رحيل ناصر تقوايي.. أيقونة السينما الإيرانية
بعد الثورة الإيرانية، أبدع ناصر تقوايي عام 1986 فيلمه الشهير “القبطان خورشيد”، الذي يُعدّ من أعظم الاقتباسات السينمائية في تاريخ إيران. عاش سنواته الأخيرة في عزلة تامة بعيداً عن الأضواء، بعدما أصبحت السينما التي أحبها غريبة عنه.
وولد تقوايي في 13 تموز 1941 بمدينة عبادان، وتوفي في 14 تشرين الأول 2025، ليترك إرثاً فنياً غنياً امتد بين الإخراج، التصوير، والكتابة.
وكان ناصر تقوايي أحد أبرز رموز “الموجة الجديدة” في السينما الإيرانية، تلك الحركة التي غيّرت مسار السينما في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي بنظرتها الواقعية الاجتماعية والإنسانية. جاء من عالم الأدب إلى عالم الصورة، ليحول السينما إلى وسيلة للتأمل في الإنسان والمجتمع، لا مجرد أداة للترفيه.
منذ مراهقته، كان شغوفاً بالأدب والسينما، درس في ثانوية الرازي بمدينة عبادان، ثم التحق بالتلفزيون لصناعة الأفلام الوثائقية. من أبرز أعماله الوثائقية: “عداد التاكسي”, “سجادة مشهد”, “الأربعون”, و”رياح الجن”.
أما فيلمه القصير “التحرر” (1971)، فقد حصد جوائز في مهرجانات البندقية وسان فرانسيسكو وجيفوني، مؤكداً مكانته كمخرج جاد.
أفلامه الروائية الطويلة
بدأ تقوايي أولى أفلامه الروائية الطويلة بـ “السَكينة بحضور الآخرين” (1968)، المقتبس من قصة “أوهام بلا اسم أو عنوان” لغلام حسين ساعدي، وتناول قصة أسرة متفككة، وصودر بسبب جرأته قبل أن يصبح لاحقاً من كلاسيكيات الموجة الجديدة. وقدم لاحقاً “صادق كُرده” (1972) و”اللعنة” (1973)، مبرزاً عمق شخصياته وإتقانه لغة الصورة.
وفي عام 1989، أخرج فيلم “يا إيران”الذي تناول العلاقة بين الشعب والسلطة بأسلوب ساخر، ويُعد من أهم أعماله رغم العراقيل الرقابية، بينما كان آخر أفلامه الطويلة “ورقة بلا خط” (2001)، دراما إنسانية عن الزواج والوحدة، بطلاها هدية تهراني وخسرو شكيبايي.
تحديات وإبداع مستمر
وواجه تقوايي عراقيل رقابية ومشكلات إنتاجية عطلت العديد من مشاريعه، مثل مسلسل “المتمرد في الغابة” الذي سُحب بعد شهور من التصوير، كما توقفت أفلامه “الرومي والزِنجي” و “الشاي السادة” قبل اكتمالها.
ولم يكن مخرجاً فقط، بل كاتباً أيضاً، حيث صدرت له مجموعة قصصية بعنوان “صيف ذلك العام” التي صودرت بسبب جرأتها الاجتماعية، وتولى تحرير مجلة “الفن والأدب في الجنوب”.
واستطاع تقوايي تحويل اقتباساته الأدبية إلى أعمال سينمائية خالصة، مبدعاً في رسم الشخصيات وبناء الفضاء البصري، فحوّل الأسرة المتداعية في “السَكينة بحضور الآخرين” إلى رمز لمجتمع مأزوم، والأرواح المضطربة في “اللعنة” إلى انعكاس لمناخ الجنوب الرطب والمغلق.
وخلال تكريمه في بيت الفنانين بطهران، قال: “في هذا الجو الثقافي لا يمكن للمرء أن يعمل كما يشاء”، ورفض استلام جائزة عن “ورقة بلا خط” قائلاً: “لا مكان للجوائز في بيتي، ولا مال عندي لشراء سيارة لاستلام الجائزة”.
إرث خالد
وبنى ناصر تقوايي جسراً بين الأدب والسينما، وكانت نظرته إلى الإنسان صادقة وبسيطة. أعماله لا تزال حيّة، تروي قصة مبدع لم يُساوم قط، عاش السينما كحقيقة شخصية وإنسانية، وتركت بصمة لا تُمحى في تاريخ السينما الإيرانية
| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp)
.اضغط هنا
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)
:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي