لا يكفي أن تعرف الباطل وتحاربه المهم أن تعرف الحق وتنصره

لا يكفي أن تعرف الباطل وتحاربه المهم أن تعرف الحق وتنصره

 

Telegram

 


 يعتقد جمهرة من الناس أنهم يكونون مع الحق عندما يحاربون الباطل وينسون أن للباطل أثوابا ووجوها عديدة ، فإن مزّقت ثوبا تكون غضيّت الطرف عن ثوب آخر وإن هشمّت وجها تكون منحت الفرصة لوجه آخر .
لا تعتقد أنك عندما تقاتل باطلا تراه، تكون تنصر حقا لا تراه ، فنّصرة الحق أولوية قبل محاربة الباطل  ، فمن ينصر الحق يساهم في زهق الباطل ولكن من يزهق الباطل لا ينصر الحق .
منذ دخلنا في طور مشروع الاسلمة ومن ثم مشروع التتريك ومشاريع الفرنجة ونحن نزعم محاربة الباطل ، ودفعنا غاليا في هذه المعارك المصيرية التي انهزمنا في بعضها وانتصرنا في بعضها الآخر ، لكننا لم ننصر الحق لأننا اتفقنا على قتال الباطل ولم نستطع الوصول الى الحق ونُصرته ، لذلك بقيت بلادنا في قلب المشاريع  وعجزت حتى الآن عن حمل مشروعها ، مشروع المدرحية الذي هو رسالة سورية الطبيعية الى العالم .
نزعم الاتفاق على رفض الإحتلال ونعتبره باطل الأباطيل ، لكننا لا نتفق على كيفية التعاطي مع هذا الباطل ، ولأننا لم نتفق على طريقة التعاطي مع هذا الباطل سمحنا لبعض من شعبنا أن يعتبر هذا الباطل حق ، ويُجاهر في قناعته ، ويطرحها للحوار والنقاش .
تبدأ علاقتنا مع الحق والباطل مع بداية إدراكنا لطبيعة الأشياء التي تُحيط بنا ، فنسمع مئات  النصائح التي تبدأ بلا ، ولا نسمع نصيحة وحيدة تبدأ بإعمل أو إفعل فينشأ ميل عنا لمعرفة الباطل ولا ينشأ ميل عنا لمعرفة الحق ، لذلك نخسر حروبا ونربح حربا واحدة .
يتطلب الحق الانشاء ،والإنشاء عملية إبداعية دعائمها المعرفة والإيمان ونكران الذات والتفكير العملي ، بينما يتطلب الباطل الهدم ،والهدم عملية  تدميرية تحتاج الى الوسائل والخطط ، وقد يكون الهدم مقدمة للبناء وقد يكون فرصة لباطل جديد .
 يقول سعاده : الحق انتصار على الباطل في معركة انسانية وليس في معركة غيبية أو ألهية تجري وراء هذا العالم ولا يشترك فيها الانسان ـ المجتمع الانساني ,ج7ص386
عمارة الباطل حاضرة دائما، والباطل  في حالة استعداد مستمر لأنه يعلم أنه في معركة وجود مع الحق ، ولا يمكن للحق أن يخوض معركته مع الباطل إذا لم يّنشىء حركته ، والإنشاء يقوم على حقيقتين أساسيتين :
الحقيقة الأولى هي إنشاء عمارته 
الحقيقة الثانية هدم عمارة الباطل 
لا تقوم عمليتي الهدم والبناء إلا بالمعارك المصيرية بين الطرفين وهذه المعارك تكون قوية وخطيرة ،لأن الباطل يعتبر كل معركة بالنسبة له هي معركة مصيرية  فإن خسرها ، خسر وجوده ، بينما الحق حقيقة قائمة ومستمرة لا تختفي حينا وتظهر حينا آخر .
يوضح سعاده أن المعركة بين الحق والباطل هي معركة إنسانية ،والمقصود بالانسانية ، القيم الانسانية ، الأفكار الانسانية والعقائدية الانسانية ، وليست معركة غيبية أو إلهية تجري وراء هذا العالم ، والمقصود هنا أنها ليست معركة من أجل المصير  بعد الموت ولا من أجل حقائق ما ورائية لا علاقة لها بالوجود .
لا مكان لأهل الباطل بين أهل الحق ، وإذا قبل أهل الحق بوجود أهل الباطل بينهم يكونون خرجوا عن الحق وانحرفوا نحو الباطل وهذا ما حصل للحركة السورية القومية الأجتماعية ، فهي عندما قبلت بأهل الباطل وتحالفت مع جماعة الباطل ، بطُلت أن تكون حركة نهضة سورية قومية إجتماعية ,
فهي تخلت عن بناء عمارة الحق وادعت أنها تحارب الباطل علنا وكانت تتحالف معه علنا أحيانا وعندما يزداد الضغط عليها تتحالف معه تحت الطاولة كما حصل في أحداث 1958 وفي إنقلاب عام 1962
يتابع سعاده :
لولا انتصار الحق وانخذال الباطل لما عرف أيهما الحق وأيهما الباطل . فالباطل لايظهر بلباس الباطل بل بلباس الحق .وتدرك النفوس القوية الحق وتدرك النفوس الضعيفة الباطل . فاذا الحق والباطل في صراع الى ان ينتصر الحق وينخذل الباطل فاذا المجتمع كله على الحق .ج7 ص391
الإشكالية الكبيرة هي في الوصول الى التمييز بين الحق والباطل ،
فكما يقول سعاده :فالباطل لا يظهر بلباس الباطل بل بلباس الحق ، والوصول الى التمييز بينهما يتطلب نفوسا قوية .
لماذا قال سعاده ، تدرك النفوس القوية الحق. 
لا يكون الحق منحة من أحد ، ولا يأتي عن طريق الصدفة ، بل يصل الى الحق من يخوض معركة ضد الباطل الذي تكون له كلمة فصل وتكون له سلطة قوية ، لذلك لا تكون المواجهة بالمعرفة فقط ، لأن المعرفة التي لا تنفع كالجهالة التي لا تضر ، تكون المواجهة بالنفوس القوية المُعتصمة بميدان المعرفة .
يوجد مثل دارج يقول :
ما حدا بيقول  عن زيته عكر 
هكذا هو السباق بين الحق والباطل ،فالباطل كما يقول سعاده يظهر بلباس الحق وبذلك تصعب عملية التمييز ، وتصعب أكثر أذا تحالف بعض أهل الحق  من أصحاب النفوس الصغيرة مع أهل الباطل .
لم يبدأ سعاده بهدم حصون الرجعية ، ولم يبدأ بوصف الحالة الشاذة ، ولم يبدأ بإطلاق النعوت على مباديء الرجعية والتي تحاكي المصالح الغربية بل بدأ ببناء بناية الحق لذلك كان المبدأ الأول المدماك الأول والأساسي في عمارة النهضة مبدأ سورية للسوريين والسوريون أمة تامة .
طلب الإيمان بالحق قبل لعن الباطل .
هل حزب سعاده يبني عمارة الحق وهو يخوض معركته مع الباطل ؟
يقول سعاده :
 أن مسألة الحق ليست مسألة عددية ، بل مسألة انسانية اجتماعية ، الحق قد يبتدىء بفرد وقد يبتدىء بعدد قليل ضئيل وقد يبتدىء بعدد كثير . ولكن شرط الحق في الانسانية ليكون حقا أن لا يعلن نفسه ساعة ويختففي ، وان لا يختزنه العدد الفردي او المجموعي في نطاقه الخاص فيفنى فيه ـ ان لا يكون حقا عدديا ، بل حقا اجتماعيا لا ينفرد فيه الفرد ولا يستقل به العدد ، بل يمتد في المجتمع بلا حدود ـ في المتحد نفسه في تعاقب أجياله . الحق ليس فرديا ولا عدديا . فهو لا يموت مع الفرد ولا يفنى بفناء العدد . ان الحق اجتماعي يظل قائما ما ظل المتحد قائما . ج7ص386
أعتقد ما يقوله سعاده كاف لنحكم على مسار الحزب بعد إستشهاده  ، ويبرر للمؤمنين بالعقيدة السورية القومية الإجتماعية الشروع بعملية إنشائية دون النظر الى أعدادهم ، لأنهم يختزنون في نفوسهم وفي عقولهم الحق الذي خرج من ميدان التنظيمات الإنشقاقية ، وأصبح على عاتقهم ومن مسؤولياتهم تحقيق غاية الحزب وبعث نهضة سورية قومية إجتماعية تكفل تحقيق مبادئه .
لقد صعبّت القيادات الحزبية القديمة والحالية عملية التمييز بين الحق والباطل ليس فقط في شأن التنظيمات الإنشقاقية بل أيضا في عملية التمييز بين الحق والباطل في المجتمع وفي الدولة .
بداية الطريق معرفة الحق ، وليست امتشاق السلاح لقتال الباطل ، فقتال الباطل دون معرفة الحق ، فعل بنتائج سلبية تُعيق معركة انتصار الحق .
لن يقبل السوريون القوميون الأجتماعيين أن يكونوا مخازن أسلحة في بواريد لاتعرف الحق ولا تنصره وتطلب الباطل وهي ترتدي ثياب الحق .
لن يقبل السوريون القوميون الإجتماعيون الإنشقاق وسيعتبرون أن التنظيمات الأنشقاقية  دمامل خطيرة في جسد الحزب السوري القومي الإجتماعي يجب التخّلص منها وليس مصالحتها ، فالمصالحة مع التنظيمات الإنشقاقية جريمة بحق الحزب .
كما فعل سعاده ،وبدأ بسورية للسوريين والسوريون أمة تامة على السوريين الشروع بعملية إنشائية تطرد الظاهر الإنشقاقية وتشرع بإعادة البناء واستكمال التأسيس .
سامي سماحة  

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram