لبنان في “غرفة الإنتظار ” يتتبّع ترامب ـ نتنياهو
والحديث عن غرفة الإنتظار يعطي اللبنانيّين بصيصاً من أمل على أنه “مشروع قيد الإنجاز”، لكن دون معرفة الشكل، والمضمون، وسائر التفاصيل.
الإعلام الأميركي الموصوف بـ”الصدقيّة” يتحدّث عن “مشروع الرئيس دونالد ترامب الإنمائي”. إنه شريط يمتدّ على طول الحدود مع فلسطين المحتلة، بعمق يتجاوز بضعة كيلومترات داخل الأراضي اللبنانيّة، تريده “إسرائيل” أرضاً محروقة، لا بشر فيها ولا حجر، “منطقة عازلة”. فيما تريده الولايات المتحدة “منطقة صناعية، مزدهرة، منزوعة السلاح والمسلحين”.
لا يزال البحث شغّالاً في غرفة الإنتظار، فيما يعلن رئيس الجمهوريّة جوزاف عون أن لبنان الرسمي لم يتبلغ شيئاً من هذا القبيل، ليعود ويؤكد على ضرورة تجديد مهام “اليونفيل”، من دون شروط تعجيزيّة، أو إملاءات مشبوهة الأهداف والأبعاد.
بنيامين نتنياهو يتحدث عن لبنان كجزء مكمّل لمشروعه الروحاني “إسرائيل الكبرى”. مشروعه قيد الإنجاز في غرفة الإنتظار، ينسّق مع الأميركي، ويتجاهل الرأي العام الدولي، ويسخر من مجلس الأمن وقراراته إذا كانت تتعارض مع مشروعه الممتدّ من غزّة إلى الأصقاع البعيدة، حتى إيران.
لقد دخل مع الأوروبيّين ـ وتحديداً فرنسا ـ في معركة دبلوماسيّة شرسة حول مشروعه القائم على أكوام الجماجم. حوّل لبنان إلى رهينة. والتجديد لمهام “اليونيفيل” قضيّة ساخنة مع باريس. يريد الإنتقام من الرئيس إيمانويل ماكرون لأن الأخير أبدى إستعداده ـ وبحماس كبير – الإعتراف بالدولة الفلسطينية، نهاية أيلول، وعلى هامش إجتماعات الجمعيّة العامة للأمم المتحدة.
كيف ستكون المستجدات؟ وأيّ مفاجآت ستحمل الأيام؟
الجواب في غرفة الإنتظار، حيث تحتدم المناقشات، وتكثر السيناريوهات الباحثة عن مخارج للملفّات المعقّدة.
ويذكّرنا سلاح “حزب الله” بالإيراني الذي دخل على خطّ “حصريّة السلاح”، وبقوّة ، إثر زيارة المسؤول الرفيع علي لاريجاني إلى بيروت. لقد عكّر مياه النهر على الحمل اللبناني، وأدخل قرار “حصريّة السلاح” إلى غرفة الإنتظار.
ينتظر الإيراني مصير القرار 2231 الصادر عن مجلس الأمن. ومصير المفاوضات مع الولايات المتحدة، و”الترويكا” الأوروبيّة. ومصير الـ400 كلغ من اليورانيوم عالي التخصيب بنسبة الـ60 بالمئة. ومصير المفاعلات النووية. ومصير ومستقبل التعاون مع الوكالة الدوليّة للطاقة الذريّة. ومصير برنامجه الصاروخ الباليستي. ومصير ومستقبل العقوبات الماليّة، والإقتصاديّة، والمعنويّة، المفروضة على طهران. ومصير ومستقبل العلاقات مع “الشيطان الأكبر، وربيبته إسرائيل”!
ولأجل كل هذا، يريد لاريجاني، ورفاقه في القيادة الإيرانيّة، إبقاء لبنان ساحة مفتوحة، مشرّعة الأبواب أمام حساباتهم الإقليميّة، والدوليّة، لتصفية سنداتها مع الآخرين، مهما طالت الإقامة في غرفة الإنتظار!
وغمر الشوق اللبنانيّين إلى غرفة الإنتظار. جاء توم برّاك. غادر توم برّاك. ربطة عنقه حمراء هذه المرّة، لا بل صفراء! ويسترسلون في القشور، والعوم على سطح الشكليات، فيما تغيب عنهم الإهتمامات الجديّة بما يحاك لهم من مشاريع مصيرية، مدموغة بالقلق حول االمستقبل والمصير.
ننتظر في غرفة الإنتظار، ما سيحمل إلينا برّاك من تل أبيب، حول الورقة الأميركيّة، ومقترح “الخطوة مقابل خطوة”، وهل من خطوة في الإتجاه الصحيح الذي ينتظره لبنان، أم في الإتجاه المعاكس؟
ننتظر قيادة الجيش، والخطة التنفيذيّة لحصر السلاح، والمراحل التي ستستغرقها، وما إذا كان من فول في المكيول، أم أن أسراب الغربان التي تحوم في الفضاء اللبناني، ستلتهم الفول والمكيول معاً!
ننتظر بعد خطة قيادة الجيش، مجلس الوزراء. هل سيجتمع بكامل أعضائه لمناقشة الخطة، وإقرارها، أم سيغيب وزراء الثنائي الشيعي عن الجلسة مقاطعة، ومعارضة، مع تهديد ووعيد؟
ننتظر جلسة مجلس الأمن الدولي الخاصة بالتمديد لمهام “اليونفيل”، وما قد يتمخّض عنها. هل ستأتي الرياح بما تشتهي السفن اللبنانيّة، أم ستدفع بها بعيداً في يمّ المشاريع المعلّبة، والطروحات المفاجئة، التي تنقل الملف اللبناني من غرفة الإنتظار، إلى المشرحة لتنفيذ القرار؟
كادت حكومة نواف سلام أن تحدث ثقبا في حائط “الحصريّة” المصفّح. تحدّثت عن محاولة لجمع السلاح الفلسطيني. لم يشر أي تقرير رسمي إلى نسبة النجاح، فيما فاض الإعلام، المرئي والمسموع والمكتوب، بالتقارير الهزليّة المنتقدة، الجارحة، من حديث عن “خيش التبن”. إلى حديث عن “الخردة”. إلى “ميني شاحنة”، إلى “فيلم إستعراضي” من دون فحوى!
لا يصحّ صبّ الزيت على النار، وكانت بعض الفصائل الفلسطينيّة داخل مخيمات بيروت والجنوب، أولى بالمعروف في إنتقاد خطوة جمع السلاح، ورفضها بقوّة، ومعارضتها بشراسة، كون “هذا السلاح في خدمة القضية، ولمواجهة إسرائيل”، علماً أن ما يباعد بينه، وبين “القضيّة”، و”إسرائيل”، أكثر من 77 عاماً عدّاً ونقداً، كانت طافحة بالشعارات، والمزايدات، فيما الهدف تكريس التوطين، على وقع رندحة “سنرجع يوماً”!
فاتنا أن الجانب السوري الشقيق والصديق قد بدأ مرحلة التجديف (التجذيف) بمركب التطبيع. ليس هناك من وضوح في هذه المشهديّة التي فرضت حضورها على المسرح العربي ـ الشرق أوسطي، وسط تقارير متباينة بالمعلومات، غالبيتها تتحدث عن أن “طرف أيلول بالشتي مبلول” هذا العام، وهناك لقاء يحضّر له في النصف الأخير من الشهر المقبل، في نيويورك، على هامش إجتماعات الدورة العاديّة للجمعيّة العامة للأمم المتحدة، يضمّ الرئيس أحمد الشرع مع بنيامين نتنياهو، وبحضور ورعاية دونالد ترامب، للتوقيع على إتفاق أمني يجري الإعداد له بسريّة، وبوتيرة سريعة، غير متسرعة، لأخذ سوريا في مشوارها الطويل.. نحو التطبيع!
ماذا عن لبنان؟
إنه في غرفة الإنتظار… ينتظر توم برّاك ومورغان أورتاغوس، وما يدّبر في كواليس الدبلوماسيّة الأميركيّة ـ الفرنسيّة ـ الأوروبيّة ـ الأمميّة، حول مشروع ترامب الإنمائي في الجنوب، وطموحات نتنياهو بـ”إسرائيل الكبرى”!
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)
:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي