افتتاحية صحيفة الأخبار:
تأليف الحكومة: حلّ المالية يفتح عقداً أخرى
الإخراج باريسي والتنفيذ حريري. ولذلك، فإن موافقة الرئيس سعد الحريري على أن تكون وزارة المالية بعهدة وزير من الطائفة الشيعية، سرعان ما لاقت ترحيباً فرنسياً استثنائياً، قُرن بالإشارة إلى ضرورة تأليف الحكومة "الآن". لكن بيان رئيس الجمهورية أعاد التذكير بأن عقدة "المالية" ليست الوحيدة، وإن حجبت خلفها العقد الأخرى. أبرز هذه العقد التمثيل المسيحي. لن يقبل الرئيس ميشال عون توقيع مرسوم تأليف حكومة لم يوافق مسبقاً على أسماء الوزراء فيها، وتحديداً منهم المسيحيي
ن
إذا جرى التسليم بأن موقف الرئيس سعد الحريري لم يكن سوى صدى للموقف الفرنسي الباحث عن إيجاد حل لعقدة وزارة المالية، فإن ذلك يقود إلى أن هذه العقدة في طريقها إلى الحل. لم يتضح بعد مسار الحلّ، نظراً إلى الديباجة المرتبكة لبيان الحريري، والتي جعلت الثنائي الشيعي يرفض بشكل تام عبارة "لمرة واحدة" التي قرنها الحريري بالموافقة على أن يتولى وزير مستقل من الطائفة الشيعية وزارة المالية. لكن الحريري، كما الرئيس المكلف مصطفى أديب، يدرك أن الوصول إلى هذه المرحلة يفترض حكماً الاتفاق مع الثنائي على اسم الوزير، أو على الأقل الاتفاق على صيغة ما تسمح بعدم اعتراضهما. إن كان ذلك من خلال اقتراح أكثر من اسم يختار أديب من بينها، أو إن كان عن طريق التفاهم المباشر مع الفرنسيين على الاسم. الرئيس نبيه بري لم يصدّ المبادرة أو يرفضها بشكل تام، وإن بدا متحفظاً على مضمونها، وهو التحفظ الذي يتبنّاه حزب الله أيضاً. وأمس، نقل زوار عين التينة عن بري قوله إن بيان الحريري هو "خَرقٌ في السد"، علماً بأن "الطرح ليس بجديد وأن الفرنسيين سبق أن عرضوا علينا الفكرة، على أن يسمّوا هم الوزير الشيعي". وقال بري "إننا على موقفنا بأن التسمية تتم بيننا وبين الرئيس المكلف، وموقفنا أن نقدم عدداً من الأسماء وهو يختار منها"، معتبراً أن "الأهم من موقف الحريري هو تعامل رئيس الحكومة مع هذه المبادرة، ونحن جاهزون". لكن حتى مساء أمس لم يحصل أي تواصل بين أديب والثنائي، ولم يتمّ تحديد أي موعد للقاء بين رئيس الحكومة والخليلين.
الرسائل غير المباشرة على خط عين التينة - بيت الوسط أوحت أن التأليف صار في عهدة الطرفين. متى اتفقا صارت الحكومة جاهزة. ولذلك، خرجت رئاسة الجمهورية أمس ببيان اعتراضي، أعادت التذكير فيه بأن "الدستور ينصّ صراحة في مادتيه 53 (فقرة 4) و64 (فقرة 2) على أن رئيس الجمهورية يصدر بالاتفاق مع رئيس مجلس الوزراء، مرسوم تشكيل الحكومة، وأن رئيس الحكومة المكلف يجري الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة ويوقّع مع رئيس الجمهورية مرسوم تشكيلها، ما يعني من دون أي اجتهاد أو اختزال أو تطاول على صلاحيات دستورية، أن رئيس الجمهورية معنيّ بالمباشر بتشكيل الحكومة بإصدار مرسوم التشكيل بالاتفاق مع رئيس الحكومة المكلف"، علماً بأن مصطفى أديب لم يكن بعيداً عن موقف رئيس الجمهورية، فأكد، في بيان، حرصه على الوصول إلى تقديم تشكيلة من ذوي الاختصاص وأصحاب الكفاءة القادرين على نيل ثقة الداخل كما المجتمعين العربي والدولي، بالتشاور مع رئيس الجمهورية ضمن الأطر الدستورية. وكما أبدى عون حرصه على المبادرة الفرنسية وتأليف حكومة مهمة من اختصاصيين مستقلين للقيام بالإصلاحات اللازمة لإنقاذ لبنان من أزماته المعقّدة، كذلك أكد أديب تأليف حكومة "تساعد اللبنانيين على وضع حد لآلامهم اليومية، وتعمل على تنفيذ ما جاء في المبادرة الفرنسية من إصلاحات اقتصادية ومالية ونقدية وافقت عليها جميع الأطراف".
وفيما بدا موقف الحريري بمثابة الانطلاقة الجديدة للمبادرة، كانت فرنسا تلقي بثقلها لإنجاحها، تارة بالترغيب وأخرى بالترهيب. سارعت وزارة الخارجية الفرنسية إلى الترحيب "بالإعلان الشجاع" للحريري. وقالت إن "هذا الإعلان يمثل فرصة وينبغي أن تدرك كل الأحزاب أهميته حتى يتسنى تشكيل حكومة مهام الآن". ثم عمد وزير الخارجية جان إيف لودريان إلى الذهاب باتجاه معاكس للوصول إلى النتيجة نفسها، أي "تشكيل حكومة الآن". فدعا "الشركاء الدوليين إلى زيادة الضغط على القوى السياسية اللبنانية لتشكيل حكومة جديدة"، محذراً "مرة أخرى من أن وصول المساعدات المالية الحيوية مشروط بإجراء الإصلاحات".
وقال لو دريان، في كلمة ألقاها أمام أعضاء مجموعة الدعم الدولية للبنان: "إن القوى السياسية لم تنجح بعد في الاتفاق على تشكيل الحكومة. ولذلك، فإن الضغوط القوية والمتحدة من جانبنا ضرورية لدفع المسؤولين اللبنانيين إلى احترام التزاماتهم". أضاف: "مستقبل لبنان على المحك، ومن دون إصلاحات لن تكون هناك مساعدات مالية دولية".
وعليه، فقد أكدت مصادر مطلعة أن التفاؤل المستجد مرتبط بمسعى فرنسي جدي لحسم تأليف الحكومة، لأن التأخير صار يشكل استنزافاً لباريس، التي وضعت كل ثقلها في الملف اللبناني ولن تقبل بالخروج خائبة. لكن السؤال الرئيسي: هل تفتح الطريق أمام تأليف الحكومة بمجرد حل عقدة المالية، أم أن عقداً أخرى ستظهر بعدما كانت محجوبة بعقدة "المالية"؟ بيان رئيس الجمهورية، وإن كان يؤكد المسار الدستوري للتأليف، إلا أنه يخفي أيضاً معركة لن تكون بسيطة على التمثيل المسيحي. فعون، بالرغم من حرصه على نجاح المبادرة الفرنسية، لن يقبل توقيع مرسوم تأليف حكومة، لا يكون موافقاً على أسماء أعضائها، أقله المسيحيون منهم. مصادر رئاسة الجمهورية تؤكد أنه لم يُصر بعد إلى مناقشتها في أي اسم للتوزير. وهذا يؤكد أن معركة التأليف ما بعد حلّ "المالية" لن تكون سهلة أيضاً.
لكن أبرز الإشارات السلبية أتت أمس من خارج البلاد، وتحديداً من السعودية. ففي كلمة مسجلة ألقاها الملك سلمان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، ربط بين انفجار مرفأ بيروت و"هيمنة حزب الله الإرهابي التابع لإيران على اتخاذ القرار في لبنان بقوة السلاح، ما أدى إلى تعطيل مؤسسات الدولة الدستورية". واعتبر أن تحقيق ما يتطلع إليه الشعب اللبناني من أمن واستقرار ورخاء يتطلب "تجريد هذا الحزب الإرهابي من السلاح". وفيما لم يعرف بعد كيف ستكون تبعات هذا الكلام على الداخل اللبناني ومواقف الأطراف، فإن السؤال الأبرز سيكون: هل سيتمكن سعد الحريري من تجاهل هذا السقف السعودي؟ أم أنه سيبقى مراهناً على المبادرة الفرنسية، الوحيدة القابلة للحياة اليوم، من دون المس بالمعادلات السياسية الراهنة، ولو إلى حين؟
**************************************************
افتتاحية صحيفة البناء:
الثنائي ينتظر إيضاحات حول موقف الحريري وأديب من آلية تسمية وزير الماليّة هل يمثل كلام الملك السعوديّ أولوية نزع سلاح المقاومة قراراً بإسقاط التسوية؟ عون يؤكد عزمه على ممارسة صلاحيّاته الدستوريّة في تشكيل الحكومة بالاتفاق مع أديب
ثلاثة معوقات تحول دون إقلاع قطار حكومة الرئيس مصطفى أديب، بعد التقدم الذي تحقق بفعل الخطوة التي أقدم عليها الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري، بكسر الجمود عبر النزول عن شجرة التصعيد وإعلان تحرير الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة من شرط المداورة في وزارة المال الذي أدخله الحريري ومعه رؤساء الحكومات السابقون، وخرج منه وحده بصورة يشوبها غموض لم يتح ملاقاته من ثنائي حركة أمل وحزب الله بموقف إيجابي مرحب علناً، يعتبر المسألة منتهية، خصوصاً أن انسحاب رؤساء الحكومات السابقين من مبادرة الحريري ووصفها بالشخصيّة، ترافق مع تضمين المبادرة نصاً يوحي باشتراط التراجع عن رفض منح حقيبة المال لوزير من الطائفة الشيعية بشرطين، إذا ثبتت صحتهما، يتكفلان بإسقاط أي إيجابية مرتجاة منها، الشرط الأول هو أن يُحصر الاختيار بالرئيس المكلف، والثاني أن يقبل الثنائي بكون ما يُعرض في المبادرة الحريرية هو تخلٍّ عن مناداة الثنائي بالبعد الميثاقي للتوقيع الثالث مقابل الحصول على حقيبة المال لمرة واحدة. وهذا ما طرح السؤال عما إذا كان انسحاب الرؤساء السابقين منسقاً لعدم تظهير القبول بتعديل الموقف من وزارة المال لا ينال تغطية المرجعية الطائفية التي حاول الرؤساء السابقون تجسيدها من خلال تسمية الرئيس المكلف، ويُراد تأكيد أن المبادرة شخصية لا تلزم أحداً غير صاحبها.
المعوقات الثلاثة، هي عدم وضوح حجم التغيير في موقف الحريري، مع إدراك حراجة الكلام المعلن للتعبير عن الموقف بوضوح، خصوصاً مع ظهور كلام الحريري إضعافاً للرئيس المكلف ومكانة الموقع وصلاحيات رئيس الحكومة، الذي أظهره كلام الحريري كموظف يتلقى التعليمات من موقع أعلى يقيّده ويحرّره ساعة يشاء، ويمنحه وينزع منه صلاحيّات كما يشاء، لكن استجلاء الموقف ضرورياً قبل تقييمه، فتسمية وزير المال من قبل الثنائي أمر نهائي محسوم في الجوهر كشرط للمشاركة في الحكومة، مع مرونة كاملة في التفاصيل لجهة عدم فرض اسم بعينه، وترك المجال لتفاهم رئيس الجمهورية والحكومة على واحد من أسماء عدة مقترحة من الثنائي، فهل هذا هو مضمون مبادرة الحريري؟
المعوّق الثاني، هو إشكالية التعامل مع رئاسة الجمهورية منذ تكليف الرئيس مصطفى أديب، حيث أوحى نادي رؤساء الحكومات السابقين مراراً، بأن على رئيس الجمهورية أن يقبل تشكيلة الرئيس المكلف أو يرفضها، وبدا الإيحاء ذا مصداقية مع سلوك الرئيس المكلف القائم على تثبيت مرجعية رؤساء الحكومات السابقين لقراره، وقد صار أكيداً أن رئيس الجمهورية يرفض هذه المعادلة ويتمسك ومعه الثنائي والحلفاء بممارسة صلاحياته الدستورية كاملة كشريك في تشكيل الحكومة، يسمّي ويضيف ويحذف.
المعوق الثالث هو حجم الثقة بالمناخات الدولية والإقليمية التي يتحدث الفرنسيون عن تأمينها لخطوة الحريري كترجمة لتحوّل رعته باريس لإحداث اختراق في جدار الجمود، خصوصاً أن موقف رؤساء الحكومات السابقين الرافض لمبادرة الحريري إذا كان ضمن توزيع أدوار مع الحريري بنية نفي صفة الميثاقية عن الخطوة، فهو دليل على تلاعب يثير الريبة بخلفيّته الدولية والإقليمية، وإذا لم يكن كذلك، فهل انفصال الحريري عن شركائه يحوز التغطية أم أنهم يحوزونها أكثر؟
في سياق السؤال عن التغطية الدولية والإقليمية وخصوصاً الاميركية والسعودية، كثير من التساؤلات، فما صدر عن الملك السعودي في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، بتوجيه الاتهام لحزب الله بالإرهاب، واشتراط عودة الاستقرار للبنان بنزع سلاح المقاومة، يقدم إشارة معاكسة لما يفترض انه تسهيل لتسوية تتيح تشكيل الحكومة، فهل الكلام الملكي هو تعبير عن قرار بإسقاط التسوية؟
عين التينة: لا قرار نهائيّ
لا تزال مبادرة الرئيس سعد الحريريّ لحل عقدة وزارة المالية تخضع للمعاينة والفصح في عين التينة. إذ لا قرار نهائياً حتى الآن بالتقيد حرفياً بما ورد في بيان المكتب الإعلامي للحريري ولا في الآلية المعروضة على ثنائي أمل وحزب الله لاختيار الاسم، بحسب ما علمت "البناء" لا سيما أن المقترح ليس جديداً، فسبق وأن أبدى رئيس مجلس النواب نبيه بري استعداده لأن يطرح على الرئيس المكلف مصطفى أديب أسماء عدّة من الطائفة الشيعيّة من ذوي الاختصاص والكفاءة والنزاهة وغير الحزبيين ليختار أديب من بينهم.
وأشارت أجواء عين التينة لـ"البناء" إلى أن "اقتراح الرئيس الحريري خطوة إيجابية باتجاه التوصل إلى الحل، لكنها ليست الحل ولا تؤشر إلى أن الحل سيظهر سريعاً وأن الحكومة ستولد غداً"، مشددة على أن "المبادرة تحتاج إلى نقاش لبعض الوقت".
وسجلت المصادر نقاط عدة على مبادرة الحريري:
أولاً إقرار الحريري بإسناد المالية إلى الطائفة الشيعية بعدما أصرّ على مدى الأسبوعين الماضيين على رفض مبدأ حصرية أي حقيبة لطائفة معينة وعلى اعتماد مبدأ المداورة. وهذا لا ينظر إليه الثنائي على أنه تنازل من الحريري بل هو يتنازل من كيس الثنائي وليس من كيسه.
ثانياً: لا زالت آلية اختيار الاسم محل خلاف ويشوبها الغموض. فالحريري في مبادرته يشير إلى أن الرئيس المكلف يسمّي الوزير الشيعي بالاتفاق مع الحريري. وهذا مرفوض من الثنائي الذي يتمسك بأن يطرح هو الأسماء والرئيس المكلف يختار من بينها.
ثالثاً والأهم أن الحريري ضمّن مبادرته نقطة خلافية بإعلانه إسناد المالية للشيعة للمرة الأخيرة، وهذا محل الخلاف وأصله. فالثنائي لن يقبل باستغلال حاجة البلد إلى حل وتأليف الحكومة والمبادرة الفرنسية لانتزاع حق للطائفة الشيعية بوزارة تشكل الشراكة الوطنية بالحكم ويمكن تأجيل هذا الموضوع الخلافي إلى وقت لاحق وبتّه في حوار سياسي دستوري ميثاقي وطني يشمل كل الملفات الخلافية في البلد لا سيما استكمال تطبيق الدستور والمادة 22 و95 منه.
وإذ تعبر المصادر عن تفاؤلها بحل العقدة المالية، تبدي خشيتها من جهة أخرى من ظهور عقد أخرى ويجري تصوير المالية على أنها العقدة كشمّاعة لإخفاء العقد الأخرى.
ونقل بعض من التقى الرئيس نبيه برّي أمس، عنه تفاؤله في موضوع الحكومة، فيما أفادت مصادر إعلامية بأن برّي رحّب ببيان الحريري وقال إنه يُبنى عليه إيجاباً، مشيرة الى أن "برّي قال إنّ تحركاً سيحصل خلال الساعات المقبلة وهو ردّ على أحد النواب بالقول: "مش مطوّلة لأن ما بقا فينا نحمل". وقال نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي عن موقف برّي بشأن الحكومة: "لم يعد التشاؤم سيّد الموقف حكومياً وهناك إمكانيات واعدة يمكن البناء عليها، ولكن علينا الانتظار قليل".
لكن مصادر في كتلة التنمية والتحرير أوضحت لـ"البناء" ما قصده بري "بأنها مش مطولة وما بقى فينا نحمل"، بأن ذلك لا يعني التنازل عن حق الثنائي في التسمية، وموقف رئيس المجلس حال كل القوى السياسية والبلد الذي لا يحتمل المزيد من المناورات والكيديات".
ونفت المصادر طرح بري أسماء لتولي وزارة المال، مشيرة إلى أن لا أسماء قبل التوافق على آلية التسمية، مشدّدة على أن تسمية الثنائي لوزرائهم خارج النقاش والتفاوض مع عدم ممانعة من تطبيق مبدأ المداورة في الحقائب".
لكن تردّد مساء أمس أن الرئيس بري اقترح اسماً اقتصادياً مالياً لبنانياً يحمل الجنسية الفرنسية ويعمل في فريق الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، يدعى أحمد محمود شمس الدين، وزيراً للمالية من بلدة زوطر الشرقية قضاء النبطية.
وبحسب ما تقول مصادر نيابية مطلعة لـ "البناء" فإن عقدة المالية هي واجهة العقد وتخفي خلفها تعقيدات مختلفة منها على سبيل المثال ملاحظات رئيس الجمهورية على تشكيلة أديب عندما يقدمها ومدى مراعاتها للتوازنات الطائفية والسياسية والنيابية فضلاً عن حصة رئيس الجمهورية وتمثيل الأحزاب والكتل النيابية، إلى جانب أسماء الوزراء السنة والمسيحيين والدروز لا سيما أن من يختار الوزراء هما الرئيسان السنيورة الذي لا يملك صفة سوى أنه رئيس سابق للحكومة ونائب سابق وليس رئيس كتلة ولا نائب حالي ولا رئيس حزب فمن أعطاه الحق بالتدخل في عملية التأليف وتسمية وزراء؟ هل لأنه عضو في نادي مخترَع؟ أما ميقاتي فكانت حكومته في 2011 من أسوأ الحكومات. وتساءلت: عندما كان هذا الفريق أقليّة نيابية ولم يفرض هذه الشروط، فعلى ماذا يستند من مصادر قوة؟
الحريريّ
أما الحريري فرمى مبادرته إلى ملعب عين التينة - حارة حريك، وقال كلامه ومشى ونأى بنفسه واعتبر أنه أدّى قسطه للعلى وبات خارج اللعبة الحكومية.
وأفادت أوساط مقرّبة من بيت الوسط أن "تنازل الحريري جاء بعد اتصال هاتفي مع الرئيس الفرنسي الذي طلب اليه تقديم هذا التنازل وهو طرح كان قد حمله السفير الفرنسي برونو فوشيه الى فرنسا". وأضافت المصادر أن "موافقة الحريري أتت نتيجة وعد تلقاه من ماكرون بأن هذا التنازل يقابله تسهيل قروض مؤتمر سيدر بشكل سريع". ولفتت إلى أن "الحريري على يقين أن هذه الخطوة قد تُخسّره شعبياً ولكن بنظره هي الطريقة الوحيدة لإنقاذ البلد والمستقبل بانتظار الرد أو تلقف الثنائي الشيعي للمبادرة".
ترحيب فرنسيّ
ورحبت الخارجية الفرنسية بمبادرة الحريري واصفة إياها بالـ"الشجاعة". وأشارت الخارجية في بيان الى أن فرنسا "ستستمر بالوقوف إلى جانب اللبنانيين بالتنسيق مع شركائها الأوروبيين والدوليين وستسهر على احترام شروط الدعم الدولي للبنان في كل مرحلة". وأشار إلى أن "فرنسا تشجّع مصطفى أديب على تشكيل حكومة مهمة بأسرع وقت ممكن تتألف من شخصيات مستقلة ومختصة يختارها بنفسه".
بدوره، دعا وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان في كلمة ألقاها أمام أعضاء مجموعة الدعم الدولية للبنان "الشركاء الدوليين إلى زيادة الضغط على القوى السياسية اللبنانية لتشكيل حكومة جديدة"، محذراً "مرة أخرى من أن وصول المساعدات المالية الحيوية مشروط بإجراء الإصلاحات".
أديب
وتماهى موقف الرئيس المكلف مع بيان الخارجية الفرنسيّة وأعلن في بيان، حرصه على تشكيل حكومة مهمة ترضي جميع اللبنانيين وتعمل على تنفيذ ما جاء في المبادرة الفرنسية من إصلاحات اقتصادية ومالية ونقدية وافقت عليها جميع الأطراف. وأكد مجدداً التزامه بالثوابت التي أطلقها في أن تكون الحكومة من ذوي الاختصاص وأصحاب الكفاءة القادرين على نيل ثقة الداخل كما المجتمعين العربي والدولي، لأن من شأن ذلك أن يفتح الباب امام حصول لبنان على الدعم الخارجي الضروري لانتشال الاقتصاد من الغرق".
ميقاتي
إلا أن مصادر رؤساء الحكومات السابقين تكرّر بأنهم غير معنيين بمبادرة الحريري، مؤكدة أنها مبادرة شخصية لا تعبر عن موقف الرؤساء نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام، مؤكدين تمسكهم بالدستور ورفضهم حصرية حقيبة بطائفة معينة، وقد أجرى ميقاتي اتصالاً بالرئيس المكلف ودعاه خلاله للتمسك بالدستور. موقف ميقاتي يفسّر على أنه إشارة اعتراض على موقف الحريري ورسالة للرئيس المكلف بأن لا يسير بمبادرة الحريري.
بعبدا
مبادرة الحريري والعبارات التي استعملت شكلت استفزازاً لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون والتيار الوطني الحر، ما دفع بالرئاسة الأولى للتذكير في بيان بأنّ "الدستور ينصّ صراحة في مادتيه 53 (فقرة 4) و64 (فقرة 2) على أنّ رئيس الجمهورية يصدر، بالاتفاق مع رئيس مجلس الوزراء، مرسوم تشكيل الحكومة".
عون لن يبصم "عالعميانة"
ولا تخفي مصادر التيار الوطني الحر اعتراضها على أسلوب الرئيس المكلف في عملية تأليف الحكومة وعلى مبادرة الحريري شكلاً ومضموناً، مؤكدة بأن لا الرئيس عون لن يوقع مرسوم حكومة إقصائية وإلغائية وانفرادية ومخالفة للدستور لجهة مشاركة رئيس الجمهورية بعملية التأليف فهو ليس باش كاتب ولن يبصم "عالعميانة"، أو لجهة مشاركة الكتل النيابية في تسمية ممثليها.
وعن إصرار رئيس الجمهورية على تسمية وزراء محسوبين عليه في حقائب الدفاع والخارجية والعدل، أوضحت المصادر بأن هذا الأمر يحسمه الرئيس عون ومن حقه تسمية وزراء له لكن جميع الوزراء تتم تسميتهم بالاتفاق بين الرئيسين عون وأديب ولا تنازل عن حق رئيس الجمهورية.
ورأى مصدر في تكتل "لبنان القوي" في بيان الحريري تجاوزاً للآليات الدستورية الخاصة بتأليف الحكومة، وانه على رغم التسهيل لا يمكن السكوت عن الكلام الذي قيل فيه إن رئيس الحكومة هو مَن يختار وحده الوزراء، بينما الدستور واضح لجهة أن تأليف الحكومة يتم بالاتفاق مع رئيس الجمهورية وأن حصولها على ثقة مجلس النوّاب يحتاج الى الكتل النيابية.
جنبلاط يخالف الراعي
وشدّد رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط على أنه "لا أوافق رئيس الجمهورية على كلمة جهنم وهي كلمة غير دقيقة وغير مسؤولة، لكن إذا أفشل البعض المبادرة الفرنسيّة فنحن سنذهب لمزيد من التأزم الاقتصادي والاجتماعي ولأفق مجهول"، معلقاً على حديث البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، معتبراً أن "الراعي تحدّث عن الحياد الإيجابي، وصدرت هذه النظرية عام 1955 حين اجتمع قادة العالم ونادوا بالحياد الإيجابي، أما في لبنان فالحياد المطلق صعب جداً ان لم يكن مستحيلاً فأرض فلسطين محتلة وإسرائيل موجودة وهذا الامر يتطلب شروطاً موضوعية مختلفة". وأوضح أن "اتفاق الطائف تطلب جهوداً كبيرة وتوافقاً دولياً، فلماذا اليوم نقفز بالمجهول لنغير الطائف ولست أدري من أين أتت هذه الفكرة؟".
مخاوف وشكوك
إلا أن مصادر في فريق المقاومة تحذّر في حديث لـ"البناء" مما يحضّره الفريق الأميركي السعودي في لبنان لا سيما رؤساء الحكومات السابقون ورئيس القوات سمير جعجع، من خلال تهريب حكومة سياسية تدين بولائها لهذا الفريق تحت حجة التكنوقراط والمستقلين والاختصاصيين وإقصاء ثنائي أمل وحزب الله والتيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية، وبالتالي تسليم البلد بمؤسساته ومرافقه واستثماراته وثرواته وقضاياه السيادية إلى حكومة قرارها خارجي، لا سيما أننا على أعتاب مشاريع إعادة إعمار مرفأ بيروت والمطار وإعادة هيكلة المصارف وخصخصة قطاعات وإدارات عامة عدة واستثمار الثروة النفطية ومشاريع بناء، فهل الهدف هو إقصاء أطراف 8 آذار والتيار الوطني الحر من الحكومة وتجريد الرئيس عون من قوته الوزارية في مجلس الوزراء، كي تسهل السيطرة على القرار الحكومي؟ ومَن يضمن أن تبدأ الحكومة العتيدة بفتح ملفات سياسية وإقليمية كمسألة سلاح المقاومة والتطبيع ومفاعيله من توطين اللاجئين وتمديد إقامة النازحين السوريين وترسيم الحدود البرية والبحرية لمصلحة "إسرائيل" تمهيداً لإدخال لبنان بفلك التطبيع العربي الإسرائيلي؟
وما يعزز هذه المخاوف والشكوك هي الهجمة الأميركية الإسرائيلية الخليجية وأدواتها في الداخل على حزب الله، والعقوبات الأميركية على حزب الله وحلفائه.
وفي موقف سعودي علني يفضح أهداف المشروع الخارجي للبنان من ضمنه تهريبة الحكومة، وعلى رأسها نزع سلاح المقاومة، رأى العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز أن "انفجار مرفأ بيروت حدث نتيجة هيمنة حزب الله على صنع القرار في لبنان بقوة السلاح"، وقال خلال كلمته في الجمعية العامة للأمم المتحدة: "لا بدّ من نزع سلاح الحزب لتحقيق الأمن والاستقرار والرخاء".
موقف لاقاه كلام لرجل الأعمال بهاء الحريري على تويتر بقوله: "لا حلول في لبنان إلا بتخليصه من سلاح حزب الله الذي يتحمل مسؤولية الانهيار وآخره انفجار مرفأ بيروت. كلام الملك سلمان نقابله بالتشديد على تنفيذ القرارات الدولية ونزع سلاح الميليشيات في لبنان وعلى رأسها حزب الله".
عون
وأكد الرئيس عون خلال الكلمة التي القاها في الجمعية العمومية للأمم المتحدة التي انعقدت في نيويورك في دورتها الخامسة والسبعين، عبر تقنية الفيديو، أن كل لبنان يريد معرفة حقيقة الانفجار وتحقيق العدالة، مشدداً على "اننا لم نزل بانتظار معلومات الفرق الدولية التي قامت بالأبحاث اللازمة عن لغز الباخرة كما عن صور الأقمار الصناعية لجلاء الغموض في هذا الجزء من التحقيق الذي سوف يصبّ خلاصاته لدى المجلس العدلي في سياق الولاية القضائية للسيادة اللبنانية".
وطالب بتكثيف الجهود للعودة الآمنة والكريمة للنازحين السوريين وعدم ربطها بالحل السياسي في سورية، ومساعدة الحكومة اللبنانية في تطبيق الخطة التي اقرّتها لعودتهم.
وفيما أكد عون على التزام لبنان القرار 1701، أفيد مساء أمس، أن لغماً أرضياً من مخلفات جيش الاحتلال الاسرائيلي انفجر في محاذاة السياج الحدودي في مزارع شبعا، الأمر الذي أدى إلى استنفار القوات الاسرائيلية التي أطلقت رشقات رشاشة عشوائياً حول مواقعها داخل مزارع شبعا، في ظل تحليق طائرة استطلاع من دون طيار في اجواء المنطقة.
**********************************************
افتتاحية صحيفة نداء الوطن
“الثنائي” يستلحق مبادرة الحريري… وعون “يكشّر” عن توقيعه
لبنان في عيون السعودية: “ساقط عسكرياً”!
حالة “حرق أعصاب” يعيشها اللبنانيون وخياراتهم أضحت اليوم محصورة بين “جمر جهنم” و”تجرّع السمّ”. مصيبتهم أنهم أسرى منظومة حاكمة تحكّمت بمصائرهم فقادتهم نحو الخراب واقتادتهم مخفورين إلى أسفل سافلين اقتصادياً ومالياً واجتماعياً، ولا يزال من بين أركان هذه المنظومة من يبحث عن فتات مغانم وحصص على موائد السلطة الخاوية! فرصة تلو فرصة ضاعت على بلد حاصرته قوى 8 آذار وعزلته عن الأشقاء والأصدقاء فلم يعد له معيل عربي ولا معين غربي، حتى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نفسه يكاد يلعن الساعة التي فكّر فيها بمساعدة اللبنانيين بعدما أذاقه “الثنائي الشيعي” الأمرّين وحوّل مبادرته من فرصة للإنقاذ إلى فرصة للابتزاز. وبالأمس جاء كلام العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز ليشخّص بلا مداراة ولا مواربة بيت الداء والدواء في الحالة المرضية اللبنانية: “هيمنة حزب الله على اتخاذ القرار في لبنان وتدميره مؤسسات الدولة الدستورية وتسببه نتيجة هيمنته هذه بانفجار المرفأ”، لينتهي إلى التشديد على خلاصة سعودية حاسمة: “الشعب اللبناني الشقيق لن ينعم بالاستقرار والرخاء إلا بتجريد حزب الله من السلاح”.
موقف حدّد من خلاله الملك سلمان “السقف السعودي” لعودة الأمور إلى مجاريها الطبيعية بين العرب ولبنان وهو “نزع سلاح حزب الله وكل الباقي تفاصيل”، حسبما لاحظت مصادر مواكبة، مؤكدةً لـ”نداء الوطن” أنّ “كل سياسات الترقيع لم تعد قادرة على إخفاء معالم الجرح العميق الذي خلفته طعنات “حزب الله” في جسم العلاقات السعودية – اللبنانية من خلال إمعان الحزب بتنفيذ أجندة إيران العسكرية الساعية إلى تمزيق المنطقة العربية”. وشددت المصادر على أنّ كلام العاهل السعودي أتى “بالمختصر المفيد” ليؤكد أمام العالم، ومن على أعلى منبر أممي، أنّ لبنان في عيون الرياض هو دولة “ساقطة عسكرياً” بيد “حزب الله التابع لإيران” ولا خلاص لهذه الدولة إلا بالتحرر من قبضة الحزب وسلاحه.
وبانتظار اتضاح انعكاسات الموقف السعودي على المشهد الداخلي وما إذا كان “حزب الله” سيرفع منسوب التشدد في الملف الحكومي رداً على هذا الموقف، ثمة في المقابل من يرى أنّ “الثنائي الشيعي” لن يغامر بقطع الحبل الإنقاذي الممدود بين باريس وبيروت، خصوصاً في ظل الهجمة الدولية والعربية الشرسة التي يتعرض لها محوره في لبنان كما في المنطقة، بل هو سيعمد إلى التقاط الفرصة قبل ضياعها. ومن هذا المنطلق، لوحظت خلال الساعات الأخيرة مسارعة الثنائي الشيعي إلى استلحاق طرح الرئيس سعد الحريري الإنقاذي للمبادرة الفرنسية لا سيما بعدما تلقى هذا الطرح دعماً قوياً من جانب باريس التي وصفت إعلان الحريري بأنه “شجاع ويمثل نافذة على الجميع إدراك مدى أهميتها من اجل تشكيل حكومة مهمة الآن برئاسة مصطفى أديب مؤلفة من شخصيات مستقلة ومتخصصة يختارها بنفسه”.
وبينما كان المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيش ينوه بمبادرة الحريري ويؤكد وجوب “تعاطي القادة السياسيين الآخرين مع مثل هذا النهج بإيجابية مماثلة من دون وضع العراقيل السياسية”، حذّر وزير خارجية فرنسا جان إيف لو دريان خلال الاجتماع الذي عقد حول الملف اللبناني على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة القوى السياسية اللبنانية من أنّ عدم نجاحها في التوافق على تشكيل حكومة أديب سيقابل بفرض “ضغوط قوية ومتحدة” من جانب فرنسا والمجتمع الدولي، منبهاً إلى أنّ “مستقبل لبنان أصبح على المحك، ومن دون إصلاحات لن تكون هناك مساعدات مالية دولية”.
وتحت اشتداد وطأة “كماشة” الضغط الفرنسي والإحراج الداخلي الذي تسبب به الحريري للثنائي عبر طرحه توزير شيعي في حقيبة المالية يسميه الرئيس المكلف، يبدو أنّ الثنائي الشيعي أدرك أن لا مفرّ أمامه ولا مخرج لمأزقه سوى بتلقف مبادرة الحريري التي فتحت كوة بجدار التصلب الحكومي، ونقلت مصادر مطلعة على موقف الثنائي لـ”نداء الوطن” أنّ “القرار اتخذ بتجاوز السلبيات الشكلية التي رافقت هذه المبادرة والبناء على جوهرها”، كاشفةً أنّ “الثنائي الشيعي أرسل رسائل إيجابية تؤكد استعداده لملاقاة طرح الحريري وباشر بالبحث في كيفية تدوير الزوايا الحادة في هذا الطرح توصلاً إلى اختيار وزير للمالية يتم التوافق عليه بالتشاور بين الطرفين (الشيعي والسني) بشكل لا يظهر أحد بمظهر المنكسر”، ومن هنا جاء ما نقله أحد النواب عن رئيس مجلس النواب نبيه بري لناحية تأكيده أنّ الأمور ستتحرك خلال ساعات “لأن ما بقى فينا نحمل”.
وبالتوازي، أكدت مصادر مواكبة للاتصالات الحكومية لـ”نداء الوطن” أنّ الجانب الفرنسي كثف خلال الساعات الأخيرة اتصالاته مع الحريري وبري وأبدى تصميمه على وجوب إيجاد حل سريع لعقدة وزارة المالية. غير أنّ المصادر لفتت في المقابل الانتباه إلى أنّ بوادر امتعاض رئاسي رصدت في أروقة قصر بعبدا أمس على خلفية ما اعتبره رئيس الجمهورية ميشال عون تهميشاً لدوره في مستجدات الملف الحكومي، ولذلك سارع إلى “التكشير” عن صلاحيته في التوقيع على مرسوم تأليف الحكومة عبر بيانات وتسريبات إعلامية، بينما دفعت مبادرة الحريري رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل إلى استنفار توقيع الرئاسة الأولى في معركة الحقائب والتسميات على قاعدة “التساوي مسيحياً مع المكون الشيعي وضرورة تسمية رئيس الجمهورية الوزراء المحسوبين عليه”، كاشفةً في هذا الإطار أنّ عون “سيصرّ على تسمية وزارئه في الحكومة العتيدة وسيطالب بأن تكون حقيبة الدفاع من حصته، ولن يرضى بأن تخضع التسمية في الحقائب المسيحية إلى مشيئة الرئيس المكلف”.
وإزاء المشهد الحكومي المتأرجح بين عقدة وأخرى، أعربت المصادر عن اعتقادها بأنّ كل العقد ستكون آيلة إلى الزوال في حال حلت عقدة المالية، وختمت: “لسنا بعيدين جداً ولا قريبين جداً من التأليف، لكن الأكيد أنّ الأمور تحرّكت وستصل إلى خواتيمها”.
**********************************
افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط
مبادرة الحريري تحرك مشاورات تشكيل الحكومة اللبنانية
توقعات بإعلانها خلال يومين… وبرّي يقدم لائحة من 10 أسماء إلى أديب
بيروت: كارولين عاكوم
حرّكت مبادرة رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري الجمود في مشاورات تشكيل الحكومة التي كانت عالقة عند تمسك «الثنائي الشيعي» («حزب الله» و«حركة أمل») بالاحتفاظ بوزارة المال.
وفي حين اتسمت الجهود والاتصالات التي تكثفت أمس بالسرية، ظهر شبه إجماع بين الأفرقاء السياسيين على أن مبادرة الحريري؛ التي طرح فيها أن يسمي رئيس الحكومة المكلف مصطفى أديب شخصية شيعية لتولي وزارة المالية، فتحت كوّة في حائط المشاورات الذي بقي مسدوداً في الأيام الماضية. وأشارت مصادر مطلعة على الاتصالات لـ«الشرق الأوسط» إلى أجواء إيجابية تسود الأوساط السياسية؛ لا سيما منها المعنية بالتأليف، لافتة إلى أن الحل الذي بدأ يعمل عليه هو أن يقدّم رئيس البرلمان نبيه بري 10 أسماء شيعية إلى رئيس الحكومة المكلف مصطفى أديب ليختار منها وزيراً للمالية. ورأت أنه إذا نجحت المساعي الأخيرة وسارت الأمور كما هو ظاهر حتى الساعة، فقد يتم الإفراج عن الحكومة بين اليوم وغد بعد لقاء يعقد بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف.
من جهتها، أكدت مصادر مقربة من الثنائي الشيعي لـ«الشرق الأوسط» أن مبادرة الحريري أعادت تحريك عجلة التأليف، مشيرة إلى أن «حزب الله» و«حركة أمل» تلقفا الطرح بطريقة إيجابية، وأنه يتم العمل على إيجاد حلول قد يكون أحدها طرح تقديم بري 10 أسماء ليختار منها أديب وزير المال العتيد.
الأجواء الإيجابية نفسها عبّر عنها نائب رئيس البرلمان إيلي الفرزلي، والنائبان في «التيار الوطني الحر» ماريو وألان عون.
وقال الفرزلي بعد انتهاء جلسة هيئة البرلمان برئاسة نبيه بري: «لم يعد التشاؤم سيّد الموقف حكومياً، وهناك إمكانات واعدة يمكن البناء عليها، ولكن علينا الانتظار قليلاً».
وصباحاً كان قد تحدث النائب في «التيار الوطني الحر» ماريو عون عن أجواء إيجابية في الملف الحكومي، مبدياً تفاؤله بقرب تأليف الحكومة، وتوقع، في حديث إذاعي، أن يشهد الملف الحكومي حلحلة في الساعات المقبلة.
من جهته؛ قال النائب ألان عون، في حديث تلفزيوني، إن مبادرة الحريري «فتحت نافذة في الحائط، ويعول على توسيع هذه الفجوة للوصول إلى حكومة جديدة».
أتى ذلك في وقت رد فيه رئيس الجمهورية ميشال عون على موقف وزارة الخارجية الفرنسية والحريري من دون أن يسميهما، خصوصاً لجهة إعلانهما أن أديب يختار أعضاء الحكومة بنفسه. وقال عون في بيان إنه معني «بالمباشر بتشكيل الحكومة، وبإصدار مرسوم التشكيل بالاتفاق مع رئيس الحكومة المكلف».
وقال مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية: «إزاء المواقف والبيانات وما تم تداوله إعلامياً بشأن تشكيل الحكومة، وحرصاً على المبادرة الفرنسية وتشكيل حكومة مهمة من اختصاصيين مستقلين للقيام بالإصلاحات اللازمة لإنقاذ لبنان من أزماته المعقدة، وبما أن البيانات والمواقف المختلفة والمتباينة في بعض الأحيان قد تحجب المسار الدستوري الذي يجب اتباعه حتماً للوصول إلى تشكيل الحكومة، يهم مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية إيضاح نقاط عدة، أهمها: (التذكير بأن الدستور ينص صراحة في مادتيه (53 – فقرة4) و(64 – فقرة2) على أن رئيس الجمهورية يصدر بالاتفاق مع رئيس مجلس الوزراء، مرسوم تشكيل الحكومة، وأن رئيس الحكومة المكلف يجري الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة ويوقع مع رئيس الجمهورية مرسوم تشكيلها، ما يعني من دون أي اجتهاد أو اختزال أو تطاول على صلاحيات دستورية، أن رئيس الجمهورية معني بالمباشر بتشكيل الحكومة، وبإصدار مرسوم التشكيل بالاتفاق مع رئيس الحكومة المكلف».
وكان رئيس الحكومة المكلف مصطفى أديب قد شدد على حرصه على تشكيل حكومة تعمل على تنفيذ المبادرة الفرنسية من إصلاحات اقتصادية ومالية ونقدية. وقال إنها ستكون «حكومة مهمة» ترضي جميع اللبنانيين، ولفت إلى أنه «آلى على نفسه التزام الصمت طيلة هذه الفترة من عملية تشكيل الحكومة، تحسساً منه بالمسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقه ومن أجل الوصول إلى تقديم تشكيلة بالتشاور مع رئيس الجمهورية ضمن الأطر الدستورية، تساعد اللبنانيين على وضع حد لآلامهم اليومية».
وجدّد الرئيس المكلف التزامه بالثوابت التي أطلقها في أن تكون الحكومة «من ذوي الاختصاص وأصحاب الكفاءة القادرين على نيل ثقة الداخل كما ثقة المجتمعين العربي والدولي، لأن من شأن ذلك أن يفتح الباب أمام حصول لبنان على الدعم الخارجي الضروري لانتشال الاقتصاد من الغرق». وتمنى أديب مجدداً على الجميع التعاون لمصلحة لبنان وأبنائه وتلقف فرصة إنقاذ الوطن.
**********************************
افتتاحية صحيفة الجمهورية
باريس تدفع لتنفيذ مبادرة الحريري .. و»الثنائي» متمسّك بتسمية الوزراء
حتى الآن، ما زال تأليف الحكومة منحرفاً عن المسار الذي كان يُفترض أن يسلكه من اللحظة الأولى لتكليف مصطفى أديب تشكيلها، ومع إمعان المعنيين بهذا الملف، في الغناء كلٌ على ليلاه، ليس في الإمكان الجزم بأنّ ما تبقّى من الاسبوع الجاري سيحمل تباشير الإنفراج، وبالتالي الإفراج عن الحكومة التي تقبض عليها طروحات متصادمة، يقدّمها أصحابها وكأنّها آيات سماويّة مُنزلة غير قابلة للبحث او للنقاش فيها، بل أنّ المطلوب هو الإنصياع لها بحرفيّتها ودون أيّ تعديل أو تبديل فيها.
يأتي ذلك، في وقت، برز فيه موقف سعودي لافت للانتباه، حيث اتهمّ الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز «حزب الله» بالهيمنة على لبنان وتقويض استقراره. وحمّله المسؤولية عن الانفجار المدمّر في مرفأ بيروت.
واكّد الملك سلمان في كلمة امام الدورة «75» للجمعية العامة للأمم المتحدة «وقوف السعودية إلى جانب الشعب اللبناني الذي تعرّض إلى كارثة إنسانية بسبب الانفجار في مرفأ بيروت. والذي حدث نتيجة هيمنة «حزب الله» الإرهابي التابع لإيران على اتخاذ القرار في لبنان بقوة السلاح، ما أدّى إلى تعطيل مؤسسات الدولة الدستورية».
ورأى الملك السعودي «أنّ تحقيق ما يتطلّع إليه الشعب اللبناني الشقيق من أمن واستقرار ورخاء، يتطلّب تجريد هذا الحزب الإرهابي من السلاح».
تصادم المبادرات
لم يحصل ان شهد لبنان وضعاً مشابهاً لهذه المعركة الدائرة حالياً على حلبة تأليف الحكومة، بين اطراف يعرفون بعضهم البعض، ولطالما كانوا شركاء في السرّاء والضرّاء، وخصوصاً في تشكيل الحكومات وآلية هذا التشكيل والمحاصصة بينهم على الحقائب، سيادية كانت ام خدماتية. ولعلّ السؤال الذي يطرح نفسه في هذا الجو المقفل: لماذا هذا الاشتباك في هذه اللحظة بالذات؟ وما هو الهدف منه؟ والى أين سيوصل؟ ولماذا هذا الإمعان في الشروط المتصادمة التي تمنع تشكيل حكومة، اعتُبر تشكيلها فرصة لإطفاء فتائل الإنفجار ونقل البلد الى واحة الإنفراج؟
انتظار مملّ
في هذا الجو، تبقى المبادرة الفرنسية متموضعة بلا حراك على رصيف التأليف، في انتظار – بدأ يصبح مملاًّ جداً لأصحاب المبادرة – أن تتبلور العناصر المسرّعة لولادة الحكومة، وتلك العناصر لم تقوَ على استحضارها حتى الآن، لا حلبة الاشتباك العنيف بين فريق التأليف بقيادة الرئيس سعد الحريري وبين «الثنائي الشيعي» حول وزارة المالية ومن يسمّي الوزراء في الحكومة، ولا حلبة تصادم المبادرات التي استجدت في اليومين الماضيين، وفتحت مع «مبادرة للحل» أطلقها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من القصر الجمهوري الاثنين الماضي، وقبل أن يجفّ حبرها صدمتها «مبادرة حلّ» مناقضة لها، أطلقها الحريري من بيت الوسط.
مبادرة عون
وإذا كان الرئيس عون قد اعتبر مبادرته فرصة أخيرة لحلّ مثالي لأزمة التأليف، إلاّ انّ الثغرة الأساس فيها، هو انّ القراءات السياسية لها لم تقاربها كمبادرة صادرة من موقع الحكم، بل قاربتها كمبادرة طرف سياسي، لتناغمها شكلاً ومضموناً، مع ما اعلنته اللجنة السياسية للتيار الوطني الحر قبل فترة وجيزة من اطلاقها.
عين التينة: تجاهل
وتبعاً لذلك، فإنّ مفعولها بقي ضمن جدران الرئاسة الاولى، والتغنّي بإيجابيّاتها لم يتخطّ عتبة المدخل الرئيسي للقصر الجمهوري، فـ«الثنائي الشيعي» وبحسب معلومات «الجمهورية»، قرّر ألاّ يتفاعل معها؛ عين التينة تجاهلتها بالكامل في العلن، وكأنّها غير موجودة، فيما الموقف العميق منها «انّها خطوة مستفزّة بمضمونها، الذي صاغه من يبدو أنّهم في غربة عن حقيقة الأزمة القائمة، وليسوا على دراية بما يجري».
«الحزب»: صدمة
وأمّا «حليف مار مخايل»، والمقصود هنا «حزب الله»، فبحسب معلومات موثوقة، لم تنزل عليه برداً وسلاماً، بل كانت صادمة له، وقد أوصل كلاماً بهذا المعنى في اتجاه القصر الجمهوري. فقد استاء «الحزب» من المبادرة الرئاسية، لمعاكستها ما يعتبرها «الثوابت التي حاد عنها في ما خصّ وزارة المالية والحق في تسمية الوزراء الشيعة»، والتي سبق وأكّد عليها الحزب في البيان الاخير لكتلة الوفاء للمقاومة، كما عاد وشدّد عليها رئيس الكتلة النائب محمد رعد في لقاء السبت مع رئيس الجمهورية.
مبادرة الحريري
وعلى الخط المقابل أيضاً، كان للمبادرة الرئاسيّة صدى شديد السلبية في «بيت الوسط»، ذلك أنّ مضمونها ينسف كلّ المنطق الذي تسلّح به فريق التأليف منذ اللحظة التي كُلِّف بها اديب لتشكيل الحكومة. وتبعاً لذلك، طُرحت فكرة في أوساط «تيار المستقبل» لتوجيه ردّ مباشر على مبادرة عون، ولكن، اكتُفي بتغريدة قاسية في اتجاه رئيس الجمهورية للنائبة في «المستقبل» رولا الطبش قالت فيها: «لو كنت بيّي كنت ترجّيتك ترتاح».
لقد وصلت مبادرة عون الى «بيت الوسط» في توقيت غلط، عجّل بوضع «مبادرة الحريري» قيد الصياغة والإعداد. وكان الحريري قد وضع الرئيس المكلّف مصطفى اديب ورؤساء الحكومات السابقين في اجوائها. وقد كان الرؤساء متحفظين عليها، الّا انّ الحريري، وكما يقول مقرّبون منه اصرّ على تقديمها، برغم انّها ليست شعبية، وقد تُفّسر على انّها تراجع، الّا انّها فرصة جدّية للحل، من شأنها ان تُترجم سريعاً وعوداً فرنسية متجددة بحشد الدعم المالي للبنان، إن عبر فرنسا، او عبر دول اخرى، وخصوصاً مجموعة الدعم الدولية للبنان.
جمود يسبق المبادرة
خلال الفترة السابقة لإطلاق الحريري مبادرته بعد ظهر امس الاول الثلثاء، كان الجمود هو سمة مشهد التأليف. رئيس الجمهورية كان يشتغل على خطين؛ الاول، انتظار ان يتلقّى ردوداً نهائية من الاطراف على مبادرته، والثاني، محاولة تفسير وتوضيح ما قصده بقوله: «إلى جهنّم» الذي اورده في معرض ردّه على الصحافيّين خلال اطلاق مبادرته. وأمّا الرئيس المكلّف مصطفى أديب فظلّ غائباً عن الصورة، (ما قبل مبادرة الحريري)، انّما مع الحفاظ على شعرة التواصل قائمة مع «الثنائي الشيعي»، هذا في وقت كان الخط الفرنسي مفتوحاً على اتصالات محدودة نهاراً، بعضها مع «بيت الوسط» قبل إعلان الحريري مبادرته، ومن بينها اتصال صدر من «بيت الوسط» لاستمزاج رأي الفرنسيّين بالمبادرة قبل اعلانها، فكان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون مرحّباً ومشجعاً على اعتبار انّ هذه المبادرة تفتح الآفاق المقفلة. واعقب ذلك في فترة المساء، تواصل فرنسي مع معنيّين بملف التأليف.
الكرة لدى «الثنائي»
وقال مقرّبون من الحريري «إنّه يتجاوز في مبادرته كل بعد شخصي او مصلحي له. والمخرج الذي بادر الى طرحه، يندرج في سياق مسلسل التضحيات التي قدّمها في الكثير من المحطات، سعياً لدفع البلد الى تجاوز المأزق العالق فيه على كل المستويات، مع ادراكه انّ بقاء الحال على ما هو عليه سيعمّق حتماً من هذا المأزق ويقود البلد الى المجهول».
ورداً على سؤال، لفت المقرّبون الانتباه، الى انّ هذه المبادرة هي آخر ما يمكن ان يقدّمه الحريري، وبالتالي فإنّ الكرة في ملعب حركة «أمل» و»حزب الله»، اللذين عليهما ان يثبتا بالفعل انّهما مع إنجاح المبادرة الفرنسية وليس العكس».
اديب
وفي موازاة مبادرة الحريري، اكّد الرئيس المكلّف مصطفى اديب حرصه على «تشكيل حكومة مَهمّة ترضي جميع اللبنانيين، وتعمل على تنفيذ ما جاء في المبادرة الفرنسية من اصلاحات اقتصادية ومالية ونقدية وافق عليها جميع الاطراف».
وقال أديب، في بيان لمكتبه الاعلامي، امس، إنّه «آل على نفسه التزام الصمت طيلة هذه الفترة من عملية تشكيل الحكومة، تحسّساً منه بالمسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقه، ومن اجل الوصول الى تقديم تشكيلة بالتشاور مع رئيس الجمهورية ضمن الأطر الدستورية، تساعد اللبنانيين في وضع حد لآلامهم اليومية».
وأكّد مجدّداً التزامه «الثوابت التي أطلقها، في أن تكون الحكومة من ذوي الاختصاص واصحاب الكفاءة، القادرين على نيل ثقة الداخل كما المجتمعين العربي والدولي، لأنّ من شأن ذلك ان يفتح الباب امام حصول لبنان على الدعم الخارجي الضروري لانتشال الاقتصاد من الغرق».
وتمنّى أديب مجدداً على الجميع «التعاون لمصلحة لبنان وابنائه وتلقف فرصة انقاذ الوطن».
باريس ترحّب
وسارعت باريس الى الترحيب بمبادرة الحريري ووصفتها بـ»الشجاعة، وتبرهن عن حسّ الحريري بالمسؤولية والمصلحة الوطنية للبنان».
وقالت الخارجية الفرنسية في بيان، بدا متناغماً مع جوهر مبادرة الحريري، «إنّ فرنسا تشجع مصطفى أديب على تشكيل حكومة مَهمّة بأسرع وقت ممكن، تتألف من شخصيات مستقلة ومختصة يختارها بنفسه».
واعتبرت الخارجية الفرنسية، «انّ مثل هذا الإعلان (مبادرة الحريري) يشكّل انفتاحًا يجب أن يقدّر اهميته الجميع، لكي يتمّ تشكيل حكومة مَهمّة». مشيرة الى انّ هذا ما يتوقعه اللبنانيون، بالإضافة الى شركاء لبنان الدوليين وكل من يريد، عن حسن نيّة، مساعدته في هذه اللحظات الحرجة. لهذا السبب، تدعو فرنسا جميع القادة السياسيين اللبنانيين إلى احترام الالتزامات التي وعدوا بها الرئيس ايمانويل ماكرون في الأول من أيلول، بهدف وحيد وهو تلبية الاحتياجات الطارئة للبنان».
واعلنت الخارجية الفرنسية، «انّ فرنسا ستستمر في الوقوف إلى جانب اللبنانيين بالتنسيق مع شركائها الأوروبيين والدوليين، وستسهر على احترام شروط الدعم الدولي للبنان في كل مرحلة».
لودريان
وقال وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لو دريان، في كلمة ألقاها أمام أعضاء مجموعة الدعم الدولية للبنان: «القوى السياسية لم تنجح بعد في الاتفاق على تشكيل الحكومة، لذلك، فإنّ الضغوط القوية والمتحدة من جانبنا ضرورية لدفع المسؤولين اللبنانيين إلى احترام التزاماتهم». وأضاف: «مستقبل لبنان على المحك.. وبدون إصلاحات فلن تكون هناك مساعدات مالية دولية».
الى ذلك، حثت مجموعة الدعم الدولية للبنان الزعماء السياسيين على التكاتف لتشكيل حكومة. وقالت المجموعة، التي تشمل الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي في بيان، بعد اجتماع عُقد أمس: «حث أعضاء مجموعة الدعم الدولية للبنان الزعماء على التكاتف لدعم تشكيل حكومة في الوقت المناسب، تكون قادرة على تحقيق التطلعات المشروعة التي عبّر عنها الشعب اللبناني».
رئاسة الجمهورية
على انّ اللافت للانتباه في موازاة كل ذلك، ما صدر عن مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية، الذي عاد وشدّد على «مضمون كلام رئيس الجمهورية الاثنين الماضي، وهو انّ الرئيس هو المعنيّ بالمباشر بتشكيل الحكومة وإصدار مرسوم التشكيل بالاتفاق مع رئيس الحكومة المكلّف».
واعلنت رئاسة الجمهورية، أنّه «إزاء المواقف والبيانات، وما تمّ تداوله إعلامياً بشأن تشكيل الحكومة، وحرصاً على المبادرة الفرنسية وتشكيل حكومة مَهمّة، من اخصّائيين مستقلّين للقيام بالإصلاحات اللازمة لإنقاذ لبنان من ازماته المعقّدة، وبما انّ البيانات والمواقف المختلفة والمتباينة في بعض الأحيان قد تحجب المسار الدستوري الذي يجب اتبّاعه حتماً للوصول الى تشكيل الحكومة، يهمّ مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية إيضاح الآتي:
أولاً، التأكيد على مضمون البيان الذي صدر عن رئيس الجمهورية يوم الاثنين الماضي.
ثانياً، التذكير بأنّ الدستور ينصّ صراحة في مادتيه 53 (فقرة 4) و64 (فقرة 2) على انّ رئيس الجمهورية يصدر، بالاتفاق مع رئيس مجلس الوزراء، مرسوم تشكيل الحكومة، وانّ رئيس الحكومة المكلّف يجري الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة ويوقّع مع رئيس الجمهورية مرسوم تشكيلها، ما يعني من دون أي اجتهاد او اختزال او تطاول على صلاحيات دستورية، انّ رئيس الجمهورية معنيّ بالمباشر بتشكيل الحكومة، وبإصدار مرسوم التشكيل بالاتفاق مع رئيس الحكومة المكلّف».
تقييم
وبحسب معلومات «الجمهورية»، فإنّ المبادرة الحريريّة أُخضعت لتقييم فوري من قِبل حركة «أمل» و»حزب الله»، خلصا فيه الى أنّها – على الرغم من تضمّنها على موافقة على ابقاء وزارة الماليّة من ضمن الحصّة الشيعية في الحكومة المنوي تشكيلها – خارجة عن سياق كل ما يطالبان به، ولا تحمل ما يشكّل دافعاً الى التفاهم المطلوب، وخصوصاً انّها ما زالت تدور خارج مدار المبادرة الفرنسية، عبر التمسّك بما لم تأتِ المبادرة على ذكره، ولاسيما لناحية مصادرة الحق بتسمية كل الوزراء الشيعة.
وعلمت «الجمهورية»، انّ «الثنائي» توقفا عند ما اعتبراه التبنّي الفرنسي لطرح الحريري بأنّ يسمّي الرئيس المكلّف الوزراء بنفسه، فهذا الأمر، بحسب مصادرهما، يدفع الى طرح علامات ريبة واستفهام، ويتطلّب تفسيراً من الجانب الفرنسي، الذي سبق واكّد لهما انّ هذا الامر ليس من مندرجات المبادرة التي طرحها الرئيس ماكرون، فإذا كان المقصود أن يسمّي الوزراء بناء على لوائح نقدّمها للاختيار منها، فلا مشكلة على الاطلاق، بل هذا هو الحل الطبيعي، أما اذا كان القصد أن يسمّي الوزراء الشيعة بمعزل عنا، فمعنى ذلك أنّ الأمور ما زالت عند نقطة الصفر».
اما الملاحظات التي سجّلها الثنائي على المبادرة، فتتلخّص بما يلي:
– اولاً، لا جديد في مبادرة الحريري، حيث انّها لم تتضمن اي حلّ، بل انّ ما تضمنته ليس سوى تظهير الى العلن لما كان قد تمّ نقاشه معهما بعيداً من الاعلام. فهذا العرض سبق ان نوقش معنا ورُفض. فالحريري نفسه ناقشه مع المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب النائب علي حسن خليل والمعاون السياسي للامين العام لـ»حزب الله» الحاج حسين خليل، ورُفض. كما ناقشه الحريري مع الرئيس نبيه بري ورُفض بشكل قاطع، وسبق ايضاً ان ارسلوا لنا اسماء شخصيات شيعية يقترحونها لتولي وزارة المالية فرفضناها، لأنّ اختياراتهم كانت لشخصيات «اما هي معادية لنا واما هي معادية جداً لنا». كما انّ هذا الطرح سبق ان طرحه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون على الرئيس بري ورفضه، حتى انّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قدّم طرحاً بأن يسمّي وزيراً مارونيا للمالية وتمّ رفضه، فلماذا العودة اليه الآن مع علمهم انّه مرفوض سلفاً من قبلنا؟
– ثانياً، إنّ التسليم العلني في مبادرة الحريري بأنّ وزارة المالية هي من حصّة الشيعة، هي خطوة ننظر اليها بإيجابية. مع أنّ هذا الأمر قد تمّ تجاوزه من قبل، وليس كما جرى تقديمه في ما سُمّيت مبادرة الحريري، على أنّه طرح جديد. فهذا الامر سبق أن اكّدت عليه وحسمته النقاشات معهم ومع الرئيس الفرنسي، بدليل تقديمهم لأسماء لشخصيات شيعية لتولّي وزارة المالية.
ثالثاً، إنّ قول الحريري بأن تُسند المالية لوزير شيعي لمرة واحدة، فهذا كلام مرفوض بشكل قاطع، فضلاً عن انّ الحريري لا يملك الحق في أن يمنع او يجيز. كما ليس مقبولاً ابداً ان يُظهر في «موافقته» على ان تُسند وزارة المالية لشيعي على انّها منّة منه لنا، ثم اذا كان يقول انّه في هذا الأمر كمن يتجرّع السمّ، لمصلحة لبنان، فقد يكون بذلك يخاطب جمهوره، الّا أنّ احداً لم يطلب منه ذلك على الاطلاق، فضلاً عن انّ هذا الكلام مهين لمكون اساسي في لبنان، لا يمكن قبوله او تجاوزه.
– رابعاً، اذا كان القصد من مبادرة الحريري ان يصوّرنا على انّنا نحن العقدة الماثلة في طريق التأليف، فتلك محاولة فاشلة سلفاً لن تؤدي الى تغيير في الموقف مهما طال الزمن.
– خامساً، ما زالت الكرة في ملعبهم، والحل الذي طرحناه ما زال هو هو، اي اننا نحن من نسمّي الوزراء وفق لائحة نقدّمها، بخمسة اسماء، او بعشرة اسماء او اكثر، اذا ارادوا فلدينا بحر من الشخصيات المناسبة، وهم يختارون من بينها، فنحن نشركهم في الاختيار فقط، وبالتأكيد ليس لوزارة المالية فقط، بل لكلّ الوزراء الشيعة الذين سيمثلوننا.
سادساً، يجب ان يعلم الجميع في الداخل والخارج، بأننا لا نشتري ولا نبيع، وبأننا لا يمكن ان نقبل، وتحت اي ظرف، بأن يختار احد وزراءنا بمعزل عنا. المسألة عندنا مسألة شراكة في ادارة الدولة، ولا احد يستطيع ان يبعدنا عن هذه الشراكة، ولا ان يفرض علينا وزراءنا. ففرض الوزراء هنا، هو تعطيل مباشر للمبادرة الفرنسية وليس تسهيلاً لها.
وفي الخلاصة، كما انتم عرضتم علينا (على سائر القوى السياسية والنيابية) 3 اسماء لنختار منها شخصية لتكليفها في الاستشارات النيابية الملزمة، واخترنا مصطفى اديب من بينها، نحن من جهتنا سنقدّم اسماءنا وانتم تختارون منها وزراءنا لا اكثر ولا اقل.
– سابعاً، إنّنا ننظر بإيجابية الى ما اعلنه الرئيس المكلّف لجهة تأليف حكومة مهمّة ترضي جميع اللبنانيين، وهذا نفهمه بأنّ الحكومة المقصودة، هي حكومة شراكة، وليست مفروضة فرضاً. مع الاشارة هنا الى اننا سبق ان تبلّغنا من الرئيس المكلّف من انّه لن يبادر الى طرح اي تشكيلة حكومية تصادمية معنا.
– ثامناً، اشارة اخيرة، فقد كان فاقعاً ذلك المشهد الذي بدا فيه الحريري مبادراً لما سمّاه حلاً لأزمة التأليف، فيما بدا رؤساء الحكومات السابقون معترضين على مبادرته ومتبرئين منها. فقد كان ذلك أشبه بمسرحيّة هزليّة فاشلة لتوزيع الادوار، كان الحري بهم أن يفتشوا على «مخرج شاطر» لتقديم سيناريو مقنع لجمهورهم أولاً قبل ان يكون مقنعاً لنا».
اتصالات الحسم
في هذه الأجواء، يبدو جلياً انّ مبادرة الرئيس الحريري، قد حرّكت المياه الراكدة على حلبة التأليف، وعلى الرغم من اعتبارها من قِبل اصحابها «فرصة اخيرة» فإنّها، بحسب الأجواء المؤيّدة لها، والأجواء المقابلة لها، لا تبدو حتى الآن انّها تشكّل نقطة تفاهم، وهو ما اكّدته مصادر معنية بها لـ»الجمهورية»، التي قالت، انّ المبادرة يمكن اعتبارها باباً او مفتاحاً للنقاش، لعله يتبلور على اساسها تفاهم ما، ولكن حتى الآن لم يتغيّر شيء، ولننتظر ما ستسفر عنه حركة الاتصالات التي يفترض ان تنطلق في هذا الاتجاه، وحتى الآن يمكن القول انّ اصحاب المبادرة ينتظرون ان يتلقفها «الثنائي الشيعي» بإيجابية تعجّل في ولادة الحكومة، فيما «الثنائي» كما تشير اجواؤهما، ينتظران ما سيُعرض عليهما، فإن كان ايجابياً ويلبّي مطلبهما، تُبنى عليه ايجابية مقابلة وترجمة سريعة لها، تفتح حتماً ثغرة في الجدار المقفل، وإن كان خلاف ذلك، ستبقى الأمور جامدة في المربّع الأول».
جلسة عامة
من جهة ثانية، بات مؤكّداً انّ المجلس النيابي سيعقد جلسة تشريعية قبل نهاية الشهر الجاري، وفق ما اكّد رئيس مجلس النواب.
وقد ناقشت هيئة مكتب المجلس التي انعقدت في عين التينة برئاسة بري امس، جدول اعمال هذه الجلسة، وتمّ الاتفاق على جدول مؤلف من 35 بنداً، اهمها العفو العام الذي سيتمّ عرضه على الهيئة العامة للمجلس بصيغته النهائية التي تمّ التوافق عليها في وقت سابق.
«القوات» في الديمان
من جهة ثانية، برزت امس، زيارة تضامنية، قام بها وفد من تكتل «الجمهورية القوية» للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي.
وقال النائب السابق ايلي كيروز بإسم الوفد: «تناولنا مع البطريرك القضايا اللبنانية المطروحة في المفترق اللبناني الخطير. واكّدنا الدور التاريخي لبكركي الذي يعيد تصويب الامور، انطلاقاً من الحرص على التمسّك بمرتكزات الدولة والكيان والدستور والتعايش السوي بعيداً من مشاريع الهيمنة والغلبة. وعبّرنا عن تمسّكنا بموقف البطريرك الصميم وعن استنكارنا للحملة الظالمة التي تطاوله. واننا ندعو اللبنانيين الى التدقيق في المفاهيم السياسية التي تُغدق عليهم يومياً كالدولة المدنية والغاء الطائفية السياسية والمثالثة».
كورونا
كورونياً، سجّلت وزارة الصحة العامة أمس 940 اصابة جديدة بالوباء، رفعت العدد التراكمي منذ 21 شباط الماضي الى 31778 حالة، كذلك، أعلنت في تقريرها تسجيل إرتفاع في عدد الوفيات الذي وصل الى 13 أمس.
وفي السياق، عُلم من مصادر مطلعة أن هناك قرابة الـ 20 إصابة بوباء «كورونا» سُجّلت في مصرف لبنان، بينها اصابة احد نواب الحاكم الذي واظب على الحضور إلى العمل رغم معرفته بإصابته.
وتردّد أنّ الحاكم رياض سلامة خضع لفحص الـ pcr، وثمة سؤال عمّا اذا كان قد شارك في لقاء بعبدا المالي قبل الفحص أو بعده او قبل انتظار النتيجة؟!
**********************************
افتتاحية صحيفة اللواء
«فرملة» كرة التأليف.. وباريس للضغط الدولي على الطبقة السياسية!
الإتفاق على وزير المالية بانتظار التشكيلة.. وامتعاض مسيحي من مبادرة الحريري
لا شيء رسمياً بعد «فالثنائي الشيعي» تلقف مبادرة الرئيس سعد الحريري، بلا موقف محدد، ما خلا ما نقل عن الرئيس نبيه برّي عن «مناخ ايجابي»، وأن «الحكومة مش مطولة»، والتزام حزب الله الصمت، وسط مخاوف من ان تكون التطورات الإقليمية والدولية، تتقدّم لديه، عمّا عداها، وسط احتدام المواجهة الدولية – الإقليمية في الشرق الأوسط، ومنها لبنان.
و«الفتور الشيعي»، فضلاً عن «امتعاض» بعبدا وفريقها السياسي، التيار الوطني الحر وكتلته النيابية وصولاً إلى بكركي التي فوجئت بالمبادرة الحريرية، كل ذلك فرمل ما يمكن وصفه بالاندفاعة التي كان من الممكن ان تحدث لجهة تحريك «كرة الحكومة» باتجاه ملعب بعبدا، والتداول بأسماء التشكيلة، تمهيداً لإصدار مراسيمها.
وعلمت «اللواء» ان المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم يتحرك بين الأطراف المعنية بالتأليف، لإعطاء دفع قوي «للاستدارة الجديدة» بعد مبادرة الحريري.
وقالت المعلومات انه تمّ الاتفاق على اسم وزير المال الجديد، وهو مصرفي لبناني، يعيش في الخارج، ويعمل مع مؤسسات دولية معروفة، على ان يتم التفاهم على سائر الوزراء في ضوء الموقف المستجد للرئيس عون والفريق المسيحي.
وازاء هذا التباطؤ، أو «التراخي» السياسي اللبناني، دعت فرنسا بلسان وزير خارجيتها جان ايف لودريان إلى فرض «ضغوط قوية ومتقاربة» من المجتمع الدولي من أجل تشكيل حكومة في لبنان وإخراجه من أزمة خانقة.
وقال لودريان خلال اجتماع عبر تقنية الفيديو حول لبنان على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، إنّ «القوى السياسية لم تنجح بعد في التوافق على تشكيل حكومة. بالتالي فإنّ ضغوطاً قوية ومتقاربة من جهتنا أمست ضرورية من أجل دفع المسؤولين اللبنانيين نحو احترام التزاماتهم».
واضاف «تسعى فرنسا لتحقيق هذه الغاية كما العديد من المشاركين الحاضرين اليوم. على هذه الجهود ان تستمر طالما كان الامر لازما».
وضم اجتماع المجموعة الدولية لدعم لبنان الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش ورئيس البنك الدولي ديفيد مالباس وممثلي الدول ومنظمات في هذه المجموعة (فرنسا والمانيا وبريطانيا وايطاليا والولايات المتحدة وروسيا والصين والاتحاد الاوروبي والجامعة العربية) والرئيس حسان دياب.
ورحبت فرنسا أمس بـ«الاعلان الشجاع» للحريري. وقال لودريان «تتحمل كافة القوى السياسية هذه المسؤولية» مشددا على اهمية تشكيل حكومة والقيام بالاصلاحات اللازمة لاخراج لبنان من ازمته. وتابع «في غياب الاصلاحات لن يكون هناك مساعدة مالية دولية. وفي حال طبقت فلن نوفر جهدا لمساعدة لبنان». واوضح ان المؤتمر الدولي المقبل لدعم لبنان الذي وعد به ماكرون سينظم «قبل نهاية تشرين الاول».
بعبدا تنتظر
واوضحت مصادر مطلعة على موقف رئيس الجمهورية لصحيفة اللواء ان ملف تأليف الحكومة لم يتعقد واشارت الى ان البيان الذي صدر عن القصر الجمهوري دل على المسار الدستوري للتأليف وان هناك انتظارا. وعلم ان رئيس الحكومة المكلف تواصل مع رئيس الجمهورية وفهم ان الرئيس المكلف لن يزور القصر ما لم تكن معه توليفة حكومية.
ولفتت المصادر نفسها إلى أن الوقت ضيق والمهل ضاغطة والحاجات لا تحتمل أي تأجيل. وقالت: نحن في صدد تأليف حكومة وبالتالي التفاهمات التي تجري بين الرئيس سعد الحريري والثنائي الشيعي قد تأخذ وقتا ولكن الوقت يضيق. واوضحت ان ما من شعور يفيد انها تعقدت واكدت ان الضغوط الأجنبية يوازيها تمسك فرنسي بالمبادرة وافادت ان كلام الرئيس عون يتعلق بالحلول التي يراها مناسبة للتأليف وتذكير بيان القصر بالمسار الدستوري الذي تم سلوكه بعد التجاذبات الخارجية في هذا الملف مبدية الحرص على الخروج منه بأقل اضرار ممكنة لأن لا منافع للبنان الا بتأليف حكومة تذهب الى اصلاحات اساسية التي تفتح باب برامج المساعدات.
ورأت ان عوامل التعقيد الأقليمية والدولية في ظل وجود مسار دستوري واضح قد تكون خفيفة او قليلة الأثر السلبي على تأليف الحكومة لكن من الضروري سلوك المسار.
وكانت مبادرة الرئيس الحريري حول حقيبة المالية افسحت المجال أمام محاولة جديدة للتفاهم على تشكيل الحكومة، بالرغم من المواقف الملحقات التي ابديت حولها من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس المجلس نبيه بري والرئيس المكلف مصطفى اديب، فيما لاذ حزب الله بالصمت من دون اي تعليق علني رسمي عليها.
لكن الموقف الايجابي الاولي صدر عن رئيس مجلس النواب نبية برّي الذي نقل عنه زواره من النواب امس، انه رحب ببيان الرئيس سعد الحريري، وقال انه يُبنى عليه إيجاباً.
وأوضح النواب، أن برّي قال: انّ تحركاً سيحصل خلال الساعات المقبلة، وهو ردّ على أحد النواب بالقول «مش مطوّلة لأن ما بقى فينا نحمل».
واوضحت مصادر هيئة مكتب المجلس الذي التأم امس برئاسة بري لدرس جدول اعمال جلسة تشريعية للمجلس تٌعقد في نهاية ايلول الحالي وربما تمتد يومين، ان بري تلقف ايجاباً كلام الحريري حول بقاء حقيبة المالية للطائفة الشيعية، وان المبادرة تفتح نافذة في الجدار العالي، ويمكن ان تؤسس لحوار جديّ حول تشكيل الحكومة قريباً.لكن الامر لا زال بحاجة الى مزيد من الحوار بين الاطراف ومع الرئيس المكلف مصطفى اديب.
وتأكيداً لما ذكرته «اللواء» منذ ايام عن تسمية الرئيس بري لشخص شيعي لبناني فرنسي يعمل من ضمن فريق عمل الرئيس الفرنسي وابلغ بري ماكرون باسمه لو شاء تسميته، تبين انه احمد محمود شمس الدين، من بلدة زوطر الشرقية، وهو يعمل خبيراً مالياً واقتصادياً.
بالتوازي، صدر عن مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية بيان ركز على «المسار الدستوري الذي يجب اتبّاعه حتما للوصول الى تشكيل الحكومة». وجاء في البيان:
«أولا: التأكيد على مضمون البيان الذي صدر عن رئيس الجمهورية يوم الاثنين الماضي.
ثانيا: التذكير بأنّ الدستور ينصّ صراحة في مادتيه 53 (فقرة 4) و64 (فقرة 2) على انّ رئيس الجمهورية يصدر، بالاتفاق مع رئيس مجلس الوزراء، مرسوم تشكيل الحكومة، وانّ رئيس الحكومة المكلّف يجري الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة ويوقّع مع رئيس الجمهورية مرسوم تشكيلها، ما يعني من دون أي اجتهاد او اختزال او تطاول على صلاحيات دستورية، ان رئيس الجمهورية معنيّ بالمباشر بتشكيل الحكومة وباصدار مرسوم التشكيل بالاتفاق مع رئيس الحكومة المكلّف».
كما أعلن رئيس الحكومة المكلف في بيان صادر عن مكتبه حرصه على «تشكيل حكومة مهمة تُرضي جميع اللبنانيين، وتعمل على تنفيذ ما جاء في المبادرة الفرنسية من اصلاحات اقتصادية ومالية ونقدية وافقت عليها جميع الاطراف».
وأكد مجدداً التزامه «الثوابت التي أطلقها في أن تكون الحكومة من ذوي الاختصاص واصحاب الكفاءة، القادرين على نيل ثقة الداخل كما المجتمعين العربي والدولي، لأن من شأن ذلك ان يفتح الباب امام حصول لبنان على الدعم الخارجي الضروري لانتشال الاقتصاد من الغرق».
وتمنى أديب على الجميع «التعاون لمصلحة لينان وابنائه وتلقف فرصة انقاذ الوطن».
وأجرى الرئيس نجيب ميقاتي اتصالا بالرئيس اديب، متمنيا عليه «التمسك بما اعلنه منذ اليوم الاول لتكليفه لجهة تشكيل حكومة من الأكفاء الاختصاصيين المستقلين باسرع وقت، وذلك بالتشاور مع رئيس الجمهورية، للانطلاق في مسيرة الاصلاح ومعالجة المشكلات الإجتماعية والمالية والإقتصادية وتداعيات التفجير، الذي حصل في مرفأ بيروت وأصاب العاصمة برمتها».
اما اوساط الرئيس الحريري، فقالت لـ«اللواء»: ان الحريري قدم مبادرته الانقاذية بهدف تسهيل عملية تشكيل الحكومة، وننتظر رد الثنائي الشيعي رسمياً عليها لا عبر التسريبات الاعلامية. علماً ان كل الاطراف تعهدت للرئيس ماكرون بوضع خلافاتها جانباً والمشاركة في إنقاذ البلد. وعلى هذا فإن موقف الثنائي يقدم او يؤخر تشكيل الحكومة.
والموقف ذاته، اكدته مصادر القصر الجمهوري، التي قالت ان الرئيس عون ينتظر موقف الثنائي والاتصالات التي يجريها الرئيس أديب مع الاطراف قبل ان يقرر زيارة القصر مرة اخرى لتقديم ما لديه من معطيات ومقترحات.
جلسة تشريعية
الى ذلك تقرر في اجتماع هيئة مكتب المجلس امس، عقد جلستين تشريعيتين يومي الاربعاء والخميس المقبلين، تردد انها تحمل في جدول اعمالها نحو 40 بنداً، ابرزها قانون العفو العام، ومشاريع واقتراحات قوانين تتعلق بنتائج انفجار المرفأ وماخلفه من أضرار ومشكلات بين المالكين والمستاجرين، والدولار الطالبي. وظهر حول قانون العفو ان التباينات لازالت قائمة بين الكتل النيابية لا سيما لجهة اعتراض كتلة لبنان القوي على العفوالشامل والتمسك بعدم شموله الكثير من الجرائم.
وذكرت مصادرنيابية ان الاتصالات لا زالت قائمة حول الصيغة الاخيرة التي تم اقتراحها في الجلسة الاخيرة للمجلس والتي لم يجرِ توافق حولها.
عون: الالتزام بالاصلاحات
في المواقف، أعلن الرئيس عون: أن لبنان التزم امام المجتمع الدولي القيام بحزمة إصلاحات إدارية ومالية واقتصادية تهدف إلى تسهيل عملية النهوض التي نتطلع إليها جميعاً.
وأشار عون في كلمة لبنان امام الأمم المتحدة عبر تقنية الفيديو، ان لبنان يُرحّب بقرار تمديد ولاية اليونيفل، ويجدد التزامه القرار 1701 بكافة مندرجاته، مكرراً مطالبة المجتمع الدولي إلزام إسرائيل وقف خروقاتها للسيادة اللبنانية، ولبنان متمسك بحقه الكامل في مياهه وثرواته الطبيعية، وبكامل حدوده البحرية.
وكشف الرئيس عون ان اضرار الانفجار المادية غير مسبوقة، فناهيك عن ان المرفأ المعبر الحيوي للنشاط الاقتصادي في لبنان شبه مدمر، وهناك ما يقارب 200 ألف وحدة سكنية متضررة ومنها ما أصبح غير صالح للسكن ونحو 300 ألف شخص بلا مأوى يضاف إلى ذلك الخراب الكبير في البنى.
وقال: «كنا فور حصول الانفجار قد طلبنا المساعدة التقنية الدولية في التحقيق لقدرة بعض الدول على تزويدنا بصور الاقمار الاصطناعية لحظة وقوع الانفجار ومعرفة مسار وقصة الباخرة المحملة بنيترات الأمونيوم منذ انطلاقها حتى وصولها الى مرفأ بيروت، وتحليل التربة والمواد وكل ما من شأنه ان يظهر ماذا حصل. وبالفعل جاءت فرق من عدة دول، وقامت بالأبحاث اللازمة ولم نزل بانتظار معلوماتها عن لغز الباخرة كما عن صور الاقمار الصناعية لجلاء الغموض في هذا الجزء من التحقيق الذي سوف يصب خلاصاته لدى المجلس العدلي في سياق الولاية القضائية السيادية اللبنانية».
وقال عون: لبنان يطالب بالإسراع بعودة النازحين السوريين إلى ديارهم.. وعدم ربط العودة بالحل السياسي في سوريا، خصوصاً بعدما أصبحت آمنة بمعظمها..
اتصال ميقاتي بأديب
سياسياً، أجرى الرئيس نجيب ميقاتي اتصالاً بالرئيس المكلف الدكتور أديب، تمنى عليه «التمسك بما أعلنه منذ اليوم الأوّل لتكليفه لجهة تشكيل حكومة من الاكفاء الاخصائيين المستقلين بأسرع وقت، بالتشاور مع رئيس الجمهورية للانطلاق في مسيرة الإصلاح»، مشدداً على ان مبادرة الرئيس ماكرون تشكّل فرصة كبيرة لإنقاذ لبنان ودعمه.
جنبلاط: المبادرة او المجهول
وفي السياق، أكّد النائب السابق وليد جنبلاط، أنّه لم يقُل أن اتصاله بالرئيس سعد الحريري من باريس لم يكن إيجابياً، بل كانت هناك وجهات نظر مختلفة، معتبراً أن مبادرة الحريري بالأمس تفتح مجالاً كبيراً للتسوية، ولتسهيل مهمة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمبادرة الفرنسية.
وقال في حديث لـ «أو تي في»: «نتحدث اليوم عن المبادرة الإيجابية، والخطوة الجريئة التي اتّخذها الشيخ سعد الحريري، ولا نريد أن ندخل في سجالٍ مع رؤساء الحكومات السابقين».
وعن موضوع مطالبة الثنائي الشيعي بوزارة المال، قال جنبلاط: «لا علمَ لي بأن موضوع وزارة المالية هو دستوري، ولا علم لي بأن المحاصصة التي جرت منذ زمنٍ بعيد، وحتى منذ أيام رفيق الحريري، هي دستورية ومن صُلب الطائف، لأنّها تميّز بين اللبنانيين فئة أولى وفئة ثانية. لذلك حسناً فعل، ونشكر الشيخ سعد الحريري لأنه اخترق الجدار من أجل المبادرة الفرنسية».
وعمّا لمسه خلال زيارته لفرنسا قال جنبلاط: «أعتقد شخصياً أن المبادرة الفرنسية هي آخر فرصة للبنان تستطيع أن تضعنا، بالحد الأدنى، على الخط الصحيح بالنهوض الاقتصادي والاجتماعي، بعيداً عن صراعات الدول والمحاور».
وأشار إلى أنه لا يوافق رئيس الجمهورية ميشال عون على كلمة «جهنم»، معتبراً أن هذا كلام غير مسؤول، وقال: «إذا أفشل البعض المبادرة الفرنسية فنحن سنذهب لمزيد من التأزّم الاقتصادي والاجتماعي، وإلى أفقٍ مجهول».
وعمّا إذا كان الموقفان الإيراني والأميركي قد تبدّلا باتّجاه تسهيل تأليف الحكومة، قال جنبلاط: لا أدري، لكن لا علاقة للشعب اللبناني بكامله بهذا الصراع الدولي خاصةً بعد تفجير المرفأ، والخراب الذي لحق بالجميزة والأشرفية وغيرهما من المناطق، فليرحمونا.
وكشفت مصادر سياسية ان تكتل لبنان القوي رأى في بيان الرئيس الحريري تجاوزاً للآليات الدستورية الخاصة بتأليف الحكومات، وبالتالي لا يمكن السكوت عن القول ان رئيس الحكومة هو من يختار لوحده الوزراء، بينما الدستور واضح لجهة ان التأليف يتم بالاتفاق مع رئيس الجمهورية وان حصولها على ثقة المجلس يحتاج إلى الكتل النيابية.
وتجمع العشرات من أهالي السجناء أمس، امام مقر الرئاسة الثانية في عين التينة للمطالبة بإقرار قانون العفو العام فوراً، خصوصاً مع انتشار وباء كورونا بشكل جنوني في سجن رومية حيث سجلت اعداد المصابين بالفيروس 300 نزيل، من دون التقيّد بالتعليمات والارشادات التي تعطى لهم ما ينذر بكارثة صحية فيه.
ولفت الأهالي خلال الاعتصام إلى انهم يضعون مطلب العفو العام عن ابنائهم بعهدة رئيس مجلس النواب نبيه برّي.
31778
صحياً، أعلنت وزارة الصحة العامة في تقريرها اليوم عن إصابة 940 شخصاً بالفيروس، و13 حالة وفاة، ليرتفع العدد المصاب والمثبت مخبرياً إلى 31778 إصابة منذ 21 شباط الماضي.
**********************************
افتتاحية صحيفة الديار
أزمة «المالية» أظهرت أن لبنان على شفير الهاوية.. والعيش المشترك مُعَرّض للانهيار
بعد إقناع الحريري .. الجهود الفرنسية تبدأ مع الثنائي الشيعي .. وعون معني بالتمثيل المسيحي
لودريان : مستقبل لبنان على المحك ومن دون إصلاحات لن تكون هناك مساعدات مالية دولية
أظهرت الأزمة التي حصلت بين الثنائي الشيعي ورؤساء الحكومات السابقين من الطائفة السنيّة الكريمة، كم ان لبنان مُعرّض أن يسقط الى الهاوية لولا المظلة الفرنسية، ولولا اندفاعة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي وضع مصداقيته وثقله لإيجاد الحل لتأليف الحكومة، وسط تشدّد الطرفين حول حقيبة وزارة المالية، لما كان حصل أيّ تقدّم خلال 18 يوماً من العمل والجهد الكبيرين للبدء بتأليف الحكومة التي ستكون مهمّتها اجراء الإصلاح خلال 3 أشهر، كي ينال لبنان المساعدات ويبدأ بالخروج من أزمته، بدل الانهيار الكامل والذهاب الى «جهنّم» أو حصول الكارثة الاجتماعية والاقتصادية على رؤوس اللبنانيين.
في كواليس السياسة، كان السفير الفرنسي على تواصل دائم مع الثنائي الشيعي، فيما كان الرئيس الفرنسي ماكرون على اتصال هاتفي مع كل الأطراف، خصوصاً مع الرئيس سعد الحريري حيث وضع ماكرون كل ثقله لإقناعه بإعطاء الطائفة الشيعية وزارة المالية وتسليمها لشخصية شيعية شبه مستقلة.
ونزولاً عند إصرار ماكرون، وافق الحريري على تسلّم شخصية شيعية وزارة المالية لمرة واحدة. لكن في المقابل، يعتقد كل من يشتغل في الشأن العام والسياسة اللبنانية، أن الطائفة الشيعية لن تتخلّى بعد اليوم عن وزارة المالية وسيتحوّل العرف الى مبدأ ثابت في هذا المجال، ذلك أن لبنان كاد يصل الى الكارثة ولم يتنازل الثنائي الشيعي عن تسليم شخصية شيعية لوزارة المالية، فكيف له أن يقبل بعد الآن في ظل أوضاع أقل صعوبة من اليوم في المستقبل بالتنازل عن وزارة المالية؟
موقف الثنائي وبري
الرئيس نبيه بري وفق ما صرّح نائبه ايلي الفرزلي، اعتبر خطوة الحريري إيجابية، لكن تقول المعلومات أن بري سلّم السفير الفرنسي، عبر قناة من الثنائي الشيعي على علاقة بالسفير الفرنسي، لائحة من عشرة أسماء لشخصيات شيعية، ومن بينها اسم لرجل أعمال من آل شمس الدين من النبطية وهو يعمل في الاقتصاد ويزور دائماً فرنسا، ويملك شركة اقتصادية في دولة مالي في افريقيا، وقريب من الرئيس ماكرون وعلى علاقة جيدة معه، وتشير المعلومات، الى ان بري متمسّك بلائحة العشرة أسماء، وعلى الرئيس المكلف مصطفى أديب أن يختار اسماً منها، كما أن بري مُنفتح لاختيار اسماً خارج عن اللائحة التي قدّمها، اذا عرض عليه أديب اسماً، شرط أن يكون صاحب اختصاص وله حيثيات في الطائفة الشيعية تجعله يمثل الثنائي الشيعي من دون أن يكون محازباً في حركة أمل او حزب الله. عندها يدرس بري الاسم مع قيادة حزب الله ويعطون الموافقة إذا كان يحمل هذه الشروط.
موقف الرئيس المكلف ورؤساء الحكومات السّنة
التشاور بشأن تأليف الحكومة يجري علناً، لكن هذه المرة جرى التأليف في الكواليس تحت الطاولة، وموقف رؤساء الحكومات الـثلاثة، السنيورة وميقاتي وسلام، واعتبارهم أن موقف الرئيس الحريري هو شخصي، يأتي ضمن مُناورة تهدف الى عدم تكريس «المالية» للطائفة الشيعية، وعدم اعتبار تنازل الحريري عن موقفه السابق «ثابتة دستورية» تجعل كل حكومة قادمة يتولى فيها شيعي وزارة المالية.
أما الرئيس المكلف مصطفى أديب فقد وافق على موقف الحريري بتسليم وزارة المالية لشخصية شيعية، على أن يكون لأديب دوراً في اختيار الاسم بالتنسيق مع الثنائي الشيعي عبر السفير الفرنسي أو عبر اجتماع الرئيس أديب مع الخليلين، أي الوزير علي حسن خليل والحاج حسين خليل. فإذا توافقوا على الاسم تكون الحكومة قد اجتازت مسافة هامة، مع العلم، أن أديب لن يزور بعبدا الا بعد أن يحصل على موافقة الثنائي الشيعي على اسم الشخصية الشيعية التي ستتسلّم وزارة المالية.
موقف الرئيس عون وأسماء الوزراء المسيحيين
صدر امس عن رئاسة الجمهورية بيان اكد أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون معنيّ بتأليف الحكومة، وبالتالي، المقصود الأساسي هو إما الحصول على الثلث المعطل، وهذا ما قد يقف في وجه الرئيس الفرنسي ماكرون، والأهم أسماء الوزراء المسيحيين، لان الرئيس المكلف مصطفى أديب لم يتشاور مع الأحزاب المسيحية كلها لا مع التيار الوطني الحر ولا مع حزب القوات اللبنانية وحزب الكتائب وحزب المردة.
ومن أجل ذلك، ولأنه لا موعد حتى الآن للرئيس المكلف في القصر الجمهوري، فإن الرئيس عون ينتظر أن يزوره أديب ومعه لائحة بأسماء الوزراء وتوزيعهم على الحقائب. وهنا سيتدخل عون بشأن أسماء الوزراء المسيحيين الذين يُؤلّفون نصف الحكومة، وقد يطلب من الرئيس المكلف تغيير أسماء كي يُوقع على التشكيلة الحكومية. مع العلم، أن الفرنسيين مُرتاحون للتعاطي مع الرئيس عون ويقولون أن ماكرون سيتصل به لتسهيل تأليف الحكومة، وأن عون ليس بعيداً عن التجاوب مع نصيحة ماكرون، لكنه سيسعى من خلال الوزراء المسيحيين مع حلفائه مثل حزب الله، أن يكون لهم الثلث المعطل في الحكومة، مع القناعة الكاملة بأن لا أحد سيعمل على اسقاط الحكومة التي في سبيل تأليفها بذل ماكرون أقصى جهوده ووضع طاقة دولة عظمى مثل فرنسا لتأليف الحكومة اللبنانية.
ولا بدّ من الاشارة هنا، أن ماكرون تشاور مع الأميركيين والإيرانيين ومع موسكو والسعودية لتأليف الحكومة اللبنانية، وأن هنالك برنامجاً لحكومة «المهمّة» وهو اجراء جرعة اصلاحات سريعة خلال ثمانية أسابيع وارسالها للمجلس النيابي لإقرارها، وعقد مؤتمر في نهاية شهر تشرين الأول في باريس للتبرع للبنان وبدء تسلّم المساعدات على قاعدة أن لبنان قام بإجراء الإصلاحات.
موقف جنبلاط والتيار
النائب السابق وليد جنبلاط غرّد على «تويتر» قائلا ً: «آن الأوان لالتقاط ورقة الأمس والبناء عليها، وتسهيل التشكيل بعيدا عن الحسابات الضيّقة، فكلّ دقيقة تمرّ ليست لصالح لبنان. لا تعطوا حكومة الوباء والكوارث الحاليّة مزيدًا من الوقت». وأنه بسبب الازمة الكبيرة في لبنان يجب أن يتنازل الجميع ويصلوا الى حل، ويجب التجاوب مع مبادرة الحريري دون أن يُسمّيه، مُعتبراً ان موقفه فتح الباب أمام الحل.
أما بشأن موقف التيار الوطني الحر فقد صرّح النائب آلان عون أن التيار سيُسهّل تأليف الحكومة وليس عنده شروط على الرئيس المكلف، وأن الأمور تتجه ايجابياً نحو الحل، وأن لا مشكلة بشأن وزارة الطاقة أو غيرها، وهذا ما يُمكن فهمه من تصريح النائب في التيار الوطني الحر آلان عون.
موقف الخارجية الفرنسية
أفادت وكالة «الصحافة الفرنسية» بأن وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان دعا إلى «ضغوط قوية من المجتمع الدولي من أجل تشكيل حكومة في لبنان وإخراج البلد من الأزمة الخانقة».
ولفت لودريان خلال اجتماع عبر تقنية «الفيديو» حول لبنان على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، الى انّ «القوى السياسية لم تنجح بعد في التوافق على تشكيل حكومة. بالتالي فإنّ ضغوطاً قوية ومتقاربة من جهتنا أمست ضرورية من أجل دفع المسؤولين اللبنانيين نحو احترام التزاماتهم».
وشدد لودريان على ان «مستقبل لبنان على المحك، ومن دون إصلاحات لن تكون هناك مساعدات مالية دولية».
350 إصابة «كورونا» في سجن رومية
وبعيداً عن السياسة، لا يزال فيروس «كورونا» يتمدّد في كل المناطق اللبنانية، حيث اعلن رئيس لجنة الصحة النيابية عاصم عراجي «ان لبنان ذاهب الى مناعة القطيع».
كما أعلنت المديرية العامة لقوى الامن الداخلي أنها أجرت فحوصات «PCR» لمساجين سجن رومية وأظهرت النتائج أن حوالى 352 سجيناً مصابون بالكورونا، ويمكن الاستنتاج هنا، بأنه في ظل الوضع في سجن رومية، فإن العدوى لانتقال وباء الكورونا من المصابين لغير المصابين سيزداد والأرقام سترتفع كل يوم، لذلك، فإن المجلس النيابي قد يُصدر عفواً عاماً عن السجناء خاصة في السجن المركزي رومية.
**********************************
افتتاحية صحيفة الشرق
مبادرة الحريري قيد الدرس شيعياً… والتفاؤل حذر
لم تعد الاجواء الايجابية التي اشاعتها مبادرة الرئيس سعد الحريري الانقاذية للحكومة تضخ الامل في نفوس اللبنانيين المُكتوين بنار عرقلات ربع الساعة الاخير في مسار تشكيل الحكومة. لم تعد تقنعهم كل المواقف المؤشرة الى خروج النور من نفق ولادة الحكومة ولا تسريبة من هذا الطرف او اشاعة جو تفاؤلي من ذاك. فالتجربة المُرة مع الثنائي الشيعي الذي اعتاد التصلب في مواقفه ومطالبه ما دام يؤتي ثماره دوماً فيكون له ما يريد، ولو من خارج الدستور وخلافا لتوافق اللبنانيين ، غير مشجعة . وما دام رئيس الجمهورية لم يوقع مراسيم تشكيل حكومة مصطفى أديب تبقى هذه الاجواء مجرد تمنيات يؤمل ان تُخرجها الى النور، اذ ما صدر «أمر العمليات» من مكان ما.
عودة الايجابية
خلطت مبادرة الرئيس سعد الحريري الحكومية، وقوامها قبوله باسناد حقيبة المال الى «شيعي»، الاوراق على ضفة التأليف وحرّكت الركود في مستنقعه. وغداة طرحه هذا، بدا ان اجواء التشكيل استعادت بعض الايجابية حيث لم ترفض اوساط الثنائي الشيعي العرض، بل قالت انها تدرسه وتبدي ملاحظاتها، فيما ذكّرت رئاسة الجمهورية «بأن الدستور ينص على ان رئيس الجمهورية يصدر بالاتفاق مع رئيس الوزراء مرسوم تشكيل الحكومة ما يعني ان الرئيس معني بالمباشر بتشكيل الحكومة».
مش مطوّلة
وفي السياق، نقل بعض من التقى الرئيس نبيه برّي امس عنه تفاؤله في موضوع الحكومة، فيما افادت مصادر صحافية بأن برّي رحّب ببيان الحريري وقال انه يُبنى عليه إيجاباً، مشيرة الى ان «برّي قال انّ تحركاً سيحصل خلال الساعات المقبلة وهو ردّ على أحد النواب بالقول «مش مطوّلة لأن ما بقا فينا نحمل». وقال نائب رئيس مجلس النواب الياس الفرزلي عن موقف برّي بشأن الحكومة: لم يعد التشاؤم سيّد الموقف حكومياً وهناك إمكانات واعدة يمكن البناء عليها ولكن علينا الانتظار قليلاً.
10 اسماء؟
وليس بعيدا، لفتت اوساط الثنائي الشيعي الى «اننا نسعى لانضاج الامور بسرية تامة ونأمل خيرا..»لما تظبط منحكي». واعتبرت مصادر الثنائي أن فكرة تسليم لائحة من 10 اسماء من الطائفة الشيعية لتسلم وزارة المالية على ان يختار الرئيس المكلف مصطفى اديب اسماً هي الاكثر تقدماً وممكن أن تكون المخرج الاسرع. ولفتت المصادر الى أن ما تقدم به رئيس الحكومة السابق سعد الحريري خطوة باتجاه الايجابية لكنها ليست حلا ويتم تصوير المالية على انها العقدة لكن نخشى ان تكون الشماعة لا أكثر». وقالت مصادر الثنائي الشيعي: يفترض أن يحمل المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسين خليل الملاحظات على بيان الحريري إلى الرئيس عون ويُطلعه عليها. وتابعت: الثنائي كثف اتصالاته بعد بيان الحريري وتشاور في الطرح بشكل واسع واستفسر عن اكثر من نقطة فيه وسجل ملاحظات اساسية عليه.
لا مواعيد
في الاثناء، قالت أوساط بعبدا ان لا موعد للرئيس المكلف مصطفى اديب ولا لمعاون الامين العام لحزب الله حسين خليل في القصر حتى الساعة ولا رد فعل دولياً سوى الفرنسي على بيان الرئيس سعد الحريري.
حكومة ترضي الجميع
رئيس الحكومة المكلف اعلن في بيان، حرصه على تشكيل حكومة مهمة ترضي جميع اللبنانيين وتعمل على تنفيذ ما جاء في المبادرة الفرنسية من اصلاحات اقتصادية ومالية ونقدية وافقت عليها جميع الاطراف. وقال انه آل على نفسه التزام الصمت طيلة هذه الفترة من عملية تشكيل الحكومة، تحسساً منه بالمسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقه ومن اجل الوصول الى تقديم تشكيلة بالتشاور مع رئيس الجمهورية ضمن الأطر الدستورية، تساعد اللبنانيين على وضع حد لالامهم اليومية. وأكد مجددا التزامه بالثوابت التي اطلقها في ان تكون الحكومة من ذوي الاختصاص واصحاب الكفاءة القادرين على نيل ثقة الداخل كما المجتمعين العربي والدولي، لأن من شأن ذلك ان يفتح الباب امام حصول لبنان على الدعم الخارجي الضروري لانتشال الاقتصاد من الغرق. وتمنى أديب مجددا على الجميع التعاون لمصلحة لينان وابنائه وتلقف فرصة انقاذ الوطن.
اشادة فرنسية
وبالفعل، رحبت الخارجية الفرنسية بمبادرة الرئيس سعد الحريري واصفة اياها بالـ»الشجاعة»، معتبرة أنها تبرهن حسه بالمسؤولية والمصلحة الوطنية للبنان. وأشارت الخارجية في بيان الى أن مثل هذا الإعلان يشكل انفتاحًا «يجب أن يقدر اهميته الجميع لكي يتم تشكيل حكومة مهمّة.» وقالت الخارجية الفرنسية في بيان «هذا ما يتوقعه اللبنانيون إضافة الى شركاء لبنان الدوليين وكل من يريد، عن حسن نية، مساعدته في هذه اللحظات الحرجة. لهذا السبب، تدعو فرنسا جميع القادة السياسيين اللبنانيين إلى احترام الالتزامات التي وعدوا بها الرئيس ايمانويل ماكرون في الأول من أيلول، بهدف وحيد وهو تلبية الاحتياجات الطارئة للبنان.» وأضاف البيان :»ستستمر فرنسا بالوقوف إلى جانب اللبنانيين بالتنسيق مع شركائها الأوروبيين والدوليين وستسهر على احترام شروط الدعم الدولي للبنان في كل مرحلة.» وأشار البيان الى أن فرنسا تشجع مصطفى أديب على تشكيل حكومة مهمة بأسرع وقت ممكن تتألف من شخصيات مستقلة ومختصة يختارها بنفسه.
العفو العام
من جهة أخرى، وفي وقت يحصد كورونا مئات الاصابات يوميا، وقد اقتحم سجن رومية بقوّة مسجلا ما يفوق 300 اصابة وسط عدم تجاوب المساجين مع الاجراءات الوقائية، افيد عن جلسة عامة لمجلس النواب ستعقد قبل نهاية الشهر الجاري وان قانون العفو سيكون على جدول اعمالها المتضمن 35 بندا. وكان أهالي السجناء نظموا تحركا على مقربة من عين التينة للمطالبة باقرار العفو العام عن أبنائهم وخصوصا مع انتشار فيروس كورونا. ووضع الأهالي ملف العفو في عهدة رئيس المجلس نبيه بري.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :