تشكّل الإنتخابات النيابية المدخل الأهم للتخلّص من السلطة الحاكمة، لذلك فان كل مكوّن لبناني معني بها بشكل مباشر.
كان مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان حازماً عندما دعا المواطنين السنّة إلى التصويت بكثافة وعدم مقاطعة الإنتخابات النيابية لأن المقاطعة لن تجدي نفعاً، ويُعتبر المفتي قارئا جيّداً للتوازنات والإستحقاقات فهو لا يريد تكرار تجربة المسيحيين في إنتخابات 1992، علماً أن الظروف الحالية مغايرة تماماً لما سبق وعاناه المكوّن المسيحي.
سمع كُثر نداء المفتي بعدما تأكّد لكل مرشّح ومقترع سني أن المستفيد الأكبر من المقاطعة و»القعدة بالبيت» سيكون حلفاء «حزب الله» على الساحة السنية، في حين أن قسماً آخر من السنّة وعلى رأسهم رجل الأعمال بهاء الحريري وبعض النواب المنضوين تحت راية «المستقبل» كانوا قد حسموا قرارهم سابقاً وقرروا المشاركة في الإنتخابات بغض النظر عن موقف الرئيس سعد الحريري والمفتي.
إذاً، في الذكرى 17 لاندلاع انتفاضة الإستقلال، تجاوزت الساحة السنيّة قرار سعد الحريري بالإعتكاف وباتت في صلب مواجهة مشروع «حزب الله»، ومن ظنّ أن السنّة استسلموا لقوى الأمر الواقع سيدرك أنه مخطئ وأن صناديق الإقتراع لن ترحم من وضع لبنان في صلب محور «الممانعة» وضرب علاقاته مع الدول العربية.
وفي السياق، فان القوى السنية التي قرّرت المشاركة تحت عنوان دعم الدولة والتصدّي لمشروع «الدويلة» تندرج كالآتي:
أولاً: رجل الأعمال بهاء الحريري الذي كثّف نشاطه بعد انتفاضة 17 تشرين ودعم ثورة الشعب اللبناني ومواقف البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الداعية إلى الحياد والتصدّي لمشروع «الدويلة»، وبات لبهاء الحريري أنصار في كل المناطق السنية مع إنه يعمل ضمن مشروع وطني عابر للمناطق والطوائف، وإذا كان موجوداً على الأرض ضمن خطة مدروسة فانه سيكمل حراكه باتجاه تأليف كتلة مواجهة لمشروع «الدويلة»، ويدرس الحريري كل الخيارات ومنها تأليف لوائح تحت عنوان «سوا للبنان» في كل المناطق وخصوصاً في طرابلس وعكار وبيروت والجبل والبقاع.
ثانياً: الرئيس فؤاد السنيورة وقدامى «المستقبل»، وقد بدأت الإستقالات تظهر في «التيار الأزرق»، فالسنيورة لديه الخبرة الكافية في مواجهة «حزب الله» وهو قاد الحكومة الأولى التي تشكلت بعد انتفاضة الإستقلال في العام 2005 وبقي محاصراً في السراي ولم يستسلم لرغبات «الحزب»، كما أنه كان رئيساً لكتلة «المستقبل» النيابية بين أعوام 2009 و2018 وملأ الفراغ الذي تركه غياب سعد الحريري عن لبنان بين أعوام 2011 و2016، وبالتالي فانه يشكل فريق عمل قوامه بعض نواب وكوادر «المستقبل».
الفريق الثالث هو ذاك الذي ينضوي تحت عباءة الثورة والمجتمع المدني وهذا الفريق بدأ تأليف لوائح في كل المناطق السنية والمختلطة ولديه خطاب واضح ضد السلاح غير الشرعي ويطالب بالإصلاح.
وللمفارقة فان النائب أسامة سعد المحسوب سابقاً كحليف لـ»حزب الله» يرفض التحالف مع أحزاب السلطة ومن ضمنها «الحزب»، وبالتالي فان معركة «الحزب» ليست سهلة في المناطق السنية.
وتبقى العين شاخصة إلى الساحة السنية حيث تنتظر قدوم بهاء الحريري إلى لبنان ودعمه لوائح «سوا للبنان»، وسط التأكيد على أنه في الخطوط الأمامية للمواجهة ليس فقط سنياً بل وطنياً ولن يتراجع.
ومن جهة ثانية، فانه ينتظر التفاعل المستقبلي مع حراك السنيورة وما إذا كان سعد الحريري سيواجهه أو إنه سيترك اللعبة تأخذ مجراها بعد قراره بالمقاطعة، علماً ان هناك بعض كوادر تيار «المستقبل» تعمل لخدمة حلفاء «حزب الله» المسيحيين مثل تيار «المردة» خصوصاً في دائرة الشمال الثالثة.
أما الأهم فهو التراجع في شعبية الشخصيات السنية الموالية لـ»حزب الله» بعد انتفاضة 17 تشرين، لذلك فان القرار السني الشعبي بالمواجهة واضح لأن هذه الطائفة كانت ركيزة 14 آذار، ويبقى انتظار تبلور شكل اللوائح على رغم أن كل فريق سني يخوض معركته ضد «الحزب» من دون تنسيق.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :