قبل 10 سنوات شهدت ألمانيا تدفقا كبيرا للاجئين مما دفع المستشارة الألمانية آنذاك أنغيلا ميركل لإعلان قرارها التاريخي بفتح الأبواب أمامهم، مرددة عبارتها الشهيرة "نحن قادرون على ذلك".
من "نحن قادرون" إلى " لم نعد قادرين".. ماذا حدث لألمانيا على مدى 10 سنوات من تدفق اللاجئين
أنغيلا ميركل
أصبحت تلك العبارة القصيرة رمزا لحقبة كاملة، أثارت تأييدا واسعا وغضبا شديدا في الوقت نفسه، وساهمت في صعود حزب البديل من أجل ألمانيا كقوة سياسية مؤثرة، خاصة على مستوى ولايات مثل تورينغن وفي البرلمان الاتحادي.
وبعد مرور عقد من الزمن، تظهر النتائج صورة متباينة، إذ نجح عدد كبير من اللاجئين في الاندماج بشكل ملحوظ في سوق العمل، بينما لا تزال العديد المناطق تعاني من ضغوط على البنية التحتية والخدمات الاجتماعية، خاصة في المناطق الريفية والمدن الصغيرة.
وقد أكدت أحدث البيانات الصادرة عن معهد الأبحاث السكانية (BiB) في فبراير 2025 تحسنا كبيرا في معدلات توظيف اللاجئين القادمين من أوكرانيا، حيث ارتفعت نسبة العاملين منهم من 16% في صيف 2022 إلى نحو 30% في أوائل عام 2024، على الرغم من التحديات التي يواجهها الكثيرون في تحقيق مستوى متقدم في اللغة الألمانية (B2)، خاصة النساء بسبب مسؤوليات رعاية الأطفال.
وفي ولاية سارلاند، سجلت نسبة توظيف الأوكرانيين قفزة كبيرة بلغت 70% بين فبراير 2024 ونفس الشهر من عام 2025، وذلك بفضل التنسيق الفعال بين الجهات الرسمية والمجتمع المدني.
ومع ذلك، تشير تقارير صحفية مثل تلك الصادرة عن "تسايت" إلى أن ألمانيا لا تزال في حاجة إلى استقطاب نحو 400 ألف عامل أجنبي سنويا لتعويض النقص الحاد في الأيدي العاملة الناجم عن التغير الديموغرافي وشيخوخة السكان، علما بأن كثيرا من اللاجئين الحاليين لم يدخلوا سوق العمل بعد رغم الفرص المتاحة.
وبحسب دراسة أجراها معهد "IAB" المتخصص في شؤون سوق العمل، فإن حوالي نصف اللاجئين الذين وصلوا إلى ألمانيا بين عامي 2013 و2015 أصبحوا يعملون في وظائف منتظمة بعد مرور 5 سنوات على وصولهم، مع وجود فجوة واضحة بين الجنسين (57% الرجال مقابل 29% النساء). وكثير من هؤلاء يعملون في مهن تتطلب مهارات تقنية عالية، حتى في غياب اعتراف رسمي كامل بشهاداتهم الأكاديمية. وفي هذا الإطار، منحت منظمة "OECD" تقييما إيجابيا لألمانيا فيما يتعلق بجهود دمج اللاجئين في سوق العمل، حيث وصلت نسبة التشغيل بينهم إلى 70% في عام 2022، وذلك بفضل برامج تعلم اللغة والدعم التأهيلي.
على الجانب الآخر، لا تزال هناك تحديات كبيرة، خاصة في مجال الإسكان، حيث تشير البيانات الصادرة عن مكتب الإحصاءات إلى أن غير الألمان يدفعون إيجارات أعلى بنسبة 9.5% في المتوسط مقارنة بالمواطنين الألمان، ويعزا ذلك جزئيا إلى تركيزهم في شقق أصغر حجما وفي مناطق ذات كثافة سكانية عالية.
كما عبر رئيس ولاية ساكسونيا السفلى شتيفان فايل عن قلقه من تراجع "ثقافة الترحيب" في ألمانيا، داعيا إلى تبني نهج أكثر واقعية في استقبال الوافدين الجدد، مع الحفاظ على فرص العمل والقنوات النظامية للهجرة.
في السياق السياسي، يطالب حزب الخضر بإلغاء حظر العمل المفروض على بعض فئات اللاجئين، وذلك كجزء من حزمة إجراءات تهدف إلى معالجة نقص العمالة، بما في ذلك إنشاء وكالة مركزية للهجرة، وتسهيل إجراءات الاعتراف بالشهادات الأجنبية، وتسريع منح التأشيرات.
كما تثار مناقشات حول إمكانية إنشاء "وزارة للهجرة" على النمط الكندي، بهدف توحيد الجهود بين القطاعات المختلفة وضمان تكامل السياسات.
وفي خضم كل هذا، صرح المستشار الألماني الحالي فريدريش ميرتس مؤخرا بأن ألمانيا لم تعد قادرة على تحمل تكاليف الرفاهية الاجتماعية، مؤكدا أنه سيواصل سياسة الحد من الهجرة وتطوير إجراءات دعم العمل.
المصدر: وسائل إعلام ألمانية
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :