افتتاحيات الصحف المحلية ليوم السبت 22 أيار 2021

افتتاحيات الصحف المحلية ليوم السبت 22 أيار 2021

 

Telegram

 

افتتاحية صحيفة البناء:

 

فلسطين تحتفل بالنصر… والمواجهات تتجدّد في القدس والضفة… وبلينكن الى المنطقة

 

تقدّم متسارع في مفاوضات النوويّ الإيرانيّ… وسورية تختم الانتخابات في الخارج


أولويّة بريّ تزخيم فرص التأليف بدلاً من سجال الصلاحيّات الرئاسيّة… والمسؤوليّات



 أنهى جيش الاحتلال الحرب التي أعلنها على غزة رداً على صواريخ المقاومة التحذيريّة دفاعاً عن القدس، من دون أن ينجح في إضعاف القدرة الصاروخية للمقاومة التي بقيت تطلق صواريخها على عمق الكيان بالكثافة والمدى الجغرافي ذاتهما، ومن دون أن يتمكن من التفكير بعملية برية يعرف سلفاً من بعض المؤشرات حجم كلفتها وتداعياتها، حاملاً معه تبعات فشل القبة الحديدية على صورة ميزان الردع الذي كان يدّعيه بوجه محور المقاومة، ووضعاً داخلياً مأزوماً بين خيارات أحلاها مرّ، فمواصلة التصعيد الذي يمارسه المستوطنون بحق الفلسطينيين في القدس والضفة والأراضي المحتلة عام 48، باتت نتائجه شديدة الخطورة يتوقع معها الكثير من الخبراء العسكريين في الكيان تحوّلها الى حرب عربية يهودية يستند فيها الفلسطينيون الى قدرة غزة النارية التي أثبتت فعاليتها بالقدرة على التدخّل، وكبح جماح المستوطنين سعياً لتأمين التهدئة مع الفلسطينيين يهدّد بحرب أهلية يهودية يهودية. وفيما كانت المناطق الفلسطينية بلا استثناء وتجمعات فلسطينيي الشتات ومعهم عواصم عربية وعالمية عدة، تحتفل بالنصر الفلسطيني كان المستوطنون ومعهم جيش الاحتلال يعاودون بعد الظهر الهجمات في القدس بعد هدوء قبل الظهر، لتشتعل المواجهات في القدس والبيرة والعديد من المناطق في الضفة، بينما أعلنت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن عزمها على مواصلة جهود التهدئة تمهيداً لإحياء المسار التفاوضي على قاعدة حل الدولتين، الذي سيحمله وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن في جولة قريبة في عواصم المنطقة، والمشكلة التي تنتظر بلينكن هي أن هذا الحل لا يجد تشجيعاً عند الفريقين المتقابلين، كيان الاحتلال وقوى المقاومة، بينما الأطراف التي تتحمّس له لا تملك القدرة على إنعاشه، سواء السلطة الفلسطينية أو العواصم العربية التي شعرت بفقدانها للتأثير في مسار القضية الفلسطينيّة لصالح تعاظم حضور محور المقاومة.
بالتوازي مع المشهد الفلسطيني، تقدّم الملف النووي الإيراني على طريق الوصول إلى اتفاق يضمن العودة الأميركية إلى صيغة تفاهم 2015، كما قالت مصادر روسية وأوروبية وإيرانية في وفود التفاوض في فيينا، متوقعة إنجاز التفاهم مع نهاية الشهر الحالي، بينما تقدّم أيضاً المشهد السوري مع إنجاز سورية للانتخابات الرئاسية في السفارات السورية في الخارج، التي سجلت مؤشرين إيجابيين جديدين، الأول اتساع رقعة العواصم التي سمحت حكوماتها للسفارات السورية بفتح أبوابها للمقترعين، والثاني كثافة حضور السوريين المقيمين في الخارج في السفارات السورية للمشاركة في الانتخابات، وهو ما وضعته مصادر دبلوماسيّة في دائرة التأشير لتراجع المناخات الدولية الممسكة بملف النازحين كرهينة سياسية، متوقعة حلحلة في هذا الملف بعد انتهاء سورية من الاستحقاق الرئاسي، وبدء فتح العديد من السفارات العربية والغربية خلال مرحلة ما قبل نهاية العام.


لبنانياً، تصدّر الأحداث النقاش النيابي حول الرسالة الرئاسية المتصلة بالملف الحكومي، بعد تأجيله من أمس الى اليوم، مع توقعات متفاوتة حول فرص التوصل لصيغ تهدئة تسبق الجلسة أو تحوّل جلسة النقاش الى سجال يرفع منسوب التوتر والتصعيد بين فريقي رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف. وقالت مصادر متابعة للملف الحكومي إن رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي أرجأ النقاش أمس، ورفع الجلسة عندما تلمس مناخاً متشنجاً لن يسمح بتفجير المجلس النيابي بسبب نقاش عقيم حول الصلاحيات والمسؤوليات الرئاسية فى عملية تأليف الحكومة. فالكلام الذي لا يخدم مساعي التأليف يفضل الاستغناء عنه، لأن أولوية بري ستبقى تزخيم عملية التأليف وليس إثبات الأحقية في السجال الدائر بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف.


وفيما انعكس الوقف المتبادل لإطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية والعدو الإسرائيلي إيجاباً على الداخل اللبناني الذي حبس الأنفاس طيلة مدة الحرب ترقباً لتمدّدها الى دول أخرى في المنطقة، ومنها لبنان، عادت الملفات الداخلية الساخنة إلى الواجهة من بوابة مجلس النواب الذي عقد أمس، في قصر اليونيسكو جلسة تشريعية لتلاوة الرسالة التي وجّهها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى البرلمان حول تأخر الرئيس المكلف سعد الحريري في عملية تشكيل الحكومة.


ولم يكد الأمين العام لمجلس النواب عدنان ضاهر، ينهي تلاوة الرسالة، حتى رفع رئيس المجلس النيابي نبيه بري الجلسة وحدد موعداً اليوم لمناقشتها.
وحضر الجلسة الحريري ورئيس التيار الوطنيّ الحر جبران باسيل ولم يسجل أي سلام أو كلام بينهما، في المقابل عقد لقاء بعد الجلسة بين بري والحريري.
ولخصت مصادر نيابية شاركت في الجلسة لـ"البناء" بأن "الجلسة كانت قصيرة جداً وتمت تلاوة الجلسة ورفعها رئيس المجلس إلى اليوم، لكن التوتر كان سيد الموقف إذ بدت أغلب وجوه النواب مكفهّرة وكأنها تتحضّر لنزال سياسي، ولما لاحظ الرئيس بري هذه الأجواء المتوترة رفع الجلسة وأعطى فرصة لمزيد من الاتصالات للتوصل الى توافق على موقف موحد أو توصية ما إزاء رسالة رئيس الجمهورية"، وأضافت المصادر: "لو لم يرفع الرئيس بري الجلسة لكانت انفجرت خلال لحظات".


وكشفت المصادر النيابية لـ"البناء" أن "الرئيس بري بحث خلال لقائه مع الحريري مخرجاً لهذه الأزمة وأتبع ذلك بسلسلة اتصالات ومشاورات مع رؤساء الكتل النيابية ستستمر حتى موعد الجلسة اليوم في محاولة لإيجاد مخرج، وإلا فإن الأمور ستتجه إلى تصعيد من قبل الحريري الذي حضر رده في تفنيد كل بنود الرسالة ما يستدرج رد فعل من النائب باسيل لتتوالى بعدها الردود والسجالات ونصبح في مكان آخر".
وفي هذا السياق أشارت المعلومات إلى أن "الحريري أتى من الخارج خصيصاً من أجل حضور جلسة مناقشة الرسالة، كما أن باسيل حضّر كلمة نارية لإعلان موقف التيار الوطني الحر من رسالة الرئيس عون".


ولفتت قناة الـ"أن بي أن" إلى أنّ "اللقاء الّذي عقد بري والحريري، في قصر الأونيسكو، معطوفًا على ما يمكن أن تشهده الساعات المقبلة من اتصالات لتخفيف التشنّج والتوتّرات وفق صيغة معيّنة، من الممكن أن تُبرّد الأجواء الّتي تسمح بمعاودة التواصل بين أهل التأليف لإنقاذ البلد؛ وكلّ ذلك مرهون بمواقف القوى السياسيّة وعلى رأسها "التيار الوطني الحر" لناحية ردّه على الردّ المرتَقب من الحريري على رسالة رئيس الجمهوريّة".
في المقابل أكد معاون الرئيس بري النائب علي حسن خليل أن "اتصالات التهدئة لم تفشل"، متوقّعاً "صدور موقف من مجلس النواب وليس قرار أو توصية".


وأكدت أوساط نيابيّة في كتلة التنمية والتحرير لـ"البناء" أن "الرئيس بري يسعى قدر الإمكان لتهدئة الوضع وسحب فتيل التوتر، وسيفسح المجال لمناقشة هادئة للرسالة وللنواب للإدلاء بدلوهم، لكن لن يسمح بأن تأخذ الجلسة منحى التصعيد والسجالات السياسية والطائفية". وأوضحت بأن رسالة رئيس الجمهورية موجهة الى المجلس النيابي أي الى كافة الأطراف ولا تستهدف طرفاً معيناً"، متوقعاً "التوصل الى موقف جماعي يحث الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية على التعاون لتشكيل الحكومة". وعن موقف الكتلة من دعوة جنبلاط للحريري بالتنازل قالت الأوساط: "على الجميع التنازل لمصلحة البلد ومصالح الشعب اللبناني لا سيما المعنيين بتأليف الحكومة لأن الشعب لم يعد يحتمل. فالأولوية عنده باتت لقمة العيش والمطالب الحياتية".


بدوره لفت عضو كتلة المستقبل النائب محمد الحجار إلى أن "الحريري سيلقي كلمة اليوم ورئيسُ مجلس النواب يلعب دور الإطفائي ودوراً مهماً في احتواء التشنّج والتعنت من قبل فريق رئيس الجمهورية. وما حصل اليوم هو في صلب النظام الداخلي للمجلس".
وشرح أمين سر تكتل لبنان القوي النائب إبراهيم كنعان أن "هدف رسالة الرئيس تحريك الوضع الحكومي المأزوم لإخراج البلاد من حالة انعدام الوزن. وهذا أهم ما يجب ان تخلص اليه المناقشات النيابية في جلسة اليوم".
وفي سياق ذلك أشار عضو التكتل الوزير السابق غسان عطالله إلى أن "لا أحد طلب من الحريري الثلث المعطل والوزير جنبلاط اعترف بذلك، ورسالته أمس الأول إيجابية جداً وكلامه كان منطقياً للغاية وهذا الكلام مطلوب اليوم من المسؤولين كافة، وكان واضحاً بألا ثلث معطل وأنّه مع أي تسوية تنتج حكومة ونحن نلتقي معه في ذلك".
وكشف عطالله بأن "رئيس الجمهورية قد يوجّه قريباً رسالة للشعب اللبناني بعد الرسالة التي وجّهها إلى مجلس النواب، ورئيس التيار الوطني الحر سيضع خلال كلمته في المجلس النيابي النقاط على الحروف وسيكون واضحاً مع الناس، لأن الناس لم تعد تحتمل تدوير زوايا".


وفيما أفادت بعض المعلومات عن فقدان النصاب القانوني لجلسة اليوم في حال احتدام المناقشات وإذا لم تتوصل الاتصالات الى حل يرضي الاطراف، أكد عضو كتلة اللقاء الديمقراطي النائب الدكتور بلال عبدالله لـ"البناء" أن "أعضاء الكتلة سيحضرون الجلسة ولن ينسحبوا ولن يدعمو أياً من الطرفين". وأضاف: "نسلم بأن رسالة رئيس الجمهورية تقع ضمن حقه وصلاحياته الدستورية لكنها بلا جدوى وبلا نتائج بل ستزيد الأمور تعقيداً وتترك توتراً طائفياً البلد بغنى عنه وقد ينعكس التوتر في الشارع".
وشدّد عبدالله على أن "الطبقة السياسية في واد والمواطن في واد آخر، وهمه الوضع المعيشي والصحي ومستقبله في هذا البلد ولا يهمه الصراع على الصلاحيات الدستورية بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، فيما البلد يقترب من الدرك الاسفل من الانهيار وحينها لن يسلم أي من الأطراف من الفوضى والتفلّت الأمني الذي سيجتاح كافة المناطق". وأضاف: "من هذا المنطق دعا رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط الرئيس المكلف وكذلك رئيس الجمهورية للتنازل وتأليف حكومة بأسرع وقت وفق صيغة الـ 24 وزيراً". فكلام جنبلاط ليس موجهاً بشكل سلبي للحريري ولا الهدف تحميله المسؤولية بل لا بد من إيجاد الحل ولو كلف ذلك التنازل لمصلحة البلد".


إلى ذلك تبلّغ الرئيس بري تأييدَ مصر لمبادرته لحل الازمة الحكومية وذلك خلال استقباله في عين التينة، سفيرَ مصر ياسر علوي الذي قال بعد اللقاء "كما تعرفون الرئيس بري هو العنوان الضروري والممر الالزامي للخروج من أي مأزق كبر أو صغر في لبنان، وهو الممر الأساسي للحلول ولديه القدرة على احتواء الازمات وايجاد المخارج منها، وصيانة الدستور الذي هو الشرط الضروري للخروج من هذه الأزمة". ودعا الى "حل الازمة الحكومية وأن تتألف الحكومة في أقرب وقت ممكن، لكي يتسنى العمل الفوري للمهمة الإنقاذية بكل الدعم العربي وقد أكدت لدولة الرئيس على تجديد دعم مصر المستمر لجهوده لتأليف هذه الحكومة، وفقاً للاصول الدستورية وبما يحفظ الاستقرار لهذا البلد ويجنبه أي منزلقات غير دستورية أو أي مساس باستقراره".

 

**********************************************************************

 

افتتاحية صحيفة الأخبار:

 

مناقشة رسالة عون اليوم: مجلس النواب غير معني

 

دخل تعطيل تأليف الحكومة اليوم شهره الثامن، فيما الأزمة تهرول الى الوراء، وتراكم أسباباً بعد أخرى لاستمراره، واستبعاد الاتفاق عليها الى أمد غير معلوم. مع ان الجولة الجديدة في البرلمان، الا ان المشكلة تبقى اولاً واخيراً بين الرئيسين
مذ التأمت جلسة الهيئة العمومية لمجلس النواب لتلاوة رسالة رئيس الجمهورية ميشال عون، بدت الكتل كأنها على رؤوسها الطير: الكبرى منها اتت بنوابها جميعاً تقريباً ككتل رئيس المجلس نبيه برّي والرئيس المكلف سعد الحريري والنائب جبران باسيل ووليد جنبلاط، وبلغ النواب الحاضرون 82 نائباً. اضف انها استنفرت نفسها سلفاً لطلب الكلام والدخول في اشتباك، بعضها مع بعض على مضمون الرسالة. قبيل انعقاد الجلسة، كان معوّلاً على عقد لقاء بين برّي والحريري العائد الى بيروت في وقت متأخر من ليل الخميس، في محاولة لتجنيبها اي تشنج طائفي يتحضّر له الطرفان المتقابلان. بيد ان اللقاء لم يحصل الا بعد رفع الجلسة، بعدما حسم رئيس المجلس خيار تأجيل المناقشة الى اليوم.


اولها، تحديد موعد التئامها البارحة، في اليوم الثالث لتلقي رئيس البرلمان رسالة رئيس الجمهورية بعد ظهر 18 ايار. بذلك التزم انعقادها ما نصّت عليه المادة 145 من النظام الداخلي للمجلس، خصوصاً فقرتها الثالثة التي تتحدّث عن آلية تعامل المجلس مع رسالة يوجهها رئيس الجمهورية اليه بواسطة رئيسه، المختلفة عن تلك التي ترعى الرسالة التي يدلي بها رئيس الجمهورية بنفسه امام البرلمان تبعاً للفقرتين الاولى والثانية. ما حدث انها انعقدت في اليوم الثالث، من غير ان تعتمد على الفقرة الثالثة التي تربط تلاوة الرسالة بمناقشتها في الجلسة نفسها. جزّأ برّي تلاوة الرسالة عن مناقشتها، مع انهما متلازمتان في الجلسة ذاتها، كون الرسالة غير مباشرة. ارتأى الفصل ما بين بينهما 24 الساعة على نحو ما نصت عليه الفقرتان الاولى والثانية، المتحدثتين عن الرسالة المباشرة التي يتلوها رئيس الجمهورية بنفسه. ليست المخالفة جسيمة وتستحق، الا انها توخت تغليب الجانب السياسي على الجانب القانوني في مقاربة المشكلة المتفجرة التي تحملها الرسالة.
ثانيها، لا مناص من الاشتباك اليوم بين الحريري وباسيل، كما بين نواب كتلتيهما، من غير استبعاد دخول كتل اخرى عليهما. ليس في الامكان تجاهل مناقشة الرسالة المنصوص عليها في المادة 145 او تعمّد اهمالها، وليس ثمة ما يشير الى استعداد طرفي التناحر لتخليهما عن نقل المشكلة ما بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف الى داخل مجلس النواب.
ثالثها، مع ان الطابع المرتقب للسجال سياسي دستوري في ظاهره، الا انه سيحجب لوقت قصير طابعاً طائفياً محضاً في تناوله الصلاحيات الدستورية لكل من رئيس الجمهورية والرئيس المكلف. مع ذلك، لا يقل الشق الدستوري اهمية عن الاشتباك الطائفي، وهو سيمسي الملاذ الوحيد للمجلس كي ينجو بنفسه من مشكلة غير قادر على حلها. الا انه - بسبب غياب النص الصريح المكتوب - سيحتمي بالمخرج الذي يعزّز حجة الحريري، وهو ان الدستور لا ينص على سحب التكليف على نحو نصّه على التكليف. بذلك، لأن لا نص مقيِّداً، لا يسعه الخوض في ما لا يدخل في صلاحيته: ما طلبه منه الدستور تسمية رئيس الحكومة المكلف فحسب.
رابعها، يسري جدل دستوري في البرلمان يرمي الى تنصّله من اي مسؤولية عن حل مشكلة، يعتبر نفسه غير معني مباشر بها بعدما انجز المنوط به، وهو التسمية. غير انه بات شاهداً على نزاع دائر بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف عطّل تأليف الحكومة ولا يزال. فحوى الجدل الدستوري الجديد، ان المجلس الملتئم كهيئة عمومية لم يكن هو المعني بتسمية الرئيس المكلف، وليس ثمة اكثرية قانونية ملزمة للتسمية ينص عليها الدستور. تالياً، فإن تسمية الرئيس المكلف منبثقة من اكثرية نيابية، وليس من الاكثرية النيابية المنصوص عليها في المادة 34 من الدستور الملزمة لانعقاد المجلس وهي الغالبية المطلقة، وليس ايضاً من الاكثرية الموصوفة كالثلثين المنصوص عليها في المادة 49 لنصاب جلسة انتخاب رئيس الجمهورية.
اي اكثرية تنشأ، اياً بلغ عدد المنضوين فيها، تسمح بترشيح احد ما لرئاسة الحكومة، ما لم يكن قبالته منافس حظي بعدد اكبر من الاصوات. في اولى حكوماته عام 1990، نال الرئيس عمر كرامي 31 صوتاً، وكانت المرة الاولى تطبق الاستشارات النيابية الملزمة بعد اتفاق الطائف، في مجلس لم يزد عدد اعضائه على 67 نائباً من جراء تناقصه ابان سني الحرب. بدوره الرئيس نجيب ميقاتي في اولى حكوماته عام 2005، نال 57 صوتاً رشحته لترؤس الحكومة، وهو رقم دون نصاب الاكثرية المطلقة.
بإسم ذريعة "اكثرية نيابية" وليس "الاكثرية النيابية"، يقارب البرلمان مشكلة التكليف على ان المعني بها كتله جميعها وليس الهيئة العامة التي تتألف منه منعقداً تبعاً للاصول الواردة في المادة 34، وليست هي مَن تسمي الرئيس المكلف. الامر الذي لا ينطبق على جلسة منح الحكومة الجديدة الثقة، بكل المواصفات والشروط الدستورية المرافقة لانعقادها قانوناً.
خامسها، ان السجالات الدائرة، بتشنجها السياسي والمذهبي والطائفي، في غياب النص الدستوري الصريح الذي يتسلّح به احد فريقي النزاع، تفسح الباب عريضاً على اجتهادات وتأويلات يختلط الدستوري فيها بالسياسي. فكيف الحري بواقع كالذي يشهده لبنان، كل ما يتصل به يدور في فلك الانقسام والصراع السياسي اللذين لا يلبثان ان يعدما الاجتهاد ويعطبانه، ويجردانه من اي جدوى او حل. في ظل الانقسام والصراع السياسي، كل اجتهاد من حيث اتى، في رأي صاحبه وهو يدافع عن وجهة نظر فريقه وطائفته، مصيب ومحق، ما يجعل مقارعته متعذرة ان لم تكن مستحيلة، واقناعه عبثياً. بذلك يتعذر ايجاد مرجعية الاحتكام.
ما قاله رئيس الجمهورية في رسالته الى البرلمان صائب، وهو ان التكليف غير المقيَّد يؤبد هذه الصلاحية لدى صاحبها، ويعطل تأليف الحكومة وانتظام عمل المؤسسات الدستورية ويعرّض الاستقرار للاخطار. لكن ما يفترض ان يقوله الرئيس المكلف اليوم، سيكون بدوره صحيحاً وحقاً انطلاقاً من ان في الدستور جهتين تنيطان به منصبه: النواب الذين يرشحونه، ورئيس الجمهورية الذي يكلفه، دونما ان يكون ثمة مَن يسعه ان يفرض عليه تجريده مما بين يديه الى ما شاء الله، الا اذا اراد هو التنحي.
سادسها، ان انتهاء الجلسة المقررة اليوم، بعد مناقشة الرسالة، امام خيار توصية ليس الا يصدرها المجلس، يحض فيها على استعجال تأليف الحكومة، دونما تمكّنه من تأكيد صلاحيته الدستورية في استعادة المبادرة حيال تكليف الحريري. للاسباب السياسية والمذهبية والطائفية، لا يسعه الاقرار بأن له صلاحية تجريده من التكليف، ولا كذلك اعتباره هو بهيئته العامة مَن رشح الحريري لتأليف الحكومة. لا يسعه ايضاً للاسباب نفسها تأكيد تمسكه به. اذذاك تصبح التوصية باب نجاة.


قد يستعيد ما يُفترض ان يحدث اليوم حالاً مماثلة سابقة، عندما وجّه عون رسالة الى المجلس في 24 تشرين الثاني 2020، طالباً تدخّله لفرض التحقيق الجنائي، شاكياً من عدم تعاون حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي يعارضه ويمتنع عن تزويد السلطات ملفات المصرف. في جلسته لمناقشة الرسالة في اليوم الثالث 27 تشرين الثاني، انتهى البرلمان الى توصية قضت بطلب اجراء تحقيق جنائي اوسع من المطلوب، في كل وزارات الدولة واداراتها ومؤسساتها بما فيها مصرف لبنان المشكو منه. يومذاك قال النائب جميل السيّد ان المجلس غير معني برسالة يشكو فيها رئيس الجمهورية على موظف يقتضي التزام قرارات مجلس الوزراء الا انه يمتنع عن تنفيذها، ما يجعل المشكلة داخل السلطة الاجرائية، لا علاقة لمجلس النواب بها.
على نحو مشابه ربما، يقتضي ان يُفهم من مغزى جلسة المناقشة اليوم ان مشكلة جحا مع خالته فقط.

 

**********************************************************************

 

 

افتتاحية صحيفة النهار

 

“نقاش” الرسالة العونية ينذر باشتباك اليوم

 

بدا واضحا ان ترحيل ” النقاش” في الرسالة التي وجهها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى مجلس النواب بواسطة رئيس المجلس نبيه بري حول التأخير في تشكيل الحكومة وموقف عون منه من البارحة الى اليوم استبطن خشية لدى بري وكثيرين سواه في الكتل النيابية والقوى السياسية من انفجار الاحتقان المتراكم حول الازمة الحكومية . ومع ان حصر بري جلسة مجلس النواب الخاطفة التي عقدت امس في قصر الاونيسكو لدقائق بتلاوة رسالة عون وتحديد جلسة النقاش في الثانية بعد ظهر اليوم كان متوقعا على نطاق واسع فان ثمة من تحدث عن إدارة محركات عين التينة في اليومين السابقين في كل الاتجاهات ومع سائر الكتل النيابية ورؤسائها سعيا الى عدم تحول اجراء فرض على المجلس وكان بري حذر رئيس الجمهورية من مزالقه الى تفجير اشتباك سياسي ودستوري سرعان ما قد ينحو في اتجاه طائفي اذا لم يستبق بإقامة “موانع الصدمات” او اقله تخفيف الاحتقانات ومحاولة حصر النقاش الذي لا بد منه بعد تلاوة الرسالة في بعده السياسي الدستوري المباشر من غير توغل نحو معركة تصفية حسابات قد تشهدها الجلسة اليوم . وتتمركز محاولات تبريد الأجواء ، ولو ان أي ضمانات ليس ثابتة حيال نجاحها ، على الحؤول دون مبارزة سياسية قد تتخذ طابعا حادا بين رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ورئيس “تكتل لبنان القوي” النائب جبران باسيل اللذين اعدا للمناسبة عدتها الكافية برفع سخونة النقاش والجلسة عموما اليوم الى درجات عالية . وثمة ما تحدث عن تكثيف بري وآخرين من الدائرة النيابية كما من خارجها مساعيهم بعد جلسة تلاوة رسالة عون امس من اجل تجنب الاشتباك السياسي الحاد في جلسة اليوم وان معالم نتائج هذه المساعي لم تكن سلبية ولكن مع ذلك فان ثمة اوساطا موصوفة غالبا بسعة الاطلاع لم تُبْد ارتياحا كافيا الى ما يسبق أجواء الجلسة اذ يبدو ان تحطم عامل الثقة تماما بين العهد والرئيس الحريري في الفترة الطويلة التي أعقبت آخر اجتماع فاشل عقد بينهما جعل من الاستحالة تقريبا تجنب صدام حاد بينهما .

 

ذلك ان المعطيات تشير الى تحفز الحريري الى الرد المفند التفصيلي على رسالة عون من خلال بسط كل الوقائع التي يستند اليها الحريري لإثبات الخط المنهجي للعهد وتياره السياسي في توسل كل الوسائل للحصول على الثلث المعطل في الحكومة وتحوير المفهوم الدستوري لصلاحيات الرئيس المكلف بما يتماهى تماما مع المضمون الانقلابي للرسالة الرئاسية التي تهدف على نحو واضح الى تجاوز سافر للدستور والنيل من صلاحيات المجلس تمام كما من رئيس الحكومة المكلف . وفي المقابل فان باسيل كما تقول المعطيات ، اعد هجوما حادا بالأصالة والنيابة عن رئاسة الجمهورية و”التيار الوطني الحر” على الحريري استكمالا للمضامين الاتهامية التي وردت في رسالة عون الى المجلس .

 

غير ان النقطة البارزة الأخرى التي دارت حولها الاتصالات والمشاورات النيابية والسياسية تمثلت في ما يمكن ان تنهي اليه الجلسة بعد ظهر اليوم واي موقف يمكن ان يصدر باسم المجلس ردا على رسالة عون . وإذ تحدث نواب من كتل مختلفة عن موقف حازم للمجلس لا بد من صدوره في شان رفض أي إيحاء بإمكان تجاوز الأطر الدستورية الواضحة للتكليف والتأليف لم يستبعدوا ان يتضمن الموقف أيضا مطالبة صارمة بتحريك جمود المساعي لتشكيل الحكومة نظرا الى الاخطار المتعاظمة التي لم يعد ممكنا الاستسلام للازمة امام تصاعدها .وعلم ليلا ان بري سيصدر بيانا في خلاصة النقاش يضمنه موقفامتوازنا بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف ويشدد على المضي في المساعي التوفيقية لتشكيل الحكومة .

 

وفي هذا السياق  اعلن معاون الرئيس بري، النائب علي حسن خليل ان “اتصالات التهدئة لم تفشل”، متوقّعا “صدور موقف من مجلس النواب غدا وليس قرارا او توصية”. وقال عضو كتلة “المستقبل” النائب محمد الحجار “غداً (اليوم) ستكون هناك كلمة للحريري، ورئيسُ مجلس النواب يلعب دور الاطفائي ودوراً مهماً في احتواء التشنّج والتعنت من قبل فريق رئيس الجمهورية. وما حصل اليوم هو في صلب النظام الداخلي للمجلس” .

 

التأييد المصري

واللافت في الملف الحكومي ان الرئيس بري تبلغ مجددا تأييدَ مصر لمبادرته لحل الازمة الحكومية خلال استقباله في عين التينة، سفيرَ مصر ياسر علوي الذي اوضح “ان الرئيس بري هو العنوان الضروري والممر الالزامي للخروج من أي مأزق كبر أو صغر في لبنان، وهو الممر الاساسي للحلول ولديه القدرة على احتواء الازمات وايجاد المخارج منها، وصيانة الدستور الذي هو الشرط الضروري للخروج من هذه الازمة”. وشدد على “اننا كلنا ثقة بأن لبنان سيخرج من هذه الازمة وستتألف الحكومة وفقا للاصول الدستورية، بطريقة تسمح ان يكون هناك طرف محاور للمجتمع العربي والدولي، كي يستأنف الدعم لهذا البلد للوصول الى المستقبل الذي يليق به والذي يستحقه “.

 

تسعير الدولار

في غضون ذلك وبينما تعدّ القطاعات العمالية والنقابية لتحركات تصعيدية احتجاجا على تردي الاوضاع الاقتصادية والمعيشية، اعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة تسعير الدولار بـ١٢ألف ليرة عبر المنصّة الإلكترونية “صيرفة”، الامر الذي ترك ارتياحاً  لدى الأوساط المالية والمصرفية والاقتصادية على امل ان يصب هذا الإعلان في ضبط السوق المتفلتة من أي ضوابط  والتي تتحكّم بها مواقع إلكترونية محلية وخارجية بحسب مصادر مصرفية .  وأوضحت المصادر أن إعلان سلامة تسعير صرف الدولار بـ١٢ألف ليرة هو بمثابة خطوة أولى لاستيعاب التغيّرات الطارئة لافتة إلى أن  سعره لا بد أن يتراجع بعدما تم وضع الآلية اللازمة لهذه المنصّة شاركت فيها المصارف والصيارفة، حيث سجّلت تعاملات خفيفة في انتظار تلبية ما طلبه مصرف لبنان من المصارف والصيارفة الذين تقدموا بطلبات للحصول على العملات إن كانت بالليرة اللبنانية أو بالدولار الأميركي أو العملات الأجنبية الأخرى على أن تتم تسوية هذه الطلبات الخميس المقبل. في المقابل أكدت المصادر استعداد  المصارف الكبيرة للتعاون مع هذه المنصّة وإنجاحها  لكنها أرادت الاستيضاح من مصرف لبنان عن بعض الأمور التي بقيت مبهمة إلى أن صدر البيان ليردّ على هذه الاستفسارات واعتبرت  أن المصارف ومصرف لبنان هما في خندق واحد لمواجهة التحديات وبالتالي فإن نجاح المنصّة هو نجاح للمصارف أيضاً . ورجحت هذه المصادر معرفة المسار والاتجاه الذي ستسلكه هذه المنصّة الأسبوع المقبل، ومدى تجاوب المعنيين معها ولا سيما التجار والمستوردين.

 

*************************************************************************

 

افتتاحية صحيفة نداء الوطن

واشنطن تبحث تأثير الأزمة الاقتصادية على الجيش وترفع مساعداتها السنوية

الحريري يردّ “بالتفاصيل” على عون… وبري لن يسمح بحفلة “زجل”!

 

بينما يواصل البطريرك الماروني بشارة الراعي الحفر بـ”إبرة” الحياد في “جبل” التعطيل والتنكيل بالدولة والكيان، وبحث أمس مع نائبة المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان نجاة رشدي في مسألة انعقاد “مؤتمر ‏خاص يكرس حياد لبنان ويبعده عن التجاذبات والصراعات الإقليمية والدولية التي أدخلته في ‏أزمة كبيرة وخطيرة”، تواصل السلطة الحاكمة على المقلب الآخر ردم كل فرص إنقاذ البلد وتعميق الحفرة الجهنمية أكثر فأكثر تحت أقدام أبنائه، على وقع النبش الرئاسي والسياسي المستمر عن مزيد من الحصص والمغانم في التشكيلة الوزارية العتيدة.

 

وفي هذا الإطار، أتت رسالة رئيس الجمهورية ميشال عون إلى مجلس النواب لتهزّ ركائز “التكليف” الممنوح للرئيس سعد الحريري وتسعير معركة “الصلاحيات” بين الرئاستين الأولى والثالثة، الأمر الذي يسعى رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى تطويق تداعياته الطائفية تحت قبة البرلمان، لا سيما وأنّ رسالة عون ستلقى اليوم “رداً شاملاً مناسباً من الرئيس المكلف يسرد فيه بالتفاصيل مسار العقبات التي اعترضت طريق التأليف”، وفق ما نقلت مصادر نيابية، مشددةً في الوقت عينه على أنّ “رئيس المجلس سيعمد إلى منع أي محاولات لحرف النقاش في مضمون رسالة عون عن مساره النيابي الدستوري، ولن يسمح بإقامة حفلة “زجل” وتراشق كلامي” في الجلسة العامة.

 

وكشفت المصادر أنّ بري الذي آثر أمس رفع الجلسة فور الانتهاء من تلاوة رسالة رئيس الجمهورية إلى جلسة تعقد اليوم لمناقشتها بعد انقضاء مهلة الأربع والعشرين ساعة الدستورية، كان قد لاحظ “ارتفاع منسوب التوتر” على هامش جلسة الأمس، فكثف مع معاونه السياسي النائب علي حسن خليل، الاتصالات على أكثر من خط “لترطيب الأجواء وتخفيف الاحتقان تجنباً لأي تصادم سياسي نيابي في الهيئة العامة” اليوم، موضحةً أنه “عمل في سبيل تحقيق ذلك على حصر الكلمات بواحدة لكل كتلة منعاً لـ”الهرج والمرج” بين أعضاء الكتل، بالتوازي مع التحضير لأرضية توافقية على الخروج بتوصية غير ملزمة من المجلس النيابي إزاء رسالة عون تدعو كل الأطراف المعنية بالتأليف إلى الإسراع في تشكيل الحكومة لأنّ البلد بظروفه لم يعد يحتمل مزيداً من التعطيل”.

 

ونقلت المصادر أنّ المشاورات خلصت إلى “اختيار ممثلين عن أكثر من كتلة لصياغة التوصية بشكل لا يُظهر أي طرف في موقع الخاسر أو المنكسر، بما يشمل صون تكليف الحريري من جهة، وحفظ ماء وجه رئيس الجمهورية من جهة أخرى، لأن أغلبية مجلس النواب تعتبر مضمون رسالته غير دستوري في مقاربة مسألتي التكليف والتأليف، وبالتالي في حال انقسم مجلس النواب حيال الرسالة فستصبّ الأكثرية حكماً في خانة إعادة دعم تكليف الحريري”.

 

وإذ لفتت إلى أنّ رئيس المجلس التقى الحريري مرتين على هامش جلسة الأمس، رجحت المصادر أنّ “يعمد الرئيس المكلف إلى مصارحة اللبنانيين في كلمته الجوابية اليوم على رسالة عون، بكل الوقائع والتفاصيل التي حصلت منذ تكليفه، ليكشف عن كل الجهود التي بذلها لإبداء التعاون مع رئيس الجمهورية، وكل العراقيل التي اصطدم بها في المقابل، لا سيما وأنّه كان كلما بادر إلى تلمس بعض التجاوب خلال لقاءاته برئيس الجمهورية يعود ليتفاجأ بأنه غيّر رأيه بعد مغادرة الحريري بعبدا”.

 

أما في ما يتصل بمواقف باقي الكتل، وبينما سربت الدوائر العونية معلومات عن أنّ رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل يتحضّر لإلقاء “كلمة عالية السقف” رداً على ردّ الرئيس المكلف، ستلتزم كتلة “التنمية والتحرير” سقف موقف بري الداعي إلى تسريع التأليف بعيداً عن الثلث المعطل وصراع الصلاحيات، على أن تؤثر كتلتا “حزب الله” و”الحزب التقدمي الاشتراكي” الحياد بين عون والحريري. في حين عُلم أنّ موقف كتلة “الجمهورية القوية” لن يقارب مشاكل التكليف والتأليف، ولن يركّز على خلاف عون وباسيل مع الحريري، إنما سيعيد التصويب على جوهر الأزمة الكامنة في الطبقة الحاكمة، التي لا خلاص معها ولا خلاص منها إلا بإجراء انتخابات نيابية مبكرة.

 

وفي الغضون، برزت أمس الإضاءة الأميركية على تداعيات الأزمة الاقتصادية الخانقة في لبنان على الجيش اللبناني، من خلال بحث “المؤتمر اللبناني – الأميركي لموارد الدفاع” الذي عُقد “عن بُعد” بين قائد الجيش جوزيف عون وعدد من المسؤولين السياسيين والعسكريين في الإدارة الأميركية بمشاركة السفيرة دوروثي شيا، في سبُل تعزيز مستوى دعم للمؤسسة العسكرية “في ظل هذه الظروف الاقتصادية الدقيقية التي يمر بها لبنان”، وتم الكشف خلال اللقاء عن رفع قيمة المساعدات للجيش اللبناني هذا العام إلى 120 مليون دولار، بزيادة بلغت 15 مليون دولار عن العام الفائت.

 

وبينما جدد الجانب الأميركي خلال المؤتمر التزام بلاده باستمرار دعم المؤسسة العسكرية وتعزيز قدراتها لضبط عمليات التهريب وحماية التجارة البحرية، أعلنت السفيرة شيا عن زيارات مرتقبة إلى لبنان سيقوم بها قادة عسكريون في القيادة الوسطى وقيادة القوات الخاصة في الجيش الأميركي بهدف الوقوف على فعالية برامج المساعدات وآفاق التعاون بين الجيشين وسبل تعزيز التنسيق المشترك بينهما وتطويره.

 

*********************************************************************

 

افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط

 

جعجع لـ«الشرق الأوسط»: السلطة في لبنان فقدت كل اعتراف عربي أو دولي

قال إن الانتخابات المبكرة هي الحل الوحيد للتغيير وبداية إنقاذ الوضع

ثائر عباس

قال رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، إن عهد الرئيس ميشال عون «كان يمكن أن يكون أفضل، لكنه أضاع الفرصة وأوصلنا إلى وضع لم يمر لبنان في تاريخه الحديث بمثله». وشدد على أن «السلطة الحالية فقدت كل اعتراف تقريباً بها سواء كان أجنبياً أم عربياً، وفقدت كل مصداقيتها ووضعت رأس لبنان (تحت سابع أرض) ولا أحد يثق بها لا في الخارج ولا في الداخل».

وأضاف جعجع في حديث إلى «الشرق الأوسط» أن رسالة عون إلى مجلس النواب، حول «تأخر» رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، في تشكيل الحكومة «أسقطت كل أمل بولادة قريبة للحكومة»، وأشار إلى أن المَخرج الوحيد للأزمة القائمة في لبنان هو في انتخابات نيابية مبكرة تعيد إنتاج السلطة.

ويرى جعجع أن الحملة التي شُنَّت على «القوات» في أعقاب المواجهات مع سوريين مؤيدين للنظام السوري، أول من أمس، «ظالمة»، مستنداً إلى موقف «القوات» المبدئي في مطالبتها الدائمة بالمساعدة الإنسانية للاجئين السوريين. ويرى أن هذا أمر لا علاقة له بما يحصل من «استغلال لوجود اللاجئين السوريين في لبنان من أجهزة المخابرات السورية ومَن بقي من جماعاتها في لبنان وبعض الأحزاب الموالية لها والتي تنشط سياسياً في أوساط اللاجئين وتحوِّل قسماً منهم إلى أداة سياسية»، وقال إن هذا «أمر مخالف لكل الأنظمة والقوانين، لأن اللاجئ –أو النازح– في كل القوانين الدولية لديه حقوق إنسانية كاملة ومثل أي شخص آخر، ولكن ليست لديه حقوق سياسية في البلد الذي نزح إليه». وأوضح أنه من هذا المنطلق دعا «مَن يؤيد بشار الأسد وذهب ليصوّت له، وإذا كان النظام لا يشكّل خطراً عليه، فعندها يمكنه أن يذهب إلى سوريا، وتالياً ماذا يفعل في لبنان؟». ويضيف جعجع أن «خروج هؤلاء في مواكب بأعلام سوريا وصور بشار الأسد ومكبرات صوت تطلق أناشيد معينة في مناطق عانت الكثير من ظلم الأسد، هو أمر غير مقبول على الإطلاق»، مبدياً رفضه أن «يتم تحريك قسم من اللاجئين لأهداف سياسية أبعد ما تكون عن كل مبادئنا وقناعاتنا وأبعد ما تكون عن السيادة اللبنانية».

ويرفض جعجع بشدة وصف «قطّاع الطرق» الذي أُطلق على «القواتيين» في أعقاب المواجهات، قائلاً: «لسنا قطّاع طرق بل سعاة سلام وأكثر مَن دفع ثمن السلم اللبناني بعد الحرب اللبنانية وأكثر من يسعى لبناء دولة فعلية ودولة قانون (…) لكن أن ترى بلادك تُستباح بمعنى ما، فعليك أن تضع الأمور في نصابها الصحيح». ويضيف: «نحن لا نقبل باستباحة بلادنا بالشكل الذي رأيناه يوم أمس (الأول) بكل وضوح، لا أمس ولا اليوم ولا غداً، لكنّ هذا لا يعني أننا قلنا لكل فرد على الطريق أن يفعل ذلك».

وفيما يتعلق بالأزمة القائمة في لبنان وسبل معالجتها، تبدو الأمور واضحة بالنسبة إلى جعجع، فالمشكلة في لبنان «ليست تقنية، أي إنها لا تعني الخيار بين أن نعتمد هذه السياسة الضرائبية أو تلك أو هذه السياسة الاقتصادية أو تلك، بل إنها مشكلة سلطة بكاملها، وبالتالي من العبث محاولة تفتيش عن حلول في التفاصيل أو في الجوانب التقنية رغم أنه في نهاية المطاف الجوانب التقنية ضرورية وأساسية لحل المشكلات الموجودة، لكن قبل هذا كله تحتاج إرادة سياسية ونية سياسية، وهذا غير متوفر في الوقت الحاضر». ويقول: «السلطة الحالية فقدت كل اعتراف تقريباً بها سواء كان أجنبياً أم عربياً، وفقدت كل مصداقيتها ووضعت رأس لبنان (تحت سابع أرض)، ولا أحد يثق بها لا في الخارج ولا في الداخل، بالإضافة إلى إخفاقاتها الكاملة على مستوى الداخل، ولذلك حتى موضوع تشكيل حكومة لا نرى أي أمل في أن يؤدي إلى مكان، ومن هنا لم ندخل في عملية تشكيل الحكومات منذ سنة ونصف. وحتى بالنسبة إلى الدكتور مصطفى أديب ومع تقديرنا له كشخص، لم نقبل أن ندخل لا في تسميته ولا في الحكومة التي حاول أن يشكّلها لأننا نعلم أنه بوجود السلطة الحالية يصح المثل القائل: فالج لا تعالج».

أما بالنسبة إلى الحل، فيرى جعجع «حلاً واحداً فقط لا غير، ويتمثل بإعادة تكوين السلطة الحالية، عبر انتخابات نيابية مبكرة»، ومن هذا المنطلق «نطرح الانتخابات النيابية المبكرة من أول لحظة وسنستمر بذلك لأنها الحل الوحيد في نظرنا الذي يمكن أن يؤدي إلى تغيير فعلي وبداية إنقاذ جدّي في لبنان».

وعن السبيل للوصول إلى هذا الحل في ظل تمسك القوى الحاكمة بالسلطة، يقول جعجع: «ليس لدينا سبل إلا الضغط السياسي والإعلامي المستمر، إلا أنه إذا كانت هناك أكثرية من المجموعات الشعبية والسياسية راضية بهذا الواقع، فعليها أن تتحمل مسؤوليتها فنحن لا نستطيع فعل أكثر مما نقوم به». وعما إذا كانت السلطة الحالية انعكاساً لإرادة شعبية فعلية من منطلق «كما تكونون يولّى عليكم»، يقول جعجع: «الأكثريات الشعبية المؤيدة للقوى المتمسكة بالسلطة يجب أن تساعد في الحل، اليوم إذا سحب ما تبقى من جماعات التيار الوطني الحر الثقة وكذلك الذين لا يزالون مؤيدين لـ(حزب الله) فهذا يساعد على الحل، لكن إذا أرادوا أن يستمروا متمسكين بالأحزاب والقوى التي أوصلتنا إلى هنا، فعليهم أن يتحملوا نتيجة هذا التعلق بها، وللأسف بقية الشعب اللبناني تتحمل نتيجة تمسك البعض بالقيادات والأحزاب نفسها».

واستبعد جعجع تأجيل الانتخابات البرلمانية المقررة العام المقبل، مبرراً ذلك بوجود «ضغوط دولية وعربية كبيرة جداً». ويقول: «إن كل القوى العربية والأجنبية مستعدة لاتخاذ خطوات جدية تجاه أي مسؤول لبناني يحاول أن يطرح أو يسهم بتأجيل الانتخابات النيابية المقبلة، وسأقول أبعد من ذلك، إن الانتخابات النيابية لا مفرّ من أن تحصل في وقتها انطلاقاً من الضغط الكبير جداً الذي حصل والذي سيحصل أكثر وأكثر لإجراء الانتخابات في موعدها، لكنّ المشكلة من الآن إلى الانتخابات، أنه في كل يوم تبرز أزمة جديدة ولبنان لا يستطيع أن يتحمل 365 يوماً كالأيام التي نعيشها الآن، ولذلك سنبقى متمسكين بطرحنا لإجراء انتخابات نيابية مبكرة خصوصاً أنه بعد رسالة رئيس الجمهورية إلى المجلس النيابي تضاءل أي أمل بتشكيل الحكومة».

وعمّا يقال من أن كل همه زيادة عدد نوابه للوصول إلى رئاسة الجمهورية، يؤكد جعجع: «إننا نريد أن نسعى إلى كل المواقع داخل السلطة لنستطيع أن نوصل مشروعنا السياسي، وهذا طبيعي، وهذه علة وجود أي حزب سياسي»، لكنه يشدد على أن «الذي يريد أن يسعى بالمعنى الضيق للكلمة إلى الرئاسة عليه ألا يثير استياء جميع المقترعين (في البرلمان) بل يساير شمالاً ويميناً، ولا يتخذ موقفاً واضحاً من شيء، ويعقد اتفاقات وتسويات، وبالتالي هذا الوصف لا ينطبق عليّ إطلاقاً ولا على (القوات اللبنانية) التي لديها مواقف واضحة مستمرة ومتماسكة».

وعن سبب عجز قوى المعارضة عن تقديم رؤية أو موقف في مواجهة هذه السلطة، يقول جعجع: لأن «ما تسمى قوى معارضة لم تعد معارضة، قوى المعارضة أصبحت كناية عن حزب القوات، وحزب الكتائب وبعض من يعدون أنهم يمثلون المجتمع المدني، كما الكثير من أفراد المجتمع، وهذه هي قوى المعارضة الفعلية»، مشيراً في المقابل إلى «علامات استفهام» حول «بعض المجموعات الجديدة من المجتمع المدني التي نتساءل جدياً حول صفتها التمثيلية من جهة وحول صدقية بعض أفرادها من جهة أخرى». ومع ذلك فالواقع هذا لم ينسحب على موقف موحد حتى مع «الكتائب»، إذ يعترف جعجع بذلك، لكنه يرى أن «رؤية موحدة موجودة بيننا لكن من دون جهد منّا»، مشيراً في هذا الإطار إلى الموقف من «استباحة المناطق اللبنانية من بعض جماعات الأسد في لبنان، حيث كان لدينا الموقف نفسه من دون تنسيق».

ويرفض جعجع تقييم عهد الرئيس ميشال عون الذي شارف على النهاية، تاركاً الإجابة للناس. ويقول: «كان ممكناً (لعهد عون) أن يكون من أفضل عهود لبنان، وللأسف الشديد جداً أُضيعت الفرصة سنة 2016 وعملوا عكس ما كان متوقعاً أو ما كان يجب أن يفعلوه»، مضيفاً: «لم يمر لبنان في تاريخه الحديث بوضع مثل الذي نحن فيه، لكنّ هذا لا يفيد في الوقت الحالي بل المفيد أن نسعى جميعاً لأن نصل بأسرع وقت ممكن لانتخابات نيابية مبكرة وهذا باب الخلاص الوحيد المتوفر لنا».

وعمّا إذا كانت هذه الانتخابات قادرة على أن تعيد تشكيل السلطة فعلاً؟ يخلص جعجع إلى القول: «بعد كل شيء عاناه الشعب اللبناني، إذا كان البعض يريد أن يصوّت بنفس الطريقة التي صوّت بها سنة 2016 فلا حول ولا قوة إلا بالله». ويضيف: «على الناس أن تتحمل مسؤوليتها لكن في تقديري الشخصي أن الناس لا يمكنها أن تتعرض لعذابات أكثر من التي تعرضت لها في هاتين السنتين. فإذا صوّتوا بنفس الطريقة لنفس النخب السياسية، تكون الكارثة ونكون قد أصبحنا مجتمعاً غير قابل للحياة، ورأيي أنه سيحصل فرق يؤدي إلى تغيير التوازن داخل المجلس النيابي، وبالتالي يكون لدينا أمل برئيس جديد فعليّ وحكومة إنقاذ فعلية».

 

**************************************************************************

 

افتتاحية صحيفة الجمهورية

 

جهود لاحتواء «الرسالة».. المجلس: استعجــال التأليف.. مصر لحكومة وفق مبادرة بري

كما كان متوقعاً، أخرج رئيس المجلس النيابي نبيه بري من كمِّه أرنب التبريد، لصبّ المياه الباردة على الأجواء الساخنة التي طوّقت جلسة تلاوة الرسالة الرئاسية قبل انعقادها، ورحّل النقاش حولها الى اليوم.

بهذا الترحيل، وإن كان لأربع وعشرين ساعة، أراد رئيس المجلس كما هو واضح، الاستفادة من عامل الوقت حتى ولو كان قصيراً، لتمرير قطوع الرسالة بأقل الارتدادات والخسائر، ومنح فرصة اضافية للمساعي الرامية الى سحب فتيل التشنج والاحتقان بين الطرفين المعنيَّين بهذه الرسالة، اي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري والفريق السياسي لكل منهما، لعلها تنجح في إطفاء حريق السجال قبل اشتعاله بينهما.

 

وكانت جلسة تلاوة الرسالة الرئاسية قد انعقدت بعد ظهر امس في قصر الاونيسكو برئاسة الرئيس بري، وبرز في الجلسة حضور الرئيس المكلّف سعد الحريري، الذي اشاعت اوساطه انّه حضّر رداً مفصّلاً على رسالة رئيس الجمهورية، وكذلك حضور رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، الذي عكس نواب من «التيار» الى تجهيزه كلمة نارية. ولفت انتباه الحاضرين انّ الحريري وباسيل لم يتبادلا التحية، فيما عُقد لقاء جانبي بين الرئيسين بري والحريري.

انتهت الجلسة سريعاً، واقتصرت وقائعها على تلاوة رسالة رئيس الجمهورية، حيث عمد رئيس المجلس بعد التلاوة الى رفع الجلسة وتأجيلها الى الثانية بعد ظهر اليوم، ولم يستجب الى مطالبات العديد من النواب ببدء النقاش حول الرسالة في جلسة الامس.

وعكست مواقف النواب منحى تبريدياً، حيث قال المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب النائب علي حسن خليل، انّ «اتصالات التهدئة لم تفشل»، مشيرا الى انّ مجلس النواب سيصدر في ختام جلسة النقاش موقفاً حيال هذا الامر، مستبعداً صدور اي توصية او قرار في هذا الشأن.

 

كلمة الحريري

وبانتظار ما ستشهده جلسة اليوم النيابية، كشفت مصادر «بيت الوسط «، انّه ستكون للحريري كلمة تشرّح رسالة الرئيس عون بالتفصيل وتكشف الكثير مما لم يُنشر من قبل.

ووصفت المصادر كلمة الحريري بأنّها ستكون شاملة، تحيط بالتطورات كافة وتتحدث عن الكثير من الحقائق التي تجاهلتها الرسالة الرئاسية والوقائع التي يصرّ البعض على تجاهلها او نفيها.

 

لا غداء ولا عشاء

الى ذلك، وتعليقاً على الروايات التي تحدثت عن مشاريع عشاء او غداء بين الحريري وباسيل، غرّد المستشار الاعلامي للرئيس سعد الحريري حسين الوجه فقال: «ما يتم تداوله من اخبار تتعلق بالرئيس سعد الحريري هي شائعات كاذبة ولا تمت للحقيقة بأي صلة».

 

بعبدا تنتظر

وفي الوقت الذي تابع فيه رئيس الجمهورية مجموعة الاتصالات التي سبقت وتلت جلسة تلاوة الرسالة التي وجّهها الى المجلس النيابي، قالت مصادر مطلعة على اجواء بعبدا، انّه ينتظر جلسة اليوم لمعرفة الاتجاهات التي ستسلكها الامور، وللتثبت من إمكان ان تؤدي الرسالة غايتها، بعيداً من مسلسل الملاحظات والتعليقات التي لم تقارب الأزمة بمظاهرها المختلفة وتأثيراتها السلبية على الوضع الداخلي وموقع لبنان في المنطقة.

 

الجمر تحت الرماد

الى ذلك، تبقى جلسة اليوم محل ترقب عام لمجرياتها، ومضمون النقاشات التي سيتمّ تبادلها بين نواب عون والحريري، وتحاط بمخاوف جدّية من ان ينحدر النقاش الى سجال وربما اكثر من ذلك، بما لا يبقي هذا السجال محصوراً ضمن الرقعة البرلمانية، بل يُخشى ان يتمدّد الى الشارع بتوترات تلقي على المشهد الداخلي جمرات حارقة سياسية وطائفية.

وما يعزز تلك المخاوف، هو انّ هذا الترحيل قام على ارض ساخنة، ذلك انّ الجمر ما زال تحت رماد العلاقة المتفجّرة بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف ومن خلفهما تيار «المستقبل» و»التيار الوطني الحر»، ما يُبقي الاحتمالات مفتوحة على مصراعيها. ويشي ذلك بأنّ اتصالات التبريد ليست سهلة امام مستوى التوتر العالي والمشاعر المحتقنة سياسياً وعلى المستوى الشخصي بين الطرفين.

 

اولويات

وبحسب معلومات «الجمهورية» من مصادر موثوقة، فإنّ رئيس المجلس تحرّك منذ تسلّمه الرسالة الرئاسية ضمن اولويتين، الأولى، الحؤول دون نقل المشكلة الى مجلس النواب، الذي مارس الدور المطلوب منه كاملاً سواء في استشارات التكليف التي اجراها رئيس الجمهورية، وكذلك في استشارات التأليف التي اجراها الرئيس المكلّف مع النواب. والثانية، إخماد نار الاحتقان المتورّم بين شريكي التأليف، وتجنيب البلد اي تصدّعات او إرباكات اضافية، وتفكيك اي عبوة سياسية ناسفة للاستقرار الداخلي. وهما اولويتان تضافان الى اولوية دائمة لديه، وهي الأهم، وخلاصتها إشعار كل الاطراف بأنّ لبنان يُحتضر ويوشك ان يغرق بالكامل، وآن الأوان للتخلّي عن كل الشروط من هنا وهناك، والذهاب فوراً الى تشكيل حكومة وفق مندرجات المبادرة الفرنسية من اختصاصيين من غير الحزبيين ولا ثلث معطلاً فيها لأي طرف.

وتشير المعلومات، انّ حركة الاتصالات التي كثّفها الرئيس بري في الساعات السابقة لانعقاد جلسة الامس، وتوزّعت في مختلف الاتجاهات السياسية والنيابية لإخراج جلسة هادئة ومضبوطة الى الحدّ الاعلى، لقيت تجاوباً من غالبية الكتل النيابية، التي قرّرت ان تنأى بنفسها عن اي سجال اشتباكي يمكن ان يندلع بين «التيار الوطني الحر» و«تيار المستقبل»، وخصوصاً في ظلّ توجّه أكيد لدى «التيار الوطني» في أن ينبري في موقع التبرير والدفاع عن الرسالة الرئاسية، في مقابل توجّه معلن لدى «تيار المستقبل» بعدم تمرير رسالة عون ومضمونها الاتهامي المباشر للرئيس المكلّف بتعطيل تشكيل الحكومة، وبالتالي مواجهتها بمضبطة اتهامية شاملة كل التفاصيل التعطيلية التي اقدم عليها رئيس الجمهورية ومعه النائب جبران باسيل.

 

24 ساعة حاسمة

تشي تلك الصورة، انّ الكتل النيابية قد قرّرت ان تبقى على الحياد وانكفأت عن المشاركة مع عون والحريري في الصراع المستمر بينهما منذ تكليف الحريري تشكيل الحكومة، ما يعني انّ الطرفين، وتياريهما السياسيَّين، وحدهما في ميدان اشتباك، يُجمع مختلف القراءات السياسية على ان لا طائل منه سوى اضافة المزيد من التأزّم والتوتر على المشهد السياسي المعتلّ اصلاً بأزمة خانقة.

وفي هذا المجال، تؤكّد مصادر مجلسية مسؤولة لـ»الجمهورية»، انّ الرهان يبقى على فرصة الـ«24 ساعة» الفاصلة عن موعد مناقشة الرسالة الرئاسية في الجزء الثاني من الجلسة المحدّدة في الثانية بعد ظهر اليوم، حيث يقود رئيس المجلس خلال هذه الفرصة ما تُسمّى اتصالات الفرصة الاخيرة للتبريد، وسط اصراره على ضبط ايقاع النقاش بين النقيضين في الاتجاه الذي يعبّر فيه كل طرف عن موقفه، ويحول في الوقت نفسه دون انفلاته الى ما لا تُحمد عقباه. وهو الامر الذي يعني إن انفلت، فتح البلد على توتر قد لا يكون في الإمكان احتواؤه، يُضاف الى الأزمة القاتلة التي تقود لبنان نحو الدمار الاقتصادي والاجتماعي والمعيشي الشامل.

على انّ الخلاصة الاساس التي يُعمل في اتجاه بلوغها في نهاية جلسة اليوم، كما تشير المصادر، هي ردّ المجلس النيابي الكرة الى ملعب الرئيسين عون والحريري، والتأكيد عليهما عدم الاستمرار في اهدار الوقت، والارتفاع الى مستوى المسؤولية الوطنية التي تمليها حال البلد، والانتقال من موقع التصادم وآثاره السلبية على البلد، الى التفاهم على تشكيل حكومة تباشر ما هو مطلوب منها على طريق اخراج البلد من ازمته.

 

نصائح صديقة

وبحسب معلومات «الجمهورية»، فإنّ الجهود التبريدية التي يبذلها رئيس المجلس، تلاقت مع «نصائح صديقة» عاجلة الى القادة السياسيين، وعلى وجه الخصوص الى المعنيين بالملف الحكومي، بالحفاظ على الاستقرار في لبنان.

وفي هذا السياق، قال مصدر ديبلوماسي عربي لـ«الجمهورية»: «انّ مصلحة الاشقاء في لبنان اولاً واخيراً تكمن في التفاهم بصورة فورية وعاجلة على تشكيل حكومة، وفي عدم الدخول في توترات تهدّد امن واستقرار لبنان، وتزيد من معاناة الشعب اللبناني».

 

مصر: مبادرة بري

وفيما أدرج مواكبون لحركة الاتصالات زيارة السفير المصري في لبنان ياسر علوي الى عين التينة امس، في السياق التبريدي للواقع المتأزم، علمت «الجمهورية» انّ الاتصالات الديبلوماسية شملت «بيت الوسط»، واكّدت على اعتماد خيار التهدئة، وتزامنت مع اتصالات بين عين التينة و»بيت الوسط»، في وقت كان التواصل مفتوحاً لهذه الغاية بين «حزب الله» و»التيار الوطني الحر».

على انّ اللافت في هذا السياق، ما عكسه السفير علوي من عين التينة، لناحية الدخول المصري المتجدّد كحاضن لمبادرة الحل التي طرحها الرئيس بري، حيث شدّد السفير المصري على انّ هذه المبادرة تشكّل السبيل المتاح والامثل لمعالجة الازمة. وقال: «كلنا ثقة أنّ لبنان سيخرج من هذه الازمة و ستتشكّل الحكومة وفقاً للاصول الدستورية، بطريقة تسمح ان يكون هناك طرف محاور للمجتمع العربي والدولي كي يُستأنف الدعم لهذا البلد للوصول الى المستقبل الذي يليق به، والذي يستحقه هذا البلد الراسخ الذي أسهم في الحضارة العربية. فهو لا يستحق ان يُترك انما يستحق الوقوف الى جانبه».

اضاف علوي: «نحن نجدّد تأييدنا للمبادرة التي تقدّم بها الرئيس بري، والتي أيّدها وزير خارجية جمهورية مصر العربية سامح شكري في زيارته الاخيرة الى لبنان. وأنا هنا اليوم لأجدّد تأييدنا لهذه المبادرة لحل الازمة الحكومية. ونتمنى ان تتشكّل وفقها الحكومة في أقرب وقت ممكن، لكي يتسنى العمل الفوري للمهمة الإنقاذيه بكل الدعم العربي. وقد أكّدت لدولة الرئيس على تجديد دعم مصر المستمر لجهوده تشكيل هذه الحكومة وفقاً للاصول الدستورية، وبما يحفظ الاستقرار لهذا البلد ويجنّبه أي منزلقات غير دستورية أو أي مساس باستقراره».

 

لا مستقبل للبنان!

وفي السياق نفسه، كشفت مصادر نيابية في لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب لـ«الجمهورية»، انّها تبلّغت من ديبلوماسيين غربيين قلقاً متزايداً حيال الوضع في لبنان وخشية بالغة من تردّي الاوضاع اكثر فيه.

ونقلت عن احد السفراء قوله: «نحن حزينون على لبنان، هذا هو الشعور العام لدى كل اصدقاء لبنان في دول الاتحاد الاوروبي».

اضاف: «لبنان، كما نرى وترون بات على منعطف خطير جداً، قلنا لكم ذلك مرات عديدة في السابق، ونعود ونكرّر الآن ونقول، انتم تتجهون بسرعة الى احتمالات صعبة ومؤلمة للشعب اللبناني. هل تعلمون الى اي مستوى انحدر تصنيف لبنان؟».

ولفتت المصادر، الى انّ السفير المذكور عكس الغضب الفرنسي وسائر دول الاتحاد الاوروبي ممن سماّهم « القادة غير الموثوقين»، في اشارة مباشرة الى الممسكين بزمام الملف الحكومي، حيث قال: «لسنا نتفهم هذا التعطيل وتقاذف المسؤولية حياله (بين عون والحريري)، وعدم الاستجابة لكل النصائح والتمنيات عليهم بتجاوز حزبياتهم والتفاعل ايجاباً مع مبادرات الحل، وآخرها ما اكّدت عليه بالامس، مجموعة الدعم الدولية للبنان».

ونقلت المصادر في لجنة الشؤون الخارجية، انّ سفير الدولة الاوروبية الكبرى انتهى في كلامه الى خلاصة شديدة التشاؤم والخطورة، حيث قال: «لبنان مع الاسف ينهار امام اعين قادته، ولقد بتنا على يقين من انّ ثمة قراراً واضحاً لدى هؤلاء القادة بإبقاء الوضع على ما هو عليه من فراغ ، فعدم تشكيل حكومة يعجّل بالانهيار، وهذا معناه انّ لبنان لن يكون بخير، واكثر من ذلك، نحن ننقل اليكم خوفنا من الّا يكون هناك مستقبل للبنان».

 

تحذيرات مالية

هذه الصورة السوداوية تتقاطع، مع تحذيرات وصفت بالاكثر من جدّية، تلقتها مراجع اقتصادية من مسؤولين كبار في المؤسسات المالية الدولية، خلاصتها ان لا سبيل امام لبنان سوى تنظيم واقعه السياسي، والانتقال فوراً الى بناء قاعدة اصلاحية يرتكز عليها في المفاوضات التي ينبغي ان تبدأ بصورة عاجلة بينه وبين المؤسسات المالية الدولية وفي مقدمتها صندوق النقد الدولي.

وبحسب ما تبلّغت تلك المراجع، فإنّ المؤسسات المالية الدولية باتت تصنّف لبنان في مرتبة ما دون الصفر بدرجات عميقة جداً مالياً واقتصادياً، وهذا يعني انّ انهياره حتمي ولن يطول الوقت لذلك، في غياب حكومة تسارع الى اتخاذ خطوات وقرارات نوعية تحول دون هذا الانهيار.

 

هل ستبقى الرواتب؟

وبناءً على هذه الصورة السوداوية التي رسمتها المراجع المالية الدولية، دقت مصادر اقتصادية مسؤولة، ناقوس الخطر عبر «الجمهورية» وقالت: «القطاع المصرفي انهار، والمؤسسات الخاصة صارت مشلولة او مقفلة في غالبيتها، والموظفون والعاملون صاروا في الشارع، والدولة بلا حكومة ولا قرار، وفي حال اهتراء في كل قطاعاتها، والآتي اعظم مع ليرة فقدت قيمتها نهائياً، وخزينة فارغة قد تصل في وقت ليس بعيداً الى وضع تصبح فيه عاجزة تماماً عن دفع رواتب الموظفين في القطاع العام».

 

**************************************************************************

 

افتتاحية صحيفة اللواء

 

«جلسة الرسالة»: الثنائي لتبريد التحدّي وبري لإبعاد المجلس عن التجاذب الحكومي

الحريري على تباعده .. وتطيير النصاب أحد الخيارات.. وجبهة معارضة لباسيل في تياره إلى الواجهة

 

أقل ما يمكن أن توصف به الجلسة النيابية التي تعقد عند الثانية بعد ظهر اليوم (بدلاً من الاثنين) للنظر في رسالة الرئيس ميشال عون إلى مجلس النواب، عبر رئيسه نبيه برّي، والتي هي في مضمونها الحقيقي، شكوى على الرئيس المكلف سعد الحريري، من تأخير تأليف الحكومة، أو تأليفها وفقاً لإرادة الفريق الرئاسي، وفي مقدمه رئيس التيار الوطني الحر، النائب جبران باسيل.

وبدا المشهد معبراً عن نفسه، الرئيس الحريري من جهة، وكذلك الحال بالنسبة لباسيل، فلا كلام ولا سلام، والتباعد سيّد الموقف، ليس بسبب كورونا هذه المرة، بل لحسابات سياسية بالدرجة الأولى.

في المشهد: الرئيس برّي، الذي يجهد لاحتواء «التوتر المعلن»، وإبعاد المجلس النيابي عن كأس «التجاذب الحكومي»، إن لم يكن بالإمكان امتصاص الرسالة، وتحويل المناسبة إلى فرصة لإعادة وصل ما انقطع على جبهة بعبدا- بيت الوسط.

وفي المشهد الرئيس الحريري، ليس بصفته رئيس كتلة «المستقبل»، وحسب، بل بصفته الرئيس المكلف، بتأليف الحكومة بناء على استشارات نيابية ملزمة، وهو بهذه الصفة، سيعلن انه قام بما عليه، ملتزماً أصول التأليف والتعاون مع رئيس الجمهورية، وهي ليست المرة الأولى التي يؤلف فيها حكومة.

وتتجه الأنظار إلى مضامين كلمة الرئيس المكلف، والتي ساهم اللقاء بين الرئيس برّي وبينه في تلطيف أجوائها.

وعلى الضفة الأخرى من المشهد، النائب باسيل الذي أعدّ كلمة وصفت بأنها «مدوية» حسب أوساطه، من زاوية الردّ على كل «كذبة بواقعة» بتعبير الأوساط نفسها.

وواصل رئيس مجلس النواب نبيه بري اتصالاته خلال الساعات الماضية عبر حركة قام بها النائب علي حسن خليل مع بيت الوسط وحزب الله في اطار السعي لتبريد حدة جلسة مناقشة الرسالة التي وجهها رئيس الجمهورية ميشال عون الى المجلس النيابي اليوم وتحضير الأجواء لنقاش هادىء وصريح يمهد الطريق إلى معاودة التواصل لاخراج عمليةتشكيل الحكومة من جمودها المطبق،وليس لزيادة تاجيج حدة الخلاف السياسي في البلاد. ولكن برغم حركة الاتصالات والوساطات هذه، لم يحصل التجاوب المطلوب وبقي كل طرف على موقفه، لاسيما وان الرئيس المكلف سعد الحريري الذي يبدي حرصه الشديد على الرد بالتفاصيل على ماتضمنته الرسالة من مغالطات ووقائع غير صحيحة وجملة من التجاوزات الدستورية التي لا يمكن السكوت عنها اوتجاوزها هكذا وكأنها لم تكن وخصوصا لجهة صلاحيات الرئيس المكلف الدستورية، كما صلاحيات رئيس الجمهورية المنصوص عنها حرفيا ودوره في تشكيل الحكومة.

ومن جهة ثانية ردت مصادر متابعة لعملية تشكيل الحكومة على ما سربته مصادر مقربة من العهد، بأن الهدف من رسالة رئيس الجمهورية للمجلس النيابي هو لفتح ابواب التأليف، انما يمثل ذروة التكاذب والهروب الى الامام والاستمرار بتعطيل تشكيل الحكومة الجديدة، ويشكل محاولة مرفوضة لرمي مشكلة التعطيل على المجلس النيابي خلافا للدستور، لان الجميع يعرف الآلية الدستورية التي ترعى عملية التشكيل. وقالت المصادر ان كل ماورد من تبريرات وذرائع لارسال الرسالة ليست مقنعة اطلاقا، لاسيما منها بالتحجج بأن الرئيس المكلف لم يتجاوب مع الدعوات المتكررة التي وجهها اليه رئيس الجمهورية إلى بعبدا للبحث في تشكيلة حكومية تحقق المشاركة وما إلى هنالك من توصيفات ومفردات معدة سلفا للتعطيل والعرقلة التي وعد بها اللبنانيون على لسان رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل مسبقا. واشارت المصادر الى ان من يوزع هذه المعلومات يتناسى ان الرئيس المكلف زار الرئيس عون مرارا وتكرارا كماهو ملحوظ بالبيانات الرسمية الصادرة عن الرئاسة وقدم له تشكيلة وزارية استنادا الى صلاحياته الدستورية وناقشها معه مفصلا وادخل عليها التعديلات الملحوظة ولكنه وبعد مرور الوقت الطويل مازالت محتجزه بادراج القصر،في حين يوجب الدستور على رئيس الجمهورية ان يمارس دوره، اما بالموافقة او رفض التشكيلة المقدمة،ولكن لم يلتزم عون بذلك حتى اليوم.

والرهان هو تبريد الأجواء، ومعاودة الاتصال بين فريقي التأليف، من زاوية ان المخارج الصدامية أثبتت عقمها، وعدم جدواها.

واعتبرت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن جلسة مجلس النواب المخصصة لمناقشة رسالة رئيس الجمهورية مفتوحة على عدة احتمالات خصوصا أن الأجواء لم تكن تشي بالتهدئة لأن الكتل كانت جاهزة للمساجلة مؤكدة أن الرئيس بري سحب فتيل التفجير وهو قادر على ضبط الوضع اليوم في حال كان المجال متاحا لأي تشنج.

ولاحظت المصادر إن المسار الذي تسلكه الجلسة ترسم صورة عن تطور الملف الحكومي لكنها اشارت في الوقت نفسه إلى أنه ليس مستبعدا قيام أي تأجيل للمناقشة إذا برز ما يستدعي ذلك.

إلى ذلك رأت أوساط مراقبة عبر «اللواء» أن التحرك المطلوب للملف الحكومي لن يختلف عن مسعى البطريرك الراعي والنائب السابق وليد جنبلاط وذلك في حال استؤنفت الاتصالات المتصلة بهذا الملف والتي لم يعرف توقيتها ومدى فاعليتها مع ازدياد ضبابية المشهد

وحسب رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان، فإن هدف الرسالة الرئاسية، تحريك الوضع الحكومي المأزوم، وإخراج البلد من حال انعدام الوزن.

وهكذا، يعود مجلس النواب الذي استمع إلى رسالة الرئيس عون، إلى جلسة المناقشة، عند الساعة الثانية من بعد ظهر اليوم، على ان تكون هناك مداخلة لكل كتلة.

ولاحظت مصادر نيابية، ان الرئيس برّي استوعب التوتر السياسي الذي خلفته رسالة رئيس الجمهورية الى المجلس لإتخاذ الاجراء اللازم بخصوص عدم تشكيل الحكومة، فقَصَرَ جلسة المجلس امس على تلاوة الرسالة ثم رفع الجلسة الى الثانية من بعد ظهر اليوم لمناقشتها واتخاذ الموقف اللازم، إفساحاً في المجال امام اتصالات لتبريد الجو والتوافق على الصيغة التي ستخرج بها جلسة المناقشة. وكان البارز حضور الرئيس المكلف سعد الحريري الى قصر الاونيسكو حيث التقاه بري قبل بدء الجلسة. كما حضر رئيس تكتل لبنان القوي جبران باسيل.

واشارت المعلومات الى ان نوابَ التيار الوطني الحر كانوا يفضلون مناقشة الرسالة فور تلاوتها، وحَضّرَ رئيس تكتلهم باسيل كلمة وصفت بالنارية، فيما كان الحريري سيلقي كلمة ايضا يُفنّد فيها كل مزاعم تحميله مسؤولية عدم التشكيل. فيما قال مستشاره الاعلامي حسين الوجه: ان ما ‏يتم تداوله من أخبار تتعلّق بالرئيس المكلف شائعات كاذبة ولا ‏تمت للحقيقة بأي ‏صلة.

ورجحت مصادر نيابية مطلعة لـ«اللواء» ان تخرج جلسة اليوم بأحد الخيارات الثلاثة: «قرار او موقف او إجراء» وهي المتاحة في مثل هذه الحالات، من اجل حث المعنيين على سرعة تشكيل الحكومة. واوضحت المصادر ان الرئيس بري واصل اتصالاته طوال بعد ظهر امس من اجل ان تكون الجلسة اقل توتراً وان تخرج بحل مرضٍ، خاصة ان الجو بين الرئيس الحريري والنائب باسيل «مش راكب بعد» ويُخشى ان تطيح مواقفهما بالجلسة ويطير نصابها اذا حصل التوتر. لكن السؤال هل يُحدد بري موعداً لجلسة اخرى بعدما تهدأ النفوس؟

وبعد رفع الجلسة، اكد المعاون السياسي للرئيس بري النائب علي حسن خليل ان «اتصالات التهدئة لم تفشل»، متوقّعا «صدور موقف من مجلس النواب وليس قرار او توصية». فيما قال عضو كتلة المستقبل النائب محمد الحجار «ستكون هناك كلمة للحريري (اليوم) ورئيسُ مجلس النواب يلعب دور الاطفائي ودوراً مهماً في احتواء التشنّج والتعنت من قبل فريق رئيس الجمهورية. وما حصل اليوم هو في صلب النظام الداخلي للمجلس».

بدوره، قال عضو تكتل لبنان القوي النائب ماريو عون: «رئيس مجلس النواب أجّل جلسة المناقشة لاحتواء التشنّج ولدراسة مضمون الرسالة بهدوء أكثر ومن الممكن أن تكون الكلمات في جلسة المناقشة أقلّ حدّةً من اليوم (امس)». أما امين سر التكتل النائب ابراهيم كنعان فأوضح ان «هدف رسالة الرئيس عون هو تحريك الوضع الحكومي المأزوم لإخراج البلاد من حالة انعدام الوزن، وهذا أهم ما يجب ان تخلص اليه المناقشات النيابية.

عضو كتلة التنمية والتحرير النائب ياسين جابر، أشار الى انه «عملا بالنظام الداخلي، تم تأجيل هذه الجلسة وتمت تلاوة الرسالة، والبلد في حاجة لتهدئة النفوس والتوافق على الخروج من الأزمة».

من جهته، أكد النائب قاسم هاشم «ان مجلس النواب غير مسؤول عن تشكيل الحكومة، إذ بحسب الدستور هناك فصل للسلطات والمجلس سيقوم بدوره في مناقشة الرسالة التي قد تكون عامل حضّ للمعنيين للإسراع في تشكيل الحكومة».

مصر ومبادرة بري

وقبل الجلسة، نقل سفيرَ مصر ياسر علوي الى الرئيس بري تاييد مصر لمبادرته لتشكيل الحكومة، وقال بعد اللقاء: الرئيس بري هو العنوان الضروري والممر الإلزامي للخروج من أي مأزق كبر أو صغر في لبنان، وهو الممر الاساسي للحلول ولديه القدرة على احتواء الازمات وايجاد المخارج منها، وصيانة الدستور الذي هو الشرط الضروري للخروج من هذه الازمة».

أضاف «بالدستور ومراعاة التقاليد الدستورية لهذا البلد العريق وبحكمة الرئيس بري وسائر القادة الملتزمين الدستور والاصول الدستورية، كلنا ثقة بأن لبنان سيخرج من هذه الازمة وستتألف الحكومة وفقا للاصول الدستورية، بطريقة تسمح ان يكون هناك طرف محاور للمجتمع العربي والدولي، كي يستأنف الدعم لهذا البلد فهو لا يستحق ان يترك انما يستحق الوقوف الى جانبه.

وتابع: نجدد تأييدنا للمبادرة التي تقدم بها الرئيس بري والتي أيدها وزير خارجية جمهورية مصر العربية سامح شكري في زيارته الاخيرة الى لبنان لحل الازمة الحكومية، ونتمنى أن تتألف وفقها الحكومة في أقرب وقت ممكن، لكي يتسنى العمل الفوري للمهمة الانقاذية بكل الدعم العربي.

أزمة داخل التيار

في هذه الأجواء، فجر البيان العنيف الذي اصدره النائب الياس ابو صعب ضد وزير الخارجية المبعد عن مهامه شربل وهبي مخزونا وافراً من الشتائم والانتقادات العنيفة من كوادر التيار الوطني الحر المحسوبين على رئيسه جبران باسيل علنا على مواقع التواصل الاجتماعي وصولا إلى نعته باوصاف والقاب مبتذلة وبانه ناكر للجميل ويسدد فواتير خارجية، ما احدث ردود فعل رافضة لهذه الحملة وصولا إلى اعتبار ما يحصل بانه بايحاء من باسيل شخصيا، في إطار تصفية الحسابات مع كل من ينتقد ممارساته او يطالب بتصحيح سياسة التيار التي تسببت بفشل العهد الحالي وانحسار التأييد الشعبي الى ادنى مستوى بلغه وانهيار الدولة. ولوحظ ان ما حصل جراء حملة الموالين لباسيل على أبو صعب اعادة تحريك قيادات ونواب فاعلين بالتيار لتشكيل نواة جبهة معارضة لنهج باسيل لم تهضم هذه الحملة وترفضها وقد بدأ التنسيق بين مكوناتها في اعلى مستوياته بخصوص النهج الذي ستسير عليه لاعادة تصحيح مسار التيار وضم الاعضاء المنسحبين استعدادا للمرحلة المقبلة. وعلم ان نواة الجبهة تتكون من النواب ابراهيم كنعان، شامل روكز، الآن عون، سيمون ابي رميا وكادرات بارزة، في حين ان الإعلان عن انطلاقتها ينتظر الظرف المناسب.

دبلوماسياً، وغداة تعيينها في منصبها الجديد عرضت نائبة رئيس مجلس الوزراء وزيرة الدفاع الوطني والخارجية والمغتربين بالوكالة في حكومة تصريف الأعمال زينة عكر، الأوضاع العامة والتطورات في لبنان والمنطقة مع السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا التي زارت اليرزة يرافقها نائب رئيس البعثة الديبلوماسية الاميركية الجديد ريتشارد مايكلز، وذلك في زيارة تعارف لمناسبة توليه مهامه الجديدة في لبنان.

عودة التدقيق

وفيما عادت شركة الفاريز أند مارسال إلى التدقيق، علم ان وزارة المال، ستعمل على تحديث البيانات، بما في ذلك إدخال تعديلات على العقد الموقع مع الشركة، بعد نفاذ قانون رفع السرية المصرفية.

المنصة

تنفيذياً، بدأ أمس عدد من المستوردين من تجار وصناعيين بالتوجه إلى المصارف لتقديم اوراقهم للحصول على دولار بسعر المنصة.

واعتبرت مصادر مصرفية ان «إعلان سلامة عن تسعير صرف الدولار بـ١٢ألف ليرة بمثابة خطوة أولى لاستيعاب التغيّرات الطارئة»، لافتة إلى أن «سعره لا بد أن يتراجع بعدما تم وضع الآلية اللازمة لهذه المنصّة شاركت فيه المصارف والصيارفة، حيث سجّلت تعاملات خفيفة في انتظار تلبية ما طلبه مصرف لبنان من المصارف والصيارفة الذين تقدموا بطلبات للحصول على العملات إن كانت بالليرة اللبنانية أو بالدولار الأميركي أو العملات الأجنبية الأخرى على أن تتم تسوية هذه الطلبات الخميس المقبل. في المقابل أبدت مصادر مصرفية تمثّل المصارف الكبيرة «استعدادها للتعاون مع هذه المنصّة وإنجاحها»، لكنها أرادت «الاستيضاح من مصرف لبنان عن بعض الأمور التي بقيت مبهمة إلى أن صدر البيان ليردّ على هذه الاستفسارات».

537887 إصابة

صحياً، اعلنت وزارة الصحة عن تسجيل 450 إصابة جديدة بفايروس كورونا و6 حالات وفاة، في الساعات الـ24 ساعة الماضية، ليرتفع العدد التراكمي إلى 537887 اصابة مثبتة مخبرياً، منذ 21 شباط 2020.

 

************************************************************************

 

افتتاحية صحيفة الديار

 

جلسة اليوم : هل ستفجّر رسالة عون الاوضاع طائفيا أم ستحرك الجمود السياسي؟

كلمة السرّ كشفها جنبلاط : لا حكومة اذا لم يبرم الحريري تسوية مع العهد – نور نعمة

 

ارجأ الرئيس نبيه بري النقاش الى اليوم حول رسالة رئيس الجمهورية للمجلس النيابي بعد ان اكتفى بتلاوة الرسالة امس، وعليه أمهل الكتل النيابية يوما اضافيا مفاده ان يؤدي النقاش الى نتيحة ايجابية لا يزيد الاحتقان الحاصل في البلد. فهل سيتمكن المجلس النيابي من أن يسجل خرقا في انسداد عملية تأليف الحكومة؟ ام ان هذه الرسالة ستزيد من التوتر القائم بين العهد وبين الرئيس المكلف سعد الحريري؟ وهل سيكون ردّ تيار المستقبل على الرسالة الرئاسية بالمطالبة بتقصير ولاية رئيس الجمهورية ام ان الحريري سيتعامل بمرونة؟

 

في هذا الصدد، تؤكد اوساط نيابية بارزة في «الثنائي الشيعي» لـ»الديار» ان بري قام بإتصالات امس وليل امس وتردد انه كان يسعى لجمع الرئيس سعد الحريري والنائب جبران باسيل على مائدته للعشاء او على الاقل تبريد جلسة اليوم بعد اتصالات اجراها بالرجلين امس.

 

وتؤكد الاوساط ان جلسة اليوم لن تؤدي الى نتائج كبيرة ويتوقع ان تكون لهجة كل من كتلتي المستقبل ولبنان القوي مخففة بعد اتصالات بري وذلك لمنع تفجير الاوضاع وتأزيمها مجدداً.

 

وترى اوساط سياسية ان المجلس النيابي لا يمكنه مطالبة الرئيس المكلف بتشكيل حكومة، بل دوره يكون بمخاطبة الرئيسين عون والحريري وحثهما على الاتفاق. ولذلك يرى البعض ان رسالة عون للبرلمان لن تقدم ولن تؤخر، لا بل من المحتمل ان تزيد التوتر بين الطرفين، الامر الذي سينعكس سلبا على الساحة اللبنانية.

اهداف رسالة الرئيس عون للمجلس النيابي

 

من جهة اخرى، قالت مصادر سياسية بارزة ان هدف رسالة رئيس الجمهورية للمجلس النيابي له ابعاد عدة. اولها يريد العهد ان يظهر انه ليس في موقع المعطل والمعرقل في هذه المرحلة لتأليف الحكومة وان الطرف الذي يتحمل هذه المسؤولية هو الرئيس المكلف. وفي هذا السياق، رأت هذه المصادر انه يجب التوقف عند تزامن توجيه رئيس الجمهورية ميشال عون رسالة الى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون عارضا حيثيات الفراغ القائم ومحمّلا الرئيس سعد الحريري هذا التأخير في ولادة الحكومة المرتقبة وايضا مع توجيه عون رسالة الى البرلمان اللبناني وفقا للمضمون نفسه وملقيا على المجلس النيابي المسؤولية على أساس انه لا يجوز ان يستمر الفراغ في هذا الصدد.

 

وثانيا عبر هاتين الرسالتين سواء الى ماكرون او الى البرلمان اللبناني، اعتبرت المصادر السياسية البارزة ان الرئيس عون يريد ان يقطع الطريق أمام أي عقوبات فرنسية محتملة على مقربين منه، فضلا عن زيادة منسوب الضغط على سعد الحريري من اجل دفعه اما الى الاعتذار واما الى تشكيل حكومة في وقت سريع. وعليه، رأت هذه المصادر ان رئيس الجمهورية ميشال عون يعتمد سياسة جديدة في مقاربة الازمة الحكومية ولحشر الرئيس المكلف امام خيارات محددة، مشيرة الى ان اطلالة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط جاءت لتدعم وجهة نظر رئيس الجمهورية على حساب سعد الحريري. ذلك ان جنبلاط وضع اللوم على الحريري ودعاه الى لقاء رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل لحل هذه الازمة. كما اعرب جنبلاط عن استغرابه من عدم لقاء الحريري لباسيل اليوم علما انهما كانا في «زواج ماروني» في حكومتين متتاليتين.

حزب الله على مسافة واحدة من عون وبري

 

وفي مقلب حزب الله، تؤكد الاوساط النيابية ان الحزب لن يكون في مواجهة عون ولن يخرّب علاقته التحالفية الابدية مع الرئيس بري وهو يسعى الى ان تكون الرسالة بوابة لتحريك المياه الراكدة، وانها مناسبة لاعادة اللقاءات بين عون والحريري، ويرفض حزب الله ان تكون الرسالة بوابة لتفخيخ الاوضاع وتوتيرها ولا سيما ان قيمتها الدستورية تحفيزية وليست تقريرية، وبالتالي لن يكون لها تأثير لا في التأليف ولا في دفع الحريري الى الاعتذار او حتى القدرة على سحب التكليف منه.

 

في المقابل تؤكد اوساط سنية علمائية لـ»الديار» ان الحديث عن اسمي صلاح وتمام سلام بقي في التداول تحسباً لاي طارىء حكومي ولا سيما اعتذار الرئيس المكلف سعد الحريري.

مصر متمسكة بمبادرة بري: هل تنجح الوساطات في حل الازمة؟

 

اما من ناحية الوساطات العربية والغربية لحل الازمة اللبنانية، كشفت مصادر ديبلوماسية ان مصر على غرار فرنسا والامارات وروسيا تواصل تحركها باتجاه تأليف الحكومة اللبنانية. واشارت هذه المصادر ان الحراك المصري كان دائما حراكا «كواليسيا» بعيدا عن الاضواء خلافا للحراك الفرنسي والروسي. انما اعتبرت المصادر الديبلوماسية ان كل المساعي الدولية لم تتمكن من انهاء الخلافات نتيجة الفراغ المتمادي وعدم الوصول الى تفاهمات مشتركة. وانطلاقا من هذه المعطيات، لا يبدو ان ولادة الحكومة متوفرة حتى اللحظة بسبب الخلاف المستحكم بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف. وتابعت المصادر الديبلوماسية انه ما لم يعتذر الرئيس المكلف سعد الحريري او يقدم على تسوية مع العهد، لن يكون هناك حكومة وهذه هي كلمة السر التي اطلقها وليد جنبلاط التي تشكل مفتاح التشكيل للحكومة.

 

في الوقت ذاته، اكدت اوساط سياسية ان مصر لا تزال متمسكة بمبادرة الرئيس نبيه بري التي تنص على تشكيل حكومة من 24 وزيرا وعلى ايجاد حل لحقيبتي الداخلية والعدل لانهاء الازمة الحكومية. من هنا، سيسعى الرئيس بري قدر المستطاع الى ترطيب اجواء جلسة اليوم وتفادي انفجار الاوضاع سياسيا في البرلمان، فلا تصل الامور الى تصعيد طائفي وسجالات حول صلاحيات كل من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء. انما في الوقت ذاته، اشارت هذه الاوساط الى انه يتم التنسيق بين مصر وفرنسا حول المأزق اللبناني لافتة انه بعد التطورات في غزة والتي اظهرت ان الولايات المتحدة لا تريد التصعيد في المنطقة، كثفت مصر التواصل مع السعودية لتخفيض الضغط في لبنان والتشجيع على مد اليد الى الرئيس المكلف، ذلك ان القاهرة لا تريد اعتذار الحريري باي شكل من الاشكال.

 

وانطلاقا من ذلك، يرى ايضا الفرنسيون ان الاولوية هو تشكيل حكومة وتأييد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط لتاليف حكومة تكنوسياسية خير دليل على ان فرنسا تشدد اولا على ولادة الحكومة. كما ان كلام جنبلاط للحريري بأن عليه تشكيل حكومة اولا ومن ثم حل مشكلته مع السعودية يعكس التوجه الجديد للفرنسيين حيال لبنان.

رئيس الجمهورية سيتخذ خطوات اخرى اذا لم يتم التجاوب مع رسالته

 

في غضون ذلك، كشفت مصادر مطلعة ان الرئيس عون سيتطرق الى خطوات اخرى في حال لم يتم الوصول الى نتيجة بعد توجيه رسالة الى المجلس النيابي حول الازمة الحكومية، عندها قد يكون الخيار الثاني هو استقالة نواب تكتل لبنان القوي من البرلمان وهذا سيكون ضربة قوية للفريق الاخر المعارض للعهد. وفي هذا المجال، اعتبرت المصادر ان البعض وضع هذا الكلام في خانة التهويل في حين رأى البعض الاخر ان الرئيس عون وبعد ان شهد على سعي افرقاء سياسيين الى اسقاط عهده وخاصة في السنتين الاخيرتين منه فهو لن يبقى مكتوف اليدين وسيتجه الى سياسة «عليّ وعلى اعدائي». وهذا الطرح الاخير قد يتحول من كلام الى فعل لمواجهة اخصامه السياسيين الذين يريدون الفراغ الحكومي.

قوة لبنان بالحياد ام بمقاومته؟

 

على صعيد اخر، يعود الحوار الى ان قوة لبنان بحياده على غرار قوة لبنان بضعفه يوم اطلقها مؤسس حزب الكتائب بيار جميل علما ان الاحداث عبر التاريخ برهنت ان هذه المعادلة خاطئة فلا ضعف لبنان ولا حياده اديا الى حمايته من اطماع ومخططات الدول الخبيثة تجاهه بل اظهرت الايام ان معادلة قوة لبنان بمقاومته هي الوحيدة القادرة على درء اي خطر عن الوطن وعن الشعب اللبناني اضافة الى انها الحصن المنيع امام اي متطاول على سيادة لبنان واستقلاله.

القوات اللبنانية: الوطني الحر يستغل النزوح السوري لغاية سياسية مكشوفة

 

الى ذلك، اكدت القوات اللبنانية انها لم تكن يوما معارضة لعودة النازحين السوريين الى بلادهم واقدمت على عدة مبادرات على هذا المستوى وكانت من شقين. الشق الاول عودة النازحين السوريين المؤيدين للرئيس بشار الاسد فورا الى سوريا. وهنا قالت مصادر القوات اللبنانية ان موقفها نابع من القانون الدولي الذي يقول ان اي لاجئ هرب من بطش نظام لم يعد يشكل تهديدا له عليه ان يعود الى اراضيه. والشق الثاني ان القوات طالبت موسكو باقامة منطقة عازلة من الجهة السورية ينقل اليها المعارضين السوريين للنظام بانتظار الحل السوري للحرب.

 

وشددت مصادر القوات اللبنانية ان موقف حزبها ثابت حول النزوح السوري في حين هناك فريق اخر يستغل ويستثمر ملف النازحين السوريين للاسف لغايات سياسية مكشوفة ولاهداف داخلية شعبوية. وهذا الفريق هو من يبدل موقفه في تعامله مع ملف النازحين السوريين على قاعدة صيف وشتاء تحت سقف واحد حيث يدافع عن حق النازحين بالتصويت علما ان لا حق لهم بالاقتراع بما ان النازحين يتمتعون بحقوق انسانية وليس سياسية اضافة الى انه يؤيد تصويت المؤيدين للنظام السوري ولا يعترض على بقائهم في لبنان في حين يطالب بعودة النازحين السوريين المعارضين للنظام السوري الى بلدهم.

 

وحملت القوات اللبنانية التيار الوطني الحر والاكثرية الحاكمة في الحكومة عام 2011 الى عام 2014 للدخول العشوائي للنازحين السوريين الى لبنان مذكرة ان القوات طلبت بتنظيم دخولهم عبر مخيمات على الحدود الا ان الفريق الاخر رفض هذا الاقتراح.

 

وفي السياق ذاته، شددت القوات اللبنانية على ضرورة عودة النازحين السوريين الى بلادهم خاصة ان الوضع اللبناني الاقتصادي والمالي لم يعد يتحمل استمرار وجود عدد كبير من النازحين خاصة المؤيدين للرئيس الاسد والذي لا يشكل اي خطر عليهم. وطالبت المجتمع الدولي ان يتحرك ليس فقط في الدفع نحو تشكيل حكومة انما ايضا لاقامة منطقة عازلة داخل الاراضي السورية لنقل النازحين اليها.

 

على صعيد اخر، وحول رسالة رئيس الجمهورية الى المجلس النيابي، رأت القوات اللبنانية ان الانقسام الجاري ليس من طبيعة طائفية او دستورية بل الازمة هي مالية واقتصادية ومعيشية وبالتالي يجب حل هذه الازمة ليس عن طريق افتعال ازمات دستورية وطائفية غير موجودة بل عبر الذهاب الى انتخابات نيابية تعيد انتاج سلطة جديدة. واعتبرت القوات ان دون تجديد السلطة ستنزلق الامور من السيىء الى الاسوأ.

الاشتراكي: هناك ذهنية عند اغلبية الاحزاب ترتكز على الربح والخسارة وهذا مؤسف

 

من جهته، قال امين السر في الحزب التقدمي الاشتراكي ظافر ناصر ان النائب وليد جنبلاط اعتبر ان قول رئيس الجمهورية انه لن يكون لديه الثلث المعطل فضلا عن طرح بري التوسع الى 24 وزيراً انه حل يشكل ارضية للتفاهم بين عون والحريري. وبالتالي يرى جنبلاط ان التسوية تقضي بتقديم الطرفين تنازلات للتوصل الى تسوية وان يخطو عون والحريري خطوات الى الامام لحل الازمة. واشار ناصر الى ان كلام رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي لا يصب في خانة استرضاء العهد او معارضة الحريري بل كل ما يهمه ايقاف الانهيار الذي يشهده لبنان. واضاف ان توجه جنبلاط السياسي يرتكز على الاخذ بالاعتبار الواقع المعيشي والاجتماعي والاقتصادي والمالي السيء متوجها بشكل واضح للجميع بان لا يراهن احدا على ان الدول الخارجية ستأتي بحل تنهي الازمة اللبنانية اذا لم نساعد انفسنا اولا في هذا المجال. واعرب امين سر الحزب التقدمي الاشتراكي عن اسفه لعدم تقبل معظم الاطراف السياسية اي طرح موضوعي كاشفا ان هناك ذهنية عند غالبية هذه الاطراف تعتمد على حسابات الربح والخسارة وعلى المعايير التقليدية وعلى من يحقق مكاسب سياسية اكثر وعلى حسابات انتخابية ورئاسية.

 

انطلاقا من ذلك، قال جنبلاط للاغلبية ان هذه الحسابات اليوم غير واقعية وليست في مكانها بل الاولوية هي تشكيل الحكومة لمعالجة الازمة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.

 

 

***********************************************************************

 

افتتاحية صحيفة الشرق

 

مصر تؤيد مبادرة بري الحكومية: الحل بالدستور

 

لعبةُ حرق الوقت القليل الباقي من عمر البلاد، ومعه أعصاب العباد، مستمرّة على يد المنظومة الحاكمة. فإلى كون الرسالة التي وجّهها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى مجلس النواب، لن تتمكّن من فتح اي ثغرة في جدار التشكيل السميك، بل قد تضيف حجرا جديدا اليه، فإن البرلمان اكتفى اليوم بتلاوتها وأرجأ مناقشتها الى الغد، ربما لعلم رئيسه نبيه بري، ان الكلمات التي سيقولها فريقا النزاع الحكومي – عنينا التيار الوطني الحر وتيار المستقبل – قد تجعلان التأليف مهمّة مستحيلة. وعليه، سيسعى «الاستيذ» في الساعات القليلة المقبلة الفاصلة عن جلسة السبت، الى تبريد الاجواء والنفوس، فتمرّ بأٌقل الاضرار.

 

لا سلام ولا كلام

 

عقدت عند الثانية من بعد الظهر في قصر اليونيسكو جلسة «خاطفة» لمجلس النواب لتلاوة الرسالة التي وجهها الرئيس عون الى البرلمان حول التأخّر الحاصل في عملية تشكيل الحكومة. ولم يكد امين عام مجلس النواب عدنان ضاهر، ينهي تلاوة الرسالة، حتى رفع بري الجلسة الى الثانية من بعد ظهر اليوم السبت، لمناقشتها، الموقف الذي فاجأ نوابَ التيار الوطني الحر الذين كانوا يصرون على «النقاش امس». وفيما حضر الرئيس المكلّف سعد الحريري ورئيس التيار «الوطنيّ الحرّ» جبران باسيل الجلسة، ولم يكن سلام او كلام بينهما، سُجّل لقاء بين بري والحريري.

 

تبريد.. فموقف

 

في المواقف، اكد معاون الرئيس بري، النائب علي حسن خليل ان «اتصالات التهدئة لم تفشل»، متوقّعا «صدور موقف من مجلس النواب اليوم وليس قرار او توصية». من جانبه، قال عضو كتلة المستقبل النائب محمد الحجار  ستكون هناك كلمة للحريري، ورئيسُ مجلس النواب يلعب دور الاطفائي ودوراً مهماً في احتواء التشنّج والتعنت من قبل فريق رئيس الجمهورية. وما حصل اليوم هو في صلب النظام الداخلي للمجلس».

 

مصر تؤيد بري

 

حكوميا ايضا، تبلّغ رئيس مجلس النواب تأييدَ مصر لمبادرته لحل الازمة الحكومية وذلك خلال استقباله في عين التينة، سفيرَ مصر ياسر علوي الذي قال بعد اللقاء «كما تعرفون الرئيس بري هو العنوان الضروري والممر الالزامي للخروج من أي مأزق كبر أو صغر في لبنان، وهو الممر الاساسي للحلول ولديه القدرة على احتواء الازمات وايجاد المخارج منها، وصيانة الدستور الذي هو الشرط الضروري للخروج من هذه الازمة». أضاف «بالدستور ومراعاة التقاليد الدستورية لهذا البلد العريق وبحكمة الرئيس بري وسائر القادة الملتزمين الدستور والاصول الدستورية، وكلنا ثقة بأن لبنان سيخرج من هذه الازمة وستتألف الحكومة وفقا للاصول الدستورية، بطريقة تسمح ان يكون هناك طرف محاور للمجتمع العربي والدولي، كي يستأنف الدعم لهذا البلد للوصول الى المستقبل الذي يليق بهذا البلد والذي يستحقه لبنان الراسخ الذي أسهم في الحضارة العربية فهو لا يستحق ان يترك انما يستحق الوقوف الى جانبه». وتابع «نجدد تأييدنا المبادرة التي تقدم بها الرئيس بري والتي أيدها وزير خارجية جمهورية مصر العربية سامح شكري في زيارته الاخيرة الى لبنان. أنا هنا اليوم لأجدد تأييدنا هذه المبادرة لحل الازمة الحكومية ونتمنى أن تتألف وفقها الحكومة في أقرب وقت ممكن، لكي يتسنى العمل الفوري للمهمة الانقاذية بكل الدعم العربي وقد أكدت لدولة الرئيس على تجديد دعم مصر المستمر لجهوده لتأليف هذه الحكومة، وفقا للاصول الدستورية وبما يحفظ الاستقرار لهذا البلد ويجنبه أي منزلقات غير دستورية أو أي مساس باستقراره».

 

جنبلاط للتسوية

 

في الغضون، «المختارة» على دعوتها الى «تسوية» للخروج من المأزق السياسي. في السياق، نفى عضو اللقاء الديموقراطي النائب هادي أبو الحسن في حديث اذاعي «تصويبَ رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط على الرئيس الحريري فقط»، مشيرا الى ان «المسؤولية تترتب على كل المعنيين، وبالتالي نحن أمام معضلة حقيقية، فهناك تكليف للحريري، ودستوريا لا يمكننا سحب هذا التكليف». وأشار الى أن «جنبلاط إعتبر أن الخلاف تم حصره بوزارة أو وزارتين، وليس الاشكال مرتبطا بـ»حزب الله» أو بالتطورات الإقليمية، والمرحلة لا تحتمل ان نتمسك بمكتسبات حزبية على حساب مصلحة الوطن، ونحن محكومون بالتسوية». بدوره، اوضح زميله النائب بلال عبدالله ان «كلام جنبلاط بالأمس هدفه حثّ الحريري على إجراء تسوية لتشكيل الحكومة».

 

شيا عند عكر

 

على صعيد آخر، وغداة تعيينها في منصبها الجديد اثر تنحية الوزير شربل وهبة، عرضت نائبة رئيس مجلس الوزراء وزيرة الدفاع الوطني  والخارجية والمغتربين بالوكالة في حكومة تصريف الأعمال زينة عكر، الأوضاع العامة والتطورات في لبنان والمنطقة مع السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا التي زارت اليرزة يرافقها نائب رئيس البعثة الديبلوماسية الاميركية الجديد ريتشارد مايكلز، وذلك في زيارة تعارف لمناسبة توليه مهامه الجديدة في لبنان.

 

ارتياح مالي

 

معيشيا، وبينما تعدّ القطاعات العمالية والنقابية العدة لتحركات تصعيدية احتجاجا على تردي الاوضاع الاقتصادية والمعيشية، انعكس إعلان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عن تسعير الدولار بـ١٢ألف ليرة عبر المنصّة الإلكترونية «صيرفة»، «ارتياحاً كبيراً لدى مختلف الأوساط المالية والمصرفية والاقتصادية وحتى السياسية، كون هذا الإعلان يصبّ في ضبط السوق القطع المتفلتة من أي ضوابط تتحكّم بها مواقع إلكترونية محلية وخارجية»، بحسب مصادر مصرفية لـ»المركزية».

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram