افتتاحية صحيفة البناء :
تظاهرات بالملايين في استفتاء عربيّ وعالميّ لفلسطين… أهمها عمّان ونيويورك / يوم الهاون والانتفاضة الشامل… ووقف النار بين الموقف الأميركيّ وموقع القدس / "زلة وهبة" تطرح التكليف بالوكالة… ورسالة عون تنقل الحلبة الحكوميّة إلى المجلس /
في مشهد يزداد زخماً، تكاملت التظاهرات الشعبية الحاشدة في عواصم البلاد العربية ودول العالم، كان أبرزها مشهد كل من العاصمة الأردنيّة عمان ومدينة نيويورك الأميركية، مع الصمود الممزوج بدماء الشهداء لغزة تحت حرب الإبادة التي يشنّها جيش الاحتلال، فيما خرجت الضفة بشيبها وشبابها تنتفض وتواجه الاحتلال وتقدّم الشهداء والجرحى، والتقت ثورة الأراضي المحتلة عام 48 مع انتفاضة الضفة مدناً وبلدات وقرى ومخيّمات، ومواجهات القدس خصوصاً في حي الشيخ جراح، بينما كانت الصواريخ تقصف العمق وتحصد القتلى والجرحى، وشكلت قذائف الهاون حدث اليوم عسكرياً، باستهداف المواقع الكبرى لجيش الاحتلال خصوصاً في شمال غزة، لكن السياسة بقيت معلّقة على حبال الانتظار في اختبار قدرتها على استيلاد وقف للنار وسط شلل لمجلس الأمن الدولي بقرار أميركيّ معلن بمنح بنيامين نتنياهو المزيد من الوقت لتحقيق إنجاز عسكريّ يتمثل بإغتيال أحد القادة الكبار لحركات المقاومة يتيح إعلان وقف الحرب، كما قالت مصادر في قوى المقاومة داخل غزة، بينما لا يزال نتنياهو المتماهي مع مشروع الاستيطان والتطرف اليمينيّ، وفقاً للمصادر، عاجزاً عن تقبل ربط وقف النار بتجميد عمليات التهويد في القدس، وبصورة مباشرة الالتزام بحرمة المسجد الأقصى وتجميد إجراءات التهجير بحق العائلات المقدسيّة.
لبنانياً، احتلت ردود الأفعال على كلام وزير الخارجية شربل وهبة حول السعودية المشهد النهاريّ، بين مستنكر ومستثمر ومدافع ومتبرّئ، بحيث بدت ما عرفت بـ "زلة وهبة" سبباً للمزيد من التأزم الداخلي والتصعيد في العلاقات اللبنانية الخليجية، رغم الإعلان الصادر عن وهبة بالاعتذار عما تضمنه كلامه وإعلان بعبدا التبرؤ من كلام وهبة، ما طرح في التداول إمكانية تعيين وزير خارجية بالوكالة، يتولى تصريف الأعمال بدلاً من وهبة للحؤول دون قطيعة دبلوماسيّة مع السعودية والإمارات اللتين ترفضان استئناف التعامل مع وهبة. وطرح في هذا السياق احتمال تكليف وزيرة العدل في الحكومة المستقيلة كوزيرة خارجية بالوكالة تتولّى تصريف الأعمال في وزارة الخارجية.
ليلاً، جاءت رسالة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الموجّهة الى مجلس النواب بالدعوة لمناقشة المأزق الحكومي، فخطفت الأضواء لجهة معرفة مصيرها في المجلس النيابي من جهة، وتأثيرها على العلاقات السياسية من جهة موازية، فالرسالة تترجم حقاً دستورياً لرئيس الجمهورية بمخاطبة مجلس النواب عندماً يرغب، لكن موضوع الرسالة يتصل بمسألة حساسة هي العلاقة بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، سواء قبل التأليف أو بعده، في ظل تقاذف الرئاستين كرة المسؤولية عن الفشل الحكومي، بينما تقول مصادر متابعة للملف إن مجلس النواب لن يدخل في القضايا التي وردت في السردية الرئاسية للأزمة الحكوميّة باعتبار أن الدستور يلزم الرئيسين بالتعاون لاستيلاد الحكومة، والتعاون عملية إيجابية بحثاً عن التفاهم ولا يمكن للمجلس النيابي القبول بتحويله منصة لنقل المسؤولية من الرئاستين الى مجلس النواب، كما تقول المصادر. وترجّح المصادر أن يخرج المجلس بتوصية للرئاستين بالتأكيد على شراكتهما في صلاحيّة تأليف الحكومة، ومنها شراكتهما في تحمّل المسؤولية.
فيما كان الاهتمام الداخلي منصبّاً على كيفية مواجهة مرحلة ما بعد رفع الدعم عن السلع والمواد الأساسية وما سيرتّبه لجهة تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية وعلى التداعيات المحتملة لما يجري في فلسطين المحتلة على الداخل اللبناني والمنطقة ككل، خطفت الأزمة بين لبنان ودول الخليج الأضواء بعد الكلام الذي صدر من وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبة بحق السعودية ودول الخليج.
وفيما استبق لبنان التصعيد الخليجي بمواقف من رئيسي الجمهورية ميشال عون وحكومة تصريف الأعمال حسان دياب تبرأت من كلام وهبة الذي أعلن بدوره أنه لم يقصد الإساءة للمملكة ولدول الخليج، استنفرت دول الخليج ديبلوماسياً وإعلامياً واتخذت جملة مواقف وخطوات ضد لبنان رفضاً للإساءة إليها. واستدعت وزارة الخارجية السعودية السفير اللبناني في المملكة وسلّمته مذكرة احتجاج على تصريحات وهبة، وأكدت أنها "تتنافى مع أبسط الأعراف الدبلوماسية". كما استدعت وزارة الخارجية الإماراتية السفير اللبناني في بلادها. وطالب مجلس التعاون الخليجي لبنان بتقديم اعتذار رسميّ لدول الخليج، بحسب ما أفادت وكالة سكاي نيوز. وأشارت المعلومات إلى أن "الشرط الوحيد الذي يقبل به الجانب السعوديّ لإقفال الأزمة الحالية الناجمة عما أدلى به وهبة، هو زيارة يقوم بها الأخير الى السفارة السعودية في بيروت وتقديمه الاعتذار الى المملكة ومجلس التعاون الخليجي مجتمعاً، وعلى هذا الأساس تطوى الأزمة الحالية ومفاعيلها".
وفيما انقسم اللبنانيون على مواقع التواصل الاجتماعي بين مستنكر لكلام وهبة وأخرى مؤيدة ومستنكرة لردة فعل السعودية والخليجية وللتهديدات التي يطلقها بعض الإعلاميين ورواد مواقع التواصل الاجتماعي المحسوبين عليها بأن دول التعاون بصدد اتخاذ إجراءات قاسية بحق لبنان ومنها ترحيل اللبنانيين العاملين في الخليج، نفت مصادر مطلعة لـ"البناء" هذه المعلومات، لافتة إلى أن "الأمور لن تصل إلى هذه الدرجة ولا تستأهل معاقبة جميع اللبنانيين على خطأ ارتكبه وزير مهما علا شأنه". ورجّحت المصادر أن يقتصر الأمر على تصعيد ديبلوماسي متدرّج من بعث الرسائل الشديدة اللهجة إلى الدولة اللبنانية وصولاً إلى طرد السفراء اللبنانيين من دول الخليج كأقصى حدّ إلا إذا قدّم وزير الخارجية اللبناني اعتذاره رسمياً".
وكانت رئاسة الجمهورية سارعت الى التبرّؤ من كلام وهبة واعتبرت في بيان أن "ما صدر عن وهبة من مواقف يعبر عن رأيه الشخصي ولا يعكس موقف الدولة ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون". وأكدت الرئاسة "عمق العلاقات الأخوية بين لبنان ودول الخليج الشقيقة وحرصها على استمرار هذه العلاقات وتعزيزها في المجالات كافة، وحرص رئيس الجمهورية على رفض ما يسيء الى الدول الشقيقة والصديقة عموماً، والسعودية ودول الخليج خصوصاً".
بدوره أجرى الرئيس دياب اتصالاً هاتفياً بالوزير وهبه لاستيضاحه حيثيات المواقف التي أدلى بها، وأكد دياب "حرصه على أفضل العلاقات مع السعودية ودول الخليج ومع كل الدول الشقيقة والصديقة، وعدم الإساءة إليها". ودعا إلى تجاوز ما حصل والعودة إلى أفضل العلاقات مع الأشقاء والأصدقاء.
وكان وهبة أوضح في بيان أنه لم يقصد الإساءة إلى "أي من الدول أو الشعوب العربية الشقيقة التي لم تتوقف جهودي لتحسين وتطوير العلاقات معها لما فيه الخير والمصلحة المشتركين ودوماً على قاعدة الاحترام المتبادل. وجل من لا يخطئ في هذه الغابة من الأغصان المتشابكة".
وعلى الرغم من المواقف اللبنانية الرسمية المستنكرة لكلام وهبة، إلا أن بعض الجهات السياسية ووسائل الإعلام المحسوبة عليها استمرّت في صب الزيت على النار وتحريض السعودية ودول الخليج على لبنان لأهداف سياسيّة مشبوهة، وفي سياق ذلك، أكد تكتل "لبنان القوي" خلال اجتماعه الدوري برئاسة النائب جبران باسيل في مقره في سن الفيل "تمسُكه بعلاقات الأخوّة والصداقة والاحترام بين لبنان ودول مجلس التعاون الخليجي شعوبًا وقيادات، ويرفض أي كلام مسيء تحاول بعض الأحزاب اللبنانية استغلاله لتحقيق مكاسب سياسيّة بغية افتعال أزمة بين لبنان ودول الخليج تُخرج تلك الأحزاب من أزماتها"، في إشارة الى تيار المستقبل والقوات اللبنانية.
وخرق الجمود الحكومي السائد رسالة وجّهها رئيس الجمهورية إلى الأمانة العامة لمجلس النواب تطرح مسألة الوقت المُتاح أمام رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري لتشكيل الحكومة. وأشارت مصادر مقرّبة من عين التينة لـ"البناء" إلى أن "الرئيس بري سيدعو الى جلسة نيابية لمناقشة الرسالة خلال ثلاثة أيام من تسلّم الرسالة، مرجّحة انعقادها يوم الجمعة بحسب المادة 145 من النظام الداخلي لمجلس النواب". إلا أن أوساطاً نيابية أشارت لـ"البناء" إلى احتمال بألا تنعقد الجلسة اذا لم تتوفر الميثاقية في حال قاطع المكوّن السني النيابي الأكبر الجلسة أي تيار المستقبل اضافة الى احتمال مقاطعة كتلة اللقاء الديمقراطي. ولم تعوّل الأوساط على أهمية أي توصية أو موقف أو قرار يصدره المجلس حيث يبقى غير ملزم. كما استبعدت أن يوصي المجلس الرئيس المكلف بتأليف الحكومة أو الاعتذار.
وأوضح الخبير الدستوري الدكتور عادل يمين لـ"البناء" أن "رئيس الجمهورية بادر بوصفه مؤتمناً على الدستور ورئيساً للجمهورية ورئيساً للدولة إلى توجيه رسالة إلى مجلس النواب بواسطة رئيسه استناداً إلى الفقرة 10 من المادة 53 من الدستور عرض فيها مآل التأليف وأسباب الانسداد القائم. وعليه، وعملاً بأحكام الفقرة الثالثة من المادة 145 من النظام الداخلي للمجلس النيابي، على رئيس مجلس النواب أن يدعو البرلمان للانعقاد خلال ثلاثة أيام لمناقشة مضمون الرسالة، واتخاذ الموقف أو الإجراء أو القرار المناسب". ولكنّ هذه الفقرة بحسب يمين "لا تحدّد ماهية الموقف أو الإجراء أو القرار المناسب، إلّا أنّه من الممكن الافتراض أنّ باستطاعة البرلمان أن يصدر موقفاً يدعو فيه رئيس الحكومة المكلّف إلى التسليم بشراكة رئيس الجمهورية في تأليف الحكومة التزاماً بمقتضيات الدستور ومراعاة موجبات الميثاقية وعدالة التمثيل وتوزيع الحقائب والمعايير الواحدة في مساعيه واقتراحاته لتأليف الحكومة، أو أن يصدر موقفاً يتمنى فيه على رئيس الجمهورية إجراء مشاورات مع السادة النواب حول مصير التكليف، كما ليس من نصّ يمنع على مجلس النواب إصدار موقف يدعو فيه رئيس الحكومة المكلّف إلى الاعتذار عن المهمة".
في المقابل ردّ الحريري في بيان معتبراً أن "رسالة رئيس الجمهورية إلى مجلس النواب إمعان في سياسة قلب الحقائق والهروب الى الأمام والتغطية على الفضيحة الدبلوماسية العنصرية لوزير خارجية العهد تجاه الأشقاء في الخليج العربي"، مضيفاً: "للحديث صلة في البرلمان".
وفيما علمت "البناء" أن الحريري سيقطع إجازته في الإمارات ويعود إلى بيروت للمشاركة في الجلسة النيابية ويقتنص الفرصة للخروج عن صمته وإعلان موقفه من الملف الحكوميّ، أشار نائب رئيس تيار المستقبل الدكتور مصطفى علوش لـ"البناء" إلى أن "الرئيس الحريري ونواب كتلة المستقبل سيناقشون رسالة رئيس الجمهورية في مجلس النواب وسيعلنون موقفهم منها". وتساءل علوش ماذا لو قرّر مجلس النواب دعوة رئيس الجمهورية لتسهيل التأليف والتجاوب مع التشكيلة التي قدمها الرئيس المكلف؟ هل سيلتزم عون؟ وأكد علوش أن "الحريري سيكون له موقف واضح في إطار الدستور ولن يخرج عن التقاليد الدستورية كما يفعل الآخرون". ولفت علوش إلى أن "رئيس الجمهورية يقارب موضوع تأليف الحكومة من ناحية تقليدية، فالمجلس النيابي هو الذي يختار الرئيس المكلف ودور رئيس الجمهورية تسهيل التأليف وليس عرقلته والاستحواذ على صلاحيات لم يمنحه إياها الدستور كالتدخل في عملية التأليف".
وأوضح أن "الاعتذار كان وارداً عند الحريري الأسبوع الماضي، لكن تغير الوضع الآن، وبعد نقاش طويل تبين لنا أن الاعتذار ليس حلاً عملياً للأزمة الحكومية ولن ينتج حكومة بل سيفاقم الأزمة ويفتح الباب أمام إشكالات سياسية ودستورية بغنى عنها".
وعن خيار الحريري إذا ما طال أمد التأليف لأشهر إضافية ألمح علوش إلى أن "الحريري سيتمسك بالتكليف كما يتمسك عون برئاسة الجمهورية"، مضيفاً "موقع رئاسة الحكومة كما رئاسة الجمهورية فالحل أن يقبل عون بتشكيلة الحريري أو سيبقى الفراغ إلى أجل غير مسمّى".
في المقابل دعا تكتل لبنان القوي إلى "التعاطي بمسؤولية مع الكتاب الذي وجّهه رئيس الجمهورية إلى المجلس النيابي، حرصاً على إيجاد مخرج لأزمة النظام التي نعيشها، ومن ضمنها أزمة تأليف الحكومة، وأن هذا الكتاب هو فرصة إما لحسم قرار التأليف، وإما لاعطاء مهلة مقبولة لرئيس الحكومة بالتشكيل وفقاً لاقتراح تعديل الدستور الذي سبق للتكتل أن رفعه الى مجلس النواب قبل أشهر".
في غضون ذلك، تبلغ رئيس الجمهورية دعم نظيره الروسي فلاديمير بوتين ووقوف بلاده الى جانب لبنان.
موقف بوتين نقله الى عون سفير الاتحاد الروسي في لبنان الكسندر روداكوف الذي التقاه في قصر بعبدا بحضور مستشاره للشؤون الروسية النائب السابق امل أبو زيد. وبعد اللقاء، قال السفير روداكوف "نقلت الى رئيس الجمهورية رسالة شفوية من الرئيس فلاديمير بوتين عبر فيها عن دعم روسيا للبنان ووقوفها الى جانبه اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وصحياً". أضاف "أكدنا أيضاً خلال اللقاء على الموقف الروسي المبدئي من الأوضاع في لبنان، والذي يدعو الى ضرورة تشكيل حكومة في أقرب وقت ممكن، وستكون روسيا بعد ذلك على استعداد للتعاون مع الجمهورية اللبنانية في مختلف المجالات بما في ذلك الاقتصاد والصحة والتعليم وغيره".
وشدّد رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية بعد لقائه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي على أننا "نعيش عصر النكايات والكيدية وليس عصر التسويات فيما نحن في حاجة لإيجاد دولة، وأن المرحلة ليست مرحلة الاشتباك إنما مرحلة الجلوس معاً لنجد حلاً لبلدنا ولكن أن نجلس معاً بات إنجازاً". وأضاف "خائفون على لبنان والوضع لا يطمئن، لن نحمّل المسؤولية لأحد فكل منا يتحمل مسؤولية وطنية في التنازل لنصل إلى تسوية".
ولم تحجب الأحداث الداخلية الضوء عن التوتر الأمني التي تشهده المنطقة الحدودية مع فلسطين المحتلة بين المتظاهرين دعماً للشعب الفلسطيني وبين قوات الاحتلال الإسرائيلي.
وعمد المتظاهرون في العديسة الى رشق الحجارة على قوات الاحتلال المتمركزة في مواقعها عند الحدود اللبنانية الفلسطينية بالحجارة ما دفع بالجيش اللبناني وقوات اليونيفيل الى تنفيذ انتشار واسع لضبط الوضع وسط استنفار إسرائيلي مقابل عند الحدود.
وكان الناطق الرسمي باسم قوات "اليونيفيل"، أندريا تينيتي، أعلن عن سقوط صواريخ من جنوب لبنان على الأراضي المحتلة ورد العدو الإسرائيلي بقذائف على مصادر الصواريخ. ولفت إلى أن "قوات اليونيفيل تعمل بالتنسيق مع الجيش اللبناني على تعزيز السيطرة الأمنية في المنطقة وتكثيف الدوريات لمنع وقوع أي حوادث أخرى تهدد سلامة السكان المحليين وأمن جنوب لبنان
**********************************************************************
افتتاحية صحيفة الأخبار :
لبنان يركع لآل سعود
قُضي الأمر، وقرر لبنان الرسمي الركوع أمام السعودية، طلباً للغفران. أخطأ وزير الخارجية شربل وهبة في مقابلته الأخيرة، ليل أول من أمس، مع قناة "الحرة" الأميركية. الخطأ المرتكب هو في حق لبنان أولاً. مشاركته في المقابلة، ليساجل شخصيات لا صفة سياسية حكومية لها، هو خطأ بحق موقعه الوزاري. وخطأه الأكبر كان في تفوّهه بكلام عنصري ضد أبناء الجزيرة العربية، وسائر العشائر العربية والبدو، عبر استخدام الكلمة الأخيرة كشتيمة للحطّ من قدر مُساجله. أما في السياسة، فكان وهبة شجاعاً في دفاعه عن رئيس الجمهورية، وعن المقاومة، كما في تحميله دول الخليج (السعودية وقطر تحديداً)، من دون أن يسمّيهما، مسؤولية إنشاء تنظيم "داعش" وتمويله. هذه حقيقة نطق بها. لكنه في الحديث عن "داعش"، كما في تحميله الرياض مسؤولية قتل جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول، كان يتصرّف كمعلّق سياسي لا كرئيس لدبلوماسية دولة ليس هذا موقفها الرسمي. يُضاف إلى ذلك أنه قال ما قال، فيما رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، يسعيان إلى ترتيب علاقاتهما بالسعودية.
حسناً، أخطأ شربل وهبة. أخطأ، لفظياً، بحق دولة سبق أن ارتكبت، عام 2017، لا منذ عقود، جريمة خطف رئيس حكومة لبنان، واعتقاله وإذلاله وإجباره على الاستقالة. ولم تتراجع عن جريمتها إلا بعد موقف لبناني رسمي صارم، ومواقف إقليمية ودولية أجبرتها على التراجع. وحتى اليوم، لم تعتذر، ولا طلب منها لبنان الاعتذار.. ولا حتى التوضيح.
السعودية (جرّت خلفها باقي دول الخليج) استدعت السفير اللبناني لدى الرياض، فوزي كبارة، لتسلّمه مذكّرة احتجاج شديدة اللهجة، طالبة القيام بما يلزم لتصحيح الأمور. ونطق سفيرها في بيروت، وليد البخاري، باسم مجلس التعاون الخليجي، ليطلب من وزير الخارجية اللبناني اعتذاراً رسمياً من دول المجلس.
الوزير وهبة كان قد أصدر بياناً اعتذر فيه عن "بعض العبارات غير المناسبة التي صدرت مني في معرض الدفاع عن فخامة رئيس الجمهورية". وأكّد أنه لم يكن يقصد الإساءة إلى "أي من الدول أو الشعوب العربية".
في أيّ نموذج من العلاقات بين دولتين، يمكن لحدث مشابه أن يُعدّ أزمة دبلوماسية عادية تُعالج بالطرق الرسمية المعتادة. وأول العلاج الاعتذار العلني الذي أصدره الوزير. لكن، بدا واضحاً منذ اللحظة الأولى أن الرياض تريد استغلال ما جرى بهدف إذلال لبنان. جوقة المطبّلين للمملكة زايدوا عليها حتى كادوا يعلنون الحرب على لبنان. والمفارقة أنّ غالبيتهم العظمى لهم تاريخ من التعامل الذيلي مع دول الخليج، إلى حدّ أنهم إما شاركوا السعودية عام 2017 مؤامرتها على رئيس الحكومة اللبنانية، وإما أنهم صفّقوا لها، وفي أحسن الأحوال، لاذوا بالصمت. لكنهم، وزملاءهم المنضمّين إليهم حديثاً، وعلى رأسهم المحرَّر من الريتز سعد الحريري، تعاملوا مع تصريح وهبة كما لو أنه لا سابق له في تاريخ العلاقات الدولية، وأنه مبرّر لتشديد الحصار على لبنان وطرد اللبنانيين من الخليج. بعض وسائل الإعلام المموّلة من السعودية بشّرت منذ ليل أول من أمس بأن الرياض قد تقدم على إبعاد اللبنانيين الذين يعملون على أراضيها. مرة جديدة، يجري تثبيت صفة الرهائن على هؤلاء المغتربين، وهي الصفة التي تلازمهم منذ ستينيات القرن الماضي، أيام اختارت السعودية عدواً لها يُدعى جمال عبد الناصر، وأرادت من لبنان أن يصطفّ خلفها في مواجهة القائد العربي الأول.
السعودية، ومعها دول الخليج، رفضت اعتذار وهبة. طالبت بجولة إذعان وإذلال، على سفاراتها، يقدّم فيها اعتذاراً خطياً. رفض وهبة ذلك، وهو غير المتمسك أصلاً بوزارة ما كاد يدخلها حتى صارت تصرّف الأعمال في غياب فريق عمل واستراتيجية دولة.
الدولة اللبنانية قررت القيام بجولة الإذلال والإذعان، نيابة عن شربل وهبة. سريعاً بدأ البحث عن بديل له، ولو بإجراء غير دستوري: أن يعتزل العمل الوزاري، ليحلّ محله وزير الخارجية بالوكالة. لكن الوكالة بيد دميانوس قطار، الوزير الذي يرفضه رئيس الجمهورية واختلّت علاقته برئيس الحكومة حسان دياب مذ قرر أن يسبقه إلى الاستقالة. حسناً، فلتكن غادة شريم. رسا الخيار عليها، إلى أن أدخل التعديل ليلاً، واتفق الرئيسان على إسناد حقيبة الخارجية، بالوكالة، إلى الوزيرة زينة عكر.
هكذا، ببساطة شديدة، قرر لبنان الركوع للسعودية. مشكلة دبلوماسية يمكنها أن تكون عابرة، لكنه آثر الخضوع لاعتبارها "آخر الدنيا". طبعاً، لبنان ليس الولايات المتحدة الأميركية التي يهين رئيسها ملك السعودية ووليّ عهده مراراً وتكراراً، من دون أن تطلب منه ولو توضيحاً لكلامه. وليس المتوقع، تبعاً لموازين القوى، أن تكون بيروت كواشنطن. كان المطلوب، كل المطلوب، الحفاظ على ماء الوجه، ولو قليلاً. ربما من حظّ شربل وهبة السيئ أنه أخطأ في زمن التقارب العوني السعودي ــــ بُغضاً بسعد الحريري ــــ فكان أضحية العيد غير السعيد.
**********************************************************************
افتتاحية صحيفة النهار
عاصفة لبنانية خليجية… وهبه ينكفىء اليوم؟ العهد يهرب إلى التحريض على الحريري
مع ان مسيرة العهد الحالي اقترنت بمنظومة نمطية من الأخطاء الفادحة في السياسات الخارجية أسوة بالإخفاقات الهائلة الداخلية التي تشكل الحجم الأكبر من أسباب الانهيارات الحاصلة، الا ان انكشاف العهد لم يكن مرة فادحاً وصارخاً كما حصل امس في ما سمي عاصفة شربل وهبة التي دفعت لبنان الى السقطة الأخطر هذه المرة في ميزان تهديد مصالحه لدى المملكة العربية #السعودية وعبرها سائر الدول الخليجية. في الخلاصات المباشرة لعاصفة خطيرة بهذا الشكل، كان يفترض ان يكون الاجراء الفوري الذي يوازي الأذى الكبير الذي لحق بلبنان اقالة الوزير فورا، ولو كان يشغل منصباً وزارياً في طور تصريف الاعمال، ولكن الاجراء لم يتخذ بعد ولو ان معلومات اشارت الى توقع اتخاذ خطوة ما اليوم. وافيد ليلاً ان الزيارة المتوقعة للوزير وهبه الى السفارة السعودية باتت في حكم الملغاة بعد الاتفاق على ان يبلغ الرئيسين #ميشال عون وحسان دياب صباحا تنحيه عن المسؤولية، وجرى البحث ليلا عن وزير مسيحي يتولى المهمة اذ ان الوزير البديل في مرسوم الحكومة هو دميانوس قطار المعتكف منذ اعلانه الاستقالة. ولم يكن الحجم الاستثنائي للتنديد الداخلي بالإساءات غير المقبولة اطلاقا التي وجهها الى السعودية وشعبها وعبرها الدول الخليجية وزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال سوى الانعكاس الأكثر إبرازاً للدلالات المهمة جدا على خشية اللبنانيين بمعظم طوائفهم وفئاتهم وقياداتهم على ان تأتي السقطة الأخيرة بمثابة رصاصة الرحمة في رأس العلاقات اللبنانية السعودية التي تعرضت لهزات عنيفة ومتعاقبة خلال سنوات العهد الحالي بما لم يعرفه سابقاً، ولا في أي حقبة تاريخ هذه العلاقات العريقة والتاريخية. حتى ان بعض المعنيين دعا العهد تحديداً الى التعمق في قراءة دلالات أوسع موجة من ردود الفعل الداخلية المجمعة على التنديد بإساءات الوزير “المتقدم” في الصف العوني الى السعودية بالشكل المخزي الذي حصل والذي اساء اكثر الى صورة الديبلوماسية اللبنانية، واطلق وابل التعليقات اللاذعة على الوزير وعهده عبر وسائل التواصل الاجتماعي بما لم يسبق له ان حصل حيال أي حدث. واعتبر هؤلاء ان المروحة الواسعة للردود الغاضبة والمستنكرة لتصريحات الوزير والتي شملت معظم القيادات اللبنانية حتى من ضمن صفوف قوى لا تعد صديقة تقليدية للسعودية شكلت الرد اللبناني الحاسم قبل الرد السعودي على الإساءة ورسمت صورة بالغة السلبية للأثر السلبي الذي باتت تتسبب به منظومة العهد اللصيقة به حتى من وزرائه.
ولعل الأسوأ في هذا السياق ان انكشاف العهد نفسه جاء بعد سقطة وزير خارجيته مزدوجة: فمن جهة أراد العهد التذاكي والمناورة في الموقف حيال تداعيات السقطة فحاول رئيس الجمهورية ميشال عون ان يوزع موقفه الى نصفين الأول يتبنى فيه دفاع وهبة عن نفسه، والثاني يتنصل فيه هو نفسه من موقف وزيره، واخفق طبعا في إنجاح المحاولة. اما مفاجأته الفاشلة الأخرى فتمثلت اقله في سوء اختيار التوقيت لارسال رسالته الجديدة الى #مجلس النواب بواسطة رئيس المجلس نبيه بري ليحرض المجلس على الرئيس المكلف #سعد الحريري ويوحي له بنزع التكليف عنه. وبدا واضحا بما لا يحتاج الى تفسير ان عون حاول الهرب من تداعيات الانكشاف في الفضيحة الخليجية الطارئة فلجأ الى توقيت اعتقده ملائما لأخذ الأنظار الى مكان اخر ولكنه أيضا اخفق في ذلك.
ووسط أوسع موجة ردود فعل منددة بمواقف وزير الخارجية ومطالبات بإعفائه نهائيا من مهماته وايلاء الخارجية موقتا الى الوزير بالوكالة تبعا لمرسوم توزيع الوزارات بالوكالة عند غياب الوزراء الاصيلين، جاء الرد السعودي الأولي باستدعاء وزارة الخارجية السعودية السفير اللبناني في المملكة وتسليمه مذكرة احتجاج شديدة اللهجة. وجاء في بيان لوزارة الخارجية السعودية : “إشارة إلى التصريحات المسيئة لوزير خارجية الجمهورية اللبنانية في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبة خلال مقابلة تلفزيونية، والتي تطاول فيها على المملكة وشعبها،
فإن وزارة الخارجية إذ تعرب عن تنديدها واستنكارها الشديدين لما تضمنته تلك التصريحات من إساءات مشينة تجاه المملكة و شعبها ودول مجلس التعاون الخليجية الشقيقة، لتؤكد مجددًا على أن تلك التصريحات تتنافى مع أبسط الأعراف الدبلوماسية ولا تنسجم مع العلاقات التاريخية بين الشعبين الشقيقين. ونظرًا الى ما قد يترتب على تلك التصريحات المشينة من تبعات على العلاقات بين البلدين الشقيقين فقد استدعت الوزارة سعادة سفير الجمهورية اللبنانية لدى المملكة للإعراب عن رفض المملكة واستنكارها للإساءات الصادرة من وزير الخارجية اللبناني، وتم تسليمه مذكرة احتجاج رسمية بهذا الخصوص.”
ولكن ردود الفعل اتخذت دلالة بارزة جديدة مع مطالبة مجلس التعاون لدول الخليج العربية وزير الخارجية شربل وهبة، بإصدار اعتذار رسمي لها بسبب “إساءات غير مقبولة” خلال تصريحاته الأخيرة. وأعرب الأمين العام لمجلس التعاون نايف فلاح مبارك الحجرف، “عن رفض دول مجلس التعاون واستنكارها” لما ورد على لسان وهبة، خلال مقابلة تلفزيونية “وما ورد فيها من إساءات مشينة بحق دول مجلس التعاون الخليجي وشعوبها وكذلك الإساءة بحق المملكة العربية السعودية”.
وأكد الحجرف “المواقف الثابتة والراسخة التي قامت بها دول مجلس التعاون الخليجي لدعم الشعب اللبناني الشقيق، تلك المواقف والتي يشهد التاريخ لها والتي تهدف إلى سلامة لبنان دعم استقراره وأمنه، وأن تلك التصريحات تتنافى مع أبسط الأعراف الدبلوماسية ولا تنسجم مع العلاقات التاريخية بين دول المجلس ولبنان “.
وطالب وهبة “بتقديم اعتذار رسمي لدول مجلس التعاون الخليجي وشعوبها نظير ما بدر منه من إساءات غير مقبولة على الإطلاق”.
وبدورها أعربت وزارة الخارجية والتعاون الدولي في الإمارات العربية المتحدة عن “استنكارها واستهجانها الشديدين إزاء التصريحات المشينة والعنصرية التي أدلى بها معالي شربل وهبة وزير الخارجية بالجمهورية اللبنانية في حكومة تصريف الأعمال والتي أساءت إلى المملكة العربية السعودية الشقيقة ودول مجلس التعاون الخليجي”. واستدعت الوزارة سفير لبنان لدى الدولة وسلمته مذكرة احتجاج رسمية تستنكر فيها هذه التصريحات، مؤكدة أنها تتنافى مع الأعراف الديبلوماسية ولا تنسجم مع العلاقات التاريخية التي تجمع لبنان ودول مجلس التعاون الخليجي.
واعربت وزارة الخارجیة الكويتية عن استنكارها واستهجانها الشدیدین لما ورد من “إساءات بالغة” تجاه دول مجلس التعاون الخليجي وشعوبها.
وأوضحت الوزارة في بیان لها أن “نائب وزیر الخارجیة السفیر مجدي الظفیري استدعى القائم بأعمال سفارة الجمهوریة اللبنانیة الشقیقة هادي هاشم، وسلّمه مذكرة احتجاج رسمیة تضمنت استهجان واستنكار دولة الكویت لتلك الإساءات التي تتنافى وعلاقات الأخوة التاریخیة التي تربط دول مجلس التعاون بالجمهوریة اللبنانیة”، وفق ما ذكرت وكالة “كونا”.
وكانت رئاسة الجمهورية حاولت التوفيق بين دفاعها الضمني عن تبريرات وهبة والتبرّؤ من كلامه واعتبرت “ان ما صدر عن وهبة من مواقف يعبر عن رأيه الشخصي ولا يعكس موقف الدولة ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون”.
من جانبه عكس وهبة تخبطا في مواجهة العاصفة التي اثارها فتميزت تبريراته بالتناقضات وعمد الى الاعتراف بان “بعض العبارات غير المناسبة التي صدرت عني في معرض الإنفعال رفضا للإساءات غير المقبولة الموجهة إلى فخامة رئيس، الجمهورية، هي من النوع الذي لا اتردد في الإعتذار عنه. كما ان القصد لم يكن ،لا أمس ولاقبله ولا بعده، الإساءة إلى اي من الدول أو الشعوب العربية الشقيقة التي لم تتوقف جهودي لتحسين وتطوير العلاقات معها لما فيه الخير والمصلحة المشتركين ودوما على قاعدة الإحترام المتبادل. وجل من لا يخطىء في هذه الغابة من الأغصان المتشابكة”.
#رسالة عون
ولم تتأخر المفارقة الثانية لتخبط العهد ووزرائه ومستشاريه في غرائب سياساتهم اذ قرر العهد حرف الأنظار عن التداعيات الواسعة التي واكبت عاصفة وهبة فوجه رسالته بعد الظهر الى مجلس النواب بواسطة رئيس المجلس نبيه بري لغسل يديه من تبعة تعطيل تشكيل الحكومة والقاء الاتهامات على الرئيس الحريري .
وقال عون في رسالته “اصبح من الثابت ان الرئيس المكلف عاجز عن تأليف حكومة قادرة على الإنقاذ والتواصل المجدي مع مؤسسات المال الأجنبية والصناديق الدولية والدول المانحة، لوضع برامج المساعدات التي من شأنها إنقاذ الوطن النازف دما غاليا على جميع الصعد، ولا يزال يأسر التأليف بعد التكليف ويؤبده كما يأسر الشعب والحكم ويأخذهما معا رهينة مساقة إلى الهاوية متجاهلا كل مهلة معقولة للتأليف”. كما اتهم الرئيس المكلف بانه “يصر حتى تاريخه على عدم التقدم بتشكيلة حكومية تحظى باتفاقنا وتتوافر معها الثقة المطلوبة من مجلس النواب وفق النص الدستوري، فضلا عن انقطاعه عن إجراء الاستشارات النيابية اللازمة مع مختلف الكتل النيابية (…) والأدهى أنه منقطع عن التشاور المستمر والواجب مع رئيس الجمهورية للاتفاق على تشكيلة حكومية تتوافر فيها ثقة مجلس النواب واللبنانيين والمجتمع الدولي”. وطلب مناقشة رسالته في الهيئة العامة للمجلس النيابي وفق الأصول “واتخاذ الموقف أو الإجراء أو القرار المناسب بشأنها لمنفعة الشعب الذي يئن ألما وهو ينتظر حكومته الجديدة على أحر من الجمر”.
وفي رد اولي مقتضب على رسالة عون غرد الرئيس الحريري قائلا :”رسالة رئيس الجمهورية الى مجلس النواب إمعان في سياسة قلب الحقائق والهروب الى الأمام والتغطية على الفضيحة الدبلوماسية العنصرية لوزير خارجية العهد تجاه الأشقاء في الخليج العربي… وللحديث صلة في البرلمان”.
وعلمت “النهار” مساء امس ان الرئيس بري سيدعو اليوم مجلس النواب الى جلسة مخصصة لموضوع رسالة رئيس الجمهورية ضمن مهلة الثلاثة أيام التي يحددها الدستور. وثمة توجه الى ان تقتصر الجلسة على تلاوة رسالة الرئيس عون ورفع الجلسة للمشاورات والاتصالات والمساعي بما يحفظ تطبيق الأصول الدستورية ومن دون التسبب بمزيد من التأزيم.
*************************************************************************
افتتاحية صحيفة نداء الوطن
رسالته “سياسية بلا مفاعيل دستورية”… والحريري يتوعّده “في البرلمان”
عون يُشعل “فتيل النظام”!
لو أنّ شخصاً آخر غير صاحب مقولة “لعيون صهر الجنرال عمرها ما تتألف حكومة”، ولو أنه لم يكن “الجنرال” نفسه الذي عطّل الانتخابات الرئاسية على مدى سنتين ونصف السنة للوصول إلى كرسي بعبدا، و”الرئيس” نفسه الذي حاول عرقلة الاستشارات النيابية الملزمة واحتجز التشكيلة الوزارية ويرفض الاحتكام لإرادة المجلس النيابي في منحها الثقة البرلمانية من عدمها… ولولا أنّ من راسل مجلس النواب بالأمس شاكياً تكبيل الدستور وتعطيل الاستحقاقات لم يكن “اسم علم” في منهاج “نسف المهل” وامتهان التعطيل وسيلة لتحقيق الغايات… لكان اللبنانيون أخذوا ربما الرسالة التي وجهها الرئيس ميشال عون بالأمس إلى ساحة النجمة على محمل الغيرة الرئاسية على الدستور، والسعي الرئاسي الصادق إلى كسر قيود العرقلة والتعطيل!
لكن بما أنّ القاصي قبل الداني، في الداخل كما في الخارج، بات يدرك يقيناً مكمن العطل الحكومي و”مربط الفرس” في عربة التأليف المكبّلة بشرط الإذعان لنزعة رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل التحاصصية في التركيبة الوزارية، لم يخرج تشخيص رسالة عون إلى مجلس النواب عن إطار “سياسة النكايات العبثية الهدّامة لفرص الإنقاذ”، غير أنّ مصادر نيابية حذرت من أن عون أشعل من خلال رسالته “فتيل أزمة نظام قد تفجّر بشظاياها حقل ألغام طائفية ومذهبية بين المكونات الوطنية”، منبهةً إلى أنّ “تداعيات الرسالة العونية لا تقتصر على استعداء الطائفة السنية وإحداث شرخ في الأرضية الميثاقية، إنما قد تتعداها في حال الإمعان في النهج الانقلابي السائد على الدستور والطائف، إلى المجازفة بقلب الطاولة على المناصفة وتشريع الباب واسعاً أمام تحقيق ما يصبو إليه “حزب الله”، من عقد مؤتمر تأسيسي جديد يفرض المثالثة في الحكم”.
وأوضحت المصادر أنّ الرسالة التي تسلمتها أمس الأمانة العامة لمجلس النواب من رئيس الجمهورية، ويثير فيها مسألة المهلة الممنوحة للرئيس المكلف لتشكيل الحكومة وإجراء المقتضى إزاء تكليف الرئيس سعد الحريري “بمعنى الحثّ المبطّن على البحث في الصيغ الدستورية لنزع تكليفه”، توجب على رئيس المجلس نبيه بري الدعوة إلى عقد جلسة عامة لمناقشتها في غضون ثلاثة أيام من تاريخ تسلّمها، نظراً لكونها موجهة الى مجلس النواب عبر رئيسه وليست موجهة الى شخص رئيس المجلس. ونقلت أنّ بري كان قد نصح عون بعدم الإقدام على خطوة كهذه “لن تسفر سوى عن مزيد من تأزيم الوضع وتوسيع الشرخ في البلد، غير أنّ رئيس الجمهورية أصر على موقفه وتجاهل نصيحة بري”.
ولفتت المصادر في المقابل إلى أنّ “المجلس ليس له أن يتخذ موقفاً أو يصدر قراراً إزاء وضع إطار زمني للتأليف أمام الرئيس المكلف لأنّ ذلك يتطلب تعديلاً دستورياً، وإذا طالب البعض باللجوء إلى إجراء مثل هذا التعديل فإنّ سبحة المطالبة بالتعديلات الدستورية ستكرّ حكماً عبر طلب البعض الآخر إقرار تعديل دستوري يطال المهلة الزمنية الممنوحة لرئيس الجمهورية، ليس فقط للدعوة إلى الاستشارات النيابية الملزمة، بل لمسألة توقيعه أيضاً على التشكيلة الوزارية التي يرفعها إليه الرئيس المكلف، بحيث يصبح أمام رئيس الجمهورية فترة محددة زمنياً لإصدار مراسيم التأليف بعد تقديم الرئيس المكلف مسودة تشكيلته، وإلا في حال تمنعه عن التوقيع كما هو حاصل اليوم، فإنّ التشكيلة تذهب حكماً بعد انقضاء الفترة المحددة إلى المجلس النيابي لمنحها الثقة أو حجبها عنها، بغضّ النظر عن موقف رئيس الجمهورية، هذا عدا عن الدفع باتجاه طلب إجراء تعديل دستوري آخر يحدد الفترة الممنوحة لمجلس النواب لانتخاب رئيس للجمهورية، كرد على تقييد الرئاسة الثالثة بمهل زمنية لتأليف الحكومة”.
وبالتالي ترجح المصادر النيابية أن يناقش المجلس رسالة عون “في السياسة بعيداً من أي مقاربة حقيقية لمسألة التعديل الدستوري فتنتهي الأمور عند حد معركة تسجيل النقاط السياسية، بما سيؤدي حكماً إلى زيادة الشرخ والتباعد بين عون والحريري وتكريس استحالة التعايش الحكومي بينهما”، لا سيما وأنّ الرئيس المكلف توعّد بالرد على خطوة عون الاستفزازية “في البرلمان”، معتبراً أنّ رسالته هي “إمعان في سياسة قلب الحقائق والهروب الى الأمام والتغطية على الفضيحة الديبلوماسية العنصرية لوزير خارجية العهد تجاه الأشقاء في الخليج العربي”.
وكما أجّج رئيس الجمهورية النيران تحت صفيح الأزمة الحكومية، كذلك أشعل وزير خارجيته شربل وهبه خلال الساعات الأخيرة فتيل أزمة ديبلوماسية مع دول الخليج العربي، إثر تهجمه الكلامي على هذه الدول واتهامها بأقذع الاتهامات العنصرية والإرهابية، مخلّفاً موجة غضب عربية وخليجية عارمة تجاه لبنان، ومهدداً أرزاق مئات آلاف اللبنانيين الذين يعتاشون وعائلاتهم من العمل في دول الخليج.
وبينما توالت استدعاءات السفراء اللبنانيين في كل من المملكة العربية السعودية والإمارات والكويت والبحرين، لتسليمهم مذكرات احتجاج رسمية على تصريحات وهبه “المشينة التي تتنافى مع الأعراف الدبلوماسية”، بادر مجلس التعاون الخليجي إلى الطلب من وزير الخارجية اللبناني إصدار اعتذار رسمي “نظير ما بدر منه من إساءات غير مقبولة على الإطلاق بحق دول المجلس وشعوبها”.
وفي حين ترددت ليلاً معلومات إعلامية تتحدث عن إتجاه وهبه إلى إعلان تنحيه عن مهمة تصريف الأعمال في وزارة الخارجية، سيشهد مقر السفارة السعودية في لبنان اليوم سلسلة زيارات تضامنية تنديداً بما تفوّه به وهبه ضد المملكة وشعبها، وتأكيداً على أنّ كلامه “لا يمثل الأغلبية الساحقة من اللبنانيين، إنما يختزن حصراً موقف محور الممانعة وعهده العوني”، وفق ما شددت مصادر سياسية معارضة، معتبرةً أنّ وهبه، وعلى قاعدة “خذوا أسرارهم من صغارهم”، فضح “بسذاجته المشهودة ما يتملّك هذا الفريق من مكنونات عدائية تجاه الدول العربية وعلى رأسها السعودية، والانحياز الفاضح للأجندة المعادية للمملكة في المنطقة”، وأردفت: “عملياً ليس ما قاله وهبه سوى ترجمة “غشيمة” للسياسة الديبلوماسية المعادية للدول العربية التي يرعاها باسيل في قصر بسترس، والتي حالت يوماً دون إعراب وزارة الخارحية عن التنديد بالهجمات الإرهابية على منشآت آرامكو”.
*****************************************************************************
افتتاحية صحيفة الجمهورية
رسالة عون “تُعالجها أو تُفجّرها”… وإعفاء وهبة يطوي الأزمة مع الخليج
على وقع وضعٍ متوتر على الحدود الجنوبية متزامناً مع ازمة ديبلوماسية نشأت بين لبنان ودول مجلس التعاون الخليجي بفعل موقف سلبي عبر عنه وزير الخارجية شربل وهبة وصَفه البعض بأنه “عنصري”، رمى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون كرة التكليف الحكومي في ملعب المجلس النيابي ليقرر مصيرها متّهماً الرئيس المكلف سعد الحريري بتعطيل التأليف ومخالفة الاصول الدستورية المرعية الاجراء.
وفي خطوة هدفت الى استيعاب الازمة الناشئة بين لبنان ودول الخليج علمت “الجمهورية” ان وهبة طلب من رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب إعفاءه من مسؤولياته كوزير للخارجية طالما ان الحكومة مستقيلة وتصرّف الاعمال، ويبدو ان طلبه قد قُبِل وتقرر في هذه الحال ان يتسلم وزير البيئة والتنمية الادارية دميانوس قطار مهمات وزارة الخارجية بصفته وزيرا للخارجية بالوكالة.
وجّه عون أمس رسالة الى المجلس النيابي عبر رئيسه نبيه بري تناولت “العوائق أمام تأليف الحكومة الجديدة عملا بأحكام المادتين 53 (فقرة 4) و64 (بند 2) من الدستور”. وقال: “إن أسباب التأخير في استيلاد السلطة الإجرائية لا يجوز أن تبقى موضع التكهن أو الالتباس أو الاجتهاد، داخلية كانت أم خارجية، كما أنها لا يجوز أن تأسر التأليف إلى أفق زمني غير محدد فتؤبّد التصريف”. واضاف: “أصبح من الثابت أن الرئيس المكلف عاجز عن تأليف حكومة قادرة على الإنقاذ والتواصل المجدي مع مؤسسات المال الأجنبية والصناديق الدولية والدول المانحة، لوضع برامج المساعدات التي من شأنها إنقاذ الوطن النازف دما غاليا على جميع الصعد، ولا يزال يأسر التأليف بعد التكليف ويؤبده كما يأسر الشعب والحكم ويأخذهما معا رهينة مساقة إلى الهاوية متجاهلا كل مهلة معقولة للتأليف، وفي زمن أحوج ما نكون فيه إلى حكومة إنقاذ من دون أي إبطاء متعمد”. واشار الى ان الحريري “يصر حتى تاريخه على عدم التقدم بتشكيلة حكومية تحظى باتفاقنا وتتوافر معها الثقة المطلوبة من مجلس النواب وفق النص الدستوري، هذا فضلا عن انقطاعه عن إجراء الاستشارات النيابية اللازمة مع مختلف الكتل النيابية على ما هو منصوص عنه في الدستور”، كذلك اشار الى ان الرئيس المكلف “منقطع عن التشاور المستمر والواجب مع رئيس الجمهورية للاتفاق على تشكيلة حكومية تتوافر فيها ثقة مجلسكم واللبنانيين والمجتمع الدولي”.
الحريري يرد
وفي اول رد له على هذه الرسالة الرئاسية غرّد الحريري عبر “تويتر”، كاتباً: “رسالة رئيس الجمهورية الى مجلس النواب إمعان في سياسة قلب الحقائق والهروب الى الأمام والتغطية على الفضيحة الديبلوماسية العنصرية لوزير خارجية العهد تجاه الأشقاء في الخليج العربي … وللحديث صلة في البرلمان”.
وقالت أوساط عليمة لـ”الجمهورية” ان الحريري سيختصر زيارته الخارجية ويعود الى بيروت في اليومين المقبلين، وقبيل موعد انعقاد الجلسة النيابية على أبعد تقدير.
رسالة تعمّق الهوة
وقد وصلت الرسالة الرئاسية بعد ظهر امس الى الامانة العامة لمجلس النواب في خطوة وصفتها مراجع سياسية مطّلعة لـ”الجمهورية” بأنها “ستعمق الهوة” السائدة بين قصر بعبدا و”بيت الوسط” وتعيد العلاقات مع “عين التينة” الى نقطة الصفر.
ومردّ هذه القراءة ما أكدته المصادر ان رئيس مجلس النواب نبيه بري لم يقتنع بعد بدستورية اي خطوة تؤدي الى سحب التكليف من الحريري، بدلاً من بذل المساعي لتشكيل حكومة جديدة تحاكي المبادرة الفرنسية وما خلقته من أجواء دولية وحاجة لبنان الى استعادة شيء من الثقة المفقودة بين بيروت ومعظم عواصم العالم.
جلسة نيابية
وقالت مصادر نيابية لـ”الجمهورية” ان بري سيتجاوب مع الرسالة في شكلها انطلاقاً من حق رئيس الجمهورية الدستوري في توجيه رسائل الى المجلس النيابي “عندما تدعو الحاجة”. ورجّحت المصادر ان يوجه بري اليوم الدعوة الى جلسة لتلاوة الرسالة الرئاسية ومناقشة مضمونها والرد عليها خلال مهلة اقصاها ثلاثة ايام.
تفسيرات بعبدا
وعبّرت مصادر بعبدا لـ”الجمهورية” عن نيتها في ان تفتح الرسالة الرئاسية باباً يؤدي الى احياء الاتصالات في شأن تأليف الحكومة وأن على مجلس النواب التجاوب معها لفتح هذا الباب. واشارت الى ان الرسالة لا تتناقض ومضمون الأجواء التي سادت قصر بعبدا في عطلة نهاية الاسبوع الماضي عندما تحدثت عن عدم سعي عون الى ابعاد الحريري او دفعه الى الاعتذار عن تأليف الحكومة، وأنه وجه اليه اكثر من دعوة عبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تارة ومن خلال وزير خارجيته جان ايف لودريان في زيارته الاخيرة الى بيروت طوراً، عدا عن الحركة التي قام بها أصدقاء مشتركون.
بيان مفبرك
وكان لافتاً ان جهات غير محددة عمّمت بيانا على وسائل الاعلام منسوبا الى مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية نفى فيه خبر الرسالة، ومما جاء فيه “ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون سيوجه رسالة الى مجلس النواب “لنزع الوكالة” من الرئيس المكلف سعد الحريري “بسبب فشله في التشكيل”… واعتبر البيان “ان مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية اذ ينفي هذا الخبر نفيا قاطعا فإنه يدرجه في سياق الأخبار المختلقة والتي لا أساس لها من الصحة التي تتعمد وسائل إعلامية معينة ترويجها، على رغم الدعوات المتكررة التي وجهها مكتب الاعلام للكف عن تسريب مثل هذه الأكاذيب والعودة إليه في كل ما يخص اخبار رئيس الجمهورية ومواقفه”.
لكن مكتب الإعلام الرئاسي نفى عبر “الجمهورية” ان يكون قد أصدر مثل هذا البيان ونبّه من مخاطر لجوء اي جهة الى مثل هذا الأسلوب، فيما كان المكتب يعد الخبر الرسمي الخاص برسالة عون الى مجلس النواب.
بري
الى ذلك، نقل قريبون من عين التينة عن بري أسفه ومرارته لما وصلت اليه الأوضاع في لبنان، لافتاً الى “ان مصير العرب يتقرر في غزة بينما نحن هنا نتنازع على تفاصيل تافهة في زواريب مظلمة، ونختلف حول التكليف والتشكيل بدلاً من ان نستعجل ولادة الحكومة لمواجهة التحديات الداخلية والاقليمية”.
الى ذلك، عُلم ان بري سيتعامل مع رسالة عون الى مجلس النواب وفق ما تقتضيه الاصول الدستورية، اي انه سيدعو خلال ثلاثة أيام الى جلسة عامة تُتلى فيها الرسالة، ثم يدعو بعد 24 ساعة إلى جلسة أخرى لمناقشتها.
ونُقِل عن بري قوله انه كان يتمنى لو يستطيع أن يفرض اجتماعاً بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف “لا ينتهي الّا بأن يخترعا حلاً لهذه الازمة الحكومية”.
وفي سياق متصل، اعتبرت اوساط نيابية معارضة لرئيس الجمهورية “ان رسالته الى مجلس النواب غير دستورية وغير ميثاقية لأن الدستور يلحظ كيف يُسمى رئيس الحكومة ولكنه لا يشير إلى انتزاع التكليف منه”، مشددة على “ان هذه الرسالة ليست في وقتها، وهي تساهم في تعقيد الأمور اكثر فأكثر بدلاً من حلحلتها”.
مواقف
وفي المواقف، دعا تكتل “لبنان القوي” في بيان إثر اجتماعه الدوري برئاسة النائب جبران باسيل الى “التعاطي بمسؤولية مع الكتاب الذي وجّهه رئيس الجمهورية الى المجلس النيابي، حرصاً على إيجاد مخرج لأزمة النظام التي نعيشها، ومن ضمنها أزمة تأليف الحكومة”. وقال “إن هذا الكتاب أوجَبه عجز دولة الرئيس المكلف عن العمل الجدي والرصين لتأليف حكومة بحسب الأصول ووفقاً لأحكام الدستور بما يؤدي الى اتفاقه مع رئيس الجمهورية على صيغة حكومية تراعي التخصصية والجدارة والتوزيع العادل للحقائب والقدرة على الخروج من الأزمة، وتضمن الثقة لها في المجلس النيابي. إن هذا الكتاب هو فرصة إمّا لحسم قرار التأليف، وإمّا لإعطاء مهلة مقبولة لرئيس الحكومة بالتشكيل وفقاً لاقتراح تعديل الدستور الذي سبق للتكتل أن رفعه الى مجلس النواب قبل أشهر”.
فرنجية
ومن جهته، قال رئيس تيار المردة سليمان فرنجية أمس بعد زيارته البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في حضور النائب فريد الخازن: “نحن نخاف على لبنان كما يخاف سيّدنا لأن الوضع غير مطمئن، ولا نحمّل المسؤولية لجهة، انما كل رجل دولة لديه مسؤولية وطنية عليه التنازل للوصول الى تسوية”، مضيفاً: “الآن ليست مرحلة نكايات إنّما الجلوس معاً لحلّ مشكلة بلدنا”، ورأى أنّ “الأمر يتطلّب تنازلات وعندها يمكن الوصول الى حلول فلبنان أكبر من الجميع”.
ورداً على سؤال، قال فرنجية: “لا نستطيع أن اقول ان لا حكومة الآن، لكن إذا استمررنا في هذا النهج من الصعب تأليف حكومة”. وعمّا إذا كان يعتقد أنّ الحكومة صناعة لبنانية فقط، أجاب فرنجية: “من يدير البلد الآن يتكلّم عن الاستقلالية والقرار الحر، إذاً عليه تنفيذ ما ينادي به”.
أزمة ديبلوماسية
وعلى صعيد آخر توسعت الازمة الديبلوماسية التي نشأت بين لبنان والمملكة العربية السعودية لتشمل كل دول مجلس التعاون الخليجي، وذلك نتيجة المواقف السلبية التي عبر عنها وزير الخارجية شربل وهبة.
ونددت وزارة الخارجية السعودية في بيان، بتصريحات وهبة “التي تَطاوَل فيها على المملكة وشعبها”، وقالت “انّ تلك التصريحات تتنافى مع ابسط الأعراف الدبلوماسية ولا تنسجم مع العلاقات التاريخية بين الشعبين الشقيقين”. وأشارت الى أنه “نظرا لما قد يترتب على تلك التصريحات المشينة من تَبِعات على العلاقات بين البلدين الشقيقين، فقد استدعت الوزارة سعادة سفير الجمهورية اللبنانية لدى المملكة للاعراب عن رفض المملكة واستنكارها للاساءات الصادرة من وزير الخارجية اللبناني، وتم تسليمه مذكرة احتجاج رسمية بهذا الخصوص”.
وطالب مجلس التعاون الخليجي، وهبة بتقديم “اعتذار رسمي لدول الخليج”، معتبراً أنّ تصريحات الاخير “تتنافى مع أبسط الأعراف الديبلوماسية”. وأعرب الأمين العام للمجلس نايف فلاح مبارك الحجرف عن رفضه “تصريحات وزير الخارجية اللبناني المشينة”.
كما استدعت دولة الإمارات السفير اللبناني، وسلّمته مذكرة احتجاج رسمية، استنكرت فيها تصريحات وهبة، واصفة إيّاها بـ”المشينة والعنصرية”.
وأعربت وزارة الخارجية البحرينية عن استنكارها الشديد لما تضمنته تصريحات وهبة المسيئة للمملكة العربية السعودية وشعبها ودول مجلس التعاون. وأكدت المنامة أن “التصريحات المستهجنة تتنافى مع أبسط الأعراف الدبلوماسية، ولا تنسجم مع العلاقات الأخوية التي تربط شعوب دول مجلس التعاون مع الشعب اللبناني”.
واستدعت وزارة الخارجية البحرينية سفير لبنان لدى البحرين وسلمته مذكرة احتجاج رسمية تضمنت رفض المنامة واستنكارها للتصريحات المسيئة.
وفي المنحى نفسه، استنكرت وزارة الخارجية الكويتية ما صدر عن وهبة، واصفة إياه “بالإساءة البالغة تجاه دول مجلس التعاون الخليجي وشعوبها”.
وبحسب وكالة الأنباء الكويتية “كونا”، فإن نائب وزير الخارجية الكويتي، السفير مجدي الظفيري، استدعى القائم بأعمال السفارة اللبنانية، هادي هاشم، وسلمه مذكرة احتجاج. وأضاف المصدر أن المذكرة تضمنت استنكار الكويت لتلك الإساءة التي تتنافى مع العلاقة التاريخية بين دول مجلس التعاون الخليجي ولبنان.
وجاءت هذه المواقف الخليجية بعدما لمّح وهبة، مساء أمس الأول، عبر قناة “الحرة”، الى أنّ دول الخليج أتت بتنظيم “داعش”، ما أثار ردود فعل مستنكرة، وامتعاضاً خليجياً وسعودياً تحديداً، استدعى رداً رسمياً من رئاسة الجمهورية اللبنانية أكّدت فيه “أنّ كلام وهبة يعبّر عن رأيه الشخصي فقط”.
وبعد موجة الاستنكار على كلامه، أصدر وهبة بياناً، قال فيه: “فوجئتُ بتفسيرات وتأويلات غير صحيحة لكلامي في مقابلة تلفزيونية مع قناة “الحرّة”، فما قلته لم يتناول الأشقاء في دول الخليج العربي، ولم أتطرق إلى تسمية أي دولة. لكنني فوجئت أكثر ببعض البيانات التي صدرت في لبنان، والتي تحوّر كلامي وتدفع لتوتير العلاقات مع الأشقاء في المملكة ودول الخليج، تحقيقاً لمصالح شخصية على حساب مصلحة لبنان”. وأكّد “الحرص على أفضل العلاقات مع كلّ الدول الشقيقة والصديقة للبنان”، داعياً المصطادين في المياه الراكدة الى “التوقف عن الاستثمار في الفتنة بين لبنان وأشقائه وأصدقائه”.
وكانت رئاسة الجمهورية قد أشارت، في بيان، الى “أنّ ما صدر عن وهبة “يعبّر عن رأيه الشخصي، ولا يعكس في أي حال من الأحوال موقف الدولة اللبنانية ورئيسها العماد ميشال عون الحريص على رفض ما يُسيء الى الدول الشقيقة والصديقة عموماً، والسعودية ودول الخليج خصوصاً”.
وبينما اتصل رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب بوهبة “لاستيضاحه حيثيات المواقف التي أدلى بها”، اصدر الحريري بياناً قال فيه: “كلام وهبة لا يمتّ للعمل الديبلوماسي بأي صلة، وهو يشكّل جولة من جولات العبث والتهور بالسياسات الخارجية التي اعتمدها وزراء العهد، وتسبّبت بأوخم العواقب على لبنان ومصالح ابنائه في البلدان العربية”.
في الجنوب
من جهة ثانية، أصيب 5 أشخاص على الأقل بجروح أمس عند الحدود الجنوبية جرّاء إطلاق جيش الاحتلال الإسرائيلي عدداً من القنابل الدخانية لتفريق متظاهرين تسلقوا الجدار الفاصل.
ومنذ أيام، يتجمّع العشرات يومياً عند الحدود مع الاراضي الفلسطينية المحتلة، تضامناً مع الشعب الفلسطيني في المواجهة التي يخوضها ضد قوات الاحتلال الاسرائيلي في الاراضي المحتلة، وتكرّر لمرتين منذ الخميس إطلاق صواريخ في اتجاه إسرائيل.
وقد حصل توتّر في منطقة العديسة إثر إقدام عدد من المتظاهرين على “تسلّق الجدار الاسمنتي الحدودي الفاصل ورفع أعلام فلسطين و”حزب الله”… وإلقاء الحجارة على السياج الحدودي وعلى دبابة إسرائيلية.
وألقت القوات الإسرائيلية قنابل دخانية ومسيلة للدموع ما تسبّب بسقوط خمسة جرحى وعدد من حالات الاغماء والاختناق.
وشهد جانبا الحدود استنفاراً عسكرياً أمس، غداة إطلاق صواريخ عدة من منطقة كفرشوبا، في حادثة هي الثانية من نوعها منذ الخميس الماضي، استدعت قصفاً اسرائيلياً مدفعياً على مصادر النيران. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الحادثتين، فيما نفى “حزب الله” علاقته بهما.
وأحصى الجيش اللبناني في بيان امس سقوط 10 قذائف متفجرة وقنبلة مضيئة. وأعلن العثور على 6 منصات إطلاق صواريخ فارغة، ومنصة سابعة مجهزة بصاروخ تمّ تفجيره في خراج بلدة الهبارية.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه رصد في الأيام الأخيرة عددا من الأشخاص يحاولون تخريب السياج الشائك من الجانب اللبناني، محذّراً من أنه ينظر إلى أي محاولة مَساس “بسيادة إسرائيل” الإقليمية “بأكبر مقدار من الشدة”.
وأعلن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي أنّ فصيلا فلسطينيا صغيرا، وليس “حزب الله”، هو المسؤول عن الهجمات الصاروخية من لبنان على شمال الاراضي الفلسطينية المحتلة ليلة امس الاول. واشار الى أن “6 قذائف أطلقت من لبنان وانفجرت داخل الأراضي اللبنانية”، لافتا إلى أنه لم يتم التبليغ عن أضرار او إصابات في البلدات الإسرائيلية القريبة.
حزب الكتائب
ودعا المكتب السياسي في حزب “الكتائب اللبنانية” الى “حفظ السيادة كاملة في هذا الظرف الدقيق، ووعي خطورة تَفلُّت السلاح واستمراره بيد الفصائل الفلسطينية داخل المخيمات، وبيد الميليشيات المسلّحة خارج المخيمات، والتي تنصّب نفسها مسؤولة عن صون البلد، مصادرةً دور القوى الشرعية ومعرّضةً لبنان لتداعيات كارثية”. وشدّد على “ضرورة ضبط الحدود والتشدُّد في مراقبة منطقة جنوب الليطاني لمنع تكرار استخدام الأراضي اللبنانية منصّة لإطلاق الصواريخ، فأيّ جر عبثي للبنان الى فوضى المنطقة يشكّل ضربة قاضية لما تبقّى من بنى تحتية ومقومات اقتصادية”. وحذّر من “زجّ لبنان في النزاع الحاصل الآن”، مؤكّداً “ضرورة العودة الى اتفاقية الهدنة عام 1949”.
أنفاق “حزب الله”
الى ذلك أفادت هيئة البث الرسمية الإسرائيلية “كان” أن “حزب الله” اللبناني حفر شبكة أنفاق طولها مئات الكيلومترات من بيروت حتى جنوب لبنان، لتمكينه من إدارة القتال ضد الجيش الإسرائيلي.
وقالت الإذاعة الإسرائيلية إن “أنفاق “حزب الله” حفرت بالتوازي مع حفر الأنفاق الهجومية التي اخترقت الأراضي الإسرائيلية وكشف عنها في كانون الاول 2018، والتي قام الجيش الإسرائيلي بتدميرها لاحقا في عملية خاصة”. وأضافت أن “إقامة شبكة الأنفاق الدفاعية التي حفرها “حزب الله” هي لتمكينه من إدارة القتال ضد الجنود الإسرائيليين في حال وقوع حرب في لبنان، ومفاجأة القوات المناورة”. وأشارت إلى أنه “تم بناء مقرّات قيادة وسيطرة لإدارة الحرب داخل شبكة الأنفاق هذه”.
وقالت إن “هذه الأنفاق تبدأ من مسافة نحو 3 كيلومترات من الحدود الإسرائيلية حتى العاصمة اللبنانية بيروت”.
كورونا
على الصعيد الصحي، أعلنت وزارة الصحة العامّة في تقريرها اليومي
أمس حول مستجدات فيروس كورونا تسجيل 600 إصابة جديدة (583 محلية و17 وافدة)، ليصبح العدد الإجمالي للإصابات 536554. كذلك تم تسجيل 10 حالات وفاة جديدة، ليصبح العدد الإجمالي للوفيات 7641.
********************************************************************************
افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط
الخارجية السعودية تستدعي السفير اللبناني وتستنكر تصريحات وهبة
«التعاون الخليجي» طالبه بالاعتذار… والإمارات والكويت والبحرين قالت إن كلامه «يتنافى مع الأعراف»
عمر البدوي
استدعت وزارة الخارجية السعودية السفير اللبناني، لتسليمه مذكرة احتجاج رسمية على تصريحات مسيئة أدلى بها وزير الخارجية اللبناني، وأعرب بيان رسمي للوزارة أمس عن تنديد المملكة العربية السعودية واستنكارها الشديدين للتصريحات المسيئة للوزير شربل وهبة خلال مقابلة تلفزيونية، تطاول فيها على المملكة وشعبها.
وأكدت الخارجية السعودية أن تلك التصريحات تتنافى مع أبسط الأعراف الدبلوماسية ولا تنسجم مع العلاقات التاريخية بين الشعبين الشقيقين. وأشار البيان «نظراً لما قد يترتب على تلك التصريحات المشينة من تبعات على العلاقات بين البلدين الشقيقين فقد استدعت سفير الجمهورية اللبنانية لدى المملكة للإعراب عن رفض المملكة واستنكارها للإساءات الصادرة من وزير الخارجية اللبناني، وتبليغه رسمياً».
كما استدعت وزارة الخارجية في دولة الإمارات العربية المتحدة السفير اللبناني وسلمته مذكرة احتجاج رسمية تستنكر فيها تصريحات الوزير وهبة، وأكدت أن تصريحات وهبة «تتنافى مع الأعراف الدبلوماسية».
واستدعت كل من البحرين والكويت السفيرين اللبنانيين لدى الدولتين، وسلمتهما مذكرة احتجاج رسمية تضمنت رفض تصريحات وزير الخارجية والمغتربين اللبناني وما تضمنته من إساءات إلى السعودية ودول وشعوب مجلس التعاون.
وأكدت وزارتا الخارجية البحرينية والكويتية أن تلك التصريحات المستهجنة تتنافى مع أبسط الأعراف الدبلوماسية ولا تنسجم مع العلاقات الأخوية التي تربط شعوب دول مجلس التعاون مع الشعب اللبناني.
واستنكر الدكتور نايف الحجرف، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربي، ما ورد على لسان وزير الخارجية اللبناني، وعبّر عن رفض دول مجلس التعاون واستنكارها لما ورد فيها من إساءات مشينة بحق دول مجلس التعاون الخليجي وشعوبها وكذلك الإساءة بحق السعودية. وطالب الحجرف في بيان، الوزير اللبناني بتقديم اعتذار رسمي لدول مجلس التعاون الخليجي وشعوبها نظير ما بدر منه من «إساءات غير مقبولة على الإطلاق».
وأكد على المواقف الثابتة والراسخة التي قامت بها دول مجلس التعاون الخليجي لدعم الشعب اللبناني، مضيفاً «تلك المواقف يشهد التاريخ لها وتهدف إلى سلامة لبنان ودعم استقراره وأمنه، وتلك التصريحات تتنافى مع أبسط الأعراف الدبلوماسية ولا تنسجم مع العلاقات التاريخية بين دول المجلس ولبنان».
ولم تهدأ تداعيات التصريحات التي أطلقها وهبة في حوار تلفزيوني واتهم فيها دول الخليج بطريقة غير مباشرة بالمسؤولية عن ظهور تنظيم «داعش» في المنطقة بالإضافة إلى أوصاف مسيئة.
ونتيجة ردود الفعل الغاضبة من خليجيين على مواقع التواصل الاجتماعي وعاصفة من الانتقادات لتصريحات الوزير شملت لبنانيين من الطيف السياسي، حاول وهبة استدراك الموقف بإصداره بياناً دعا فيه من وصفهم بـ«المصطادين في المياه الراكدة إلى التوقف عن الاستثمار في الفتنة بين لبنان وأشقائه وأصدقائه»، وقال إنه فوجئ بالتفسيرات والتأويلات غير الصحيحة لكلامه التي «تدفع لتوتير العلاقات مع الأشقاء في المملكة ودول الخليج، تحقيقاً لمصالح شخصية على حساب مصلحة لبنان».
وإلى ذلك لم تفلح جهود الرئيس اللبناني ميشال عون لتطويق التداعيات، بعد أن اكتفى ببيان الثلاثاء قال فيه إن التصريحات التي أدلى بها وزير خارجيته عن دول الخليج «تعبر عن رأيه الشخصي ولا تعكس موقف الدولة».
ويشهد لبنان مرحلة قاتمة في تاريخه السياسي وأسوأ أزمة اقتصادية يواجهها منذ الحرب الأهلية، وتسببت سيطرة جماعة «حزب الله» على مفاصل الدولة ومراكز القرار فيها بخسارة لبنان أهم حلفائه من دول الخليج التي ضمنت له مخرجاً آمناً من أزماته المتعددة. وتأتي تصريحات وهبة الذي ينتمي إلى «التيار الوطني الحر» المتحالف مع «حزب الله» لتصبّ الزيت على نار الخلاف بين دول الخليج ولبنان.
وهاجم النائب المستقيل مروان حمادة عضو اللقاء الديمقراطي تصريحات الوزير شربل وهبة المسيئة لدول الخليج، واعتبرها تجاوزاً لأقصى درجات التحدي للأخوة والتضامن العربي، من قبل ما وصفه «العهد المتحكم بلبنان، بمنظومته العونية والإيرانية». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن كل كلام يصدر من لبنان لشجب تصريحات الوزير يكون قليلاً في حق السعودية ودول الخليج، في «ظل تراكم كل هذه الأخطاء التي تبدأ بالكلام البذيء ولا تتوقف عند تهريب المخدرات والسلاح».
وتمنّى حمادة على المملكة {أن تبقى في لبنان، رغم هذه الإساءات، وأن تستمر في وضع كل دعمها المعنوي وثقلها السياسي لنجدة اللبنانيين الوطنيين العروبيين، إزاء ما يتعرضون له من قضاء منحرف وقوى أمنية ليست على مستوى المهمة وإدارة نهشها الفساد، على أمل أن تنتصر القوى الوطنية بالنهاية وتنهي هذا الليل المظلم الذي حطّ على لبنان}.
**************************************************************************
افتتاحية صحيفة اللواء
مجلس التعاون يطالب لبنان باعتذار رسمي لمعالجة «الأزمة الدبلوماسية»
عون يفتح النار على الطائف.. وبري متوجس من آثار الرسالة على المجلس!
لم تهدأ بعد «العاصفة الدبلوماسية» الناجمة عن التصريحات «غير اللائقة» والتي تخرج على آداب «التخاطب الدبلوماسي»، لا سيما بين الأشقاء أو الأصدقاء، والتي اعترف وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبة، بوقوعه في الخطأ بالتفوه بها، مع إصرار خليجي وعربي على ان تبدأ المعالجة للأزمة الدبلوماسية الخطيرة بين لبنان ودول مجلس التعاون بزيارة يقوم بها وهبة إلى السفير السعودي في لبنان وليد بخاري في منزله، ويقدم اعتذاره خطياً ورسمياً من دول المجلس، كمقدمة للمعالجة.. قبل ان ترفع دول المجلس هذه الأزمة إلى مجلس جامعة الدول العربية، والاعتذار الرسمي خطوة ضرورية بسبب الإهانات غير المقبولة.
وكانت تصريحات وهبة احدثت أزمة جديدة في العلاقات مع دول الخليج العربي، بعد أزمة تهريب المخدرات في شاحنة الرمان المصدرة إلى المملكة، وبقيت في واجهة الاهتمام، على الرغم من تنصل رئيس الجمهورية من تصريحات «الوزير وهبة»، معتبراً انها تعبر عن «رأيه الشخصي» ولا تعبر عن موقف الرئيس ميشال عون ولا الدولة اللبنانية، لجهة رفض «ما يُسيء إلى الدول الشقيقة والصديقة عموماً، والمملكة العربية السعودية ودول الخليج خصوصاً»، ومسارعة الرئيس المكلف سعد الحريري ليل أمس الأوّل إلى وصف كلام وهبة بأنه «لا يمت للعمل الدبلوماسي بصلة»، وهو يشكل جولة من جولات العبث والتهور بالسياسات الخارجية التي اعتمدها وزراء العهد، وتسببت بأوخم العواقب على لبنان ومصالح أبنائه في البلدان العربية.
وبعد بيان اول توضيحي أصدر وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الاعمال شربل وهبه بياناً ثانيا ضمنه اعتذارا عما صدر منه وقال فيه: «يهمني التأكيد، مرة جديدة أن بعض العبارات غير المناسبة، التي صدرت عني في معرض الإنفعال رفضا للإساءات غير المقبولة الموجهة إلى فخامة رئيس الجمهورية ميشال عون، هي من النوع الذي لا اتردد في الإعتذار عنه».
وأضاف: «كما ان القصد لم يكن لا أمس ولاقبله ولا بعده، الإساءة إلى اي من الدول أو الشعوب العربية الشقيقة التي لم تتوقف جهودي لتحسين وتطوير العلاقات معها، لما فيه الخير والمصلحة المشتركين، ودوما على قاعدة الإحترام المتبادل».
إلى ذلك، أكدت معلومات موثوقة ان الوزير وهبة سيدور اليوم السراي الحكومي للقاء رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، حيث سيعلن تنحيه عن ممارسة مهامه الوزارية.
وفيما يُخشى ان تتخذ المملكة إجراءات اخرى بحق لبنان ومواطنيه المقيمين فيها، نددت الخارجية السعودية بشدة، بتصريحات وزير الخارجية اللبناني المسيئة للمملكة ودول الخليج.وقالت الخارجية السعودية في بيان:إشارة إلى التصريحات المسيئة لوزير خارجية الجمهورية اللبنانية في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبة خلال مقابلة تلفزيونية، والتي تطاول فيها على المملكة وشعبها، فإن وزارة الخارجية إذ تعرب عن تنديدها واستنكارها الشديدين لما تضمنته تلك التصريحات من إساءات مشينة تجاه المملكة وشعبها ودول مجلس التعاون الخليجية الشقيقة، لتؤكد مجدداً على أن تلك التصريحات تتنافى مع أبسط الأعراف الدبلوماسية ولا تنسجم مع العلاقات التاريخية بين الشعبين الشقيقين.
اضافت: ونظراً لما قد يترتب على تلك التصريحات المشينة من تبعات على العلاقات بين البلدين الشقيقين فقد استدعت الوزارة سعادة سفير الجمهورية اللبنانية لدى المملكة للإعراب عن رفض المملكة واستنكارها للإساءات الصادرة من وزير الخارجية اللبناني، وتم تسليمه مذكرة احتجاج رسمية بهذا الخصوص».
واوضحت مصادر رسمية لـ«اللواء» ان السفير فوزي كبارة تسلم الرسالة بطريقة دبلوماسية هادئة ومن دون اي موقف متوتر، وتبلغ ضرورة ان يتخذ لبنان الاجراءات اللازمة لمنع تكرار مثل هذه المواقف المسيئة للمملكة ولدول الخليج.
وذكرت وكالة الانباء الكويتية «كونا» أن الكويت تستنكر وتستهجن «الإساءات البالغة» الواردة في مقابلة وزير الخارجية بحكومة تصريف الأعمال اللبنانية، واستدعت القائم بأعمال السفارة اللبنانية وسلمته مذكرة إحتجاج رسمية.
كذلك استدعت البحرين سفير لبنان وسلمته مذكرة احتجاج رسمية على تصريحات وزير الخارجية شربل وهبة المسيئة للسعودية ودول الخليج.
وأعربت وزارة الخارجية والتعاون الدولي في الإمارات عن استنكارها واستهجانها الشديدين إزاء التصريحات المشينة والعنصرية التي أدلى بها وهبة، والتي أساءت إلى المملكة العربية السعودية الشقيقة ودول مجلس التعاون الخليجي.
واستدعت الوزارة امس، سفير الجمهورية اللبنانية لدى الإمارات وسلمته مذكرة احتجاج رسمية تستنكر فيها هذه التصريحات، مؤكدة أنها تتنافى مع الأعراف الدبلوماسية ولا تنسجم مع العلاقات التاريخية التي تجمع لبنان ودول مجلس التعاون الخليجي، وفق وكالة الأنباء الإماراتية (حسب ما ذكرت وكالة وام).
وأعرب الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، نايف فلاح مبارك الحجرف، عن رفضه واستنكاره لما تضمنته تصريحات وهبة، وما فيها من إساءات مشينة بحق دول مجلس التعاون الخليجي وشعوبها وكذلك الإساءة بحق المملكة العربية السعودية.
وأكد الحجرف الثلاثاء على «المواقف الثابتة والراسخة التي قامت بها دول مجلس التعاون الخليجي لدعم الشعب اللبناني الشقيق، تلك المواقف والتي يشهد التاريخ لها والتي تهدف إلى سلامة لبنان ودعم استقراره وأمنه»، مشدداً على أن تلك التصريحات تتنافى مع أبسط الأعراف الدبلوماسية ولا تنسجم مع العلاقات التاريخية بين دول المجلس ولبنان، وفق وكالة الأنباء السعودية «واس».
كما طالب وهبة بتقديم اعتذار رسمي لدول مجلس التعاون الخليجي وشعوبها نظير ما بدر منه من إساءات غير مقبولة على الإطلاق.
ويستقبل السفير بخاري المتضامنين مع المملكة اليوم، من رؤساء كتل نيابية ونواب ورؤساء أحزاب وشخصيات سياسية ووطنية واعلامية واقتصادية، فضلاً عن الجمعيات والهيئات الشعبية.
واستنكرت رابطة لبنان لرجال الأعمال في دولة قطر ما صدر عن وهبة، من افتراءات وادعاءات «بحق أهلنا واخوتنا في الخليج العربي»، معتبرة كلامه كأنه لم يكن كونه صدر عن شخص غير ذي صفة ولا يمثل أحداً.
ويعقد مجلس التنفيذيين اللبنانيين مؤتمراً صحافياً حول التطورات الاخيرة المتعلقة بكلام الوزير شربل وهبه، بعد غد الجمعة الواقع الساعة الثانية عشر ظهرًا في غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان.
ونظمت جمعية «لي بيروت» وقفة تضامنية أمام السفارة السعودية، شارك فيها عدد من المواطنين، مطالبين وزير الخارجية بتقديم إعتذار إلى السعودية، مشددين على عمق العلاقات اللبنانية- السعودية.
وترددت معلومات عن اتجاه لدى وهبة للتخلي عن مهامه في الخارجية وملازمة منزله.
وتفاعل الموقف داخل نواب محسوبين على التيار الوطني الحر، فغرد النائب الياس أبو صعب: انتظرت اليوم ان اسمع اعتذاراً مباشراً من الوزير وهبة للكلام المهين بحق لبنان قبل الدول العربية الصديقة، ولأن حجم خطيئته كبير بحق لبنان أولاً واقل ما عليه القيام به هو التنحي.
رسالة عون مشكلة إضافية
وقبل ان تهدأ عاصفة «الازمة الدبلوماسية» وتأخذ طريقها إلى المعالجة، دفع الرئيس عون بمشكلة جديدة إلى الواجهة، عبر توجيه رسالة عبر الرئيس نبيه برّي إلى مجلس النواب «لاتخاذ الموقف أو الاجراء أو القرار المناسب بشأنها».
وبانتظار القرار في ما خص الرسالة، ذكرت محطة «N.B.N» في نشرتها المسائية «أن هناك من قرأ في متن الرسالة عملية ضرب لاتفاق الطائف، وسيعيد لبنان إلى الوراء، ولن تؤدي إلى نتيجة، لا سيما وان الحل ليس بمثل هكذا رسائل، بل بالمسارعة إلى تشكيل حكومة لإنقاذ البلد من الغرق»..
وسارع الرئيس المكلف سعد الحريري إلى وصف الرسالة الرئاسية بأنها «إمعان في سياسة قلب الحقائق والهروب إلى الامام، والتغطية على الفضيحة الدبلوماسية العنصرية لوزير خارجية العهد تجاه الأشقاء في الخليج العربي»، وللحديث صلة في البرلمان..
ووفقاً لمصادر مراقبة، فإن الرئيس الحريري سيشارك مع كتلته في الجلسة التي سيدعو إليها الرئيس برّي.
وعلمت «اللواء» ان دوائر المجلس لم تتسلم حتى مساء أمس نسخة عن هذه الرسالة، وأوضحت مصادر برلمانية انه وفق النظام الداخلي انه عند توجيه رئيس الجمهورية رسالة مباشرة يُبادر رئيس المجلس إلى دعوة المجلس إلى الانعقاد خلال ثلاثة أيام من تاريخ ابلاغه رغبة رئيس الجمهورية، وبعد استماع المجلس إلى رسالة رئيس الجمهورية يرفع رئيس المجلس الجلسة لمدة 24 ساعة تستأنف بعدها الجلسة لمناقشة مضمون الرسالة واتخاذ المواقف أو الاجراء أو القرار المناسب.
اما إذا كانت الرسالة موجهة بواسطة رئيس المجلس، فعليه ان يدعو المجلس للانعقاد خلال ثلاثة أيام لمناقشة مضمون الرسالة، واتخاذ الموقف أو الاجراء أو القرار المناسب، وذلك وفقاً للمادة 145.
ووصفت مصادر نيابية رسالة الرئيس عون إلى المجلس النيابي بانها لزوم مالايلزم لانها لن تؤدي إلى تحقيق الغاية التي ارسلت من أجلها لاخراج ازمة تشكيل الحكومة من دوامة الجمود، بل ستؤدي بما تضمنته من مغالطات وتجاوزات دستورية وقلب للوقائع والتفافات وافخاخ لتعديل دستوري لاطاحة صلاحية رئيس الحكومة المكلف لصالح رئيس الجمهورية إلى تسعير الخلاف السياسي وزيادة التعقيدات حول تشكيل الحكومة الجديدة. وتوقعت المصادر ان يحصد رئيس الجمهورية مزيدا من العزلة والخيبة لان معظم الكتل النيابية لن تتجاوب مع مضمون رسالته، بل سترفضها لانها تخالف الدستور وستشكل مناسبة لشن حملة من الانتقادات الحادة ضد ممارسات واسلوب رئيس الجمهورية في ادارة الحكم وما اوصل اليه البلد من ازمات تهدد وجوده.
وليلاً، علقت مصادر مطلعة على موقف رئيس الجمهورية، لـ«اللواء» تعليقا على الإجراء المتوقع بعد الرسالة «أنه متروك لتقدير المجلس النيابي».
لكن أوساط مراقبة لاحظت أن رسالة رئيس الجمهورية كانت فكرة تدرس ولدى انسداد الافق الحكومي قام بالاجراء الدستوري المتاح له تاركا الكرة في ملعب المجلس.
وأوضحت أن مصيرها يقرره المجلس.وافادت أن الدستور في المقابل واضح بنصوصه حول التكليف ومقتضياته وبالتالي أي قرار يعود إلى الرئيس المكلف وحده.
ورأت أنه يفترض ان تشكل الرسالة محور أخذ ورد في الأيام المقبلة.
رسالة عون
وفي الرسالة وهي الثانية من نوعها منذ بدء ولايته، التي وجهها عون إلى مجلس النواب، عبر الرئيس نبيه برّي، رأى فيها ان «أسباب التأخير في استيلاد السلطة الإجرائية لا يجوز أن تبقى موضع التكهن أو الالتباس أو الاجتهاد، داخلية كانت أم خارجية، كما أنها لا يجوز أن تأسر التأليف إلى أفق زمني غير محدد فتؤبد التصريف، لا سيما أن الحكومة المنتظرة إنما هي حكومة إنقاذ لبنان من أزماته الخانقة المذكورة، وأن تأليف الحكومة هو عمل دستوري وجوبي وليس من قبيل الاستنساب والترف، فضلا عن أن الأعراف الدستورية إنما ينشأ جلها في سياق استحقاقات دستورية محورية ومفصلية، بحيث يجب على رئيس الجمهورية المؤتمن على الدستور السهر على أن لا تنشأ أعراف دستورية خاطئة عند إنشاء السلطات الدستورية».
أصبح من الثابت أنّ الرئيس المكلّف عاجز عن تأليف حكومة قادرة على الإنقاذ والتواصل المجدي مع مؤسسات المال الأجنبيّة والصناديق الدوليّة والدول المانحة، لوضع برامج المساعدات التي من شأنها إنقاذ الوطن النازف دماً غالياً على جميع الصعد، ولا يزال يأسر التأليف بعد التكليف ويؤبّده كما يأسر الشعب والحكم ويأخذهما معاً رهينة مساقة إلى الهاوية متجاهلاً كلّ مهلة معقولة للتأليف، وفي زمن أحوج ما نكون فيه إلى حكومة إنقاذ من دون أيّ إبطاء متعمّد.
وبعدما اكد الرئيس عون في رسالته على انه مؤتمن، بصفته رئيسا للجمهورية، «ليس فقط على احترام المبادئ أعلاه في آلية تأليف الحكومات، بل أيضا على ضرورة تأمين الثقة لها في مجلس النواب، كي لا تنتقل البلاد والعباد من حكومة تصريف أعمال إلى حكومة تصريف أعمال أخرى»، قال: ان الرئيس المكلف «يصر حتى تاريخه على عدم التقدم بتشكيلة حكومية تحظى باتفاقنا وتتوافر معها الثقة المطلوبة من مجلس النواب وفق النص الدستوري، فضلا عن انقطاعه عن إجراء الاستشارات النيابية اللازمة مع مختلف الكتل النيابية (…) والأدهى أنه منقطع عن التشاور المستمر والواجب مع رئيس الجمهورية للاتفاق على تشكيلة حكومية تتوافر فيها ثقة مجلس النواب واللبنانيين والمجتمع الدولي».
وطلب الرئيس عون مناقشة رسالته في الهيئة العامة للمجلس النيابي وفق الأصول «واتخاذ الموقف أو الإجراء أو القرار المناسب بشأنها لمنفعة الشعب الذي يئن ألما وهو ينتظر حكومته الجديدة التي طال انتظارها، الأمر المتاح فيما لو تخلى السيد رئيس الحكومة المكلف عن مقولة أنه هو من «يشكل» الحكومة على أن «يصدر» رئيس الجمهورية المرسوم، في حين أن المادة 53 الفقرة 4 من الدستور صريحة لناحية «الاتفاق» قبل إصدار مرسوم تشكيل الحكومة، وأن تسلسل الفقرات 2 و 3 و 4 و 5 من المادة المذكورة وصراحة نصوصها إنما يدلان على أن الدستور، نتيجة التعديلات التي أدخلت عليه بعد إقرار وثيقة الوفاق الوطني من مجلسكم الكريم، يولي رئيس الجمهورية اختصاصا صريحا في معرض استيلاد الحكومات وإنشائها بالاتفاق مع رئيس الحكومة المكلف، فتغدو صلاحيته غير مقيدة ولا يكون مجرد موثق لتشكيلة رئيس الحكومة المكلف، وإلا انتفت المشاركة واندثر الاتفاق ولم تتحقق ميثاقية التشكيل ودستوريته».
536556 إصابة
صحياً، سجلت وزارة الصحة العامة في تقريرها اليومي 600 إصابة جديدة بفايروس كورونا و10 حالات وفاة جديدة خلال الـ24 ساعة، ليرتفع العدد التراكمي إلى 536556 مثبتة مخبرياً منذ 21 شباط 2020.
****************************************************************************
افتتاحية صحيفة الديار
صواريخ المقاومة الفلسطينية تدك المدن «الاسرائيلية» والاحتلال عاجز عن الردع
الاحتلال مستمر ب»جرائمه» ضد المدنيين ويهدد بقطع الكهرباء عن غزة
للأسبوع الثاني على التوالي تستمر المقاومة الفلسطينية بدك المدن الاسرائيلية بالصواريخ رداً على جرائم الاحتلال الاسرائيلي في قطاع غزة وباقي المدن الفلسطينية. هذا ويقف الاحتلال الاسرائيلي عاجزاً عن وقف وردع صواريخ الفصائل الفلسطينية المقاومة في غزة، ويقترب يوما بعد يوم موعد اعلان هزيمة اسرائيل أمام ضربات المقاومة الفلسطينية وذلك بعد فشل عدوانها الجوي على قطاع غزة وعدم قدرتها على القيام باجتياح بري للقطاع خوفاً من تكبد خسائر كبيرة في صفوف جيشها.
ويحاول الاحتلال الاسرائيلي تمديد عدوانه على قطاع غزة في محاولة منه لتسجيل انتصار ما، غير أنه فشل حتى الساعة في توجيه ضربات قاصمة للمقاومة الفلسطينية ومنعها من اطلاق الصواريخ على المدن الاسرائيلية.
وكانت أعلنت «إسرائيل» أمس الثلاثاء أن «العملية العسكرية» في قطاع غزة ستتواصل لأيام قادمة، مهددة بأن الخطوة التالية هي قطع الكهرباء عن غزة، في حين واصلت قوات الاحتلال قصف مناطق متفرقة من القطاع جوا وبرا وبحرا منذ فجر يوم أمس. في المقابل، ردت المقاومة الفلسطينية برشقات صاروخية استهدفت عددا من المدن والبلدات والمستوطنات الإسرائيلية.
وفي تصريحات له أمس، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو «أعدنا لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) والجهاد الإسلامي سنوات إلى الوراء، والعملية مستمرة مهما تطلب ذلك من وقت»، ملوحا بأن «المعادلة سوف تتغير بعدها».
وفي السياق ذاته، لوح وزير المخابرات الإسرائيلي بأن «الخطوة التالية هي قطع التيار الكهربائي عن قطاع غزة».
بدوره، قال وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس في بيان إن «القتال لن يتوقف حتى نصل إلى تهدئة شاملة وطويلة الأمد».
كما أعلن متحدث باسم الاحتلال أن الجيش سيواصل عملياته في غزة تماشيا مع قائمة أهدافه للساعات الـ24 المقبلة، مضيفا في تصريحات للإذاعة العسكرية «نحن لا نتحدث عن وقف لإطلاق النار، نحن نركز على إطلاق النار».
وأقر المتحدث بسقوط 11 قتيلا من الإسرائيليين على إثر الهجمات الصاروخية من غزة منذ بداية التصعيد، وأن 3300 صاروخ انطلقت من غزة، أغلبها من شمال القطاع، اعترضت القبة الحديدية 90% منها، مؤكدا «هدفنا هو إضعاف قدرات حماس العسكرية».
وقال إنه «طالما تواصلت هجمات حماس والجهاد الإسلامي فلن نبحث خفض التصعيد»، مشيرا إلى أنهما تمتلكان نحو 12 ألف صاروخ من الصعب تدميرها بالكامل». وتابع «استهدفنا 3 شقق سكنية لقياديين في حركة حماس في غزة ومستودعا لتطوير وإنتاج الصواريخ التابع للحركة».
ومقابل التلويح الإسرائيلي المباشر باستمرار العدوان قالت كتائب عز الدين القسام -الجناح العسكري لحماس- إنها قصفت حشدا عسكريا قرب مستوطنة «نير عام» المحاذية لقطاع غزة بقذائف الهاون.
وبُثت مقاطع مصورة تظهر آثار قصف صاروخي من غزة استهدف بئر السبع، ومقاطع أخرى لنقل جرحى في قصف على أشكول إلى مستشفى «سوروكا» الإسرائيلي.
وقالت كتائب القسام إن «الضربة الصاروخية التي وجهناها ضد أشكول وأدت لمقتل اثنين كانت بصواريخ من طراز «كيو20″ (Q20)».
وفي السياق، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن الجيش طلب من سكان مجلس أشكول الإقليمي الدخول إلى الملاجئ والمناطق المحصنة، ووقف حركة القطارات بين تل أبيب وبئر السبع بداية من الساعة السابعة مساء بسبب الأوضاع الأمنية.
غارات منذ الفجر
وفي وقت سابق أمس الثلاثاء، قالت مصادر محلية إن مقاتلات الاحتلال شنت أكثر من 70 غارة جوية على مناطق شمالي القطاع منذ ساعات الفجر الأولى، كما أكد الجيش أنه بدأ تنفيذ هجمات تستهدف حي الرمال في مدينة غزة.
وأفيد بأن غارة إسرائيلية استهدفت صباح اليوم موقعا للفصائل الفلسطينية شرق خان يونس جنوبي قطاع غزة، وشقة في مبنى قرب مقر الأونروا، ومقر الجامعات في قطاع غزة.
كما شنت الطائرات الإسرائيلية غارات عنيفة استهدفت مجمع أنصار الحكومي في حي الكتيبة غرب القطاع فجر أمس، وقصفت أيضا الطوابق العليا من مبنى سكني في حي النصر في غزة.
وقد أسفر العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة عن استشهاد أكثر من 220 فلسطينيا، بينهم 61 طفلا و36 امرأة، في حين أصيب نحو 1400 بجروح مختلفة.
استهداف مؤسسات إغاثية وصحية
في غضون ذلك، قال مكتب الإعلام الحكومي في غزة إن جيش الاحتلال الإسرائيلي أنذر مؤسسات أممية باعتزامه قصف مدرستي البراق والأقصى في قطاع غزة، موضحا أن هاتين المدرستين معدتان لإيواء العائلات، وأن إحداثياتهما موجودة لدى الجهات الدولية.
من جهتها، ذكرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) أن أكثر من 38 ألف شخص لجؤوا إلى مدارسها في قطاع غزة هربا من القصف الإسرائيلي.
وكان المتحدث باسم وكالة الأونروا قال إن مراكز الوكالة تستطيع إيواء 50 ألف شخص، ولكن الأعداد قد تزيد على ذلك.
وعلى الصعيد الطبي، قال المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة أشرف القدوة إن الوزارة تواجه أزمة حقيقية في ما يتعلق بالأدوية والمستهلكات الطبية وسيارات الإسعاف، وبحاجة فورية لمساعدات الإغاثة الدولية.
وأضاف القدوة أن الانتهاكات والاستهدافات الإسرائيلية طالت حتى الآن 21 مؤسسة صحية، مما تسبب في إعاقة عمل هذه المؤسسات وإعاقة وصول سيارات الإسعاف إلى مناطق الاستهداف.
من جانبها، واصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي تشديد الإجراءات الأمنية في كافة المناطق تحسبا لوقوع مواجهات على نقاط التماس في الضفة الغربية وداخل مناطق الخط الأخضر.
اضراب شامل ونفير عام
هذا وشهدت المناطق الفلسطينية على جانبي الخط الأخضر إضرابا عاما وشاملا، أمس الثلاثاء، تنديدا بالحرب الإسرائيلية على غزة والاعتداءات في القدس والتجييش العنصري ضد المواطنين العرب داخل الخط الأخضر.
ويأتي الإضراب استجابة لدعوة وجهتها لجنة المتابعة العليا لشؤون العرب الفلسطينيين داخل الخط الأخضر إلى كافة المواطنين في المدن والقرى والبلدات، حيث حثتهم على الدخول في إضراب شامل أمس الثلاثاء.
ونقلت الوكالة الفلسطينية للأنباء (وفا) أن الإضراب الشامل عمّ أمس الثلاثاء، محافظات الضفة الغربية بما فيها القدس، وأراضي الـ48 «تنديدا بالعدوان الإسرائيلي المتواصل على شعبنا الفلسطيني».
وأوضحت أن الإضراب شمل كافة مناحي الحياة التجارية، والتعليمية، بما فيها المؤسسات الخاصة والعامة، وأغلقت المدارس والجامعات أبوابها وكذلك المصارف، وتوقفت وسائل النقل العام.
ودعا التجمّع الوطني الديمقراطي العربي في إسرائيل إلى «إنجاح الإضراب الذي أعلنته لجنة المتابعة العليا وانضمت إليه القوى الوطنية الفاعلة للشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده».
وشدد التجمع على «ضرورة مواصلة النضال ضد المجازر وجرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزّة وضد مشاريع التهويد والتهجير في القدس والعدوان على المسجد الأقصى، وضد سياسة القمع والبطش والاضطهاد، التي تنفّذها إسرائيل بحق أبناء شعبنا في الداخل».
النفير العام
ودعت حركة فتح والقوى الوطنية والإسلامية في الضفة الغربية الفلسطينيين إلى النفير العام والخروج في مسيرات احتجاجية.
وقرر مجلس الوزراء الفلسطيني مشاركة موظفي القطاع العام في الإضراب، تعبيرا عن الغضب من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والضفة الغربية وخاصة مدينة القدس المحتلة.
واستثنى المجلس من القرار وزارة الصحة والهيئات المحلية والمؤسسات الخدماتية التي ستعمل بنظام حالة الطوارئ لمواصلة تقديم خدماتها للمواطنين.
********************************************************************
افتتاحية صحيفة الشرق
عون يغطي إساءة وزيره بالهروب إلى البرلمان
الحريري سيرد في البرلمان..ومجلس التعاون يطلب الاعتذار رسميا
الحريري: عون يحاول التغطية على الفضيحة العنصرية
غرد رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري عبر «تويتر»: «رسالة رئيس الجمهورية الى مجلس النواب إمعان في سياسة قلب الحقائق والهروب الى الأمام والتغطية على الفضيحة الديبلوماسية العنصرية لوزير خارجية العهد تجاه الأشقاء في الخليج العربي… وللحديث صلة في البرلمان».
اساءة «ديبلوماسية» لبنانية جديدة للخليج ..والرئاسة تتملص
رسالة من عون للمجلس عن مسار التشكيل لاتخاذ المقتضى
لم يكن ينقص مسار العلاقات المتوتّرة بين لبنان ودول الخليج سوى «شعرة» موقف وزير الخارجية شربل وهبة لتقصم ظهر البعير. فعوض ان يطل رئيس الدبلوماسية اللبنانية بكلام منمّق مختار بدقة، يرطب الاجواء بعد ازمة «الرمّان وكبتاغونه» التي حرمت لبنان نعمة تصدير منتجاته الزراعية الى المملكة العربية السعودية، في لحظة هو في أمسّ الحاجة اليه، اطلق، عن انفعال بعدما استُدرج على الارجح، ( والانفعال ليس من صفات الديبلوماسيين) ما يمكن وصفه بغير المناسب في زمانه ومكانه في حق دول وقفت الى جانب لبنان في السراء والضراء وشكلت الشريان الحيوي لانعاشه على مدى عقود، فكان ان سدد الضربة القاضية لهذه العلاقات، بحيث لم تنفع كل بيانات الاستنكار ولا سلسلة التوضيحات التي صدرت من رئاستي الجمهورية والحكومة ومن الوزير وهبة تكررا، في سحب فتيل الغضب الخليجي الذي لم ينطفئ بعد جراء الاساءات المتكررة والمتتالية من مكونات لبنانية حزبية ورسمية، فترجم استدعاء وزارة الخارجية السعودية لسفير لبنان في المملكة فوزي كبارة وتحميله مذكرة احتجاج رسمية، معتبرة ان التصريحات المسيئة هي تطاول على المملكة وشعبها. على امل ان تتوقف ردة الفعل عند هذا الحدّ، وتنجح الاتصالات التي اجراها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع اكثر من طرف معني بالموضوع مؤكدا حرصه على افضل العلاقات مع دول الخليج العربي واعتباره ما صدر عن وزير خارجية لبنان مجرد خطأ.
موقف سعودي
موقف وهبة الذي اطلقه اول امس وأساء فيه الى السعودية والدول الخليجية من دون ان يسمّيها، استحوذ على الاهتمام الشعبي والسياسي الداخلي امس، وسط مخاوف شديدة من اي يصب الزيت على نار العلاقات اللبنانية – السعودية الملتهبة اصلا … وافادت مصادر قريبة من القصر الجمهوري ان رئيس الجمهورية لم يكتف بالبيان الذي اصدرته الرئاسة انما اكد للمعنيين بالموضوع ان الخطأ الذي صدر عن الوزير انما هو نتيجة ردة فعل على اهانة وجهت الى رئيس البلاد، وهو صحيح تجاوز الحدّ غير ان لا نية له بتعكير العلاقات مع دول نكنّ لها كل الاحترام والمودّة ونعوّل على الوعي والحكمة لدى القيادات بأنها لن تسمح بمضاعفات للحادثة من شأنها ان تؤذي اللبنانيين والخليجيين وتجعل جهات كثيرة تصطاد في الماء العكر.
الرئاسة تتبرّأ
وكانت رئاسة الجمهورية سارعت الى التبرّؤ من كلام وزير الخارجية واعتبرت في بيان «ان ما صدر عن وهبة من مواقف يعبر عن رأيه الشخصي ولا يعكس موقف الدولة ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون». وأكدت الرئاسة «عمق العلاقات الأخوية بين لبنان ودول الخليج الشقيقة وحرصها على استمرار هذه العلاقات وتعزيزها في المجالات كافة، وحرص رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على رفض ما يسيء الى الدول الشقيقة والصديقة عموماً، والمملكة العربية السعودية ودول الخليج خصوصاً».
وهبه يوضح
من جانبه، أدلى وهبة بتصريح وزّعه على الاعلام قال فيه « يهمني التأكيد، مرة جديدة ،أن بعض العبارات غير المناسبة التي صدرت عني في معرض الإنفعال رفضا للإساءات غير المقبولة الموجهة إلى فخامة رئيس، الجمهورية، هي من النوع الذي لا اتردد في الإعتذار عنه.
مجلس التعاون الخليجي: لاعتذار وهبة رسمياً
طالب مجلس التعاون الخليجي وزير الخارجية اللبناني في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبة، بتقديم اعتذار رسمي لدول الخليج.
واعتبر في بيان، امس، أن «تصريحات وزير الخارجية اللبناني تتنافى مع أبسط الأعراف الديبلوماسية».
وأعرب الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي نايف فلاح مبارك الحجرف، عن رفضه لتصريحات وزير الخارجية اللبناني المشينة.
رسالة عون
سياسيا، خرقت الجمود الحكومي، رسالة وجهها الرئيس عون الى الأمانة العامة لمجلس النواب ، تطرح مسألة الوقت المُتاح أمام رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري لتشكيل الحكومة. ويفترض برئيس مجلس النواب، نبيه بري،بحسب الدستور، أن يدعو إلى جلسة عامة لمناقشة الرسالة.
اوساط بعبدا اكدت ان رئيس الجمهورية وجه الرسالة الى المجلس بواسطة رئيسه عارضا لمسار عملية التشكيل منذ لحظة تكليف الرئيس سعد الحريري، وهو يعود الى البرلمان كونه أمّ السلطات ومنطلق شرعية اللبنانيين والجهة التي اوكلت الى رئيس البلاد واجب تكليف سعد الحريري استنادا الى الاستشارات النيابية الملزمة. ونظرا الى ان المُكلف تجاوز المهلة المعقولة ولم يُشكل، فطبيعي ان يعود رئيس الجمهورية الى من اوكل اليه التكليف ليضع بين يديه المعطيات كاملة ويترك له ان يقرر او يفتي او يحدد الموقف والاجراء المناسبين. واضافت: الرسالة مثابة تنبيه الى المرجعية الدستورية بما تمثل، لاعلامها بتفاصيل هذا المسار بعد اكثر من سبعة اشهر على انطلاقه من دون بلوغ اي نتيجة.
جنبلاط اتصل ببخاري متضامناً مع السعودية
أجرى رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط اتصالا بسفير المملكة العربية السعودية وليد بخاري، مستنكرا «الكلام المسيء وغير المسؤول الذي صدر عن وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبه»، مؤكدا رفضه وإدانته لـ»مثل هذا الكلام الذي لا يعبر على الإطلاق عن عمق العلاقة الأخوية التاريخية التي تجمع اللبنانيين بالخليج العربي»، معربا عن التضامن مع المملكة العربية السعودية قيادة وشعبا.
فرنجية والكيدية
الى ذلك، استقبل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية والنائب فريد هيكل الخازن. بعد اللقاء، قال فرنجيه اننا «نعيش عصر النكايات والكيدية وليس عصر التسويات فيما نحن في حاجة لإيجاد دولة، وان المرحلة ليست مرحلة الاشتباك إنما مرحلة الجلوس معاً لنجد حلاً لبلدنا ولكن أن نجلس معاً بات إنجازاً». واضاف «خائفون على لبنان والوضع لا يطمئن.. لن نحمّل المسؤولية لأحد فكل منا يتحمل مسؤولية وطنية في التنازل لنصل إلى تسوية».
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :