في حال شهدت بلادنا المنهارة تشكيل حكومةٍ جديدة قبل نهاية "عهد" الرئيس ميشال عون، فإننا مقبلون على حملة تعيينات قضائية وإدارية وعسكرية، من المرجّح أنها ستشهد مناكفات وصراعات بين الكتل السياسية، ولعلّ هذه التعيينات هي التي تدفع عون للإصرار على تشكيل الحكومة عكس الرئيس نجيب ميقاتي، الذي لا يبدو أنه راغب بتغيير الواقع الراهن، حكومياً.
واسعٌ هو عالم التعيينات، لكن إذا أردنا تصغيره ليطال تعيينات الطائفة السنّية فقط، يصبح الحديث هنا عن الجهة التي ستحصد "حصّة الأسد" من هذه التعيينات، في غياب الزعيم الأكبر للطائفة سعد الحريري ومعه تيّار "المستقبل"، خصوصاً أن القوى السياسية السنّية ليست على وئام، بل يشوب العلاقة بين نوابها الكثير من الإنقسامات والإختلافات.
مصادر سياسية بارزة تقول، إن القرار الرئيسي في تعيينات الطائفة السنّية اليوم، وبعد الإنتخابات والمستجدات السياسية وانسحاب الحريري من الحياة السياسية، هو بيد رئيس الحكومة أي ميقاتي. إنما الأخير ينسّق مع الحريري، وبالتالي، يمكن اعتبار الحريري رئيساً للحكومة دون أن يُكلّف رسمياً.
سوف يعمد الرئيس ميقاتي إلى محاولة إرضاء بعض القوى السياسية في مسألة التعيينات، أي بعض نواب المناطق الذين يهتمّ لهم، ولا سيّما في منطقتي الشمال وبيروت، وسوف يأخذ بعين الإعتبار رأي دار الفتوى والمفتي عبد اللطيف دريان ببعض التعيينات، خصوصاً في المجال القضائي.
لكن عملياً حصّة الأسد هي للرئيس نجيب ميقاتي مع الرئيس سعد الحريري، وهذا جزء من التنسيق الدائم بينهما، ولدار الفتوى كلمة ببعض المواقع. عدا ذلك، لم يعد لتيّار "المستقبل" الحصة الأولى في التعيينات. إنما تجدر الإشارة إلى أن معظم التعيينات التي سوف تحصل في إطار الطائفة السنّية، حتى لو لم يخترها الرئيس سعد الحريري، أو يختار بعضها، فإنها لن تكون على نقيضٍ منه، بل ستبقى التعيينات بمعظمها، إن لم تكن كلها ذات علاقة إيجابية بشكلٍ أو بآخر مع الحريري وتيّار "المستقبل"، حتى لو كان ميقاتي هو من يختار الشخصيات المرتبطة به، أو شخصيات أخرى يريد زرعها داخل الإدارات العامة.
وحول إصرار ميقاتي على مراعاة الحريري في ملف التعيينات، توضح المصادر، أن هذا الخيار اتخذه الرئيس ميقاتي من أجل تدعيم وضعه الحكومي داخل نادي رؤساء الحكومات والمرشّحين الدائمين لرئاسة الحكومة.
يحتاج ميقاتي من وجهة نظره إلى إقامة تحالف مع مرجعيات سنّية. وتبقى مرجعية سعد الحريري هي مرجعية رئيسية سنّياً ووطنياً، ولديه مشروعية شعبية واضحة وثقل سياسي بالرغم من أنه بات خارج اللعبة البرلمانية. وبالتالي، هذا جزء من تغطية يؤمّنها ميقاتي لنفسه.
لا شك أن ميقاتي يحتاج إلى تحالفات، والتحالف مع الحريري قائم بشكل جيد ولم يتغيّر، حتى مع خروج الحريري من العمل السياسي، خصوصاً أن هناك العديد من التقديرات بأن تعليق العمل السياسي من قبل الرئيس الحريري مؤقت، ولا نعلم ما إذا كان سيدوم لبضعة أشهر أو سنوات، لكن في الوقت الحاضر، خيار ميقاتي هو الأخذ دائماً بعين الاعتبار رأي ومصالح الحريري، إن كان في الإدارة العامة، أو في القرارات السياسية.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :