افتتاحية صحيفة البناء:
بايدن يبدأ الانسحاب من أفغانستان… وإيران ماضية برفع التخصيب واليوم مفاوضات فيينا الحريري في موسكو… وهيل في بيروت: آن أوان المرونة لتشكيل الحكومة مصرف لبنان للتوقف عن الدعم… وأول مواطن يسقط طلباً للسلع المدعومة
في المشهد الدوليّ والإقليميّ برز التطوّر الجديد في الموقف الأميركي من أفغانستان، حيث أعلن الرئيس جو بايدن بدء سحب قواته من هناك أول الشهر المقبل، ما يعني برأي مصادر دبلوماسية بالتوازي مع التوجه نحو العودة الى مسار الاتفاق النووي الإيراني، أن واشنطن في ظل إدارة الرئيس بايدن ستمنح الأولوية لتتخفف من الأزمات التي تستنزفها ولا توجد فيها قوى محليّة حليفة تحمل الأكلاف، لتشارك واشنطن بالعائدات. وبرأي المصادر أن هذا المنهج سيؤدي إلى تقييم للبقاء الأميركي في العراق وسورية بمعيار مدى قدرة الحلفاء المحليين لواشنطن على تجنيبها دفع أكلاف البقاء، وبالمثل فإن هذا سيعني في مناخ التصعيد الإقليميّ عدم الضغط على كيان الاحتلال لوقف التصعيد ضد إيران إذا كان جاهزاً لتحمل أكلاف هذا التصعيد منفرداً، ومشاركة واشنطن بالعائدات، وإلا فلا تغطية للتصعيد وذهاب أميركي نحو العودة إلى الاتفاق النووي، وفقاً لما أشارت إليه السرعة الأميركيّة في الحديث عن اجتماعات فيينا التي تستأنف اليوم الخميس، رغم قيام إيران بالبدء بالتخصيب على درجة الـ 60%.
في الشأن السياسي اللبناني تزامن سفر الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري الى موسكو، مع بدء جولات معاون وزير الخارجية الأميركية المنتهية ولايته ديفيد هيل، بعدما التقى الحريري وهيل أمس، والكلام الذي حمله هيل للقيادات اللبنانية هو الدعوة لإبداء المرونة من أجل تشكيل الحكومة، بينما تناقلت اوساط سياسية كلاماً منسوباً لهيل حول الحدود الجنوبية البحرية، تأكيد الاستعداد الأميركي لرعاية التفاوض مع كيان الاحتلال، وهو ما سيناقشه بالتفصيل في لقائه برئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، بعدما أكد رئيس مجلس النواب مراراً أن مهمته انتهت مع إقرار اتفاق الإطار، من دون الدخول في مساحة المنطقة الاقتصادية اللبنانية، رغم وجود مرسوم يحددها آنذاك، ولذلك لا دخول في هذا الجدل اليوم مع الحديث عن مرسوم جديد، بينما يبدأ الرئيس الحريري لقاءاته في موسكو، ويعامل كرئيس حكومة، فيتضمّن جدول مواعيده مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الخارجية سيرغي لافروف. وقالت مصادر سياسية إن الاهتمام المتبادل بين موسكو والحريري عائد لرهان الحريري على دور يستطيع الروس لعبه في تقريب المسافات بينه وبين ولي العهد السعودي، بعد ما وصلته معلومات عن دور روسي في تموضع تركيّ تصالحيّ مع السعودية ترجمته تركيا بإقفال القنوات التلفزيونيّة التابعة لتنظيم الأخوان المسلمين، وعن دفاع روسي تركي عن ابن سلمان بوجه الحملة الأميركيّة لملاحقته في جريمة قتل جمال الخاشقجي، استشعاراً لنيات أميركية بملاحقات مشابهة بحق الرئيس بوتين والرئيس التركي رجب أردوغان، ووفقاً للمصادر يأمل الحريري أن تنجح روسيا بما عجزت عنه فرنسا في تحقيق مصالحته مع ابن سلمان، بينما تتطلع موسكو إلى الدخول على خط مشاريع كبرى من نوع إعادة تأهيل مرفأ بيروت، وبناء محطات كهرباء، وتعتقد أن الحريري يستطيع المساعدة، بعدما تراجعت أهمية دور الرئيس الفرنسي أمانويل ماكرون في السعي لهذه المصالحة.
على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي أبلغ مصرف لبنان حكومة تصريف الأعمال صعوبة استمرار الدعم بطريقته السابقة مع بلوغ الاحتياط النقدي الخط الأحمر، بينما أدى غياب وشح السلع المدعومة مزيداً من الأزمات والمواجهات بين المواطنين داخل المجمعات الاستهلاكية وعلى أبوابها، وقد أسفرت هذه الأحداث الى سقوط شاب في طرابلس، بينما أدت مواجهات منطقة جونية وصربا إلى سقوط عدد من الجرحى.
وفي ما بقي مرسوم ترسيم الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة طاغياً على الساحة الداخلية لا سيما بعد موقف رئيس الجمهورية ميشال عون برد المرسوم إلى رئاسة مجلس الوزراء، انشغل الوسط الرسمي بزيارة وكيل وزارة الخارجية الأميركية دايفيد هيل الى بيروت الذي جال على المسؤولين وأطلق سلسلة مواقف لم تخرج عن إطار المألوف على أن يستكمل جولته اليوم بزيارة بعبدا والسراي الحكومي.
ولفتت مصادر نيابيّة مطلعة لـ"البناء" إلى أن "زيارة هيل وداعيّة وأغلبية مباحثاته مع المسؤولين أمس، والتي سيجريها اليوم، تتمحور حول ضرورة تأليف حكومة جديدة أكثر من موضوع الحدود البحرية". وأكدت أوساط عين التينة لـ"البناء" أن "الدبلوماسي الأميركي لم يحمل مبادرة أو طرحاً ما لحل الأزمة الحكومية، بل حثّ القيادات اللبنانية المعنية بموضوع التأليف على ضرورة الإسراع لتشكيل الحكومة للحصول على مساعدة الآخرين".
وشدّدت مصادر أخرى متابعة لجولة هيل على أن "أهمية زيارة هيل الذي يغادر منصبه قريباً لمصلحة خليفته فيكتوريا نولاند، تكمن، إضافة الى الرسائل التي يحملها للمسؤولين على أهميتها، في التقرير الذي سيرفعه الى إداراته، وهو تقرير تقييم للأضرار الذي سترتكز اليه نولاند لمقاربة المواضيع في لبنان حينما تتسلم منصبها الجديد".
وبحسب المعلومات فقد شدّد هيل أمام المسؤولين على أولوية الإسراع في تشكيل حكومة تنفّذ إصلاحات، وبحث أيضاً في ملف الترسيم البحري، على أن يتوسّع فيه أكثر اليوم خلال زيارته قصر بعبدا. وعبّر هيل عن موقف إدارته ومفاده أنه إذا لم يشكل اللبنانيون الحكومة لا أحد سيشكّلها عنهم، وكلما تأخر التشكيل ضاعت فرص الإنقاذ لا سيما أن لبنان على أبواب الانهيار. ونقل هيل للمسؤولين أن واشنطن تعتبر أن لدى لبنان فرصة لتحسين وضعه المالي من خلال استخراج النفط والغاز، وإذا أضاع الفرصة، لا أحد يعرف ما هي الفرصة البديلة. كما أبلغ هيل المسؤولين، بأن كل المساعدات الأميركية للبنان ستستمر ولا تغيير أو تعديل فيها لا سيما المساعدات للجيش اللبناني وهي أساسية، وتلك المتعلقة بالشؤون الإنسانية، وأن الإدارة تتمسك بالمساعدات حتى في حال واجهتها ضغوط في الكونغرس".
وأكد هيل بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة أنه "حان الوقت كي ندعو القادة اللبنانيين إلى إبداء المرونة الكافية لتشكيل حكومة راغبة وقادرة على الإصلاح الحقيقي والأساسي، هذا هو السبيل الوحيد للخروج من هذه الأزمة. كما أنها ليست سوى خطوة أولى وستكون هناك حاجة الى تحقيق تعاون مستدام إذا كنا سنرى اعتماد وتنفيذ إصلاحات شفافة".
كما التقى هيل ترافقه السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا، كلاً من رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري في بيت الوسط ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في كليمنصو.
وفيما استثنى الدبلوماسي الأميركي من جدول زياراته رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل بسبب العقوبات التي فرضتها بلاده على باسيل، استهلّ لقاءاته من الخارجية حيث استقبله وزير الخارجية شربل وهبة. وغادر هيل من دون تصريح، وقال وهبة بعد اللقاء: "أكد هيل دعم استقرار لبنان والهدوء في الجنوب ودعم الجيش وثقة واشنطن به واشار الى ان الأخيرة لا تزال مهتمة بلبنان ولم نتطرق الى التأليف".
شدد وهبة على "أن كل السفراء والزائرين الخارجيين يؤكدون أنه قبل تأليف الحكومة الجديدة لا يجب أن ينتظر لبنان لا مساعدات ولا دعماً ولا موقفاً داعماً للأقتصاد"، مؤكداً أن هناك موعداً جديداً سيحدد لزيارة الوفد الوزاري إلى العراق"، لافتاً إلى أن "تأجيل الموعد لا يعني إلغاء الزيارة وهو كان بطلب من السلطات العراقية ولأسباب داخليّة لديهم".
وأشار وهبة الى أن "هيل سيبحث الترسيم مفصلاً اليوم مع الرئيس عون ومع رئيس الحكومة". وأكد في دردشة مع الصحافيين أن "هيل يعتبر أن من الأفضل العودة إلى الوضع الذي كانت عليه المفاوضات في شهر كانون الأول"، كاشفاً أنه "أبلغه برغبة لبنان في استمرار واشنطن لعب دورها وتفعيل التفاوض حفاظاً على حقوق لبنان في مياهه الإقليميّة وعدم التفريط فيها".
وعن عدم توقيع الرئيس عون على تعديل مرسوم ترسيم الحدود البحريّة تزامناً مع زيارة هيل قال: الرئيس عون لا يقدّم هدايا على حساب مصالح لبنان".
وفيما تم الربط بين موقف الرئاسة الأولى إزاء المرسوم وزيارة هيل وسط ضغوط أميركيّة على المسؤولين اللبنانيين لعرقلة توقيع المرسوم، شرحت أوساط بعبدا حيثيات وأبعاد موقف رئيس الجمهورية، ولفتت الى أن "رئيس الجمهورية المؤتمن على الدستور وعلى المحافظة على كل حقوق لبنان، لن يفرّط بأي نقطة من مياه لبنان كما لم يفرّط بالسابق بأي حبة تراب من برّه". وشددت الأوساط على أن "أي تخاذل أو تراجع لن يحصل بهذا الموضوع، خصوصًا أن الرئيس عون كان أول من طرحه منذ سنة". واوضحت أن "الرئيس عون لا ينتظر من أحد أن يعلّمه ما يجب ان يقوم به وهو يدرس بدقة وموضوعية الخيارات الممكنة بما يحفظ سيادة لبنان، وذلك في حال لم يتجاوب رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب ويدعو الى جلسة لمجلس الوزراء". ورفضت الأوساط الكشف عن الإجراءات التي يمكن ان يتخذها الرئيس عون، واوضحت أن "المحادثات مع الموفد الأميركي ديفيد هيل ستضيء على الموقف الاميركي في هذا الاطار خصوصاً ان المفاوضات تحصل برعاية اميركية".
لكن بحسب ما قالت مصادر نيابية لـ "البناء" فإن "رئيس الجمهورية يحاول بموقفه من المرسوم إشراك الجميع في القرار بموضوع المرسوم كي لا يتحمل المسؤولية منفرداً بعد إشارات في الكواليس بأن مَن سيدفع بالمرسوم ليرى النور ستطالهم العقوبات". لكن مصادر بعبدا تؤكد بأن الهدف هو تحصين المرسوم دستورياً وسياسياً عبر إقراره في مجلس الوزراء الذي يمثل السلطة الإجرائية وكافة الطوائف ومعظم القوى السياسية الأساسية وبالتالي ليذهب لبنان محصناً وطنياً الى الأمم المتحدة والى المفاوضات مع العدو الاسرائيلي حال استئنافها".
وفيما فُسِر موقف عون بردّ المرسوم الى رئاسة مجلس الوزراء بأنه يسعى لحشر الرئيس دياب ودفعه الى تفعيل عمل الحكومة من بوابة عقد جلسة لإقرار مرسوم الترسيم، أفادت مصادر السراي الحكومي أن "الرئيس دياب ليس في وارد الدعوة لعقد جلسة من أجل النظر في ملف ترسيم الحدود". كما تستبعد مصادر السراي لـ"البناء" تفعيل عمل الحكومة والعودة الى عقد اجتماعات لمجلس الوزراء لمخالفة ذلك الدستور.
إلا أن مراجع دستوريّة عدة توضع بأن لا نص في الدستور يمنع اجتماع حكومة تصريف الاعمال لا سيما للبحث في قرارات مصيرية وهذا ينطبق على قانون الموازنة وعلى ملف ترسيم الحدود، والسؤال إذا كانت حكومة الرئيس دياب أبدت موافقة مبدئيّة على اجتماع الحكومة لإقرار الموازنة حصراً لكونها تدخل في اطار الضرورات، فهل يقل ملف ترسيم الحدود شأناً وأهمية من الموازنة حتى يتمنّع دياب عن الدعوة الى جلسة للحكومة؟
وأوضح الوزير الأسبق المحامي زياد بارود، في حديث تلفزيوني على أن "لبنان جزء أساسي من اتفاقية الامم المتحدة لقانون البحر ويوجد نوعان من المراسيم والإشكالية المطروحة اليوم في لبنان تتمثل بحاجة الى مرسوم في مجلس الوزراء، والشق الثاني كيفية اجتماع حكومة تصريف الأعمال"، مشيراً الى ان "الجيش وهو صاحب الصلاحية في موضوع الترسيم، واستطاع أن يحقق علمياً نتائج ايجابية ويجب أن تؤخذ هذه النتائج بعين الاعتبار، ولا يوجد أي لبناني حريص على حقوق بلده، ولا يريد الحديث عن حقّ إضافي له". ولم يرَ بارود في الدستور ما يمنع انعقاد حكومة تصريف الأعمال.
وبحسب ما قالت مصادر دستورية مقربة من بعبدا لـ"البناء" فإن عون لديه أوراق عدة سيستخدمها في حال لم يتجاوب الرئيس دياب مع دعوة عون الى عقد جلسة لمجلس الوزراء وأهم تلك الاوراق توجيه رسالة الى المجلس النيابي يدعوه فيها لتفسير الدستور بموضوع انعقاد حكومة تصريف الأعمال لإقرار المواضيع الملحة والضرورية والمصيرية كملف مرسوم الترسيم.
وتتجه الأنظار الى موسكو التي تستضيف على التوالي مجموعة من القيادات والقوى السياسية اللبنانية يتقدمهم الحريري الذي وصل الى روسيا مساء أمس، وما يمكن أن تخرج به من نتائج على الصعيد السياسي او الاقتصادي والإنساني والصحي.
في غضون ذلك، أكد رئيس الجمهورية أن "من أولى مهام الحكومة الجديدة ستكون تحقيق الإصلاحات ومتابعة مسألة التدقيق المالي الجنائي"، معتبراً أن "هذه الخطوات أساسية لأنها تعيد الثقة الدولية بلبنان ولا سيما ثقة الصناديق المالية التي سوف تساعده على تنفيذ خطة النهوض الاقتصادي". وجاء كلام عون خلال استقباله كبير مستشاري وزارة الدفاع البريطانية لشؤون الشرق الأوسط الجنرال مارتن سامبسون والوفد المرافق في زيارة للاطلاع على الأوضاع في لبنان والتعاون اللبناني - البريطاني في المجالات كافة، لا سيما المجال العسكري.
الى ذلك تتفاقم الازمات المالية والاقتصادية والاجتماعية في ظل الفوضى التي تنتشر أكثر فأكثر في بعض المناطق لا سيما الخلافات بين المواطنين على المواد المدعومة في السوبرماركات والتي سرعان ما تتحوّل الى اشتباكات بالعصي والسكاكين والسلاح الحي كما حصل أمس في طرابلس، حيث أدى عراك الى مقتل مواطن وجرحى آخرين أثناء توزيع إحدى الجمعيات المواد الغذائية على المواطنين الذين استغلوا الإشكال واقتحموا المخزن وسرقوا كل ما بداخله من سلع ومواد غذائية.
وتوقعت مصادر اقتصاديّة أن تتفاقم الأزمات أكثر وتعم الفوضى مختلف المناطق اللبنانية والطبقات الاجتماعيّة فيما لو تم رفع الدعم عن المواد والسلع الأساسية والمحروقات في ظل النداءات المتكررة التحذيرية للحكومة التي يطلقها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بنفاد الأموال المتبقية في البنك المركزي قبل المسّ بالاحتياط. ووجه سلامة أمس كتاباً إلى وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني، رأى فيه "ضرورة أن تقوم الحكومة سريعاً، بوضع تصوّر واضح لسياسة الدعم تضع حداً للهدر الحاصل".
وزار سلامة الرئيس برّي وعرضا للوضع المالي في البلاد وغادر الحاكم من دون تصريح.
وفيما تكرّر أوساط حكومية لـ"البناء" بأن حكومة تصريف الأعمال التي تجتمع دورياً على مستوى اللجان الوزارية في السراي الحكومي برئاسة الرئيس دياب أعدّت منذ شهر أربعة سيناريوات لترشيد الدعم مع تعليل ودراسة لكل سيناريو وأرسلتها الى المجلس النيابي الذي لم يرد حتى الساعة، أفادت أوساط مجلسية لـ"البناء" الى أن "الحكومة تتهرّب من تحمل مسؤوليتها بإرسال خيارها الواضح للمجلس لتتم مناقشته وإقراره".
وكشفت الأوساط أنه "حتى الآن لا يجرؤ الحاكم على المسّ بالاحتياط النقدي الذي هو في الاساس أموال المودعين، والحفاظ عليها يجب أن يكون من ضمن قانون الكابيتول كونترول كما دعا الرئيس بري لجنة المال العمل على إعداده لإقراره في الهيئة العامة".
على صعيد آخر، يتابع المحقق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار تحقيقاته في الملف من خلال العمل على تسطير استنابات قضائية داخلية وأخرى خارجية تتصل بالتحقيقات الى دول عدة معنية بشكل مباشر أو غير مباشر بمسار شحنة الأمونيوم التي وصلت الى المرفأ، ومن هذه الدول جورجيا، الموزمبيك، اليونان، قبرص وتركيا. كما ينتظر المحقق العدلي تقرير الخبراء الفرنسيين الذين أجروا كشفاً ميدانياً للمرفأ وعاينوا الأضرار ورفعوا العينات. وفي السياق نفسه، يتابع القاضي البيطار درس طلبات تخلية السبيل التي تقدم بها وكلاء الموقوفين في الملف للبت بها.
**********************************************************************
افتتاحية صحيفة الأخبار:
هيل: تعديل الحدود ممنوع استبق لقاءه بعون بجلسة مع فريق الرئيس
يخضع مشروع تعديل مرسوم الحدود البحرية للحسابات الداخلية والخارجية. مصيره سيتضح أكثر بعد اللقاء الذي سيجمع وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية، ديفيد هيل، برئيس الجمهورية ميشال عون. الأخير ينتظر ما سيقوله الزائر الأميركي، من ضمن الخطوات التي سيبني عليها قراره بشأن كيفية التعامل مع مرسوم الحدود. أما هيل، فقال بوضوح لبعض الذين التقاهم إن بلاده ترفض قطعاً تعديل المرسوم!
فيما تنعدِم المؤشرات الداخلية بشأن إمكانية تأليف حكومة جديدة في المدى المنظور، توجّهت الأنظار يومَ أمس إلى المحادثات التي بدأها في بيروت وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية، ديفيد هيل، والتي تركزت على الملف الحكومي، كما على موضوع مفاوضات ترسيم الحدود البحرية مع العدو الإسرائيلي، المعلّق منذ نحو خمسة أشهر. صحيح أن هيل لم يتحدّث علناً عن ملف الحدود في تصريحاته، إلا أن مصادِر بارزة أكدت أنه أثار الملف مع كل الذين التقاهم، وكان "حاسماً في موقفه الذي أكد فيه أنه لا يُمكن للبنان توقيع تعديل المرسوم وإيداعه لدى الأمم المتحدة، وهذا الأمر سيدفع بإسرائيل إلى مغادرة طاولة المفاوضات، ولن يستطيع لبنان أن يفعل شيئاً"!
التقى هيل كلاً من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ووزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبة ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط. كما لبّى دعوة رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي إلى مأدبة إفطار. وقد ناقش هيل مع الذين التقاهم "أزمة الحكومة والأزمة المالية - الاقتصادية"، مُصرّحاً بعد ذلِك بأن "أميركا وشركاءها الدوليين قلقون جداً إزاء الفشل في المضي بأجندة إصلاحات ضرورية". وأكد أن "الوقت قد حان لمطالبة القادة اللبنانيين بإظهار مرونة كافية لتشكيل حكومة قادرة على القيام بإصلاح جدي وجوهري"، مشيراً إلى أن "هذا هو الطريق الوحيد للخروج من الأزمة". واعتبر هيل أن "الأزمة الحالية - التي فقدت خلالها الليرة اللبنانية أكثر من 85% من قيمتها أمام الدولار وبات أكثر من نصف السكان تحت خط الفقر - هي نتاج عقود من سوء الإدارة والفساد وفشل القادة اللبنانيين في وضع مصالح البلاد أولوية".
لكن ما لم يُحكَ في العلن، هو أن هيل فاتَح القوى السياسية بأمر تعديل المرسوم 6433 (تحديد الحدود البحرية للمنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان)، لكن الجميع أكد أن "الملف في عهدة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والسلطة التنفيذية". لذا اعتبرت أوساط مطلعة أن "زبدة جولة هيل ستكون في اللقاءات التي سيعقدها اليوم مع رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، إضافة إلى اجتماعه مع قائد الجيش جوزف عون".
زيارة هيل أتت بالتزامن مع اشتباك سياسي حول توقيع المرسوم الذي وقّعه دياب والوزراء المعنيون، فيما كانت المفاجأة بتراجع رئيس الجمهورية عن توقيعه. خصوم الأخير ربطوا هذا التعليق بزيارة الموفد الأميركي، متهمين إياه بأنه "يريد استخدام الملف في السياسة ومساومة الأميركيين عليه". وقد نقلَ البعض أن عون "تحدث أمس عن أنه سيسمع أولاً ما يحمله هيل. فإذا كانَ متشدداً فسنوقّع المرسوم، وإذا كان متساهلاً فسنترك الباب مفتوحاً، لأننا لا نريد استفزاز الإدارة الأميركية ولا إعطاء ذريعة للعدو الإسرائيلي لوقف المفاوضات".
في المقابل، لا يزال فريق رئيس الجمهورية يؤكد تمسّك عون "بالأصول الدستورية كي لا يطعَن في المرسوم أحد بعد ذلك". وهو يعتبر أن لدى لبنان "أوراقاً كثيرة يستخدمها قبل التوقيع"، ومن بينها أن "وزير الخارجية اللبناني سيقدم رسالة احتجاج خلال الزيارة التي سيقوم بها غداً الى اليونان، الأمر الذي قد يدفع شركة (انرجين) اليونانية إلى وقف العمل في المنطقة التي تدخل ضمن المساحة المتنازع عليها (1430 كيلومتراً)"، إضافة إلى "انتظار ما سيقوله هيل في اللقاء، بصفته يمثل الجهة الوسيطة في المفاوضات". وأكّدت مصادر عون أنه "لن يفرّط في أي شبر من حقوق لبنان، وسيتخذ القرار المناسب في الوقت المناسب".
الممتعضون من أداء رئيس الجمهورية يقولون إنه "يريد أن يستعمل الملف لتثبيت نفسه مرجعية في التفاوض. كما انه سيستثمر به داخلياً من خلال الدفع في اتجاه عقد جلسة للحكومة من أجل تعويمها في وجه الرئيس الحريري".
وعلمت "الأخبار" من مصادر بارزة أن هيل استبق لقاءه بعون، بجلسة عقدها فور وصوله أول من أمس ليلاً، بعيداً عن الإعلام، مع الوزيرين السابقين الياس بو صعب وسليم جريصاتي والنائب ألان عون. وقالت المصادر إن "الجلسة هي استكشافية لجس نبض الضيف الأميركي من موضوع المرسوم، قبل أن يقرر عون مصيره".
في السياق، تطرق وزير الخارجية شربل وهبة، خلال جلسة مع الصحافيين أمس، إلى زيارة هيل، فقال إنه "بحسب المقاربة التي عرضها هيل، لبنان لا يزال من ضمن اهتمامات الولايات المتحدة"، لافتاً إلى أنه شدد على أن "بلاده تعتبر الجيش اللبناني صديقاً، وأكد أهمية الحفاظ على الاستقرار في الجنوب واستمرار التعاون بين الجيش واليونيفيل وتنفيذ القرار 1701". ورداً على سؤال عمّا إذا كان تم التطرق إلى مفاوضات ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، أشار إلى أن "مناقشة هذا الملف ستكون مع الرئيسين عون ودياب بشكل أساسي"، موضحاً أن وزارة الخارجية والمغتربين لا تشارك في هذه المفاوضات بسبب عدم وجود أي مقاربة سياسية أو دبلوماسية. ولفت وهبة إلى أن "هيل، الذي يريد أن يستطلع آراء المسؤولين السياسيين لمعرفة ما يمكن القيام به على هذا الصعيد"، أشار إلى أن الزائر الأميركي "يعتبر أن من الأفضل العودة إلى الوضع الذي كانت عليه المفاوضات في شهر كانون الأول".
*************************************************************************
افتتاحية صحيفة النهار
رسالة هيل: “المرونة”… والدعم رهن الإصلاح
قد يكون الفارق واحداً بين الزيارة الاخيرة التي قام بها وكيل وزارة الخارجية الأميركي للشؤون السياسية ديفيد هيل لبيروت عقب الانفجار المزلزل في مرفأ بيروت في آب الماضي، والزيارة التي بدأها امس لبيروت، هو ان هيل جاء في المرة السابقة تحت إدارة دونالد ترامب ومن ثم عاد امس تحت إدارة جو بايدن. والواقع ان الامر لا يقتصر هنا على الشكليات، اذ ان الخلاصات المهمة والبارزة التي يمكن تسليط الضوء عليها في استقصاء البيان الأولي الذي اعلنه هيل، كما في المعلومات والمعطيات المتوافرة عن يومه الأول في بيروت، تعكس ثباتا في الموقف الأميركي الى حدود بعيدة حيال الواقع اللبناني اقله من جهة الموقف المتصل بالازمة الحكومية والأوضاع المهترئة والانهيارية التي يرزح تحتها لبنان واللبنانيون في ظل الطبقة السياسية التي لم تشرع بعد في الإصلاحات ولم تستجب للانتفاضة الشعبية. وهو الموقف البارز الأول الذي اطلقه هيل من ضرورة تحلي الجميع بالمرونة لتشكيل الحكومة مسلطاً الضوء على مآسي اللبنانيين الامر الذي ذكر تماماً بمواقفه في زيارته السابقة بما يعني ان “اللغة العالمية” المتبعة من المجتمع الدولي تجاه لبنان والاولويات المعروفة حول الإصلاح وحكومة إصلاحية تتولى اطلاق المسيرة، ليست قابلة للتبدل لا مع إدارة أميركية جديدة ولا مع أي دولة منخرطة في الاهتمام بانقاذ لبنان وفق سلم الأولويات الذي تعبر عنه تماماً المبادرة الفرنسية. كما ان الجديد الذي لاحظه من التقوا هيل في جولة اليوم الأول انه حرص على اطلاعهم على الخطوط الأساسية لسياسة الإدارة الأميركية الجديدة تجاه المنطقة ولبنان وهي تتضمن الكثير من “الثوابت” اذا صح التعبير لجهة مضي إدارة بايدن في دعم المؤسسة العسكرية والنظام المصرفي والتنقية الإصلاحية الشاملة، مع التشديد على أولوية الانطلاق عمليا في الخطوات الإصلاحية والاستجابة لمطالب المجتمع المدني والحركة الاحتجاجية. اما في ما يتصل بمسألة ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، وفي ظل الخطوة اللبنانية لتعديل الحدود وتوسيعها، فان هيل بدا مقلاً في التبحر بهذا الملف في انتظار محادثاته اليوم مع رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب، ولكنه اطلق إشارات واضحة لجهة تحذير لبنان من تعريض المفاوضات لخطر التوقف وتبديل المسار الذي على أساسه عقدت الجولات السابقة.
ولم يكن غريباً ان تبرز مع اليوم الأول من زيارة هيل معالم اشتداد الخناق المالي من خلال توجيه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة كتاباً إلى وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني نبه فيه الى “ضرورة أن تقوم الحكومة سريعاً، بوضع تصوّر واضح لسياسة الدعم تضع حداً للهدر الحاصل” خاتماً كتابه بانه “نظراً إلى خطورة الوضع وللتأثيرات الاقتصادية والاجتماعية التي قد تنتج عن التأخر في البتّ بما تقدّم، نتمنى عليكم إعطاءنا أجوبة واضحة وصريحة، وذلك بالسرعة الممكنة”.
“حان الوقت “
وفي وقت افيد ان الديبلوماسي الاميركي لن يلتقي رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، وهو امر غير مستغرب ما دامت بلاده تفرض عليه عقوبات، استهلّ لقاءاته اليوم من الخارجية حيث استقبله وزير الخارجية شربل وهبي الذي قال ان هيل “أوضح مقاربة الادارة الاميركية الجديدة لملفات الشرق الاوسط ولبنان والتي هي اقرب لمفهومنا”.
وفي عين التينة حيث التقى هيل رئيس مجلس النواب نبيه بري تلا هيل بيانه الأول موضحا انه “في لبنان اليوم بناء على طلبِ الوزير بلينكن لمناقشة الأزمة السياسية والاقتصادية المؤلمة التي تواجه لبنان ولإعادة التأكيد على التزام أميركا الشعب اللبناني”. واكد “ان أميركا وشركاءها الدوليين قلقون للغاية ازاء الفشل الحاصل هنا في إطلاق برنامج الإصلاح الحاسم الذي طالما طالب به الشعب اللبناني”. وذكر انه سمع في زيارتيه السابقتين “إجماعا واسع النطاق بين القادة اللبنانيين حول الحاجة، التي طال انتظارها، إلى تنفيذ إصلاحات مالية واقتصادية وحوكمة رشيدة، انما حتى اليوم لم يحرز سوى تقدم ضئيل جداً. وفي الوقت نفسه، يعاني ملايين اللبنانيين بالإضافة الى الجائحة، من مصاعب اقتصادية واجتماعية. إنه تتويج لعقود من سوء الإدارة والفساد وفشل القادة اللبنانيين في وضع مصالح البلاد في المقام الأول” . واوجز رسالته “بإن أميركا والمجتمع الدولي مستعدان للمساعدة، ولكن لا يمكننا أن نفعل شيئا ذا مغزى دون الشريك اللبناني”. واعلن: “حان الوقت لكي ندعو القادة اللبنانيين إلى إبداء المرونة الكافية لتشكيل حكومة راغبة وقادرة على الإصلاح الحقيقي والأساسي، هذا هو السبيل الوحيد للخروج من هذه الأزمة”.
ثم زار رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، وبعده الرئيس المكلف سعد الحريري في بيت الوسط قبيل مغادرة الأخير الى موسكو التي وصلها ليلا في بداية زيارته التي سيلتقي خلالها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء ووزير الخارجية، كما التقى هيل قائد الجيش العماد جوزف عون. ومن المتوقع ان يستكمل هيل لقاءاته اليوم مع عون ودياب والبطريرك الماروني ورئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع ورئيس حزب الكتائب سامي الجميل ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
رسالة حازمة
ونقل عن مصادر ديبلوماسية غربية أن هيل نقل الى المسؤولين اللبنانيين رسالة حازمة وحاسمة من الإدارة الأميركية أنه آن الأوان لتشكيل حكومة وأنه من واجب هؤلاء المسؤولين البحث معاً لتشكيل الحكومة. كما نقل موقف الإدارة من أنه اذا كان المسؤولون لا يستطيعون في هذه المرحلة الصعبة والدقيقة الإتفاق حول تشكيل حكومة، فكيف سيمكنهم أن يتفقوا حول المرحلة المقبلة حيث ينتظر أن يشهد لبنان قرارات كبيرة لإنقاذ البلد على المستويين الإقتصادي و المالي. وقالت هذه المصادر أن هيل جاء خصيصاً الى لبنان من أجل الضغط لتشكيل الحكومة لأن هذا الأمر أولوية أميركية بالنسبة الى ملف لبنان وانه سيزور فقط لبنان ولن يزور أي دولة في المنطقة. وانه في مسألة الحدود، فان الأجواء الأميركية تشير الى ان تعديل المرسوم 6433 ليس خطوة إيجابية. وتسأل الولايات المتحدة لماذا جرى تغيير في موقف لبنان أثناء التفاوض اذ أنه ليس جيداً أن تتغير الخرائط والمواقف كل يوم. وتعتبر واشنطن أن لدى لبنان فرصة لتحسين وضعه المالي من خلال استخراج النفط و الغاز، وإذا أضاع الفرصة، لا أحد يعرف ما هي الفرصة البديلة. وهذا الموقف أُبلغ الى لبنان. وأبلغ هيل المسؤولين، بأن كل المساعدات الأميركية للبنان ستستمر ولا تغيير أو تعديل فيها لا سيما المساعدات للجيش اللبناني وهي أساسية، وتلك المتعلقة بالشؤون الإنسانية، وأن الإدارة تتمسك بالمساعدات حتى في حال واجهتها ضغوط في الكونغرس.
مرسوم الحدود
في أي حال بدا واضحا ان رئيس الجمهورية ينتظر أجواء لقائه اليوم مع هيل في شأن موضوع تعديل الحدود البحرية مع إسرائيل بعدما جمد اصدار مرسوم التعديل في اللحظة الأخيرة . وقالت مصادر بعبدا في هذا السياق أن “رئيس الجمهورية يتواصل مع الأمم المتحدة ومع الجانب الاميركي في ملفّ ترسيم الحدود ولا يُزايدنَّ أحدٌ عليه في موضوع السيادة والحقوق اللبنانية فهو لا يزال على موقفه ولكنه يُريد فقط موافقة مجلس الوزراء ليتحمّل الجميع مسؤوليته”. وشددت على ان “أحدا لن يدفع عون إلى ارتكاب خطأ قانوني ودستوري. في المقابل اشارت مصادر السرايا الى ان رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب ليس في وارد الدعوة الى عقد جلسة لمجلس الوزراء من أجل النظر في ملف ترسيم الحدود
**********************************************************************
افتتاحية صحيفة نداء الوطن
تحذير استخباراتي: “حزب الله” ينوي استهداف مصالح أميركية
نصيحة هيل: حكومة “بالتي هي أحسن” والترسيم “من حيث انتهى”!
بـ”رسالة بسيطة” حرص على توجيهها من عين التينة للقادة اللبنانيين تقول: “حان الوقت لإبداء مرونة كافية لتشكيل حكومة قادرة وعازمة على القيام بإصلاحات حقيقية وجذرية، لأنه الطريق الوحيد للخروج من الأزمة ولأنها الخطوة الأولى الوحيدة” في هذا الاتجاه، آثر المبعوث الأميركي ديفيد هيل تحديد جدول أولويات زيارته عبر استهلالها بنصيحة “وداعية” تشدد على أهمية الملف الحكومي بنظر الأميركيين والمجتمع الدولي. أما لموضوع الترسيم فـ”نصيحة” أخرى سيسمعها اليوم رئيس الجمهورية، ومن خلف “حائط” مكتبه رئيس “التيار الوطني الحر” الذي استثناه هيل من لقاءاته باعتباره مدرجاً على قائمة العقوبات الأميركية، حاله كحال “حزب الله”.
في الشق الحكومي، كشفت مصادر مواكبة لزيارة وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية أنه “غاص في تشريح تداعيات الأزمة القائمة مع المسؤولين الذين التقاهم (أمس) وعبّر عن قلق بلاده المتزايد إزاء خطر انهيار المؤسسات في لبنان تحت وطأة الوضع الاقتصادي الذي وصل إليه”، ومن هذا المنطلق، كان تشديده على وجوب الدفع باتجاه تشكيل حكومة “بالتي هي أحسن وفي أسرع وقت ممكن ولو كانت غير مكتملة المواصفات بالكامل، لأنّ ملف التشكيل بات يسابق الانهيار التام على كافة الصعد، الأمر الذي أصبح يحتّم وجود حكومة فاعلة تبادر فوراً إلى تنفيذ الإصلاحات الملحّة إيذاناً ببدء وصول المساعدات الخارجية إلى لبنان”، وعلى هذا الأساس، حضّ هيل كل الاطراف على “المبادرة والتحرك لتشكيل حكومة سريعاً”، مشيراً إلى أنّ واشنطن تتعاطى مع الحكومة “وفق برنامجها وبنودها الاصلاحية، وهذه مسألة طارئة بالنسبة للبنان لا سيما وأنّ التقارير الواردة عن الوضع اللبناني أصبحت مقلقة للغاية”.
وإذ لفتت المصادر إلى أنّ هيل لم يتناول موضوع الترسيم البحري مع رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي “قام بواجبه وأنجز اتفاق الإطار”، أشارت المصادر إلى أنّ الموفد الأميركي سيتناول هذا الموضوع خلال محادثاته اليوم لا سيما مع الرئيسين ميشال عون وحسان دياب وقائد الجيش جوزف عون، بحيث سيكون له موقف واضح وصريح بوجوب “استكمال مفاوضات الترسيم من حيث انتهت وفق القواعد الحدودية عينها التي انطلق التفاوض على أساسها، أما إذا اصر لبنان على تعديل المرسوم الحدودي فهذا سيعني حكماً أنّ لبنان راغب في إفشال المفاوضات… وعندها فلينسَ لبنان اي مساعدة أو وساطة من الولايات المتحدة”.
تزامناً، استرعى الانتباه في التقرير السنوي الخاص بتقييم المخاطر لعام 2021 والذي تعده أجهزة الإستخبارات الأميركية، تخصيصه فقرة للتحذير من الخطر المتأتي عن كيانات كـ”داعش” و”القاعدة” و”حزب الله” على المصالح الأميركية، داعياً إلى ضرورة مواصلة الضغوط عليها.
وفي حين كشف التقرير الاستخباراتي أنّ “حزب الله” يسعى لتطوير “قدراته الإرهابية لإخراج الولايات المتحدة من المنطقة”، حذر في هذا السياق من “احتمال شن “حزب الله” اللبناني هجمات ضد مصالح الولايات المتحدة وحلفائها”، وأضاف: “نتوقع من “حزب الله”، بالتنسيق مع إيران والجماعات الشيعية المسلحة الأخرى، مواصلة تطوير قدراته الإرهابية كوسيلة ردع وخيار انتقامي ضد خصومه”، موضحاً أنّ “حزب الله” يحتفظ بالقدرة على “استهداف المصالح الأميركية، سواءً بشكل مباشر أو غير مباشر، داخل لبنان وخارجه، وبدرجة أقل داخل الولايات المتحدة”.
*************************************************************************
افتتاحية صحيفة الجمهورية
لا ترسيم ولا تأليف ولا اموال للدعم .. وواشنطن لحكومة إصلاحات
صار المشهد الداخلي اكثر من سوداوي؛ الملفات والمشاكل تتراكم وتتفاقم وتفرّخ مثلها وأصعب منها، واحدة تلو الاخرى، وتجرّ البلد معها الى حلبات تتصارع فيها الذهنيات السياسية والعقليات الكيدية وتتصادم بوتيرة غير مسبوقة حول كلّ شيء، فقط من أجل الصراع والصدام وزيادة الشحن وتوريم الاحتقانات السياسية والطائفية والمذهبية. واما البلد وما يعانيه، فيبقى آخر الهموم!
بالأمس كانت ذكرى الحرب الاهلية، وهي على مأساويتها وألمها الذي اصاب كل اللبنانيين، كانت اخف وطأة عليهم مما يتعرّضون له اليوم. في الحرب قُتل اللبنانيون بالرصاص والمدافع، واما اليوم يُقتلون بما هو اشدّ عليهم من الرصاصة والقذيفة، يُقتلون بالتجويع والإفقار والدجل السياسي الذي تأكّد معه انّ من انتحلوا صفة قديسين في السياسة، ما كانوا الّا شياطين، أولهم وآخرهم مصالحهم ومكاسب بطانتهم، وكل ما حُكي عن شعارات ثبت كذبه، وكل ما حُكي عن انجازات كان زائفاً، الّا انجاز وحيد حققه القابضون على لبنان واللبنانيين، وهو انّهم حوّلوا هذا البلد الى ارض محروقة سياسياً واقتصادياً ومعيشياً وخدماتياً حتى لم يبق منه شيء.
حكومة بالإكراه
والحقيقة الموجعة ان ليس ما يبشّر حتى الآن بإمكان تجاوز اللبنانيين هذه المحنة، بل العكس هو الصحيح. فالمناخ الداخلي يشي بما هو أصعب، والامل الذي عُلّق على تشكيل حكومة قد انقطع بشكل كامل، ولا امل بتشكيلها في المدى المنظور، حيث صارت امكانية إنبعاث تفاهم على حكومة من بين التناقضات القابضة على البلد واهله، امراً غير واقعي وأقرب الى المستحيل. وهو الامر الذي يؤكّد عليه مجدداً، معنيون بالملف الحكومي، حيث يشدّدون عبر «الجمهورية»: «بعد الحريق السياسي المفتعل من قِبل بعض المستويات الرئاسية، والذي أجهز على كل المحاولات والوساطات والمبادرات لتشكيل الحكومة، لم تعد ثمة امكانية لقيام حكومة الّا بالفرض والإكراه. ويبدو أنّ هذا الامر هو الذي سيحصل في نهاية المطاف».
وبحسب هؤلاء، فإنّ «المشهد اللبناني بتعقيداته المتناسلة من بعضها البعض، وملفاته التي تُفتح فقط من باب اثارة الغبار في فضاء التأليف لإعاقته وتعطيل تشكيل حكومة متوازنة، اصبح مؤهلاً لخطوات ضاغطة، تحشر المعطلين وتجرّهم نحو تشكيل فوري للحكومة، خطوات خارجية او داخلية وبأشكال متنوعة السخونة وبارتدادات ثقيلة على الواقع برمّته».
الحريري في موسكو
وقد انتقل الملف اللبناني امس الى موسكو التي وصلها الرئيس المكلّف مساء امس، للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورئيس الوزراء ميخائيل ميشوستين، ووزير الخارجية سيرغي لافروف وعدداً من المسؤولين.
وأُقيم للحريري استقبال رسمي في مطار موسكو، حيث كان على رأس مستقبليه الممثل الخاص للرئيس بوتين في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، ونائب رئيس التشريفات في الحكومة الروسية السفير كوزنيسوف، والسفير اللبناني في موسكو شوقي أبو نصار، والمبعوث الخاص للحريري إلى روسيا جورج شعبان.
عقوبات
وإذا كان كل الطاقم المعني بتأليف الحكومة ينتظر العقوبات الفرنسية وحجمها ومداها، الّا أنّ مصادر واسعة الاطلاع، اكّدت لـ»الجمهورية»، نقلاً عن ديبلوماسيين، بأنّ جرعة العقوبات الفرنسية التي تسعى باريس الى اصدارها في حق معطّلي تشكيل الحكومة، قد تقترن بجرعة مكمّلة لها على مستوى دول المجموعة الاوروبية.
وكشف سفير دولة كبرى، عن انّ الأميركيين ليسوا بعيدين عن الإجراء الفرنسي الضاغط على معطّلي الحل في لبنان، وفضلاً عن انّهم، أي الاميركيون، لم يُخرجوا من دائرة العقوبات التي قد تصدر في اي لحظة، من يسمّونهم السياسيين في لبنان ويتهمّونهم بالفساد وإحباط آمال الشعب اللبناني. وفي السياق، نُقل عن السفير نفسه انّه يملك ما يجعله متأكّداً من أنّ الحضور الاميركي في الملف اللبناني، سيكون اكثر زخماً مما كان عليه في الاشهر الاخيرة، إن حول الملف الحكومي المعطّل، او حول ملف ترسيم الحدود المعقّد، والذي دخلت عليه عناصر جديدة، وخصوصاً ما يتصل بمرسوم تعديل الحدود اللبنانية الخالصة جنوباً.
واشنطن
وضمن هذا السياق، تأتي زيارة مساعد وزير الخارجية الاميركية دايفيد هيل الى بيروت لثلاثة ايام، والتي بدت كمروحة استكشافية، حيث شملت شريطاً واسعاً من اللقاءات الرسمية والسياسية. وبحسب مطلعين على خلفيات الزيارة «فإنّ الغاية منها هي تأكيد واشنطن على انّ لبنان ما زال يحتل مكانه في جدول اهتمامات واولويات ادارة الرئيس جو بايدن، والنقطة الاساس هي التعبير الملموس عن دعم الادارة الاميركية للشعب اللبناني وتطلعاته الى اصلاحات ومكافحة الفساد وسماع اصوات اللبنانيين الغاضبين من السياسات التي كانت متّبعة وادّت الى افلاس الدولة. وكل ذلك يتطلب المبادرة الفورية الى تشكيل حكومة تحظى بثقة الشعب اللبناني وتحقق آماله وتطلعاته التي عبّر عنها في انتفاضة 17 تشرين الاول 2019، كما تحظى بثقة المجتمع الدولي والمؤسسات المالية الدولية التي تربط تقديم اي مساعدات للبنان بإجراء اصلاحات جوهرية وملموسة، والأهم فيها مكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين.
جولة هيل
فقد اجرى هيل محادثات مكثفة امس، شملت رئيس مجلس النواب نبيه بري، الرئيس المكلّف سعد الحريري قبل سفره الى موسكو، ورئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، ووزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال شربل وهبه وقائد الجيش العماد جوزف عون. وفيما ذكرت وكالة «رويترز» انّ هيل «أنّب زعماء لبنان، لفشلهم في إنهاء الأزمة السياسية وتشكيل حكومة جديدة تعالج الأزمة الاقتصادية القائمة، قالت مصادر مطلعة على اجواء المحادثات، انّها تركزت بصورة خاصة على الوضع الداخلي في لبنان، حيث عبّر هيل عن عدم ارتياح من مسار الامور، متوقفاً عند تعطيل تشكيل حكومة تباشر في عملية الإنقاذ والإصلاح الملحّة التي يستوجبها خروج لبنان من ازمته. كما عكس رغبة الولايات المتحدة الاميركية في تشكيل حكومة سريعاً، ومن دون ايّ شروط تعيق تأليفها وتؤخّر الاصلاحات المطلوبة كشرط أساس لتجاوز لبنان ازمته وعودة النمو اليه.
واللافت، انّ مساعد وزير الخارجية الاميركية اختار منبر مقر رئاسة مجلس النواب في عين التينة ليطلق من خلالها الى اللبنانيين رسالة استعجال للإصلاحات، ويلقي فيها كرة المسؤولية على اللبنانيين. وقال هيل: «لقد التقيت رئيس مجلس النواب نبيه بري للبحث في الأحداث الجارية، أنا في لبنان اليوم بناءً على طلب الوزير بلينكن، لمناقشة الأزمة السياسية والاقتصادية المؤلمة التي تواجه لبنان، ولإعادة التأكيد على التزام أميركا بالشعب اللبناني».
اضاف: «إنّ الولايات المتحدة وشركاءها الدوليين قلقون للغاية ازاء الفشل الحاصل هنا في إطلاق برنامج الإصلاح الحاسم الذي طالما طالب به الشعب اللبناني. لقد قمت بزيارة لبنان في كانون الأول من العام 2019 ومرة أخرى في آب من العام 2020، وسمعت آنذاك إجماعاً واسع النطاق بين القادة اللبنانيين حول الحاجة، التي طال انتظارها، إلى تنفيذ إصلاحات مالية واقتصادية وحوكمة رشيدة، انما حتى اليوم لم يُحرز سوى تقدّم ضئيل جداً، وفي الوقت نفسه، يعاني ملايين اللبنانيين بالإضافة الى الجائحة، من مصاعب اقتصادية واجتماعية. إنّه تتويج لعقود من سوء الإدارة والفساد وفشل القادة اللبنانيين في وضع مصالح البلاد في المقام الأول، سيكون لديّ المزيد لأقوله عند اختتام اجتماعاتي غداً (اليوم)، ولكن رسالتي خلال اجتماعات اليوم هي بكل بساطة: إنّ الولايات المتحدة والمجتمع الدولي مستعدان للمساعدة، ولكن لا يمكننا أن نفعل شيئاً ذا مغزى دون الشريك اللبناني».
واشار الى انّه «حان الوقت لكي ندعو القادة اللبنانيين إلى إبداء المرونة الكافية لتشكيل حكومة راغبة وقادرة على الإصلاح الحقيقي والأساسي. هذا هو السبيل الوحيد للخروج من هذه الأزمة، كما أنّها ليست سوى خطوة أولى، وستكون هناك حاجة الى تحقيق تعاون مستدام إذا كنا سنرى اعتماد وتنفيذ إصلاحات شفافة».
وفيما لم يدلِ هيل بأي تصريح في الخارجية، قال الوزير وهبه، انّ هيل أوضح مقاربة الادارة الاميركية الجديدة لملفات الشرق الاوسط ولبنان والتي هي اقرب لمفهومنا. واضاف: «هيل اكّد دعم استقرار لبنان والهدوء في الجنوب ودعم الجيش وثقة واشنطن به».
وقال: «اننا لم نتطرق الى التأليف»، مشيراً الى انّ هيل سيبحث الترسيم مفصّلاً مع الرئيس عون ومع رئيس الحكومة.
وعن عدم توقيع عون على تعديل مرسوم ترسيم الحدود تزامناً مع زيارة هيل، قال وهبه: «الرئيس عون لا يقدّم هدايا على حساب مصالح اللبنانيين».
هيل يستكمل جولته اليوم
وفي الوقت الذي التقى فيه دايفيد هيل ليل امس مجموعة من الاصدقاء، علمت «الجمهورية»، انّه سيستكمل هذه الإتصالات في جلسة لاحقة تُعقد مساء اليوم في السفارة الاميركية، حيث يلتقي مجموعة من المؤثرين في الرأي العام وسفراء متقاعدين واصدقاء.
وقالت مصادر معنية، انّ هذه اللقاءات ستتوّج الجولة الثانية العلنية المنتظرة اليوم، والتي ستبدأ باكراً بلقاء مع رئيس الجمهورية العماد عون، قبل ان يلتقي رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب والبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي ورئيس حزب «الكتائب اللبنانية» فرئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ورئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، وتردّد عن احتمال عقد لقاء مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
«لا ثقة بكم»
وفي موازاة محادثات دايفيد هيل في بيروت، كشف احد كبار المسؤولين لـ»الجمهورية»، انّ معظم اللقاءات التي اجراها سفراء وديبلوماسيون اجانب مع مستويات سياسية ورسمية في لبنان، شكّلت احراجاً كبيراً للجانب اللبناني.
ويشير المسؤول المذكور، الى انّ الكلام الديبلوماسي الذي قيل في تلك اللقاءات، خرج من التحفظ الذي كان يُعتمد مع بدايات الأزمة في لبنان، وصار يقول صراحة بالمسؤولية العامة للطبقة السياسية في ايصال لبنان الى ما هو اليه، وضرب استقراره الاقتصادي والمالي.
ويلفت المسؤول، الى انّ «ما يدعو الى الاسف، والخجل في آن معاً، انّ كل البعثات الديبلوماسية تنقل الينا كلاماً صادراً عن حكوماتها، يديننا على ما فعلناه ببلدنا، وهذا صحيح، اننا نسمع كلاماً يجعلنا نطأطئ رؤوسنا، ويجعلنا نخجل من ان ننظر في المرآة. والعديد من السفراء يعبّرون عن رغبة بلادهم في تقديم المساعدات الانسانية للبنان، الّا انّهم سرعان ما يتحدثون عن عائق امام تسريع هذه المساعدات، ويتمثل بـ»أن لا ثقة لنا بالسلطة الحاكمة في لبنان، فإن ارسلنا المساعدات عبر هذه السلطة، نخشى ان تُسرق، الّا اننا نأتمن جهة وحيدة على اي مساعدات قد تُرسل، هي الجيش اللبناني».
الحكومة .. مراوحة
وفيما راوح الملف الحكومي في مربع الفشل في تأليف الحكومة، والذي يبدو انّه سيقبع فيه لفترة طويلة، استمر الداخل في تأرجحه بين ملفين ساخنين، الأول، ملف التدقيق الجنائي، الذي يبدو انّه وصل الى اقصى ما يمكن ان يصل اليه في سياق الاستثمار السياسي والشعبوي عليه، حيث اصطدم بالحاجة الى وجود حكومة ليأخذ مساره في الاتجاه الشامل لمصرف لبنان وسائر ادارات ووزارات وقطاعات الدولة. والثاني ملف ترسيم الحدود البحرية، وما استُجد حول مرسوم تعديل الحدود اللبنانية الخالصة، الذي أُثير حوله صخب عنيف في الايام الاخيرة، وجرى التصويب المفتعل والمباشر من قِبل «التيار الوطني الحر» على وزير الاشغال، وجيشت حملة رهيبة تحت عنوان «عدم توقيع المرسوم خيانة».. الّا انّ هذا المرسوم انتهى الى ذات مصير التدقيق الجنائي، حيث اصطدم بالحاجة الى حكومة لإقراره. علماً انّ رئاسة الجمهورية أحالت الامر على حكومة تصريف الاعمال، التي يبدو انّها غير متحمسة لعقد جلسة لإقرار المرسوم تبعاً لصلاحياتها التي تنحصر في الإطار الضيق لتصريف الاعمال.
واللافت للانتباه، انّ الجدل حول هذا الامر لم يتوقف، وثمة من يطرح ان يبادر رئيس الجمهورية الى توقيع المرسوم الموقّع من رئيس حكومة تصريف الاعمال ووزيري الدفاع والداخلية، ويُصدره بصورة استثنائية. الّا انّ هذا الطرف اصطدم بالمانع الدستوري. حيث لا نص في الدستور على هذا الامر.
الواضح انّ هذين الملفين حجبا الملف الحكومي نهائياً، فضلاً عن انّ الجمود قد اسره بالكامل، ولا حراك ولا اتصالات بين اي من المعنيين بهذا الملف. ما خلا تصريحات تحدّد مواصفات الحكومة الجديدة، وفي هذا السياق يندرج ما اعلنه الرئيس عون خلال استقباله قبل ظهر امس في قصر بعبدا، كبير مستشاري وزارة الدفاع البريطانية لشؤون الشرق الأوسط الجنرال مارتن سامبسون والوفد المرافق، لناحية تأكيده «انّ أولى مهام الحكومة الجديدة ستكون تحقيق الإصلاحات ومتابعة مسألة التدقيق المالي الجنائي»، معتبراً انّ «هذه الخطوات أساسية، لانّها تعيد الثقة الدولية بلبنان، ولاسيما ثقة الصناديق المالية التي سوف تساعده في تنفيذ خطة النهوض الاقتصادي».
عون ودياب
وفي تطور يتيم يتصل بمصير مرسوم تعديل المرسوم 6433، علمت «الجمهورية»، انّ تواصلاً جرى امس بين بعبدا والسرايا، في محاولة للإسراع بنيل موافقة رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب على دعوة الرئيس عون لعقد جلسة لمجلس الوزراء من دون جدوى.
وعلمت «الجمهورية» من مصادر موثوقة، انّ دياب لم يعط جواباً ايجابياً بعد على هذه الدعوة، ودعا الى التريث بطريقة يمكن ان تؤدي الى التملّص من تلبيتها، بعدما ذكرت مصادره انه سبق له ان رفض عقد جلسات للبت بقضايا تعدّ اكثر أهمية من هذه المسألة، ومنها البت بالموازنة للعام 2021، مع العلم انّ الآلية المتبعة اسفرت عن اصدار عشرات المراسيم التي تفوق مرسوم تعديل الحدود بأهميتها وما رتبته على حكومة تصريف الاعمال.
الدعم
وفي سياق متصل، برزت زيارة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الى عين التينة ولقاؤه الرئيس نبيه بري. وكان عرض شامل للوضع المالي والنقدي، اضافة الى موضوع الدعم.
واعربت مصادر مالية رسمية لـ»الجمهورية»، انّ الاولوية الاكيدة والملحة تبقى الاسراع في تشكيل حكومة، فكل يوم تأخير يلقي بخسائر كبرى مالية ونقدية، ويصعّب امكانية الحل اكثر فأكثر.
وقالت المصادر، انّ الوضع النقدي دقيق، وامكانية تحسنه جيدة جداً مع تشكيل حكومة، علماً انّ الأعباء كبيرة جداً، ومصرف لبنان لا يستطيع ان يكمل في سياسة الدعم التي تستنزف احتياطي المصرف. وهو يضع هذه المسألة في ايدي المسؤولين الذين عليهم ان يسارعوا في ايجاد الخطط البديلة، فاستمرار الحال على ما هو عليه سيؤدي الى عواقب وخيمة.
وضمن هذا السياق، جاء الكتاب الذي وجّهه سلامة الى وزير المالية في حكومة تصريف الاعمال غازي وزني، مطالباً بضرورة قيام الحكومة بتصور واضح لسياسة الدعم التي تريد اعتمادها، لوضع حدّ للهدر الحاصل، وضمن حدود وضوابط تسمح بالحفاظ على موجودات مصرف لبنان، والعمل على المساهمة في تأمين واردات بالعملات الصعبة لتغطية كلفة الدعم، والتفاوض مع نقابة المحامين في بيروت في ما يتعلق بالدعاوى القضائية التي صرّح نقيب المحامين انّه سيتقدّم بها، وذلك درءاً لأي مخاطر قانونية وواقعية قد تنتج منها». متمنياً على وزير المال إعطاء أجوبة واضحة وصريحة وبالسرعة الممكنة.
الأساقفة الكاثوليك
الى ذلك، اعتبر اساقفة الروم الكاثوليك، انّ «المسؤولين في الدولة لا يهتمون إلّا بتأمين مصالحهم الخاصة، ومطامع أحزابهم الضيّقة. ولا يأبهون لا لجوع الفقراء، ولا لانهيار الدولة، ولا لانهيار الاقتصاد ولا لتدني القيمة الشرائية لعملتنا الوطنية ولا لحجز أموال المودعين في المصارف».
جاء ذلك في بيان صدر بعد الاجتماع الشهري برئاسة بطريرك انطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك، دعوا فيه المسؤولين إلى «ترشيد الدعم، وإيجاد سبل علمية لتأمين الحاجيات الضرورية للمواطن. كما أيّدوا مطالب ذوي ضحايا إنفجار المرفأ المحقّة، ومساعدة الأهالي في إعمار ما تهدم». ورأوا انّ «الكل يعلم أنّ الحل الوحيد الراهن هو تشكيل حكومة إنقاذ يطالب بها المجتمع الدولي، ليتمكن من مساعدتنا في الخروج من أزمتنا. لكن هذه الحكومة المرجوة يحول دونها عناد المسؤولين، وتعنتهم، وصراعاتهم من أجل المحاصصة».
واكّد المجتمعون «سيادة لبنان في حقوقه البرية والبحرية من خلال ترسيم الحدود والحرص على الحقوق في الموارد النفطية والطبيعية».
***********************************************************************
افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط
هيل يحمّل المسؤولين اللبنانيين مسؤولية سوء الإدارة والفساد
وكيل وزارة الخارجية الأميركية دعا إلى الإسراع في تشكيل الحكومة وتطبيق الإصلاحات
وجّه وكيل وزارة الخارجية الأميركية ديفيد هيل انتقادات قاسية للمسؤولين اللبنانيين في مستهل زيارة بدأها لبيروت أمس، مشدداً على ضرورة تطبيق الإصلاحات وتأليف حكومة قادرة على القيام بالمهمة، ومحملاً القيادات اللبنانية مسؤولية سوء الإدارة والفساد والفشل في وضع مصالح البلاد في المقام الأول.
ومن المتوقع أن يكون للموفد الأميركي موقف أكثر شمولية اليوم، بعد لقائه رئيس الجمهورية ميشال عون، بينما اكتفى أمس بالتصريح إثر لقائه رئيس البرلمان نبيه بري. وشملت لقاءاته رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ووزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبة ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط. ومن المرجح أن يلتقي عدداً آخر من قيادات الأحزاب اللبنانية، فيما لفتت المعلومات إلى أن رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل لن يكون ضمن لقاءاته، نتيجة العقوبات التي سبق أن فرضتها عليه الإدارة الأميركية قبل أشهر.
وبعد لقائه هيل، قال وزير الخارجية اللبناني إن الموفد الأميركي «أوضح مقاربة الإدارة الأميركية الجديدة لملفات الشرق الأوسط ولبنان، مؤكداً على دعم استقرار لبنان والهدوء في الجنوب ودعم الجيش وثقة واشنطن به»، وفي رد على سؤال حول عدم توقيع الرئيس عون على تعديل مرسوم ترسيم الحدود البحرية تزامناً مع زيارة هيل، قال وهبة: «عون لا يقدّم هدايا على حساب مصالح لبنان».
وبعد لقائه بري، أعلن هيل أن زيارته إلى بيروت جاءت بناء لتكليف من وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لمناقشة الأزمة السياسية والاقتصادية المؤلمة التي تواجه لبنان ولإعادة التأكيد على التزام أميركا بالشعب اللبناني. وشدد على أن «أميركا وشركاءها الدوليين قلقون للغاية إزاء الفشل الحاصل في إطلاق برنامج الإصلاح الحاسم الذي طالما طالب به الشعب اللبناني»، مضيفاً: «لقد قمت بزيارة لبنان في ديسمبر (كانون الأول) 2019 ومرة أخرى في أغسطس (آب) 2020. وسمعت آنذاك إجماعاً واسع النطاق بين القادة اللبنانيين حول الحاجة، التي طال انتظارها، إلى تنفيذ إصلاحات مالية واقتصادية وحوكمة رشيدة، لكن حتى اليوم لم يحرز سوى تقدم ضئيل جداً. وفي الوقت نفسه، يعاني ملايين اللبنانيين بالإضافة إلى الجائحة، من مصاعب اقتصادية واجتماعية»، مؤكداً: «إنه تتويج لعقود من سوء الإدارة والفساد وفشل القادة اللبنانيين في وضع مصالح البلاد في المقام الأول. سيكون لديّ المزيد لأقوله عند اختتام اجتماعاتي غداً (اليوم)، ولكن رسالتي خلال اجتماعات اليوم (أمس) هي بكل بساطة؛ إن أميركا والمجتمع الدولي مستعدان للمساعدة، ولكن لا يمكننا أن نفعل شيئاً ذا مغزى دون الشريك اللبناني».
ودعا «القادة اللبنانيين إلى إبداء المرونة الكافية لتشكيل حكومة راغبة وقادرة على الإصلاح الحقيقي والأساسي، هذا هو السبيل الوحيد للخروج من هذه الأزمة. كما أنها ليست سوى خطوة أولى، وستكون هناك حاجة إلى تحقيق تعاون مستدام إذا كنا سنرى اعتماد وتنفيذ إصلاحات شفافة».
وقالت مصادر، اطلعت على فحوى بعض لقاءات هيل لـ«الشرق الأوسط»، إنه ركّز على ضرورة أن يتم تأليف الحكومة في أسرع وقت ممكن، وعكس اهتمام المجتمع الدولي بلبنان، ولا سيما إعلانه أنه لم يأتِ إلى لبنان في زيارة وداعية قبل انتهاء مهامه، إنما بناء على طلب وزير الخارجية.
***************************************************************************
افتتاحية صحيفة اللواء
هيل في بعبدا اليوم: ماذا تنتظرون لتأليف الحكومة بـ«مرونة»!
سلامة يرمي كرة الدعم بوجه السلطة.. ومجلس القضاء يتجه لفرض عقوبات على عون
لم يكن أوضح من كلام مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية ديفيد هيل من ان «الوقت حان لدعوة القادة اللبنانيين إلى إبداء مرونة كافية لتشكيل حكومة راغبة وقادرة على الإصلاح الحقيقي»، ليتبين خيط الأزمة الأبيض من الأسود، في لعبة بالغة الخطورة، تضع مصالح الأفراد والأحزاب فوق مصالح الدولة والشعب، وحتى الدستور والقوانين..
وتأتي التحركات الدولية باتجاه لبنان، أو المحاولات الدولية، لدى العواصم المؤثرة في وقت لم يحدث أي انزياح عن المواقف في المواقف السياسية، للجهات الدستورية والسياسية والحزبية المعنية بتأليف الحكومة.
أوضحت مصادر مطلعة لـ«اللواء» أنه إذا تعذر انعقاد جلسة للحكومة في ما خص مرسوم ترسيم الحدود فإن البحث ينتقل إلى أي خطوة يمكن اتخاذها ومنها العودة إلى الناقورة ورأت المصادر إن هناك حاجة إلى الاستعجال بهذا الملف لكن ليس معروفا كيف سيرسو وسط تأكيد من رئيس الجمهورية على حقوق لبنان والالتزام بالدستور.
ونُقِلَ عن اوساط عون أنه يتواصل مع الأمم المتحدة ومع الجانب الاميركي في ملفّ ترسيم الحدود، و«لا يُزايدنَّ أحدٌ عليه في موضوع السيادة والحقوق اللبنانية، فهو لا يزال على موقفه ولكنه يُريد فقط موافقة مجلس الوزراء ليتحمّل الجميع مسؤوليته. ولن يدفع أحد عون إلى ارتكاب خطأ قانوني ودستوري».
على خط آخر فهم من المصادر نفسها، أن وكيل وزير الخارجية الأميركية ديفيد هيل سيستوضح من رئيس الجمهورية اليوم حول العقبات التي تحول دون تأليف حكومة جديدة ويشدد على عدم إهدار الفرصة والسعي لتشكيل الحكومة وإنجاز الإصلاحات، وأشارت إلى أن ما من مبادرة أميركية أو وساطة إنما استطلاع الأوضاع واعادة التأكيد على موضوع الليونة في هذا الملف.
وكشفت مصادر ديبلوماسية أن لقاءات هيل في اليوم الاول من زيارته الى لبنان ان المسؤول الاميركي استفسر بشكل تفصيلي الأوضاع السائدة في لبنان منذ اخر زيارة له والحالة التي وصل اليها الوضع حاليا ،مستفسرا عن الاسباب التي حالت حتى اليوم لعدم تشكيل الحكومة الجديدة، برغم الحاجة الملحة لتشكيلها لكي تباشر مهماتها بمعالجة وحل الازمة المالية والاقتصادية التي يواجهها لبنان حاليا. واشارت المصادر إلى ان هيل استغرب بقاء لبنان بلا حكومة جديدة واستهلاك المزيد من الوقت بلا طائل والدوران في حلقة مفرغة وتحجج البعض باسباب غير منطقية لتعطيل التشكيل، مكررا موقف بلاده الداعم للرئيس المكلف سعد الحريري بتشكيل حكومة اختصاصيين على أساس المبادرة الفرنسية تتولى مهمة انقاذ لبنان من ازمتة والقيام بالإصلاحات المطلوبة في القطاعات والادارات الرسمية، ونافيا في الوقت نفسه كل مايتردد من اخبار مغايرة لهذا الموقف.
اما النقطة المهمة التي تطرق اليها هيل في مناقشاته، فهي موضوع تغيير الموقف الرسمي اللبناني من ملف ترسيم الحدود البحرية بعد اتفاق اطار التفاهم الذي تم التوصل اليه منذ اشهر عديدة برعاية اميركية ومباشرة المفاوضات بخصوصه مع الجانب الإسرائيلي وقوات الأمم المتحدة باكثر من اجتماع عقد لهذ الامر.واكدت المصادر ان هيل ابدى استياء الولايات المتحدة الشديد لتراجع بعض المسؤولين اللبنانيين عن إطار التفاهم الذي تولى رئيس المجلس النيابي نبيه بري التفاوض بشأنه مع الجانب الاميركي لسنوات عديدة،وتساءل عن الاسباب التي تدفع البعض للتراجع، مايؤدي الى تعقيدات وصعوبات تعيق التوصل الى اتفاق جديد،وقد تؤدي الى إطالة امد المفاوضات الى اجل غيرمسمى، وبالتالي يؤخر عمليات المباشرة بالتنقيب واستخراج البترول والغاز ولا سيما بالمناطق المتنازع عليها الامر الذي يلحق الضرر بلبنان ومصالحه الاقتصادية.
جولة
وكان السفير هيل ملأ المشهد السياسي امس من خلال لقاءاته ومواقفه التي شملت رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري قبل ان يغادر الاخير بيروت الى موسكو. وقد شدد أمام من التقاهم على اولوية الاسراع في تشكيل حكومة تنفّذ الاصلاحات مشيراً الى ما وصفه في بيانه «الفشل الحاصل في إطلاق برنامج الإصلاح الحاسم، وإنه تتويج لعقود من سوء الإدارة والفساد وفشل القادة اللبنانيين في وضع مصالح البلاد في المقام الأول».
وبحث هيل ايضا في ملف الترسيم البحري، على ان يتوسّع فيه اكثر خلال زيارته الى الرئيس ميشال عون اليوم، كما يزور كلا من رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب، والبطريرك بشارة الراعي، ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع،.وأُفيدَ انه لن يلتقي رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل لأن بلاده فرضت عليه عقوبات.
وعلمت «اللواء» من مصادر تابعت جولة هيل، انه لم يطرح اي مقترحات لا حول تشكيل الحكومة ولا حول ترسيم الحدود البحرية، لكنها استشفت عدم موافقة اميركية على الطرح اللبناني الجديد بتعديل مرسوم الحدود بما يضيف مساحات إضافية على حصة لبنان، ما يعني برأي المصادر انه لا استئناف للمفاوضات قريباً.
واكدت المصادر ان هيل قارب موضوع الحكومة من باب المبادرة الفرنسية اي تشكيلها من اختصاصيين غير حزبيين، وركز على ضرورة الاسراع بتشكيلها ضمن هذه المبادرة، «وإلا لن يحصل لبنان على اي دعم دولي». لكنه لم يأتِ على ذكرحزب الله لا سلباً ولا إيجاباً لجهة المشاركة او عدم المشاركة في الحكومة.
واوضحت ان هيل «تحدث مع من التقاهم بدبلوماسية هادئة ولم يأتِ ليقلب الطاولة بوجه احد، ولا ليفرض شروطاً، بل لينصح ويستطلع المواقف». لتقديم تقريره الى الادارة الاميركية قبل ان يغادر منصبه لمصلحة خليفته فيكتوريا نولاند.
وقد استهلّ هيل لقاءاته من وزارة الخارجية حيث استقبله وزير الخارجية شربل وهبه، وغادر من دون تصريح، فيما قال وهبه بعد اللقاء: أوضح هيل مقاربة الادارة الاميركية الجديدة لملفات الشرق الاوسط ولبنان والتي هي اقرب لمفهومنا. واكد دعم استقرار لبنان والهدوء في الجنوب ودعم الجيش، وثقة واشنطن به. واشار الى ان بلاده لا تزال مهتمة بلبنان. ولم نتطرق الى تأليف الحكومة.
وبشأن التفاوض مع الاسرائيليين على ترسيم الحدود البحرية، قال وهبة: ان هيل سيتحدث في هذا الموضوع مع رئيس الجمهورية ومع رئيس الحكومة، وهيل يعتقد انه من الافضل العودة للمفاوضات من حيث توقفت اليوم، هو لم يسمِ اي خطوط.
وعن عدم توقيع الرئيس عون على تعديل مرسوم ترسيم الحدود البحريّة تزامناً مع زيارة هيل قال: الرئيس عون لا يقدّم هدايا على حساب مصالح لبنان.
وردا على سؤال، نفى وهبه وجود اي دفع اميركي لاوروبا لفرض عقوبات.
وتابع: تحدثنا عن تفسير الولايات المتحدة لعقوبات قانون قيصر المفروض على الجمهورية العربية السورية، وبمجرد اثارة قضية تتعلق ان لبنان لا يجوز ان يتحمل نتائج عقوبات لا ذنب له فيها، قال السفير هيل: «نحن نفهم ان لبنان لا عقوبات مفروضة عليه بالنسبة لقانون قيصر، وان المواد الغذائية والصناعية التي تعبر الاراضي السورية لا تخضع للعقوبات».
كما نفى وهبه ان تكون الولايات المتحدة الاميركية هي من عرقلت اتفاق استيراد النفط الخام من العراق. ولفت الى ان الحكومة العراقية قدمت للبنان هذا الدعم وسيتحدد موعد جديد وهذا يعود للسلطات العراقية.واعتبر وهبه ان تأجيل الموعد لا يعني انه ابطل او الغي.
بعدها انتقل هيل الى عين التينة حيث استقبله رئيس مجلس النواب نبيه بري. وقال: أنا في لبنان اليوم بناء على طلبِ الوزير بلينكن لمناقشة الأزمة السياسية والاقتصادية المؤلمة التي تواجه لبنان، ولإعادة التأكيد على التزام أميركا بالشعب اللبناني.
أضاف: إن أميركا وشركاءها الدوليين قلقون للغاية ازاء الفشل الحاصل في إطلاق برنامج الإصلاح الحاسم، الذي طالما طالب به الشعب اللبناني. لقد قمت بزيارة لبنان في كانون الأول من العام 2019، ومرة أخرى في آب من العام 2020، وسمعت آنذاك إجماعا واسع النطاق بين القادة اللبنانيين حول الحاجة، التي طال انتظارها، إلى تنفيذ إصلاحات مالية واقتصادية وحوكمة رشيدة، انما حتى اليوم لم يحرز سوى تقدم ضئيل جدا. وفي الوقت نفسه، يعاني ملايين اللبنانيين بالإضافة الى الجائحة، من مصاعب اقتصادية واجتماعية. إنه تتويج لعقود من سوء الإدارة والفساد وفشل القادة اللبنانيين في وضع مصالح البلاد في المقام الأول.
اضاف: سيكون لدي المزيد لأقوله عند اختتام اجتماعاتي غدا (اليوم)، ولكن رسالتي خلال اجتماعات اليوم (امس)هي بكل بساطة إن أميركا والمجتمع الدولي مستعدان للمساعدة، ولكن لا يمكننا أن نفعل شيئا ذا مغزى من دون الشريك اللبناني.
وختم: حان الوقت لكي ندعو القادة اللبنانيين إلى إبداء المرونة الكافية لتشكيل حكومة راغبة وقادرة على الإصلاح الحقيقي والأساسي، هذا هو السبيل الوحيد للخروج من هذه الأزمة. كما أنها ليست سوى خطوة أولى وستكون هناك حاجة الى تحقيق تعاون مستدام إذا كنا سنرى اعتماد وتنفيذ إصلاحات شفافة.
ثم التقى المسؤول الاميركي رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، ترافقه السفيرة الأميركية في لبنان دورثي شيا، في حضور النائبين السابقين غازي العريضي ومروان حمادة، حيث جرى عرض مختلف الأوضاع العامة والتطورات السياسية. واستبقى جنبلاط الحضور الى مائدة الغداء.
ومساء التقى هيل قائد الجيش العماد جوزاف عون في مكتبه في اليرزة، وجرى البحث في الأوضاع العامة في البلاد.
كما زار هيل الرئيس نجيب ميقاتي، وتناول مأدبة الإفطار إلى مائدته.
والى موسكو، وصل الرئيس الحريري في زيارة يلتقي خلالها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء ميخائيل ميشوستين ووزير الخارجية سيرغي لافروف وعدد من المسؤولين.
وقد أقيم للرئيس الحريري استقبال رسمي في مطار موسكو، حيث كان على رأس مستقبليه الممثل الخاص للرئيس بوتين في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف ونائب رئيس التشريفات في الحكومة الروسية السفير كوزنيسوف والسفير اللبناني في موسكو شوقي أبو نصار والمبعوث الخاص للرئيس الحريري إلى روسيا جورج شعبان.
لاحظت مصادر ديبلوماسية ان زيارة الرئيس المكلف سعد الحريري نظمت على اساس زيارة رئيس حكومة اصيل وليس في اطار التكليف، استنادا الى سلسلة اللقاءات المهمة التي يعقدها وفي مقدمتها اللقاء مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وكبار المسؤولين الروس،في حين تقتصر لقاءات باقي زوار العاصمة الروسية من الشخصيات السياسية على لقاءات مع وزراء ومسؤولين عاديين. واعتبرت المصادر ان تنظيم زيارة الرئيس المكلف على هذا المستوى في هذا الظرف الذي يمر به لبنان حاليا، يحمل اكثر من رسالة ومدلول،اولها تكرار الدعم الروسي للرئيس المكلف سعدالحريري بتشكيل حكومة اختصاصيين وثانيا ، رفض روسيا لكل محاولات اعاقة وتعطيل مهمته تشكيل الحكومة الجديدة أو دفعه الى الاعتذار وإرسال اشارات واضحة لكل من يعنيهم الامر بوجوب عدم المراهنة على تبدل روسي لهذا الموقف.
وعلى الرغم من استمرار «الانسداد» فإن الرئيس ميشال عون قال امام كبير مستشاري وزارة الدفاع البريطانية لشؤون الشرق الأوسط الجنرال مارتن سامبسون الذي التقاه في قصر بعبدا أمس انه من أولى مهام الحكومة الجديدة تحقيق الإصلاحات، ومتابعة مسألة التدقيق المالي الجنائي، معتبراً ان هذه الخطوات أساسية لأنها تعيد الثقة الدولية بلبنان، ولا سيما ثقة الصناديق المالية التي ستساعد على تنفيذ خطة النهوض الاقتصادي.
ورمى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الكرة في ملعب السلطة التنفيذية مطالباً في كتاب وجهه إلى وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني لجهة انه من الضروري ان تقوم الحكومة سريعاً، بوضع تصوُّر واضح لسياسة الدعم تضع حداً للهدر الحاصل..
وختم: «نظراً إلى خطورة الوضع وللتأثيرات الاقتصادية والاجتماعية، التي قد تنتج عن التأخير في البت بما تقدّم، نتمنى عليكم اعطاءنا أجوبة واضحة وصريحة، وذلك بالسرعة الممكنة».
وفي تطوّر قضائي أصدر قاضي التحقيق الأوّل في جبل لبنان نقولا منصور قراراً قضى بالحجز على ممتلكات نقيب الصيارفة السابق محمود حلاوي، على خلفية مخالفات لقانون الصيرفة، وعمليات مضاربة أدّت إلى التلاعب بسعر العملة الوطنية.
وشاعت معلومات أمس عن اتجاه لدى مجلس القضاء لاستدعاء المدعي العام في جبل لبنان القاضية غادة عون إلى الاستماع إليها، على خلفية عودة التجاذب مع النائب العام التمييزي القاضي غسّان عويدات.
وحسب المعلومات فإن القاضية عون ليست بوارد تلبية أي دعوى من قبل النيابة العامة التمييزية للاستماع إليها وسط ترجيحات عن اتجاه لاتخاذ المجلس قرارات عقابية ضدها.
إشكال على السلع المدعومة
وفي صربا، وقع اشكال كبير داخل احد سوبرماركت «شاركوتييه عون» فرع أدونيس، بسبب المواد الغذائية المدعومة. حيث ظهر في المقطع المصور التخريب داخل المتجر إضافة للتلاسن بين الموظفين والمواطنين. وتجدر الإشارة إلى أن سوبرماركت «شاركوتييه عون» وغيرها من السوبرماركات في لبنان، شهدت منذ أسابيع إشكالات عديدة على خلفيات المواد المدعومة والغلاء بالأسعار.
نصف مليون إصابة
صحياً، سجلت وزارة الصحة إصابة 2460 إصابة بفايروس كورونا و40 حالة وفاة، ليرتفع العدد التراكمي لاصابات كورونا المثبتة مخبرياً إلى 502299 إصابة منذ 21 شباط 2020.
************************************************************************
افتتاحية صحيفة الديار
هيل “ العتيق» برسالة الادارة الاميركية الجديدة الى القادة اللبنانيين: تنازلوا عن الشروط المتبادلة لانتاج الحكومة
محمد بلوط
الحكومة تستعصي على محاولات تدوير الزوايا بسبب سياسة المتاريس بين بعبدا وبيت الوسط
عون عازم على رفع سيف التدقيق قبل الحكومة… والحريري في موسكو اليوم لتاكيد الدعم الروسي
الانطباع السائد ان الحكومة الجديدة ليست بمتناول اليد حتى الآن ، وان كل المساعي الداخلية والدعوات الخارجية ما زالت تصطدم بسياسة المتاريس المرفوعة ومعركة عض الاصابع المستمرة بين بعبدا وبيت الوسط.
فالرئيس عون مشدود الى خوض معركة التدقيق الجنائي كجزء من ادوات المواجهة مع خصومه منتظرا تبديلا او تراجعا ما في موقف رئيس الحكومة المكلف للظفر بمعركة الحكومة. والرئيس الحريري يواصل زياراته الى الدول المؤثرة لتعزيز موقعه في الخارج واستثماره في الداخل ولفتح افاق نجاح حكومته الموعودة.
مشهد دراماتيكي مقرون بالكارثة التي يتخبط فيها لبنان، بحيث بتنا نحتاج الى منجمين لاستشراف مسيرة الحكومة المنتظرة منذ شهور طويلة…
وفي المعلومات المتوافرة للديار امس ان عملية تدوير الزوايا التي قام ويقوم بها الرئيس بري بدعم من حزب الله والنائب جنبلاط لم تنجح بعد بسبب تعنت عون والحريري ورمي كل طرف المسؤولية على الآخر.
وتضيف المعلومات ان بري كان قد تمكن بالتعاون مع الحزب من انتزاع موافقة الرجلين على تشكيلة ال٢٤ التي قيل انها تسهل اكثر تجنب الثلث المعطل، لكن الخلاف على تسمية الوزيرين المسيحيين الاضافيين ابقى التعقيدات في وجه حسم التشكيلة.
وقال مصدر مطلع للديار ان ما حصل مؤخرا يؤكد ان المسألة ليست مسألة ارقام وحقائب ، على اهميتها ، بقدر ما هي ازمة ثقة بين عون والحريري وامتدادا بين الحريري وجبران باسيل الذي يعتبر ان استبعاده من التفاوض المباشر هو جزء من سيناريو اضعافه سياسيا وشعبيا.
وحسب المعلومات فقد اكد بري امام زواره امس انه مستمر في جهوده لان البلاد بحاجة لحكومة بأسرع وقت، لكنه لم يخف قلقه الشديد من استمرار الازمة الحكومية منذ ٨ اشهر ومن تداعياتها الخطرة على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والمالي والتي تهدد بمزيد من الفوضى وغرق البلاد خصوصا مع تبخر الدعم في غضون شهر او شهر ونصف .
زيارة هيل
في هذا الوقت، جاءت امس زيارة مساعد وزير الخارجية الاميركي للشؤون السياسية ديفيد هيل للبنان وجولته المكثفة على الرؤساء والقيادات اللبنانية بتكليف من وزير الخارجية في الادارة الاميركية الجديدة بلينكن.
وحرص هيل على الاعلان عن ان زيارته هي بتكليف من بلينكن ليعكس اهميتها في اطلالة اولى مباشرة لادارة الرئيس بايدن على الملف اللبناني، وفي اشارة الى ان هذه الادارة ليست منصرفة عن الوضع اللبناني انما هي راغبة في متابعته باهتمام من منظارها وتقويمه للموقف في لبنان.
وحسب مصدر مطلع شارك في احد اللقاءات التي اجراها هيل ل”الديار” فان المسؤول الاميركي ركز على مواضيع عديدة ابرزها الوضع الحكومي، وقضية المفاوضات حول الحدود البحرية، والاصلاحات المطلوبة، والوضع جنوبا.
واضاف المصدر ان هيل ابلغ المسؤولين اللبنانيين موقفا مشابها للموقف الفرنسي لجهة ضرورة ان يساعد اللبنانيون انفسهم من خلال التعاون والتنازل عن الشروط والشروط المضادة لانتاج حكومة تنصرف الى تحقيق الاصلاحات التي ينشدها الشعب اللبناني.
وقال هيل خلال لقائه احد المسؤولين اللبنانيين ان العالم يتطلع ويريد شريكا لبنانيا للتعاون معه من اجل مساعدة لبنان واخراجه من ازمته، وان هذا الشريك يكون بتاليف حكومة جديدة تضع الاصلاحات الحقيقية وتنطلق في عملها الداخلي والخارجي.
ولم يتطرق او يتحدث عن اي شروط اميركية معينة بشأن التشكيلة الحكومية، كما انه لم يتحدث عن اجراءات او عقوبات اميركية لكنه ركز على تحمل المسؤولين اللبنانيين مسؤولياتهم لانتاج الحكومة في أسرع وقت.
وفي البيان الذي ادلى به بعد لقائه الرئيس بري في عين التينة قال هيل:” ان اميركا والمجتمع الدولي مستعدان للمساعدة لكن لا يمكننا ان نغعل شيئا ذا مغزى دون الشريك اللبناني. وحان الوقت لكي ندعو القادة اللبنانيين الى ابداء المرونة الكافية لتشكيل حكومة راغبة وقادرة على الاصلاح الحقيقي والاساسي. هذا هو السبيل الوحيد للخروج من هذه الازمة، كما انها ليست سوى خطوة اولى وستكون هناك حاجة الى تحقيق تعاون مستدام اذا كنا سنرى اعتماد وتنفيذ اصلاحات شفافة.”
واعرب عن بالغ قلق اميركا وشركائها الدوليين ازاء الفشل الحاصل هنا في اطلاق برنامج الاصلاح الحاسم الذي طالب به الشعب اللبناني.”
ورأى انه على الرغم من الاجماع الواسع النطاق الذي سمعه من القادة اللبنانيين منذ كانون الاول عام ٢٠١٩ وفي اب ٢٠٢٠ حول الحاجة لتنفيذ الاصلاحات المالية والاقتصادية وحوكمة رشيدة فانه لم يحرز حتى الآن سوى تقدم ضئيل جدا.
وفي دردشة مع الاعلاميين عكس وزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال شربل وهبة اجواء لقائه مع هيل، فاشار الى ان لبنان لا يزال ضمن اهتمامات الولايات المتحدة، وان المسؤول الاميركي شدد على ان واشنطن تعتبر الجيش اللبناني صديقا ، وانه اكد على اهمية الاستقرار في الجنوب وتعاون الجيش مع اليونيفيل وتنفيذ قرار ١٧٠١.
اما في شان الحدود البحرية فقد اعرب هيل عن انه يعتبر من الافضل العودة الى المفاوضات كما كانت في كانون الاول الماضي ، مؤكدا استمرار رغبة واشنطن في تأدية دورها التفاوضي.
وزار هيل امس كلا من : الرئيس بري، الرئيس الحريري، الوزير وهبة، رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، واستضافه الرئيس نجيب ميقاتي الى افطار رمضاني.
ويزور اليوم الرئيس عون، والرئيس دياب، وعددا من القيادات السياسية .
وكان عون اكد امس امام كبير المستشارين في وزارة الدفاع البريطانية ان تحقيق الاصلاحات ومتابعة التدقيق المالي الجنائي ستكون اولى مهام الحكومة الجديدة لانها تعيد الثقة الدولية بلبنان .
زيارة الحريري لموسكو
على صعيد آخر، يجري الرئيس الحريري اليوم سلسلة لقاءات في موسكو مع القيادة الروسية حيث يلتقي الرئيس فلاديمير بوتين، ورئيس الوزراء ووزير الخارجية ومسؤولين آخرين. وينتظر ان يتركز البحث حول شقين : الوضع السياسي في لبنات لا سيما الموضوع الحكومي، والوضع الاقتصادي والتعاون بين لبنان وروسيا في شتى المجالات بعد تشكيل الحكومة.
ومن شأن هذه الزيارة واللقاءات الرفيعة التي سيجريها ان تعزز كسب الحريري لدعم روسيا التي اخذت مؤخرا تعزز اهتمامها بزيادة وتفعيل دورها تجاه لبنان.
ونقلت “ سبوتنيك “ الروسية عن مستشار الحريري في موسكو جورج شعبان انه سيطلب من روسيا استخدام وزنها السياسي للمساعدة في الخروج من المأزق السياسي اللبناني.
كما نقلت وكالة روسية اخرى عنه ان الحريري يعتزم ايضا ان يطلب مساعدة روسية في مجال ترميم مرفأ بيروت وبناء محطات توليد كهرباء.
وقالت مصادر الحريري للديار مساء امس ان الزيارة تندرج في اطار الزيارات التي قام ويقوم بها لعدد من الدول العربية والاجنبية في اطار توفير وتعزيز التعاون مع لبنان في مرحلة النهوض بعد تشكيل الحكومة. ويتطرق البحث الى شأن تأمين اللقاحات ضد كورونا.
وردا على سؤال حول ما آلت اليه المساعي الحكومية اكتفت المصادر بالقول انه لم يسجل اي جديد، وان الوضع على حاله.
ومن المقرر ان يقوم الحريري بزيارة ليومين الاسبوع المقبل الى الفاتيكان يلتقي خلالها قداسة البابا وكبار المسؤولين في الفاتيكان.
ويتوقع ايضا ان يزور في العاصمة الايطالية عددا من المسؤولين الايطاليين.
مرسوم الحدود البحرية
من جهة اخرى بقي موضوع مرسوم الحدود البحرية يتفاعل على وقع التفسيرات الدستورية والحسابات السياسية، لا سيما بعد مفاجأة الرئيس عون بعدم التوقيع عليه ورمي الكرة في مرمى مجلس الوزراء استنادا لرأي هيئة الاستشارات والقضايا .
ويعني ذلك ان رئيس الجمهورية ينتظر من رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب دعوة مجلس الوزراء الى جلسة استثنائية لهذه الغاية من اجل اقرار وتوقيع المرسوم مثلما حصل في عهد حكومة الرئيس ميقاتي المستقيلة عندما اجتمعت استثنائيا لتعيين رئيس واعضاء لجنة الاشراف على الانتخابات النيابية.
لكن الرئيس دياب لا يبدو انه سيقدم على هذه الخطوة، ما يطرح علامات استفهام حول مصير المرسوم الذي شغل المسؤولين مؤخرا.
ونقلت وكالة الانباء المركزية عن مصادر مقربة من بعبدا امس ان المسار الذي سلكه الرئيس عون استند الى الدراسات في هذا الشأن والى الجانب الدستوري ولم يصدر عن الرئيس اي رفض او انكار لاتفاق الاطار (الذي توصل اليه رئيس المجلس واعلنه بعد عشر سنوات من المفاوضات ) ولم يكن هناك اي تشكيك في ما انجزه الرئيس بري لا بل تم بناء عليه.
واضافت ان مشروع تعديل المرسوم ٦٤٣٣ يتعلق بترسيم الحدود. وعليه استند رئيس الجمهورية الى مسألتين اساسيتين : ان المرسوم تضمن شرطا مفاده ان يجري اقراره من مجلس الوزراء وقد وقع عليه الوزراء ورئيس الحكومة وهذا ينسجم مع رأي هيئة التشريع في ١٧ شباط الماضي، الامر الذي لم يحصل. وهذا ما استدعى الرئيس عون الى التمهل بالتوقيع عليه واعادته الى الامانة العامة لمجلس الوزراء مصحوبا برسالة واضحة مفادها ضرورة عقد جلسة لمجلس الوزراء لاقراره .
وعلم ان عون اتصل بدياب لهذه الغاية.
والمعلوم ان تعديل المرسوم ٦٤٣٣ ينص على ان للبنان في هذه المنطقة التي يجري التفاوض حولها بناء لدراسات الجيش والخبراء ١٤٣٠ كيلومترا.
وفي المجال نفسه عقد رئيس كتلة الجمهورية القوية النائب جورج عدوان مؤتمرا صحافيا ايد فيه تعديل المرسوم مشيدا بجهود الجيش، وطالب ألرئيس دياب بالدعوة الى جلسة استثنائية للحكومة لاقراره. وفي حال لم يجتمع مجلس الوزراء قبل الاسبوع المقبل دعا عدوان الرئيس عون الى توقيع المرسوم مؤكدا انه يحفظ حقوق لبنان ويقوي موقفه التفاوضي ويمنع مضي اسرائيل في الافادك من بئر الغاز في المنطقة المتنازع عليها.
سلامة يستعجل الحكومة
حسم تصور الدعم وفي ظل المراوحة بالشأن الحكومي تشهد الاوضاع المعيشية والمالية والاقتصادية مزيدا من التدهور والفوضى في غياب اي اجراءات وكوابح للفلتان الحاصل اكان على صعيد جنون الاسعار ام على صعيد ارتفاع سعر الدولار من دون حسيب او رقيب.
وادى تهافت المواطنين على الحصص الغذائية التي كانت توزعها احدى الجمعيات في طرابلس الى اشكال ذهب ضحيته احد المتطوعين كريم محي الدين . وحصل اشكال على الزيت المدعوم في احد المحلات التجارية الكبرى في ضبيه ادى الى اضرار مادية قبل تدخل القوى الامنية.
وفي الشأن المتصل بالدعم طالب حاكم مصرف لبنان رياض سلام الحكومة في رسالة لوزير المال غازي وزنة بالحاح وضع تصور لسياسة الدعم التي نريدها حفاظا على احتياطي مصرف لبنان وتجنبا للدعاوى التي لوحت بها نقابة المحامين نتيجة اساءة الائتمان والتصرف باموال المودعين.
ونبه الى ان عدم تقدم الحكومة بأي سياسة لترشيد الدعم يؤثر في احتياطي المصرف، مطالبا باجوبة سريعة.
وحسب مصادر مطلعة للديار فان الرئيس دياب ما زال على موقفه لجهة تجنب كأس رفع الدعم المرة، وان كان ابلغ الانتظار الى الشهر المقبل مشددا في الوقت نفسه على وجوب حسم تاليف الحكومة الجديدة.
وكان سلامة زار امس الرئيس بري وعرض معه لهذا الموضوع وموضوع المنصة التي سيطلقها المصرف المركزي غدا للصرافة في المصارف من اجل تحديد سعر رسمي في السوق وضبطها، والتي ستساهم في تخفيض سعر الدولار الى ما دون العشرة الالاف ليرة حسب التقديرات.
وسجل الدولار امس تراجعا محدودا الى ١٢١٥٠ ليرة .
من جهة اخرى، اصدر قاضي التحقيق الاول في جبل لبنان نقولا منصور امس قرارا قضى بالحجز على ممتلكات نقيب الصرافين السابق محمود حلاوي على خلفية مخالفاته قانون الصرافة وعمليات مضاربة وتلاعب بسعر الليرة.
*******************************************************************
افتتاحية صحيفة الشرق
هيل يجول … اليوم سأقول كل شيء
أبدى وكيل وزارة الخارجية الاميركية دايفيد هيل قلق الولايات المتحدة وحلفائها من فشل الساسة اللبنانيين في إطلاق برنامج الإصلاح الحاسم الذي طالما طالب به الشعب اللبناني. واكد ثقة واشنطن بالجيش ودعمه والتزام أميركا بالشعب اللبناني. ودعا القادة اللبنانيين إلى إبداء المرونة الكافية لتشكيل حكومة راغبة وقادرة على الإصلاح الحقيقي والأساسي.
عشية مغادرة منصبه في وزارة الخارجية الأميركية، جال وكيلها دايفيد هيل على كبار المسؤولين وقادة الأحزاب بهدف إجراء محادثات حول ملف التشكيل.
في عين التينة: وفي هذا الإطار، زار هيل برفقة سفيرة الولايات المتحدة دوروثي شيا، مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، حيث التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري وقال بعد اللقاء: «التقيت للتو رئيس مجلس النواب للبحث في الأحداث الجارية، أنا في لبنان اليوم بناء على طلبِ الوزير انطوني بلينكن لمناقشة الأزمة السياسية والاقتصادية المؤلمة التي تواجه لبنان ولإعادة التأكيد على التزام أميركا بالشعب اللبناني».
أضاف: «إن أميركا وشركاءها الدوليين قلقون للغاية ازاء الفشل الحاصل هنا في إطلاق برنامج الإصلاح الحاسم الذي طالما طالب به الشعب اللبناني. لقد قمت بزيارة لبنان في كانون الأول من العام 2019 ومرة أخرى في آب من العام 2020، وسمعت آنذاك إجماعا واسع النطاق بين القادة اللبنانيين حول الحاجة، التي طال انتظارها، إلى تنفيذ إصلاحات مالية واقتصادية وحوكمة رشيدة، انما حتى اليوم لم يحرز سوى تقدم ضئيل جدا. وفي الوقت نفسه، يعاني ملايين اللبنانيين إضافة الى الجائحة، من مصاعب اقتصادية واجتماعية. إنه تتويج لعقود من سوء الإدارة والفساد وفشل القادة اللبنانيين في وضع مصالح البلاد في المقام الأول. سيكون لدي المزيد لأقوله عند اختتام اجتماعاتي، ولكن رسالتي خلال اجتماعات اليوم هي بكل بساطة: إن أميركا والمجتمع الدولي مستعدان للمساعدة، ولكن لا يمكننا أن نفعل شيئا ذا مغزى دون الشريك اللبناني».
وختم: «حان الوقت لكي ندعو القادة اللبنانيين إلى إبداء المرونة الكافية لتشكيل حكومة راغبة وقادرة على الإصلاح الحقيقي والأساسي، هذا هو السبيل الوحيد للخروج من هذه الأزمة. كما أنها ليست سوى خطوة أولى وستكون هناك حاجة الى تحقيق تعاون مستدام إذا كنا سنرى اعتماد وتنفيذ إصلاحات شفافة». لا بدّ من التعاون إذا أردنا أن تُنفّذ الإصلاحات، لأننا وحلفاءنا قلقون من فشل الساسة اللبنانيين لإجراء إصلاحات.
وأضاف: اليوم لم يتم إحراز أي تقدم في حين يعيش اللبنانيون معاناة اقتصادية، وعلى القادة اللبنانيين أن يقوموا بتشكيل حكومة قادرة على إجراء الإصلاحات.
في بيت الوسط: وفي الثانية من بعد الظهر زار هيل برفقة السفيرة الأميركية، بيت الوسط، حيث التقى الرئيس المكلف سعد الحريري، في حضور الوزير السابق غطاس خوري والمستشار باسم الشاب وتم عرض آخر المستجدات السياسية في لبنان والمنطقة والعلاقات الثنائية بين البلدين.
في الخارجية: وكان هيل استهل لقاءاته بزيارة قصر بسترس، حيث استقبله وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبة، وغادر من دون الادلاء بأي تصريح.
وعلق الوزير وهبة علي عدم توقيع الرئيس عون على تعديل مرسوم ترسيم الحدود البحريّة تزامناً مع زيارة هيل فقال وزير : رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لا يقدّم هدايا على حساب مصالح لبنان، واعلن ان هيل سيبحث الترسيم مفصلا غدا مع عون ورئيس الحكومة.
في كليمنصو
كذلك زار هيل برفقة شيا ، كليمنصو، حيث التقى رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط في حضور النائبين السابقين غازي العريضي ومروان حمادة وتم عرض مختلف الأوضاع العامة والتطورات السياسية.
واستبقى جنبلاط الحضور الى مائدة الغداء.
وفي وقت سيتابع مساعد وزير الخارجية الأميركية للشؤون السياسية لقاءاته، أفادت المعلومات ان هيل لن يلتقي رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل.
كما زار هيل ترافقه شيا قائد الجيش العماد جوزاف عون في مكتبه في اليرزة وجرى البحث في الأوضاع العامة في البلاد.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :