هل تنجح طالبان في إقناع ترامب بالعودة إلى أفغانستان؟

هل تنجح طالبان في إقناع ترامب بالعودة إلى أفغانستان؟

 

Telegram

 

كانت مشاهد وصول طالبان إلى العاصمة الأفغانية كابل، والانسحاب الأميركي منها في أغسطس (آب) 2021 تاريخية، وتحوّلت لتصبح أحد أهم أسلحة الرئيس الحالي دونالد ترامب التي استخدمها في حملته الانتخابية ضد سلفه جو بايدن. وحتى بعد عودته إلى البيت الأبيض، حيث انتقده بشكل لاذع على إخلائه قاعدة "باغرام" العسكرية الاستراتيجية، وسماحه لطالبان بالحصول على الأسلحة الأميركية المتقدمة.
ولم يتطرق ترامب طوال حملته الانتخابية وبعد فوزه بالرئاسة إلى وضع حقوق الإنسان أو منع طالبان لتعليم الفتيات ولا حتى القيود المفروضة على الحياة الاجتماعية في أفغانستان، حيث نأى بنفسه عن الحديث عما تراه طالبان "شأناً داخلياً".
وبدلاً من ذلك، استمر تركيزه على القضايا الاستراتيجية، لا سيما إعادة المعدات العسكرية الأميركية التي تُركت في أفغانستان بعد الانسحاب، وتركيزه على قاعدة "باغرام" العسكرية التي كانت أحد أهم القواعد الاستراتيجية في المنطقة.
وقال إن قاعدة "باغرام" التي تبعد عن الصين ساعة واحدة، أصبحت تحت سيطرة بكين، مشيراً إلى أن القرب الاستراتيجي للقاعدة من مواقع الصواريخ النووية الصينية هو أهم سبب للاحتفاظ بها تحت السيطرة الأميركية.
تفاؤل طالبان ومعارضيها بعودة ترامب
وبينما يواصل ترامب التركيز على الأولويات العسكرية والاقتصادية، ويفكر في التعامل مع طالبان، تظل المعارضة الأفغانية مفككة للغاية، وهو وضع أدى إلى تقويض قدرتها على تحدي شرعية طالبان وتقديم رؤية بديلة لمستقبل البلاد.
وتفاءل معارضو طالبان بعودة ترامب للبيت الأبيض، اعتقاداً منهم بأن الدعم الأميركي لهم يزيد من الضغط على طالبان. وكذلك تفاءلت طالبان بعودة ترامب، كونه تفاوض معهم ووقع اتفاقية السلام التي نصّت على الانسحاب من أفغانستان في 2020.
ومن هذا المنطلق بدأت طالبان مساعيها لكسب رضا ترامب والحصول على اعتراف رسمي منه بحكومتها، وقطع الطريق أمام معارضيها الطامعين للحصول على الدعم الأميركي.
وعلى عكس توقعات معارضي طالبان، كان أول وفد أميركي يزور العاصمة الأفغانية كابل منذ سيطرة طالبان على البلاد برئاسة مبعوث ترامب لشؤون الرهائن آدم بوهلر، في مارس (آذار) العام الجاري، كاسراً العزلة الأميركية تجاه أفغانستان.
وعقب يومين من الزيارة، ألغت الولايات المتحدة مكافأة القبض على وزير الداخلية في طالبان سراج الدين حقاني، واثنين من أفراد أسرته، وصفها المراقبون بـ"الصادمة"، لكنها أوضحت ملامح من سياسة ترامب تجاه أفغانستان.
وتقول صحيفة "فورين بوليسي" Foreign Policy إن إدارة ترامب تتبنى نهجاً أكثر براغماتية من إدارة بايدن تجاه طالبان، حيث تأمل الإدارة الأميركية أن يُسهم تقديم تنازلات، مثل إلغاء المكافآت وزيارة مسؤولين أميركيين لكابل -مما يعزز شرعية طالبان- في دفع الأمور إلى الأمام لتحقيق أهدافها.
لذلك لم تكن سياسة ترامب تجاه أفغانستان في صالح المعارضة، بل عززت من رواية طالبان بأنها أول حكومة موحدة قوية في البلاد منذ أربعة عقود، ورفضت التفاوض مع معارضيها باعتبارهم مشتتون ويبحثون عن مصالحهم الشخصية، وهو سرد اكتسب زخماً أدى إلى تعامل العديد من الدول بما فيها الأوروبية مع طالبان مباشرة.
وهذا ما يؤكده رئيس الاستخبارات الأفغانية السابق رحمة لله نبيل، وهو أحد الشخصيات المعارضة لطالبان، حيث قال إن "طالبان تمتلك رواية واضحة تتصرف وفقاً لها"، وهي ما تفتقدها المعارضة الأفغانية.
المفاوضات مع طالبان وإقصاء الوجوه القديمة
وبينما ظلت المعارضة الأفغانية مفككة، اعترفت العديد من الدول بالحاجة إلى التفاعل المباشر مع طالبان، وبدأ العالم يتواصل معها باعتبارها سلطة الأمر الواقع في أفغانستان.
وبدأت الدول في البحث عن شخصيات سياسية جديدة، يمكنهم الانخراط مع طالبان وتشكيل حكومة أكثر شمولاً، دون الحاجة للعودة إلى الوجوه القديمة التي غالباً ما تكون مرفوضة من طالبان.
وكذلك بدأت الأمم المتحدة بدعم من بريطانيا بالتفاوض مع طالبان لإعادتها إلى المجتمع الدولي، في سبيل حل الأزمة الأفغانية، وهي الخطة التي كشفت عنها "العربية" في وقت سابق هذا العام، ولاقت ردود فعل ساخطة من المعارضين، ومرحبة من طالبان.
وأظهرت هذه الخطوات التباين في تعامل العالم مع طالبان ومعارضيها، وأبرزت بداية العزلة السياسية للمعارضين الأفغان، الذين فشلوا في توحيد موقفهم على الساحة الدولية.
عرض مغرٍ من طالبان لترامب
ومن المتوقع أن تظهر سياسة ترامب تجاه أفغانستان بشكل واضح خلال الفترة القادمة، لاسيما عقب اعتراف روسيا بطالبان كحكومة أفغانية شرعية رسمية، في خطوة لم ترحب بها أي دولة في العالم سوى الصين.
ويرى رئيس الاستخبارات الأفغانية السابق رحمة الله نبيل أن "القرار الروسي جاء بسبب الخلافات داخل صفوف المعارضة الأفغانية"، قائلاً: "بينما نحن غارقون في روايتنا الضائعة وتشتت أهدافنا" فإن العالم يسير نحو خطته بثبات.
بينما ترفض طالبان مطالب ترامب، فإنها تستعد لتقديم خيارات بديلة للرئيس الأميركي مقابل الاعتراف بها، ومنها صفقة معادن على غرار ما يرغب به في أوكرانيا.
وتقدّر قيمة الثروات المعدنية في أفغانستان بنحو 3 تريليون دولار، وهو رقم لن يتجاهله ترامب، ومن المستبعد أن يرفض عرضاً مغرياً كهذا، وفق مناقشات طالبان الداخلية.
ومع تزايد التفاعل الدولي مع طالبان، يصبح من الواضح بشكل متزايد أن المسار المقبل لأفغانستان قد يتضمن المفاوضات مع طالبان، مع ترك المعارضة المتفككة على الهامش.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram