أكد السفير الروسي السابق، ألكسندر زاسبكين، أن أي حديث عن سلام دائم في أوكرانيا لا يزال سابقا لأوانه، خاصةً أن العقبة الأساسية تكمن في إصرار أوروبا على دفع كييف نحو التصعيد وتحضيرها لمواجهة طويلة المدى مع موسكو.
وأضاف زاسبكين في حوار خاص مع "إرم نيوز" أن الموقف الروسي ثابت، ويقوم على السيطرة الكاملة على المناطق الأربع الجديدة، بما فيها خيرسون وزابوريغيا، إلى جانب إقامة منطقة عازلة على الحدود مع أوكرانيا، وفق قوله.
وأشار إلى أن فكرة "رفع مستوى التمثيل" في المفاوضات، التي ظهرت بعد الاتصال الهاتفي بين فلاديمير بوتين ودونالد ترامب، لا تعني بالضرورة تغييرا جوهريا في طبيعة المحادثات، معتبرا أن المفاوض الروسي الحالي فلاديمير ميدينسكي مؤهل تماما لإدارة الملف.
ولفت الدبلوماسي الروسي السابق إلى أن تطور الموقف الأمريكي بعد قمة ألاسكا يعكس إدراكا لضرورة التوصل إلى تسوية أوسع من مجرد وقف إطلاق النار، معربا عن أمله في أن يشمل الحوار الروسي–الأميركي القضايا العالمية الكبرى، باعتبار أن موسكو وواشنطن تتحملان معًا مسؤولية الحفاظ على الأمن والاستقرار الدوليين.
وتاليًا نص الحوار:
بعد الاتصال الهاتفي الأخير بين الرئيسين بوتين وترامب، ترددت فكرة "رفع مستوى التمثيل" في محادثات أوكرانيا.. كيف تفهم موسكو هذه الخطوة؟
من وجهة نظري، لا يعني رفع مستوى التمثيل بالضرورة أن نوعية المفاوضات ستتغير جذريا. فالمفاوض الروسي الحالي، فلاديمير ميدينسكي، مؤهل تماما لهذه المهمة ويمتلك الخبرة الكافية للتعامل مع الملف.
وما هو مطروح الآن أن تكون هذه الخطوة بديلًا عن لقاء مباشر بين الرئيسين الروسي والأوكراني، لكن الأهم في هذه المرحلة هو استمرار العملية التفاوضية على المستوى السياسي، بهدف التوصل إلى صيغة شاملة لتسوية النزاع.
روسيا وضعت شروطا تتعلق بالسيطرة الكاملة على دونباس وتثبيت الوضع في خيرسون وزابوريغيا مقابل ضمانات أمنية.. هل هذه شروط نهائية؟
الموقف الروسي ثابت وواضح ولن يشهد أي تعديل. روسيا تطالب بالسيطرة الكاملة على المناطق الأربع الجديدة، بما فيها دونباس وخيرسون وزابوريغيا.
إضافة إلى ذلك، ترى موسكو ضرورة إقامة منطقة عازلة على طول الحدود الفاصلة بين الأراضي الروسية والمناطق الأوكرانية، لضمان ألا يشكّل الطرف الآخر تهديدا أمنيا مباشرا.
ترامب تحدث عن أن "تبادل الأراضي" يمكن أن يكون مدخلا للتسوية.. كيف تقرأون هذا الطرح؟
مصطلح "تبادل الأراضي" ليس دقيقا تماما من الناحية السياسية، لكنه إذا استُخدم بذكاء وفي إطار تفاوضي متوازن يمكن أن يشكّل أساسا للتفاهم. والمهم هنا أن يتم التعاطي معه بحذر، حتى لا يُفهم على أنه مجرد تنازل من طرف لصالح طرف آخر، بل كجزء من صيغة متكاملة للحل.
هناك حديث متزايد عن قمة محتملة تجمع بوتين وزيلينسكي برعاية ترامب.. هل تراها خطوة واقعية في ظل مذكرة التوقيف الدولية بحق الرئيس الروسي؟
في رأينا، الأهم في أي لقاء ليس الشكليات بل مضمونه والنتائج التي يمكن أن يحققها. أما مذكرة التوقيف التي أصدرتها المحكمة الدولية فنعتبرها غير شرعية وباطلة، ومن ثم فهي لا تعيق من وجهة نظرنا أي إمكانية للقاء.
لكن الواقع أن مواقف موسكو وكييف لا تزال متباينة بشكل كبير، ومن دون تقارب فعلي عبر التفاوض سيكون من الصعب الحديث عن قمة جدية أو مثمرة. لذلك لا بد أولًا من مواصلة التفاوض وتهيئة الأرضية اللازمة حتى يكون لأي قمة محتملة فرصة للنجاح.
على الصعيد الميداني.. هل يمنح التقدم الروسي في خاركيف وسومي موسكو قدرة أكبر على فرض شروطها التفاوضية؟
الوضع الميداني لم يُحسم بشكل كامل حتى الآن، ولم نشهد انهيارا شاملا للجبهة الأوكرانية، لكنّ هناك تقدما ملموسا ومتسارعا للقوات الروسية في عدد من المحاور.
هذا التقدم يتيح لموسكو تعزيز موقعها التفاوضي تدريجيا؛ إذ إن الضغط العسكري المستمر يفرض معادلات جديدة على طاولة التفاوض، حتى وإن لم يصل بعد إلى نقطة الحسم النهائي.
لافروف أشار إلى أن الموقف الأمريكي أصبح "أكثر عمقا" بعد قمة ألاسكا.. هل ترون أن ذلك يمهّد لصفقة كبرى بين موسكو وواشنطن قد تتجاوز الأزمة الأوكرانية؟
بالفعل هناك تطور في الموقف الأمربكي، حيث باتت واشنطن تدرك أن التسوية المطلوبة يجب ألّا تقتصر على وقف إطلاق النار، بل ينبغي أن تكون شاملة وعابرة للملفات.
نأمل أن يمتد الحوار الروسي–الأمريكي ليغطي القضايا العالمية الكبرى، سواء في مجال الأمن الاستراتيجي أو الاستقرار الدولي. وهذا يتماشى مع دور البلدين كقوتين مسؤولتين عن الأمن والسلم الدوليين، ويعكس مصلحة البشرية جمعاء.
في ظل كل هذه التطورات.. هل نحن اليوم أقرب إلى سلام حقيقي ودائم؟
من السابق لأوانه الحديث عن سلام دائم. صحيح أن الرئيس ترامب يبذل جهودا ملموسة، وهذه الجهود تلقى تقديرا من الرئيس بوتين، لكن العقبة الكبرى تكمن في الموقف الأوروبي.
فالاتحاد الأوروبي لا يزال يصرّ على دفع أوكرانيا نحو الحرب، بل ويحضّر لمواجهة استراتيجية طويلة المدى مع روسيا في السنوات المقبلة. أما في الداخل الأوكراني، فإن النظام القائم ما زال قائما على العداء لروسيا، وهو بطبيعته غير قابل للتسوية مع موسكو.
من هنا، يبقى مفتاح الحل في تغيير طبيعة النظام الأوكراني ليصبح محايدا، بحيث لا يشكّل تهديدا مباشرا لروسيا.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :