بعد انتهاء مهمته الدبلوماسية في لبنان وعودته إلى بلاده، خصّ سفير روسيا السّابق لدى لبنان ألكسندر زاسبيكين "أساس" بحوار حصري تناول فيه الأوضاع في لبنان وسوريا والتي عمل فيها سابقًا لمدة طويلة.
زاسبيكن قال لـ"أساس" أنّه يعتقد أنّ النهج الذي كانت تمارسه روسيا ولا تزال في لبنان هو الأكثر صحة في هذه الظّروف، وأنّ هذا النّهج الذي يقوم على أسس دعوة الأطراف اللبنانيين للحوار وإيجاد الحلول الوسطى التي تُرضي الجميع لن يتغيّر، معتبرًا أنّه على قيادات الأحزاب والقوى السياسية اللبنانية الحوار فيما بينها لتجنيب لبنان المخاطر الكبرى كالأوضاع الحساسة التي يمرّ بها الشّرق الأوسط والصراعات التي تعصف به. ووجّه زاسبيكين دعوة لضرورة الإسراع بالبدء بعملية الإصلاح ومحاربة الفساد في لبنان.
وقال زاسبيكين لـ"أساس": "أعتقد أنّ الانتظار لتغييرات في المنطقة أو على الصعيد الدولي غير مفيد أبدًاـ وينبغي التواصل بين الجميع في لبنان، كما أنّ روسيا هي دولة تساعد لبنان ولكن لا تستطيع وتعتبر أنّه ليس من المفيد أيضًا أن تطرح مبادرة خاصّة أو بشكل منفرد، لكنّها في الوقت عينه تشارك بدعم الجهود الدولية الساعية لإنقاذ لبنان، وتنظر بإيجابية للمبادرة الفرنسية حيث إنّ فيها عناصر مهمّة لمساعدة لبنان، خاصّة أنّ الأطراف اللبنانية وافقت عليها، رغم تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التي تُركّز على مسؤولية الأحزاب بصورة تسبب تفسيرات متباينة" وأضاف: "ينبغي الدعوة لاتخاذ إجراءات إصلاحية سريعة والتوجه نحو دولة مدنية".
كرر الدبلوماسي الرّوسي دعوة بلاده للحفاظ على أمن واستقرار منطقة الخليج، والحوار بين دول مجلس التعاون الخليجي وإيران وتلطيف المناخ في المنطقة وحلّ المشاكل العالقة بالأطر السلمية والدبلوماسية
واعتبر السّفير الرّوسي السّابق لدى لبنان أنّ العقوبات الأميركية التي تطال بعض الأطراف السياسيين اللبنانيين مرفوضة جملة وتفصيلًا، كذلك ما أسماه "التصريحات الاميركية التحريضية" خاصة تجاه حزب الله. مشيرًا إلى أنّ الموقف الرّوسي يرفض العقوبات الأميركية الأحادية مع كلّ الدّول أو الأطراف.
وعن سلاح حزب الله، قال السّفير زاسبيكين أنّ السّلاح شأن لبناني داخلي، ويتم بحثه بين اللبنانيين، معتبرًا "أنّ حزب الله تمّ تكوينه كفصيل مقاوم للإحتلال وهذه الصّفة لا تزال قائمة لهذا الحزب." وأضاف السّفير الرّوسي السابق أنّ الحزب له دور سياسي مهم، وهو فاعل بالحكومة اللبنانية وممثل بالبرلمان ومُنتخب من قبل الشّعب اللبناني".
وقال زاسبيكين لـ"أساس": "عند التحدي الذي شهده لبنان والمنطقة بما أسماه "الهجوم الإرهابي". تعاونّا مع الحزب خلال السّنوات الماضية في سوريا و"انتصرنا" معًا على الإرهاب". واعتبر زاسبيكين أنّ موقف بعض الدّول الأوروبية وبعض الدول العربية من حزب الله ووصفه بالإرهاب هو نتيجة الضغوط الأميركية والأخطاء السياسية الذاتية التي عقّدت الأوضاع في المنطقة.
وكرر الدبلوماسي الرّوسي دعوة بلاده للحفاظ على أمن واستقرار منطقة الخليج، والحوار بين دول مجلس التعاون الخليجي وإيران وتلطيف المناخ في المنطقة وحلّ المشاكل العالقة بالأطر السلمية والدبلوماسية.
وعن العلاقة بين روسيا وإيران، قال زاسبيكين لـ"أساس" أنّه في كلّ فترة تسعى الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية والعربية لبثّ "إشاعات" تطال العلاقة الرّوسية- الإيرانية بهدف التشويش على هذه العلاقة التي اعتبر أنّ كلّ طرف يُكمل الآخر فيها. وقال زاسبيكين: "منذ البداية، «محور المقاومة» عنده استراتيجيته الخاصةـ وروسيا من جهة أخرى لديها رؤيتها الخاصة للمنطقة وعملية السّلام وغيرها، إلا أنّ الموقف بين "المحور" وروسيا موحّد ضد الإرهاب، وموحّد بالنسبة لعملية إعادة الإعمار ومساعدة سوريا على النهوض مجددًا وترتيب آلية دولية لمساعدة سوريا، معتبرًا أنّ "ترتيب البيت الدّاخلي السّوري" هو شأن يخصّ الشعب السّوري، وعلى المجتمع الدّولي مساعدته".
وعن الوضع السّوري، قال زاسبيكين أنّ المعركة في سوريا الآن انتقلت من استعمال "المجموعات المسلّحة" التي اعتبرها فشلت في تحقيق أهدافها ، رغم أنّ المعارك شهدت انخفاض بشكل عام، رغم أنّ هناك بعض "البؤر الإرهابية" في إدلب والوجود الاميركي في "شرق الفُرات"، إلى المعركة الإقتصادية والتجويع. معتبرًا أنّه في الوقت الحالي ينبغي ترتيب الأوضاع في سوريا، وحصر القدرات الدولية لإعادة إعمارها وتنشيط العملية السياسية".
عن مفاوضات ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، اعتبر الدبلوماسي الرّوسي أنّ هذا شأن سيادي لبناني محض، ولبنان يختار المناسب له في هذا الموضوع، مؤكّدًا أنّ بلاده لا تتدخّل بهذا الملف إطلاقًا
وقال زاسبيكين لـ"أساس" أنّ الحلّ السياسي في سوريا ينبغي أن يكون في إطار الحفاظ على وحدة واستقرار وسيادة الدّولة. وأضاف زاسبيكين: "كلّ الكلام عن التخلي الروسي عن بشّار الأسد غير صحيح إطلاقًا، حيث إنّ روسيا تتعامل مع السّلطات الرّسمية السّورية التي يُمثلها الأسد، وأنّ مصير القيادة السّورية هو أمر يقرره الشّعب السّوري عبر العملية الإنتخابية، حيث إنّ روسيا لا تتدخّل في أي عملية انتخابية لكلّ الدّول، وهذا هو الموقف الرّوسي من البداية وليس أمرًا جديدًا، كما أنّ السّنوات الأخيرة شهدت تطورًا في العلاقة بين موسكو ودمشق بقيادة الأسد والعلاقة بين الطرفين ممتازة".
ولخّص انطباعه عن السياسيين في لبنان بـ"تميّزهم" بالمهارة العالية، مشيرًا إلى أنّ المشكلة تكمن في النظام السياسي وليس بنوعية الفئة السياسية، مضيفًا أنّ معالجة الأمور والمشاكل في لبنان ليست بتغيير الأشخاص والأحزاب بل في تغيير القوانين للتوجّه نحو دولة مدنية تؤمّن المنافسة العادلة بين الأحزاب. وأعرب عن اعتقاده أنّ مستقبل لبنان سوف يتحدد في سياق الصّراع الذي لا يعرف أحد نتيجته.
وعن مفاوضات ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، اعتبر الدبلوماسي الرّوسي أنّ هذا شأن سيادي لبناني محض، ولبنان يختار المناسب له في هذا الموضوع، مؤكّدًا أنّ بلاده لا تتدخّل بهذا الملف إطلاقًا.
وعند التطرّق إلى قضية التطبيع بين الإمارات والبحرين مع اسرائيل واتجاه بعض الدول العربية نحوه، قال زاسبيكين إنّ التطبيع "يؤدّي إلى نهاية مبادرة السّلام العربية التي كانت الأساس لعملية السّلام، كما أنّه يُعقد العودة إليها".
اساس
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :