قانون الانتخاب.. والمفترق المصيري

قانون الانتخاب.. والمفترق المصيري

 

Telegram

 

| جورج علم |

رمى رئيس الحكومة نواف سلام كرة النار في ساحة النجمة. رفض أن يتحوّل قانون الإنتخاب صاعقاً يفجّر الإنسجام الهش بين الوزراء. بالكاد إستطاعت حكومته أن تتجاوز قطوع القرار المتخذ حول “حصريّة السلاح”. لا يريد أن يرى وزراء الثنائي الشيعي، مرّة أخرى، في مواجهة مع غالبيّة الوزراء حول قانون عجنه وخبزه مجلس النواب سابقاً، ويعود الآن ليضع يده عليه من خلال اللجان.

 

يرى الرئيس سلام أن الإستحقاق الإنتخابي هو من أولويات حكومته، وأنه متفق مع رئيس الجمهورية جوزاف عون على إجرائه في موعده الدستوري، وأن وزارة الداخلية تضطلع بمسؤولياتها على أكمل وجه، وأطلقت ديناميّة ورش العمل المتخصّصة تحضيراً وإستعداداً لإنجاز الإنتخابات النيابيّة بأعلى معايير الشفافيّة. وتناول مجلس الوزراء الموضوع، وأبدى ملاحظاته، ووضعها بتصرف اللجان النيابيّة، وقبل أن يجفّ حبرها، تعرّضت “لنيران صديقة”.

 

ماذا يجري في ملعب الإستحقاق هذا؟

 

إذا صفت النوايا، وصدقت الإرادات، فإن المهلة الزمنيّة الفاصلة، كفيلة بإنجاز قانون إنتخابي عصري، تمثيلي، يحاكي تطلعات الشباب، ويعالج الأمراض المزمنة التي يعاني منها النظام البرلماني الديمقراطي الذي إرتضاه لبنان. لكن العلّة في النفوس، قبل أن تكون في النصوص، والذين تسابقوا وتدافشوا على مسرح نزع السلاح، وحصريته بيد الدولة، وتبادلوا ويتبادلون الزجليات الشعبويّة بشأنه، نراهم يتسابقون ويتدافشون اليوم بإتجاه مسرح الإنتخابات النيابيّة، لشدّ العصب، بزجليات شتى حول أهليّة القانون الحالي، والتنافس لفضح نواتئه وثغراته، وكشف عيوبه، والتذرّع بحقّ المغتربين في الإقتراع، والآليّة التي يفترض أن تعتمد.

 

في الواقع أن الغالبية التي تدلي بدلوها في هذه البئر، لا تريد الإنتخابات، ولا مصلحة لها في إجرائها، وهي تحاول جاهدة وضع العصي في دواليبها كي لا تنطلق نحو الهدف، لأنها تخاف على مصيرها ومستقبلها السياسي، في ظلّ الرقابة الدبلوماسيّة التي تغطّي بمعطفها البلد من أقصاه حتى أقصاه، وتعرف ما يجري في السّر أكثر ممّا يجري في العلن، وسبق لها أن أنجزت مسحاً شاملاً للطبقة السياسيّة المتخصّصة بعلم الفساد، والتي أبدعت في مجالاته، حتى أعلى مستويات التفوّق، واحتكرت ممارسات “الزلع والبلع”، وسرقت أموال المودعين، وأوصلت البلد إلى ما هو عليه اليوم من تعتير، وتقهقر، وخيبات أمل.

 

تخشى هذه الطبقة، طبقة الميليشيات المتحكّمة برقاب البلاد والعباد، من هذه العين الساهرة، ومن ساعة الحساب. تخشى من أن تتحوّل الإنتخابات النيابيّة إلى محكمة ميدانيّة، وأن يكون على بيدرها رقيب وحسيب خارجي يعرف كيف يفصل ما بين القمح والزؤان. تخشى من أن تكون محكمة محاربة الفساد قد إرتفع قوسها، ودانت ساعتها، وإقترب موعد لفظ الأحكام.

 

يحاولون ستر عريّهم من خلال التلطي بحقوق المغتربين، كل طرف يريد إستغلالهم وفق حساباته الانتخابيّة، ويريد قانوناً يضمن لهم حقّ الإقتراع، لكن وفق ما يعزّز حضوره في ساحة النجمة. والمسألة في النهاية لا علاقة لها بالمغتربين، ولا بحقوقهم، ولا بمصالحهم، بقدر ما لها علاقة بهذه الصفحة السوداء من تاريخ لبنان، وبلعبة الكراسي والأحجام والأوزان بين أمراء الطوائف والمذاهب، وقادة الأحزاب الميليشيوية.

 

يعرف الرئيس سلام جيداً النوايا، والخفايا. يرفض إقامة المتاريس في قاعة مجلس الوزراء. يعرف ان الوضع العام في البلاد لا يحتمل فتح المزيد من الأبواب أمام الشعبويات، والمزايدات الفتنوّية، على خلفيات فئويّة، لتكريس الإحتكار السياسي.

 

يحسب ألف حساب للتطورات الخطيرة في المنطقة، ماذا يجري في غزّة؟ وفي أي إتجاه تتدحرج الأمور، وتنزلق التطورات؟ وماذا عن اليوم التالي في القطاع، ووفق أيّ تسويات وتوازنات؟ ماذا يجري في سوريا وسط الحديث المتنامي عن إتفاق أمني مع “إسرائيل”؟ وما هي الأبعاد، والإنعكاسات، والتداعيات على الداخل اللبناني؟

 

ماذا يجري في ايران بعدما قرّرت سلوك الشعاب المؤديّة إلى فتح قنوات الحوار والتواصل مع الولايات المتحدة، خصوصاً بعد الزيارة التي قام بها الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني إلى السعودية، وتعويله على دبلوماسيتها المرنة التي ترمم العلاقات المقطوعة؟!

 

إن وحدة الصف الحكومي أولوية، في هذه المرحلة المصيريّة، لا تتقدّم عليها أيّة أولوية أخرى. ومن الآن وحتى موعد الانتخابات قد تتغيّر حدود، وجغرافيات، وأنظمة، وتحالفات، وإصطفافات. وجلّ ما فعله مجلس الوزراء بشأن ملاحظاته حول قانون الإنتخاب أنه أعاد “القوس إلى باريها”!

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) .اضغط هنا

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram