لفتت مشاركة طوافات للجيش اللبناني في إطفاء حرائق نشبت لدى جارتي لبنان الوحيدتين، قبرص وسوريا. ولكن هل يملك لبنان إمكانات للقيام بتلك المهمات، أو أن الأمر يقتصر على الجيش دون سواه؟
ليس غريباً أن ترتفع ألسنة اللهب في أشهر الصيف في لبنان والدول المجاورة. فهذه الفترة هي الأشدّ حراً، ويُخشى اشتعال الحرائق وامتدادها بما لا يمكّن الدفاع المدني أو حتى الجيش من التعامل معها من دون الاستعانة بالمساعدات الخارجية.
في الاسبوع الأول من تموز/ يوليو الحالي، اجتاحت الحرائق غرب سوريا، فأتت على آلاف الدونمات من الأشجار والغابات، وطلبت دمشق المساعدة من جيرانها. وبعدما استجاب الاتحاد الأوروبي، على خلاف ما كان يفعله خلال حكم النظام السابق، تمت السيطرة على الحرائق.
وقد سارع لبنان بدوره إلى مساعدة جيرانه السوريين لإطفاء الحرائق، على الرغم من عدم امتلاكه المعدات الضرورية وفي مقدمها المروحيات المخصصة للإطفاء. وسبق أن أعلنت وزارة الداخلية والبلديات عن شراء 3 طوافات من نوع “سيوكورسكي”، وكان يجب أن ينعكس ذلك إسراعاً في مواجهة الحرائق، لكن المفأجاة تكمن في أن تلك المروحيات لم تعد صالحة للعمل ولا تزال جاثمة على أرض مطار رفيق الحريري الدولي.
أما عن سبب عدم استخدامها، فتشير الوزارة إلى أن إعادة صيانتها تكلف نحو نصف مليون دولار، وهذا المبلغ غبر متوافر، ما يبقي الطوافات خارج الخدمة، عدا عن أنها ليست في عهدة الدفاع المدني الذي ليس لديه طيارون يستطيعون قيادتها. وسبق أن أجريت دورة للدفاع المدني على قيادة تلك الطوافات ولكن الحاجة إلى صيانتها تحول دون استخدامها.
على صعيد الإمكانات البشرية، ليس لدى الدفاع المدني نقص، على الاقل راهناً، وكانت مشاركته في مساعدة تركيا وسوريا على رفع الأنقاض والبحث عن المفقودين جراء الزلزال العنيف الذي ضربهما في شباط / فيراير 2023 خير دليل على القدرة البشرية للبنان في التصدي للكوارث الطبيعية.
وفق تلك المعطيات، فإن المساعدة في إطفاء الحرائق في قبرص وسوريا كانت على عاتق الجيش اللبناني حصراً، وقد أعلن عن مساعدة الدولتين الجارتين من خلال مشاركة طوافات القوات الجوية في إخماد الحرائق خارج لبنان، سواء في سوريا أو قبرص، مؤكداً أنها وسيلة من وسائل التعاون مع دول الجوار، ولا سيما أن قبرص ساهمت في إخماد الحرائق خلال عام 2019.
في ذلك العام، اجتاحت النيران مناطق واسعة من لبنان وأدى تمددها إلى تهديد مباشر للمواطنين في أكثر من منطقة، ما دفع لبنان إلى طلب المساعدة من الدول الصديقة، وحينها ساهمت قبرص في إسعافه للسيطرة على تلك الحرائق.
وتؤكد قيادة الجيش أنها لم توفر جهدا في دعم القوات الجوية لتمكينها من توفير كل المستلزمات التي تمكنها من القيام بواجباتها على أكمل وجه، علماً أن الظروف المالية لا تساعد كثيراً في دعم القوات الجوية، وهذا ما يدفع إلى الاعتماد على المساعدات التي تأتي من أكثر من جهة. فطوافات القوات الجوية تؤمن مئات الطلعات الجوية لمكافحة الحرائق ومؤازرة الدفاع المدني على مختلف الأراضي اللبنانية.
ويسجل أنها تمكنت خلال الأعوام السابقة من إخماد عشرات الحرائق الكبرى بالرغم من الصعوبات العملانية الناجمة عن العدوان الإسرائيلي في الخريف الفائت، فضلاً عن المعوقات المادية واللوجيستية.
ويذكر أن تلك المهات تساعد في تحسين أداء طياري الجيش وتطوير خبراتهم في مجال الطيران للمحافظة على أهليتهم وجهوزيتهم.
نسخ الرابط :