الشرع يغيّر شكل الدولة: الخصخصة أولوية... والحوار مؤجّل

الشرع يغيّر شكل الدولة: الخصخصة أولوية... والحوار مؤجّل

 

Telegram

 

في وقت من المفترض أن تقوم فيه الحكومة السورية المؤقتة، والتي قام بتشكيلها قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، بإدارة البلاد لمدة ثلاثة أشهر، كمرحلة انتقالية إلى حين تشكيل حكومة توافقية تمثّل جميع السوريين بعد إجراء «حوار وطني»، تقوم هذه الحكومة بإجراءات عميقة تغيّر من خلالها شكل الدولة السورية، من دون سند دستوري واضح يسمح لها بمثل تلك الإجراءات، وذلك على وقع تصريحات رنانة، واستئثار مطلق بالحكم. وأعلن وزير خارجية الحكومة المؤقتة، والتي أوكلت إلى نفسها إعادة تشكيل الجيش وبناء جهاز أمني، أسعد الشيباني، في لقاء مع صحيفة «فايننشال تايمز» على هامش مشاركته في منتدى «دافوس» الاقتصادي، أنها تعتزم خصخصة الموانئ والمصانع المملوكة للدولة، ودعوة الاستثمار الأجنبي، وتعزيز التجارة الدولية. وتابع الوزير أنه يجري العمل على «تشكيل لجنة لدراسة الوضع الاقتصادي والبنية الأساسية في سوريا، وستركّز على جهود الخصخصة، بما في ذلك مصانع الزيوت والقطن والأثاث»، مضيفاً أن «التحدي يتمثل في إيجاد مشترين للكيانات التي كانت في حالة من التدهور لسنوات، في بلد ممزّق مقطوع عن الاستثمار الأجنبي».

وفي حوار آخر مع رئيس الوزراء البريطاني السابق، توني بلير، خلال المنتدى نفسه، أعلن الشيباني، الذي قال إن سوريا «ستحكم بسيادة القانون»، أن بلاده «ستفتح اقتصادها أمام الاستثمار الأجنبي في المرحلة المقبلة»، موضحاً أنه يجري العمل على «إقامة شراكات مع دول الخليج في قطاع الطاقة والكهرباء». وتابع أن «الإدارة الجديدة تركّز على مجالات محددة هي الطاقة والمطارات والطرق والصحة والتعليم لتوفير الخدمات الأساسية لعودة الحياة الطبيعية».

ورافق تلك التصريحات، الإعلان عن إنهاء العقد الموقّع مع شركة «ستروي ترانس غاز» الروسية لاستثمار ميناء طرطوس، والتي وقّعت سوريا اتفاقية معها، عام 2019، لاستثمار المرفأ لمدى 49 عاماً، بموجب عقد تتعهد فيه الشركة الروسية باستثمار 500 مليون دولار في تحديثه، على أن يتم تقاسم الأرباح بحصة للشركة الروسية تصل حتى 65% مقابل 35% للحكومة السورية. وبالرغم من إنهاء التعاقد مع الشركة الروسية، لا تزال تحتفظ روسيا بمركز بحري لوجستي في الميناء، بموجب اتفاقية تعود إلى سبعينيات القرن الماضي، إلى جانب امتلاكها قاعدة جوية (حميميم) في ريف اللاذقية، بموجب عقد تمّ توقيعه عام 2015. ويأتي ذلك وسط ضغوط أوروبية متواصلة لإخراج روسيا بشكل كامل من سوريا، في سياق الحرب الأوروبية – الروسية في أوكرانيا وخارجها. وبالرغم أيضاً من الترحيب الشعبي السوري بإلغاء الاتفاقية التي كانت تعرّضت لانتقادات كبيرة حينها على خلفية «إجحافها» بحق سوريا، أثارت الخطوة تساؤلات حول المرجعية القانونية والدستورية التي اعتمدتها الحكومة في الإقدام على هذه الخطوة.

في غضون ذلك، عقد المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسن، مؤتمراً صحافياً في دمشق التي وصل إليها قبل يومين، وأجرى لقاءات عديدة مع مسؤولي الإدارة الجديدة، والمجتمع المدني، في زيارة هي الثانية من نوعها منذ سقوط سلطة بشار الأسد. وطالب بيدرسن، خلال المؤتمر، برفع العقوبات عن سوريا، باعتبارها تعيق عمليات إعادة الإعمار والتي تحاول الأمم المتحدة دفعها، مشدّداً على ضرورة الانطلاق في عملية سياسية بمشاركة الجميع. وقال: «سمعت أشياء إيجابية وأنا متفائل بما سمعت».

وفي ما يتعلق بالحوار الوطني الذي أعلن عنه الشرع، والذي تمّ تأجيله إلى وقت غير محدد، قال المبعوث الأممي إنه «حتى الآن لا توجد خطة واضحة، لكن يتم الإعداد له ومن المهم أن يتم بشكل جيد ومدروس». وتابع أن «هذه العملية ستكون بملكية وقيادة السوريين»، داعياً، في الوقت نفسه، السلطات الجديدة في دمشق، إلى ضرورة تشكيل جيش وطني موحّد من أجل تحقيق الاستقرار. وفي وقت أشار فيه بيدرسن إلى أن بعض مبادئ القرار الأممي 2254 لا تزال قائمة، وتتمثل بسيادة سوريا ووحدة أراضيها والقيام بعملية سياسية شاملة، تحت إشراف الأمم المتحدة، لم يخُض المبعوث الأممي في التفاصيل الإشكالية لهذا القرار، بما فيها تصنيف «هيئة تحرير الشام» على أنها منظمة إرهابية، والدور الذي كان من المفترض أن يلعبه النظام السابق. وفي ردّه على سؤال يتعلق بالاحتلال الإسرائيلي لأراضٍ سوريّة في الجنوب، قال إن «هذا الأمر مدان وغير مقبول ولا يوجد مبرّر له».

بدوره، شدّد وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، خلال جلسة حوارية على هامش منتدى «دافوس»، على ضرورة «إنهاء الإرهاب» في سوريا، مؤكداً أن هذا الأمر يشجع اللاجئين السوريين على العودة إلى بلادهم. وأضاف: «نحن نستضيف 1.3 مليون لاجئ سوري ولسنا في عجلة لإعادتهم إلى بلادهم، ويجب أن يعودوا طوعاً»، لافتاً إلى أن اللاجئين «ضحايا أزمة، ولن نجعلهم ضحايا مرة أخرى».

أما على الصعيد الداخلي، فلا تزال تعاني حمص من حالة فلتان أمني، وسط توتر طائفي متزايد على خلفية استمرار عمليات الخطف والاعتقالات العشوائية، وتحذيرات متتالية من مثل هذه التصرفات التي من شأنها أن تجر البلاد نحو اقتتال أهلي دموي. كذلك، لا تزال المدن السورية تشهد انتشاراً واضحاً لبعض مظاهر التشدد، من بينها عمليات منع بعض الحفلات الموسيقية، والنشاط الدعوي المتزايد والذي تسبب باحتقان في الشارع، خصوصاً أن من يمارسه يلقى دعماً من عناصر ملثّمين يجوبون الشوارع بشكل مستمر، ويقومون بين وقت وآخر بارتكاب أعمال عنف، آخرها خطف أستاذة جامعية بعد تهديد تعرّضت له عبر «فيسبوك»، والاعتداء على قاض في دمشق، ما دفع القضاة إلى إعلان الإضراب عن العمل، قبل أن تتدخل وزارة العدل في الحكومة المؤقتة وتعد بإجراء تحقيق في الحادثة.

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram