افتتاحية صحيفة البناء :
فلسطين تحيي "النكبة" بالصواريخ والانتفاضة الشاملة… و"القومي": بتنا أقرب إلى النصر نتنياهو يُفشل وقف النار ويمدّد لحربه … وحزب الله وحماس والجهاد: نصرُنا ومصيرُنا واحد السوريّون في لبنان يستعدّون للانتخابات: انتصار سورية أعاد المبادرة لمحور المقاومة
بقيت فلسطين في صدارة المشهد، وقد تزامنت أيام العيد مع ذكرى قيام كيان الاستيطان، وهي المرّة الأولى التي يُحرم فيها الكيان والمستوطنون من الاحتفال بالذكرى، بينما أحيا الفلسطينيون ذكرى "النكبة" بالصواريخ التي استهدفت مدن الكيان ووضعت ملايين مستوطنيه في الملاجئ، وبانطلاق انتفاضة شاملة في الضفة الغربية والقدس والأراضي المحتلة عام 48، والانتفاضة سيتوّجها اليوم إضراب فلسطيني شامل، وفي ذكرى النكبة خرجت عواصم عربية وإسلامية، ومدن كبرى في العالم بتظاهرات حاشدة، رفعت فيها أعلام فلسطين وتعالت خلالها الهتافات المندّدة بكيان الاحتلال كنظام تمييز عنصريّ، وخرجت عشرات البيانات المؤيدة لنضال الشعب الفلسطيني وحق اللاجئين بالعودة الى ديارهم، وأصدر الحزب السوري القومي الاجتماعي بياناً بالمناسبة أكد خلاله على محورية القضيّة الفلسطينية، ويقينه بأن النصر بات أقرب.
المجازر الصهيونيّة بحق الفلسطينيين في غزة تواصلت بوتيرة عالية فحصدت عشرات الشهداء من العائلات، وتصدّرت صور جنازات الأطفال مشهد المدينة المدمّرة، بينما أكدت مصادر على صلة بالمساعي الهادفة لوقف النار أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو أبلغ ليلاً الأميركيين الذين أبلغوا الفريقين المصري والقطري برفضه مساعي وقف النار، عند نقطتين، الأولى إصراره أن يتم وقف النار بصيغة تؤكد أن يد جيش الاحتلال هي العليا فيعلن وقفاً للنار وتلتزم به قوى المقاومة، بدلاً من صيغة الإعلان عن التوصل لوقف النار من الوسطاء الأميركي والمصري والقطري وإعلان الطرفين التزامهما به، والثانية وهي الأهم، رفض نتنياهو أن يتضمن الإعلان عن أي إجراءات توقف الإخلاءات لمنازل السكان الأصليين في القدس، وتقديم ضمانات لوقف الانتهاكات في المسجد الأقصى، رغم الصيغة التي قدّمها الأميركيون من دون موافقة فصائل المقاومة وتتضمّن الامتناع عن أية إجراءات أحادية في القدس ورفضها نتنياهو.
قوى المقاومة التي التقت في مهرجان تضامني مع فلسطين في الضاحية الجنوبية لبيروت بدعوة من حزب الله، تحدّث خلاله رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله السيد هاشم صفي الدين والأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد نخالة وممثل حركة حماس أسامة حمدان ممثلاً رئيس المكتب السياسيّ لحماس إسماعيل هنية. وقد أجمعت الكلمات على الطابع المصيري للمعركة الحالية حول القدس، وعلى وحدة محور المقاومة ووحدة مصير قواه ونصرها المشترك المقبل، من دون أن يبدو واضحاً حجم ما تحمله الكلمات من مؤشرات تمهيديّة لفتح جبهات أخرى في الاشتباك مع جيش الاحتلال، بينما حملت أنباء منتصف الليل معلومات عن سقوط عدد من الصواريخ الصغيرة التي تلجأ إليها مجموعات متضامنة مع فلسطين، استهدفت مستوطنتي مسكاف عام وكريات شمونة، ردّ عليها جيش الاحتلال بقذائف مدفعية على تلال كفرشوبا.
في التحضيرات الجارية للانتخابات الرئاسية السورية التي تشرف عليها بالنسبة للسوريين المقيمين في لبنان السفارة السورية في بيروت، يوم الخميس المقبل، شهدت محافظتا البقاع والشمال لقاءات حاشدة، أكدت خلالها الكلمات أهميّة الاستحقاق الرئاسيّ السوري في تأكيد مسار وحدة واستقرار سورية من جهة، وانتصار خيار المقاومة من جهة أخرى، خصوصاً لجهة أن انتصار سورية أعاد لمحور المقاومة زمام المبادرة.
ورأى رئيس الحزب السوريّ القوميّ الاجتماعيّ وائل الحسنيّة، أن الخامس عشر من أيار 1948 ليس تاريخاً للنكبة وإعلان كيان الاغتصاب الصهيوني على أرض فلسطين وحسب، بل هو وصمة عار على أنظمة عربيّة بعينها تآمرت على فلسطين في السرّ، كما تتآمر اليوم في العلن وتوقع بأحرف من ذلّ على صفقة القرن لتصفية المسألة الفلسطينية برمتها.
وأشار رئيس الحزب في بيان أصدره بمناسبة ذكرى اغتصاب فلسطين الى أن صمود سورية بمواجهة الحرب الإرهابية الكونية، ودحرها الإرهاب وإفشالها مشاريع رعاته، هي العوامل الأساسية التي أعادت تثبيت الخط البياني للتحرير وتحديد وجهته، فها هي صفقة القرن قد ترنّحت وتهاوت بفعل رفض شعبنا لها ومقاومته للعدوان الصهيوني العنصري الاستيطاني، وبفعل الدماء التي تفتدي فلسطين، في القدس والأقصى والشيخ جراح وغزة والضفة وكل فلسطين.
وأكد أن ذكرى اغتصاب فلسطين هذا العام، استحالت فرصة حقيقة لترسيخ معادلة مختلفة وقواعد اشتباك جديدة، وآليات صراع غير مسبوقة، وكلنا ثقة أننا في معركتنا المصيرية والوجودية ضد الاحتلال بتنا أقرب إلى النصر من أي وقت مضى، وأن فلسطين ستعود حكماً إلى عهدة أبنائها محرّرة.
أضاف: تحلّ ذكرى اغتصاب فلسطين هذا العام وشعبنا المقاوم يرسّخ أكثر وأكثر صحة ودقة خياره الاستراتيجي بأن المقاومة بكل أشكالها هي الطريق الوحيد لتحرير فلسطين. فالمقاومة العسكرية تطور قدراتها يوماً بعد يوم، وتراكم خبراتها معركة تلو المعركة، مشكلة مع محيطها وامتدادها الطبيعي في كل الأمة السورية كلاً متماسكاً يحصد الانتصار بعد الانتصار.
واعتبر الحسنية أن كيان الاغتصاب الصهيونيّ قام على أرضنا بالإرهاب والعدوان والإجرام وتحت مظلة الغطرسة الاستعمارية الغربية، أما نحن فلا نعترف لأية هيئة دولية بحق انتزاع شبر واحد من أرضنا ومنحه إلى أي كان. فمن أراد من أمم العالم أن يتنازل عن جزء من أرضه لصالح الاحتلال، فهذا شأنه. أما نحن فسنبقى كما أرادنا مؤسس الحزب السوري القومي الاجتماعي الشهيد أنطون سعاده في حالة حرب من أجل فلسطين حتى تحريرها.
بدوره أكد المكتب السياسي لحركة "أمل" في بيان إثر اجتماعه الدوري أن "تحولات استراتيجية كبرى على مستوى القضية الفلسطينية والمنطقة والعالم قد ولّدها صمود الفلسطينيين في غزة والأقصى وداخل أراضي 1948، من تجلياتها حجم الأسئلة الوجودية التي تطرح اليوم في أروقة القرار الصهيوني حول بقاء الدولة والكيان وإمكانية استمرار الاحتلال وقهر الفلسطينيين بالعنف والإرهاب، وتجاوز حقوقهم المشروعة بالدولة وعودة اللاجئين، هذه الأسئلة الذي أعاد إنتاجها حجم التفاعل الشعبي في فلسطين والعالم العربي وعواصم القرار الكبرى التي تضج اليوم بتظاهرات الاحتجاج والإدانة لـ "إسرائيل" ووصمها بإقامة نظام فصل عنصري".
ولا تزال التطورات في فلسطين المحتلة في واجهة الأحداث في المنطقة والعالم، وبالتالي تلقي بثقلها على المشهد الداخلي في ضوء التوتر الذي شهدته المناطق المحاذية لفلسطين المحتلة.
وبعد المواجهات التي دارت على الحدود الجنوبيّة خلال الأيام الماضية وأدت إلى سقوط شهيد وعدد من الجرحى، ساد هدوء حذر أمس على طول الشريط الحدودي بعد تدخّل الجيش اللبناني لضبط الوضع.
إلا أن خبراء عسكريين يحذّرون من أن ما يجري في فلسطين المحتلة له أبعاد وتداعيات ونتائج كبرى على مستوى المنطقة وعلى جبهات المقاومة المختلفة ومنها لبنان الذي يُعدّ قوة دعم أساسية للمقاومة الفلسطينية، لكن لا أحد يمكنه رسم سيناريو لمسار الحرب الدائرة في فلسطين المحتلة، فسياق وتطور الأمور بشكل سريع ودراماتيكي وحجم المفاجآت والتي تكشفها المقاومة الفلسطينية في غزة والهبّة التاريخية للشعب الفلسطيني في مختلف المناطق في الضفة وأراضي الـ 48 يؤكد بأن ما بعد الانتفاضة الجديدة لن يكون كما قبلها، ليس فقط في داخل فلسطين المحتلة بل على صعيد المنطقة برمّتها". وأشار الخبراء لـ"البناء" الى أنه "في ظل خطورة الوضع وذهاب الحرب الى مفصل حاسم سينعكس على مستقبل القضية الفلسطينية والصراع بين كيان الاحتلال والفلسطينيين، فلا ضمانة بأن يبقى الوضع هادئاً ومستقراً على جبهات الدول المعادية لـ"إسرائيل" كلبنان وسورية وربما الأردن ومصر والعراق واليمن وغيرهم، خصوصاً إذا طال أمد الحرب وتمادى العدو بجرائمه وبقضمه للحقوق الفلسطينية والمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس والمسجد الأقصى، وقد تتدحرج الحرب وتتوسّع الى جبهات أخرى". وفي هذا السياق لفت الخبير والمحلل العسكري العميد هشام جابر لـ"البناء" الى أن "لا أحد يعرف كيف تتطور الحرب، لكن المرجح أن تبقى الجبهة الجنوبيّة مستقرة في الوقت الراهن لان لا مصلحة لـ"إسرائيل" بفتح جبهة جديدة. فإذا كانت صواريخ حركة حماس في غزة أربكت الكيان واستهدفت قلبه في تل أبيب وغيرها من المناطق الحيوية ولم يستطع مواجهتها والقضاء عليها فكيف في حال دخل حزب الله في الحرب؟ وهذا ما يتخوّف منه المسؤولون الإسرائيليون".
ويشير جابر الى أن "لا مصلحة لحزب الله ايضاً بإشعال الحرب طالما المقاومة الفلسطينية قادرة على الصمود والمواجهة وإلحاق الخسائر الباهظة بجيش العدو وأمنه واقتصاده إضافة الى سبب آخر وهو تقدم المفاوضات الأميركية الإيرانية في الملف النووي الإيراني الذي عملت "اسرائيل" ولا زالت على اشعال الحرب في الشرق الاوسط لتوريط الأميركيين فيها لإجهاض الاتفاق الأميركي الإيراني، لكنها فشلت". لكن جابر دعا الجيش اللبناني والمقاومة اللبنانية لأخذ الحيطة والحذر والاستعداد لأية مغامرة قد يقدم عليها العدو كاستغلال أي حادث مفتعل كإطلاق صواريخ من جنوب لبنان للقيام بعملية عسكرية للهروب الى الأمام من مأزقه الداخلي لا سيما أن رئيس حكومة العدو يخوض معركة حياة أو موت لرفع شعبيته المتراجعة للفوز في الانتخابات الإسرائيلية والتخلص من الملاحقة القضائية بتهم فساد".
ومن المرتقب أن يطل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عبر كلمة له في عيد المقاومة والتحرير في 25 الحالي، سيتناول تطورات المشهد الفلسطيني اضافة الى بعض الملفات الداخلية اللبنانية.
في غضون ذلك لم تُسجل أية حركة على الصعيد الحكومي في ظل تمديد الرئيس المكلف سعد الحريري اجازته العائلية في الإمارات. ولفتت مصادر مطلعة لـ"البناء" الى أن "الملف الحكومي بات في خبر كان ولم تحصل أي اتصالات أو لقاءات في عطلة عيد الفطر على صعيد التأليف". لكن المصادر توقعت حركة جديدة هذا الاسبوع لتفعيل خطوط التواصل. ولفتت الى أن "لا حلول في الأفق للأزمة الحكومية والتأقلم مع الواقع هو الحل الوحيد المتاح".
ولم يسجل أي تحرك دولي باتجاه لبنان بعد نفض الفرنسيين يدهم من الملف الحكومي واللجوء الى خيار العقوبات على الشخصيات المعرقلة لتأليف الحكومة كما يقول الفرنسيون. وتنقل جهات ديبلوماسية رسمية لبنانية عن ديبلوماسيين ومبعوثين أوروبيين وأميركيين ودوليين زاروا لبنان خلال الأسابيع القليلة الماضية أجواءً قاتمة حيال الوضع الاقتصادي والمالي والاجتماعي في لبنان. وأشارت هذه الجهات لـ"البناء" الى "تأكيد هؤلاء المسؤولين أن المجتمع الدولي وأصدقاء لبنان قاموا بما عليهم لمساعدة اللبنانيين على حل الأزمة السياسية وتأليف حكومة قادرة على مواجهة التحديات القائمة والحد من الانهيار وعودة النهوض الاقتصادي، لكن المسؤولين اللبنانيين لم يكونوا على قدر المسؤولية ومستوى هذا التحدي ولم يبدوا التعاون اللازم لتسهيل الحل لأزمة بلدهم". وأكدوا بأن "الازمة كشفت حجم تمسك زعماء لبنان بمصالحهم". وتوضح الجهات أن "لبنان أصبح عبئاً على الدول الخارجية حتى دفع بعض المسؤولين الدوليين للقول في مجالسهم "لقد تعبنا من لبنان"، ولفتت الى "خطورة إفشال المبادرة الفرنسية، حيث إن زعماء لبنان ضربوا بعرض الحائط كل جهود الدولة الوحيدة الباقية المهتمة بلبنان أي فرنسا لمساعدته على الخروج من أزمته".
وعن خيار العقوبات علمت "البناء" أن "جهات ديبلوماسية لبنانية اتصلت ببعض السفراء الأوروبيين في لبنان والخارج للتحقق من مدى جدية العقوبات الفرنسية والأوروبية ضد شخصيات لبنانية، لكنهم رفضوا الإفصاح عنها". لكن المصادر لفتت الى أن "العقوبات على مستوى الاتحاد الأوروبي خيار متعذّر حتى الآن لوجود دول معارضة وأهمها هنغاريا"، لكن المصادر "لا تستبعد أن تعمل فرنسا والقوى الأوروبية الرئيسية على إقناع تلك الدول المعارضة عبر الضغوط السياسية أو عبر الترغيب الاقتصادي لتعديل موقفها والسير بركب العقوبات، خصوصاً أن مصلحة هذه الدول بالبقاء تحت سقف الاتحاد الأوروبي في نهاية المطاف".
أما في حال تعذّر خيار العقوبات على مستوى الاتحاد الاوروبي فلفتت المصادر الى "توجّه فرنسي لفرض عقوبات احادية على شخصيات سياسية لبنانية متهمة بعرقلة تأليف الحكومة مثل منع سفرها الى فرنسا وقد ترفع منسوب العقوبات الى حدود تجميد أصول وأموال هذه الشخصيات في فرنسا ودول اوروبية أخرى".
وأكد رئيس الجمهورية لنائبة وزير الخارجية والتعاون الدولي في الجمهورية الايطالية مارينا سيريني التي زارته أمس، في قصر بعبدا "أن تشكيل حكومة جديدة له الأولوية حالياً في عملنا السياسي على رغم العقبات التي تواجه هذه المسألة من داخل وخارج، لكننا لن نوفّر أي جهد للوصول الى هذا الهدف وتشكيل حكومة تكون من أولى مهامها تحقيق الإصلاحات المطلوبة واستكمال مكافحة الفساد الذي يعاني منه لبنان، إضافة الى التدقيق المالي الجنائي الذي يشكل المدخل الحقيقي لهذه الإصلاحات". وشدّد عون امام المسؤولة الايطالية على ضرورة دعم الدول الصديقة للبنان، وفي مقدّمها ايطاليا، في سعيه لاستعادة الأموال التي هُرّبت الى الخارج ولاسيما الى مصارف أوروبية، لافتاً الى ان مكافحة الفساد تعيد الانتظام الى البنية الاقتصادية للدولة بإداراتها ومؤسساتها كافة.
وفي موقف هو الأول من نوعه من الانتخابات النيابية وسط المخاوف الداخلية والخارجية من تطييرها، أكد عون لسيريني أن الممارسة الديموقراطية في لبنان مصونة على رغم كل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، وستترجم في الانتخابات النيابية والبلدية المقبلة التي ستجري في موعدها في العام 2022.
وحتى ذلك الحين تتفاقم الأزمات الحياتية والاقتصادية وسط عودة الشارع الى الواجهة، حيث عمد بعض المتظاهرين الى قطع بعض الطرق في بيروت والشمال احتجاجاً على تردي الاوضاع المعيشية مع توقعات مراجع أمنية بحسب معلومات "البناء" أن "تتأجج الاحتجاجات خلال الأيام المقبلة لا سيما مع اقتراب موعد رفع الدعم عن بعض المواد والسلع الاساسية". وفي هذا السياق، لفتت مصادر حكومية لـ"البناء" الى أن "العمل جار لإنجاز آلية ترشيد الدعم والبطاقة التمويلية على ان تستكمل اللجنة الوزارية الاقتصادية جلساتها على هذا الصعيد خلال اليومين المقبلين". ولفتت أوساط نيابية لـ"البناء" أن "الوضع سيبقى على ما هو عليه أي الاستمرار بسياسة دعم المواد الأساسية حتى يتم الاتفاق على البطاقة وتمويلها، وبالتالي لن يتم رفع الدعم قبل الاتفاق على البطاقة التمويليّة". ولفتت الى أن "حاكم مصرف لبنان رياض سلامة سيستمر بالدعم من أموال الاحتياط ولا حل آخر حتى الساعة اذا لم يتم الاتفاق على البطاقة"، الا ان مصادر أخرى توقعت أن "ينشأ خلاف كبير بين الحكومة والمجلس النيابي ومصرف لبنان حول ملف رفع الدعم"، مشيرة لـ"البناء" الى أن "الحاكم بدأ عملياً برفع الدعم عن بعض المواد الغذائية الاساسية كاللحوم والدواجن وقد يرفع الدعم عن البنزين وسلع أخرى نهاية الشهر الحالي".
وأمس وصل وفد عراقي الى مطار بيروت لتسليم الهبة العراقيّة المقدّرة بـ3 ملايين دولار الى الجيش اللبناني.
وفي مؤشر خطير يعبر عن عمق الأزمة وأعاد الى الأذهان الى مشهد الاشتباكات بين المواطنين في "السوبرماركات" على البضاعة المدعومة، يتكرّر هذا المشهد امام محطات الوقود كل يوم لا سيما في بلدة ببنين في عكار، حيث قتل مواطن أمام إحدى المحطات في البلدة وتطور الى اشتباكات مسلحة بين أبناء البلدة.
*************************************************************************
افتتاحية صحيفة الأخبار :
الدولار على حاله: منصة سلامة لا تعمل
أخيراً انطلقت منصة رياض سلامة من دون أن يكون ثمة منصة فعلية، بل مجرد أكاذيب إضافية ينشرها الحاكم للتهويل على المودعين والضغط لإصدار قانون يتيح له تغطية موبقاته السابقة واللاحقة
بعدما بات تاريخ إطلاق منصة مصرف لبنان مشابهاً لموعد الفوز بجائزة اللوتو على قاعدة "إذا مش الإثنين الخميس"، عمد حاكم المصرف المركزي رياض سلامة، يوم أمس، الى تسريب خبر إطلاق المنصة، بتأخير عن الموعد الرسمي الذي كان قد وعد به قبل نحو شهر. حصل ذلك من دون أي بيان رسمي من سلامة أو حتى بلاغ للمصارف التي أتمت جاهزيتها التقنية، وحاول بعضها البارحة الصرف عبر المنصة عقب شيوع الخبر، لتتكلل التجربة بالفشل. ما هو واضح، استمرار حاكم مصرف لبنان في نشر الأكاذيب والتهويل على أصحاب الودائع عبر ربط المنصة بما سبق أن أعلنه الأسبوع الماضي بشأن مفاوضته المصارف لإعطاء المودعين مبلغاً من المال من ودائعهم بالدولار، حدّه الأقصى 25 ألف دولار مقسّطة على ثلاث سنوات. وربطه من ناحية أخرى بقوننة استعمال مليارات الاحتياطي الإلزامي لتغطية نفسه، رغم أن بإمكان المصرف المركزي التصرف بهذه الأموال من تلقاء نفسه، وليس ثمة ما يمنعه من القيام بذلك سوى أنه يسعى مجدداً الى تنفيذ مخطط احتيالي آخر، علماً بأن المبلغ الذي يعتزم "تمنين" المودعين به من جيوبهم، سيكون عبر دفعة بالدولار ودفعة أخرى بالليرة اللبنانية على أساس سعر الصرف المحدّد في المنصة، يجري تقسيطهما على 3 سنوات. ويقضي مخطط سلامة باستعمال دولارات الدفعة الثانية من أموال المودعين لضخّ الدولارات في المنصة. لكنه حتى مساء أمس لم يكن قدد حدّد للمصارف أو للصرافين وفق أي سعر صرف ستعمل، وإذا ما كان سيحدّد السعر بنفسه أو يربطه بعمليات البيع والشراء في السوق. مصداقية حاكم المصرف المركزي المفقودة والثقة المعدومة بأي قرار يصدره، أسهمتا في عدم حدوث أي تغيير جذري في سعر الصرف ولو ظرفياً بالتزامن مع الاعلان غير الرسمي عن إطلاق المنصة، إذ سجّل الدولار انخفاضاً في قيمته لا تتعدى 200 ليرة خلال ساعات بعد الظهر، ليعود ويرتفع الى حدّ 12650 ليرة. رغم ذلك، وحده سلامة يعتقد أن ابتزاز المودعين بأموالهم والدفع عبر التجزئة باللبناني والدولار والتقسيط على مدة 3 سنوات، هي إجراءات ستسهم في تخفيف الضغط عن سعر الليرة عبر وضع الدولار في التداول في السوق، خلافاً للترجيحات بأن يعمد المودعون الى ضبّ دولاراتهم وعدم التصرّف بها أو صرفها.
أما سياسياً، فلا صوت يعلو، بالنسبة إلى أغلب اللبنانيين، على صوت البطولات التي يسطّرها الشعب الفلسطيني أمام آلة القتل الإسرائيلية. على صعيد تأليف الحكومة، لم تسهم فرصة العيد سوى في تعزيز حالة الفراغ المستحكمة؛ لا الرئيس المكلّف مكترث للتشكيل بل يستفيق فقط لتقديم فروض "التبجيل" للخارج، فيما رئيس الجمهورية ما زال ينتظر الأخير لتقديم تشكيلة تراعي التوازنات. وإذا كان التأليف بعيد المنال، فإن ذلك لم يسهم بعد في حثّ رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب على التحرّك وتحمّل الحد الأدنى من مسؤولياته. حتى ملف ترشيد الدعم الذي وضع على نار حامية في الأسبوعين الماضيين، يبدو أنه أقفل مجدداً. اللجنة الوزارية المعنية لم تجتمع، كما لم يعد أحد من المعنيين يتطرق إلى الموضوع. وحده حاكم مصرف حسم أمره، وقرّر المضي قدماً في إجراءات ترشيد الدعم من طرف واحد، من خلال تضييق الخناق على المستوردين وتقنين الاعتمادات الدولارية. إلى ذلك، يأتي ملف الكهرباء ليزيد الضغوط على الناس، الذين يبدو أنهم صار عليهم أن يعتادوا تقنيناً قاسياً. عصر البواخر التركية أفل رسمياً، والباخرتان "فاطمة غول" و"أورهان باي" أطفأتا محركاتهما، لكنهما لن تكونا قادرتين على المغادرة بعدما حجز عليهما المدعي العام المالي، لاتهامه شركة "كارادينيز" بدفع عمولات. القدرة الانتاجية للباخرتين تبلغ 470 ميغاواط (نظراً إلى شح الفيول كانتا تنتجان 200 ميغاواط مؤخراً)، وهذا سيؤدي إلى ضغط كبير على المعامل الأخرى، ومعظمها قديم ومتهالك. لكن ذلك لن يكون التحدي الوحيد أمام مؤسسة كهرباء لبنان. رفع الباخرتين عن الشبكة أدى إلى تخفيض الإنتاج إلى 950 ميغاواط، وجعل المحافظة على هذا المعدّل المتدنّي أصلاً تحدياً حقيقياً أمام المؤسسة. فأي عطل طارئ يمكن أن يطال شبكة النقل أو في المعامل، سيؤدي إلى كارثة على صعيد الإنتاج. وهذه الكارثة طيفها سيكون حاضراً، أيضاً، في حال حصل أي تأخير إضافي في شراء الفيول، أو في حال استمر مصرف لبنان في رفض تمويل الحاجات الضرورية للمؤسسة، إن كان لتأمين قطع الغيار أو لإجراء الصيانات الضرورية أو شراء المعدات.
**********************************************************************
افتتاحية صحيفة النهار
وزير الخارجية يهدّد علاقات لبنان بالخليج !
مع ان العامل الإيجابي شبه الوحيد الذي يتكرر تأكيده عند محطات خارجية وداخلية متعاقبة يتمثل في ان #الازمة اللبنانية لا تزال تجد مكانا بارزا لها في اهتمامات المجتمع الدولي، الذي وان كان موقفه السوداوي المتشائم حيال الطبقة الحاكمة بات إجماعياً، فان الخطير ان يغدو لبنان مهددا في علاقاته بالدول الصديقة والشقيقة على يد مسؤولين بأنفسهم. وهذا ما حصل امس مع موقف غريب ومستهجن لوزير الخارجية اثار الخشية من ان يفتح الباب على تدهور خطير في علاقات لبنان بالدول الخليجية ولا سيما منها السعودية والامارات.
العامل الإيجابي أولا برز من خلال المعلومات التي أفادت ان ملف #الازمة الحكومية في لبنان لم يغب عن المشاورات التي اجراها امس الرئيسان الفرنسي ايمانويل #ماكرون والمصري عبد الفتاح #السيسي على هامش انعقاد #منتدى باريس للبحث في الأوضاع المالية للسودان. وعلى رغم أولوية البحث في وقف الحرب الإسرائيلية على #غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، فان المعطيات تفيد ان جانباً من الاهتمامات المشتركة الفرنسية المصرية خصص للبنان الامر الذي يمكن ان يتبين بعده بعض المعطيات الجديدة في التواصل مع بعض الجهات اللبنانية خصوصا ان الاستعدادات الجارية على الصعيد الأوروبي الواسع في شأن انجاز اطار العقوبات الأوروبية على شخصيات لبنانية تجري بجدية وثبات.
المستوى الاخر من الاهتمام برز أيضا في الزيارة التي قامت بها نائبة وزير الخارجية الإيطالي #مارينا سيريني للبنان في الأيام الثلاثة الماضية والتي لخصت نتيجتها بقولها “إيطاليا باقية الى جانبكم”. المسؤولة الإيطالية التي خصت “النهار” بحديث عن انطباعاتها اعتبرت ان زيارتها “تشكل دليلا ملموسا على قرب إيطاليا من الشعب اللبناني والمؤسسات اللبنانية والتزام إيطاليا بذل ما في وسعها للتخفيف من معاناة السكان مع ضرورة ان تتحمل الطبقة الحاكمة اللبنانية مسؤوليتها وتتخذ الإجراءات اللازمة لكبح الازمة ” ولاستمرار الدعم الخارجي للبنان. ولم تخفِ سيريني انها أكدت لجميع المسؤولين السياسيين الذين التقتهم “ضرورة ان يتخطى القادة اللبنانيون حالة الجمود والمماطلة السائدة وان يشرعوا دون مزيد من التأخير في تشكيل حكومة قادرة على تبني الإصلاحات الهيكلية التي طال انتظارها لتجنب الانهيار”.
واكد رئيس الجمهورية #ميشال عون لنائبة وزير الخارجية الإيطالي التي زارته امس “ان تشكيل حكومة جديدة له الاولوية حالياً في عملنا السياسي على رغم العقبات التي تواجه هذه المسألة من داخل وخارج، لكننا لن نوفر اي جهد للوصول الى هذا الهدف وتشكيل حكومة تكون من اولى مهامها تحقيق الاصلاحات المطلوبة واستكمال مكافحة الفساد الذي يعاني منه لبنان، اضافة الى التدقيق المالي الجنائي الذي يشكل المدخل الحقيقي لهذه الإصلاحات”. وشدد على ضرورة دعم الدول الصديقة للبنان، وفي مقدمها ايطاليا، في سعيه لاستعادة الاموال التي هُرّبت الى الخارج ولاسيما الى مصارف اوروبية.
وهبة والسلاح والدواعش !
لكن ما اثار الاستغراب الواسع لدى أوساط مراقبة تمثل في مواقف وصفت بانها نافرة لوزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال #شربل وهبة من سلاح “#حزب الله” خصوصا ان وهبة يستعد لزيارة الفاتيكان في العشرين من أيار الحالي. وقالت هذه الأوساط انه لو لم يكن وهبة وزيرا للخارجية في حكومة مستقيلة لكان واجباً المطالبة باستقالته. وقد اعلن وهبة في حديث تلفزيوني “ان الفرنسيين لم يأتوا على ذكر سلاح حزب الله وان سلاح الحزب هو سلاح يتحمل مسؤوليته حزب الله، لا شك أن لبنان يتحمّل هذه المسؤولية ولكن ليس القرار قرار الدولة اللبنانية”. وأضاف “عندما كانت اسرائيل تحتل الأراضي اللبنانية تَجنَّد عناصر الحزب للدفاع عن سيادة لبنان”.
وعن مبرّر بقاء سلاح “حزب الله” اليوم قال وهبة “انظروا ماذا يحصل في غزة فهل حصل مثله في لبنان؟ فإذا كان هذا السلاح رادعا للعدو الإسرائيلي فلن أمسّ به لأنه بالنسبة الينا بوليصة تأمين”مضيفاً “اننا الآن امام معضلة انهيار اقتصادي ام انهيار السيادة واحتلال الأراضي اللبنانية، وبين الإثنتين أختار كرامتي والحفاظ على سيادتي، أما الاقتصاد فيذهب ويعود”.
اما الامر الخطير الاخر فكان في موقف مسيء الى علاقات لبنان مع الدول الخليجية. فلدى سؤال وهبة بأننا اليوم اصبحنا في مرحلة ثانية، أجاب ساخراً :”في المرحلة الثانية جاء الدواعش وقد أتت بهم دول أهل المحبة والصداقة والأخوة فدول المحبة جلبت لنا الدولة الاسلامية وزرعوها لنا في سهل نينوى والأنبار وتدمر.”
وقد نقلت مصادر ديبلوماسية ليلا استياء خليجيا من تصريحات وهبه قد تدفع باتجاه اتخاذ اجراءات بحق لبنان تتدرج من طلب اعتذار علني الى سحب ديبلوماسيين من بيروت…
مواقف للحريري
اما في المشهد السياسي المتسم بشلل مستمر حيال الازمة الحكومية ، فغابت أي معطيات من شأنها ان تحمل جديدا في التصدي للانسداد . كما ان ما تردد عن احتمال تحرك وساطة جديدة لرئيس مجلس النواب نبيه بري بدا انه يفتقر الى الدقة. ولفت في هذا السياق اعلان الامين العام لتيار “المستقبل” احمد #الحريري امس ان الامور حكوميا “لا تزال على حالها” . وعما يشاع عن اعتذار الرئيس المكلف سعد الحريري شدد على “أن الرئيس المكلف كان واضحا ولم يصدر عنه اي شيء، وان كل ما صدر عبارة عن تسريبات اعلامية، وستكون له مواقف واضحة في المرحلة المقبلة بما فيها مصلحة البلد وهموم الناس مع دراسته لكل الخطوات والخيارات للوصول الى القرار الصحيح”.
وبدوره رأى المكتب السياسي في حركة “امل” انه “حان الوقت للتراجع عن السقوف العالية والمطالب الضيقة الافق من أجل مصلحة اللبنانيين، وإنجاز تشكيل #الحكومة للنهوض بورشة إستدراك الانهيار الشامل، والقيام بالاصلاحات المطلوبة كي لا يكون مصير لبنان ورقة في مهب ريح ما يُرسم للمنطقة”.
وفي اطار التحركات التضامنية مع الفلسطينيين في مواجهة الة الحرب والدمار الإسرائيلية برزت خشية من افتعال ارباكات داخلية من خلال عودة التعرض لدول خليجية وعربية معينة . وصدر امس عن تيار “المستقبل” بيان حذر فيه من توجيه جهة مجهولة دعوة للتجمع امام سفارة الامارات العربية المتحدة في الرملة البيضاء، تحت عنوان “التطبيع خيانة… معاً في مواجهة الانظمة المطبعة”. واعتبر التيار “إنّ اقل ما يمكن ان يقال بالدعوة الى التجمع امام السفارة الاماراتية، انها دعوة مشبوهة ترمي الى تعميق الخلاف بين لبنان واشقائه العرب” . واعلن “ان كل دعوة استفزازية للسفارات العربية ستواجه بدعوة مقابلة من التيار، لان زمن المتاجرة بقضية فلسطين قد انتهى، وزمن التطاول على العرب باسم فلسطين لن يتكرر”.
في سياق آخر تُواصل واشنطن مطاردتها “حزب الله” مالياً. ونشر امس الحساب الرسمي لبرنامج “مكافآت من اجل العدالة” التابع لوزارة الخارجية الأميركية صورة لمحمد إبرهيم بزي عبر “تويتر”. وعلّقت على الصورة بالقول “يستخدم محمد إبرهيم بزي انشطته التجارية الدولية لتوفير الملايين من الدولارات لحزب الله اللبناني. إذا كانت لديك معلومات عن شبكاته المالية، راسلنا عبر سكنال أو تلغرام أو واتساب على الرقم 0012022941037 فقد يمكنك الحصول على مكافأة تصل إلى 10 ملايين دولار”.
***********************************************************************
افتتاحية صحيفة نداء الوطن
عون تخسر “الشورى”… وإحالتها إلى “التأديب” نهاية الأسبوع
“لعب بالنار” على جبهة الجنوب!
لم يكن تفصيلاً بسيطاً ما أعلنه الصحافي المقرّب من “حزب الله” الزميل قاسم قصير عبر قناة “الجديد” أمس لجهة تأكيده أنّ “الحزب يدير معركة غزة عسكرياً من لبنان بالتنسيق مع حركتي حماس والجهاد”، وليس من باب التفصيل أيضاً ما تتناقله التقارير الدولية عن مخاوف متزايدة من خطر اتساع رقعة الحرب في فلسطين لتشمل الجبهة اللبنانية الجنوبية بغية تخفيف الضغط عن جبهة غزة وتشتيت القدرات النارية الإسرائيلية عبر معارك نارية متعددة الجبهات.
فإذا كانت تظاهرة الضاحية الجنوبية لبيروت التي نظمها “حزب الله” أمس لم تخرج عن سياق إعلان الحزب تخندقه، معنوياً وعسكرياً، في خندق واحد مع “حماس” و”الجهاد” في الحرب الدائرة في قطاع غزة، غير أنّ ما جرى عبر جبهة الجنوب ليلاً من تكرار لاستباحة الحدود اللبنانية واستخدامها منصة إطلاق “رسائل صاروخية”، بدأ بنظر المراقبين يرقى إلى مستوى “اللعب بالنار” الذي يُنذر باحتمال توريط لبنان في منزلقات ومغامرات عسكرية غير محسوبة العواقب والتداعيات على اللبنانيين تحت وطأة الانهيار الاقتصادي والمالي والاجتماعي الذي يثقل كاهلهم.
وفي تفاصيل الحادث الأمني جنوباً أمس، أنّ الجيش الإسرائيلي أعلن ليلاً رصده إطلاق 6 قذائق صاروخية من جنوب لبنان سقطت جميعها داخل الأراضي اللبنانية، وعلى الأثر ردت المدفعية الإسرائيلية بقصف أماكن إطلاق الصواريخ في منطقة كفرشوبا في العرقوب قرب الهبارية وكفرحمام، بالتزامن مع إطلاق القنابل المضيئة فوق ميس الجبل، وتفعيل صفارات الإنذار في المستوطنات المحاذية للشريط الحدودي.
أما قضائياً، فيسير المركب بما لا تشتهي الرياح العونية بعدما أمعن “العهد القوي” في الاستقواء على السلطة القضائية وتهشيم صورتها وشرذمة صفوفها، عبر مسلسل طويل من الضغوط والتدخلات الرئاسية والسياسية الساعية إلى تطويق الجسم القضائي وتطويعه، بدايةً مع حجز “التشكيلات” في أدراج القصر الجمهوري، وصولاً إلى إغراقه في رمال متحرّكة من الشغور في المواقع سواءً في مجلس القضاء الأعلى الذي تنتهي ولاية أعضائه غير الحكميين نهاية الشهر الجاري، أو في المجلس الدستوري الذي أعطى “علماً وخبراً” أمس بالنقص الحاصل في نصابه، لكنّ مجلس شورى الدولة نجح أمس في كسر قيد الضغط والتهويل عليه لدفعه إلى الانحياز للقاضية غادة عون في مواجهة مدعي التمييز القاضي غسان عويدات، فرفض طلبها وقف تنفيذ قرار عويدات الذي قضى بكف يدها عن الملفات المالية المهمة ضمن إطار إعادة توزيع أعمال النيابة العامة الاستئنافية.
وخلص مجلس القضايا في “شورى الدولة”، إلى التأكيد على مرجعية مجلس القضاء الأعلى بوصفه “المرجع الأعلى في سلطة القضاء العدلي المستقلة في تسيير أمورها”، فقرر بالإجماع “ضمّ طلب وقف تنفيذ” قرار عويدات إلى الأساس وإبلاغ مجلس القضاء بكافة المستندات العائدة لملف المراجعة المثارة من قبل القاضية عون، ما يعني عملياً، وفق ما أوضحت مصادر قضائية، الركون إلى رأي مجلس القضاء الأعلى في النزاع الدائر بين عون والنائب العام الاستئنافي، علماً أنّ المجلس كان واضحاً في إبداء تبنيه لقرارات عويدات، كاشفةً في الوقت عينه أنه من المتوقع أن تصدر هيئة التفتيش القضائية قرارها بإحالة عون إلى “التأديب” نهاية الأسبوع.
وأوضحت المصادر، أنّ هيئة التفتيش تتجه في جلستها التي ستعقد بعد غد الخميس على الأرجح إلى اتخاذ قرار نهائي بملف إحالة عون أمام الهيئة من قبل مجلس القضاء الأعلى ربطاً بقضية التجاوزات المشهودة والشكاوى المسجلة بحقها في العديد من الملفات المسلكية وآخرها عصيان تعليمات رئيسها مدعي عام التمييز ومخالفة قرارات مجلس القضاء، مشيرةً إلى أنّ المعطيات المتوافرة تشي بأنّ قرار التفتيش سيعمد إلى الاكتفاء بإحالة عون إلى مجلس التأديب، أو ربما يرفق قرار إحالتها إلى “التأديب” مع قرار وقفها عن العمل.
أما في مستجدات المواقف الدولية تجاه لبنان، فبرزت أمس الرسالة الإيطالية التي حملتها نائبة وزير الخارجية والتعاون الدولي مارينا سيريني وتمحورت بشكل أساس حول التأكيد أمام رئيس الجمهورية ميشال عون على “ضرورة العمل وفقاً للروزنامة الانتخابية المرتقبة في العام 2022″، وهو ما رأت فيه أوساط ديبلوماسية “رسالة حازمة تعبّر عن رفض الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي عموماً لأي محاولة من قبل السلطة اللبنانية لتمييع الاستحقاقات الدستورية، لا سيما وسط تعاظم الهواجس الداخلية والخارجية من محاولة الطبقة السياسية الحاكمة تعطيل الاستحقاق الانتخابي العام المقبل وعدم إجرائه في موعده منعاً لإحداث أي تغيير في موازين القوى النيابية لا يصب في صالح أحزاب الأكثرية الحاكمة راهناً”.
وفي الغضون، تفاعلت قضية اتهام وزير الخارحية في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبه لدول الخليج العربي بأنها تقف خلف تمويل وإرسال تنظيم “داعش” الإرهابي إلى لبنان، على وقع معلومات إعلامية متقاطعة تؤكد أنّ تصريح وهبه يهدد بافتعال أزمة ديبلوماسية عميقة بين لبنان ودول الخليج بشكل عام والمملكة العربية السعودية بشكل خاص.
وإزاء ذلك، لفت موقف لرئيس الحكومة المكلف سعد الحريري قبيل منتصف الليل رأى فيه أنّ “وهبه أضاف مأثرة جديدة الى مآثر العهد في تخريب العلاقات اللبنانية العربية”، وشدد على أنّ الكلام الذي أطلقه “لا يمت للعمل الدبلوماسي ويشكل جولة من جولات العبث والتهور بالسياسات الخارجية التي اعتمدها وزراء العهد وتسببت بأوخم العواقب على لبنان ومصالح أبنائه في البلدان العربية”، لافتاً الانتباه إلى أنّ كلام وزير الخارجية “يمثل محوراً معيناً في السلطة، ولا يعني معظم اللبنانيين الذين يتطلعون لتصحيح العلاقات مع الخليج العربي”.
ولاحقاً، أصدر وهبه بياناً تنصّل فيه مما قاله عبر قناة “الحرة” مؤكداً أنه “لم يتناول فيه دول الخليج العربي”، متهماً “المصطادين بالمياه العكرة” بمحاولة تقديم “تفسيرات وتأويلات غير صحيحة” لكلامه.
**********************************************************************
افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط
الأزمات المعيشية تنذر بتفلّت أمني وتشكل ضغطاً على السلطات في لبنان
مطالبة بحماية أمنيّة لمحطات الوقود بعد مقتل مواطن
: إيناس شري
يتخوّف اللبنانيون من أن تؤدي الأزمات المعيشيّة المتلاحقة إلى تفلت أمني يهدّد حياتهم، لا سيّما في ظلّ تصاعد وتيرة الإشكالات على خلفيّة الحصول على مواد أساسيّة، والتي كان آخرها أول من أمس (الأحد) حين قُتل شاب بسبب خلاف على تعبئة مادة البنزين.
ودفعت الحادثة عضو نقابة أصحاب محطات المحروقات جورج براكس، أمس (الاثنين)، إلى مطالبة السلطة بحماية أصحاب المحطات وموظفيهم في أوقات عملهم، متسائلاً في بيان عن « كينونة المسؤول عن وضع أصحاب محطات الوقود في محلّ الاستهداف والتعرض للمخاطر الجدية في كل يوم وكل ساعة فضلاً عن السرقات بسبب سياسة التقنين بفتح اعتمادات استيراد المحروقات».
ويقول مصدر أمني إنّه من الصعب على المؤسسات الأمنية منع حصول حوادث وإشكالات على خلفيّة الحصول على مواد غذائيّة أو محروقات أو دواء أو حتى بسبب فاتورة مستشفى في ظلّ الأوضاع الاقتصادية المترديّة؛ إذ إنّه لا يمكن للقوى الأمنيّة بمختلف مؤسساتها أن تضع دوريات على كلّ متجر وصيدلية ومحطة وقود ومستشفى.
ويؤكّد المصدر في حديث مع «الشرق الأوسط» أنّ هناك دائماً دوريات تسيّر بهدف حفظ الأمن في مختلف المناطق اللبنانيّة تتدخّل عند أي إشكال قد يحصل إلّا أنّه من الصعب تفادي تكرار حدوث ما يحصل من إشكالات.
وكانت الأزمة المعيشيّة التي يمرّ بها لبنان فرضت مشهداً أمنياً جديداً، إذ اضطرت عناصر أمنيّة إلى الوجود على أبواب محال بيع المواد الغذائية وداخلها بهدف تنظيم البيع بعدما تحوّلت هذه المحال في الأشهر الماضية إلى نقاط تشهد بشكل شبه يومي إشكالات بين المواطنين أنفسهم أو بين المواطنين والموظفين على خلفيّة الأحقيّة في الحصول على المواد المدعومة التي كانت كميّاتها محدودة فيما أصبحت حالياً شبه مفقودة مع اقتراب إصدار خطة ترشيد الدعم عن المواد الأساسية.
وكما في المواد الغذائيّة، تسببت أزمة شحّ الدواء بسرقة عدد من الصيدليات فضلاً عن حدوث اعتداءات متكررة على العاملين فيها ما دفع الصيدليات إلى مطالبة الدولة بحمايتها، تماماً كما طالب بعض العاملين بالمستشفيات من أطباء وممرضات بعد تكرار الحوادث والاعتداءات على خلفية دفع فاتورة أو إيجاد سرير للمريض.
ومع بداية الأزمة الاقتصادية أي منذ أكثر من عام وبعدما فرضت المصارف سقوف سحب للمودعين انتشرت عناصر من قوى الأمن على أبواب عدد من المصارف منعاً لحدوث إشكالات بين المواطنين والموظفين.
ويعتبر عضو لجنة الصحة العامة والشؤون الاجتماعية النيابية النائب بلال عبد الله أنّ «ما يحصل أمنياً ليس وليد اللحظة وهو نتيجة طبيعيّة للعجز في معالجة الأزمات». وأضاف في حديث مع «الشرق الأوسط» أنّ «التفلّت الأمني الذي يشهده لبنان لا يمكن معالجته بالأمن بل بالإسراع بتشكيل حكومة تضع سريعاً خطة لترشيد الدعم وخطة إصلاحية سياسية واجتماعية وفق أولويات واضحة مع الإشارة إلا أنّ لبنان بات يختار بين السيئ والأسوأ».
ويرى عبد الله أنّ «مسؤوليّة مشاهد الإشكالات التي تتكرر بسبب الأزمات المعيشيّة تقع على عاتق من ترك البلد من دون أي غطاء سياسي أي من يعطّل تشكيل الحكومة»، محذراً من «ارتفاع وتيرة هذه الإشكالات التي قد تحصل أمام الصيدليات عند فقدان الدواء وفي المستشفيات التي باتت مضطرة لرفع تعرفتها وعند التهافت على المواد الغذائيّة».
وشهدت نسبة جرائم القتل والسرقة ارتفاعاً ملحوظاً في لبنان كانعكاس للوضع الاقتصادي السيئ، إذ أظهر تقرير نشرته الشركة الدولية للمعلومات (شركة دراسات وأبحاث وإحصاءات علمية مستقلّة) مؤخراً زيادة في جرائم القتل خلال شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) من العام الحالي بنسبة 45.5 في المائة، مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2020 وذلك انطلاقاً من بيانات المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، كما ارتفعت نسبة جرائم السرقة في الفترة نفسها بنسبة 144 في المائة.
وكان لبنان قد شهد خلال الأسبوع الماضي أزمة شح في البنزين أدّت إلى إقفال عدد كبير من محطات الوقود أبوابها أمام الزبائن فيما اكتفت المحطات غير المقفلة بتحديد كميّة أقل من 20 ليترا (صفيحة) لكلّ سيارة ما تسبب بحصول إشكالات بين المواطنين والموظفين.
وأقدم أحد الأشخاص، يوم الأحد الماضي، على إطلاق النار على ابن صاحب إحدى محطات المحروقات في منطقة ببنين في عكار (شمال لبنان) فأرداه قتيلاً على خلفية تعبئة بنزين.
ومن المتوقّع أن تبدأ أزمة البنزين بالانحسار تدريجياً بسبب عودة الشركات إلى توزيع المحروقات بعد إجازة العيد ولا سيما أنّ باخرتي محروقات كانتا قد بدأتا بتفريغ حمولتيهما خلال اليومين الماضيين، إلّا أنّ هذا لا يعني انتهاء الأزمة كلياً؛ إذ سيستمر التقنين في توزيع مادة البنزين بسبب تأخّر مصرف لبنان في فتح الاعتمادات إلى حين إقرار خطّة ترشيد أو رفع الدعم عن المحروقات.
وفي الإطار نفسه طالب براكس الدولة بتوفير الاعتمادات اللازمة لاستيراد المحروقات لتأمين توزيعها في المحطات بصورة طبيعية لوقف الاعتداءات على أصحابها ووقف مسلسل الطوابير أمامها مشيراً إلى أنّ محطات الوقود ليست هي من قرّرت تقنين توزيع البنزين وأنّ عجز الدولة عن وقف عمليات التهريب لا يعالج بحرمان أصحاب المحطات من حاجة السوق من المحروقات بالكميات الضامنة للمواطنين.
وشدّد براكس على ضرورة اتخاذ القرارات المتوجبة وضبط الأوضاع قبل فوات الأوان، وقبل ما هو منتظر من انفلات وخراب لا ينفع معهما الندم حسب تعبيره.
ويُعاني لبنان حالياً من أزمة شح في عدد من الأدوية ولا سيما تلك المخصصة للأمراض المزمنة بسبب تراجع حجم الاعتمادات التي يفتحها مصرف لبنان والمخصصة لاستيراد الدواء على أساس سعر صرف مدعوم (السعر الرسمي 1515) فضلاً عن استمرار تهريب الدواء إلى الخارج بعدما أصبح سعره الأرخص في المنطقة إثر تدهور قيمة الليرة، هذا بالإضافة إلى تهافت اللبنانيين على تخزين الدواء خوفاً من ارتفاع سعره بعد ترشيد الدعم أو رفعه كلياً عن الدواء.
*************************************************************************
افتتاحية صحيفة الجمهورية
«شورى الدولة» يُجمع على ردّ طلب غادة عون.. وباريس: الحل بيدكم
ها هو الأسبوع الثاني من الشهر العاشر يبدأ اليوم، ولبنان واللبنانيون في قبضة الحقد والكراهية العمياء اللذين يتسيّدان المشهد السياسي ويتحكمان بالمسار الحكومي منذ استقالة حكومة حسان دياب في شهر آب من العام الماضي.
البلد انتهى وضاع، فلا العظات الدينية استطاعت ان تخرق آذان القابضين على الحكومة، ولا النصائح الدولية التي باتت تنظر الى لبنان بعين الشفقة والرأفة والتحسّر عليه وتحذّر من الآتي الاعظم والاخطر، وجدت من بين هؤلاء من يتمتع ولو بحد أدنى من الوطنية والحس بالمسؤولية حيال النكبة التي حلت بهذا البلد، ولا صوت الجائعين الذي عبر القارات ووصل صداه الى كل الكرة الارضية، حَرّك خليّة احساس لدى معطلي التأليف للافراج عن حكومة يجمع العالم بأسره انها تشكل فرصة أمل لوضع لبنان.
أما قضائياً، قرر مجلس شورى الدولة بالإجماع ردّ طلب القاضية غادة عون واعتبار قرار القاضي الرئيس غسان عويدات نافذاً.
وأوصى القرار بضم الطلب المقدم من القاضية عون بوقف تنفيذ قرار توزيع أعمال النيابة العامة الإستئنافية في جبل لبنان الى أساس الدعوى، ما يُبقي قرار القاضي الرئيس غسان عويدات نافذاً الى حين البت بالمراجعة.
واعتبرت مصادر متابعة للملف، أن الصراع يبدو على صلاحية النائب العام الإستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون، فبعد أن قرر النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات تحديد صلاحيتها، اتخذ الامر منحى قضائياً خطيراً الى درجة أن مراجع قضائية كبيرة كادت أن تضع استقالتها على الطاولة في حال تمكنت المراجع السياسية الداعمة للقاضية غادة عون من إنتزاع قرار من مجلس القضايا في مجلس شورى الدولة بوقف تنفيذ قرار النائب العام التمييزي، والذي أكدت مصادر قضائية على أن الأمر كان ليشكل الحلقة الأخيرة من حملة تدمير هيبة السلطة القضائية من خلال ممارسة القاضي غاده عون.
وبعد جلسات مذاكرة لهيئة القضايا في مجلس شورى الدولة، صدر أمس قرار بالإجماع عن أعضاء الهيئة بضمّ طلب وقف تنفيذ قرار النائب العام التمييزي الى أساس النزاع، والذي يفسره القانونيون على أنه الخطوة الأولى في خسارة الدعوى، أي رد طلب القاضية عون بإبطال قرار القاضي غسان عويدات.
واستتبع الأمر الطلب من مجلس القضاء الأعلى إعطاء رأيه في طلب القاضية عون، مما يعني إشراك القضاء العدلي بالقرار، فيما أن المطلع على الأمر يدرك أن رأي مجلس القضاء الأعلى واضح بهذا الشأن، وهو الوقوف مع قرار النائب العام التمييزي بهذا الشأن، مما يعني بحسب مصادر قضائية، التوجه الى ردّ طلب القاضية عون.
كل ذلك غلبه الحقد المعطِّل، والشريكان اللدودان في عملية التأليف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري، ماضيان في ما يشبه لعبة شراء الوقت من رصيد البلد وعلى حساب اللبنانيين، وليس هناك من كلام مباشر او غير مباشر بينهما، سوى صراعهما المحتدم بلغة الشروط ذاتها التي صغّرت البلد الى ما دون سلعة رخيصة ملقاة على قارعة الاعتبارات السياسية والحزبية والشخصية، فيما المواطن مشتّت حتى الرمق الاخير، واما الدولة فصارت بلا اي معنى؛ دولة محطّمة، فلتان كامل وافلاس في كل شيء، وفقدت هيبتها، وصارت اضعف من أن تردع تاجرا فاجرا، ولحّاماً وبائع «فراريج» يتشاركون جميعاً في نهب جيوب اللبنانيين الى جانب مافيات الدولار ومحطات المحروقات ولصوص السلع المدعومة والتهريب عبر كل المعابر والحدود المدعوم والمغطى من المحميات السياسية. وما تسمّى حكومة تصريف اعمال صارت عنواناً للتخبّط والتخريب كالسوس تنخر بسوء ادارتها ما تبقى من اعمدة قائمة في الهيكل اللبناني المتداعي.
هذه هي صورة بلد يوشك أن يصبح دماراً شاملاً، عنوانه اليوم عتمة شاملة على كلّ المستويات وستضاف اليها بعد ايام قليلة عتمة الكهرباء. فماذا بعد؟ وأيّ خراب يريده المعطلون اكثر من هذا الخراب الذي حلّ بهذا البلد المنكوب لكي يحيدوا عن مسار التخريب المتعمّد الذي ينتهجونه؟
سقوط وساطات
في المعلومات، قبل عيد الفطر، أمل اللبنانيون في فسحة انفراج بعده، ولكن كالعادة خاب أملهم، فالمعنيون بملف التأليف ثابتون على المنحى التعطيلي لم يحيدوا عنه قيد أنملة، بل على العكس من ذلك، وعلى ما يقول العالمون بخفايا امور المعطلين، ازداد الأمر تصلّباً، وما بين الرئيس عون وفريقه السياسي وبين الرئيس الحريري وفريقه السياسي حقيقة ثابتة وهي ان كل طرف يريد ان يُخضع الطرف الآخر ويلغيه، ولا احد منهما يريد ان يتكلّم مع الآخر الا تحت سقف الشروط المعطّلة، او يبادر في اتجاه الآخر بأيّ خطوة من باب حسن النية لفتح باب النقاش لبلوغ تفاهم على حكومة.
وفي المعلومات الأكيدة ايضاً أنّ القابضين على الحكومة أحبطوا محاولات أخيرة سعى من خلالها وسطاء خلال عطلة العيد، عبر اتصالات هاتفية وعبر الواتساب في داخل بيروت وخارجها، لإقناعهم بتقديم الحكومة عيدية للبنانيين بعد عيد الفطر، خصوصاً انّ مصير البلد صار على المحك، وحال اللبنانيين صارت بالويل والكارثة حلّت بكلّ بيت، وصار لا بد من اخراج الحكومة من قفص الشروط، والنزول الى الناس.
جريمة فظيعة
وحال البلد، بشقيه المعطل حكومياً، والمنهار اقتصاديا واجتماعيا والمفلس ماليا، كانت مدار حديث هاتفي مطوّل بين مرجعين سياسي وديني في عطلة العيد، وصلا فيه الى خلاصة مشتركة مفادها ان لبنان لم يشهد في تاريخه هذه اللامبالاة واللامسؤولية التي تتحكم به، ان ما يجري هو جريمة فظيعة ترتكب بحق لبنان واللبنانيين، والتمادي فيها سيقذف لبنان في المجهول، وسيدفّع اللبنانيين أثماناً كارثية.
في النقاش بين المرجعين، وبحسب معلومات موثوقة، تأكيد على ان كرة التأليف في ملعب الرئيسين عون والحريري، وبيدهما وحدهما ان يحلا المسألة الآن إن شاءا ذلك، وعلى ما بات معلوما ان ثمة عقدة وحيدة ماثلة في طريق الحكومة هي عقدة الوزيرين المسيحيَّين. وهي عقدة ليست مستعصية على الحل، فثمة سبل عديدة يمكن اتّباعها لإيجاد مخرج لها. ولعل احدها وربما اكثرها قبولا هو دور مساعد يمكن ان يلعبه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في هذا المجال.
وبحسب المعلومات فإنّ المرجعين التقيا على التأكيد بان لا وجود لأي عامل تعطيل خارجي، وان كل ما قيل في هذا السياق ما هو سوى كلام واهٍ ومحاولة هروب من المسؤولية، فكما أن التأليف قرار داخلي، كذلك التعطيل هو قرار داخلي ايضا ولا دخل للخارج فيه. وهذا ما اكده الجامعة العربية ومصر، وكذلك الاميركيون والفرنسيون الذين كانوا اكثر من مشجعين في اتجاه التأليف.
(إشارة هنا الى ان مساعد وزير الخارجية الاميركية دايفيد هيل وفي زيارته الاخيرة الى بيروت، كان في منتهى الصراحة والوضوح حيال تشكيل حكومة سريعاً برئاسة سعد الحريري، وقبله ما أعلنته السفيرة الاميركية دوروثي شيا من على باب القصر الجمهوري لجهة ان الاوان آن للتخلي عن الشروط المعطلة. وكذلك الامر بالنسبة الى الجانب الفرنسي الذي تجنّد منذ اطلاق مبادرته الانقاذية في آب 2020، لتشكيل حكومة مهمة، ولكنه فُشّل بعدما اصطدم بحائط الشروط المعطلة ما دفعه في آخر المطاف الى إبراز مخالبه واتخاذ خطوات عقابية بحق من سمّاهم معطّلو الحل في لبنان).
سبقنا العالم
ولقد زاد المرجع السياسي على ما دار في النقاش بينه وبين المرجع قائلاً: من البداية قلت ان المعطلين في الداخل وليسوا من الخارج، واقاموا القيامة على هذا الكلام ولم يقعدوها، ولننظر اليوم الى الخريطة الدولية، فلا احد في العالم مهتم بلبنان، او مكترث به، وينتابني شعور بأن لبنان لم يعد يعني احداً في الخارج، لأننا سبقناه الى ذلك حينما اثبتنا لكل العالم بأدائنا المعطل وتجاهلنا لأزمتنا واسبابها ونتائجها الكارثية بأنّ بلدنا لا يعنينا.
انا خائف
في السياق نفسه، تندرج قراءة سوداوية لمسؤول كبير حول مستقبل الوضع في لبنان خلص فيها الى القول: مع القطيعة القائمة بين عون والحريري لا امل بأيّ فرج، المستقبل اسود ولا ارى فيه سوى العتمة ويغمرني خوف شديد من انحدار الامور الى ما هو اسوأ واخطر مما نعيشه في هذه الايام.
ومبعث خوف المسؤول الكبير متأتٍ من مصدرين: الأول، هو المدى الكارثي الذي بلغته الازمة والذي قد يصل في وقت ليس ببعيد الى حد يستعصي على اي علاج. والثاني، تطورات الوضع في فلسطين المحتلة التي تهدد نارها بالتمدد الى كل المحيط، وفي مقدم ذلك لبنان الذي يعد الخاصرة الاكثر رخاوة في كل المحيط.
واذا كانت الازمة الدخلية تستوجب، كما يقول المسؤول عينه، تشكيل حكومة للبدء بعملية الانقاذ، فإنّ التطور الثاني يستدعي اكثر فأكثر
الاقدام فوراً على تحصين الداخل على كل المستويات، ويأتي في مقدمة ذلك تشكيل حكومة تكون على جهوزية تامة لمواجهة اي طارىء.
وبالتالي، فإنّ ما يجري في فلسطين مفتوح على شتى الاحتمالات، وهذا سبب اضافي محفّز للبنانيين على محاولة الاستفادة من هذا الظرف وتمرير حكومة تمسك بزمام البلد في هذه المرحلة القاتمة، والا فإننا قد نصل مع وضعنا المعطّل الى مرحلة يوضع البلد فيها في عين العاصفة الخارجية الى جانب عاصفة الازمة الداخلية، وتفلت الامور من ايدينا نهائيا ويدخل بلدنا حقبة جديدة لا افق لها.
الديبلوماسيون قلقون
على ان اللافت للانتباه في هذا السياق، ما اكد عليه ديبلوماسيون عربيون واوروبيون في الايام الاخيرة لجهة النأي بلبنان عن توترات المنطقة. وعكس بعض الديبلوماسيين الغربيين خشية من ان تكون التحركات التي جرت بالقرب من الحدود، والتي كان «حزب الله» حاضرا فيها مع مجموعات فلسطينية، مقدّمة لعمل ما يؤدي الى توتر على الحدود. وربطاً بذلك تحدثت مصادر واسعة الاطلاع عما سمّتها تطمينات قيل انها من صدرت من جانب «حزب الله» تفيد بأن الحزب ليس في وارد الدخول على خط التوتر الفلسطيني. وثمّة تنسيق كامل بين الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل لحفظ الامن في المنطقة.
ونقل في هذا السياق عن سفير دولة عربية كبرى داعمة للتفاهم الداخلي على حكومة، تأكيده على الحفاظ على استقرار لبنان، ودعوته الحثيثة الى المسؤولين في لبنان الى المسارعة لترتيب وضعهم الداخلي. وعلم ان هذا السفير ابلغ مسؤولا كبيرا قوله ما حرفيته: الوضع في المنطقة يبعث على القلق، والواضح ان الاسرائيليين عازمون على ابقاء التصعيد وثمة جهات دولية تدعمهم، بدليل ان مجلس الامن أخفق في الاتفاق على وقف لإطلاق النار. يعني ذلك ان الوضع مفتوح، ثم ان الوضع الداخلي في لبنان في ذروة انهياره اقتصاديا وماليا. كل ذلك يحتّم عليكم ان تسارعوا الى تشكيل حكومة، والمجتمع الدولي ما زال مستعدا لتقديم المساعدات لكم في ظل حكومة تباشر في الاصلاحات المطلوبة. واذا كان في لبنان من يعتقد ان في الامكان الانتظار الى حين جلاء الامور في المنطقة فهذا اعتقاد خاطىء، الحل بيدكم، ونحن ندعم التفاهم بين الرئيس عون والرئيس الحريري، وكلما تأخرتم في تشكيل الحكومة ستدفعون الثمن وحدكم.
باريس: تقويم سلبي
في هذا الوقت، تفيد اجواء العاصمة الفرنسية بأنّ باريس عادت الى المربع الاول في مقاربتها للملف اللبناني، ولا سيما من زاوية التأكيد ان المبادرة الفرنسية قائمة إنما ليست بالشكل الذي كانت عليه في الاشهر الماضية.
ونقلت مصادر ديبلوماسية من باريس انّ المسؤولين الفرنسيين المحبطين من القادة في لبنان، أجروا تقويما سلبيا لنتائج زيارة وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان الى بيروت، وخلاصة ذلك ان لا مبادرات مباشرة تجاه لبنان حاليا، ما خلا برنامج الضغوط والعقوبات التي تقرّر فرضها على معطلي الحل وتشكيل حكومة في لبنان.
الا ان المصادر تلفت الانتباه الى انه على الرغم من المقاربة الفرنسية العالية النبرة حيال الملف اللبناني، فإنّ المسؤولين الفرنسيين ما زالوا
ينتظرون ان يتلقوا اشارات ايجابية ملموسة من القادة اللبنانيين، يؤكدون من خلالها الالتزام الفعلي بالمبادرة وتشكيل حكومة مهمة وفق مندرجاتها. وحول رسالة رئيس الجمهورية الى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون قالت المصادر لـ»الجمهورية»: بمعزل عما حَوته هذه الرسالة سواء توضيحات او تبريرات، فالجواب الفرنسي الذي يمكن ان يأتي عليها سبق ان جرى التعبير عنه في محطات عديدة للرئيس ماكرون ووزير خارجيته في بيروت وخلاصته: ساعدوا انفسكم لنساعدكم، أنتم اخطأتم بحق بلدكم ويجب ان تتراجعوا عن الخطأ وما زالت امامكم الفرصة متاحة لكي تدخلوا بلدكم في الحل، ولفتح باب المساعدات الدولية اليه. والاهم في الموقف الفرنسي هو ان اي رسائل توجّه الى الايليزيه او الى الكي دورسيه لن يكون لها اي تأثير على قرار العقوبات، ولن تبدل فيها شيئاً، فما تقرر في هذا الشأن قد تقرر.
عون
الى ذلك، اكد رئيس الجمهورية خلال استقباله امس نائبة وزير الخارجية والتعاون الدولي في الجمهورية الايطالية مارينا سيريني «أن تشكيل حكومة جديدة له الاولوية حالياً في عملنا السياسي على الرغم من العقبات التي تواجه هذه المسألة من الداخل والخارج، لكننا لن نوفر اي جهد للوصول الى هذا الهدف وتشكيل حكومة تكون من اولى مهامها تحقيق الاصلاحات المطلوبة واستكمال مكافحة الفساد الذي يعانيه لبنان، اضافة الى التدقيق المالي الجنائي الذي يشكل المدخل الحقيقي لهذه الاصلاحات». وشدد على «ضرورة دعم الدول الصديقة للبنان، وفي مقدمها ايطاليا، في سعيه لاستعادة الاموال التي هرّبت الى الخارج، لا سيما الى مصارف اوروبية»، لافتا الى ان «مكافحة الفساد تعيد الانتظام الى البنية الاقتصادية للدولة بإداراتها ومؤسساتها كافة».
كما اكد عون ان الممارسة الديموقراطية في لبنان مُصانة على الرغم من كل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، وستترجم في الانتخابات النيابة والبلدية المقبلة التي ستجري في موعدها في العام 2022.
أمل: السقوف العالية
بدورها، شددت حركة «أمل»، في بيان لمكتبها السياسي أمس، على انه «حان الوقت للتراجع عن السقوف العالية والمطالب الضيقة الأفق من أجل مصلحة اللبنانيين، وإنجاز تشكيل الحكومة للنهوض بورشة استدراك الانهيار الشامل، والقيام بالاصلاحات المطلوبة كي لا يكون مصير لبنان ورقة في مهب ريح ما يُرسم للمنطقة.
المستقبل
وفي السياق الحكومي ايضا، قال الأمين العام لـ»تيار المستقبل» أحمد الحريري، امس، ان الامور حكومياً «لا تزال على حالها»، مؤكدا على «الايمان الكبير للرئيس سعد الحريري بهذا البلد لإيصاله الى بر الامان بأي طريقة من الطرق ولكن من خارج ما يتم التداول به اليوم».
وعمّا يشاع عن اعتذار الحريري شدد على «أن الرئيس المكلف كان واضحاً ولم يصدر عنه اي شيء، وان كل ما صدر عبارة عن تسريبات اعلامية، وستكون له مواقف واضحة في المرحلة المقبلة بما فيها مصلحة البلد وهموم الناس مع دراسته لكل الخطوات والخيارات للوصول الى القرار الصحيح».
القوات: التهريب
من جهة ثانية، وجّه نواب تكتل «الجمهورية القوية»: أنيس نصار، بيار بو عاصي، وهبه قاطيشا، زياد الحواط، جورج عقيص وجوزيف إسحق، عريضة إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري، طالبوا فيها «تأليف لجنة تحقيق برلمانية في موضوع التهريب عبر الحدود اللبنانية والمنافذ البرية والجوية والبحرية، لا سيما حادثة تهريب المخدرات والمؤثرات العقلية إلى المملكة العربية السعودية التي ضبطت بتاريخ 23/4/2021».
وفنّد النواب المذكورون، بحسب بيان، «الأسباب والوقائع لحال الإنفلات الأمني على الحدود اللبنانية وفي منافذ لبنان البحرية والجوية والبرية، وتحديد كل أنواع المسؤوليات السياسية والإدارية والأمنية عن وصول لبنان إلى هذه الحال».
منصّة إفتراضية!
يا فرحة ما تمّت… بهذه العبارة يمكن وصف ما جرى امس على صعيد إطلاق العمل في المنصة الالكترونية لمصرف لبنان. وفيما تم الاعلان ان المنصة قد باشرت عملها، تبين لاحقاً، وعلى طريقة العمل الافتراضي «الدارج» في هذه الايام، انّ المنصة انطلقت افتراضياً، لكنها لم تبدأ نشاطها عملياً، بدليل انه لم يتم تدوال اي دولار أو ليرة عبرها. ومن دون صدور ايضاحات، انتشرت تكهنات مفادها ان العمل الفعلي سيبدأ اليوم.
وبانتظار ما سيجري اليوم، لا تزال بعض النقاط الغامضة تحيط بآلية عمل المنصة، ومن ضمنها مستوى حجم تدخّل مصرف لبنان لمنع التقلبات الحادة في سعر الصرف. كذلك من غير الواضح حتى الآن اذا ما كان سيتم اعتماد سعر مرجعي مُواز للسعر السائد في السوق السوداء، ام سيتم الانطلاق من سعر أدنى، على أمل ان تتم الموازنة بين العرض والطلب، ويتراجع سعر الدولار بنسبة صغيرة.
في كل الاحوال لا تزال النتائج غير مؤكدة، خصوصاً انّ آلية عمل المنصة ستكون شبيهة بآلية عمل السوق السوداء، أي ان تمويلها سيكون ذاتياً، ومن خلال بيع وشراء الدولار من قبل المتداولين.
لكن الملاحظة اللافتة أمس، انه وبالتزامن مع انطلاق المنصة نظرياً، وبانتظار بدء عملها الفعلي اليوم، واصل سعر صرف الدولار ارتفاعه في السوق السوداء ووصل الى 12700 ليرة، الامر الذي أثار تساؤلات عن قدرة المنصة على خفض هذا السعر لاحقاً.
************************************************************************
افتتاحية صحيفة اللواء
«الهذيان الحكومي» ينكشف مع احتدام التحولات الاقليمية!
رسائل «رفع عتب» من عون للمجلس والخارج.. ومنصة المركزي قيد الاختبار
بلغة الرياضيات، معادلة طردية تحكم المعادلة السياسية: كلما تأخر التفاهم على حكومة جديدة، كلما تعمقت أزمة التفاهم على إدارة الدولة أو حكم البلد؟
النتيجة هذه محكومة باستمرار انقطاع التواصل بين مرجعيتي التأليف: الرئيس المكلف سعد الحريري، الذي ارجأ مجيئه لبعض الوقت، إلى بيروت، والذي يبلغ مراجعيه انه قدم في الأسبوع الأوّل لتكليفه تشكيلة مكتملة لرئيس الجمهورية.
في حين ان صاحب التوقيع الأوّل على مراسيم التشكيل، وفقاً للمادة 53/د أي الرئيس ميشال عون، كرئيس للجمهورية فإن مصادره، أو الدوائر الإعلامية القريبة منه، تتحدث يومياً، عن مستجد على جبهة لا التأليف، أو التفاهم على حلحلة العقد، بل أيضاً، وقبل أي اعتبار على ما وراء أزمة ولادة.. حكومة جديدة.
والجديد على هذا الصعيد، وصف الأزمة الراهنة، بأنها أزمة نظام لا حكومة، الأمر الذي يتطلب حواراً يعالج ثغرات الدستور، وتفسير الملتبس من بنود الطائف، بعد تطبيق ما يتعين تطبيقه..
وإذ تنقل مصادر الزوار عن بعبدا نظرة سلبية، سرعان ما تبادر بعبدا نفسها، إلى الرئيس المكلف، عبر المكتب الإعلامي من نفيها، فالسؤال المشروع: إذا كان من المتعذر الاتفاق على الحكومة، فكيف يكون الاتفاق ممكناً على وضع دستور الطائف على الطاولة، في مرحلة بالغة التعقيد، محلياً وفي الإقليم الملتهب، لا سيما في ضوء الصمود الأسطوري للفلسطينيين في غزة والضفة الغربية واراضي الـ48، بوجه آلة الدمار والموت الإسرائيلية؟!
المعلومات تتحدث عن توجه رئاسي إلى إرسال رسالة إلى مجلس النواب، تضع مسألة الاستعصاء بتأليف حكومة امام المجلس، وكذلك وفقاً لمعلومات لصحيفة «اللّواء» تحضير رسالة توجه الثلاثاء (اليوم) الى المجتمع الدّولي، بالتّنسيق مع الفاتيكان والبطريركية المارونية والبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي حول الملف الحكومي.
دبلوماسياً، يواصل سفير المملكة العربية السعودية في بيروت وليد بخاري جولته على القيادات السياسية، ورؤساء الحكومات السابقين.
فبعد لقاء الرئيس تمام سلام، يلتقي تباعاً كلاً من الرئيسين فؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي، ويجري التداول في الأوضاع الراهنة، لا سيما الملف المتعلق بتأليف الحكومة.
وبينما تستمرالمراوحة حول تشكيل الحكومة، في ضوء كلام عن تمديد الرئيس المكلف سعد الحريري اقامته في الخارج لأسبوعين، برز حراك ومواقف اوروبية من الوضع اللبناني، حيث جددت ايطاليا بلسان نائبة ويزر الخارجية مارينا سيريني الموجودة في بيروت، «دعوتها الملحة لمختلف الاطراف السياسية في لبنان بوضع اختلافاتها جانباً وتغليب المصلحة العليا للبلاد والتعاون من أجل تأليف حكومة من شأنها ان تضع لبنان مجدداً على سكة التنمية المستدامة وأن تسلك مسار الاصلاحات وإعادة اطلاق المفاوضات مع صندوق النقد الدولي». كما حضر الوضع اللبناني في لقاء الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والفرنسي إيمانويل ماكرون في محادثات الرئيسين في باريس امس، على هامش المؤتمر الدولي لدعم السودان.
وقال ماكرون في مؤتمر صحافي مع السيسي: تكلمنا عن لبنان البلد الصديق المستمر في الألم بسبب عدم تنفيذ المسار السياسي المطلوب بقوة، وأكدنا في هذا الموضوع نيتنا العمل على أن يصبح لبنان أقوى مع دولة قوية لكي تدعم الشعب اللبناني، الذي يجب ألا يبقى رهينة مصالح أو رهينة بيد أي طبقة سياسية وسياسة إرهاب أياً كان.
اضاف: سنواصل مبادرتنا الثنائية في لبنان لا سيماعلى صعيد المساعدة والدعم الانساني مع الاتحادالاوروبي اضافة الى الضغط الذي نمارسه. يجب ألا يبقى الشعب اللبناني رهينة بيد أي طبقة سياسية. لبنان لا يزال يعاني من عدم التوصل إلى مسار سياسي ينتظره الجميع.
فيما قال السيسي: إن مصر لا تتخلى عن الشعب اللبناني، وأى دولة عربية أخرى، ونشجع على تشكيل حكومة فى أسرع وقت ممكن، وخروج لبنان من هذه الأزمة.
وأضاف: هذا الأمر كان محل نقاش مع الرئيس ماكرون، ونعمل على تكثيف الجهود مع فرنسا بكل ما تمثله من ثقل في العالم والمنطقة، للتوصل إلى حلول للأزمة في لبنان. لم نتخلَّ عن لبنان، وقد تكون الأمور مضطربة في المنطقة، وعلينا عدم فصل السياق العام عما يحدث في المنطقة.
وتابع الرئيس السيسى: «نحتاج لمزيد من تكثيف من الجهود، وأوجه نداء من باريس بأسمى وبأسم الرئيس ماكرون إلى كل القوى السياسية، من فضلكم أعطوا الفرصة لحكومة كى تحل ما تعانى منه لبنان. ونحن معكم من أجل الاستقرار داخل الدولة اللبنانية. نحن مع الاستقرار والنجاح والسلام في لبنان.
واستغربت مصادرمتابعة للموضوع الحكومي هذا الصمت المخيف وجمود المساعي، وكأن البلاد بألف خير بينما هناك عشرات الاستحقاقات تنتظرتشكيل الحكومة وفق ما تعبر الدول الشقيقة والصديقة.
الموقف الايطالي
فقد أكد رئيس الجمهورية ميشال عون لنائبة وزير الخارجية والتعاون الدولي في الجمهورية الايطالية مارينا سيريني التي زارته امس، «ان تشكيل حكومة جديدة له الاولوية حالياً في عملنا السياسي على رغم العقبات التي تواجه هذه المسألة من داخل وخارج، لكننا لن نوفر اي جهد للوصول الى هذا الهدف وتشكيل حكومة تكون من اولى مهامها تحقيق الاصلاحات المطلوبة واستكمال مكافحة الفساد الذي يعاني منه لبنان، اضافة الى التدقيق المالي الجنائي الذي يشكل المدخل الحقيقي لهذه الاصلاحات.
وشدد الرئيس عون امام المسؤولة الايطالية على ضرورة دعم الدول الصديقة للبنان، وفي مقدمها ايطاليا، في سعيه لاستعادة الاموال التي هُرّبت الى الخارج ولاسيما الى مصارف اوروبية، لافتاً الى ان مكافحة الفساد تعيد الانتظام الى البنية الاقتصادية للدولة بإداراتها ومؤسساتها كافة.
وفي موقف هو الاول من نوعه من الانتخابات النيابية وسط المخاوف الداخلية والخارجية من تطييرها، أكد الرئيس عون لسيريني ان الممارسة الديموقراطية في لبنان مصانة على رغم كل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، وستترجم في الانتخابات النيابية والبلدية المقبلة التي ستجري في موعدها في العام 2022.
بدورها، عرضت سيريني، التي جالت على السراي والخارجية ايضا، لموقف ايطاليا تجاه التطورات في لبنان. وقالت في بيان «اكدت للرئيس عون بأن تضامن ايطاليا مع لبنان سيبقى على حاله كما هو، وكذلك من خلال عملنا في اطار مجموعة الدعم الدولية على الصعيد الثنائي او على صعيد الشركاء الدوليين وذلك دعماً للفئات الضعيفة من السكان واللاجئين.
تابعت «كان هناك اتفاق خلال اللقاء مع الرئيس عون على ان لبنان يجد نفسه اليوم في مواجهة تحديات عديدة لاسيما على الصعيد المالي والانساني والاقتصادي، وإن الجواب على هذه الازمة المتعددة الابعاد هو واحد : تحقيق الاصلاحات. لذلك ينبغي الشروع بإصلاحات عميقة وبنيوية للاستجابة للحاجات الاكثر إلحاحاً للسكان والبلاد. ولا يمكن تأجيل هذه الاصلاحات بعد الان، مما يلزم تأليف حكومة تضطلع بكامل صلاحياتها. لذلك تجدد ايطاليا دعوتها الملحة لمختلف الاطراف السياسية في لبنان بوضع اختلافاتها جانباً وتغليب المصلحة العليا للبلاد والتعاون من أجل تأليف حكومة من شأنها ان تضع لبنان مجدداً على سكة التنمية المستدامة وأن تسلك مسار الاصلاحات وإعادة اطلاق المفاوضات مع صندوق النقد الدولي».
الوضع الحكومي
بالعودة الى المواقف السياسية، فقد برز إعلان امين عام تيار المستقبل احمد الحريري ان الامور حكوميا «لا تزال على حالها»، مؤكدا على «الايمان الكبير للرئيس سعد الحريري بهذا البلد لايصاله الى بر الامان بأي طريقة من الطرق ولكن من خارج ما يتم التداول به اليوم».
وعما يشاع عن اعتذار الحريري شدد على «أن الرئيس المكلف كان واضحا ولم يصدر عنه اي شيء، وان كل ما صدر عبارة عن تسريبات اعلامية، وستكون له مواقف واضحة في المرحلة المقبلة بما فيها مصلحة البلد وهموم الناس مع دراسته لكل الخطوات والخيارات للوصول الى القرار الصحيح».
وتعليقا على ما نقل عن الرئيس عون في الصحف لجهة قوله انه لا يعمل لإعتذار الحريري، قال نائب رئيس تيار «المستقبل» مصطفى علوش: على هذه الليونة ان تُترجم بالتشكيلة وبوقف الحملات المتكررة والكلام الخشبي الذي يتردد بخصوص مسألة الاعراف والمواثيق والتوازنات وما الى هنالك، والالتزام بالدستور. فالدستور ينص على شيء واحد ألا وهي المناصفة. اما قضية انه يريد ان يكون مشاركا ويفرض رؤياه على الحكومة، فهذا عملياً ينسف كل الامور. واضاف:اننا نرحب بكل ايجابية تصدر عن فخامة الرئيس لتسهيل انتاج الحكومة، ومقتنعون تماما ان الحكومة الاكثر فعالية هي تلك التي تلتزم بمعايير عدم وجود محاصصة في هذه المرحلة وعدم وجود ثلث معطل. فإذا كان فخامة الرئيس قد وصل الى هذه القناعة، فالحكومة قد تتألف خلال يومين.
وهبة والعقوبات
وفي سياق خارجي، اعلن وزير الخارجية شربل وهبة في حديث تلفزيوني انه سيقوم بجولة اوروبية ستبدأ بالفاتيكان ثم ايطاليا ثم اسبانيا، موضحا ان هذه الزيارة هي لبحث نتيجة زيارة وزير خارجية فرنسا الى لبنان، وما قيل عن ان فرنسا ستذهب الى الاتحاد الاوروبي لفرض عقوبات على سياسيين لبنانيين.وقال: انه طلب من دول الاتحاد الاوروبي النظر الى لبنان كدولة مريضة والمريض لا يُعَاقب بل يعالج، وهذه العقوبات سوف تخرب ما تبقى من وحدتنا وسوف تأتي بنتائج عكسية، وإذا كان لا بد من عقوبات، فلتفرض العقوبات على اهل الفساد.
مالياً، مع تحرك عدد من الشبان احتجاجا على الوضع المعيشي وقطع عدد من الطرق صباحا بينها كورنيش المزرعة بالاتجاهين، اطلق مصرف لبنان، منصة «صيرفة»، التي ستسمح بأنّ يصبح سوق الدولار أكثر شفافية.
وشرح مصدر مصرفي ان المنصّة الإلكترونية انطلقت من مصرف لبنان لكن الجهوزية التقنية لدى المصارف والصيارفة لم تكتمل حتى اللحظة. وستؤمّن المنصة عملية بيع وشراء العملات الأجنبية النقدية، وتحديداً الدولار، بسعر يحدد العرض والطلب الموجّه إلى المصارف والصرافين لشراء الدولار وبيعه في السوق، على أن تكون هذه العمليات متاحة للتجار والمستودرين والمؤسسات وأيضاً للأفراد العاديين شرط تأمين مستندات ومعلومات محددة، وعلى أن يقوم مصرف لبنان بالتدخّل عند اللزوم، لضبط التقلبات في أسعار سوق الصيرفة، علماً أن السعر ستحدده حركة السوق، في محاولة للحد من المضاربات والسيطرة على الدولار.
ولم يحدد مصرف لبنان سعر صرف الدولار الذي سيتم اعتماده لعمل هذه المنصة التي سيسمح للمصارف من خلالها بـ«تأمين الحاجات التجارية والشخصية لعملائها، أياً تكن صفتهم، وفقاً للعرض والطلب في السوق». ولا يُسمح بالبيع والشراء دفترياً بشكل مباشر عبر الحسابات المصرفية، بل إن العمليات محصورة بالأموال النقدية الورقية بالليرة وبالدولار.
وأدى انطلاق المنصة، إلى تراجع الدولار مقابل الليرة في السوق السوداء بما يقارب الـ300 ليرة، بعدما كان بلغ صباحاً 12 ألفا و775 ليرة مقابل الدولار الواحد.
قد يتساءل الناس ما الفرق بين هذه المنصة ومنصة «صيرفة» التي اعلن مصرف لبنان عنها في حزيران الماضي. الجواب هو أنّ الفارق كبير.
فالتعميم الرقم 5 الذي صدر في حزيران من العام 2020 حدّد سعراً ثابتاً للمنصة هو 3900 ليرة فيما ارتفع الدولار في السوق السوداء بشكل جنوني تخطى سقف الـ14 ألف ليرة، وبالتالي كان الهامش واسعاً جداً بين سعر السوق السوداء وسعر المنصة التي لم يقصدها أحد لان لم تتوافر فيها الدولارات للشراء، بينما السعر في هذه المنصة الجديدة سيكون متحركاً، يحركه مصرف لبنان يومياً وفقا للعرض والطلب.
واستدركت المصادر إلى الإشارة إلى انه ما لم تتعاون المصارف، فإن الموقف لا يكون مريحاً، لا على صعيد ضبط العمليات النقدية، ولا على صعيد إعادة ترميم الثقة بالقطاع المصرفي.
إزاء ذلك، تساءلت مصادر سياسية مطلعة عما إذا كانت هناك من خطط طوارىء سيتم وضعها في حال استفحل الوضع المالي وانعكس على الوضع المعيشي ولفتت إلى أن أي معالجة غير محسوبة بشكل فعال لن تخرج بأي نتيجة مؤكدة أن ما من معطى يؤشر إلى قرب أي انفراج على صعيد الملف الحكومي حتى وإن برز تأكيد على أهمية إنجاز تسوية ما.
وأوضحت المصادر لـ«اللواء» أن ما هو غير واضح حتى الآن هو كيفية ترتيب ملفات تتصل بالكهرباء ورفع الدعم.
وفي تقدير هذه المصادر أن الصورة قد تتبلور في الأيام المقبلة على أن البلد اضحى اسير ازمات متلاحقة وأكثرها ضخامة ما يتصل منها بتأثيرات رفع الدعم واستغلال الامر على حساب المواطنين.
وعلى صعيد اختفاء السلع من الأسواق، أكد رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي أن «هناك آلية جديدة لمصرف لبنان ووزارة الاقتصاد في ما خص البضائع المدعومة، في انتظار تفاصيلها»، مشيراً الى أن «ملفات البضائع المدعومة يتأخر طلبُها، لذلك هذه البضائع ليست متوفرة بكميات في السوبرماركت». وأشار بحصلي الى أن «وجود البضائع في المرفأ مكلف وخطر نتيجة تعرض المواد لأشعة الشمس، لذلك يخزّنها التاجر في المستودعات في انتظار ملف الدعم»، موضحاً أن «هناك فرقاً بين الاحتكار وانتظار فتح اعتمادات للبضائع من قبل مصرف لبنان». وأكد ان «هناك مواد غذائية وأدوية عالقة في المرفأ، نظرا الى تأخر الموافقة على طلباتها».
وبينما سيقفل عدد من الصيدليات ابوابه بدءاً من الخميس لعدم تسلّمه الادوية كما يجب، أعلن رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الاسمر، في مؤتمر صحافي اثر اجتماع لاتحادات ونقابات قطاع النقل البري امام مركز المعاينة الميكانيكية في الحدت، «الإتجاه الى اضراب عام وتحركات مطلبية مطلع الأسبوع المقبل»، داعيا الى «ضرورة التنازل عن كل الانانيات وايجاد حكومة وعدم رفع الدعم بطريقة غير مسؤولة لان ذلك سيؤدي الى ثورة شعبية». بدوره، أكد رئيس اتحاد النقل البري في لبنان بسام طليس «الاستمرار باقفال مراكز المعاينة الميكانيكية في كل لبنان حتى تصبح بعهدة الدولة والقانون».
استئناف الحراك في الشارع
فحراكياً، تجددت صباح أمس الاحتجاجات الشعبية وقطع الطرق في بيروت وعدد من المناطق اللبنانية بعد توقف، وأفادت المعلومات الأمنية عن قطع طريق كورنيش المزرعة – بيروت بالمستوعبات لبعض الوقت، وذلك إحتجاجاً على الظروف المعيشية.
وأعيد فتح الطريق السير على طريق كورنيش المزرعة بالاتجاهين حيث سجّلت حركة مرور كثيفة، بحسب ما ذكرت «غرفة التحكّم المروري»، كما أفيد عن قطع الطريق أمام المحكمة العسكرية في بيروت.
وشمالاً، ذكرت المعلومات عن بدء إقفال الطرقات بالسيارات في مدينة طرابلس.
كف يد عون نافذاً
قضائياً، اعتبر مجلس القضايا في مجلس شورى الدولة ان قرار مدعي عام التمييز القاضي غسّان عويدات بكف يد النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون عن عدد من الملفات المالية، بينها شركة مكتف لتحويل الأموال نافذ، وقرّر ضم الطلب المقدم من القاضية عون، بوقف تنفيذ قرار توزيع أعمال النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان إلى أساس الدعوى، ما يبقي قرار القاضي عويدات نافذاً إلى حين البت بالمراجعة.
535954 إصابة
صحياً، سجل لبنان 201 (أمس الأوّل) إصابة جديدة بفايروس كورونا، إضافة إلى 11 حالة وفاة خلال الساعات الـ24 الماضية، ليرتفع العدد التراكمي إلى 535954 إصابة مثبتة مخبرياً منذ 21 شباط 2020.
****************************************************************************
افتتاحية صحيفة الديار
ساعات «حبس الانفاس» : فشل عملية «المترو» منع اشتعال الجبهة اللبنانية ؟
اسرائيل قلقة من «مناورات» حزب الله «الصامتة» وعوكر على «خط التبريد»
«عقم» في الملف الحكومي والتهديد «بالشارع» لا يوقف «تقسيط» رفع الدعم
ابراهيم ناصرالدين
يبدو ان رهان الطبقة السياسية الحاكمة على «ترويض» اللبنانيين قد نجح، فتمرير «رفع الدعم» غير المعلن يتم «هضمه» على دفعات دون ان يشهد الشارع اي رد فعل على الغلاء الممنهج للاسعار، وباتت شريحة واسعة من اللبنانيين «متأقلمة» مع الواقع ما ينذر «بتغول» المتحكمين «بلقمة عيش» المواطنين من تجار جشعين وقادة سياسيين واقتصاديين في ظل غياب تام لهيبة الدولة، فيما الشعب يبدو مستسلما لقدره على نحو مثير «للحيرة» ما يطرح اكثر من علامات استفهام حيال طبيعة المرحلة المقبلة في ظل جمود حكومي «قاتل»، وغياب الاهتمام الخارجي عن الملف اللبناني حيث تحتل الحرب على الشعب الفلسطيني الاولوية وسط تصاعد القلق الاسرائيلي من تمدد القتال الى جبهات اخرى، حيث ارتفع منسوب «الادرينالين» في عروق القيادات الامنية السياسية في كيان العدو في ظل استمرار المناورات «الصامتة» لحزب الله على طول الحدود الجنوبية، ويمكن القول ان الساعات الماضية شهدت «حبسا للانفاس» بعد تقديرات اسرائيلية بحتمية المواجهة على الجبهة الشمالية، لكن نجاح حركة حماس في افشال عملية «المترو»، اجهض تصعيدا كان مرتقبا، ولهذا باتت اسرائيل معنية راهنا بالخروج سريعا من «مستنقع» غزة كي لا تخرج الامور عن السيطرة وتتسبب بانفجار اقليمي واسع تكون نتائجه وخيمة.
«رسائل تبريد»
وفي هذا السياق، لا يزال التخوف قائما في اسرائيل من تصعيد متعدد الجبهات، ومع اتساع حجم المواجهات في الضفة الغربية، واحتدام العنف في اراضي 48، لا تزال الاحداث على حدود لبنان هي الاكثر باعثا للقلق لدى مختلف القيادات العسكرية والامنية الاسرائيلية حيث تتصاعد الخشية من مواجهة غير منتظرة مع حزب الله بالتوازي مع الحرب الدائرة في غزة. ووفقا لصحيفة «اسرائيل اليوم» الناطقة بلسان رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو فإن التحدي الأساس لقيادة المنطقة الشمالية هو تبريد الحدود الشمالية ومنعها من أن تصبح ساحة نشطة أخرى، وذلك للسماح للجيش الإسرائيلي بالتركيز على الجبهات الأخرى. ووفقا لمصادر دبلوماسية غربية في بيروت فقد تولت السفارة الاميركية في عوكر نقل «رسائل» اسرائيلية الى الجانب اللبناني تفيد بأن اسرائيل غير معنية بأي تصعيد في جنوب لبنان وهي معنية بفعل كل ما يؤدي الى تبريد هذه الجبهة، كما نقلت «رسالة» بهذا السياق الى قوات «اليونيفيل».
حيرة اسرائيلية؟
في المقابل، لاحظت مصادر امنية وجود رفع مستوى للتأهب في اسرائيل على كامل الجبهة الشمالية التي شهدت ارسال قوات «نخبة» ووسائل قتالية إضافية، تحسبا من «الاسوء» بحسب الاسرائيليين الذين لا يملكون تقييما واضحا حتى الان لردود فعل حزب الله ازاء تحولات دراماتيكية قد تحصل على جبهة القتال في غزة. ووفقا للتقديرات الاسرائيلية الاولية لا يسعى حزب الله الى «اضرام النيران» الان في الجبهة الشمالية، لكن «الان» تبقى محفوفة بالمخاطر لان «اليوم التالي» لا يبدو واضح المعالم لدى الجانب الاسرائيلي الذي يعرف جيدا تنامي قدرات الحزب الصاروخية، ويدرك جيدا ان ما تملكه المقاومة الفلسطينية في غزة مجرد «العاب نارية» بالمقارنة مع ما لدى حزب الله القادر على اطلاق نحو 6000 صاروخ دفعة واحدة مع اندلاع شرارة الحرب الاول.
مناورات «صامتة»
ولهذا يراقب الاسرائيليون بحذر شديد، «المناورات الصامتة» التي يقوم بها حزب الله على طول الجبهة الجنوبية التي تشهد استنفارا غير مسبوق لدى مختلف قطاعات الحزب العملانية، فيما لم تحصل اسرائيل حتى اليوم على اجابات واضحة من القنوات الدبلوماسية الغربية العاملة في لبنان حيال موقف حزب الله ازاء اي تحول مفاجىء في العمليات العسكرية في قطاع غزة، حيث تقابل كل محاولات «جس النبض» «بصمت مطبق» في حارة حريك يزيد من تنامي القلق داخل اسرائيل.
«حبس الانفاس»
وفي هذا السياق، تتحدث مصادر ديبلوماسية اوروبية عن رغبة لدى إسرائيل للخروج من «مازق» غزة في أقرب وقت ممكن لان في حال استمرار القتال هناك فيه مخاطرة كبيرة بالتصعيد في جبهات أخرى وخصوصا على الحدود الشمالية. ووفقا للمعلومات، فقد شهدت الساعات القليلة الماضية حبسا للانفاس على خلفية عملية اسرائيلية كبيرة كانت ستؤدي لو نجحت الى توجيه ضربة قاسية لحركة حماس في غزة، ما وضع على «الطاولة» احتمال خروج الجبهات الاخرى عن السيطرة بفعل توقعات لدى الاسرائيليين بحتمية دخول حزب الله على خط المواجهات لانقاذ الفلسطينيين من «هزيمة» كبيرة…! لكن العملية فشلت، ونجت المنطقة من تصعيد خطير كان من الممكن ان يتحول الى حرب اقليمية، اقله بحسب التوقعات الاسرائيلية.
فشل عملية «المترو»!
ووفقا لصحيفة «اسرائيل اليوم» فان الخطوة الدراماتيكية في الحرب الدائرة، كانت في الهجوم على شبكة الأنفاق الدفاعية لحركة حماس، التي تسمى «المترو»، وووفقا للمعلومات شاركت في العملية 150 طائرة قتالية أطلقت أكثر من 450 قذيفة، في هجوم منسق تواصل لأكثر من نصف ساعة. ومع أن الأنفاق تضررت بشدة، اقرت الصحيفة بان الفكرة العملياتية لم تنجح، فقد كانت النية أن يتم قتل المئات من مقاتلي حماس وقتلهم، في خطوة كان يفترض أن توفر صورة نصر حاسم للمعركة.
حماس لم «تشتر» الخدعة
وبحسب الصحيفة، جرى التخطيط لهذه العملية منذ عدة سنوات وهي تقوم على عملية تضليل ميدانية واعلامية. وكان التخطيط يقوم على أن تصدق حماس بأن الجيش الإسرائيلي يوشك على اجتياح بري إلى القطاع مما يدفعها الى ارسال رجالها إلى الأنفاق، حيث سيلقون حتفهم هناك. وقد عرضت هذه العملية على «الكابينت» عدة مرات في الماضي، وجرى التفكير بتفعيلها في تشرين الثاني 2018 بعد عملية فاشلة للوحدة الخاصة في خان يونس، التي قتل فيها المقدم «م»، وأدت إلى تصعيد قصير في الجنوب. والإذن الذي لم يصدر لها في حينه أدى إلى استقالة افيغدور ليبرمان من منصبه كوزير للدفاع، وصدر الآن فخرجت العملية إلى حيز التنفيذ تحت اسم «جنوب أزرق». غير أن حماس لم تشتر الخدعة الإسرائيلية؛ على الرغم من ان الدبابات تقدمت باتجاه سياج القطاع وأطلق الناطق العسكري تلميحات إلى وسائل الإعلام الدولية يفهم منها بدء الاجتياح البري لغزة، ولكن قلة من رجال حماس نزلوا إلى الأنفاق، وليس واضحاً كم منهم قتل فيها إذا ما قتلوا أساساً…!
وبحسب الاعلام الاسرائيلي، حاول الجيش الإسرائيلي عرض العملية كنجاح، دون أن يكشف الجزء المركزي في الخطة الذي فشل، لان ضرب الأنفاق لم يكن الأمر الأساسي… أما الخدعة، فلم تعط الثمار المخطط لها بل تسببت بانتقاد شديد ضد إسرائيل من جانب وسائل إعلام مركزية في العالم، احتجت على أن الناطق العسكري كذب عليهم واستخدمهم عن قصد في الترويج لعملية كانت مجرد خدعة.
الخروج من «المأزق»؟
وازاء «حنكة» القيادة العسكرية لحركة حماس التي لم تبتلع «الطعم»، وفي ظل مراجعات امنية عميقة في اسرائيل حول اسباب فشل العملية، وانطلاقا من الخوف من رد فعل حزب الله على احتمال نجاح ضربات «نوعية» مماثلة، خرجت اصوات عدد من المحليلين الاسرائيليين لمطالبة القيادة الاسرائيلية «بالتواضع» في طموحاتها وعدم الدخول في مغامرات غير محسوبة، باعتبار ان الانجاز الاهم راهنا لاسرائيل هوعدم جر جبهات أخرى للتصعيد، ولهذا يتعين أن تنشغل القيادة السياسية والعسكرية الان، بقدر أقل في البحث عن صور النصر، وبقدر أكبر على منع اشتعال شامل، ومحاولة جباية أثمان أخرى من حماس وربما تصفية بعض من مسؤوليها لاحقا، على أمل تعميق الردع حيال غزة في اليوم التالي!
ماذا يريد «المستقبل»؟
وفيما تتواصل مسيرات الدعم للفلسطينيين في لبنان، صدر موقف «مثير للريبة» عن تيار المستقبل الذي تطوع لمواجهة دعوة «مجهولة» وجهت على مواقع التواصل الاجتماعي، للتجمع أمام سفارة الإمارات، في بيروت، تحت عنوان: «التطبيع خيانة… معاً في مواجهة الأنظمة المطبعة». وقد وجد تيار المستقبل، في الدعوة «مزايدات قومية» على دول وشعوب كرّست جهدها ومالها وحياتها لنصرة فلسطين وشعبها، ومحاولة «لاحتكار» تأييد القضية الفلسطينية. ووجد تيار المستقبل العذر للإمارات في جنوحها نحو التطبيع بالقول ان العلاقات مع إسرائيل، لا تعني الإمارات فقط، بل هي تشمل مروحة كبيرة من البلدان العربية. والمفارقة ان تيار المستقبل الذي نظم وقفة تضامنية على الحدود مع الشعب الفلسطيني توعد بمواجهة كل دعوة «استفزازية» للسفارات العربية!
«الدائرة المفرغة» حكوميا
حكوميا، لا جديد في ظل المراوحة المستمرة داخليا، وغياب الاهتمام الخارجي بالملف اللبناني الذي لن يجد مساحة كبيرة في لقاء باريس بين الرئيسين الفرنسي ايمانويل ماكرون والمصري عبد الفتاح السيسي، حيث ستحتل غزة صدارة الاهتمام. وفي ظل هذه الاجواء يستمر الجمود «القاتل» على الرغم من التسريبات حول خروج قريب للرئيس المكلف سعد الحريري عن «صمته» بعد عودته الميمونة من الخارج، ولم تحرك التسريبات حول عدم رغبة رئيس الجمهورية ميشال عون باعتذار الحريري «المياه الراكدة»، ولا تزال الامور في «الدائرة المفرغة، وبرأي مصادر تيار المستقبل فان عودة حديث الرئيس عون عن ضرورة تقديم الحريري صيغة حكومية متكاملة مرتكزة على الميثاقية والتوازن الوطني الذي يحقّق الشراكة الكاملة، عودة الى «التعطيل» لان هذه القاعدة «البراقة» تحمل بين «السطور» شروطا تجعل عملية التاليف مستحيلة.
«المستقبل»: كلام «خشبي»!
وقد نعى نائب رئيس تيار المستقبل مصطفى علوش ما روج له من ايجابيات رئاسية، وقال» ان الحملات المتكررة والكلام الخشبي الذي يتردد بخصوص مسألة الاعراف والمواثيق والتوازنات وما الى هنالك والالتزام بالدستور. فالدستور ينص على شيء واحد ألا وهي المناصفة. اما قضية انه يريد ان يكون مشاركا ويفرض رؤياه على الحكومة، فهذا عملياً ينسف كل الامور»، لافتاً الى «اننا نرحب بكل ايجابية تصدر عن فخامة الرئيس لتسهيل انتاج الحكومة ومقتنعون تماما ان الحكومة الاكثر فعالية هي تلك التي تلتزم بمعايير عدم وجود محاصصة في هذه المرحلة وعدم وجود ثلث معطل. فإذا كان فخامة الرئيس قد وصل الى هذه القناعة، فالحكومة قد تتألف خلال يومين.
وفي هذا الاطار، أشار الأمين العام لـتيار المستقبل أحمد الحريري إلى أن الامور حكومياً «لا تزال على حالها». وعما يشاع عن اعتذار الحريري شدّد على «أن الرئيس المكلف كان واضحاً ولم يصدر عنه أي شيء، وأن كل ما صدر عبارة عن تسريبات إعلامية، وستكون له مواقف واضحة في المرحلة المقبلة بما فيها مصلحة البلد وهموم الناس مع دراسته لكل الخطوات والخيارات للوصول إلى القرار الصحيح».
نفي رئاسي
وكان الرئيس ميشال عون اعلن أن تشكيل حكومة جديدة له الأولوية حالياً على رغم العقبات التي تواجه هذه المسألة من الداخل والخارج، وقال أمام نائبة وزير الخارجية الإيطالية مارينا سيريني وغداة توجيهه رسالة إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، «لن نوفّر أي جهد للوصول إلى هذا الهدف وتشكيل حكومة تكون من أولى مهامها تحقيق الإصلاحات المطلوبة واستكمال مكافحة الفساد الذي يعاني منه لبنان، إضافة إلى التدقيق المالي الجنائي الذي يشكّل المدخل الحقيقي لهذه الإصلاحات». وقد نفى مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية ما وصفه بـ» المعلومات المختلقة» في بعض وسائل الاعلام حول مضمون رسالة عون الى ماكرون، لافتاً إلى أنها من نسج الخيال.
افقار اللبنانيين مستمر
وفيما يستمر تمرير رفع الدعم «بالمفرق» دون ان تلقى سياسة افقار اللبنانيين اي رد فعل جدي في ظل غلاء الاسعار وفقدان الدواء، حيث سيقفل عدد من الصيدليات ابوابه الخميس لعدم تسلّمه الادوية ،»والاذلال « على محطات الوقود، وزيادة تقنين الكهرباء، تستعدّ قطاعات عمالية للتصعيد، وسط تساؤلات حول فعاليتها بعد «خراب البصرة»، وفي هذا السياق، أكد رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي أن «هناك آلية جديدة لمصرف لبنان ووزارة الاقتصاد في ما خص البضائع المدعومة، في انتظار تفاصيلها». ولفت الى أن «ملفات البضائع المدعومة يتأخر طلبُها، لذلك هذه البضائع ليست متوفرة بكميات في السوبرماركت!. وأشار بحصلي الى أن «وجود البضائع في المرفأ مكلف وخطر نتيجة تعرض المواد لأشعة الشمس، لذلك يخزّنها التاجر في المستودعات في انتظار ملف الدعم»، موضحاً أن «هناك فرقاً بين الاحتكار وانتظار فتح اعتمادات للبضائع من قبل مصرف لبنان». وأكد ان «هناك موادا غذائية وأدوية عالقة في المرفأ، نظرا الى تأخر الموافقة على طلباتها؟
تصعيد في «الشارع»
في المقابل، أعلن رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الاسمر، في مؤتمر صحافي اثر اجتماع لاتحادات ونقابات قطاع النقل البري امام مركز المعاينة الميكانيكية في الحدت، «الإتجاه الى اضراب عام وتحركات مطلبية مطلع الأسبوع المقبل»، داعيا الى «ضرورة التنازل عن كل الانانيات وايجاد حكومة وعدم رفع الدعم بطريقة غير مسؤولة لان ذلك سيؤدي الى ثورة شعبية». بدوره، أكد رئيس اتحاد النقل البري في لبنان بسام طليس «الاستمرار باقفال مراكز المعاينة الميكانيكية في كل لبنان حتى تصبح بعهدة الدولة والقانون.
ماذا بعد اطلاق «المنصة»؟
في غضون ذلك، اطلق مصرف لبنان امس، منصة «صيرفة»، التي ستسمح بأنّ يصبح سوق الدولار أكثر شفافية. لكن المفارقة ان الجهوزية التقنية لدى المصارف والصيارفة لم تكتمل بعد، وسط تساؤلات حول الية تنظيم بيع وشراء الدولار، بسعر يحدد العرض والطلب خصوصا ان هذه العمليات متاحة للتجار والمستودرين والمؤسسات بينما يخضع للأفراد العاديين لشروط غير واضحة بعد قد يستفيدوا من المنصة على أن يقوم مصرف لبنان بالتدخّل عند اللزوم، لضبط التقلبات في أسعار سوق الصيرفة، فهل ستشهد السوق حدا للمضاربات وهل يمكن السيطرة على سعر صرف الدولار؟ اسئلة تحتاج الى وقت لان التجارب السابقة، بحسب اوساط مصرفية لم تكن ناجحة!
«كف يد» عون
وفي تطور قضائي لافت، رد مجلس شورى الدولة دعوى القاضية غادة عون في إبطال قرار القاضي غسان عويدات، وطلب رأي مجلس القضاء الاعلى في اساس الدعوى بعد ضمّ الطلب بوقف التنفيذ لاساس الدعوى، وهذا يعني «كف» يد القاضية عون عن الملفات المالية، ما يجعلها غير قادرة على متابعة القضايا التي اثارتها مؤخرا.فهل ستلتزم بالقرار الجديد؟
*******************************************************************
افتتاحية صحيفة الشرق
اجتماع ماكرون والسيسي … دعم المبادرة الفرنسية
رغم انتهاء عطلة عيد الفطر، لاتزال حركة الاتصالات السياسية الداخلية لمحاولة فتح ثغرة في الجدار الحكومي، في إجازة. لكن الفترة المقبلة ستشهد، بحسب المواقف التي سُجّلت امس، تطوراتٍ على هذه الضفة، لاسيما مع توجّه لدى الرئيس المكلف سعد الحريري، الموجود خارج البلاد، لكسر صمته وربّما لاتخاذ خطوات عمليّة جديدة. وبينما يأمل اللبنانيون – الذين تزداد اوضاعهم المعيشية تدهورا ساعة بعد ساعة – ان تحمل الحركة المرتقبة هذه، ما يُخرجهم من مأساتهم، فإن لا معطيات تفيد بذلك… فحتى المرونة التي أبدتها امس «أوساط» بعبدا، بتأكيدها عبر الإعلام، ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لم يسعَ يوما الى الدفع بالحريري الى الاعتذار، تعاطى معها التيارُ الازرق، بحذر شديد.
ماكرون – السيسي
بينما يحضر الملف السياسي اللبناني اليوم بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ونظيره المصري عبدالفتاح السيسي في باريس، وفي وقت يدرس الاتحاد الاوروبي خيار فرض عقوبات على الفاسدين في لبنان وعلى معطّلي الحل السياسي فيه، لا تزال عربة التشكيل في بيروت معطّلة ومتوقّفة «في أرضها».
تأليف وانتخابات
رغم ذلك، أكد رئيس الجمهورية لنائبة وزير الخارجية والتعاون الدولي في الجمهورية الايطالية مارينا سيريني التي زارته امس في قصر بعبدا «ان تشكيل حكومة جديدة له الاولوية حالياً في عملنا السياسي على رغم العقبات التي تواجه هذه المسألة من داخل وخارج، . وفي موقف هو الاول من نوعه من الانتخابات النيابية وسط المخاوف الداخلية والخارجية من تطييرها، أكد الرئيس عون لسيريني ان الممارسة الديموقراطية في لبنان مصانة على رغم كل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، وستترجم في الانتخابات النيابية والبلدية المقبلة التي ستجري في موعدها في العام 2022.
هدوء حدودي
وكانت المنطقة الحدودية جنوبا استعادت امس هدوءا لافتا، عقب ايام من الحركات الشعبية التضامنية مع الفلسطينيين، والتي حصلت قرب الجدار الفاصل وقوبلت بعنف من قِبل الجانب الاسرائيلي ما تسبّب بسقوط قتيل وجرحى.
الحريري
بالعودة الى المواقف السياسية، فقد برز إعلان امين عام تيار المستقبل احمد الحريري ان الامور حكوميا «لا تزال على حالها»، مؤكدا على «الايمان الكبير للرئيس سعد الحريري بهذا البلد لايصاله الى بر الامان بأي طريقة من الطرق ولكن من خارج ما يتم التداول به اليوم». وعما يشاع عن اعتذار الحريري شدد على «أن الرئيس المكلف كان واضحا ولم يصدر عنه اي شيء، وان كل ما صدر عبارة عن تسريبات اعلامية، وستكون له مواقف واضحة في المرحلة المقبلة بما فيها مصلحة البلد وهموم الناس مع دراسته لكل الخطوات والخيارات للوصول الى القرار الصحيح».
لترجمة الليونة
من جانبه، وتعليقا على ما نقل عن الرئيس عون امس في الصحف لجهة قوله انه لا يعمل لاعتذار الحريري، اكد نائب رئيس تيار «المستقبل» مصطفى علوش لـ»المركزية» «ان على هذه الليونة ان تُترجم بالتشكيلة وبوقف الحملات المتكررة والكلام الخشبي الذي يتردد بخصوص مسألة الاعراف والمواثيق والتوازنات وما الى هنالك والالتزام بالدستور. فالدستور ينص على شيء واحد ألا وهي المناصفة.
لخفض السقوف
الى ذلك، وغداة اتصال حصل في نهاية الاسبوع بين عون وبري هنّأ فيه رئيسُ الجمهورية رئيسَ المجلس بعيد الفطر، وبينما يُحكى عن استئناف بري مساعيَه لتذليل العقبات من امام التشكيل، رأى المكتب السياسي في حركة امل ان «حان الوقت للتراجع عن السقوف العالية والمطالب الضيقة الافق من أجل مصلحة اللبنانيين، وإنجاز تشكيل الحكومة للنهوض بورشة إستدراك الانهيار الشامل، والقيام بالاصلاحات المطلوبة كي لا يكون مصير لبنان ورقة في مهب ريح ما يُرسم للمنطقة».
اطلاق المنصّة
وسط هذه الاجواء، وبينما الاحوال المعيشية الصعبة حرّكت الشارعَ من جديد، حيث قُطع عدد من الطرق صباحا، اطلق مصرف لبنان امس، منصة «صيرفة»، التي ستسمح بأنّ يصبح سوق الدولار أكثر شفافية.
فقدان السلع
معيشيا ايضا، الاوضاع من سيئ الى أسوأ، والسلعُ على انواعها، من الدواء الى المحروقات، باتت شبه مفقودة من الاسواق. في السياق، أكد رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي أن «هناك آلية جديدة لمصرف لبنان ووزارة الاقتصاد في ما خص البضائع المدعومة، في انتظار تفاصيلها».
المحروقات: من جانبه، رأى عضو نقابة أصحاب محطات المحروقات جورج البركس ان «عجز الدولة عن وقف عمليات التهريب لا يعالج بحرمان اصحاب المحطات من حاجة السوق من المحروقات بالكميات الضامنة للمواطنين»، سائلا «أما آن الاوان بعد لاتخاذ القرارات المتوجبة وضبط الاوضاع قبل فوات الاوان، وقبل ما هو منتظر من فلتان وخراب البصرة حيث لا ينفع الندم»؟
نحو التصعيد
امام هذا الواقع الصعب، تستعدّ قطاعات عمالية للتصعيد. وبينما سيقفل عدد من الصيدليات ابوابه الخميس لعدم تسلّمه الادوية كما يجب، أعلن رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الاسمر، في مؤتمر صحافي اثر اجتماع لاتحادات ونقابات قطاع النقل البري امام مركز المعاينة الميكانيكية في الحدت، «الإتجاه الى اضراب عام وتحركات مطلبية مطلع الأسبوع المقبل»، داعيا الى «ضرورة التنازل عن كل الانانيات وايجاد حكومة وعدم رفع الدعم بطريقة غير مسؤولة لان ذلك سيؤدي الى ثورة شعبية». بدوره، أكد رئيس اتحاد النقل البري في لبنان بسام طليس «الاستمرار باقفال مراكز المعاينة الميكانيكية في كل لبنان حتى تصبح بعهدة الدولة والقانون».
رد دعوى عون
قضائيا، افادت معلومات صحافية ان «مجلس شورى الدولة ردّ دعوى القاضية غادة عون في إبطال قرار القاضي غسان عويدات، وطلب رأي مجلس القضاء الاعلى في اساس الدعوى بعد ضمّ الطلب بوقف التنفيذ لاساس الدعوى».
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :