مخزومي «broker» استحقاق بيروت: «مرجعيّة» سياسيّة ورئاسة بلدية بـ 2000 صوت!

مخزومي «broker» استحقاق بيروت: «مرجعيّة» سياسيّة ورئاسة بلدية بـ 2000 صوت!

 

Telegram

 

لم تكن الانتخابات البلديّة في بيروت الأحد الماضي المُحاولة الأولى لفؤاد مخزومي لتقديم نفسه مرجعيّة سياسيّة. الحلم نفسه يلاحقه منذ أن دخل الحياة السياسيّة معتقداً بأنّ الخلفيّة التي تجمعه والرئيس رفيق الحريري، كوْنهما ينتميان إلى نادي رجال الأعمال الأثرياء ممن لهم علاقات دوليّة ونشاط اجتماعي بعد الحرب الأهليّة، قد تحوّله إلى «رفيق 2».

هو الوهم الذي رافقه دوماً قبل أن يُخيّل له أنّه صار واقعاً بعد اغتيال الحريري، ثم فوزه في الانتخابات النيابيّة في عام 2018 - وإن كان ذلك حصل بالصوت الشيعي - قبل أن يتهيأ له أنّ فرصته الذهبية للهيمنة على الشارع السنّي، أتت مع اعتكاف الرئيس سعد الحريري.

ظنّ رئيس «حزب الحوار الوطني» أنّ خروج «تيّار المستقبل» من الحياة السياسية يعني حُكماً تحوّله إلى زعيمٍ يملأ الفراغ بمؤسسات اجتماعيّة وصحيّة، وبالهجوم على حزب الله ليستدرّ تعاطفاً سنّياً. إلّا أنّ الصفعة الأولى أتت في انتخابات نيابيّة لم يحصل فيها مخزومي على أكثر من كرسيّه، بعدما ذهب في أحلامه إلى حدّ الاعتقاد بأنه سيرأس كتلة نيابيّة كبيرة.

عانت ماكينة رئيس
«الحوار الوطني» من
خللٍ تقني في الاتصالات


مع ذلك، لم ييأس الرجل. ثابر على «دقّ» الأبواب السنّية حتى نسج علاقة جيّدة مع مفتي الجمهوريّة الشيخ عبد اللطيف دريان، وفتح حنفيّته لبعض المفاتيح، ووطّد علاقاته ببعض المشايخ والشخصيّات البيروتيّة التي صارت تتردّد إلى اجتماعاته الأسبوعيّة. وبالتوازي، ازداد ارتماءً في أحضان معراب علّها تجلب له «السعد» السعودي، كما متّن علاقته مع سفارة المملكة وازداد التصاقاً مع أحد موظّفيها المقرّبين من السفير، أملاً بتسويق اسم مخزومي في بلاد الحرمين، قبل أن تأتيه الصفعة الثانية: نوّاف سلام رئيساً للحكومة.

صندوق بريد القوى السياسية
ومع ذلك، يُحسب له أيضاً أنه لم ييأس. مع الاستحقاق البلدي، عرّض مخزومي كتفيه لخوض الانتخابات وتركيب اللوائح: يلتقي مرشّحاً في النهار ويتفاوض مع القوى السياسيّة في الليل، يوزّع وعوده على مرشّحين بالرئاسة، و«يدق على صدره» متعهّداً بتأمين بلوك سنّي يؤمّن الفوز الساحق للائحة الائتلافيّة.

عنجهيّته دفعته إلى التّعامل مع بعض القوى باعتبارها «تحصيلَ حاصلٍ»، والتعامل مع النائب نبيل بدر وكأن الأخير بلا حيثيّة بيروتية تخوّله التّفاوض على اسم الرئيس، والتذرّع بـ«فيتو» على «الجماعة الإسلاميّة»، وفجأة بات يلعب دور الآمر الناهي في السّاحة السنّية؛ ترأّس طاولة المفاوضات وبدأ بـ«بيع الحصص» من جيب المجلس البلدي ليكون الـ«broker» الحصري للبلدية مقابل «عمولة» الرئاسة. فأعطى «جمعيّة المشاريع الخيريّة الإسلامية» مقعدين، وحصر الحصّة الشيعيّة بحزب الله وحركة أمل خلافاً لما اتّبعه الحريري الأب ثم الابن بتسمية الشيعي الثالث.

تحوّل مخزومي إلى صندوق بريد بين القوى المتصارعة سياسياً التي حبكت تحالفاً انتخابياً عبره. وبينما كان يتلقّى السير الذاتيّة للرئاسة، تبيّن أنّ له مرشّحاً (ابن خاله إبراهيم زيدان) خلافاً لتأكيداته بأنه لا يريد حصة على اللائحة.

ورغم أداء مخزومي الذي كان يتصرّف على أنّه «دولة رئيس»، انضوت القوى السياسيّة في اللحظات الأخيرة في هذا الائتلاف تحت ضغط التهويل بتطيير المناصفة من دون أن تتوقّف عند التفاصيل، مطمئنةً إلى أنّ لمخزومي مالاً ينفقه على الحملة الانتخابيّة، وماكينة انتخابيّة تُدير المعركة، والأهم بلوك سنّي سيُجيّره لمصلحة لائحة «بيروت بتجمعنا».

مراجعة أرقام الانتخابات
هكذا، تمكّن مخزومي من إقناع حلفائه بـ«الوهم» الذي سُرعان ما تحطّم يوم الأحد بعدما نجح في الهيمنة على رئاسة البلدية بـ«التفنيص»! ويشير متابعون إلى أنّ رئيس «حزب الحوار الوطني» لم يتمكّن، وفق أعلى التقديرات، من تجيير أكثر من ألفي صوت للائحة.

ويشير تدقيقٌ سريع في الأرقام التي نالتها «بيروت بتجمعنا» إلى أنّ معدّل الأصوات التي نالها المرشحون الـ23 كان نحو 44 ألف صوت، وتوزّعت الأصوات بحسب الكتل الطائفيّة بمعدّل 29 ألف صوت مسيحي وشيعي ودرزي (هذا الرقم كان يرتفع وينخفض بحسب المرشحين من دون أن تكون هناك نواة صلبة وموجّهة بالتشطيب)، إضافةً إلى بلوك سنّي من 15 ألف صوت، ارتفع بحصول المحامي محمّد بالوظة على النسبة الكبرى بـ19 ألف صوت سنّي، كما نال مرشحو «جمعيّة المشاريع الخيريّة الإسلامية» 17 ألفاً و300 صوت سنّي.

وإذا تمّ احتساب بلوك مكوّن من 12 ألف صوت من «المشاريع»، فإنّ القوّة التجييريّة للقوى السنّية الأُخرى على اللائحة، أي مخزومي والوزير السابق محمّد شقير و«اتحاد جمعيات العائلات البيروتيّة»، فإن هؤلاء جميعاً جيّروا مجتمعين أقل من 3 آلاف صوت سنّي.

بمعنى آخر، لم يتمكّن رئيس «الحوار الوطني» الذي كان يُدير المفاوضات ويستقبل طلبات الترشيح ويُحكم سيطرته على رئاسة بلدية العاصمة من حشد ألفي صوت بعدما وعد حلفاءَه بقوّة تجييرية تبدأ من 5 آلاف صوت!

تحطّم الوهم!
وليس هذا فحسب، بل تبيّن أن لمخزومي ماكينة مترهّلة لم يجدها حلفاؤه حاضرة فعلياً على الأرض يوم الأحد. وهي عانت من خلل تقني في نظام التواصل صباحاً، ما أفقدها لساعات إمكانيّة تأمين الاتصال بين المكتب الرئيسي والأقلام. فيما يؤكّد متابعون أن رجل الأعمال دفع مبالغ مالية لعدد من الماكينات، ومنها ماكينات الأحزاب المسيحيّة والأرمنية.

كلّ ذلك، يشي بأزمة تحطّم «وهم القوة» الذي يراود مخزومي على عتبة الاستحقاق النيابي. وبينما يمنّي الرجل نفسه بأكثر من حاصل وبطموحٍ لتولّي رئاسة الحكومة في المرحلة التالية، تكشف النتائج أنّه يعاني من إفلاس شعبي سيجعل نيابته مهدّدة في الدّورة المقبلة، إضافة إلى ترجيح ابتعاد المرشح للرئاسة إبراهيم زيدان عن ابن عمّته لاختلاف الرجلين سياسياً وحياتياً!

أما أسباب تراجع مخزومي، فكثيرة بالنسبة إلى المقرّبين منه ولخصومه على حدّ سواء، تبدأ من افتقاده للكاريزما من دون أن يعمل على بناء شخصية محبّبة بالاحتكاك بالشارع مكتفياً بالجلوس في «بيت البحر» ودعوة نخبة المجتمع لزيارته، إضافةً إلى التصاقه بـ«القوات اللبنانية» ما ينفّر جزءاً من الشارع السنّي من أدائه وتقصّده الهجوم على تيّار المستقبل.

ويتردّد أن المجموعة التي كانت تتحلّق حول رئيس «الحوار الوطني» وتجيّر له نسبة من الأصوات، بدأت بالابتعاد عنه منذ نحو عامين نتيجة كثرة الخلافات معه وتقصّده تكبير المسافات بينه وبينها واتّهامها بأنها كانت أحد أسباب خسارته في الدّورة الماضية، وعلى رأس هذه المجموعة كان: فؤاد عيتاني وحسان القيسي ونبيل نعماني ويوسف طبش.

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram