افتتاحيات الصحف المحلية ليوم الاثنين 12 نيسان 2021

افتتاحيات الصحف المحلية ليوم الاثنين 12 نيسان 2021

 

Telegram

 

افتتاحية صحيفة البناء :

 

هيل في زيارة وداعيّة بلا مهام… ‏ومرسوم الترسيم يحسم غداً… وبدائل ‏للنقاش الراعي: التدقيق بعد الحكومة… ‏وقاسم: نحن جزء من الحل الحكوميّ ‏بتدوير الزوايا / الحسنيّة يحشد القوميّين ‏للاستفتاء الرئاسيّ: وراء الأسد في ‏مواجهة الاحتلال والإرهاب‎ ‎

 

 بين مرسوم الترسيم للحدود البحرية، ومشروع التدقيق الجنائي، وتعقيدات المسار الحكوميّ، ‏يصل معاون وزير الخارجية الأميركية ديفيد هيل قبل مغادرة منصبه في زيارة وصفتها ‏مصادر أميركيّة إعلاميّة بالوداعيّة الخالية من أي مهام دبلوماسية، سواء في ملف ترسيم ‏الحدود البحرية، أو في ملف تشكيل الحكومة، ولو تداول مع مَن يزورهم في هذه الملفات ‏فمن باب التحضير لانتقاله إلى أحد مراكز الدراسات وسعيه لتأمين مصادر معلومات تغذّي ‏عمله الجديد، وهذا تقليد يحرص عليه الدبلوماسيون الأميركيون وهم يغادرون مناصبهم، ‏وتسمح بها الإدارة لموظفيها، على قاعدة أنتم اليوم ونحن غداً‎.‎


مرسوم الترسيم الجوال الذي حطّ عند وزير الأشغال ميشال نجار، قبل أن يعود الى رئيس ‏حكومة تصريف الأعمال حسان دياب موقعاً ليقوم بتوقيعه، ويرسله الى رئاسة الجمهورية ‏لإنجازه وإصداره، شكّل موضوع نقاش في كواليس السياسة، حيث الاندفاعة نحو التوقيع بما ‏تحمله من صون لحقوق لبنان وفق الخرائط الجديدة التي أعدّتها قيادة الجيش اللبناني، ‏وقطعاً للطريق على قيام كيان الاحتلال بالتنقيب داخل الحدود التي ترسمها هذه الخرائط، ‏يقابلها تساؤل عما إذا كان صدور المرسوم في قلب المرحلة التفاوضيّة يعني نهايتها، وعما ‏إذا كان التفاوض بعد صدوره وما قد يؤدي إليه من تعديل يشكل انكساراً معنوياً يجب ‏تفاديه، وإحراجاً للمقاومة التي تعهدت بحماية الخط السيادي الذي تعتمده الدولة اللبنانية، ‏لتبني الخط الموضع بموجب المرسوم أم الذي تنتهي إليه المفاوضات، ما طرح في التداول ‏بدائل من نوع استبدال المرسوم بقرار حكوميّ يوقعه رئيسا الجمهورية وحكومة تصريف ‏الأعمال يفوّض وزير الخارجية بمراسلة الأمين العام للأمم المتحدة بتجميد لبنان العمل ‏بالإحداثيات الواردة في مراسلته السابقة لترسيم الحدود البحرية واعتماده خرائط أقرها ‏الخبراء اللبنانيون بالاستناد إلى القانون الدولي، طالباً من الأمين العام تقديم المؤازرة التقنية ‏للبنان لتدقيق الخرائط المرفقة ومطابقتها للقوانين الدوليّة من جهة، وتحذير كيان الاحتلال من ‏أي تنقيب داخل الحدود المتضمنة في الخرائط الجديدة، قبل البتّ بالحدود النهائية عبر ‏المفاوضات، أو إعلان فشل المفاوضات واعتماد لبنان خرائط نهائيّة وتوثيقها من قبل الأمم ‏المتحدة، ويعتبر أصحاب هذا البديل أنه يحقق الغرضين، بصون الحقوق ودعم الوفد ‏المفاوض ومنع الاحتلال من التنقيب داخل الحدود التي ترسمها الخرائط الجديدة، ويبقي ‏للتفاوض سقوفاً متاحة، ويتفادى منح الاحتلال فرصة الظهور كمنتصر عند أي تعديل ‏تفاوضي للخرائط، كما يتفادى إحراج المقاومة بسقوف تعهدها بحماية الحدود السيادية‎.‎


في الشأن الحكومي، كلام واضح لنائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، يؤكد أن ‏أسباب التعطيل لا تزال بالعقد الداخلية، وأن حزب الله ضمن الساعين للحلحلة، والعاملين ‏على تدوير الزوايا، مشدداً على الحاجة لتقديم التنازلات من المعنيين الرئيسيين بتشكيل ‏الحكومة، أي رئيس الجمهورية والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة‎.‎
في سورية يواصل رئيس الحزب السوري القومي جولاته الحزبيّة عشيّة التحضيرات الجارية ‏في المحافظات السورية للاستفتاء الرئاسي، التي يشارك فيها القوميّون تحت عنوان الدعوة ‏للوقوف وراء الرئيس بشار الأسد بكل قوة والدعوة للمشاركة بكثافة في الاستفتاء، للقول ‏نعم للأسد في مواجهة الإرهاب والاحتلال‎.‎


أشار رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي وائل الحسنية، إلى أن الحرب الإرهابيّة الكونيّة ‏على سورية لم تنته بعد، وأنّ التركي والأميركي يواصلان الحرب من خلال الاحتلال المباشر ‏لأراضٍ سورية ودعم الإرهاب. إضافة إلى الحصار الاقتصادي المفروض على السوريين، ‏والذي يشكل انتهاكاً للحقوق والقيم الإنسانيّة‎.‎


رئيس الحزب أكد خلال اجتماعات عقدها مع مسؤولين ورفقاء في نطاق منفذيات اللاذقية ‏وصافيتا والحصن بأن حلقات المؤامرة تتفكّك الواحدة تلو الأخرى، وأن ساعة الهزيمة النهائيّة ‏لمحور الإرهاب قد دنت، لأنه بعد هزيمة الإرهاب فإن سورية تخوض معركة تثبيت السيادة ‏على أراضيها وطرد المحتل الأميركيّ والتركيّ وأدواتهما، وأكد التمسك بخيار الصبر والثبات ‏والصمود والمقاومة في هذه المعركة المصيرية والوجودية‎.‎


وقال الحسنية:
نحن نؤمن بقضيّة عظيمة تساوي وجود كل فرد منا، وعلى هذا الإيمان ثابتون ‏راسخون، وبالإرادة المصمّمة مستمرون حركة نهضة وصراع ومقاومة‎.‎


في غضون ذلك يحطّ وكيل وزارة الخارجية ديفيد هيل في بيروت اليوم من ضمن جولة ‏تشمل عدداً من دول المنطقة. وتشير معلومات البناء الى أن محادثات هيل ستركز على ملف ‏ترسيم الحدود البحرية بين لبنان والعدو الإسرائيلي لا سيما أن الولايات المتحدة تنطلق في ‏وساطتها على التفاوض على اساس اتفاق الإطار، في حين ان رئيس الجمهورية العماد ‏ميشال عون متمسك حتى الساعة بالمرسوم الذي حدّدته قيادة الجيش 2290 كيلومتراً مربعاً ‏والذي وقعته وزير الدفاع الوطني زينة عكر وينتظر أن يوقعه وزير الاشغال العامة ميشال ‏نجار تمهيداً لتوقيعه من قبل رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب. وأشارت المصادر ‏الى ان زيارة هيل تأتي في سباق الضغط على المعنيين في لبنان من اجل عدم توقيع ‏المرسوم، وبالتالي هذا يعني في حال حصل الرضوخ للضغوط الأميركية، والعودة الى اتفاق ‏الإطار او خط هوف‎.‎


وفيما تبرز خلافات حول توقيع المرسوم من عدمه، ترى مصادر مطلعة لـ "البناء" الى ان ‏اتفاق الإطار أُنجز وفق قاعدة التفاوض على مساحة الـ 860 كيلومتراً مربعاً في البحر، ‏وبالتالي فإن المطالبة بمساحة 1430 كيلومتراً مربعاً إضافية دونها عقبات، وبالتالي فإن ‏التراجع عنها سيضع لبنان في موقع المتنازل عن حقوقه فضلاً عن أن "إسرائيل" سوف تقابل ‏ذلك بالتمسك بخط 310 والذي يعني الوصول الى البلوكات 5 و8 و9 و10‏‎.‎


على الخط الحكوميّ، كل المؤشرات تدل على أن لا حكومة في المدى المنظور فلا يمكن ‏ضرب أية مواعيد حيال ولادة الحكومة، فكل الاتصالات المحلية على خط تشكيل الحكومة لا ‏تزال تراوح مكانها، ولفتت مصادر متابعة للاتصالات الجارية الى ان الأمور لم تحل بعد وأن ‏أفكار الرئيس نبيه بري التي طرحها لا تزال تنتظر الموافقة عليها من دون أية شروط من ‏المعنيين في التأليف، علماً ان المصادر نفسها رأت أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ‏كان واضحاً في إطلالته عندما ركز على التدقيق الجنائي واستبعد الملف الحكوميّ، وكذلك ‏الأمر خلال لقائه الوزير المصري سامح شكري الأمر الذي يطرح الكثير من علامات الاستفهام ‏حول مصير الحكومة في ظل الكباش الحاصل بين الرئيس عون والرئيس المكلف سعد ‏الحريري حول التدقيق الجنائي‎.‎


وفي موقف يحمل في طياته رفضاً لطرح الرئيس عون بتقديم التدقيق الجنائي على تأليف ‏الحكومة أشار البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي الى أن جِدّيةَ طرح التدقيق الجنائي ‏هي بشموليّتِه المتوازية لا بانتقائيّته المقصودة. وأصلًا، لا تدقيق جنائيّا قبل تأليف حكومة، ‏مشدداً على أن حريّاً بجميعِ المعنيٍّين بموضوعِ الحكومة أن يَكُفّوا عن هذا التعطيل من خلال ‏اختلاق أعراف ميثاقيّة واجتهادات دُستوريّة وصلاحيّات مجازيّة وشروط عبثيّة، وكلُّ ذلك ‏لتغطيةِ العُقدةِ الأمّ وهي أن البعضَ قدّمَ لبنانَ رهينةً في الصراعِ الإقليميّ/الدوليّ‎.‎
ورداً على الهجوم الذي تعرّض له العهد، باعتبار انه يعطي الأولوية للتدقيق الجنائي على ‏حساب الحكومة، غرّد الرئيس عون عبر حسابه على تويتر: "الفاسدون يخشون التدقيق ‏الجنائي، أما الأبرياء فيفرحون به‎".‎

‎واعتبر مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور أن ‏لبنان لا يمكنه أن ينتشل نفسه من الأزمة الاقتصادية من دون حكومة جديدة تجري تغييرات ‏وتطلق إصلاحات تأخرت كثيراً‎.‎
وأشار الى انه لا يمكن أن يحدث تغيير في الاتجاه بالقطعة، ويتطلب الأمر توجهاً شاملاً‎.‎
وتابع مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في الصندوق أن الإصلاحات ينبغي أن تركز ‏على القطاع المالي والميزانيّة والحوكمة والفساد والمرافق الخاسرة التي ساهمت في ارتفاع ‏الدين‎.‎


على خط أزمة المحروقات، فإن أزمة البنزين تتجه نحو الحلحلة وأكد ممثل موزعي المحروقات ‏في لبنان فادي أبو شقرا أنه أجرى اتصالات مع بعض أصحاب الشركات المستوردة، الذين ‏أكدوا أنهم "سيوزعون اليوم مادة البنزين على الاسواق اللبنانية، وستحل أزمة المحروقات ‏جزئياً‎".‎


وفي هذا الإطار لم يتضح بعد سبب تأجيل زيارة الرئيس دياب والوفد الوزاري المرافق الى ‏العراق، وفيما وجهت أصابع الاتهام الى جهات سياسية داخلية بعرقلة الزيارة اتهمت مصادر ‏اخرى الولايات المتحدة الاميركية بالضغط على الحكومة العراقية لإلغاء الزيارة في إطار إبقاء ‏لبنان تحت الضغط والحؤول دون مده بأي شريان اوكسجين يخفف الضغط عنه ويعالج بعض ‏أزماته لا سيما أزمة المحروقات التي تشمل معظم الأزمات الأخرى وتشكل فاتورة الاستيراد ‏النفطية كلفة كبيرة على الخزينة اللبنانية ومصرف لبنان بالعملات الاجنبية. فيما أفادت ‏مصادر مقرّبة من دياب ان الزيارة لم تلغ وستحصل في نهاية الشهر الحالي‎.‎


قاسم
اعتبر نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أن "العرقلة في المسار الحكوميّ داخلية ‏بنسبة 90% ولا أحد يصور لنا غير ذلك، وتشكيل الحكومة الآن في مرحلة تدوير الزوايا وإيجاد ‏بعض الثقة بين الجهات وبعض التنازل وإذا لم يحصل ذلك فمن الصعب التشكيل"، وتابع: ‏‏"هناك مشكلة أن الأولوية بالتشكيل هي للاستثمار السياسي والطائفي على حساب وجع ‏الناس على الرغم من أن وجع الناس هو الأساس. وأعتقد أن تأثير الخارج ليس كبيراً، وبالنسبة ‏لهم لبنان ليس أكثر من محل لإيواء النازحين السوريين وإبقاء لبنان على جهاز التنفس ‏الاصطناعي، ونحن نلوم الداخل ونطلب أن يتم التنازل‎".‎


وتابع الشيخ قاسم: "نحن في حزب الله عملنا مع عدة جهات على مقترحات وحصل تقريب ‏وجهات نظر وبقيت عدة قضايا ولكن عض الأصابع لا ينفع، لأننا سنقف أمام تصلب يؤثر سلباً ‏على اللبنانيين، ونحن جزء ممن سعوا ولا زلنا نسعى لتقريب وجهات النظر وتخفيف الاحتقان ‏والإقناع بأن التنازل هو أمر لمصلحة البلد، ولا نستطيع أن نقول إن إنجاز الحكومة سيكون ‏قريبا أو لا لأنه مرتبط بتقارب جانبي تشكيل الحكومة، ويجب تخفيض بعض الشروط ‏الموضوعة من الجانبين ويجب أن تكون هناك مرونة أكثر‎".‎
وشدد نائب الأمين العام لحزب الله، على أن "حزب الله يستطيع التكلم مع المعنيين بالشأن ‏الحكومي وتقريب وجهات النظر، ولكننا لا نستطيع أن نفرض على أحد أن يقوم بأي أمر ما، ‏وحتى حلفاءنا، فمن نحن حتى نلزم أحداً بموقف معين؟ نحن جزء من الحكومة وعامل مساعد، ‏وقوتنا تستخدم في مواجهة "إسرائيل" وحماية لبنان أما قوتنا السياسية فهي بتمثيلنا في ‏المجلس النيابي وتحالفاتنا ولا نفرض شروطاً على أحد، نحن لا يمكننا أن نيأس لأنه لا يجوز أن ‏يترك البلد على الإطلاق‎".‎
‎ ‎

************************************************************************

 

افتتاحية صحيفة الأخبار :

 

البطريرك يغطّي تحالف السلطة والمال: أجِّلوا التدقيق الجنائي‎!‎ الراعي يتقدّم حزب المصرف: أجِّلوا التدقيق الجنائي! عون: الفاسدون يخشون التدقيق

 

يستسيغ البطريرك بشارة الراعي أن يأتيه المديح من عرب التطبيع. يعيد ويكرر أن حياده صار على الأبواب. يتحمّس ‏فيقول ما يُضمر. ليس الناس هم من يهتم لهم "الراعي الصالح" بل من جوّعهم. تماماً كسعد الحريري يتصرف ‏البطريرك. يزايد عليه في تبنّي مطالب الثورة ثم يحمي رياض سلامة. يزايد عليه بالتمسك بالمبادرة الفرنسية ثم يتخلى ‏عن أول بنودها. هذه المرة، حان دور التدقيق الجنائي: "سيدنا" ليس مرتاحاً لهذا التدقيق، ولذلك وجب إنهاؤه، أو على ‏الأقل تأجيله، إلى حين وصول سعد الحريري إلى رئاسة الحكومة. هذا تماماً ما يريده الحريري أيضاً‎. ‎يصدف أن التقت ‏الأهداف‎



خذوا الإشارة الأوضح من فم البطريرك بشارة الراعي. بدلاً من اللف والدوران وعرقلة التدقيق الجنائي كل يوم ‏بهذه الحجة أو تلك من قبل جيش المتضررين الخائفين من فضح أنفسهم، حسمها الراعي بعدم جواز التدقيق في ‏حسابات مصرف لبنان قبل تأليف الحكومة. هكذا ببساطة، قرّر الراعي مجدداً قلب الطاولة في وجه رئيس ‏الجمهورية الذي "يخوض" حرب التدقيق في حسابات مصرف لبنان بوصفها "معركة تحرر" لا بد منها لمعرفة ‏سارقي أموال الناس وفضحهم‎.


الراعي الذي يرفع الصوت مطالباً بتأليف الحكومة، لم يعد يوارب في إعلان انتمائه السياسي، فلا يتردد في تحميل ‏مسؤولية عرقلة التأليف للرئيس ميشال عون وحزب الله. وحتى لو اعتبر، من موقع "الحياد"، أنه "حريّ بجميع ‏المعنيين بموضوع الحكومة أنْ يكُفّوا عن هذا التعطيل"، إلا أنه سرعان ما يصوّب سهامه في اتجاه واحد، داعياً ‏إلى الكفّ عن "اختلاق أعراف ميثاقية واجتهادات دُستورية وصلاحيات مجازية وشروط عبثية، وكل ذلك ‏لتغطية العُقدة الأم، وهي أن البعض قدّم لبنان رهينةً في الصراع الإقليمي/الدولي". على المنوال نفسه غزل المفتي ‏عبد اللطيف دريان في رسالته بمناسبة بداية شهر رمضان المبارك، معتبراً أن "هناك أيادي خبيثة تعمل في ‏الخفاء على عرقلة الجهود العربية الشقيقة المشكورة، وعلى إفشال المبادرة الفرنسية، وتحاول القيام بعملية ابتزاز ‏سياسي لا مثيل له‏‎".


هذا التموضع الذي يزداد وضوحاً، لا يستوي، بالنسبة إلى الراعي ورعاته الإقليميين والدوليين، من دون دعم ‏واضح لرياض سلامة. وللتذكير، فإن البطريرك سبق أن رمى الغطاء الكنسي على سلامة، معلناً، قبيل انطلاق ‏انتفاضة 17 تشرين الأول، رفضه القاطع المسّ به، لأن هذا الأمر سيسرّع الانهيار، داعياً إلى الإصلاح بدل ‏التلهّي بشنّ هجمات على من يعمل لخدمة بلده و"زرع الطمأنينة لسنوات‎".‎

بعد مرور عامين، لم ينتبه الراعي المشغول بالحياد إلى أن الطمأنينة كانت وهماً، وأن من زرعها كشف عن ‏وجهه. نيافة الكاردينال: من تحميه ومن جعلك تصدق أن الليرة بخير، سرق أموال الناس وخان الأمانة وفشل في ‏حماية النقد. لكن مع ذلك، اكتشف الراعي أن "جدية طرح التدقيق الجنائي هي بشموليته المتوازية لا بانتقائيته ‏المقصودة". وهذا قول حتى "حركة أمل" لم تقله. علي حسن خليل نفسه عندما تحدث منذ يومين عن التدقيق ‏الجنائي، أقرّ، في معرض إصراره على التوازي، بأن يبدأ التدقيق في مصرف لبنان. لكن الراعي عاد وجلّس ‏خطابه، قائلاً: "أصلاً، لا تدقيق جنائياً قبل تأليف حكومة". هذا الموقف "التاريخي" ردّ عليه رئيس الجمهورية ‏العماد ميشال عون مساء أمس بجملة مقتضبة عبر صفحته على "تويتر"، من دون أن يسمّي البطريرك. قال ‏عون: "الفاسدون يخشون التدقيق الجنائي، أما الأبرياء فيفرحون به". وهو بذلك، شمل الراعي في بوتقة الفاسدين ‏الساعين إلى تطيير التدقيق - بداية الحل الذي لا يمكن لحريص على أموال الناس وتعبهم أن يرفضه‎.


وفي السياق نفسه، اعتبر نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أن "التدقيق المالي الجنائي هو موضوع ‏منفصل عن ملف التشكيل". وقال، في مقابلة عبر "المنار"، إن "الحكومة السابقة هي التي أقرّته ويجب أن يتابع ‏بشكل طبيعي، وعندما نذهب إلى الحكومة تتسهل أمور كثيرة، لكن التدقيق الجنائي ليس مقابل الحكومة‎".


أصدر الراعي الحُكم أمس، لكن هذا ليس حُكمه. هذا حكم سلامة والمنظومة السياسية المالية والخارجية التي ‏تستغل منصبه لتمرير أجندتها، فيما هو منتشٍ بتحول بكركي إلى محطة للزائرين الذين يزيدون من قسمة ‏اللبنانيين، ثم يهنّئون سيّدها على حياد مفصّل على قياسهم، فيظن هو أن "الالتفاف الداخلي والخارجي حول ‏مشروع حياد لبنان يتزايد‎".


هل حقاً يطلب الراعي أن يرأس سعد الحريري الحكومة ليقود جيوش التدقيق بنفسه؟ ألم ينتبه بعد أن التدقيق هو ‏أحد أسباب تعنّت الحريري ورفضه تأليف الحكومة، أم أنه من أجل هذا تحديداً أراد أن يعلن نعي التدقيق في ‏مصرف لبنان؟ كان حريّ به أن يقول "لا تدقيق جنائياً" فقط. هكذا يكون عضواً فاعلاً في حزب المصرف، بدلاً ‏من المواربة وإعطاء موقفه بعداً حريصاً على تأليف الحكومة، وحريصاً على "شباب الثورة وشاباتها من التهويل ‏واليأس". ينتقد المسؤولين بالجمع، مؤكداً أن "قدرنا أن نناضل ونكافح لاستعادة لبنان من مصادريه وخاطفيه"، ‏لكنه لا يرى سوى طرف واحد من الخاطفين. يتجاهل أن الحريرية، وسلامة أبرز عناوينها، هي على رأس ‏الخاطفين‎.‎

 

***********************************************************************

 

افتتاحية صحيفة النهار  

معارك دائرية لتيار العهد: الإنسداد الكامل

وسط تفاقم أزمات الناس واختناقاتهم مع أزمات البنزين والمحروقات والخبز والسيولة والمصارف والليرة و#الدولار والمرض والدواء و#كورونا، وجد في لبنان من لا يزال يتفرغ لمعارك جانبية إلهائية وسجالية بلغة مقذعة ومفتعلة يراد منها ان تعم الشعبوية مجدداً لحرف الأنظار عن اجندة تعطيل تشكيل حكومة جديدة باتت اشبه بتعويذة عالمية لا ممر لـ”الرحمة” الدولية ودعم المجتمع الدولي لإنقاذ لبنان الا من خلالها. وفيما العد العكسي يقترب لأول اجراء محتمل على المستوى الأوروبي من خلال الرافعة الفرنسية لاتخاذ إجراءات موجعة في اطار عقوبات على مسؤولين وسياسيين لبنانيين انخرطوا في “مهمة” تعطيل تاليف “حكومة المهمة” المطلوبة بإلحاح دولي وداخلي متعاظم، بدا غريباً ان يتفرغ انصار العهد وتياره بالتعرض لحرمة منزل الممثل التلفزيوني والمسرحي اسعد رشدان بمحاولات التهويل على حقه وحريته في التعبير لكونه معارضاً معروفاً للعهد في حين كانت بيانات التيار ال#عوني تلهب المشهد الداخلي بحملات حادة في اتجاهات دائرية نحو خصومها فأيقظت شياطين الماضي ونبشت الجروح بما لا يفهم معه سوى الاجهاز الكامل على كل وساطة داخلية او خارجية  تحاول فك أسر لبنان من معادلة التعطيل والاستنزاف والانهيار المتسارع.

 

والحال ان الأسبوع الطالع قد يتسم بتحركات بارزة على المستوى الديبلوماسي، ولكن الامال المعلقة على امكانات كسر أزمة التعطيل والانسداد تراجعت الى نقطة متقهقرة للغاية في ظل الاحتدام الجنوني للسجالات الحادة التي فجّرها هجوم جماعي لـ”#التيار الوطني الحر” واستهدف فيه كلا من الرئيس المكلف #سعد الحريري ورئيس حزب “القوات اللبنانية” #سمير جعجع ومجلس النواب كلاً، ولم يوفر أيضا في الجانب الخلفي من الهجوم رئيس مجلس النواب نبيه بري. ولعل اللافت في هذا السياق ان ما بين الردود للافرقاء الثلاثة الذين استهدفهم هجوم تيار العهد والمواقف الانتقادية اللاذعة التي اطلقها كل من البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس #الراعي ومفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف #دريان ومتروبوليت بيروت للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة في شأن تعطيل تاليف الحكومة لم يظهر أي اثر لاي قراءة عميقة لدى فريق الحكم في شأن وقوف معظم القوى والقيادات الداخلية بالإضافة الى المجتمع الدولي بأسره في مواجهة سياسات التعنت والتعطيل وخدمة اجندة إقليمية معروفة. وليس أدل على مضي العهد في سياسات الانكار من ان رئيس الجمهورية ميشال عون مضى في تجاهل أولوية #تشكيل الحكومة، وبدا كأنه يرد على مجمل المطالب الضاغطة بذلك فغرد مساء امس كاتبا “الفاسدون يخشون #التدقيق الجنائي، أما الأبرياء فيفرحون به”.

 

واضيف الى هذا الواقع المازوم المتدحرج بتداعياته المخيفة داخليا، ملف خطير ينذر بتداعيات غامضة وهو ملف #الحدود البحرية مع #إسرائيل و#سوريا وسط الإدارة الشديدة الالتباس لهذا الملف والتي لا تنبئ بتماسك كاف في حيثيات موقف المفاوض اللبناني. وسوف يكون هذا الملف أساسياً في المحادثات التي سيجريها وكيل وزارة الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط ديفيد هيل خلال زيارته الوداعية لبيروت في الأيام القليلة المقبلة قبل ان يترك منصبه في وقت قريب، فضلا عن ملف الحكومة والوضع الداخلي عموماً.

 

اشتعال السجالات

في غضون ذلك برز المؤشر التصعيدي الجديد من جانب فريق العهد وتياره حين بادرت الهيئة السياسية في “التيار الوطني الحر” برئاسة النائب جبران باسيل الى شن هجوم  جديد  على الرئيس سعد الحريري ورئيس حزب القوات اللبنانية” سمير جعجع. وإذ اعتبرت  أنه “لم يعد من شك في أن رئيس الحكومة المكلف يسعى لتأخير تشكيل الحكومة، ويأتي في هذا السياق تفشيله للمسعى الفرنسي الأخير” واتهمته بالسعي الى الحصول على النصف زائد واحد، حملت بعنف على جعجع واتهمته بانه ” ساهم عام 90 بضرب صلاحيات الرئيس وبانه يعاكس اليوم ما يقوم به التيار لاستعادة التوازن والميثاقية”. وأشعل الهجوم حرب ردود حادة من تيار “المستقبل” أولا ومن ثم من “القوات” التي اعتبرت ان “مَن ضرب صلاحيات رئيس الجمهوريّة هو مَن دمّر المنطقة الحرّة بحجّة مواجهة الميليشيات، فيما هو أوّل حليف وأكبر مظلل للميليشيا التي رفضت تسليم سلاحها بحجّة المقاومة، فانكشف على حقيقته وشعاراته الفارغة التي يستخدمها غبّ الطلب، ومَن جعل موقع الرئاسة الأولى معزولا عربيًّا ودوليًّا بسبب تحالفه، وتغطيته لمحور يصنّف دوليًّا بالإرهابي،  ومَن انقلب على الدستور، وعلى دور لبنان التاريخي، ويرفض اليوم حياد لبنان، ويمنع الدولة من أن تبسط سلطتها على كامل أراضيها. مَن ضرب صلاحيّات رئيس الجمهوريّة هو مَن مارس الفساد والزبائنيّة على عهده بأبشع صورة عرفها تاريخ لبنان، فأفقر اللبنانيّين وجوّعهم وضرب نمط عيشهم وقاد لبنان إلى الانهيار، والدولة إلى الفشل بسبب سياساته وممارساته “. وعاد “التيار”ليرد بأقسى متهما جعجع “بممارسة الاجرام ايام الحرب والاغتيال السياسي ايام السلم”…

 

البطريرك والمفتي

واتخذ موقف البطريرك الراعي امس بعدا بارزا للغاية اذ بدا ردا على تقديم عون ملف التدقيق الجنائي على تشكيل الحكومة وقال الراعي في عظة الاحد “ألفوا حكومة للشعب من دون لف ودوران .ألفوا حكومة واخجلوا من المجتمعين العربي والدولي ومن الزوار العرب والأجانب. ألفوا حكومة وأريحوا ضمائركم. إن جدية طرح التدقيق الجنائي هي بشموليته المتوازية لا بانتقائيته المقصودة. وأصلا، لا تدقيق جنائيا قبل تأليف حكومة. حري بجميع المعنيين بموضوع الحكومة أن يكفوا عن هذا التعطيل من خلال اختلاق أعراف ميثاقية واجتهادات دستورية وصلاحيات مجازية وشروط عبثية، وكل ذلك لتغطية العقدة الأم وهي أن البعض قدم لبنان رهينة في الصراع الإقليمي الدولي”.

 

وبدوره توجه المفتي دريان في رسالته لمناسبة حلول شهر رمضان الى معرقلي تشكيل الحكومة قائلا : “كفاكم تعنتا واستكبارا وتصلبا وتزويرا وخرقا للدستور. البلد في خطر داهم، ويعيش قمة الانقسام والتشرذم والفوضى، والسبب هو في تأخير ولادة الحكومة، وتعطيل المؤسسات الرسمية. أقلعوا عن أنانيتكم، وخدمة مصالحكم الشخصية. لبنان لم يعد يحتمل المزيد من الخراب والانهيار والدمار، وكل يوم تأخير في تأليف الحكومة، هو خسارة للوطن والمواطن. المطلوب تقديم التسهيل لا التعطيل ، ولا وضع العقبات في طريق تشكيل الحكومة .. لا يا سادة، بالكيديات والعنتريات والحقد الدفين، وبث السموم، لا يبنى لبنان، ولا يستقيم فيه الميزان، إلا بالمحبة والتراحم والتعاون، والمحافظة على صلاحيات كل مؤسسة من مؤسسات الدولة. إياكم والغرور، فلن تنالوا مبتغاكم من تحقيق مآربكم، لأنها تخالف المنطق والأصول”.

 

**************************************************************************

 

افتتاحية صحيفة نداء الوطن

“إستياء جماعي” في بروكسل: لا صعوبة في الإتفاق على العقوبات

الهجوم “يتجدّد” على بكركي… تاريخ “الجنرال” يعيد نفسه!

 

في المشهد الوطني العريض، ما عدا “حزب الله” بوصفه الراعي الرسمي للعهد وتياره وسنده الرئاسي والسياسي، بات اللبنانيون، مسلمين ومسيحيين، متّحدين حول تشخيص علّة البلد والعطب البنيوي في إعادة الانتظام لدورة حياته المؤسساتية، لتتلاقى بالأمس “عظة الأحد” مع “رسالة رمضان” عند التصويب على التعطيل العوني الممنهج لاستنهاض لبنان وإنقاذ أبنائه. فكانت صرخة مدوية من مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان في وجه المعرقلين ليقلعوا عن “التعنت والتزوير وخرق الدستور”، مندداً بـ”الأيادي الخبيثة” التي تمتهن “الابتزاز السياسي والكيديات والحقد الدفين وبث السموم”، بالتزامن مع رفع البطريرك الماروني بشارة الراعي الصوت عالياً في مواجهة محاولات “اللف والدوران” العونية، تهرباً من تشكيل الحكومة والاستمرار في “التعطيل واختلاق أعراف ميثاقية واجتهادات دستورية وصلاحيات مجازية وشروط عبثيّة”.

 

… إلى أن كانت تعرية الاستثمار العوني في موضوع التدقيق الجنائي، من خلال تشديد الراعي من دون مواربة على أنّ “جدية طرح التدقيق هي بشموليّته المتوازية لا بانتقائيته المقصودة، وأصلاً لا تدقيق جنائياً قبل تأليف حكومة”، فأحدث كلامه هذا وقع “المسلّة تحت باط” رئيسي الجمهورية و”التيار الوطني الحر”، ليسارعا إلى إطلاق العنان لهجوم عوني حافل بالشتائم والتخوين ضد بكركي والبطريرك الماروني، بشكل أعاد إلى الأذهان صورة هجوم العونيين على الصرح والبطريرك نصرالله بطرس صفير عام 89، في مشهدية “متجددة” لم تستغربها أوساط مسيحية، إنما وضعتها في سياق الترجمة العونية لمقولة “أنا الجنرال ميشال عون… وتاريخه الذي يعيد نفسه اليوم حروباً إلغائية وخراباً وانهياراً فوق رؤوس المسيحيين والمسلمين على حد سواء”.

 

وفي تفاصيل الهجوم العوني على البطريرك الماروني، فهو ما أن انتهى من إلقاء عظته أمس، حتى أطلق العونيون ضده هاشتاغ “#راعي_الفساد” عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وكالوا له مروحة من التعليقات المهينة التي لم تخلُ من استخدام عبارات بذيئة تستهدفه بالشخصي وتتهمه بـ”الفساد والخيانة والتآمر وتلقي الرشاوى”… إلى أن وصل بهم الأمر حدّ التشكيك بمصادر تمويل البطريرك الماروني والمطالبة بأن يشمل التدقيق الجنائي “أموال بكركي”!

 

وإذ لفتت مشاركة مراسلين صحافيين في قناة “أو تي في” في الحملة الموجّهة ضد البطريرك الراعي، بادر مناصرو “حزب الله” إلى مؤازرة هذه الحملة فأشادوا بالهاشتاغ العوني وأعادوا استخدامه لنشر تدوينات تصف الراعي بـ”العميل”… ليتوّج مساءً رئيس الجمهورية ميشال عون شخصياً حملة التشهير بالراعي عبر تغريدة رد فيها مباشرةً على عظة البطريرك الماروني من دون أن يسميه، فدوّن على حسابه على “تويتر” عبارة: “الفاسدون يخشون التدقيق الجنائي، أما الأبرياء فيفرحون به”… وسرعان ما أعاد المغردون العونيون نشرها، مقرونة بسيل وافر من التحامل والتجريح ضد البطريرك الراعي.

 

أما في مستجدات الأجواء الفرنسية والأوروبية حيال الملف الحكومي اللبناني، فنقلت الزميلة رندة تقي الدين من باريس عن مسؤول فرنسي رفيع نفيه ما أشيع في بيروت حول إنجاز لائحة بأسماء مسؤولين لبنانيين ستُفرض عليهم عقوبات أوروبية، والتوقعات الإعلامية التي تحدثت عن اتجاه الرئاسة الفرنسية إلى نشر بيان يتضمن هذه الأسماء اليوم، وأوضح لـ”نداء الوطن” أنّ الموضوع في فرنسا لا يزال “قيد درس وتحديد الأسماء ونوعية الإجراءات والعقوبات المنوي فرضها”، جازماً في الوقت عينه بأنه “لا توجد صعوبة في التوصل الى اتفاق حوله في بروكسل، لأن هناك استياءً (أوروبياً) جماعياً من عدم تشكيل حكومة في لبنان”.

 

**********************************************************************

 

افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط

 

عون يطيح مبادرة بري الحكومية… وباسيل يقصفها

هيل يلاحق تجميد المفاوضات البحرية بين لبنان وإسرائيل

 

بيروت: محمد شقير

حمّل مصدر نيابي لبناني بارز، رئيس الجمهورية ميشال عون، ومن ورائه رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، مسؤولية الإطاحة بالجهود الرامية لتفعيل المبادرة التي أطلقها رئيس المجلس النيابي نبيه بري، لإخراج تشكيل الحكومة من التأزم الذي تتخبط فيه. وكشف لـ«الشرق الأوسط» أن بري أعاد تشغيل محركاته باتجاه الأطراف المعنية بتأليفها التي أبدت تجاوبها مع الأفكار التي طرحها باستثناء عون وباسيل اللذين تواصل معهما «حزب الله» في محاولة لإقناعهما بتنعيم موقفهما لتهيئة الظروف المواتية لولادتها اليوم قبل الغد، لكنه لم يلقَ أي تجاوب منهما.

ولفت المصدر النيابي إلى أن بري، بعد أن لمس تأييداً لمبادرته من وزير الخارجية المصرية سامح شكري والأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية حسام زكي، بادر إلى التواصل من خلال معاونه السياسي النائب علي حسن خليل مع عدد من القيادات المعنية بتأليف الحكومة. وأكد أن بداية التواصل انطلقت من اتصال جرى بين الرئيس المكلف سعد الحريري وبري الذي أوفد النائب خليل للقائه في بيت الوسط، الذي عاد إلى عين التينة حاملاً معه موافقته على تزخيم المبادرة وتفعيلها، مبدياً كل مرونة للوصول بها إلى بر الأمان. وقال إن بري تواصل أيضاً مع قيادة «حزب الله» التي لم تتردد في دعم مبادرته وأوفد مساعده النائب خليل للقاء نظيره المعاون السياسي لأمينه العام حسين خليل.

في هذا السياق، علمت «الشرق الأوسط» أن قيادة «حزب الله» تواصلت بعيداً عن الأضواء مع عون وباسيل في محاولة لإقناعهما بالسير في مبادرة بري استجابة لتعهدها لرئيس المجلس بأنها ستبذل قصارى جهدها وصولاً للطلب منهما بعدم الخروج عنها بانضمامهما للذين يؤيدونها.

لكن «حزب الله»، حسب المصادر النيابية، أخفق في إقناع حليفيه عون وباسيل بسحب تحفظهما على مبادرة بري وإسقاط شروطهما التي تعيق تأليف الحكومة، وتبلغ بري لاحقاً من خلال النائب خليل بأن الحزب لم يفلح في مهمته لدى حليفيه، وهذا ما دفعه إلى التريث في تفعيل مبادرته بعد أن كان تواصل مع رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، ولمس منه كل تأييد تحت عنوان بأن الأخير يؤيد أي تسوية تُخرج البلد من النفق المظلم وتقطع الطريق على ما هو أسوأ في حال تعثرت الجهود الرامية إلى تشكيل الحكومة.

ورأت المصادر نفسها أن الفتور الذي يسيطر حالياً على علاقة الحريري بجنبلاط لم يكن حاضراً على جدول أعمال الأخير الذي يطمح لعدم أخذ البلد إلى المجهول، مع أن منسوب هذا الفتور ارتفع في ضوء الأجواء التي سادت اجتماع رئيس «التقدمي» بالوزير شكري في حضور عدد من القياديين في الحزب، وقالت بأن باريس التي هي على تشاور مستمر مع بري لم تتردد في دعم مبادرته كونها تشكل الإطار العام للمبادرة الإنقاذية التي أطلقها الرئيس إيمانويل ماكرون لوقف انهيار لبنان وانتشاله من الهاوية التي باتت تهدد وجوده بشطبه عن خريطة الاهتمام الدولي الذي سارع لمساعدته بعد الانفجار الذي استهدف مرفأ بيروت.

وعزت عدم تجاوب عون مع المبادرة الفرنسية من جهة، وإصراره على تعطيل المحاولات لإعادة الاعتبار لمبادرة بري إلى أنه أخفق منذ انتخابه رئيساً للجمهورية في تحقيق الحد الأدنى من تعهداته التي التزم بها في خطاب القسم الذي ألقاه أمام البرلمان، وبالتالي لم يعد لديه ما يخسره، وأن همه الأوحد يكمن في تأمين استمرارية إرثه السياسي من خلال وريثه باسيل، وهذا ما يفسر التفافه على المبادرة واستحضاره لعدد من الأمور من خارجها التي ما هي إلا مواد مشتعلة.

وتوقفت المصادر أمام البيان الذي صدر عن المجلس السياسي لـ«التيار الوطني الحر»، ورأت فيه تجاوزاً للمبادرة الفرنسية والتفافاً عليها لأنها ليست في وارد التسليم بشروط باسيل التي تؤمن له الانتعاش السياسي وصولاً إلى تعويمه، وإلا لماذا فتح النار بطريقة أو بأخرى على الحريري وحزب «القوات اللبنانية» وبري، ولا يكترث للنصائح الدولية التي أُسديت له، محذرة إياه من مواصلة قصفه للمبادرة الفرنسية ما يعيد مشاورات التأليف إلى نقطة الصفر؟

وقالت إن باسيل يستحضر الاشتباك السياسي تلو الآخر الذي يزيد من إطباق الحصار الدولي والعربي المفروض عليه، لأنه يقف على رأس المعرقلين لتشكيل الحكومة مستفيداً من رعاية عون له التي أتاحت له أن يتصرف على أنه رئيس الظل. وسألت: كيف يوفق رئيس الجمهورية بين التزامه بـ«اتفاق الطائف»، وبين تحميل تياره السياسي «القوات» مسؤولية التفريط في عام 1990 بصلاحيات رئيس الجمهورية؟ وهو يدرك أن هذا التاريخ يتزامن مع التوصل إلى الاتفاق المذكور.

وأكدت المصادر أن مجموعة من «الإنذارات الناعمة» وُضعت على نار حامية من قبل فرنسا بدعم أوروبي ودولي وعربي يفترض أن تطال من يعرقل تشكيل الحكومة. وقالت إن المجتمع الدولي يضع عون على خانة من لا يلتزم بـ«اتفاق الطائف»، ليس بسبب إصرار فريقه السياسي على إدخال تعديلات على الدستور فحسب، وإنما لخلو ورقة التفاهم التي أبرمها مع «حزب الله» في فبراير (شباط) 2006 من أي إشارة إليه، ربما لأنه كان وراء إخراجه من بعبدا بعملية عسكرية على خلفية منعه انتخاب رئيس جديد للبنان خلفاً للرئيس أمين الجميل.

لذلك تأتي زيارة نائب وزير الخارجية الأميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل للبنان خلال الساعات المقبلة، في ظروف سياسية شديدة الخطورة، مع أن محادثاته ستبقى محصورة في استكشاف الأسباب التي أدت إلى توقف المفاوضات المباشرة الخاصة بترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل بوساطة أميركية وبرعاية الأمم المتحدة إثر مطالبة لبنان بمساحات إضافية في المنطقة البحرية المتنازع عليها، من دون أن يُسقط الموفد الأميركي من حسابه التطرق إلى الأزمة الحكومية.

في هذا السياق، يحاول الفريق السياسي المحسوب على عون «الثأر» من بري على خلفية موقفه من تشكيل الحكومة متهماً إياه بالتفريط بالحقوق الوطنية للبنان، مع أن دوره اقتصر في رسم الإطار العام لبدء المفاوضات من دون الدخول في تحديد المساحة الجغرافية المنوي التفاوض عليها، وبالتالي لا جدوى من لجوء هذا الفريق إلى المزايدة الشعبوية عليه، فيما أعدت نائب رئيس الحكومة وزيرة الدفاع الوطني زينة عكر، مسودة للتعديلات المقترحة على المرسوم الصادر عام 2011، آخذة بلوائح الإحداثيات التي أعدتها قيادة الجيش، التي بينت فيها أن مساحة إضافية تعود للبنان تستدعي إعداد مرسوم جديد.

كانت عكر أحالت هذه المسودة إلى رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب لإصدار مرسوم جديد بهذه التعديلات يتم بقرار من مجلس الوزراء بناء على اقتراحه ووزير الأشغال العامة والنقل. وعليه، فإن الكرة الآن في مرمى دياب، فهل يرى مرسوم تعديل الحدود البحرية النور في حال عدم انعقاد مجلس الوزراء، وكيف؟ لأن السباق على أشده بين مطالبة هيل بمعاودة مفاوضات الترسيم وبين إصرار لبنان على التمسك بالتعديلات التي أدخلت على المساحة البحرية العائدة له.

 

 

********************************************************************

 

افتتاحية صحيفة الجمهورية

 

“الجمهورية”: التأليف من سياسة «الجزرة» الى «العصا».. والراعي: الحكومة ثمّ التدقيق الجنائي

تدخل البلاد الى أسبوع جديد من دون حكومة، وكل أسبوع يكون أسوأ مما سبقه ليس فقط بسبب التردّي المالي المتواصل، والذي يُنذر بكوارث في حال تُركت الأوضاع بلا معالجة جذرية وفورية، إنما بسبب أيضاً وصول أصحاب الشأن في الداخل والخارج إلى اقتناع بأنّ الخروج من الفراغ بات يحتاج إلى قوة ما فوق بشرية، أي إلى معجزة، خصوصاً انّ كل وساطات الداخل اصطدمت بحائط رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري، وكل وساطات الخارج لقيت المصير نفسه، وسرعان ما تبدّد التعويل على الحركة الديبلوماسية الأخيرة، مع فتح عون معركة التدقيق الجنائي، قبل ان ينهي وزير الخارجية المصري سامح شكري جولته، وقبل ان يبدأ الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية حسام زكي لقاءاته، وجاء الانطباع الذي خرج به كل من شكري وزكي سلبياً جداً، ومفاده انّ الاعتبارات الشخصية تطغى على المصلحة اللبنانية العامة، وسجّلا مخاوفهما مما ينتظر لبنان في حال عدم المبادرة إلى تأليف الحكومة.

في ظلّ التعثر والتعطيل الذي تواجهه المبادرات الداخلية الهادفة الى إنجاز الاستحقاق الحكومي، بدا على الخط الفرنسي انّ التعويل الوحيد في هذه المرحلة هو على العقوبات التي يتمّ التحضير لها على مستوى الاتحاد الأوروبي. إذ بعد فشل «سياسة الجزرة»، لم يبق سوى استخدام «سياسة العصا» علّها تفتح باب التأليف، في حال رُبطت العقوبات ومن ثمّ فكّها بتأليف الحكومة. ويبدو انّ الاتجاه لفرض هذه العقوبات جدّي لثلاثة أسباب أساسية:

 

ـ السبب الأول، يتعلّق بصورة الاتحاد الأوروبي عموماً، وفرنسا خصوصاً، ولن تسمح باريس بأن تُضرَب هيبتها وصورتها مثلما ضُرِبَت في لبنان، من خلال رفض تطبيق المبادرة الفرنسية التي تشكّل مصلحة لبنانية بالدرجة الأولى، كما لن تسمح بالتعامل مع مبادرات رئيسها وتخصيصه لبنان بزيارتين متتاليتين بهذه الخفة والاستلشاق.

 

– السبب الثاني، كون العقوبات ستشكّل المدخل الوحيد لتأليف الحكومة. فبعد توسُّل كل الوسائل وأساليب الضغط السياسية، لم يبق سوى العقوبات التي تعاملت معها بالتحذير أولاً قبل اللجوء إلى استخدامها على قاعدة «أُعذِرَ من أنذَر»، ويُخطئ كل من يعتقد انّها ستكتفي بالتهويل فقط لا غير.

 

– السبب الثالث، يرتبط بالرسالة التي أرادت توجيهها إلى الداخل اللبناني والخارج، وفحواها انّ كل من «يستوطي» حائط فرنسا او الاتحاد الأوروبي عليه ان يعيد النظر في سياساته من الآن فصاعداً.

 

وفي موازاة كل هذا المشهد، تبقى مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري، التي أكثر ما ينطبق عليها المثل القائل «لا معلّق ولا مطلّق»، ولكنها الوحيدة المتبقية، وتشكّل مساحة مشتركة بين الجميع، ويمكن العودة إليها متى فُتحت أبواب التأليف، كونها القاعدة التي يمكن الانطلاق منها والاتفاق على أساسها. ولكن في الانتظار، ما زالت جسور التواصل بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف مقطوعة، والأسوأ انّ البلاد دخلت في سخونة سياسية تُضاف إلى السخونة الشعبية بسبب سوء الأوضاع المالية.

 

جمود بعبدا و«بيت الوسط»

 

في هذه الأثناء، وعلى رغم الدعوات الدولية والمحلية الى تقديم ملف تأليف الحكومة على ما عداه من الملفات المطروحة على اكثر من مستوى، ظلّ الجمود يحكم حركة الرئيسين عون والحريري. إذ ساد صمت مستغرب في قصر بعبدا و«بيت الوسط»، ولم تُسجّل طوال عطلة نهاية الاسبوع اي اتصال يوحي بإمكان البحث في ملف التأليف، رغم النصائح التي حملها الموفدون العرب والأجانب للإسراع في تأليف الحكومة كأولوية تتقدّم على بقية الإستحقاقات المطروحة.

 

وتوافقت مصادر الطرفين، على انّ الوساطات الجارية لم تحقق اي خرق بعد في الجدار المسدود، وانّ التأليف بات استحقاقاً ثانوياً في ضوء حرب المصادر المفتوحة على نبش التاريخ في العلاقات بين «التيار الوطني الحر» من جهة وكل من «القوات اللبنانية» وتيار «المستقبل» وحركة «امل»، على خلفية الحديث عن «التدقيق الجنائي»، والرغبة في ان يكون اولوية على بقية الملفات، ولا سيما منها الملف الحكومي، وما أثاره من جدل عقيم بين هذه الاطراف.

 

عون يردّ

 

وفي ظلّ المواقف التي اطلقها امس اكثر من مرجع روحي وسياسي وحزبي، وما حملته من مقارنات بين الحاجة الى الحكومة قبل التدقيق الجنائي او بعده، غرّد الرئيس عون مساء امس عبر صفحته على « تويتر»، فقال من دون ان يسمّي احداً ممن قصده: «الفاسدون يخشون التدقيق الجنائي، أما الأبرياء فيفرحون به».

 

هيل في بيروت

 

وفي اطار الحركة الدولية في اتجاه لبنان، يصل وكيل وزارة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد هيل إلى بيروت بعد غد الاربعاء، للقاء المسؤولين اللبنانيين الكبار، في زيارة وصفت بأنّها الاخيرة له للبنان والمنطقة قبل ترك مركزه نهاية الشهر الجاري.

 

وإلى الملف الحكومي الذي لن يكون اساسياً، عُلم انّ الزيارة تتصل بإمكان احياء المفاوضات غير المباشرة في الناقورة في شأن ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل، والصيغ المقترحة اميركياً، قبل تجميد المفاوضات، ولمواكبة مساعي تعديل المرسوم 6433 الخاص بحقوق لبنان.

 

سجال «عوني» ـ «قواتي»

 

وفي ظلّ التعطيل المستمر للتأليف الحكومي، اندلع سجال سياسي عنيف بين حزب «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر». فردّت «القوات» في بيان، على «الهيئة السياسية لـ«التيار» برئاسة النائب جبران باسيل، التي اتهمت الدكتور سمير جعجع بأنّه ساهم عام 90 في ضرب صلاحيات رئيس الجمهورية، فأكّدت «أنّ من ضرب الصلاحيات هو من دمّر المنطقة الحرة منذ اللحظة الأولى التي تسلّم فيها رئاسة الحكومة الانتقالية، فأشعل حروبه العبثية تارة بحجة التحرير، وطوراً من أجل الإلغاء، وفي الحالتين سعياً إلى رئاسة جمهورية كانت كلفتها إسقاط الجمهورية، ورئاسة الجمهورية، وتهجير عشرات آلاف المسيحيين واللبنانيين، وتدمير منطقة حرة كانت سيّجتها «القوات اللبنانية» بالشهداء، والنضال، والدماء الزكية على مدى 15 عاماً كاملاً فأسقطها العماد ميشال عون في 15 شهراً فقط». وأضافت: «من ضرب صلاحيات رئيس الجمهورية هو من دمّر المنطقة الحرة بحجة مواجهة الميليشيات، فيما هو أول حليف وأكبر مظلّل للميليشيا التي رفضت تسليم سلاحها بحجة المقاومة».

 

بدورها، ردّت اللجنة المركزية للإعلام في «التيار الوطني الحر»، على «القوات»، فقالت: «لن نزعج اللبنانيين ببيان ردّ على «القوات اللبنانية» من 11 بنداً، ولكن نقول قولًا واحداً عن السيد سمير جعجع: من مارس الاجرام أيام الحرب والاغتيال السياسي، أيام السلم لا يحق له الكلام بالأخلاق السياسية، ومن يمارس أعلى درجات الفساد السياسي بأخذ المال من الخارج (fundraising) لصرفه انتخابياً، وبذخ ما جباه من اللبنانيين على قصوره ورفاهيات حاشيته، لا يحق له الوعظ بالفساد. ما أقبح المجرم عندما يتكلم بالعفة».

 

وردّت «القوات»، على ردّ «التيار» فقالت: «انّ اتهام «القوات» بالفساد السياسي، هو اتهام باطل ومردود لأصحابه، لأنّه، حتى بشهادة أخصام «القوات»، فهو أنظف من مارس السياسة والشأن العام، وأما أنتم، فملاحقون بعقوبات مجتمعات العالم المتحضّرة بسبب فسادكم، بينما «القوات» كانت وما زالت مضرب مثل في ممارستها للشأن العام».

 

.. و«التنمية والتحرير» تردّ

 

وتزامناً مع اشتعال «حرب البيانات والمصادر» بين «التيار» و«القوات»، ردّت مصادر كتلة «التنمية والتحرير» على ما سمّته «المزاعم التي تحاول جهة سياسية يعرفها اللبنانيون ويُعرف لونها»، قاصدة «التيار الحر» من دون ان تسمّيه، فقالت انّ هذه الجهة «تحترف في تضليل الرأي العام وتشويه الحقائق، ويعرف اللبنانيون ايضاً جهلها وتجاهلها لقراءة وفهم اللغة العربية أو بالأحرى احترافها فن التفريط بالثوابت الوطنية، وانعاشاً للذاكرة نوضح الحقائق التالية:

 

أولاً: إنّ إتفاق الإطار الذي أعلنه دولة الرئيس نبيه بري قد رسم القواعد العامة للتفاوض في ترسيم الحدود اللبنانية، لا سيما الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة، من دون الدخول أبداً في مسألة تحديد المساحة الجغرافية المنوي التفاوض عليها (لا مساحة 850 كلم ولا مساحة 2000 كلم )، وهذا الكلام تبلّغه الوفد اللبناني المفاوض مباشرة وصراحة من الرئيس نبيه بري، قبل ذهاب الوفد الى جولة التفاوض الاولى في الناقورة.

 

ثانياً: لم يصدر أي موقف عن كتلة التنمية والتحرير أو عن رئيسها أو عن اي من اعضائها، او عن حركة «امل» أو من قيادييها، بأنّهم ضد توقيع المرسوم الجديد، بل على العكس، فدولة الرئيس نبيه بري، عندما تمّت مراجعته بهذا الامر، كان كلامه واضحاً انّ هذه المسألة برمتها هي في عهدة السلطة التنفيذية، وتحديداً عند رئيس الجمهورية، وقد دعا الرئيس نبيه بري مراجعيه وقتها بالقول: «فليمارس كل واحد من موقعه صلاحياته في هذا المجال». فكتلة «التنمية والتحرير» وحركة «أمل» لم يكونا في يوم من الايام ضدّ توقيع هذا المرسوم، والكلام الوحيد الذي عبّرا عنه في هذا الاطار هو الآتي: المطلوب الحفاظ على المصلحة الوطنية العليا بما لا يؤثر على وحدة الموقف اللبناني ولا يفرّط بحقوق لبنان في ارضه وترابه ومياهه قيد أنملة.

 

ثالثاً: اما للجهة السياسية التي تروّج لمثل تلك الاضاليل وتجنّد لنشرها عبر مختلف وسائل الاعلام ووسائط التواصل الاجتماعي بعض الاقلام والكتبة بطريقة «غبّ الطلب» فنقول :»حدودنا وحقوقنا وسيادتنا قد رُسمّت بتضحيات الآلاف من الشهداء، لن نفرط بها تحت أي ظرف من الظروف، وموقفنا من هذه الثوابت ليس بحاجة لشهادة من أحد».

 

وختمت المصادر: «انّ اساليب تشويه الحقيقة لم تعد تنطلي على اللبنانيين من خلال اللجوء الى سياسة التعمية عن المشكلة الاساس ومسببيها. فكفى هروباً الى الأمام. عليكم ان تتحمّلوا التبعات الكاملة عن إفشال كل المحاولات الصادقة لتشكيل حكومة طال انتظار اللبنانيين لها. فأنتم المعرقلون لها تحت «جنح» ما يسمّى «الثلث المعطل».

 

مواقف

 

وفي غضون ذلك، حفلت عطلة نهاية الاسبوع بجملة مواقف لقيادات روحية، انتقدت بشدة التأخير المتمادي في تأليف الحكومة، ومحذّرة من المخاطر التي تحيق بالبلاد من جراء الانهيار المالي والاقتصادي وانعكاسه الخطير على اوضاع البلاد.

 

وفي هذا الاطار، توجّه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي خلال قداس الاحد في بكركي، الى المسؤولين قائلاً: «ألّفوا حكومة واخجلوا من المجتمعين العربي والدولي ومن الزوار العرب والأجانب. ألّفوا حكومة وأريحوا ضمائركم». ورأى «أنّ جدّية طرح التدقيق الجنائي هي بشموليته المتوازية لا بانتقائيته المقصودة. وأصلاً، لا تدقيق جنائيا قبل تأليف حكومة». وشدّد على أنّه «حريّ بجميع المعنيين بموضوع الحكومة أن يكّفوا عن هذا التعطيل من خلال اختلاق أعراف ميثاقية واجتهادات دستورية وصلاحيات مجازية وشروط عبثية، وكل ذلك لتغطية العقدة الأم، وهي أنّ البعض قدّم لبنان رهينة في الصراع الإقليمي ـ الدولي. لا نريد العودة إلى أزمنة لبنان الرهينة والوطن البديل، في ما نحن على مسافة يومين من الذكرى السادسة والأربعين لاندلاع الحرب على لبنان».

 

وختم: «ما نخشاه هو أن يكون القصد من تعطيل تشكيل الحكومة هو الحؤول دون أن تأتي المساعدات لإنقاذ الشعب من الانهيار المالي. فالبعض يريد أن يزداد الوضع سوءاً لكي يفتقر الشعب أكثر ويجوع، فييأس أو يهاجر أو يخضع أو يقبل بأية تسوية، وتتمّ السيطرة عليه وعلى الدولة. أوقفوا إذلال الناس، أوقفوا المسّ بأموال المودعين من خلال السحب من الاحتياط. أوقفوا الهدر تحت ستار الدعم. ثقوا ايها المسؤولون، أنّ شعبنا لن يخضع، وان أجيالنا لن تيأس».

 

دريان

 

ومن جهته، مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبداللطيف دريان، قال في رسالة الى اللبنانيين لمناسبة حلول شهر رمضان المبارك الذي يبدأ غداً: «ليست في البلاد أزمة دستورية، بل البلاد ضحية الاستئثار والانهيار، والارتهان للمحاور، والتدمير المتعمّد للمؤسسات، والاعتداء على عيش المواطنين واستقرارهم وأمنهم». وتوجّه الى معرقلي تشكيل الحكومة، قائلاً: «كفاكم تعنتاً واستكباراً وتصلّباً وتزويراً وخرقاً للدستور. البلد في خطر داهم، ويعيش قمة الانقسام والتشرذم والفوضى، والسبب هو في تأخير ولادة الحكومة، وتعطيل المؤسسات الرسمية. أقلعوا عن أنانيتكم، وخدمة مصالحكم الشخصية. لبنان لم يعد يتحمّل مزيداً من الخراب والانهيار والدمار، وكل يوم تأخير في تأليف الحكومة، هو خسارة للوطن والمواطن. المطلوب تقديم التسهيل لا التعطيل، ولا وضع العقبات في طريق تشكيل الحكومة. هناك أياد خبيثة تعمل في الخفاء على عرقلة الجهود العربية الشقيقة المشكورة، وعلى إفشال المبادرة الفرنسية، وتحاول القيام بابتزاز سياسي لا مثيل له، لكل هؤلاء نقول: لا يا سادة، بالكيديات والعنتريات والحقد الدفين، وبث السموم، لا يُبنى لبنان، ولا يستقيم فيه الميزان، إلّا بالمحبة والتراحم والتعاون، والمحافظة على صلاحيات كل مؤسسة من مؤسسات الدولة. إيّاكم والغرور، فلن تنالوا مبتغاكم من تحقيق مآربكم، لأنّها تخالف المنطق والأصول».

 

وتوجّه دريان بنداء «الرجاء والاستغاثة والامل الى الاخوة العرب»، قائلاً: «تعوّدنا أن لا تنسونا في الشدائد، ونحن لنا ملء الثقة بكم، وبمؤازرتكم، ودعمكم، ومساعدتكم، فلا تتخلّوا عنا ولا تتركوا الشعب في ضياعه، كي لا يكون فريسة سهلة لمن يريد بلبنان واللبنانيين شراً».

 

عودة

 

ومن جهته، قال متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة، امس خلال قداس إلهي في مطرانية بيروت: «لا نسمع إلّا مسؤولين يدينون بعضهم بعضاً ويتبادلون الإتهامات». وسأل: «هل أصبحت المسؤولية إدانة للآخر بدلاً من العمل معه من أجل الخير العام؟». وأضاف: «جميعهم يتذمرون من الوضع ويشكون من الفساد، لكنهم يتهرّبون من التدقيق الجنائي ومن كل تدقيق ومحاسبة. تُرى هل يخشى البريء من المحاكمة؟». وقال: «الشعب موجوع، مريض، جائع، يائس، لذا عليه محاسبة كل مسؤول، وعدم الإنجرار وراء الزعماء بطريقة لا واعية». وتابع: «لقد كان لبنان واحة الشرق بجمال طبيعته، وجامعة الشرق التي يقصدها طالبو العلم والمعرفة من كل صوب، ومستشفى الشرق الذي يداوي محيطه. كان موئل الأحرار ومثال الإنفتاح والتنوع والحرية والديموقراطية. أين هو الآن؟ إنّه بلد مفلس، منهار، مظلم، فاسد، معزول عن العالم، (…) أصبحنا بلداً يدمن تفويت الفرص وتضييع الوقت. أصبحنا عاجزين حتى عن تأليف حكومة تتولّى زمام الأمور وتقوم بالإصلاحات الضرورية لضخ بعض الأوكسجين في رئتي البلد».

 

جدول اعمال لقاء وهبة وعلي غداً

 

وفي اول خطوة لتنفيذ ما انتهى اليه الاتصال الهاتفي بين الرئيس ميشال عون ونظيره السوري بشار الأسد، يلتقي وزير الخارجية والمغتربين شربل وهبة غداً مع السفير السوري علي عبد الكريم علي للبحث في سلسلة من الملفات العالقة بين البلدين، وقد مضى وقت طويل على عدم انعقاد مثل هذا اللقاء.

 

وقالت مصادر اطلعت على حركة الإتصالات الأخيرة بين بيروت ودمشق لـ «الجمهورية»، انّ البحث سيتناول مجموعة من الملفات لا تقف عند موضوع ترسيم الحدود البحرية شمالاً، وما هو مقترح من آليات ستقود الى احياء الاتصالات، بعدما كُلّف رئيس الوفد اللبناني الى المفاوضات غير المباشرة مع الجانب الاسرائيلي في الناقورة العميد بسام ياسين، برئاسة الوفد الى اي مفاوضات مقبلة مع سوريا، للبحث في الخلاف الناشئ نتيجة توغل الجانب السوري في البلوكين 1 و2 النفطيين اللبنانيين في الشمال.

 

وعلمت «الجمهورية»، انّ جدول اعمال اللقاء يضمّ مجموعة من الملفات الأخرى، ومنها طلب لبنان إعادة النظر في مجموعة الرسوم الجمركية المرتفعة التي فرضتها السلطات السورية على عبور شاحنات الترانزيت التي تحمل البضائع الى العراق والأردن ومنها الى دول الخليج العربي، والتي تجاوزت بأربعة او خمسة اضعاف تلك السابقة وتجاوزت الـ 5000 دولار اميركي احياناً، وهو ما يعوق تجارة الترانزيت ويسيء الى العلاقات التجارية المتبادلة بين البلدين وما بين بيروت وبغداد وعمان وغيرها من العواصم العربية والخليجية.

 

وفي الوقت الذي توقعت هذه المصادر ان يُصار الى تشكيل لجنة تعيد النظر في الرسوم المفروضة اذا تجاوب الجانب السوري، عُلم انّ البحث سيتناول ايضاً ملف اعمال التهريب الجارية على النقاط الحدودية الشرعية وغير الشرعية بين البلدين، ومنها تهريب المشتقات النفطية المدعومة والغاز والقمح والأدوية الى سوريا، مقابل تهريب البضائع الزراعية والمنتجات الصناعية السورية، تجنباً لتسديد الرسوم الجمركية في اتجاه لبنان، وسط الدعوة الى التشدّد من الجانبين. فلبنان لا يمكنه ان يتحمّل ثقل النزوح السوري في لبنان ونقل كميات من المواد المدعومة من لبنان الى سوريا في وقت يفتقدها الجانب اللبناني، فيدفع كلفتها اكثر من مرة من احتياطي المصرف المركزي ونسبة غلاء الأسعار نتيجة انهيار سعر صرف الليرة اللبنانية.

 

وفي جانب من اللقاء، سيتناول البحث ملف النازحين السوريين والاستعدادات الجارية في موسكو لعقد مؤتمر دولي ثانٍ للنازحين، يخفف من ثقل النزوح الى لبنان واعادة النازحين الى المناطق الآمنة في سوريا، وهي التي اتسعت الى درجة يمكن ان تستوعب نسبة كبيرة منهم، مع الإستعداد للبحث في نقل المساعدات التي يتلقونها في بيروت لتصل اليهم في مناطق العودة.

 

البنك الدولي يجدّد نصائحه الدولية

 

وفي هذه الأجواء، انضمّ مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي الوزير السابق جهاد أزعور، الى مجموعة القيادات الدولية والأممية والدولية التي تناولت الوضع في لبنان خلال الفترة الاخيرة، فأكد انّ «لبنان لا يمكنه إخراج نفسه من أزمته الاقتصادية من دون حكومة جديدة وإطلاق إصلاحات متعثرة منذ فترة طويلة». واضاف: «انّ تغيير الاتجاه لا يمكن أن يتمّ على أساس مجزأ. إنّه يتطلب نهجاً شاملاً».

 

واشار الى انّ «الإصلاحات يجب أن تركّز على القطاع المالي والتمويل العام والحوكمة والفساد والمرافق الخاسرة التي ساهمت في زيادة الديون، وانّه في ظلّ غياب حكومة جديدة قادرة على قيادة هذا التحول، من الصعب جداً توقّع تحسذن الوضع في حدّ ذاته». وختم: «انّ حزمة الإصلاح هي نقطة البداية، ومن أجل ذلك تحتاج إلى حكومة جديدة».

 

 

***********************************************************************

 

افتتاحية صحيفة اللواء

 

ألغام الحكومة تعمّق التباعد وإفتراق بين بكركي وبعبدا

مصير المحروقات والخبز ينتظر قرار المركزي.. وخلافات ترافق الإعداد للإمتحانات الرسمية

 

غداً اول ايام رمضان المبارك، واللبنانيون متروكون لقدرهم، يمشون بين ألغام الأزمات، يعيشون على آمال الوعود، وتنشد ذاكرتهم يوميات الشهر الفضيل، وهم يبحثون عن فتات طعام في صالات الأفران، بعد المعركة الوهمية التي خاضها وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال راوول نعمة مع أصحاب الأفران، فامتعضوا وأضربوا عن بيع الخبز في صالات «السوبرماركات» والدكاكين الصغيرة، وهم يبحثون مع سائر اللبنانيين عن صحن «الفتوش» الذي يزيّن مآدب الافطار في منازلهم المتواضعة، والذي بات الناس في زمن «الاقوياء» يتندرون به، وبكلفته التي فاقت كل تصور (مائة الف ليرة لبنانية). ناهيك عن خراطيم محطات الوقود المرفوعة بانتظار «أمر ما» اليوم، ينتظره الموزعون، لإعلان تسعيرة جديدة لصفيحة البنزين، وصفيحة المازوت، وقارورة الغاز، في ضوء ما يدور في دهاليز مصرف لبنان المركزي، بشأن ترشيد الدعم أو وقفه، أو تقنينه أو أي تدبير آخر.

 

ألغام الحكومة

 

وبقيت، وسط ذلك، مسألة تأليف الحكومة في واجهة البحث عن خلفيات عدم التشكيل، والألغام التي تعترض هذه العملية، سواء كيفية توزيع الحصص داخل التشكيلة الجديدة، فضلاً عن «التدقيق الجنائي» الذي يتمسك به الرئيس ميشال عون، ويعارضه فريق سياسي، يرى أن الأولوية الآن ليست للسير بالتدقيق، بل إصدار مراسيم الحكومة.

 

وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ»اللواء» ان «الكربجة» الحكومية الحاصلة تقود إلى انعكاسات خطيرة على الوضع اللبناني ما لم يحصل اي مؤشر متحرك بمعنى اتصالات عاجلة للبدء من مكان ما، وأقله من طرح الـ24 وزيراً الذي لم يجهض بعد. ورأت هذه المصادر ان العمل الجاد حكومياً لم ينطلق ودعائمه بالتالي غير ثابتة بسبب اكثر من معطى لكن هذا لا يعني انه في لحظة مناسبة قد يتحرك الملف، مشيرة إلى ان الانهيار يتسارع والقدرة على بعض الانقاذ متوقفة على قرارات حكومية جديدة.

 

وأوضحت المصادر ان كل ورقة يتم قطعها من الروزنامة تؤشر إلى ان المعنيين اضاعوا هذا اليوم او ذاك كفرصة للقيام بخطوة معينة علماً ان التعويل على حكومة تصريق الأعمال لن يؤدي إلى اي نتيجة.

 

بالمقابل، كشفت مصادر نيابية لـ»اللواء» ان الرئيس نبيه بري يستعد للتحرك، في سبيل تعويم المبادرة التي اطلقها، ورست في الجانب المقبول منها على حكومة من 24 وزيراً.

 

وعلى الرغم من هذه الوضعية السلبية، يحضّر الرئيس المكلف إلى زيارة موسكو والى الفاتيكان، حيث تقرر موعد الزيارة في 22 نيسان الجاري. ولم يحدد موعد زيارة موسكو بعد.

 

واعتبرت مصادر متابعة لعملية تشكيل الحكومة ان ادعاء التيار الوطني الحر بان  السبب وراء تأخر تأليف الحكومة  الجديدة، هو محاولة رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، الحصول على النصف زائد واحد في التشكيلة الوزارية، انما يندرج في اطار مسلسل الاكاذيب والاضاليل التي يتلطى وراءها رئيس التيار النائب جبران باسيل لتبرير قيامه بالعرقلة المتواصلة لتشكيل الحكومة والتغطية على امعانه بالحصول على الثلث المعطل فيها، وبات الكل على معرفة بهذا المطلب التعجيزي الذي بات يقف حائلا امام التشكيل ، برغم كل محاولات التهرب والتمويه. وقالت المصادر ان اسلوب العرقلة التسلسلي وكم الأكاذيب والذرائع التي يتلطى بها باسيل من وراء رئيس الجمهورية ميشال عون منذ تسمية الحريري لتشكيل الحكومة وحتى اليوم، يؤشر بما لا يدع مجالا للشك بعدم وجود رغبة لدى رئاسة الجمهورية لتشكيل الحكومة الجديدة  خلافا لكل الادعاءات والرغبات المزيفة بهذا الخصوص. وتضيف المصادر بالقول: لو كان رئيس الجمهورية جادا ولديه الرغبة الحقيقية والفعلية لتشكيل الحكومة، لما كان سلم قرار تشكيلها الى باسيل، ولقام بكل ما يلزم من مشاورات واتصالات حثيثة لتسهيل تأليف الحكومة بأسرع وقت ممكن. ولكن ما يحصل هو معاكس تماما ولا يصب بخانة تشكيل الحكومة العتيدة، بل يؤكد وجود نوايا غير سليمة تتحكم بقرار رئيس الجمهورية تؤدي الى الدوران فى دوامة التشكيل واستمرار عرقلة ولادة الحكومة الجديدة. واشارت الى ان مسلسل العراقيل التي اخترعها رئيس التيار الوطني الحر  تبدأ من طرح مصطلحات ملتوية وعناوين مموهة تتلطى وراء شعارات طائفية محضة، وهدفها الوحيد الحصول على الثلث المعطل واحكام تسلطه على قرارات وسياسة الحكومة الجديدة لمصالحه الشخصية ومصالح تياره على حساب مصلحة لبنان كله، ولو كان ذلك على حساب انهيار لبنان كله.واعتبرت المصادر لو ان رئيس الجمهورية يريد فعلا تشكيل الحكومة  لما كان قدم تنفيذ ملف التدقيق الجنائي وتجاهل موضوع تشكيل الحكومة في كلمته الى اللبنانيين منذ ايام. ولكن ما حصل يدل على أن رئيس الجمهورية يسخر صلاحياته الدستورية لمصلحة رئيس التيار الوطني الحر  الشخصية وليس لمصلحة الوطن كله.

 

ومن بكركي، وسط هذا «السواد الكالح» الذي يضرب، عظة تأنيب، بكل معنى الكلمة، لأولئك الذين لا يسهلون تأليف الحكومة.. وحذر في عظة الأحد من «جعل الشعب كبش محرقة»، وتوجه للمسؤولين بالقول: لا تدقيق جنائياً قبل تأليف الحكومة». ولم يف المسؤولون بوعودهم تأليف حكومة، لكنهم خيبوا آمال اللبنانيين مرّة ثانية.. وأكد: انهم لا يريدون تشكيل حكومة لغايات خاصة في نفوسهم، والتقوا في مصلحة مشتركة هي التعطيل، وتركيع الشعب من دون سبب.

 

وناشد المعنيين دستورياً: الفوا حكومة للشعب من دون لف ودوران، ألفوا حكومة واخجلوا من المجتمعين العربي والدولي، ومن الزوار العرب والأجانب.

 

مطالب جميع المعنيين بموضوع الحكومة أن يكفوا عن هذا التعطيل من خلال اختلاق أعراف ميثاقية واجتهادات دستورية وصلاحيات مجازية وشروط عبثية، وكل ذلك لتغطية العقدة الأم وهي أن البعض قدم لبنان رهينة في الصراع الإقليمي/الدولي. لا نريد العودة إلى أزمنة لبنان الرهينة والوطن البديل، فيما نحن على مسافة يومين من الذكرى السادسة والأربعين لاندلاع الحرب على لبنان في 13 نيسان 1975. كان يوما مشؤوما وكانت المقاومة اللبنانية».

 

وتشكل هذه المواقف، وفقا لمصادر معنية، اختراقا واضحا بين بكركي وبعبدا، لجهة مقاربة مسألة المسار الذي في ضوئه تتألف الحكومة الجديدة.

 

السيد: العقدة في وزيرين

 

وحسب النائب جميل السيّد فالعقدة تكمن في تسمية وزيرين مسيحيين، ليستا من حصة أي طرف، لا سيما الرئيس ميشال عون وسعد الحريري.

 

وفهم ان الرئيس عون يرفض ان يترك وزارة العدل للرئيس الحريري، الذي يتمسك بها، ولن يقبل بالتخلي عنها.

 

ولا شك ان مسألة «التدقيق الجنائي»، مسألة خلافية، فبعبدا تتمسك باجراء التدقيق اليوم قبل الغد، في حين يرى الرئيس الحريري البدء بالتدقيق بعد تأليف الحكومة. وروى السيّد ان الرئيس الحريري طلب من الرئيس عون تأجيل «التدقيق الجنائي» حتى تأليف الحكومة.

 

واقترح السيّد على رئيس الجمهورية ان يطالب المجلس خلال شهر بتعديل قانون الانتخابات أو اجراء الانتخابات على أي قانون، وبعدها يحل المجلس النيابي نفسه، وتجري حكومة تصريف الأعمال اجراء الانتخابات النيابية لتكوين مجلس ينتخب رئيساً جديدا للجمهورية، تؤلف حكومة جديدة، في المرحلة الانتقالية.

 

واعتبر نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم ان عرقلة تشكيل الحكومة داخلية بنسبة 90٪، ولا أحد يصور لنا الموقف غير ذلك.. مشيرا إلى ان العوامل الخارجية للانهيار أكبر من الداخلية، والاميركيون تسببوا بها، مرجحاً ان يحتاج التوصّل لا يشكل الاتفاق النووي طريقه حوالى الشهرين، مشيرا إلى ان الأميركيين يعتبرونه أفضل من عدم الاتفاق.

 

طار الترسيم

 

إلى ذلك، أفادت مصادر ​كتلة التنمية والتحرير، أن «اتفاق الإطار الذي أعلن عنه رئس ​مجلس النواب​ ​نبيه بري​ رسم القواعد العامة للتفاوض بترسيم الحدود​ اللبنانية دون الدخول في تحديد المساحة الجغرافية التي يجري التفاوض عليها بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي برعاية ​قوات حفظ السلام​ ​اليونيفيل​، وهذا الكلام تبلغه الوفد المفاوض».

 

وأوضحت المصادر وفقا لقناة N,B,N أنه «لم يصدر أي موقف عن كتلة التنمية والتحرير ولا عن ​حركة «أمل​» بأنهم ضد توقيع المرسوم الجديد بل على العكس بري قال بأنها بعهدة السلطة التنفيذية و​رئاسة الجمهورية​، فالمطلوب الحفاظ على المصلحة الوطنية العليا».

 

وأضافت المصادر: «للجهة السياسية التي تروج لتلك الأضاليل، حدودنا وحقوقنا وسيادتنا رسمت بدماء الآلاف من الشهداء لن نفرط بها تحت أي ظرف من الظروف»، وانتقدت المصادر «​سياسة​ التعمية عن المشكلة الأساس ومشغليها فكفى هروبا الى الأمام وعليكم تحمل تبعات عدم ​تشكيل الحكومة​ فأنتم المعرقلون لها تحت عنوان الثلث المعطل».

 

إضاءة شعلة رمضان

 

ومساء أمس، صدر عن مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان ان اليوم الاثنين 2 نيسان، هو المكمل لعدة شهر شعبان ثلاثين يوماً. ويكون غداً الثلاثاء أول أيام شهر رمضان المبارك لعام 1442م.

 

وعشية بدء الشهر المبارك، أضاءت دار الأيتام الإسلامية زينة رمضان في كورنيش المزرعة، بحضور مدير عام المؤسسات الاجتماعية ودار الأيتام الإسلامية، وممثل المفتي عبد اللطيف دريان الشيخ بلال الملا، وفاروق جبر عمدة مؤسسات دار الأيتام الإسلامية، ومحافظ بيروت القاضي مروان عبود.

 

الامتحانات الرسمية

 

تربوياً، تبدأ ورشة التحضير للامتحانات الرسمية، عبر سلسلة اجتماعات ستشهدها وزارة التربية، وهي تتركز على: موعد العودة الآمنة لطلاب الثالث الثانوي، بانتظار تقييم وزارة الصحة بشأن لقاح الأساتذة هذا الأسبوع لتحديد التاريخ المناسب.

 

وعلم ان وزير التربية في حكومة تصريق الأعمال طارق المجذوب الذي اعلن الخميس موعداً لتحديد موعد إجراء الامتحانات متمسك بحسم الموضوع هذا الأسبوع، خلافاً لروابط التعليم الرسمي ونقابة المعلمين في المدارس الخاصة التي تأخذ على الوزير عدم استشارته وعدم الحماس لإجراء الامتحانات في الأول من آب المقبل.

 

496846 إصابة

 

صحياً، اعلنت وزارة الصحة عن تسجيل 31 حالة وفاة و2213 إصابة جديدة بفايروس كورونا، خلال الـ24 ساعة الماضية، ليرتفع العدد التراكمي إلى 496846 إصابة مثبتة مخبرياً منذ 21 شباط 2020.

 

************************************************************************

 

افتتاحية صحيفة الديار 

 

تحدٍ جديد يُواجه اللبنانيين… المصارف المراسلة تُقفل حسابات المصارف اللبنانية

 الأمن الغذائي في خطر ومخاوف من عدم القدرة على استيراد السلع والمواد الأوّلية

 الصراع السياسي يضع لبنان في مهبّ الريح… من يتحمّل المسؤولية بعد شللّ حكومة دياب؟

 بروفسور جاسم عجاقة

 

المصرف المراسل (Correspondent Bank) هو عبارة عن مصرف أو مؤسسة مالية في بلد أجنبي، يُقدّم خدمات مالية ومصرفية إلى مؤسسة مالية أو مصرف محلّي. وتنصّ مُهمّة المصارف المراسلة على العمل كوسيط أو وكيل عن المصرف المحلّي، وبالتالي تسهيل التحويلات الإلكترونية وإجراء المعاملات التجارية، وقبول الودائع، وتجميع المُستندات وغيرها من الخدمات المصرفية والمالية. وبالتالي فإن عمل المصارف المراسلة أساسي ويؤثر على الأمن الغذائي في البلدان التي تعتمد على الإستيراد لتلبية حاجات الغذاء المحلي. واما بشكلٍ عام، فيتمّ عادة إستخدام خدمات المصارف المراسلة للوصول إلى الأسواق المالية وأسواق السلع والبضائع (تَتْميم الشِقّ المالي) بدلا من أن يقوم المصرف المحلّي في فتح فروع له في البلدان الأخرى.

 

ومن أهمّ الخدمات التي تقدّمها المصارف المراسلة: تحويل الأموال، دفع الأموال، التحقّق من المقاصة، التحاويل الإلكترونية، شراء وبيع العملات، شراء وبيع أدوات مالية، التحوّط، تأمين الأموال لعملاء المصارف المحلية في حال سفرهم إلى الخارج، إدارة المحافظ…هذه العمليات تتمّ من خلال حسابات مصرفية تفتحها المصارف المحلّية لدى المصارف المراسلة وتُسمّى هذه بحسابات Nostro (حساب البنك المحلي لدى المصرف المراسل) وVostro (حساب البنك المراسل لدى المصرف المحلّي) حيث يحتفظ كلا المصرفين بحسابات لبعضهما البعض بهدف تتبع العمليات المصرفية والديون والإئتمانات بين الطرفين.

 

تلعب المصارف المراسلة دورًا محوريًا في عالم المال والإقتصاد، إذ أنها توفر وسيلة عملية للمصارف المحلّية للعمل عندما لا يكون لهذه الأخيرة فروع في الخارج. وبما أن العنصر الأساسي في عملية التعاون بين المصارف المحلية والمصارف المراسلة مبني على التحاويل المالية، يتم تنفيذ هذه التحاويل من خلال شبكة الاتصالات المالية العالمية بين المصارف المعروف بنظام SWIFT.

 

العقبة الأساسية لأي مصرف محلّي لفتح حساب لدى مصرف مراسل تكمن في إستيفاء شروط المصرف المراسل نظرًا إلى أن قسمًا من هذه الشروط ذاتي (له علاقة بالمصرف المحلّي مثل إجراءات مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب) والقسم الآخر له علاقة ببلد المصرف المحلّي (Country Risk). وبالتالي يأتي تصنيف البلد المحلّي ليُشكّل العقبة الأساسية بحكم أن القاعدة في العالم المصرفي أنه لا يُمكن لأي مصرف أو مؤسسة مالية أن يتمتّع بتصنيف إئتماني أعلى من التصنيف الإئتماني للبلد. وتفرض القوانين في العديد من البلدان على المصارف المراسلة أن يكون التصنيف الإئتماني لبلد المصرف المحلّي أعلى من تصنيف مُحدّد يختلف بحسب القوانين ويكون خاضعًا لموافقة مُسبقة من قبل السلطات الرقابية المصرفية.

مخاطر الدولة

 

تلعب مخاطر الدوّلة (بلد المصرف المحلّي) أو ما يُعرف بالـ Country Risk دورًا أساسيًا في تحديد العلاقة بين المصارف المراسلة والمصارف المحلّية بالإضافة إلى إجراءات مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. فإرتفاع مخاطر الدوّلة يُصعّب على المصارف المراسلة قبول التعامل مع المصارف المحلّية ويجعله مكلفاً، أو قد يؤدي في بعض الأحيان إلى إيقاف التعامل مع هذه المصارف. هذا الأمر نابع من المخاطر المالية التي يُمكن للمصارف المراسلة تكبّدها في حال تعاملت مع مصارف محلّية في بلدان ذات مخاطر عالية. بمعنى أخر، تواجه المصارف المراسلة معضلة تحقيق التوازن بين الحفاظ على علاقاتها المالية بهدف تحقيق أرباح من جهة، وتلبية متطلبات العناية الواجبة وإرتفاع تكاليف الإمتثال لقوانين بلادها من جهة أخرى. وبالتالي ومع ارتفاع المتطلبات التنظيمية والرقابية على هذه المصارف وإرتفاع تكاليف الإمتثال، تقوم هذه المصارف بعملية تجنّب المخاطر أو ما يُعرف بالـ de-risking، وتحوي هذه العملية على وقف تعاملها مع بعض المصارف المتواجدة في بلاد ذات مخاطر عالية.

 

وبالتالي تأتي عملية تقييم مخاطر الدوّلة كعنصر أساسي في عمل المصارف المراسلة حيث يتمّ أخذ العديد من الأبعاد في هذه العملية:

 

أولا – المخاطر الإقتصادية: الثبات والملاءة المصرفية، التوقعات فيما يخصّ الناتج المحلّي الإجمالي، الدين العام نسبة إلى الناتج المحلّي الإجمالي، البطالة، مالية الدوّلة، السياسة النقدية، الثبات النقدي، سعر صرف العمّلة، الوصول إلى رأس المال…

 

ثانيًا – المخاطر السياسية: الثبات الحكومي، الشفافية والحصول على المعلومات، الإرهاب، الجريمة، العنف، البيئة التنظيمية، حرية القوى العاملة، برامج المساعدات الحكومية للشركات، قوانين الهجرة والعمل، السياسات تجاه الاستثمار الأجنبي، قوانين مُكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، قوانين مكافحة الفساد…

 

ثالثًا – المخاطر الهيكلية وتضمّ الديموغرافية، البنية التحتية والإجتماعية، القوى العاملة، المنافسين، المشاركة في معاهدات دولية، قوانين التصدير، قوانين الاستيراد، فرص الإنتاج المشترك مع دول أخرى…

 

رابعًا – إدارة الدين العام: إجمالي الدين العام إلى الناتج القومي الإجمالي، نسبة الدين العام إلى الصادرات، نسبة الحساب الجاري إلى الناتج القومي الإجمالي…

 

عمليًا تعتمد المصارف المراسلة على التصنيف الإئتماني للدولّ الذي يُعتبر مقياسًا فعّالا لمخاطر الدوّلة. من هنا تأتي أهمّية إدارة المخاطر للدوّلة التي من المفروض أنها من مهام الحكومات التي يتمّ مُحاسبتها في الديموقراطيات على الإجراءات التي تتخذها. الجدير ذكره أن عدم مُعالجة المخاطر المُحدقة بالدولة يؤدّي إلى عواقب وخيمة وعلى رأسها الخسائر المالية الفادحة، الضرر الإجتماعي، الدعاوى القضائية، وبالتالي العزلة عن المجتمع الدولي أو ما يُعرف بالإقصاء المالي.

المصارف اللبنانية ومخاطر الدّولة

 

يتعرّض القطاع المصرفي اللبناني في هذه الأيام إلى إقفال حساباته لدى العديد من المصارف المراسلة نظرًا إلى ارتفاع مخاطر الدولة اللبنانية. وإذا ما قمّنا بتحديد العوامل الأساسية التي لعبت دورًا في ارتفاع المخاطر، نرى أن التخبّط السياسي وإعلان وقف دفع سندات اليوروبوندز تحتل الصدارة في ظل إستمرار تراكم الخسائر على الدولة اللبنانية.

 

وبحسب كتاب وجّهه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إلى القاضي غسان عويدات، أقفل العديد من المصارف المراسلة حسابات مصرف لبنان على مثال مصرف WellsFrago الذي أقفل حساب المركزي بالدولار الأميركي، وHSBC الذي اقفل حسابه بالجنيه الإسترليني، وDanske الذي أقفل حسابه بالكورون السويدي، وCIBS الذي أوقف كل التعاملات مع المصرف المركزي!

 

وإذا ما نظرنا إلى وجّهة نظر المصارف المراسلة، نرى أن تقيمها للوضع في لبنان أصبح سيئًا لدرجة أنها تُفضّل الخروج من السوق اللبناني وذلك للعوامل التالية:

 

أولا – إنخفاض ملاءة القطاع المصرفي نظرًا إلى شحّ الدولار وهو ما يرفع من المخاطر الإئتمانية في محفظة المصرف المراسل وبالتالي تُكبدّه خسائر مالية؛

 

ثانيًا – التخبّط السياسي الذي يمنّع الحلول الإقتصادية والمالية مما يخفّض توقّعات الناتج المحّلي الإجمالي ويرفع من الدين العام نسبةً إلى الناتج المحلّي الإجمالي؛

 

ثالثًا – تراجع سعر صرف الليرة مُقابل الدولار الأميركي في السوق السوداء مع ارتفاع الـ volatility وهوما يضرب الثبات النقدي؛

 

رابعًا – التهجّم على القطاع المصرفي ورفع دعاوى قضائية ضدّه وهو ما يضع المصارف المراسلة في خطرّ تحمّل خسائر مالية نتيجة العلاقة التعاقدية والتشابك الناتج عن هذه العلاقة؛

 

خامسًا –الضغوطات السياسية الخارجية والتي تؤثّر على توافد الدولار إلى السوق اللبناني وتزيد من القيود على نشاط المصارف اللبنانية؛

الإستيراد في خطر

 

مع إقفال المصارف المراسلة الواحد تلو الأخر لحسابات المصارف اللبنانية وحسابات مصــرف لبنان، يظهر إلى العــلن مُشكلة إستيراد الســلع والمواد الغــذائية والأوّليــة بحكم أن عمليات الإستيراد تتمّ من خلال فتح إعــتمادات لدى المصارف المراسلة. وبالتالي ففي حال إقفال المصارف المراسلة لحسابات المصارف اللبنانية، هناك مُشــكلة إستيراد ستظهر إلى العلن وسيتمّ ترجمتها بنقص حاد في السلع والمواد الغــذائية والأوّلية في السوق اللبــناني!

 

عمليًا هذا الأمر يعني أن الأمن الغذائي للمواطن اللبناني أصبح في خطر كبير وهنا يأتي دور القوى السياسية في تحمّل مسؤوليتها بعد شلل الحكومة المُستقيلة. هذه القوى التي تُمعن في عملية تعطيل تشكيل الحكومة تُساهم بشكل أساسي في تدهور الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي والإجتماعي.وبالتالي هناك إلزامية للتعجيل في إيجاد حلول لتشكيل حكومة قادرة على مواجهة الأزمة لأن القطاع المصرفي أصبح عاجزًا عن مواجهة الأزمة وحيدًا.

ماذا إذا إستمرّ التخبّط؟

 

إذا إستمرّ التخبّط السياسي على ما هو عليه أي أن القوى السياسية لم تستطع تشكيل حكومة، هناك تحدّيات ستواجه القطاع المصرفي وأخرى ستواجه الدوّلة اللبنانية:

 

على صعيد القطاع المصرفي، التحدي الأول يكمن في الحفاظ على مصرف مراسل على الأقلّ (JP Morgan) وذلك بهدف تأمين إستيراد السلع الغذائية والمواد الأولية بحدّها الأدنى. أما على صعيد الدّولة، فالتحدي يكمن في إيجاد دوّلة تقبل بالإستيراد لصالح لبنان وذلك من خلال فتح الإعتـــمادات لدى المصارف المراسلة لصالح إستيراد السلع والمواد الغذائية وهو ما سيزيد الكلفة طبعًا على لبنان. هذا الأمر يضع لبنان في مستوى الدول الأكثر فقرًا في العالم أجمع ويضعه تحت وصاية دولية إقتصادية ومالية وحتى نقدية.

 

كما أن هذا الأمر سيزيد من شلل الحكومة المستقيلة، إضافة إلى شلل قوى السلطة الحاكمة، مما يعني الانهيار الكامل للدولة والمؤسسات كافة. وبالتالي يجب على من يملك (إلى الآن) فرصة رفع هذه الكأس المرة أن يبادر قبل أن تخرج الأمور حقيقة عن السيطرة الكلية.

 

في كل هذا الإطار الأسود، هناك خبر خفف من الضغط على القطاع المصرفي وهو إسقاط القضاء الأميركي للدعوى التي رفعها مودع لبناني وزوجته ضد مصرف لبنان وثلاثة مصارف لبنانية لتحصيل أموالهم من المصارف اللبنانية وتقاضيها في الولايات المُتحدة الأميركية. قرار القاضية الأميركية جاء بتأكيد عدم صلاحيتها في البت في قضايا من هذا النوع.

 

مع الإشارة إلى أن هذا الأمر لا يعني سقوط الاحتمالات التي سبق ذكرها، وإنما يعني أن الأمر ما زال قابلاً للإصلاح إذا صَلُحَت النوايا.

 

 

********************************************************************

افتتاحية صحيفة الشرق

 

تنسيق اميركي – فرنسي قبل العقوبات وهيل في بيروت

 

زار الديبلوماسيون العرب بيروت الاسبوع الماضي محاولين فتحَ ثغرة في حائط الازمة السياسية، تخرج عبرها الحكومةُ المطلوبة بإلحاح، الى النور، الا انهم عادوا أدراجهم بـ»خفيّ حنين»، وقد أذهلتهم قدرة أهل المنظومة – او جزءِ منها كشفوا عن هويّته من خلال مقاطعتهم إياه- على عرقلة الحلول والتضحية ببلد وشعب بأكمله، كرمى لأنانياتهم وحصصهم وطموحاتهم الشخصية ومصالحهم الفئوية والاقليمية ايضا. هم غادروا لبنان خائبين ومحذّرين، تاركين الساحة لقطار العقوبات الآتي من اوروبا في الايام المقبلة والذي قد يركبه ايضا العرب والاميركيون، علّ هذا الخيار ينفع في ايقاظ الضمائر النائمة – إن وُجِدت. على اي حال، ستتظهّر اكثر معالمُ التعاطي الدولي الجديد مع المعطّلين، وستتوضّح أيضا صورةُ «القصاص» المرتقب صدورُه، بعد المحادثات التي سيجريها وكيلُ وزارة الخارجية الأميركية ديفيد هيل في بيروت مطلع الأسبوع المُقبل، ذلك انه، وفي حال لمس ان «التعنّت» على حاله، فإن واشنطن من غير المستبعد ان تنضمّ الى مسار «عزل» المعرقلين ومعاقبتهم، والذي ترفع لواءه باريس.

 

رسائل هيل

 

على وقع اتصال «تنسيقي» جرى امس بين وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان ونظيره الأميركي أنتوني بلينكن شددا خلاله على ان «على القادة السياسيين في لبنان تحقيق إصلاحات حقيقية تخدم مصالح الشعب اللبناني»، يصل هيل الى لبنان في الايام المقبلة في زيارة تستمر اياما، من ضمن جولة تشمل عددا من دول المنطقة. وفيما لم يُحدّد بعد جدول مواعيده أو أعماله، تقول مصادر سياسية مطّلعة  ان الديبلوماسي الذي لم تُعيّن ادارةُ الرئيس جو بايدن خلفا له بعد، سيتطرّق في لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين الى الملف الحكومي. هو سيشدد على ضرورة تأليف حكومة سريعا، تتلاقى وطموحات اللبنانيين والدول المانحة، لتهب الى مساعدة البلد الصغير، لافتا الى ان واشنطن ستقرر التعاون مع الحكومة العتيدة او مقاطعتها، بعد ان تطّلع على طبيعتها. واذ تقول ان هيل، سينقل رفض ادارته لتحكّم اي فريق سياسي بقرار مجلس الوزراء العتيد، اكان رئيس الجمهورية او التيار الوطني الحر او حزب الله – بطبيعة الحال- فإنها تكشف ان الرجل سيعتبر ان الاصلاحات اولوية وان انضمام فاسدين او جهات مصنّفة على لائحة اميركا السوداء، الى الحكومة العتيدة، لن يسعفها كثيرا في نيل ثقة المجتمع الدولي. على اي حال، تدعو المصادر الى رصد جدول مواعيد هيل ومَن ستشمل او تستثني، كون «شكليات» الزيارة بحد ذاتها، حمّالة رسائل ومواقف.

 

الحدود البحرية

 

الى ذلك، سيكون الملف النفطي وترسيم الحدود بين لبنان واسرائيل، حاضرا ايضا في جعبة هيل، وسط توجّه الدولة اللبنانية نحو التخلّي عن التصوّر الذي انطلقت على اساسه محادثات الناقورة، برعاية اميركية. وسيبلغ هيل مَن يعنيهم الامر، بموقف الولايات المتحدة من التبدّل الذي اصاب «الاتفاق – الاطار» وما اذا كان يتهدد المفاوضات برمّتها، ام لا…

 

مبادرة بري

 

في الغضون، غابت الحركة السياسية كلّيا عن الضفة الحكومية، ولم تسجّل اي لقاءات او اتصالات بين المعنيين بالتأليف، في حين تدور خلف الكواليس، بحسب ما تقول مصادر سياسية ، حركةٌ تضطلع بها عين التينة لجسّ نبض الاطراف المحليين، حيال امكانية احياء مبادرة الرئيس نبيه بري الانقاذية. غير ان المواقف التي سُجلت اليوم تدل الى ان الافق لايزال مسدودا.

 

مواقف روحية

 

وفي المواقف البارزة امس توجه  البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي للمسؤولين: لا تدقيق جنائيا قبل تأليف الحكومة.

 

بدوره توجه مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان الى معرقلي تشكيل الحكومة: «كفاكم تعنتا واستكبارا وتصلبا وتزويرا وخرقا للدستور. البلد في خطر داهم، ويعيش قمة الانقسام والتشرذم والفوضى، والسبب هو في تأخير ولادة الحكومة، وتعطيل المؤسسات الرسمية. أقلعوا عن أنانيتكم، وخدمة مصالحكم الشخصية.

 

اما متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة، فاعرب عن اسفه لاننا أصبحنا بلدا يدمن تفويت الفرص وتضييع الوقت. أصبحنا عاجزين حتى عن تأليف حكومة تتولى زمام الأمور وتقوم بالإصلاحات الضرورية لضخ بعض الأوكسجين في رئتي البلد».

 

هجوم ورد

 

واعتبرت الهيئة السياسية في التيّار الوطني الحُرّ اثر  إجتماعها الدوري إلكترونياً برئاسة النائب جبران باسيل ان «لم يعُد من شكّ في أن رئيس الحكومة المكلّف يسعى لتأخير تشكيل الحكومة ويأتي في هذا السياق تفشيله للمسعى الفرنسي الأخير، والاختبار الجدّي لاقتراب موعد التشكيل هو قيامه بتقديم صيغة حكومية مُتكاملة ومفهومة (لا غموض فيها) لرئيس الجمهوريّة، وهو ما سوف يكشف نواياه الحقيقيّة بالسعي للحصول على نصف أعضاء الحكومة زائدا واحدا.

 

ورد تيار المستقبل ببيان جاء فيه: يتبين من البيان الإلكتروني الأخير للتيار الوطني الحر، ان قيادة التيار تعاني التخبط والانكار السياسي في أسوأ مراحلهما، وتقدم الدليل تلو الآخر على التصرف كحزب حاكم يستولي على توقيع  رئاسة الجمهورية بشأن تأليف الحكومة.

 

خبر ملفّق

 

على صعيد آخر، وبعد اللغط الذي اثير حول ارجاء او الغاء زيارة رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب ووفد وزاري، الى العراق، حيث اعتبر بعضُ الإعلام «الممانع» ان السعودية والحريري يقفان وراء هذه الخطوة، صدر عن المكتب الاعلامي للاخير بيان جاء فيه «نشرت جريدة الأخبار في عددها الصادر الجمعة، خبراً تصدر صفحتها الاولى تحت عنوان «الحريري يلغي زيارة دياب للعراق». يؤكد المكتب الاعلامي للرئيس الحريري ان الخبر ملفق بنسبة 100% ولا يمت للحقيقة باي صلة ويشكل اساءة متعمدة لرئاستي الحكومة في العراق ولبنان».

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram