تعفف حزب الله عن السلطة حتى عام 2005، بعد انسحاب القوات السورية من لبنان، فشارك في الحكومة التي ترأسها الرئيس نجيب ميقاتي بالوزير طراد حمادة، كشخصية أكاديمية وفكرية من بيئة المقاومة، ودخل اليها تحت شعار حماية المقاومة، وأقام تحالفاً رباعياً في الانتخابات النيابية التي جرت في أيار من ذلك العام مع «تيار المستقبل» والحزب التقدمي الاشتراكي وبتحالفه مع حركة «أمل»، اذ أمّن هذا التحالف الأكثرية النيابية لقوى 14 أذار، وتخلّى عن بعض حلفائه لسبب أساسي وهو عدم انزلاق لبنان نحو فتنة سنيّة-شيعية، كان اغتيال الرئيس رفيق الحريري هو شراراتها، فبرر هذا التحالف بحماية المقاومة، المطلوب أميركيا نزع سلاحها، بموجب قرار مجلس الأمن الدولي 1559، وقد ضغطت الإدارة الأميركية برئاسة جورج بوش الابن، على الحكومة اللبنانية التي أصبحت مع القوى الحليفة لها، لبدء تطبيق القرار بعد الانسحاب السوري العسكري والأمني والسياسي، واعتقال الضباط الأربعة، وما سُمّيَ «المنظومة الأمنية اللبنانية- السورية المشتركة»، لكن الحكومة برئاسة فؤاد السنيورة التي شارك فيها حزب الله بوزيرين تريثت باتخاذ القرار، وقد طرح موضوع سلاحه في مجلس الوزراء، لكن رئيس الجمهورية آنذاك كان ضد ذلك، وكذلك الثنائي حركة «أمل» وحزب الله، فارتأى رئيس مجلس النواب نبيه بري عقد طاولة الحوار حول السلاح بما في ذلك الفلسطيني منه خارج المخيمات، وانعقدت أولى الجلسات في مطلع أذار 2006، بمشاركة كل القوى السياسية والكتل النيابية.
هذا العرض، للإشارة الى أن حزب الله يقدم مشاركته في الحكومة على ما عداه، وفق مصادر حزبية وسياسية في خط المقاومة التي ترى بأن تأكيد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، بأن لا حكومة دون حزب الله، لانه يعرف بأن المخطط الأميركي- «الإسرائيلي» والمدعوم من أنظمة عربية ضد وجوده في السلطة لنزع الشرعية عنه، وهو حصل عليها في الانتخابات النيابية في جميع الدورات منذ العام 1992، عندما قررت قيادته أن تشارك فيها بالرغم من دعوات داخل الحزب بعدم الانخراط فيها، لكن غلب الرأي الذي يؤكد على ضرورة اظهار القوة الشعبية الملتفة حول المقاومة.
فكان قرار المشاركة في مجلس النواب للتشريع والمراقبة، ونقل قضايا المواطنين، ومحاسبة الحكومة ومساءلة الوزراء، وفق المصادر التي تشير الى أن «حزب الله» كان مطمئناً أثناء الوجود السوري الى حماية ظهر المقاومة، وأن القيادة السورية أمّنت كل المستلزمات لها، وكانت سندها وعمقها الاستراتيجي في أثناء تعرضها ولبنان الى عدوان «إسرائيلي»، في تموز منذ عام 1993، وكيف أحبط الرئيس حافظ الأسد صداماً بين الجيش والمقاومة، تنبّه له قائد الجيش العماد اميل لحود، الى خوض دمشق مفاوضات مع وزير الخارجية كريستوفر في أثناء العدوان «الإسرائيلي» في نيسان 1996 وتأمين تفاهم، أعطى المقاومة شرعية الرد على أي عدوان «إسرائيلي».
هذه المحطات في تاريخ المقاومة المطمئنة الى حمايتها، بالرغم من محاولات لبنانية وأخرى سورية للتخلص من سلاح المقاومة، وقد انكشف الموضوع بعد عدوان «إسرائيل» صيف 2006، بعد أن استنفذت الإدارة الأميركية الوقت، ولم يقدم حلفاؤها في لبنان على نزع السلاح، الا أن هزيمة إسرائيل فرملت قوى 14 أذار، لكن نبهت المقاومة بأن الأكثرية النيابية التي أمنتها لقوى 14 أذار، لم تنفعها في الحكومة، فكان لا بدّ من قلب المعادلة السياسية، وكانت المحاولة الأولى في 7 أيار 2008، عندما قررت الحكومة برئاسة السنيورة نزع سلاح الاتصالات (الإشارة) للمقاومة في 5 أيار، فجاء الرد بعملية أمنية-عسكرية أنتجت حكومة بثلث ضامن يشارك فيها للمرة الأولى «التيار الوطني الحر» شريك تفاهم مار مخايل، وبدأ التطلع للحصول على أكثرية نيابية، لتحرير قرار الحكومة من فريق 14 أذار، الذي كان يرفض مشاركة حزب الله في الحكومة، الى أن أعلن الرئيس الحريري ربط نزاع مع الحزب عام 2004، والقبول بوجوده فيها، بعد أن كان يربطها بعودته من القتال في سوريا، الى أن حصلت انتخابات عام 2018 وحصل الحزب وحلفاؤه على أكثرية نيابية، بعد التسوية الرئاسية وانتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، الذي أمن الغطاء السياسي والشعبي للمقاومة، وفق المصادر التي ترى بأن حزب الله الذي رفض الانتخابات النيابية المبكرة لانها هدف أميركي للإطاحة بالأكثرية النيابية التي تؤمن له أن يسمّي رئيس الحكومة وأن يكون فيها، لذلك هو متمسّك بحكومة سياسية أو تكنو-سياسية أو توافقية.
كمال ذبيان
الديار
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :