ما بين السفينة والشراع… ضاعت مجاديفُنا

ما بين السفينة والشراع… ضاعت مجاديفُنا

 

Telegram

ما بين الحلم والواقع، بين البداية والنهاية، هناك دوماً مساحةٌ ضبابيّة نسمّيها "التيه". في بحر هذا الوجود الهائج، لسنا دائماً الربّان، ولا حتى المسافرين. أحياناً نكون مجرّد سؤال عالق في منتصف الموج، نبحث عن ضفّة، عن رُؤية، عن يقين.  
أُعطيت لنا سفينة… جسدٌ يحملنا. وأُعطينا شراعاً… أقدارٌ تهبّ حيث تشاء. لكن مجاديفنا؟ تلك التي كان يجب أن نتمسّك بها، أن نصنع بها طريقنا، نسيناها على شاطئ البدايات.
كلُّ إنسانٍ في هذا العالم وُلِد وفي قلبه بحر، وسفينة، وبعض المجاديف... لكن لا أحد يُعلّمنا كيف نُبحر في العاصفة. لا أحد يقول لنا إن الريح أحياناً تخدع، وإن الشراع قد يحملنا إلى هاوية، لا إلى ميناء.  
*ضاعت مجاديفنا حين صدّقنا أن الريح تعرف الطريق، وأن العالم سيقودنا نحو الأفضل دون أن نتدخّل.*  
ضاعت حين جعلنا الصمت بوصلة، والخوف قائدًا، والتسويف مرساةً ثقيلة تمنع التقدّم.
كم من أمٍّ حملت أبناءها على ظهر العمر، لكن لم يُعطها أحد مجداف الصبر!  
كم من أبٍ قاتل الريح وحده، يُصلح شراع العائلة كلّ مساء بيده المجروحة.  
كم من قلبٍ أحبَّ، فأبحر بلا مجاديف، فقط لينكسر في عرض البحر.  
كم من وطنٍ سلّم شراعه للغرباء، ونسي أن أمواجه لا تعرف الرحمة!
إن مجاديفنا هي وعينا، ثباتنا، تمسّكنا بالحق في وقت التيه.  
هي قراراتنا الصغيرة التي نأخذها كل يوم، بصمت، دون تصفيق، لكنها تغيّر مسار المصير.
 نحن لا نُهزم حين تُكسَر السفينة، بل حين ننسى أن لنا القدرة على التجديف...  
أن فينا ما يكفي من الحلم والعناد والإيمان لنعبر، حتى وإن خانتنا كلّ الرياح.  
ما بين السفينة والشراع، هناك حكايات لا تُروى،  
وأرواحٌ عالقةٌ بين سؤالٍ وجواب،  
لكن، إن تذكّرت مجاديفك…  
لن تغرق.  
وإن ضعفتَ، يكفيك أن تمدّ يديك للماء…  
فالذين يملكون الشوق للنجاة،  
يصنعون من الموج وطناً.
 
بقلم : فاطمة يوسف بصل
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram