واشنطن للتفاوض مع موسكو… وفيينا عائدة هذا الأسبوع…
وسوليفان يمهد في تل أبيب /
عون لن يوقع مراسيم جوالة… وتساؤلات حول الدورة الاستثنائية /
شقرا تنتفض بوجه محاولات توسيع دوراليونيفيل وتركيب كاميرات /
أجهض أبناء بلدة شقرا الجنوبية محاولة الأمين العام للأمم المتحدة تعويض فشله في عقد جلسة مستقطعة للحكومة، كعيدية لحضوره تكسر قرار الثنائي بالمقاطعة حتى حل قضية المحقق العدلي طارق بيطار المدعوم من الأميركيين والفرنسيين واستطراداً من الأمين العام للأمم المتحدة، بعيدية أخرى تقدم أوراق اعتماد لجيش الاحتلال بإمكانية الاعتماد على الأمم المتحدة لتقييد الوضع في الجنوب بشروط إضافية من خارج نص القرار 1701، حيث اليونيفيل قوة إسناد للجيش اللبناني، وليست قوة أمن داخلي في القرى والبلدات الجنوبية، وانتفض أهالي شقرا بوجه اليونيفيل عندما حاولت فرض أمر واقع بتركيب كاميرات للمراقبة بين البيوت وفي الشوارع.
إرهاصات البحث عن انتصارات إعلامية ليست حكراً على الأمين العام أنطونيو غوتيريش، فقد ظهرت عنواناً للحركة الأميركية -الأوروبية تجاه روسيا في الملف الأوكراني وفي مفاوضات الملف النووي الإيراني، وإنضمت قيادة كيان الاحتلال إليهم في هذه المنهجية التي تكشف العجز عن تغيير الموازين الفعلية التي تحكم المعادلات الحقيقية لقضايا الصراع ـ في ضوء التحولات التي شهدها العالم وتوجها الانسحاب الأميركي من أفغانستان.
على جبهة أوكرانيا فشلت التهديدات والحرب النفسية التي تم تنظيمها بوجه روسيا ورئيسها فلاديمير بوتين بانتزاع أي تنازل يحفظ ماء وجه واشنطن والعواصم الأوروبية، فاضطرت واشنطن أمام المقاربة الروسية التي حولت التحدي إلى فرصة بفرض مطلب جديد عنوانه الحصول على ضمانات بعدم ضم أي من دول أوروبا الشرقية إلى حلف الناتو، وكان التطور الجديد ما أعلنه وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف عن موافقة واشنطن وقيادة حلف الناتو على عقد جلسة تفاوض حول الضمانات التي طلبتها موسكو، واصفاً الجواب الأميركي على النقاط الروسية بالعقلاني والواقعي.
على جبهة التفاوض حول الملف النووي الإيراني، وعلى رغم كل مناخ التصعيد الكلامي الأميركي والأوروبي ومن خلفهما الإسرائيلي، سواء تحت عنوان أن الوقت ينفذ، وأن على إيران التقاط الفرصة قبل أن تضيع، والمفاوضات لن تجرى إلى ما لا نهاية، وصولاً إلى عودة الحديث عن كل الخيارات فوق الطاولة، والوضوح الإسرائيلي بالحديث عن الخيار العسكري، وانتهت جولة مستشار الأمن القومي الأميركي جايك سوليفان إلى تل أبيب بتأكيد كلامي على التزام أميركي- إسرائيلي بمنع ايران من امتلاك سلاح نووي، لكن مع إشارات ضمنية إلى أن التفاوض للعودة إلى الإتفاق النووي لا يزال هو السبيل الرئيسي لتحقيق ذلك، بينما أعلن الإيرانيون عن تحديد موعد العودة إلى مفاوضات فيينا الأسبوع المقبل.
لبنانياً تواصلت تداعيات "اللاقرار" الصادر عن المجلس الدستوري بمزيد من التأزم السياسي على جبهة العلاقات الرئاسية، خصوصاً بين بعبدا وعين التينة، وكان الأبرز ما أكده رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عن عزمه عدم توقيع أي من المراسيم الجوالة تحت عنوان القرارات الاستثنائية، في خطوة للضغط على قرار مقاطعة جلسات مجلس الوزراء من قبل وزراء ثنائي حركة أمل، رهاناً على تعطل مراسيم يهتم الثنائي لصدورها تفتح باب التفاوض مجدداً، بينما تساءلت مصادر حكومية عن كيفية تعامل رئيس الجمهورية مع الدعوة إلى دورة استثنائية لمجلس النواب تفترضها التشريعات المطلوب ضمن الخطوات الاصلاحية المطلوبة من الحكومة في مفاوضاته مع صندوق النقد الدولي، أو تلبية لدعوات إلى جلسات مناقشة عامة كالتي طلبها نواب التيار الوطني الحر.
ولم تهدأ عاصفة سقوط الطعن الذي قدمه تكتل لبنان القوي بقانون الانتخاب أمام المجلس الدستوري وسط اتجاه لمزيد من التصعيد في موقف التيار الوطني الحر، بعدما حمل رئيسه النائب جبران باسيل ثنائي أمل وحزب الله مسؤولية هذا الأمر، وهدد بخطوات اعتراضية سيلجأ إليها بدأت أمس على الصعيد الحكومي من خلال طلب نواب تكتل "لبنان القوي" من رئيس مجلس النواب عقد جلسة مساءلة للحكومة وفق المادة 137 من النظام الداخلي، "لامتناعها عن الاجتماع وعدم ممارسة دورها في الحد من الانهيار ومعالجة الأزمات المتفاقمة ما يزيد معاناة المواطنين"، كما جاء في بيان "التكتل".
وعلل التكتل سبب طلبه والأسئلة التي يعتزم توجيهها إلى الحكومة، "بتفاقم الأوضاع المالية والاقتصادية وضرورة تفعيل دور السلطة التنفيذية في الحد من الانهيار، ومعالجة الأزمات المتراكمة التي زادت في معاناة المواطن والحفاظ على الدولة ومؤسساتها".
وبحسب معلومات "البناء" فإن وقع قرار المجلس الدستوري كان قاسياً على بعبدا والتيار الوطني الحر اللذين أجريا تقويماً لما جرى وكيفية التعامل مع المرحلة المقبلة، وقررا استخدام عدد من الأوراق:
- مساءلة الحكومة في المجلس النيابي حتى طرح الثقة بها وصولاً إلى مرحلة التلويح باستقالة الوزراء المحسوبين على رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر.
- التمسك برفض تنحية المحقق العدلي في قضية مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار، ورفض أي تسوية لإقالته في مجلس الوزراء.
- توجيه رسائل سياسية وإعلامية إلى حزب الله وطرح تحالف مار مخايل على بساط البحث لإعادة تقويمه.
- رفض الرئيس ميشال عون توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة، بالتالي تأجيل الانتخابات إلى أيار المقبل بدلاً من شهر آذار.
- رفض رئيس الجمهورية التوقيع على المراسيم الاستثنائية والمراسيم الجوالة التي يتبعها رئيس الحكومة لتسيير شؤون الدولة كبديل عن مجلس الوزراء، واستبدال ذلك باجتماعات لمجلس الدفاع الأعلى الذي يرأسه رئيس الجمهورية.
- رفض عون توقيع مرسوم فتح دورة استثنائية لمجلس النواب.
في المقابل أشارت مصادر كتلة التنمية والتحرير لـ"البناء" إلى أن "من حق تكتل التيار الوطني الحر أن يطلب ويفعل ما يشاء لكن الحكومة لديها خمسة عشر يوماً للإجابة على الأسئلة"، مضيفة: "وكأن الناس تنتظر "عنتريات" التيار ليعرفوا سبب عدم عقد جلسات الحكومة، فالقاصي والداني يعلم الأسباب والتفاصيل".
وعن اتهام باسيل للثنائي بالتأثير على قرار المجلس الدستوري الأخير، أجابت المصادر: "ما حدا أثر على حدا، آخر همنا" ما كان سيتخذه المجلس من قرار لأن موقفنا واضح منذ البداية بأن أي قرار سيتخذه المجلس سنلتزم به".
وعن تهديدات باسيل أوضحت المصادر بأنه من الواضح أن رئيس التيار يوجه كلامه لحليفه الأساسي حزب الله، أما نحن فعلاقتنا بالتيار معروفة ومحدودة وليست تحالفية". وشددت المصادر على أن "لا حل لأزمة الحكومة إلا بالتوصل إلى تسوية أو حل لقضية المحقق العدلي في تفجير المرفأ القاضي طارق بيطار، مهما حاول التيار الضغط على الثنائي وشد العصب السياسي والطائفي لاستثماره في الانتخابات النيابية".
وفي سياق ذلك، أشارت مصادر مطلعة على الملف لـ"البناء" إلى أن "لا جديد في ملف تنحية البيطار والمراوحة سيدة الموقف إلى بداية العام الجديد، علّه يحمل جديداً".
وأشارت مصادر التيار الوطني الحر إلى أنها غير معنية بأي حديث عن مقايضة أو تسوية على عدم القبول بأي حل من خارج القانون والأصول، فيما ترفض بعبدا- بحسب مصادر- مقربة منها الربط بين قضية المرفأ وأي قضية أخرى، مؤكدة بأن ملف المرفأ سيبقى مع بيطار طالما لم يصدر أي قرار قضائي برده أو بنقل الدعوى للارتياب المشروع أو أي قرار عن الهيئة العامة لمحكمة التمييز، باعتبار المجلس الأعلى لمحاكمة الوزراء والرؤساء هو المرجع الصالح لمحاكمة الوزراء المدعى عليهم والرئيس حسان دياب.
ووجه رئيس الجمهورية رسائل إلى ثنائي أمل وحزب الله خلال اجتماع مجلس الدفاع الأعلى الذي ترأسه عون وحضره رئيس الحكومة نجيب ميقاتي والوزراء المعنيون وقادة الأجهزة الأمنية والعسكرية والقضائية، ولفت عون إلى أن "هناك مواضيع ملحة وضرورية أخرى تحتاج انعقاد مجلس الوزراء، تتعلق بالموظفين وبتسيير المرفق العام وتحديد العمل بالملاكات الموقتة والمتعاقدين للعام 2022 ابتداء من 1/1/2022، إضافة إلى إعطاء مساعدات للموظفين وزيادة بدل النقل لموظفي القطاع العام والخاص، ودفع مستحقات الأدوية والمستشفيات والعلاجات الدائمة"، واعتبر أن "مقاطعة جلسات مجلس الوزراء فعل إرادة من أعضاء موجودين فيه وهذا غير مقبول، وعلى كل وزير ان يقدر خطورة الموقف، ومن غير الجائز تجاهله مطلقاً، فإذا كان هناك اعتراض على موضوع معين يمكن معالجته من خلال المؤسسات". وقال: "لست ملزماً بالتوقيع وحدي على أي قرار، ولا يمكن لأي توقيع اختصار مجلس الوزراء في ظل حكومة مكتملة الأوصاف الدستورية".
في المقابل لفت ميقاتي في مداخلته خلال اجتماع المجلس الأعلى للدفاع إلى "أنّني حريص مثل رئيس الجمهوريّة على انعقاد مجلس الوزراء، لا سيّما وأنّنا جميعاً متضرّرون من عدم انعقاده، ونأمل أن نتمكّن قريباً من الدّعوة إلى عقده، لمعالجة المواضيع الملحّة". لكنه لفت إلى "وجود خشية من أن تقود الدّعوة إلى انعقاد مجلس الوزراء، البلاد إلى أماكن أخرى أو إلى تصدّع يجب التّعاون لتفاديه". وأشار إلى أنّه "قد كُتب على من يتولّى المسؤوليّة في هذا البلد، أن يعمل على تقريب المواقف ووجهات النّظر وليس زيادة الشرخ، وهذا دورنا ونهجنا وسنعمل من أجل تحقيقه".
وعرض ميقاتي للاجتماعات الّتي تنعقد في السراي الحكومي، لمعالجة المواضيع الملحّة مثل مكافحة التّهريب على المعابر، تجارة المخدرات وترويجها، منصّات التّلاعب بالدولار، ومراقبة أسعار السّلع الاستهلاكيّة.
وفي هذا الإطار أعلنت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي عن توقيف منفذي السطو المسلّح على بنك بيبلوس في الزلقا وغيرها من العمليات الإجرامية.
من جهته، عرض وزير الصحّة العامّة فراس الأبيض للواقع الصحّي في البلاد، بعد تزايد الإصابات بفيروس "كورونا"، والانعكاسات السلبيّة على قدرة المؤسّسات الاستشفائيّة، مركّزاً على "أهميّة تفعيل عمليّات التلقيح وتجاوب المواطنين معها". وعرض كلّ من وزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام، والأشغال العامّة والنّقل علي حمية، لواقع إهراءات القمح في مرفأ بيروت.
وقرر "المجلس الاعلى" إصدار إنهاء بتمديد إعلان التعبئة العامة لغاية 31/3/2022. وعشية الأعياد، تم اتخاذ بعض القرارات التي تتعلق بالأوضاع العامة وذات الطابع الأمني، لا سيما تلك المتعلقة بمسائل التهريب على المعابر الشرعية وغير الشرعية وإنتاج وتجارة المخدرات وعمل منصّات سعر صرف الدولار الأميركي ومراقبة أسعار السلع الاستهلاكية.
وكان ميقاتي رأس اجتماعاً في السراي الحكومي خُصّص للبحث في مشاريع البنك الدولي لدعم قطاع الكهرباء في لبنان وإصلاحه.
وكشف وزير الطاقة وليد فياض عن "إمكان توقيع الاتفاق مع الأردن قريباً، وربما قبل نهاية العام"، موضحاً أن "توقيع الإتفاق مع مصر يشترط ألا يتنافى مع "قانون قيصر" وهذا الأمر يتطلب محادثات مع الجانب المصري". وأضاف: "المطلبان الأساسيان على المستوى السياسي هما، الإعفاء من قانون قيصر وهذا ما يعمل عليه المصريون والأميركيون، والتمويل من البنك الدولي الذي يتقدم كثيراً، وسيصل إلى خواتيمه في الأشهر الأولى من السنة الجديدة".
إلا أن وزير البترول المصري طارق الملّا، كشف في حديث تلفزيوني "أن مصر لم تحصل بعد على الموافقة النهائية من الإدارة الأميركية لبدء ضخ الغاز المصري إلى لبنان عبر الخط العربي".
وتساءلت مصادر سياسية عبر "البناء" عن سبب التأخير بالحصول على استثناء لاستيراد الكهرباء من مصر عبر سورية من قانون العقوبات "قيصر" المفروض على سورية، طالما أن الولايات المتحدة الأميركية تدعي أنها حريصة على لبنان، وتزويده بالكهرباء والغاز لحل أزمة الطاقة؟ فهل يهدف هذا التأخير لمزيد من الضغوط الاقتصادية على لبنان لتشديد الطوق لدفع الدولة اللبنانية للتنازل في ملفات سيادية حيوية كترسيم الحدود البحرية الجنوبية، وتغيير قواعد الاشتباك مع اليونيفيل في الجنوب؟
وعلى وقع مغادرة الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش بيروت بعدما حاول- بحسب معلومات "البناء"- اقناع الدولة بالتنازل عن خط 29 البحري الحدودي والبدء بترسيم الحدود البرية من دون مزارع شبعا، وادخال قواعد اشتباك جديدة لقوات اليونيفيل وتوسيع صلاحياتها في شمال الليطاني وإلى الحدود مع سورية، إضافة إلى منحها صلاحيات إضافية في منطقة جنوب الليطاني عبر الدخول إلى الأحياء والمنازل لتفتيشها للبحث عن سلاح ومصادرته، وقع اشكال مساء أمس في بلدة شقرا الجنوبية بين أبناء البلدة وقوات اليونيفل، حيث بادر عدد من الشبان برشق الحجارة على "جيب اليونيفل" من دون معرفة الأسباب. لكن المعلومات المتوافرة تشير إلى أن جيب اليونيفيل دخل إلى أحد الأحياء التي لا تدخلها اليونيفيل عادة، ما شكل استفزازاً للأهالي الذين عملوا على اعتراضه. ورجحت مصادر مطلعة لـ"البناء" أن يكون الحادث مفتعلاً لإثارة ملف الحدود وتغيير قواعد عمل وصلاحية اليونيفيل على بساط البحث، مشددة على أن المقاومة لن تسمح المس بهذا الأمر الذي يخدم العدو الإسرائيلي.
وسرعان ما أعلنت نائبة مدير المكتب الإعلامي لـ"اليونيفيل" كانديس آرديل، في تصريح أن "حرمان اليونيفيل من حرية الحركة والاعتداء على من يخدمون قضية السلام أمر غير مقبول، وخرق لاتفاقية وضع القوات التي وقعها لبنان". ولفتت أرديل إلى أنه "كما أشار الأمين العام للأمم المتحدة بالأمس انطونيو غوتيريش، يجب أن تتمتع اليونيفيل بوصول كامل ومن دون عوائق إلى جميع أنحاء منطقة عملياتها، على النحو المتفق عليه مع الحكومة اللبنانية وعلى النحو المطلوب بموجب قرار مجلس الأمن الدولي 1701". ودعت "جميع الأفرقاء المعنيين إلى احترام حرية حركة جنود حفظ السلام، وهو أمر بالغ الأهمية لتنفيذ ولاية اليونيفيل بموجب القرار 1701". وتابعت: "نحن على اطلاع على التقارير الإعلامية التي تحدثت عن حادثة خطيرة وقعت اليوم في بلدة شقرا، وتقوم اليونيفيل والسلطات اللبنانية بالتحقيق في الأمر. وندعو السلطات اللبنانية إلى التحقيق في هذا الحادث وتقديم المرتكبين إلى العدالة".
****************************************
بعد "لا قرار" المجلس الدستوري: قطيعة بين عون وحزب الله؟
مع الـ"لا قرار" الذي وصلَ إليه المجلس الدستوري، أول من أمس، في الطعن المقدّم من تكتل "لبنان القوي" بشأن التعديلات على قانون الانتخابات، بعد تعذّر تأمين أكثرية 7 أعضاء للبتّ به ما جعل القانون (المطعون به) نافذاً، كشفت الساعات الماضية أن الأزمة بين التيار الوطني الحرّ وحزب الله تجاوزت الحدود المعتادة بين الحليفين. فإلى أين يمكِن أن تصِل؟ سؤال سرعان ما احتلّ المشهد السياسي في ضوء الملاحظات العلنية لمسؤولين في التيار الوطني الحر على أداء الحزب، ولا سيما حيال المعارك التي يخوضها الوزير جبران باسيل "في مواجهة المنظومة" وآخرها على طاولة "الدستوري"، وأبرز الملاحظات أتت على لسان باسيل نفسه الذي اعتبر أن "ما قام به الثنائي ستكون له مترتّبات سياسية".
هذا المناخ السلبي عبّر عنه أمس رئيس الجمهورية العماد ميشال عون خلال اجتماع المجلس الأعلى للدفاع الذي انعقد في بعبدا، إذ اعتبر أن "لا مبرّر لعدم انعقاد الحكومة"، وأن "مقاطعة جلسات مجلس الوزراء فعل إرادة من أعضاء موجودين فيه"، وأن "هذا الأمر غير مقبول. وإذا كانَ هناك من اعتراض على موضوع معيّن يُمكن معالجته من خلال المؤسسات". وأضاف عون إنه "يجب انعقاد مجلس الوزراء، وأنا لستُ مُلزماً بالتوقيع وحدي على أي قرار، ولا يُمكِن اختصار مجلس الوزراء في ظل حكومة مكتملة الأوصاف الدستورية".
وهذه ليست المرة الأولى التي تخرج فيها التباينات بين التيار العوني والثنائي الشيعي الى العلن. وبينما يبدو "مشكل" التيار مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي طبيعياً، إلا أن الخلاف مع حزب الله تطوّر بشكل سلبي و"وصل الى حدود القطيعة بين الحزب والرئيس عون" وفقَ ما أكدت مصادر "الأخبار"، وخصوصاً أن قرار "الدستوري" جاء بمثابة هزيمة مدوّية لباسيل وتحديداً لجهة الإبقاء على اقتراع المغتربين للنواب الـ 128 الذين يتألف منهم مجلس النواب، كل منهم في دائرته، عوض استحداث 6 مقاعد إضافية لهم (ما يُسمّى الدائرة 16). وقالت مصادر مطلعة إنه طوال الفترة الماضية "كانت الاتصالات قائمة بينَ الحزب والتيار في ما يتعلق بالحكومة وملف انفجار المرفأ، كما كان التواصل قائماً مع بعبدا"، إلا أن شعور التيار والرئيس عون بتخلّي الحزب عنهما في هذه المعركة أجّج الخلاف بينهما، ودفع رئيس الجمهورية الى التصعيد بشكل علني من باب الحكومة، معتبرة أن "ما جاء على لسانه في ما يتعلق بحضور جلسة مجلس الوزراء المقصود به هم وزراء حزب الله تحديداً". القطيعة بين عون وحزب الله، في حال عدم كسرها قريباً، ستكون الأولى من نوعها منذ إعلان تفاهم مار مخايل في شباط 2006، والذي تطوّر إلى تحالف بين التيار والحزب. ورغم الخلافات والتباينات بينهما على مدى أكثر من 15 عاماً، إلا أنها لم تصل يوماً إلى مرحلة القطيعة.
وفيما رأت أوساط متابعة أن أزمة الحكومة لا ترتبِط وحسب بموقف الثنائي، إنما أيضاً برئيس الحكومة نجيب ميقاتي المُستفيد من المقاطعة لعدم الدعوة إلى عقد جلسة حكومية، قالت إن "حديث عون عن معالجة أي اعتراض ضمن المؤسسات غير منطقي، فحزب الله من طالب بأن يكون حل ملف القاضي طارق البيطار من داخل الحكومة، لكنه لم يكن موافقاً".
وفيما التزم حزب الله الصمت حيال الهجمة العونية ضده، لم تُسجّل أي اتصالات بينه وبين التيار، ولم يُعرَف بعد موقفه الحقيقي من دعوة عون، علماً بأنه سبَق أن أكد أن "لا عودة الى الحكومة قبلَ البتّ بملف القاضي طارق البيطار". بينما تجلّى تصعيد الموقف العوني من تعطيل الحكومة بتقدم نواب تكتل "لبنان القوي" من رئيس مجلس النواب، بطلب عقد جلسة مساءلة للحكومة وفق المادة 137 من النظام الداخلي "لامتناعها عن الاجتماع وعدم ممارسة دورها في الحدّ من الانهيار ومعالجة الأزمات المتفاقمة، ما يزيد معاناة المواطنين".
*****************************************
الاهتزاز الأكبر بين “الحليفين” يعمّق الأزمة
بدا في حكم المؤكد أمس، وغداة الخضة الكبيرة التي اثارها عدم تمكن #المجلس الدستوري من التوصل إلى قرار في شأن الطعن المقدم من “تكتل #لبنان القوي” في تعديلات قانون الانتخاب، ان تداعيات هذا التطور تكتسب مفعولاً قد يجعلها طويلة المدى سواء بالنسبة إلى الصدع الجدي والحقيقي هذه المرة في العلاقة التحالفية بين العهد و”التيارالوطني الحر” من جهة، و”#حزب الله ” من جهة أخرى، ام بالنسبة إلى الأثر الإضافي الثقيل الذي سيثيره هذا الاهتزاز على ازمة شل مجلس الوزراء والاستمرار في تعطيله.
ذلك انه مع ان كلاً من طرفي الثنائي الشيعي امتنع عبر مسؤوليه الحزبيين اونوابه او وزرائه عن الرد او التعليق على الهجوم العنيف الذي شنّه على الثنائي رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل بجريرة اخفاق المجلس الدستوري في اتخاذ قرار بالطعن المقدم من نواب تكتله، فان المعطيات الجدية تشير إلى ان الاهتزاز الذي أصاب العالقة بين العونيين و”حزب الله ” يمكن القول انه ليس مسبوقا بهذا القدر من الاحتقان ولو ان طرفي “تفاهم مار مخايل” مرا سابقاً بتجارب عدة من التباينات والتمايزات ولكنها لم تتسم مرة بحساسية عالية وسخونة كما حصل في هذه التجربة. واذا كان من نافل الحسابات ان تتصاعد وتيرة العدائية بين باسيل و”التيار” حيال عين التينة وحركة “امل”، فان الأوساط المتابعة لمجريات ما حصل في الأيام الثلاثة الأخيرة تجزم بأن حالة التوتر والسخط التي تسود قيادة التيار العوني حيال “حزب الله” والتي ترجمها باسيل في مؤتمره الصحافي مساء الثلثاء والتي انسحبت على مناصري التيار عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ستوجب رصداً دقيقاً ومركزاً على العلاقة “الطارئة” بين الحليفين الوثيقي الارتباط بتحالفهما في الأيام القليلة المقبلة لمعرفة مدى حجم التراكمات وطبيعة الاسرار التي انفجرت وفجرت معها غضب باسيل وسخطه على حليفه، ومن ثم تفاعل الاستياء لدى “حزب الله” من هذه الفورة الغاضبة وتوقع رد بطريقة ما على باسيل وبتوقيت غير بعيد ربما بعد عيد الميلاد. ولكن الأوساط نفسها بدت شديدة التشاؤم لجهة واقع الازمة الحكومية التي صارت بعد التطورات الأخيرة ابعد ما تكون عن الحل القريب بما يجدد السيناريوات المتصلة بتمدد شلّ جلسات مجلس الوزراء طويلاً، الامر الذي يضع تطورين بالغي الأهمية في عين العاصفة: اجراء الانتخابات النيابية في موعدها، علما ان موعدها لم يبت بعد وسيكون تقرير الموعد الحاسم الذي سيخضع للتفاهم مع رئيس الجمهورية ميشال عون الذي يرفض توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة اذا لم يكن الموعد في أيار وليس في اذار، والازمة الحكومية الذاهبة نحو مزيد من الاستعصاء في ظل ما يتوقع ان يطرأ من مواقف تصعيدية بين مكونات الحكومة. وبدا لافتاً في هذا السياق الحديث عن ان “التيار الوطني الحر” سيبدأ بعد رأس السنة الجديدة خطوات تصعيدية في اتجاهات مختلفة بدءا بالضغط لحشر رئيس مجلس النواب نبيه بري في خانة اتهامه بتعطيل الحكومة والعمل على جعله يستجيب لمساءلتها. ولذا بادر أمس نواب من “تكتل لبنان القوي” إلى تقديم طلب لعقد جلسة مساءلة للحكومة ووقّع الطّلب النواب: جبران باسيل، إدغار معلوف، سليم خوري، سليم عون، سيمون أبي رميا، ماريو عون، جورج عطالله، فريد البستاني، أنطوان بانو وسيزار أبي خليل. وعلل النواب الطلب بان “الأزمات التي عطّلت العمل المؤسسي، أنتجت تعقيدات على أكثر من مستوى أثرت في عمل الإدارات العامة والمؤسسات وإنعكست سلبا على سير المرفق العام، ولمّا كان عمل الوزارات و المؤسسات العامة والادارات التابعة لها يتطلب انعقادا دائما للمجلس لبت مختلف القضايا و بالاخص في هذه المرحلة الحساسة، ولمّا كانت الاوضاع الماليّة والاقتصاديّة للبلاد تتفاقم كل يوم بسبب الأزمات المتتالية، ولمّا كان دور السلطة التنفيذية يكمن في الحد من هذا الانهيار ومعالجة الأزمات المتراكمة التي زادت في معاناة المواطن والحفاظ على الدولة ومؤسساتها، ولما كانت الحكومة تتمنّع عن الإجتماع، ولمّا كان مجلس النواب بدوره التشريعي الثالث والعشرين من العقد الثاني، منعقد ويمارس مهامه التشريعيّة بات من الضروري عقد جلسة للإجابة عن تلك الأسئلة”.
في المجلس الاعلى للدفاع
وشكل اجتماع المجلس الاعلى للدفاع أمس بدلاً عن ضائع في غياب مجلس الوزراء الممنوع من الانعقاد حتى اشعار آخر. وعبر رئيس الجمهورية عن استيائه من عدم انعقاد مجلس الوزراء واعتبر مقاطعة جلساته “فعل إرادة من أعضاء موجودين فيه وهذا غير مقبول”. وقال:”على كل وزير ان يقدر خطورة الموقف، ومن غير الجائز تجاهل هذا الوضع مطلقا فاذا كان هناك اعتراض على موضوع معين يمكن معالجته من خلال المؤسسات. ما يحصل عمل ارادي. يجب انعقاد مجلس الوزراء وتحمل الجميع مسؤوليته، وانا لست ملزماً بالتوقيع وحدي على أي قرار، ولا يمكن لاي توقيع اختصار مجلس الوزراء في ظل حكومة مكتملة الاوصاف الدستورية.”
ومن الانهاء الذي يصدر عن #المجلس الأعلى للدفاع انطلق عون ليشير إلى “ان هذا الانهاء يحتاج إلى موافقة مجلس الوزراء ليقترن بمرسوم يصبح موضع التنفيذ، وهذا الموضوع ليس وحده الذي يحتاج إلى عقد جلسات مجلس الوزراء”.
وعدّد في هذا السياق المواضيع الملحة والضرورية التي تتعلق بالموظفين وبتسيير المرفق العام وتحديد العمل بالملاكات الموقتة والمتعاقدين للعام 2022 ابتداء من 1/1/2022، إضافة إلى إعطاء مساعدات للموظفين وزيادة بدل النقل لموظفي القطاع العام والخاص ودفع مستحقات الادوية والمستشفيات والعلاجات الدائمة
واعتبر “ان كل هذه المواضيع المهمة تحتاج إلى مجلس الوزراء”.
إلى ذلك، طرح رئيس الجمهورية ملف بعض الجمعيات الأهلية التي لها تمويل خارجي للقيام بأنشطة سياسية في مرحلة الانتخابات خلافا للأهداف التي أنشئت من أجلها وهي أهداف اجتماعية. وذكرت المصادر المعنية إن الرئيس عون سأل عن مصدر تمويلها ودورها وأهدافها وقال إنه إذا كانت تعمل على تمويل الانتخابات فهذا يعني ان نشاطها غير خيري ويشكل جرما لأن هناك أموالا تصل من الخارج لتمويلها.
وختم رئيس الجمهورية الاجتماع بالحديث عن المناقلات التي تمت في قوى الأمن الداخلي اخيراً وطلب إعادة تصحيح الوضع وفقا للقوانين المرعية الاجراء.
من جهته، لفت الرئيس نجيب ميقاتي إلى وجود خشية من ان تقود الدعوة إلى انعقاد مجلس الوزراء، البلاد إلى أماكن أخرى او إلى تصدع يجب التعاون لتفاديه. وقال: “انا حريص مثل رئيس الجمهورية على انعقاد مجلس الوزراء، لاسيما وأننا جميعا متضررون من عدم انعقاده، ونأمل ان نتمكن قريبا من الدعوة إلى عقده لمعالجة المواضيع الملحة”.
وقرر المجلس تمديد اعلان التعبئة العامة ابتداء من 1/1/2022 ولغاية 31/3/2022، والإبقاء على الإجراءات والتدابير المقررة سابقاً.
وعلم من مصادر وزارية أنه خلال الاجتماع عرض وزير الصحة الدكتور فراس الأبيض للواقع الصحي وأشار إلى تسجيل إعداد مرتفعة في إصابات كورونا وانه حتى الآن سجل متحور اوميكرون ١٢٠ إصابة في لبنان. وتحدث الوزير الأبيض عن انعكاس هذا الارتفاع على الاستشفاء والتوقعات بوجود حالات تستدعي الأستشفاء . وقالت المصادر إن وزير الصحة لفت إلى الوضع الصعب الذي تعاني منه المستشفيات وكشف أن نسبة الأشغال فيها لحالات كورونا بلغت ٧٥ و٨٠ في المئة. وتخوف من زيادة هذه النسبة وانعكاسها سلبا على وضع المستشفيات وشدد على أهمية مواصلة عمليات التلقيح مقترحا تمديد التعبئة.
وبعد التداول استقرّ الرأي على أن يتم التمديد لمدة ثلاثة أشهر
#غوتيريس
وسط هذه الاجواء الملبدة سياسيا ومعيشيا، غادر بيروت الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس بيروت صباح أمس متوجها إلى باريس بعد انتهاء زيارته الرسمية للبنان التي استمرت ثلاثة ايام. وقال قبيل مغادرته: “تشرفت بزيارة لبنان مرة أخرى لكن من المحزن رؤية شعب هذا البلد الجميل يعاني بشدة يجب أن يعمل القادة السياسيون معًا لتنفيذ الإصلاحات التي تستجيب لمطالب الناس وتعطي الأمل في مستقبل أفضل”.
وتسلم غوتيريس في لقاء مساء الثلثاء مذكرة من الرؤساء امين الجميل، ميشال سليمان، فؤاد السنيورة بالأصالة عن نفسه وعن الرئيس سعد الحريري والرئيس تمام سلام، تطلب دعم الأمم المتحدة “لمطالب وطنية تتمثل بالالتزام الكامل بالدستور، وباتفاق الطائف والانتماء العربي، وكذلك بالإجماع العربي، وبجميع قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالشأن اللبناني، ولاسيما القرارات 1559 و1680 و1701، وباعلان بعبدا وضرورة التزام إجراء الاستحقاقات الدستورية للانتخابات النيابية والانتخابات الرئاسية في مواعيدها الدستورية ، اضافة إلى ضرورة الاهتمام الدولي بالتضامن مع لبنان في تحرير أرضه، والحفاظ على دوره وثرواته، وفي رفض السلاح غير الشرعي، وضرورة بسط الدولة اللبنانية وأجهزتها العسكرية والأمنية لسلطتها وحدها على كامل التراب اللبناني وعلى جميع مرافقها. وتأكيدأهمية مبادرة المجتمع الدولي لإنقاذ لبنان من الأزمات والصدمات التي تنهال عليه، وذلك من خلال صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، والمجموعة الدولية لدعم لبنان (ISG) والمؤسسات المالية العربية والدولية”.
*****************************************
عون يضغط على ميقاتي… وباسيل يدرس خياراته “على الأرض وفي المجلس”
قائد الجيش ينبّه من “الفوضى”: لن نسمح بتكرار الـ1975
غادر الأمين العام للأمم المتحدة لبنان على وقع نبأ تكسير آليات “اليونيفل” في بلدة شقرا الجنوبية، حيث أعاد “غضب الأهالي” ترسيم الخطوط الحمر أمام تحركات القوات الأممية، قاطعاً الطريق أمام عبورها بعض المواقع الحساسة الممنوعة من “الاقتراب أو التصوير”… ولولا عناية الجيش اللبناني وتدخله لتأمين خروج دورية “اليونيفل” سالمة، لكانت دماء عناصرها سالت رجماً بالحجارة، كما بدا من “الفيديو” الذي وثّق الهجوم الشرس الذي شنّه شبان من البلدة بدبش من الحجم الكبير مستهدفين مباشرةً الزجاج الأمامي للمركبات.
وإذ وضعت “اليونيفل” وقائع هذه “الحادثة الخطيرة” في عهدة السلطات اللبنانية للتحقيق فيها و”تقديم المرتكبين إلى العدالة”، مذكرةً على لسان نائبة مدير مكتبها الإعلامي كانديس آرديل بتشديد الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس “أمس (الأول من الجنوب) على وجوب أن تتمتع اليونيفيل بوصول كامل ومن دون عوائق إلى جميع أنحاء منطقة عملياتها بموجب القرار 1701″… بدت لافتة للانتباه، في مضامينها وتوقيتها، مواقف قائد الجيش العماد جوزيف عون في خضمّ “ما نعيشه من ظروف أكثر من صعبة”، منبهاً خلالها العسكريين إلى كون مؤسستهم أصبحت “المدماك الأخير الذي يحول دون انهيار الوطن وسقوطه في قبضة الفوضى والميليشيات كما حصل في السابق (…) فتجربة 1975 كانت تجربة مريرة ولن نسمح بتكرارها، ولا أحد يقبل بعودة سيطرة الميليشيات والعيش تحت رحمة العصابات المسلحة”.
وإذ حذر من أنّ الفتنة باتت على “مسافة خطوات ولن نسمح بوقوعها”، صارح العماد عون عسكرييه بأنّ “الأزمة الاقتصادية ستطول وهناك سيناريوات لمواجهة الأسوأ”، داعياً إياهم إلى “الصمود أمام العاصفة حتى إنهائها”، وواعداً بتأمين أكبر قدر من المساعدات العينية والمادية “ليبقى الجيش قادراً على تنفيذ واجباته العملانية”، خصوصاً في ظل “ما نعيشه من ظروف ساحقة تمعن في الناس تهشيماً وتدميراً”، وسأل: “لمن نترك الوطن؟ للفوضى؟ للحرب الأهلية؟” فتضحيات العسكريين وجهودهم هي التي حالت دون انهيار لبنان رغم ما حدث منذ تشرين الأول 2019 لغاية اليوم”.
أما على ضفة “المجلس الأعلى للدفاع” فبدا التناحر السياسي طاغياً على ما عداه من هواجس عسكرية وأمنية ووطنية، من خلال طغيان موضوع تعطيل مجلس الوزراء على استهلالية رئيس الجمهورية ميشال عون أمس في اجتماع بعبدا، جنباً إلى جنب مع تصويبه على المجتمع المدني وإلقاء شبهة “التمويل الخارجي لأنشطته السياسية في مرحلة الانتخابات”. وإذا كان عون قد خصّ الثنائي الشيعي بتحميله مسؤولية مباشرة عن شلّ مجلس الوزراء عبر “مقاطعته بفعل إرادة من أعضاء فيه”، فإنه بالتوازي وضع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي “تحت الضغط” للدعوة إلى انعقاد المجلس ملوحاً في المقابل بحجب توقيع الرئاسة الأولى عن القرارات الحكومية لأنه “لا يمكن لأي توقيع اختصار مجلس الوزراء في ظل حكومة مكتملة الأوصاف الدستورية”، فكان رد ميقاتي مزيداً من تجديد الخشية من الإقدام على أي دعوة غير توافقية لانعقاد مجلس الوزراء باعتبارها “تقود البلاد إلى أماكن أخرى وإلى تصدّع يجب تفاديه”.
ولإحكام الضغط على ميقاتي، تقدم نواب تكتل “لبنان القوي” من رئيس مجلس النواب نبيه بري بطلب عقد جلسة لمساءلة الحكومة عن أسباب تمنعها عن الاجتماع والخوض معها في “مناقشة سياسية في أقرب وقت” تحت قبة البرلمان… وهي خطوة أولى ضمن مروحة واسعة من الخيارات يدرسها رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل للرد على “السقطة الدستورية” كما يصفها جراء عدم قبول الطعن بتعديلات قانون الانتخاب.
وكشفت أوساط “التيار الوطني” لـ”نداء الوطن” أن التيار لن يصدر أي قرار أو يعلن عن أي من خياراته المقبلة “قبل 2 كانون الثاني باعتبار أنّ الأسبوعين الفاصلين عن هذا الموعد سيكونان مخصصين لعقد سلسلة اجتماعات ولقاءات داخلية للنقاش في الطروحات والخيارات بعد تبلور المشهد السياسي الأخير”، معتبرةً أنّ “ما حصل جعل روحية الصيغة اللبنانية برمتها في خطر إثر ضرب صلاحية رئيس الجمهورية في الصميم وإنهاء روحية الشراكة والميثاقية، ما يتطلب إعادة نظر وتقييم لكل المرحلة السابقة تحضيراً للمرحلة الجديدة وكيفية التعاطي معها”.
وإذ أكدت أنه “من المبكر الحديث عن سقوط تفاهم مار مخايل رغم الخروج من روحيته”، أشارت الأوساط إلى أنه كان يمكن لـ”حزب الله” أن يكون له دور مغاير وأداء مختلف “كما كنا نتوقع ونراهن” خصوصاً لجهة صلاحيات الرئيس، مشددةً في ضوء ذلك على أنّ ما جرى “مش قصة هينة والمشكلة لا يمكن أن تُحل “بقعدة وفنجان قهوة” بين باسيل و(الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن) نصرالله فنحن هنا نتحدث بالعقد والميثاق والدستور والشراكة… وكل الخيارات أصبحت مطروحة أمام “التيار” وهي كثيرة لا سيما على الأرض وفي مجلس النواب”.
*****************************************
ميقاتي رفض «التسوية»… وغوتيريش امتعض من تفاصيلها
محمد شقير
أدى رفض رئيس الحكومة نجيب ميقاتي «التسوية» التي كانت تهدف إلى مقايضة موافقة «المجلس الدستوري» على الطعن بقانون الانتخاب في مقابل حل الخلاف حول التحقيق في انفجار المرفأ، إلى إلحاق خسارة برئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل الذي راهن عليها لتعويم نفسه في الشارع المسيحي بدعم من الرئيس ميشال عون و«موافقة ضمنية» من «حزب الله»، كما يقول مرجع حكومي سابق لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً أن موقف ميقاتي أنقذ مجلس الوزراء وحمى القضاء وقطع الطريق على استقالة عشرات القضاة لو أتيح لهذه التسوية – الصفقة أن ترى النور، وأسهم بتحصين المجلس الدستوري برده الطعن بالتعديلات المقترحة على قانون الانتخاب الذي تقدم به «تكتل لبنان القوي» برئاسة باسيل.
ويلفت المرجع الحكومي الذي فضل عدم ذكر اسمه إلى أن «المجلس الدستوري» برده الطعن أراد تمرير رسالة بأنه ليس أداة بيد المنظومة السياسية ولا يتناغم في مراجعته للطعون مع الحسابات السياسية لباسيل.
ويؤكد أن «حزب الله» هو من أعد لتمرير الصفقة بالتفاهم مع باسيل وبغطاء من رئيس الجمهورية، ويقول إن التسوية كانت تنص على إقالة رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود والنائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات ورئيس مجلس شورى الدولة القاضي فادي إلياس، نافياً شمول الإقالة المدعي العام المالي القاضي علي إبراهيم.
ويكشف أن إقالتهم تتم بالإفراج عن مجلس الوزراء لتهيئة الظروف لمعاودة جلساته إفساحاً في المجال أمامه لتعيين بدلاء عن القضاة المشمولين بالإقالة، على أن يتلازم تعيينهم مع قبول «المجلس الدستوري» ببعض المواد الواردة في الطعن المقدم من كتلة باسيل وتحديداً بالنسبة إلى استحداث دائرة انتخابية جديدة تحصر حق المقيمين في الخارج بانتخاب 6 نواب يمثلونهم على أن يتوزعوا مناصفة بين المسيحيين والمسلمين.
ويقول المرجع نفسه إن تعيين قاضٍ يخلف القاضي عبود يأتي في سياق رئاسته للهيئة العليا لمحكمة التمييز لتكون لديه القدرة على فصل ملاحقة الرؤساء والوزراء عن ملاحقة المتهمين الآخرين في ملف انفجار مرفأ بيروت وإحالتهم على المجلس الأعلى لمحاكمتهم، ويؤكد أن ملاحقتهم من قبله تعفي باسيل من الإحراج في حال تقرر حصر الملاحقة بالبرلمان لأنه سيضطر لحضور الجلسة ليس لتأمين النصاب لانعقادها وإنما للتصويت وكتلته النيابية على قرار الفصل.
ويرى أن الهدف من تعيين قاضٍ خلفاً للقاضي عويدات سيفتح الباب أمام عون لملاحقة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بتهمة تبييض الأموال وصولاً إلى إقالته، خصوصاً أنه كان طلب من عويدات ملاحقته لكنه لم يستجب بذريعة أن ليس لديه وثائق ومستندات تجيز له اتهامه، ويلفت إلى أنه كان يراد من التسوية التي أعدت من وراء ظهر ميقاتي توجيه ضربة إلى الجسم القضائي بالالتفاف على استقلاليته، وثانية إلى مجلس الوزراء لأنه لن يوافق على ما يملى عليه لتهديم كبرى مؤسسات الدولة، وثالثة إلى «المجلس الدستوري» لإظهاره أمام الرأي العام، كما كان خلال فترة الوصاية السورية على لبنان، بأنه أداة طيعة تأتمر بأوامر المنظومة الحاكمة.
ويكشف أن التداعيات التي ترتبت على مقاومة ميقاتي للصفقة ورفضه مبادلتها بوقف تعطيل جلسات مجلس الوزراء حضرت على هامش لقاء الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مع الرؤساء أمين الجميل وميشال سليمان وفؤاد السنيورة وتمام سلام الذي استفسر عن بعض تفاصيلها، ما اضطر الرؤساء لاطلاعه على بعض تفاصيلها ولاحظوا امتعاضه الشديد في ضوء اطلاعه على رد فعل ميقاتي الذي أحبطها.
وعلمت «الشرق الأوسط» بأن ميقاتي لم يكن طرفاً في الصفقة وأن بعض تفاصيلها تنامى إليه أثناء اجتماعه بـغوتيريش مع أنه لم يكن يصدق وجودها، وكان يعتقد أن الحديث عنها يأتي في سياق التسريبات، إلى أن التقى على عجل رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي لم يخفِ أمامه وجود اتصالات في هذا الخصوص.
لكن ميقاتي بادر إلى رفضها وسأل بري: ما المصلحة من السير فيها؟ من دون أن يُبدي مقاومة لما سمعه من ملاحظات تتعلق بتفاصيلها من رئيس الحكومة مع أنه خرج غاضباً من اللقاء وقال إنه ليس معنياً بها.
إلا أن الاتصالات من قبل بري تسارعت مع ميقاتي مؤكداً له أنه لن يختلف معه وأن ما حصل لن يكون عائقاً أمام استمرار التعاون، وهذا يعني أن بري عرضها من دون أن يدافع عنها أو يتبناها، ما دفع عدداً من المراقبين إلى الاعتقاد بأنه طرحها لجس نبض ميقاتي بناءً لرغبة حليفه «حزب الله» الذي لم ينفك عن استخدام نفوذه السياسي، كما يقول هؤلاء لإنقاذ حليفه الآخر باسيل.
لكن ميقاتي لم يكتفِ بلقاء بري، وإنما بادر لاحقاً للاتصال بعون ليس من باب الاحتجاج فحسب، وإنما لتسجيل موقف مفاده أن لا شيء يمشي من وراء ظهره ولن يسجل على نفسه ضلوعه في تهديم المؤسسات بدلاً من الحفاظ عليها.
لذلك، بقيت التسوية حبراً على ورق ولم تكن سوى صفقة ليس لإنقاذ السنة الأخيرة من ولاية عون فحسب، وإنما لتعويم باسيل الذي وجد نفسه وحيداً في الدفاع عنها بعد أن تخلى عنه من أعدها، إذ إنها وُلدت «مكتومة القيد من أبوين مجهولين»، كما يقول المرجع الحكومي السابق.
وعليه بدأ باسيل يستهدف رئيس الحكومة و«الثنائي الشيعي» في محاولة لمعاقبتهما لأنهما تركاه وحيداً، واستحضر في هجومه «الحلف الرباعي»، ظناً منه أنه ينجح في شد العصب في الشارع المسيحي على غرار ما فعله عون فور عودته من منفاه الباريسي إلى بيروت وخوضه الانتخابات النيابية عام 2005 ضد خصومه تحت عنوان أنهم أقاموا حلفاً لإضعافه، مع أن لا وجود لمثل هذا الحلف، ما دام أن العضوين في المجلس الدستوري وينتمي كلاهما إلى الطائفة السنية وقفا إلى جانب رئيسه القاضي طنوس مشلب الذي لم يتأمن له العدد الكافي لقبول الطعن المقدم من كتلة باسيل النيابية.
*****************************************
“الجمهورية”: بعد الـ”لا قرار”: منتصرون ومهزومون .. والجبهات تستعد للصراع .. وغوتيريس يغادر حزيناً
فتح «لا قرار» المجلس الدستوري حول الطعن الانتخابي، البلد على صراع سياسي توحي كل المؤشرات الداخلية بأنّه سيكون ذروة في الاحتدام، وليس في إمكان أحد من الآن، تقدير سقف التصعيد، وما سيترتب عليه من تداعيات سياسية وغير سياسية.
ووسط هذه الأجواء الملبّدة على كل المستويات، إختتم الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش زيارة الى بيروت، بدت وكأنّها حدث ثانوي أمام تسارع الأحداث الداخلية، وغادر الى باريس، بعدما عبّر عن حزنه «لرؤية شعب هذا البلد الجميل يعاني بشدّة»، وقال: «يجب أن يعمل القادة السياسيون معًا لتنفيذ الإصلاحات التي تستجيب لمطالب الناس وتعطي الأمل في مستقبل أفضل».
وعلى صعيد دولي آخر، قال الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتريلا، في رسالة تمنيات طيبة للجنود الإيطاليين المنخرطين في مسارح العمليات الدولية، امس: «إنّ ما يجري في لبنان «مهمّ» للمجتمع الدولي، حسبما أفادت وكالة «نوفا» الإيطالية للأنباء. وخاطب ماتريلا كتيبة البعثة الإيطالية في لبنان، مركّزاً على الوضع «المقلق» في البلاد، لا سيما أوضاع السكان الذين يعانون من «ضائقة اجتماعية».
من جهته، أكّد نائب رئيس البرلمان الأوروبي فابيو كاستالدو «أنّ إيطإليا والاتحاد الأوروبي ينتظران من القادة اللبنانيين الشروع بالإصلاحات ليقوموا بدور لمساعدة لبنان».
صار البلد فوق المكشوف سياسياً، واقتصادياً ومالياً، واجتماعياً، وقضائياً، وصحيّاً، وحتى وطنياً، فلا تفاهمات، ولا تسويات، بل استعدادات لاشتباكات على كل الجبهات. باتت جلية وممتدة على طول المشهد الداخلي، الذي يبدو انّه أُصيب بارتجاجات في المخ السياسي الذي يحكمه، بعد صدور «لا قرار» المجلس الدستوري. وتلك الاستعدادات عكست فرزاً داخليا واضحاً، وثبّتت المشهد الداخلي على مثلث متصادم:
– يتمركز في ضلعه الاول، فريق أشعره «لا قرار» المجلس الدستوري بهزيمة يصعب عليه ان يتحمّلها، أخذته الى ردّ فعل انفعالي صوّب فيه على الخصم والحليف ولم يوفّر احداً، وتوعّد بالويل والثبور وعظائم الامور، شاهراً في وجههم مقولة «عليّ وعلى اعدائي»، وهو ما تبدّى في اللغة النارية التي استخدمها رئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل في معرض رفضه لما آل اليه الطعن المقدّم من تكتل لبنان القوي في بعض تعديلات القانون الانتخابي الحالي.
– وفي الضلع الثاتي لهذا المثلّث، يتمركز فريق أشعره الـ«لاقرار» بالانتصار، وأخذته نشوة التشفّي من العهد وتياره السياسي الى المغالاة، مقدّما لنفسه فوزاً مسبقاً وحاسماً في الانتخابات النيابية، حيث بدا وكأنّه حقّق من خلاله مراده في إحداث انقلاب يكسر المعادلة النيابية القائمة ويطيح الاكثرية الحاكمة.
– واما في الضلع الثالث، فيتمركز مواطن لبناني مهزوم، يُضحّى به في معركة تصفية حسابات تدور رحاها فوق جوع الناس واختناقهم، ويقايض اطرافها بلداً وشعباً بأكمله، بمقعد نيابي بالزايد هنا او هناك!
تصعيد
وكما بدا جلياً غداة سقوط الطعن الانتخابي، فإنّ ارضيّة التصعيد بدأت تتحضّر على اكثر من جبهة، ولا سيما من خلال التقاصف السياسي المتبادل بين «التيار الوطني الحر» وحزب «القوات اللبنانية»، وكذلك بين التيار و»الثنائي الشيعي»، حيث كان لافتاً للانتباه تجنّب حركة «أمل» و»حزب الله» الردّ العلني والمباشر على باسيل، الّا أنّ ناشطي الطرفين بدوا في معركة حامية الوطيس مع ناشطي التيار على مواقع التواصل الاجتماعي. ما يثير اكثر من علامة استفهام حول مستقبل تفاهم مار مخايل بين «التيار» و»حزب الله».
وكذلك كانت لافتة السخونة الشديدة على خط «التيار الوطني الحر» وفريق رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، حيث انّ نواب التيار وجّهوا كتاباً رسمياً الى رئيس المجلس النيابي نبيه بري مطالبين بعقد جلسة نيابية عامة في اقرب وقت، لمساءلة الحكومة لتمنّعها عن الانعقاد، فيما برز في المقابل ردّ عنيف من فريق رئيس الحكومة على ما اورده رئيس التيار جبران باسيل من مواقف هجومية على خلفية كسر الطعن الانتخابي الذي تقدّم به.
ولفت في هذا المجال، ما ذكره موقع «لبنان 24» التابع للرئيس ميقاتي، الذي شبّه باسيل، من دون ان يسمّيه بـ«دون كيشوت الجمهورية اللبنانية»، وقال: «من يستمع اليه وهو يدلي بدلوه امس ( الاول)، يعتقد للوهلة الاولى انّ المتكلم قَدم حديثاً الى لبنان من بلاد بعيدة ولا علم او دور له بأي أمر حصل سابقاً. ومما قاله «دون كيشوت لبنان»: «لا تظنن أننا صدّقنا المسرحية التي رأيناها البارحة في عين التينة، نحن نعرف بعضنا جيداً». ولأنّ اللبنانيين يعرفون بعضهم جيداً، وجيّداً جداً، لا بدّ من إضاءات سريعة على كلام» دون كيشوت لبنان»: لا تظنن انّ اللبنانيين يصدّقون مسرحية «حقوق المسيحيين» التي تتخذها شمّاعة كلما وجدت نفسك مزروكاً في موسم الانتخابات. فبفضلك وبفضل «ادائك من خلف الكواليس الرئاسية» واحياناً بشكل ظاهر، تحوّلت شريحة كبيرة من اللبنانيين ومن ضمنهم المسيحيون، الى مهاجرين يائسين يبحثون عن ملاذ في اي مكان في العالم. ولا تظنن انّ اللبنانيين نسوا «شهور العسل والتسويات» التي انتهت بالطلاق بعد الخلاف على الحصص والمغانم. ولا تظنن انّ المغتربين يصدقون انك لا تنام الليل وانت تفكر في كيفية اعطائهم حقوقهم واعادتهم الى وطنهم، وهم مدركون حتماً انك لا ترى فيهم سوى دجاجة تبيض «ذهباً عددياً ومالياً» لعل الفوز يكون حليفك في زمن « قانون انتخابي» بات اوسع من القياس الذي ساهمت في تفصيله سابقاً. ولا تظنن انّ احداً صدّق او سيصدّق «هذه المعلّقة» التي أدليت بها وستكرّرها ولا تتقن سواها. أوقف «حرتقاتك» واترك أهل القرار يسعون لحل قضايا الوطن وينشلون الشعب من الحفرة التي وجدوا انفسهم فيها. وآن لك أن تقتنع أنّ بضاعة» ما خلّونا» باتت كاسدة، وانّ الجميع يترقبك تنادي على نقيضها عندما يقترب موسم التحالفات الانتخابية. إرحم الناس والوطن، وقد بات أهله يبكون حسرة على واقعهم، وكفّ شرّك عن الناس واتعظ».
اشتباك وشيك!
على انّ بداية السنة الجديدة تحمل معها صواعق توتير متعددة، بدءًا بالملف القضائي وما يتصل بمذكّرات التوقيف التي اصدرها المحقق العدلي القاضي طارق البيطار بحق الوزراء السابقين الذين ادّعى عليهم في هذا الملف، ولاسيما المذكرة المتعلقة بالنائب علي حسن خليل التي اصرّ البيطار على تنفيذها. وخصوصاً انّ النيابة العامة التمييزية أحالت مذكرة توقيف النائب خليل على الاجهزة الأمنية للتنفيذ خارج دورة الانعقاد العادي لمجلس النواب. مع الاشارة هنا، الى انّ العقد العادي الثاني للمجلس النيابي ينتهي آخر السنة الحالية، اي بعد اسبوع. وبحسب الأجواء السائدة فإنّ مقاربة هذه المسألة بعد نهاية العقد العادي للمجلس تسير في ما يشبه حقل الغام، وتتسم بحذر شديد من تداعياتها السياسية والقضائية. وقالت مصادر معنية بهذه المسألة لـ«الجمهورية»: «الأمر دقيق جداً، وغاية في الحساسية، والتمادي في التحدّي سيفتح الأمور على عواقب وخيمة».
ويأتي ذلك، في وقت تُطرح فيه علامات استفهام حول مصير التحقيق العدلي، وسط حديث متجدّد عن احتمال كفّ يد القاضي البيطار لفترة قد تزيد على الاسبوعين، بعد تبلّغه دعوى جديدة لطلب ردّه، مقدّمة من النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر، امام رئيس الغرفة الاولى بالانتداب القاضي ناجي عيد.
ولعلّ صاعق التوتير الأقرب، هو المرتبط بفتح دورة انعقاد استثنائي لمجلس النواب، حيث يصبح المجلس اعتباراً من اول كانون الثاني المقبل خارج دورة الانعقاد، ومعلومات مصادر موثوقة تؤكّد انّ رئيس الجمهورية ليس بوارد فتح دورة استثنائية، وهو أبلغ هذا الأمر الى مرجع كبير.
وفيما ربطت مصادر سياسية تمنّع عون عن فتح الدورة مرتبط بعدم رغبة رئيس الجمهورية بأن يوفّر فتح الدورة غطاء أمان لأي من المدّعى عليهم (وتحديداً النائب علي حسن خليل)، قالت مصادر أخرى لـ«الجمهورية»: «هناك سبيلان لفتح الدورة الاستثنائية، فمن جهة لرئيس الجمهورية الحق الدستوري في ان يفتح دورة استثنائية بالاتفاق مع رئيس الحكومة، او لا يفتح هذه الدورة، ومن جهة ثانية فإنّ للنواب الحق في فتح دورة استثنائية اذا طلبت ذلك الاكثرية المطلقة من عدد اعضاء المجلس النيابي. وهذا يتمّ عبر عريضة يوقّعها النواب، يشكّل عدد اعضائها الاكثرية المطلقة من عدد اعضاء المجلس، وعندها يصبح رئيس الجمهورية ملزماً بفتح الدورة». وبحسب المصادر، فإنّه ان حكمت الكيدية موضوع فتح الدورة، فعندئذ كل الاحتمالات واردة.
تعطيل حتى الانتخابات!
أمّا حكومياً، فإنّ الحكومة، وكما تقول مصادر وزارية لـ«الجمهورية»، معلّقة على الحبل القضائي المشدود على ارادة صدامية وتعقيدات اصبح حلّها من المستحيلات. وفق ما هو ظاهر في اجواء القضائية المعنية بالتحقيق العدلي، وكذلك من اجواء «الثنائي الشيعي» التي باتت اكثر تصلّبا وتشددا حيال القاضي العدلي.
ومع انسداد افق الحلول والمخارج على هذا الصعيد، تبدي مصادر سياسية معنية بالاشتباك السياسي – القضائي تشاؤما اكيدا حيال مستقبل الحكومة، وقالت لـ«الجمهورية»: رئيس الحكومة، كما يؤكد، ليس في وارد توجيه دعوة لانعقاد مجلس الوزراء في جو خلافي وانقسامي، وكل محاولات الحلحلة قد فشلت، وهذا الامر عزّز الاعتقاد بأنّ الحكومة ستبقى أسيرة التعطيل حتى الانتخابات النيابية، والضحية الاساس هنا ليس الحكومة بل الشعب اللبناني جرّاء ما قد ينتظره من منحدرات مالية ومعيشية.
وربطاً بهذا الانسداد، أبدى مرجع سياسي تخوّفا شديدا من بلوغ الامور في لبنان مرحلة من الفلتان الذي لا يمكن احتواؤه، وقال لـ»الجمهورية»: «لا اعتقد انّ الافق قد أقفل بالكامل امام الوصول الى معالجات للتعقيدات القائمة وحلول تنقذ الحكومة من تعطيلها، ومن هنا يفترض ان تحمل الايام المقبلة شيئا ما على هذا الصعيد، والا فإنّ التعطيل لن يقتصر على الحكومة فقط، بل قد يطال مختلف مناحي الحياة والادارة والخدمات في لبنان، وقد لا تكون الانتخابات النيابية بمنأى عنه، اذ ان لا شيء يضمن ابداً الّا تنتقل عدوى التعطيل اليها، وفي هذه الحالة سيسقط البلد في محظور لا حدود لسلبياته على الجميع من دون استثناء».
عون: لانعقاد الحكومة
والملف الحكومي، كان محل بحث في الاجتماع الذي عقده مجلس الدفاع الاعلى في القصر الجمهوري برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وفي الخلوة التي سبقته بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي.
ولفت عون، خلال الاجتماع، الى انّ «الانهاء الذي يصدر عن المجلس الأعلى للدفاع في ما خصّ تمديد التعبئة العامة يحتاج الى موافقة مجلس الوزراء ليقترن بمرسوم يصبح موضع التنفيذ، وهذا الموضوع ليس وحده الذي يحتاج الى عقد جلسات مجلس الوزراء، ذلك انّ هناك مواضيع ملحة وضرورية أخرى، تتعلق بالموظفين وبتسيير المرفق العام وتحديد العمل بالملاكات الموقتة والمتعاقدين للعام 2022 ابتداء من 1/1/2022، إضافة الى إعطاء مساعدات للموظفين وزيادة بدل النقل لموظفي القطاع العام والخاص ودفع مستحقات الادوية والمستشفيات والعلاجات الدائمة… كل هذه المواضيع المهمة تحتاج الى مجلس الوزراء وهذا ما يجب ان نقوم به حتى تتمكن الحكومة من القيام بمهامها، ذلك انه من دون مجلس وزراء لا يمكن تسيير شؤون البلاد».
واعتبر انّ «مقاطعة جلسات مجلس الوزراء فعل إرادة من أعضاء موجودين فيه وهذا غير مقبول، وعلى كل وزير ان يقدّر خطورة الموقف، ومن غير الجائز تجاهله مطلقاً، فإذا كان هناك اعتراض على موضوع معين يمكن معالجته من خلال المؤسسات. ما يحصل عمل ارادي، ويجب انعقاد مجلس الوزراء وتحمّل الجميع مسؤوليته، وانا لست ملزماً بالتوقيع وحدي على أي قرار، ولا يمكن لأيّ توقيع اختصار مجلس الوزراء في ظل حكومة مكتملة الاوصاف الدستورية».
وشدد على ان «أي تشكيلات او ترقيات تُجرى في القوى الأمنية يجب ان تستند الى الأصول المنصوص عنها في القوانين المرعية الاجراء».
كما لفت الى «ضرورة متابعة عمل بعض الجمعيات الاهلية، لا سيما بعد توافر معلومات عن تمويل خارجي لها للقيام بأنشطة سياسية في مرحلة الانتخابات النيابية المقبلة، خلافاً للاهداف التي أنشئت من اجلها وهي اهداف اجتماعية وإنسانية».
ميقاتي
وفي مداخلته ركّز الرئيس ميقاتي على عمل مجلس الوزراء، لافتاً الى «وجود خشية من ان تقود الدعوة الى انعقاده البلاد الى أماكن أخرى او الى تصدّع يجب التعاون لتفاديه». وقال: «انا حريص مثل رئيس الجمهورية على انعقاد مجلس الوزراء، لا سيما اننا جميعاً متضررون من عدم انعقاده، ونأمل ان نتمكن قريباً من الدعوة الى عقده لمعالجة المواضيع الملحّة». مضيفاً: «لقد كتب على من يتولى المسؤولية في هذا البلد ان يعمل على تقريب المواقف ووجهات النظر وليس زيادة الشرخ، وهذا دورنا ونهجنا وسنعمل من اجل تحقيقه».
كما عرض الرئيس ميقاتي للاجتماعات التي تنعقد في السرايا «لمعالجة المواضيع الملحة، مثل مكافحة التهريب على المعابر وتجارة المخدرات وترويجها ومنصات التلاعب بالدولار ومراقبة أسعار السلع الاستهلاكية».
وبعد الاجتماع صدر عن المجلس بيان اشار فيه الى اتخاذه قراراً بإصدار إنهاء بتمديد اعلان التعبئة العامة ابتداء من 1/1/2022 ولغاية 31/3/2022، والإبقاء على الإجراءات والتدابير المقررة سابقا، كما تم الطلب إلى الأجهزة العسكرية والأمنية أن تكون على أهبة الاستعداد لتأمين فترة أعياد نهاية العام مستقرة من الناحية الأمنية وينعم اللبنانيون ببعض من الطمأنينة رغم همومهم وظروفهم الصعبة للغاية. كما تم اتخاذ بعض القرارات التي تتعلق بالأوضاع العامة وذات الطابع الأمني، لا سيما تلك المتعلقة بمسائل التهريب على المعابر الشرعية وغير الشرعية وإنتاج وتجارة المخدرات وعمل منصات سعر صرف الدولار الأميركي ومراقبة أسعار السلع الاستهلاكية».
كما تناول المجلس موضوع المخاطر التي قد يسببها مطمر الناعمة وتقرر الطلب الى وزير البيئة متابعة الموضوع. كذلك تطرق البحث الى وضع اهراءات القمح في مرفأ بيروت وضرورة الإسراع في اتخاذ تدابير تمنع سقوطها، فطلب المجلس الى وزارتي الاقتصاد والتجارة والاشغال العامة والنقل ومجلس الانماء والاعمار معالجة الموضوع وفق الأصول المعتمدة. وتناول البحث أيضا موضوع فتح السلطات السورية الحدود امام كل اللبنانيين الملقحين ضد وباء كورونا، او الحاصلين على نتائج فحوصات سلبية، وطلب الى المديرية العامة للامن العام اتخاذ إلاجراءات المماثلة بالتنسيق مع وزارة الصحة.
يُشار في هذا المجال الى ان وزارة الصحة سجّلت في الساعات الاربع والعشرين الماضية 1922 اصابة بفيروس كورونا و15 حالة وفاة، فيما عقدت اللجنة الصحية المكلفة متابعة تطبيق الإجراءات ضد تفشي فيروس كورونا ومتحوراته» اجتماعا في السرايا الحكومية ترأس جانباً منه الرئيس ميقاتي الذي دعا إلى «التشدد في تطبيق الإجراءات الوقائية المتخذة للحد من انتشار فيروس كورونا». وطالبَ «الأجهزة الأمنية على اختلافها بعدم التهاون في هذا الأمر ضمن الإمكانات المتاحة».
واكد وزير الصحة فراس الابيض انّ هناك انتشارا للوباء في لبنان غالبيته بمتحوّر «دلتا»، لافتاً الى وجود 29 حالة مؤكدة من أوميكرون و111 غير مؤكدة.
الى ذلك، حذّرت المستشفيات من كارثة صحية محتّمة في غضون ايام معدودة، مشيرة الى ان عدد الاصابات بفيروس كورونا يتزايد بشكل ملحوظ، ومعه الحاجة الى الاستشفاء لا سيما في اقسام العناية الفائقة. ولفتت نقابة المستشفيات الى خطورة الوضع وان العديد من المستشفيات سبق ان اقفلت اقسام كورونا بسبب الصعوبات المادية وعدم توفر العناصر البشرية اللازمة. هذه الصعوبات تزداد يوماً بعد يوم. وبالتالي، بالنسبة الى ما يخصّ كورونا تحديداً، فإنّ المستشفيات عاجزة تماماً عن تأمين الاوكسيجين وكواشف المختبر والادوية والمستلزمات الطبية الضرورية في ظل الشروط الصعبة التي يطلبها الموردون».
*****************************************
تكتل باسيل يرمي الكرة إلى المجلس وبري يعيدها بانتظار مرسوم العقد الاستثنائي
عون يطعن بتشكيلات قوى الأمن.. ومذكرة من رؤساء جمهورية وحكومة لغوتيريس تطالب بالقرارات الدولية
رد التيار الوطني الحر على إسقاط الطعن الذي تقدم به تكتله أمام المجلس الدستوري عبر خطوتين: الأولى جاءت من بعبدا على لسان الرئيس ميشال عون، وفيها تأكيد على عقد جلسات مجلس الوزراء وعلى كل وزير أن يقدر خطورة الوضع.
والثانية على لسان تكتل لبنان القوي، وهو الذراع النيابية للتيار، إذ تقدم نواب التكتل من رئيس مجلس النواب، بطلب لعقد جلسة مساءلة للحكومة وفقاً للمادة 137 من النظام الداخلي، والذريعة «امتناع الحكومة عن الاجتماع وعدم ممارسة دورها في الحد من الانهيار، ومعالجة الأزمات المتفاقمة مما يزيد من معاناة اللبنانيين».
وإذا كان «الثنائي الشيعي» ضرب صفحاً، ومضى الى الصمت على توعدات باسيل «الهوائية» علمت «اللواء» أن الرئيس نبيه بري لن يهمل طلب التكتل العوني لعقد جلسة عندما يصله، ولا مانع لديه من عقد جلسة تخصص لمناقشة الحكومة أو مساءلتها، مع العلم أن أسباب عدم اجتماع مجلس الوزراء، مردها الى الأزمة التي خلفها الدعم لمواقف المحقق العدلي طارق بيطار، في ما خص مسألة صلاحية من يلاحق النواب والوزراء.
وإذ اعتبرت أنه ليس من السهل عقد جلسة في ما تبقى من العام الحالي، إذ لم يتبق سوى 5 أيام عمل، قالت ان الجلسة تحتاج الى عقد استثنائي، وهو الأمر الذي لا يزال فريق رئيس الجمهورية، يمتنع عنه، وعندما يصدر المرسوم بعقد استثنائي، عندها لكل حادث حديث.
حتى أن الدعوة لاجتماع مجلس الدفاع الأعلى غداة سقوط طعن التيار الوطني الحر، فسرت على أنها أتت في إطار الرد، والتأكيد أن ورقة المجلس الأعلى للدفاع بيد رئيس الجمهورية، يمكنه استخدامها وقتما يشاء، حتى ولو لم تنعقد جلسات مجلس الوزراء، أما الكلام في الاجتماع أنه «غير ملزم بالتوقيع وحده على أي قرار، ولا يمكن لأي توقيع اختصار مجلس الوزراء، فهو بمثابة ذر للرماد في العيون».
في هذه الأثناء، مضى الاعلام العوني قدماً بالتجريح بقرار المجلس الدستوري بعدم قبول الطعن المقدم من تكتله النيابي… فما آلت إليه جلسة المجلس الدستوري من «لا قرار أسقط مؤسسة قضائية أساسية، وألغى ضمانة دستورية لجميع اللبنانيين، وشكل ضربة قاسية إضافية لفكرة الدولة» (مقدمة OTV مساء أمس).
وتوقعت مصادر سياسية ان ترتفع حدة الحملات التي يشنها رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل على الرئيسين بري وميقاتي، في محاولة للرد على افشال الصفقة التي كان يسعى لهندستها مع حزب الله، والتي لمح في مؤتمر الصحفي، ولو بشكل غير مباشر الى مسؤوليتهما المشتركة بإجهاضها، لقطع الطريق على اي مكاسب يمكن ان يحققها العهد والتيار قبل نهاية ولاية الرئيس ميشال عون.
واشارت المصادر ان باسيل يحضر مع نواب كتلته وبعض قياديي التيار، حملة الرد على فشل خطوة تعديل قانون الانتخابات من خلال عدم توصل المجلس الدستوري في قبول الطعن والقيام بما يحقق اهداف الكتلة من تقديم الطعن، وتوقعت ان تطال الحملة حزب الله ايضا،وبعض القوى السياسية التي يعتبرها باسيل، بانها مارست ضغوطات على اعضاء المجلس الدستوري لمنع قبول الطعن.
واعتبرت المصادر ان اولى هذه الحملة طلب كتلة لبنان القوي عقد جلسة نيابية لاستجواب الحكومة، وستتوالى الحملة،على خلفية توجيه اتهامات عالية السقف للاسباب التي تقف وراء التعطيل، ويسعى من خلالها، الى اعتبار التعطيل المتواصل، بانه يستهدف ما تبقى من ولاية الرئيس عون، والتأثير على القضاء، وتقويض اسس الدولة.
ومن وجهة نظر المصادر، فإن ردة فعل رئيس التيار الوطني الحر الهوجاء وتوجيه سهامه المباشرة الى الثنائي الشيعي بهذه الحدة، لم تكن مستغربة،لانه خسر فرصة ذهبية لتحقيق صفقة مميزة، لاقصاء خصوم العهد والتيار بالادارة والقضاء ومعظم مفاصل الدولة، وهي فرصة، لا تعوض ولا تتكرر.
وفي ما خص اجتماع المجلس الأعلى للدفاع كشفت مصادر وزارية أن وزير الصحة الدكتور فراس الأبيض عرض للواقع الصحي، وأشار إلى تسجيل أعداد مرتفعة في إصابات كورونا وانه حتى الآن سجل متحور اوميكرون ١٢٠ إصابة في لبنان. وتحدث الوزير الأبيض عن انعكاس هذا الارتفاع على الاستشفاء والتوقعات بوجود حالات تستدعي الأستشفاء.
وقالت المصادر إن وزير الصحة لفت إلى الوضع الصعب الذي تعاني منه المستشفيات وكشف أن نسبة الأشغال فيها لحالات كورونا بلغت ٧٥ و٨٠ في المئة .
وتخوف من زيادة هذه النسبة ما ينعكس سلبا على وضع المستشفيات، وشدد على أهمية مواصلة عمليات التلقيح مقترحا تمديد التعبئة . لكن الرأي استقر بعد التداول على أن يتم التمديد لمدة ثلاثة أشهر.
وافادت المصادر أن رئيس الجمهورية تحدث بعد ذلك عن أن هناك ضرورة لمناقشة الأمر في مجلس الوزراء ومن ثم كانت كلمة لرئيس مجلس الوزراء.
وعلم أن موضوع الحدود مع سوريا طرح وكذلك أثير موضوع مطمر الناعمة وكان تحذير من الأجهزة الأمنية إلى المخاطر المتأتية في حال حصل انفجار في المطمر بسبب اشتعال الغازات المنبعثة منه. وعلم أن هذا الموضوع سيشكل محور متابعة بين وزير البيئة ومجلس الإنماء والإعمار ووزارة الطاقة.
وكشفت المصادر إن المجلس الأعلى للدفاع تطرق إلى موضوع الاهراءات في مرفأ بيروت والتحذيرات بشأن المبنى باعتبار أنه آيل للسقوط. وفهم أن هناك معالجة سريعة ستسلك طريقها على أن تدرس المعطيات تمهيدا لاتخاذ القرار بالهدم، وأوضح وزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام في مداخلة له أن هناك شركة فرنسية تتابع الموضوع. اما وزير الأشغال العامة والنقل علي حمية فطلب تعجيل عمل الشركة ومجلس الإنماء والأعمار لوضع خطة حول مرحلة الهدم وكيفية حصوله.
إلى ذلك، طرح رئيس الجمهورية ملف بعض الجمعيات الأهلية التي لها تمويل خارجي للقيام بأنشطة سياسية في مرحلة الانتخابات خلافا للأهداف التي أنشئت من أجلها وهي أهداف اجتماعية . وذكرت المصادر إن الرئيس عون سأل عن مصدر تمويلها ودورها وأهدافها وقال أنه إذا كانت تعمل على تمويل الانتخابات فهذا يعني ان نشاطها غير خيري ويشكل جرما لأن هناك أموالا تصل من الخارج لتمويلها. وعلمت اللواء أن هناك لائحة بالمئات عن هذه الجمعيات التي قامت بعد ثورة السابع عشر من تشرين الأول.
وختم رئيس الجمهورية الاجتماع بالحديث عن المناقلات التي تمت في قوى الأمن الداخلي مؤخرا وطلب إعادة تصحيح الوضع وفقا للقانون.
وازاء الواقع المأزوم، تُعوّل اوساط رئيس الحكومة «على مبادرة ما قد تتبلور في اليومين المقبلين على حد قولها، لمعالجة ملف القاضي طارق البيطار وبالتالي عودة الاجتماعات الحكومية، ولكن اذا لم تتم هذه المبادرة فسيتم ترحيل إحياء جلسات الحكومة للعام المقبل، وهذا هو الارجح حسبما قالت مصادر رسمية لـ«اللواء» طالما ان الامور مقفلة حتى الان لا سيما بعد مواقف رئيس التيار الوطني الحر امس الاول وطلب تكتل لبنان القوي رسمياً امس من رئيس المجلس نبيه بري «عقد جلسة نيابية لمناقشة سياسة الحكومة» خلال ما تبقى من العقد العادي للمجلس.
وعلى الرغم من فشل الصفقة التي جرى الحديث عنها لمعالجة الازمات الحكومية والقضائية القائمة، فقد ذكرت اوساط نيابية لـ «اللواء» ان الاتصالات ما زالت قائمة للعودة الى الصيغة- التسوية القديمة التي طرحها رئيس المجلس نبيه بري مع بداية الازمة، لتفعيل المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء والنواب وتشكيل لجنة تحقيق برلمانية مع النواب المطلوبين للتحقيق في إنفجار مرفأ بيروت ويستكمل المحقق العدلي طارق البيطار عمله مع المتهمين الآخرين غير النواب. علما ان هذه الصيغة وافق عليها الرئيس ميقاتي. ويبقى المطلوب للخروج من الازمة موافقة الرئيس ميشال عون و رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل. لكن ثمة من يرى ان هذا الامر باتت دونه صعوبات بعد موقف المجلس الدستوري من الطعن بقانون الانتخاب وتحميل التيار الحر المسؤولية للثنائي الشيعي.
لكن سجل امس مساء لقاء بين الرئيس ميقاتي والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، ولم يُعرف ما اذا كان على صلة بالوضع المتأزم وسبل حلحلته بمبادرات جديدة قد يقوم بها اللواء ابراهيم.
عون وميقاتي والجلسات
وكان موضوع إنعقاد جلسات مجلس الوزراء محور لقاء الرئيسين عون وميقاتي قبيل إجتماع المجلس الاعلى للدفاع امس.
وتحدث الرئيس عون خلال اجتماع المجلس الاعلى، فقال: الانهاء الذي يصدر عن المجلس الأعلى يحتاج الى موافقة مجلس الوزراء ليقترن بمرسوم يصبح موضع التنفيذ، وهذا الموضوع ليس وحده الذي يحتاج الى عقد جلسات مجلس الوزراء، ذلك ان هناك مواضيع ملحة وضرورية أخرى، تتعلق بالموظفين وبتسيير المرفق العام وتحديد العمل بالملاكات الموقتة والمتعاقدين للعام 2022 ابتداء من 1/1/2022، إضافة الى إعطاء مساعدات للموظفين وزيادة بدل النقل لموظفي القطاع العام والخاص ودفع مستحقات الادوية والمستشفيات والعلاجات الدائمة… كل هذه المواضيع المهمة تحتاج الى مجلس الوزراء وهذا ما يجب ان نقوم به حتى تتمكن الحكومة من القيام بمهامها، ذلك انه من دون مجلس وزراء لا يمكن تسيير شؤون البلاد.
واعتبر الرئيس عون ان «مقاطعة جلسات مجلس الوزراء فعل إرادة من أعضاء موجودين فيه وهذا غير مقبول، وعلى كل وزير ان يقدر خطورة الموقف، ومن غير الجائز تجاهله مطلقا فاذا كان هناك اعتراض على موضوع معين يمكن معالجته من خلال المؤسسات. ما يحصل عمل ارادي، ويجب انعقاد مجلس الوزراء وتحمل الجميع مسؤوليته، وانا لست ملزماً بالتوقيع وحدي على أي قرار، ولا يمكن لأي توقيع اختصار مجلس الوزراء في ظل حكومة مكتملة الاوصاف الدستورية».
وتحدث الرئيس ميقاتي مشيراً الى «وجود خشية من ان تقود الدعوة الى انعقاد مجلس الوزراء البلاد الى أماكن أخرى او الى تصدع يجب التعاون لتفاديه». وقال: انا حريص مثل رئيس الجمهورية على انعقاد مجلس الوزراء، لا سيما واننا جميعا متضررون من عدم انعقاده، ونأمل ان نتمكن قريبا من الدعوة الى عقده لمعالجة المواضيع الملحة»، وقال: «لقد كتب على من يتولى المسؤولية في هذا البلد ان يعمل على تقريب المواقف ووجهات النظر وليس زيادة الشرخ، وهذا دورنا ونهجنا وسنعمل من اجل تحقيقه».
وفي تطور آخر، تقدم نواب تكتل «لبنان القوي» من رئيس مجلس النواب نبيه بري بطلب عقد جلسة مساءلة للحكومة. لمواكبة ودعم مطلب رئيس الجمهورية في الدعوة لعقد جلسات مجلس الوزراء. وجاء في نص الطلب: «لما كانت الأزمات التي عطّلت العمل المؤسسي أنتجت تعقيدات على أكثر من مستوى أثرت في عمل الإدارات العامة والمؤسسات وإنعكست سلبا على سير المرفق العام، ولمَا كان عمل الوزارات والمؤسسات العامة والادارات التابعة لها يتطلب انعقاداً دائماً للمجلس لبت مختلف القضايا وبالاخص في هذه المرحلة الحساسة، ولمّا كانت الاوضاع الماليّة والاقتصاديّة للبلاد تتفاقم كل يوم بسبب الأزمات المتتالية، ولمّا كان دور السلطة التنفيذية يكمن في الحد من هذا الانهيار ومعالجة الأزمات المتراكمة التي زادت في معاناة المواطن والحفاظ على الدولة ومؤسساتها، ولما كانت الحكومة تتمنّع عن الإجتماع، ولمّا كان مجلس النواب بدوره التشريعي الثالث والعشرين من العقد الثاني منعقد ويمارس مهامه التشريعية، ولمّا كانت المادّة 1 من النظام الداخلي تنص على تعيين جلسة لمناقشة الحكومة في سياستها العامة بطلب من الحكومة او بطلب من عشرة نواب على الأقل وموافقة المجلس، وحيث انه بات من الضروري عقد جلسة للاجابة عن تلك الأسئلة؛ لذلك، نتوجّه اليكم بعقد جلسة مناقشة سياسة الحكومة في أقرب وقت، تحقيقا للمصلحة العامة».
تمديد التعبئة
وكان مجلس الدفاع الاعلى قد اجتمع امس في قصر بعبدا ظهرا برئاسة رئيس الجمهورية. وحسب بيان المجلس الذي تلاه امينه العام اللواء محمود الاسمر، «اتخذ المجلس قراراً باصدار انهاء بتمديد اعلان التعبئة العامة لغاية 31/3/2022 .كما تم الطلب إلى الأجهزة العسكرية والأمنية أن تكون على أهبة الاستعداد لتأمين فترة أعياد نهاية العام مستقرّة من الناحية الأمنية وينعم اللبنانيون ببعض من الطمأنينة رغم همومهم وظروفهم الصعبة.
واتخذ بعض القرارات التي تتعلق بالأوضاع العامة وذات الطابع الأمني، لا سيما تلك المتعلقة بمسائل التهريب على المعابر الشرعية وغير الشرعية وانتاج وتجارة المخدرات وعمل منصّات سعر صرف الدولار الأميركي ومراقبة أسعار السلع الاستهلاكية.
كما وتناول المجلس المخاطر التي قد يسببها مطمر الناعمة وتقرر الطلب الى وزير البيئة متابعة الموضوع كذلك تطرق البحث الى وضع اهراءات القمح في مرفأ بيروت وضرورة الإسراع في اتخاذ تدابير تمنع سقوطها، فطلب المجلس الى وزارتي الاقتصاد والاشغال ومجلس الانماء والاعمار معالجة الموضوع.
كما وبحث في موضوع فتح السلطات السورية الحدود امام كافة اللبنانيين الملقحين ضد وباء كورونا، او الحاصلين على نتائج فحوصات سلبية، وطلب الى المديرية العامة للامن العام اتخاذ إلاجراءات المماثلة بالتنسيق مع وزارة الصحة».
مذكرة رئاسية لغوتيريس
الى ذلك، غادر بيروت الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس متوجها الى باريس بعد انتهاء زيارته الرسمية للبنان التي استمرت ثلاثة ايام.
وقال قبيل مغادرته: من المحزن رؤية شعب هذا البلد الجميل يعاني بشدة. يجب أن يعمل القادة السياسيون معاً لتنفيذ الإصلاحات التي تستجيب لمطالب الناس وتعطي الأمل في مستقبل أفضل.
وقبيل سفره، التقى الامين العام غوتيريس مساء امس الاول الرؤساء امين الجميل، ميشال سليمان، وفؤاد السنيورة بالأصالة عن نفسه وعن الرئيس سعد الحريري إضافة الى الرئيس تمام سلام، بحسب ما افاد المكتب الاعلامي للرئيس السنيورة. وتخلل اللقاء بحث واستعراض للاوضاع الراهنة التي يمر بها لبنان من مختلف الجوانب. وسلم الرؤساء الخمسة غوتيريس مذكرة موقعة منهم، اكدوا فيها على النقاط الاتية:
أولا: الالتزام الكامل بالدستور، وباتفاق الطائف الذي شكل الركيزة الأساسية لجميع قرارات الشرعية الدولية الخاصة بلبنان، وبالعيش المشترك الجامع بين اللبنانيين، وهي المبادئ التي تحفظ لبنان، وتحفظ العلاقات بين اللبنانيين.
ثانيا: التزام لبنان الانتماء العربي، وكذلك بالإجماع العربي، وبجميع قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالشأن اللبناني، ولاسيما القرارات 1559 و1680 و1701.
ثالثا: التزام إعلان بعبدا (2012) والخاص بتحييد لبنان عن سياسات المحاور والصراعات الإقليمية والدولية وتجنيبه الانعكاسات السلبية للتوترات والأزمات الإقليمية، وذلك حرصا على مصلحته العليا، وعلى وحدته الوطنية وسلمه الأهلي.
رابعا: ضرورة التزام إجراء الاستحقاقات الدستورية للانتخابات النيابية والانتخابات الرئاسية في مواعيدها الدستورية ومن دون أي إبطاء أو تأخير.
خامسا: ضرورة الاهتمام الدولي بالتضامن مع لبنان في تحرير أرضه، والحفاظ على دوره وثرواته، وفي رفض السلاح غير الشرعي، وضرورة بسط الدولة اللبنانية وأجهزتها العسكرية والأمنية لسلطتها وحدها على كامل التراب اللبناني وعلى جميع مرافقها، كما هو مقتضى السيادة وحكم القانون والشرعية، والحؤول دون أن تجري أي تسويات إقليمية أو دولية على حساب سيادة لبنان واستقلاله وحرياته ونظامه الديمقراطي البرلماني. وكذلك في دعم لبنان لإقداره على مواجهة تحديات أزمة النازحين السوريين الى لبنان ومساعدته سياسيا وماديا حتى عودتهم السريعة الى ديارهم، وكذلك في دعم لبنان في ما خص التحقيقات بتفجير مرفأ بيروت حتى جلاء الحقيقة الكاملة، وكذلك في إقداره على إعادة إعمار ما تهدم.
سادسا: تأكيد أهمية مبادرة المجتمع الدولي لإنقاذ لبنان من الأزمات والصدمات التي تنهال عليه، وذلك من خلال صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، والمجموعة الدولية لدعم لبنان (ISG) والمؤسسات المالية العربية والدولية، وذلك بتأمين الدعم الاقتصادي والمالي للبنان بالتساوق مع مبادرة الدولة اللبنانية للقيام بالإصلاحات اللازمة التي يحتاجها لبنان لإنقاذه، ولاستعادة عافيته ونهوضه، ونهوض دولته ومؤسساتها العامة.
سابعا: إن الموقعين أدناه، يرون أن أمن لبنان وسلامه واستقراره يعتمد على عدة ركائز أولها دعم الدولة اللبنانية الشرعية بسلطاتها الكاملة، واحترام قرارات الشرعية العربية والدولية، وقواعد العيش المشترك».
وضع الكهرباء مجدداً
وبرغم التعثر الحاصل في مجلس الوزراء، ترأس الرئيس ميقاتي إجتماعاً خصص للبحث في مشاريع البنك الدولي لدعم قطاع الكهرباء في لبنان وإصلاحه. وشارك في الاجتماع نائب رئيس مجلس الوزراء سعاده الشامي، وزير المال يوسف خليل، وزير الطاقة والمياه وليد فياض، الوزير السابق النائب نقولا نحاس، المدير الإقليمي للبنك الدولي في الشرق الأوسط ساروج كومار، ممثلة البنك في لبنان منى قوزي، المدير العام لمؤسسة كهرباء لبنان كمال حايك ، والمستشار زياد ميقاتي.
إثر اللقاء اعلن الوزير فياض: انه لقاء دوري من أجل وضع الرئيس ميقاتي في أجواء التقدم الحاصل في ملف الكهرباء، تطرقنا إلى إمكان توقيع الاتفاق مع الأردن قريبا وعسى أن يكون قبل نهاية العام، كذلك الى توقيت توقيع الإتفاق مع مصر الذي يشترط ألا يتنافى مع «قانون قيصر» وهذا الأمر يتطلب محادثات مع الجانب المصري.
اضاف: تطرقنا كذلك لشروط التمويل من البنك الدولي وأغلبها شروط إصلاحية تتعلق بحسن الاستمرارية الإدارية والمالية لمؤسسة كهرباء لبنان مع وجود خطة طويلة الأمد للقطاع، على أن تطبق ضمن جدول زمني لا يتخطى الأشهر الأولى من بداية العام.
وتابع فياض: المطلبان الاساسيان على المستوى السياسي هما، الإعفاء من قانون قيصر وهذا ما يعمل عليه المصريون والاميركيون، والتمويل من البنك الدولي الذي يتقدم كثيرا وسيصل إلى خواتيمه في الأشهر الأولى من السنة الجديدة.
الازمات المعيشية مستمرة
وفي خضم هذه الصراعات السياسية تتفاقم الاوضاع الصحية والمعيشية للمواطن، حيث حذّرت نقابة المستشفيات من كارثة صحية محتمة في غضون ايام معدودة، وأصدرت بياناً جاء فيه:»يتزايد عدد الاصابات بفيروس الكورونا بشكل ملحوظ في الايام الاخيرة، ومعه الحاجة الى الاستشفاء لا سيما في اقسام العناية الفائقة. ان نقابة المستشفيات تحذر من خطورة الوضع حيث ان العديد من المستشفيات سبق ان اقفلت اقسام الكورونا بسبب الصعوبات المادية وعدم توافر العناصر البشرية اللازمة. هذه الصعوبات تزداد يوماً بعد يوم. في ما يخص الكورونا تحديدا فإن المستشفيات عاجزة تماماً عن تأمين الاوكسيجن وكواشف المختبر والادوية والمستلزمات الطبية الضرورية، في ظل الشروط الصعبة التي يطلبها المورّدون وهي شروط تعجيزية في ظل الوضع الذي تمر فيه المستشفيات.
كما شكا عدد كبير من أصحاب الأفران من انخفاض كميات الطحين التي تَصِلَهم من المطاحن، والمخصّصة لصناعة الخبز اللبناني «بسبب عدم وجود القمح المدعوم لدى العديد من المطاحن». وحسب الوكالة «المركزية»، تعاني المطاحن من نقص حاد في مادة القمح المدعوم ناتجة عن تأخير توقيع وزارة الاقتصاد والتجارة فواتير استيراد القمح، وبالتالي توقف مصرف لبنان عن تنفيذ وصرف هذه الفواتير من دون تنسيق مع الوزارة المعنية مباشرة بموضوع الرغيف. ورجحت المعلومات حصول أزمة رغيف حادة اعتباراً من مطلع الأسبوع المقبل، خصوصا بعدما توقف بعض المطاحن عن انتاج الطحين المخصّص لصناعة الخبز منذ يومين، ويعمل البعض الآخر بطاقة انتاجية مخفّضة جداً، وبدأ ينفد المخزون الاحتياطي من القمح المدعوم لدى كل المطاحن.
تطور الجنوب
وفي تطور مريب، وهو قيد المتابعة، وما إن غادر أنطونيو غوتيريس حتى أفيد عن وقوع إشكال بين قوات اليونيفل وشبان من بلدة شقرا عند الحدود اللبنانية الجنوبية.
وفي المعلومات أن جنود اليونيفل دخلوا الى البلدة ولجأوا إلى تصوير بعض المواقع في القرية فقام الأهالي بمنع الدورية من التصوير، ما ادى الى وقوع اشكال بين الطرفين نتج عنه تكسير بعض آليات قوات اليونيفل، وما لبثت دورية من الجيش اللبناني ان وصلت وعملت على إخراج الآليات الدولية تحت حراستها.
705477 إصابة
صحياً، سجلت وزارة الصحة 1922 اصابة بفايروس كورونا، مع 15 حالة وفاة ليرتفع العدد التراكمي الى 705477 إصابة مثبتة مخبرياً منذ 21 شباط 2020.
*****************************************
غوتيريش يطرح اشرافاً اممياً على الانتخابات وواشنطن والرياض: لتشليح حزب الله الأكثرية
هل يمتنع عون عن التوقيع على فتح دورة استثنائية لمجلس النواب؟…المنازلة مع بري مفتوحة
بعبدا تعوض اجازة الحكومة الطويلة بـ «الدفاع الأعلى» والفلتان الأمني يتمدد – رضوان الذيب
المرحلة صعبة وقاسية، واكبر من الرؤساء ميشال عون ونبيه بري ونجيب ميقاتي وسعد الحريري ووليد جنبلاط وسليمان فرنجية وسمير جعجع والمجلس الدستوري ومجلس القضاء الاعلى ورياض سلامة والقاضي طارق البيطار، اذ يتمثل جوهر المشكلة الاساسي والحقيقي برفع سقف المواجهة الاميركية السعودية ضد حزب الله لتطويعه واقصائه عن الحياة السياسية وتشليحه الاكثرية النياببة، وصولا الى انقلاب شامل في كل المؤسسات من رئاسة الجمهورية الى رئاسة مجلس النواب الى رئاسة الحكومة وصولا الى القيادات الامنية والادارية لتغيير وجه لبنان ونقله من الضفة السورية الايرانية الى الضفة الاميركية السعودية، وحسب المصادر المتابعة والعليمة، فان محطة الانتخابات النيابية ستشكل المنازلة الكبرى حول شعار «اي لبنان نريد»؟ وحسب المصادر المتابعة والعليمة، ان المعركة الانتخابية ستشهد كباشا وسقوطا للخطوط الحمراء بين مشروعين ونهجين، «يا قاتل يا مقتول» وهذا ما يفتح البلد على كل الاحتمالات، مع حصار خانق يستهدف لقمة عيش الناس وصحتهم وامنهم ودولار لاسقف له، وفقدان الادوية وكل سبل العيش بهدف دفع الناس الى الانقلاب على حزب الله عبر ضخ اعلامي يحمله مسؤولية كل المآسي التي حلت بالبلد، وحسب المصادر العليمة، ان واشنطن والرياض يخوضان حربا ضد حزب الله «البوز على البوز» ويستخدمان كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة ضده، وحسب المصادر العليمة، فان من لايصدق هذا الكلام عليه ان يسأل زوار الرياض من مختلف مشاربهم وما سمعوه من المسؤولين السعوديين عن التشدد ضد حزب الله وضرورة قطع «الماء والهواء» عنه، والطلب من الزوار الابتعاد عن الحزب ومواجهته، وهذا هو المعيار الوحيد لاي طرف لبناني يريد ان ينال رضى الرياض ودعمها، مع الاشادة بسياسات المجتمع المدني ومواقفه الواضحة ضد حزب الله وكذلك القوات اللبنانية الحليف الاول للسعودية في لبنان، اما سياسة «اجر بالبور واجر بالفلاحة» لا مكان لها في الرياض لاي طرف سياسي.
المنازلة الكبرى بين عون وبري
وحسب المصادر العليمة، فان كل الرؤساء عملوا لانجاح التسوية، بدءا من عون الى بري وميقاتي وباسيل وحزب الله، وفككوا عقدا كثيرة رغم الثقة المفقودة بين بري وباسيل، لكن التسوية سقطت بعد اتصال تلقاه ميقاتي من مسؤولين اميركيين و سعوديين وفرنسيين حذروه من السير بالتسوية تحت اي اعتبار، وعلى الاثر وحسب المصادر العليمة، شرب ميقاتي «حليب السباع» قاصدا عين التينة بعد طلب الموعد العاجل، وابلغ رئيس المجلس رفضه للتسوية والتدخل بشؤون القضاء واحترام الصلاحيات «ودبروا حالكم» وعلى اثر ذلك توترت الاجواء حسب المصادر العليمة وانتقد بري اداء ميقاتي في العديد من الملفات وهدد باستقالة الوزراء الشيعة، فرد ميقاتي انه سيدعو الى جلسة لمجلس الوزراء بمن حضر، وتكهربت الاجواء وغادر ميقاتي عين التينة وكتب بيان استقالته لكن اتصالات من السفارات الاميركية والسعودية والفرنسية جمدت الاستقالة، مع استغراب المصادر العليمة لردة فعل ميقاتي وغضبه وهو المعروف باتزانه وهدوئه، وتؤكد المصادر، ان ما حصل يجزم ان ميقاتي لن يخرج من تحت العباءة السعودية اولا مهما كلف الامر، وربما ادى ذلك الى «الطلاق» مع الثنائي الشيعي، لكن السؤال، هل يستطيع ميقاتي وغيره ان يقدم للسعوديين ما عجز عن تقديمه سعد الحريري وغيره ام يصل الى المازق نفسه، لان مهمة المرجعية السنية في نظر الرياض مواجهة حزب الله حتى يستحق نيل هذا اللقب، فهل يتقدم ميقاتي لهذا الدور؟
وتتابع المصادر، ان السبب الثاني لسقوط التسوية يعود الى الود المفقود كليا بين عون وبري وباسيل، وسترتفع وتيرته مع التسريبات بان عون لن يوقع على فتح دورة استثنائية لمجلس النواب مطلع العام ٢٠٢٢ كما كان يحصل في كل العهود السابقة، وهذا ما يسمح للقضاء بتنفيذ مذكرة التوقيف بحق الوزير السابق علي حسن خليل، ولم تتجح جهود الاصدقاء المشتركين في تقريب المسافات، وكشفت المصادر العليمة ان فشل التسوية يعود الى تمسك التيار باقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة مقابل الدخول بالمقايضة في ملف تحقيقات المرفأ والقاضيين سهيل عبود وطارق البيطار وان تشمل الصفقة القاضي علي ابراهيم، وتكشف المصادر عن تدخلات اقليمية ومحلية ساهمت بمنع الانفجار الشامل وسقوط الخطوط الحمراء بين التيار الوطني وحركة امل رغم «انكسار الجرة» والتهديدات المباشرة، وحسب المصادر، ان باسيل شن في مجالسه، اعنف هجوم على بري وحركة امل والوزير السابق علي حسن خليل، مع كلام «عال السقف» فيما ردت امل بهجوم مماثل، فيما خطوط التواصل ببن باسيل وحزب الله لم تنقطع رغم هجومه على الثنائي الشيعي، لكن العلاقة «تصدعت» وباتت بحاجة الى مصارحة في العمق، خصوصا ان باسيل يخوض حروبا على كافة الجبهات بدءا من الحريري الى ميقاتي والاشتراكي والقوات وفرنجية.
لبنان دخل مرحلة الشلل
ولذلك تؤكد المصادر، ان لبنان دخل مرحلة «الشلل الكامل» مع رفض عون التوقيع على المراسيم الجوالة، ومقاطعة الثنائي الشيعي لمجلس الوزراء ورفضه ان تتحول اجتماعات مجلس الدفاع الاعلى الى بديل عن مجلس الوزراء كما يريد عون، لان ذلك يهدد عمل كل المؤسسات الرديفة. فيما اللجان الوزارية برئاسة ميقاتي اصبحت «معطلة تنفيذيا» و«لزوم ما لايلزم» وبالتالي دخول البلد كله في تصريف الاعمال و«النكايات» و«التكاذب المشترك»، وعندها يصبح حصول الانتخابات النيابية «متارجحا» رغم كل الضغط الدولي لاجرائها، وهذا ما اكد عليه الامين العام للامم المتحدة في لقاءاته مع كل المسؤولين لجهة اجراء الانتخابات النيابية في موعدها، والمجتمع الدولي ينظر الى هذا الاستحقاق باهمية كبيرة، وان عدم اجراء الانتخابات سيعرض لبنان للمساءلة، وقطع كل المساعدات عنه وطرح غوتيريش فكرة اشراف الامم المتحدة على الانتخابات وارسال مراقبين دوليين، وكان جواب المسؤولين للضيف الاممي «الانتخابات في موعدها».
وحسب المصادر، ان كلام المسؤول الاممي لا يتلاقى مع مواقف العديد من القادة اللبنانيين الذين لم يعطوا الاشارات الايجابية بعد لانطلاق التحضيرات، مع تاكيد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي امام كوادره على صعوبة المرحلة، لكن ذلك لا يمنع التحضير للانتخابات وبعدها سنرى؟ ولم يجزم شيئا؟ فيما هواجس التيار الوطني الحر لا تحصى وكلمة السر ببدء التحضيرات لم تات بعد؟ اما سعد الحريري في عالم اخر، ووحدهم حزب الله والقوات اللبنانية والمجتمع المدني يتحضرون فعليا وكان الانتخابات حاصلة غدا.
وحسب المصادر، فان القوات اللبنانية والكتائب و١٤ اذار والمجتمع المدني منخرطون في المواجهة ضد حزب الله الى النهاية، وسعد الحريري على وسطيته، وجنبلاط يخشى لعبة الامم، وباسيل لتثبيت حصة التيار ورمي «الحمولة الزائدة» لتخفيف الخسائر وكل طرف سياسي «همه على قده» والجميع ينتظر مفاوضات فيينا .
وحسب المصادر العليمة، ان قوى ٨ اذار وتحديدا التيار الوطني الحر ينظرون بريبة الى اصوات المغترببن مع معلومات عن تدخلات استخباراتية خليجية في هذا الملف لجهة الحض على المشاركة والاقتراع للوائح المجتمع المدني و١٤ اذار وضد التيار الوطني وتحديدا في مناطق جبل لبنان، وهذا ما يجعل معركة التيار صعبة وقاسية.
٢٠٠ الف مغترب يقضون الاعياد في لبنان
وفي ظل «لعب العيال» بين المسؤولين وخلافاتهم، عاود مجلس الدفاع الاعلى اجتماعاته بعد تعثر التوافق على عقد اجتماع للحكومة، واتخذ قرارات كتمديد التعبئة العامة الى ٣١ اذار ٢٠٢٢، وحسب المصادر، فان اجتماعات «الدفاع الاعلى» قد تتحول الى بديل عن اجازة الحكومة المفتوحة وهذا ما يريده الرئيس عون للاشراف على القرارات بعد ان اخذت اللجان الوزارية برئاسة ميقاتي المهمة، وهذه الخلافات تكشف «هزالة» المسؤولين في ظرف هو الاصعب في تاريخ لبنان، لكن ذلك لم يمنع اكثر من ٢٠٠ الف مغترب من قضاء فترة الاعياد في لبنان و ادخال كمية من الدولارات الى السوق اللبناني.
اما موجة الغلاء الجنونية، فما زالت في تصاعد وشملت كل حاجات الناس وارتفعت نسبيا مع الاعياد التي غابت عنها كل المظاهر لاول مرة منذ الاستقلال. وهذا ما يهدد بكارثة اجتماعية تنسف كل مقومات البلد وسط ارتفاع ملحوظ في حالات الفلتان الامني في كل المناطق اللبنانية. اما الطامة الكبرى تبقى في ارتفاع معدلات الكورونا وازدياد اعداد الوفيات وسط نقص حاد في التجهيزات والاوكسجين وغيرها، والانكى ان كلفة غرفة العناية الفائقة في اليوم الواحد لمرضى الكورونا تصل الى ١٠ ملايين.
*****************************************
قائد الجيش: الفتنة على مسافة خطوات .. وسنمنعها
أكد قائد الجيش العماد جوزاف عون في حديث الى مجلة الجيش، انه «في الظروف الصعبة يظهر معدن الرجال، وما نعيشه أكثر من صعب». وقال: «نعيش ظروفا ساحقة تمعن في الناس تهشيما وتدميرا. لكن وللمفارقة فإن من يعانون أكثر من سواهم، ظلوا الأكثر ثباتا، وبرهنوا أنهم رجال يتكل عليهم. إنهم عسكريو الجيش من مختلف الرتب (…)».
ولفت الى ان «هذه المؤسسة تدرك أنها المدماك الأخير الذي يحول دون انهيار الوطن وسقوطه في قبضة الفوضى والميليشيات كما حصل في السابق. كما تدرك أنها الأساس الصلب الذي سيسمح للدولة بالنهوض وبناء مؤسساتها من جديد».
وسأل: «لمن نترك الوطن؟ للفوضى؟ للحرب الأهلية؟»، وأكد أن «تضحيات العسكريين وجهودهم هي التي حالت دون انهيار لبنان رغم ما حدث منذ تشرين الأول 2019 لغاية اليوم (…)”. وشدد على أن فقدان الثقة والإيمان بالوطن هو أخطر سلاح ضدنا».
وذكر العماد عون الضباط بأن «لبنان اليوم بحاجة إلى الجيش أكثر من أي وقت مضى، ونحن أقسمنا يمين الدفاع عن وطننا حتى الشهادة… لا تفقدوا الأمل والثقة بوطنكم، لا بديل لدينا ولا خيار آخر… شعارنا شرف تضحية وفاء، كلما أقلقتنا الأسئلة أو تعرضنا للاستفزاز، يجب أن نتذكر هذه الكلمات ففيها الأجوبة، وقيمة الشعار في تطبيقه عمليا».
وحذر من أن «الفتنة هي على مسافة خطوات»، لكنه أكد جازما: «لن نسمح بوقوعها. وعلى العسكريين أن يدركوا أنهم أمام مهمة مقدسة، فتجربة 1975 كانت تجربة مريرة ولن نسمح بتكرارها، ولا أحد يقبل بعودة سيطرة الميليشيات والعيش تحت رحمة العصابات المسلحة والإرهاب أو المخدرات».
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :