات الروسية المكثفة واجراء القوات الروسية والسورية تدريبات واسعة تحاكي الدخول الى مناطق جديدة وسط عودة الاشتباكات الواسعة بين الفصائل المسلحة في ادلب واغتيال قيادات داعش، وبالتالي فان الساحة السورية مقبلة على تطورات مهمة مع وجود وفد تركي في دمشق لمناقشة العلاقات بين البلدين بشكل ايجابي، هذه التطورات ستنعكس حتما على لبنان واستحقاقاته الرئاسية وتفرض أقصى درجات تحصين الساحة الداخلية سياسيا وماليا.
تشكيل الحكومة
اتصالات التأليف متوقفة منذ ليل الجمعة – السبت الماضيين، التي شهدت اجتماعا بين المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل تبعها اجتماع اخر بين الحاج وفيق صفا وباسيل في اللقلوق، ومنذ ذلك التاريخ توقفت الاتصالات مع تسريبات بأن لا حكومة في الافق في ظل الجدار السميك من عدم الثقة بين بري وميقاتي من جهة وباسيل من جهة ثانية، ولا أحد يريد التنازل للآخر مهما وصل حجم التمنيات من حزب الله لاقناع الطرفين بالتنازل لبعضهما بعضا مع تمسك كل طرف بشروطه، مضافا اليها استياء باسيل من محاولات بري وميقاتي تأليب وزراء ونواب التيار ضده من الياس بوصعب الى هكتور حجار ووليد نصار ونجلا رياشي وعبدالله بو حبيب، ويروي باسيل في مجالسه، انه خلال جلسة مناقشة الموازنة وبينما كان الوزيران نصار وحجار يجلسان الى جانبه على مقاعد النواب، نادى عليهما ميقاتي وأبلغهما قرار رئيس التيار باستبدالهما، وانه رافض للطرح ومتمسك بهما، متمنيا عليهما مفاتحة رئيس التيار بقراره، وخلال جلسة باسيل مع وزراء التيار في منزله في اللقوق أثار هؤلاء خلال الاجتماع ما نقله لهم ميقاتي، فسادت البلبلة وابلغ بعدها باسيل العاملين على خط التأليف انه انسحب من البحث في تأليف الحكومة الجديدة، وانه زاد اصرارا وتمسكا باستبدال وزراء الخارجية والشؤون الاجتماعية ونجلا رياشي وتعيين مكانهم وزراء راديكاليين يمثلون الصقور في التيار الوطني الحر وهذا ما رفضه بري وميقاتي، في حين يؤكد باسيل أنه تراجع عن طرح تعيين ٦ وزراء سياسيين نتيجة تمنيات حزب الله ومن حقه تعيين أسماء جديدة لتمثيل التيار مع الوزير الدرزي مثلما يريد بري استبدال وزير المالية يوسف خليل بياسين جابر، ومن هنا ڤان الاتصالات متوقفة كليا وبقاء الحكومة الحالية هو الخيار الاقوى، الا اذا حدثت تطورات قبل يوم أو يومين من مغادرة عون بعبدا.
التصويت اللبناني في الامم المتحدة
مارست الولايات المتحدة وبريطانيا والمانيا والعديد من الدول الاوروبية ضغوطا كبيرة على الدولة اللبنانية، وتحديدا على الرئيس عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال ميقاتي ووزير الخارجية عبدالله بو حبيب، وتمكنوا من انتزاع قرار لبناني بالتصويت ضد روسيا في الامم المتحدة وقرارها باجراء استفتاء لضم الأقاليم الاربعة الاوكرانية حسب واشنطن والاتحاد الاوروبي، وفي التفاصيل، انه ومنذ ١٠ أيام زار سفراء الولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا والمانيا وعدد من الدول الاوروبية وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب وحاولوا الاستفسار عن الموقف اللبناني من التصويت في الامم المتحدة حول مشروع القرار بادانة الاستفتاء الروسي، ولم يجدوا الجواب الشافي عند أبو حبيب مؤكدا لهم ان القرار بحاجة لمشاورات بين الرؤساء الثلاثة مشيرا إلى ان موقفه الشخصي ضد القرار الروسي، وطرح بو حبيب الموضوع مع الرؤساء فلم يجد الجواب الشافي و تريثوا في الرد، ومنذ ٤ أيام عاد السفراء الى الخارجية ونقلوا موقفا حازما من بلادهم حمل نوعا من التهديد والانذار باتخاذ المزيد من قرارات العزل ضد لبنان اذا لم يصوت ضد روسيا والالتزام بالاجماع الدولي، وتريث بو حبيب باعطاء الموقف النهائي مجددا بانتظار الرد الذي لم يأت بعد، ثم عاد السفراء وتواصلوا مع بو حبيب صباح امس الاول فأتصل الأخير بالرئيسين عون وميقاتي وتم التوافق على عقد اجتماع في القصر الجمهوري ونقل وزير الخارجية الاجواء الدولية، و اتخذ القرار بالتصويت ضد روسيا من دون النظر الى مصالح لبنان والدخول في خلافات مع موسكو، وكان يمكن الامتناع عن التصويت كالعديد من الدول وتجنب لعبة المحاور والنأي بالنفس عن صراعات لا أحد يعرف كيف ستكون نتائجها وتداعياتها على المنطقة والعالم. وقد وضع ميقاتي السفير الروسي في حيثيات القرار اللبناني وضرورة تفهم موقفة، وعدم القدرة على مواجهة الدول الكبرى مع الحرص على أفضل العلاقات مع روسيا.
*******************************************
افتتاحية صحيفة الشرق
أميركا: فرصة لإعادة الإستثمارات الى لبنان ● الاتحاد الأوروبي: إنجاز مهم
على ايقاع اتفاق ترسيم الحدود البحرية الجنوبية والتهليل له من الاطراف الثلاثة المعنية، لبنان واسرائيل والولايات المتحدة الاميركية المزهوة بانجاز تاريخي من صنع يديها، يمضي المشهد السياسي اللبناني، على امل انقاذ سيأتي من بوابة نفط وغاز حقل قانا الموعود بعد سنوات، علّه ينتشل البلاد من أزمة تسببت بها المنظومة الحاكمة بعدما شفطت اضعاف ما قد يضخّه الحقل المُهلل له.
ويفترض في ضوء ما توصلت اليه المفاوضات ان يتم التوقيع بين الجانبين اللبناني والاسرائيلي في قابل الايام، في الناقورة، على الارجح برعاية اميركية – اممية، ليدخل على اثره لبنان نادي الدول النفطية عن حق.
اما شؤون لبنان الداخلية واستحقاقاته الداهمة، فلا تبدو موضع اهتمام المسؤولين الذين كادوا ينسون ان ثاني جلسات انتخاب رئيس جمهورية للبلاد ستعقد اليوم، إن عقدت واكتمل نصابها، بفعل مقاطعة من التيار الوطني الحر وخيار قد يكون مماثلا من حليفه حزب الله سيحدده اليوم، فيؤمن بذلك مخرجا من احراج نتيجة عدم حسم مرشحه حتى الساعة، في حين لا مؤشرات عملية في اتجاه اخراج الحكومة العتيدة من قمقم الشروط، على رغم مساعي الحزب.
انتشال من الهاوية
امس، اعتبر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ان “انجاز اتفاقية الترسيم سينتشل لبنان من الهاوية التي أُسقِط فيها”. وقال امام وفد من نقابة المهن البصرية “انجاز الاتفاقية سيتبعها ابتداءً من الأسبوع المقبل، بدء إعادة النازحين السوريين الى بلدهم على دفعات”.
من جانبه، وبعدما زار عين التينة قال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لدى مغادرته ردا على كلمة مبروك “الهنا مشترك”. وكان ميقاتي بحث في السراي مع سفيرة فرنسا آن غريو، في الأوضاع العامة.
فياض
من جانبه، قال وزير الطاقة وليد فياض من بعبدا ان الإنجاز التاريخي ليس فقط ترسيم الحدود إنّما الأهمية تكمن في الإلتزام بالتنقيب والمباشرة به لأننا بحاجة إلى ذلك وسنتابع آليات التنفيذ في المرحلة المقبلة بالتعاون مع “توتال” والشركاء الدوليين والمهتمّين بقطاع الغاز. اضاف فياض: النفط الإيراني سيكون هبة ولذلك لا تترتّب عليه أيّ عقوبات ونرغب في متابعة هذا الموضوع وقد حصلنا على تطمينات بالسير به ونحن في طور صياغة إتفاقية والطرف الإيراني هو الذي يُعدّ التفاصيل.
بلينكن
وفي وقت افيد ان الحكومة الإسرائيلية المصغرة صوتت لصالح تمرير اتفاق ترسيم الحدود مع لبنان، توالت المواقف الدولية المرحّبة بالاتفاق. في السياق، اعتبر وزير الخارجية الاميركية أنتوني بلينكن ان “بعد سنوات من الوساطة الأميركية، أعلنت حكومتا إسرائيل ولبنان التوافق على اتفاقية تاريخية لإنشاء حدود بحرية دائمة بين البلدين. ويعد هذا الإنجاز بداية حقبة جديدة من الازدهار والاستقرار في الشرق الأوسط وسيوفر الطاقة الأساسية لشعوب المنطقة والعالم. يوفّر هذا الإعلان فوائد هائلة للشعبين اللبناني والإسرائيلي، كما يوضح قوة التعاون الإقليمي لمواجهة التحديات المشتركة في الشرق الأوسط وخارجه ويبرز القوة التحويلية للديبلوماسية الأميركية.” وقال” يحمي هذا الاتفاق المصالح الاقتصادية والأمنية لكل من إسرائيل ولبنان ويكتب فصلا جديدا لسكان المنطقة.
ترحيب دولي
من جانبه، قال مفوض الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل: نرحب بالإعلان عن اتفاق في المفاوضات بين لبنان وإسرائيل على ترسيم الحدود البحرية بينهما. بدورها، رحبت الحكومة الالمانية بالاتفاق.
تسريب الاتفاق
وكان تم امس تسريب نسخة عن الاتفاق الذي سلّمه الوسيط الاميركي اموس هوكشتاين للبنان واسرائيل.
لبنان وروسيا
من جهة اخرى، وغداة اتصال الرئيس الاميركي جو بايدن بالرئيس عون حيث طلب تصويت لبنان في الامم المتحدة ضد قرار ضم روسيا 4 اقاليم اوكرانية الى اراضيها، الموقف الذي يتجه لبنان الرسمي نحو اتخاذه، أكد الرئيس ميقاتي “الحرص على حسن العلاقات مع روسيا والرغبة في تطويرها، وذلك خلال لقائه سفير روسيا الكسندر روداكوف، حيث تم عرض للنتائج الايجابية لمفاوضات ترسيم الحدود البحرية اللبنانية الجنوبية”.
انتخاب الرئيس
وسط هذه الاجواء، تعقد اليوم جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية في ساحة النجمة. في السياق، علم ان كتلة الوفاء للمقاومة ستتخذ صباح اليوم قرارها في ما خص طريقة التعاطي مع الجلسة آخذة بعين الاعتبار مواقف مختلف الكتل ومن بينها مقاطعة كتلة اساسية هي “لبنان القوي”، بسبب انعقاد الجلسة في ذكرى ١٣ تشرين… ليس بعيدا، افيد اليوم ان التواصل قائم بين كتلة الاعتدال الوطني ونواب التغيير والبحث جار حول امكانية التوافق على اسم او التصويت بورقة تحمل شعارا.
النزوح
وعلى وقع موقف الرئيس عون من النزوح، عقد امس اجتماع مشترك بين الوزيرين في حكومة تصريف الاعمال: الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب والشؤون الاجتماعية هكتور الحجار، بمشاركة مندوب من الأمن العام اللبناني، مع ممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان أياكي إيتو، تم خلاله البحث في آلية العمل المشترك والخطوات الواجب اتخاذها لتطوير التعاون بين مفوضية اللاجئين والجانب اللبناني ممثلا بالاطراف المعنية.
موازنة 2023
اقتصاديا، رأس الرئيس ميقاتي الاجتماع الدوري المتعلق باعداد موازنة العام ٢٠٢٣، شارك فيه وزير المالية في حكومة تصريف الاعمال يوسف خليل، ومستشارا الرئيس ميقاتي الوزير السابق نقولا نحاس وسمير الضاهر. كما ترأس الوزير الخليل اجتماعا في الوزارة لمتابعة مناقشة التحضيرات الجارية لإعداد موازنة 2023.
عون الى العراق
على صعيد آخر، غادر قائد الجيش العماد جوزاف عون لبنان متوجّهاً إلى جمهورية العراق حيث يلبّي دعوة وزير الدفاع جمعة عناد سعدون، وذلك لبحث سبل التعاون بين جيشَي البلدين وكيفية دعم المؤسسة العسكرية.
الاتحاد الأوروبي: اتفاق الترسيم إنجاز مهم
رحب الاتحاد الأوروبي في بيان، بـ”الإعلان عن الاتفاق بعد المفاوضات بين لبنان وإسرائيل بشأن ترسيم حدودهما البحرية”، مشيدا بـ”الروحية البناءة لكل من الطرفين في هذه المهمة، وكذلك بالدور الذي اضطلعت به الولايات المتحدة”.
وأشار إلى أن “الاتفاق الذي توصل إليه الطرفان إنجاز مهم، وسيساهم تنفيذه في استقرارهما وازدهارهما، وكذلك في استقرار المنطقة وازدهارها”، وقال: “نشجع الأطراف على متابعة عملها البناء، بما في ذلك باتجاه التعاون في مجال الطاقة والتنمية الإقليميين، وهذا الأمر أساسي في أوقات التحديات الأمنية الدولية وأزمة الطاقة العالمية”.
ولفت إلى أنه “سيبقى مستعداً لمتابعة تطوير شراكاته مع لبنان وإسرائيل ودعم الجهود الآيلة إلى تحقيق التعاون الإقليمي لصالح الجميع”.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :