افتتاحية صحيفة البناء :
المقدسيّون يفرضون توازنَ رعبٍ على الاحتلال وغزة تنتصر للقدس بصواريخها / سلامة يبشّر بالمنصّة لضبط سعر الصرف قريباً… والبدء بإعادة نسبة من الودائع / "القومي" يدعو لنصرة فلسطين… ولن ينسى شهداء حلبا… ولحكومة إنقاذ وترشيد الدعم
هي القدس تفرض إيقاعها على المنطقة والعالم، وتلزم كيان الاحتلال وجيشه المدجّج بالسلاح حتى الأنوف بقوانين الصراع، وقد نجحت الانتفاضة المستمرة منذ أول شهر رمضان، بفرض أربع معادلات جديدة، الأولى ميدانيّة حيث رسم شباب القدس قواعد اشتباك عنوانها قطع طريق تل أبيب حيفا ويافا على المستوطنين مقابل كل محاولة لقطع الطريق على أبناء المنطقة المحتلة عام 48 من الوصول الى القدس، وكانت الحصيلة التي شهدها أول أمس وتثبتت أمس فتح الطريق للمتضامنين مع القدس من سكان المناطق المحتلة عام 48، الذين كانوا قد أوقفوا على الطريق الساحلي من قبل شرطة الاحتلال قبل أن يبادر شباب القدس على إغلاق الطريق الموازي الذي يربط تل أبيب بالمدن الساحلية ما أجبر الشرطة على رفع حواجزها أمام المتضامنين مع القدس؛ والثانية قانونيّة حيث اضطرت محاكم الاحتلال التي قرّرت إخلاء خمسة منازل من حي الشيخ جراح وتسببت بإشعال الانتفاضة المقدسيّة، على تأجيل البتّ النهائي لمدة شهر، بعدما مدّدت قرارها النهائيّ لأسبوع خلال الأسبوع الماضي؛ أما المعادلة الثالثة فكانت سياسيّة ومضمونها أن قضية القدس لم تمُتْ بفعل التطبيع وما تخيّله البعض من نهاية القضية الفلسطينية، حيث اضطرت واشنطن وعواصم أوروبيّة وعالميّة عديدة لإصدار بيانات تدعو لوقف قرارات الإخلاء في القدس، وصدرت عشرات الإدانات العربيّة والدوليّة للوحشيّة التي تعامل من خلالها جيش الاحتلال مع المقدسيّين، وظهرت طلائع التضامن الشعبيّ في إحياءات يوم القدس، لكنّها سجّلت أول مشهد نوعيّ مع تظاهرات شملت عواصم عالميّة كانت أبرزها تظاهرة لندن الحاشدة؛ وبقيت الأهم المعادلة الرابعة التي تجسّدت بتأكيد وحدة المصير والمسار بين القدس وغزّة من جهة وبين قوى وحركات المقاومة من جهة موازية، فقد دخلت غزّة عملياً على خط نصرة القدس بترجمة تهديدات قادة حركات المقاومة، فبعدما انطلقت البالونات الحرارية أول أمس، نحو مستوطنات غلاف غزة وتسبّبت بإشعال الحرائق بدأت صواريخ رمزية من غزة بتوجيه إنذار عملي لجيش الاحتلال بأن مواصلة القمع الوحشي في القدس والإصرار على قرارات الإخلاء في حي الشيخ جراح سيعنيان توسعاً في مدى الصواريخ وتزايداً في أعدادها، بينما أكدت حركات المقاومة وقوفها مع القدس، واستعدادها للدخول على خط المواجهة إذا تطوّرت المواجهات نحو حرب تستهدف غزة.
الحزب السوري القومي الاجتماعي دعا للانتصار للقدس وفلسطين، مؤكداً أن خيار المقاومة يبقى الطريق الوحيد لوضع حدّ للعدوان المستمر، كما أكد في ذكرى مجزرة حلبا أن دماء الشهداء لن يطويها الزمن، وفي تناول الوضع الحكومي والأزمتين السياسية والاقتصادية دعا الحزب الى الإسراع بتشكيل حكومة إنقاذ، وإلى المبادرة لترشيد الدعم.
في قضايا ترشيد الدعم وسعر الصرف ومصير الودائع، التي يتحمّل مصرف لبنان مسؤوليّتها، وقد فقد الكثير من ثقة الناس بسبب أدائه في التعامل معها، أصدر حاكم المصرف رياض سلامة بيانا مساء أمس مبشّراً بقرب تفعيل منصة صرف العملات التي أعلن عن إنشائها، بعدما سجل سعر الصرف أرقاماً قياسية جديدة، بينما أعلن مواصلته فتح الاعتمادات للسلع التي تعهد تغطيتها بسعر دولار مدعوم بانتظار قيام الحكومة باعتماد سياسات تقوم على ترشيد الدعم، كاشفاً عن الانتهاء من تطبيق المصارف لتعميم زيادة الرساميل، وبالتالي إتاحة المجال للبدء بتسديد نسبة من الودائع بالدولار والليرة اللبنانية انطلاقاً من نهاية شهر حزيران المقبل.
أدان رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي وائل الحسنية جرائم العدو الصهيوني بحق الفلسطينيين في الأقصى والشيخ جراح، معتبراً أن ما يحصل في القدس هو ممارسات عنصرية حاقدة، وجرائم ضد الإنسانية، على مرأى العالم كله ومسمعه الذي عليه أن يتحرّك سريعاً لوقف العدوانية الصهيونية.
وأكد الرئيس الحسنية ضرورة أن تستعيدَ ساحات العالم العربي نبض العز والكرامة دعماً ومناصرة لصمود أبناء شعبنا في فلسطين، ولتوجيه رسالة قوية للأنظمة التي هرولت صاغرة لإقامة العلاقات مع الاحتلال الصهيوني العنصري الاستيطاني متنكّرة لنضال شعبنا ومتآمرة ضده وضد قضية فلسطين.
ودعا الحسنية إلى تصعيد المقاومة ضد الاحتلال الصهيوني، مشيراً الى أن المواجهة لن تبقى في ساحات الأقصى والشيخ جراح بل في كل منطقة وبلدة ودسكرة فلسطينية، وفي كل ميادين الصراع والمواجهة ضد الإرهاب والاحتلالات على امتداد أمتنا والعالم العربي.
وفي الذكرى الثالثة عشرة لمجزرة حلبا، أكدت عمدة القضاء في الحزب السوري القومي الاجتماعي أنّ الذين عرقلوا سير العدالة مراهنين على عامل مرور الزمن، أخطأوا الوجهة والعنوان، واذ جدّدت عمدة القضاء في "القومي" التأكيد بأنّ مجزرة حلبا لن يطويها الزمن، أكدت في الوقت ذاته، أنّ ملف المجزرة أعيد إلى مساره وهو حالياً قيد المتابعة أمام قاضي التحقيق الأول في الشمال. وهذا الملف هو محلّ متابعة العمدة والمحامين القوميين، ولذلك نعاهد شهداءنا الأبرار وعائلاتهم وجميع القوميين بأننا لن نستكين حتى يبتّ القضاء بالملفّ ويقتصّ من المجرمين الإرهابيين، إحقاقاً للحق والعدالة.
حكوميّاً، الترقب سيد الموقف لما ستكون عليه الأمور خلال الأيام المقبلة التي تفصل عن عيد الفطر، حيث تؤكد مصادر مطلعة لـ "البناء" أن اعتذار الرئيس المكلف سعد الحريري رهن باتصالات الساعات المقبلة التي ستحدّد مسار الأمور، لافتة الى أن اعتذار الحريري لا يعني على الإطلاق أن الأوضاع قد تتجه نحو تكليف سريع فتأليف، إذ إن الواقع الراهن ينذر باستمرار حكومة تصريف الاعمال، واعتبرت المصادر ان عدم تشكيل الحكومة سوف تتحمّل مسؤوليّة تبعاته كل القوى السياسية لان الأوضاع لا تبشر بالخير على الصعيد المعيشي والاجتماعي. واعتبرت المصادر ان وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان لم ينع المبادرة الفرنسية لكنه مرة جديدة اكد للقوى السياسية أن مساعدة اللبنانيين رهن تطبيق هذه المبادرة.
وجدّد البطريرك الماروني بشارة الراعي النداء إلى المعنيين بتأليف الحكومة ليسرعوا في الخروج من سجون شروطهم، ويتصفوا بالمناقبية والفروسية، ويعملوا، على تشكيل حكومة قادرة تضم النخب الوطنية الواعدة. وإذ نلحّ على موضوع الحكومة، فلأننا نخشى أن يهمل وينسى في مجاهل لعبة السلطة داخلياً وفي صراع المحاور إقليمياً. هناك مَن يعمُد إلى دفع لبنان نحو مزيد من الانهيار لغاية مشبوهة. وإنا إذ نكرّر الدعوة لإعلان حياد لبنان الإيجابي الناشط، وتلازماً لعقد مؤتمر دولي خاص بلبنان برعاية منظمة الأمم المتحدة، فلكي يكون مصير لبنان مستقلاً عن التسويات الجارية في الشرق الأوسط، ولو على حساب حق شعوب المنطقة في تقرير مصيرها.
وشدّد على اننا نؤيد تحسين العلاقات بين دول المنطقة، على أسس الاعتراف المتبادل بسيادة كل دولة وبحدودها الشرعية، والكف عن الحنين إلى السيطرة والتوسّع. ونتمنى أن تنعكس أجواء التقارب المستجدّ على الوضع اللبناني فيخف التشنج بين القوى السياسية، وتنسحب من الصراعات والمحاور ما يسمح للبنان أن يستعيد حياده واستقلاله واستقراره. ونطالب هذه الدول بأن تنظر إلى القضية اللبنانية كقضية قائمة بذاتها، لا كملف ملحق بملفات المنطقة.
وفيما أكد سفير الاتحاد الأوروبي في لبنان رالف طراف التزام الاتحاد الأوروبي وحرصه على تجديد الشراكة مع لبنان، ونتمنى التنسيق والتواصل مع شريك لبناني قوي ومسؤول، لإخراج لبنان من أزمته الحالية، يزور وفد أميركي لبنان الأسبوع المقبل.
ماليا، يفاوض مصرف لبنان حالياً المصارف اللبنانية بهدف اعتماد آلية تبدأ بموجبها المصارف بتسديد تدريجي للودائع التي كانت قائمة قبل 17 تشرين الأول 2019 وكما أصبحت في 31 آذار 2021، وذلك بالعملات كافة. وطلب مصرف لبنان من المصارف تزويده بالمعطيات ليبني عليها خطة يتم بموجبها دفع مبالغ تصل إلى 25 ألف دولار أميركي، وبالدولار الأميركي أو أي عملة أجنبية، إضافة إلى ما يساويها بالليرة اللبنانيّة. وسيتم تقسيط هذه المبالغ على فترة زمنية يُحدّدها مصرف لبنان قريباً. ومن المتوقّع أن يبدأ الدفع اعتباراً من 30 حزيران 2021 شرط الحصول على التغطية القانونيّة.
من ناحية أخرى، وحفاظاً على استمرارية مقاربة الدعم وفق ما تقتضيه المصلحة اللبنانية العليا ومصلحة المودعين، والتزاماً بقانون النقد والتسليف، وجّه مصرف لبنان كتباً إلى الوزارات المعنية من أجل ترشيد الدعم، وهو ينتظر الأجوبة الواقعيّة والتي يمكن تنفيذها قانوناً.
إلى ذلك يطلق مصرف لبنان منصة "صيرفة" (SAYRAFA)، أي المنصة الالكترونية لعمليات الصرافة بمشاركة المصارف والصرّافين، مع ما تؤمّنه هذه المنصة من شفافية في الأسعار وفي المشتركين فيها بحيث لا تشمل الصرافين غير الشرعيين.
وعلم أن وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني سيوقع اليوم على إطلاق منصة "صيرفة" ليقوم مصرف لبنان بعد توقيع وزير المال على طلب إطلاق عمل منصّة "صيرفة" بإصدار تعميم يحدد الآلية التنفيذية لعمل منصة ويعلن فيه انطلاقها، خصوصاً أنّ التحضيرات المطلوبة أُنجزت.
وقال العميد في الحزب السوري القومي الاجتماعي واجب قانصو خلال إفطار إقامته منفذيّة النبطية في القومي: لبنانُ هذه الأيام يواجِهُ تحدّياً مصيرياً، فإما أن يتلمّس حبلَ النّجاة وإما أنْ يهلِك. ونحن نرى أنَّ النجاةَ ممكنةٌ بالذهابِ سريعاً الى تشكيلِ حكومةِ قرار في السياسةِ والاقتصادِ، تشرّعُ في الإصلاحِ الشامل لإخراج لبنان من الدوامة السلبية مالياً والتي باتت على حد السكين أو على حافة الهاوية، ولوقف الانهيار الحاصل اقتصادياً والأزمة المعيشيّة الخانقة الأصعب في تاريخ لبنان والتي تضع البلد على شفير انفجار اجتماعيّ ستكون نتائجه كارثيّة على مختلف المستويات لا سيما على المستوى الأمني، وللإسراع في معالجة الملفات ذات الصلة بهموم الناس.
وأضاف: الناسُ لم تعُد تحتملُ هذا الوضع المعيشيَّ الاقتصاديَّ الصعب، لا بلْ لا طاقةَ لها على تحمّلِ هذا الوضع، فكيفَ مع إجراءاتِ رفعِ الدعم، مؤكداً أنّ رفعَ الدعمِ بالشكلِ الذي يُروَّجُ له، هو مشروعُ حربٍ جديدةٍ على لبنانَ، لذلك نحذّرُ من مغبّةِ السيرِ به، وندعو في المقابل إلى اتباعِ سياسةِ ترشيدِ الدعمِ وفقَ قواعدَ وآلياتٍ واضحة، فالترشيدُ الدقيقُ ومتابعتُه بمسؤوليّةٍ وطنيّةٍ هو الخيارُ الأسلمُ إذا ارتبط بإرادةٍ مُصمّمةٍ على إنقاذِ البلد.
الى ذلك طلب ممثّل موزّعي المحروقات في لبنان، فادي أبو شقرا، من جميع محطّات المحروقات فتح أبوابها وتوزيع المحروقات لأنّ تهافت الناس على المحطات سبّب أزمة كبيرة، مؤكداً أنّ "الشركات ستستمر بتوزيع المحروقات غداً (اليوم) الإثنين". واكد أبو شقرا أن "لا قرار رسمياً بتخفيف الدعم او رفعه وخصوصاً عن المحروقات لأنها مادة اساسية".
وتابع: "ويجب أن تكون هناك ضوابط لسعر صرف الدولار قبل الإقدام على أية خطوة".
********************************************************************
افتتاحية صحيفةالأخبار :
سلامة يحتال على المودعين لرفع الدعم آخر أكاذيب رياض سلامة: "جِحا" لا يُريد ردّ الدولارات
كلّ خطوات رياض سلامة حالياً تقوم على محاولته تخليص نفسه بعد أن بات مصيره كحاكم للمصرف المركزي على المحكّ. يُريد من السلطة السياسية قانوناً يُجيز له الصرف من "الاحتياطي"، وقانوناً ليدفع للمودعين دولاراتهم، وموافقة وزارة المالية على إطلاق منصّة "صيرفة". رأس السلطة النقدية، صاحب الصلاحيات المُطلقة، يختبئ خلف ذرائع (غير) قانونية كي لا يتحمّل مسؤوليته من الانهيار. آخر ارتكاباته، إيهام المودعين بأنّه يعمل على مبادرة لإعادة جزء من دولاراتهم، ويصفها مصرفيون بأنّها "من المستحيلات". يتصرّف الحاكم كـ"جحا" الذي يكذب حتى يكاد يصدّق كذبه، و"مسماره" هذه المرة المطالبة بقانون يجيز له تنفيذ القانون بإعادة الأموال إلى أصحابها!
رياض سلامة لا يُريد أن يردّ أموال المودعين بالدولار "الحقيقي". فالبيان الذي أصدره مصرف لبنان أمس، وفيه أنّه "يُفاوض المصارف اللبنانية بهدف اعتماد آلية تبدأ بموجبها المصارف بتسديد تدريجي للودائع التي كانت قائمة قبل 17 تشرين الأول 2019، وكما أصبحت في 31 آذار 2021، وذلك بالعملات كافة"، عبارة عن رشوة يُحاول سلامة تقديمها إلى بعض المودعين، وضغوط يُمارسها على السلطتين القضائية والسياسية. وقد لجأ إلى هذا الخيار بعد أن اشتدّ الخناق القضائي حوله بشكلٍ جدّي لم يُعهد من قبل، فبدأ الحاكم محاولات التفلّت من الشَرك. اختار - على عادته - إظهار نفسه كـ"مُنقذٍ"، وفتح جبهات فرعية تُبعد الخطر عنه، فقال إنّه يعمل "على إطلاق مبادرة تهدف إلى إراحة اللبنانيين ضمن القوانين والأصول التي ترعى عمل مصرف لبنان". من هذه العبارة يبدأ الغشّ في بيان سلامة، الذي ذكر أيضاً أنّ الإجراءات الجديدة تأتي بعد "نجاح التعميم 154 (زيادة رساميل المصارف وتكوين نسبة 3% من الودائع في حساباتها الخارجية لدى مصارف المراسلة) والتزام المصارف بمندرجاته". جمعية المصارف زعمت في مجلس النواب بأنّها لم تؤمّن أكثر من 300 مليون دولار من أصل أكثر من 3 مليارات دولار كان يُفترض تأمينها. ولجنة الرقابة على المصارف تُرسل العديد من الإنذارات إلى مصارف عن عدم التزامها بالـ154. ربما فات سلامة هذان التفصيلان.
البيان تكفّل بوأد "المبادرة الإنقاذية" قبل أن تصدر، حين ربط بين دفع الدولارات للمودعين و"شرط الحصول على التغطية القانونية". هل حصل في العالم أن أُقرّ قانون لتطبيق عملية قانونية وحقوقية، كإعادة أموال المودعين؟ هل يوجد نصّ قانوني يمنع القطاع المصرفي من ردّ الأموال؟ ولماذا يحتاج صاحب السلطة القانونية الواسعة على كلّ المؤسسات المالية إلى أن يتفاوض مع المصارف لدفع أموال المودعين؟ فإذا كان مصدر الدولارات هو حساب "التوظيفات الإلزامية" لدى مصرف لبنان - أي أموال المودعين بالدولار - فليس على الأخير سوى إيصال المبالغ إلى المصارف والطلب إليها أن تُسدّدها لأصحابها. أما إذا كانت الدولارات ستُدفع من ميزانيات المصارف، فيستطيع "المركزي" بسهولة أن يُصدر تعميماً يفرض فيه القرار على المصارف.
بدأت القصّة في 5 أيار مع إصدار مصرف لبنان "الإعلام" رقم 939، يطلب فيه إلى جميع المصارف تزويده خلال مُهلة أقصاها 17 أيار بشرائح الودائع وأرصدة الودائع بالليرة اللبنانية وبالعملات الأجنبية كما في 31/10/2019 وكما أصبحت في 31/3/2021، مع استثناء أي حسابات مفتوحة بعد 31/10/2019 وأي أموال جديدة في الحسابات القائمة.
من المستغرب أن يطلب مصرف لبنان تزويده بأرقامٍ تُرسل دورياً من المصارف إلى لجنة الرقابة على المصارف، وبالتالي يُمكن بـ"كبسة زرّ" الاطلاع عليها. فما كان الهدف من نشر الخبرية؟ الجواب في بيان أمس، حين تبيّن أنّ سلامة نقل اللعبة بينه وبين السلطة السياسية من الدوائر المُغلقة إلى العَلن، في محاولةٍ لـ"الدفاع" عن نفسه مع تنفيذه قرار رفع الدعم عن استيراد سلعٍ رئيسية، من دون أن ينتظر انتهاء الحكومة من وضع "خطّة ترشيد الدعم" وإصدار البطاقة التمويلية للأسر.
رياض سلامة "الماكر" يُبرّر خطوته بأنّها ستؤدّي إلى تهدئة انهيار الليرة والارتفاع في أسعار صرف الدولار في "السوق". وقد تُرجم ذلك بانخفاض سعر الصرف مساءً بعد صدور البيان. إلا أنّه إقرارٌ من حاكم المصرف المركزي بأنّه كان بعد انهيار تشرين الأول 2019 يملك الأدوات الكافية والقدرة على التدخّل للجم انهيار الليرة، ولم يفعل، وهذا بحدّ ذاته يوجب التحقيق معه بتُهمة تعريض سلامة النقد للخطر وعدم المحافظة على الاستقرار الاقتصادي (بحسب المادة 70 من قانون النقد والتسليف). ففي نهاية الـ2019، كانت نسبة الحسابات التي تقلّ عن مليون دولار، أي 2 مليون و790 ألفاً و737 حساباً، هي 99%، ومن بينها مليون و725 ألفاً و30 حساباً للودائع التي تقلّ عن الـ3317 دولاراً أميركياً. أمّا نسبة الشرائح ما بين مليون و100 مليون دولار فهي 1%، وعدد الحسابات 22 ألفاً و506 حسابات. في حينه، وبعد أشهرٍ من الإذلال الذي تعرّض له المودعون من جرّاء "تقنين" سحب أموالهم ومنع التصرّف بها، خلافاً لأي نصّ قانوني ومن دون أن يطلب سلامة والمصارف تشريعاً يُجيز لهما ذلك، اخترع سلامة "المنصّة الإلكترونية" التي تدرّج سعرها قبل أن يُثبّت على الـ3900 ليرة لكلّ دولار، علماً بأنّه كان قادراً على ردّ دولارات أصحاب الحسابات الصغيرة، أو حتى تقسيطها، وضبط سوق النقد. أما حالياً، فيتحدّث سلامة عن "دفع مبالغ تصل إلى 25 ألف دولار أميركي، وبالدولار أو أي عملة أجنبية، إضافةً إلى ما يُساويها بالليرة. وسيتم تقسيط هذه المبالغ على فترة زمنية يُحدّدها مصرف لبنان قريباً". هي استنسابية في إصدار القرارات ودفع نسبة من دولارات المودعين، الذين "يشتري" سلامة "سكوتهم"، بوعد لم (وربما لن) يدخل حيّز التنفيذ، في مقابل رفع الدعم. وبحسب معلومات "الأخبار"، فإنّ مشروع سلامة يقوم على أنّ يُحوّل إلى حسابات المودعين الشخصية مبالغ تصل بحدّها الأقصى إلى 25 ألف دولار تُقسّط على ثلاث سنوات، وتُسحب بالعملات الأجنبية. وإضافة إليها ستُحوّل إلى حساباتهم 25 ألف دولار (كحدّ أقصى) أخرى تُسحب وفق سعر منصّة "صيرفة" التي ينوي إطلاقها وحُدّد سعر الصرف عبرها بـ10 آلاف ليرة للدولار. يصف مصرفيون المبادرة بأنّها "أقرب إلى المستحيل". ويرى بعضهم أن سلامة يريد من هذا التقسيط تخفيف عدد العائلات التي ستطلب الحصول على البطاقة التمويلية في حال إقرارها بدلاً من "الدعم" القائم حالياً.
هذه المنصّة التي يؤجّل موعد إطلاقها منذ أكثر من شهر، كانت حاضرة في البيان، مع إشارة سلامة إلى أنّ دخولها حيّز التنفيذ سيتم "فور الحصول على إجابة وزير المالية كما ينصّ القانون". لسنوات تسلّح سلامة بقانون النقد والتسليف، ليحكُم مالياً، فيفرض الإجراءات ويُحدّد سياسة الدولة النقدية والمالية والاقتصادية من دون أن يطلب مشورة أو غطاءً قانونياً من أحد. الحاكم بأمر قانون بات بحاجةٍ إلى تعديل، يستطيع أن "يستشير" الحكومة ووزارة المال، من دون أن يكون رأيهما مُلزماً له. وعلى هذه القاعدة، استمر في العمل منذ الـ1992، واخترع منصة إلكترونية وأسعار صرف متنوعة وفرض قيوداً على الحسابات المصرفية وبدأ الصيغة الجديدة من "الدعم" في الـ2019... قبل أن يُقرّر اختراع حُجج قانونية هي مُجرّد وسيلة لعدم تحمّله مسؤولية ورميها على الآخرين. فقد علمت "الأخبار" أنّ سلامة استند إلى المادة 75 من قانون النقد والتسليف ("يستعمل المصرف الوسائل التي يرى أنّ من شأنها تأمين ثبات القطع ومن أجل ذلك يُمكنه خاصّة أن يعمل في السوق بالاتفاق مع وزير المالية مُشترياً أو بائعاً ذهباً أو عملات أجنبية مع مراعاة أحكام المادة 69") ليُبرّر إرسال كتاب إلى الوزير غازي وزني، رابطاً بينه وبين بدء العمل بالمنصّة. ورغم عدم الحاجة إلى موافقتها، سترد وزارة المالية - غير المُعترضة على المنصة الجديدة - على كتاب مصرف لبنان، علماً بأنّ ما يؤخّر إطلاقها هو رفض المصارف التجارية، ولا سيّما الأكبر في السوق، ضخّ دولار واحد فيها.
النقطة الأخيرة في البيان تتعلّق بالدعم، بأنّه مُستمر بدعم المواد الأولية وصرف الاعتمادات الموافق عليها. يوم الثلاثاء يُعقد اجتماع مُخصّص لبحث "ترشيد الدعم" في السراي، ولا تزال البطاقة التمويلية حاضرة في صلبه، رغم إبلاغ سلامة رسمياً أنّه لن يُسهم في تمويلها. وعوضاً عنها، لا يزال يعرض دفع 200 إلى 225 دولاراً أميركياً للأسرة مقابل رفع الدعم نهائياً. أما أي قرار آخر، فسيكون وفق سلامة بحاجة إلى إصدار قانون يُجيز له "المسّ بالاحتياطي الإلزامي". يُخبر سلامة نواباً ومسؤولين ماليين أنّ حساب الاحتياطي بات 15.8 مليار دولار، ولا يستطيع التصرف بأكثر من 800 مليون دولار. تصريح تُكذّبه أرقام التقرير المالي لنهاية آذار، التي بيّنت أنّ الودائع في المصارف التجارية والخاصة بالدولار بلغت 109.848 مليارات دولار، ما يفترض أن يكون الاحتياطي الإلزامي 16.4 مليار دولار! فإما أنّ رياض سلامة يُقدّم معلومات مغلوطة، أو أنّه "مسّ" بما يُقارب 600 مليون دولار من الاحتياطي، وبات يُنادي بقانون يُغطّي ارتكاباته!
***********************************************************************
افتتاحية صحيفة النهار
ذعر رفع الدعم: هستيريا أسعار ولا سلطة!
قد يكون الأهم والأخطر في مشهد “الذعر” العام الذي ساد البلاد في الأيام الثلاثة الأخيرة انه وضع الأولويات السياسية نفسها جانباً في عز احتدام الازمة الحكومية وعودتها الى سابق سجالاتها الحادة، وفي ذروة تفاعل مناخات واجواء الزيارة المثيرة للجدل لوزير الخارجية الفرنسي #جان ايف لودريان، بل ان هذا المشهد همّش الى حدود قصوى كل ما لا يتصل مباشرة بازمات الناس. المقصود بذلك هو مشهد “الهستيريا” الفوضوية الناجمة عن تفلت الأسواق و#الأسعار تحت عنوان ذعر استباقي غذّته وتغذّيه موجات محمومة من الشائعات عن رفع واقعي للدعم قبل حصوله رسمياً وفعلياً فيما اشتعلت الأرض بكل قطاعاتها ولا تزال على خلفية هذا الذعر، وما من سلطة تضبط وتهدئ وتراقب وتطمئن ولا من يحزنون.
تفتّق الذعر العام عن تفلّت مباغت في أسعار عدد من السلع الغذائية الأساسية كاللحوم والدجاج، كما في أسعار أصناف كثيرة من #الادوية تحت وطأة تخفيف توزيع الأودية وفقدان بعضها والترويج بان الدعم رفع فعلا عن استيراد الادوية والأجهزة الطبية. ولم يقف الامر عند هذا الحد بل تمدد في افتعال ازمة محروقات في معظم المناطق فيما كانت الأسواق تشتعل بفوضى الأسعار النارية المحلّقة، والحكومة المستقيلة تتفرج اثباتا منها لقواعد غريبة عجيبة تستقي منها ذريعة التفرج ولا تضرب بيد من حديد ولا تحرك ساكنا حيال مافيات الإفادة من شقاء اللبنانيين وفقرهم الزاحف الى ما بعد اكثر من نصف الشعب بكثير وربما نحو نسبة خيالية من الفقراء.
وفي انتظار أن يرى مشروع البطاقة التمويلية النور والتي وعد رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب بإصدارها قبل #رفع الدعم عن استيراد السلع الرئيسية، سادت وتسود حال من الذعر والخوف أرباب العائلات اللبنانية على ما آلت اليه الاوضاع الاقتصادية من انهيار في العملة الوطنية وارتفاع غير مسبوق للاسعار وتحديدا المواد الاستهلاكية. هذا الهلع المبرر عند الناس يأتي على خلفية التأكيدات عن انتهاء “مصل” الدعم للمواد الاستهلاكية والنفط والدواء، والاتجاه نحو تحرير الاسعار مع الابقاء على دعم الخبز وأدوية الامراض المستعصية. وما عزز هذا الهلع، هو التقارير والارقام التي اجتاحت وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي عن مستوى الاسعار المتوقعة بعد رفع الدعم، وكانت بمعظمها ارقاما صادمة للمواطنين بما زاد هلعهم وخوفهم، ليتبين لاحقا أن القاعدة الخطأ التي اعتمدت عليها هذه التقارير كانت عبر مضاعفة سعر السلع غير المدعومة 3 مرات، بما رفع الاسعار الى حدود قياسية.
يشار في هذا السياق الى ان مصرف لبنان اتخذ قراره بوقف العمل بالآلية الموجودة الى حين وضع آلية جديدة، فأرسل كتبا في هذا الاطار الى كل الوزارات المعنية بالسلع المدعومة خصوصا وأن الدعم الذي بدأ في أيلول 2019 سيلامس الاحتياط الذي يرفض المس به.
لكن التطور المفاجئ الذي اخترق مجمل هذا المشهد فتمثل في البيان الذي أصدره مصرف لبنان مساء امس معلنا فيه اطلاق ألية جديدة مع المصارف لتسديد تدريجي للودائع يتم بموجبها دفع مبالغ مقسطة تصل الى 25 الف دولار أميركي بدءا من اخر حزيران. كما اعلن المصرف انه لا يزال يؤمن بيع الدولار للمصارف على السعر الرسمي للمواد الأولية التي قررت الحكومة دعمها . )راجع الصفحة 5). وقال المصرف ان مبادرته تهدف الى “إراحة اللبنانيين ضمن القوانين والأصول التي ترعى عمل مصرف لبنان، وتقضي المبادرة على مفاوضة مصرف لبنان حالياً المصارف اللبنانية بهدف اعتماد آلية تبدأ بموجبها المصارف بتسديد تدريجي للودائع التي كانت قائمة قبل 17 تشرين الأول 2019 وكما أصبحت في 31 آذار 2021، وذلك بالعملات كافة”. وتأتي هذه المبادرة وفق البيان الذي أصدرته دائرة الاعلام والعلاقات العامة في المصرف مساء، على خلفية نجاح التعميم 154 والتزام المصارف بمندرجاته، و”رغم الأزمة الخانقة التي يعمّقها غياب حكومة فاعلة تقوم بالإصلاحات المطلوبة وتستعيد علاقات لبنان العربية والدولية والثقة الداخلية والخارجية”.
ووفق البيان، فقد طلب مصرف لبنان لهذه الغاية من المصارف تزويده المعطيات ليبني عليها خطة يتم بموجبها دفع مبالغ تصل إلى 25 ألف دولار، وبالدولار الأميركي أو أي عملة أجنبية، إضافة إلى ما يساويها بالليرة اللبنانية. وسيتم تقسيط هذه المبالغ على فترة زمنية يُحدّدها مصرف لبنان قريباً. ومن المتوقّع أن يبدأ الدفع اعتباراً من 30 حزيران 2021 شرط الحصول على التغطية القانونية.
.. التأزم السياسي
اما المفارقة الأسوأ على الصعيد السياسي فتمثلت في عودة الاحتدامات السياسية واشتعال السجالات الكلامية والإعلامية مجددا فور انتهاء زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان لبيروت قبل ظهر الجمعة الماضي كما لو ان تداعيات الزيارة ومناخاتها ساهمت في اذكاء الازمة ولم تخففها. وستتجه الأنظار مجددا اليوم الى اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في بروكسيل حيث تطرح فرنسا مجددا اطار آلية العقوبات التي أعلنت انها شرعت في وضعها لفرض قيود على شخصيات لبنانية بمنعها من دخول الأراضي الفرنسية وتجميد أرصدتها في المصارف الفرنسية بتهمتي إعاقة #تشكيل الحكومة والتورط في الفساد.
وفي هذا السياق جدد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي امس “النداء إلى المعنيين بتأليف الحكومة ليسرعوا في الخروج من سجون شروطهم، ويتصفوا بالمناقبية والفروسية، ويعملوا، بشرف وضمير وإصغاء مسؤول إلى أنين الشعب، على تشكيل حكومة قادرة تضم النخب الوطنية الواعدة”. وقال “اذ نلح على موضوع الحكومة، فلأننا نخشى أن يهمل وينسى في مجاهل لعبة السلطة داخليا وفي صراع المحاور إقليميا. هناك من يعمد إلى دفع لبنان نحو مزيد من الانهيار لغاية مشبوهة”.
في غضون ذلك تجدد التراشق الإعلامي الحاد على خلفية ازمة تشكيل الحكومة بين “التيار الوطني الحر” و”تيار المستقبل”. ودعت الهيئة السياسية في “التيار الوطني الحر” برئاسة النائب #جبران باسيل الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري “الى إعادة لبننة عملية التشكيل باعتبارها إستحقاقاً لبنانياً صرفاً بالدرجة الأولى، وأن نبقي تشكيل الحكومة مسؤولية اللبنانيين لو مهما بلغ مستوى المساعدة من أصدقائهم. ويدعو التيار مجدداً الى عدم إضاعة الوقت أكثر من ذلك وتقديم تشكيلة حكومية متكاملة وفق المنهجيّة المعروفة والمعتمدة لكي تتمكن من الحصول على ثقة المجلس النيابي وثقة اللبنانيين”.
ورد “المستقبل” معتبرا انه “الأجدر بـالتيار الوطني الحر أن يتوجه الى رئيسه جبران باسيل ورئيس الجمهورية ميشال عون بدلاً من الرئيس المكلف، وأن يطالبهما بالافراج عن التشكيلة الحكومية الموجودة في القصر الجمهوري منذ اكثر من ستة أشهر لتخضع لامتحان الثقة في المجلس النيابي”. وجدد دعوة “التيار الوطني الحر” إلى احترام المعايير الدستورية لتسهيل الولادة الحكومية، بعيدًا عن “المعايير الباسيلية” التي وضعت رئيسهم ورئيس الجمهورية في موقع الانقلاب على المبادرة الفرنسية، وفي خانة المعطلين الذين يأخذون البلاد إلى جهنم نتيجة حسابات شخصية لا تقيم أي وزن لمصالح اللبنانيين ولمعاناتهم جراء سياسات هذا العهد الذي يعطل نفسه بنفسه”.
****************************************
افتتاحية صحيفة نداء الوطن
خطوة مباغتة من “المركزي”: تحرير تدريجي للودائع!
الدعم “بالقطّارة” والسلّة الغذائية “طارت”
على غير هدى يسير المركب اللبناني بعدما فقد أهل الحكم السيطرة على دفة قيادته، تاركين الناس أسرى مافيا المضاربات والاحتكار والتهريب، حيث بدأت تسود شريعة النهب المنظم للاحتياطي الإلزامي وتحكم الأسواق السوداء بتسعير السلع، على وقع تسارع العد العكسي لرفع الدعم عن المواد الحيوية في البلاد.
ومع تزايد المؤشرات الداخلية والتقارير الدولية الدالة إلى اتجاه اللبنانيين نحو انفجار اجتماعي كبير بعد انتهاء شهر رمضان، ربطاً ببدء فقدان السلع المدعومة من الأسواق وتوقف تقديم طلبات الدعم من قبل الشركات المستوردة، بدأ الهلع يتملك المواطنين عند أعتاب الصيدليات ومتاجر الدواجن واللحوم ومحطات الوقود، وسط تأكيد مصادر معنية على أنّ “مرحلة ترشيد الدعم انطلقت وأولى ضحاياها ستكون السلة الغذائية التي “طارت” كلياً من الأسواق، على أن يستمر الدعم “بالقطّارة” في المرحلة المقبلة ليقتصر على بعض المواد الحياتية الحيوية لاستمرار دورة حياة الناس”.
وفي هذا السياق، أكدت مصادر معنية بملف الدعم لـ”نداء الوطن” أنّ “رفع الدعم عن مادة القمح أو الطحين المخصص لصناعة الخبز لن يتمّ نهاية الشهر وبالتالي فإنّ سعر رغيف الخبز لن يرتفع كنتيجة مباشرة لترشيد الدعم”، لكنها استدركت بالقول: “إذا ارتفع سعر طن القمح الذي يبلغ حالياً نحو 282 دولاراً واذا ارتفع سعر صرف الدولار فإنّ تسعيرة هذه المواد ستتأثر حكماً، خصوصاً وأن ارتفاع سعر الدولار سيشمل ضمناً أكياس النايلون في صناعة الرغيف”. أما بالنسبة إلى المحروقات، وهي المادة الأهم التي لها تأثير على كل المكونات الصناعية بسبب استخدام مادة المازوت في الصناعات المحلية، فإن رفع الدعم لن يحصل بشكل نهائي عنها إنما “سيتمّ تخفيضه لحدوده الدنيا بموازاة إعطاء بطاقة تمويلية للمحتاجين لتخفيض الآثار السلبية الناجمة عن ذلك”، كما أفادت مصادر وزارة الطاقة “نداء الوطن”، مشيرةً في الوقت نفسه إلى أنّ الوزارة تسعى لتأمين أكبر نسبة دعم ممكنة للرغيف من مصرف لبنان بغية السيطرة على مستوى سعر ربطة الخبز.
وبينما لم تقدم وزارة الطاقة اقتراحاً حول نسبة الدعم التي يجب خفضها بين 15 و 50%، أكّدت مصادر “الطاقة” أنّ “المعنيين بشأن رفع الدعم، وفي مقدمهم رئاسة الحكومة، لم يحسموا أمرهم لغاية الآن ولا يزال البحث متمحوراً حول عدد من الأبحاث والدراسات، من دون اتخاذ أي قرار نهائي بعد”.
وبالنسبة الى الأدوية، فبات من المعلوم أن “السرطانية” منها لن يرفع الدعم عنها، رغم أنّ القيمين على الملف يعلمون أنها تُهرّب إلى خارج لبنان، وقد أكّد وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن أمس أنّ “رفع الدعم عن الدواء والمستلزمات الطبية خط أحمر لن تقبل به الوزارة”.
وفي ما يتصل بالسلّة الغذائية، جزمت المصادر المتابعة للملف بأنّ “الدعم سيرفع حتماً عنها”، وفي تلك الحالة سترتفع أسعار المواد الغذائية بنسبة نحو 40% كون الدعم في السّلة الغذائية كان يتمّ وفق سعر صرف بقيمة 3900 ليرة للدولار الواحد، وليس 1500 ليرة على غرار المواد الأساسية. وهو ما يشمل ارتفاعاً في أسعار الخضار والدجاج واللحوم والحليب التي شهدت ارتفاعاً قياسياً كبيراً في الأيام الأخيرة، إذ وصل سعر الفروج على سبيل المثال إلى 50 ألف ليرة ومن المتوقع أن يتخطّى الـ100 ألف، وهو السعر نفسه الذي بلغه كيلوغرام لحوم البقر أمس.
وكان بعض الوزارات، ولا سيما وزارة الإقتصاد، قد تبلغ كتاباً من مصرف لبنان يفيد بوقف قبول طلبات الدعم بالآلية الموجودة حالياً، وهو ما أكده حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في بيان أمس لناحية إشارته إلى أنّ “المصرف المركزي وجّه كتباً إلى الوزارات المعنية من أجل ترشيد الدعم، وينتظر الأجوبة الواقعية التي يمكن تنفيذها قانوناً”.
ومساءً، أقدم “المركزي” على خطوة مباغتة بإعلانه إطلاق مفاوضات مع المصارف اللبنانية “بهدف اعتماد آلية تبدأ بموجبها المصارف بتسديد تدريجي للودائع التي كانت قائمة قبل 17 تشرين الأول 2019 وكما أصبحت في 31 آذار 2021، وذلك بالعملات كافة، ولهذه الغاية طلب مصرف لبنان من المصارف تزويده بالمعطيات ليبني عليها خطة يتم بموجبها دفع مبالغ تصل إلى 25 ألف دولار أميركي، (سيتم تسديدها للمودعين) بالدولار الأميركي أو أي عملة أجنبية، إضافة إلى ما يساويها بالليرة اللبنانية”، موضحاً أنه “سيتم تقسيط هذه المبالغ على فترة زمنية يُحدّدها مصرف لبنان قريباً، ومن المتوقّع أن يبدأ الدفع اعتباراً من 30 حزيران 2021 شرط الحصول على التغطية القانونية”.
ورأت أوساط مالية في خطوة المصرف المركزي “هجمة مرتدة على الطبقة السياسية التي تضغط باتجاه صرف المزيد من أموال الاحتياطي الإلزامي لتمويل عمليات الدعم العشوائي”، موضحةً أنّ “هذه الأموال تُصرف أساساً من حسابات المودعين، وبالتالي فمن الأجدى سدادها لهم باعتبارهم أحقّ بها”.
ومن جهة ثانية، اعتبرت الأوساط المالية أنّ حاكم المصرف المركزي يسعى من خلال خطوته هذه إلى “احتواء حالة التضخم المفرط (Hyperinflation) المقبلة على البلاد بسبب رفع الدعم، وعليه فإنّ مصرف لبنان وجد نفسه مضطراً إلى رفع مستوى تحرير الودائع، منعاً لاضطراره إلى اللجوء لمزيد من طباعة العملة وزيادة حجم التضخم في السوق النقدي”.
************************************************************************
افتتاحية صحيفة الجمهورية
“الجمهورية”: اتصالات لجمع عون والحريري … وسـلامة يطرح “مبادرة” ملتبسة
يُستبعد ان يشهد هذا الأسبوع اي تطور سياسي حكومي بفعل العطلة التي ستدخلها البلاد مع نهاية شهر رمضان المبارك وحلول عيد الفطر السعيد، وبالتالي، لا حركة داخلية متوقعة تكسر حالة الجمود الحكومي، فيما الأنظار مشدودة إلى خطوات فرنسية متوقعة، بعد زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان الاخيرة للبنان، حيث تردّدت معلومات، انّ هذه الزيارة، التي كشفت الوجه الفرنسي الآخر حيال المسؤولين اللبنانيين الذين تحمِّلهم مسؤولية الفراغ الحاصل، ستعقبها عقوبات، في رسالة موجّهة الى كل من تعامل بخفة مع السعي الفرنسي لإنقاذ اللبنانيين لا الفرنسيين، وذلك بسبب الأطماع الشخصية والخلافات السلطوية التي حولّت الدولة اللبنانية دولة فاشلة، وعرّضت لبنان وتعرِّضه لمخاطر كبرى.
لفتت الاوساط السياسية، انّ الكلام عن اعتذار الرئيس المكلّف سعد الحريري تقدّم عشية زيارة لودريان ليعود ويتراجع بعدها، ولكن المشترك بين المحطتين انّه لم يعد هذا الاحتمال مستبعداً على غرار ما كان عليه سابقاً، ولكن لم يُعرف بعد ما الدوافع التي أملت الحديث عنه وتصويره كخطوة حاصلة ومن ثمّ التراجع عنها. فهل كانت رسالة للزائر الفرنسي، أم انّ الحريري وصل إلى قناعة بغياب اي فرصة تأليف حكومة مع العهد، ولا يريد ان يكون جزءاً من مسؤولية ما قد ينزلق إليه الوضع مع رفع الدعم؟
وفي هذا السياق، لاحظت اوساط متابعة للتطورات الجارية، انّ الرئيس المكلّف فضّل عدم التسرُّع في خطوة الاعتذار، ليس فقط لأنّه يعتبر انّ مسؤولية عرقلة التأليف يتحمّلها فريق العهد، الذي يريد حكومة على شاكلة المستقيلة، لا تستطيع إخراج البلد من ورطته، بل لأنّه جزء من تحالف سياسي يخشى ان يؤدي اعتذاره إلى تحكُّم رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل بمفاصل الحكومة العتيدة، بحجة انّ الوقت داهم والبلد ينهار وانّ تجربة الحريري يجب ان تشكّل درساً لكل من يحاول الوقوف في مواجهة العهد. ويبدو انّ رئيس مجلس النواب نبيه بري غير مؤيّد لخطوة اعتذارالحريري، وكذلك الأمر بالنسبة لرئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، ورئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية.
وثمة من يرى انّ أحد أسباب المواجهة بين العهد والحريري، انّه يشكّل جزءاً لا يتجزأ من تحالف سياسي يخشى معه العهد من محاصرته حكومياً، وصولاً إلى تزكيته لتوجّه رئاسي محدّد، وبالتالي يريد استبعاد الحريري عن رئاسة الحكومة لضرب هذا التحالف من جهة، والإمساك بمفاصل الحكومة من جهة أخرى. فهل ينجح عون، واستطراداً باسيل، في استبعاد الحريري ودفعه إلى الاعتذار وليّ ذراع التحالف الذي يستند إليه، أم ينجح الحريري والتحالف الداعم له في مواصلة ربط النزاع مع العهد؟
إلّا انّ السؤال الأساس يبقى في مدى قدرة اللبنانيين على الصمود مع اقتراب موعد رفع الدعم، خصوصاً انّ هذا الدعم سيبدأ رفعه على مراحل، وفي ظل غياب البدائل، على وقع انقسام سياسي وفراغ حكومي وانهيار مالي؟ وهل سيبقى الوضع متماسكاً ام يمكن ان يهتز الاستقرار الاجتماعي؟ وهل من فرصة أخيرة قبل الدخول في المحظور؟
بين بعبدا و«بيت الوسط»
وفي ظلّ هذه التساؤلات وبعد أيام على مغادرة وزير الخارجية الفرنسية بيروت، نشطت الاتصالات على اكثر من مستوى. وكشفت مصادر سياسية تربطها صداقة بمختلف اطراف الخلاف لـ«الجمهورية»، انّ هناك اتصالات بدأت منذ الجمعة الماضي على مستوى الاصدقاء المشتركين لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلّف تشكيل الحكومة سعد الحريري، وبمعرفة وتشجيع رئيس مجلس النواب نبيه بري، من أجل جسّ نبض حول إمكانية إحياء الإتصالات المقطوعة على اكثر من مستوى.
وفي معلومات لـ«الجمهورية»، انّ هذه الاتصالات تهدف الى تسويق سيناريو يتحدث عن احتمال إحياء اللقاءات بين عون والحريري، وكذلك بين عون وبري، اللذين لم يُرصد منذ اشهر اي حركة او لقاء مباشر بينهما، كما جرت العادة، على الرغم من غياب لقاءات الاربعاء الاسبوعية بينهما منذ تفشي جائحة «كورونا».
لقاءات وحركة سرّية
وعلى هذا المستوى، راجت في اوساط قريبة من بعبدا و«بيت الوسط» وعين التينة، معلومات عن لقاءات عُقدت في الساعات الماضية على مستوى المستشارين واصدقاء مشتركين، من اجل اطلاق هذه الحركة السياسية، بدءاً من اليوم، في محاولة لتحقيق مراميها قبل نهاية الأسبوع الجاري، بحيث تكون عطلة عيد الفطر مناسبة لبلورة مشروع تشكيلة حكومية جديدة تحيي الحوار بين هذه الأطراف.
وقالت مصادر نيابية مطلعة لـ»الجمهورية»، انّه بالإضافة الى هذه الاجتماعات المغلقة وغير المعلن عنها، كُشف عن زيارات في الايام الماضية قام بها كل من النائبين علي حسن خليل ووائل ابو فاعور، فيما رُصدت حركة ناشطة لوسيط امني اعتاد ان يلعب هذه الأدوار في اوقات سابقة.
لبنان والاتحاد الاوروبي
ومن جهة اخرى، تتجّه الأنظار الى لقاء وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي المزمع عقده إلكترونياً في الساعات المقبلة، حيث سيخاطبهم الوزير لودريان ويطلعهم على نتائج زيارته لبيروت وما نوى عليه وما تحقق، وخصوصاً انّه سيكون مضطراً الى التشاور معهم في تزخيم العقوبات التي يقترحها ضد معرقلي تشكيل الحكومة والمتهمين بالفساد في لبنان.
مواقف
على صعيد المواقف، قال البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، خلال قداس بداية الشهر المريمي وتكريس كنيسة بيت مريم أمس في بازيليك سيدة لبنان – حريصا: «لأننا نناضل لمنع سقوط لبنان، نجدّد النداء إلى المعنيين بتأليف الحكومة ليسرعوا في الخروج من سجون شروطهم، ويتصفوا بالمناقبية والفروسية، ويعملوا، بشرف وضمير وإصغاء مسؤول إلى أنين الشعب، على تشكيل حكومة قادرة تضمّ النخب الوطنية الواعدة». وأضاف: «إذ نلحّ على موضوع الحكومة، فلأننا نخشى أن يُهمل ويُنسى في مجاهل لعبة السلطة داخلياً وفي صراع المحاور إقليمياً»، ملاحظاً «أنّ هناك من يعمد إلى دفع لبنان نحو مزيد من الانهيار لغاية مشبوهة».
وقال: «إنّا إذ نكرّر الدعوة لإعلان حياد لبنان الإيجابي الناشط، وتلازماً لعقد مؤتمر دولي خاص بلبنان برعاية منظمة الأمم المتحدة، فلكي يكون مصير لبنان مستقلاً عن التسويات الجارية في الشرق الأوسط، ولو على حساب حق شعوب المنطقة في تقرير مصيرها. أما نحن اللبنانيون، فمسؤولون عن تقرير مصيرنا الحرّ والسيادي، بعيداً من تأثير أي مساومة، أو تسوية من هنا وهناك وهنالك. دورنا أن نواصل النضال من أجل استعادة القرار الحرّ والسيادة والاستقلال وسلامة كل الأراضي اللبنانية. لا يمكن أن يكون لبنان سيداً ومستقلاً من جهة، ومرتبطاً بأحلاف ونزاعات وحروب من جهة ثانية».
وختم الراعي: «وعليه، نحن نؤيّد تحسين العلاقات بين دول المنطقة، على أسس الاعتراف المتبادل بسيادة كل دولة وبحدودها الشرعية، والكف عن الحنين إلى السيطرة والتوسّع. ونتمنى أن تنعكس أجواء التقارب المستجد على الوضع اللبناني، فيخف التشنج بين القوى السياسية، وتنسحب من الصراعات والمحاور، ما يسمح للبنان أن يستعيد حياده واستقلاله واستقراره. ونطالب هذه الدول بأن تنظر إلى القضية اللبنانية كقضية قائمة بذاتها، لا كملف ملحق بملفات المنطقة».
عوده
ومن جهته، متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده، قال في قداس الأحد في كاتدرائية القديس جاورجيوس في بيروت: «كم نحن بحاجة في هذه الأيام الصعبة إلى أناس مؤمنين بالله الذي يجعلهم أمناء للوطن الممنوح لهم، لبنان، يؤمنون به وطناً نهائياً وحيداً لهم، يعيشون فيه اخوة يتقاسمون فيه الحلو والمرّ، يشهدون له بلا خوف ولا تردّد، ويموتون دفاعاً عنه وحده وشهادة لإيمانهم وتعلّقهم به».
وأكّد «أنّ دور المواطن الصالح هو المساهمة في حفظ كرامة وطنه واحترام دستوره وتطبيق قوانينه والعمل مع مواطنيه من أجل المصلحة العامة لا مصلحة الزعيم أو الحزب أو الطائفة».
مأساة.. وكذب ونفاق
اقتصادياً ومالياً، اذا كانت المياه تكذّب الغطاس، فإنّ الوقائع تُكذّب جميع الاطراف التي لها علاقة بملف الدعم. عملياً الدعم شبه متوقف، بدليل انّ المواطن لم يعد يعثر على قطرة بنزين لسيارته، وحبة دواء لعلاجه، وكيلو عدس مدعوم لسدّ جوعه. انّها المأساة المزدوجة، حيث يؤكّد مصرف لبنان انّه لم يوقف الدعم، ويؤكّد المسؤولون عن قطاع المحروقات انّ البنزين متوافر مبدئياً، لكنه مفقود فعلياً. التجار، أو بعضهم، توقف عن توزيع المواد المدعومة خوفاً من وقف الدعم فجأة قبل تسديد فواتيرهم، بما قد يتسبب بإفلاسهم. تجار آخرون يدّعون الخوف، لكنهم اوقفوا توزيع بضائع مدعومة واحتكروها بهدف تحقيق ارباح خيالية غير مشروعة بعد رفع الدعم. في النتيجة، تتبادل الاطراف المعنية الاتهامات، لكن النتيجة مأساة يتحمّل نتائجها المواطن الذي اصبح يعتاش على كراتين الإعاشات.
«مبادرة» المركزي
في هذه الاجواء القاتمة، أطلق مصرف لبنان ما سمّاه «مبادرة تهدف الى إراحة اللبنانيين ضمن القوانين والأصول التي ترعى عمل مصرف لبنان»، وتقوم هذه المبادرة التي اعلن عنها حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة في بيان صدر مساء امس، على الآتي:
ـ أولاً، يفاوض مصرف لبنان حالياً المصارف اللبنانية بهدف اعتماد آلية تبدأ بموجبها المصارف بتسديد تدريجي للودائع التي كانت قائمة قبل 17 تشرين الأول 2019 وكما أصبحت في 31 آذار 2021، وذلك بالعملات كافة. ولهذه الغاية طلب مصرف لبنان من المصارف تزويده المعطيات ليبني عليها خطة يتمّ بموجبها دفع مبالغ تصل إلى 25 ألف دولار أميركي، وبالدولار الأميركي أو أي عملة أجنبية، إضافة إلى ما يساويها بالليرة اللبنانية. وسيتمّ تقسيط هذه المبالغ على فترة زمنية يُحدّدها مصرف لبنان قريباً. ومن المتوقّع أن يبدأ الدفع ابتداء من 30 حزيران 2021، شرط الحصول على التغطية القانونية.
ـ ثانياً، يُطلق مصرف لبنان منصّة «صيرفة «(SAYRAFA)، أي المنصّة الالكترونية لعمليات الصرافة بمشاركة المصارف والصرّافين، مع ما تؤمّنه هذه المنصّة من شفافية في الأسعار وفي المشتركين فيها، بحيث لا تشمل الصرافين غير الشرعيين. وسيُصدر مصرف لبنان التعاميم إلى الجمهور فور الحصول على إجابة وزير المال كما ينصّ القانون.
وسيقوم مصرف لبنان بالتدخّل عند اللزوم لضبط التقلبات في أسعار سوق الصيرفة، علماً أنّ السعر ستحدّده حركة السوق التي ستكون مفتوحة أمام الأفراد والمؤسسات.
ـ ثالثاً، وعلى عكس ما يُشاع في عدد من وسائل الإعلام، فإنّ مصرف لبنان لا يزال يؤمّن بيع الدولار للمصارف على سعر الصرف الرسمي للمواد الأولية التي قرّرت الحكومة دعمها، وهو ملتزم ببيع هذه الدولارات على السعر الرسمي لكل الاعتمادات التي وافقت عليها المراجع الرسمية، والمصرف المركزي ينفّذ هذه العمليات يومياً وتباعاً.
من ناحية أخرى، وحفاظاً على استمرارية مقاربة الدعم وفق ما تقتضيه المصلحة اللبنانية العليا ومصلحة المودعين، والتزاماً بقانون النقد والتسليف، وجّه مصرف لبنان كتباً إلى الوزارات المعنية من أجل ترشيد الدعم، وهو ينتظر الأجوبة الواقعية والتي يمكن تنفيذها قانوناً.
تساؤلات مشروعة
هذه المبادرة، ورغم انّها توحي أنّ عملية استعادة المودعين لودائعهم سوف تبدأ في حزيران المقبل، الّا انّ اسئلة كثيرة مطروحة حول امكانات النجاح، من أهمها الآتي:
ـ اولاً- إذا كان سقف إعادة الودائع هو 25 الف دولار سنوياً، كما ذكر بيان مصرف لبنان، فهل يعني ذلك انّ وديعة قيمتها مليون دولار سيتعهّد المصرف بإرجاعها الى مودعها في خلال 40 سنة؟ وماذا اذا كانت قيمة الوديعة 10 ملايين دولار، هل ينتظر صاحبها 400 سنة للحصول عليها؟ وماذا عن وديعة الـ100 مليون دولار؟!
ـ ثانياً، من أين سيكون مصدر تمويل إعادة الودائع؟ هل سيتمّ استعمال الاموال التي كوّنتها المصارف في المصارف المراسلة بناء على التعميم 154؟ وماذا عن التعهدات التي وقعّتها المصارف مع اصحاب هذه الاموال، والتي تعهّدت بموجبها بإبقاء هذه الاموال مُحرّرة ودفعت فوائد في مقابلها؟
– ثالثاً، كيف ستتعهد المصارف بإعادة الودائع، ولم يتمّ بعد انجاز مشروع اعادة هيكلتها وتصنيفها، لكي يتبين من هي المصارف القادرة على الاستمرار ومن هي المصارف العاجزة؟
ـ رابعاً، كيف ستتصرف المصارف غير القادرة على الدفع، والتي لم تنجح في تكوين اموال في الخارج؟ هل يُحرم المودع الذي شاء الحظ انّه يتعامل مع هذه المصارف من حقه في استعادة وديعته بالتقسيط؟
ـ خامساً، هل تعني الصيغة المبهمة التي استخدمها البيان للحديث عن المنصة الالكترونية انّ مصرف لبنان سيستخدم اموال الاحتياطي الالزامي لدعم سعر صرف الليرة عند الحاجة؟
كلها اسئلة تؤكّد انّ الامور لا تزال ملتبسة، وانّ كل الإجراءات الموعودة لا تنفي حقيقة انّ المواطن يجوع ويُذل، ولم يعد قادراً على تأمين الغذاء والدواء والمحروقات، والدولة بكل اركانها غائبة.
كورونا
صحياً، أعلنت وزارة الصحة العامّة في تقريرها اليومي أمس حول مستجدات فيروس كورونا تسجيل 570 إصابة جديدة (561 محلية و9 وافدة) ليصبح العدد الإجمالي للإصابات 532839 اصابة. كذلك سجل التقرير 26 حالة وفاة جديدة، ليصبح العدد الإجمالي للوفيات 7486 حالة.
دعم الأدوية
الى ذلك، أكّد وزير الصحة في حكومة تصريف الاعمال الدكتور حمد حسن لـ»الجمهورية»، انّ «رفع الدعم عن الدواء او ترشيده امر مرفوض كلياً في هذه المرحلة، ولن نقبل بحصوله، لأنّ الأمن الصحي للمواطن هو فوق كل اعتبار»، مشدّداً على «أنّ الدواء يجب أن يكون في آخر لائحة ترشيد الدعم وهو ليس كأي سلعة أخرى».
واشار حسن الى «انّ ترشيد الدعم للدواء يجب ان يكون مسبوقاً بسدّ حاجة السوق من الأدوية وحليب الأطفال والمستلزمات الطبية وكذلك بتعزيز الصناعات الدوائية الوطنية، وهذا يحتاج إلى فترة تمتد ما بين ثلاثة وستة أشهر تقريباً».
وقال: «انّ الدواء له خصوصية، وبالتالي فإنّ استمرار دعمه لوقت إضافي هو قرار ضروري ومبرّر، على أن يترافق ذلك مع تفعيل دور الاجهزة الرقابية المختصة لمنع تهريب الأدوية كما يحصل مع تهريب المواد المدعومة الأخرى مثل المحروقات والسلة الغذائية والمواشي».
واعتبر «انّ مواصلة دعم الدواء ستكون أقل وطأة على الدولة والشعب على حدّ سواء اذا كان المال سيُصرف لخدمة المواطن حقاً وليس لخدمة المهرّبين، مع لحظ ضرورة الاحتكام الى أولويات وزارة الصحة في الدعم الدوائي وليس الى اي نوع من انواع الاستنسابية».
ولفت حسن الى «انّ المرحلة الانتقالية التي نمرّ فيها تتطلب تسجيل أدوية بديلة (جنريك)، كونها تجمع بين الفعالية المطلوبة والأسعار التنافسية التي يمكن أن تكون اقل بنحو 30 في المئة من تلك المعتمدة في السوق».
**********************************************************************
افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط
لودريان يخوض «معركة التجديد لماكرون» من لبنان
الحريري ماضٍ في مهمته متمسكاً بالمبادرة الفرنسية
محمد شقير
لا يكاد اللبنانيون يصدقون أن فرنسا؛ إحدى الدول الخمس الكبرى ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي، أوفدت وزير خارجيتها جان إيف لودريان إلى بيروت لتأمين خروجها «غير اللائق» من المبادرة التي أطلقها رئيسها إيمانويل ماكرون لإنقاذ لبنان لوقف انهياره بتشكيل حكومة مهمة من جهة والاستغناء عن خدمات المنظومة السياسية الحاكمة لمصلحة الرهان على منظومة بديلة تتمثل في احتضان باريس الأحزاب والجمعيات المنضوية في الحراك المدني الذي انتفض في 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2019 احتجاجاً على تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية التي أدت إلى رفع منسوب التأزم بشكل بات يصعب السيطرة عليه.
فالوزير لودريان أحسن الهروب إلى الأمام؛ من وجهة نظر رئيس حكومة سابق، فضّل عدم ذكر اسمه، وقرر أن يعفي نفسه من ملاحقة المنظومة السياسية وحثها على الالتزام بتعهداتها التي التزمت بها أثناء اجتماعها بماكرون في «قصر الصنوبر» خلال زيارته الثانية للبنان في سبتمبر (أيلول) 2020، بذريعة أنها غير مؤهلة للانتقال بلبنان إلى بر الأمان وأخذت تتبادل الاتهامات في رمي المسؤولية حيال انقلابها على التزاماتها.
ويقول رئيس الحكومة السابق إن اجتماع لودريان بالرؤساء الثلاثة (الجمهورية ميشال عون، والبرلمان نبيه بري، والحكومة المكلف سعد الحريري) لم يكن إلا من باب رفع العتب انطلاقاً من مواقعهم الدستورية التي يشغلونها، رافضاً البحث في الأسباب التي أدت إلى تعثر المبادرة الفرنسية، وقافزاً فوق تشكيل الحكومة، ومراهناً في الوقت نفسه على أحزاب المعارضة وجمعيات المجتمع المدني في إنتاج طبقة سياسية جديدة بديلاً للطبقة السياسية الحالية، داعياً إياها للاستعداد لخوض الانتخابات النيابية في ربيع 2022 على لوائح موحدة.
ويلفت لـ«الشرق الأوسط» إلى أن لودريان لم يعتمد وحدة المعايير في استضافته هذه الأحزاب والجمعيات في «قصر الصنوبر»، خصوصاً أن بعضها لا يزال في مرحلة التأسيس، فيما استبعد أكثر من حزب وجمعية مع أنهم يعملون في صفوف المعارضة، إضافة إلى أنه أدرج حزب «الكتائب» على لائحة المدعوين في مقابل استبعاده حزب «القوات اللبنانية» بذريعة أنه ينتمي إلى المنظومة السياسية التقليدية.
وفي هذا السياق، يسأل مصدر سياسي مواكب للقاء المعارضة مع لودريان عن أسباب غياب أو تغييب القوى اليسارية عن لائحة المدعوين، وما إذا كان بعضها قد دُعي واعتذر تجنُّباً لإقحامه في موقف مناوئ لـ«حزب الله»، خصوصاً أنه يدور في فلك محور الممانعة، رغم أن بعض الحضور أثار مسألة سلاح الحزب من دون أن يصدر أي تعليق عن لودريان.
كما يسأل عما إذا كانت الجرعة الفرنسية التي زوّد بها لودريان قوى المعارضة قادرة على إحداث تغيير في المعادلة السياسية على حساب المنظومة الحاكمة، وصولاً إلى قلب الطاولة على رؤوس القوى المنضوية فيها، استكمالاً لما قام به في حصر لقاءاته بالرؤساء الثلاثة في إطارها البروتوكولي.
ناهيك بأن لودريان – بحسب المصدر – أقدم على دعسة ناقصة عندما حصر الدعوة للقائه بأطراف يغلب عليها اللون الطائفي الواحد، مما أدى إلى طغيان الحضور المسيحي في مقابل حضور رمزي للمسلمين، وهذا ما يطرح أكثر من سؤال حول الجهة التي تولّت توجيه الدعوات واستحصلت على ضوء أخضر من الوزير الفرنسي، بدلاً من أن يبادر إلى تعديلها بتوسيع الدعوات.
ويرى المصدر السياسي نفسه أنه ليس في موقع الدفاع عن المنظومة الحاكمة التي تتحمل مسؤولية حيال الانهيار المتدحرج للبنان نحو السقوط، ويقول إنه ينأى بنفسه عن الدفاع عنها، «لكن من غير الجائز أن يأتي لودريان إلى بيروت على خلفية إصراره على تعميم التجربة التي أوصلت ماكرون إلى سدة الرئاسة الفرنسية باعتماده على المجتمع المدني»، ويعزو السبب إلى أن الحراك المدني في لبنان لا يزال في طور التأسيس ولم يتمكن من تنظيم صفوفه لتزخيم الانتفاضة الشعبية في 17 أكتوبر (تشرين الأول) لدفعها إلى الأمام بدلاً من أن تغرق في متاهات المزايدات الشعبوية التي أفقدتها زخمها.
ويؤكد أن استنساخ التجربة الفرنسية ونقلها إلى لبنان ليس في محله إلا إذا كان يراهن لودريان على أن التحوّل في لبنان سيدفع باتجاه إيصال ماكرون لبناني ليتزعّم المعارضة التي هي في طور الإنشاء، مع أنه أحضر معه رزمة من المساعدات خص بها المؤسسات التربوية والصحية والأخرى العاملة في المجال الإنساني.
ويعتقد أن لودريان أبقى الأزمة الحكومية مفتوحة على كل الاحتمالات وترك للمنظومة السياسية أن تقلّع شوكها بيديها، وكأنه يربط مصيرها بالتطورات الجارية في المنطقة بين الخصوم في ضوء المفاوضات الجارية والتي لا تزال في بداياتها، ويقول إن باريس قررت مؤقتاً أن تسحب اعترافها بهذه المنظومة وإن كانت ما زالت تراهن على تمسكها بالمبادرة الفرنسية ملوّحة باتخاذ إجراءات ضد من يعرقل ولادة الحكومة.
ويؤكد أن انسحابها من الدور الذي أخذته على عاتقها لإزالة العقبات التي تؤخر تشكيلها لم يكن ليحدث بهذه السرعة لو لم تشعر بأن مفاعيل تأخيرها بدأت تنعكس على الداخل الفرنسي والتي يستفيد منها اليمين الفرنسي الذي يتحضّر لخوض الانتخابات الرئاسية ضد ماكرون الذي يسعى للرئاسة في ولاية ثانية.
لذلك؛ فإن الانتخابات الرئاسية الفرنسية تتزامن مع موعد إجراء الانتخابات النيابية في لبنان التي تصر باريس على إنجازها في موعدها، مهدّدة بفرض حجر سياسي على لبنان في حال أُطيح بهذا الاستحقاق لانتخاب برلمان جديد يتولى انتخاب رئيس جديد للجمهورية لخلافة الحالي ميشال عون.
وعليه؛ فإن لودريان أراد، وربما عن سابق تصوّر وتصميم، أن يخوض معركة التجديد لماكرون من لبنان من دون أن يميّز بين من يسهّل تشكيل الحكومة وبين من يعوق تشكيلها، وبالتالي فإنه وضع نفسه أمام اختبار جدي للتأكد من صوابية رهانه على المعارضة التي ألبسها ثوباً فرنسياً وأخذت تتصرف منذ الآن على أنها الخيار الوحيد لباريس.
ومع أن لودريان أوكل إلى المنظومة السياسية مهمة تشكيل الحكومة، رغم أنه تصرّف كأنه أوشك على تعليق اعتراف باريس بدورها، فإن الأزمة الحكومية إلى مزيد من التعقيد، ليس لأن الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله أغفل الحديث عنها في خطابه الأخير لتفادي الحرج الذي يلاقيه جراء توفيقه بين دعمه تشكيل الحكومة وبين إحجامه عن الضغط على عون وصهره رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، مما فتح الباب أمام التعامل مع تجاهله هذا على أنه يريد ترحيل تشكيلها إلى ما بعد جلاء المفاوضات الجارية في المنطقة.
وفي المقابل؛ ترصد القوى السياسية – بحسب المصدر نفسه – الموقف الذي سيتخذه الرئيس المكلف سعد الحريري في ما بعد زيارة لودريان، وهذا ما أُدرج أمس على جدول أعمال لقاء الحريري برؤساء الحكومات السابقين نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام الذين جددوا تأييدهم له ودعمهم لثباته وصموده على موقفه وهم يلتقون في موقفهم مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، مما يعني أنه لا مكان لاعتذاره عن التأليف وسيمضي في تكليفه التزاماً منه بالمبادرة الفرنسية رغم أن أصحابها تخلوا عنها وتركوها وحيدة بلا غطاء تواجه القضاء والقدر اللبناني.
ويبقى السؤال: لماذا استثنى لودريان البطريرك الماروني بشارة الراعي من لقاءاته وأسقط نفسه في هفوة عندما دعا الحريري للقائه في «قصر الصنوبر» بدلاً من أن يزوره في «بيت الوسط» حسب الأصول البروتوكولية والموقع الدستوري الذي يشغله؟ وهذا ما عرّضه للانتقاد وإن بقي صامتاً بعيداً عن الأضواء.
************************************************************************
افتتاحية صحيفة اللواء
مبادرة سلامة المفاجئة: رفع الدعم مقابل استعادة الودائع بالعملة الأجنبية
الثنائي للحريري: تأليف سريع أو الإعتذار.. خلاف رئاسي حول «البطاقة التمويلية»
في ضوء جملة متغيرات سياسية، بالغة الدلالات، في مقدمها توقف المبادرة الفرنسية، والمحاولات الجارية لإحراج الرئيس المكلف سعد الحريري تمهيداً لاخراجه، عن طريق الإعتذار، خياراً، والذي ما يزال يرفضه، ولم يدرجه جدياً أمامه، على الرغم من الحنق الذي يعيشه الرجل تجاه الأصدقاء في الخارج والحلفاء في الداخل، والترويج لمرحلة سياسية- مالية بلا الحريري، على أن يحظى البديل بتغطية، لا أحد يضمن ان يكون رئيس «المستقبل» جزءاً منها، في ضوء المتغيّرات المتدحرجة، قفزت بقوة إلى الواجهة اتجاهات القرارات الاقتصادية والمالية والنقدية، تحت العنوان الكبير: رفع الدعم أو ما عُرف «بالبطاقة التمويلية»!
وعلى هذا المسار المتسارع، ومع البلبلة التي تعيشها الأسواق والسوبرماركات والملاحم ومحطات الوقود ومؤسسات القطاع السياحي، واستيراد المواد الغذائية، والأدوات الطبية، لجهة الرفع التدريجي المعلن، وغير المعلن، وتهافت المواطنين على ابتياع ما يتمكنون من شرائه عشية عيد الفطر السعيد، زادت أزمة الخيارات لدى المسؤولين في بعبدا والسراي الكبير، في ظل التباين الدستوري والقانوني بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، حول عقد جلسة للحكومة المستقيلة للبت بموضوع البطاقة، واتخاذ ما يلزم من قرارات حول الدعم، رفعه جزئياً أو كلياً وعن آلية ذلك، ومداه وتوقيته..
وأشارت المبادرة التي اعلنها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة مساء أمس، بعد التعميم 154، والتعميم الذي طلب بموجبه من المصارف تزويده بأرصدة ودائع الزبائن بالليرة اللبنانية والعملات الأجنبية كما كانت في 31/10/2019، أي قبل انتفاضة 17ت1، وأرصدة الحساب ذاتها كما أصبحت في 31/3/2021، وأموال Fresh accounts في الحسابات القائمة، والذي أدرج في إطار التحضير لرفع الدعم وإقرار الكابيتال كونترول، اهتماماً لدى الأوساط المالية والمودعين، وحتى الجهات المستوردة والمنتفعة من عمليات الدعم التي يوفرها المصرف.
وجاء في المبادرة انها «تهدف إلى إراحة اللبنانيين ضمن القوانين والأصول التي ترعى عمل مصرف لبنان، وذلك رغم الأزمة الخانقة التي يعمّقها غياب حكومة فاعلة تقوم بالإصلاحات المطلوبة وتستعيد علاقات لبنان العربية والدولية والثقة الداخلية والخارجية. وتقوم المبادرة على:
1- يفاوض مصرف لبنان حالياً المصارف اللبنانية بهدف اعتماد آلية تبدأ بموجبها المصارف بتسديد تدريجي للودائع التي كانت قائمة قبل 17 تشرين الأول 2019 وكما أصبحت في 31 آذار 2021، وذلك بالعملات كافة.
ولهذه الغاية طلب مصرف لبنان من المصارف تزويده بالمعطيات ليبني عليها خطة يتم بموجبها دفع مبالغ تصل إلى 25 ألف دولار أميركي، وبالدولار الأميركي أو أي عملة أجنبية، إضافة إلى ما يساويها بالليرة اللبنانية.
وسيتم تقسيط هذه المبالغ على فترة زمنية يُحدّدها مصرف لبنان قريباً.
ومن المتوقّع أن يبدأ الدفع اعتباراً من 30 حزيران 2021 شرط الحصول على التغطية القانونية.
2- يُطلق مصرف لبنان منصة «صيرفة» (SAYRAFA)، أي المنصة الالكترونية لعمليات الصرافة بمشاركة المصارف والصرّافين، مع ما تؤمّنه هذه المنصة من شفافية في الأسعار وفي المشتركين فيها بحيث لا تشمل الصرافين غير الشرعيين.
وسيُصدر مصرف لبنان التعاميم إلى الجمهور فور الحصول على إجابة معالي وزير المالية كما ينصّ القانون.
وسيقوم مصرف لبنان بالتدخّل عند اللزوم لضبط التقلبات في أسعار سوق الصيرفة، علماً أن السعر ستحدده حركة السوق التي ستكون مفتوحة أمام الأفراد والمؤسسات.
3- وعلى عكس ما يُشاع في عدد من وسائل الإعلام، فإن مصرف لبنان لا يزال يؤمّن بيع الدولار للمصارف على سعر الصرف الرسمي للمواد الأولية التي قرّرت الحكومة دعمها، وهو ملتزم ببيع هذه الدولارات على هذا السعر.
والسؤال: ماذا وراء المبادرة؟ هل هي تأتي على سبيل المقايضة: رفع الدعم مقابل تحرير الودائع تدريجياًَ، أم لذر الرماد في العيون، لا سيما عشية التمادي بالبقاء داخل مستنقع الفراغ الآسن؟
لكن المصادر المطلعة، تدعو لعدم الاستعجال، ومتابعة النتائج على الأرض، ليحكم على الأقوال بالافعال.
وكشفت مصادر مطلعة لـ«اللواء» أن القصر الجمهوري سيشهد سلسلة اجتماعات من أجل متابعة ملفات تتصل بموضوع رفع الدعم والبطاقة التمويلية في ظل رفض الرئيس دياب انعقاد حكومة تصريف الأعمال.
وقالت المصادر إن الوضع الذي تشهده البلاد يتطلب متابعة فورية لاسيما أن الملف الحكومي يراوح مكانه والانهيار يسابق الوقت مشيرة إلى أن الخطط مفقودة وما يصدر بشأن موضوع رفع الدعم ليس واضحا.
واعتبرت ان القرار النهائي للبطاقة يجب أن يكون مدروسا وواضحا للرأي العام.
وأكدت هذه المصادر إن هناك تفاصيل لا بد من أن تكشف ولا سيما عن المستفيدين منها قائلة أن الوقائع تثبت أن الوضع المتدهور لم تعد تنفع معه أي قرارات.
المراوحة الحكومية
حكومياً، بقيت المراوحة سيّدة الموقف، مع استمرار السجال بين تيّار رئيس الجمهورية وتيار الرئيس المكلف، في سباق مع الوقت تجاه القضايا المصيرية.
وفي معلومات لـ«اللواء» ان الرئيس سعد الحريري وضع، بعد سحب الغطاء الفرنسي وتوقف المبادرة الفرنسية امام خيارين: امّا المبادرة إلى تأليف الحكومة أو الاعتذار..
ووفقاً لمعطيات 8 آذار (اللواء) فإنه لم يعد أمام الحريري الا الاعتذار لحفظ ماء وجهه بعد تاكيد كل الجهات الدولية والعربية التي التقاها بانه غير مرغوب به، واي حكومة سيشكلها ستلقى مصير حكومة دياب.
ولم تنفِ مصادر قيادية في تيار المستقبل هذه المعطيات، وتجزم بان الحريري ذاهب الى الاعتذار في النهاية، ولكنها تعطي مهلة اسبوعين كحد اقصى قبل اتخاذه هذا القرار.
وحسب الثنائي الشيعي فإنه مازال امام الحريري فرصة أخيرة للتأليف تتمثل بالعودة إلى سياق التفاهمات الحكومية التي اتفق عليها منذ ما قبل تكليفه.
ووفقا للمصادر فإن الحريري ما زال قادراً على تشكيل الحكومة بالتفاهم مع عون وفرضها على الجميع في الداخل والخارج، لافتة الى ان الانفراجات الاقليمية ربما تساعد على تامين الغطاء السياسي للحريري وحكومته.
ولم يبق بعد انسداد تنفيذ المبادرة الفرنسية كما بدا من خلال وقائع زيارة وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان الاخيرة وتعميمه تعطيل تشكيل الحكومة الجديدة على كل الاطراف اللبنانيين دون تمييز أو استثناء وانتهاجه الية تعاطي مميزة مع نشطاء وجمعات ومنظمات المجتمع المدني والمراهنة على دور مميز لهم بالحياة السياسية على حساب القوى والسياسية التقليديين ومحاولة تخصيصهم بدعم فرنسي واوروبي لافت، توقعت مصادر سياسية معاودة الاتصالات والمشاورات بين بعض الاطراف في محاولة مستجدة لايجاد مخرج من الأزمة المستفحلة التي تتجه نحو الأسوأ في حال استمرت الاتصالات مقطوعة. واشارت المصادر الى اكثر من اتصال تم بعيداً من الاضواء في محاولة لإعادة تحريك مبادرة الرئيس نبيه بري لتشكيل الحكومة، كما يتوقع ان تعاود بكركي تحركاتها واتصالاتها مع بعبدا وبيت الوسط لهذه الغاية. في المقابل توقعت المصادر ايضا ان تشهد الرئاسة الاولى حركة اتصالات باكثر من اتجاه لاعادة حرارة التواصل مع الرئيس المكلف من جديد برغم الانقطاع الطويل بالتواصل بينهما.
وكانت الهيئة السياسية في التيار الوطني الحر ناشدت الرئيس المكلف لبننة تشكيل الحكومة «انطلاقاً من الأصول الميثاقية والدستورية» وان تحمل الحكومة برنامجاً اصلاحياً واضحاً..
ولم يتأخر تيّار «المستقبل» في الرد على ما جاء في دعوة «التيار الوطني الحر» ودعاه لمطالبة الرئيس عون والنائب باسيل بالافراج عن التشكيلة الحكومية الموجودة في القصر الجمهوري منذ أكثر من ستة أشهر لتخضع لامتحان الثقة في المجلس النيابي.
وطالب التيار الوطني الحر باحترام المعايير الدستورية لتسهيل الولادة الحكومية، بعيدًا عن «المعايير الباسيلية» التي وضعت رئيسهم ورئيس الجمهورية في موقع الانقلاب على المبادرة الفرنسية، وفي خانة المعطلين الذين يأخذون البلاد إلى جهنم نتيجة حسابات شخصية لا تقيم أي وزن لمصالح اللبنانيين ولمعاناتهم جراء سياسات هذا العهد الذي يعطل نفسه بنفسه، ويمعن في إضاعة الفرصة تلو الفرصة لإنقاذ لبنان.
بلبلة.. وأرز فاسد
حياتياً، وبعدها التداول على مواقع التواصل الاجتماعي بأنباء عن تبليغ شركات النفط الموزعين برفع الدعم عن المحروقات، نفى ممثل موزعي المحروقات في لبنان فادي ابو شقرا هذه الاخبار التي تهدف لاثارة البلبلة بين المواطنين، في وقت اكد عضو نقابة أصحاب محطات المحروقات في لبنان جورج البركس أن «رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب اوضح اكثر من مرة أن رفع الدعم عن المحروقات لن يتم قبل اقرار قانون البطاقة التمويلية. كذلك، الشركات المستوردة للنفط لم تتبلغ من اي مصدر رسمي اكان حكوميا او مصرف لبنان اي تعديل في آلية العمل القائمة لغاية اليوم. ومحطات المحروقات لم تتبلغ أيضاً اي تعديل بطريقة تسليمها المحروقات من قبل الشركات المستوردة». ولفت الى ان «موضوع المحروقات معقد وحساس اكثر بكثير من موضوع المستلزمات الطبية وله انعكاسات سلببة وكارثية على المواطنين ولا يتم التعامل معه بخفة»، لكن الذي حصل على الأرض عجقة امام المحطات، والبعض منها رفع خراتيمه.
وفيما قوافل تهريب المواد اللبنانية المدعومة إلى خارج الحدود، تمضي في مهامها المغطاة رسميا وحزبيا، علما ان الجيش يوقف ويضبط ما يرصد من عمليات على الحدود، لا يحظى اللبنانيون الا بالمواد الفاسدة والبضائع المنتهية الصلاحية التي لا يعرفون حتى الساعة مصير من اوقف من اصحاب مستودعات تم دهمها وضبط المواد الفاسدة فيها بالاطنان. واليوم، أعلنت وزارة الزراعة في بيان، أن «فريقا في مركز الحجر الصحي الزراعي ضبط في مرفأ طرابلس باخرة من الأرز الفاسد تحتوي نسبا مرتفعة من الأعفان ومتبقيات المبيدات السامة، قادمة من الصين بكمية 31 ألف طن، ومنعت الباخرة من تفريغ حمولتها». وطمأنت الوزارة اللبنانيين الى «دورها في التشدد بالرقابة على كافة المعابر الحدودية، حرصا منها على صحة المواطنين وسلامة الغذاء».
532839 إصابة
صحياً، سجل لبنان 570 إصابة جديدة بفايروس كورونا و26 حالة وفاة، خلال الساعات الـ24 ساعة الماضية، ليرتفع العدد التراكمي إلى 532839 اصابة مثبتة مخبرياً، منذ 21 شباط 2020.
****************************************************************************
افتتاحية صحيفة الديار
البطاقة التموينية تفتش عن تمويل غير مُتوافر والمطلوب مُفاجأة ما
وقف الدعم على المحروقات أصبح إلزامياً في ظلّ حجم ووتيرة التهريب
مشروع الموازنة وتعديلاته لا تُحاكي الواقع ولا التحدّيات وإحتمالات إقرارها ضئيلة
بروفسور جاسم عجاقة
أرسل أمين عام مجلس الوزراء القاضي محمود مكيّة مشروع موازنة العام 2021 بصيغة “مُنقّحة” إلى الوزراء بدون معرفة إذا ما كان رئيس الحكومة المُستقيلة حسّان دياب سيدعو إلى جلّسة لإقرارها أم لا. التوترات القائمة بين الرئاستين الثانية والثالثة تُشير إلى أن إحتمالات قبول مشروع الموازنة مرهون بعوامل كثيرة أهمها اجتماع مجلس الوزراء. فنائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي وفي مُقابلة تلفزيونية قال بالحرّف الواحد “الرئيس دياب رئيس مستقيل وحكومته مُستقيلة غير مسؤولة، والقوانين التي تأتي إلى المجلس النيابي تأتي بصورة إستثنائية وهي مُخالفة للدستور”. وإتهمّ الرئيس دياب بأنه أفلس لبنان (من خلال وقف دفع سندات اليوروبوندز) واليوم يُطالب – أي الرئيس دياب – اللبنانيين بأخذ أموالهم الموجودة في الإحتياطي الإلزامي.
هذا الأمر يعني بكل بساطة أنه في الشكل هناك تعقيدات كبيرة تلفّ عملية إقرار موازنة العام 2021 وهذا الأمر ينسحب أيضاً على البطاقة التموينية في ظل التشنّج الواضح في العلاقة بين الحكومة المُستقيلة والمجلس النيابي خصوصًا أن رأي نائب رئيس المجلس إيلي الفرزلي يُعبّر عن وجهة نظر مجلس النواب بصورة عامّة.
في المضمون، مشروع موازنة العام 2021 هو مشروع “إنكار” للواقع الاقتصادي، والمالي، والنقدي، والإجتماعي الذي يعصف بلبنان والمواطن اللبناني. ولا يأخذ هذا المشروع بعين الإعتبار نقاطاً أكثر من جوهرية في الوقت الراهن:
أولا – سعر صرف الليرة مقابل الدولار الأميركي وما يترتب عليه من إنفاق ومداخيل؛
ثانيًا – الدين العام الذي وعلى الرغم من التوقف عن دفعه لا يعفي الدولة من إلتزاماتها تجاه المقرضين؛
ثالثًا – خطة إقتصادية لتحفيز الاقتصاد في ظل عجز مالي واضح من قبل الدولة عن القيام بهذه المهمة؛
رابعًا – عامل الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص وأهمّيته في إعادة إحياء مرافق الدوّلة ومن خلفها الماكينة الاقتصادية بشكل كبير؛
خامسًا – مُعالجة المُشكلة الهيكلية في القطاع العام وعلى رأسها عدد الموظّفين (مثلا إدخالهم ضمن الشراكة بين القطاع العام والخاص) وإلغاء المؤسسات والوزارات غير المُجدية؛
سادسًا – خطّة الحكومة فيما يخصّ الأمن الغذائي للمواطن في المرحلة المقبلة والتي يجب أن تكون الهمّ الأول للحكومة سواء كانت أصيلة أو مُستقيلة؛
مشروع إنكار الواقع
إنكار المشروع للواقع السيىء الذي يعيشه لبنان يتجلّى في العديد من مواد الموازنة، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
تنصّ المادّة الخامسة “الإجازة بالإقتراض”، على الإيجاز للحكومة إصدار سندات خزينة بالعملة اللبنانية، مُتناسية أن الدولة أعلنت إفلاسها وبالتالي أصبح من المُستحيل إيجاد مُقرضين للدوّلة بإستثناء مصرف لبنان الذي، وتحت الضغط، سيقوم بطبع العمّلة لتغطّية عجز الموازنة المُقدّر بـ 6.85 تريليون ليرة لبنانية!
تُحدّد المادة السادسة “أصول إنفاق الهبات والقروض الخارجية” مُتناسية أن المُجتمع الدولي لم يعد يتعامل مع السلطة التنفيذية للدولة اللبنانية فيما يخصّ الهبات التي يُرسلها حصرًا إلى الجمعيات وإلى الجيش اللبناني. وقد تناست المادّة أيضًا أنه وبإستثناء قرض البنك الدولي الذي أتى بشكل إستثنائي جدًا لوقف ديناميكية الفقر الخطرة، لا يوجد مؤسسات دولية أو دول جاهزة لإقراض لبنان بعد إعلان الإفلاس كما أنه وتحت الضغط السياسي، تمّ ربط كل مساعدة دولية بالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي.
المادّة الثالثة عشرة تنصّ على إعطاء مؤسسة كهرباء لبنان سلفة خزينة بقيمة 1500 مليار ليرة لتسديد عجز شراء المحروقات وتسديد الفوائد وأقساط القروض لصالح مؤسسة كهرباء لبنان. هذه المادّة هي إنكار كلّي لمُشكلة تمويل شراء المحروقات خصوصًا أنه ومع سعر صرف السوق السوداء لم تعد هذه السلفة كافية لشراء ما كان يتمّ شراؤه سابقًا. أمّا تسديد فوائد الديون على القروض لصالح كهرباء لبنان، فالكل يعلم أن لا جدّية في هذا النصّ نظرًا إلى أن خزينة الدولة هي من تحمل هذه الديون وبالتالي سيتمّ تحميلها لحاملي سندات الخزينة عبر عملية الهيركت! في الواقع، أصبح من المعلوم أن مصرف لبنان قام بإعطاء تسهيلات بالدولار لوزارة المال (Overdraft) بقيمة 15.6 مليار دولار أميركي. وبحسب المنطق، يُمكن القول إن قسمًا كبيرًا من هذا المبلغ تمّ إستخدامه لشراء المحروقات وسداد ديون مُتوجّبة على خزينة الدولة. وهذا الأمر لم يعد ممكناً الآن!
تنصّ المادّة الثامنة عشرة على تعديل قوانين البرامج التي من المفروض أن إعتماداتها مؤمّنة، إلا أن ما يتمّ القيام به عمليًا هو تأجيل هذه البرامج من عام إلى آخر على إمتداد السنين. هذا الأمر بإعتقادنا يعني أن الحكومة غضت الطرف عن القيام بمشاريع إستثمارية ذات منفعة إقتصادية يكون لها تأثير إيجابي على النمو الإقتصادي الوحيد القادر على إخراج لبنان من مأزقه الحالي (!).
المواد 19 إلى 58، تتناول الضرائب وتحوي على الكثير من الإستثناءات والتسويات. المُشكلة الجوهرية تكمن في أنه على الرغم من وقف دفع سندات الخزينة (بالليرة والدولار الأميركي)، هناك عجز هيكلي مُستمر وتعود أسبابه إلى الحوكمة المالية مما يفرض إعادة هيكلة للقطاع العام بكل أشكاله. أضف إلى ذلك أن ضعف النشاط الاقتصادي خفضت من المداخيل الضريبية على مثال الضريبة على القيمة المضافة التي إنخفضت من 28% من إجمالي المداخيل في كانون الثاني 2019 إلى 11% في تشرين الأول 2020! وبالتالي فإن تحفيز الاقتصاد هو العنصر الأساسي الذي يجب العمل عليه لإعادة رفع مداخيل الدولة اللبنانية. كما يجب ملاحظة أن قرارات الإقفال التي طالت الاقتصاد أدّت إلى ضرب المداخيل بشكل كبير على مثال ما حصل في حزيران 2020 حيث شكّلت نسبة مُساهمة الضريبة على القيمة المضافة فقط 8.8%!
المادة ستون تُعنى بتعديل رسوم المرافئ والموانئ. على هذا الصعيد من الملاحظ، أن هذه المادّة لا تُعالج مُشكلة المداخيل من ناحية رفع الدولار الجمّركي بطريقة نسبية بحيث تسمح في آن واحد برفع المداخيل – محاربة التهريب – وتأمين الأمن الغذائي.
المادة التاسعة وتسعون تعفي المخالفين من إشغال الأملاك العامة بنسبة 90% من دون أي تحفيز على إستخدام هذه الأملاك في الماكينة الإقتصادية. وبالتالي سيستمر المخالفون بالمخالفة ولن يدفعوا الغرامات ولا البدلات على الإشغال معرفة منهم أنه سيتم إعفاؤهم العام المقبل أيضاً. ومع إنخفاض سعر صرف الليرة أمام الدولار في السوق السوداء، أصبح عندهم مصلحة إنتظار إنهيار سعر الصرف أكثر وهو أمر كان يجب مُعالجته من خلال إعتماد التضخّم كمؤشّر (Index) لحجم هذه الغرامات.
المادّة الثالثة والسبعون تنصّ على إعفاء الشركات الدامجة (دون المصارف) من ضريبة الدخل على الأرباح لمدة محدودة وضمن شروط مُعيّنة من الواضح أنها لا تنطبق إلا على فئة معيّنة من الشركات في لبنان!
المادّة الرابعة والسبعون تنصّ على إعفاء فوائد الودائع الجديدة بالعملات الأجنبية من الضريبة على مدى ثلاث سنوات. وإذا كانت هذه الخطوة هي خطوة جيدة بالمُطلق، إلا أنها وفي ظل غياب الثقة بالقطاع المصرفي، لن تعُطي أي مفعول على الأرض إلا بعد أن يتمّ إعادة هيكلة المصارف في لبنان. وبالتالي تبقى هذه المادة منسلخة عن الواقع وبلا أي قيمة فعلية.
الموازنة والتهريب
من النقاط الغائبة عن مشروع الموازنة مسألة مكافحة التهريب. وقد يقول البعض أن هذا الأمر هو إجرائي وبالتالي لا ضرورة لوجوده في الموازنة، إلا أن الواقع يقول غير ذلك، فمُكافحة التهريب لها تداعيات في العديد من مواد الموازنة مثل بند قبول الهبات أو بند الإستثمارات أو غيرها. أضف إلى ذلك الطابع المُلزم للحكومة لتنفيذ القانون والذي يلغي كل حجّة قد تعتمدها الحكومة لوقف التهريب.
الجدير ذكره أن التهريب مسؤول عن 50 إلى 70% من الهدر الحاصل في الدعم حاليًا وبالتالي يُمكن القول إن 50 إلى 70% مما قدمه مصرف لبنان من دولارات ذهب في التهريب حيث أن المُستفيد (المالي) الأول هو التجّار وعصابات التهريب. من هذا المُنطلق، هناك ضرورة قصوى لوقف دعم المحروقات نظرًا إلى أن 30% من حجم الإستيراد هو للمحروقات التي يتمّ تهريب ما يزيد عن 70% منها تحت أنظار (أو رعاية) الدوّلة!
الأمن الغذائي والبطاقة التموينية
المواجهة بين الرئاستين الثانية والثالثة، تجعل من البطاقة التموينية مشروع حبر على ورق، ويدخل ضمن تسجيل النقاط لا أكثر ولا أقل. فطرح حكومة دياب للبطاقة التموينية على أن يتمّ تمويلها من مصرف لبنان هو أمر مُستحيل أن يمرّ نظرًا إلى أن دفع البطاقة بالليرة اللبنانية سيدفع بالكتلة النقدية إلى مستويات لا مثيل لها، وبالتالي إلى مزيد من التضخم والتآكل للعملة بحيث تصير البطاقة نفسها عاجزة عن أداء ما صنعت لأجله، يضاف إلى ذلك مزيد من ارتفاع نسبة الفقر إذ ستنضم من جراء هذا التضخم المفرط فئات أخرى كانت على حافة الفقر أو تكاد.
أما الإعتماد على دفعها بالدولار، فأمام إنسداد المصادر والتمويلات الخارجية لا يبقى هنالك مصدر إلا أموال المودعين أي ما تبقى من الإحتياطي الإلزامي وهو ما ترفضه أغلبية الكتل في المجلس النيابي، إلى جانب المساءلة القانونية التي قد تترتب على المصرف المركزي، إن من المصارف، إذ الاحتياطي حقها وقد أودعته أمانة لدى المصرف المركزي، أو من المودعين أنفسهم إذ هو من قبيل الضمانات لودائعهم المصرفية. تقول بعض المصادر إن الرئيس حسان دياب يُريد من وراء ذلك أن يُلقي بكرة النار في ملعب المجلس النيابي عبر القول إن حكومته قامت بما عليها وبالتالي أتى دور المجلس النيابي الذي يرفض تلقف هذه الكرة على بعد عام من الانتخابات النيابية.
فإذًا البطاقة التموينية هي أداة لإشغال الرأي العام أكثر منها مشروع حقيقي قابل للتنفيذ. من هذا المُنطلق، هناك ضرورة لبروز “أم للصبي” التي عليها أن تُضحّي في مكان ما لتأمين البديل عن رفع الدعم وعدم وجود بطاقة تموينية. وهنا تتوقع مصادر أن يكون هناك مفاجأة في الأسابيع المقبلة.
في الختام لا يسعنا القول إلا أن الوقت المتبقي حتى أخر الشهر هو الفرصة الأخيرة أمام السلطة لإستدراك الكارثة التي ستحصل إبتداءً من مطلع الشهر المقبل. والتاريخ سيحكم سلبًا أم إيجابًا على كل من قام أو لم يقم بالإجراءات الضرورية للجم هذه الحالة الشاذة وإستدراك الأزمة المستفحلة.
********************************************************************
افتتاحية صحيفة الشرق
لبنان يغرق معيشياً وينتظر العقوبات على سياسييه
كل اهتمامات الداخل وازماته المعقدة من الحكومة التي لا تتشكل، الى العقوبات الآتية من خلف البحار على المعرقلين معطوفة على وجع اللبنانيين جراء بدء مسار رفع الدعم التدريجي وارتفاع الاسعار في شكل جنوني لاسيما اللحوم والدجاج التي فُقدت من الاسواق وسط حال من الهلع بين المواطنين، واضيفت اليها ازمة شح البنزين المعتادة كل اسبوع، تراجعت نسبيا امام هول الاعتداءات الاسرائيلية واقتحام باحات المسجد الاقصى والاعتداء على رجال الدين المسيحيين والمسلمين وعلى المصلين، حيث تركّزت المواقف بمجملها على ادانة واستنكار العمل الاسرائيلي، والتضامن مع الشعب الفلسطيني في نضاله.
بيد ان انكباب المسؤولين في الدولة على متابعة تطورات القدس لا يعفيهم من مسؤولية الانهيار الذي تسببوا به، مازالوا من خلال رفض تشكيل حكومة الانقاذ. وبعد زيارة وزير خارجية فرنسا جان ايف لودريان الذي غادر امس مهددا ومتوعدا، يقبع هؤلاء في انتظار ما سيفرزه اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي الاثنين المقبل من اجراءات عقابية تتصل بفرض عقوبات على المسؤولين الفاسدين المعرقلين مسار الانقاذ اللبناني.
وعلمت «الشرق» ان العقوبات الفرنسية لن يتم الاعلان عنها وعن تفاصيلها وهي ستكون في المرحلة الاولى منع دخول شخصيات معينة الى الاراضي الفرنسية من دون إشعار مسبق.
الراعي وعودة
من جهة ثانية قال البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وقال: «لأننا نناضل لمنع سقوط لبنان، نجدد النداء إلى المعنيين بتأليف الحكومة ليسرعوا في الخروج من سجون شروطهم، ويتصفوا بالمناقبية والفروسية، ويعملوا، بشرف وضمير وإصغاء مسؤول إلى أنين الشعب، على تشكيل حكومة قادرة تضم النخب الوطنية الواعدة. وإذ نلح على موضوع الحكومة، فلأننا نخشى أن يهمل وينسى في مجاهل لعبة السلطة داخليا وفي صراع المحاور إقليميا. هناك من يعمد إلى دفع لبنان نحو مزيد من الانهيار لغاية مشبوهة».
وقال متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده في عظة الاحد امس:»كم نحن بحاجة في هذه الأيام الصعبة، إلى أناس مؤمنين بالله الذي يجعلهم أمناء للوطن الممنوح لهم، لبنان، يؤمنون به وطنا نهائيا وحيدا لهم، يعيشون فيه إخوة يتقاسمون فيه الحلو والمر، يشهدون له بلا خوف ولا تردد، ويموتون دفاعا عنه وحده وشهادة لإيمانهم وتعلقهم به.
«المستقبل»
في هذا السياق، اعتبر نائب رئيس تيار «المستقبل» النائب السابق مصطفى علوش أن اي مواطن لبناني يفكر بطريقة لوقف الانهيار عليه الاستمرار بالتعلق بالمبادرة الفرنسية ولو كانت وهما ، معتبرا ان العقوبات الفرنسية في حال فُرضت لن تكون موجعة على غرار العقوبات الأميركية لأنها معنوية أكثر مما هي عملية.
واعتبر «ان كل ما يهدف اليه النائب جبران باسيل هو تعويم نفسه ومحاولة حشر الرئيس سعد الحريري على مختلف المستويات». ورأى ان فريق رئيس الجمهورية وتحديدا باسيل يلعب آخر أوراقه بعد الفشل في تحقيق أي تقدم في أي من الملفات الاساسية. وقال: «هدف العهد الوحيد اليوم هو كيفية تعويم باسيل وهناك متغيرات اقليمية كبرى في المنطقة ما يدفع للتريث ولو على حساب الانهيار الكامل».
ولفت علوش الى ان الانتخابات النيابية قد تغيّر التركيبة السياسية لكن الداهم في هذه اللحظات هو وضع حدّ للفوضى العارمة من خلال تشكيل حكومة فاعلة، كاشفا عن خطوات يستعدّ لها تيار المستقبل لمواجهة أي محاولة لتأخير الانتخابات النيابية منها استقالة جماعية من مجلس النواب.
وقال: «الترويج لتأجيل الانتخابات مرتبط أيضا بالتمديد لرئيس الجمهورية وهو أمر مرفوض». وعن اعتذار الحريري، أوضح ان «الخيار كان واردا في الأيام الأخيرة إلا انه حالياً وُضع جانبا بفعل الرفض الشعبي . واعتبر ان تأييد حزب الله للحريري يشكل ضررا للأخير لحشره بالبقاء تحت خيمة الحزب الذي يؤيّد تكليفه لكن لا يسمّيه في الاستشارات النيابية في تناقض وازدواجية لافتة».
التيار والعقوبات
المواقف من زيارة لودريان والعقوبات الملوّح بها سيضعها تكتل لبنان القوي على طاولة لقاء الثلثاء الأسبوع المقبل. لكن حتى ذلك الموعد يستمر البحث في ما يمكن ان تحمله. القيادي في التيار الوطني الحر الوزير السابق غابي ليون استغرب مسألة العقوبات وقال لـ«المركزية» في الأعراف الديبلوماسية وفي الشق السيادي الامر غير مقبول، ولن نخضع لأي ابتزاز سياسي وإن كان تحت عنوان وجع الناس لأننا على تماس مباشر بالضائقة الإقتصادية، ولذلك نشدد على شق الإصلاحات والمحاسبة واسترداد الأموال المهربة إلى الخارج. يخطئ من يراهن على أي تبدل في موقفنا تحت هذه الذريعة أو تفاديا لعصا العقوبات.
الدعم والبطاقة
في المقلب المعيشي، وبعدما ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بأنباء عن تبليغ شركات النفط الموزعين برفع الدعم عن المحروقات، نفى ممثل موزعي المحروقات في لبنان فادي ابو شقرا هذه الاخبار التي تهدف لاثارة البلبلة بين المواطنين، في اكد عضو نقابة أصحاب محطات المحروقات في لبنان جورج البركس أن «رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب اوضح اكثر من مرة أن رفع الدعم عن المحروقات لن يتم قبل اقرار قانون البطاقة التمويلية. كذلك، الشركات المستوردة للنفط لم تتبلغ من اي مصدر رسمي اكان حكوميا او مصرف لبنان اي تعديل في آلية العمل القائمة لغاية اليوم. ومحطات المحروقات لم تتبلغ أيضاً اي تعديل بطريقة تسليمها المحروقات من قبل الشركات المستوردة». ولفت الى ان «موضوع المحروقات معقد وحساس اكثر بكثير من موضوع المستلزمات الطبية وله انعكاسات سلببة وكارثية على المواطنين ولا يتم التعامل معه بخفة».
أرز عفن سام
من جهة ثانية أعلنت وزارة الزراعة في بيان، أن «فريقا في مركز الحجر الصحي الزراعي ضبط في مرفأ طرابلس باخرة من الأرز الفاسد تحتوي نسبا مرتفعة من الأعفان ومتبقيات المبيدات السامة، قادمة من الصين بكمية 31 ألف طن، ومنعت الباخرة من تفريغ حمولتها». وطمأنت الوزارة اللبنانيين الى «دورها في التشدد بالرقابة على كافة المعابر الحدودية، حرصا منها على صحة المواطنين وسلامة الغذاء».
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :