إني كلما نظرت الى الموقف السياسي وما يتطلبه، والى بطء أعمالنا وحركتنا ونقص استعداداتنا الروحية والمادية أنتابني ثورات نفسية عظيمة .ج10ص108
قرأتها أكثر من مرة ،لا لأفهمها بل لأربط بين معناها وما هي عليه قيادت أحزاب الحزب السوري القومي الإجتماعي .
كان الرجل يرى الويل الذي تعيشه بلادنا والخطر الآتي إليها والتحديات المفروضة والتي ستُفرض عليها ، وكان يرى أيضا أن الوقت شرطا أساسيا للإنتصار .
كان هاجسه مصلحة بلاده ، يقيس المسافة بين واقع الحال والواقع المُرتجى بمسطرة من ذهب الأفكار ،ينظر الى المواقف السياسية بقاعدته التي تقول : إن السياسة هي فن خدمة الأغراض القومية ، ولا يدرك هذا المعنى للسياسة إلا من آمن بأن مصلحة سورية فوق كل مصلحة .
لم يقل : "تعال اتبعني" لكنه قال أنا قدوتك كن مثلي ، ولتكن حياتي عبرة لك ،نعم لم يقلها جملة واحدة مفيدة ، بل قالها في كل كلمة كتبها وفي كل موقف وقفه وفي كل مواجهة واجه فيها الخصوم والأعداء ،وكان ختام مواقفه ملحمة الإستشهاد .
سامح من أساء وغفر لمن أخطأ وخبّص عن سابق تصوير وتصميم أو عن جهل وقصور معرفة ، حاول استيعابهم جميعهم على قاعدة الحوار والنقاش وتبديل الرأي والموقف والإتجاه ، ولكن ارتباطاتهم مع مشاريع الغرب كانت أشد ارتباطا من ارتباطهم بالعقيدة السورية القومية الإجتماعية ، كانت خيانتهم أكبر من قسم انتمائهم الى العقيدة السورية القومية الإجتماعية .
سامح لأنه آمن بأننا أمة الحق والخير والجمال
غفر لأنه يريد رصّ الصفوف من أجل المعركة الحاسمة .
كانت عيونه شاخصة الى المصائب الآتية لذلك غفر ، لكن عيونهم كانت شاخصة الى الألقاب والمكاسب ، والتسلل الى نوادي المسؤوليات ولو على جثث الشهداء ،
بينما الرجل يدخل الى نوادي العظماء ليس على قاعدة التسلل بل على قاعدة الفعل والعمل التي فاقت قدرة استيعاب الجهابذة .
يذكر أحدهم ، أن إمرأتين اختلفتا على أمومة طفل ، فكل واحدة زعمت أن الطفل طفلها ، فقررا أن يحتكما عند الخليفة على بن أبي طالب ، فحكت كل واحدة حكايتها وأكدت أن الطفل طفلها ، فاحتار الخليفة ،وبعد لحظة من التفكير قال لهما : سنقسم الطفل الى قسمين ونُعطي كل قسم لواحدة ، فصرخت إحداهما وقالت له أن الطفل ليس طفلها وصمتت الثانية ،عندها أعطى الخليفة الطفل للأم التي صرخت .
كان الحزب بقايا وبعد الأنشقاق أصبح ركاما ، ولم تتحرك شعرة واحدة عند قيادات الانشقاق االكبيرة ، وهذا ما يؤكد لنا ، نحن الذين خرجنا من الحزب لأننا رفضنا أن نكون بقايا ونخوض معركة الاصلاح بعملية إنشائية كبيرة ، أن الشبه كبير بين البقايا والركام ، لأن الفريقين ينغمسان بمكاسب اليوم ولا ينظران الى المواقف السياسية التي تُبشّر بالحياد والتطبيع ، والبرهمة ..... واستطاع الفريقان اللعب بعقول القوميين حتى أصبح الخلاف بينهما على نتائج الانشقاق وليس على أسبابه بحيث انحصر على ‘إدارة المؤتمر ورفع حظر السفر. وللأسف الكبير أقتنع القوميون بتسخيف الخلاف وأعلنوا خوض معركة اللجنة وحظر السفر .
هذا التسطيح لأزمة الحزب فسح المجال أمام جميع القوميين الإجتماعيين خوض معارك داحس والغبراء بينهم ، وأسقط حدود المناقب وأباح الكلام غير المُباح وساهمت قيادة من قيادات الإنشقاق التي اعتمدت الفيسبوك منبرا إعلاميا ووسيلة لتعميم القرارات الحزبية مما مهّد الطريق لإستعمال الفيسبوك لنشر الغسيل وبكلمات نابية وتعابير لا تمت الى الأخلاق القومية بصلة ، وما زاد الطين بلّة أن هذه القيادات لم تلجأ الى محاسبة من يّطلق التعابير السفيهة .
المشكلة الحقيقية لم تعد بين طرفي الانشقاق بل أصبحت بالصورة المُعيبة التي تتكون عند الناس عن حالة الحزي ومستوى القوميين ، لأن البوست أو المنشور معروض لعامة الناس، الأصدقاء والخصوم والأعداء لذلك هذا سيسبب باستنكاف الشباب من التقرّب الى الحزب أو الإنخراط في صفوفه .
يرتكب الإنشقاقيون مجزرة بحق الحزب خاصة أولئك الذين يزعمون الإصلاح ويمارسون عقلية ما قبل 13 أيلول ، أوهموا القوميين بالإصلاح ومارسوا عقلية حرب نيل المكاسب ، ولأن القوميين ناقمون على إدارة أسعد حردان و"هم في ذلك محقون " استعملت قيادة الانفلاب الغاية تبرر الوسيلة وصفّق لها السوريون القوميون الإجتماعيون .
يا خجلنا من سعاده
كان سعاده يسابق الزمن ليحقق انتصار الأمة وهم يتسابقون ليقطفوا مصالهم من الزمن .
أنهم يلعبون على حفاف الخطر ، ويكشفون واقع الحزب للصديق وللعدو مما يضع القوميين الاجتماعيين في مرمى نار الأعداء والخصوم .
حرام على قومي أن يُهين قومي آخر مهما كانت الأسباب والدوافع ، القومي رفيق القومي تحت كل الظروف وفي كل المواقف ،
أيها الرفقاء نكّسوا بيارق الخلاف وأرفعوا راية النهضة ، لأنكم أنتم وحدكم صنعتم عز الحزب وأسقطتم مشاريع الأعداء في لبنان ، أنتم وحدكم قاتلتم وتقاتلون هجوم الحلف الكوني على الشام ، أنتم وحدكم تقاومون في فلسطين وتكونون حيث يجب أن تكونوا فلا تسمحوا للمتسللين الى السلطة أن يُتاجروا في جهادكم وعرقكم أي كانوا وأينما كانوا ، أنت كنتم على مستوى المواجهة أما هم فقد كانوا على مستوى التوظيف والإستغلال .
لم يعد فيهم من سعاده سوى الإسم فقط .
كان سعاده يشكو من بطء الأعمال ونقص الاستعداد مما ولّد عنده ثورات نفسية عظيمة ، أما القيادات الحالية تشكو من نقص الألقاب والتضارب بالمكاسب والمنافسة على الأرباح ، والتشاطر في دفع الخوات ، وإلى متى سيبقى القوميون الاجتماعيون يُغمضون عيونهم ويقفلون عقولهم ويحملون في ضمائرهم أملا ، مع أن كل الدلائل تشير الى صحة المثل فيهم الذي يقول :
يا طالب الدبس من قفا النمس ما ينوبك إلا خراه .
يا طالب الدبس من قفا النمس كفاك الله شر العسل .
أصبحت المسافة بينهم وبين سعاده كالمسافة بين الحق والباطل وهي تشبه ما قاله ذاك الخليجي الفهيم : خطان متوازيان لا يلتقيان وإذا التقيا فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ،
على الذين يشعرون بخطورة التحديات وبطء الأعمال وانحراف القيادات بلورة مشروعهم الانقاذي ،والانخراط في عمل إنشائي .
سعاده
يا خجلنا منك ،لم يتبعك إلا الشهداء وقلّة قليلة من الأوفياء وغدر بك معظم الأصحاب .
سامي سماحه
نسخ الرابط :