يُظلم «الحاج محمد» إذ يوصف بمسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله، على غرار مسؤولي الإعلام في الأحزاب. يمكن، براحة، الجزم بأن ذلك المكتب المتواضع في الطبقة الثانية من أحد أبنية منطقة معوض، لطالما استقبل رؤساء أحزاب ووزراء ونواباً وأصحاب صحف ومحطات تلفزيونية وصحافيين وإعلاميين لبنانيين وعرباً وأجانب، من كل المشارب، بمن فيهم المبتدئون والخرّيجون الجدد. من ذلك المكتب، بنى الحاج محمد إمبراطورية إعلامية للحزب وأقام شبكة علاقات واسعة، وكان عقل ولسان حزب لا مكان فيه للمصادر الإعلامية ولتعدد الألسنة.
بـ«كاسكيت» سوداء و«كمّامة» خضراء راوغ الحاج محمد عفيف تكنولوجيا العدو وذكاءه الاصطناعي. منذ استشهاد الأمين العام الشهيد السيد حسن نصرالله، بدا وكأنه اتخذ قراره بالاستشهاد. لم يفارقه هاتفه، ولا انقطع عن الرد على الاتصالات، وعقد المؤتمرات الصحافية، والمشاركة في الاعتصامات. «آيسٌ أنت إلى هذا الحدّ لترمي نفسك في فم الذئب؟»، يجيب: «لا طيّب الله العيش بعده».
لم يكن الحاج محمد غافلاً عن أن العدو يترصّده، وعن أن الدراجة النارية لـ«ظله» محمود الشرقاوي لا يمكنها أن تراوغ مُسيّرات العدو التي لا تغيب عن سماء العاصمة وضاحيتها. في ذلك المساء الكئيب في 27 أيلول، قرّر البدء بتنفيذ عملية استشهادية استمرت شهراً و20 يوماً. لم يكن آيساً ولا انتحارياً، لكنه أدرك ثقل المسؤولية، وأنه، هو الذي غالباً ما كان في الظل، لا بد أن يخرج إلى الضوء في وقت عمّت الظلمة كل شيء. فالحزب الذي لم يعرف الحاج غيره، ولا عرف الحزب غير الحاج مسؤولاً إعلامياً له، كان في تلك اللحظات العصيبة بحاجة إلى إيصال صوته إلى مقاتليه وإلى بيئته، وهي المهمة التي انبرى لها من دون تكليف، في حزب يحكم التكليف كل صغيرة وكبيرة فيه.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
نسخ الرابط :